المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(فصل) في أحكام الخيار - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌(فصل) في أحكام الخيار

(وَأَشْتَرِيهَا) مِنْك (بِعَشَرَةٍ نَقْدًا) فَمَمْنُوعٌ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُسْلِفُهُ عَشَرَةً عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ (فَتَلْزَمُ) الْآمِرَ (بِالْمُسَمَّى) الْحَلَالِ، وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ لِأَجَلِهَا (وَلَا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ) لِلْمَأْمُورِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ (وَإِنْ عُجِّلَتْ أُخِذَتْ) أَيْ رُدَّتْ لِلْآمِرِ، وَلَوْ غَابَ عَلَيْهَا الْمَأْمُورُ وَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ (وَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ) زَادَ عَلَى الدِّرْهَمَيْنِ، أَوْ نَقَصَ (وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي) فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَهَذَا ثَانِي الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ تَمَامُ السِّتَّةِ الْأَقْسَامِ الْمَمْنُوعَةِ (فَهَلْ لَا يُرَدُّ الْبَيْعُ) الثَّانِي بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا (إذَا فَاتَ) بَلْ يَمْضِي بِالْعَشَرَةِ نَقْدًا وَعَلَى الْمَأْمُورِ الِاثْنَا عَشَرَ لِلْأَجَلِ يُؤَدِّيهَا لِبَائِعِهِ عِنْدَهُ (وَلَيْسَ عَلَى الْآمِرِ إلَّا الْعَشَرَةَ) الَّتِي أَمَرَ بِهَا (أَوْ يَفْسَخُ) الْبَيْعَ (الثَّانِي مُطْلَقًا) فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ لَكِنْ تُرَدُّ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ يَوْمَ قَبْضِهَا وَحِينَئِذٍ فَالْقَوْلَانِ مُتَّفِقَانِ عَلَى الرَّدِّ إنْ لَمْ تَفُتْ، وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا إنْ فَاتَتْ فَأَحَدُهُمَا الْإِمْضَاءُ بِالثَّمَنِ، وَالثَّانِي لُزُومُ الْقِيمَةِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) أَيْ الْبَيْعُ (فَالْقِيمَةُ) أَنَّهُ لَا فَسْخَ مَعَ الْفَوَاتِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ إمَّا إيضَاحٌ يُغْنِي عَنْهُ الْإِطْلَاقُ، أَوْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا إلَّا إلَخْ (قَوْلَانِ) . .

[دَرْسٌ]

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

، وَهُوَ قِسْمَانِ خِيَارُ تَرَوٍّ أَيْ تَأَمُّلٍ وَنَظَرٍ لَلْبَائِعَيْنِ، أَوْ لِغَيْرِهِمَا وَخِيَارُ نَقِيصَةٍ، وَهُوَ مَا كَانَ مُوجِبُهُ نَقْصًا فِي الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَيُسَمَّى الْحُكْمِيَّ؛ لِأَنَّهُ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) أَيْ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِالشَّرْطِ أَيْ لَا بِالْمَجْلِسِ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَعْمُولًا بِهِ عِنْدَنَا؛ لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ عَلَى خِلَافِهِ، وَإِنْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ وَلَمَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ تَخْتَلِفُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ بَيْنَهَا بِقَوْلِهِ وَمُدَّتُهُ (كَشَهْرٍ) أَيْ شَهْرٍ وَسِتَّةِ أَيَّامٍ (فِي دَارٍ) وَمِثْلِهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَسَخَ فَظَاهِرٌ عَدَمُ الْجَوَازِ، وَإِنْ أَمْضَى فَقَدْ أَخَذَهُ.

(قَوْلُهُ وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمُسَيِّبِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ زَرْقُونٍ وَلِاخْتِيَارِ ابْنِ زَرْقُونٍ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَصَحِّ وَبِهَذَا يَسْقُطُ تَعَقُّبُ الْمَوَّاقِ عَلَى الْمُؤَلِّفِ بِقَوْلِهِ لَعَلَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَالْأَصَحُّ أَقْحَمَهَا النَّاسِخُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اعْتِمَادَ الْمَوَّاقِ عَلَى ابْنِ عَرَفَةَ، وَهُوَ لَمْ يَذْكُرْ كَلَامَ ابْنِ زَرْقُونٍ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ الثَّانِيَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا قَوْلَيْنِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ لَهُ أَجْرَ مِثْلِهِ بِخِلَافِ الْأُولَى فَفِيهَا قَوْلَانِ لَهُ الْأَقَلُّ، أَوْ أَجْرُ مِثْلِهِ وَلَيْسَ فِيهَا الثَّالِثُ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِيهِمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ جَارِيَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ كَذَا اعْتَرَضَهُ الْمَوَّاقُ وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَيْضًا وَنَقَلَ ح كَلَامَهُ فَانْظُرْهُ. .

(قَوْلُهُ يَجُوزُ) ظَاهِرُهُ الْجَوَازُ، وَلَوْ كَانَ نَقَدَ الْآمِرُ بِشَرْطٍ اشْتَرَطَهُ الْمَأْمُورُ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا إلَخْ) هَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ وَفِي التَّوْضِيحِ لَمَّا ذَكَرَ الْمَسْأَلَةَ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَاخْتَلَفَ فِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ فَمَرَّةً أَجَازَ إذَا كَانَتْ الْبَيْعَتَانِ نَقْدًا وَانْتَقَدَ الْآمِرُ وَمَرَّةً كَرِهَهُ لِلْمُرَاوَضَةِ الَّتِي وَقَعَتْ بَيْنَهُمَا فِي السِّلْعَةِ قَبْلَ أَنْ تَصِيرَ فِي مِلْكِ الْمَأْمُورِ اهـ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنْ مَحَلَّ الْقَوْلَيْنِ إذَا نَقَدَ الْآمِرُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْآمِرُ يُسْلِفُهُ إلَخْ هَذَا التَّعْلِيلُ أَصْلُهُ لتت وَالشَّيْخِ سَالِمٍ وَكَأَنَّهُمَا رَأَيَا أَنَّ لِآمِرٍ سَلَفَ عَشْرَةٍ لِلْمَأْمُورِ؛ لِيَدْفَعَ لَهُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ اثْنَا عَشَرَ، وَهُوَ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ لَمْ يَكُنْ لِلزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ بَلْ لِأَجْلِ تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ فَالْأَحْسَنُ عِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْبَيَانِ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَ الْمَأْمُورَ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ لَهُ السِّلْعَةَ بِسَلَفِ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ يَدْفَعُهَا إلَيْهِ يَنْتَفِعُ بِهَا إلَى الْأَجَلِ، ثُمَّ يَرُدَّهَا إلَيْهِ وَالْآمِرُ يَدْفَعُ الِاثْنَيْ عَشَرَ عِنْدَ الْأَجَلِ لِلْبَائِعِ الْأَصْلِيِّ، وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَهَلْ لَا يُرَدُّ) أَيْ فَهَلَّا يُرَدُّ الْبَيْعُ الثَّانِي إذَا فَاتَ السِّلْعَةُ وَتَلْزَمُ الْقِيمَةُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً رُدَّتْ بِذَاتِهَا وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ أَيْ وَتُرَدُّ بِعَيْنِهَا إلَخْ) أَيْ وَهَذَا الثَّانِي أَحْسَنُ. .

