الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ حَقٌّ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ (كَأَخْذِهِ) أَيْ كَمَا لَا يَلْزَمُ رَبَّهُ أَخْذُهُ (بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْكُلْفَةِ عَلَيْهِ (إلَّا الْعَيْنَ) فَيَلْزَمُ رَبَّهَا أَخْذُهَا بِغَيْرِ مَحَلِّهَا لِخِفَّةِ حَمْلِهَا وَيَنْبَغِي إلَّا لِخَوْفٍ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ وَأَنَّ مِثْلَ الْعَيْنِ الْجَوَاهِرُ الْخَفِيفَةُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَابِ السَّابِقِ كَالْعُرُوضِ دَرْسٌ.
{فَصْلٌ}
فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُقَاصَّةِ وَهَذَا الْفَصْلُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَلَّفَهُ تِلْمِيذُهُ بَهْرَامُ فَقَالَ (تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ) وَهِيَ إسْقَاطُ مَا لَكَ مِنْ دَيْنٍ عَلَى غَرِيمِك فِي نَظِيرِ مَا لَهُ عَلَيْك بِشُرُوطِهِ وَعَبَّرَ بِالْجَوَازِ إمَّا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ أَوْ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ طَلَبَهَا مَنْ حَلَّ دَيْنُهُ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ وُجُوبُ الْحُكْمِ بِهَا.
وَاعْلَمْ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إمَّا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا فَأَشَارَ إلَى كَوْنِهِمَا عَيْنًا بِقَوْلِهِ (فِي دَيْنَيْ الْعَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَانَ عَلَى الْحُلُولِ فَإِذَا طَلَبَهُ الْمُقْرِضُ قَبْلَ انْتِفَاعِ الْمُقْتَرِضِ بِهِ رُدَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْمُقْرِضَ قَبُولُهُ إلَخْ) أَيْ لَكِنْ يُقَيَّدُ غَيْرُ الْعَيْنِ بِمَا إذَا كَانَا فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى قَبُولِهِ بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا مُطْلَقًا كَانَا فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ أَوْ غَيْرِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَّا لِخَوْفٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الْعَيْنَ يَلْزَمُ رَبَّهَا أَخْذُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ قَبْلَ الْمَحَلِّ وَالْأَجَلِ وَلَوْ كَانَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَتْ فِي الْبَابِ السَّابِقِ كَالْعُرُوضِ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْقَرْضَ إنْ كَانَ عَيْنًا وَأَرَادَ الْمُقْتَرِضُ رَدَّهُ لَزِمَ رَبَّهُ قَبُولُهُ مُطْلَقًا كَانَ فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ أَوْ فِي غَيْرِهِ حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَا إلَّا لِخَوْفٍ فِي الطَّرِيقِ أَوْ احْتِيَاجٍ إلَى كَبِيرِ حَمْلٍ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهَا قَبْلَ الْمَحَلِّ وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ غَيْرَ عَيْنٍ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا فَيُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى الْقَبُولِ إذَا أَتَى بِهِ الْمُقْتَرِضُ فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا وَإِلَّا فَلَا يُجْبَرُ، وَأَمَّا دَيْنُ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ عَيْنِ الْقَرْضِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَيُجْبَرُ رَبُّ الدَّيْنِ عَلَى الْقَبُولِ إنْ كَانَا فِي مَحَلِّ الْقَضَاءِ وَحَلَّ الْأَجَلُ وَإِنْ كَانَا فِي غَيْرِ الْمَحَلِّ حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا أَوْ كَانَا فِي الْمَحَلِّ وَلَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَلَا يُجْبَرُ رَبُّهُ عَلَى الْقَبُولِ.
