المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في القسمة وأقسامها وأحكامها - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌(باب) في القسمة وأقسامها وأحكامها

فَتَكُونُ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَهُ وَنِصْفُ الزَّرْعِ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَائِعِ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَعَلَى الْبَائِعِ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقَّةِ إنْ كَانَ الْإِبَّانُ حِينَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بَاقِيًا؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ وَقَعَ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ فَإِنْ فَاتَ الْإِبَّانُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ فِي نَظِيرِ النِّصْفِ الْآخَرِ (أَوْ لَا) يُشَفَّعُ (فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ) لِبَائِعِهِ، وَأَخْذِ بِقِيمَةِ ثَمَنِهِ وَفِي التَّمَاسُكِ بِنِصْفِ الْأَرْضِ بِزَرْعِهَا فَلَا يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

[دَرْسٌ]

(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

(الْقِسْمَةُ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: الْأَوَّلُ قِسْمَةُ مَنَافِعَ، وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ وَتَرَاضٍ وَقُرْعَةٍ فَأَشَارَ إلَى الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (تَهَايُؤٌ) بِيَاءٍ تَحْتِيَّةٍ أَوْ نُونٍ فَهَمْزَةٍ الْأَوَّلُ مِنْ الْمُهَايَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَيَّأَ لِصَاحِبِهِ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَالثَّانِي مِنْ الْمُهَانَأَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ هَنَّأَ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ (فِي زَمَنٍ) مُعَيَّنٍ (كَخِدْمَةِ عَبْدٍ) وَرُكُوبٍ دَابَّةٍ (شَهْرًا) لَا أَكْثَرَ (وَسُكْنَى دَارٍ سِنِينَ) يَشْمَلُ اتِّحَادَ الْعَبْدِ وَالدَّارِ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ مِلْكًا أَوْ إجَارَةً يَسْتَخْدِمُ كُلٌّ مِنْهَا أَوْ مِنْهُمْ الْعَبْدَ مَثَلًا شَهْرًا أَوْ جُمُعَةَ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَنِ قَطْعًا إذْ بِهِ يُعْرَفُ قَدْرُ الِانْتِفَاعِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ كَأَنْ يَكُونَ لِشَرِيكَيْنِ عَبْدَانِ أَوْ دَارَانِ يَسْتَخْدِمُ أَحَدُهُمَا أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ أَوْ يَسْكُنُ إحْدَى الدَّارَيْنِ وَالْآخَرُ يَسْتَخْدِمُ الثَّانِيَ أَوْ يَسْكُنُ الثَّانِيَةَ، وَفِي هَذِهِ خِلَافٌ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ الزَّمَنِ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَقِيلَ لَا، وَعَلَيْهِ فَإِنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ فَهِيَ لَازِمَةٌ وَإِلَّا فَلَا، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يَنْحَلَ مَتَى شَاءَ (كَالْإِجَارَةِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَاسْتَشْفَعَ أَنَّ هُنَا تَخْيِيرَيْنِ أَحَدُهُمَا سَابِقٌ عَلَى الْآخَرِ وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ سَابِقًا وَاسْتَشْفَعَ فَأَتَى بِهَا هُنَا لِزِيَادَةِ الْفَائِدَةِ، وَهُوَ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَعَدَمِ الْأَخْذِ وَأَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا وَاسْتَشْفَعَ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّحَتُّمِ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قِيلَ إنَّ قَوْلَهُ وَاسْتَشْفَعَ مُنَافٍ لِقَوْلِهِ هُنَا وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ تَحَتُّمُ الِاسْتِشْفَاعِ، وَهُوَ يُنَافِي مَا هُنَا مِنْ التَّخْيِيرِ اهـ.

(فَرْعٌ) إذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْ شَائِعٍ عَلَى اسْمِهِ مِنْ نَصِيبِهِ فَلِشَرِيكِهِ إمْضَاءُ فِعْلِهِ وَلَهُ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي الثَّمَنِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَهُ أَنْ يُقَاسِمَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ حِينَ الْأَخْذِ إلَخْ) الْأَوْلَى حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ بَيْعٌ، وَمَنْ زَرَعَ أَرْضًا وَبَاعَهَا دُونَ زَرْعِهَا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ

[بَابٌ فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا]

بَابٌ فِي الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ وَأَقْسَامُهَا) عَطْفُ تَفْسِيرٍ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ حَقِيقَتَهَا، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَنْوَاعَهَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ الْمُهَايَأَةُ) بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّةِ، وَهِيَ الْإِعْدَادُ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَالتَّجْهِيزُ يُقَالُ هَيَّأَ الشَّيْءَ لِصَاحِبِهِ أَيْ أَعَدَّهُ وَجَهَّزَهُ لَهُ وَيُقَالُ أَيْضًا بِالنُّونِ (قَوْلُهُ تَهَايُؤٌ) أَيْ مِنْ شَرِيكَيْنِ فِي زَمَنٍ مُعَيَّنٍ لِلِاسْتِعْمَالِ كَدَارٍ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ يَسْكُنُ فِيهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا هَذَا الشَّهْرُ، وَالثَّانِي الشَّهْرُ الَّذِي بَعْدَهُ أَوْ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا وَالْآخَرُ يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا الَّتِي بَعْدَهَا أَوْ أَحَدُهُمَا يَسْكُنُهَا سَنَةَ كَذَا وَالْآخَرُ السَّنَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَهَا إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي تَعْيِينِ الزَّمَانِ مُسَاوَاةُ الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ فِيهَا أَحَدُهُمَا لِلْمُدَّةِ الَّتِي يَسْتَعْمِلُ فِيهَا الْآخَرُ.

وَانْظُرْ هَلْ مِنْ تَعْيِينِ الزَّمَانِ التَّقْيِيدُ بِشَهْرٍ دُونَ تَعْيِينِهِ بِكَوْنِهِ رَبِيعًا مَثَلًا أَيْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ لَيْسَ ذَلِكَ تَعْيِينًا وَحِينَئِذٍ فَالْقِسْمَةُ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، وَالثَّانِي هُوَ مَا اخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ تَعْيِينٌ (قَوْلُهُ أَوْ نُونٌ) أَيْ مَضْمُومَةٌ فَهَمْزَةٌ وَيَجُوزُ قَلْبُ الْهَمْزَةِ يَاءً وَحِينَئِذٍ تُقْلَبُ ضَمَّةُ النُّونِ الْوَاقِعَةِ قَبْلَهَا كَسْرَةً (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَكَمَا لَا يَجُوزُ إجَارَةُ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ لَا يَجُوزُ فِي الْمُهَايَأَةِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَهُنَا كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي تَحْقِيقُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا يُعَيَّنْ الزَّمَانُ فَسَدَتْ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَسْتَعْمِلُهُ مُدَّةً مِنْ الزَّمَانِ وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَيَشْمَلُ الْمُتَعَدِّدَ) أَيْ الْمَقْسُومَ الْمُتَعَدِّدَ مِنْ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالدُّورِ (قَوْلُهُ فَقِيلَ يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّتِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّتِهَا تَعْيِينُ الزَّمَنِ بَلْ التَّعْيِينُ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَقَرَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحُ، وَتَحَصَّلَ مِمَّا قَالَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ عُيِّنَ الزَّمَنُ صَحَّتْ وَلَزِمَتْ فِي الْمَقْسُومِ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ.

وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ فَسَدَتْ فِي الْمُتَّحِدِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمُتَعَدِّدِ خِلَافٌ فَابْنُ الْحَاجِبِ يَقُولُ بِصِحَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ لَازِمَةٍ وَابْنُ عَرَفَةَ يَقُولُ بِفَسَادِهَا فَعِنْدَهُ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ الزَّمَنُ كَانَتْ فَاسِدَةً مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُتَّحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ وَعَلَى مَا لِابْنِ عَرَفَةَ حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ وح كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِدَلِيلِ مِثَالِهِ، وَقَوْلُهُ فِي زَمَنٍ إذْ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِ فِي زَمَنِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِلنَّصِّ عَلَيْهِ اهـ.

اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَالْإِجَارَةِ) يُفْهَمُ مِنْ التَّشْبِيهِ أَنَّ الْمُهَايَأَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِتَرَاضٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ كَالْبَيْعِ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ جَعْلُ الْمُصَنِّفِ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قَسِيمًا لَهَا؛ لِأَنَّ جَعْلَهُ قَسِيمًا لَهَا بِاعْتِبَارِ تَعَلُّقِهَا بِمِلْكِ الذَّاتِ وَالْمُهَايَأَةُ مُتَعَلِّقَةٌ

ص: 498

أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ وَفِي اللُّزُومِ وَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا مُهَايَأَةً عَلَى أَنْ يَسْكُنَهَا أَحَدُهُمَا سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ وَيَسْكُنَهَا الْآخَرُ مِثْلَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ وَيَلْزَمُهُمَا مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَمِثْلُ الدَّارِ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ يَزْرَعُهَا أَحَدُهُمَا عَامًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً (لَا) تَجُوزُ الْمُهَايَأَةُ (فِي غَلَّةٍ) أَيْ كِرَاءٍ يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ تَحْرِيكِ الْمُشْتَرَكِ كَعَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا كِرَاءَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً (وَلَوْ يَوْمًا) وَالْآخَرُ مِثْلَهُ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْغَلَّةِ الْمُتَجَدِّدَةِ إذْ قَدْ تَقِلُّ وَتَكْثُرُ وَمِنْ غَيْرِ الْمُنْضَبِطَةِ الْحَمَّامَاتُ وَالرَّحَا فَإِنْ انْضَبَطَتْ كَدَارٍ مَعْلُومَةِ الْكِرَاءِ وَكَرَحَا يَطْحَنُ كُلٌّ مِنْهُمَا حَبَّهُ فِي مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ جَازَ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ يَطْحَنَ لِغَيْرِهِ بِالْكِرَاءِ فِي مُدَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِمَا وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَيْهِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ مُحَمَّدٍ قَدْ يَسْهُلُ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ

(وَ) الثَّانِي مِنْ الْقِسْمَةِ (مُرَاضَاةٌ) بِأَنْ يَدْخُلَ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ يَرْضَى بِهَا بِدُونِ قُرْعَةٍ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَكَالْبَيْعِ) إلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ شَيْءٌ مَلَكَ ذَاتَه وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ كَعَبْدٍ وَثَوْبٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِمِلْكِ الْمَنَافِعِ مَعَ بَقَاءِ الذَّاتِ بَيْنَهُمَا. وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُمَا مَعًا فِي كُلٍّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ أَيْ فِي تَعْيِينِ الزَّمَنِ) الْأَوْلَى أَيْ فِي اللُّزُومِ عِنْدَ تَعْيِينِ الزَّمَنِ.

اعْلَمْ أَنَّ الْمَقْسُومَ مُهَايَأَةً إنْ كَانَ عَقَارًا فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُدَّةُ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ فَكَمَا يَجُوزُ إجَارَةُ الدَّارِ لِتُقْبَضَ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍ لِكَوْنِهَا مَأْمُونَةً يَجُوزُ قِسْمَتُهَا عَلَى أَنْ يَسْكُنَ أَحَدُهُمَا سَنَتَيْنِ.

وَأَمَّا عَبْدٌ مُعَيَّنٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ أَخْذُهُ بَعْدَ شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ، وَأَمَّا فِي الْمُهَايَأَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا شَهْرٌ فَأَكْثَرُ بِقَلِيلٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِذَا جَعَلَ الْمَوَّاقُ التَّشْبِيهَ رَاجِعًا لِلدَّارِ فَقَطْ وَأَنَّهُ تَامٌّ أَيْ فِي اللُّزُومِ وَالتَّعْيِينِ، وَفِي أَنَّ الْمُدَّةَ الَّتِي يَقَعُ الْقَبْضُ بَعْدَهَا هُنَا كَالْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلَا يَصِحُّ فِي أَنْ يَكُونَ التَّشْبِيهُ رَاجِعًا لِلْعَبْدِ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ غَيْرَ تَامٍّ بِأَنْ يَكُونَ فِي اللُّزُومِ وَتَعْيِينِ الْمُدَّةِ فَقَطْ اهـ.

اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ السَّابِقَيْنِ وَهُمَا اشْتِرَاطُ تَعْيِينِ الزَّمَانِ وَاشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مُتَعَدِّدًا وَمُرَادُهُ بِذَلِكَ الْأَحَدِ أَوَّلُهُمَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْمُدَّتَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا قُلْنَا بِاشْتِرَاطِ تَعْيِينِ الزَّمَانِ فِي الْمُتَعَدِّدِ أَوْ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِهِ وَالشَّارِحُ تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ عبق وَقَدْ اعْتَرَضَهُ بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ قِسْمَتُهَا) أَيْ الدَّارِ (قَوْلُهُ الْأَرْضُ الْمَأْمُونَةُ) أَيْ إذَا كَانَتْ مِلْكًا.

وَأَمَّا الْحَبْسُ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قَسْمُ رِقَابِهِ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا قَسْمُهُ لِلِاغْتِلَالِ بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا كِرَاءَهُ شَهْرًا مَثَلًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ فَقِيلَ يُقْسَمُ وَيُجْبَرُ مَنْ أَبَى لِمَنْ طَلَبَ وَيَنْفُذُ بَيْنَهُمْ إلَى أَنْ يَحْصُلَ مَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ الْقَسْمِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ يُوجِبُ التَّغْيِيرَ وَقِيلَ لَا يُقْسَمُ بِحَالٍ، وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ يُقْسَمُ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ بِتَرَاضِيهِمْ فَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمْ الْقَسْمَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ فَغَايَرَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ وَاسْتَظْهَرَ ح الْقَوْلَ الثَّالِثَ وَسَوَاءٌ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ قَسَمَ قِسْمَةَ اغْتِلَالٍ أَوْ قِسْمَةَ انْتِفَاعٍ بِأَنْ يَنْتَفِعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالسُّكْنَى بِنَفْسِهِ أَوْ بِالزِّرَاعَةِ بِنَفْسِهِ مُدَّةً.

وَإِنْ كَانَتْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا هِيَ فِي قِسْمَةِ الِاغْتِلَالِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهَا مُهَايَأَةً) أَيْ، وَإِنَّ قَلَّتْ الْمُدَّةُ (قَوْلُهُ لَا فِي غَلَّةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَهِيَ أَيْ قِسْمَةُ الْمُهَايَأَةِ جَائِزَةٌ فِي مَنَافِعَ لَا فِي غَلَّةٍ قَالَ عبق وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا فِي غَلَّةِ اللَّبَنِ كَمَا يَأْتِي فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا بِمَا يَأْتِي فَيَجُوزُ أَنْ يَحْلُبَ هَذَا يَوْمًا، وَهَذَا يَوْمًا اهـ.

وَالْجَوَازُ مُقَيَّدٌ فِيمَا يَأْتِي بِمَا إذَا كَانَ هُنَاكَ فَضْلٌ بَيِّنٌ (قَوْلُهُ كِرَاءُ الْحَمَّامَاتِ وَالرَّحَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُ غَلَّتِهَا مُهَايَأَةً بِأَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَتَهَا يَوْمًا أَوْ جُمُعَةً أَوْ شَهْرًا وَالْآخَرُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ كَدَارٍ مَعْلُومَةِ الْكِرَاءِ) أَيْ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَبْدٍ مَعْلُومِ الْكِرَاءِ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّابَّةُ أَوْ الدَّارُ أَوْ الْعَبْدُ مُسْتَأْجَرًا لِشَخْصٍ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ أُجْرَةَ شَهْرٍ أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا غَيْرَ مُسْتَأْجِرٍ بِالْفِعْلِ لَكِنْ عُلِمَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يُؤَاجِرُ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْكِرَاءَ تَبَعٌ لِمَا أَيْ تَبَعٌ لِلْمُدَّةِ الْمُعَيَّنَةِ الَّتِي وَقَعَتْ الْمُهَايَأَةُ عَلَيْهَا فَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُكْرِي مُدَّتَهُ وَلَمْ يَنْضَبِطْ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَسْمِ الْغَلَّةِ (قَوْلُهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ) كَذَا فِي خش وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَسْهُلُ) أَيْ قَسْمُ الْغَلَّةِ مُهَايَأَةً فِي الْيَوْمِ الْوَاحِدِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ غَلَّةَ الْمُشْتَرَكِ يَوْمًا

(قَوْلُهُ يَأْخُذُ حِصَّتَهُ مِنْ الْمُشْتَرَكِ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ قِسْمَةُ رِقَابٍ وَذَوَاتٍ كَالْقُرْعَةِ الْآتِيَةِ بِخِلَافِ قِسْمَةِ الْمُهَايَأَةِ فَإِنَّهَا قِسْمَةُ مَنَافِعَ وَلَكِنْ لَا بُدَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمُهَايَأَةِ وَالْمُرَاضَاةِ مِنْ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ فَلَا تُفْعَلُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا إلَّا بِرِضَاهَا وَلَا يُجْبَرُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إنْ أَبَاهَا بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا وَأَبَاهَا الْآخَرُ وَطَلَبَ الْمُهَايَأَةَ أَوْ الْمُرَاضَاةَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقُرْعَةِ مَنْ أَبَاهَا.

(قَوْلُهُ فَكَالْبَيْعِ) أَيْ الْمُغَايِرِ لِلْمُرَاضَاةِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ أَنَّ قِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ بَيْعٌ فَتَشْبِيهُهَا بِهِ تَشْبِيهٌ لِلشَّيْءِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا تَكُونُ فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ اخْتَلَفَ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا بَقَرَةً

ص: 499

وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ بَعْدَ تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ أَمْ لَا وَلَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إذَا لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا فِيهَا وَقَدْ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْبَيْعِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي قَفِيزٍ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ

وَأَشَارَ لِلْقَسَمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الْقِسْمَةِ بِقَوْلِهِ (وَقُرْعَةٌ) ، وَهِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ قِسْمَةَ الْمُهَايَأَةِ فِي الْمَنَافِعِ كَالْإِجَارَةِ وَقِسْمَةَ الْمُرَاضَاةِ فِي الرِّقَابِ كَالْبَيْعِ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بَابٌ يَخُصُّهُ (وَهِيَ) أَيْ قِسْمَةُ الْقُرْعَةِ (تَمْيِيزُ حَقٍّ) فِي مُشَاعٍ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ لَا بَيْعٍ فَلِذَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ أَوْ تَجَانَسَ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ (وَكَفَى) فِيهَا (قَاسِمٌ) وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْخَبَرُ كَالْقَائِفِ وَالْمُفْتِي وَالطَّبِيبِ وَلَوْ كَافِرًا وَعَبْدًا إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ (لَا مُقَوِّمٌ) فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّعَدُّدِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ أَوْ الْأَمَاكِنِ الْمَقْسُومَةِ بِالْقُرْعَةِ وَالْتَزَمَهُ بَعْضُهُمْ قَائِلًا أَنَّهُ ظَاهِرُ النَّقْلِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ خُصُوصُ مُقَوِّمِ الْمُتْلَفَاتِ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ غُرْمٌ أَوْ قَطْعٌ فَيَكُونُ الْمُقَوِّمُ هُنَا غَيْرَ الْقَاسِمِ فَالْقَاسِمُ مُقَدَّمٌ فِعْلُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَإِنْ كَانَ الْقَاسِمُ هُوَ الْمُقَوِّمُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ

(وَأَجْرُهُ) أَيْ الْقَاسِمِ (بِالْعَدَدِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ مِمَّنْ طَلَبَ الْقَسْمَ أَوْ أَبَاهُ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ تَعَبَ الْقَسَّامِ فِي تَمْيِيزِ النَّصِيبِ الْيَسِيرِ كَتَعَبِهِ فِي الْكَبِيرِ وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَالْمُقَوِّمِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَكُرِهَ) أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَوْ غَيْرَهُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْآخَرُ بَقَرَةً مِثْلَهَا أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا دَارًا وَالْآخَرُ دَارًا مِثْلَهُ أَوْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا حَيَوَانًا وَالْآخَرُ عَقَارًا أَوْ ثَوْبًا أَوْ قَمْحًا (قَوْلُهُ وَفِي الْمِثْلِيِّ وَغَيْرِهِ) ذَكَرَ ح أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْمُرَاضَاةِ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ أَصْنَافٍ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ وَفُولٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَجْهُولَةُ الْقَدْرِ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَاحِدَةً بِالتَّرَاضِي، وَأَمَّا صِنْفٌ وَاحِدٌ كَصُبْرَتَيْ قَمْحٍ كُلُّ وَاحِدَةٍ مَجْهُولَةُ الْكَيْلِ يَأْخُذُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِالتَّرَاضِي فَلَا يَجُوزُ قَالَ عبق وَمَحَلُّ عَدَمِ الْجَوَازِ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ جُزَافًا بِلَا تَحَرٍّ أَوْ بِتَحَرٍّ فِي الْمَكِيلِ لِلْغُرُورِ وَالْمُخَاطَرَةِ، وَأَمَّا بِتَحَرٍّ فِي الْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى مَعَ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُدْخِلَا مُقَوِّمًا) أَيْ فَإِنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا رُدَّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلْحَاقًا لَهَا بِالْقُرْعَةِ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُتَسَامَحُ فِيهَا مَا لَا يُتَسَامَحُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ (قَوْلُهُ وَفِي قَفِيزٍ) أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ شَخْصَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ أَخَذَ أَحَدُهُمَا ثُلُثَيْهِ) أَيْ وَالْآخَرُ ثُلُثَهُ فَقَسْمُ الْقَفِيزِ بِتَرَاضِيهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ جَائِزٌ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ فَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ تَمَيَّزَ حَقُّهُ وَتَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ بِشَيْءٍ مِنْ نَصِيبِهِ أَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمُرَاضَاةَ بَيْعٌ فَقَسْمُ الْقَفِيزِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَمْنُوعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا

(قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ بَابٌ يَخُصُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْقُرْعَةِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالْبَيْعِ وَلَا كَالْإِجَارَةِ فَلِذَا كَانَ هَذَا بَابُهَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ تَمْيِيزُ حَقٍّ) هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَقِيلَ إنَّهَا بَيْعٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ (قَوْلُهُ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ فَأَكْثَرَ فَالْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ فَلِذَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ إلَخْ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِهَا لَيْسَتْ بَيْعًا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَا يُرَدُّ فِيهَا بِالْغَبَنِ؛ لِأَنَّ الْغَبَنَ لَا يُرَدُّ بِهِ الْبَيْعُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رِضَا الْمُتَبَايِعَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ) أَيْ أَنَّهَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا تَمَاثَلَ مِنْ الْأَصْنَافِ كَبَقَرٍ وَجَامُوسٍ وَقَمْحٍ وَفُولٍ أَوْ الْمُتَّحِدِ مِنْهُمَا كَعَبْدَيْنِ أَوْ دَارَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ لَا فِي مُخْتَلِفٍ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ فِيهَا الْجَمْعُ بَيْنَ حَظِّ اثْنَيْنِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُرَاضَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فِيهَا ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَفَى فِيهَا) أَيْ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَيْ كَفَى فِي تَمْيِيزِ الْحُقُوقِ بِقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ قَاسِمٌ وَاحِدٌ وَالْمُرَادُ كَفَى فِي الْإِجْزَاءِ وَأَشْعَرَ هَذَا أَنَّ الِاثْنَيْنِ أَوْلَى وبِهِ صَرَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقِيمَهُ) أَيْ الْقَاسِمَ وَقَوْلُهُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْعَدَالَةِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَا يُقِيمُ مَقَامَهُ إلَّا الْعُدُولَ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْقَسْمُ أَقَامَهُ الشُّرَكَاءُ فَإِنَّ الْحَقَّ لَهُمَا فَلَهُمَا أَنْ يُقِيمَا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ) أَيْ الْمُتْلَفَةِ (قَوْلُهُ الْمُقَوِّمُ لِلسِّلَعِ أَوْ الْأَمَاكِنِ) أَيْ الْمُعَدِّلُ لِأَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ كَذِرَاعٍ مِنْ الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ بِذِرَاعَيْنِ مِنْ الْغَرْبِيِّ وَكَقَفِيزٍ مِنْ بُرٍّ يَعْدِلُ قَفِيزَيْنِ مِنْ شَعِيرٍ (قَوْلُهُ الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى تَقْوِيمِهَا (قَوْلُهُ أَوْ قَطَعَ) أَيْ كَتَقْوِيمِ مَسْرُوقٍ لِيَتَرَتَّبَ عَلَى سَارِقِهِ الْقَطْعُ (قَوْلُهُ فَالْقَاسِمُ مُقَدَّمٌ فِعْلُهُ عَلَى الْمُقَوِّمِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى فَالْقَاسِمُ فِعْلُهُ مُؤَخَّرٌ عَنْ فِعْلِ الْمُقَوِّمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَيْ تَمْيِيزَ الْأَنْصِبَاءِ بِضَرْبِ السِّهَامِ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ وَأَجْرُهُ) أَيْ أُجْرَتُهُ (قَوْلُهُ أَيْ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ) أَيْ مَفْضُوضَةٌ عَلَى عَدَدِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا أُجْرَةُ الْكَاتِبِ وَالْمُقَوِّمِ) أَيْ مَفْضُوضَةٌ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لَا عَلَى قَدْرِ الْأَنْصِبَاءِ (قَوْلُهُ وَكُرِهَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ إلَخْ) فِي بْن تَقْيِيدُ الْكَرَاهَةِ بِمَنْ كَانَ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي لِلْقِسْمَةِ أَمَّا مَنْ اسْتَأْجَرَهُ الشُّرَكَاءُ عَلَى الْقَسْمِ لَهُمْ فَلَا كَرَاهَةَ

ص: 500

مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُطْلَقًا قَسَمَ أَوْ لَمْ يَقْسِمْ (وَقُسِمَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ وَ (الْعَقَارُ وَغَيْرُهُ) نَائِبُ الْفَاعِلِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ الْمُقَوَّمَاتُ (بِالْقِيمَةِ) لَا بِالْعَدَدِ وَلَا بِالْمِسَاحَةِ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاءُ الْمَقْسُومِ فَإِنْ اتَّفَقَتْ لَمْ يَحْتَجْ لِتَقْوِيمٍ بَلْ يُقْسَمُ مِسَاحَةً.

وَأَمَّا مَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لَا قُرْعَةً وَقِيلَ يَجُوزُ قَسْمُهُ قُرْعَةً أَيْضًا وَلَا وَجْهَ لَهُ (وَأُفْرِدَ) فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلُّ نَوْعٍ) مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَعَرَضٍ احْتَمَلَ الْقَسْمَ أَمْ لَا، لَكِنْ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُهُ يُفْرَدُ لِيُبَاعَ أَوْ يُقَابِلَ بِهِ غَيْرُهُ فِي التَّقْوِيمِ إنْ رَضِيَا بِذَلِكَ، فَمَعْنَى أُفْرِدَ أَنَّهُ لَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ فِي الْقَسْمِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ وَلَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ بَلْ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُجْمَعُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ الدُّورُ مَعَ الْحَوَائِطِ وَلَا مَعَ الْأَرْضِينَ وَلَا الْحَوَائِطُ مَعَ الْأَرْضِينَ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَجُمِعَ) فِي الْقِسْمَةِ (دُورٌ وَأَقْرِحَةٌ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ لَا تُجْمَعُ دُورٌ لِأَقْرِحَةٍ بَلْ تُجْمَعُ الدُّورُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَقْرِحَةُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَقْرِحَةُ جَمْعُ قَرَاحٍ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ أَيْ أَفْدِنَةٌ (وَلَوْ بِوَصْفٍ) مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ عُيِّنَتْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي أَخْذِهِ الْأُجْرَةَ (قَوْلُهُ مِمَّنْ قَسَمَ لَهُمْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا كَانَ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) أَيْ إنَّ مَحَلَّ الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ حَيْثُ كَانَ لَا يَأْخُذُ إلَّا إذَا قَسَمَ بِالْفِعْلِ فَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ مُطْلَقًا كَالْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقَسَّامِ حَرُمَ أَخْذُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْمَالُ لِأَيْتَامٍ أَوْ لِكِبَارٍ كَانَ لَهُ أَجْرٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ عَلَى الْقَسْمِ أَمْ لَا، فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ: الْحُرْمَةُ فِي سِتٍّ، وَالْكَرَاهَةُ فِي اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ الْمُقَوَّمَاتُ) أَيْ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ فَتُقَوَّمُ الدُّورُ أَوْ الْجِهَاتُ فِي الدَّارِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الثِّيَابِ وَيُجْعَلُ أَقْسَامًا بِقَدْرِ عَدَدِ الرُّءُوسِ كَمَا يَأْتِي، وَهَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَكَذَا فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا فَتُقَوَّمُ الدُّورُ أَوْ جِهَاتُ الدَّارِ وَكَذَا الثِّيَابُ وَالْحَيَوَانُ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ دَارًا أَوْ جِهَةً أَوْ ثَوْبًا أَوْ حَيَوَانًا بِالتَّرَاضِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقَسْمُ الْعَقَارِ وَغَيْرِهِ بِالْقِيمَةِ جَارٍ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ وَالْمُرَاضَاةِ إنْ أَدْخَلَا مُقَوِّمًا (قَوْلُهُ لَا بِالْعَدَدِ) أَيْ فِي الثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ وَلَا بِالْمِسَاحَةِ أَيْ فِي الْعَقَارِ كَالْأَرْضِ وَالدُّورِ (قَوْلُهُ حَيْثُ اخْتَلَفَتْ أَجْزَاءُ الْمَقْسُومِ) أَيْ فِي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَتْ) أَيْ أَجْزَاءُ الْمَقْسُومِ فِي الْقِيمَةِ بِأَنْ كَانَتْ الدُّورُ مُتَسَاوِيَةً بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ) أَيْ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ وَكَوْنِ السِّمَنِ شَيْحِيًّا أَوْ سِمَنَ رَعْيِ بِرْسِيمٍ مَثَلًا وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَاتَّفَقَتْ صِفَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ.

وَأَمَّا مُخْتَلِفُ الصِّفَةِ فَلَا يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ اتِّفَاقًا بَلْ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا لَا قُرْعَةً) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كِيلَ أَوْ وُزِنَ فَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الْقُرْعَةِ فَلَا وَجْهَ لِدُخُولِهَا فِيهِمَا أَيْ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَأَفْتَى بِهِ الشَّبِيبِيُّ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمُعِينِ وَصَاحِبُ التُّحْفَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَجُوزُ قَسْمُهُ قُرْعَةً) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقَوَّمُ كَالْمُتَقَوِّمَاتِ لَكِنْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ صِنْفَيْنِ مِنْهَا، وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَاسْتَظْهَرَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ (قَوْلُهُ وَلَا وَجْهَ لَهُ) أَيْ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ أَنَّ الْمَكِيلَ وَالْمَوْزُونَ لَا يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ، وَأَمَّا بِالْمُرَاضَاةِ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ مِنْ أَصْنَافٍ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ فَلَا يَجُوزُ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ جُزَافًا بِلَا تَحَرٍّ أَوْ بِتَحَرٍّ فِي الْمَكِيلِ.

وَأَمَّا بِتَحَرٍّ فِي الْمَوْزُونِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى مَعَ الْوَزْنِ أَوْ الْكَيْلِ بِالْفِعْلِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَفْرَدَ إلَخْ) فَإِذَا مَاتَ إنْسَانٌ وَخَلَّفَ عَقَارًا وَحَيَوَانًا وَعَرْضًا فَإِنَّ كُلَّ نَوْعٍ يُقْسَمُ عَلَى حِدَتِهِ وَلَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ هَذَا إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْهُ بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ وَلَا يَضُمُّ لِغَيْرِهِ إلَّا إذَا تَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَإِلَّا جُمِعَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لَكِنَّ الَّذِي لَا يَحْتَمِلُهُ يُفْرَدُ لِيُبَاعَ أَيْ وَيُقَسَّمُ ثَمَنُهُ وَقَوْلُهُ أَوْ يُقَابَلُ بِهِ غَيْرُهُ فِي التَّقْوِيمِ أَيْ فَإِذَا تُرَاضُوا عَلَى جَمْعِ مَا لَا يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ مِنْ الْأَنْوَاعِ لِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ كَمَا فِي ح وَقَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُضَمُّ لِغَيْرِهِ فِي الْقَسْمِ أَيْ.

وَأَمَّا كَوْنُهُ يُقَسَّمُ أَوْ يُبَاعُ لِيُقَسَّمَ ثَمَنُهُ فَشَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ) أَيْ كَالْعَقَارِ أَوْ الْحَيَوَانِ وَالْعَرْضِ فَهَذِهِ أَنْوَاعٌ ثَلَاثَةٌ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِنْهَا بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ نَوْعٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ أَيْ كَالْأَرْضِ وَالْحَوَائِطِ وَالدُّورِ فَإِنَّ هَذِهِ أَصْنَافٌ لِلْعَقَارِ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ صِنْفَيْنِ مِنْهَا بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُتَبَاعِدِينَ مِنْ الصِّنْفَيْنِ الْمُتَقَارِبَيْنِ كَالْحَرِيرِ وَالصُّوفِ فَإِنَّهُمَا صِنْفَانِ لِلْبَزِّ مُتَقَارِبَانِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا السِّتْرُ وَاتِّقَاءُ الْحُرِّ وَالْبُرْدِ فَيُجْمَعَانِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بَلْ كُلُّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ يُقَسَّمُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى حِدَتِهِ وَأَرَادَ بِالنَّوْعِ مَا يَشْمَلُ الصِّنْفَ وَإِلَّا كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَلْ كُلُّ نَوْعٍ أَوْ صِنْفٍ يُقَسَّمُ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ فِي الْقِسْمَةِ بِالسَّهْمِ) أَيْ الْقُرْعَةِ وَاحْتَرَزَ عَنْ قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ فِيهَا بَيْنَ تِلْكَ الْأَنْوَاعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَوْعًا مِنْهَا (قَوْلُهُ بَلْ يُقَسَّمُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ وَإِلَّا بِيعَ وَقُسِّمَ ثَمَنُهُ مَا لَمْ يَتَرَاضَ الْوَرَثَةُ عَلَى جَمْعِهِ مَعَ غَيْرِهِ وَإِلَّا جُمِعَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بَلْ تُجْمَعُ الدُّورُ عَلَى حِدَةٍ) أَيْ يُجْمَعُ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَتُقَسَّمُ عَلَى حِدَتِهَا (قَوْلُهُ أَرْضُ الزِّرَاعَةِ) أَيْ الْخَالِيَةُ مِنْ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ (قَوْلُهُ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ إذْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ

ص: 501

وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالْوَصْفِ رَفْعًا لِلْجَهَالَةِ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ إنَّمَا هُوَ فِي الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ الْغَائِبَةِ غَيْبَةً غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ ذَاتِهَا أَوْ الْمُزْدَوَجِينَ إذَا ذَهَبَ إلَيْهَا، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ إذْ هُوَ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا فِي الْقَسْمِ وَهَذَا فِي جَوَازِ قَسْمِهَا فِي حَدِّ ذَاتِهَا

وَلِجَوَازِ الْجَمْعِ شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ تَسَاوَتْ قِيمَةً) وَلَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْبِنَاءِ فِيهَا (وَرَغْبَةً) قَدْ تَكُونُ الْقِيمَةُ عِنْدَ النَّاسِ مُتَّفِقَةً وَرَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ لِأَمْرٍ مَا مُخْتَلِفَةً فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ الشُّرَكَاءِ (وَتَقَارَبَتْ) أَيْ الدُّورُ أَوْ الْأَقْرِحَةُ أَيْ تَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا (كَالْمِيلِ) وَالْمِيلَيْنِ أَيْ يَكُونُ الْمِيلُ أَوْ الْمِيلَانِ جَامِعًا لِأَمْكِنَتِهَا حَتَّى يَصِحَّ ضَمُّ بَعْضِهَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ لِبَعْضٍ فَإِنْ تَبَاعَدَتْ لَمْ يَجُزْ الضَّمُّ بَلْ تُفْرَدُ عَلَى حِدَةٍ إنْ تَعَيَّنَتْ وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَمَا تَقَدَّمَ وَالْجَمْعُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (إنْ دَعَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْجَمْعِ (أَحَدُهُمْ) لِيَجْتَمِعَ لَهُ حَظُّهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَلَوْ أَبَى الْبَاقُونَ فَيُجْبَرُ عَلَى الْجَمْعِ مَنْ أَبَاهُ (وَلَوْ) كَانَتْ (بَعْلًا) ، وَهُوَ مَا يُشْرَبُ زَرْعُهَا بِعُرُوقِهِ مِنْ رُطُوبَتِهَا كَاَلَّذِي يُزْرَعُ بِأَرْضِ النِّيلِ بِمِصْرَ (تَعَيَّبَ) ، وَهُوَ مَا يُسْقَى بِمَا يَجْرِي عَلَى وَجْهِهَا كَالْعَيْنِ وَالْأَنْهَارِ وَالْمَطَرِ وَإِنَّمَا جُمِعَا لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي جُزْءِ الزَّكَاةِ، وَهُوَ الْعُشْرُ.

وَأَمَّا مَا يُسْقَى بِالْآلَاتِ فَلَا يُجْمَعُ مَعَ وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ نِصْفُ الْعُشْرِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَجُمِعَ دُورٌ قَوْلُهُ (إلَّا) دَارًا (مَعْرُوفَةً بِالسُّكْنَى) لِمُوَرِّثِهِمْ (فَالْقَوْلُ لِمُفْرِدِهَا) لَا لِمَنْ أَرَادَ جَمْعَهَا مَعَ أُخْرَى إنْ حَصَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ جُزْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ انْتِفَاعًا تَامًّا وَإِلَّا ضُمَّتْ لِغَيْرِهَا وَلَا تُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهَا كَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيدَ شَرَفٍ عَلَى غَيْرِهَا (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِخِلَافِهِ) وَأَنَّهَا كَغَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ دَعَا لِجَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَهُوَ الْأَرْجَحُ، وَإِنْ كَانَ صَنِيعُ الْمُصَنِّفِ يُفِيدُ ضَعْفَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي قَوْلِهِ جُمِعَ وَالْبَاءُ لِلْمُلَابَسَةِ أَيْ جَمْعُ دُورٍ أَوْ أَقْرِحَةٍ، هَذَا إذَا كَانَ جَمْعُهَا مُلْتَبِسًا بِرُؤْيَتِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُلْتَبِسًا بِوَصْفٍ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالْوَصْفِ) أَيْ لِلسَّاحَةِ وَالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ وَالتَّعْيِينُ بِالْوَصْفِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ فِيمَا يَنْقَسِمُ بِالْقُرْعَةِ مِنْ الدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا بِالْوَصْفِ أَنْ يَكُونَ غَائِبًا غَيْبَةً غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ تَغَيُّرُ ذَاتِهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ أَزْيَدَ مِنْ كَمِيلٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ أَقْرَبِ الْغَيْبَةِ هُنَا (قَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ) أَيْ وَتَقَارَبَتْ أَمْكِنَتُهَا (قَوْلُهُ فِي جَوَازِ جَمْعِهَا) أَيْ مَعَ الْحَاضِرِ الْقَسْمُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ جَمْعُ الْغَائِبِ مَعَ الْحَاضِرِ فِي الْقَسْمِ إلَّا إذَا كَانَتْ غَيْبَتُهُ قَرِيبَةً كَالْمِيلِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْغَائِبُ مُعَيَّنًا بِالْوَصْفِ أَوْ بِرُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ فِي حَدِّ ذَاتِهَا) أَيْ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ جَمْعِهَا مَعَ غَيْرِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا يَنْقَسِمُ بِالْقُرْعَةِ إذَا كَانَ غَائِبًا وَكَانَ مُعَيَّنًا وَلَوْ بِالْوَصْفِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ قِسْمَتِهِ بِالْقُرْعَةِ مِنْ كَوْنِ غَيْبَتِهِ غَيْرَ بَعِيدَةٍ مِنْ مَحَلِّ الْقَسْمِ بِحَيْثُ يُؤْمَنُ مِنْ تَغَيُّرِ ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ وَلَوْ كَانَتْ الْغَيْبَةُ أَكْثَرَ مِنْ كَمِيلٍ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْغَيْبَةُ كَمِيلٍ فَأَقَلَّ قُسِمَ بِالْقُرْعَةِ مَعَ ضَمِّهِ لِغَيْرِهِ مِنْ الْحَاضِرِ، وَإِنْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْ كَمِيلٍ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ عَلَى حِدَتِهِ مِنْ غَيْرِ ضَمٍّ

(قَوْلُهُ وَلِجَوَازِ الْجَمْعِ) أَيْ جَمْعِ الدُّورِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ وَالْأَقْرِحَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمَا عِنْدَ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فِي الرَّغْبَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّغْبَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ تَسَاوِي الدَّارَيْنِ فِي الْقِيمَةِ اتِّفَاقُ الشُّرَكَاءِ فِي الرَّغْبَةِ فِيهِمَا فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ مِنْهُمَا مَعًا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ اتِّحَادُ الْقِيمَةِ وَاخْتِلَافُهَا تَابِعٌ لِاتِّحَادِ الرَّغْبَةِ وَاخْتِلَافِهَا، وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَغْبَةُ الشُّرَكَاءِ وَهَذِهِ قَدْ تَخْتَلِفُ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مُتَّحِدَةً وَحِينَئِذٍ فَأَحَدُ الْأَمْرَيْنِ لَا يَكْفِي عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَتَقَارَبَتْ كَالْمِيلِ) ظَاهِرُهُ رُجُوعُ هَذَا الْقَيْدِ لِلدُّورِ وَالْأَقْرِحَةِ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَاهُ لِلْمُدَوَّنَةِ وَتَبِعَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَجْعَلْ الْمِيلَ حَدًّا لِلْقُرْبِ إلَّا فِي الْأَرْضِينَ وَالْحَوَائِطِ.

وَأَمَّا الدُّورُ فَقَالَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَ الدُّورِ مَسَافَةُ الْيَوْمَيْنِ وَالْيَوْمِ لَمْ تُجْمَعْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْجَمْعُ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ عَطْفُ هَذَا الشَّرْطِ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَمَا يُقَالُ إنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِإِنْ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ وَمَا هُنَا مِنْ عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ، وَلَا يَمْنَعُ مِنْهُ اخْتِلَافُ الْفَاعِلِ تَقُولُ إنْ جَاءَ زَيْدٌ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ عَمْرٌو كَانَ كَذَا وَكَذَا (قَوْلُهُ، وَهِيَ مَا يُشْرَبُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ أَرْضٌ يُشْرَبُ زَرْعُهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ مِنْ السَّيْحِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُشْرَبُ وَيُسْقَى هُوَ الزَّرْعُ وَالْبَعْلُ وَالسَّيْحُ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَمْعِ الْبَعْلِ مَعَ السَّيْحِ فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ أَحَدُ طَرِيقَتَيْنِ مُرَجَّحَتَيْنِ وَالْأُخْرَى عَدَمُ جَمْعِهِمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا (قَوْلُهُ كَغَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا لَا يَحْتَمِلُ الْقَسْمَ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهَا مَزِيدَ شَرَفٍ) أَيْ بِسُكْنَى مُوَرِّثِهِمْ وَلِذَا قَيَّدَ ابْنُ حَبِيبٍ بِكَوْنِ الْمُوَرِّثِ لَهُ شَرَفٌ وَحُرْمَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَأْوِيلٌ الْأَكْثَرُ.

وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَهُوَ تَأْوِيلُ فَضْلٍ، وَلِابْنِ حَبِيبٍ قَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ الْمُوَرِّثُ لَهُ فَضْلٌ وَحُرْمَةٌ وَجَعَلَهُ بَعْضُهُمْ تَأْوِيلًا ثَالِثًا وَنَصُّ ابْنُ عَرَفَةَ وَهَلْ الدَّارُ الْمَعْرُوفَةُ بِسُكْنَى الْمَيِّتِ كَغَيْرِهَا أَيْ فِي إجَابَةِ مَنْ طَلَبَ جَمْعَهَا مَعَ غَيْرِهَا ثَالِثُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَيِّتُ شَرِيفًا لَهَا

ص: 502

(وَفِي) جَوَازِ جَمْعِ (الْعُلُوِّ وَالسُّفْلِ) بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ إلَّا بِالتَّرَاضِي؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْئَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ (تَأْوِيلَانِ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ) عَنْ غَيْرِهِ مِنْ شَجَرِ خَوْخٍ وَنَخْلٍ وَرُمَّانٍ فَكُلُّ صِنْفٍ يُفْرَدُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ عَنْ غَيْرِهِ وَيُقْسَمُ عَلَى حِدَتِهِ (إنْ احْتَمَلَ) وَإِلَّا ضُمَّ لِغَيْرِهِ (إلَّا كَحَائِطٍ فِيهِ شَجَرٌ مُخْتَلِفَةٌ) مُخْتَلِطَةٌ فَلَا يُفْرَدُ بَلْ يُقْسَمُ مَا فِيهِ بِالْقِيمَةِ لِلضَّرُورَةِ وَيُجْمَعُ لِكُلِّ وَاحِدٍ حَظُّهُ فِي مَكَان وَاحِدٍ وَلَا يَضُرُّ مَا يَحْصُلُ لَهُ فِيهِ مِنْ أَصْنَافِ الشَّجَرِ (أَوْ أَرْضٍ بِشَجَرٍ) أَيْ مَعَهُ أَوْ مُلْتَبِسَةً بِهِ وَأَرْضٍ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى حَائِطٍ وَلَوْ حَذَفَ الْكَافَ وَنَصَبَهُمَا كَانَ أَحْسَنَ (مُتَفَرِّقَةٍ) يَعْنِي فِيهَا شَجَرٌ مُتَفَرِّقٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ مَعَ شَجَرِهَا بِالْقِيمَةِ إذْ لَوْ قُسِمَتْ الْأَرْضُ عَلَى حِدَةٍ وَالْأَشْجَارُ عَلَى حِدَةٍ رُبَّمَا صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ شَجَرُهُ فِي أَرْضِ صَاحِبِهِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَفَرِّقَةِ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ إفْرَادُ الْأَرْضِ عَنْ الشَّجَرِ بَلْ الْمَنْظُورُ لَهُ الشَّجَرُ وَالْأَرْضُ تَبَعٌ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ كَتُفَّاحٍ إلَخْ

(وَجَازَ)(صُوفٌ) أَيْ قَسْمُهُ (عَلَى ظَهْرٍ) قَبْلَ جَزِّهِ (إنْ جُزَّ) أَيْ إنْ دَخَلَ عَلَى جَزِّهِ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ تَمَامُ الْجَزِّ (لِكَنِصْفِ شَهْرٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ إذْ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ.

وَأَمَّا ابْتِدَاءُ الْجَزِّ فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاللَّتَانِ بَعْدَهَا فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ لَا فِي الْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ فَيَجُوزُ لِأَكْثَرَ.

(وَ) جَازَ (أَخْذُ وَارِثٍ عَرَضًا) مِنْ تَرِكَةِ مُوَرِّثِهِ فِي نَصِيبِهِ (وَ) أَخْذُ وَارِثٍ (آخَرَ دَيْنًا) يَتْبَعُ بِهِ الْغَرِيمَ فِي قِسْمَةِ مُرَاضَاةٍ لَا الْقُرْعَةِ (إنْ جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الدَّيْنُ بِأَنْ حَضَرَ الْمَدِينُ وَأَقَرَّ وَكَانَ مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ، وَأَمَّا أَخْذُ كُلِّ وَاحِدٍ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ الْآخَرِ فَلَا يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِمَّةٍ بِذِمَّةٍ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِهِ حُرْمَةٌ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ مَعَ قَوْلِ أَكْثَرِ مُخْتَصِرِيهَا وَفَضْلٌ وَابْنُ حَبِيبٍ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ جَمْعِ) أَيْ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ هَذَا قِسْمًا، وَهَذَا قِسْمًا وَتُرْمَى الْقُرْعَةُ فَكُلُّ مَنْ جَاءَتْ عَلَيْهِ قُرْعَتُهُ أَخَذَهُ أَوْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا فِي الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ) أَيْ وَعَدَمُ جَوَازِ جَمْعِهِمَا فِي الْقُرْعَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِالتَّرَاضِي اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْمُرَاضَاةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا كَالشَّيْئَيْنِ إلَخْ أَيْ وَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ مُخْتَلِفَيْنِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي جَوَازِ جَمْعِهِمَا فِي الْقُرْعَةِ وَعَدَمِ جَوَازِ جَمْعِهِمَا.

وَأَمَّا جَمْعُهُمَا فِي التَّرَاضِي بِأَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَأْخُذُ الْأَعْلَى وَالْآخَرَ يَأْخُذُ الْأَسْفَلَ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ كُلُّ صِنْفٍ) هُوَ بِالتَّنْوِينِ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَتُفَّاحٍ بِمَعْنَى مِثْلَ صِفَةٍ لِصِنْفٍ، وَهَذَا الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ إفَادَةِ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ يُفْرَدُ عَنْ غَيْرِهِ فَالْأَشْجَارُ تُفْرَدُ عَنْ الْبِنَاءِ وَعَنْ الْأَرْضِ وَمَا هُنَا أَفَادَ أَنَّ أَصْنَافَ الْأَشْجَارِ يُفْرَدُ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَنْ غَيْرِهِ فَإِذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ الشَّجَرِ وَكَانَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَتِهِ فِي الْحَائِطِ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ وَحْدَهُ إنْ احْتَمَلَ الْقَسْمَ بِأَنْ حَصَلَ لِكُلِّ وَارِثٍ شَجَرَةٌ كَامِلَةٌ فَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَلَا يُضَمُّ صِنْفٌ لِصِنْفٍ آخَرَ قَالَ عبق وَاعْلَمْ أَنَّ إفْرَادَ كُلِّ صِنْفٍ مِنْ الشَّجَرِ وَمِنْ الدُّورِ عِنْدَ فَقْدِ شَرْطِ الْجَمْعِ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَيْسَ لَهُمَا التَّرَاضِي عَلَى خِلَافِهِ كَذَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ مُخْتَلِفَةٌ) أَيْ مُخْتَلِفَةُ الْأَصْنَافِ (قَوْلُهُ يُقْسَمُ مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ الْأَصْنَافِ بِالْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ جَازَتْ الْقُرْعَةُ هُنَا أَيْ فِي الْأَشْجَارِ الْمُخْتَلِفَةِ مَعَ أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي صِنْفَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَهُ أَوْ مُلْتَبِسَةً إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ إمَّا لِلْمُصَاحَبَةِ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ وَمُتَفَرِّقَةٍ صِفَةُ الشَّجَرِ لَا لِأَرْضٍ إذْ هِيَ وَاحِدَةٌ وَالشَّجَرُ مُفَرَّقٌ فِيهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا قَلْبَ فِي الْكَلَامِ كَمَا ادَّعَاهُ عبق أَيْ أَوْ شَجَرٌ مُتَفَرِّقٌ فِي أَرْضٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَرْضَ إذَا كَانَ فِيهَا شَجَرٌ مُفَرَّقٌ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ مَعَ شَجَرِهَا بِالْقُرْعَةِ وَتُعْدَلُ بِالْقِيمَةِ اهـ.

وَفِي عبق لَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُصَنِّفُ لِلْحُبُوبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تُقْسَمُ بِالْقُرْعَةِ وَفِي الطُّرَرِ الْقَطَّانِيُّ أَصْنَافٌ لَا تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ أَيْ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَلَى حِدَتِهِ أَوْ يُبَاعُ وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ

(قَوْلُهُ عَلَى ظَهْرٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ عَلَى ظَهْرٍ كَغَنَمٍ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَجُوزُ أَكْثَرُ) أَيْ الدُّخُولُ عَلَى تَأْخِيرِ تَمَامِ الْجَزِّ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) أَيْ وَالْمُغْتَفَرُ فِيهِ التَّأْخِيرُ لِنِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ. . . إلَخْ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ إذْ لَا يَجُوزُ أَكْثَرَ أَيْ إذْ لَا يَجُوزُ الدُّخُولُ عَلَى تَأْخِيرِ تَمَامِ الْجَزِّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ لِمَا فِيهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ قَسْمُ صُوفٍ عَلَى ظَهْرٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ لِأَكْثَرَ) أَيْ فَيَجُوزُ.

وَإِنْ تَأَخَّرَ كُلٌّ مِنْ الشُّرُوعِ فِي الْجَزِّ وَتَمَامُهُ لِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ كَرِيمَ الدِّينِ الْبَرْمُونِيَّ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا فِي شَرْحِ الدَّمِيرِيِّ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الشُّرُوطِ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَجَازَ أَخْذُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَتَرَكَ عُرُوضًا حَاضِرَةً وَدُيُونًا لَهُ عَلَى رِجَالٍ شَتَّى جَازَ لِلْوَرَثَةِ قَسْمُ ذَلِكَ مُرَاضَاةً بِأَنْ يَأْخُذَ وَارِثٌ عَرْضًا وَوَارِثٌ دَيْنًا يَتْبَعُ بِهِ الْغَرِيمَ إنْ كَانَ ذَلِكَ الدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ حَضَرَ الْمَدِينُ وَأَقَرَّ) زَادَ تت نَقْلًا عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ وَلَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْمَدِينِ لِأَجْلِ اطْمِئْنَانِ النَّفْسِ وَدَفْعِ الْمُشَاحَّةِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ذِمَّةٍ) أَيْ مِنْ

ص: 503

يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ جَازَ.

(وَ) جَازَ فِي قِسْمَةِ الْمُرَاضَاةِ (أَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً) كَفُولٍ (وَالْآخَرِ قَمْحًا) يَدًا بِيَدٍ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ، وَأَمَّا فِي الْقُرْعَةِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ.

(وَ) جَازَ (خِيَارُ أَحَدِهِمَا) وَخِيَارُهُمَا مَعًا إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ جَعَلَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ وَظَاهِرُهُ فِي الْمُرَاضَاةِ وَالْقُرْعَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ (كَالْبَيْعِ) فِي الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخِيَارِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ وَفِيمَا يُعَدُّ رِضًا وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِهِ كَالْبَيْعِ لِقَوْلِهِ وَأَخْذُ أَحَدِهِمَا قُطْنِيَّةً إلَخْ فَيُفِيدُ الْمُنَاجَزَةَ كَمَا قَدَّمْنَا لَا لِقَوْلِهِ وَأَخْذُ وَارِثٍ عَرَضًا إلَخْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ جَازَ بَيْعُهُ يُغْنِي عَنْهُ.

(وَ) جَازَ لَك يَا مَنْ اسْتَعَرْت أَرْضًا مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِاللَّفْظِ أَوْ الْعُرْفِ لِتَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا (غَرْسُ أُخْرَى) بَدَلَ الْمَقْلُوعَةِ (إنْ انْقَلَعَتْ شَجَرَتُك) قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ (مِنْ أَرْضِ غَيْرِك إنْ لَمْ تَكُنْ) الْمَغْرُوسَةُ (أَضَرَّ) مِنْ الْأُولَى مِنْ جِهَةِ عُرُوقِهَا أَوْ مِنْ جِهَةِ فُرُوعِهَا الَّتِي تَسْتُرُ بَيَاضَ الْأَرْضِ وَشُبِّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلُهُ (كَغَرْسِهِ) أَيْ كَجَوَازِ غَرْسِ صَاحِبِ الْأَرْضِ شَجَرًا (بِجَانِبِ نَهْرِك الْجَارِي فِي أَرْضِهِ) أَيْ أَرْضِ الْغَارِسِ وَلَيْسَ لِرَبِّ النَّهْرِ مُعَارَضَةُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ (وَحَمَلْت) يَا رَبَّ النَّهْرِ الْجَارِي فِي أَرْضِ غَيْرِك (فِي طَرْحِ كُنَاسَتِهِ) أَيْ كُنَاسَةِ نَهْرِك الَّذِي بِجَانِبِهِ غَرْسُ غَيْرِك (عَلَى الْعُرْفِ) لَكِنْ إنْ جَرَى بِالطَّرْحِ عَلَى حَافَّتِهِ وَكَانَ هُنَاكَ سِعَةٌ فَلَا يَعْمَلُ بِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ تُطْرَحْ) الْكُنَاسَةُ (عَلَى حَافَّتِهِ) أَيْ النَّهْرِ إذَا كَانَ بِهَا شَجَرُ غَيْرِك (إنْ وَجَدْت سِعَةً) وَإِلَّا طَرَحَ عَلَيْهَا

(وَجَازَ ارْتِزَاقُهُ) أَيْ الْقَاسِمُ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَحِينَئِذٍ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مِمَّنْ يَقْسِمُ لَهُمْ كَمَا مَرَّ (لَا شَهَادَتُهُ) عَلَى مَنْ قَسَمَ لَهُمْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَصَلَهُ حَقُّهُ مِنْ الْقِسْمَةِ فَلَا تَجُوزُ وَلَوْ تَعَدَّدَ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ، وَهَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَيْعِ مَا فِي ذِمَّةٍ بِمَا فِي ذِمَّةٍ أُخْرَى، وَهُوَ لَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ يَأْخُذُ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْهُ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ فَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ إلَخْ (قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ غَائِبًا؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ كُلُّهُ مُؤَجَّلًا بِأَجَلٍ أَوْ بِأَجَلَيْنِ كَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِائَتَيْنِ إحْدَاهُمَا مَحْرَمِيَّةٌ وَالْأُخْرَى رَجَبِيَّةٌ فَيَتَرَاضَى الْوَرَثَةُ عَلَى أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةً.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ صِنْفَيْنِ) أَيْ بَلْ يُقْسَمُ كُلُّ صِنْفٍ عَلَى حِدَتِهِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِ الْقُرْعَةِ فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ (قَوْلُهُ وَجَازَ خِيَارُ أَحَدِهِمَا) أَيْ جَازَ أَنْ يَقْتَسِمَا وَيَجْعَلَا لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا مَعًا الْخِيَارَ سَوَاءٌ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ أَوْ جَعَلَهُ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) وَذَكَرَ بَعْضُ الرُّوَاةِ مَنْعَهُ فِي الْقُرْعَةِ، وَأَمَّا فِي الْمُرَاضَاةِ فَلَا نِزَاعَ فِي جَوَازِهِ (قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْخِيَارِ هُنَا مُمَاثِلًا لِلْخِيَارِ فِي الْبَيْعِ فِي الْمُدَّةِ الْمُخْتَلِفَةِ بِاخْتِلَافِ السِّلَعِ وَفِيمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَفِيمَا يَدُلُّ عَلَى الرَّدِّ.

(قَوْلُهُ يُغْنِي عَنْهُ) أَيْ يُغْنِي عَنْ رُجُوعِهِ لَهُ (قَوْلُهُ يَا مَنْ اسْتَعَرْت أَرْضًا) أَيْ أَوْ اسْتَأْجَرَتْهَا (قَوْلُهُ غَرَسَ أُخْرَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى الْمَقْلُوعَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا، وَأَمَّا غَرْسُ اثْنَتَيْنِ بَدَلَ الْمَقْلُوعَةِ فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الْأُولَى وَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَغْرِسُ اثْنَيْنِ مَكَانَ وَاحِدَةٍ وَظَاهِرُهَا وَلَوْ كَانَا مِنْ جِنْسِ الْوَاحِدَةِ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ بِهَا ضَرَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ بِفِعْلِ فَاعِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرَ الْمُسْتَعِيرِ أَوْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَعِيرَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَكُنْ الْمَغْرُوسَةَ) أَيْ الَّتِي تُرِيدُ غَرْسَهَا (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةِ عُرُوقِهَا) أَيْ بِأَنْ تَكُونَ عُرُوقُهَا الْمُغَيَّبَةُ فِي الْأَرْضِ تُضِرُّ بِمَا يُجَاوِرُهُ أَوْ تُهْلِكُهُ (قَوْلُهُ بَيَاضَ الْأَرْضِ) أَيْ الْأَرْضِ الْبَيْضَاءِ أَيْ الْمُشْرِقَةِ بِالشَّمْسِ فَتَضْعُفُ مَنْفَعَتُهَا بِسَتْرِ الْفُرُوعِ لَهَا (قَوْلُهُ الْجَارِي) أَيْ الَّذِي أَجْرَيْته فِي أَرْضِهِ بِإِذْنِهِ وَأَوْصَلْته لِأَرْضِك (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَبِّ النَّهْرِ مُعَارَضَةُ رَبِّ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ) ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا أَضَرَّ بِالنَّهْرِ أَمْ لَا وَقَيَّدَهُ اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ بِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ كُنَاسَتِهِ) أَيْ طِينِهِ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْعُرْفِ) أَيْ عَلَى عُرْفِ أَهْلِ الْبَلَدِ مِنْ طَرْحِهَا عَلَى حَافَّتِهِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهُ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ جَرَى) أَيْ الْعُرْفُ وَقَوْلُهُ بِالطَّرْحِ عَلَى حَافَّتِهِ أَيْ وَكَانَ بِهَا شَجَرٌ وَكَانَ هُنَا سِعَةٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الِاسْتِدْرَاكِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ تُطْرَحْ بِحَافَّتِهِ إلَخْ كَالْمُسْتَثْنَى مِمَّا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا طُرِحَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ يَعْنِي فِي أَسْفَلِ الشَّجَرِ الْمَغْرُوسِ عَلَى حَافَّةِ النَّهْرِ لَا عَلَى أَعْلَى الشَّجَرِ كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إنْ ضَاقَ مَا بَيْنَ الشَّجَرِ طُرِحَتْ فَوْقَهَا

(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذَا رَزَقَ الْإِمَامُ الْقَاسِمَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ حَرُمَ عَلَيْهِ الْأَخْذُ مِمَّنْ يَقْسِمُ لَهُمْ سَوَاءٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَوْ لَا وَكَذَلِكَ إذَا جَعَلَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ الْقَاضِي فِي كُلِّ تَرِكَةٍ أَوْ فِي كُلِّ شَرِكَةٍ كَذَا سَوَاءٌ قَسَمَ أَوْ لَمْ يَقْسِمْ فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ بِلَا خِلَافٍ.

وَأَمَّا إذَا جُعِلَ لَهُ فِي كُلِّ تَرِكَةٍ أَوْ شَرِكَةٍ كَذَا إذَا قَسَمَ وَقَسَمَ بِالْفِعْلِ فَأَخْذُهُ مَكْرُوهٌ كَانُوا أَيْتَامًا أَمْ لَا، وَأَمَّا الشُّرَكَاءُ إذَا تَرَاضَوْا عَلَى مَنْ يَقْسِمُ لَهُمْ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ بِلَا خِلَافٍ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إذَا شَهِدَ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ أَرْسَلَهُ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي أَوْ لَا كَمَا هُوَ الْمَنْصُوصُ فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُ عبق، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي وَإِلَّا جَازَتْ شَهَادَتُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ

ص: 504

وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَيَجُوزُ وَفِي الْحَقِيقَةِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِتَقْيِيدٍ إذْ حَقِيقَةُ الشَّهَادَةِ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ غَيْرِ الْقَاضِي الَّذِي أَرْسَلَهُ، وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَإِعْلَامٌ بِمَا حَصَلَ (وَ) جَازَ (فِي قَفِيزٍ) مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً (أَخْذُ أَحَدِهِمَا ثُلُثَيْهِ وَالْآخَرِ ثُلُثَهُ) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مُرَاضَاةً فَقَطْ لَا قُرْعَةً إذَا اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً (لَا إنْ زَادَ) أَحَدُهُمَا (عَيْنًا) لِصَاحِبِهِ لِأَجْلِ دَنَاءَةِ نَصِيبِهِ (أَوْ) زَادَ (كَيْلًا لِدَنَاءَةٍ) فِي مَنَابِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْأَجْوَدِ جَازَ كَمَا إذَا اسْتَوَيَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً.

(وَ) جَازَ (فِي كَثَلَاثِينَ قَفِيزًا) مِنْ حَبٍّ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا سَوِيَّةً (وَثَلَاثِينَ دِرْهَمًا) كَذَلِكَ (أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَعِشْرِينَ قَفِيزًا) وَالْآخَرِ عِشْرِينَ دِرْهَمًا وَعَشَرَةَ أَقْفِزَةٍ (إنْ اتَّفَقَ الْقَمْحُ) أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْحَبِّ (صِفَةً) سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً نَقِيًّا أَوْ غَلْثًا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ بِمَنْزِلَةِ قَسْمِ الْمَكِيلِ وَحْدَهُ تَفَاضُلًا وَالدَّرَاهِمِ وَحْدَهَا تَفَاضُلًا وَقَدْ عَلِمْت جَوَازَهُ حَيْثُ اتَّفَقَ جَوْدَةَ وَرَدَاءَةً فَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ الْقَمْحِ لَمْ يَجُزْ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَاهِمُ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ فِي الدَّرَاهِمِ بِاخْتِلَافِ الرَّوَاجِ لَا الذَّاتِ فَاخْتِلَافُهَا فِي صِفَتِهَا مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الرَّوَاجِ لَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُرَدُّ لِأَعْيَانِهَا (وَوَجَبَ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ) وَغَيْرِهِ مِنْ الْحَبِّ (لِبَيْعٍ) أَيْ لِأَجْلِ بَيْعِهِ (إنْ زَادَ غَلْثُهُ عَلَى الثُّلُثِ وَإِلَّا) يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَ الثُّلُثُ فَدُونَ (نُدِبَتْ) الْغَرْبَلَةُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عِنْدَ مَنْ أَقَامَهُ وَعِنْدَ غَيْرِهِ فَهَذَا الْقَيْدُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَالنَّصُّ بِخِلَافِهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَغَيْرَهُ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ، وَأَمَّا عِنْدَ مَنْ أَرْسَلَهُ فَيَجُوزُ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ عَزْلِهِ حَيْثُ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ وَشَهِدَ عِنْدَهُ حَالَ التَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ وَفِي قَفِيزٍ أُخِذَ إلَخْ) أُخِذَ عَلَى ارْتِزَاقِهِ وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ أَعْنِي فِي قَفِيزٍ فَاصِلٌ بَيْنَ الْعَاطِفِ وَالْمَعْطُوفِ وَالْقَفِيزُ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ صَاعًا وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَنَا بِمِصْرَ زَكِيبَةً اهـ.

شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ مُرَاضَاةً فَقَطْ لَا قُرْعَةً) أَيْ.

وَأَمَّا بِالْقُرْعَةِ فَيُمْنَعُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهَا فِي الْمِثْلِيَّاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ رِضَا الشَّرِيكَيْنِ بِالتَّفَاضُلِ وَالْقُرْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ فِي مَسْأَلَةِ الْقَفِيزِ إذَا وَقَعَ الْقَسْمُ مُرَاضَاةً مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاضَاةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا أَنَّهَا بَيْعٌ وَإِلَّا فَالْمَنْعُ فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْجَوَازِ فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْمُرَاضَاةَ بَيْعٌ (قَوْلُهُ إذَا اسْتَوَى الثُّلُثُ وَالثُّلُثَانِ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً) أَيْ وَكَذَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ أَرْدَأَ لِتَمَحُّضِ الْفَضْلِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِنْهُ إلَخْ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ الثُّلُثَانِ أَرْدَأَ فَالْمَنْعُ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ لَا إنْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ إذَا اقْتَسَمَا عَيْنًا أَنْ يَزِيدَ آخِذُ الْجَيِّدَةِ عَيْنًا لِآخِذِ الرَّدِيئَةِ لِأَجْلِ دَنَاءَةِ مَا أَخَذَهُ وَلَا يَجُوزُ إذَا اقْتَسَمَا طَعَامًا أَنْ يَزِيدَ آخِذُ الْجَيِّدِ كَيْلًا لِآخِذِ الرَّدِيءِ لِدَنَاءَةِ مَا أَخَذَهُ.

