المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في بيان أحكام المساقاة - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌(باب) في بيان أحكام المساقاة

فِي أَكْلِهِ (إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ) عَلَى غَيْرِهِ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى غَيْرِهِ زِيَادَةً لَهَا بَالٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدَ التَّفَضُّلَ (فَلْيَتَحَلَّلْهُ) أَيْ يَتَحَلَّلُ رَبَّ الْمَالِ بِأَنْ يُطْلَبَ مِنْهُ الْمُسَامَحَةَ (فَإِنْ أَبَى) مِنْ مُسَامَحَتِهِ (فَلْيُكَافِئْهُ) أَيْ يُعَوِّضُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ

[دَرْسٌ]

(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

، وَهِيَ عَقْدٌ عَلَى خِدْمَةِ شَجَرٍ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ بِجُزْءٍ مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ بِجَمِيعِهَا بِصِيغَةٍ وَمُنَاسَبَتُهَا لِلْقِرَاضِ ظَاهِرَةٌ (إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ) بِالشُّرُوطِ الْآتِيَةِ فَهِيَ مَصَبُّ الْحَصْرِ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ أَنَّهَا تَكُونُ فِي الزَّرْعِ وَالْمَقْثَأَةِ وَنَحْوِهِمَا (وَإِنْ بَعْلًا) ، وَهُوَ مَا يَشْرَبُ بِعُرُوقِهِ مِنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ وَلَا يَحْتَاجُ لِسَقْيٍ؛ لِأَنَّ احْتِيَاجَهُ لِلْعَمَلِ يَقُومُ مَقَامَ السَّقْيِ (ذِي ثَمَرٍ) أَيْ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ بِأَنْ كَانَ يُثْمِرُ فِي عَامِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ أَمْ لَا، وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ الْوَدِيِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ (لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) عِنْدَ الْعَقْدِ أَيْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إنْ كَانَ مَوْجُودًا فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ، وَهُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاتُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ (وَلَمْ يُخْلِفْ) عَطْفٌ عَلَى ذِي ثَمَرٍ أَيْ شَجَرٍ ذِي ثَمَرٍ وَشَجَرٌ لَمْ يُخْلِفْ فَإِنْ كَانَ يُخْلِفُ لَمْ تَصِحَّ مُسَاقَاتُهُ وَيُخْلِفُ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ اللَّامِ مِنْ أَخْلَفَ وَالْمُرَادُ بِمَا يُخْلِفُ مَا يُخْلِفُ إذَا لَمْ يُقْطَعَ كَالْمَوْزِ فَإِنَّهُ إذَا انْتَهَى أَخْلَفَ؛ لِأَنَّهُ تَنْبُتُ أُخْرَى مِنْهُ بِجَانِبِ الْأُولَى تُثْمِرُ قَبْلَ قَطْعِ الْأُولَى وَهَكَذَا دَائِمًا فَانْتِهَاؤُهُ بِمَنْزِلَةِ جَذِّهِ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَنْتَهِ مِنْهُ يَنَالُهُ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ فَكَأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا مَا يُخْلِفُ مَعَ الْقَطْعِ كَالسِّدْرِ فَإِنَّهُ يُخْلِفُ إذَا قُطِعَ فَتَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ وَسَيَأْتِي فِي مُسَاقَاةِ الزَّرْعِ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ لَا يُخْلِفَ أَيْضًا لَكِنَّ الْإِخْلَافَ فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ بِجَذِّهِ، فَالْإِخْلَافُ فِي الشَّجَرِ غَيْرُ مَعْنَى الْإِخْلَافِ فِي الزَّرْعِ (إلَّا تَبَعًا) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَا ثَمَرَ فِيهِ وَمَا حَلَّ بَيْعُهُ وَمَا يُخْلِفُ تَبَعًا لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِمَفْهُومِ الثَّانِي أَيْ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ إنَّمَا يَصِحُّ إذَا كَانَ فِي الْحَائِطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْخُسْرَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّفَضُّلَ إلَخْ) صَادِقٌ بِأَنْ يَكُونَ طَعَامُ كُلٍّ مُسَاوِيًا لِطَعَامِ الْآخَرِ أَوْ كَانَ أَزْيَدَ مِنْهُ.

وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لَهَا بَالٌ لَمْ تَسْمَحْ بِهَا النُّفُوسُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا الْمُفَاضَلَةَ فَظَاهِرُهُ الْجَوَازُ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ: بِأَنْ لَا يَزِيدَ إلَخْ تَفْسِيرٌ لِعَدَمِ قَصْدِ الْمُفَاضَلَةِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ) أَيْ فِيمَا زَادَهُ مِنْ الطَّعَامِ عَلَى غَيْرِهِ

[بَابٌ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ]

(بَابُ الْمُسَاقَاةِ)(قَوْلُهُ عَقْدٌ عَلَى خِدْمَةِ شَجَرٍ) إنَّمَا سُمِّيَ ذَلِكَ الْعَقْدُ مُسَاقَاةً مَعَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِغَيْرِ السَّقْيِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ مُعْظَمُ مَا تَعَلَّقَ بِهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ) أَيْ كَالنَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَالْمِقْثَأَةِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ ظَاهِرَةٌ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى عَمَلٍ بِجُزْءٍ مَجْهُولِ الْكُمِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ مُسْتَثْنَاةٌ لِلضِّرْوَةِ مِنْ أُمُورٍ خَمْسَةٍ مَمْنُوعَةٍ الْأَوَّلُ بَيْعٌ بِثَمَرَةٍ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، الثَّانِي بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً إذَا كَانَ الْعَامِلُ يَغْرَمُ طَعَامَ الدَّوَابِّ وَالْأُجَرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ عَنْ ذَلِكَ الطَّعَامِ طَعَامًا بَعْدَ مُدَّةٍ، الثَّالِثُ الْغَرَرُ لِلْجَهْلِ بِمَا يَخْرُجُ عَلَى تَقْدِيرِ سَلَامَةِ الثَّمَرَةِ، الرَّابِعُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَالثِّمَارَ كِلَاهُمَا غَيْرُ مَقْبُوضٍ الْآنَ، الْخَامِسُ الْمُخَابَرَةُ، وَهِيَ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا بِالنِّسْبَةِ لِتَرْكِ الْبَيَاضِ لِلْعَامِلِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى سَقْيِ شَجَرٍ فَهِيَ مِنْ الْمُفَاعَلَةِ الَّتِي تَكُونُ لِوَاحِدٍ كَ سَافَرَ وَعَافَاهُ اللَّهُ، وَأَرَادَ بِالشَّجَرِ مَا يَشْمَلُ النَّخْلَ (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ الشُّرُوطُ مَصَبُّ الْحَصْرِ أَيْ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ مُنْصَبًّا عَلَى الشَّجَرِ بِقَيْدٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ صِحَّةً مُطْلَقَةً فِي شَجَرٍ وَمَعْنَى الْإِطْلَاقِ سَوَاءٌ عَجَزَ رَبُّهُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ بَعْلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ سَيْحًا أَيْ يَشْرَبُ بِالْمَاءِ الْجَارِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بَعْلًا وَبَالَغَ عَلَى الْبَعْلِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ عَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ لِبُعْدِهِ عَنْ مَحَلِّ النَّصِّ، وَهُوَ السَّقْيُ لَا لِرَدٍّ عَلَى قَائِلٍ بِعَدَمِ جَوَازِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ عبق فَقَدْ قَالَ بْن لَمْ أَرَ وُجُودَ الْخِلَافِ فِي مُسَاقَاةِ الْبَعْلِ بَعْدَ الْبَحْثِ عَنْهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْوَدِيِّ) أَيْ، وَهُوَ النَّخْلُ الصَّغِيرُ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْلُغُ حَدَّ الْإِثْمَارِ فِي عَامِهِ) أَيْ فَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ) صِفَةٌ لِثَمَرٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ بُدُوُّ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَفِي الْبَلَحِ بِاحْمِرَارِهِ أَوْ اصْفِرَارِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِظُهُورِ الْحَلَاوَةِ فِيهِ (قَوْلُهُ لِاسْتِغْنَائِهِ) أَيْ وَأَجَازَ سَحْنُونٌ الْمُسَاقَاةَ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى حُكْمِ الْإِجَارَةِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ انْعِقَادِ الْإِجَارَةِ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى ذِي) أَيْ لَا عَلَى لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ جُمْلَةَ لَمْ يَحِلَّ بَيْعُهُ صِفَةٌ لِثَمَرٍ وَعَدَمَ الْإِخْلَافِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَوْصَافِ الشَّجَرِ لَا الثَّمَرِ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِمَا يَخْلُفُ) أَيْ مِنْ الشَّجَرِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إذَا انْتَهَى) أَيْ طَيَّبَ ثَمَرَهُ (قَوْلُهُ يَنَالُهُ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُثْمِرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مَا يَخْلُفُ مِنْ الْقَطْعِ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ إذَا لَمْ يَقْطَعْ (قَوْلُهُ كَالسِّدْرِ) أَيْ وَالسَّنْطِ وَالتُّوتِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَكُونُ بِجَذِّهِ) أَيْ كَالْقُرْطِ وَالْبِرْسِيمِ وَالْمُلُوخِيَّةِ (قَوْلُهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ كَمَا فِي ح عَنْ الْبَاجِيَّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطَيْنِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَمَا يَخْلُفُ تَبَعًا) أَيْ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَإِذَا دَخَلَ تَبَعًا كَانَ لَهُمَا وَلَا يَجُوزُ إبْقَاؤُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ إمَّا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَوْ عَلَى الْعَامِلِ يَنَالُهُ بِسَقْيِهِ مَشَقَّةٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَرْضِ وُرُودُ السُّنَّةِ فِي الْأَرْضِ اُنْظُرْ بْن

ص: 539

أَكْثَرُ مِنْ نَوْعٍ وَاَلَّذِي حَلَّ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا لَمْ يَحِلَّ.

وَأَمَّا إنْ كَانَ الْحَائِطُ نَوْعًا وَاحِدًا فَهُوَ بِحِلِّ الْبَعْضِ حَلَّ الْبَاقِي كَمَا مَرَّ فَلَا تَتَأَتَّى فِيهِ تَبَعِيَّةٌ فِي وَالتَّبَعِيَّةُ الْمَسَائِلُ فِي الثَّلَاثِ الثُّلُثُ فَدُونَ (بِجُزْءٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى مُتَعَلِّقَةٌ بِ تَصِحَّ، وَالْمُرَادُ بِالْجُزْءِ مَا قَابَلَ الْمُعَيَّنَ كَثَمَرَةِ نَخْلَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ آصُعٍ أَوْ أَوْسُقٍ لَا مَا قَابَلَ الْكُلَّ، إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ (قَلَّ) الْجُزْءُ كَعَشْرٍ (أَوْ كَثُرَ شَاعَ) فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا كَانَ شَائِعًا فِي نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ (وَعُلِمَ) قَدْرُهُ كَرُبْعٍ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا جُهِلَ نَحْوُ لَك جُزْءٌ أَوْ جُزْءٌ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَقَوْلُهُ بِجُزْءٍ قَلَّ أَوْ كَثُرَ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ قَدْرِهِ فَلِذَا قَالَ وَعُلِمَ وَيُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيًا فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْحَائِطِ فَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ فِي التَّمْرِ النِّصْفُ وَفِي الزَّيْتُونِ مَثَلًا الرُّبُعُ لَمْ يَجُزْ (بِ سَاقَيْت) أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ أَصْلٌ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ فَلَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَنْعَقِدُ بِ عَامَلْت وَنَحْوِهِ أَيْ مِنْ الْبَادِئِ مِنْهُمَا وَيَكْفِي مِنْ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ قَبِلْت وَنَحْوَهُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَإِنْ فُقِدَ شَرْطٌ لَمْ تَصِحَّ

وَ (لَا) تَصِحُّ بِاشْتِرَاطِ (نَقْصٍ) أَيْ بِإِخْرَاجِ (مَنْ فِي الْحَائِطِ) مِنْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابَّ كَانَتْ مَوْجُودَةً فِيهَا يَوْمَ الْعَقْدِ، قَالَ فِي الرِّسَالَةِ وَلَا تَجُوزُ الْمُسَاقَاةُ عَلَى إخْرَاجِ مَا فِي الْحَائِطِ مِنْ الدَّوَابِّ أَوْ الرَّقِيقِ انْتَهَى.

فَالْمُضِرُّ شَرْطُ إخْرَاجِ مَا كَانَ مَوْجُودًا بِخِلَافِ لَوْ أَخْرَجَهَا بِلَا شَرْطٍ (وَلَا) بِاشْتِرَاطِ (تَجْدِيدٍ) عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا وَقْتَ الْعَقْدِ (وَلَا) بِاشْتِرَاطِ (زِيَادَةٍ) خَارِجَةٍ عَنْ الْحَائِطِ (لِأَحَدِهِمَا) كَأَنْ يَعْمَلَ لَهُ عَمَلًا فِي حَائِطٍ أُخْرَى أَوْ يَزِيدَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ أَكْثَرَ مِنْ نَوْعٍ) أَيْ كَبَلَحٍ وَخَوْخٍ وَاَلَّذِي حَلَّ بَيْعُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ الثُّلُثُ) وَهَلْ هُوَ فِيمَا لَا ثَمَرَ لَهُ فَالنَّظَرُ لِثُلُثِ قِيمَةِ أُصُولِهِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا الثُّلُثَ مِنْ قِيمَتِهَا مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ جَازَتْ الْمُسَاقَاةُ وَإِلَّا فَلَا أَوْ الْمُعْتَبَرُ عَدَدُ مَا لَا يُثْمِرُ مِنْ عَدَدِ مَا يُثْمِرُ اهـ.