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ]

(فَصْلٌ إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ)(قَوْلُهُ عِنْدَنَا) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَإِنَّهُ مَعْمُولٌ بِهِ عِنْدَهُمْ وَوَافَقَهُمْ ابْنُ حَبِيبٍ مِنْ أَئِمَّتِنَا وَالسُّيُورِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدِ الصَّائِغُ وَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِهِ فَاشْتِرَاطُهُ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُدَّةِ الْمَجْهُولَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَرَدَ بِهِ الْحَدِيثُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» وَهَذَا الْحَدِيثُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا لَكِنَّ صِحَّتَهُ لَا تُنَافِي أَنَّهُ خَبَرُ آحَادٍ وَعَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عِنْدَ مَالِكٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَمَلَ أَهْلِ الْمَدِينَةِ كَالْمُتَوَاتِرِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْإِجْمَاعِيَّاتِ، وَالْمُتَوَاتِرُ يُفِيدُ الْقَطْعَ بِخِلَافِ خَبَرِ الْآحَادِ فَإِنَّمَا يُفِيدُ الظَّنَّ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ الْحَدِيثَ مَنْسُوخٌ وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ حَمَلَ التَّفَرُّقَ فِي الْحَدِيثِ عَلَى تَفَرُّقِ الْأَقْوَالِ لَا عَلَى تَفَرُّقِ الْأَبَدَانِ كَمَا حَمَلَ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ خِيَارُ تَرَوٍّ) أَيْ وَيُقَالُ لَهُ: خِيَارٌ شَرْطِيٍّ، وَهُوَ الَّذِي يَنْصَرِفُ لَهُ لَفْظُ الْخِيَارِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ تَخْتَلِفُ إلَخْ) أَيْ لَمَا كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ تَخْتَلِفُ عِنْدَنَا إلَخْ أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ الْقَائِلَيْنِ بِأَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي كُلِّ شَيْءٍ (قَوْلُهُ كَشَهْرِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ فِي دَارٍ فَإِنَّ مُدَّتَهُ لَا تَكُونُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ وَسِتَّةِ أَيَّامٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ شَهْرٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ مُدَّتِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَشَهْرٍ مِثَالٌ لِمُقَدَّرٍ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ

ص: 91

بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ (وَلَا يَسْكُنُ) أَيْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَسْكُنَ بِأَهْلِهِ كَثِيرًا فِي مُدَّتِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ أَمْ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ هَذَا إذَا كَانَ بِلَا أَجْرٍ، وَإِلَّا جَازَ فِي الْأَرْبَعَةِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، فَإِنْ سَكَنَ يَسِيرًا لِغَيْرِ اخْتِبَارِهَا جَازَ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا فِيهِمَا وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ فِي صُورَةِ الشَّرْطِ وَلِاخْتِبَارِهَا جَازَ فِي الْأَرْبَعِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا فَالْمَمْنُوعُ سِتٌّ، الْفَاسِدُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ (وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ) وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْجُمْلَةُ عَشْرَةٌ (وَاسْتَخْدَمَهُ) أَيْ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ اخْتِبَارُ حَالِهِ فَقَطْ إنْ كَانَ مِنْ رَقِيقِ الْخِدْمَةِ، وَأَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً لَا ثَمَنَ لَهَا، فَإِنْ كَانَ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ، أَوْ كَثِيرَةً لَمْ تُجْزِ فَيَرْجِعُ الِاسْتِخْدَامُ لِسُكْنَى الدَّارِ، وَكَذَا لُبْسُ الثَّوْبِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ، وَاسْتِعْمَالُهَا تَجْرِي فِيهِ السِّتَّ عَشْرَةَ صُورَةً الْمُتَقَدِّمَةَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَسْكُنُ وَقَوْله وَاسْتَخْدَمَهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ. .

(وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ) لَيْسَ شَأْنَهَا الرُّكُوبُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَدْخُولِ الْحَصْرِ، وَهُوَ أَحْسَنُ وَيَكُونُ رَادًّا بِالْأَوَّلِ عَلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَبِالثَّانِي عَلَى الشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ بَقِيَّةُ أَنْوَاعِ الْعَقَارِ) أَيْ كَأَرْضٍ وَضَيْعَةٍ وَحَانُوتٍ وَخَانٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الْعَقَارِ شَهْرٌ، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ، أَوْ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: إنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي فِي الرَّقِيقِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ) أَيْ الْإِسْكَانُ وَلَيْسَ الضَّمِيرُ لِلْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَيَفْسُدُ الْبَيْعُ بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ كَانَ لِلِاخْتِبَارِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعَةِ) أَيْ كَانَ بِشَرْطٍ أَمْ لَا لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَكُنْ بِأُجْرَةٍ فَلَا يَجُوزُ فِيهِمَا أَيْ كَانَ الْإِسْكَانُ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فِي الْأَرْبَعِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَ بِأُجْرَةٍ، أَوْ كَانَ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَهَذِهِ) ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا أَيْ فَيَكُونُ صُوَرُ سُكْنَى الْمُشْتَرِي فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً، وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَسْكُنَ كَثِيرًا، أَوْ يَسِيرًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ السُّكْنَى بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ السُّكْنَى بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً عُلِمَ حُكْمُهَا مِنْ الشَّارِحِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إنْ سَكَنَ بِأَجْرٍ جَازَ مُطْلَقًا فِي صُوَرِهَا الثَّمَانِي كَانَتْ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَانَتْ كَثِيرَةً، أَوْ يَسِيرَةً لِلِاخْتِبَارِ، أَوْ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ سَكَنَ بِغَيْرِ أَجْرٍ مُنِعَ فِي الْكَثِيرِ فِي صُوَرِهِ الْأَرْبَعِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ لِلِاخْتِبَارِ وَغَيْرِهِ وَمُنِعَ فِي الْيَسِيرِ فِي صُورَتَيْ غَيْرِ الِاخْتِبَارِ أَيْ مَا إذَا سَكَنَ لِغَيْرِ الِاخْتِبَارِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ وَجَازَ فِي صُورَتَيْ الِاخْتِبَارِ.