[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]
{فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ} (قَوْلُهُ بَيَّضَ لَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ تَرَكَ الْمُصَنِّفُ لَهُ بَيَاضًا، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ بَابَ الرَّهْنِ، وَإِنَّمَا أَلَّفَ بَهْرَامُ فِي هَذَا الْبَيَاضِ فَصْلَ الْمُقَاصَّةِ لِقَوْلِهِ اعْلَمْ أَنَّ عَادَةَ الْأَشْيَاخِ فِي الْغَالِبِ أَنْ يُذَيِّلُوا هَذَا الْبَابَ أَيْ بَابَ الْقَرْضِ بِذِكْرِ الْمُقَاصَّةِ وَالشَّيْخُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ فَأَرَدْت أَنْ أَذْكُرَ شَيْئًا مِنْهَا لِيَكُونَ تَتْمِيمًا لِغَرَضِ النَّاظِرِ اهـ (قَوْلُهُ إمَّا لِأَنَّهُ الْغَالِبُ) أَيْ فِيهَا فَغَالِبُ أَحْوَالِهَا الْجَوَازُ، وَأَمَّا وُجُوبُهَا فَهُوَ قَلِيلٌ إذْ هُوَ فِي أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْإِذْنُ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ الْقَسِيمَ لِلْوُجُوبِ لِوُجُوبِهَا إذَا حَلَّ الدَّيْنَانِ إلَخْ وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ هَذَا يَقْتَضِي حُرْمَةَ الْعُدُولِ عَنْهَا فِي صُوَرِ الْوُجُوبِ وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ هُنَا الْقَضَاءُ بِهَا لِطَالِبِهَا اهـ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ فِي الْمُصَنَّفَ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَهَذَا لَا يُنَافِي الْقَضَاءَ بِهَا لِطَالِبِهَا فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَا عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ عَرْضًا إلَخْ) أَيْ فَهَذِهِ تِسْعَةُ أَحْوَالٍ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنَانِ حَالَّيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا أَوْ يَكُونَا مُؤَجَّلَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ فِي الْأَجَلِ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فِيهِ فَالْجُمْلَةُ سِتٌّ وَثَلَاثُونَ حَالَةً وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَّحِدَا قَدْرًا وَصِفَةً أَوْ فِي الْقَدْرِ فَقَطْ أَوْ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ أَوْ يَخْتَلِفَا فِيهِمَا فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَأَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ حَالَةً (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً) حَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّ دَيْنَيْ الْعَيْنِ إنْ اتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً كُلُّهَا
(إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا) أَيْ وَزْنًا أَوْ عَدَدًا (وَصِفَةً) كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَمِثْلِهَا (حَلَّا) مَعًا (أَوْ) حَلَّ (أَحَدُهُمَا أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ، وَلَوْ حَذَفَ هَذَا اكْتِفَاءً بِدُخُولِهِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لَكَانَ أَخْصَرَ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْعَيْنَانِ (صِفَةً) أَيْ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً (مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ) كَمُحَمَّدِيَّةٍ وَيَزِيدِيَّةٍ (أَوْ) مَعَ (اخْتِلَافِهِ) كَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (فَكَذَلِكَ) أَيْ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ (إنْ حَلَّا) مَعًا إذْ هِيَ مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ مُبَادَلَةٌ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (فَلَا) تَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ بَدَلٌ مُسْتَأْخِرٌ وَمَعَ اخْتِلَافِهِ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ (كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مِنْ بَيْعٍ) فَتَجُوزُ إنْ حَلَّا وَإِلَّا فَلَا فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا فِي قَوْلِهِ فَلَا فَقَطْ، وَمَفْهُومُ مِنْ بَيْعٍ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ حَلَّا أَمْ لَا وَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ حَلَّا فَإِنْ كَانَ الْأَكْثَرُ هُوَ الَّذِي مِنْ بَيْعٍ مُنِعَتْ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَنْ قَرْضٍ بِزِيَادَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ قَرْضٍ جَازَتْ؛ لِأَنَّهُ قَضَاءٌ عَنْ بَيْعٍ بِزِيَادَةٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ (وَالطَّعَامَانِ) فِي الْمُقَاصَّةِ كِلَاهُمَا (مِنْ قَرْضٍ كَذَلِكَ) فَتَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا صِفَةً وَقَدْرًا حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَمْ لَا كَأَنْ اخْتَلَفَا صِفَةً مَعَ اتِّحَادِ النَّوْعِ كَسَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ أَوْ اخْتِلَافِهِ كَقَمْحٍ وَفُولٍ فَتَجُوزُ إنْ حَلَّا وَإِلَّا فَلَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
جَائِزَةٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ وَتِسْعَةٌ مَمْنُوعَةٌ وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً وَاحِدَةٌ جَائِزَةٌ وَالْبَاقِي مَمْنُوعٌ فَجُمْلَةُ مَا فِي دَيْنِ الْعَيْنِ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ.
(قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَصِفَةً) أَيْ وَيَلْزَمُ مِنْ اتِّحَادِهِمَا فِي الصِّفَةِ اتِّحَادُهُمَا فِي النَّوْعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالصِّفَةِ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ وَالذَّهَبِيَّةُ وَالْفِضِّيَّةُ (قَوْلُهُ حَلَّا مَعًا) أَيْ وَيُقْضَى بِهَا حِينَئِذٍ إنْ طَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا أَيْ وَيُقْضَى بِهَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا طَلَبَهَا مَنْ حَلَّ أَجَلُ دَيْنِهِ لَا إنْ طَلَبَهَا مَنْ لَمْ يَحِلَّ دَيْنُهُ إذْ لِلَّذِي حَلَّ دَيْنُهُ الِامْتِنَاعُ مِنْهَا وَأَخْذُهُ لِدَيْنِهِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ حَتَّى يَحِلَّ دَيْنُ الْآخَرِ فَيَقْضِيهِ لَهُ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ وَيُقْضَى بِهَا أَيْضًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إذَا اتَّفَقَ أَجَلُ الدَّيْنَيْنِ وَطَلَبَهَا أَحَدُهُمَا، وَإِنَّمَا جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْمُعَاوَضَةُ وَالْمُبَارَأَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ حَذَفَ هَذَا) أَيْ قَوْلَهُ حَلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً) هَذَا مَفْهُومُ اتِّحَادِ الصِّفَةِ فِيمَا مَرَّ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمَا مُتَّحِدَانِ فِي الْقَدْرِ أَيْ الْوَزْنِ أَوْ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ إنْ حَلَّا مَعًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ صَرَفُ مَا فِي الذِّمَّةِ إلَخْ) أَيْ وَكِلَاهُمَا جَائِزٌ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ فِي الْأَوَّلِ وَالْحُلُولِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّا) أَيْ وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُضْرَبُ فِي أَحْوَالِ الْإِطْلَاقِ الثَّلَاثَةِ السَّابِقَةِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْعَيْنَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا صِفَةً وَاتَّحَدَ نَوْعُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ نَوْعُهُمَا كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلٍ وَاحِدٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْ الْأَجَلِ أَوْ أَحَدُهُمَا حَالٌّ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ فَالْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً) أَيْ كَدِينَارٍ كَامِلٍ وَدِينَارٍ نَاقِصٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ حَالٍّ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَمِثْلُ اخْتِلَافِهِمَا فِي الزِّنَةِ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْعَدَدِ بَلْ هِيَ أَحْرَى فَالْمُصَنِّفُ نَصَّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَلَا حَاجَةَ لِمَا قِيلَ إنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا زِنَةً مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا إنْ اتَّحَدَا قَدْرًا وَحَاصِلُهُ أَنَّ دَيْنَيْ الْعَيْنِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْوَزْنِ أَوْ فِي الْعَدَدِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ إنْ حَلَّا (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا فَلَا تَجُوزُ فَهَذِهِ صُوَرٌ أَرْبَعَةٌ وَاحِدَةٌ جَائِزَةٌ وَالثَّلَاثَةُ مَمْنُوعَةٌ نَعَمْ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَتْ الْحَالَّةُ هِيَ الْعَيْنَ الْوَازِنَةُ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ لَا فِي قَوْلِهِ إلَخْ أَيْ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَلَا فَقَطْ أَيْ بِحَيْثُ يَكُونُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَحَاصِلُهَا الْمَنْعُ إذَا كَانَ الدَّيْنَانِ مِنْ بَيْعٍ حَلَّا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا لِمَا فِيهَا مِنْ الْمُبَادَلَةِ وَأَحَدُ الْعَيْنَيْنِ أَكْثَرُ فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا حَلَّا فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ وَعَلَى الثَّانِي تُمْنَعُ (قَوْلُهُ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا مِنْ قَرْضٍ مُنِعَتْ) أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ حَلَّا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا) أَيْ سَوَاءٌ اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فِي الْعَيْنَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْ الْقَدْرِ طَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ وَاعْتَمَدَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَدَيْنِ الْعَيْنِ فِي صُوَرِ الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّ الطَّعَامَيْنِ إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً، فَإِنْ اتَّفَقَا
كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا (وَمُنِعَا) أَيْ الطَّعَامَانِ أَيْ مُنِعَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي الطَّعَامَيْنِ (مِنْ بَيْعٍ وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ) قَدْرًا وَصِفَةً لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَطَعَامٍ بِطَعَامٍ وَدَيْنٍ بِدَيْنٍ نَسِيئَةً وَهَاتَانِ الْعِلَّتَانِ فِي غَيْرِ الْحَالَّيْنِ (وَمِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ) تَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا وَصِفَةً وَقَدْرًا (وَحَلَّا) مَعًا (لَا إنْ لَمْ يَحِلَّا أَوْ) حَلَّ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ فَتُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ.