عبق (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْحَصْرُ مُتَعَلِّقٌ بِهَذَا نِسْبِيٌّ أَيْ إنَّمَا يَصِحُّ بِجُزْءٍ لَا بِعَدَدِ آصُعٍ وَلَا بِثَمَرِ نَخْلَةٍ أَوْ نَخَلَاتٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ أَوْ آصُعٍ) أَيْ مَعْلُومَةِ الْعَدَدِ (قَوْلُهُ فِي نَخْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ كَ بِالْجُذَاذِ عَلَى الْعَمَلِ فِي هَذَا الْحَائِطِ وَبِثُلُثِ ثَمَرِ هَذِهِ النَّخْلَةِ أَوْ هَذِهِ النَّخَلَاتِ (قَوْلُهُ وَعُلِمَ قَدْرُهُ) أَيْ وَعُيِّنَ قَدْرُهُ.

وَلَوْ جَهِلَ قَدْرَ مَا فِي الْحَائِطِ سَوَاءٌ كَانَ تَعْيِينُهُ بِاللَّفْظِ وَالنَّصِّ عَلَيْهِ كَرُبْعٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ التَّعْيِينُ بِالْعَادَةِ الْجَارِيَةِ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ قَدْرِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا قَالَ لَهُ جَعَلْت لَك جُزْءًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَبِمَا إذَا قَالَ لَهُ جَعَلْت لَك فَلَلْمُسَاقَى مَثَلًا وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَصْدُقَ بِأَخَصَّ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْجُزْءِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا يُشْتَرَطُ شُيُوعُهُ فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ وَتَعْيِينُ قَدْرِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَوِيًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يُغْنِي عَنْ هَذَا الشَّرْطِ اشْتِرَاطُ شُيُوعِهِ فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ النِّصْفُ فِي الثَّمَرِ كَرُبْعٍ فِي الزَّيْتُونِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْجُزْأَيْنِ غَيْرَ شَائِعٍ فِي جَمِيعِ الْحَائِطِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ بِهَذِهِ الْمَادَّةِ) أَيْ فَيَدْخُلُ سَاقَيْتُك وَأَنَا مُسَاقِيك أَوْ أَعْطَيْتُك حَائِطِي مُسَاقَاةً (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا ادَّعَاهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن فِيهِ نَظَرٌ إذْ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ وَكَذَا كَلَامُ الْمُتَيْطِيِّ وَعِيَاضٍ وَالتَّوْضِيحِ وَغَيْرُهُمْ يَقْتَضِي أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَلِذَا اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِ عَامَلْت وَنَحْوِهِ) كَ عَامَلْتُك عَلَى الْخِدْمَةِ فِي هَذَا الْحَائِطِ بِكَذَا أَوْ عَاقَدْتُكَ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي هَذَا الْحَائِطِ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَ رَضِيت (قَوْلُهُ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ لَفْظِ الْإِجَارَةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا وَالْمُسَاقَاةُ أَصْلٌ فِي نَفْسِهَا لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ قَالَ رَجُلٌ اسْتَأْجَرْتُك عَلَى الْعَمَلِ فِي حَائِطِي هَذَا بِنِصْفِ ثَمَرَتِهِ لَمْ يَجُزْ عَلَى مَذْهَبِهِ كَمَا لَا تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَهُ بِلَفْظِ الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ قَوْلِ سَحْنُونٍ فَإِنَّهُ يُجِيزُهَا وَيَجْعَلُهَا إجَارَةً وَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصَحُّ اهـ.

بْن

(قَوْلُهُ وَلَا نَقْصٍ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَا نَافِيَةٌ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَالتَّقْدِيرُ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا نَقْصٌ لِمَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَلَا تَجْدِيدٌ لَهُ مَوْجُودٌ، وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حِلُّ مَعْنَى لَا حِلُّ إعْرَابٍ (قَوْلُهُ وَلَا تَصِحُّ بِاشْتِرَاطِ نَقْصٍ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَصِحُّ الْمُسَاقَاةُ بِاشْتِرَاطِ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ أَنَّهُ يُخْرِجُ مِنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ مَوْجُودًا حِينَ الْعَقْدِ مَنْ الرَّقِيقِ أَوْ الدَّوَابِّ وَيَأْتِي الْعَامِلُ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَوْ أَخْرَجَهَا) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ كَمَا أَنَّ إخْرَاجَ مَنْ ذُكِرَ مِنْ الْحَائِطِ قَبْلَ عَقْدِهَا لَا يَضُرُّ وَلَوْ كَانَ قَاصِدًا لِلْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ وَلَا بِاشْتِرَاطِ تَجْدِيدٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُضِرَّ إنَّمَا هُوَ الِاشْتِرَاطُ، وَأَمَّا التَّجْدِيدُ لِشَيْءٍ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ وَقْتَ الْعَقْدِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ لَمْ يَضُرَّ كَانَ الْمُجَدِّدُ الْعَامِلَ أَوْ رَبَّ الْحَائِطِ، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْحَائِطِ يَوْمَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا مَا قَلَّ كَغُلَامٍ أَوْ دَابَّةٍ فِي حَائِطٍ كَبِيرٍ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ خَارِجَةٍ عَنْ الْحَائِطِ) أَيْ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ وَلَا تَجْدِيدٍ فَلَا يُقَالُ

ص: 540

عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ مَنْفَعَةً كَسُكْنَى دَارٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَتْ قَلِيلَةً أَوْ دَابَّةً أَوْ غُلَامًا فِي الْحَائِطِ كَمَا سَيَأْتِي

(وَعَمِلَ الْعَامِلُ) وُجُوبًا (جَمِيعَ مَا يَفْتَقِرُ) الْحَائِطُ (إلَيْهِ)(عُرْفًا) وَلَوْ بَقِيَ بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ (كَإِبَارٍ) ، وَهُوَ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى (وَتَنْقِيَةٍ) لِمَنَافِعِ الشَّجَرِ (وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ) يَصِحُّ تَسْلِيطُ عَمِلَ عَلَيْهِمَا بِالتَّضْمِينِ أَيْ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى لَزِمَ أَيْ يَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ بِهِمَا إنْ لَمْ يَكُونَا فِي الْحَائِطِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقَدَّرَ لَهُمَا عَامِلٌ يُنَاسِبُهُمَا أَيْ وَحَصَّلَ الدَّوَابَّ وَالْأُجَرَاءَ قَالَ فِيهَا وَعَلَى الْعَامِلِ إقَامَةُ الْأَدَوَاتِ كَالدِّلَاءِ وَالْمَسَاحِي وَالْأُجَرَاءِ وَالدَّوَابِّ (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ عَلَى مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ رَقِيقٍ وَأُجَرَاءَ وَدَوَابَّ (وَكَسَا) مَنْ يَحْتَاجُ لِلْكِسْوَةِ سَوَاءَ كَانَ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَوْ لِلْعَامِلِ قَالَ فِيهَا وَتَلْزَمُهُ نَفَقَةُ نَفْسِهِ وَنَفَقَةُ دَوَابِّ الْحَائِطِ وَرَقِيقِهِ كَانُوا لَهُ أَوْ لِرَبِّ الْحَائِطِ انْتَهَى.

(لَا أُجْرَةَ مَنْ كَانَ فِيهِ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ عَلَى الْعَامِلِ مَا ذُكِرَ لَا أُجْرَةَ أَوْ وَلَزِمَهُ مَا ذُكِرَ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فِيمَا مَضَى وَلَا فِيمَا يَسْتَقْبِلُ فَحُكْمُ الْأُجْرَةِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ النَّفَقَةِ فِيمَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْحَائِطِ.

وَأَمَّا أُجْرَةُ مَا اسْتَأْجَرَهُ فَعَلَيْهِ (أَوْ خَلْفُ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ) أَوْ أَبَقَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ وَإِنَّمَا خَلْفَهُ عَلَى رَبِّهِ (كَمَا رَثَّ) مِنْ دِلَاءٍ وَحِبَالٍ فَهِيَ عَلَى الْعَامِلِ (عَلَى الْأَصَحِّ) فَالتَّشْبِيهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ النَّفْيِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَقْدِيمُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِ أَوَّلِ الْبَابِ إنَّمَا تَصِحُّ مُسَاقَاةُ شَجَرٍ فَقَالَ (كَزَرْعٍ) وَلَوْ بَعْلًا كَزَرْعِ مِصْرَ وَإِفْرِيقِيَّةَ (وَقَصَبٍ) بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَهُوَ قَصَبُ السُّكَّرِ إذَا كَانَ لَا يُخْلِفُ كَمَا يَأْتِي كَبَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ بِخِلَافِ مَا يُخْلِفُ كَقَصَبِ مِصْرَ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ (وَبَصَلٍ وَمِقْثَأَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْقَافِ وَبِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ مَهْمُوزًا وَمِنْهَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْقَرْعُ فَتَصِحُّ مُسَاقَاةُ ذَلِكَ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ: الْأَوَّلُ، وَقَدْ تَرَكَهُ الْمُصَنِّفُ، أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يُخْلِفُ أَيْ بَعْدَ قَطْعِهِ فَلَا يَجُوزُ فِي الْقَضْبِ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَالْقُرْطِ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْبَقْلِ كَالْكُرَّاثِ وَكَذَا الْبِرْسِيمُ فَإِنَّهُ يُخْلِفُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَعْنَى الْإِخْلَافِ هُنَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ وَلَا زِيَادَةٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا تَجْدِيدٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ خِدْمَةَ بَيْتِهِ أَوْ طَحْنَ إرْدَبٍّ مَثَلًا (قَوْلُهُ إلَّا إنْ كَانَتْ) أَيْ الزِّيَادَةُ الْخَارِجَةُ عَنْ الْحَائِطِ قَلِيلَةً وَقَوْلُهُ أَوْ دَابَّةً أَيْ أَوْ كَانَ التَّجْدِيدُ الْمُشْتَرَطُ شَيْئًا قَلِيلًا كَدَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ فِي الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّهُ كَبِيرٌ

(قَوْلُهُ وُجُوبًا) أُخِذَ هَذَا مِنْ كَوْنِ الْقَضِيَّةِ مُطْلَقَةً وَمِنْ الْقَوَاعِدِ أَنَّ قَضَايَا الْعُلُومِ الْمُطْلَقَةِ تُفِيدُ الْوُجُوبَ أَوْ أَخَذَهُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالْفِعْلِ، كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ جَمِيعَ مَا) أَيْ جَمِيعَ الْعَمَلِ الَّذِي يَفْتَقِرُ الْحَائِطُ إلَيْهِ فَضَمِيرُ يَفْتَقِرُ لِلْحَائِطِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ وَحِينَئِذٍ فَالصِّلَةُ جَرَتْ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ وَلَمْ يُبْرِزْ مَشْيًا عَلَى الْمَذْهَبِ الْكُوفِيِّ لِأَمْنِ اللَّبْسِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَفْتَقِرُ لِلْعَمَلِ إنَّمَا هُوَ الْحَائِطُ (قَوْلُهُ عُرْفًا) أَيْ لِقِيَامِ الْعُرْفِ مَقَامَ الْوَصْفِ (قَوْلُهُ كَإِبَارٍ) أَيْ وَكَذَا مَا يُؤَبَّرُ بِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَتَنْقِيَةٍ لِمَنَافِعِ الشَّجَرِ) أَيْ.

وَأَمَّا تَنْقِيَةُ الْعَيْنِ فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ فَلَا يَصِحُّ دُخُولُهَا هُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا عَلَى الْعَامِلِ لُزُومًا، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ تَنْقِيَةِ مَنَافِعِ الشَّجَرِ وَتَنْقِيَةِ الْعَيْنِ أَيْ كَنْسِهَا تَبِعَ فِيهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ مَنَافِعِ الشَّجَرِ وَتَنْقِيَةِ الْعَيْنِ فِي أَنَّهُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُمَا عَلَى الْعَامِلِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ، فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالتَّنْقِيَةِ هُنَا تَنْقِيَةُ النَّبَاتِ فَلَا يُخَالِفُ الْمُدَوَّنَةَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَدَوَابَّ وَأُجَرَاءَ) أَيْ وَكَذَا عَلَيْهِ الْجُذَاذُ وَالْحَصَادُ لِثَمَرٍ وَزَرْعٍ وَالْكَيْلُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ كَالدَّارِسِ (قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ الْعَامِلُ) أَيْ مِنْ يَوْمِ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ رَقِيقٍ أَوْ دَوَابَّ أَوْ أُجَرَاءَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي الْحَائِطِ لِرَبِّهِ قَبْلَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ أَتَى بِهِمْ الْعَامِلُ فِيهِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَنْ يَحْتَاجُ لِلْكِسْوَةِ) أَيْ مِمَّا فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَقَوْلُهُ وَكَسَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكِسْوَةُ لَا تَبْقَى بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ كَانَتْ تَبْقَى بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا بَعْدَهَا زَمَنٌ قَلِيلٌ فَلَيْسَتْ مِثْلَ كَنْسِ الْعَيْنِ وَبِنَاءِ الْجِدَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ مَنْ فِي الْحَائِطِ مِنْ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَرَقِيقِهِ) أَيْ رَقِيقِ الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ كَانُوا أَيْ الدَّوَابُّ وَالرَّقِيقُ (قَوْلُهُ لَا تَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةُ مَنْ كَانَ فِيهِ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً أَوْ مُشَاهَرَةً، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ ح وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْوَجِيبَةِ نَقَدَ رَبَّ الْحَائِطِ فِيهَا أَمْ لَا،.