(قَوْلُهُ لَدَوْرَانِ الْفَضْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ الْفَضْلِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ مُنَزَّلَةٌ مَنْزِلَةَ الزِّيَادَةِ فِي الْعَدَدِ فَصَاحِبُ الْجَيِّدَةِ يَرْغَبُ لَهَا لِجَوْدَتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ عَدَدًا وَآخِذُ الدَّنِيئَةِ يَرْغَبُ لَهَا لِكَثْرَتِهَا فَلَمَّا دَارَ الْفَضْلُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ انْتَفَى قَصْدُ الْمَعْرُوفِ فَغَلَبَ جَانِبُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ فِي الْأَجْوَدِ جَازَ) أَيْ بِأَنْ دَفَعَ آخِذُ الْأَرْدَإِ لِآخِذِ الْأَجْوَدِ زِيَادَةً (قَوْلُهُ كَمَا إذَا اسْتَوَيَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً) أَيْ وَزَادَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَ أَحَدُهُمَا) عَلَى سَبِيلِ الْمُرَاضَاةِ إذْ لَا يُجْمَعُ فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ نَوْعَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الْمُرَاضَاةُ تَمْيِيزُ حَقٍّ فَهُوَ فَرْعٌ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ لَا بَيْعَ) أَيْ وَإِلَّا لَمُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ وَدَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا وَقَوْلُهُ بِمَنْزِلَةِ أَيْ فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَ صِفَةُ الْقَمْحِ) أَيْ بِأَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا مَحْمُولَةً وَالْآخَرُ سَمْرَاءَ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا نَقِيًّا وَالْآخَرُ غَلْثًا (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُمَا عَمَّا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ فِي الْأَقْفِزَةِ وَالدَّرَاهِمِ إنَّمَا هُوَ لِغَرَضٍ، وَهُوَ هُنَا الْمُكَايَسَةُ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ الدَّرَاهِمُ) أَيْ فِي الصِّفَةِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ وَعَلَّلَ ذَلِكَ بِأَنَّهَا إذَا اخْتَلَفَتْ فِي الصِّفَةِ اخْتَلَفَتْ الْأَغْرَاضُ فَيَنْتَفِي الْمَعْرُوفُ؛ لِأَنَّ عُدُولَهُمْ عَمَّا هُوَ الْأَصْلُ مِنْ أَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ فِي الدَّرَاهِمِ إنَّمَا هُوَ لِغَرَضِ الْمُكَايَسَةِ وَقَوْلُهُ لَكِنَّ الْعِبْرَةَ إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ لِطَرِيقَةٍ أُخْرَى، وَهِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْجَوَازِ اتِّفَاقُ الدَّرَاهِمِ فِي الصِّفَةِ وَالْعِبْرَةُ إنَّمَا هُوَ بِاتِّفَاقِهَا فِي الرَّوَاجِ فَاخْتِلَافُهَا فِي الصِّفَةِ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الرَّوَاجِ لَا يَضُرُّ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ خَصَّصَ شَرْطَ الِاتِّفَاقِ فِي الصِّفَةِ بِالْقَمْحِ فَيَقْتَضِي أَنَّ الدَّرَاهِمَ لَا يُشْتَرَطُ اتِّفَاقُهَا صِفَةً (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَوَازِ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ مِائَةُ قَفِيزٍ قَمْحٍ وَمِائَةُ قَفِيزٍ شَعِيرٍ شَرِكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ اقْتَسَمَاهَا مُرَاضَاةً فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا سِتِّينَ قَمْحًا وَأَرْبَعِينَ شَعِيرًا وَأَخَذَ الْآخَرُ سِتِّينَ شَعِيرًا وَأَرْبَعِينَ قَمْحًا فَيَجُوزُ مَعَ اتِّفَاقِ الْحَبِّ فِي الصِّفَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ (قَوْلُهُ وَوَجَبَ غَرْبَلَةُ قَمْحٍ إنْ زَادَ غَلْثُهُ عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَلْثُ تِبْنًا أَوْ غَيْرَهُ وَكَذَا يَجِبُ تَنْقِيَةُ بَلَحٍ زَادَ حَشَفُهُ الْبَالِي الَّذِي لَا حَلَاوَةَ فِيهِ عَلَى الثُّلُثِ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْغَرْبَلَةُ عِنْدَ زِيَادَةِ الْغَلْثِ عَلَى الثُّلُثِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ مِنْ غَيْرِ غَرْبَلَةٍ فِيهِ غَرَرٌ كَثِيرٌ

ص: 505

بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ فَلَا تَجِبُ فِيهَا الْغَرْبَلَةُ وَلَوْ زَادَ الْغَلْثُ عَلَى الثُّلُثِ

(وَ) جَازَ فِي الْقَسْمِ (جَمْعُ بَزٍّ) الْبَزُّ بِفَتْحِ الْبَاءِ كُلُّ مَا يُلْبَسُ مِنْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ أَوْ خَزٍّ أَوْ حَرِيرٍ مَخِيطٍ أَوْ غَيْرِ مَخِيطٍ أَيْ جَمْعِ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ بَعْدَ أَنْ يُقَوَّمَ الْكَتَّانُ عَلَى حِدَةٍ وَالْقُطْنُ عَلَى حِدَةٍ وَهَكَذَا فَلَا يَجِبُ إفْرَادُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَتِهِ.

(وَلَوْ كَصُوفٍ وَحَرِيرٍ) ؛ لِأَنَّهَا كَالصِّنْفِ الْوَاحِدِ عِنْدَهُمْ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا اللُّبْسُ.

وَأَمَّا الزِّينَةُ فَلَا تُعْتَبَرُ شَرْعًا وَسَوَاءٌ احْتَمَلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقِسْمَةَ عَلَى حِدَتِهِ أَمْ لَا (لَا) جَمْعُ أَرْضٍ (كَبَعْلٍ وَذَاتِ) أَيْ مَعَ أَرْضٍ ذَاتِ (بِئْرٍ) بِدُولَابٍ (أَوْ غَرْبٍ) أَيْ دَلْوٍ كَبِيرٍ فَتَغَايَرَ الْمَعْطُوفَانِ وَالْأَوْجَهُ فِي التَّغَايُرِ أَنْ يُقَالَ ذَاتُ بِئْرٍ مُطْلَقًا أَوْ ذَاتُ غَرْبٍ مِنْ بَحْرٍ أَوْ غَدِيرٍ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْقُرْعَةِ لِاخْتِلَافِ زَكَاةِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَكَانَا صِنْفَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ كَالنَّوْعَيْنِ وَمَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ الْبَعْلُ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَمَعَهُمَا مَعًا وَمَفْهُومُهُ أَنَّ ضَمَّ ذَاتِ الدُّولَابِ لِذَاتِ الْغَرْبِ جَائِزٌ وَالسَّيْحُ، وَهُوَ مَا يُرْوَى بِالْمَاءِ الْوَاصِلِ لَهَا مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ كَالْبَعْلِ فِي تِلْكَ الْأَقْسَامِ، وَهُوَ مَدْخُولُ الْكَافِ

(وَ) لَا يَجُوزُ (ثَمَرٍ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ قَسْمُهُ عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً، وَهُوَ الْبَلَحُ الصَّغِيرُ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ الْآتِي (أَوْ زَرْعٍ) بِأَرْضِهِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ بِالْخَرْصِ أَيْ التَّحَرِّي (إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ) أَيْ لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْجَذِّ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ سَكَتَا؛ لِأَنَّ قَسْمَهُ مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ يَمْنَعُ بَيْعَهُ مُنْفَرِدًا بِالتَّحَرِّي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى التَّبْقِيَةِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ عَاجِلًا جَازَ.

وَأَمَّا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ فَالْمَنْعُ بِالْأَوْلَى فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ عَلَى أُصُولِهِ؛ لِأَنَّهُ رِبَوِيٌّ الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحْقِيقِ التَّفَاضُلِ فَلَا يُقْسَمُ إلَّا كَيْلًا أَوْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ (كَقَسْمِهِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (بِأَصْلِهِ) أَيْ مَعَ أَصْلِهِ، وَهُوَ الشَّجَرُ وَأَرْضُ الزَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ أَوْ لَا بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْقِسْمَةِ) أَيْ بِالْقُرْعَةِ بِنَاءً عَلَى دُخُولِهَا فِي الْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ فِيهَا عَدَمُ الْغَرْبَلَةِ؛ لِأَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ فَيُغْتَفَرُ فِيهَا مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْبَيْعِ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مَسْأَلَةَ الْبَيْعِ هُنَا مَعَ أَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْقِسْمَةِ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْغَرْبَلَةَ فِيهَا لَيْسَ حُكْمُهَا كَالْبَيْعِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ فِي الْقَسْمِ جَمْعُ بَزٍّ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجَمْعُ إلَخْ لَيْسَ عَطْفًا عَلَى فَاعِلٍ وَجَبَ وَلَا نُدِبَ بَلْ عَلَى فَاعِلِ جَازَ الْمُتَقَدِّمِ وَمَحَلُّ جَوَازِ الْجَمْعِ إذَا تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ وَطَلَبًا الْقَسْمَ وَلَمْ يَذْكُرَا جَمْعًا وَلَا إفْرَادًا أَمَّا لَوْ طَلَبَ الْجَمْعَ أَحَدُهُمَا كَانَ وَاجِبًا فَإِنْ طَلَبَا الْإِفْرَادَ كَانَ الْجَمْعُ مَمْنُوعًا (قَوْلُهُ كُلُّ مَا يُلْبَسُ) أَيْ وَمِنْهُ الْفِرَاءُ كَمَا لِعِيَاضٍ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ ثُمَّ بِجَمْعٍ فِي الْقَسْمِ فَتُفْرَدُ عِنْدَ التَّقْوِيمِ وَتُجْمَعُ عِنْدَ الْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ أَصْنَافًا حَقِيقَةً لَكِنَّهُمْ جَعَلُوهَا كَالصِّنْفِ الْوَاحِدِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ هَذِهِ الْأَصْنَافِ وَاحِدٌ، وَهُوَ السَّتْرُ وَاتِّقَاءُ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ إفْرَادُ كُلِّ صِنْفٍ عَلَى حِدَةٍ) أَيْ بِالْقَسْمِ بَلْ يَجُوزُ كَمَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَصُوفٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ وَجَمْعُ بَزٍّ مُخْتَلِفٍ وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ كَصُوفٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا جَمْعُ أَرْضٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ جَمْعُ أَرْضٍ كَبَعْلٍ، وَهِيَ الَّتِي يَشْرَبُ زَرْعُهَا بِعُرُوقِهِ مِنْ رُطُوبَتِهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَرَبٍ) أَيْ أَوْ ذَاتُ بِئْرٍ بِغَرَبٍ (قَوْلُهُ فَتَغَايَرَ الْمَعْطُوفَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْغَرَبَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ، وَهُوَ الدُّولَابُ وَهُمَا مُتَغَايِرَانِ لَا أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى بِئْرٍ حَتَّى يَلْزَمَ عَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ؛ لِأَنَّ الْغَرَبَ يُسْقَى بِهِ مِنْ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِدُولَابٍ أَوْ بِغَرَبٍ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْبَعْلِ وَبَيْنَ ذَاتِ الْبِئْرِ أَوْ ذَاتِ الْغَرَبِ (قَوْلُهُ كَنَوْعَيْنِ) أَيْ فَإِنَّ الزَّكَاةَ فِي الْأَوَّلِ وَالْعُشْرَ وَمِنْ الْأَخِيرَيْنِ نِصْفُ الْعُشْرِ فَنُزِّلَتْ تِلْكَ الْأَرَاضِي مَنْزِلَةَ الْأَنْوَاعِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهِيَ لَا تُجْمَعُ فِي الْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ وَالسَّيْحُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ كَالْبَعْلِ خَبَرُهُ وَقَوْلُهُ فِي تِلْكَ الْأَقْسَامِ أَيْ أَقْسَامِ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ فَلَا يُجْمَعُ أَرْضُ سَيْحٍ مَعَ ذَاتِ بِئْرٍ بِدُولَابٍ أَوْ غَرَبٍ وَلَا مَعَهُمَا، وَأَمَّا جَمْعُ السَّيْحِ مَعَ الْبَعْلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ جَوَازُهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ الْمَنْعُ وَأَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا بِلَوْ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ أَيْ السَّيْحُ مَدْخُولُ الْكَافِ أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَبَعْلٍ

(قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً) الصَّوَابُ الْعُمُومُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَلَحِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْفَوَاكِهِ كَمَا فِي بْن وَقَوْلُهُ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ الْآتِي أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَاتَّحَدَا مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ فَلَا يُنْتِجُ التَّخْصِيصَ فِي جَمِيعِ السِّيَاقِ (قَوْلُهُ أَوْ زَرْعٍ بِأَرْضِهِ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الزَّرْعِ الْقَائِمِ فِي أَرْضِهِ (قَوْلُهُ أَيْ التَّحَرِّي) أَيْ بِأَنْ يَتَحَرَّى أَنَّ زَرْعَ أَوْ بَلَحَ تِلْكَ الْجِهَةِ قَدْرَ زَرْعِ أَوْ بَلَحِ تِلْكَ الْجِهَةِ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ جِهَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِسْمَهُ مِنْ الْبَيْعِ) هَذَا التَّعْلِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَمْنُوعَ قَسْمُهُ مُرَاضَاةً؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْبَيْعِ وَأَنَّ قَسْمَهُ بِالْقُرْعَةِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ قَسْمَهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا كَانَتْ الْقِسْمَةُ مُرَاضَاةً أَوْ بِالْقُرْعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ عَاجِلًا جَازَ) أَيْ إذَا وُجِدَتْ بَقِيَّةُ شُرُوطِ بَيْعِهِ عَلَى الْجَذِّ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ وَالِاضْطِرَارِ وَعَدَمِ التَّمَالُؤِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن (قَوْلُهُ فَالْمَنْعُ بِالْأَوْلَى) أَيْ وَإِلَّا مَا سَيَأْتِي اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الثَّمَرِ وَالْعِنَبِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ بِالشُّرُوطِ السِّتَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ بِالْخَرْصِ عَلَى أُصُولِهِ) أَيْ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْسَمُ إلَّا كَيْلُهُ) أَيْ بَعْدَ جَذِّهِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ دَخَلَا

ص: 506

كَثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ مُنْفَرِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرْضٍ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي مُطْلَقِ الْمَنْعِ لَا بِقَيْدِ الشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ (أَوْ) قَسْمِهِ (قَتًّا أَوْ ذَرْعًا) بِقَصَبَةٍ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا لِلشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ الْمُؤَدِّي إلَى الْمُزَابَنَةِ

(أَوْ) قَسْمٍ (فِيهِ فَسَادٌ) فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مُرَاضَاةً لِلنَّهْيِ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ بِلَا فَائِدَةٍ (كَيَاقُوتَةٍ أَوْ كَجَفِيرٍ) لِسَيْفٍ، وَأَمَّا الْمُزْدَوَجَانِ كَالْخُفَّيْنِ فَيَجُوزُ مُرَاضَاةً لَا قُرْعَةً (أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْحَزْرِ وَالتَّحَرِّي فَيُمْنَعُ، ثُمَّ إنْ كَانَتْ فِي بِمَعْنَى مَعَ تَكَرُّرِ مَعَ، قَوْلُهُ كَقِسْمَةٍ بِأَصْلِهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِمَعْنَى عَلَى تُكَرَّرْ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الثَّانِي، وَيُحْمَلُ هَذَا عَلَى مَا إذَا بَدَا صَلَاحُهُ وَذَاكَ قَبْلَ بُدُوِّهِ أَوْ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى ثَمَرٍ غَيْرِ النَّخْلِ وَذَاكَ فِي النَّخْلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

السُّكُوتَ أَوْ التَّبْقِيَةَ (قَوْلُهُ كَثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ قَسْمُ الثَّمَرِ غَيْرَ النَّخْلِ بِالتَّحَرِّي قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ غَيْرُ مُسَلَّمٍ بَلْ ثَمَرُ غَيْرِ النَّخْلِ كَثَمَرِ النَّخْلِ إذَا قُسِّمَ مُفْرَدًا بِالْخَرْصِ يُمْنَعُ إنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ.

وَأَمَّا إنْ دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ) أَيْ وَالْعَرْضُ مَعَ الطَّعَامِ يُقَدَّرُ أَنَّهُ طَعَامٌ وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَسْمَهُ بِأَصْلِهِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ (قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلشَّارِحِ) قَالَ بْن، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ غَيْرُهُ مِنْ جَعْلِ التَّشْبِيهِ تَامًّا فَقَالَ كَقَسْمِ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ مِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ مَعَ أَصْلِهِ، وَهُوَ الشَّجَرُ وَأَرْضُ الزَّرْعِ فَيُمْنَعُ مَعَ اشْتِرَاطِ الْبَقِيَّةِ أَوْ السُّكُوتِ.

وَأَمَّا عَلَى الْجَذِّ فَيَجُوزُ، وَأَمَّا قَسْمُ مَا بَدَا صَلَاحُهُ مَعَ أَصْلِهِ فَيُمْنَعُ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعَ طَعَامٍ وَعَرْضٍ بِطَعَامٍ وَعَرْضٍ، وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا قَالَ مَالِكٌ: إذَا وَرِثَ قَوْمٌ شَجَرًا أَوْ نَخْلًا وَفِيهَا ثَمَرٌ فَلَا تُقْسَمُ الثِّمَارُ مَعَ الْأَصْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الثِّمَارُ طَلْعًا أَوْ وَدْيًا إلَّا أَنْ يَجُرَّاهُ مَكَانَهُ اهـ.

وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ تَقُولَ لَا يَجُوزُ قِسْمَةُ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ بِالتَّحَرِّي وَقَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ وَيَجُوزُ إذَا دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ.

وَأَمَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا إلَّا الْبَلَحُ وَالْعِنَبُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِالشُّرُوطِ السِّتَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا أُرِيدَ قَسْمُهُ بِدُونِ أَصْلِهِ، وَأَمَّا لَوْ أُرِيدَ قَسْمُهُ مَعَهُ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ جَازَ إنْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ وَمُنِعَ إنْ دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ مُنِعَ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ، هَذَا عَلَى طَرِيقَةِ غَيْرِ بَهْرَامَ، وَهِيَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَتِهِ فَمَتَى قُسِمَ مَعَ أَصْلِهِ مُنِعَ مُطْلَقًا بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا، دَخَلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ الْجَذِّ أَوْ السُّكُوتِ (قَوْلُهُ أَوْ قَسَمَهُ) أَيْ الزَّرْعُ تَحَرِّيًا قَتًّا أَيْ حَزْمًا، وَهُوَ أَيْ قَوْلُهُ أَوْ وَقْتًا عَطْفٌ عَلَى بِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بَعْدَ تَصْفِيَتِهِ بِمِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ، وَهُوَ الْكَيْلُ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ قَسْمُ الزَّرْعِ هُنَا قَتًّا وَجَازَ بَيْعُ الْقَتِّ جُزَافًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقُتَّ جُزَافًا لَا مَنْفُوشًا لِكَثْرَةِ الْخَطَرِ هُنَا إذْ يُعْتَبَرُ فِي كُلٍّ مِنْ الطَّرَفَيْنِ شُرُوطُ الْجُزَافِ لَوْ قِيلَ بِجَوَازِهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ فِي طَرَفِ الْمَبِيعِ فَقَطْ، وَهُوَ الْقَتُّ (قَوْلُهُ إلَى الْمُزَابَنَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يُرِيدُ زَبْنَ الْآخَرِ أَيْ دَفْعَهُ وَغَلَبَتَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ يُشِيرُ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالزَّرْعِ هُنَا مَا يُمْنَعُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ كَالْبِرْسِيمِ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ عِنْدَ قَوْلِهِ كَبَقْلٍ

(قَوْلُهُ أَوْ فِيهِ فَسَادٌ) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَالْمَوْصُوفُ الْمَحْذُوفُ عُطِفَ عَلَى قَسْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَقَسَمِهِ بِأَصْلِهِ (قَوْلُهُ كَيَاقُوتَةٍ) أَيْ وَفَصٍّ وَلُؤْلُؤَةٍ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ نِصْفَيْنِ وَأَخْذُ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ الْوَرَثَةِ نِصْفًا مُرَاضَاةً أَوْ بِالْقُرْعَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَفِيرِ.

(قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمُزْدَوَجَانِ كَالْخُفَّيْنِ) أَيْ وَالنَّعْلَيْنِ وَالْمِصْرَاعَيْنِ وَجَعَلَ ح مِنْ الْمُزْدَوِجَيْنِ الْكِتَابُ إذَا كَانَ سِفْرَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ مُرَاضَاةً) أَيْ لِإِمْكَانِ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ شِرَاءُ فَرْدَةٍ أُخْرَى يَكْمُلُ بِهَا الِانْتِفَاعُ؛ كَذَا عَلَّلُوا، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ يَجْرِي فِي الْقُرْعَةِ أَيْضًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ) عَطْفٌ عَلَى إنْ لَمْ يَجُذَّاهُ (قَوْلُهُ مَعَ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مَعَ مَا قَبْلَ قَوْلِهِ كَقَسْمِهِ بِأَصْلِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَثَمَرٍ إذْ مَعْنَاهُ وَثَمَرٍ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ هَذَا إلَخْ) عَلَى الْجَوَابِ الْأَوَّلِ يَصِيرُ الِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَ، وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا الثَّمَرَ مُتَّصِلًا وَعَلَى الْجَوَابِ الثَّانِي يَصِيرُ مُنْقَطِعًا وَإِنَّمَا حُمِلَ مَا هُنَا عَلَى مَا بَدَا صَلَاحُهُ وَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ لِإِطْلَاقِهِ الْمَنْعَ هُنَا وَتَقْيِيدِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنَّمَا يُمْنَعُ قَسْمُهُ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى جَذِّهِ وَإِلَّا جَازَ، وَأَمَّا مَا بَدَا صَلَاحُهُ فَيُمْنَعُ قَسْمُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى جَذِّهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى ثَمَرِ غَيْرِ النَّخْلِ أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ؛ وَقَوْلُهُ وَذَاكَ فِي النَّخْلِ أَيْ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ.