(قَوْلُهُ فَالْمَمْنُوعُ سِتٌّ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْإِسْكَانُ كَثِيرًا بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا وَكَانَ ذَلِكَ بِلَا أُجْرَةٍ، وَكَذَا إنْ كَانَ يَسِيرًا لِغَيْرِ اخْتِبَارٍ كَانَ بِشَرْطٍ، أَوْ بِغَيْرِهِ، وَهُوَ بِلَا أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ الْفَاسِدُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْإِسْكَانُ كَثِيرًا بِشَرْطٍ مِنْ غَيْرِ أُجْرَةٍ سَوَاءٌ كَانَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا أَمْ لَا، أَوْ كَانَ يَسِيرًا بِلَا أَجْرٍ لِغَيْرِ اخْتِبَارٍ (قَوْلُهُ وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ) فَلَوْ بِيعَتْ دَارٌ بِهِ أَيْ بِالرَّقِيقِ وُكِّلَ بِالْخِيَارِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِيَارَ إنْ قُصِدَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْأَبْعَدِ مِنْهُمَا، وَإِنْ قُصِدَ بِهِ أَحَدُهُمَا اُعْتُبِرَ أَمَدُ الْمَقْصُودِ مِنْهُمَا بِالْخِيَارِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ جَازَ اسْتِخْدَامُهُ) أَيْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ أَيْ جَازَ اسْتِخْدَامُ الْمُشْتَرِي لَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ كَثِيرَةٌ) أَيْ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ الِاسْتِخْدَامُ لِسُكْنَى الدَّارِ) أَيْ فِي جَرَيَانِ السِّتَّ عَشْرَةَ صُورَةً فِيهِ وَحَاصِلُهَا أَنَّ الِاسْتِخْدَامَ إمَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا بِشَرْطٍ أَمْ لَا وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ أَمْ لَا، وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّمَانِيَةِ إمَّا بِأُجْرَةٍ أَمْ لَا فَهَذِهِ سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً وَحَاصِلُ حُكْمِهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ جَازَ فِي ثَمَانِيَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ، فَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لِاخْتِبَارِ حَالِهِ جَازَ بِشَرْطٍ وَبِدُونِهِ، وَإِلَّا مُنِعَ فَالْمَمْنُوعُ سِتٌّ وَالْفَاسِدُ مِنْهَا ثَلَاثٌ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَسْكُنُ مَجَّانًا، وَإِلَّا جَازَ كَاخْتِبَارِهَا فِي الْيَسِيرِ وَالِاسْتِخْدَامِ فِي الرَّقِيقِ كَذَلِكَ لَكَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) أَيْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وَظَاهِرُهُ أَنَّ السُّكْنَى مَمْنُوعَةٌ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا وَالِاسْتِخْدَامُ جَائِزٌ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا هَذَا خِلَافُ الْمُرَادِ. .

(قَوْلُهُ وَكَثَلَاثَةٍ فِي دَابَّةٍ) قَالَ طفى ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي تَوْضِيحِهِ وَمُخْتَصَرِهِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ مُدَّةَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَا يُرَادُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ فَمُدَّةُ الْخِيَارِ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ، فَإِنْ اُشْتُرِطَ الْخِيَارُ فِيهَا لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ كَانَ أَمَدُ الْخِيَارِ فِيهَا يَوْمًا، وَإِنْ كَانَ لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَهَا فَبَرِيدٌ أَوْ بَرِيدَانِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا لِعَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ وَابْنِ شَاسٍ مِنْ أَنَّ الْيَوْمَ لَيْسَ أَمَدًا لِلْخِيَارِ، وَإِنَّمَا هُوَ أَمَدٌ لِلرُّكُوبِ مَعَ بَقَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تُرَادُ لِلرُّكُوبِ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ وَلَوْلَا مَا فِي التَّوْضِيحِ لَأَمْكَنَ حَمْلُ قَوْلِهِ كَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا عَلَيْهِ أَيْ كَيَوْمٍ لِاشْتِرَاطِ رُكُوبِهَا لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِهِ دَاخِلَ الْبَلَدِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اهـ. وَعَلَى هَذَا حَمَلَ ابْنُ غَازِيٍّ وَاسْتَدَلَّ لَهُ بِكَلَامِ عَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّابَّةِ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ سَوَاءٌ اُشْتُرِطَ اخْتِبَارُ حَالِهَا بِغَيْرِ الرُّكُوبِ، أَوْ بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ، أَوْ خَارِجِهَا إلَّا أَنَّهُ إذَا شُرِطَ اخْتِبَارُهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ

ص: 92

أَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ اخْتِبَارَهَا لَهُ بَلْ لِقُوَّتِهَا وَأَكْلِهَا وَغَلَائِهَا وَرُخْصِهَا مَثَلًا، فَإِنْ اشْتَرَطَ الرُّكُوبَ فِي الْبَلَدِ فَيَوْمٌ وَنَحْوُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَكَيَوْمٍ لِرُكُوبِهَا) أَيْ لِشَرْطِهِ فَقَطْ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ وَغَيْرَهُ فَثَلَاثَةٌ وَلَيْسَ قَصْدُهُ بِدُونِ شَرْطٍ كَشَرْطِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ) سَيْرِ (الْبَرِيدِ) وَنَحْوِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ (أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ وَفِي كَوْنِهِ) أَيْ قَوْلِ أَشْهَبَ (خِلَافًا) لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَالْبَرِيدُ عِنْدَهُ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَالْبَرِيدَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ كَذَلِكَ، أَوْ الْبَرِيدُ ذَهَابًا وَمِثْلُهُ إيَابًا وَالْبَرِيدَانِ كَذَلِكَ، أَوْ وِفَاقًا فَالْبَرِيدُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَهَابًا وَالْبَرِيدَانِ عِنْدَ أَشْهَبَ ذَهَابًا وَإِيَابًا (تَرَدُّدٌ) الْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ. .