وَأَمَّا الْمُشَاهَرَةُ فَتَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ فِيهَا رَبَّهُ مُدَّةً كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ أُجْرَةَ مَا زَادَ عَلَى مُدَّةِ الْوَجِيبَةِ قَالَ ح وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ فَهُوَ ضَعِيفٌ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ فَإِنَّهُ جَعَلَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ خَلَّفَ مَنْ مَاتَ) عَطْفٌ عَلَى أُجْرَةٍ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَى الْعَامِلِ خَلَفُ مَنْ مَاتَ أَوْ مَرِضَ مِنْ الدَّوَابِّ الَّتِي كَانَتْ فِيهِ بَلْ هُوَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْعَامِلُ ذَلِكَ فَلَوْ شَرَطَ خَلَفَهَا عَلَى الْعَامِلِ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى انْتِفَاعِهِ بِهَا حَتَّى تَهْلَكَ أَعْيَانُهَا وَتَجْدِيدُهَا عَلَى الْعَامِلِ مَعْلُومٌ عَادَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ كَزَرْعٍ وَلَوْ بَعْلًا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتَ عِنْدَ عَدَمِ سَقْيِهِ وَاحْتِيَاجِهِ لِعَمَلٍ وَمُؤْنَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا تَصِحُّ مُسَاقَاتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ إخْلَافَهُ بَعْدَ قَطْعِهِ وَجَوَازَ الْمُسَاقَاةِ فِيمَا يَخْلُفُ بَعْدَ الْقَطْعِ خَاصٌّ بِالشَّجَرِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَبَصَلٍ) أَيْ وَكَفُجْلٍ وَكُرَّاثٍ مِمَّا يُجَذُّ وَكُزْبَرَةٍ وَجَزَرٍ وَخَسٍّ وَكُرُنْبٍ وَسَبَانِخَ وَشَبَتٍ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا الْبَاذِنْجَانُ)

ص: 541

غَيْرُ مَعْنَاهُ فِي الشَّجَرِ، الشَّرْطُ الثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ عَجَزَ رَبُّهُ) عَنْ تَمَامِ عَمَلِهِ الَّذِي يَنْمُو بِهِ، وَلِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَخِيفَ مَوْتُهُ) لَوْ تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ، وَلِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَبَرَزَ) مِنْ أَرْضِهِ لِيَصِيرَ مُشَابِهًا لِلشَّجَرِ، وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) فَإِنْ بَدَا لَمْ تَجُزْ مُسَاقَاتُهُ وَالْبُدُوُّ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (وَهَلْ كَذَلِكَ) أَيْ مِثْلِ الزَّرْعِ فِي الْمُسَاقَاةِ بِشُرُوطِهِ (الْوَرْدُ وَنَحْوُهُ) كَالْيَاسَمِينِ (وَالْقُطْنُ) مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى أَصْلُهُ فَيُثْمِرُ مَرَّةً أُخْرَى.

وَأَمَّا مَا يُجْنَى مَرَّةً وَاحِدَةً مِنْ قُطْنٍ أَوْ غَيْرِهِ فَكَالزَّرْعِ اتِّفَاقًا (أَوْ كَالْأَوَّلِ) ، وَهُوَ الشَّجَرُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا جَمِيعُ الشُّرُوطِ فَيَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا عَجَزَ رَبُّهَا أَمْ لَا (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَأْوِيلَانِ) وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِي الْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ الْعَجْزُ اتِّفَاقًا وَأَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْقُطْنَ كَالزَّرْعِ

(وَأُقِّتَتْ) الْمُسَاقَاةُ (بِالْجُذَاذِ) أَيْ قَطْعُ الثَّمَرِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تُؤَقَّتَ بِالْجُذَاذِ أَيْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَأَنَّهَا إنْ أُطْلِقَتْ كَانَتْ فَاسِدَةً مَعَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ صَرَّحَ بِأَنَّهَا إنْ أُطْلِقَتْ كَانَتْ صَحِيحَةً وَتُحْمَلُ عَلَى الْجُذَاذِ وَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَجُوزُ سِنِينَ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا فَالتَّوْقِيتُ بِالْجُذَاذِ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّتِهَا فَالْمُرَادُ أَنَّهَا إذَا أُقِّتَتْ لَا يَجُوزُ أَنْ تُؤَقَّتَ بِزَمَنٍ يَزِيدُ عَلَى زَمَنِ الْجُذَاذِ عَادَةً يَعْنِي أَنَّهُ مُنْتَهَى وَقْتِهَا الْجُذَاذُ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِهِ أَوْ أَطْلَقَ أَوْ قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ يَقْتَضِي وُقُوعَ الْجُذَاذِ فِيهِ عَادَةً احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قُيِّدَتْ بِزَمَنٍ يَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْجُذَاذِ فَإِنَّهَا تَكُونُ فَاسِدَةً.

(وَ) لَوْ كَانَ نَوْعٌ يُطْعَمُ فِي السَّنَةِ بِطُنَّيْنِ تَتَمَيَّزُ إحْدَاهُمَا عَنْ الْأُخْرَى (حُمِلَتْ) الْمُسَاقَاةُ أَيْ انْتِهَاؤُهَا (عَلَى الْأَوَّلِ) مِنْهُمَا (إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ثَانٍ) ، وَأَمَّا الْجُمَّيْزُ وَالنَّبْقُ وَالتُّوتُ فَبُطُونُهُ لَا تَتَمَيَّزُ فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِهَاءِ الْجَمِيعِ (وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ) الْأَوْلَى شَجَرٍ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ (أَوْ زَرْعٍ) تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ أَيْ إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُنْفَرِدًا عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَانَ فِي خِلَالِ النَّخْلِ أَوْ الزَّرْعِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَفَادَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ وَافَقَ الْجُزْءُ) فِي الْبَيَاضِ الْجُزْءَ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ فَإِنْ اخْتَلَفَا لَمْ يَجُزْ (وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ) مِنْ عِنْدِهِ فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ بَذْرَهُ عَلَى رَبِّهِ لَمْ يَجُزْ (وَكَانَ) كِرَاءُ الْبَيَاضِ (ثُلُثًا) فَدُونَ بِالنَّظَرِ إلَيْهِ مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ (بِإِسْقَاطِ كُلْفَةِ الثَّمَرِ) كَأَنْ يَكُونَ كِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا مِائَةً وَقِيمَةُ الثَّمَرَةِ عَلَى الْمُعْتَادِ مِنْهَا بَعْدَ إسْقَاطِ مَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهَا مِائَتَانِ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّ كِرَاءَهُ ثُلُثٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمِنْهَا الْقَرْعُ وَمِثْلُهَا الْبَاذِنْجَانُ وَالْبَامِيَا وَالْعُصْفُرُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَعْنَاهُ فِي الشَّجَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِخْلَافِ هُنَا الْإِخْلَافُ بَعْدَ الْقَطْعِ وَالْمُرَادُ بِهِ فِي الشَّجَرِ الْإِخْلَافُ قَبْلَ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ إنْ عَجَزَ رَبُّهُ إلَخْ) وَمِنْهُ اشْتِغَالُهُ عَنْهُ بِالسَّفَرِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْبَاجِيَّ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ وَخِيفَ مَوْتُهُ) أَيْ وَظُنَّ مَوْتُهُ إذَا تَرَكَ الْعَمَلَ فِيهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَجْزِ رَبِّهِ خَوْفُ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ السَّمَاءَ قَدْ تَسْقِيه وَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ فَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الْبِسَاطِيِّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لَيْسَ فِي كَلَامِهِمْ صَرِيحًا (قَوْلُهُ وَبَرَزَ) إنْ قِيلَ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ إذْ لَا يُسَمَّى زَرْعًا أَوْ قَصَبًا أَوْ بَصَلًا بَعْدَ بُرُوزِهِ.

وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يُسَمَّى بِهَذَا الِاسْمِ حَقِيقَةً وَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا الِاسْمَ يُطْلَقُ عَلَى الْبَذْرِ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَاشْتَرَطَ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالزَّرْعِ مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ الْخَمْسَةِ (قَوْلُهُ مِمَّا تُجْنَى) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مِمَّا تُجْنَى ثَمَرَتُهُ.

وَلَوْ قَالَ الَّذِي تُجْنَى ثَمَرَتُهُ إلَخْ لَكَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْوَرْدَ وَالْيَاسَمِينَ كَالشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ مُسَاقَاتِهِمَا عَجْزُ رَبِّهِمَا.

وَأَمَّا الْقُطْنُ فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَالزَّرْعِ فَيُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ الشُّرُوطُ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ وَلَوْ أَبْدَلَ الْمُصَنِّفُ الْوَرْدَ بِالْعُصْفُرِ كَانَ أَوْلَى لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِيهِ كَالْقُطْنِ وَعِبَارَةُ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ فِي الْوَرْدِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالشَّجَرِ بِلَا خِلَافٍ فَإِنَّ ح وَالتَّوْضِيحَ وَالْمَوَّاقَ لَمْ يَذْكُرُوا التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ إلَّا فِي الْعُصْفُرِ، وَأَمَّا الْوَرْدُ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ كَالشَّجَرِ اتِّفَاقًا

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ نَوْعٌ يُطْعَمُ إلَخْ) أَيْ كَمَا فِي التِّينِ وَالْعِنَبِ فِي بَعْضِ بِلَادِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ وَكَبَيَاضِ نَخْلٍ أَوْ زَرْعٍ) أَيْ وَكَأَرْضٍ بَيَاضٍ خَالِيَةٍ مِنْ النَّخْلِ وَالزَّرْعِ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ الْأَرْضُ الْخَالِيَةُ مِمَّا ذُكِرَ بَيَاضًا؛ لِأَنَّهَا لِخُلُوِّهَا مِمَّا ذُكِرَ تَصِيرُ فِي النَّهَارِ مُشْرِقَةً بِضَوْءِ الشَّمْسِ، وَفِي اللَّيْلِ بِنُورِ الْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ.

وَأَمَّا إذَا اسْتَتَرَتْ بِزَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ سُمِّيَتْ سَوْدَاءَ لِحَجْبِ مَا ذُكِرَ بَهْجَةَ الْإِشْرَاقِ فَيَصِيرُ مَا تَحْتَهُ سَوَادًا.

(قَوْلُهُ أَيْ إدْخَالُهُ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ لِلْبَيَاضِ أَرْبَعَةَ أَحْوَالٍ: الْأُولَى إدْخَالُهُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَيَجُوزُ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ، الثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ فَيُمْنَعُ، وَإِنْ قَلَّ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَسْكُتَا عَنْهُ فَيَبْقَى لِلْعَامِلِ إنْ قَلَّ، الرَّابِعَةُ أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ، وَهِيَ جَائِزَةٌ أَيْضًا إنْ قَلَّ.

(قَوْلُهُ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ أَصْبَغُ مُوَافَقَةَ الْجُزْءِ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: وَقَدْ جَرَى الْعُرْفُ عِنْدَنَا بِفَاسَ أَنَّ الْبَيَاضَ لَا يُعْطَى إلَّا بِجُزْءٍ أَكْثَرَ فَلَهُ مُسْتَنَدٌ فَلَا يُشَوِّشُ عَلَى النَّاسِ إذْ ذَاكَ بِذِكْرِ الْمَشْهُورِ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ وَبَذَرَهُ الْعَامِلُ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَاشْتَرَطَ بَذْرَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ وَالْمُرَادُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ مَعَ عَمَلِهِ فِيهِ جَمِيعَ مَا يُفْتَقَرُ إلَيْهِ عُرْفًا فَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا (قَوْلُهُ مَعَ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ) أَيْ بِأَنْ يُنْسَبَ كِرَاءُ الْبَيَاضِ إلَى مَجْمُوعِ قِيمَةِ الثَّمَرَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهَا وَكِرَاءِ الْبَيَاضِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كِرَاءَ الْبَيَاضِ ثُلُثٌ بِالنِّسْبَةِ لَقِيمَةِ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً (قَوْلُهُ بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ جُزْؤُهُ مُوَافِقًا لِلْجُزْءِ فِي الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ كَانَ مُوَافِقًا وَلَكِنْ لَيْسَ الْبَذْرُ مِنْ عِنْدِ

ص: 542

(فَسَدَ) الْعَقْدُ (كَاشْتِرَاطِهِ رَبُّهُ) أَيْ رَبُّ الْحَائِطِ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ لِنَفْسِهِ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ فَلَا يَجُوزُ وَيَفْسُدُ لِنَيْلِهِ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ فَهِيَ زِيَادَةٌ اشْتَرَطَهَا عَلَى الْعَامِلِ وَلِذَا لَوْ كَانَ بَعْلًا أَوْ كَانَ لَا يُسْقَى بِمَاءِ الْحَائِطِ بِأَنْ كَانَ مُنْفَصِلًا عَنْهَا يُسْقَى بِمَاءٍ عَلَى حِدَةٍ لَجَازَ لِرَبِّهِ اشْتِرَاطُهُ لِنَفْسِهِ (وَأُلْغِي) الْبَيَاضُ الْمُسْتَوْفِي الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ (لِلْعَامِلِ إنْ سَكَتَا عَنْهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) الْعَامِلُ لِنَفْسِهِ الْمَوْضُوعُ أَنَّ الْبَيَاضَ يَسِيرٌ بِأَنْ كَانَ كِرَاؤُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ فَإِنْ كَثُرَ لَمْ يُلْغَ وَكَانَ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ

(وَدَخَلَ) لُزُومًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ (شَجَرٌ تَبِعَ زَرْعًا) بِأَنْ سَاقَاهُ عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ شَجَرٌ هُوَ تَابِعٌ لِلزَّرْعِ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ كَأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَةُ الثَّمَرِ عَلَى الْمُعْتَادِ بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهِ فَإِذَا قِيلَ مِائَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَةُ الزَّرْعِ فَإِذَا قِيلَ مِائَتَانِ عُلِمَ أَنَّ الشَّجَرَ تَبَعٌ فَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ لُزُومًا وَيَكُونُ بَيْنَهَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ وَلَا يَجُوزُ إلْغَاؤُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّهِ وَعَكْسُهُ كَذَلِكَ أَيْ يَدْخُلُ زَرْعٌ تَبِعَ شَجَرًا (وَجَازَ زَرْعٌ وَشَجَرٌ) أَيْ مُسَاقَاتُهُمَا مَعًا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ بَلْ (، وَإِنْ) كَانَ أَحَدُهُمَا (غَيْرَ تَبَعٍ) بِأَنْ تَسَاوَيَا أَوْ تَقَارَبَا لَكِنْ إنْ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا اُعْتُبِرَ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ وَإِلَّا اُعْتُبِرَ شُرُوطُ كُلٍّ.