(وَتَجُوزُ) الْمُقَاصَّةُ (فِي الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا) تَسَاوَيَا أَجَلًا أَمْ لَا، تَسَاوِي بَيْنَهُمَا كَكَوْنِهِمَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ اخْتَلَفَ لِبُعْدِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ فِي الْعَرْضِ (إنْ اتَّحَدَا جِنْسًا وَصِفَةً) كَثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ أَوْ مَرْوِيَّيْنِ (كَأَنْ اخْتَلَفَا جِنْسًا) كَكِسَاءٍ وَرِدَاءٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَدْرًا وَصِفَةً جَازَتْ فِي أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا مُنِعَ فِي أَرْبَعَةٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً جَازَ فِي وَاحِدَةٍ وَمُنِعَ فِي ثَلَاثَةٍ فَقَوْلُهُ فَتَجُوزُ إنْ اتَّفَقَا صِفَةً، وَقَدْرًا كَإِرْدَبٍّ وَإِرْدَبٍّ مِنْ قَمْحٍ، وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ أَوْ لَمْ يَحِلَّا اتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا، وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا فَلَا تَجُوزُ، وَقَوْلُهُ كَأَنْ اخْتَلَفَا قَدْرًا أَيْ فَتُمْنَعُ عِنْدَ ابْنِ بَشِيرٍ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ قَرْضٍ وَسَوَاءٌ حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا.
(قَوْلُهُ وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ) أَيْ كَأَنْ أُسْلِمَك عَلَى إرْدَبٍّ وَتُسْلِمَنِي عَلَى إرْدَبٍّ أَوْ أَكْثَرَ، وَقَوْلُهُ وَمُنِعَا مِنْ بَيْعٍ أَيْ سَوَاءٌ حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا اتَّفَقَ أَجَلُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ فَصُوَرُ الطَّعَامَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَرْبَعَةٌ وَكُلُّهَا تَمْنَعُ الْمُقَاصَّةَ فِيهَا اتَّفَقَا قَدْرًا وَصِفَةً أَوْ قَدْرًا فَقَطْ أَوْ صِفَةً فَقَطْ فَهِيَ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ مُتَّفِقَيْنِ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِجَوَازِهَا عِنْدَ اتِّفَاقِ الطَّعَامَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالْحُلُولِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) هَذِهِ الْعِلَّةُ تَجْرِي فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلُهُ نَسِيئَةً) رَاجِعٌ لِلْأَمْرَيْنِ قَبْلَهُ لَكِنْ يَرِدُ أَنَّ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ لَا يُنْظَرُ لَهُ هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُقَاصَّةَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ فِي بَعْضِ صُوَرِهَا عَدَمَ الْحُلُولِ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَطَعَامٌ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْحَالَيْنِ) أَيْ فَهِيَ تَجْرِي فِي أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ إذَا كَانَ الطَّعَامَانِ مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حَالًّا وَالْآخَرُ مُؤَجَّلًا (قَوْلُهُ وَمِنْ بَيْعٍ وَقَرْضٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ دَيْنَيْ الطَّعَامِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِيهِمَا بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَتَّفِقَا فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَا حَالَّيْنِ، وَعِلَّةُ الْجَوَازِ أَنَّ الَّذِي أَسْلَمَ كَأَنَّهُ اقْتَضَى عَنْ طَعَامِ السَّلَمِ الَّذِي لَهُ طَعَامَ الْقَرْضِ الَّذِي عَلَيْهِ مِنْ نَفْسِهِ وَلَا مَحْظُورَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَنْظُرُوا هُنَا إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِطَعَامِ الْبَيْعِ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَانْضَمَّ إلَى ذَلِكَ كَوْنُ الْمُقَاصَّةِ مَعْرُوفًا أَيْضًا.