(وَكَثَلَاثَةٍ فِي ثَوْبٍ) وَعَرَضٍ وَمِثْلِيٍّ (وَصَحَّ) أَيْ الْخِيَارُ وَجَازَ (بَعْدَ) عَقْدٍ (بُتَّ) أَيْ يَصِحُّ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْخِيَارَ (وَهَلْ) مَحَلُّ الصِّحَّةِ وَالْجَوَازِ (إنْ نَقَدَ) الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَكَانَ الْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَالَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَا يَرْكَبُ إلَّا يَوْمًا وَاحِدًا مَعَ كَوْنِ الْخِيَارِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَإِنْ شَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَهَا فَلَيْسَ لَهُ رُكُوبُهَا إلَّا بَرِيدًا، أَوْ بَرِيدَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ لَيْسَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَدَخَلَ فِيهَا الطَّيْرُ وَالْإِوَزُّ وَالدَّجَاجُ كَذَا قَرَّرَ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ إنْ جَرَى عُرْفٌ فِيهَا بِشَيْءٍ عُمِلَ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا خِيَارَ فِيهَا فِيمَا يَظْهَرُ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُشْتَرَطْ إلَخْ) أَيْ، أَوْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ الْخِيَارُ فِيهَا لِلرُّكُوبِ بَلْ لِقُوَّتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَطَ الرُّكُوبَ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبُ وَاشْتُرِطَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ فَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ كَالْحَمِيرِ وَالْبِغَال بِمِصْرَ، أَوْ فِي خَارِجِهَا كَحَمِيرِ التَّرَّاسِينَ (قَوْلُهُ فَيَوْمُ) أَيْ فَأَمَدُ الْخِيَارِ يَوْمٌ فَقَطْ لَا ثَلَاثَةٌ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَيْ لِشَرْطِهِ) أَيْ لِشَرْطِ اخْتِبَارِهَا بِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ، فَإِنْ اشْتَرَطَهُ وَغَيْرَهُ) أَيْ، فَإِنْ اشْتَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِهِ وَبِغَيْرِهِ كَأَكْلِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ قَصْدُهُ) أَيْ وَلَيْسَ قَصْدُ الْمُشْتَرِي الِاخْتِبَارَ بِالرُّكُوبِ بِدُونِ شَرْطٍ كَشَرْطِ اخْتِبَارِهَا بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ قَصْدَ الرُّكُوبِ لَيْسَ كَاشْتِرَاطِهِ قَوْلَ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَمُقَابِلُهُ إنْ قَصَدَ الرُّكُوبَ كَاشْتِرَاطِهِ قَوْلَ أَبِي عِمْرَانَ وَصَحَّحَهُ عِيَاضٌ فَإِذَا اشْتَرَى دَابَّةً عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَمْ يَشْتَرِطْ رُكُوبَهَا لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَجُوزُ عَلَى الثَّانِي وَنَصُّ عِيَاضٍ ذَهَبَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ إلَى أَنَّهَا لَا تُرْكَبُ أَيَّامَ الْخِيَارِ إلَّا بِشَرْطٍ وَذَهَبَ أَبُو عِمْرَانَ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ رُكُوبَهَا فَلَهُ مِنْ ذَلِكَ مَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ إذَا كَانَ الْعُرْفُ عِنْدَ النَّاسِ الِاخْتِبَارُ بِالرُّكُوبِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَلَيْسَ قَصْدُهُ إلَخْ هَذَا إنَّمَا يُنَاسِبُ طَرِيقَةَ عَبْدِ الْحَقِّ مِنْ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الدَّابَّةِ مُطْلَقًا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا الرُّكُوبَ وَشَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ فِي الْبَلَدِ جَازَ لَهُ رُكُوبُهَا يَوْمًا، فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ ذَلِكَ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ رُكُوبُهَا أَمْ لَا؟ فِيهِ مَا عَلِمْتَهُ مِنْ الْخِلَافِ، وَأَمَّا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ دَابَّةَ الرُّكُوبِ إذَا اشْتَرَطَ فِيهَا الْخِيَارَ لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ دَاخِلَ الْبَلَدِ فَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهَا يَوْمٌ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ الْخِلَافُ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ سَيْرِ الْبَرِيدِ) هُوَ سَفَرُ نِصْفِ يَوْمٍ بِالسَّيْرِ الْمُعْتَادِ أَيْ وَإِذَا شَرَطَ اخْتِبَارَهَا بِالرُّكُوبِ خَارِجَ الْبَلَدِ فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ سَيْرِ الْبَرِيدِ (قَوْلُهُ الْأَوْلَى تَأْوِيلَانِ) ؛ لِأَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ مِنْ شُرَّاحِ الْمُدَوَّنَةِ فِي فَهْمِهَا وَالْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِعِيَاضٍ. .

(قَوْلُهُ وَعَرَضٍ) مِنْ جُمْلَتِهِ الْكُتُبَ وَهَلْ السُّفُنُ كَذَلِكَ، أَوْ كَالدُّورِ قَوْلَانِ، وَأَمَّا الْخُضَرُ وَالْفَوَاكِهُ فَأَمَدُ الْخِيَارِ فِيهَا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ مِمَّا لَا يَتَغَيَّرُ فِيهِ كَذَا فِي المج (قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ ابْتِدَاءً لَا أَنَّهُ يَصِحُّ بَعْدَ الْوُقُوعِ مَعَ مَنْعِهِ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ بَعْدَ بَتٍّ) أَيْ، وَأَمَّا الْجَمْعُ بَيْنَ الْبَتِّ وَالْخِيَارِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ فَهُوَ مَمْنُوعٍ كَمَا نَقَلَهُ بْن عَنْ التَّوْضِيحِ لِخُرُوجِ الرُّخْصَةِ عَنْ مَوْرِدِهَا؛ لِأَنَّ إبَاحَةَ الْخِيَارِ رُخْصَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ مُحْتَوٍ عَلَى غَرَرٍ إذْ لَا يَدْرِي كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَا يَحْصُلُ لَهُ هَلْ الثَّمَنُ، أَوْ الْمُثَمَّنُ لِجَهْلِهِ بِانْبِرَامِ الْعَقْدِ وَمَتَى يَحْصُلُ؟ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ مَمْنُوعًا لَكِنْ رَخَّصَ الشَّارِعُ فِيهِ فَأَبَاحَهُ عِنْدَ انْفِرَادِهِ (قَوْلُهُ أَنْ يَجْعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ، أَوْ كُلٌّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ الْخِيَارَ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا (قَوْلُهُ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ تَقَرَّرَ لَهُ بِالْبَتِّ الْوَاقِعِ أَوَّلًا ثَمَنٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، أَوْجَبَ ذَلِكَ الثَّمَنَ

ص: 93

فَإِنْ كَانَ لِلْمُبْتَاعِ فَالْمَنْعُ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ لِاحْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي، وَالْمَبِيعُ لِلْبَائِعِ، أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا (تَأْوِيلَانِ وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ جَعْلِ الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَتِّ (الْمُشْتَرِي) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لَهُ. .

