المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب في الضمان وأحكامه] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌[باب في الضمان وأحكامه]

(مُشْتَرٍ) لِتِلْكَ السِّلْعَةِ (بِالثَّمَنِ) أَيْ بِثَمَنِهَا (ثُمَّ رَدَّ) الْمَبِيعَ الْمَفْهُومَ مِنْ بَائِعٍ عَلَى بَائِعِهِ الْمُحِيلِ (بِعَيْبٍ) أَوْ فَسَادٍ (أَوْ اسْتَحَقَّ) الْمَبِيعَ مِنْ يَدِ مُشْتَرِيهِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) الْحَوَالَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ دَفْعُهُ لِلْمُحَالِ وَيَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْمُحِيلِ (وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ) أَيْ اخْتَارَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ بِفَسْخِ الْحَوَالَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (وَالْقَوْلُ لِلْمُحِيلِ) بِيَمِينٍ أَنَّهُ أَحَالَ عَلَى أَصْلِ دَيْنٍ (إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ) الْمُحَالُ (نَفْيَ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ) إذَا مَاتَ أَوْ غَابَ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَلَوْ كَانَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ حَاضِرًا فَهُوَ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَيَتَحَوَّلُ حَقُّ الْمُحَالِ إلَخْ (لَا) يُقْبَلُ قَوْلُهُ (فِي دَعْوَاهُ وِكَالَةً) لِلْمُحَالِ عَلَى قَبْضِ مَالٍ مِنْ مَدِينِهِ (أَوْ سَلَفًا) مِنْ الْمُحِيلِ لِلْمُحَالِ وَيَرُدُّ لَهُ بَدَلَهُ مَعَ صُدُورِ لَفْظِ الْحَوَالَةِ بَيْنَهُمَا بَلْ الْقَوْلُ لِلْقَابِضِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ مِنْ دَيْنِهِ أَحَالَهُ بِهِ تَغْلِيبًا لِلَفْظِ الْحَوَالَةِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ لَكِنَّهُ قَيَّدَهُ بِأَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ الْمُحِيلَ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ وَكَالَةٌ وَخَرَّجَ اللَّخْمِيُّ مَسْأَلَةَ السَّلَفِ عَلَيْهِ وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْقَوْلَ فِي دَعْوَى السَّلَفِ لِلْمُحِيلِ وَخَرَّجَ عَلَيْهِ مَسْأَلَةَ الْوِكَالَةِ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَيْهِ

(الضَّمَانُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ) قَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ جِنْسٌ وَقَوْلُهُ أُخْرَى فَصْلٌ أَخْرَجَ بِهِ الْبَيْعَ وَالْحَوَالَةَ إذْ لَيْسَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِعَيْبٍ أَوْ بِفَسَادٍ أَوْ حَصَلَ اسْتِحْقَاقٌ قَبْلَ قَبْضِ الْمُحَالِ لِلثَّمَنِ فَيَنْبَغِي الْجَزْمُ بِبُطْلَانِ الْحَوَالَةِ لِبُطْلَانِ حَقِّ الْمُحَالِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَمَا مَعَهُ وَمَا فِي خش مِنْ الْجَزْمِ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ وَصِحَّةِ الْحَوَالَةِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ اُنْظُرْ بْن وَلَوْ وَهَبَ الْبَائِعُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الثَّمَنَ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى شَخْصٍ ثُمَّ أَحَالَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي ثُمَّ رُدَّتْ السِّلْعَةُ بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ رُدَّتْ لِفَسَادٍ فَفِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْمَعْرُوفَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْهِبَةَ تَبْطُلُ إذَا لَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنْ قَبَضَهَا لَمْ يَتْبَعْ بِهَا لَا الْمَوْهُوبَ لَهُ وَلَا الْوَاهِبَ وَيَضِيعُ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي اهـ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ مِنْ الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمَسْأَلَةِ وَأَمَّا مَا فِي عبق مِنْ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ فَإِنْ قَبَضَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي فَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ ثُمَّ رُدَّ الْمَبِيعُ بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُحَالُ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ) أَيْ وَلِأَنَّ الدَّيْنَ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي حِينَ الْحَوَالَةِ.

(قَوْلُهُ: وَاخْتِيرَ خِلَافُهُ) أَيْ وَاخْتِيرَ الْقَوْلُ الْمُخَالِفُ لَهُ وَهُوَ الْقَوْلُ بِفَسْخِ الْحَوَالَةِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ التَّعْبِيرُ بِمَادَّةِ الِاخْتِيَارِ وَصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمُقْتَضِي ذَلِكَ أَنَّهُ لِلَّخْمِيِّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ مَعَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الثَّانِيَ الْقَائِلَ بِفَسْخِ الْحَوَالَةِ لِأَشْهَبَ وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَقَالَ إنَّهُ قَوْلُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كُلِّهِمْ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ اخْتِيَارٌ مُتَعَلِّقٌ بِهِ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ غَيْرُ جَارٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ تَعْبِيرُهُ بِالِاخْتِيَارِ وَكَوْنُهُ بِلَفْظِ الْفِعْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ لِيَكُونَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن وَيُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ تَصْدِيرِهِ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي أَنَّ الْحَوَالَةَ الْمَذْكُورَةَ تُفْسَخُ أَوْ تُفْسَخُ حَيْثُ كَانَ الْبَائِعُ يُظَنُّ مِلْكُهُ لِمَا بَاعَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَإِلَّا فُسِخَتْ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا فِي الرَّدِّ بِالْفَسَادِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُشْتَرِي وَإِلَّا لَمْ تَبْطُلْ اتِّفَاقًا وَهَلْ يَدْفَعُ الْمُحَالُ عَلَيْهِ لِلْمُحَالِ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ شِرَاءً فَاسِدًا أَوْ يَدْفَعُ لَهُ الْقِيمَةَ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِأَشْهَبَ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ.

(قَوْلُهُ: إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ نَفْيَ الدَّيْنِ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِالدَّيْنِ أَوْ بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِنَفْيٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْمُحِيلُ وَالْمُحَالُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَقَالَ الْمُحَالُ أَحَلْتَنِي عَلَى غَيْرِ دَيْنٍ فَأَنَا أَرْجِعُ عَلَيْك بِدَيْنِي وَقَالَ الْمُحِيلُ بَلْ أَحَلْتُك عَلَى دَيْنٍ لِي فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَقَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتِي فَلَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ بِيَمِينٍ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُحَالُ فِي دَعْوَاهُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ) أَيْ الْمُحِيلِ يَعْنِي أَنَّ الْحَوَالَةَ إذَا صَدَرَتْ بَيْنَهُمَا بِصِيغَتِهَا فَلَمَّا قَبَضَ الْمُحْتَالُ الْقَدْرَ الَّذِي احْتَالَ بِهِ قَالَ لَهُ الْمُحِيلُ إنَّمَا أَحَلْتُك لِتَقْبِضَهُ لِي عَلَى سَبِيلِ الْوِكَالَةِ أَوْ عَلَى سَبِيلِ أَنَّهُ سَلَفٌ مِنِّي لَك تَرُدُّ بَدَلَهُ وَقَالَ الْمُحْتَالُ إنَّمَا قَبَضْته مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي لِي عَلَيْك فَإِنَّ الْقَوْلَ فِي ذَلِكَ قَوْلُ الْمُحْتَالِ بِيَمِينِهِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْحَوَالَةِ إنْ أَشْبَهَ أَنَّ مِثْلَهُ يُدَايِنُ الْمُحِيلَ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُحِيلِ بِيَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ قَالَ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُحِيلِ فِي دَعْوَاهُ وِكَالَةً أَوْ سَلَفًا عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ الْوِكَالَةِ وَالسَّلَفِ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَرَادَ بِالْأَصَحِّ قَوْلَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ فِي الْمَبْسُوطِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ وَمَا خَرَّجَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ السَّلَفِ وَغَيْرُ الْأَصَحِّ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي السَّلَفِ وَمَا خَرَّجَ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوِكَالَةِ فَكُلُّ مَسْأَلَةٍ فِيهَا قَوْلٌ مَنْصُوصٌ وَمُخَرَّجٌ عَلَيْهِ قَوْلٌ آخَرُ فِي الْأُخْرَى اهـ وَبِتَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْقَوْلِ الْمُخَرَّجِ فِي السَّلَفِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْجَرْيُ عَلَيْهِ أَيْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي السَّلَفِ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى الْمَنْصُوصِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اُنْظُرْ بْن

[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

(بَابُ الضَّمَانِ)(قَوْلُهُ: جِنْسٌ) أَيْ شَامِلٌ لِلْمُعَرَّفِ وَلِلْبَيْعِ وَالْحَوَالَةِ لِأَنَّ فِي الْبَيْعِ شَغْلَ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِالْحَقِّ وَفِي الْحَوَالَةِ شَغْلًا لِذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ بِحَقِّ الْمُحَالِ.

(قَوْلُهُ وَالْحَوَالَةَ) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى أَيْ كَمَا أَنَّ الْأُولَى مَشْغُولَةٌ

ص: 329

فِيهِمَا شَغْلٌ بَلْ بَرَاءَةُ ذِمَّةٍ وَقَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ أَنْ يَشْغَلَ رَبُّ الْحَقِّ ذِمَّةَ الضَّامِنِ مَعَ الْأُولَى وَأَرَادَ بِالذِّمَّةِ الْجِنْسَ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ وَالْمُتَعَدِّدَ وَأَرَادَ الشَّغْلَ بِالْحَقِّ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ بَعْدَ التَّوَقُّفِ عَلَى شَيْءٍ آخَرَ كَعَدَمِ إتْيَانِ الْمَضْمُونِ فِي الْوَجْهِ أَوْ تَهْرِيبِهِ أَوْ تَفْرِيطِ الضَّامِنِ فِي الطَّلَبِ فَقَدْ اشْتَمَلَ تَعْرِيفُهُ عَلَى أَنْوَاعِهِ الثَّلَاثَةِ وَأَلْ فِي الْحَقِّ لِلْعَهْدِ أَيْ الْحَقُّ الْأَوَّلُ فَخَرَجَ مَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ بِدَيْنٍ ثُمَّ بَاعَ أُخْرَى لِغَيْرِهِ بِدَيْنٍ (وَصَحَّ) الضَّمَانُ وَلَزِمَ (مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِيمَا ضَمِنَ فِيهِ فَدَخَلَ ضَمَانُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ بِالثُّلُثِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومٌ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِيهِ تَفْصِيلٌ فَتَارَةً لَا يَصِحُّ كَالْوَاقِعِ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ وَتَارَةً يَصِحُّ وَلَا يَلْزَمُ كَالْوَاقِعِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ مَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَمِنْ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَثَّلَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ بِقَوْلِهِ (كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (أَذِنَ سَيِّدُهُمَا) لَهُمَا فِي الضَّمَانِ فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمَا فِيهِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا وَإِنْ صَحَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ إنْ عَتَقَ وَدَخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ قِنٌّ وَذُو شَائِبَةٍ مِنْ مُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَخَصَّهُمَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ جَوَازِ ضَمَانِهِمَا بِغَيْرِ إذْنٍ (وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا (بِثُلُثٍ) أَوْ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ شَأْنُهُ أَنْ لَا يُقْصَدَ بِهِ الضَّرَرُ كَالدِّينَارِ لَا مَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ وَإِنْ صَحَّ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْوَارِثِ بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَا قَدْرَ الثُّلُثِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (وَاتُّبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهِ) أَيْ بِالضَّمَانِ بِمَعْنَى الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَهُ (إنْ عَتَقَ) ضَمِنَ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ لَا وَلَيْسَ لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْضًا وَالْحَوَالَةُ لَيْسَتْ الذِّمَّةُ الْأُولَى فِيهَا مَشْغُولَةً لِأَنَّهَا بَرِئَتْ.

(قَوْلُهُ: مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ) هَذَا دَفْعٌ لِمَا أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَغْلُ ذِمَّةٍ إلَخْ هَذَا مُبَايِنٌ لِلْمَحْدُودِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ التَّعْرِيفُ جَامِعًا وَلَا مَانِعًا لِأَنَّ الضَّمَانَ سَبَبٌ فِي الشَّغْلِ وَالشَّغْلَ مُسَبَّبٌ عَنْهُ لَا نَفْسُهُ كَمَا أَنَّ الْمِلْكَ مُسَبَّبٌ عَنْ الْبَيْعِ لَا نَفْسُهُ وَسَلَّمَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وح وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الضَّمَانَ سَبَبٌ فِي شَغْلِ الذِّمَّةِ بَلْ هُوَ عَيْنُهُ لِأَنَّ شَغْلَ الذِّمَّةِ مَصْدَرُ شَغَلَ الشَّخْصُ ذِمَّتَهُ فَاشْتُغِلَتْ فَشَغْلُ الذِّمَّةِ فِعْلٌ لِلشَّخْصِ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ وَاشْتِغَالُهَا مُسَبَّبٌ عَنْهُ وَشَغْلُهَا هُوَ الضَّمَانُ فَقَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْمَفْعُولِ بِمَعْنَى أَنَّ الشَّخْصَ شَغَلَ ذِمَّتَهُ بِالْحَقِّ أَيْ أَلْزَمَهَا إيَّاهُ فَهُوَ فِعْلٌ مُكْتَسَبٌ لَهُ وَاَلَّذِي لَيْسَ فِعْلًا لِلشَّخْصِ إنَّمَا هُوَ اشْتِغَالُ الذِّمَّةِ وَالْكَلَامُ فِي شَغْلِهَا لَا فِي اشْتِغَالِهَا اللَّازِمِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ فَيَشْمَلُ الْوَاحِدَ) أَيْ إذْ كَانَ الضَّامِنُ وَاحِدًا وَقَوْلُهُ وَالْمُتَعَدِّدَ أَيْ إذَا تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ (قَوْلُهُ بِلَا تَوَقُّفٍ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ كَمَا فِي ضَمَانِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ التَّوَقُّفِ إلَخْ أَيْ كَمَا فِي ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ شَغْلُ ذِمَّةٍ إلَخْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ الشَّغْلُ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَى شَيْءٍ أَوْ كَانَ مُتَوَقِّفًا عَلَى شَيْءٍ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ اشْتَمَلَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ التَّعْرِيفَ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ.

(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ.

(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى التَّعْرِيفِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِيمَا إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ عَدَمُ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا ضَمِنَ فِيهِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ كَالْوَاقِعِ مِنْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ صَبِيٍّ) أَيْ فَهُوَ فَاسِدٌ يَجِبُ رَدُّهُ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إجَازَتُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الصَّبِيُّ مُمَيِّزًا أَمْ لَا خِلَافًا لِتَقْيِيدِ عج لَهُ بِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ.

(قَوْلُهُ: فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ إذْ لِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَلَهُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ وَلِلْوَرَثَةِ رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَلَهُمْ إجَازَةُ الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ) أَيْ فَإِنَّ لِلسَّيِّدِ إجَازَتَهُ وَلَهُ رَدُّهُ.

(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ بِقَوْلِهِ كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْحُكْمَ بِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَيُنَافِي تَوَقُّفُ ذَلِكَ عَلَى الْإِذْنِ لَهُمَا فِيهِ فَالْمُنَاسِبُ جَعْلُ الْكَافِ لِلتَّشْبِيهِ وَيُمْكِنُ لِلتَّشْبِيهِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُمَا صَارَا بَعْدَ الْإِذْنِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَقَوْلُهُ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا شَرْطٌ فِي اتِّصَافِهِمَا بِكَوْنِهِمَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَفِي بْن أَنَّ الْكَافَ لِلتَّشْبِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلَيْنِ وَلِلتَّمْثِيلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَخِيرَيْنِ فَهُوَ مِنْ اسْتِعْمَالِ الْمُشْتَرَكِ فِي مَعْنَيَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهَا وَإِنْ صَحَّ) أَيْ فَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ وَلَهُ إجَازَتُهُ وَإِذَا أَجَازَهُ اتَّبَعَ بِهِ الْمُكَاتَبَ وَالْمَأْذُونَ إنْ عَتَقَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ السَّيِّدِ وَلَوْ ضَمِنَاهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا ضَمِنَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ لَهُ رَدُّ ذَلِكَ الضَّمَانِ ثُمَّ إنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ الْمُكَاتَبُ وَالْمَأْذُونُ غَيْرُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمَا لِدَيْنٍ بِدَلِيلِ جَعْلِهِمَا مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَزَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ بِثُلُثٍ) أَيْ بِقَدْرِ ثُلُثٍ لَا بِأَزْيَدَ فَلَا يَلْزَمُ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ ضَمَانِهَا الزَّوْجَ وَغَيْرَهُ وَلَا بَيْنَ ضَمَانِ الْمَرِيضِ لِوَارِثِهِ وَلِغَيْرِهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَفَالَةُ ذَاتِ الزَّوْجِ فِي ثُلُثِهَا وَإِنْ تَكَفَّلَتْ لِزَوْجِهَا وَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ عَطِيَّتُهَا زَوْجَهَا جَمِيعَ مَالِهَا جَائِزَةٌ وَكَذَا كَفَالَتُهَا لَهُ عِنْدَ الْبَاجِيَّ بِجَمِيعِ مَالِهَا وَفِيهَا إنْ ادَّعَتْ أَنَّهُ أَكْرَهَهَا فِي كَفَالَتِهَا فَعَلَيْهَا الْبَيِّنَةُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا زَادَ عَلَيْهِ بِيَسِيرٍ) قَدْ يُقَالُ هَذَا مُشْكِلٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا تَبَرَّعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ وَلَوْ يَسِيرًا كَانَ لِلزَّوْجِ أَوْ الْوَارِثِ الرَّدُّ وَهُنَا قَالُوا بِإِجَازَةِ الضَّمَانِ وَعَدَمِ رَدِّهِ إذَا حَصَلَ بِزَائِدِ الثُّلُثِ بِيَسِيرٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ مَا تَقَدَّمَ تَبَرُّعٌ مَحْضٌ لَا رُجُوعَ بِعِوَضِهِ وَالضَّمَانُ فِيهِ رُجُوعٌ عَلَى الْمَضْمُونِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ فَتَأَمَّلْ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَةِ الزَّوْجِ أَوْ الْوَارِثِ) أَيْ فَإِنْ شَاءَ الزَّوْجُ رَدَّ الْجَمِيعَ أَوْ أَمْضَى الْجَمِيعَ وَأَمَّا الْوَرَثَةُ فَإِنْ شَاءُوا رَدُّوا مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنْ شَاءُوا أَجَازُوا الْجَمِيعَ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ ضَمِنَا قَدْرَ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَازِمٌ وَلَا يَتَوَقَّفُ إمْضَاؤُهُ عَلَى إجَازَةٍ

ص: 330

إسْقَاطُهُ عَنْهُ فِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ الثَّانِي فَلَهُ إسْقَاطُهُ قَبْلَ عِتْقِهِ فَلَا يُتَّبَعُ بِهِ بَعْدَهُ وَلَا يُبَاعُ فِيهِ قَبْلَ الْعِتْقِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ (وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الضَّمَانِ فَإِنْ جَبَرَهُ لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ شَيْءٌ إنْ عَتَقَ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْعَبْدِ مَالٌ أَوْ لَهُ مَالٌ وَجَبَرَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا بِيَدِهِ وَأَمَّا لَوْ جَبَرَهُ عَلَى ضَمَانِ قَدْرِ مَا بِيَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ انْتِزَاعِ مَا بِيَدِهِ

(و) صَحَّ الضَّمَانُ (عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) بِسُكُونِ الْفَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ أَيْ الْمُعْسِرِ بِمَعْنَى الْحَمْلِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْ الضَّامِنِ وَخَصَّ الْمُفْلِسَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ إذْ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ وَالنَّوَوِيُّ وَأَمَّا الْحَيُّ أَوْ الْمَيِّتُ الْمُوسِرُ فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ وَكَذَا ضَمَانُ الْمُفَلَّسِ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ

(و) صَحَّ ضَمَانُ (الضَّامِنِ) وَلَوْ تَسَلْسَلَ وَيَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ الْأَصْلِيَّ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَعًا بِالْمَالِ أَوْ بِالْوَجْهِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِالْمَالِ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ وَهُوَ كَذَلِكَ

(و) صَحَّ ضَمَانُ الدَّيْنِ (الْمُؤَجَّلِ حَالًّا) أَيْ عَلَى الضَّامِنِ بِأَنْ رَضِيَ الْمَدِينُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْ الْأَجَلِ (إنْ كَانَ) الدَّيْنُ (مِمَّا يُعَجَّلُ) أَيْ يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ وَهُوَ الْعَيْنُ مُطْلَقًا وَالْعَرَضُ وَالطَّعَامُ مِنْ قَرْضٍ لَا مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: وَلَا يُبَاعُ فِيهِ) أَيْ وَلَا يُبَاعُ ذُو الرِّقِّ فِي الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَهُ قَبْلَ عِتْقِهِ وَلَوْ كَانَ ضَمَانُهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ) أَمَّا غَيْرُ مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا مَنْ لَهُ انْتِزَاعُ مَالِهِ فَلِأَنَّهُ قَدْ يَعْتِقُ وَالضَّمَانُ بَاقٍ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لَهُ بِذَلِكَ ضَرَرٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَقَيَّدَهُ إلَخْ) نَصُّ كَلَامِ ح قَالَ اللَّخْمِيُّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الْكَفَالَةِ إذَا كَانَ بِيَدِهِ مَالٌ بِقَدْرِهَا وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ فَقِيرًا أَوْ لَيْسَ بِيَدِهِ مَالٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ إنَّهُ يُجْبَرُ وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ اهـ بْن

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الضَّمَانُ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ) أَيْ وَلَزِمَ أَيْضًا وَإِذَا تَحَمَّلَ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ عَالِمًا بِعُسْرِهِ فَأَدَّى عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي مَالٍ يَطْرَأُ بَعْدَ ذَلِكَ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ مَعْرُوفٌ وَتَبَرُّعٌ مِنْهُ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ شَكَّ فِيهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَهُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى عَنْ الْمُفَلَّسِ بِالتَّشْدِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ مُطْلَقًا كَذَا قَالَ عبق وَنَقَلَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُفَلَّسِ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ اُنْظُرْ لَفْظَهَا فِي ح.

(قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْحَمْلِ عَنْهُ) أَيْ لَا حَقِيقَةَ الضَّمَانِ الَّذِي هُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لِأَنَّ ذِمَّةَ الْمَيِّتِ قَدْ خَرِبَتْ.

(قَوْلُهُ: إذْ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُرْجَى لَهُ مَالٌ يُوَفَّى مِنْهُ مَا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْحَيُّ) أَيْ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ عَنْهُ) أَيْ وَيَأْخُذُ الضَّامِنُ مِمَّا أَدَّاهُ عَنْ الْمَيِّتِ مِنْ تَرِكَتِهِ إنْ كَانَ الْمَيِّتُ مُوسِرًا وَيَرْجِعُ الضَّامِنُ بِمَا أَدَّاهُ عَنْ الْحَيِّ عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ الضَّامِنِ لِلْحَيِّ وَالْمَيِّتِ الْمُوسِرِ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مُحْتَسِبًا إلَّا لِقَرِينَةٍ اهـ خش.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا ضَمَانُ الْمُفْلِسِ) أَيْ فَإِذَا قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى شَخْصٍ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِتَفْلِيسِهِ أَيْ خَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ وَضَمِنَهُ شَخْصٌ فَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِهِ لِلْغُرَمَاءِ يَتَحَاصُّونَ فِيهِ وَمَا بَقِيَ لَهُمْ يَدْفَعُهُ ذَلِكَ الضَّامِنُ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا أَدَّاهُ عَنْهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ ظَنَّهُ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ وَطَرَأَ لَهُ مَالٌ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ تَحَمَّلَ مَا عَلَى الْمَيِّتِ الْمُعْسِرِ وَدَفَعَهُ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا أَدَّاهُ كَمَا مَرَّ إنْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ مَالًا أَوْ شَكَّ فِي ذَلِكَ أَوْ ظَنَّهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ مَالٌ وَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لِحَمْلِهِ عَلَى التَّبَرُّعِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَمِثْلُهُ فِي عبق وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ النَّقْلَ خِلَافُهُ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَسَلْسَلَ) أَيْ وَلَا اسْتِحَالَةَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ تَسَلْسُلٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَالتَّسَلْسُلُ إنَّمَا يَكُونُ مُحَالًا إذَا كَانَ فِي الْمَاضِي.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ) أَيْ ضَامِنَ الضَّامِنِ مَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ الْأَصْلِيَّ أَيْ وَهُوَ الضَّامِنُ لِلْمَدِينِ أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا يَلْزَمُهُ فِي الْجُمْلَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ بِالْمَالِ وَالثَّانِي بِالْوَجْهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ مِنْ حَيْثُ الصِّحَّةُ وَإِنْ كَانَتْ مُخْتَلِفَةً مِنْ حَيْثُ الرُّجُوعُ فَإِنْ كَانَا مَعًا بِالْمَالِ بُدِئَ بِالْغَرِيمِ إنْ كَانَ حَاضِرًا مَلِيئًا وَإِلَّا فَالضَّامِنُ مِنْ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ كَذَلِكَ وَإِلَّا فَالثَّانِي وَإِنْ كَانَا مَعًا بِالْوَجْهِ بُدِئَ بِالْغَرِيمِ إنْ كَانَ حَاضِرًا فَإِنْ غَابَ كَلَّفَ الْأَوَّلَ بِإِحْضَارِهِ فَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا كَلَّفَ الثَّانِيَ بِإِحْضَارِ أَحَدِهِمَا فَيَبْرَأُ بِذَلِكَ فَإِنْ غَابَ الْجَمِيعُ أَخَذَ مِنْ مَالِ الْغَرِيمِ ثُمَّ مِنْ مَالِ الْكَفِيلِ الْأَوَّلِ ثُمَّ الثَّانِي كَذَا فِي شب فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِالْوَجْهِ وَضَمِنَهُ الثَّانِي بِالْمَالِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ تَرَتَّبَ عَلَى الْأَوَّلِ الْمَالُ لِعَدَمِ إحْضَارِ الْمَضْمُونِ غَرِمَهُ الثَّانِي عَنْهُ وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِإِحْضَارِ الْمَضْمُونِ الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ يَبْرَأُ بِمَا يَبْرَأُ بِهِ الضَّامِنُ الْأَوَّلُ

. (قَوْلُهُ: حَالًّا) أَيْ عَلَى الْحُلُولِ عَلَى الضَّامِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ مُؤَجَّلًا فَأَسْقَطَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَقَّهُ مِنْ التَّأْجِيلِ وَضَمِنَهُ شَخْصٌ عَلَى الْحُلُولِ خَوْفَ الْمُمَاطَلَةِ مَثَلًا فَإِنَّ هَذَا الضَّمَانَ صَحِيحٌ وَلَازِمٌ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ ضَمَانِ الْمُؤَجَّلِ عَلَى الْحُلُولِ فِي الْجَوَازِ بِقَيْدِهِ ضَمَانُ الْمُؤَجَّلِ لِدُونِ الْأَجَلِ فَإِنْ ضَمِنَهُ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ فَجَائِزٌ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلِأَبْعَدَ مُمْتَنِعٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِ الدَّيْنِ مِمَّا يُعَجَّلُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ مَا أَخَذَ زِيَادَةً فِي نَفْسِ الْحَقِّ وَلَا مُنْفَصِلَةٍ

ص: 331

تَوَثُّقًا بِالضَّامِنِ إذْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِالْبَيْعِ فَقَطْ (وَعَكْسُهُ) وَهُوَ ضَمَانُ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِرَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ أَجِّلْ مَدِينَك شَهْرًا وَأَنَا أَضْمَنُهُ لَك فَيَصِحُّ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ مَدِينُهُ بِالدَّيْنِ الْحَالِّ وَلَوْ فِي أَوَّلِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَكَأَنَّهُ بِالتَّأْخِيرِ ابْتَدَأَ سَلَفًا بِضَامِنٍ وَبِيُسْرِهِ لَمْ يَحْصُلْ بِالضَّامِنِ نَفْعٌ فَيَكُونُ التَّأْخِيرُ مَحْضَ سَلَفٍ وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (أَوْ لَمْ يُوسِرْ) الْغَرِيمُ (فِي الْأَجَلِ) الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ أَعْسَرَ وَاسْتَمَرَّ عُسْرُهُ إلَى انْقِضَائِهِ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ حَصَلَ نَفْعٌ بِالضَّمَانِ لَمْ يَحْصُلْ سَلَفٌ بِتَأْخِيرِهِ لِوُجُوبِ انْتِظَارِ الْمُعْسِرِ فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ فِي جَمِيعِهِ بَلْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ كَبَعْضِ أَصْحَابِ الْغَلَّاتِ وَالْوَظَائِفِ كَأَنْ يَضْمَنَهُ إلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَادَتُهُ الْيَسَارُ بَعْدَ شَهْرَيْنِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الزَّمَنَ الْمُتَأَخِّرَ عَنْ ابْتِدَاءِ يَسَارِهِ يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا لِقُدْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ عِنْدَ الْيَسَارِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَرَقَّبَ كَالْمُحَقَّقِ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ (و) صَحَّ الضَّمَانُ (بِالْمُوسِرِ) بِهِ فَقَطْ (أَوْ بِالْمُعْسِرِ) بِهِ فَقَطْ وَكَلَامُهُ فِي ضَمَانِ الْحَالِّ مُؤَجَّلًا يَعْنِي إذَا كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ حَالًّا وَالْغَرِيمُ مُوسِرٌ بِبَعْضِهِ وَمُعْسِرٌ بِالْبَعْضِ الْآخَرِ صَحَّ ضَمَانُهُ مُؤَجَّلًا بِهَذَا أَوْ هَذَا (لَا بِالْجَمِيعِ) ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً إذْ هُوَ سَلَفٌ لِلْمُوسِرِ بِهِ لِتَأْخِيرِهِ إيَّاهُ بِحَمِيلٍ بِهِ وَانْتَفَعَ بِالضَّامِنِ فِي الْمُعْسِرِ بِهِ فَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةُ كَضَمَانِ الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ ضَمَانُ الْبَعْضِ مِنْ كُلٍّ

وَأَشَارَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَنْتَفِعُ بِهَا وَإِنَّمَا تَوَثَّقَ وَتَعَقَّبَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ بِمُخَالِفَتِهِ لِلنَّقْلِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: تَوَثُّقًا) مَفْعُولٌ لِقَوْلِهِ وَأَزِيدُك أَيْ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ حَالًّا لَكِنْ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُمَاطِلَهُ أَوْ يَأْبَقَ بِالدَّيْنِ فَالضَّمَانُ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ.

(قَوْلُهُ: إذْ هُوَ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ حَطَّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك مَوْجُودٌ فِي الْعَرَضِ وَالطَّعَامِ مِنْ الْمَرَضِ أَيْضًا فَمُقْتَضَاهُ الْمَنْعُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ حُطَّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك إنَّمَا يُؤَثِّرُ الْمَنْعُ فِي الْبَيْعِ لَا فِي الْقَرْضِ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْقَرْضِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرَضِ إنْ شَاءَ عَجَّلَ أَوْ أَبْقَى لِلْأَجَلِ فَلَا يُقَالُ عِنْدَ التَّعْجِيلِ إنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمُقْرِضِ حَطَّ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ الْحَقَّ فِي الدَّيْنِ إذَا كَانَ طَعَامًا أَوْ عَرَضًا مِنْهُمَا كَمَا مَرَّ فَإِذَا عَجَّلَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ شَيْئًا مِنْهُمَا قِيلَ إنَّهُ طَلَبَ مِنْ الْمُسَلِّمِ حَطَّ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِشَرْطَيْنِ) أَيْ عَلَى الْبَدَلِ وَلَوْ قَالَ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ كَانَ أَوْضَحَ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَيْسَرَ غَرِيمُهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُوسِرًا هَذَا إذَا كَانَ يَسَارُهُ بِالدَّيْنِ مِنْ قَبْلٍ الْأَجَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْيَسَارُ إنَّمَا حَصَلَ لَهُ أَوَّلَ الْأَجَلِ فَقَطْ أَيْ حِينَ الضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: لِلسَّلَامَةِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَادِرٌ عَلَى أَخْذِهِ الْآنَ فَكَأَنَّهُ ابْتَدَأَ سَلَفًا بِضَامِنٍ وَهُوَ بِيُسْرِهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَجَلِ لَمْ يَحْصُلْ نَفْعٌ بِالضَّمَانِ وَإِنْ حَصَلَ سَلَفٌ بِالتَّأْخِيرِ لِأَنَّ مَنْ أَجَّلَ مَا عَجَّلَ أَوْ عَكْسُهُ يُعَدُّ مُسَلِّفًا (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ) أَيْ أَوْ يَكُونُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مُعْسِرًا وَالْعَادَةُ أَنَّهُ لَمْ يُوسِرْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ضَمِنَ الضَّامِنُ إلَيْهِ بَلْ يُمْضِي ذَلِكَ الْأَجَلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْسِرْ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَسْتَمِرَّ إعْسَارُهُ لِآخِرِ الْأَجَلِ.

(قَوْلُهُ: بَلْ أَيْسَرَ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ بَلْ كَانَتْ الْعَادَةُ حُصُولَ الْيَسَارِ لَهُ فِي أَثْنَائِهِ.

(قَوْلُهُ: يُعَدُّ فِيهِ صَاحِبُ الْحَقِّ مُسَلِّفًا) أَيْ وَقَدْ انْتَفَعَ بِتَوَثُّقِهِ بِالضَّامِنِ فَإِنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُوسِرِ حَالَ الْعَقْدِ فَيَجُوزُ ضَمَانُهُ وَبَيْنَ مَنْ يَكُونُ مُوسِرًا فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ فَيُمْنَعُ ضَمَانُهُ قُلْت أَجَابَ الْبِسَاطِيُّ بِظُهُورِ الْمَعْرُوفِ فِي الْمُوسِرِ حَالَ الْعَقْدِ لِقُدْرَةِ رَبِّ الدَّيْنِ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ دَيْنَهُ مِنْهُ حَالًّا فَتَأْخِيرُهُ مَحْضُ مَعْرُوفٍ مِنْهُ وَظُهُورُ قَصْدِ الِانْتِفَاعِ فِي الْمُعْسِرِ أَوَّلًا لِانْتِفَاعِ رَبِّ الدَّيْنِ بِالضَّامِنِ زَمَنَ الْإِعْسَارِ.

(قَوْلُهُ: وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ) أَيْ أَجَازَ ضَمَانَهُ أَشْهَبُ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ حُصُولَ الْيَسَارِ لَهُ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَصْلَ اسْتِصْحَابُ عُسْرِهِ) أَيْ وَيُسْرُهُ قَدْ لَا يَحْصُلُ.

(قَوْلُهُ: بِالْمُوسِرِ بِهِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ وَهَلْ هُوَ سَمَاعِيٌّ أَوْ قِيَاسِيٌّ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا فِي الِارْتِشَافِ وَرَجَّحَ مِنْهُمَا الْأَوَّلَ وَلَيْسَ مُرَادُهُ الْإِشَارَةَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ نَائِبِ الْفَاعِلِ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ حَذْفُهُ.

وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لِزَيْدٍ عِنْدَ شَخْصٍ مِائَتَا دِينَارٍ حَالَّةً وَهُوَ مُوسِرٌ بِمِائَةٍ مِنْهُمَا وَمُعْسِرٌ بِالْمِائَةِ الْأُخْرَى وَضَمِنَهُ شَخْصٌ بِالْمِائَةِ الْمُوسِرِ بِهَا مُؤَجَّلَةً بِأَنْ قَالَ ضَمَانُ الْمِائَةِ الَّتِي يَقْدِرُ بِهَا عَلَيَّ إلَى شَهْرٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا وَقْتَ الضَّمَانِ وَيَجُوزُ أَنْ يُضَمِّنَهُ الْجُعْلَ بِهَا إلَى شَهْرٍ مَثَلًا إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ إعْسَارَهُ بِهَا جَمِيعَ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَضْمَنَهُ بِهِمَا وَلَوْ وُجِدَ شَرْطُ الضَّمَانِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِوُجُودِ السَّلَفِ فِي تَأْجِيلِ الْمُوسِرِ بِهَا وَالِانْتِفَاعِ بِالضَّمَانِ فِي الْمُعْسِرِ بِهَا وَضَمَانِهِ بِبَعْضِ الْمُوسِرِ بِهَا فَقَطْ لِأَجَلٍ كَضَمَانِهِ بِكُلِّهَا فِي الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَكَذَا ضَمَانُهُ بِبَعْضِ الْمُعْسَرِ بِهَا فَقَطْ لِأَجَلٍ كَضَمَانِهِ بِهَا كُلّهَا لِأَجَلٍ فِي الْجَوَازِ بِشَرْطِهِ وَمِثْلُ ضَمَانِ الْجَمِيعِ فِي الْمَنْعِ مَا إذَا ضَمِنَ الْبَعْضَ مِنْ كُلٍّ (قَوْلُهُ لَا بِالْجَمِيعِ) قَالَ عج مَحَلُّ مَنْعِ ضَمَانِهِ لِلْجَمِيعِ إذَا حَصَلَ التَّأْجِيلُ لِلْمَالَيْنِ وَضَمِنَهَا مَعًا أَمَّا إذَا لَمْ يَحْصُلْ تَأْجِيلٌ بَلْ ضَمَانٌ فَقَطْ أَوْ حَصَلَ التَّأْجِيلُ فِي الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ ضَمَانُهُمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ: فَلَيْسَتْ هَذِهِ الصُّورَةِ كَضَمَانِ الْمُعْسِرِ بِهِ فَقَطْ) أَيْ لِجَوَازِ

ص: 332

لِلرُّكْنِ الثَّانِي وَهُوَ الْمَضْمُونُ فِيهِ بِقَوْلِهِ (بِدَيْنٍ لَازِمٍ) فَلَا يَصِحُّ ضَمَانُ عَبْدٍ فِي ثَمَنِ سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لِعَدَمِ اللُّزُومِ (أَوْ آئِلٍ إلَيْهِ) أَيْ إلَى اللُّزُومِ بِهَمْزَتَيْنِ كَبَائِعٍ وَبَائِسٍ وَلَا تُبْدَلُ الثَّانِيَةُ يَاءً (لَا كِتَابَةٍ) ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ وَلَا آئِلَةٍ لِلُّزُومِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَوْ عَجَزَ عَادَ رَقِيقًا وَالضَّامِنُ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْمَضْمُونِ وَمَا لَا يَلْزَمُ الْأَصْلَ لَمْ يَلْزَمْ الْفَرْعَ بِالْأَوْلَى إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ أَوْ يَشْتَرِطَ عِتْقَهُ إذَا عَجَزَ فَيَصِحُّ ضَمَانُهَا فِي الصُّورَتَيْنِ (بَلْ كَجُعْلٍ) وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ فَيَصِحُّ كَأَنْ يَقُولَ إنْ جِئْتنِي بِعَبْدِي الشَّارِدِ مَثَلًا فَلَكَ دِينَارٌ وَضَمِنَ الْقَائِلَ أَجْنَبِيٌّ فَإِنْ جَاءَ الْمُجَاعَلُ بِهِ لَزِمَ الضَّامِنُ مَا تَحَمَّلَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَدَخَلَ بِالْكَافِ مَا لَوْ قَالَ قَائِلٌ لِآخَرَ إنْ ثَبَتَ حَقُّك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَثَبَتَ (و) كَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ (دَايِنْ فُلَانًا) أَوْ بَايِعْهُ أَوْ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ

(وَلَزِمَ) الضَّمَانُ (فِيمَا ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (وَهَلْ يُقَيَّدُ) لُزُومُ الضَّمَانِ (بِمَا يُعَامَلُ) الْمَضْمُونُ (بِهِ) عَادَةً وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَا أَشْبَهَ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَقَطْ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَوْ لَا يُقَيَّدُ بَلْ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا كَانَ مِمَّا يُشْبِهُ أَنْ يُعَامَلَ بِهِ مَثَلًا أَوْ لَا (تَأْوِيلَانِ وَلَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ فِي مَسْأَلَةِ دَايِنْ فُلَانًا (الرُّجُوعُ) عَنْ الضَّمَانِ (قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ) لَا بَعْدَهَا فَإِنْ عَامَلَهُ فِي الْبَعْضِ لَزِمَ فِيمَا عَامَلَ بِهِ دُونَ مَا لَمْ يُعَامَلْ بِهِ فَقَوْلُهُ قَبْلَ الْمُعَامَلَةِ أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا (بِخِلَافِ) قَوْلُهُ لِمُدَّعٍ عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ (احْلِفْ) بِأَنَّ لَك عَلَيْهِ مَا تَدَّعِيهِ (وَأَنَا ضَامِنٌ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَوْ قَبْلَ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِزَامِهِ صَارَ كَأَنَّهُ حَقٌّ وَاجِبٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الضَّمَانِ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى

. (قَوْلُهُ: لِلرُّكْنِ الثَّانِي) أَيْ وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ الضَّامِنُ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ.

(قَوْلُهُ: بِدَيْنٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيْ صَحَّ الضَّمَانُ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ فِي دَيْنٍ لَا فِي مُعَيَّنٍ كَمَا إذَا اسْتَعَارَ سِلْعَةً أَوْ أَخَذَ مِنْهُ وَدِيعَةً أَوْ مَالَ قِرَاضٍ أَوْ شَرِكَةً وَأَتَى لَهُ بِحَمِيلٍ عَلَى أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ أَخَذَ ذَاتَهَا مِنْ الْحَمِيلِ لِاسْتِحَالَتِهِ فَإِنْ ضَمِنَ الْحَمِيلُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْأَخْذِ بِسَبَبِ تَعَدٍّ أَوْ تَفْرِيطٍ مِنْ الْقِيمَةِ صَحَّ الضَّمَانُ وَلَزِمَ وَهُوَ الَّذِي يَقْصِدُهُ النَّاسُ كَمَا يَقَعُ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ ضَمَانِ بَعْضِ الدَّلَّالِينَ لِبَعْضٍ عَلَى أَنَّ الْمَضْمُونَ إنْ هَرَبَ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ كَانَ عَلَى الضَّامِنِ قِيمَةُ مَا هَرَبَ بِهِ فَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ ضَمَانًا فِي الْأَمَانَاتِ صُورَةً.

(قَوْلُهُ كَبَائِعٍ) أَيْ فِي الْوَزْنِ لَا فِي أَنَّ فِي كُلٍّ هَمْزَتَيْنِ إذْ الْهَمْزَةُ فِي بَائِعٍ وَبَائِسٍ وَاحِدَةٌ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ عَادَ رَقِيقًا) أَيْ وَزَالَ الْقَدْرُ الْمَجْعُولُ عَلَيْهِ فِي ذِمَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ بِمِائَةٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك نُجُومُ الْكِتَابَةِ فَأَتَى لَهُ بِحَمِيلٍ ضَمِنَهُ بِهَا فَذَلِكَ الضَّمَانُ جَائِزٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَشْتَرِطَ) أَيْ الضَّامِنُ عَلَى السَّيِّدِ عِتْقَهُ إنْ عَجَزَ كَأَنْ يَقُولَ إنْسَانٌ أَنَّا أَضْمَنُهُ فِي الْكِتَابَةِ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ إذَا عَجَزَ وَزَادَ فِي الشَّامِلِ صُورَةً ثَالِثَةً وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ نَجْمًا وَاحِدًا وَقَالَ الضَّامِنُ هُوَ عَلَيَّ إنْ عَجَزَ وَإِنَّمَا صَحَّ الضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَإِنْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ لَازِمٍ لِقُرْبِ الْحُرِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ضَمَانُ الْمُجَاعِلِ بِالْكَسْرِ فِي الْأُجْرَةِ بَعْدَ شُرُوعِ الْعَامِلِ فِي الْعَمَلِ بَلْ وَلَوْ كَانَ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِيهِ لِأَنَّ الْجُعَلَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ لَازِمٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ لَكِنَّهُ آيِلٌ إلَى اللُّزُومِ وَلِذَا جَعَلَهُ الْمُصَنِّفُ مِثَالًا لِلْآيِلِ.