(وَ) جَازَ (حَوَائِطُ) أَيْ مُسَاقَاتُهَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) تِلْكَ الْحَوَائِطُ فِي الْأَنْوَاعِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُهَا نَخْلًا وَبَعْضُهَا رُمَّانًا وَبَعْضُهَا عِنَبًا (بِجُزْءٍ) مُتَّفِقٍ فِي الْجَمِيعِ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ إنْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ فَإِنْ اخْتَلَفَ لَمْ يَجُزْ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مُسَاقَاتُهَا (فِي صَفَقَاتٍ) مُتَعَدِّدَةٍ فَيَجُوزُ اخْتِلَافُ الْجُزْءِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ

(وَ) جَازَ (غَائِبٌ) أَيْ مُسَاقَاةُ حَائِطِ غَائِبٍ وَلَوْ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ وُصِفَ) مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْعَامِلِ أَوْ كَانَ وَلَكِنْ كَانَ الْبَيَاضُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ فَسَدَ الْعَقْدُ) أَيْ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ فِي الْبَيَاضِ وَفِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ الْبَيَاضَ الْيَسِيرَ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ كِرَاؤُهُ الثُّلُثَ فَدُونَ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ لِيَعْمَلَ فِيهِ رَبُّ الْحَائِطِ لِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ لِنَيْلِهِ إلَخْ الْأَوْلَى إذَا كَانَ يَنَالُهُ شَيْءٌ مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ.

(قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ كَوْنِ الْفَسَادِ لِنَيْلِ الْبَيَاضِ شَيْئًا مِنْ سَقْيِ الْعَامِلِ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْبَيَاضُ لَا يَنَالُهُ سَقْيُ الْعَامِلِ لَا يَضُرُّ اشْتِرَاطُ رَبِّهِ أَخْذَ ذَلِكَ الْبَيَاضِ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ الْمُسْتَوْفِي الشُّرُوطَ الْمُتَقَدِّمَةَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ إنْ وَافَقَ الْجُزْءَ إلَخْ وَالْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ (قَوْلُهُ إنْ سَكَتَا عَنْهُ) أَيْ وَقْتَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ فَلَمْ يُبَيِّنَا دُخُولَهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا كَوْنَهُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَهُ) لَمَّا كَانَ الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ جَائِزًا وَاشْتِرَاطُهُ يُوجِبُ مَنْعَهُ كَالنَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَادَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اشْتَرَطَهُ لِيُنَبِّهَ عَلَى جَوَازِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُلْغَ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ) فَإِنْ اشْتَرَطَهُ لَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ فَإِنْ أُدْخِلَ فِيهَا فَسَدَتْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيَاضَ إنْ كَانَ كَثِيرًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا إدْخَالُهُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ وَلَا يُلْغَى لِلْعَامِلِ عِنْدَ السُّكُوتِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا فَفِيهِ الْأَحْوَالُ الْأَرْبَعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ

(قَوْلُهُ وَدَخَلَ شَجَرٌ) يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ قَصْدًا عَلَى زَرْعٍ وَفِيهِ شَجَرٌ يَسِيرٌ تَبَعٌ فَإِنَّ ذَلِكَ الشَّجَرَ يَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَى الزَّرْعِ لُزُومًا وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ لِلْعَامِلِ وَلَا لِرَبِّ الْأَرْضِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا وَرَدَتْ بِإِلْغَاءِ الْبَيَاضِ لَا بِإِلْغَاءِ الشَّجَرِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ شُرُوطُ التَّابِعِ بِأَنْ يُقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّجَرُ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ وَأَنْ لَا يَحِلَّ بَيْعُ ثَمَرِهِ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّجَرُ لَا يَخْلُفُ وَكَذَا فِي عَكْسِهَا فَلَا يُقَالُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْجِزَ رَبُّهُ عَنْ الْعَمَلِ فِيهِ وَأَنْ يَبْرُزَ وَأَنْ يُخَافَ مَوْتُهُ وَأَنْ لَا يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَأَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَخْلُفُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِمَا شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ (قَوْلُهُ بِأَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ ثَمَرِهِ الثُّلُثَ فَدُونَ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَجْمُوعِ قِيمَتِهِ وَقِيمَةِ الْمَتْبُوعِ وَهُوَ الزَّرْعُ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ ثَمَرِ الشَّجَرِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْمُسَاقَاةِ عَلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يُقَالَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِثَالِ يَقْتَضِي أَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ سُقُوطُ الْكُلْفَةِ فِي قِيمَةِ الثَّمَرَةِ دُونَ الزَّرْعِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ التَّبْصِرَةِ وَاعْتَبَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ فِيهِمَا مَعًا.

(قَوْلُهُ فَيَدْخُلُ فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ) أَيْ عَلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ أَيْ مُسَاقَاتُهُمَا مَعًا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُسَاقَاةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَعَ عَقْدُهَا عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ سَوَاءٌ كَانَ أَحَدُهُمَا تَابِعًا أَوْ لَا.

وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَإِنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ وَدَخَلَ الْآخَرُ تَبَعًا فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا) مُرَادُهُ الْأَحَدُ الشَّائِعُ (وَقَوْلُهُ غَيْرَ تَبَعٍ) أَيْ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ شُرُوطُ الْمَتْبُوعِ) أَيْ.

وَأَمَّا اتِّفَاقُ الْجُزْءِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ) أَيْ أَوْ عُقُودٍ وَالْعَامِلُ فِي الْجَمِيعِ وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ وَكَذَا رَبُّ الْحَوَائِطِ إمَّا وَاحِدٌ أَوْ مُتَعَدِّدٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّفَقَتْ تِلْكَ الْحَوَائِطُ فِي الْأَنْوَاعِ بَلْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِجُزْءٍ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَا بِجُزْأَيْنِ إلَّا فِي صِفَاتٍ وَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَوَائِطُ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْعَقْدُ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَوْ صَفَقَاتٍ أَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ صَفَقَاتٍ

(قَوْلُهُ إنْ وُصِفَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَاصِفُهُ لِلْعَامِلِ رَبُّهُ أَوْ غَيْرُهُ وَيُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ إنْ وُصِفَ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ

ص: 543

مِنْ شَجَرٍ وَأَرْضٍ وَرَقِيقٍ وَدَوَابَّ وَمَا يُسْقَى بِهِ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِئْرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا أَوْ هُوَ بَعْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَوَصَلَهُ) الْعَامِلُ أَيْ أَمْكَنَهُ وُصُولُهُ (قَبْلَ طِيبِهِ) وَإِلَّا فَسَدَتْ وَلَوْ فُرِضَ وُصُولُهُ قَبْلَهُ

(وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) أَيْ زَكَاةُ الْحَائِطِ بِتَمَامِهِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) بِأَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ حِصَّتِهِ لِرُجُوعِهِ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ فَإِنْ سَكَتَا عَنْ اشْتِرَاطِهَا بُدِئَ بِهَا ثُمَّ قُسِّمَ الْبَاقِي عَلَى مَا شَرَطَا مِنْ الْجُزْءِ فَإِنْ قَصَرَ الْخَارِجُ عَنْ النِّصَابِ أُلْغِيَ الشَّرْطُ وَقَسَمَا الثَّمَرَةَ عَلَى مَا شَرَطَا عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ لِمُشْتَرِطِهِ قِيَاسًا عَلَى الْقِرَاضِ.

(وَ) جَازَ مُسَاقَاةُ عَامِلٍ فِي حَائِطٍ (سِنِينَ) وَلَوْ كَثُرَتْ (مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا بِلَا حَدٍّ) فِي الْكَثْرَةِ الْجَائِزَةِ وَغَيْرِهَا بَلْ الْمَدَارُ فِي الْجَوَازِ عَلَى السِّنِينَ الَّتِي لَا تَتَغَيَّرُ الْأُصُولُ فِيهَا عَادَةً وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ أَرْضًا وَأُصُولًا إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ وَلَا الْأَرْضُ الْقَوِيَّةُ كَالضَّعِيفَةِ قَالَ فِيهَا قِيلَ لِمَالِكٍ الْعَشَرَةُ قَالَ لَا أَدْرِي عَشَرَةً وَلَا عِشْرِينَ وَلَا ثَلَاثِينَ اهـ.

(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (عَامِلٍ) عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (دَابَّةٍ) ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ (أَوْ غُلَامًا) كَذَلِكَ أَوْ هُمَا (فِي) الْحَائِطِ (الْكَبِيرِ) دُونَ الصَّغِيرِ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ ذَلِكَ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ اشْتَرَطَ جَمِيعَ الْعَمَلِ عَلَى رَبِّهِ.

(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ (قَسْمُ الزَّيْتُونِ حَبًّا) ، وَهَذَا الشَّرْطُ إنْ وَقَعَ لِلتَّوْكِيدِ إذْ الْعَقْدُ يَقْتَضِي ذَلِكَ لِمَا عُلِمَ أَنَّهَا تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ (كَعَصْرِهِ) أَيْ الزَّيْتُونُ يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ (عَلَى أَحَدِهِمَا) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهُوَ عَلَيْهِمَا

(وَ) جَازَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ (إصْلَاحُ جِدَارٍ وَكَنْسُ عَيْنٍ) وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَعَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (وَسَدُّ) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْمُعْجَمَةِ (حَظِيرَةٍ) بِظَاءٍ مُعْجَمَةٍ الزَّرْبُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ يَمْنَعُ التَّسَوُّرَ وَشَدُّهُ بِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ يَكُونُ بِنَحْوِ الْحِبَالِ وَبِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ يَكُونُ بِأَعْوَادٍ وَنَحْوِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُسَاقَاةُ الْغَائِبِ بِرُؤْيَةٍ لَا يَتَغَيَّرُ بَعْدَهَا وَلَا عَلَى الْخِيَارِ بِالرُّؤْيَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْحَطَّابِ الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ شَبَّهَتْ مُسَاقَاةَ الْغَائِبِ بِبَيْعِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ مِنْ شَجَرٍ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الشَّجَرِ وَعَدَدِهِ (قَوْلُهُ وَأَرْضٍ) أَيْ فَيُوصَفُ مَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ صَلَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَغَرَبٍ (قَوْلُهُ أَيْ أَمْكَنَهُ وُصُولُهُ قَبْلَ طِيبِهِ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ بِالْفِعْلِ فَإِنْ عَقَدَاهَا فِي زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْوُصُولُ قَبْلَ طِيبِهِ فَتَوَانَى فِي طَرِيقِهِ فَلَمْ يَصِلْ إلَيْهِ إلَّا بَعْدَ الطِّيبِ لَمْ تَفْسُدْ وَحُطَّ عَنْ الْعَامِلِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ حُطَّ بِنِسْبَتِهِ ثُمَّ نَفَقَتُهُ فِي ذَهَابِهِ وَإِقَامَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ عَلَى قَوْلٍ فِيهِ نَوْعُ قُوَّةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ جَزَمَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِعَدَمِ وُصُولِهِ قَبْلَ طِيبِهِ فَسَدَتْ

(قَوْلُهُ جُزْءِ الزَّكَاةِ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَلَوْ قَالَ وَاشْتِرَاطُ الزَّكَاةِ لَكَفَاهُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَاشْتِرَاطُ أَحَدِهِمَا الزَّكَاةَ عَلَى الْآخَرِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ النَّخْلَ وَالزَّرْعَ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ إنَّمَا يُزَكَّى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى مِلْكِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالزَّرْعِ فَإِنْ كَانَ رَبُّهُ أَهْلًا لِلزَّكَاةِ وَثَمَرُهُ أَوْ زَرْعُهُ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ مَا يَضُمُّهُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِصَابٍ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّهُ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ لَمْ يَبْلُغْ الثَّمَرُ أَوْ الزَّرْعُ وَلَوْ مَعَ مَالِهِ مِنْ غَيْرِهَا نِصَابًا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا وَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا؛ لِأَنَّهُ أَجِيرٌ وَمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن وَمَا فِي عبق مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا فَفِيهِ نَظَرٌ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ) فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لِمَنْ اُشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَيْهِ نِصْفَ الثَّمَرَةِ مَثَلًا إلَّا نِصْفَ عُشْرِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِمُشْتَرِطِهِ) أَيْ وَقِيلَ إنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَرِ أَوْ نِصْفُ عَشْرِهِ يَكُونُ لِمَنْ اشْتَرَطَهُ عَلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ وَجَازَ سِنِينَ) أَيْ وَالسَّنَةُ الْأَخِيرَةُ تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ عَلَى تَمَامِ السَّنَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ تَأَخَّرَ عَنْ تَمَامِهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا) أَيْ كَثْرَةً جِدًّا فَهُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ نَائِبٌ عَنْ الْمَصْدَرِ الْمَحْذُوفِ وَذَلِكَ بِأَنْ احْتَمَلَ أَنْ لَا يَبْقَى الْحَائِطُ عَلَى حَالِهِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ) أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْإِمَامِ تَحْدِيدٌ بِشَيْءٍ مِنْ السِّنِينَ فِي الْكَثْرَةِ الْجَائِزَةِ وَلَا فِي غَيْرِ الْجَائِزَةِ؛ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْحَوَائِطِ إذْ الْجَدِيدُ لَيْسَ كَالْقَدِيمِ فَلَوْ حَدَّدَ لَفُهِمَ الِاقْتِصَارُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ قِيلَ لِمَالِكٍ الْعَشَرَةِ) أَيْ السِّنِينَ الَّتِي تَجُوزُ مُسَاقَاتُهَا الْعَشَرَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَفَاهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْغُلَامَ أَوْ الدَّابَّةَ الَّذِي اشْتَرَطَهُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ رُبَّمَا كَفَى ذَلِكَ الْحَائِطَ الصَّغِيرَ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ اشْتِرَاطُ قَسْمِ الزَّيْتُونِ حَبًّا) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ أَوْ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ لِلتَّوْكِيدِ) أَيْ تَوْكِيدِ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ لِمَا عُلِمَ أَنَّهَا أَيْ الْمُسَاقَاةُ تَنْتَهِي بِالْجُذَاذِ وَإِذَا انْتَهَتْ بِالْجُذَاذِ قُسِمَ الزَّيْتُونُ حَبًّا وَحَيْثُ كَانَ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ مُؤَكِّدًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّهُ وَإِنَّمَا نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ الْعَقْدِ مُقْتَضِيًا لَهُ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ اشْتِرَاطَهُ يُوجِبُ فَسَادَ الْعَقْدِ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَيُفْسِدُهَا شَرْطُهُ كَبَيْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا فَهُوَ عَلَيْهِمَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ بِعَصْرِهِ وَلَا عَادَةٌ بِذَلِكَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا لَمْ يَقْتَسِمَاهُ حَبًّا كَانَ عَصْرُهُ عَلَيْهِمَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اقْتَسَمَاهُ حَبَّاتٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ فَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمَاهُ حَبًّا وَاشْتُرِطَ عَصْرُهُ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ عُمِلَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ عَصْرُهُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِشَيْءٍ وَاشْتُرِطَ خِلَافُهُ عُمِلَ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّاسِخِ لِلْعَادَةِ