وَهَذَا الْجَوَابُ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ ثَمَرَ غَيْرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ يُمْنَعُ قَسْمُهُ

ص: 507

(كَبَقْلٍ) لَا يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ بَلْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ مِنْهُ ثَمَنُهُ إلَّا أَنْ يَدْخُلَا عَلَى جَذِّهِ وَكَانَ فِيهِ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ فَيَجُوزُ، رِبْعًا لَمْ يَكُنْ فِيهِ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ وَدَخَلَا عَلَى جَذِّهِ جَازَ أَيْضًا عِنْدَ أَشْهَبَ وَرَجَحَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ رِبَوِيًّا، فَمَدَارُ الْجَوَازِ عَلَى الدُّخُولِ عَلَى جَذِّهِ، وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ قَوْلَهُ (إلَّا الثَّمَرَ) بِالْمُثَلَّثَةِ وَالْمُرَادُ ثَمَرُ النَّخْلِ خَاصَّةً بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي الشُّرُوطِ (وَالْعِنَبَ) فَيَجُوزُ قَسْمُ كُلٍّ عَلَى أَصْلِهِ بِالْخَرْصِ لِلضَّرُورَةِ أَوْ؛ لِأَنَّهُمَا يُمْكِنُ حَزْرُهُمَا بِخِلَافِ غَيْرِهِمَا مِنْ الثِّمَارِ لِتَغْطِيَةِ بَعْضِهِ بِالْوَرَقِ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إذَا اخْتَلَفَتْ حَاجَةُ أَهْلِهِ) بِأَنْ احْتَاجَ هَذَا لِلْأَكْلِ، وَهَذَا لِلْبَيْعِ (وَإِنْ) كَانَ الِاخْتِلَافُ (بِكَثْرَةِ أَكْلٍ) وَقِلَّتِهِ بِأَنْ يَكُونَ أَكْلُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ دُونَ الْآخَرِ، وَالشَّرْطُ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَقَلَّ) الْمَقْسُومُ لَا إنْ كَثُرَ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ وَالْقَلِيلُ مَا يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ عُرْفًا، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (وَحَلَّ بَيْعُهُ) أَيْ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ، وَالرَّابِعُ قَوْلُهُ (وَاتَّحَدَ) الْمَقْسُومُ (مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ) فَلَوْ كَانَ بَعْضُهُ بُسْرًا وَبَعْضُهُ رُطَبًا قُسِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ فَلَوْ صَارَ تَمْرًا يَابِسًا عَلَى أَصْلِهِ لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ بَلْ بِالْكَيْلِ؛ لِأَنَّ فِي قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ حِينَئِذٍ انْتِقَالًا مِنْ الْيَقِينِ، وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْكَيْلِ إلَى الشَّكِّ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا تَمْرٍ) فَيُمْنَعُ. وَأَشَارَ لِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَقُسِمَ بِالْقُرْعَةِ) لَا بِالْمُرَاضَاةِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مَحْضٌ فَلَا تَجُوزُ فِي مَطْعُومٍ إلَّا بِالْقَبْضِ نَاجِزًا، السَّادِسُ: أَنْ يُقْسَمَ (بِالتَّحَرِّي) أَيْ فِي كَيْلِهِ لَا قِيمَتِهِ فَيُتَحَرَّى كَيْلُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يُتَحَرَّى قِيمَتُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ وَلَا أَنَّهُ يُتَحَرَّى وَزْنُهُ ثُمَّ يُقْرَعُ عَلَيْهِ فَالتَّحَرِّي الَّذِي هُوَ شَرْطٌ تَحَرٍّ خَاصٍّ بِالْكَيْلِ وَالْخَرْصُ الَّذِي هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ تَحَرٍّ عَامٍّ شَامِلٍ لِلثَّلَاثَةِ فَلَا يَلْزَمُ شَرْطُ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ.

وَلَوْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِالْكَيْلِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ مُوهِمٌ، وَهَذَا فِي مَحَلِّ مِعْيَارِ الْبَلَحِ وَالْعِنَبِ فِيهِ بِالْكَيْلِ فَقَطْ أَوْ هُوَ مَعَ الْوَزْنِ.

وَأَمَّا فِي بَلَدٍ مِعْيَارُهُمَا فِيهِ الْوَزْنُ فَقَطْ كَمِصْرِ فَيُتَحَرَّى وَزْنُهُ قَالَهُ الْأَشْيَاخُ (كَالْبَلَحِ الْكَبِيرِ) تَشْبِيهٌ فِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ فَهُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَّ بَيْعُهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا الْبَلَحَ الْكَبِيرَ، وَهُوَ الرَّامِخُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ وَبَقِيَّةُ الشُّرُوطِ مِنْ اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ وَأَنْ يُقْسَمَ بِالْقُرْعَةِ وَأَنْ يُتَحَرَّى كَيْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهَا، وَيُزَادُ هُنَا شَرْطٌ، وَهُوَ أَنْ لَا يَدْخُلَا عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَّا فَسَدَ.

(وَ) إذَا اقْتَسَمَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْخَرْصِ مُطْلَقًا وَلَوْ دَخَلَا عَلَى الْجَذِّ بِخِلَافِ ثَمَرِ النَّخْلِ الَّذِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ إذَا لَمْ يَدْخُلَا عَلَى الْجَذِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ثَمَرُ غَيْرِ النَّخْلِ كَثَمَرِ النَّخْلِ كَمَا مَرَّ عَلَى الصَّوَابِ، فَالْأَوْلَى الْحَلُّ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَبَقْلٍ) أَيْ مِنْ كُرَّاثٍ وَسَلْقٍ وَكُزْبَرَةٍ وَبَصَلٍ وَجَزَر وَفُجْلٍ وَخَسٍّ اهـ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قِيلَ فِي الْبَقْلِ يُقَالُ فِي زَرْعِ الْبِرْسِيمِ.

وَحَاصِلُ مَا فِي الْبَقْلِ أَنْ تَقُولَ إذَا قُسِّمَ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ السُّكُوتِ فَالْمَنْعُ، بَدَا صَلَاحُهُ أَوْ لَا، قُسِمَ بِأَرْضِهِ أَوْ وَحْدَهُ، وَإِنْ قُسِمَ عَلَى الْجَذِّ فَإِنْ كَانَ هُنَاكَ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ أَجْزَأَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَفَاضُلٌ بَيِّنٌ أَجَازَهُ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَمَنَعَهُ غَيْرُهُمَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ بَدَا صَلَاحُهُ أَمْ لَا، قُسِمَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ لَا يُقْسَمُ عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ لَا يُقْسَمُ عَلَى حَالَةِ كَوْنِهِ عَلَى أَصْلِهِ الَّتِي هِيَ الْأَرْضُ (قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَتْ جَازَتْ الْقِسْمَةُ سَوَاءٌ دَخَلَا عَلَى الْجُذَاذِ أَوْ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ عَلَى السُّكُوتِ (قَوْلُهُ لِكَثْرَةِ عِيَالِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى سَوَاءٌ زَادَ عِيَالُ أَحَدِهِمَا عَلَى عِيَالِ الْآخَرِ أَوْ لَا، فَلَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَاطُ عَدَدِهِمَا بَلْ الْمَدَارُ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَاجَةِ مُطْلَقًا.

وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِكَثْرَةِ أَكْلِ عِيَالِ أَحَدِهِمَا أَوْ قِلَّةِ أَكْلِ عِيَالِ الْآخَرِ، وَلَوْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَدَدًا كَمَا فِي بْن، خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ اشْتِرَاطِ اخْتِلَافِ عَدَدِهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ بِخَرْصِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ بِالْكَيْلِ بَعْدَ جَذِّهِ أَوْ يُبَاعُ لِيُقْسَمَ ثَمَنُهُ (قَوْلُهُ مَا يَقَعُ فِيهِ اخْتِلَافُ الْحَاجَةِ عُرْفًا) هَذَا مَا اخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَقَالَ عج إنَّ الْقِلَّةَ مُعْتَبَرَةٌ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَحَلَّ بَيْعُهُ) أَيْ عَلَى التَّبْقِيَةِ لَا مُطْلَقِ مُحَلَّلٍ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الصَّغِيرَ إذَا بَلَغَ حَدَّ الِانْتِفَاعِ بِهِ حَلَّ بَيْعُهُ لَكِنْ عَلَى الْجَذِّ لَا عَلَى الْبَقَاءِ فَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إذَا كَانَ الْقَسْمُ عَلَى الْبَقَاءِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ هُنَا فَالصَّغِيرُ، لَمَّا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ عَلَى الْبَقَاءِ لَمْ يَجُزْ قَسْمُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ وَإِلَى كَوْنِ الْمُرَادِ وَحَلَّ بَيْعُهُ عَلَى التَّبْقِيَةِ أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِبُدُوِّ صَلَاحِهِ يَعْنِي بِالِاحْمِرَارِ أَوْ الِاصْفِرَارِ بِالنِّسْبَةِ لِثَمَرِ النَّخْلِ وَظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعِنَبِ (قَوْلُهُ قُسِمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَتِهِ) أَيْ وَلَا يُجْمَعَانِ فِي الْقَسْمِ بِالْخَرْصِ (قَوْلُهُ إلَى شَكٍّ) أَيْ، وَهُوَ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ (قَوْلُهُ بِالتَّحَرِّي) أَيْ فِي كَيْلِهِ أَيْ بِأَنْ يَتَحَرَّى كَيْلَ مَا عَلَى النَّخْلِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ وَكَيْلَ مَا عَلَى النَّخْلِ الَّذِي فِي الْجِهَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِذَا تَسَاوَى الْكَيْلَانِ ضُرِبَتْ الْقُرْعَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَتَحَرَّى إلَخْ (قَوْلُهُ شَامِلٌ لِلثَّلَاثَةِ) أَيْ تَحَرِّي الْكَيْلِ وَتَحَرِّي الْوَزْنِ وَتَحَرِّي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ شَرْطُ الشَّيْءِ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّحَرِّي، وَقَوْلُهُ فِي نَفْسِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ قَسْمُهُ بِالْخَرْصِ وَالْخَرْصُ هُوَ التَّحَرِّي (قَوْلُهُ مُوهِمٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ مِنْهُ تَحَرِّي الْوَزْنِ أَوْ تَحَرِّي الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ تَحَرِّي الْكَيْلِ (قَوْلُهُ لَا بُدَّ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ قَتْلُهُ وَلَا اتِّحَادُهُ مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ فِي الْبَلَحِ الرَّامِخِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَحَ إمَّا صَغِيرٌ، وَهُوَ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَثَمَرٌ وَزَرْعٌ إنْ لَمْ يَجُزْ فَالشَّرْطُ فِي جَوَازِ

ص: 508

ذَلِكَ كَذَلِكَ ثُمَّ اقْتَسَمَا الْأُصُولَ فَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا فِي أَصْلِ هَذَا وَبِالْعَكْسِ وَتَشَاحَّا فِي السَّقْيِ (سَقَى ذُو الْأَصْلِ) ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ لِغَيْرِهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ وَالشَّجَرِ الْأَرْضَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ فَعِنْدَ عَدَمِ الْمُشَاحَّةِ (كَبَائِعِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (الْمُسْتَثْنِي) لِنَفْسِهِ (ثَمَرَتَهُ) فَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ (حَتَّى يُسْلِمَ) الْأَصْلَ لِمُشْتَرِيهِ، وَهُوَ لَا يُسْلِمُهَا لَهُ إلَّا بَعْدَ الْجُذَاذِ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ تَجُوزُ، إذْ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ يُوجِبُ إبْقَاءَ الثَّمَرَةِ الْمَأْبُورَةِ لِلْبَائِعِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْهَا الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَنَاوُلِ الْبِنَاءِ فَلْيُقْرَأْ الْمُسْتَثْنَى بِفَتْحِ النُّونِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَثَمَرَتُهُ بِالرَّفْعِ نَائِبُ الْفَاعِلِ أَيْ الْأَصْلُ الَّذِي اسْتَثْنَى لَهُ الشَّرْعُ ثَمَرَتَهُ عِنْدَ بَيْعِ أَصْلِهَا

(أَوْ) قَسْمٌ (فِيهِ تَرَاجُعٌ) بَيْنَ الْمُتَقَاسِمَيْنِ فَلَا يَجُوزُ كَدَارَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ بَيْنَهُمَا أَحَدُهُمَا بِمِائَةٍ وَالْآخَرُ بِخَمْسِينَ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ لَهُ ذُو الْمِائَةِ يَدْفَعُ لِصَاحِبِهِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَدْرِي هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ فَفِيهِ غَرَرٌ وَجَهَالَةٌ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ) مَا يَتَرَاجَعَانِ فِيهِ كَنِصْفِ الْعُشْرِ فَدُونَ فَيَجُوزُ، الرَّاجِحُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا، وَهَذَا فِي الْقُرْعَةِ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ.

وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ (أَوْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ) لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ قُرْعَةً وَلَا مُرَاضَاةً؛ لِأَنَّهُ لَبَنٌ بِلَبَنٍ مِنْ غَيْرِ كَيْلٍ، وَهُوَ مُخَاطَرَةٌ وَقِمَارٌ (إلَّا لِفَضْلٍ بَيِّنٍ) فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ (أَوْ قَسَمُوا) دَارًا مَثَلًا (بِلَا مَخْرَجٍ) لِأَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ (مُطْلَقًا) بِقُرْعَةٍ أَوْ مُرَاضَاةٍ، وَهَذَا إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ (وَصَحَّتْ) الْقِسْمَةُ (إنْ سَكَتَا عَنْهُ وَ) كَانَ (لِشَرِيكِهِ الِانْتِفَاعُ) بِالْمَخْرَجِ الَّذِي صَارَ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهُ

(وَلَا يُجْبَرُ) أَحَدٌ مِنْ الشُّرَكَاءِ (عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ) أَيْ مَحَلِّ جَرْيِهِ بِجَعْلِهِ قَنَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَيُجَابُ إلَى عَدَمِهِ مَنْ أَبَاهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقْوَى الْجَرْيُ فِي مَحَلٍّ دُونَ الْآخَرِ بِسَبَبِ رِيحٍ أَوْ عُلُوِّ مَحَلٍّ أَوْ خَفْضِ آخَرَ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا يَصِلُ لِكُلِّ ذِي حَقٍّ حَقُّهُ عَلَى الْكَمَالِ.

وَأَمَّا قَسْمُهُ مُرَاضَاةً فَجَائِزٌ وَمَنْ قَالَ مُرَادُهُ الْمَاءُ الْجَارِي فَالْمُرَادُ بِالْمَجْرَى الْجَارِي، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ وَأَنَّ مَعْنَاهُ أَيْ بِغَيْرِ الْقِلْدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ الدُّخُولُ عَلَى الْجَذِّ فَقَطْ، وَإِمَّا كَبِيرٌ، وَهُوَ الرَّامِخُ فَلَا بُدَّ فِي جَوَازِ قَسْمِهِ بِالْخَرْصِ مِنْ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُنَا فِي الْمَتْنِ إلَّا شَرْطِ الْقِلَّةِ وَالِاتِّحَادِ مِنْ بُسْرٍ أَوْ رُطَبٍ وَحِلْيَةِ الْبَيْعِ فَالْمُشْتَرَطُ فِيهِ تَحَرِّي الْكَيْلِ وَالْقَسْمِ بِالْقُرْعَةِ وَاخْتِلَافِ حَاجَةِ أَهْلِهِ وَالدُّخُولِ عَلَى الْجُذَاذِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَلَحُ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ قَسْمُهُ.

وَلَوْ عَلَى التَّبْقِيَةِ بِالشُّرُوطِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ ذَلِكَ) أَيْ الْبَلَحُ وَالْعِنَبُ وَقَوْلُهُ كَذَلِكَ أَيْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَوَقَعَ ثَمَرُ هَذَا الثَّانِي فِي أَصْلِ هَذَا الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَسَقَى ذُو الْأَصْلِ) الْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ أَصْلَهُ أَوْ نَخْلَهُ (قَوْلُهُ فَلْيُقْرَأْ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ قِرَاءَتُهُ بِكَسْرِ النُّونِ عَلَى أَنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ الثَّمَرُ غَيْرَ مُؤَبَّرٍ كَذَا فِي عبق، وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ الضَّعِيفِ مِنْ جَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الْبَائِعِ ثَمَرًا لَمْ يُؤَبَّرْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُسْتَثْنَى سَبَقَ فَقَطْ لَا أَنَّهُ مُشْتَرًى وَإِلَّا مُنِعَ

(قَوْلُهُ أَوْ فِيهِ تَرَاجُعٌ) عَطْفٌ عَلَى أَوَّلِ الْمَمْنُوعَاتِ وَهُوَ قَوْلُهُ لَا كَثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ إنْ لَمْ يَجُذَّ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) أَيْ وَدَخَلَا قَبْلَ الْقِسْمَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ صَارَ إلَخْ وَقَوْلُهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَدْرِي أَيْ حَالَ الْقِسْمَةِ (قَوْلُهُ كَنِصْفِ الْعُشْرِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ إحْدَى الدَّارَيْنِ تُسَاوِي مِائَةً وَالْأُخْرَى تُسَاوَى تِسْعِينَ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ مَنْ أَخَذَ ذَاتَ الْمِائَةِ يَدْفَعُ خَمْسَةً.

(قَوْلُهُ وَالرَّاجِحُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ مَنْعُ التَّعْدِيلِ فِي قَسْمِ الْقُرْعَةِ بِالْعَيْنِ مُطْلَقًا وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ سَلَّمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ التَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْهُمَا هَلْ يَرْجِعُ أَوْ يُرْجَعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَلَّ) أَيْ مَا يَتَرَاجَعَانِ فِيهِ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ أَوْ لَبَنٍ فِي ضَرْعٍ) أَيْ كَأَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا بَقَرَةٌ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَحْلِبُهَا يَوْمًا أَوْ بَقَرَتَانِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ وَاحِدَةً يَأْكُلُ لَبَنَهَا مَعَ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ سَوَاءٌ تَرَاضَيَا عَلَى أَنَّ هَذَا يَأْخُذُ هَذِهِ، وَهَذَا يَأْخُذُ الْأُخْرَى أَوْ اقْتَرَعَا فَلَا يَجُوزُ سَوَاءٌ اتَّفَقَ ذُو اللَّبَنِ أَوْ اخْتَلَفَ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ مُرَاضَاةً وَسَوَاءٌ اتَّفَقَ ذُو اللَّبَنِ كَبَقَرٍ أَوْ اخْتَلَفَ كَبَقَرٍ وَغَنَمٍ وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُهَايَأَةً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ عبق (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا تَرَكَ لِلْآخَرِ الْفَضْلَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَلَا مُخَاطَرَةَ (قَوْلُهُ بِلَا مَخْرَجٍ) مَثَلًا الْمَخْرَجُ الْمِرْحَاضُ وَالْمَنَافِعُ فَإِذَا قَسَمَا دَاخِلَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَا مِرْحَاضَ أَوْ لَا مَطْبَخَ لِأَحَدِهِمَا كَانَتْ الْقِسْمَةُ فَاسِدَةً كَانَتْ مُرَاضَاةً أَوْ بِالْقُرْعَةِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إنْ دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحِصَّةِ الَّتِي لَا لِمَخْرَجٍ لَهَا مَحَلٌّ يُمْكِنُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ فِيهِ مَخْرَجًا وَإِلَّا جَازَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمِرْحَاضِ وَالْمَطْبَخِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَرَاضَيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ عَلَى خُرُوجِ مَنْ لَمْ يُحَصِّلْ الْمَخْرَجَ فِي نَصِيبِهِ مِنْ الْمَخْرَجِ الَّذِي حَصَلَ لِلْآخَرِ وَهُوَ كَذَلِكَ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فَاسِدًا وَالْغَالِبُ عَدَمُ انْقِلَابِهِ صَحِيحًا

(قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ أَرْضٌ تُسْقَى مِنْ عَيْنٍ أَوْ مِنْ نَهْرٍ فَقُسِمَتْ الْأَرْضُ فَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْعَيْنَ أَوْ النَّهْرَ لَا يُقْسَمُ لَا مُرَاضَاةً وَلَا جَبْرًا وَأَنَّ مَجْرَى الْمَاءِ الْمُسَمَّى بِالْقَنَاةِ لَا تُقْسَمُ جَبْرًا فَإِذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ قِسْمَتَهَا وَأَبَى الْآخَرُ فَلَا يُجْبَرُ الْآبِي، وَإِنْ تَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهَا قُسِمَتْ وَإِذَا لَمْ يَتَرَاضَوْا عَلَى قِسْمَتِهَا وَقُلْتُمْ لَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى قَسْمِ الْمَجْرَى قُسِمَ الْمَاءُ بِالْقِلْدِ (قَوْلُهُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ)

ص: 509

بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فَقَدْ تَكَلَّفَ بِلَا فَائِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَنَّ الْقَنَاةَ الْمُتَّسِعَةَ لَا تُجْعَلُ قَنَاتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ جَبْرًا وَجَازَ مُرَاضَاةً فَإِنْ قَالَ بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْمَاءَ الْجَارِي أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ الْجَرْيُ كَالْعَيْنِ وَالْغَدِيرِ لَا يُقْسَمُ بِجَعْلِ حَاجِزٍ فِيهِ بَيْنَ النَّصِيبَيْنِ، قُلْنَا هَذَا مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا بِالْجَبْرِ وَبِالْمُرَاضَاةِ لِمَا فِيهِ مِنْ النَّقْصِ وَالضَّرَرِ.