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَ الْقَائِلَ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ خَوْفًا مِنْ مُمَاطَلَةِ ذَلِكَ الْقَائِلِ أَوْ مِنْ عَدَمِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ الْمُجَاعِلُ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ: وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ دَايِنْ فُلَانًا) أَيْ وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِآخَرَ خَدِّمْ فُلَانًا عِنْدَك وَضَمَانُ مَا أَخَذَهُ مِنِّي أَيْ وَكَقَوْلِ قَائِلٍ لِأَهْلِ سُوقٍ اجْعَلُوا فُلَانًا عِنْدَكُمْ سِمْسَارًا وَكُلُّ مَا أَخَذَهُ يُسَمْسِرُ عَلَيْهِ ضَمَانُهُ مِنِّي.

(قَوْلُهُ: وَأَنَا ضَامِنٌ) أَيْ لِمَا تُدَايِنُهُ أَوْ لِوَجْهِهِ وَلَا بُدَّ فِي كَوْنِهِ ضَامِنًا مِنْ ذِكْرِ قَوْلِهِ وَأَنَا ضَامِنٌ وَإِلَّا كَانَ غَرَرًا قَوْلِيًّا لَا يَلْزَمُ بِهِ شَيْءٌ فَإِذَا قَالَ دَايِنْ فُلَانًا أَوْ بِعْ لَهُ أَوْ عَامِلْهُ وَلَا يَكُنْ فِي نَفْسِك شَيْءٌ مِنْ جِهَةِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ ثِقَةٌ مَأْمُونٌ وَلَمْ يَقُلْ أَنَا ضَامِنٌ لَهُ فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ الْقَائِلَ شَيْءٌ إذَا هَرَبَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَوْ مَاتَ أَوْ فَلِسَ

. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ) أَيْ أَنَّهُ دَايَنَهُ فِيهِ أَوْ عَامَلَهُ فِيهِ أَوْ بَاعَهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا ثَبَتَ) أَيْ بِبَيِّنَةٍ وَكَذَا بِإِقْرَارٍ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ مَلِيًّا أَوْ كَانَ مُعْدَمًا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا يَكُونُ ضَامِنًا.

(قَوْلُهُ: أَنْ يُعَامَلَ بِهِ فَقَطْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ عَامِلْ فُلَانًا وَضَمَانُهُ مِنِّي وَشَأْنُ فُلَانٍ أَنْ يُعَامَلَ فِي ثَلَاثَةٍ فَعَامَلَهُ فِي عَشَرَةٍ فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الْقَائِلُ الزَّائِدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ الْمَازِرِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ وَالثَّانِي نَسَبَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرَ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ وَقَيَّدَ بِمَا يُعَامَلُ بِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ كَانَ أَحْسَنَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ دَايِنْهُ أَوْ عَامِلْهُ بِمِائَةٍ أَوْ أَطْلَقَ أَيْ اتِّفَاقًا فِي الْأَخِيرِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَوَّلِ فَلَوْ رَجَعَ الضَّامِنُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمَضْمُونُ لَهُ بِرُجُوعِهِ حَتَّى عَامَلَهُ فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا تَدَايَنَ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَوْ يَلْزَمُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالظَّاهِرُ اللُّزُومُ فَلَا بُدَّ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ مِنْ عِلْمِ الْمَضْمُونِ لَهُ بِالرُّجُوعِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَامَلَهُ فِي الْبَعْضِ) أَيْ قَبْلَ رُجُوعِ الضَّامِنِ ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ تِلْكَ الْمُعَامَلَةِ كَمَا لَوْ قَالَ دَايِنْ فُلَانًا فِي مِائَةٍ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهَا فَدَفَعَ لَهُ خَمْسِينَ وَقَالَ الضَّامِنُ رَجَعْت عَنْ الضَّمَانِ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا إلَّا لِلْخَمْسِينَ الَّتِي قَبَضَهَا وَأَمَّا الَّتِي لَمْ يَقْبِضْهَا فَلَا يَضْمَنُهَا إنْ لَوْ دَفَعَهَا لَهُ رَبُّ الْمَالِ بَعْدَ الرُّجُوعِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ تَمَامِهَا) أَيْ فَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ قَبْلَ حُصُولِهَا أَوْ بَعْدَ حُصُولِ بَعْضِهَا

ص: 333

لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِذَا غَرِمَ الضَّامِنُ وَاسْتَمَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى إنْكَارِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ بَيِّنَةٌ حَلَّفَهُ الضَّامِنُ فَإِنْ حَلَفَ فَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ بِشَيْءٍ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ الْمُدَّعِي وَأَشَارَ لِلْمَضْمُونِ فِيهِ أَيْضًا بِجَعْلِهِ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (إنْ أَمْكَنَ اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ الْحَقِّ الْمَضْمُونِ (مِنْ ضَامِنِهِ) وَهَذَا الشَّرْطُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ وَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ (وَإِنْ جَهِلَ) الْحَقَّ الْمَضْمُونَ حَالَ الضَّمَانِ فَإِنَّ الضَّمَانَ صَحِيحٌ فَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي صِحَّتِهِ (أَوْ) جَهِلَ (مَنْ لَهُ) الْحَقُّ وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ (و) صَحَّ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَهُوَ الْمَضْمُونُ عَنْهُ (كَأَدَائِهِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَمَا يَصِحُّ لِشَخْصٍ أَنْ يُؤَدِّيَ دَيْنًا عَنْ آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ (رِفْقًا) بِالْمُؤَدَّى عَنْهُ وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ (لَا عَنَتًا) أَيْ لِأَجْلِ الْعَنَتِ وَالضَّرَرِ بِالْمَدِينِ (فَيَرُدُّ) مَا أَدَّاهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَلَيْسَ لَهُ عَلَى الْمَدِينِ مُطَالَبَةٌ (كَشِرَائِهِ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ شِرَاءُ دَيْنٍ مِنْ رَبِّهِ عَنَتًا بِالْمَدِينِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ فَإِنْ فَاتَ الثَّمَنُ بِيَدِ الْبَائِعِ فَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ فَإِنْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِمَوْتِ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَالْحَاكِمُ يَتَوَلَّى الْقَبْضَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ لِلْمُشْتَرِي عَنَتًا أَوْ الدَّافِعِ فِي الْأُولَى عَنَتًا (وَهَلْ) رَدُّ الشِّرَاءِ عَنَتًا (إنْ عَلِمَ بَائِعُهُ) بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ الْعَنَتَ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: لِتَنَزُّلِهِ مَنْزِلَةَ إلَخْ) أَيْ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ لِلْمُدَّعِي احْلِفْ وَأَنَا غَارِمٌ لَك فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَزِمَهُ الْحَقُّ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِ الْمُعَامَلِ نَفْسِهِ عَامِلْنِي وَأَنَا أُعْطِيك حَمِيلًا فَلَمَّا كَانَ لِهَذَا أَنْ يَرْجِعَ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْخِلْهُ فِي شَيْءٍ كَانَ لِمَنْ قَالَ عَامِلْهُ أَنْ يَرْجِعَ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَلَفَ) أَيْ بِاَللَّهِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ حَقٌّ لِلْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلضَّامِنِ بِشَيْءٍ أَيْ لَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْمُدَّعِي الَّذِي أَدَّى لَهُ وَقَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ غَرِمَ لَهُ أَيْ لِلضَّامِنِ أَيْ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا يَحْلِفُ الضَّامِنُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ وَلَا الْمُدَّعِي لِتَقَدُّمِ يَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ: شَرْطًا فِي الضَّمَانِ) أَيْ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ أَيْ صَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ إنْ أَمْكَنَ عَقْلًا وَشَرْعًا اسْتِيفَاءُ الْحَقِّ مِنْ الضَّامِنِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الضَّمَانِ أَنْ يَكُونَ الْمَضْمُونُ فِيهِ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ الضَّامِنِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ مِنْ مِثْلِ الْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ وَالْقَتْلِ وَالْجِرَاحِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا إذْ لَا يَجُوزُ اسْتِيفَاءُ ذَلِكَ مِنْ الضَّامِنِ وَاحْتُرِزَ أَيْضًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِيلُ عَقْلًا اسْتِيفَاؤُهَا مِنْ الضَّامِنِ.

(قَوْلُهُ: إخْرَاجُ الْمُعَيَّنَاتِ) كَاسْتِعَارَتِك دَابَّةً وَتَأْتِي بِحَمِيلٍ عَلَى أَنَّهَا إذَا تَلِفَتْ تُؤْخَذُ بِذَاتِهَا مِنْ الْحَمِيلِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ الضَّمَانُ فِيهَا) لِعَدَمِ جَوَازِ اسْتِيفَائِهَا مِنْ الضَّامِنِ شَرْعًا أَوْ لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ أَيْ وَهَذِهِ خَارِجَةٌ بِالشَّرْطِ السَّابِقِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَيْسَتْ دَيْنًا لِأَنَّ الدَّيْنَ مَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ وَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَّةُ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مَفْهُومَ الضَّمَانِ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ لَا يَشْمَلُ مَا اُحْتُرِزَ عَنْهُ بِهَذَا الْقَيْدِ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَاتِ لَا تَقْبَلُهَا الذِّمَمُ وَكَذَا الْحُدُودُ وَنَحْوُهَا لِتَعَلُّقِهَا بِالْأَبْدَانِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِ هَذِهِ الْأُمُورِ بِهَذَا الْقَيْدِ وَهَذَا الْإِيرَادُ يَتَوَجَّهُ أَيْضًا عَلَى قَوْلِهِ بِدَيْنٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ مُحْتَرَزَهُ لَا يَشْمَلُهُ التَّعْرِيفُ فَلَا حَاجَةَ لِإِخْرَاجِهِ بِهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَرَضَ إيضَاحُ مَا يَقُومُ بِالذِّمَّةِ وَقَدْ قَالُوا إنَّ الْأَصْلَ فِي الْقُيُودِ أَنْ تَكُونَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جُهِلَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ أَنَا ضَامِنٌ لِكُلِّ مَا عَلَى زَيْدٍ لِعَمْرٍو وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ الضَّمَانِ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: حَالَ الضَّمَانِ) جَهْلُهُ لَهُ حَالَ الضَّمَانِ لَا يُنَافِي عِلْمَهُ بِقَدْرِهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُقَالُ الْحَمَالَةُ فِيهَا الرُّجُوعُ وَهُوَ مُسْتَحِيلٌ بِالْمَجْهُولِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَهِلَ مَنْ لَهُ الْحَقُّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ مَنْ لَهُ عَطْفٌ عَلَى ضَمِيرِ الرَّفْعِ الْمُسْتَتِرِ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَهُوَ قَلِيلٌ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَضْمُونُ لَهُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ أَنَا ضَامِنٌ لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَى زَيْدٍ لِلنَّاسِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ عَيْنَ مَنْ لَهُ الدَّيْنُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ) هَذَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ إنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي حَمَالَةِ مَا عَلَى الْمِدْيَانِ أَنْ تَكُونَ بِإِذْنِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْحَمِيلِ مَا دَفَعَهُ عَنْهُ وَلِذَا جَرَتْ عَادَةُ الْمُوَثَّقِينَ بِذِكْرِ رِضَا الْمَدِينِ بِأَنْ يَكْتُبُوا تَحَمَّلَ فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ بِرِضَاهُ أَوْ بِأَمْرِهِ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ كَأَدَائِهِ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَدَّى عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا بِغَيْرِ أَمْرِهِ جَازَ إنْ فَعَلَهُ رِفْقًا بِالْمَطْلُوبِ وَإِنْ أَرَادَ الضَّرَرَ بِطَلَبِهِ وَإِعْنَاتِهِ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَا إنْ اشْتَرَى دَيْنًا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ وَرُدَّ إنْ عُلِمَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُ رَبَّ الدَّيْنِ قَبُولُهُ) أَيْ وَلَا كَلَامَ لَهُ وَلَا لِلْمَدِينِ إذَا طَلَبَ أَحَدُهُمَا لِلْقَضَاءِ وَأَجَابَهُ فَإِنْ امْتَنَعَا مَعًا لَمْ يَلْزَمْهُمَا مَعًا فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق.

(قَوْلُهُ فَيَرُدُّ مَا أَدَّاهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ إنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ فَاتَ رَبُّ الدَّيْنِ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا.

(قَوْلُهُ: فَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ) أَيْ فَاللَّازِمُ لَهُ رَدُّ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ.

(قَوْلُهُ: بِمَوْتِ رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ بَائِعٍ لِلدَّيْنِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَوْ كَانَ بَائِعًا لَهُ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي شِرَائِهِ الدَّيْنَ وَأَمَّا دَفْعُهُ الدَّيْنَ فَيُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَذَلِكَ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَمَّا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ كَانَ قَوِيًّا فَلَا يُوجِبُ رَدَّهُ إلَّا مَا هُوَ قَوِيٌّ كَعِلْمِهِمَا بِخِلَافِ دَفْعِ الدَّيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَقْدًا فَأَثَّرَ فِيهِ الْأَمْرُ الْقَلِيلُ وَهُوَ قَصْدُ الدَّافِعِ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِمَا) لَعَلَّ الْأَوْلَى فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ اهـ أَيْ فَلَا بُدَّ فِي رَدِّ الشِّرَاءِ مِنْ عِلْمِ الْبَائِعِ أَنَّ

ص: 334

لِدُخُولِهِمَا عَلَى الْفَسَادِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّ الدَّيْنِ بِذَلِكَ فَلَا رَدَّ وَلَا فَسَادَ لِلْبَيْعِ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَعَاطَى الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَحَقُّهُ الْأَرْجَحُ أَوْ الرَّدُّ مُطْلَقًا عَلِمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ (تَأْوِيلَانِ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ فِيمَا ثَبَتَ أَوْ مِنْ قَوْلِهِ وَصَحَّ قَوْلُهُ

(لَا إنْ ادَّعَى) مُدَّعٍ (عَلَى غَائِبٍ فَضَمِنَ) ضَامِنٌ ذَلِكَ الْغَائِبَ فِيمَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ (ثُمَّ أَنْكَرَ) الْغَائِبُ عِنْدَ حُضُورِهِ (أَوْ قَالَ) شَخْصٌ (لِمُدَّعٍ عَلَى مُنْكِرٍ إنْ لَمْ آتِك بِهِ لِغَدٍ فَأَنَا ضَامِنٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ (إنْ لَمْ يَثْبُتْ حَقُّهُ بِبَيِّنَةٍ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنْ ثَبَتَ بِهَا لَزِمَ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنْ أَتَى بِهِ لَمْ يَلْزَمْ الضَّامِنَ شَيْءٌ مَعَ الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ

(وَهَلْ) يَلْزَمُ الضَّامِنَ مَا ادَّعَى بِهِ الْمُدَّعِي (بِإِقْرَارِهِ) كَالْبَيِّنَةِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ بِهِ شَيْءٌ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ تَوَاطَأَ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى لُزُومِ الضَّمَانِ لِلضَّامِنِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (تَأْوِيلَانِ) فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ وَأَمَّا الْأُولَى فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَا يُوجِبُ عَلَى الضَّامِنِ شَيْئًا وَمَحَلُّهُمَا إنْ أَقَرَّ بَعْدَ الضَّمَانِ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ الْحَمَالَةُ قَطْعًا وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ اللُّزُومِ إذَا لَمْ يَثْبُتْ قَوْلُهُ (كَقَوْلِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) الْمُنْكِرِ لِلْمُدَّعِي (أَجِّلْنِي الْيَوْمَ فَإِنْ لَمْ أُوَافِك غَدًا فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ) وَلَمْ يُوَافِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِأَلْفٍ بَعْد الْوَاوِ مِنْ الْمُوَافَاةِ وَهِيَ الْمُلَاقَاةُ وَفِي بَعْضِهَا أُوَفِّكَ بِدُونِ أَلْفٍ مَعَ تَشْدِيدِ الْفَاءِ مِنْ الْوَفَاءِ وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَاَلَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ حَقٌّ أَبْطَلَ كَوْنَهُ إقْرَارًا

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الضَّمَانِ وَأَرْكَانِهِ وَشُرُوطِهِ ذَكَرَ مَا يَرْجِعُ بِهِ الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ فَقَالَ (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ عَلَى أَصْلِهِ (بِمَا أَدَّى) عَنْهُ أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا بَلْ (وَلَوْ مُقَوَّمًا) ؛ لِأَنَّهُ كَالْمُسَلِّفِ يَرْجِعُ بِالْمِثْلِ حَتَّى فِي الْمُقَوَّمَاتِ (إنْ ثَبَتَ الدَّفْعُ) مِنْ الضَّامِنِ بِبَيِّنَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِشِرَائِهِ الْعَنَتَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ إمَّا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ.

(قَوْلُهُ لِدُخُولِهِمَا) أَيْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.

(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ إلَخْ) فِي بْن النَّقْلُ أَنَّهُ عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَلَكِنْ يُبَاعُ الدَّيْنُ عَلَى مُشْتَرِيهِ لِيَرْتَفِعَ الضَّرَرُ كَمَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ ثَبَتَ قَصْدُ مُشْتَرِي الدَّيْنِ ضَرَرَ الْمَدِينِ وَالْبَائِعُ جَاهِلٌ بِذَلِكَ فَفِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَمُضِيِّهِ وَيُبَاعُ عَلَى مُشْتَرِيهِ نَقْلًا عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَغَيْرُهُ مَعَ الصَّقَلِّيِّ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَ إلَخْ) يَعْنِي مِنْ مُطْلَقِ اللُّزُومِ أَوْ مِنْ مُطْلَقِ الصِّحَّةِ الْمَأْخُوذِ مِمَّا ذَكَرَ وَلَوْ عَبَّرَ بِهَذَا كَانَ أَوْلَى فَلَيْسَ هَذَا مِنْ عَطْفِ الْمُحْتَرَزَاتِ عَلَى الْقُيُودِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ

. (قَوْلُهُ ثُمَّ أَنْكَرَ) أَيْ ثُمَّ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي فَإِنَّ الضَّمَانَ يَسْقُطُ وَلَا يَلْزَمُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ أَنْكَرَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَقَّ لَمْ يَثْبُتْ بِالنِّيَّةِ وَأَمَّا لَوْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِهِ أَوْ أَنْكَرَ وَثَبَتَ بِالنِّيَّةِ كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا لَكِنَّ مَحَلَّ لُزُومِهِ إذَا أَقَرَّ إذَا كَانَ مُوسِرًا أَمَّا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَلْزَمُ الضَّمَانُ إذَا أَقَرَّ لِاحْتِمَالِ تَوَاطُئِهِ مَعَ الْمُدَّعِي عَلَى أَكْلِ مَالِ الضَّامِنِ هَذَا مُحَصَّلُ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ آتِك بِهِ) أَيْ بِهَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يُقْضَى بِهِ) اعْتَرَضَ هَذَا التَّعْلِيلَ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّهُ غَيْرُ ظَاهِرٍ كَيْفَ وَهُوَ الْتِزَامٌ أَيْضًا لَوْ كَانَ وَعْدًا لَمْ يَلْزَمْ وَلَوْ ثَبَتَ الدَّيْنُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ سُقُوطُ الضَّمَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ مُعَلَّقٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَلَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ فَلِأَنَّهُ الْتِزَامٌ مُعَلَّقٌ عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدِهِمَا فِي اللَّفْظِ وَهُوَ عَدَمُ الْإِتْيَانِ بِهِ وَالْآخَرِ فِي الْمَعْنَى وَهُوَ ثُبُوتُ الْحَقِّ عَلَى هَذَا الْمُنْكِرِ فَكَأَنَّهُ يَقُولُ إنْ لَمْ آتِك بِهِ وَثَبَتَ الْحَقُّ فَأَنَا ضَامِنٌ فَإِذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْحَقُّ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَمْ يَحْصُلْ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بِجُمْلَتِهِ وَإِذَا أَتَى بِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَوْ ثَبَتَ الْحَقُّ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ نَقِيضُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ الْمِسْنَاوِيِّ.

(قَوْلُهُ: مَعَ الثُّبُوتِ) أَيْ وَلَا مَعَ عَدَمِ الثُّبُوتِ أَيْضًا

. (قَوْلُهُ: بِإِقْرَارِهِ) أَيْ بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ.

(قَوْلُهُ: لِاتِّهَامِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ.

(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعِيَاضٍ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ لِبَهْرَامَ وَالْبِسَاطِيِّ وَقَالَ ح الشَّرْطُ وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ اُنْظُرْ الْمُدَوَّنَةَ فِي الْحَمَالَةِ وَكَلَامُ أَبِي الْحَسَنِ عَلَيْهَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ اهـ قَالَ بْن قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا التَّأْوِيلَانِ إنَّمَا هُنَا فِي الثَّانِيَةِ وَإِنْ كَانَ فِي الْأُولَى خِلَافٌ أَيْضًا لَكِنْ لَيْسَ بِتَأْوِيلٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: فَإِقْرَارُهُ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَا يُوجِبُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُعْسِرًا وَإِلَّا كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ قَطْعًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَقَوْلِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ الضَّمَانِ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَهَا كَالدَّلِيلِ لِلْمُتَقَدِّمَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّ دَلَالَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ قَوِيَّةٌ مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ الْإِقْرَارِ فَلِذَا لَمْ يُجْعَلْ مَا تَقَدَّمَ ضَمَانًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ إلَّا لِبَيِّنَةٍ أَقَامَهَا الْمُدَّعِي بِمَا ادَّعَى أَوْ إقْرَارٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ إنْكَارِهِ وَإِلَّا كَانَ مُؤَاخَذًا قَوْلًا وَاحِدًا.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ وَارِدٍ عَلَى النُّسْخَةِ الثَّانِيَةِ وَحَاصِلُهُ لَمْ يُجْعَلْ قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ أُوَفِّك دَيْنَك الَّذِي تَدَّعِيهِ عَلَيَّ إقْرَارًا بِالْحَقِّ أَيْ مُسْتَلْزِمًا لِلْإِقْرَارِ بِهِ.