(وَفَسَدَ) الْخِيَارُ إنْ وَقَعَ (بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ) شَخْصٍ (بَعِيدٍ) ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْخِيَارِ بِأَمَدٍ بَعِيدٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَائِعِ سِلْعَةً فِيهَا الْخِيَارُ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا لَهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ لِتَمَامِ مُدَّةِ الْخِيَارِ فَالْمُرَادُ بِالْقَبْضِ الْقَبْضُ الشَّرْعِيُّ، وَهُوَ دُخُولُهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَالْمَنْعُ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ) أَيْ تَأْخِيرِ رَدِّ السِّلْعَةِ فَكَأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ إنَّمَا رَدَّهَا بَعْدَ يَوْمَيْنِ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ، وَقَدْ تَأَخَّرَ قَبْضُهُ لَهُ بِالنَّظَرِ لِآخِرَةِ الْأَمْرِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي تَقَرَّرَ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِالْبَتِّ فَقَدْ فَسَخَهُ الْبَائِعُ فِي سِلْعَةٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي يَحْتَمِلُ أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَأَنْ يَرُدَّهُ وَعَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ لَهُ يُظَنُّ أَنَّهُ أَخَّرَ رَدَّهَا لِلْبَائِعِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ فَقَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ اللَّازِمِ بِمَعْنَى مَعَ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ عِنْدَ عَدَمِ النَّقْدِ فَسْخُ الْبَائِعِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي وَفِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي إلَّا إنَّهُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَتَأْخِيرُ الْقَبْضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ، وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْفَاسِخُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ هُوَ الْبَائِعُ إذَا عَلِمْت هَذَا فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْقُدْ فَقَدْ فَسَخَ الْبَائِعُ مَا لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فَبِالنَّظَرِ لِمَظِنَّةِ التَّأْخِيرِ مَعَ احْتِمَالِ اخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي رَدَّ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ، أَوْ الصِّحَّةُ وَالْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَقَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ، أَوْ لَمْ يَنْقُدْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جَعْلَ الْخِيَارِ لِأَحَدِهِمَا لَيْسَ عَقْدًا حَقِيقَةً إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ تَطْيِيبُ نَفْسِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْخِيَارُ لَا حَقِيقَةُ الْبَيْعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَحْذُورُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِبَعْضِ شُيُوخِ ابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَمَّا اتَّفَقَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى مَا جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْخِيَارِ عُدَّ بَائِعًا؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ السِّلْعَةَ عَنْ مِلْكِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْبَتِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَرَاضِيَهُمَا عَلَى الْخِيَارِ بَعْدَ الْبَتِّ بَيْعٌ مُؤَتَنَفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا وَمِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ وَالضَّمَانُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ، وَضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ هَذَا إذَا جَعَلَ الْمُشْتَرِي الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ اتِّفَاقًا بَلْ، وَلَوْ جَعَلَ الْبَائِعُ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ لَيْسَ كَالْوَاقِعِ فِيهَا أَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ مِنْ أَنَّ اللَّاحِقَ لِلْعُقُودِ كَالْوَاقِعِ فِيهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ. .

(قَوْلُهُ وَفَسَدَ الْخِيَارُ) أَيْ فَسَدَ الْبَيْعُ الْمُحْتَوِي عَلَى الْخِيَارِ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةٍ إلَخْ وَضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ كَمَا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ الصَّحِيحِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ مِنْ الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ فِي الْعَقَارِ شَهْرٌ وَيَلْحَقُ بِهِ سِتَّةُ أَيَّامٍ فَإِذَا بِعْتُك الدَّارَ عَلَى مُشَاوَرَةِ زَيْدٍ وَكَانَ فِي مَكَان بَعِيدٍ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَمَدِ الْخِيَارِ كَأَرْبَعِينَ يَوْمًا كَانَ الْبَيْعُ بَاطِلًا أَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى

ص: 94

(أَوْ) بِشَرْطِ (مُدَّةٍ زَائِدَةٍ) عَلَى مُدَّتِهِ بِكَثِيرٍ (أَوْ) مُدَّةٍ (مَجْهُولَةٍ) كَإِلَى أَنْ تُمْطِرَ السَّمَاءُ، أَوْ يَقْدَمَ زَيْدٌ وَوَقْتُ قُدُومِهِ لَا يُعْلَمُ وَيَسْتَمِرُّ الْفَسَادُ فِي الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ (أَوْ) بِشَرْطِ (غَيْبَةٍ) مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ زَمَنَ الْخِيَارِ (عَلَى مَا) أَيْ مَبِيعٍ (لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) ، وَلَوْ قَالَ عَلَى مِثْلِيٍّ كَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ؛ لِأَنَّ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مَعَ أَنَّ شَرْطَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ جَائِزٌ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ وَالْفَسَادِ فِي الْمِثْلِيِّ مَا لَمْ يُطْبَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يَكُنْ ثَمَرًا فِي أُصُولِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَفْسُدْ وَلَمْ يُمْنَعْ، وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي ذِكْرِ الْفَاسِدِ بِالشَّرْطِ مَعَ عَدَمِ الطَّبْعِ بِأَنَّ نَصَّ اللَّخْمِيِّ الْمَنْعُ فَقَطْ، وَأَنَّهُ إنْ وَقَعَ مَضَى وَلَمْ يُفْسَخْ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَحْكِ خِلَافَهُ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ فَيُقَدَّرُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ شِرَاءَ الْمِثْلِيِّ وَأَخْفَاهُ فِي نَفْسِهِ وَحِينَ شَرَطَ الْبَائِعُ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ أَسْلَفَهُ لَهُ فَيَكُونُ بَيْعًا إنْ لَمْ يَرُدَّهُ وَسَلَفًا إنْ رَدَّهُ (أَوْ) بِشَرْطِ (لُبْسِ ثَوْبٍ) زَمَنَ الْخِيَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِقِيَاسِهِ عَلَيْهِ (وَ) إذَا فَسَخَ (رَدَّ أُجْرَتَهُ) ؛ لِأَنَّ اللُّبْسَ الْكَثِيرَ الْمُنْقِصَ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ. .