(قَوْلُهُ الزَّرْبُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ) أَيْ، وَهِيَ الزَّرْبُ الَّذِي يُجْعَلُ بِأَعْلَى الْحَائِطِ الْمُحِيطَةِ

ص: 544

لِمَا انْفَتَحَ مِنْهُ (وَإِصْلَاحِ ضَفِيرَةٍ) بِضَادٍ مُعْجَمَةٍ مُجْتَمَعُ الْمَاءِ كَحَاصِلٍ وَصِهْرِيجٍ وَجَازَ اشْتِرَاطُ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ عَلَى الْعَامِلِ لِيَسَارَتِهَا وَعَدَمِ بَقَائِهَا بَعْدَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ غَالِبًا فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهِ (أَوْ مَا قَلَّ) غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِمَّا لَا يَبْقَى بَعْدَ الْمُسَاقَاةِ كَنَاطُورٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَجُوزُ الْأُمُورُ السَّابِقَةُ وَلَوْ كَثُرَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ قَوْلِهِ أَوْ مَا قَلَّ عَلَيْهَا وَيَجْعَلُهَا أَمْثِلَةً لِلْقَلِيلِ

(و) جَازَ (تَقَايُلُهُمَا) وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ (هَدَرًا) أَيْ حَالَ كَوْنِ التَّقَايُلِ خَالِيًا مِنْ شَيْءٍ يَأْخُذُهُ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ وَمَفْهُومُ هَدَرًا أَنَّهُ لَوْ وَقَعَ التَّقَايُلُ عَلَى شَيْءٍ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا وَالْمَذْهَبُ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إنْ كَانَ بِجُزْءٍ مُسَمًّى مِنْ الثَّمَرَةِ وَلَمْ تَطِبْ جَازَ إنْ تَقَايَلَا قَبْلَ الْعَمَلِ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ هِبَةٌ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ.

وَأَمَّا بَعْدَهُ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ كَمَا لَوْ طَابَتْ الثَّمَرَةُ أَوْ كَانَ الْجُزْءُ غَيْرَ مُسَمًّى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ التَّقَايُلُ بِدَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا فَلَا نَصَّ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْمَنْعِ

(وَ) جَازَ (مُسَاقَاةُ الْعَامِلِ) عَامِلًا (آخَرَ) أَمِينًا (وَلَوْ أَقَلَّ أَمَانَةً) لَا غَيْرَ أَمِينٍ (وَحُمِلَ) الْعَامِلُ الثَّانِي (عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ الْأَمَانَةُ إذَا جَهِلَ الْحَالَ (وَضَمِنَ) الْأَوَّلُ مُوجِبَ فِعْلِ غَيْرِ الْأَمِينِ (فَإِنْ عَجَزَ) الْعَامِلُ أَوْ وَارِثُهُ عَنْ الْعَمَلِ (وَلَمْ يَجِدْ) أَمِينًا يُسَاقِيه

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْبُسْتَانِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ شَوْكٍ أَوْ مِنْ جَرِيدٍ أَوْ بُوصٍ أَوْ مِنْ أَعْوَادٍ (قَوْلُهُ لَهُ لِمَا انْفَتَحَ مِنْهُ) أَيْ تُوضَعُ فِيمَا انْفَتَحَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الزَّرْبِ (قَوْلُهُ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ إصْلَاحُ الْجِدَارِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ عَلَى الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهِ) أَيْ وَلَوْ انْهَارَتْ الْبِئْرُ فَعَلَى رَبِّهَا إصْلَاحُهَا فَإِنْ أَبَى فَلِلْمُسَاقَى بِالْفَتْحِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا قَدْرَ مَا يَخُصُّ رَبَّهَا مِنْ ثَمَرَةِ سَنَةٍ وَيَكُونُ نَصِيبُ رَبِّهَا مِنْ الثَّمَرَةِ رَهْنًا بِيَدِهِ، كَذَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ، وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ يُنْفِقُ الْعَامِلُ وَيَكُونُ نَصِيبُهُ مِنْ الثَّمَرَةِ رَهْنًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِسَنَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَا قَلَّ) أَيْ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ عَمَلَ مَا قَلَّ مِمَّا هُوَ لَازِمٌ لِرَبِّ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ) قَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِدَفْعِ ذَلِكَ الِاعْتِرَاضِ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَوْ مَا قَلَّ يَعْنِي غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ فَيُفِيدُ أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ اشْتِرَاطِ مَا تَقَدَّمَ إذَا كَانَ قَلِيلًا

(قَوْلُهُ لِلُزُومِهَا بِالْعَقْدِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَلَوْ قَبْلَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فَرْعُ اللُّزُومِ وَإِلَّا إنْ كَانَ مُجَرَّدَ تَرْكٍ كَمَا مَرَّ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَقَعَ التَّقَايُلُ عَلَى شَيْءٍ) أَيْ يَدْفَعُهُ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِجُزْءٍ مُسَمًّى كَرُبُعٍ أَوْ لَا كَوَسْقٍ كَانَ التَّقَايُلُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إمَّا بَيْعٌ لِلثَّمَرِ قَبْلَ زَهْوِهِ إنْ أَثْمَرَ النَّخْلُ، وَإِمَّا مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ فِي النَّخْلِ ثَمَرٌ فَقَدْ أَكَلَ الْعَامِلُ مَا أَخَذَهُ بَاطِلًا إذْ لَمْ يَعُدْ عَلَى رَبِّهِ نَفْعٌ (قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ) أَيْ كَمَا قَالَ ح بَلْ فِي بْن أَنَّ الَّذِي تَقْتَضِيه الْمُدَوَّنَةُ هُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بَعْدَهُ) أَيْ الْعَمَلِ كَانَ التَّقَايُلُ بِجُزْءٍ مُسَمًّى أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ أَصْبَغُ) قَالَ بْن الصَّوَابُ نِسْبَةُ الْمَنْعِ إلَى سَمَاعِ أَشْهَبَ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ اتِّهَامُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْعَامِلِ تِلْكَ الْأَشْهُرَ بِسُدُسٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ إنْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ فَصَارَتْ الْمُسَاقَاةُ دُلْسَةً بَيْنَهُمَا وَصَارَ فِيهِ بَيْعُ الثَّمَرَةِ بِالْعَمَلِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ طَابَتْ الثَّمَرَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ التَّقَايُلَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْجُزْءُ غَيْرَ مُسَمًّى) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْإِقَالَةَ قَبْلَ الْعَمَلِ وَالْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْمَنْعِ) أَيْ لِاتِّهَامِ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى اسْتِئْجَارِ الْعَامِلِ تِلْكَ الْأَشْهُرَ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَرِ تِلْكَ الْحَائِطِ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ بِالدَّرَاهِمِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَصَارَتْ الْمُسَاقَاةُ دُلْسَةً

(قَوْلُهُ وَجَازَ مُسَاقَاةُ الْعَامِلِ عَامِلًا آخَرَ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْحَائِطِ، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ رَبُّ الْحَائِطِ عَمَلَ الْعَامِلِ بِعَيْنِهِ وَإِلَّا مُنِعَ مِنْ مُسَاقَاتِهِ لِآخَرَ (قَوْلُهُ أَمِينًا) أَيْ بِخِلَافِ عَامِلِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعَامِلَ مُعَامِلًا آخَرَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ أَمِينًا؛ لِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ لَا غَيْرَ أَمِينٍ) أَيْ فَلَا تَجُوزُ مُسَاقَاتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ مِثْلَهُ فِي عَدَمِ الْأَمَانَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْحَائِطِ رُبَّمَا رَغِبَ فِي الْأَوَّلِ لِأَمْرٍ لَيْسَ فِي الثَّانِي وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَانَ جُزْءُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ جُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَالزِّيَادَةُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ فِيمَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ الَّذِي جَعَلَهُ لِلثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْجُزْءِ الْمَجْعُولِ لَهُ وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْجُزْءُ الَّذِي جَعَلَهُ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ عَلَى ضِدِّهَا) أَيْ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْجُرْحَةُ لَا الْعَدَالَةُ، وَهَذَا بِخِلَافِ وَرَثَةِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُمْ يُحْمَلُونَ عَلَى الْأَمَانَةِ حَتَّى يَثْبُتَ ضِدُّهَا فَلَيْسُوا كَالْأَجْنَبِيِّ؛ لِأَنَّهُمْ ثَبَتَ لَهُمْ حَقُّ مُوَرِّثِهِمْ فَلَا يَزُولُ إلَّا بِأَمْرٍ مُحَقَّقٍ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَ وَرَثَةِ عَامِلِ الْمُسَاقَاةِ وَوَرَثَةِ عَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ حُمِلُوا عَلَى ضِدِّ الْأَمَانَةِ أَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ يُغَابُ عَلَيْهِ دُونَ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْأَوَّلُ مُوجِبَ فِعْلِ غَيْرِ الْأَمِينِ) أَيْ مُوجِبَ فِعْلِ الثَّانِي إذَا كَانَ الثَّانِي غَيْرَ أَمِينٍ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَامِلَ الثَّانِي حَيْثُ حُمِلَ عَلَى ضِدِّهَا عِنْدَ الْجَهْلِ بِحَالِهِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَضْمَنُ مُوجِبَ فِعْلِ الثَّانِي الَّذِي لَا أَمَانَةَ عِنْدَهُ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ

ص: 545

(أَسْلَمَهُ) لِرَبِّهِ (هَدَرًا) بِلَا شَيْءٍ وَلَزِمَ رَبَّهُ قَبُولُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْقَبُولِ حَتَّى تَلِفَ شَيْءٌ فَضَمَانُهُ مِنْهُ (وَلَمْ تَنْفَسِخْ) الْمُسَاقَاةُ (بِفَلَسِ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطُ الطَّارِئُ عَلَى عَقْدِهَا (وَ) إذَا لَمْ تَنْفَسِخْ بِالْفَلَسِ الطَّارِئِ (بِيعَ) الْحَائِطُ عَلَى أَنَّهُ (مُسَاقًى) وَلَوْ كَانَتْ الْمُسَاقَاةُ سِنِينَ كَمَا تُبَاعُ الدَّارُ عَلَى أَنَّهَا مُسْتَأْجَرَةٌ وَالْمَوْتُ كَالْفَلَسِ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْكِرَاءِ لَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الْمُتَكَارِيَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَتْ الْمُسَاقَاةُ عَنْ الْفَلَسِ لَكَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَسْخُهَا

(وَ) جَازَ (مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ) حَائِطَ مَحْجُورِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ تَصَرُّفِهِ لَهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ (وَ) مُسَاقَاةُ (مَدِينٍ) حَائِطَهُ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (بِلَا حَجْرٍ) وَلَا فَسْخٍ لِغُرَمَائِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكْرَى أَوْ سَاقَى بَعْدَ قِيَامِهِمْ فَلَهُمْ الْفَسْخُ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) جَازَ لِمُسْلِمٍ (دَفْعُهُ) أَيْ حَائِطُهُ (لِذِمِّيٍّ) يَعْمَلُ فِيهِ مُسَاقَاةً (لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ خَمْرًا) وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِمَا فِيهِ مِنْ إعَانَتِهِمْ عَلَى الْمَعْصِيَةِ (لَا مُشَارَكَةُ رَبِّهِ) أَيْ الْحَائِطُ فِي الْمُسَاقَاةِ فَلَا تَجُوزُ أَيْ لَا يَجُوزُ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يُشَارِكَ عَامِلًا فِي مُسَاقَاةِ حَائِطِهِ عَلَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مَعْلُومًا مِنْ الثَّمَرَةِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ (أَوْ)(إعْطَاءِ أَرْضٍ) لِرَجُلٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ وَلَا يَرْجِعُ قَوْلُهُ وَضَمِنَ لِمَا إذَا كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَتْ أَمَانَتُهُ، وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ فَلَا ضَمَانَ.