(قَوْلُهُ: أَبْطَلَ إلَخْ) أَيْ لِتَعْلِيقِ الْحَقِّيَّةِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْحَقِّيَّةَ لَيْسَتْ ثَابِتَةً وَإِنَّمَا هِيَ مُعَلَّقَةٌ عَلَى عَدَمِ التَّوْفِيَةِ وَعَدَمُ التَّوْفِيَةِ غَيْرُ مُحَقَّقٍ حِينَ التَّعْلِيقِ فَكَذَا الْحَقِّيَّةُ فَلِذَا حَصَلَ الْإِبْطَالُ تَأَمَّلْ تَقْرِيرَ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ

. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُقَوَّمًا) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ رُجُوعِ الضَّامِنِ بِمِثْلِ الْمُقَوَّمِ لَا بِقِيمَتِهِ إذَا كَانَ الْمُقَوَّمُ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فَأَدَّاهَا الضَّامِنُ أَثْوَابًا فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهَا لَا بِقِيمَتِهَا فَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ كَمَا لَوْ كَانَ

ص: 335

أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْحَقِّ لِسُقُوطِ الدَّيْنِ بِذَلِكَ (وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ أَنْ يُصَالِحَ الضَّامِنُ رَبَّ الدَّيْنِ (عَنْهُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ (بِمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ) أَيْ الْمَدِينِ الصُّلْحُ بِهِ عَمَّا عَلَيْهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَتَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَمَا جَازَ لِلْغَرِيمِ أَنْ يَدْفَعَهُ عِوَضًا عَمَّا عَلَيْهِ جَازَ لِلضَّامِنِ وَمَا لَا فَلَا فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بَعْدَ الْأَجَلِ عَنْ دَنَانِيرَ جَيِّدَةٍ بِأَدْنَى مِنْهَا أَوْ عَكْسُهُ وَلَا يَجُوزُ عَنْ طَعَامِ قَرْضٍ قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَكْثَرَ وَكَذَا بَعْدَهُ وَلَا يَجُوزُ عَنْ طَعَامِ سَلَمٍ بِأَدْنَى أَوْ أَجْوَدَ قَبْلَ الْأَجَلِ وَكَذَا عُرُوضٌ مِنْ سَلَمٍ وَاسْتُثْنِيَ مَسْأَلَتَانِ مِنْ كَلَامِهِ الْأُولَى صُلْحُهُ بِدِينَارٍ عَنْ دَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ حَالًّا الثَّانِيَةُ صُلْحُهُ عَنْ طَعَامِ سَلَمٍ بِأَدْنَى مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ بَعْدَ الْأَجَلِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَرِيمِ لَا لِلضَّامِنِ لَا إنْ لَمْ يَحُلْ الْأَجَلُ فِيهِمَا (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ الْغَارِمُ عَلَى الْمَدِينِ (بِالْأَقَلِّ مِنْهُ) أَيْ الدَّيْنِ (أَوْ قِيمَتِهِ) أَيْ مَا صَالَحَ بِهِ أَيْ رَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ وَهُمَا الدَّيْنُ أَوْ قِيمَةُ مَا صَالَحَ بِهِ (وَإِنْ بَرِئَ الْأَصْلُ) أَيْ الْمَدِينُ بِهِبَةِ الدَّيْنِ لَهُ أَوْ مَوْتِهِ مَلِيًّا وَرَبُّ الدَّيْنِ وَارِثُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (بَرِئَ) الضَّامِنُ؛ لِأَنَّ طَلَبَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الدَّيْنُ خَمْسَةَ مَحَابِيبَ وَدَفَعَ الضَّامِنُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الدَّيْنِ وَقِيمَةِ الثِّيَابِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ يُخَيَّرُ الْمَطْلُوبُ إذَا دَفَعَ الضَّامِنُ مُقَوَّمًا مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ فِي دَفْعِ مِثْلِ الْمُقَوَّمِ أَوْ قِيمَتِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الضَّامِنُ لَمْ يَشْتَرِ ذَلِكَ الْمُقَوَّمَ الَّذِي دَفَعَهُ بِأَنْ كَانَ عِنْدَهُ فِي مِلْكِهِ وَدَفَعَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لَرَجَعَ بِثَمَنِهِ اتِّفَاقًا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ مَا لَمْ يُحَابِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِالزِّيَادَةِ فَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبًا بِعِشْرِينَ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهَا عَشَرَةٌ وَدَفَعَهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَدِينِ إلَّا بِقَيِّمِيهَا وَهُوَ عَشَرَةٌ وَيَضِيعُ عَلَيْهِ عَشَرَةُ الْمُحَابَاةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْحَقِّ) أَيْ لَا بِإِقْرَارِ الْمَضْمُونِ وَفِي الشَّامِلِ وَلَوْ دَفَعَ الضَّامِنُ لِلطَّالِبِ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ دُونَ بَيِّنَةٍ وَأَنْكَرَ الطَّالِبُ لَمْ يَرْجِعْ الضَّامِنُ عَلَى الْمَضْمُونِ بِشَيْءٍ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ أَقْوَى الْقَوْلَيْنِ كَمَا فِي ح فَإِنْ كَانَ الدَّفْعُ مِنْ مَالِ الْمَضْمُونِ فَهُوَ الْمُقَصِّرُ فَإِنْ غَرِمَهَا الضَّامِنُ ثَانِيًا لِعُسْرِ الْمَضْمُونِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمَضْمُونِ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ أَدَّاهَا اُنْظُرْ ح.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ جَازَ لِلْغَرِيمِ عَلَى الْأَصَحِّ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي مُصَالَحَةِ الْكَفِيلِ رَبَّ الدَّيْنِ خِلَافًا فَقِيلَ بِالْمَنْعِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا وَقِيلَ بِالْمَنْعِ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِمِثْلِيٍّ مُخَالِفٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ بِمِثْلِيٍّ مُمَاثِلٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ بِمُقَوَّمٍ مُمَاثِلٍ لِجِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مُخَالِفٍ جَازَ وَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ صَالَحَ بِمِثْلِيٍّ أَوْ بِمُقَوَّمٍ لَكِنْ يُسْتَثْنَى مِنْهُ الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ الْمُصَالَحَةَ بِالْمُقَوَّمِ عَنْ الْعَيْنِ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَرَجَعَ بِالْأَقَلِّ مِنْهُ وَمِنْ قِيمَتِهِ وَقَدْ حَكَى بَعْضُهُمْ الْخِلَافَ فِيهَا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ كَانَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِيهَا الْجَوَازُ وَحَكَى الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَقَبْلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الصُّلْحُ بَعْدَ الْأَجَلِ إلَخْ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ الْمُصَالَحَةُ بِالْمُقَوَّمِ عَنْ الْعَيْنِ إمَّا اتِّفَاقًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمَازِرِيُّ أَوْ عَلَى الرَّاجِحِ عِنْدَ غَيْرِهِ وَفِي الصُّلْحِ بِمِثْلِيٍّ عَنْ الْعَيْنِ قَوْلَانِ بِالْمَنْعِ وَالْجَوَازِ بِنَاءً عَلَى تَأْثِيرِ الْغَرَرِ بِمَا يَرْجِعُ بِهِ الْحَمِيلُ لِتَخْيِيرِ الْغَرِيمِ فِي دَفْعِ مَا عَلَيْهِ وَمَا أَدَّى عَنْهُ وَلَغْوِهِ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ.

(قَوْلُهُ: بِأَدْنَى مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَقَوْلُهُ أَوْ عَكْسُهُ أَيْ وَهُوَ الصُّلْحُ بَعْدَ الْأَجَلِ عَنْ دَنَانِيرَ رَدِيئَةٍ بِجَيِّدَةٍ لِأَنَّهُ حَسَنٌ قَضَاءً.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ عَنْ طَعَامٍ) أَيْ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ قَضَاءَ الْقَرْضِ بِأَكْثَرَ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا أَزِيدُ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا إلَّا كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ.

(قَوْلُهُ: بِأَدْنَى) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتُعَجَّلْ وَقَوْلُهُ أَوْ أَجْوَدَ أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ حَطِّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا عُرُوضٌ مِنْ سَلَمٍ) أَيْ يُمْنَعُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ بِأَدْنَى أَوْ أَجْوَدَ وَهَذَا إذَا صُولِحَ عَلَيْهَا بِجِنْسِهَا وَأَمَّا بِغَيْرِ جِنْسِهَا فَتَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ السَّلَمِ بِقَوْلِهِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَبَيْعِهِ بِالْمُسَلَّمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً وَأَنْ يُسَلَّمْ فِيهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ صُلْحُهُ بِدِينَارٍ) أَيْ حَالٍّ عَنْ دَرَاهِمَ حَلَّ أَجَلُهَا وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ أَيْ وَهُوَ صُلْحُهُ بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ عَنْ دِينَارٍ حَلَّ أَجَلُهُ وَأَوْرَدَ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ لَا عُمُومَ فِيهِ إذْ لَمْ يَقُلْ كُلُّ مَا جَازَ صُلْحُ الْغَرِيمِ فِيهِ جَازَ لِلضَّامِنِ الصُّلْحُ فِيهِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلِاسْتِثْنَاءِ وَإِنَّمَا قَالَ وَجَازَ إلَخْ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ مُهْمَلَةٌ لَا عُمُومَ فِيهَا فِي قُوَّةِ الْجُزْئِيَّةِ وَيَكْفِي فِي صِحَّتِهَا الصِّدْقُ بِبَعْضِ الْأَفْرَادِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَاحَظَ مَا قَالُوهُ أَنَّ مُهْمَلَاتِ الْعُلُومِ كُلِّيَّاتٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لِلْغَرِيمِ) أَيْ لِأَنَّهُ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي الْأُولَى وَحَسَنٌ قَضَاءً أَوْ اقْتِضَاءً فِي الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ لَا لِلضَّامِنِ) أَيْ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ فِي الْأُولَى بَيْنَ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ عِنْدَ دَفْعِ الضَّامِنِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فِي الثَّانِيَةِ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ قَدْ بَاعَهُ لِلضَّامِنِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْمَدِينِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الضَّامِنُ) أَيْ فِيمَا إذَا صَالَحَ عَنْ الْعَيْنِ بِمُقَوَّمٍ كَمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ خَمْسَةَ دَنَانِيرَ فَصَالَحَ عَنْهَا بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ فَيَرْجِعُ الضَّامِنُ عَلَى الْمَدِينِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْخَمْسَةِ دَنَانِيرَ وَقِيمَةِ الْأَثْوَابِ الْعَشَرَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتِهِ مَلِيًّا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ مُعْدَمًا غَرِمَ الْكَفِيلُ

ص: 336

فَرْعُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصْلِ (لَا عَكْسُهُ) أَيْ لَيْسَ كُلَّمَا بَرِئَ الضَّامِنُ بَرِئَ الْأَصْلُ بَلْ قَدْ يَبْرَأُ وَقَدْ لَا يَبْرَأُ كَبَرَاءَةِ الضَّامِنِ مِنْ الضَّمَانِ بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ ضَمَانِهِ وَكَمَا إذَا وَهَبَ رَبُّ الدَّيْنِ دَيْنَهُ لِلضَّامِنِ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَطْلُوبًا لَهُ

(وَعُجِّلَ) الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ (بِمَوْتِ الضَّامِنِ) أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ حَاضِرًا مَلِيًّا وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ لِعَدَمِ حُلُولِهِ عَلَيْهِ (وَرَجَعَ وَارِثُهُ) أَيْ وَارِثُ الضَّامِنِ عَلَى الْمَدِينِ (بَعْدَ أَجَلِهِ أَوْ) مَوْتِ (الْغَرِيمِ) أَيْ الْمَدِينِ فَيُعَجَّلُ الْحَقُّ أَيْضًا (إنْ تَرَكَهُ) الْمَيِّتُ مِنْهُمَا فَهُوَ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَقَوْلُهُ إنْ تَرَكَهُ أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَلَوْ مَاتَ الْمَدِينُ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا فَلَا طَلَبَ عَلَى الضَّامِنِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَدِينِ حُلُولُهُ عَلَى الْكَفِيلِ لِبَقَاءِ ذِمَّتِهِ فَيَحِلُّ بِمَوْتِ الْمَدِينِ وَلَا يُعَجَّلُ (وَلَا يُطَالِبُ) الضَّامِنُ أَيْ لَا مُطَالَبَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ (إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا) تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ غَيْرَ مُلِدٍّ وَلَمْ يَقُلْ رَبُّ الدَّيْنِ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي كَمَا سَيَأْتِي وَلَمْ يُشْتَرَطْ الضَّمَانُ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ الَّتِي مِنْهَا الْيُسْرُ (أَوْ) غَابَ الْغَرِيمُ (وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ) أَيْ إثْبَاتُ مَالِ الْغَائِبِ وَالنَّظَرُ فِيهِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الطَّالِبِ بَلْ تَيَسَّرَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا مُطَالَبَةَ لَهُ عَلَى الضَّامِنِ وَإِلَّا طَالَبَهُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ الضَّامِنِ عِنْدَ التَّنَازُعِ (فِي مَلَائِهِ) أَيْ مَلَاءِ الْغَرِيمِ فَلَيْسَ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةُ الْحَمِيلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: فَرْعُ ثُبُوتِ الدَّيْنِ) أَيْ وَقَدْ انْتَفَى ثُبُوتُهُ عَلَى الْأَصْلِ بِهِبَةِ الدَّيْنِ لَهُ وَبِمَوْتِهِ مَلِيًّا وَرَبُّ الدَّيْنِ وَارِثُهُ (قَوْلُهُ بَلْ قَدْ يَبْرَأُ) أَيْ الْأَصْلُ بِبَرَاءَةِ الضَّامِنِ أَيْ كَمَا إذَا أَدَّى الضَّامِنُ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَبْرَأُ بِدَفْعِهِ.

(قَوْلُهُ: بِانْقِضَاءِ إلَخْ) أَيْ فِيمَا لَوْ كَانَ الضَّمَانُ مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ كَأَنْ يَقُولَ الضَّامِنُ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فِي مُدَّةِ شَهْرَيْنِ مِنْ أَجَلِ الدَّيْنِ أَيْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَوْ فَلِسَ فِيهِمَا غَرِمْت مَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الضَّمَانِ أَنْ يَقَعَ مُؤَجَّلًا كَأَنْ يَقَعَ لِمُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِنْ كَانَ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ فِي الرَّهْنِ لِطَلَبِ الْحَوْزِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ مَطْلُوبًا لَهُ) أَيْ وَلَا تَتِمُّ لَهُ هَذِهِ الْهِبَةُ إلَّا إذَا قَبَضَ الضَّامِنُ ذَلِكَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاهِبِ

. (قَوْلُهُ: وَعُجِّلَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ) أَيْ الْمَضْمُونُ بِمَوْتِ الضَّامِنِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الضَّامِنَ إذَا مَاتَ أَوْ فَلِسَ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الطَّالِبَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَبْقَى لِلْأَجَلِ وَيَتْبَعَ الْغَرِيمَ وَبَيْنَ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَالَهُ فَيَأْخُذَهُ مِنْ تَرِكَةِ الضَّامِنِ إذَا مَاتَ وَيُحَاصِصَ بِهِ مَعَ غُرَمَائِهِ إنْ فَلِسَ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مَلِيًّا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ رَجَعَ وَرَثَةُ الضَّامِنِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعُوا عَنْهُ مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِمْ فِي الْمَوْتِ وَفِي الْفَلَسِ يَرْجِعُ الْحَمِيلُ بَعْدَ الْأَجَلِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ الطَّالِبُ بِالْمُحَاصَّةِ مِنْ مَالِهِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَعُجِّلَ إلَخْ أَيْ إنْ شَاءَ الطَّالِبُ لَا أَنَّ التَّعْجِيلَ وَاجِبٌ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الْحَقِّ طَلَبٌ عَلَى تَرِكَةِ الضَّامِنِ إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا مُوسِرًا وَإِلَّا كَانَ لَهُ اتِّبَاعُهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَوْتِ الْغَرِيمِ) عَطْفٌ عَلَى مَوْتِ الضَّامِنِ.

(قَوْلُهُ: إنْ تَرَكَهُ) أَيْ إنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ الْحَقَّ.

(قَوْلُهُ: كُلًّا أَوْ بَعْضًا) أَيْ وَيَبْقَى الْبَعْضُ الَّذِي لَمْ يَتْرُكْهُ لِأَجَلِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ مَاتَ الْمَدِينُ) أَيْ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا إلَخْ أَيْ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الضَّامِنُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا لَمْ يُطَالِبْ الْغَرِيمُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ.

(قَوْلُهُ وَلَا يُطَالِبُ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْكَفِيلَ لَا يُطَالِبُ بِالْحَقِّ فِي مَلَاءِ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَحُضُورِهِ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَظْهَرُ وَالْقَوْلُ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّ الطَّالِبَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ طَلَبِ الْغَرِيمِ أَوْ طَلَبِ الضَّامِنِ قَالَ بْن وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ بِفَاسَ وَهُوَ الْأَنْسَبُ يَكُونُ الضَّمَانُ شَغْلَ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ.

(قَوْلُهُ: إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا) أَمَّا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا أَوْ مَاتَ أَوْ حَاضِرًا وَهُوَ مُعْسِرٌ كَانَ الطَّلَبُ عَلَى الضَّامِنِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ مُلِدٍّ) فَإِنْ كَانَ مُلِدًّا تَوَجَّهَ الطَّلَبُ عَلَى الضَّامِنِ وَالتَّقْيِيدُ بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُلِدٍّ وَلَا مُمَاطِلٍ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافًا وَجَعَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَاحِبُ الشَّامِلِ تَقْيِيدًا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ) أَيْ وَهِيَ الْعُسْرُ وَالْيُسْرُ وَالْغَيْبَةُ وَالْحُضُورُ وَالْمَوْتُ وَالْحَيَاةُ فَإِنْ اشْتَرَطَ ضَمَانَهُ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ أَوْ شَرَطَ رَبُّ الْحَقِّ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ كَانَ لَهُ طَلَبُ الضَّامِنِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَهُوَ مَا فِي وَثَائِقِ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ الضَّامِنَ لَا يُطَالِبُ إذَا حَضَرَ الْغَرِيمُ مَلِيًّا مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ غَابَ الْغَرِيمُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ عَلَى حَضَرَ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبْعُدْ إثْبَاتُهُ أَيْ وَلَمْ يَشُقَّ عَلَى الطَّالِبِ إثْبَاتُ مَالِ الْغَائِبِ وَقَوْلُهُ وَالنَّظَرُ فِيهِ الْأَوْلَى وَالِاسْتِيفَاءُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الطَّالِبِ) الْمُرَادُ بِهِ رَبُّ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَلَائِهِ) حَاصِلُهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَتَنَازَعَ رَبُّ الدَّيْنِ وَالضَّامِنُ فَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْمَدِينَ مُعْدَمٌ وَطَالَبَ الضَّامِنَ فَادَّعَى أَنَّ الْمَدِينَ مَلِيءٌ

ص: 337

وَلَا الْمَدِينِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِعَدَمِهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ عَدَمُهُ (وَأَفَادَ شَرْطُ) أَيْ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَقِّ (أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَ) مِنْ الْغَرِيمِ أَوْ الضَّامِنِ بِالْحَقِّ (و) أَفَادَ شَرْطُ (تَقْدِيمِهِ) بِالْأَخْذِ عَلَى الْمَدِينِ (أَوْ) اشْتِرَاطِ الضَّامِنِ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ إلَّا (إنْ مَاتَ) الْغَرِيمُ مُعْدَمًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ وَكَذَا إنْ قَالَ إنْ افْتَقَرَ أَوْ جَحَدَ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَشَبَّهَ فِي إفَادَةِ الشَّرْطِ قَوْلَهُ (كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ أَوْ رَبِّ الدَّيْنِ التَّصْدِيقَ) بِلَا يَمِينٍ (فِي) شَأْنِ (الْإِحْضَارِ) فَشَمَلَ دَعْوَى الضَّامِنِ إحْضَارَ الْمَدِينِ وَدَعْوَى رَبِّ الدَّيْنِ عَدَمَهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلضَّامِنِ (طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ) وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ (بِتَخْلِيصِهِ) مِنْ الضَّمَانِ (عِنْدَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ) أَيْ الدَّيْنِ وَلَوْ بِمَوْتِ الْمَدِينِ أَوْ فَلَسِهِ حَيْثُ كَانَ الْمَضْمُونُ مَلِيئًا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ إمَّا أَنْ تَطْلُبَ حَقَّك مِنْ الْمَدِينِ أَوْ تُسْقِطَ عَنِّي الضَّمَانَ وَكَذَا لَهُ طَلَبُ الْمَضْمُونِ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَوْ سَكَتَ رَبُّ الدَّيْنِ (لَا) طَلَبِهِ (بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الضَّامِنِ لِيُوَصِّلَهُ لِرَبِّهِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ الضَّامِنُ ثُمَّ أَعْدَمَ تَلَوَّمَ كَانَ لِرَبِّ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ الْمَدِينِ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حِينَئِذٍ طَلَبُ الضَّامِنِ لِتَصْدِيقِهِ فِي مَلَاءِ الْمَضْمُونِ وَلَا طَلَبَ لَهُ عَلَى الْمَضْمُونِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِعَدَمِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ رَبُّ الدَّيْنِ بَيِّنَةً بِعَدَمِ الْمَدِينِ فَلَهُ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ أَوْ يَتَجَدَّدَ لِلْمَدِينِ مَالٌ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ لَهُ فِي مَلَائِهِ أَيْ بِلَا يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ عَالِمٌ بِعَدَمِهِ وَإِلَّا حَلَفَ لَهُ الضَّامِنُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الضَّامِنِ فِي مَلَائِهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ إنَّ الْقَوْلَ لِلطَّالِبِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْحَمِيلُ بَيِّنَةً بِمَلَاءِ الْغَرِيمِ قَالَ ح وَالْمَوَّاقُ وَهُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَنَصُّهُ وَإِذَا طَلَبَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْحَمِيلَ بِدَيْنِهِ وَالْغَرِيمُ حَاضِرٌ فَقَالَ لَهُ الْحَمِيلُ شَأْنُك بِغَرِيمِك فَهُوَ مَلِيءٌ بِدَيْنِك وَقَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ الْغَرِيمُ مُعْدَمٌ وَمَا أَجِدُ لَهُ مَالًا فَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَقَالَهُ سَحْنُونٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ إنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ يُسْرُ الْغَرِيمِ وَمَلَاؤُهُ فَيَبْرَأَ وَحَلَفَ لَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ مَعْرِفَةَ يُسْرِهِ عَلَى إنْكَارِ مَعْرِفَتِهِ بِذَلِكَ وَغَرِمَ الْحَمِيلُ وَلَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْحَمِيلِ فَإِنْ رَدَّهَا حَلَفَ الْحَمِيلُ وَبَرِئَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْوَاضِحَةِ لَيْسَ عَلَى الْحَمِيلِ سَبِيلٌ بَلْ يَبْدَأُ بِالْغَرِيمِ اهـ فَبَانَ لَك أَنَّ الرَّاجِحَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ قَالَ ح لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَظْهَرَ فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْحَمِيلِ اهـ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ عَادَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَعْتَمِدُ اسْتِظْهَارَ نَفْسِهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَا الْمَدِينِ) أَيْ مَا لَمْ يَتَجَدَّدْ لَهُ مَالٌ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُثْبِتْ عَدَمَهُ) أَيْ مَا لَمْ يُقِمْ الطَّالِبُ بَيِّنَةً بِعُسْرِ الْغَرِيمِ وَإِلَّا فَلَهُ أَخْذُ حَقِّهِ مِنْ الْحَمِيلِ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ: وَأَفَادَ شَرْطُ أَخْذِ أَيِّهِمَا شَاءَ) ابْنُ رُشْدٍ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْلُومُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ قَالَ أَصْبَغُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَرَّةً إنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لَا يُفِيدُ إلَّا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ كَانَ قَبِيحَ الْمُطَالَبَةِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمِهِ) أَيْ وَأَفَادَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الدَّيْنِ تَقْدِيمَ الْحَمِيلِ بِالْمُطَالَبَةِ عَلَى الْمَضْمُونِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ مَاتَ الْغَرِيمُ مُعْدَمًا) أَيْ وَأَمَّا مَا دَامَ حَيًّا وَلَوْ مُعْدَمًا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَالَ) أَيْ الضَّامِنُ وَقَوْلُهُ إنْ افْتَقَرَ أَوْ جَحَدَ أَيْ الْمَضْمُونُ.

(قَوْلُهُ كَشَرْطِ ذِي الْوَجْهِ) أَيْ أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ إذَا شَرَطَ عَلَى صَاحِبِ الدَّيْنِ أَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي إحْضَارِ الْمَضْمُونِ بِلَا يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ عَدَمَ الْيَمِينِ فِي تَصْدِيقِ دَعْوَاهُ فِي عَدَمِ إحْضَارِ الْمَضْمُونِ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ضَمِنَ عَمْرٌو وَجْهَ زَيْدٍ لِبَكْرٍ ثُمَّ إنَّهُ تَنَازَعَ رَبُّ الدَّيْنِ وَالضَّامِنُ فِي إحْضَارِ الْمَدِينِ فَادَّعَى الضَّامِنُ أَنَّهُ أَحْضَرَهُ وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يُحْضِرْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّيْنِ بِيَمِينٍ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَإِنْ اشْتَرَطَ الضَّامِنُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ إحْضَارَ الْمَدِينِ بِيَمِينٍ أَوْ بِلَا يَمِينٍ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي إحْضَارِهِ عُمِلَ بِالشَّرْطِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَإِنْ شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي عَدَمِ الْإِحْضَارِ بِلَا يَمِينٍ عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ فَخِلَافُ الْأَصْلِ ثَلَاثُ صُوَرٍ اثْنَتَانِ الشَّرْطُ فِيهِمَا مِنْ الضَّامِنِ وَوَاحِدَةٌ الشَّرْطُ فِيهَا مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ: فَشَمَلَ) أَيْ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِتَقْدِيرِ شَأْنِ.

(قَوْلُهُ: عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ إحْضَارِ الْمَدِينِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ) أَيْ إلْزَامُهُ وَقَوْلُهُ عِنْدَ حُلُولِ أَجَلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِطَلَبٍ لَا بِتَخْلِيصٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ عِنْدَ الْأَجَلِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُلَاحَظٍ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَهُ طَلَبُ الْمَضْمُونِ) أَيْ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سَكَتَ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةُ الضَّامِنِ بِهِ بَلْ وَإِنْ سَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ بِهِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ وَلِلْكَفِيلِ إجْبَارُ الْأَصِيلِ عَلَى تَخْلِيصِهِ إذَا طُولِبَ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ فَإِنَّهُ قَدْ تَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن فَإِنْ قُلْت مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُشْكِلٌ إذْ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ مُطَالَبَةُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلضَّامِنِ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرٌ مَلِيٌّ.

قُلْت يُتَصَوَّرُ هَذَا فِيمَا إذَا كَانَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَلَدًا فَإِنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ مُطَالَبَةَ الضَّامِنِ حِينَئِذٍ وَلَوْ كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ شَرَطَ تَقْدِيمَ الضَّامِنِ بِالطَّلَبِ أَوْ كَانَ ضَامِنًا فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ.

(قَوْلُهُ: لَا بِتَسْلِيمِ الْمَالِ إلَيْهِ)

ص: 338

(وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْحَمِيلُ الْمَالَ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ أَوْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِقَبْضِهِ لَهُ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ (إنْ اقْتَضَاهُ) أَيْ قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنَّ طَلَبَهُ مِنْ الْأَصِيلِ فَدَفَعَهُ لَهُ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ بِلَا طَلَبٍ وَقَالَ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ وَمَتَى قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ صَارَ لِرَبِّ الْحَقِّ غَرِيمَانِ الْحَمِيلُ وَالْمَدِينُ يَطْلُبُ أَيَّهمَا شَاءَ (لَا) إنْ (أَرْسَلَ) الضَّامِنَ أَيْ أَرْسَلَهُ الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ (بِهِ) أَيْ بِالدَّيْنِ الْمَضْمُونِ فَضَاعَ مِنْهُ أَوْ تَلِفَ بِغَيْرِ تَفْرِيطِهِ فَلَا يَضْمَنُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ حِينَئِذٍ وَيَضْمَنُهُ الْغَرِيمُ وَعَلَامَةُ الْإِرْسَالِ أَنْ يَدْفَعَهُ لِلْحَمِيلِ ابْتِدَاءً بِلَا طَلَبٍ لَهُ وَلَمْ يَقُلْ الْمَدِينُ صِرْت بَرِيئًا مِنْهُ وَمِثْلُ الْإِرْسَالِ أَوْ هُوَ إرْسَالٌ حُكْمًا مَا إذَا دَفَعَهُ لَهُ عَلَى وَجْهِ الْوَكَالَةِ عَنْهُ فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ (وَلَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الضَّامِنَ (تَأْخِيرُ رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ مَدِينَهُ (الْمُعْسِرِ) وُجُوبُ إنْظَارِهِ فَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ إذْ التَّأْخِيرُ رِفْقٌ بِالضَّامِنِ فَإِنْ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا فَالضَّامِنُ لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ أَنْ يَعْلَمَ وَيَسْكُتَ أَوْ لَا يَعْلَمُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ الدَّائِنُ أَوْ يَعْلَمَ فَيُنْكِرَ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ) تَأْخِيرُ رَبِّهِ الْمَدِينَ (الْمُوسِرَ) يَلْزَمُ الضَّامِنُ (إنْ) عَلِمَ بِالتَّأْخِيرِ و (سَكَتَ) بَعْدَ عِلْمِهِ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ الَّذِي أَنْظَرَ إلَيْهِ وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ فَالضَّمَانُ لَازِمٌ لِلضَّامِنِ (إنْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ الْمَعْطُوفُ عَلَى قَوْلِهِ طَلَبُ الْمُسْتَحِقِّ وَالْمَطْلُوبُ مِنْهُ فِيهِمَا مُخْتَلِفٌ فَفِي الْأَوَّلِ الْمُسْتَحِقُّ وَفِي الثَّانِي الْمَدِينُ وَلَيْسَ قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ عَطْفًا عَلَى بِتَخْلِيصِهِ لِتَعَلُّقِ الطَّلَبِ الْأَوَّلِ بِالْمُسْتَحِقِّ فَلَا يَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِالتَّسْلِيمِ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُ التَّسْلِيمُ الْمَدِينُ.

(قَوْلُهُ: وَضَمِنَهُ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا وَقَعَ أَنَّ الضَّامِنَ تَسَلَّمَ الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَبِّهِ فَضَاعَ مِنْهُ أَوْ تَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَلَوْ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنْهُ لَا إنْ تَسَلَّمَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ بِأَنْ دَفَعَهُ لَهُ الْمَضْمُونُ ابْتِدَاءً وَلَمْ يَشْتَرِطْ بَرَاءَتَهُ مِنْهُ فَتَلِفَ أَوْ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَبْضَ الْحَمِيلِ لِلدَّيْنِ يَنْقَسِمُ إلَى خَمْسَةِ أَقْسَامٍ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوِكَالَةِ عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَوْ يَتَنَازَعَ الْمَدِينُ وَالضَّامِنُ فِي أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ يَمُوتَ الْمَدِينُ أَوْ الضَّامِنُ وَيَعْرَى الْقَبْضُ عَنْ الْقَرَائِنِ الدَّالَّةِ عَلَى الِاقْتِضَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَوْ الْوِكَالَةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ اقْتَضَاهُ يَعْنِي أَوْ تَنَازَعَا فَقَالَ الْمَدِينُ اقْتِضَاءً وَقَالَ الضَّامِنُ رِسَالَةً فَالْقَوْلُ لِلْمَدِينِ وَكَذَا لَوْ مَاتَا أَوْ انْبَهَمَ الْأَمْرُ لِعَدَمِ الْقَرِينَةِ وَقَوْلُهُ لَا أَرْسَلَ بِهِ أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ يَقْبِضَهُ عَلَى وَجْهِ الْوِكَالَةِ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ وَضَمِنَهُ أَيْ لِمَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ وَهُوَ الْغَرِيمُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الضَّامِنُ غَرِيمًا فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ قَوْلِهِ: إنْ اقْتَضَاهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يُغَرِّمَ الْأَصِيلَ وَلَهُ أَنْ يُغَرِّمَ الضَّامِنَ نِيَابَةً عَنْ الْمَدِينِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي شَرْحِ مُشْكِلَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّوْضِيحِ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَانَ لِلْأَصِيلِ الرُّجُوعُ عَلَى الْكَفِيلِ اُنْظُرْ شب.

(قَوْلُهُ: أَوْ دَفَعَهُ) أَيْ الْمَدِينُ لِلطَّالِبِ بِلَا طَلَبٍ مِنْ الضَّامِنِ وَقَالَ الْمَدِينُ لِلضَّامِنِ أَنَا بَرِيءٌ مِنْهُ مِنْ هَذَا الْوَقْتِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْوِكَالَةِ) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِهِ وَكِيلًا عَنْ رَبِّ الْحَقِّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْحَقِّ وَافَقَهُ عَلَى دَعْوَاهُ الْوِكَالَةَ وَأَمَّا إنْ نَازَعَهُ فِيهَا فَسَيَأْتِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْحَمِيلُ ضَامِنًا لِمَا قَبَضَهُ.

(قَوْلُهُ: فَيَبْرَأُ الضَّامِنُ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْغَرِيمِ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى كَوْنِ الضَّامِنِ وَكِيلًا لِرَبِّ الدَّيْنِ فِي الْقَبْضِ أَنَّهُ إذَا قَبَضَ وَتَلِفَ مِنْهُ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَنْ يَبْرَأَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ الْغَرِيمُ لِاحْتِمَالِ تَوَاطُئِهِ مَعَ الضَّامِنِ عَلَى أَخْذِهِمَا الْحَقَّ وَدَعْوَى الضَّيَاعِ نَعَمْ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ عَلَى دَفْعِ الْغَرِيمِ لِلضَّامِنِ الْوَكِيلِ بَرِئَ كُلٌّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْغَرِيمِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ إلَخْ) لَمَّا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِلْكَفِيلِ طَلَبَ الْمُسْتَحِقِّ بِتَخْلِيصِهِ مِنْ الضَّمَانِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَسَكَتَ عَنْ طَلَبِ حَقِّهِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أَخَّرَ الْمُسْتَحِقُّ غَرِيمَهُ أَجَلًا ثَانِيًا بَعْدَ مُضِيِّ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا كَلَامَ لِلضَّامِنِ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لِلْمُسْتَحِقِّ اُطْلُبْ حَقَّك مِنْ الْمَدِينِ أَوْ أَسْقِطْ عَنِّي الضَّمَانَ.

(قَوْلُهُ: إذْ التَّأْخِيرُ رِفْقٌ بِالضَّامِنِ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُطَالِبْهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ مَعَ كَوْنِ الْمَدِينِ مُعْسِرًا بَلْ أَخَّرَ الدَّيْنَ أَجَلًا ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ: أَنْ يَعْلَمَ) أَيْ بِتَأْخِيرِ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْغَرِيمِ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي أَنْظَرَهُ إلَيْهِ) أَيْ الَّذِي أَخَّرَهُ إلَيْهِ الدَّائِنُ ثَانِيًا.

(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِالتَّأْخِيرِ وَسَكَتَ) أَيْ إنْ عَلِمَ الضَّامِنُ بِالتَّأْخِيرِ وَسَكَتَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ بِقَدْرِ مَا يُرَى عُرْفًا أَنَّهُ رَضِيَ بِبَقَائِهِ عَلَى الضَّمَانِ فَلَوْ ادَّعَى أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ سُكُوتَهُ يُسْقِطُ تَكَلُّمَهُ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ ذَلِكَ التَّأْخِيرَ وَأَنْ لَا يَرْضَى بِهِ وَيَقُولُ لَهُ تَأْخِيرٌ لَهُ إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ فَيَجْرِي عَلَى الْوَجْهِ الثَّالِثِ الْآتِي فَإِنْ حَلَفَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ ضَمَانُهُ لَزِمَهُ الضَّمَانُ وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ وَإِنْ نَكَلَ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ لِلْغَرِيمِ وَلَا يَضُرُّهُ إلَّا الْعِلْمُ بِأَنَّ سُكُوتَهُ مُسْقِطٌ لِتَكَلُّمِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالشَّرْطُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِأَنَّ الْأُولَى وَهِيَ تَأْخِيرُ الْمَدِينِ الْمُعْسِرِ لَازِمٌ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَكَتَ الضَّامِنُ أَوْ أَنْكَرَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الْحَمِيلُ بِالتَّأْخِيرِ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي أُنْظِرَ إلَيْهِ) أَيْ ثَانِيًا (قَوْلُهُ وَقَدْ أَعْسَرَ الْغَرِيمُ) مِثْلُهُ فِي عج وَهُوَ خِلَافُ مَا نَقَلَهُ ح عَنْ اللَّخْمِيِّ مِنْ

ص: 339

حَلَفَ) رَبُّ الدَّيْنِ (أَنَّهُ لَمْ يُؤَخِّرْهُ مُسْقِطًا) لِضَمَانِ الضَّامِنِ فَإِنَّ لِكُلٍّ سَقَطَ الضَّمَانُ وَأَشَارَ لِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَنْكَرَ) الضَّامِنُ التَّأْخِيرَ أَيْ لَمْ يَرْضَ بِهِ حِينَ عِلْمِهِ وَقَالَ لِلدَّائِنِ تَأْخِيرُكَ الْمَدِينَ إبْرَاءٌ لِي مِنْ الضَّمَانِ (حَلَفَ) رَبُّ الدَّيْنِ (أَنَّهُ لَمْ يُسْقِطْ) الضَّمَانَ بِتَأْخِيرِهِ (وَلَزِمَهُ) الضَّمَانُ وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ فَيَأْخُذُ الْحَقَّ عَاجِلًا فَإِنْ نَكَلَ رَبُّ الدَّيْنِ سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى تَأْخِيرِ الدَّيْنِ تَكَلَّمَ عَلَى تَأْخِيرِ الْحَمِيلِ بِقَوْلِهِ (وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ) أَيْ غَرِيمُ رَبِّ الدَّيْنِ وَهُوَ الْمَدِينُ (بِتَأْخِيرِهِ) أَيْ بِتَأْخِيرِ الضَّامِنِ مِنْ حَيْثُ أَخَّرَهُ رَبُّ الدَّيْنِ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ إلَى أَجَلٍ آخَرَ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ تَأْخِيرَ الْحَمِيلِ فَقَطْ فَلَهُ حِينَئِذٍ طَلَبُ الْمَدِينِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ إنْظَارُ الْمَدِينِ إلَى مَا أَنْظَرَ إلَيْهِ الْحَمِيلَ وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَتَأَخَّرَ غَرِيمُهُ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَا يُطَالِبُ الضَّامِنَ إنْ حَضَرَ الْغَرِيمُ مُوسِرًا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ وَالْمَدِينُ مُعْسِرٌ فَأَيْسَرَ فِي الْأَجَلِ أَوْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ أَوْ تَقْدِيمَ الْحَمِيلِ ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَعْرِضُ لِلضَّمَانِ مِنْ الْمُبْطِلَاتِ فَقَالَ (وَبَطَلَ) الضَّمَانُ (إنْ فَسَدَ مُحْتَمَلٌ بِهِ) أَصَالَةً كَدَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ عَكْسُهُ لِأَجَلٍ أَوْ عُرُوضًا كَمَا لَوْ بَاعَ ذِمِّيٌّ سِلْعَةً لِذِمِّيٍّ بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَضَمِنَهُ ذِمِّيٌّ فَأَسْلَمَ الضَّامِنُ فَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ حِينَئِذٍ شَيْءٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ الْفَاسِدُ وَلَزِمَ فِيهِ الْقِيمَةُ (أَوْ فَسَدَتْ) الْحَمَالَةُ شَرْعًا بِأَنْ حُرِّمَتْ بَطَلَ الضَّمَانُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِهِ فَأَرَادَ بِفَسَادِهَا الْفَسَادَ الشَّرْعِيَّ وَهُوَ عَدَمُ مُوَافَقَةِ الشَّرْعِ لِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ أَوْ لِحُصُولِ الْمَانِعِ وَبِالْبُطْلَانِ الْفَاسِدَ اللُّغَوِيَّ أَيْ عَدَمَ الِاعْتِدَاءِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ يَلْزَمُهُ اتِّحَادُ الْمُعَلَّقِ وَالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَتَدَبَّرْ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَبِجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ (لِمَدِينِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ ذِمَّةُ الْغَرِيمِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي سَوَاءٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ ثُمَّ أَعْسَرَ الْآنَ أَيْ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ الثَّانِي لَمْ يَكُنْ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الْحَمِيلِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ فَرَّطَ فِي حَقِّهِ حَتَّى تَلِفَ مَالُ الْغَرِيمِ وَلَمْ يَعْلَمْ الْكَفِيلُ حَتَّى يُعَدَّ رَاضِيًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: حَلَفَ) هَذَا شَرْطٌ فِي لُزُومِ الضَّمَانِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الشَّارِحِ لَا فِي لُزُومِ التَّأْخِيرِ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ إذْ لَا يَعْقِلُ عَدَمُ لُزُومِ التَّأْخِيرِ مَعَ أَنَّ الْأَجَلَ الْمُؤَخَّرَ إلَيْهِ قَدْ مَضَى اُنْظُرْ ابْنَ عَاشِرٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ الْحَلِفِ لُزُومُ الضَّمَانِ وَأَمَّا لُزُومُ التَّأْخِيرِ فَلَا فَائِدَةَ لِلِالْتِفَاتِ إلَيْهِ لِكَوْنِ الْأَجَلِ الْمُؤَخَّرِ إلَيْهِ قَدْ مَضَى.

(قَوْلُهُ: وَسَقَطَ التَّأْخِيرُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الضَّامِنِ وَالْمَدِينِ وَحِينَئِذٍ يَبْقَى الدَّيْنُ حَالًّا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَدِينِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُوسِرٌ فَإِنْ كَانَ مُلِدًّا أَوْ غَابَ أُخِذَ مِنْ الضَّامِنِ كَمَا فِي عِبَارَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ غَازِيٍّ وح وَغَيْرِهِمْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَل رَبُّ الدَّيْن سَقَطَ الضَّمَانُ وَلَزِمَ التَّأْخِيرُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَالذَّخِيرَةِ وَفِي التَّوْضِيحِ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَتَعَقَّبَ طفى بِأَنَّهُ سَبْقُ قَلَمٍ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا حَلَفَ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ عَنْ الْمَضْمُونِ وَيَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَيُؤْخَذُ الدَّيْنُ حَالًّا وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَ التَّأْخِيرُ وَيَسْقُطُ الضَّمَانُ خِلَافًا لِمَا فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَ بِلُزُومِ التَّأْخِيرِ وَبَقَاءِ الْكَفَالَةِ وَخِلَافًا لِمَا فِي تت مِنْ أَنَّ حَالَةَ النُّكُولِ كَحَالَةِ الْحَلِفِ فَيَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَيَغْرَمُ الدَّيْنَ حَالًّا

(قَوْلُهُ فَلَهُ حِينَئِذٍ طَلَبُ الْمَدِينِ) أَيْ لِأَنَّ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَضْعَ الْحَمَالَةِ مِنْ أَصْلِهَا عَنْ الضَّامِنِ وَيُطَالِبُ الْغَرِيمَ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَتَأَخَّرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْغَرِيمَ إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهُ الضَّامِنَ بَلْ تَأْخِيرُهُ أَمْرٌ وَاجِبٌ فَلَا يَتَأَتَّى تَأْخِيرُهُ الضَّامِنَ إلَّا إذَا كَانَ مُوسِرًا وَهُوَ إذَا كَانَ مُوسِرًا فَلَا مُطَالَبَةَ لِرَبِّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ حَتَّى أَنَّهُ يُؤَخِّرُهُ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ أَخَّرَهُ) أَيْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ يُحْمَلُ مَا إذَا أَخَّرَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَأَيْسَرَ أَيْ ذَلِكَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِحَمْلِ الْكَلَامِ عَلَى مَا إذَا شَرَطَ رَبُّ الدَّيْنِ أَخْذَ أَيِّهِمَا شَاءَ بِحَقِّهِ أَوْ شَرَطَ ضَمَانَ الضَّامِنِ فِي الْحَالَاتِ السِّتِّ.