(وَ) إذَا كَانَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْمَجْرَى (قُسِمَ) عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (بِالْقِلْدِ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَسُكُونِ اللَّامِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ جَرَّةٌ أَوْ قِدْرٌ تُثْقَبُ ثُقْبًا لَطِيفًا مِنْ أَسْفَلِهَا وَتُمْلَأُ مَاءً ثُمَّ يُرْسَلُ مَاءُ النَّهْرِ مَثَلًا إلَى الْأَرْضِ لِلسَّقْيِ فَإِذَا فَرَغَ مَاءُ الْجَرَّةِ أُرْسِلَ إلَى أَرْضِ الشَّرِيكِ الْآخَرِ وَمُرَادُ الْفُقَهَاءِ بِهِ الْآلَةُ الَّتِي يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى إعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَظِّ حَظَّهُ فَيَشْمَلُ الرَّمْلِيَّةَ الَّتِي يَسْتَعْمِلُهَا الْمُوَقِّتُونَ وَغَيْرَهَا وَالْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْمَوَاتِ أَرَادَ بِهِ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيَّ فَلِذَا عَطَفَ غَيْرَهُ عَلَيْهِ حَيْثُ قَالَ قُسِمَ بِقِلْدٍ أَوْ غَيْرِهِ وَهُنَا أَرَادَ بِهِ الْمَعْنَى الْمُرَادَ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ فَلِذَا أَطْلَقَ، وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْجَبْرِ قَوْلَهُ (كَسُتْرَةٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهِيَ لِأَحَدِهِمَا فَإِذَا سَقَطَتْ لَمْ يُجْبَرْ صَاحِبُهَا عَلَى إعَارَتِهِمَا بَلْ يُقَالُ لِلْجَارِ اُسْتُرْ عَلَى نَفْسِك إنْ شِئْت فَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا أُجْبِرَ مَنْ أَبَى إقَامَتَهَا مِنْهُمَا عَلَى إقَامَتِهَا فَقَوْلُهُ بَيْنَهُمَا مُتَعَلِّقٌ بِكَوْنٍ عَامٍّ أَيْ مَوْضُوعَةً أَيْ كَائِنَةً بَيْنَهُمَا وَلَا يَصِحُّ تَقْدِيرُهُ مُشْتَرَكَةً؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَةَ يُجْبَرُ الْآبِّي عَلَيْهِمَا كَمَا عَلِمْت وَكَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي غَايَةِ الْإِجْمَالِ وَحَقُّ الْعِبَارَةِ كَحَائِطٍ بَيْنَ جَارَيْنِ سَقَطَتْ، وَهِيَ لِأَحَدِهِمَا

(وَلَا يُجْمَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (بَيْنَ عَاصِبَيْنِ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عُصْبَةٍ كَثِيرَةٍ رَضُوا أَوْ لَمْ يَرْضَوْا، فَإِذَا كَانَ أَوْلَادُ الْمَيِّتِ مَثَلًا ثَلَاثَةً لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ وَيُفْرَدُ الثَّالِثُ، وَإِذَا كَانُوا أَرْبَعَةً لَمْ يَجُزْ الْجَمْعُ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ وَهَكَذَا إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ بِنْتٍ وَهُمْ إخْوَةٌ لِأَبٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ابْتِدَاءً بِرِضَاهُمْ ثُمَّ يُقْرَعُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الْفَرْضِ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِرِضَاهُمْ إلَّا مَعَ كَزَوْجَةٍ) مِنْ كُلِّ ذِي فَرْضٍ، الصَّوَابُ حَذْفُ إلَّا الثَّانِيَةِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمْ بِرِضَاهُمْ حَالَ كَوْنِهِمْ مَعَ ذِي فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ (فَيَجْمَعُوا) حَقُّهُ فَيَجْمَعُونَ بِثُبُوتِ النُّونِ (أَوَّلًا) أَيْ ابْتِدَاءً أَيْ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ ابْتِدَاءً ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا بَعْدَ أَنْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ذِي السَّهْمِ، وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ مَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَى قَوْلُهُ (كَذِي سَهْمٍ) أَيْ فَإِنَّهُ كَجَمْعٍ فِي الْقَسْمِ مَعَ ذِي سَهْمِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ، فَمَنْ مَاتَ عَنْ زَوْجَاتٍ وَأَخَوَاتٍ لِأُمٍّ وَأَخَوَاتٍ لِغَيْرِ أُمٍّ فَإِنَّ أَهْلَ كُلِّ ذِي سَهْمٍ يَجْمَعُونَ وَلَا يُعْتَبَرُ مَنْ أَرَادَ مِنْهُمْ عَدَمَهُ، فَلَوْ طَلَبَتْ إحْدَى الزَّوْجَاتِ مَثَلًا لِتَقْسِمَ نَصِيبَهَا عَلَى حِدَةٍ ابْتِدَاءً

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بِالْقُرْعَةِ بِأَنْ يُجْعَلَ قَنَاتَيْنِ وَتُضْرَبَ الْقُرْعَةُ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَقُسِمَ أَيْ الْمَاءُ بِالْقِلْدِ إذْ لَوْ لَمْ يُحْمَلْ مَا هُنَا عَلَى الْقَسْمِ بِغَيْرِ الْقِلْدِ لَنَافَى مَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ مَجْرَى الْمَاءِ أَيْ الْمَاءِ الْجَارِي أَفَادَ نَفْيَ الْجَبْرِ عَلَى قَسْمِهِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ وَقُسِمَ أَيْ الْمَاءُ الْجَارِي بِالْقِلْدِ ظَاهِرُهُ جَبْرًا عَنْ الْآبِي فَإِذَا حُمِلَ قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى قَسْمِ الْمَاءِ الْجَارِي أَيْ بِغَيْرِ الْقِلْدِ انْدَفَعَتْ الْمُنَافَاةُ (قَوْلُهُ فَقَدْ تَكَلَّفَ) هَذَا جَوَابُ مَنْ قَالَ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ فَسَّرْنَا مَجْرَى الْمَاءِ بِالْمَاءِ الْجَارِي أَوْ بِمَكَانٍ جَرْيِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ النَّقْصِ) أَيْ نَقْصِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ مَاءُ النَّهْرِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ) أَيْ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ جَرَّةٌ أَوْ قِدْرٌ إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِذَا سَقَطَتْ) أَيْ بِنَفْسِهَا أَوْ بِأَمْرٍ سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا لَوْ هَدَمَهَا صَاحِبُهَا فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى إعَادَتِهَا، كَذَا قِيلَ وَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ عَاصِبَيْنِ) حَاصِلُهُ أَنَّ قِسْمَةَ الْقُرْعَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْمَعَ فِيهَا بَيْنَ عَاصِبَيْنِ فَأَكْثَرَ سَوَاءٌ رَضُوا بِالْجَمْعِ أَوْ لَا، فَإِذَا كَانَتْ الْوَرَثَةُ كُلُّهُمْ عَصَبَةً كَأَرْبَعَةِ أَوْلَادٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ التَّرِكَةُ قِسْمَيْنِ كُلُّ قِسْمٍ لِعَاصِبَيْنِ وَتُضْرَبُ بِالْقُرْعَةِ إلَّا إذَا كَانَ مَعَ الْعَصَبَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ كَزَوْجَةٍ أَوْ أَصْحَابِ فُرُوضٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُ الْعَصَبَةُ حِينَئِذٍ إذَا رَضُوا، رَضِيَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ بِجَمْعِهِمْ أَمْ لَا، فَلَوْ تَرَكَ زَوْجَةً وَثَلَاثَةَ أَوْلَادٍ فَإِنَّ التَّرِكَةَ تُجْعَلُ ثَمَانِيَةَ أَقْسَامٍ وَتُجْمَعُ الْأَوْلَادُ الثَّلَاثَةُ وَيُكْتَبُ أَسْمَاؤُهُمْ فِي وَرَقَةٍ وَيُكْتَبُ اسْمُ الزَّوْجَةِ فِي وَرِقَّةٍ وَتُرْمَى الْوَرَقَتَانِ فَالْقَسَمُ الَّذِي جَاءَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الزَّوْجَةِ لَهَا وَمَا بَقِيَ لِلْأَوْلَادِ فَإِنْ شَاءُوا قَسَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَمَرُّوا عَلَى الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ وَهُمْ) أَيْ الْعَصَبَةُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمْ) أَيْ بَيْنَ الْعَصَبَةِ فِي السَّهْمِ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا) أَيْ مَا يَخُصُّهُمْ أَيْ، وَإِنْ شَاءُوا اسْتَمَرُّوا عَلَى الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِرِضَاهُمْ) أَيْ بِرِضَا الْعَصَبَةِ رَضِيَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ أَمْ لَا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِثُبُوتِ النُّونِ) أَيْ فَإِسْقَاطُهَا أَمَّا عَلَى اللُّغَةِ الْقَلِيلَةِ الَّتِي تَحْذِفُ نُونَ الرَّفْعِ لِمُجَرَّدِ التَّخْفِيفِ نَحْوَ: كَمَا تَكُونُوا يُوَلَّى عَلَيْكُمْ، وَكَقَوْلِهِ:

أَبِيت أَسْرِي وَتَبِيتِي تَدْلُكِي

وَجْهَك بِالْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ الذَّكِيّ

وَأَمَّا إنَّ هُنَا شَرْطًا مُقَدَّرًا، وَهُوَ فَإِنْ رَضُوا يَجْمَعُوا وَلَيْسَ الشَّرْطُ هُنَا مُقَدَّرًا قَبْلَ الْفَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْجَوَابَ لَا تَصْحَبُهُ الْفَاءُ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ فِي الْعَصَبَةِ مَعَ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ بِرِضَاهُمْ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ ذَوِي السِّهَامِ فَهُوَ جَبْرِيٌّ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ عَاصِبٌ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ أَصْحَابَ كُلِّ سَهْمٍ يُجْمَعُونَ

ص: 510

لَمْ تُجَبْ لِذَلِكَ، وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ (وَوَرِثَهُ) أَيْ مَعَ غَيْرِهِمْ فَيُجْمَعُونَ فِي الْقِسْمَةِ ابْتِدَاءً، وَإِنْ أَبَى أَحَدُهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَرَثَةٍ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ لِلشَّرِيكِ وَنِصْفٌ لِلْوَرَثَةِ ثُمَّ إنْ شَاءُوا قَسَمُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَوَرَثَةٌ بِمَعْنَى أَوْ؛ لِأَنَّهَا مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِفَةِ الْقُرْعَةِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ وَذَكَر لَهَا صِفَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَكَتَبَ) الْقَاسِمُ (الشُّرَكَاءَ) أَيْ أَسْمَاءَهُمْ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِهِمْ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْمَقْسُومِ مِنْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ وَيَجْعَلُ كُلَّ وَرَقَةٍ فِي بُنْدُقَةٍ مِنْ شَمْعٍ أَوْ طِينٍ (ثُمَّ رَمَى) كُلَّ بُنْدُقَةٍ عَلَى قِسْمٍ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى قِسْمٍ أَخَذَهُ وَأَشَارَ لِلثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ) فِي أَوْرَاقٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَأَعْطَى كُلًّا) مِنْ الْأَوْرَاقِ (لِكُلٍّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ.

وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا اسْتَوَتْ الْأَنْصِبَاءُ أَوْ اخْتَلَفَتْ وَكَانَ الْمَقْسُومُ عُرُوضًا فَإِنْ اخْتَلَفَ وَكَانَ عَقَارًا لَمْ تَظْهَرْ وَلَمْ يَصِحَّ غَالِبًا كَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَاصِبٍ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تُفْعَلَ هَذِهِ الصِّفَةُ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهَا مِنْ التَّفْرِيقِ الْمُضِرِّ أَوْ إعَادَةِ الْعَمَلِ الْمَرَّةَ فَالْمَرَّةَ، وَهُوَ مِنْ ضَيَاعِ الْوَقْتِ فِيمَا لَا يَعْنِي فَتَتَعَيَّنُ الْأُولَى (وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ) الْجُزْءِ (الْخَارِجِ) أَيْ مَا يَخْرُجُ قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولُ الْعَيْنِ وَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَلَزِمَ) الْقَسْمُ بِقُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الصَّحِيحِ فَمَنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ (وَنُظِرَ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ وَحَلَفَ الْمُنْكِرُ) مِنْهُمَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوَّلًا فِي الْقَسْمِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا (قَوْلُهُ لَمْ تَجِبْ لِذَلِكَ) أَيْ كَمَا حَكَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ، وَهُوَ إنْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَا ذَكَرَهُ عِيَاضٌ مِنْ الْخِلَافِ لَكِنْ لَا يَخْفَى رُجْحَانُهُ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَكَتَبَ إلَخْ) صِفَةُ ذَلِكَ أَنْ يَعْدِلَ الْمَقْسُومُ مِنْ دَارٍ أَوْ غَيْرِهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ تَجْزِئَتِهِ عَلَى قَدْرِ مُقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا فَإِذَا كَانَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ دَارٍ وَلِآخَرَ ثُلُثُهَا وَلِآخَرَ سُدُسُهَا فَتُجْعَلُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ مُتَسَاوِيَةَ الْقِيمَةِ وَيُكْتَبُ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ فِي ثَلَاثَةِ أَوْرَاقٍ كُلُّ اسْمٍ فِي وَرَقَةٍ وَتُجْعَلُ كُلُّ وَرَقَةٍ فِي بُنْدُقَةٍ ثُمَّ يَرْمِي بُنْدُقَةً عَلَى طَرَفِ قِسْمٍ مُعَيَّنٍ مِنْ طَرَفَيْ الْمَقْسُومِ ثُمَّ يُكْمِلُ لِصَاحِبِهَا مِمَّا يَلِي مَا رُمِيَتْ عَلَيْهِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ يَرْمِي ثَانِيَ بُنْدُقَةٍ عَلَى أَوَّلِ مَا بَقِيَ مِمَّا يَلِي حِصَّةَ الْأَوَّلِ ثُمَّ يُكْمِلُ لَهُ مِمَّا يَلِي مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ يَتَعَيَّنُ الْبَاقِي لِلثَّالِثِ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ جَمِيعَ نَصِيبِهِ مُتَّصِلًا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيقٍ وَتَبَيَّنَ أَنَّ رَمْيَ الْوَرَقَةِ الْأَخِيرَةِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ فِي تَمْيِيزِ نَصِيبٍ مَنْ هِيَ لَهُ لِحُصُولِ التَّمْيِيزِ بِرَمْيِ مَا قَبْلَهَا فَكِتَابَتُهَا وَخَلْطُهَا إنَّمَا هُوَ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَقَعَ أَوَّلًا إذْ لَا يُعْلَمُ أَنَّهَا الْأَخِيرَةُ إلَّا بَعْدُ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَعْدِيلِ الْمَقْسُومِ) أَيْ وَبَعْدَ تَجْزِئَتِهِ عَلَى قَدْرِ مَقَامِ أَقَلِّهِمْ جُزْءًا.

(قَوْلُهُ فَمَنْ خَرَجَ اسْمُهُ عَلَى قِسْمٍ أَخَذَهُ) أَيْ وَكَمَّلَ لَهُ مِمَّا يَلِيه إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ) أَيْ اسْمَهُ بِأَنْ يَكْتُبَ اسْمَ الْجِهَةِ وَيَزِيدَ الْمُجَاوَرَةَ لِلْمَحَلِّ الْمَخْصُوصِ فَيَكْتُبُ مَثَلًا الْجِهَةُ الشَّرْقِيَّةُ الْمُجَاوِرَةُ لِفُلَانٍ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ وَأَعْطَى كُلًّا لِكُلٍّ مِنْ الشُّرَكَاءِ) أَيْ فَيُعْطِي صَاحِبَ النِّصْفِ فِي الْمِثَالِ الَّذِي قُلْنَاهُ سَابِقًا ثَلَاثَةَ أَوْرَاقٍ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ وَرَقَتَانِ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدَةً عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ قَدْ تَحْصُلُ تَفْرِقَةٌ فِي النَّصِيبِ الْوَاحِدِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ فِي الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهَا لِرَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ مَعَ التَّفْرِيقِ أَيْضًا وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْجَوَاهِرِ وَغَيْرِهَا مَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّصَالِ نَصِيبِ كُلِّ شَخْصٍ وَعَدَمِ تَفْرِيقِهِ وَعَلَيْهِ فَيُعَادُ الْعَمَلُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ اتِّصَالٌ حَتَّى يَحْصُلَ لِكُلِّ شَخْصٍ نَصِيبُهُ غَيْرَ مُفَرَّقٍ كَذَا فِي عبق قَالَ بْن، وَهُوَ كَلَامُ تَخْلِيطٍ خِلَافُ الصَّوَابِ وَالصَّوَابُ كَمَا لِابْنِ غَازِيٍّ وطفى وَغَيْرِهِمَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ كَتَبَ الْمَقْسُومَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ ثُمَّ رَمَى فَكِتَابَةُ الشُّرَكَاءِ مُسَلَّطٌ عَلَيْهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَتَبَ الشُّرَكَاءُ فِي أَوْرَاقٍ بِعَدَدِهِمْ إمَّا أَنْ يَرْمِيَ أَسْمَاءَهُمْ الَّتِي كَتَبَهَا عَلَى أَجْزَاءِ الْمَقْسُومِ أَوْ يَقُومَ مَقَامَ رَمْيِ أَسْمَاءِ الشُّرَكَاءِ عَلَى الْأَجْزَاءِ كِتَابَةُ الْأَجْزَاءِ مُعَيَّنَةً فِي أَوْرَاقِ سِتَّةٍ مَثَلًا وَيَأْخُذُ لِوَرَقَةٍ مِنْ الْأَسْمَاءِ وَرَقَةً مِنْ الْأَجْزَاءِ وَكَمَّلَ لِصَاحِبِهِ مِمَّا يَلِي إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ كَالْعَمَلِ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ بِلَا تَفْرِيقٍ وَلَا إعَادَةِ قَسْمٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَتَتَعَيَّنُ الْأُولَى) أَيْ، وَهِيَ أَنْ تُكْتَبَ أَسْمَاءُ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ اشْتِرَاءُ إلَخْ) كَأَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ مِنْ الْوَرَثَةِ رُبْعُ الدَّارِ وَأَرَادَ مُقَاسَمَةَ شُرَكَائِهِ فَيَقُولُ لَهُ شَخْصٌ أَشْتَرِي مِنْك مَا يَخْرُجُ لَك بِالْقِسْمَةِ بِكَذَا فَيُمْنَعُ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَجْنَبِيًّا أَوْ شَرِيكًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَظَاهِرُهُ الْمَنْعُ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ عج وَاخْتَارَ اللَّقَانِيُّ أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ لَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يُمْنَعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَى حِصَّةً شَائِعَةً عَلَى أَنْ يُقَاسِمَ بَقِيَّةَ الشُّرَكَاءِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ وَيَدْخُلُهُ الشُّفْعَةُ وَوَجْهُ جَوَازِهِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الشَّرِيكُ مَجْبُورًا عَلَى الْقَسْمِ عِنْدَ طَلَبِ الْمُشْتَرِي لَهُ لَمْ يَكُنْ اشْتِرَاطُهُ لِلْقَسْمِ مُنَاقِضًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَادِرٌ عَلَى التَّسْلِيمِ بِخِلَافِهِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمَّا دَخَلَ عَلَى الشُّيُوعِ صَارَ الْمَبِيعُ مَعْلُومًا لَهُ وَمَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ مِنْ حَيْثُ الشُّيُوعِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي فِيهَا دَاخِلٌ عَلَى شِرَاءِ مُعَيَّنٍ وَالتَّعْيِينُ غَيْرُ حَاصِلٍ فِي الْحَالِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ اشْتِرَاءُ (قَوْلُهُ وَيَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُهُ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَلِأَنَّهُ قَدْ يَخْرُجُ مَا لَا يُوَافِقُ غَرَضَهُ (قَوْلُهُ وَنَظَرٌ) أَيْ وَنَظَرُ الْحَاكِمِ فِي دَعْوَى جَوْرٍ أَوْ غَلَطٍ

ص: 511

حَيْثُ لَمْ يَتَّضِحْ الْحَالُ (فَإِنْ تَفَاحَشَ) الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِأَنْ ظَهَرَ ظُهُورًا بَيِّنًا (أَوْ ثَبَتَا) بِالْبَيِّنَةِ (نُقِضَتْ) الْقِسْمَةُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يُؤَخِّرَ قَوْلَهُ حَلَفَ إلَخْ هُنَا بِأَنْ يَقُولَ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُنْكِرُ، وَهَذَا مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ كَالْعَامِ أَوْ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بِمَا وَقَعَ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا لَا خَفَاءَ بِهِ وَإِلَّا فَلَا كَلَامَ لِلْمُدَّعِي فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ وَشَبَّهَ فِي النَّظَرِ وَالنَّقْضِ قَوْلَهُ (كَالْمُرَاضَاةِ) فَيُنْظَرُ فِيهَا عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ (إنْ أَدْخَلَا) فِيهَا (مُقَوِّمًا) يُقَوِّمُ لَهُمَا السِّلَعَ أَوْ الْحِصَصَ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُشْبِهُ الْقُرْعَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَتْ بِلَا تَعْدِيلٍ وَتَقْوِيمٍ فَلَا تُنْقَضُ.

وَلَوْ ظَهَرَ التَّفَاحُشُ وَلَا يُجَابُ لَهُ مَنْ طَلَبَهُ لِدُخُولِهِمْ عَلَى الرِّضَا (وَأُجْبِرَ لَهَا) أَيْ لِقِسْمَةِ الْقُرْعَةِ (كُلٌّ) مِنْ الشُّرَكَاءِ الْآبِينَ إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ (إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ) مِنْ الْآبِينَ وَغَيْرُهُمْ انْتِفَاعًا تَامًّا عُرْفِيًّا بِمَا يُرَادُ لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ فِي دَعْوَى أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ أَنَّ مَا بِيَدِهِ أَقَلُّ مِنْ نَصِيبِهِ بِالْقِسْمَةِ لِجَوْرٍ بِهَا، وَهُوَ مَا كَانَ عَنْ عَمْدٍ أَوْ غَلَطٍ مِنْ الْقَاسِمِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ عَنْ عَمْدٍ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ ذَلِكَ مَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِنْ أَشْكَلَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ بِأَنْ لَمْ يُتَفَاحَشْ وَلَمْ يَثْبُتْ حَلَّفَ الْمُنْكَرَ لِدَعْوَى صَاحِبِهِ الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ، وَإِنْ تَفَاحَشَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِأَنْ ظَهَرَ حَتَّى لِغَيْرِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَوْ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ نُقِضَتْ وَقَوْلُهُ وَنَظَرَ إلَخْ هَذَا فِي قِسْمَةِ الْقُرْعَةِ.

(قَوْلُهُ حَيْثُ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ حَلَّفَ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَفَاحَشَ) أَفْرَدَ الضَّمِيرَ مَعَ أَنَّ الْمُتَقَدِّمَ شَيْئَانِ الْجَوْرُ وَالْغَلَطُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَثَنَّى ثَانِيًا نَظَرًا لِجَوَازِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ ثَبَتَ) أَيْ أَوْ لَمْ يُتَفَاحَشْ وَلَكِنْ ثَبَتَ إلَخْ (قَوْلُهُ نَقَضَ الْقِسْمَةَ) أَيْ فَإِنْ فَاتَتْ الْأَمْلَاكُ بِبِنَاءٍ أَوْ غَرْسٍ رُجِعَ لِلْقِيمَةِ يَقْسِمُونَهَا فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ وَبَقِيَ سَائِرُهُ عَلَى حَالِهِ اُقْتُسِمَ مَا لَمْ يَفُتْ مَعَ قِيمَةِ مَا فَاتَ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ ظَاهِرُهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ بِثُبُوتِ الْغَلَطِ.