(وَيَلْزَمُ) الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا كَانَ صَاحِبُ الْخِيَارِ، أَوْ غَيْرُهُ (بِانْقِضَائِهِ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَمَا فِي حُكْمِهِ، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ الْبَائِعِ لَزِمَهُ الرَّدُّ لِلْبَيْعِ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَأَنَّهُ كَانَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي لَزِمَهُ الْإِمْضَاءُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ (وَرَدُّ) الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ أَيْ وَجَازَ لِمَنْ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى الْآخَرِ (فِي كَالْغَدِ) الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَسَافَةِ ثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمًا فَلَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَيْنِ يَلْحَقَانِ بِأَمَدِ الْخِيَارِ، وَكَذَا لَوْ كَانَ عَلَى مَسَافَةِ تِسْعَةٍ وَثَلَاثِينَ؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَمَا فِي خش بِأَمَدٍ فَالْيَوْمُ الْوَاحِدُ لَيْسَ بِأَمَدٍ بَعِيدٍ، وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَعَرَّضُوا لِقَدْرِ الْأَمَدِ الْبَعِيدِ وَلَا الْقَرِيبِ وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَعُ فِيهِمَا لِلْعُرْفِ اهـ. تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ، أَوْ بِشَرْطِ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مُدَّتِهِ بِكَثِيرٍ) أَيْ وَأَمَّا الزِّيَادَةُ بِيَوْمٍ، أَوْ بَعْضِ يَوْمٍ لَمْ يَضُرَّ اشْتِرَاطُهَا لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرَدَّ فِي كَالْغَدِ (قَوْلُهُ، أَوْ مَجْهُولَةٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَكْرَارًا؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ مُشَاوَرَتُهُ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ لَكِنْ بِمُدَّةٍ تَزِيدُ عَلَى أَمَدِ الْخِيَارِ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ رَاجِعٌ لِشَرْطِ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ، أَوْ لَا يَعْلَمُ وَقْتَ الِاجْتِمَاعِ بِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِمُدَّةٍ مَجْهُولَةٍ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مُشَاوَرَةَ الْبَعِيدِ يُلَاحَظُ فِيهَا الْبُعْدُ وَلَا يُلَاحِظُ فِيهَا الزَّمَانُ، وَالْمُدَّةُ الزَّائِدَةُ يُلَاحَظُ فِيهَا الزَّمَانُ لَا الْبُعْدُ وَالْمُدَّةُ الْمَجْهُولَةُ يُلَاحَظُ فِيهَا الْجَهَالَةُ لَا الزَّمَنُ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ، أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ بِخِيَارٍ كَالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ وَشَرَطَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي الْغَيْبَةَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ فَسَادَ الْبَيْعِ لِتَرَدُّدِ الْمَبِيعِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ بِتَقْدِيرِ الْإِمْضَاءِ مَبِيعٌ وَبِتَقْدِيرِ الرَّدِّ سَلَفٌ لِإِمْكَانِ الِانْتِفَاعِ بِهِ، وَمَفْهُومُ شَرْطِ أَنَّ الْغَيْبَةَ إذَا كَانَتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ كَمَا لَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِإِعْطَاءِ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَكَانَتْ مِثْلِيَّةً فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ وَمَفْهُومُ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَوَازُ اشْتِرَاطِ الْغَيْبَةِ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَإِذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي تَسْلِيمِ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ الْمَبِيعُ بِالْخِيَارِ قُضِيَ لِلْمُشْتَرِي بِتَسْلِيمِهِ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِاخْتِبَارِ حَالِ الْمَبِيعِ، وَإِنْ كَانَ لِلتَّرَوِّي فِي ثَمَنِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِحَالِهِ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِأَخْذِهِ.

فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ وَلَمْ يُعَيَّنْ وُقُوعُهُ لِمَاذَا؛ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِطْلَاقِ لَفْظًا وَقَصْدًا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ لِلتَّرَوِّي فِي الثَّمَنِ وَلَا يَلْزَمُ تَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى وُقُوعِهِ مُطْلَقًا فِي اللَّفْظِ وَادَّعَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَصْدًا يُنَاقِضُ قَصْدَ الْآخَرِ فَسْخَ الْبَيْعِ قَالَهُ ح (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْعُرُوضِ الْمُقَوَّمَةِ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا كَالطَّوَاقِيِ وَالشِّيلَانِ وَالْبَوَابِيجِ وَالْأَوَانِي الصِّينِيِّ (قَوْلُهُ وَأَخْفَاهُ) أَيْ أَخْفَى ذَلِكَ الِالْتِزَامَ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ بِأَنْ رَدَّ الْبَيْعَ، وَضَمِيرُ يَرُدَّهُ لِلْمِثْلِيِّ وَقَوْلُهُ إنْ رَدَّهُ أَيْ لِنَفْسِهِ بِأَنْ أَمْضَى الْبَيْعَ (قَوْلُهُ، أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ) يَعْنِي أَنَّهُ يَفْسُدُ الْبَيْعُ الْوَاقِعُ عَلَى خِيَارٍ بِشَرْطِ لُبْسِ الثَّوْبِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ اللُّبْسُ مُنْقِصًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَسِيرًا بِأَنْ شَرَطَ لُبْسَهُ لِقِيَاسِهِ فَلَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ) أَيْ زَمَنَ الْخِيَارِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُجْرَةَ وَالْغَلَّةَ لِلْبَائِعِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ زَمَنُهُ سَوَاءٌ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الصَّحِيحِ لِلْمُشْتَرِي وَأَمْضَى الْبَيْعَ لِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ زَمَنُهُ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ مَحْمُولٌ كَمَا تَقَدَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا فَبَيْعُ الْبَتِّ الْفَاسِدِ يَنْتَقِلُ فِيهِ الضَّمَانُ بِالْقَبْضِ فَيَفُوزُ الْمُشْتَرِي بِالْغَلَّةِ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخِيَارِ فَالْمِلْكُ فِيهِ لِلْبَائِعِ وَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ فِيهِ بِالْقَبْضِ كَانَ صَحِيحًا، أَوْ فَاسِدًا فَلِذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ وَالْغَلَّةُ فِيهِ لِلْبَائِعِ. .

(قَوْلُهُ وَمَا فِي حُكْمِهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ قَوْلِهِ وَلَزِمَ بِانْقِضَائِهِ وَبَيْنَ قَوْلِهِ وَرَدَّ فِي كَالْغَدِ (قَوْلُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ) أَيْ وَبَعْدَ انْقِضَاءِ مَا أُلْحِقَ بِهِ كَالْغَدِ، وَهُوَ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ أَيْ بَعْدَ شَهْرٍ فِي دَارٍ وَبَعْدَ كَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ وَبَعْدَ كَثَلَاثٍ فِي دَابَّةٍ وَبَعْدَ كَيَوْمٍ فِي ثَوْبٍ أَيْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّارَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمَيْنِ وَاقِعَيْنِ بَعْدَ الشَّهْرِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ سِتَّةُ أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الرَّقِيقَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمَيْنِ وَاقِعَيْنِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةُ

ص: 95

وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ النَّصُّ عَلَى مُدَّتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَإِنْ وَقَعَ بِخِيَارٍ وَلَمْ يَنُصَّ عَلَى مُدَّتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَزِمَ بِانْقِضَائِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ كَالْغَدِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا إذَا نَصَّ عَلَى مُدَّةٍ أَقَلَّ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّارِ. .