(قَوْلُهُ: إنْ فَسَدَ مُتَحَمِّلٌ بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ بِهِ فَاسِدًا كَمَا لَوْ كَانَ رِبًا كَمَا لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ ادْفَعْ لِهَذَا دِينَارًا فِي دِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ أَوْ ادْفَعْ لَهُ دَرَاهِمَ فِي دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَأَنَا حَمِيلٌ بِذَلِكَ فَالْحَمَالَةُ بَاطِلَةٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ مُطْلَقًا وَلَوْ مَاتَ الْمَدِينُ مُعْدَمًا وَقِيلَ لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ لَكِنْ يَضْمَنُ رَأْسَ الْمَالِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ كَدَرَاهِمَ) أَيْ وَكَبَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ مَعْلُومٍ وَكَانَ الْبَيْعُ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ وَضَمِنَ ذَلِكَ الثَّمَنَ إنْسَانٌ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ وَلَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْقِيمَةُ فَلَا يَكُونُ ضَامِنًا لِتِلْكَ الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ عُرُوضًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَصَالَةً وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُتَحَمِّلَ بِهِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فَسَادُهُ أَصْلِيًّا أَوْ عَارِضًا.

(قَوْلُهُ فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ فَسَدَتْ عَطْفٌ عَلَى إنْ فَسَدَ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى بَطَلَ الضَّمَانُ إنْ فَسَدَتْ الْحَمَالَةُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْفَسَادَ هُوَ الْبُطْلَانُ وَالضَّمَانُ هُوَ الْحَمَالَةُ فَيَلْزَمُ اتِّحَادُ الشَّرْطِ وَالْجَزَاءِ وَهُوَ تَهَافُتٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُطْلَانِ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ وَهُوَ عَدَمُ الِاعْتِدَادِ بِالشَّيْءِ وَالْمُرَادُ بِالْفَسَادِ الْفَسَادُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ عَدَمُ اسْتِيفَاءِ الشُّرُوطِ فَيَنْحَلُّ الْمَعْنَى إلَى قَوْلِنَا إذَا كَانَتْ الْحَمَالَةُ فَاسِدَةً شَرْعًا غَيْرَ مُسْتَوْفِيَةٍ لِلشُّرُوطِ كَانَتْ غَيْرَ مُعْتَدٍ بِهَا كَمَا إذَا كَانَتْ بِجُعْلٍ فَهِيَ فَاسِدَةٌ لِأَنَّ شَرْطَ الْحَمَالَةِ أَنْ تَكُونَ لِلَّهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَدُّ بِهَا

ص: 340

بِأَنْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ الْمَدِينِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا لِلضَّامِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ رَجَعَ بِمِثْلِ مَا غَرِمَ مَعَ زِيَادَةِ مَا أَخَذَهُ أَمَّا بِجُعْلٍ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِمَدِينِهِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ فَجَائِزٌ كَمَا لَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ بَعْضَ الْحَقِّ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ لَكِنَّ شَرْطَ الْجَوَازِ حُلُولُ الدَّيْنِ وَإِلَّا امْتَنَعَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لِلْمَدِينِ عَلَى أَنْ يَأْتِيَ بِضَامِنٍ فَجَائِزٌ مُطْلَقًا وَبَالَغَ عَلَى بُطْلَانِ الضَّمَانِ بِجُعْلٍ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ضَمَانَ مَضْمُونِهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ الْوَاصِلُ لِلضَّامِنِ ضَمَانَ مَضْمُونِ الضَّامِنِ وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ دَيْنًا مِنْ رَجُلٍ أَوْ رَجُلَيْنِ وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا صَاحِبَهُ فِيمَا عَلَيْهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَيُمْنَعُ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ بِالشَّرْطِ لَا عَلَى سَبِيلِ الِاتِّفَاق إذْ لَا تَلَوُّمَ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْمَنْعِ قَوْلَهُ (إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) مُعَيَّنٍ (بَيْنَهُمَا) شَرِكَةً وَيَضْمَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ (أَوْ) فِي (بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ أَسْلَمَهُمَا شَخْصٌ فِي شَيْءٍ وَتَضَامَنَا فِيهِ (كَقَرْضِهِمَا) أَيْ اقْتِرَاضِهِمَا نَقْدًا أَوْ عَرَضًا بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنٌ لِصَاحِبِهِ فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَصَحِّ) لِعَمَلِ السَّلَفِ بِشَرْطِ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ صَاحِبَهُ فِي قَدْرِ مَا ضَمِنَهُ الْآخَرُ فِيهِ وَإِلَّا مُنِعَ

(وَإِنْ تَعَدَّدَ حُمَلَاءُ) غَيْرُ غُرَمَاءَ (اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ) مِنْ الدَّيْنِ بِقِسْمَتِهِ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا يُؤْخَذُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهَذَا إذَا تَحَمَّلُوهُ دُفْعَةً بِأَنْ يَقُولَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيْنَا وَيُوَافِقُهُ الْبَاقِي أَوْ يُقَالُ لَهُمْ أَتَضْمَنُونَ فُلَانًا فَيَقُولُونَ نَعَمْ أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً وَأَمَّا لَوْ قَالَ وَاحِدٌ أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ ضَمَانُهُ عَلَيَّ فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ كَمَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ الْجُعْلُ وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ عَلِمَ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْحَمَالَةُ وَرُدَّ الْجُعْلُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا غَرِمَ) أَيْ لِأَنَّ الضَّامِنَ إذَا غَرِمَ الْحَقَّ لِلطَّالِبِ رَجَعَ عَلَى الْمَدِينِ بِمِثْلِ مَا غَرِمَ مَعَ زِيَادَةِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجُعْلِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ لَمْ يَغْرَمْ بِأَنْ أَدَّى الْغَرِيمُ كَانَ أَخْذُهُ الْجُعْلَ بَاطِلًا.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْجُعْلَ إذَا كَانَ لِلْحَمِيلِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا وَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ فَتَارَةً تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ، وَتَارَةً تَثْبُتُ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ، وَالثَّالِثُ يَخْتَلِفُ فِيهِ الْبَيْعُ وَالْحَمَالَةُ جَمِيعًا فَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْبَائِعِ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً لِأَنَّهَا بِعِوَضٍ وَلَمْ يَصِحَّ وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا غَرَضَ لَهُ فِيمَا فَعَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْجَهْلِ وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَالْبَائِعُ غَيْرُ عَالِمٍ بِهِ فَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ كَالْبَيْعِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ يُرِيدُ وَيَكُونُ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ فِي سِلْعَتِهِ وَقَالَ مُحَمَّدٌ الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ وَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ اهـ قَالَهُ ابْنُ عَاصِمٍ وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ اُنْظُرْ ح.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا امْتَنَعَ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ شِبْهِ ضَعْةُ وَتُعَجَّلْ لِأَنَّ الْجُعْلَ لِلْمَدِينِ بِمَنْزِلَةِ الْوَضْعِ عَنْهُ وَضَمَانُهُ بِمَنْزِلَةِ تَعْجِيلِ الْحَقِّ أَوْ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ كَأَنْ يَتَدَايَنَ رَجُلَانِ إلَخْ) وَكَذَا إذَا ضَمِنَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ دَيْنًا لِصَاحِبِهِ عَلَى آخَرَ أَوْ ضَمِنَ أَحَدُ رَجُلَيْنِ الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ وَضَمِنَ ذَلِكَ الْمَضْمُونُ دَيْنًا لِلضَّامِنِ عَلَى آخَرَ فَالْمَصْدَرُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَهُوَ يَصْدُقُ بِالصُّوَرِ الثَّلَاثِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنْ يَضْمَنَ كُلٌّ مِنْ الرَّجُلَيْنِ مَضْمُونَهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ فِي دَيْنٍ لَهُ أَوْ يَضْمَنَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ عَلَى أَنْ يَضْمَنَ لَهُ دَيْنًا عَلَى آخَرَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي اشْتِرَاءِ شَيْءٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ضَمَانُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي اشْتِرَاءِ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: مُعَيَّنٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَإِلَّا كَانَ شَرِكَةَ ذِمَمٍ وَهِيَ مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ شَرِكَتُهُمَا لِلتَّجْرِ بِلَا مَالٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَا فِي ذِمَّتِهِمَا أَيَّ شَيْءٍ كَانَ وَكُلُّ حَمِيلٍ بِالْآخَرِ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: شَرِكَةٌ) أَمَّا لَوْ اشْتَرَيَاهُ عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا الثُّلُثَ وَلِلْآخَرِ الثُّلُثَيْنِ مَثَلًا وَضَمِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَذَلِكَ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ إذَا أَتَى لِأَحَدِهِمَا وَأَخَذَ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ وَمَا عَلَى صَاحِبِهِ لِكَوْنِهِ حَمِيلًا عَنْهُ يَكُونُ مُسَلِّفًا لِصَاحِبِهِ وَقَدْ انْتَفَعَ بِضَمَانِ صَاحِبِهِ لَهُ الَّذِي أَدَّى هُوَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِيمَا إذَا اشْتَرَيَا السِّلْعَةَ بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمَا لِأَنَّا نَقُولُ وَإِنْ وُجِدَ التَّعْلِيلُ لَكِنَّهُمْ حَكَمُوا بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِعَمَلِ السَّلَفِ وَعَمَلُهُمْ إنَّمَا كَانَ عِنْدَ التَّسَاوِي (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَسْلَمَهُمَا) الْكَافُ لِلتَّنْظِيرِ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا وَحِينَئِذٍ فَالضَّمَانُ فِي الْمُعَيَّنِ قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَبِجَعْلِ الْكَافِ لِلتَّنْظِيرِ لَا لِلتَّمْثِيلِ انْدَفَعَ مَا يُقَالُ السَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنَاتِ لَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْمُسَلَّمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ وَالذِّمَّةُ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ دُونَ مَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَابْنُ الْعَطَّارِ خِلَافًا لِابْنِ الْفَخَّارِ الْقَائِلِ بِمَنْعِ ضَمَانِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي الْقَرْضِ وَرَآهُ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ لَا يَرَاهُ حَرَامًا وَإِنْ كَانَ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً نَظَرًا لِعَمَلِ السَّلَفِ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ لِأَنَّهُ خِلَافُ عَمَلِ السَّلَفِ وَفِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا

. (قَوْلُهُ: غَيْرُ غُرَمَاءَ) أَمَّا لَوْ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ الْغُرَمَاءُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى جَمَاعَةٌ سِلْعَةً شَرِكَةً بَيْنَهُمْ وَضَمِنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ أَصْحَابَهُ فَإِنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يَتْبَعُ كُلَّ مَنْ وَجَدَهُ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ.

(قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ كُلٌّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ غَيْبَةِ الْمَدِينِ أَوْ مَوْتِهِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ لَدَدِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ يَنْطِقُ الْجَمِيعُ دُفْعَةً وَاحِدَةً) أَيْ بِقَوْلِهِمْ نَضْمَنُهُ.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُسْتَقِلٌّ) أَيْ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَقَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي أَيْ فِي قَوْلِهِ

ص: 341

(إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ) رَبُّ الدَّيْنِ فِي عَقْدِ الْحَمَالَةِ (حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ) فَيُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ فِي عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الْجَمِيعَ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ حَمَالَةَ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ رَجَعَ عَلَى كُلٍّ بِجَمِيعِ الْحَقِّ قَوْلُهُ (كَتَرَتُّبِهِمْ) فِي الْحَمَالَةِ أَيْ ضَمِنَ كَفِيلٌ بَعْدَ كَفِيلٍ وَلَوْ بِلَحْظَةٍ فَلَهُ أَخْذُ جَمِيعِ حَقِّهِ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَسَوَاءٌ شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَمْ لَا عَلِمَ أَحَدُهُمْ بِحَالَةِ الْآخَرِ أَمْ لَا (وَرَجَعَ) الْغَارِمُ (الْمُؤَدِّي) اسْمُ فَاعِلٍ (بِغَيْرِ الْمُؤَدَّى) اسْمُ مَفْعُولٍ (عَنْ نَفْسِهِ) أَيْ رَجَعَ مَنْ أَدَّى الدَّيْنَ لِرَبِّهِ عَلَى الضَّامِنِ الْآخَرِ بِغَيْرِ الْقَدْرِ الَّذِي أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ وَأَبْدَلَ مِنْ قَوْلِهِ بِغَيْرِ إلَخْ قَوْلَهُ (بِكُلِّ مَا عَلَى الْمَلْقِيِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الثَّلَاثِي أَصْلُهُ مَلْقُويٌ (ثُمَّ سَاوَاهُ) فِيمَا غَرِمَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ أَوْ حُمَلَاءَ فَقَطْ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَسَوَاءٌ فِي الْقِسْمَيْنِ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَوْ لَا مِثَالُ ذَلِكَ مَا إذَا اشْتَرَى ثَلَاثَةُ أَنْفَارٍ مَثَلًا سِلْعَةً بِثَلَثِمِائَةٍ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ وَكُلُّ حَمِيلٍ عَنْ بَعْضٍ فَإِذَا لَقِيَ الْبَائِعُ أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَيْنِ عَنْ صَاحِبِيهِ فَإِذَا وَجَدَ الْغَارِمُ أَحَدَهُمَا أَخَذَهُ بِمِائَةٍ عَنْ نَفْسِهِ وَبِخَمْسِينَ نِصْفِ مَا عَلَى الثَّالِثِ ثُمَّ كُلُّ مَنْ وَجَدَ الثَّالِثَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَتَرَتُّبِهِمْ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ أَيْ اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ فِي الْأَحْوَالِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ إلَخْ وَلَا وَجْهَ لِقَوْلِ عبق أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ.

(قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ لَا عَنْ مَلِيءٍ وَيُؤْخَذُ الْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ لَا عَنْ حَاضِرٍ مِثْلِهِ وَيُؤْخَذُ الْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ الْجَمِيعَ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا إلَخْ) وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا تَعَدَّدُوا وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ لَكِنْ قَالَ أَيُّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا وَهِيَ مَا إذَا تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ مِنْ غَيْرِ تَرْتِيبٍ ذَاتُ أَطْرَافٍ أَرْبَعَةٍ تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَا أَخَذَ أَيَّهمْ شَاءَ بِحَقِّهِ فَلَا يُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ إلَّا بِحِصَّتِهِ، تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَيُؤْخَذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ إنْ غَابَ الْبَاقِي أَوْ أُعْدِمَ، تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ: أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَلِلْغَارِمِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ الرُّجُوعُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْغَرِيمِ، تَعَدَّدَ الْحُمَلَاءُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَكِنْ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَخَذَ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا وَلَيْسَ لِلْغَارِمِ الرُّجُوعُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ بَلْ عَلَى الْغَرِيمِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ شَبَّهَ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ تَشْبِيهًا غَيْرَ تَامٍّ لِأَنَّهُ عِنْدَ اشْتِرَاطِ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَاقِي أَوْ غَيْبَتِهِ وَعِنْدَ تَرَتُّبِهِمْ فِي الْحَمَالَةِ يُؤْخَذُ كُلُّ وَاحِدٍ بِجَمِيعِ الْحَقِّ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ حَاضِرًا مَلِيئًا.

(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْحُمَلَاءَ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ الْآتِيَيْنِ وَغَرِمَ أَحَدُهُمْ الْحَقَّ لِرَبِّ الْمَالِ فَإِنَّ الْمُؤَدَّى يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَاقَاهُ مِنْ الْحُمَلَاءِ بِمَا عَلَيْهِ خَاصَّةً وَلَا يَأْخُذُ مِنْهُ مَا أَدَّاهُ عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يُسَاوِيهِ فِي غُرْمِ مَا دَفَعَهُ عَنْ غَيْرِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَأَبْدَلَ إلَخْ) أَيْ بَدَلَ بَعْضٍ مِنْ كُلٍّ وَلَا يَحْتَاجُ لِرَابِطٍ إذَا كَانَ جَارًّا وَمَجْرُورًا كَمَا هُنَا أَوْ كَانَ فِعْلًا كَمَا فِي إنْ تُصَلِّ تَسْجُدْ لِلَّهِ يَرْحَمْك.

(قَوْلُهُ: اسْمُ مَفْعُولٍ مِنْ الثُّلَاثِيِّ) وَحِينَئِذٍ فَهُوَ بِزِنَةِ مَفْعُولٍ لِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ: وَفِي اسْمِ مَفْعُولِ الثَّلَاثِي اطَّرَدَ زِنَةُ مَفْعُولٍ كَآتٍ مِنْ قَصَدَ.

(قَوْلُهُ: مَلْقُويٌ) أَيْ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَسُبِقَتْ إحْدَاهُمَا بِالسُّكُونِ قُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ الضَّمَّةُ كَسْرَةً لِتَسْلَمَ الْيَاءُ.

(قَوْلُهُ: وَذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ التَّرَاجُعَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَخْ إنَّمَا يَجْرِي فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْحُمَلَاءُ غُرَمَاءَ أَوْ كَانُوا غَيْرَ غُرَمَاءَ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ سَوَاءٌ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا وَلَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ تَرَتُّبِهِمْ وَلَا فِيمَا إذَا تَعَدَّدُوا مِنْ غَيْرِ تَرَتُّبٍ وَلَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ وَلَوْ قَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي لِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْتِيبِ إنَّمَا يَرْجِعُ الْمُؤَدَّى عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْحُمَلَاءِ وَكَذَا فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَعْضُهُمْ حَمِيلًا عَنْ بَعْضٍ وَقَالَ مَعَ ذَلِكَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي فَكُلُّ مَنْ غَرِمَ الْجَمِيعَ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِهِ الْحُمَلَاءِ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ فَإِنَّمَا يَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَخُصُّهُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ حُمَلَاءَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ مِثَالُ ذَلِكَ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِمَا إذَا كَانُوا حُمَلَاءَ غُرَمَاءَ وَمِثَالُ مَا لَوْ كَانُوا حُمَلَاءَ غَيْرَ غُرَمَاءَ مَا لَوْ اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِثَلَثِمِائَةٍ وَضَمِنَهُ كُلٌّ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَشَرَطَ الْبَائِعُ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ سَوَاءٌ قَالَ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَوْ لَا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَوَجَدَ وَاحِدًا أَخَذَ مِنْهُ الثَّلَثَمِائَةِ وَإِذَا وَجَدَ الْغَارِمُ وَاحِدًا مِنْ صَاحِبَيْهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ رَجَعَ عَلَيْهِ بِخَمْسِينَ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَكُلٌّ حَمِيلٌ عَنْ بَعْضٍ) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ رَبُّ الْمَالِ وَقْتَ

ص: 342

أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَمِثَالُ ذَلِكَ أَيْضًا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي أَفْرَدَهَا بَعْضُ النَّاسِ بِالتَّأْلِيفِ وَقَدْ أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ مُفَرِّعًا لَهَا بِالْفَاءِ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ)(اشْتَرَى سِتَّةٌ) سِلْعَةً مَثَلًا (بِسِتِّمِائَةٍ) مِنْ رَجُلٍ (بِالْحَمَالَةِ) أَيْ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَيْهِ مِائَةٌ عَنْ نَفْسِهِ أَصَالَةً وَالْبَاقِي حَمَالَةً (فَلَقِيَ) الْبَائِعُ (أَحَدَهُمْ أَخَذَ مِنْهُ الْجَمِيعَ) السِّتَّمِائَةِ (ثُمَّ إنْ لَقِيَ) الْمُؤَدِّي (أَحَدَهُمْ) أَيْ أَحَدَ الْخَمْسَةِ الْبَاقِينَ (أَخَذَهُ بِمِائَةٍ) أَصَالَةً (ثُمَّ) يَقُولُ لَهُ غَرِمْت عَنْ نَفْسِي مِائَةً لَا رُجُوعَ لِي بِهَا عَلَى أَحَدٍ وَخَمْسَمِائَةٍ عَنْك وَعَنْ أَصْحَابِك فَالْمِائَةُ الَّتِي عَلَيْك قَدْ وَصَلَتْ لِي يَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ فَسَاوِنِي فِيهَا فَيَأْخُذُهُ (بِمِائَتَيْنِ) حَمَالَةً فَكُلٌّ مِنْهُمَا غَرِمَ ثَلَثَمِائَةٍ مِائَةً عَنْ نَفْسِهِ وَمِائَتَيْنِ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ (فَإِنْ لَقِيَ أَحَدُهُمَا) ثَالِثًا مِنْ الْأَرْبَعَةِ (أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ) أَصَالَةً؛ لِأَنَّهُ غَرِمَ عَنْهُمْ مِائَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ خَمْسُونَ أَصَالَةً يَبْقَى مِائَةٌ وَخَمْسُونَ أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ يُسَاوِيهِ فِيهَا (و) يَأْخُذُهُ (بِخَمْسَةٍ وَسَبْعِينَ) فَقَدْ غَرِمَ هَذَا الثَّالِثُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ (فَإِنْ لَقِيَ الثَّالِثُ) الْغَارِمُ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ (رَابِعًا) مِنْهُمْ (أَخَذَهُ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ) أَصَالَةً يَبْقَى لِلثَّالِثِ خَمْسُونَ فَيُسَاوِيهِ فِيهَا الرَّابِعُ (و) يَأْخُذُهُ (بِمِثْلِهَا) خَمْسَةً وَعِشْرِينَ (ثُمَّ) إنْ لَقِيَ هَذَا الرَّابِعُ خَامِسًا أَخَذَهُ (بِاثْنَيْ عَشْرَ وَنِصْفٍ) أَصَالَةً؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ دَفَعْت خَمْسِينَ نِصْفُهَا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ عَنْك وَعَنْ صَاحِبِك فَيُسَاوِيهِ فِيهَا (و) يَأْخُذُهُ (بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ) فَإِذَا لَقِيَ الْخَامِسُ السَّادِسَ أَخَذَهُ بِسِتَّةٍ وَرُبُعٍ؛ لِأَنَّهُ أَدَّاهَا عَنْهُ وَحْدَهُ وَسَكَتَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ لِوُضُوحِهِ وَلَهُمْ فِي التَّرَاجُعِ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا لِيَسْتَوْفِيَ كُلَّ حَقِّهِ عَمَلٌ يَطُولُ يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ

وَلَمَّا ذَكَرَ تَرَاجُعَ الْحُمَلَاءِ الْغُرَمَاءِ ذَكَرَ تَرَاجُعَ الْحُمَلَاءِ فَقَطْ إذَا شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ فَقَالَ (وَهَلْ لَا يَرْجِعُ) الْحَمِيلُ (بِمَا يَخُصُّهُ أَيْضًا) أَيْ كَعَدَمِ رُجُوعِهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِيمَا سَبَقَ فِي الْحُمَلَاءِ الْغُرَمَاءِ (إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ) وَهُمْ حُمَلَاءُ فَقَطْ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ (أَوَّلًا) بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَعَ التَّنْوِينِ أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ أَصَالَةً وَعَلَيْهِمْ بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ وَإِنَّمَا ضُبِطَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُضْبَطْ بِسُكُونِ الْوَاوِ مَعَ لَا النَّافِيَةِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مَطْوِيٌّ تَقْدِيرُهُ أَوْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا غَرِمَهُ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ إذَا كَانَ الْحَقُّ عَلَى غَيْرِهِمْ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ بِإِسْقَاطِ لَا النَّافِيَةِ وَأَيْضًا وَيَكُونُ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ أَوْ لَا بِسُكُونِ الْوَاوِ أَيْ أَوْ لَا يَرْجِعُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الْأَصْوَبُ (تَأْوِيلَانِ) فَلَوْ تَحَمَّلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ شَخْصٍ بِثَلَثِمِائَةٍ وَاشْتَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَلَقِيَ رَبُّ الدَّيْنِ أَحَدَهُمْ فَغَرِمَ لَهُ جَمِيعَهَا ثُمَّ لَقِيَ الْغَارِمُ آخَرَ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقَاسِمُهُ فِي مِائَتَيْنِ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَى الثَّالِثِ بِمِائَةٍ كَذَا قِيلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَقْدِ الْحَمَالَةِ أَيَّكُمْ شِئْت أَخَذْت بِحَقِّي أَمْ لَا (قَوْلُهُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى قَوْلِهِ وَرَجَعَ الْمُؤَدِّي إلَخْ.