وَلَوْ كَانَ يَسِيرًا وَعَزَاهُ عِيَاضٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَأَشْهَبُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَقِيلَ يُعْفَى عَنْ الْيَسِيرِ كَالدِّينَارِ فِي الْعَدَدِ الْكَثِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَانَ الْأَنْسَبُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلِّفْ إلَخْ مُرَتَّبٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ فَإِنْ تَفَاحَشَ أَوْ ثَبَتَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ نَقْضِهَا مَا لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ.

حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ مَحَلَّ نَقْضِ الْقِسْمَةِ إنْ قَامَ وَاجِدُهُ بِالْقُرْبِ وَحَدَّهُ ابْنُ سَهْلٍ بِعَامٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَارَبَهُ كَنِصْفِ سَنَةِ كَهُوَ.

وَأَمَّا إنْ قَامَ وَاجِدُهُ بَعْدَ طُولٍ فَلَا نَقْضَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ ثَبَتَ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَفَاحِشًا ظَاهِرًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ فَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ بِدَعْوَى مُدَّعِيه وَلَوْ قَامَ بِالْقُرْبِ حَيْثُ سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَإِنْ لَمْ تَمْضِ مُدَّةٌ تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهُ مَا اطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا رَضِيَ بِهِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَ لَهُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ وَإِنَّمَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ إطْلَاعِهِ عَلَيْهِ وَرِضَاهُ بِهِ وَلَا يَحْلِفُ أَنَّ بِنَصِيبِهِ جَوْرًا أَوْ غَلَطًا لِظُهُورِهِ لِلْعَارِفِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ عِنْدَ الْإِشْكَالِ أُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ إذَا نَكَلَ قُسِمَ مَا ادَّعَى الْآخَرُ أَنَّهُ حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ مِنْهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلٍّ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمَا تُسَاوِي عَشَرَةً وَالْآخَرِ تُسَاوِي خَمْسَةَ عَشَرَ عَلَى دَعْوَى مُدَّعِي الْجَوْرِ أَوْ الْغَلَطِ فَاَلَّذِي حَصَلَ بِهِ الْجَوْرُ مَا يُقَابِلُ خَمْسَةً فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا مِنْ غَيْرِ رَدِّ يَمِينٍ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُنْكِرُ أَوْ بَعْدَ يَمِينِ الْمُدَّعِي إنْ حَقَّقَ الْمُنْكِرُ كَذِبَهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمُرَاضَاةِ عِنْدَ دَعْوَى أَحَدِهِمَا الْجَوْرَ أَوْ الْغَلَطَ فَإِنْ وُجِدَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ فِيهَا فَاحِشًا ظَاهِرًا لِأَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَغَيْرِهِمْ نُقِضَتْ، وَأَمَّا إنْ ثَبَتَ الْجَوْرُ أَوْ الْغَلَطُ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ نُقِضَتْ إنْ كَانَ الْجَوْرُ كَثِيرًا لَا قَلِيلًا كَمَا لِعِيَاضٍ وَغَيْرِهِ وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ، وَبِهَذَا يُعْلَمُ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَالْمُرَاضَاةِ غَيْرُ تَامٍّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْجَوْرَ الثَّابِتَ بِالْبَيِّنَةِ تَنْتَقِضُ بِهِ الْقُرْعَةُ سَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا عَلِمْت.

وَأَمَّا الْمُرَاضَاةُ فَلَا تَنْتَقِضُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ كَثِيرًا نَعَمْ عَلَى مَا قَابَلَ الْمُعْتَمَدَ فِي الْقُرْعَةِ يَكُونُ التَّشْبِيهُ تَامًّا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَا يُجَابُ لَهُ) أَيْ لِلنَّقْضِ الْمَفْهُومِ مِنْ تُنْقَضُ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ لَهَا) أَيْ عَلَيْهَا أَوْ أَنَّهُ ضَمَّنَ أُجْبِرَ مَعْنَى الْجَيْءِ فَلِهَذَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَيْهَا مَنْ أَبَاهَا إذَا طَلَبَهَا الْبَعْضُ كَانَتْ حِصَّةُ الطَّالِبِ قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّهُ يُجْبَرُ الْآبِي عَلَيْهَا إنْ انْتَفَعَ كُلٌّ.

وَلَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ بَعْدَ الْقَسْمِ يَنْقُصُ ثَمَنُهَا عَمَّا يَخُصُّهَا لَوْ بِيعَ الْمَقْسُومُ بِتَمَامِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ انْتِفَاعًا تَامًّا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ انْتِفَاعُهُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُجَانِسًا لِانْتِفَاعِهِ فِي قَبْلِ الْمَدْخَلِ وَالْمَخْرَجِ وَالْمُرْتَفَقِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِانْتِفَاعُ بَعْدَ الْقَسْمِ مُسَاوِيًا لِانْتِفَاعِهِ قَبْلَهُ فَالْمَدَارُ عَلَى كَوْنِ سُكْنَاهُ بَعْدَ الْقَسْمِ كَسُكْنَاهُ قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْقَسْمُ يُؤَدِّي لِعَدَمِ سُكْنَاهُ بَلْ لِإِيجَارِهِ فَقَطْ فَلَا يُجْبَرُ حِينَئِذٍ وَيُقْسَمُ مُرَاضَاةً أَوْ مُهَايَأَةً خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ فَالْمَدَارُ عِنْدَهُ عَلَى أَيِّ انْتِفَاعٍ كَانَ (قَوْلُهُ بِمَا يُرَادُ لَهُ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ كَبَيْتِ السُّكْنَى وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَفِعْ كُلٌّ انْتِفَاعًا تَامًّا لَا يُجْبَرُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَيُقْسَمُ بِالتَّرَاضِي

ص: 512

(وَ) أُجْبِرَ (لِلْبَيْعِ) مَنْ أَبَاهُ مِنْ الشُّرَكَاءِ لِدَفْعِ الضَّرَرِ (إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ) أَيْ شَرِيكِ الْآبِي، وَهُوَ مَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ إذَا بِيعَتْ (مُفْرَدَةً) عَنْ حِصَّةِ الْآخَرِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ لِمَنْ أَرَادَ الْبَيْعَ مَا تَنْقُصُهُ حِصَّتُهُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً فَلَا يُجْبَرُ، وَهَذَا فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ عَقَارًا أَوْ عَرَضًا كَعَبْدٍ وَسَيْفٍ لَا مِثْلِيًّا وَلَا فِيمَا يَنْقَسِمُ لِعَدَمِ الضَّرَرِ إذْ شَأْنُ مَا يَنْقَسِمُ لَا يَنْقُصُ إذَا بِيعَ مُنْفَرِدًا فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَنْقُصُ كَبَعْضِ الثِّيَابِ وَأَحَدِ الْمُزْدَوَجَيْنِ أَجْبَرَا لَهُ الْآخَرَ (لَا) إنْ كَانَ الْمُشْتَرَكُ (كَرَبْعِ غَلَّةٍ) أَيْ دَارٍ اُشْتُرِيَتْ لَأَنْ تُكْرَى وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْحَمَّامَ وَالْفُرْنَ وَالْخَانَ فَلَا يُجْبَرُ الْآبِي عَلَى الْبَيْعِ لِعَدَمِ نَقْصِ مَا بِيعَ مُفْرَدًا عَادَةً بَلْ قَدْ يُرْغَبُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ شِرَاءِ الْجَمِيعِ (أَوْ اشْتَرَى) مَرِيدُ الْبَيْعِ (بَعْضًا) أَوْ وُهِبَ لَهُ الْبَعْضُ فَالْمُرَادُ مِلْكُ الْبَعْضِ مُفْرَدًا فَلَا يُجْبَرُ غَيْرُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ طَلَبَ الْبَيْعَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ أُجْبِرَ لَهُ الْآخَرُ بِشُرُوطٍ أَنْ يُتَّخَذَ لِلسُّكْنَى وَنَحْوِهَا لَا لِغَلَّةٍ أَوْ تِجَارَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الشُّرَكَاءُ مَلِكُوهُ جُمْلَةً وَلَمْ يَلْتَزِمْ الْآبِي مَا نَقَصَ مِنْ حِصَّةِ شَرِيكِهِ فِي بَيْعِهَا مُفْرَدَةً مِمَّا يَنُوبُهَا فِي بَيْعِ الْجُمْلَةِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْقِسْمَةَ ذَكَرَ مَا يَطْرَأُ عَلَيْهَا وَالطَّارِئُ أَحَدُ أُمُورٍ عَشَرَةٍ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ مُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى وَارِثٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ مُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ وَعَلَى مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ غَرِيمٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ وَارِثٌ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصَى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصَى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصَى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ

وَذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَإِنْ)(وَجَدَ) أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ فِي حِصَّتِهِ (عَيْبًا) قَدِيمًا لَمْ يَظْهَرْ لَهُ عِنْدَ الْقِسْمَةِ (بِالْأَكْثَرِ) مِنْ حِصَّتِهِ بِأَنْ زَادَ عَلَى نِصْفِهَا (فَلَهُ رَدُّهَا) أَيْ الْقِسْمَةِ أَيْ إبْطَالُهَا وَتَكُونُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عُرُوضًا أَيْ وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِالْحِصَّةِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ وَلَيْسَ لَهُ التَّمَسُّكُ بِهَا وَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ لِقَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ أَيْ أَوْ تَعَيَّبَ أَيْ حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ وَالرُّجُوعُ.

وَأَمَّا تَمَسُّكٌ بِلَا رُجُوعٍ فَلَا يَحْرُمُ وَمِثْلُ الْأَكْثَرِ مَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ (فَإِنْ فَاتَ) عِنْدَ الرَّدِّ (مَا) أَيْ السَّالِمُ الَّذِي (بِيَدِ صَاحِبِهِ) أَيْ صَاحِبِ وَاجِدِ الْعَيْبِ (بِكَهَدْمٍ) أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ بَيْعٍ وَنَحْوِهَا لَا تَغَيُّرِ سُوقٍ (رَدَّ) صَاحِبُ السَّالِمِ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ (نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ السَّالِمِ الْفَائِتِ (يَوْمَ قَبْضِهِ) سَوَاءٌ كَانَ يَوْمُ الْقَبْضِ هُوَ يَوْمُ الْقَسْمِ أَوْ بَعْدَهُ (وَمَا سَلِمَ) مِنْ الْفَوَاتِ، وَهُوَ مَا بِهِ الْعَيْبُ شَرِكَةٌ (بَيْنَهُمَا وَ) إنْ فَاتَ (مَا) أَيْ الْمَعِيبُ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ وَاجِدُ الْعَيْبِ (رَدَّ) لِصَاحِبِ السَّالِمِ مِنْ الْعَيْبِ (نِصْفَ قِيمَتِهِ) أَيْ الْمَعِيبِ يَوْمَ قَبْضِهِ أَيْضًا (وَمَا سَلِمَ) مِنْ الْعَيْبِ وَالْفَوَاتِ مَعًا (بَيْنَهُمَا) فَمُحَصِّلُهُ أَنَّهُ مَتَى فَاتَ أَحَدُهُمَا بِكَهَدْمٍ فَالْآخَرُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ مَعَ رَدِّ قِيمَةِ نِصْفِ مَا فَاتَ بِيَدِهِ لِصَاحِبِهِ فَلَوْ فَاتَ النَّصِيبَانِ مَعًا قَالَ الْمُصَنِّفُ يَرْجِعُ ذُو الْمَعِيبِ عَلَى ذِي السَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِمَّا زَادَتْهُ قِيمَةُ السَّلِيمِ عَلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ فَلَوْ كَانَ قِيمَةُ السَّلِيمِ عَشَرَةً وَالْمَعِيبُ ثَمَانِيَةً رَجَعَ عَلَيْهِ بِوَاحِدٍ (وَإِلَّا) يَجِدْ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ بَلْ بِالْأَقَلِّ بِأَنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ كَرُبْعٍ (رَجَعَ بِنِصْفِ الْمَعِيبِ) أَيْ بِنِصْفِ قِيمَةِ مُقَابِلِ الْعَيْبِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ لِلْبَيْعِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى اثْنَانِ دَارًا لِلسُّكْنَى أَوْ لِلْقَنِيَّةِ أَوْ وِرْثَاهَا مَعًا أَوْ وُهِبَتْ لَهُمَا أَوْ تُصُدِّقَ بِهَا عَلَيْهِمَا ثُمَّ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَامْتَنَعَ شَرِيكُهُ مِنْ بَيْعِ حِصَّتِهِ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِ ذَلِكَ الْآبِي، وَهُوَ مَرِيدُ الْبَيْعِ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً عَنْ حِصَّةِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ يَنْقُصُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ مَا يَنْقَسِمُ لَا يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى الْبَيْعِ بِحَالٍ إذْ لَوْ طَلَبَ الْقَسْمَ لَجَبَرَ لَهُ الْآخَرُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا كَرُبْعِ غَلَّةٍ) أَيْ أَوْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا لِلتِّجَارَةِ

(قَوْلُهُ بِأَنْ زَادَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَفْعَلَ عَلَى بَابِهِ اهـ وَقَالَ بْن الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ عَلَى مَا صَحَّحَهُ ابْنُ غَازِيٍّ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ فَهُوَ بِمَعْنَى الْكَثِيرِ لَا حَقِيقَةَ اسْمِ التَّفْضِيلِ إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّصْفُ فَدُونَ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي التَّمَسُّكِ بِالْقِسْمَةِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَى صَاحِبِ الْجُزْءِ السَّالِمِ بِشَيْءٍ وَفِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ فِي السَّالِمِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّالِمِ وَيَكُونُ لِصَاحِبِ السَّالِمِ مِنْ الْمَعِيبِ بِقَدْرِ مَا كَانَ لِصَاحِبِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّالِمِ فَلَا تُنْتَقَضُ الْقِسْمَةُ فِي الْكُلِّ بَلْ فِي الْبَعْضِ وَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَلَهُ الْخِيَارُ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْمَعِيبِ وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ أَوْ يَفْسَخَ الْقِسْمَةَ مِنْ أَصْلِهَا وَعَلَيْهِ فَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَهُ رَدُّهَا إجْمَالٌ (قَوْلُهُ وَجْهُ الصَّفْقَةِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَكْثَرَ فِي التَّجْزِئَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بَيْعٌ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ مُفِيتٌ وَيَلْزَمُ صَاحِبَ السَّالِمِ أَنْ يَرُدَّ لِوَاجِدِ الْعَيْبِ نِصْفَ الْقِيمَةِ هُوَ مَا فِي الْأُمِّ وَذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي تَهْذِيبِهِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَفِي ح أَنَّهُ غَيْرُ مُفِيتٍ وَوَاجِدُ الْعَيْبِ مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ رَدَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ فَتَعُودُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَهُ وَأَخَذَ مَا يُقَابِلُ نَصِيبَهُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ) الْأَوْلَى قِيمَةُ نِصْفِهِ، وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فَوَاتٌ أَخَذَ النِّصْفَ مِنْ السَّلِيمِ فَإِذَا فَاتَ فَلْيَأْخُذْ قِيمَةَ نِصْفِهِ لَا نِصْفَ قِيمَتِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ أَوْ كَانَ يَوْمُ الْقَبْضِ بَعْدَ يَوْمِ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا) لَوْ قَالَ وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْجَوَابِ بِقَوْلِ الشَّارِحِ مِنْ الْفَوَاتِ، وَهُوَ مَا بِهِ الْعَيْبُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَتَى فَاتَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّصِيبَيْنِ وَقَوْلُهُ فَالْآخَرُ أَيْ فَالنَّصِيبُ الْآخَرُ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَجَعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَجَدَ أَحَدُ الْمُتَقَاسِمَيْنِ

ص: 513

(مِمَّا بِيَدِهِ) أَيْ بِصَاحِبِ السَّلِيمِ (ثَمَنًا) أَيْ قِيمَةً كَمَا قَدَّرْنَاهُ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ أَيْضًا فَهُوَ تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ فَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ ذِي السَّالِمِ (وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا) شَرِكَةً فَصَاحِبُ الصَّحِيحِ يَصِيرُ شَرِيكًا فِي الْمَعِيبِ بِنِسْبَةِ مَا أَخَذَ مِنْهُ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ رُبْعًا وَرَجَعَ صَاحِبُهُ عَلَى ذِي الصَّحِيحِ بِبَدَلِ نِصْفِ الرُّبْعِ قِيمَةً فَلِصَاحِبِ الصَّحِيحِ نِصْفُ رُبْعِ الْمَعِيبِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَكْثَرِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ مَقِيسٌ عَلَى الِاسْتِحْقَاقِ الَّذِي هُوَ ثَانِي الْأُمُورِ الْعَشَرَةِ وَقَدْ ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ.

(وَإِنْ)(اُسْتُحِقَّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ) مِنْ نَصِيبِ أَحَدِ الْمُتَقَاسِمَيْنِ (خُيِّرَ) الْمُسْتَحِقُّ مِنْهُ بَيْنَ التَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ وَبَيْنَ رُجُوعِهِ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ بِنِصْفِ قَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ اقْتَسَمَا عَبْدَيْنِ فَأَخَذَ هَذَا عَبْدًا، وَهَذَا عَبْدًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ عَبْدِ أَحَدِهِمَا أَوْ ثُلُثُهُ فَلِلَّذِي اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ أَوْ سُدُسِ الْعَبْدِ الَّذِي فِي يَدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِرُبُعِ أَوْ سُدُسِ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي غَيْرِ هَذَا فَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ رُبُعَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَلَا خِيَارَ لَهُ وَالْقِسْمَةُ بَاقِيَةٌ لَا تُنْقَضُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا الرُّجُوعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا بِنِصْفِ مَا يُقَابِلُهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (لَا رُبُعٌ) فَلَوْ اسْتَحَقَّ جُلَّ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْفَسِخُ وَتَرْجِعُ الشَّرِكَةُ كَمَا كَانَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ) مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الْجَمِيعِ أَيْ إنْ شَاءَ أَبْقَى الْقِسْمَةَ عَلَى حَالِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ كَمَا فِي النَّقْلِ، فَعُلِمَ أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي الْمَحَلَّيْنِ ثَابِتٌ وَكَذَا عَدَمُ الْفَسْخِ فِيهِمَا مُسْتَوٍ فِي عَدَمِ الرُّجُوعِ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي إرَادَةِ الْفَسْخِ فَفِي النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ يَرْجِعُ شَرِيكًا بِنِصْفِ قَدْرِ الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الْأَكْثَرِ تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ مِنْ أَصْلِهَا وَيَرْجِعُ شَرِيكًا بِالْجَمِيعِ وَشَبَّهَ فِي الْفَسْخِ قَوْلَهُ (كَطُرُوِّ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ) مِنْ دَنَانِيرَ وَنَحْوِهَا (عَلَى وَرَثَةٍ) فَقَطْ (أَوْ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ) فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَنْفَسِخُ فِي الْأَرْبَعَةِ بِالْقَيْدِ الَّذِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَالْمَقْسُومُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَقْسُومَ مُقَوَّمٌ (كَدَارٍ) أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ ثِيَابٍ لِتَعَلُّقِ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ، يُرِيدُ وَقَدْ أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ إذْ لَوْ دَفَعُوهُ فَلَا كَلَامَ لَهُ كَمَا يَأْتِي وَإِذَا فُسِخَتْ فَإِنَّ الْغَرِيمَ أَوْ الْمُوصَى لَهُ يُعْطَى حَقَّهُ ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي، ثُمَّ ذَكَرَ مَفْهُومَ الْقَيْدِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(كَانَ) الْمَقْسُومُ (عَيْنًا) ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً (أَوْ مِثْلِيًّا) كَقَمْحٍ لَمْ تَنْفَسِخْ وَ (رَجَعَ) الطَّارِئُ مِنْ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالْعَدَدِ (عَلَى كُلٍّ) مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ بِمَا يَخُصُّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ فَاتَ

(وَمَنْ أَعْسَرَ) مِنْهُمْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَيْبًا فِي حِصَّتِهِ قَلِيلًا كَالرُّبْعِ فَأَقَلَّ فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْقَضُ فِي الْكُلِّ بَلْ فِي الْبَعْضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْمَعِيبِ يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ الصَّحِيحِ الْمُقَابِلِ لِلْمَعِيبِ وَيَصِيرُ صَاحِبُ الصَّحِيحِ مُشَارِكًا فِي الْمَعِيبِ بِقَدْرِ مَا أُخِذَ مِنْهُ مِنْ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ مِمَّا بِيَدِهِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ قِيمَةِ نِصْفِ مُقَابِلِ الْمَعِيبِ مِمَّا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ) أَيْ، وَهُوَ قِيمَةُ الَّتِي هِيَ بِمَعْنَى ثَمَنٍ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَرْجِعُ) أَيْ ذُو الْمَعِيبِ شَرِيكًا إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ قِيمَةِ مُقَابِلِ الْمَعِيبِ مِنْ السَّلِيمِ (قَوْلُهُ بِنِسْبَةِ مَا أُخِذَ مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ قِيمَةُ بَدَلَ نِصْفِ الرُّبْعِ (قَوْلُهُ بِبَدَلِ نِصْفِ الرُّبْعِ قِيمَةً) أَيْ بِقِيمَةِ نِصْفِ الرُّبْعِ مِنْ السَّلِيمِ الْمُقَابِلِ لِنِصْفِ الرُّبْعِ مِنْ الْمَعِيبِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ هُنَا يَوْمَ الْقَسْمِ لِصِحَّتِهِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الثُّلُثَ وَالنِّصْفَ حُكْمُ الرُّبْعِ وَأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْأَكْثَرِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ (قَوْلُهُ الثُّلُثُ فَمَا فَوْقَ) أَيْ كَنِصْفِ مَا فَوْقَهُ إلَّا أَنَّ كَيْفِيَّةَ التَّخْيِيرِ مُخْتَلِفَةٌ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ مِنْ نَصِيبِ أَحَدٍ إلَخْ) احْتَرَزَ عَمَّا إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ مِنْ النَّصِيبَيْنِ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ لِاسْتِوَاءِ الْكُلِّ فِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ فَلِلَّذِي اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي وَلَا يَرْجِعَ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ) أَيْ وَهُوَ الرُّبْعُ (قَوْلُهُ بِنِصْفِ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ مَا يُقَابِلُ مَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ) أَيْ إلَى عَدَمِ التَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ فِي الْأَكْثَرِ) أَيْ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ فِي الْمَحَلَّيْنِ) أَيْ فِي مَحَلِّ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَمَحَلِّ اسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ) إنْ قُلْت لِمَا فَسَخْت فِي طُرُوُّ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ مَعَ أَنَّ وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ إنَّمَا تَنْفُذُ جَبْرًا عَلَى الْوَارِثِ مِنْ الثُّلُثِ فَكَانَ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَرْجِعَ الْمُوصَى لَهُ بِالْعَدَدِ إلَّا عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ؟ قُلْتُ: لِأَنَّ حَقَّ الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ مُتَعَلِّقٌ بِجَمِيعِ التَّرِكَةِ وَقَدْ يَتْلَفُ مَا قَبَضَهُ الْمُوصَى لَهُ بِالثُّلُثِ أَوْ يَنْقُصُ (قَوْلُهُ تَنْفَسِخُ فِي الْأَرْبَعَةِ) وَمِثْلُهَا فِي الْبُطْلَانِ طُرُوُّ غَرِيمٍ عَلَى مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ وَطُرُوِّ وَارِثٍ عَلَى مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ وَطُرُوِّ غَرِيمٍ عَلَى وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ تُضَمُّ لِلْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ تَنْقُصُ الْقِسْمَةُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقَدْ أَبَى الْوَرَثَةُ مِنْ دَفْعِ الدَّيْنِ) أَيْ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ وَقَوْلُهُ إذْ لَوْ دَفَعُوهُ أَيْ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ وَقَوْلُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُ أَيْ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُوصَى لَهُ بِعَدَدٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ غَيْرَ الْعَيْنِ فَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ عَطْفُ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ بِأَوْ، وَهُوَ كَعَكْسِهِ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ مَا أَخَذَهُ قَائِمًا وَقَوْلُهُ وَبِمِثْلِهِ أَيْ وَرَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا يَخُصُّهُ إنْ كَانَ