(قَوْلُهُ أَسْلَمَهُ لِرَبِّهِ هَدَرًا بِلَا شَيْءٍ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُهُ؛ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَلَوْ انْتَفَعَ رَبُّ الْحَائِطِ بِمَا عَمِلَ الْعَامِلُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: لَهُ قِيمَةُ مَا انْتَفَعَ بِهِ مِنْ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِهِمْ فِي الْجُعَلِ عَلَى حَفْرِ الْبِئْرِ ثُمَّ يَتْرُكُ ذَلِكَ اخْتِيَارًا وَيُتَمِّمُ رَبُّ الْبِئْرِ حَفْرَهَا اهـ.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْضًا قَوْلُهُ أَسْلَمَهُ هَدَرًا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ ذَلِكَ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ رَبُّ الْحَائِطِ لَكِنْ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ أَبُو الْحَسَنِ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ مَعْنَاهُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ خَلِيلٌ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ اهـ.

إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَزِمَ رَبَّهُ الْقَبُولُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَدْ عَلِمْت رَدَّهُ (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَحَدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ: لَوْ قَالَ رَبُّ الْحَائِطِ أَنَا أَسْتَأْجِرُ مَنْ يَعْمَلُ تَمَامَ الْعَمَلِ وَأَبِيعُ لِلْعَامِلِ مَا خَصَّهُ مِنْ الثَّمَرَةِ وَاسْتَوْفِي مَا أَدَّيْت فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلَهُ، وَإِنْ نَقَصَ اتَّبَعْته إنَّ ذَلِكَ لَهُ نَقَلَهُ بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَلَمْ تَنْفَسِخْ الْمُسَاقَاةُ) أَيْ عَقْدُهَا وَقَوْلُهُ بِفَلَسِ رَبِّهِ أَيْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ أَوْ الْأَخَصِّ وَقَوْلُهُ الطَّارِئُ عَلَى عَقْدِهَا أَيْ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِيعَ) أَيْ لِأَجْلِ قَسْمِ ثَمَنِهِ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَقَوْلُهُ عَلَى أَنَّهُ أَيْ عَلَى أَنَّ الْحَائِطَ مُسَاقًى فِيهِ الْعَامِلُ بِالثُّلُثِ أَوْ الرُّبْعِ مَثَلًا.

(قَوْلُهُ وَالْمَوْتُ كَالْفَلَسِ) أَيْ وَمَوْتُ رَبِّ الْحَائِطِ الطَّارِئِ بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ كَفَلَسِهِ فِي عَدَمِ فَسْخِ الْمُسَاقَاةِ بِهِ وَفِي عج وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ الْحَائِطُ بَعْدَ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ فِيهِ خُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ بَيْنَ إبْقَاءِ الْعَمَلِ وَفَسْخِ عَقْدِهِ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّ الْعَاقِدَ لَهُ غَيْرُ مَالِكٍ وَحِينَئِذٍ فَيُدْفَعُ لَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَلَوْ بِيعَتْ الْحَائِطُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مُسَاقًى إلَّا بَعْدَ الشِّرَاءِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى دَارًا ثُمَّ عَلِمَ بَعْدَ الشِّرَاءِ أَنَّ بَائِعَهَا قَدْ آجَرَهَا مُدَّةً قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ فَإِنْ شَاءَ رَضِيَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ

(قَوْلُهُ مُسَاقَاةُ وَصِيٍّ) أَيْ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ لَا مِنْ الْأُمِّ إذْ لَا وِلَايَةَ لَهَا حَتَّى تُوصِيَ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُهُ الْقَاضِي وَمُقَدِّمُهُ (قَوْلُهُ حَائِطَ مَحْجُورِهِ) أَيْ دَفَعَهَا لِعَامِلٍ يَعْمَلُ فِيهَا عَلَى وَجْهِ الْمُسَاقَاةِ وَهَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ مُسَاقَاةً فِي حَائِطٍ الْيَتِيمِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَالْقِرَاضِ اُنْظُرْ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ) لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَيْعِ رُبُعِهِ حَتَّى يُحْمَلَ عَلَى عَدَمِ النَّظَرِ (قَوْلُهُ وَمُسَاقَاةُ مَدِينٍ حَائِطَهُ) أَيْ دَفَعَهُ لِعَامِلٍ مُسَاقَاةً (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ كَوْنُهُ قَبْلَ قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ مَعْنَى قَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ أَيْ بِلَا قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَهُمْ الْفَسْخُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قِيَامَ الْغُرَمَاءِ يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُعَاوَضَةِ وَاَلَّذِي يَمْنَعُ التَّبَرُّعَ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ إحَاطَةُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَعْصِرْ) أَيْ إذَا تَحَقَّقَ أَوْ ظَنَّ ظَنًّا قَوِيًّا أَنَّهُ لَمْ يَعْصِرْ حِصَّتَهُ الَّتِي يَأْخُذُهَا عَلَى الْعَمَلِ خَمْرًا وَسَوَاءٌ اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ الْعَصْرِ أَوْ لَا فَالْمَدَارُ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ بِعَدَمِ الْعَصْرِ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ مِنْ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُسْلِمُ عَلَيْهِ عَدَمَ عَصْرِ حِصَّتِهِ خَمْرًا وَيَدُلُّ لِلْأَوَّلِ مُسَاقَاتُهُ عليه السلام لِأَهْلِ خَيْبَرَ وَلَمْ يُرْوَ أَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ اكْتِفَاءً بِالظَّنِّ الْقَوِيِّ أَنَّهُمْ لَا يَعْصِرُونَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ تَحَقَّقَ عَصْرُهُ لَهُ خَمْرًا أَوْ ظَنَّ ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَالظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ حَالَةَ الشَّكِّ قِيَاسًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ مِنْ كَرَاهَةِ مُقَارَضَةِ مَنْ شَكَّ فِي عَمَلِهِ بِالرِّبَا وَمُعَامَلَتِهِ (قَوْلُهُ لَا مُشَارَكَةَ رَبِّهِ) هَذَا شُرُوعٌ فِي بَيَانِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا تَجُوزُ فِي الْمُسَاقَاةِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ قَوْلِهِ الْآتِي وَاشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّ الْعَمَلَ عَلَيْهِمَا وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِشَخْصٍ أَسْقِي أَنَا وَأَنْتَ فِي حَائِطِي وَلَك نِصْفُ ثَمَرَتِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ فَإِنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ الْعَامِلَ شَرَطَ حِينَ الْعَقْدِ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَعْمَلَ مَعَهُ مَجَّانًا وَيَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ حِينَ الْعَقْدِ الْعَمَلَ مَعَهُ وَيُشَارِكُهُ فِي الْجُزْءِ الَّذِي شَرَطَهُ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى خِلَافِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ إنَّمَا جَاءَتْ بِتَسْلِيمِ رَبِّ

ص: 546

(لِيَغْرِسَ) فِيهَا شَجَرًا مِنْ عِنْدِهِ (فَإِذَا بَلَغَتْ) حَدَّ الْإِثْمَارِ مَثَلًا (كَانَتْ) الْحَائِطُ بِيَدِهِ (مُسَاقَاةً) سِنِينَ سَمَّاهَا لَهُ أَوْ أَطْلَقَ ثُمَّ يَكُونُ الْغَرْسُ مِلْكًا لِرَبِّ الْأَرْضِ كَمَا فِي النَّصِّ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ مَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ أَوْ أَثْمَرَ وَلَمْ يَعْمَلْ وَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَقِيمَةُ مَا أَنْفَقَهُ وَقِيمَةُ الْأَشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا فَإِنْ أَثْمَرَ الشَّجَرُ وَعَمِلَ لَمْ تَنْفَسِخْ الْمُسَاقَاةُ وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ.

وَأَمَّا لَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بَيْنَهُمَا جَازَ إنْ عُيِّنَ مَا يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ وَكَانَتْ مُغَارَسَةً وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ عُثِرَ عَلَيْهِمَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَبَعْدَهُ مَضَتْ وَعَلَى رَبِّ الْأَرْضِ نِصْفُ قِيمَةِ الْغَرْسِ يَوْمَ الْغَرْسِ وعَلَى الْغَارِسِ قِيمَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ بَرَاحًا وَكَانَ الْحَائِطُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا (أَوْ) إعْطَاءُ (شَجَرٍ لَمْ يَبْلُغْ) حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي عَامِ الْعَقْدِ فَيُسَاقِيه عَلَيْهِ (خَمْسَ سِنِينَ) أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (وَهِيَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْأَشْجَارَ (تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا) أَيْ أَثْنَاءَ الْخَمْسِ سِنِينَ أَيْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ فَلَا يَجُوزُ فَمَدَارُ الْمَنْعِ عَلَى إعْطَائِهِ شَجَرًا لَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي عَامِهِ مُدَّةً كَخَمْسِ سِنِينَ مَثَلًا وَهِيَ تَبْلُغُ بَعْدَ عَامَيْنِ مَثَلًا مِنْ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا ذِي ثَمَرٍ إذْ مَعْنَاهُ بَلَغَ حَدَّ الْإِثْمَارِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ لَمْ تَبْلُغْ مَعْمُولُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ حَدُّ الْإِطْعَامِ وَخَمْسُ سِنِينَ مَعْمُولُ مُسَاقَاةٍ الْمُقَدَّرُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَمْسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ بُلُوغِهَا الْإِطْعَامَ فُسِخَ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ، وَإِنْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِطْعَامِ أَيْ وَعَمِلَ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ وَكَانَ لِلْعَامِلِ فِي بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَفِيمَا مَضَى أُجْرَةُ مِثْلِهِ

(وَفُسِخَتْ) مُسَاقَاةٌ (فَاسِدَةٌ) لِفَقْدِ رُكْنٍ أَوْ شَرْطٍ أَوْ لِوُجُودِ مَانِعٍ (بِلَا عَمَلٍ) صِفَةٌ لِفَاسِدَةٍ أَيْ كَائِنَةٌ بِلَا عَمَلٍ يَعْنِي أَنَّ الْمُسَاقَاةَ الْفَاسِدَةَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْحَائِطِ الْحَائِطَ لِلْعَامِلِ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ هُنَا رَبُّ الْحَائِطِ فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلَ فَلَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمَّا اشْتَرَطَ رَبُّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ هُوَ مَعَهُ وَلَمْ يُسْلِمْ لَهُ الْحَائِطُ فَكَأَنَّهُ آجَرَهُ عَلَى مُعَاوَنَتِهِ فِي الْعَمَلِ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا سَلَّمَ لَهُ الْحَائِطَ، وَكَانَ الْمُشْتَرِطُ الْعَامِلَ تَرَجَّحَ جَانِبُ الْمُسَاقَاةِ دُونَ الْإِجَارَةِ فَكَانَ لِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ لِيَغْرِسَ فِيهَا شَجَرًا مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ وَيَقُومُ بِخِدْمَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِذَا بَلَغَتْ حَدَّ الْإِثْمَارِ مَثَلًا) أَيْ أَوْ بَلَغَتْ قَدْرَ كَذَا مِنْ السِّنِينَ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) عَطْفٌ عَلَى سَمَّاهَا أَيْ أَوْ أَطْلَقَ فِي السِّنِينَ وَلَمْ يُسَمِّ عَدَدَهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَكُونُ الْغَرْسُ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ يَكُونُ الْغَرْسُ مِلْكًا لِرَبِّ الْأَرْضِ أَيْ خَالِيًا عَنْ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْمُخَاطَرَةِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَبْقَى ذَلِكَ الشَّجَرُ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ إتْيَانِ زَمَنِ الْمُسَاقَاةِ أَوْ فِيهِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ فُسِخَتْ الْمُغَارَسَةُ) يَعْنِي الْعُقْدَةُ كُلُّهَا الْمُحْتَوِيَةُ عَلَى الْمُغَارَسَةِ وَالْمُسَاقَاةِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُثْمِرْ إلَخْ) أَيْ أَنَّ فَسْخَ الْعُقْدَةِ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا لَمْ يُثْمِرْ الشَّجَرُ، وَإِنْ حَصَلَ مِنْهُ عَمَلٌ أَوْ أَثْمَرَ مِنْ غَيْرِ حُصُولِ عَمَلٍ يَعْنِي فِي زَمَنِ الْمُسَاقَاةِ وَذَلِكَ بَعْدَ بُلُوغِ الْقَدْرِ الْمَعْلُومِ (قَوْلُهُ وَلِلْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ وَإِذَا فُسِخَتْ فَلِلْعَامِلِ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى سِنِينَ الْمُسَاقَاةِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ وَلَهُ نَفَقَتُهُ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الشَّجَرِ وَلَهُ قِيمَةُ الْإِشْجَارِ يَوْمَ غَرْسِهَا فَلَهُ أُمُورٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَثْمَرَ وَعَمِلَ) أَيْ فِي زَمَنِ الْمُسَاقَاةِ وَقَوْلُهُ وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ أَيْ زِيَادَةً عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ، وَهِيَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَنَفَقَتُهُ الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَى الشَّجَرِ وَقِيمَةُ الشَّجَرِ يَوْمَ غَرْسِهِ.

(قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بَيْنَهُمَا) أَيْ مِنْ حِينِ الْغَرْسِ أَوْ إذَا بَلَغَ حَدَّ كَذَا (قَوْلُهُ مَا يُغْرَسُ فِي الْأَرْضِ) أَيْ مِنْ نَوْعِ الشَّجَرِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ عَدَدُهُ وَقَوْلُهُ وَكَانَتْ مُغَارَسَةً أَيْ صَحِيحَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ مُغَارَسَةٌ أَيْضًا إلَّا أَنَّهَا فَاسِدَةٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ مَا يُغْرَسُ فِيهَا حِينَ الْعَقْدِ كَانَتْ مُغَارَسَةً فَاسِدَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ عُثِرَ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْمُغَارَسَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ، وَهِيَ تَبْلُغُ أَثْنَاءَهَا) أَيْ، وَهِيَ تَبْلُغُ حَدَّ الْإِطْعَامِ فِي أَثْنَاءِ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا لَمْ تَبْلُغْ أَثْنَاءَهَا بَلْ بَعْدَهَا لِضَيَاعِ عَمَلِهِ بَاطِلًا (قَوْلُهُ أَيْ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ) أَيْ أَثْنَاءَ مُدَّةِ الْمُسَاقَاةِ كَانَتْ خَمْسَ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لِلْخَطَرِ (قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِخَمْسٍ) أَيْ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفِ بِهَا تَبَعًا لِلرِّوَايَةِ أَيْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَا فِي الرِّوَايَة فَرْضُ مَسْأَلَةٍ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ الْإِطْعَامَ) أَيْ وَبَعْدَ الْعَمَلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَكَانَ لِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ.