(قَوْلُهُ: يَبْقَى أَرْبَعُمِائَةٍ) أَيْ دَفَعْتهَا عَنْ أَصْحَابِنَا وَقَوْلُهُ فَسَاوِنِي فِيهَا أَيْ لِأَنَّك شَرِيكِي فِيهَا بِالْحَمَالَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَرِمَ عَنْهُمْ) أَيْ عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِينَ.

(قَوْلُهُ: أَدَّاهَا بِالْحَمَالَةِ) أَيْ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ وَقَوْلُهُ يُسَاوِيهِ فِيهَا أَيْ لِأَنَّهُ شَرِيكُهُ فِيهَا بِالْحَمَالَةِ.

(قَوْلُهُ: فَقَدْ غَرِمَ هَذَا الثَّالِثُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ) خَمْسُونَ مِنْهَا أَصَالَةً وَخَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ حَمَالَةً.

(قَوْلُهُ: يَبْقَى لِلثَّالِثِ خَمْسُونَ) أَيْ حَمَالَةً عَنْ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ.

(قَوْلُهُ: خَمْسَةً وَعِشْرِينَ) أَيْ فَيَكُونُ هَذَا الرَّابِعُ قَدْ دَفَعَ خَمْسِينَ نِصْفَهَا أَصَالَةً وَنِصْفَهَا حَمَالَةً.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إذَا لَقِيَ هَذَا الرَّابِعُ خَامِسًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّابِعَ يَقُولُ لِلْخَامِسِ أَنَا دَفَعْت خَمْسِينَ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ عَنْ نَفْسِي أَصَالَةً فَلَا رُجُوعَ لِي بِهَا وَدَفَعْت عَنْك وَعَنْ صَاحِبِك خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَخُصُّك نِصْفُهَا أَصَالَةً اثْنَا عَشْرَ وَنِصْفٌ وَيَخُصُّ صَاحِبَك اثْنَا عَشْرَ وَنِصْفٌ أَنْتَ شَرِيكِي فِيهَا بِالْحَمَالَةِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ نِصْفَهَا سِتَّةً وَرُبُعًا فَيَكُونُ مَجْمُوعُ مَا دَفَعَهُ الْخَامِسُ لِلرَّابِعِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَثَلَاثَةَ أَرْبَاعٍ.

(قَوْلُهُ: يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ) أَيْ وَلَمْ يُتَّفَقْ تَتْمِيمُ الْعَمَلِ فِي دَرْسٍ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ وَلَا مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ

. (قَوْلُهُ: وَهَلْ لَا يَرْجِعُ الْحَمِيلُ) أَيْ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ بِمَا يَخُصُّهُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيُقَاسِمُهُ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) أَيْ بَعْضُهُمْ حَمِيلٌ بِبَعْضٍ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ) وَعَزَاهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ لِأَكْثَرِ مَشَايِخِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: الَّذِي عَلَيْهِ الْأَقَلُّ) كَابْنِ لُبَابَةَ وَالتُّونُسِيِّ وَنَحْوِهِمَا (قَوْلُهُ أَوْ يَرْجِعُ) أَيْ الْغَارِمُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ.

(قَوْلُهُ: بِنِصْفِ مَا غَرِمَهُ) أَيْ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا غَرِمَهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ غَرِمَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ.

(قَوْلُهُ: وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهَلْ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّهُ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَرْجِعُ الْحَمِيلُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمَا يَخُصُّهُ بِحَيْثُ يُقَاسِمُهُ فِي جَمِيعِ مَا غَرِمَهُ عَنْ نَفْسِهِ وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَقَوْلُهُ أَوَّلًا أَيْ أَوَّلًا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمَا يَخُصُّهُ بَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ عَنْ أَصْحَابِهِ فَيُقَاسِمُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ هِيَ الْأَصْوَبُ) أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى فَغَيْرُ صَوَابٍ إذَا قُرِئَ أَوَّلًا بِسُكُونِ الْوَاوِ مَعَ لَا النَّافِيَةِ وَجَعَلَ هَذَا هُوَ التَّأْوِيلَ الثَّانِي وَجَعَلَ قَوْلَهُ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ رَاجِعًا لَهُ وَأَمَّا إذَا قُرِئَ بِتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَعَ التَّنْوِينِ وَجَعَلَ التَّأْوِيلَ الثَّانِيَ مَطْوِيًّا بَعْدَ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ كَانَتْ صَوَابًا أَيْضًا وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ هَذِهِ النُّسْخَةُ أَوْلَى أَيْ لِعَدَمِ احْتِمَالِهَا خِلَافَ الْمُرَادِ بِخِلَافِ الْأُولَى كَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: يُقَاسِمُهُ فِي مِائَتَيْنِ) أَيْ فَالْمِائَةُ الَّتِي تَخُصُّهُ لَا يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ يُقَاسِمُهُ فِي الْمِائَتَيْنِ اللَّتَيْنِ دَفَعَهُمَا عَنْ أَصْحَابِهِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَقَوْلُهُ ثُمَّ يَرْجِعُ أَيْ ذَلِكَ الْغَارِمُ.

(قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ

ص: 343

وَالصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً هِيَ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ يُقَاسِمُهُ فِي الْأُخْرَى فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسِينَ أَيْضًا فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ أَخَذَهُ بِخَمْسِينَ وَعَلَى قَوْلٍ الْأَقَلُّ يُقَاسِمُهُ فِي الثَّلَثِمِائَةِ عَلَى كُلٍّ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ لَهُ أَنَا أَدَّيْت ثَلَثَمِائَةٍ أَنْتَ حَمِيلٌ مَعِي بِهَا فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ فَإِذَا لَقِيَ أَحَدُهُمَا الثَّالِثَ قَاسَمَهُ فَمَا دَفَعَهُ وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَرَجَعَ الْأَمْرُ فِي الْمَبْدَأِ إلَى تَوَافُقِ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا ذَكَرْنَا وَتَظْهَرُ أَيْضًا فَائِدَةُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا غَرِمَ الْأَوَّلُ مِائَةً فَأَقَلَّ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا عِنْدَهُ فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِشَيْءٍ إذْ لَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا يَخُصُّهُ وَعَلَى قَوْلِ الْأَقَلِّ يُقَاسِمُهُ فِيمَا غَرِمَ وَلَوْ غَرِمَ الْأَوَّلُ مِائَةً وَعِشْرِينَ لِعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهَا فَعَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ يَأْخُذُ مِنْ الْمَلْقِيّ عَشْرَةً وَعَلَى مُقَابِلِهِ يَأْخُذُ سِتِّينَ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى ضَمَانِ الْمَالِ شَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ الْوَجْهِ فَقَالَ (وَصَحَّ) أَيْ الضَّمَانُ (بِالْوَجْهِ) أَيْ الذَّاتِ أَيْ بِإِحْضَارِهَا لِرَبِّ الدَّيْنِ عِنْدَ الْحَاجَةِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى الْمَضْمُونِ دَيْنٌ لَا فِي نَحْوِ قِصَاصٍ (وَلِلزَّوْجِ رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ ضَمَانِ الْوَجْهِ إذَا صَدَرَ (مِنْ زَوْجَتِهِ) وَلَوْ كَانَ دَيْنُ مَنْ ضَمِنَتْهُ لَا يَبْلُغُ ثُلُثَهَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ أَوْ تَخْرُجُ لِلْخُصُومَةِ وَفِي ذَلِكَ مَعَرَّةٌ وَعَدَمُ تَمَكُّنٍ مِنْهَا وَمِثْلُ ضَمَانِ الْوَجْهِ ضَمَانُهَا الطَّلَبَ وَهَذَا إذَا كَانَ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ (وَبَرِئَ) الضَّامِنُ (بِتَسْلِيمِهِ لَهُ) أَيْ بِتَسْلِيمِهِ الْمَضْمُونَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ فِي مَكَان يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْهُ (وَإِنْ بِسِجْنٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ إلَخْ) أَيْ وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْغَارِمَ إذَا لَقِيَ آخَرَ يَأْخُذُ مِنْهُ الْمِائَةَ الَّتِي هِيَ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ ثُمَّ يُقَاسِمُهُ فِي الْمِائَةِ الْأُخْرَى الْمَدْفُوعَةِ عَنْ صَاحِبِهِمَا.

(قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ) أَيْ وَإِذَا لَقِيَهُ الْآخَرُ طَالَبَهُ أَيْضًا بِذَلِكَ فَيَقُولُ لَهُ أَدَّيْت لِصَاحِبِنَا الْمَلْقِيّ قَبْلَك خَمْسَةً وَسَبْعِينَ سَاوَيْتُك فِيهَا يَبْقَى لَك زَائِدًا عَلَى مَا دَفَعْنَاهُ مِثْلُهَا خُذْ نِصْفَهُ وَهُوَ سَبْعَةٌ وَثَلَاثُونَ وَنِصْفٌ ثُمَّ يَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الثَّالِثِ وَمَنْ لَقِيَهُ آخِرًا عَلَى الَّذِي لَقِيَهُ أَوَّلًا بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ فَيَسْتَوِي الْجَمِيعُ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ دَفَعَ مِائَةً اهـ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ الَّذِي لَقِيَهُ أَوَّلًا دَفَعَ عَنْهُ خَمْسِينَ حَمَالَةً وَأَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ فَمَعَهُ زِيَادَةٌ عَمَّا دَفَعَ عَنْهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَاَلَّذِي لَقِيَهُ آخِرًا دَفَعَ عَنْهُ خَمْسِينَ حَمَالَةً وَأَخَذَ مِنْهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا وَهِيَ أَقَلُّ مِمَّا دَفَعَهُ عَنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ وَالثَّالِثُ عَلَيْهِ مِائَةٌ دَفَعَ عَنْهَا خَمْسَةً وَسَبْعِينَ لِلْأَوَّلِ وَسَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا لِلثَّانِي فَقَدْ دَفَعَ أَزْيَدَ مِمَّا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمِائَةِ وَذَلِكَ الزَّائِدُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ فَيَرْجِعُ كُلٌّ مِنْ الثَّالِثِ وَالْمَلْقِيّ لَهُ آخِرًا عَلَى مَنْ لَقِيَهُ أَوَّلًا وَيَأْخُذَانِ مِنْهُ الْخَمْسَةَ وَالْعِشْرِينَ الَّتِي مَعَهُ زَائِدَةً يَقْتَسِمَانِهَا كُلُّ وَاحِدٍ اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفًا.

(قَوْلُهُ: إلَى تَوَافُقِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ قَوْلِ الْأَكْثَرِ بِنَاءً عَلَى مَا صَوَّبَهُ وَقَوْلِ الْأَقَلِّ وَقَوْلُهُ (فِيمَا ذَكَرْنَا) أَيْ مِنْ أَنَّ الْغَارِمَ إذَا لَقِيَ آخَرَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَمِيلَ الَّذِي غَرِمَ أَوَّلًا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ لَقِيَهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْمَبْدَأِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى الثَّالِثِ فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ كُلٌّ مِنْ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي بِخَمْسِينَ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي فَيَسْتَوِي الْغَارِمُ وَمَنْ لَقِيَهُ فِي أَنَّ مَنْ لَقِيَ الثَّالِثُ أَوَّلًا يَأْخُذُ مِنْهُ خَمْسَةً وَسَبْعِينَ وَمَنْ لَقِيَهُ آخِرًا يَأْخُذُ مِنْهُ سَبْعَةً وَثَلَاثِينَ وَنِصْفًا عَلَى مَا مَرَّ

. (قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ الْوَجْهِ) أَيْ وَهُوَ الْتِزَامُ الْإِتْيَانِ بِالْغَرِيمِ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِالْوَجْهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ وَالْمُرَادُ بِالْوَجْهِ الذَّاتُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْبَعْضِ وَإِرَادَةِ الْكُلِّ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِإِحْضَارِ الذَّاتِ الَّتِي عَلَيْهَا الدَّيْنُ وَقْتَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا.

(قَوْلُهُ: لَا فِي نَحْوِ قِصَاصٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ فِي قِصَاصٍ وَنَحْوِهِ كَحَدٍّ وَتَعْزِيرٍ وَلِذَا حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَقُولُ قَدْ تُحْبَسُ) أَيْ قَدْ تَعْجِزُ عَنْ الْإِتْيَانِ بِهِ فَتُحْبَسُ إلَخْ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا وَمَا بَعْدَهُ يَأْتِي فِي ضَمَانِ الْمَالِ فَلَوْ عَلَّلُوا بِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِخُرُوجِهَا لِطَلَبِهِ وَفِي ذَلِكَ مَعَرَّةٌ عَلَيْهِ كَانَ ظَاهِرًا اهـ بْن ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّعْلِيلِ ظَاهِرٌ فِي ضَمَانِهَا لِغَيْرِهِ وَضَمَانِهَا لَهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُهُ بِخُرُوجِهَا لِلتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ فَقَدْ تُحْبَسُ مَعَ ثُبُوتِ عُسْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ ضَمَانِهَا بِالْوَجْهِ وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ لَهُ.

(قَوْلُهُ: ضَمَانُهَا الطَّلَبَ) أَيْ الْتِزَامُهَا طَلَبَ الْمَضْمُونِ وَالتَّفْتِيشَ عَلَيْهِ فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهَا بِخِلَافِ ضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّ الدَّيْنَ الَّذِي ضَمِنَتْهُ إذَا كَانَ قَدْرَ ثُلُثِهَا فَأَقَلَّ فَلَيْسَ لِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَ مِنْ رَدِّ الزَّوْجِ ضَمَانَ الزَّوْجَةِ الْوَجْهَ أَوْ الطَّلَبَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فِي مَكَانِ يَقْدِرُ عَلَى خَلَاصِهِ) أَيْ يَقْدِرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ الدَّيْنِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِسِجْنٍ) مَحَلُّ الْبَرَاءَةِ بِذَلِكَ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الضَّامِنِ تَسْلِيمَ الْمَضْمُونِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ وَإِلَّا فَلَا يَبْرَأُ بِذَلِكَ قَالَ عبق وَالْبَرَاءَةُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ مُقَيَّدَةٌ بِمَا إذَا كَانَ يُمْكِنُ خَلَاصُهُ مِنْهُ وَهُوَ بِهِ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ

ص: 344

بِأَنْ يَقُولَ لَهُ صَاحِبُك فِي السِّجْنِ فَعَلَيْك بِهِ (أَوْ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ) لِلْمَضْمُونِ لَهُ (إنْ أَمَرَهُ) الضَّامِنُ (بِهِ) أَيْ بِالتَّسْلِيمِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بِأَمْرِهِ كَوَكِيلِهِ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ أَوْ سَلَّمَهُ أَجْنَبِيٌّ بِغَيْرِ أَمْرِهِ لَمْ يَبْرَأْ (إنْ حَلَّ الْحَقُّ) عَلَى الْمَضْمُونِ شَرْطٌ فِي بَرَاءَةِ الضَّامِنِ بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ وَأَمَّا قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ فَلِذَا تَرَكَ الْعَاطِفَ (و) بَرِئَ ضَامِنُ الْوَجْهِ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ (بِغَيْرِ مَجْلِسِ الْحُكْمِ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ) إحْضَارُهُ فِيهِ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِمَحَلِّهِ (و) بِتَسْلِيمِهِ (بِغَيْرِ بَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الضَّمَانِ (إنْ كَانَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْغَيْرِ (حَاكِمٌ) فَيَبْرَأُ بِمَا ذَكَرَ (وَلَوْ) كَانَ الْمَدِينُ (عَدِيمًا وَإِلَّا) تَحْصُلْ بَرَاءَتُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ (أَغْرَمَ) الضَّامِنُ (بَعْدَ خَفِيفِ تَلَوُّمٍ) وَمَحَلُّ التَّلَوُّمِ الْخَفِيفِ (إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) وَهُوَ الْمَضْمُونُ (كَالْيَوْمِ) وَنَحْوِهِ فَإِنْ بَعُدَتْ غَرِمَ الْكَفِيلُ مَكَانَهُ بِلَا تَلَوُّمٍ وَمِثْلُ قَرِيبِ الْغَيْبَةِ فِي التَّلَوُّمِ الْحَاضِرُ فَلَوْ قَالَ إنْ حَضَرَ أَوْ قَرُبَتْ غَيْبَةٌ كَالْيَوْمِ لَوْ فِي بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَلَا يَسْقُطُ الْغُرْمُ) عَنْ ضَامِنِ الْوَجْهِ (بِإِحْضَارِهِ) أَيْ الْمَضْمُونِ (إنْ حَكَمَ) عَلَيْهِ (بِهِ) أَيْ بِالْغُرْمِ قَبْلَ إحْضَارِهِ؛ لِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَيَبْرَأُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجُونًا بِحَقٍّ أَوْ بَاطِلٍ لِإِمْكَانِ أَنْ يُحَاكِمَهُ رَبُّ الدَّيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ فَإِنْ مَنَعَ هَذَا الطَّالِبَ مِنْهُ وَمِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ جَرَى ذَلِكَ مَجْرَى مَوْتِهِ وَمَوْتُهُ يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ اهـ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا اهـ وَمِمَّا يُشْبِهُ ذَلِكَ مَا إذَا حَضَرَ الْمَضْمُونُ فِي زَاوِيَةٍ لَا يُمْكِنُ إخْرَاجُهُ مِنْهَا فَاَلَّذِي وَقَعَ بِهِ الْحُكْمُ وَبِهِ الْعَمَلُ أَنَّ ذَلِكَ إحْضَارٌ يَبْرَأُ بِهِ قَالَ فِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ:

وَضَامِنٌ مَضْمُونُهُ قَدْ حَضَرَا

بِمَوْضِعِ إخْرَاجِهِ تَعَذَّرَا

يَكْفِيهِ مَا لَمْ يَضْمَنْ الْإِحْضَارَ لَهْ

بِمَجْلِسِ الشَّرْعِ فَتِلْكَ الْمَنْزِلَهْ

وَهَذَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ مَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْقَيْدِ اهـ كَلَامُ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَسْلِيمِهِ لَهُ فِي السِّجْنِ أَنْ يُسَلِّمَهُ فِي يَدِهِ وَهُوَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالتَّسْلِيمِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَدِينَ بِسَبَبِ أَمْرِ الضَّامِنِ لَهُ بِتَسْلِيمِ نَفْسِهِ كَوَكِيلِ الضَّامِنِ فِي التَّسْلِيمِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ) أَيْ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ أَيْ الضَّامِنِ وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْرَأْ أَيْ الضَّامِنُ إذَا هَرَبَ الْمَضْمُونُ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ عَدَمِ الْبَرَاءَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ مَا لَمْ يَقُلْ الضَّامِنُ لِرَبِّ الْحَقِّ أَنَا أَضْمَنُ لَك وَجْهَهُ بِشَرْطِ أَنَّك إذَا قَدَرْت عَلَيْهِ أَوْ جَاءَ بِنَفْسِهِ سَقَطَ الضَّمَانُ عَنِّي فَإِنْ قَالَ لَهُ ذَلِكَ عَمِلَ بِشَرْطٍ وَبَرِئَ فِي الصُّورَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ: إنْ حَلَّ الْحَقُّ عَلَى الْمَضْمُونِ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ عَلَى الضَّامِنِ أَيْضًا أَمْ لَا كَمَا لَوْ أَخَّرَهُ رَبُّ الْحَقِّ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ تَأْخِيرَ غَرِيمِهِ قَالَ عج نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ اهـ وَكَأَنَّ ذَلِكَ الْبَعْضَ رَأَى أَنَّ ضَمَانَ الْوَجْهِ كَضَمَانِ الْمَالِ فِي هَذَا.