{تَنْبِيهٌ} الطَّعَامَانِ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ صُوَرُهُ اثْنَا عَشْرَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا صِفَةً، وَقَدْرًا صُوَرُهُ أَرْبَعَةٌ تَجُوزُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ إذَا حَلَّا وَتُمْنَعُ فِي ثَلَاثَةٍ إذَا حَلَّ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا صِفَةً أَوْ قَدْرًا فَالْمَنْعُ فِي كُلٍّ مِنْ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ حَلَّا أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوْ اخْتَلَفَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا وَصِفَةً الْأَوْلَى حَذْفُ الْجِنْسِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى الصِّفَةِ وَالْقَدْرِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ وَالِاتِّفَاقُ فِي الصِّفَةِ يَسْتَلْزِمُ الِاتِّفَاقَ فِيهِ (قَوْلُهُ إنْ اتَّفَقَا جِنْسًا) الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ فِي مَسَائِلِ الطَّعَامِ وَكَذَلِكَ الْعَرْضُ النَّوْعُ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ الطَّعَامُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَتَحْتَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ (قَوْلُهُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْأَجَلِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ تَقْدِيرُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمُقَابِلُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْمَنْعِ مَا لِأَشْهَبَ مِنْ الْجَوَازِ تَغْلِيبًا لِلْمَعْرُوفِ
(قَوْلُهُ وَتَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي الْعَرْضَيْنِ) الْمُرَادُ بِالْعَرْضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالطَّعَامَ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّيْنَيْنِ إذَا كَانَا عَرْضَيْنِ، فَإِنْ اتَّفَقَا فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ هَرَوِيَّيْنِ أَوْ مَرْوِيَّيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ مِنْ الْقُطْنِ جَيِّدَيْنِ أَوْ رَدِيئَيْنِ جَازَتْ الْمُقَاصَّةُ فِي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ صُورَةً وَهِيَ مَا إذَا حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ أَجَلُ أَحَدِهِمَا أَوْ لَمْ يَحِلَّا وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ
(وَاتَّفَقَا أَجَلًا) لِبُعْدِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ أَيْضًا وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ بَيْعٌ وَإِطْلَاقُ الْمُقَاصَّةِ عَلَيْهِ مَجَازٌ (وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا) مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ (مُنِعَتْ إنْ لَمْ يَحِلَّا) مَعًا (أَوْ) لَمْ يَحِلَّ (أَحَدُهُمَا) وَإِلَّا جَازَتْ فَتَجُوزُ بِحُلُولِ أَحَدِهِمَا كَمَا تَجُوزُ بِحُلُولِهِمَا عَلَى الْمَذْهَبِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ (وَإِنْ اتَّحَدَا جِنْسًا) كَثَوْبَيْ قُطْنٍ (وَالصِّفَةُ مُتَّفِقَةٌ) كَهَرَوِيَّيْنِ أَوْ مَرْوِيَّيْنِ (أَوْ مُخْتَلِفَةٌ) كَأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا هَرَوِيًّا وَالْآخَرُ مَرْوِيًّا (جَازَتْ) الْمُقَاصَّةُ (إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ) وَأَحْرَى إنْ حَلَّا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ (فَلَا) تَجُوزُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَالصَّوَابُ حَذْفُ قَوْلِهِ مُتَّفِقَةٌ مَعَ لَفْظِ أَوْ بِأَنْ يَقُولَ وَالصِّفَةُ مُخْتَلِفَةٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِ الْأَجَلِ حَيْثُ اتَّفَقَتْ الصِّفَةُ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَتَجُوزُ فِي الْعَرْضَيْنِ مُطْلَقًا إلَخْ، وَتَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ بِمَا ذَكَرْنَا هُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَهُوَ خِلَافُ الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْأَجَلِ لَمْ تَجُزْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ أَدَّى إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مُنِعَ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا اُنْظُرْ تَفْصِيلَهُ فِي الْأَصْلِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ قَرْضٍ وَإِنْ اخْتَلَفَا نَوْعًا كَثَوْبٍ وَكِسَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ وَجُوخَةٍ فَفِيهِ صُوَرٌ اثْنَا عَشْرَ تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي تِسْعَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَلَّ أَجَلُهُمَا أَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَتُمْنَعُ فِي ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاخْتَلَفَا أَجَلًا سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ، وَإِنْ اتَّحَدَا نَوْعًا وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ كَثَوْبَيْنِ مِنْ الْقُطْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَكَثَوْبَيْنِ إحْدَاهُمَا هَرَوِيَّةٌ وَالْأُخْرَى مَرْوِيَّةٌ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً أَيْضًا تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ فِي سِتَّةٍ إذَا حَلَّ الْعَرْضَانِ أَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ سِتَّةٌ وَتُمْنَعُ فِي سِتَّةٍ إنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَالْأَجَلُ مُخْتَلِفٌ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ (قَوْلُهُ وَاتَّفَقَا أَجَلًا) أَيْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَا أَجَلًا كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا أَجَلًا) أَيْ وَإِنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ مُنِعَتْ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَمْنُوعَةٌ لِمَا فِي الْمُقَاصَّةِ حِينَئِذٍ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ حَلَّ الْعَرْضَانِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا جَازَتْ كَانَ الْعَرْضَانِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ جَائِزَةٌ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ مَنْعِ هَذِهِ السِّتَّةِ (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ قَصْدِ الْمُكَايَسَةِ) أَيْ مَعَ حُلُولِهِمَا أَوْ حُلُولِ أَحَدِهِمَا أَيْ لِأَنَّ الِاتِّفَاقَ فِي الْأَجَلِ يَبْعُدُ مَعَهُ قَصْدُ الْمُكَايَسَةِ وَالْمُغَالَبَةِ كَمَا يَبْعُدُ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الصِّفَةِ (قَوْلُهُ إنْ اتَّفَقَ الْأَجَلُ) أَيْ إنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَاتَّفَقَ أَجَلُهُمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلُ) أَيْ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ وَأَجَلُهُمَا مُخْتَلِفٌ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ وَتَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ) أَيْ هُنَا، وَقَوْلُهُ بِمَا ذَكَرْنَا أَيْ مِنْ كَوْنِ الْعَرْضَيْنِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ أَحَدِهِمَا مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرِ مِنْ قَرْضٍ.
(قَوْلُهُ إذْ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ، وَقَوْلُهُ لَمْ تَجُزْ عَلَى تَفْصِيلٍ أَيْ لَمْ تَجُزْ مُطْلَقًا بَلْ عَلَى تَفْصِيلٍ، وَقَوْلُهُ إنْ أَدَّى إلَى ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مُنِعَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ لِذَلِكَ جَازَتْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الصِّفَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ بِأَنْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ بِأَجَلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ بَيْعٍ وَكَانَ الْحَالُّ مِنْهُمَا أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ مُنِعَ لِمَا فِيهَا مِنْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَدْنَى أَوْ أَقَلَّ فَامْنَعْ أَيْضًا لِمَا فِي الْمُقَاصَّةِ حِينَئِذٍ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ بِخِلَافِ مَا إذَا اتَّفَقَا أَجَلًا فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلِذَا جَازَتْ، وَأَمَّا إذَا كَانَا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَدْنَى أَوْ أَقَلَّ فَامْنَعْ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَجْوَدَ صِفَةً فَأَجِزْ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ فِي الْقَرْضِ فَلَا يَدْخُلُهُ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك، وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَسَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا بِخِلَافِ دَيْنِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُهُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك، فَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا أَكْثَرَ فَامْنَعْ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَحَدُ الْعَرْضَيْنِ مِنْ بَيْعٍ وَالْآخَرُ مِنْ قَرْضٍ فَأَجِزْهُ عَلَى مَا سَبَقَ فَتَقُولُ إنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا مِنْ بَيْعٍ فَامْنَعْ إنْ كَانَ أَدْنَى صِفَةً أَوْ أَقَلَّ قَدْرًا لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ أَجْوَدَ صِفَةً أَوْ أَكْثَرَ قَدْرًا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَإِنْ كَانَ الْحَالُّ أَوْ الْأَقْرَبُ حُلُولًا مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ كَانَ أَدْنَى صِفَةً أَوْ أَقَلَّ قَدْرًا مُنِعَ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ قَدْرًا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَأَجِزْ إنْ كَانَ أَجْوَدَ صِفَةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَرْضَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ فِي الصِّفَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ أَوْ حَلَّ أَحَدُهُمَا إنْ كَانَا