(وَ) فَسَدَ بَيْعُ الْخِيَارِ (بِشَرْطِ نَقْدٍ) لِلثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ بِالْفِعْلِ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ حُصُولُ النَّقْدِ بِالْفِعْلِ عِنْدَ شَرْطِهِ أَنَاطُوا الْحُكْمَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ إذْ النَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ وَلَمَّا شَارَكَ هَذَا الْفَرْعَ فِي الْفَسَادِ بِشَرْطِ النَّقْدِ فُرُوعٌ سَبْعَةٌ شَبَّهَهَا بِهِ فَقَالَ (كَغَائِبٍ) مِنْ غَيْرِ الْعَقَارِ بِيعَ بِالصِّفَةِ عَلَى الْبَتِّ وَبَعُدَتْ غَيْبَتُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَمَعَ الشَّرْطِ فِي الْعَقَارِ وَفِي غَيْرِهِ إنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (وَعُهْدَةُ ثَلَاثٍ) فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ (وَمُوَاضَعَةٌ) بِيعَتْ عَلَى الْبَتِّ بِخِلَافِ الْمُسْتَبْرَأَةِ لِنُدُورِ الْحَمْلِ فِيهَا. .

(وَأَرْضٌ) لِزِرَاعَةٍ (لَمْ يُؤْمَنْ رِيُّهَا) فَإِنْ شَرْطَ نَقْدِ الْكِرَاءِ يُفْسِدُ إجَارَتَهَا (وَجَعَلَ) عَلَى تَحْصِيلِ آبِقٍ مَثَلًا (وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَرَاءٌ فَزَايٌ أَيْ حِفْظِ وَحِرَاسَةِ (زَرْعٍ) فَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الزَّرْعِ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ فَيَكُونُ الْمَنْقُودُ سَلَفًا، أَوْ سَلَامَتُهُ فَيَكُونُ ثَمَنًا (وَأَجِيرٌ) مُعَيَّنٌ (تَأَخَّرَ) شُرُوعُهُ (شَهْرًا) وَمُرَادُهُ أَنَّ مَنْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيَّامٍ كَمَا مَرَّ، فَالْجُمْلَةُ اثْنَا عَشَرَ يَوْمًا وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الدَّابَّةَ بَعْدَ مُضِيِّ يَوْمَيْنِ وَاقِعَيْنِ بَعْدَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا، وَهُوَ يَوْمٌ فَالْجُمْلَةُ سِتَّةُ أَيَّامٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الثَّوْبِ فَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالْغَدِ أَدْخَلَتْ الْيَوْمَ وَالْكَافُ فِي كَشَهْرٍ أَدْخَلَتْ السِّتَّةَ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّارِ وَالثَّلَاثَةَ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّقِيقِ وَالْيَوْمَ بِالنِّسْبَةِ لِلدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ

(قَوْلُهُ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا) أَيْ كَالدَّابَّةِ تُشْتَرَى بِالْخِيَارِ لِأَجْلِ اخْتِبَارِهَا بِالرُّكُوبِ دَاخِلَ الْبَلَدِ عَلَى مَا مَرَّ لِلْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ فِي كَالْغَدِ، وَلَوْ كَانَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ يَوْمًا لَا إنْ كَانَتْ أَقَلَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ (قَوْلُهُ وَهَذَا حَيْثُ وَقَعَ النَّصُّ عَلَى الْمُدَّةِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ عج وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ الْإِطْلَاقُ وَعَزَا شب ذَلِكَ التَّقْيِيدَ لِأَبِي الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن. .

(قَوْلُهُ وَبِشَرْطِ نَقْدٍ) أَيْ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَيْسَ كَشَرْطِ السَّلَفِ الْمُصَاحِبِ لِلْبَيْعِ وَقَوْلُهُ وَبِشَرْطِ نَقْدٍ إلَخْ، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَلَا يَضُرُّ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ كَمَا لَوْ أَسْلَفَهُ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْعَقَارِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا مُطْلَقًا وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَالثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ فَلَا يَفْسُدُ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ كَمَا مَرَّ فِي بَابِهِ (قَوْلُهُ وَمَعَ الشَّرْطِ) أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ مَعَ الشَّرْطِ وَقَوْلُهُ إنْ قَرُبَ رَاجِعٌ لِغَيْرِ الْعَقَارِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَيَجُوزُ فِيهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ ثَلَاثٍ) أَيْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ يُرَدُّ فِيهَا الْعَبْدُ الْمَبِيعُ بِكُلِّ حَادِثٍ مِنْ الْعُيُوبِ، وَأَمَّا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فَلَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ لِقِلَّةِ الضَّمَانِ فِيهَا لِنُدْرَةِ أَمْرَاضِهَا فَاحْتِمَالُ الثَّمَنِ فِيهَا لِلسَّلَفِ ضَعِيفٌ بِخِلَافِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ فَهُوَ قَوِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يُرَدُّ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ (قَوْلُهُ وَمُوَاضَعَةٌ) أَيْ وَأَمَةٍ بِيعَتْ عَلَى الْبَتِّ بِشَرْطِ الْمُوَاضَعَةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَظْهَرَ حَامِلًا فَيَكُونَ سَلَفًا، أَوْ تَحِيضَ فَيَكُونَ ثَمَنًا لَا إنْ اشْتَرَطَ عَدَمَ الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمُهَا كَمَا فِي بِيَاعَاتِ مِصْرَ فَلَا يَضُرُّ شَرْطُ النَّقْدِ لَكِنْ لَا يُقَرَّانِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ تُنْزَعُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَتُجْعَلُ تَحْتَ يَدٍ أَمِينَةٍ، وَمَفْهُومُ بِيعَتْ عَلَى الْبَتِّ أَنَّهُ لَوْ بِيعَتْ عَلَى الْخِيَارِ امْتَنَعَ النَّقْدُ فِيهَا مُطْلَقًا، وَلَوْ تَطَوُّعًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمُسْتَبْرَأَةِ) أَيْ، وَهِيَ الْأَمَةُ الْوَخْشُ الَّتِي لَمْ يُقِرَّ الْبَائِعُ بِوَطْئِهَا إذَا اشْتَرَاهَا إنْسَانٌ بِقَصْدِ الْوَطْءِ فَإِنَّهُ يَجِبُ اسْتِبْرَاؤُهَا وَاشْتِرَاطُ النَّقْدِ لَا يُفْسِدُ بَيْعَهَا. .