(قَوْلُهُ: بِالتَّسْلِيمِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بِتَسْلِيمِ الضَّامِنِ الْمَضْمُونَ لِلْمَضْمُونِ لَهُ وَتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ نَفْسَهُ بِأَمْرِ الضَّامِنِ وَقَوْلُهُ فِي تَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ أَيْ الْبَرَاءَةُ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ حَلَّ الْحَقُّ شَرْطٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ شَرْطٌ فِي الْبَرَاءَةِ بِكُلٍّ مِنْ تَسْلِيمِهِ لَهُ وَتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ بِأَمْرِهِ وَأَمَّا مَا قَبْلَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ أَمَرَهُ بِهِ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْبَرَاءَةِ بِتَسْلِيمِهِ نَفْسَهُ وَهُوَ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ.

(قَوْلُهُ: فَلِذَا تَرَكَ الْعَاطِفَ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ عَطَفَ الثَّانِيَ بِالْوَاوِ لَأَوْهَمَ قَصْرَهُ عَلَى الثَّانِيَةِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَبْرَأْ إلَّا بِمَحَلِّهِ) أَيْ بِشَرْطِ كَوْنِ مَحَلِّ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَحْكَمَةُ بَاقِيًا عَلَى حَالِهِ تُجْرَى فِيهِ الْأَحْكَامُ فَإِنْ خَرِبَ وَسَلَّمَهُ لَهُ فِيهِ فَهَلْ يَبْرَأُ بِذَلِكَ أَمْ لَا؟ قَوْلَانِ مَبْنَاهُمَا هَلْ الْمُرَاعَى اللَّفْظُ أَوْ الْمَقْصِدُ لِأَنَّ الْمَقْصِدَ مِنْ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وُقُوعُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي وَهُوَ عَدَمُ الْبَرَاءَةِ.

(قَوْلُهُ أَيْ بَلَدِ الضَّمَانِ) جَوَّزَ ح كَوْنَ الضَّمِيرِ عَائِدًا عَلَى الِاشْتِرَاطِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ يُشْتَرَطُ أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى الضَّامِنِ أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الْمَضْمُونَ فِي بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ فَأَحْضَرَهُ لَهُ فِي غَيْرِهَا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ بِذَلِكَ إذَا كَانَ فِيهَا حَاكِمٌ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُرَجَّحَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ بِهِ حَاكِمٌ) الْمُرَادُ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَلَدُ الَّذِي أَحْضَرَ فِيهِ يُمْكِنُ خَلَاصُ الْحَقِّ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَاكِمٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ وَإِنَّمَا فِيهَا جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَدِيمًا) مُبَالَغَةٌ فِي الْإِبْرَاءِ يَعْنِي أَنَّ ضَامِنَ الْوَجْهِ يَبْرَأُ بِتَسْلِيمِ الْمَضْمُونِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ وَلَوْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَدِيمًا عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ الْجَهْمِ وَابْنِ اللُّبَادِ الْقَائِلَيْنِ لَا يَبْرَأُ الضَّامِنُ بِتَسْلِيمِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنَّهُ سَلَّمَهُ وَهُوَ مُعْدَمٌ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ إلَّا إذَا سَلَّمَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ فَإِنْ سَلَّمَهُ وَهُوَ مُعْدِمٌ لَمْ يَبْرَأْ بِذَلِكَ التَّسْلِيمِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُغْرِمَ الضَّامِنُ) أَيْ مَا عَلَى الْمَضْمُونِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ ضَامِنَ الْوَجْهِ إلَّا إحْضَارُهُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: إنْ قَرُبَتْ غَيْبَةُ غَرِيمِهِ) وَأَمَّا ضَامِنُ الْمَالِ فَهَلْ يَتَلَوَّمُ لَهُ إذَا غَابَ الْأَصْلُ أَوْ أُعْدِمَ أَوْ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَالْيَوْمِ وَنَحْوِهِ) الْمُرَادُ بِنَحْوِهِ يَوْمٌ ثَانٍ.

(قَوْلُهُ: الْحَاضِرِ) أَيْ الَّذِي لَمْ يُسَلِّمْهُ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ لِكَوْنِهِ لَا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ مَثَلًا لَكِنَّ أَمَدَ التَّلَوُّمِ لِلْغَائِبِ أَكْثَرُ مِنْ أَمَدِهِ لِلْحَاضِرِ كَمَا عِنْدَ عج.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ

ص: 345

حُكْمٌ مَضَى وَهَذَا إذَا لَمْ يُثْبِتْ الضَّامِنُ عَدَمَهُ أَيْ فَقْرَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُعْسِرًا عِنْدَهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ تَبَيَّنَ خَطَؤُهُ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ فَغَرِمَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَضَعُفَ فَمَا تَقَرَّرَ عِنْدَهُمْ مِنْ تَقْدِيمِ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى قَوْلِ اللَّخْمِيِّ أَغْلَبِيٌّ (أَوْ) أَثْبَتَ (مَوْتَهُ) أَيْ أَثْبَتَ الضَّامِنُ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ فَلَا يَغْرَمُ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ الْمَضْمُونَةَ قَدْ ذَهَبَتْ فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّهُ مَاتَ بَعْدَ الْحُكْمِ غُرِمَ وَقَوْلُهُ (فِي غَيْبَتِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فَقَطْ وَاحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي حُضُورِهِ وَلَمْ يُحْضِرْ لِرَبِّ الدَّيْنِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْغُرْمُ إذْ لَا بُدَّ فِي إثْبَاتِ الْعَدَمِ مِنْ يَمِينِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِعَدَمِهِ حَيْثُ حَضَرَ فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ انْتَفَى ثُبُوتُ الْعَدَمِ بِخِلَافِ الْغَائِبِ فَإِنَّ عَدَمَهُ يَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ (وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مَوْتِهِ فَقَطْ (وَرَجَعَ) الضَّامِنُ إذَا غَرِمَ (بِهِ) أَيْ بِمَا غُرْمُهُ عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ إذَا أَثْبَتَ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ عَدِيمًا وَقْتَ حُلُولِ الدَّيْنِ

(وَ) صَحَّ الضَّمَانُ (بِالطَّلَبِ) وَهُوَ التَّفْتِيشُ عَلَى الْغَرِيمِ وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَشْتَرِكُ مَعَ ضَمَانِ الْوَجْهِ فِي لُزُومِ الْإِحْضَارِ وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغُرْمِ عِنْدَ التَّعَذُّرِ وَلِذَا لَمْ يَصِحَّ ضَمَانُ الْوَجْهِ فِي غَيْرِ الْمَالِ وَصَحَّ فِي الطَّلَبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فِي قِصَاصٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ مِنْ حُدُودٍ وَتَعْزِيرَاتٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِآدَمِيٍّ وَأَشَارَ إلَى صِيغَتِهِ وَأَنَّهَا إمَّا بِصَرِيحِ لَفْظِهِ وَإِمَّا بِصِيغَةِ ضَمَانِ الْوَجْهِ مَعَ شَرْطِ نَفْيِ الْمَالِ بِقَوْلِهِ (كَأَنَا حَمِيلٌ بِطَلَبِهِ) أَوْ عَلَى طَلَبِهِ أَوْ لَا أَضْمَنُ إلَّا الطَّلَبَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (أَوْ اشْتَرَطَ نَفْيَ الْمَالِ) تَصْرِيحًا كَأَضْمَنُ وَجْهَهُ وَلَيْسَ عَلَيَّ مِنْ الْمَالِ شَيْءٌ (أَوْ) مَا يَقُومُ مَقَامَهُ كَأَنْ (قَالَ لَا أَضْمَنُ إلَّا وَجْهَهُ) فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الطَّلَبُ (وَطَلَبَهُ) هُوَ فِعْلٌ مَاضٍ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ الطَّلَبِ (بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ) فِي الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ وَقِيلَ عَلَى مَسَافَةِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ صُدِّقَ (وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ) فِي طَلَبِهِ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ (وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ) فِي الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ فِي الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِأَنْ عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ رَبُّ الْحَقِّ مِنْهُ (أَوْ هَرَّبَهُ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ (وَعُوقِبَ) بِمَا يَرَاهُ الْحَاكِمُ ظَاهِرُهُ مَعَ الْغُرْمِ فَيَجْتَمِعُ عَلَيْهِ الْعُقُوبَتَانِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَحَلُّ الْعُقُوبَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يَغْرَمْ وَذَلِكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حُكْمٌ مَضَى) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الطَّالِبُ مُخَيَّرًا بَيْنَ طَلَبِ الضَّامِنِ وَالْمَضْمُونِ.

(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ غُرْمُ الضَّامِنِ إذَا لَمْ تَحْصُلْ بَرَاءَتُهُ بِوَجْهٍ مِمَّا سَبَقَ إذَا لَمْ يُثْبِتْ الضَّامِنُ عَدَمَ الْغَرِيمِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا غَرِمَ وَالْأَصْلُ وَإِلَّا غَرِمَ إنْ لَمْ يُثْبِتْ عَدَمَهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ لَا إنْ أَثْبَتَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) أَيْ لَا إنْ أَثْبَتَ الْحَمِيلُ بِالْبَيِّنَةِ وَلَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ أَنَّ الْمَدِينَ كَانَ مُعْدَمًا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ أَوْ أَثْبَتَ أَنَّهُ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ فَلَا غُرْمَ فَالْإِثْبَاتُ وَاقِعٌ بَعْدَ الْحُكْمِ بِالْغُرْمِ وَالْعَدَمُ أَوْ الْمَوْتُ وَاقِعٌ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ وَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي بَابِ الْفَلَسِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ) أَيْ وَلَوْ أَثْبَتَ الضَّامِنُ أَنَّ الْغَرِيمَ كَانَ مُعْدَمًا عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ.

(قَوْلُهُ فَقَطْ) أَيْ وَأَمَّا إثْبَاتُ مَوْتِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى الضَّامِنِ بِالْغُرْمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَضْمُونِ كَانَ حَاضِرًا بِبَلَدِهِ أَوْ غَائِبًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الضَّامِنِ الْغُرْمُ.

(قَوْلُهُ: يُثْبِتُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَطْ) هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ اللَّخْمِيِّ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ مَوْتِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ لِإِثْبَاتِ عَدَمِهِ فِي غَيْبَتِهِ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ فِي غَيْبَتِهِ عَدِيمٌ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ فَلَا تَتَأَتَّى الْمُبَالَغَةُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ الضَّامِنُ) أَيْ الَّذِي حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ إنْ أَثْبَتَ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ مَاتَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ كَانَ عَدِيمًا إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ بِهِ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْعَدَمِ وَالْمَوْتِ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ رَاجِعًا لِمَسْأَلَةِ الْمَوْتِ قَالَ عبق وَهُوَ قُصُورٌ مِنْهُ

. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ الضَّمَانُ بِالطَّلَبِ) أَيْ وَصَحَّ الضَّمَانُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِالطَّلَبِ وَضَمَانُ الطَّلَبِ هُوَ الْتِزَامُ طَلَبِ الْغَرِيمِ وَالتَّفْتِيشِ عَلَيْهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَهُوَ التَّفْتِيشُ إلَخْ الضَّمِيرُ لِلطَّلَبِ لَا لِضَمَانِ الطَّلَبِ.

(قَوْلُهُ: وَالدَّلَالَةُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَخْتَصُّ الْوَجْهُ بِالْغَرِيمِ) أَيْ إذَا لَمْ يَحْضُرْ الْغَرِيمُ وَلَوْ لَمْ يُفَرِّطْ بِأَنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ الْإِحْضَارُ وَأَمَّا ضَمَانُ الطَّلَبِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا فَرَّطَ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ فِي الطَّلَبِ) أَيْ وَصَحَّ ضَمَانُ غَيْرِ الْمَالِ فِي الطَّلَبِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ) أَيْ مَقَامَ اشْتِرَاطِ نَفْيِ الْمَالِ تَصْرِيحًا (قَوْلُهُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ) الَّذِي يَتَعَيَّنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ مَا إذَا كَانَ الْمَضْمُونُ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ فَفِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ إنْ كَانَ مِثْلَ الْحَمِيلِ يَقْوَى عَلَى الْخُرُوجِ إلَيْهِ لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ كُلِّفَ بِذَلِكَ وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ وَأَمَّا مَجْهُولُ الْمَوْضِعِ فَإِنَّمَا يَطْلُبُهُ فِي الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الطَّلَبُ بِمَا يَقْوَى عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَوْضِعُ الْغَرِيمِ مُعَيَّنًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّ مَا عَزَاهُ عبق لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّ مَعْلُومَ الْمَوْضِعِ يَلْزَمُهُ طَلَبُهُ فِي الْبَلَدِ وَمَا قَرُبَ مِنْهُ فِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي الْبَلَدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَانَ مَا يَقْوَى عَلَيْهِ الْبَلَدَ فَقَطْ أَوْ الْبَلَدَ وَمَا قَارَبَهَا أَوْ مَسَافَةَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ.

(قَوْلُهُ: وَحَلَفَ مَا قَصَّرَ) الْمُتَيْطِيُّ إذَا خَرَجَ لِطَلَبِهِ ثُمَّ قَدِمَ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْهُ بَرِئَ وَكَانَ

ص: 346

فِي نَحْوِ الْقِصَاصِ (وَحَمَلَ) الضَّمَانَ (فِي مُطْلَقِ) قَوْلِ الضَّامِنِ (أَنَا حَمِيلٌ وَزَعِيمٌ وَأَذِينٌ) مِنْ الْإِذْنِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ؛ لِأَنَّ الْكَفِيلَ يَعْلَمُ أَنَّ الْحَقَّ قِبَلَهُ أَوْ مِنْ الْإِذَانَةِ بِمَعْنَى الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّهُ أَوْجَبَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ (وَقَبِيلٌ وَعِنْدِي وَإِلَيَّ، وَشَبَهُهُ) نَحْوُ كَفِيلٍ وَضَامِنٍ وَعَلَيَّ (عَلَيَّ) ضَمَانُ (الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَالْأَظْهَرِ) وَالْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ مَا خَلَا عَنْ التَّقْيِيدِ بِشَيْءٍ بِلَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ (لَا إنْ اخْتَلَفَا) فَالْقَوْلُ لِلضَّامِنِ بِيَمِينٍ (وَلَمْ يَجِبْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَانِيهِ (وَكِيلٌ) فَاعِلُ يَجِبُ (لِلْخُصُومَةِ) أَيْ لِأَجْلِهَا أَيْ لِأَجَلٍ أَنْ يُخَاصِمَهُ الْمُدَّعِي فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَعْنِي أَنَّ الْمُدَّعِي عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَجَحَدَهُ فَطَالَبَهُ الْحَاكِمُ بِالْبَيِّنَةِ فَقَالَ عِنْدِي بَيِّنَةٌ غَائِبَةٌ وَلَكِنِّي أَخَافُ عِنْدَ حُضُورِهَا أَنْ لَا أَجِدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَلِيَأْتِنِي بِوَكِيلٍ أُخَاصِمْهُ عِنْدَ حُضُورِ بَيِّنَتِي فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةُ وَكِيلٍ بِذَلِكَ (وَلَا) يَجِبُ عَلَيْهِ (كَفِيلٌ) يَكْفُلُهُ (بِالْوَجْهِ) حَتَّى يَأْتِيَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّهَادَةِ مَا يُخَالِفُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ وَقَوْلُهُ (بِالدَّعْوَى) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِيَجِبُ الْمَنْفِيِّ وَقَوْلُهُ (إلَّا بِشَاهِدٍ) ظَاهِرُهُ فَيَجِبُ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ أَيْ لَا الْمَالُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَجِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ إنْ طَلَبَهُ الْمُدَّعِي إلَى أَنْ يُقِيمَ الشَّاهِدَ الثَّانِي وَسَيَأْتِي لَهُ تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ فِي الشَّهَادَاتِ (وَإِنْ ادَّعَى) الطَّالِبُ (بَيِّنَةً) لَهُ بِكَالسُّوقِ (أَوْقَفَهُ) أَيْ أَوْقَفَ الْمَطْلُوبَ الْمُنْكَرَ (الْقَاضِي عِنْدَهُ) وَلَا يَسْجُنُهُ فَإِنْ جَاءَ بِبَيِّنَةٍ عَمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِلَّا خَلَّى سَبِيلَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْقَوْلُ قَوْلَهُ إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ يَذْهَبُ فِيهَا لِلْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ وَيَرْجِعُ وَغَايَةُ مَا عَلَيْهِ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ مَا قَصَّرَ فِي طَلَبِهِ وَلَا دَلَّسَ وَلَا يَعْرِفُ لَهُ مُسْتَقَرًّا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ فِي الْأَجِيرِ عَلَى تَبْلِيغِ الْكِتَابِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي نَحْوِ الْقِصَاصِ) أَيْ فَإِنَّ الضَّامِنَ فِيهَا إنَّمَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الْمَكْفُولِ فَإِنْ قَصَّرَ عُوقِبَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ فِي ضَمَانِ الطَّلَبِ إنْ كَانَ الْمَضْمُونُ عَلَيْهِ مَالًا وَفَرَّطَ الضَّامِنُ فِي الْإِتْيَانِ بِالْمَضْمُونِ أَوْ هَرَّبَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ وَإِنْ كَانَ الضَّمَانُ فِي قِصَاصٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ تَرَتَّبَ عَلَى الْمَضْمُونِ وَفَرَّطَ الضَّامِنُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ أَوْ هَرَّبَهُ فَإِنَّهُ يُعَاقِبُ فَقَطْ هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَالَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ إذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ جِرَاحٍ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ وَأَرْشُ الْجِرَاحَاتِ وَكَانَتْ لَهُ فِي رَأْسِ مَالِ الْجَانِي إذْ لَا قِصَاصَ عَلَى الْكَفِيلِ وَهُوَ خَارِجُ الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ: وَحُمِلَ فِي مُطْلَقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَقَيَّدَ بِالْوَجْهِ أَوْ الْمَالِ أَوْ الطَّلَبِ أَوْ قَامَتْ الْقَرِينَةُ عَلَى وَاحِدٍ انْصَرَفَ الضَّمَانُ لَهُ وَلَا كَلَامَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت الْوَجْهَ أَوْ غَيْرَهُ فَقَوْلَانِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ الْوَجْهَ لَزِمَهُ وَصُدِّقَ وَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا فَاخْتُلِفَ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ أَوْ الْوَجْهِ اخْتِيَارُ ابْنِ يُونُسَ وَصَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَالِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ اخْتَارَ بَعْضُ أَشْيَاخِي أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْوَجْهِ لِكَوْنِهِ أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ فَقَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْأَظْهَرُ أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مُقَابِلَهُ مَا اخْتَارَهُ بَعْضُ أَشْيَاخِ الْمَازِرِيِّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى ضَمَانِ الْوَجْهِ وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْحَمِيلُ غَارِمٌ وَالزَّعِيمُ غَارِمٌ» .

(قَوْلُهُ: وَزَعِيمٌ) مِنْ الزَّعَامَةِ وَهِيَ السِّيَادَةُ لُغَةً وَالضَّامِنُ كَالسَّيِّدِ لِلْمَضْمُونِ.

(قَوْلُهُ: عَنْ التَّقْيِيدِ بِشَيْءٍ) أَيْ الْوَجْهِ أَوْ الطَّلَبِ أَوْ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِلَفْظٍ أَوْ قَرِينَةٍ) فِي خش الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِمَالٍ وَلَا وَجْهٍ لَا بِلَفْظٍ وَلَا نِيَّةٍ إذْ لَوْ نَوَى شَيْئًا اُعْتُبِرَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُطْلَقًا عَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِمَا ذَكَرَ الْمَالَ أَوْ الْوَجْهَ فَيَلْزَمُهُ مَا نَوَاهُ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ اخْتَلَفَا) هَذَا مُخَرَّجٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَلَزِمَ ذَلِكَ أَيْ الْمَالُ لَا إنْ اخْتَلَفَا أَيْ فِي الشَّرْطِ أَوْ الْإِرَادَةِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ الضَّامِنُ: إنَّمَا شَرَطْت ضَمَانَ الْوَجْهِ أَوْ أَرَدْته وَقَالَ الطَّالِبُ: بَلْ الْمَالَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الضَّامِنِ بِيَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الطَّالِبَ يَدَّعِي عِمَارَةَ ذِمَّةٍ الْأَصْلُ بَرَاءَتُهَا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ اخْتِلَافُهُمَا فِي شَيْءٍ مَخْصُوصٍ وَحِينَئِذٍ لَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ اخْتِلَافُهُمَا فِي حُلُولِ الْمَضْمُونِ فِيهِ وَتَأْجِيلِهِ أَيْ هَلْ وَقَعَ حَالًّا أَوْ مُؤَجَّلًا لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْحُلُولِ وَلَوْ كَانَ هُوَ الطَّالِبُ اتِّفَاقًا وَأَمَّا لَوْ اخْتَلَفَا فِي حُلُولِ أَجَلِهِ وَعَدَمِ حُلُولِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي عَدَمِ الْحُلُولِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إقَامَةُ وَكِيلٍ بِذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا بِالْحَقِّ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ لِرَجَاءِ قُدُومِ الشَّاهِدِ الثَّانِي مِنْ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى سَوَاءٌ ادَّعَى الطَّالِبُ قُرْبَ بَيِّنَتِهِ أَوْ بُعْدَهَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ) أَيْ وَلَا يَجِبُ إقَامَةُ وَكِيلٍ وَلَا كَفِيلٍ بِسَبَبِ الدَّعْوَى أَيْ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ بَيِّنَةٍ حَاضِرَةٍ لِأَنَّ لِلْقَاضِي سَمَاعَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ الْمَطْلُوبِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَا يَجِبُ مَعَ الشَّاهِدِ إلَّا حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ حَمِيلٌ بِالْمَالِ ذَكَرَ هَذَا الْخِلَافَ ابْنُ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيُّ فِي الْمُفِيدِ وَقَالَ إنَّ مَذْهَبَ سَحْنُونٍ هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ نَقَلَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ خِلَافًا لِمَا فِي شَارِحِنَا تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: بَلْ يَجِبُ الْكَفِيلُ بِالْمَالِ) وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ الْكَفِيلَ فِيهِ بِالْوَجْهِ وَمَا بَعْدَهُ الْكَفِيلُ فِيهِ بِالْمَالِ

ص: 347