ص: 514

(فَعَلَيْهِ) فِي ذِمَّتِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) بِالطَّارِئِ فَإِنْ عَلِمُوا بِهِ وَاقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ كَانُوا مُتَعَدِّينَ فَيُؤْخَذُ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ وَالْحَيُّ عَنْ الْمَيِّتِ هَذَا تَقْرِيرُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَالْمُعْتَمَدُ نَقْضُ الْقِسْمَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا عَلِمُوا أَمْ لَا فَحَقُّ قَوْلِهِ وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ إلَخْ أَنْ يَتَأَخَّرَ عَنْ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الْآتِيَةِ، وَهِيَ طُرُوُّ غَرِيمٍ أَوْ وَارِثٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ عَلَى وَارِثٍ بِأَنْ يَقُولَ عَقِبَ قَوْلِهِ عَلَى وَارِثٍ مَا نَصُّهُ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ إنْ كَانَ الْمَقْسُومُ كَدَارٍ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا اُتُّبِعَ كُلٌّ بِحِصَّتِهِ فَلَعَلَّ نَاسِخَ الْمُبَيَّضَةِ خَرَّجَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ قَالَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَغَيْرُهُ (وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) لِلْغَرِيمِ مَالَهُ مِنْ الدَّيْنِ (مَضَتْ) الْقِسْمَةُ وَلَا تُنْقَضُ لِاسْتِيفَائِهِ حَقَّهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ نُقِضَتْ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْإِرْثِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (كَبَيْعِهِمْ) التَّرِكَةَ (بِلَا غَبَنٍ) بَلْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يَمْضِي وَلَا يُنْقَضُ وَلَا مَقَالَ لِلْغَرِيمِ الطَّارِئِ فَإِنْ بَاعُوا بِغَبَنٍ ضَمِنَ الْبَائِعُ مَا حَابَى فِيهِ وَلَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي الرَّاجِحِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ بِلَا غَبَنٍ إذْ بَيْعُهُمْ مَاضٍ مُطْلَقًا، إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَدَفَعُوا لِلْغَرِيمِ مَا حَابَوْا بِهِ وَإِلَّا فَلَهُمْ نَقْضُهُ (وَاسْتَوْفَى) الطَّارِئُ (مِمَّا وَجَدَ) مِنْ التَّرِكَةِ بِيَدِ بَعْضِهِمْ لَمْ يَهْلَكْ وَلَمْ يَبِعْهُ (ثُمَّ) إذَا اسْتَوْفَى مِمَّا وَجَدَهُ قَائِمًا بِيَدِ بَعْضِهِمْ (تَرَاجَعُوا) أَيْ يَرْجِعُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ (وَمَنْ أَعْسَرَ) مِمَّنْ لَمْ يُؤَدِّ (فَعَلَيْهِ) غُرْمُ حِصَّتِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِمَنْ أَدَّى لِلطَّارِئِ وَلَا يُؤْخَذُ مَلِيءٌ عَنْ مُعْدَمٍ وَلَا حَيٍّ عَنْ مَيِّتٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا أَخَذَهُ قَدْ فَاتَ

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ) أَيْ فَيَرْجِعُ الطَّارِئُ عَلَيْهِ بِمَا يَخُصُّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ يَحْيَى وَنَصُّهُ وَاخْتُلِفَ إذَا طَرَأَ عَلَى التَّرِكَةِ دَيْنٌ أَوْ وَصِيَّةٌ بِعَدَدٍ بَعْدَ اقْتِسَامِ الْوَرَثَةِ التَّرِكَةَ مِنْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَقَارٍ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ ثُمَّ قَالَ وَالثَّانِي أَنَّ الْقِسْمَةَ تُنْقَضُ فَيَكُونُ مَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ أَوْ نَمَا مِنْ جَمِيعِهِمْ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ جَمِيعُهُمْ مِنْ عَدَمِ نَقْضِهَا وَيُخْرِجُوا الدَّيْنَ وَالْوَصِيَّةَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَيَفْدُوهَا فَذَلِكَ لَهُمْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْصُوصِ لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ.

وَمَعْنَى كَوْنِ مَا هَلَكَ أَوْ نَقَصَ مِنْ جَمِيعِهِمْ أَنَّهُ إذَا هَلَكَ مَا بِيَدِ أَحَدِهِمْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا بِسَمَاوِيٍّ ثُمَّ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ لِطُرُوِّ الدَّيْنِ فَضَمَانُ مَا تَلِفَ مِنْ جَمِيعِهِمْ لَا مِمَّنْ كَانَ بِيَدِهِ؛ لِأَنَّ الْقَسْمَ بَيْنَهُمْ كَانَ بَاطِلًا لِلدَّيْنِ فَإِنْ فَضَلَ مِنْ بَاقِي التَّرِكَةِ شَيْءٌ بَعْدَ الدَّيْنِ كَانَ لِمَنْ تَلِفَ قَسْمُهُ الدُّخُولُ مَعَ الْوَرَثَةِ فِيمَا فَضَلَ، وَأَمَّا مَا هَلَكَ بِيَدِ أَحَدِهِمْ بِفِعْلِهِ فَلَهُمْ تَضْمِينُهُ اهـ.

وَفِي ح أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ صَرَّحَ بِهِ فِي اللُّبَابِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَقَلَهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن تَجِدْ نَصَّ ابْنِ عَرَفَةَ وَاللُّبَابِ فِيهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ دَفَعَ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْفَسْخِ فِي قَوْلِهِ كَطُرُوِّ غَرِيمٍ عَلَى وَارِثٍ إلَخْ (قَوْلُهُ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ) أَيْ أَوْ أَجْنَبِيٌّ فِيمَا يَظْهَرُ اهـ.

عبق وَقَوْلُهُ لِلْغَرِيمِ أَيْ أَوْ لِلْمُوصَى لَهُ بِالْعَدَدِ (قَوْلُهُ مَضَتْ الْقِسْمَةُ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَقَارًا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَمُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَلَا تُنْقَضُ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ قَسَمُوا غَيْرَ عَالِمِينَ بِالْغَرِيمِ أَوْ عَالِمِينَ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْقِسْمَةِ إذَا قَسَمُوا عَالِمِينَ بِالْغَرِيمِ.

وَلَوْ دَفَعُوا مَا لَهُ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ امْتَنَعُوا أَوْ بَعْضُهُمْ نُقِضَتْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ جَمِيعُهُمْ أَوْ بَعْضُهُمْ بِرِضَا الْبَاقِينَ أَوْ مَعَ إبَايَتِهِمْ وَلَمْ يَقْصِدْ الدَّافِعُ الرُّجُوعَ بِشَيْءٍ عَلَى مَنْ أَبَى فَإِنَّ الْقِسْمَةَ تَمْضِي فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ أَحَدٌ مِنْهُمْ لِلطَّارِئِ أَوْ دَفَعَ بَعْضُهُمْ مَعَ إبَايَةِ بَاقِيهمْ وَأَرَادَ الدَّافِعُ الرُّجُوعَ بِمَا دَفَعَهُ عَلَيْهِمْ فَإِنَّهَا تُنْقَضُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ (قَوْلُهُ كَبَيْعِهِمْ إلَخْ) يَعْنِي إذَا بَاعَ الْوَرَثَةُ التَّرِكَةَ بِلَا مُحَابَاةٍ بَلْ بِثَمَنِ الْمِثْلِ فَإِنَّ بَيْعَهُمْ يَكُونُ مَاضِيًا فَإِذَا طَرَأَ الْغَرِيمُ بَعْدَ بَيْعِهِمْ فَلَيْسَ لَهُ نَقْضُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَعْدَ الْقَسْمِ أَوْ قَبْلَهُ وَكَذَا يَمْضِي مَا اشْتَرَاهُ الْوَرَثَةُ مِنْ التَّرِكَةِ وَحُوسِبُوا بِهِ فِي مِيرَاثِهِمْ وَظَاهِرُهُ مُضِيُّ الْبَيْعِ.

وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ الْوَرَثَةُ مُعْدَمِينَ بِالثَّمَنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا مُطَالَبَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَمَحَلُّ مُضِيِّ الْبَيْعِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ الْوَرَثَةُ بِالدَّيْنِ حِينَ الْبَيْعِ أَمَّا لَوْ عَلِمُوا بِهِ فَبَاعُوا فَلِلْغُرَمَاءِ نَقْضُ الْبَيْعِ وَانْتِزَاعُ الْمَبِيعِ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ كَمَا قَالَهُ فِي كِتَابِ الدَّيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ بِمُحَابَاةٍ وَقَوْلُهُ إذَا فَاتَ إلَخْ قَيْدٌ فِي مُضِيِّهِ إذَا كَانَ بِمُحَابَاةٍ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُمْ أَيْ لِلْغُرَمَاءِ نَقْضُهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَكِيلِ يَبِيعُ بِمُحَابَاةٍ فَإِنَّهُ مَاضٍ إذَا فَاتَ وَيَغْرَمُ الْمُحَابَاةَ وَلِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَلَمْ يَدْفَعْ لِلْمُوَكَّلِ مَا حَابَى بِهِ وَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا كَانَ بِمُحَابَاةٍ لِلْغُرَمَاءِ رَدَّهُ مَعَ الْقِيَامِ وَيَمْضِي مَعَ الْفَوَاتِ فِيهِ نَظَرٌ كَمَا قَالَ بْن بَلْ الْبَيْعُ مَاضٍ مُطْلَقًا وَلَوْ مَعَ الْقِيَامِ؛ لِأَنَّ الْمُحَابَاةَ الَّتِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهَا كَالْهِبَةِ مِنْ الْوَارِثِ وَهِبَتُهُ لَا تُرَدُّ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَضْمَنُ الْوَاهِبُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَضْمَنُ فَيَدْفَعُ لِلْغَرِيمِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَذَهَبَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فَيَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ بِالْمُحَابَاةِ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ اُنْظُرْ بْن وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قِيَاسِ الْوَارِثِ الْبَائِعِ بِمُحَابَاةٍ عَلَى الْوَكِيلِ بِالْمُحَابَاةِ فَهُوَ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ بَاعُوا مَا هُوَ فِي مِلْكِهِمْ فِي اعْتِقَادِهِمْ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ.

(قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَى إلَخْ) .

حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا طَرَأَ غَرِيمٌ

ص: 515

(إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) بِالطَّارِئِ وَإِلَّا أَخَذَ الْمَلِيءُ عَنْ الْمُعْدَمِ وَالْحَاضِرُ عَنْ الْغَائِبِ لِتَعَدِّيهِمْ (وَإِنْ طَرَأَ غَرِيمٌ) عَلَى مِثْلِهِ (أَوْ) طَرَأَ (وَارِثٌ) عَلَى مِثْلِهِ (أَوْ) طَرَأَ (مُوصًى لَهُ عَلَى مِثْلِهِ أَوْ) طَرَأَ (مُوصًى لَهُ بِجُزْءٍ) أَيْ نَصِيبٍ (عَلَى وَارِثٍ اتَّبَعَ كُلًّا) مِنْ الْمَطْرُوِّ عَلَيْهِ (بِحِصَّتِهِ) وَلَا تَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ وَلَا يَأْخُذُ مَلِيًّا عَنْ مُعْدَمٍ عَلِمَ الْمَطْرُوُّ عَلَيْهِ بِالطَّارِئِ أَمْ لَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ مِثْلِيًّا أَوْ عَيْنًا، فَإِنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَدَارٍ نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ لِمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرَرِ بِتَبْعِيضِ حَقِّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (وَأُخِّرَتْ) قِسْمَةُ التَّرِكَةِ (لَا دَيْنٌ) فَلَا يُؤَخَّرُ قَضَاؤُهُ (لِحَمْلٍ) أَيْ لِوَضْعِهِ

(وَفِي) تَأْخِيرِ (الْوَصِيَّةِ) لِوَضْعِ الْحَمْلِ كَالتَّرِكَةِ وَتَعْجِيلِهَا لِرَبِّهَا كَالدَّيْنِ (قَوْلَانِ) إنْ لَمْ تَكُنْ الْوَصِيَّةُ بِعَدَدٍ وَإِلَّا عُجِّلَتْ كَالدَّيْنِ اتِّفَاقًا (وَقَسَمَ عَنْ صَغِيرٍ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ) أَوْ حَاكِمٌ عِنْدَ عَدَمِهِمَا (وَمُلْتَقِطٌ) فَلَيْسَ لَهُ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا كَلَامٌ (كَقَاضٍ) يَقْسِمُ (عَنْ غَائِبٍ) بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَإِلَّا اُنْتُظِرَ (لَا ذِي شُرْطَةٍ) مِنْ جُنْدِ السُّلْطَانِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ غَيْرِهِ وَشُرْطَةٌ بِوَزْنِ غُرْفَةٍ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ (أَوْ) ذِي (كَنَفٍ) أَيْ صِيَانَةٍ (أَخًا) صَغِيرًا أَيْ لَيْسَ لِلْأَخِ الْكَبِيرِ الَّذِي كَنَفَ أَخَاهُ الصَّغِيرَ احْتِسَابًا أَنْ يَقْسِمَ لَهُ شَيْئًا قَلَّ أَوْ كَثُرَ بَلْ الْأَمْرُ لِلْحَاكِمِ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَلِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَجَازَ أَنْ يُقْرَأَ كَنَفٌ فِعْلًا مَاضِيًا صِفَةً لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى ذِي أَيْ أَوْ أَخٍ كَنَفٍ (أَوْ أَبٍ عَنْ) ابْنٍ (كَبِيرٍ) رَشِيدٍ فَلَا يَقْسِمُ لَهُ (وَإِنْ غَابَ) وَإِنَّمَا يَقْسِمُ لَهُ وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ (وَفِيهَا قَسْمٌ) أَيْ جَوَازُ قَسْمِ (نَخْلَةٍ وَزَيْتُونَةٍ) مُشْتَرَكَيْنِ بَيْنَ رَجُلَيْنِ (إنْ اعْتَدَلَتَا) قِيمَةً وَتَرَاضَيَا عَلَى قَسْمِهِمَا بِأَنْ يَأْخُذَ هَذَا وَاحِدَةً وَالْآخَرُ أُخْرَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ اسْتَهْلَكَ مَا أَخَذَهُ بِالْقِسْمَةِ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَسْتَهْلِكْ أَوْ بَعْضَهُمْ بَاعَ حِصَّتَهُ وَبَعْضَهُمْ لَمْ يَبِعْ فَإِنَّهُ يَسْتَوْفِي حَقَّهُ مِمَّنْ وَجَدَ بِيَدِهِ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِذَا اسْتَوْفَى الْغَرِيمُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْجُودِ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يَتَرَاجَعُونَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا) أَيْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ بِالطَّارِئِ وَإِلَّا أَخَذَ إلَخْ، كَذَا قَرَّرَهُ الطِّخِّيخِيُّ وَهُوَ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الطَّارِئُ عَالِمًا فَكَيْفَ يُقَالُ إنَّهُ يَأْخُذُ الْمَلِيءُ الْعَالِمُ عَنْ الْمُعْدَمِ مَعَ مُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي الْعِلْمِ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ التَّرَاجُعَ هُنَا كَالْحَمَّالَةِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَخَذَ الطَّارِئُ حَقَّهُ مِمَّا وَجَدَهُ قَائِمًا بِيَدِ أَحَدِهِمْ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِحِصَّتِهِ وَلَا يَأْخُذُ أَحَدًا عَنْ أَحَدٍ، وَإِنْ كَانُوا عَالِمِينَ بِذَلِكَ الطَّارِئِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَأَخَذَ حَقَّهُ مِمَّا وَجَدَهُ بِيَدِ أَحَدِهِمْ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ يَأْخُذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْعَالِمِ حِصَّتَهُ وَيُشَارِكُهُ فِيهَا عَلَى الْمُعْسِرِ وَلِأَجْلِ هَذَا الْإِشْكَالِ قَرَّرَ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ جَدُّ عج أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَيْسَ شَرْطًا فِيمَا قَبْلَهُ وَإِنَّمَا هُوَ رَاجِعٌ لِصَدْرِ الْكَلَامِ أَعْنِي قَوْلَهُ كَبَيْعِهِمْ بِلَا غَبَنٍ أَيْ كَمَا يَمْضِي بَيْعُهُمْ بِلَا غَبَنٍ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنْ عَلِمُوا كَانَ لِلْغَرِيمِ نَقْضُهُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا أَيْ بِأَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا وَأَنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْإِرْثِ فَعِلْمُهُمْ بِالدَّيْنِ مَعَ جَهْلِهِمْ تَقَدُّمَهُ عَلَى الْإِرْثِ كَعَدَمِ عِلْمِهِمْ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَاشِرٍ وَارْتَضَاهُ الْمِسْنَاوِيُّ لَكِنْ فِي تَأْخِيرِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا تَشْوِيشٌ فَلَعَلَّهُ مِنْ مَخْرَجِ الْمُبَيَّضَةِ (قَوْلُهُ بِتَبْعِيضِ حَقِّهِ) أَيْ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ مِنْ قِسْمِ شَخْصٍ وَالْبَعْضَ الْآخَرَ مِنْ قِسْمِ شَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ لَا دَيْنٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي أُخِّرَتْ مِنْ غَيْرِ فَاصِلٍ وَفِي قَوْلِهِ لَا دَيْنٌ عَلَى ابْنِ أَيْمَنَ الْقَائِلِ بِتَأْخِيرِ قَضَاءِ الدَّيْنِ لِلْوَضْعِ وَوَجَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ثُبُوتَ الدَّيْنِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الْإِعْذَارِ لِجَمِيعِ الْوَرَثَةِ وَيَقُومُ مَقَامَ الصَّغِيرِ وَصِيَّةً وَإِنَّمَا يُقَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِهِ، وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ إقَامَةَ الْوَصِيِّ عَلَيْهِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَى الْوَضْعِ بَلْ تَصِحُّ عَلَى الْحَمْلِ (قَوْلُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ قَضَاؤُهُ) أَيْ بَلْ يُقْضَى عَاجِلًا لِحُلُولِهِ بِالْمَوْتِ

(قَوْلُهُ وَفِي تَأْخِيرِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي تَأْخِيرِ تَنْفِيذِهَا وَقَوْلُهُ كَالتَّرِكَةِ أَيْ كَقَسْمِ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِتَعْجِيلِ إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ فَإِنْ تَلِفَتْ بَقِيَّةُ التَّرِكَةِ بَعْدَ تَعْجِيلِ الْوَصِيَّةِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ رَجَعَ الْوَرَثَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ بِثُلُثَيْ مَا بِأَيْدِيهِمْ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا عُجِّلَتْ كَالدَّيْنِ اتِّفَاقًا) الْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوَصِيَّةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ بِعَدَدٍ أَوْ بِجُزْءٍ كَمَا فِي بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَقُسِمَ) أَيْ بِقُرْعَةٍ أَوْ بِتَرَاضٍ وَقَوْلُهُ أَبٌ أَيْ مُسْلِمٌ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا وِلَايَةَ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ أَوْ وَصِيٌّ أَيْ وَلَوْ أَمَّا بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُسْلِمًا أَيْضًا وَالْمُرَادُ بِالْوَصِيِّ وَلَوْ حَكَمًا فَيَدْخُلُ مُقَدِّمُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَمُلْتَقِطٌ) اسْمُ فَاعِلِ يَقْسِمُ عَنْ مُلْتَقَطِهِ بِالْفَتْحِ الْمُشَارِكِ لِغَيْرِهِ فِيمَا وَهَبَ لَهُ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلصَّغِيرِ الَّذِي قَسَمَ عَنْهُ أَبُوهُ أَوْ وَصِيُّهُ أَوْ مُلْتَقِطُهُ أَوْ الْحَاكِمُ كَلَامٌ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا (قَوْلُهُ شُرْطَةٍ) أَيْ عَلَامَةٍ تُمَيِّزُهُ فِي لُبْسِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ غَائِبٍ اللَّهُمَّ إلَّا بِأَمْرِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ أَوْ ذِي كَنَفٍ) هُوَ الْكَافِلُ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) تَقَدَّمَ فِي الْحَجْرِ أَنَّ الْحَاضِنَ يَبِيعُ الْقَلِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَسْمَ الْقَلِيلِ كَبَيْعِهِ، وَهُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ سَهْلٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْهُ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ وَالْآخَرُ أُخْرَى) هَذَا لَفْظُهَا وَقَدْ اسْتَشْكَلَ بِأَنَّ الْقِسْمَةَ إنْ كَانَتْ قُرْعَةً كَمَا هُوَ مُقْتَضَى التَّعَادُلِ فَلَا تَدْخُلُ فِي النَّوْعَيْنِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّرَاضِي، وَإِنْ كَانَتْ مُرَاضَاةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَادُلُ وَأَجَابَ ابْنُ يُونُسَ بِاخْتِيَارِ الْأَوَّلِ وَدَخَلَتْ فِي النَّوْعَيْنِ لِلْقِلَّةِ وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهَا

ص: 516