وَأَمَّا لَوْ عُثِرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَقَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَ وَلَا عَلَقَةَ لِأَحَدٍ بِأَحَدٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَعَمِلَ) ، وَأَمَّا لَوْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ الْإِطْعَامِ وَلَمْ يَعْمَلْ فُسِخَتْ وَلَا شَيْءَ لَهُ (قَوْلُهُ مُسَاقَاةُ مِثْلِهِ) أَيْ فَتُزَادُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَلَى الْمَسَائِلِ التِّسْعَةِ الْآتِيَةِ

(قَوْلُهُ وَفُسِخَتْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُسَاقَاةَ إذَا وَقَعَتْ فَاسِدَةً لِفَقْدِ شَرْطٍ أَوْ وُجُودِ مَانِعٍ فَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ وَلَا عَلَقَةَ لِأَحَدٍ بِأَحَدٍ سَوَاءٌ كَانَ يَجِبُ فِيهَا بَعْدَ تَمَامِهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ اُطُّلِعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَإِنْ وَجَبَ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ فُسِخَتْ أَيْضًا وَحَاسَبَ الْعَامِلَ بِأُجْرَةِ مَا عَمِلَ، وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ لَمْ تُفْسَخْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ وَتَبْقَى لِانْقِضَاءِ أَمَدِهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَوْ فَسَخَ الْعَقْدَ قَبْلَ طِيبِهَا لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعَلِ لَا يَسْتَحِقُّهَا الْعَامِلُ إلَّا بِتَمَامٍ هَذَا مُحَصِّلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ بِلَا عَمَلٍ) أَيْ أَصْلًا أَوْ بَعْدَ عَمَلٍ لَا بَالَ لَهُ اهـ.

عبق.

ص: 547

إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ يَتَعَيَّنُ فَسْخُهَا هَدَرًا سَوَاءٌ كَانَ الْوَاجِبُ فِيهَا أُجْرَةَ الْمِثْلِ أَوْ مُسَاقَاتِهِ إذْ لَمْ يَضَعْ عَلَى الْعَامِلِ شَيْءٌ، وَأَمَّا إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) عُثِرَ عَلَيْهَا (فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ الْعَمَلُ وكَانَتْ الْمُدَّةُ سَنَةً وَاحِدَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ) مُدَّةٍ (أَكْثَرَ) مِنْ سَنَةٍ فَتَنْفَسِخُ أَيْضًا (إنْ وَجَبَتْ) فِيهَا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ) ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ فِيهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فَلَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فَإِنْ وَجَبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ

(وَ) الْوَاجِبُ (بَعْدَهُ) أَيْ الْعَمَلُ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ فَهَذَا فِي قُوَّةِ جَوَابِ سُؤَالِ سَائِلٍ قَالَ لَهُ وَمَا ضَابِطُ مَا يَجِبُ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَمَا يَجِبُ فِيهِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَقَالَ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْعَمَلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ أَوْ إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (كَإِنْ ازْدَادَ) أَحَدُهُمَا (عَيْنًا أَوْ عَرَضًا) ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ رَبِّ الْحَائِطِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ إلَى الْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِي حَائِطِهِ بِمَا أَعْطَاهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ وَبِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ وَذَلِكَ إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ تُوجِبُ الرَّدَّ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَيُحْسَبُ مِنْهَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مِنْ الْعَامِلِ فَقَدْ خَرَجَا عَنْهَا إلَى بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ اشْتَرَى الْجُزْءَ الْمُسَمَّى بِمَا دَفَعَهُ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَبِأُجْرَةِ عَمَلِهِ فَوَجَبَ أَنْ يُرَدَّ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ (وَإِلَّا) يَخْرُجَا عَنْهَا بِأَنْ جَاءَ الْفَسَادُ مِنْ عَقْدِهَا عَلَى غَرَرٍ وَنَحْوِهِ (فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) وَذَكَرَ لِذَلِكَ تِسْعَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَمُسَاقَاتِهِ مَعَ ثَمَرٍ أَطْعَمَ) أَيْ بَدَا صَلَاحُهُ أَيْ فِيهِ ثَمَرٌ أَطْعَمَ وَلَيْسَ تَبَعًا، وَهُوَ شَامِلٌ لِمَا إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ وَلِمَا إذَا سَاقَاهُ عَلَى حَائِطَيْنِ أَحَدُهُمَا ثَمَرُهُ أَطْعَمَ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعِمْ (أَوْ) وَقَعَتْ (مَعَ بَيْعٍ) لِسِلْعَةٍ أَيْ سَاقَاهُ بِجُزْءٍ مَعْلُومٍ وَبَاعَهُ سِلْعَةً مِنْ الْمُسَاقَاةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَيَنْبَغِي أَنَّ كُلَّ مَا يَمْتَنِعُ اجْتِمَاعُهُ مَعَ الْمُسَاقَاةِ مِنْ إجَارَةٍ وَجَعَالَةٍ وَنِكَاحٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ إذَا عُثِرَ عَلَيْهَا) أَيْ إذَا اُطُّلِعَ عَلَى فَسَادِهَا (قَوْلُهُ وَكَانَتْ الْمُدَّةُ) أَيْ مُدَّةُ الْمُسَاقَاةِ كُلُّهَا سَنَةً (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ) أَيْ أَوْ عُثِرَ عَلَى فَسَادِهَا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ أَكْثَرَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذِهِ مَعَ دُخُولِهَا تَحْتَ قَوْلِهِ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ حُكْمَ هَذِهِ حُكْمُ مَا إذَا عُثِرَ عَلَى الْفَسَادِ قَبْلَ الْعَمَلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ السَّنَةَ قَلِيلَةٌ فِي جَانِبِ أَكْثَرَ مِنْهَا (قَوْلُهُ إنْ وَجَبَتْ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِكَوْنِ رَبِّ الْحَائِطِ وَالْعَامِلِ خَرَجَا عَنْ الْمُسَاقَاةِ لِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَاسِدٍ كَأَنْ زَادَ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ عَيْبًا أَوْ عَرْضًا فَإِنَّهَا فَاسِدَةٌ وَيَجِبُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَجَبَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ لِكَوْنِ الْفَسَادِ مِنْ عَقْدِهَا لَا لِخُرُوجِهَا عَنْهَا لِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَوْ إجَارَةٍ فَاسِدَةٍ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ عَمَلَ دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ لِرَبِّ الْحَائِطِ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَائِطَ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ لَمْ تَنْفَسِخْ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ إبْقَاؤُهَا إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِهَا وَكَانَ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْفَعُ لِلْعَامِلِ نَصِيبَهُ إلَّا مِنْ الثَّمَرَةِ فَلَوْ فُسِخَتْ لَزِمَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُسَاقَاةَ كَالْجُعْلِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ اهـ.

ثُمَّ إنْ لَزِمَ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ الْإِطْلَاعِ، وَأَمَّا الْمُدَّةُ الَّتِي قَبْلَ الْإِطْلَاعِ عَلَى الْفَسَادِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَلَهُ فِيهَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ وَانْظُرْهُ

(قَوْلُهُ وَالْوَاجِبُ بَعْدَهُ) أَيْ وَالْوَاجِبُ إذَا فُسِخَتْ بَعْدَ الْعَمَلِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ إنْ خَرَجَا عَنْهَا) أَيْ لِإِجَارَةٍ فَاسِدَةٍ أَوْ لِبَيْعٍ فَاسِدٍ (قَوْلُهُ كَأَنْ ازْدَادَ أَحَدُهُمَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا) يَتَحَقَّقُ فِي زِيَادَةِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ عَرْضًا الْخُرُوجُ لِلْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ وَالْخُرُوجُ لِبَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ) قَالَ ابْنُ سِرَاجٍ: إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَا يَجِدَ رَبُّ الْحَائِطِ عَامِلًا إلَّا مَعَ دَفْعِهِ لَهُ شَيْئًا زَائِدًا عَلَى الْجُزْءِ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ فَقَدْ خَرَجَ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ وَهِيَ الْوَاجِبَةُ لِلْعَامِلِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مُسَاقَاةَ الْمِثْلِ وَاجِبَةٌ فِي حَائِطِهِ فَيَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ بِخِلَافِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهَا فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَكُونُ الْعَامِلُ أَحَقَّ بِمَا عَمِلَ فِيهِ فِي فَلَسٍ وَلَا مَوْتٍ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي ح قُبَيْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ سَاقَيْته أَوْ أَكْرَيْتُهُ إلَخْ أَنَّ الْعَامِلَ أَحَقُّ بِالْحَائِطِ فِيمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي الْفَلَسِ لَا فِي الْمَوْتِ هَذَا فِي الْمُسَاقَاةِ نَعَمْ فِي الْقِرَاضِ لَيْسَ أَحَقَّ بِمَا فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لَا فِي الْفَلَسِ وَلَا فِي الْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ تَبَعًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّمَرُ الَّذِي بَدَا صَلَاحُهُ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى حَائِطٍ وَاحِدٍ) أَيْ فِيهِ ثَمَرٌ أَطْعَمَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ مِنْ نَوْعٍ مُغَايِرٍ لِلنَّوْعِ الَّذِي لَمْ يُطْعِمْ.

(قَوْلُهُ وَالْآخَرُ لَمْ يُطْعِمْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى فَسَادِ هَذِهِ الْمُسَاقَاةِ إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ كَانَ لَهُ فِيمَا لَمْ يُثْمِرْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ وَالْعِلَّةُ فِي فَسَادِ هَذِهِ الْمُسَاقَاةِ احْتِوَاؤُهَا عَلَى بَيْعِ ثَمَرٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ الْجُزْءُ الْمُسَمَّى لِلْعَامِلِ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ، وَهُوَ الْعَمَلُ وَلَا يُقَالُ أَصْلُ الْمُسَاقَاةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الْمُسَاقَاةُ خَرَجَتْ عَنْ أَصْلٍ فَاسِدٍ وَلَا يَتَنَاوَلُ خُرُوجُهَا هَذَا الْفَرْعَ لِخُرُوجِ هَذَا الْفَرْعِ عَنْ سَنَةِ الْمُسَاقَاةِ مِنْ كَوْنِهَا قَبْلَ الْإِطْعَامِ فَبَقِيَ هَذَا الْفَرْعُ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ صَفْقَةً وَاحِدَةً) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْحَائِطِ لِلْعَامِلِ سَاقَيْتُكَ حَائِطِي وَبِعْتُك سِلْعَةَ كَذَا بِدِينَارٍ وَثُلُثِ الثَّمَرَةِ وَالْعِلَّةُ فِي فَسَادِهَا اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْمُسَاقَاةِ فَإِذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْعَمَلِ مَضَتْ وَكَانَ لِلْعَامِلِ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ إنَّ كُلَّ مَا يَمْتَنِعُ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فِي قَوْلِهِ:

ص: 548

وَصَرْفٍ كَذَلِكَ أَيْ تُفْسَخُ وَفِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ

(أَوْ)(اشْتَرَطَ) الْعَامِلُ (عَمَلَ رَبِّهِ) مَعَهُ فِي الْحَائِطِ لِجَوَلَانِ يَدِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبَّ الْحَائِطِ فَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ كَمَا مَرَّ (أَوْ) اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَ (دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ) لِرَبِّ الْحَائِطِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَائِطُ (صَغِيرٌ) ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا فِي الْكَبِيرِ (أَوْ) اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ (حَمْلَهُ لِمَنْزِلِهِ) أَيْ حَمْلُ نَصِيبِ الْعَامِلِ لِمَنْزِلِ الْعَامِلِ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ اشْتِرَاطُ رَبِّ الْحَائِطِ عَلَى الْعَامِلِ ذَلِكَ (أَوْ) اشْتَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْحَائِطِ أَنَّهُ (يَكْفِيه مُؤْنَةَ) حَائِطٍ (آخَرَ) بِلَا شَيْءٍ وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي الثَّانِي وَمُسَاقَاةُ مِثْلِهِ فِي الْأَوَّلِ (أَوْ اخْتَلَفَ)(الْجُزْءُ) الَّذِي لِلْعَامِلِ (بِسِنِينَ) وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا جُمْلَةً كَأَنْ يُعَاقِدَهُ عَلَى سَنَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَلَى أَنَّ لَهُ النِّصْفَ فِي سَنَةٍ وَالثُّلُثَ مَثَلًا فِي أُخْرَى (أَوْ) اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فِي (حَوَائِطَ) أَوْ حَائِطِينَ صَفْقَةً وَاحِدَةً أَحَدُهُمَا بِالثُّلُثِ وَالْآخَرُ بِالنِّصْفِ مَثَلًا فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ.

وَأَمَّا مَعَ اتِّفَاقِ الْجُزْءِ أَوْ فِي صَفَقَاتٍ فَيَجُوزُ كَمَا مَرَّ (كَاخْتِلَافِهِمَا) بَعْدَ الْعَمَلِ فِي قَدْرِ الْجُزْءِ (وَلَمْ يُشْبِهَا) فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدَهُمَا فَقَوْلُهُ بِيَمِينِهِ فَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ فَإِنْ اخْتَلَفَا قَبْلَ الْعَمَلِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقُضِيَ لِلْحَلِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَإِنَّمَا شَبَّهَ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا صَحِيحٌ وَمُسَاقَاةِ الْمِثْلِ لِلِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا

(وَإِنْ)(سَاقَيْته) عَلَى حَائِطِك (أَوْ أَكْرَيْتَهُ) دَارَك مَثَلًا (فَأَلْفَيْته) أَيْ وَجَدْته (سَارِقًا) يُخَافُ مِنْهُ عَلَى سَرِقَةِ الثَّمَرَةِ مَثَلًا أَوْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الدَّارِ (لَمْ تَنْفَسِخْ) عُقْدَةُ الْمُسَاقَاةِ أَوْ الْكِرَاءِ (وَلْيَتَحَفَّظْ مِنْهُ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ التَّحَفُّظُ أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ وَسَاقَى الْحَائِطَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَكْرَيْتَهُ لِلْخِدْمَةِ فَوَجَدْته سَارِقًا فَإِنَّهُ عَيْبٌ يَثْبُتُ بِهِ الْخِيَارُ بَيْنَ رَدِّهِ وَالتَّمَاسُكِ مَعَ التَّحَفُّظِ كَمَا قَالَ فِيمَا سَيَأْتِي وَخُيِّرَ إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ سَارِقٌ وَشَبَّهَ فِي عَدَمِ الْفَسْخِ قَوْلَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

نِكَاحٌ شَرِكَةٌ صَرْفٌ وَقَرْضُ

مُسَاقَاةٌ قِرَاضٌ بَيْعٌ جُعَلُ

فَجَمْعُ اثْنَيْنِ مِنْهَا الْحَظْرُ فِيهِ

فَكُنْ فَطِنًا فَإِنَّ الْحِفْظَ سَهْلُ

(قَوْلُهُ وَصَرْفٌ كَذَلِكَ) أَيْ وَشَرِكَةٌ وَقَرْضٌ وَقِرَاضٌ (قَوْلُهُ أَيْ تُفْسَخُ) أَيْ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْعَمَلِ وَقَوْلُهُ وَفِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ أَيْ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا بَعْدَ الْعَمَلِ

(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ الْعَامِلُ عَمَلَ رَبِّهِ مَعَهُ) أَيْ مَجَّانًا فَغَايَرَ قَوْلَهُ وَمُشَارَكَةَ رَبِّهِ أَوْ الْمُرَادُ اشْتَرَطَ عَمَلَ رَبِّهِ مَعَهُ مَجَّانًا أَوْ مَعَ مُشَارَكَتِهِ لَهُ فِي الْجُزْءِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ شَارَكَ رَبَّهُ بَيَانٌ لِلْمَنْعِ، وَهَذَا هُوَ الْوَاجِبُ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَلَا تَكْرَارَ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لَا بَعْدَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى الِاشْتِرَاطُ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) فِيهِ أَنَّهُ لَمْ يَمُرَّ ذَلِكَ لِلشَّارِحِ، وَإِنْ كَانَ مَرَّ لَنَا ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ مُشَارَكَةَ رَبِّهِ وَقَدَّمْنَا وَجْهَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَ عَمَلَ دَابَّةٍ أَوْ غُلَامٍ، وَهُوَ صَغِيرٌ) قَالَ عبق الظَّاهِرُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَمَا بَعْدَهَا مِنْ الْفَسَادِ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (قَوْلُهُ أَوْ حَمَلَهُ لِمَنْزِلِهِ) أَيْ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ) أَيْ وَإِلَّا جَازَ وَيَنْبَغِي أَنْ يَدْفَعَ لَهُ أُجْرَةَ الْحَمْلِ فِي الْمَمْنُوعَةِ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ حَائِطٍ آخَرَ) أَيْ مَجَّانًا أَوْ بِأُجْرَةٍ خِلَافًا لِلشَّارِحِ وَلَا مَفْهُومَ لِحَائِطٍ بَلْ مَتَى شَرَطَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ خِدْمَةً فِي شَيْءٍ آخَرَ حَائِطٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَإِنْ بِأُجْرَةٍ فَسَدَتْ الْمُسَاقَاةُ وَكَانَ فِيهَا مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ صِفَةٍ لِشَيْءٍ لَا لِحَائِطٍ.

(قَوْلُهُ فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْحَائِطِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ بِسِنِينَ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا زَادَ عَنْ الْوَاحِدِ وَلَوْ كَثُرَ ذَلِكَ الزَّائِدُ جِدًّا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ حَيْثُ اخْتَلَفَ الْجُزْءُ فَالْمَنْعُ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّنِينَ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً جِدًّا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْرُجَا لَبَابٍ آخَرَ، وَإِنَّمَا الْمَنْعُ لِلْغَرَرِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ صَفْقَةً) أَيْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ فَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ فَإِنْ كَانَتْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ مُخْتَلِفَةً بِأَنْ كَانَتْ عَادَتُهُمْ فِي بَلَدِهِمْ يُسَاقُونَ بِالثُّلُثِ وَبِالرُّبُعِ قُضِيَ بِالْأَكْثَرِ اهـ.

تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا مَعَ اتِّفَاقِ الْجُزْءِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى حَوَائِطَ بِجُزْءٍ مُتَّفِقٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً وَأَوْلَى فِي صِفَاتٍ أَوْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُسَاقَاةِ عَلَى حَوَائِطَ بِجُزْءٍ مُخْتَلِفٍ فِي صَفَقَاتٍ فَيَجُوزُ (قَوْلُهُ أَوْ فِي صَفَقَاتٍ) أَيْ أَوْ مَعَ اخْتِلَافِهِ فِي صَفَقَاتٍ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ) أَيْ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِالْعَمَلِ (قَوْلُهُ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا) أَيْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ إذَا تَنَازَعَا قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنَّ الْمَالَ يُرَدُّ لِرَبِّهِ بِلَا تَحَالُفٍ؛ لِأَنَّ عَقْدَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ مُنْحَلٌّ بِخِلَافِ الْمُسَاقَاةِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا شَبَّهَ هَذِهِ بِمَا قَبْلَهَا) أَيْ وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَمُسَاقَاةُ الْمِثْلِ) أَيْ، وَإِنَّمَا وَجَبَتْ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْعَقْدَ فِيهَا صَحِيحٌ مِنْ أَجْلِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الْجُزْءِ

(قَوْلُهُ أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ إلَخْ) فَإِذَا أَكْرَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ الْمَنْزِلَ بِزِيَادَةٍ كَانَتْ الزِّيَادَةُ لِلْمُكْتَرِي الْأَوَّلِ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ وَكَذَا إذَا سَاقَى عَلَيْهِ عَامِلًا فَإِنْ كَانَ الْجُزْءُ أَقَلَّ مِنْ جُزْءِ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ فَالزِّيَادَةُ لَهُ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَوْ اكْتَرَيْته) أَيْ جَعَلْته كَرْيًا عِنْدَك لِلْخِدْمَةِ بَقِيَ مَا إذَا اكْتَرَيْته لِلْحَمْلِ فَوَجَدْته سَارِقًا وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عَبِق وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا أَنَّهُ مِثْلُ مَا إذَا أَكْرَيْتَهُ دَارَك لَا مِثْلُ مَا إذَا أَكْرَيْتَهُ

ص: 549

(كَبَيْعِهِ) سِلْعَةً لِمُفْلِسٍ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْبَائِعُ (بِفَلَسِهِ) فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَنِ لِتَفْرِيطِهِ.

وَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ فِي الْفَلَسِ مِنْ أَنَّ لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ فَفِيمَا إذَا طَرَأَ الْفَلَسُ عَلَى الْبَيْعِ فَلَا تَفْرِيطَ عِنْدَ الْبَائِعِ (وَسَاقِطُ النَّخْلِ) أَيْ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (كَلِيفٍ) وَسَعَفٍ وَجَرِيدٍ (كَالثَّمَرَةِ) فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ، وَأَمَّا مَا سَقَطَ مِنْ خَشَبِ النَّخْلِ أَوْ الشَّجَرِ فَلِرَبِّهِ (وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) بِيَمِينٍ كَدَعْوَى رَبِّ الْحَائِطِ أَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَامِلِ جُزْءًا مَعْلُومًا وَادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ مُبْهَمٌ أَوْ عَكْسُهُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَوْ قَبْلَهُ، وَهَذَا مَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ بِأَنْ يَكُونَ عُرْفَهُمْ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيه بِيَمِينِهِ (وَإِنْ)(قَصَّرَ عَامِلٌ عَمَّا شُرِطَ) عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ (حُطَّ) مِنْ نَصِيبِهِ (بِنِسْبَتِهِ) فَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَا عَمِلَ مَعَ قِيمَةِ مَا تَرَكَ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ مَا تَرَكَ الثُّلُثَ مَثَلًا حُطَّ مِنْ جُزْئِهِ الْمُشْتَرَطِ لَهُ ثُلُثُهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ قَصَّرَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ السَّقْيُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَسَقَى مَرَّتَيْنِ وَأَغْنَاهُ الْمَطَرُ عَنْ الثَّالِثَةِ لَمْ يُحَطَّ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ وَكَانَ لَهُ جُزْؤُهُ بِالتَّمَامِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْبُيُوعِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يَلْحَقُ بِهَا انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْإِجَارَةِ كَذَلِكَ، وَهُوَ أَوَّلُ الرُّبُعِ الرَّابِعِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ فَقَالَ رضي الله عنه وَنَفَعَنَا بِبَرَكَاتِهِ وَأَسْرَارِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ كَبَيْعِهِ) أَيْ كَبَيْعِ شَخْصٍ سِلْعَتَهُ لِمُفْلِسٍ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ فِي الثَّمَنِ) أَيْ أَنَّهُ يُحَاصِصُ مَعَهُمْ بِالثَّمَنِ فِيمَا بِيعَتْ بِهِ سِلْعَتُهُ وَغَيْرُهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ قَبْلَ اقْتِسَامِ الْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا إذَا بَاعَ لَهُ بَعْدَ اقْتِسَامِهِمْ فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَهُمْ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ) أَيْ حَيْثُ بَاعَ لِذَلِكَ الْمُفْلِسِ وَلَمْ يَثْبُتْ.

(قَوْلُهُ أَنَّ لَهُ أَخْذَ عَيْنِ شَيْئِهِ) أَيْ الْمُحَازِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا سَقَطَ مِنْهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ عَلَى مَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ وَالسَّاقِطُ مِنْ أَجْزَاءِ النَّخْلِ حَالَةَ كَوْنِهِ كَلِيفٍ وَلَا مَفْهُومَ لِلنَّخْلِ بَلْ مِثْلُهُ الشَّجَرُ وَالزَّرْعُ السَّاقِطُ مِنْهُ كَالتِّبْنِ وَالْوَقِيدِ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ فِي الْحَبِّ (قَوْلُهُ وَجَرِيدٍ) أَيْ وَبَلَحٍ وَقَوْلُهُ كَالثَّمَرَةِ أَيْ الْبَاقِيَةِ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِلْعَامِلِ فَلَيْسَتْ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةً لِصِدْقِهَا بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ (قَوْلُهُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ رَبُّ الْحَائِطِ لَمْ تُدْفَعْ لِي الثَّمَرَةُ وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ دَفَعَتْهَا لَك صُدِّقَ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ابْنِ الْمَوَّازِ وَيَحْلِفُ كَانَ التَّنَازُعُ قَبْلَ جُذَاذِ النَّاسِ أَوْ بَعْدَهُ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَ ذَلِكَ الْعِلْمِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَفِي الشَّامِلِ وَصُدِّقَ مُدَّعِي الصِّحَّةِ إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا تَحَالَفَا وَفُسِخَتْ قَالَ عج، وَهُوَ غَيْرُ مُعَوَّلٍ عَلَيْهِ وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ مَا فِي الشَّامِلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ يُونُسَ وَالتُّونُسِيِّ وَأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ فَتَحَصَّلَ أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ الْقَوْلُ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ مُطْلَقًا وَطَرِيقَةَ غَيْرِهِمَا التَّفْصِيلُ وَعَلَيْهَا الشَّامِلُ اهـ.

بْن (قَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَغْلِبْ الْفَسَادُ) أَيْ بِخِلَافِ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي صِحَّتِهِ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَا ذَكَرَهُ تت هُنَا عَنْ ابْنِ نَاجِيٍّ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَدَّهُ عج بِأَنَّ ابْنَ نَاجِيٍّ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي الْقِرَاضِ لَا فِي الْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَكُونَ عُرْفَهُمْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْفَسَادُ عُرْفَهُمْ (قَوْلُهُ فَيُصَدَّقُ مُدَّعِيه بِيَمِينِهِ) أَيْ وَيُفْسَخُ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ عَمَّا شُرِطَ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ) أَيْ كَالْحَرْثِ أَوْ السَّقْيِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَحَرَثَ أَوْ سَقَى مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ فَيُنْظَرُ قِيمَةُ مَا عَمِلَ إلَخْ) كَأَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَوْ حَرَثَ مَثَلًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيُقَالُ وَمَا أُجْرَتُهُ لَوْ حَرَثَ مَرَّةً فَإِذَا قِيلَ خَمْسٌ حُطَّ مِنْ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَرَةِ ثُلُثُهَا؛ لِأَنَّ قِيمَةَ مَا تَرَكَ خَمْسَةٌ وَنِسْبَتَهَا لِلْخَمْسَةِ عَشَرَ ثُلُثُهَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: بِلَا خِلَافٍ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ عَلَى سِقَايَةِ حَائِطِهِ زَمَنَ السَّقْيِ، وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَهُمْ وَجَاءَ مَاءُ السَّمَاءِ فَأَقَامَ بِهِ حِينًا فَإِنَّهُ يُحَطُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ إقَامَةِ الْمَاءِ فِيهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِجَارَةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَالْمُسَاقَاةَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُسَامَحَةِ؛ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ وَالرُّخْصَةُ تَسْهِيلٌ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا وَمَا يَتْبَعُهَا وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ آمِينَ.

ص: 550