(قَوْلُهُ وَأَرْضٌ لِزِرَاعَةٍ) أَيْ أَجَّرَهَا رَبُّهَا عَلَى الْبَتِّ وَقَوْلُهُ لَمْ يُؤْمَنْ رَيُّهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ أَرَاضِي النِّيلِ الْعَالِيَةِ، أَوْ مِنْ الْأَرَاضِي الَّتِي تُرْوَى بِالْمَطَرِ وَقَوْلُهُ، فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ يُفْسِدُهَا أَيْ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ رُوِيَتْ وَالسَّلَفِيَّةِ إنْ لَمْ تُرْوَ، فَإِنْ أُمِنَ رَيُّهَا كَأَرْضِ النِّيلِ الْمُنْخَفِضَةِ جَازَ النَّقْدُ فِيهَا، وَلَوْ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ شَرْطَ نَقْدِ الْكِرَاءِ يُفْسِدُ إجَارَتَهَا) أَيْ، وَأَمَّا النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَهُوَ جَائِزٌ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَتِّ، وَأَمَّا عَلَى الْخِيَارِ فَالنَّقْدُ فِيهَا مَمْنُوعٌ، وَلَوْ تَطَوُّعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كِرَاءَ الْأَرْضِ إنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ مُنِعَ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا تَطَوُّعًا وَبِشَرْطٍ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً، أَوْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْبَتِّ جَازَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَبِشَرْطٍ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَأْمُونَةً، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْمُونَةٍ جَازَ النَّقْدُ إنْ كَانَ تَطَوُّعًا وَمُنِعَ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ وَسَيَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ إنَّ مَأْمُونَةَ الرَّيِّ بِالنِّيلِ إذَا رُوِيَتْ بِالْفِعْلِ يَجِبُ النَّقْدُ فِيهَا، وَحِينَئِذٍ فَالنَّقْدُ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: جَائِزٌ وَمُمْتَنِعٌ وَوَاجِبٌ.

(قَوْلُهُ وَجَعَلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ جَاعَلَ شَخْصًا عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ مَثَلًا وَاشْتَرَطَ الْمَجْعُولُ لَهُ انْتِقَادَ الْجُعَلِ فِي الْعَقْدِ فَإِنَّهُ يَكُونُ فَاسِدًا لَا إنْ كَانَ النَّقْدُ تَطَوُّعًا فَلَا يَضُرُّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ بْن وَأَيَّدَهُ بِالنُّقُولِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ النَّقْدَ يَمْتَنِعُ فِي الْجُعْلِ مُطْلَقًا، وَلَوْ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ وَإِجَارَةٍ لِحِرْزِ زَرْعٍ) أَيْ، أَوْ لِرَعْيِ غَنَمٍ، أَوْ لِخِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَقَوْلُهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ أَيْ لِتَعَذُّرِ

ص: 96

اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا مُعَيَّنًا عَاقِلًا، أَوْ غَيْرَهُ وَكَانَ لَا يَشْرَعُ فِي الْعَمَلِ إلَّا بَعْدَ شَهْرٍ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ فَإِنْ شَرْطَ نَقْدِ الْأُجْرَةِ يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ الْأَجِيرِ الْمُعَيَّنِ فَيَكُونُ سَلَفًا وَسَلَامَتُهُ فَيَكُونُ ثَمَنًا فَالْعِلَّةُ فِي الْكُلِّ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّة وَالثَّمَنِيَّةِ وَتَقْيِيدُ الْأَجِيرِ بِالْمُعَيَّنِ؛ لِأَنَّهُ يَأْتِي أَنَّ الْكِرَاءَ الْمَضْمُونَ يَتَعَيَّنُ فِيهِ تَعْجِيلُ النَّقْدِ، أَوْ الشُّرُوعُ، ثُمَّ ذَكَرَ أَرْبَعَ مَسَائِلَ يَمْتَنِعُ النَّقْدُ فِيهَا مُطْلَقًا بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ وَضَابِطُ ذَلِكَ كُلُّ مَا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ يُمْنَعُ النَّقْدُ فِيهِ إلَّا أَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِكَوْنِ الثَّمَنِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ فَقَالَ (وَمَنْعُ) النَّقْدِ (وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي) بَيْعِ (مُوَاضَعَةٍ) بِخِيَارٍ (وَ) بَيْعِ شَيْءٍ (غَائِبٍ) بِخِيَارٍ (وَ) فِي (كِرَاءٍ ضُمِنَ) بِخِيَارٍ وَلَا مَفْهُومَ لِضُمِنَ فَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً مَثَلًا مُعَيَّنَةً، أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ عَلَى الْخِيَارِ لِيَرْكَبَهَا مَثَلًا فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا مُطْلَقًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْخَلَفِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّقْدَ بِشَرْطٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ لِحِرْزِ الزَّرْعِ مُفْسِدٌ لَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ خَلَفُ الزَّرْعِ إذَا تَلِفَ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ يَجِبُ خَلَفُهُ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ فَيَجُوزُ شَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى عَلَى ضَعِيفٍ لِأَجْلِ جَمْعِ النَّظَائِرِ، نَعَمْ إذَا كَانَ الزَّرْعُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حِرَاسَتِهِ مُعَيَّنًا فَلَا يَجِبُ الْخَلَفُ اتِّفَاقًا وَحِينَئِذٍ فَيَمْتَنِعُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ.

(قَوْلُهُ عَاقِلًا، أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا وَقْتَ صَلَاحِ الْبَحْرِ لِلرُّكُوبِ فَالْكِرَاءُ جَائِزٌ، ثُمَّ إنْ كَانَ وَقْتُ صَلَاحِ الْبَحْرِ لِلرُّكُوبِ قَرِيبًا، مِثْلُ نِصْفِ شَهْرٍ جَازَ شَرْطُ النَّقْدِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ كَعِشْرِينَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ: وَأُجِيزَ تَأَخُّرُ شُرُوعِهِ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ وَيُعْلَمُ الْمَنْعُ عِنْدَ تَأَخُّرِ شُرُوعِهِ شَهْرًا بِالْأَوْلَى، وَأَمَّا عِبَارَتُهُ فَتُوهِمُ عَدَمَ الْمَنْعِ عِنْدَ تَأَخُّرِ شُرُوعِهِ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَالْعِلَّةُ فِي الْكُلِّ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ امْتِنَاعَ اشْتِرَاطِ النَّقْدِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَيْهِ تُعَدُّ سَلَفًا، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَازَ النَّقْدُ مُطْلَقًا، وَلَوْ بِشَرْطٍ لِعَدَمِ وُجُودِ هَذِهِ الْعِلَّةِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّ الْغَيْبَةَ عَلَى مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا (قَوْلُهُ يَتَعَيَّنُ فِيهِ تَعْجِيلُ النَّقْدِ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ الشُّرُوعُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي مَنْعِ النَّقْدِ فِيهَا بِشَرْطٍ وَغَيْرِهِ بَلْ هَذَا الْحُكْمُ ثَابِتٌ لِمَسَائِلَ أُخَرَ غَيْرَهَا وَلِذَا زَادَ بَعْضُهُمْ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ بِخِيَارٍ؛ لِأَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَلَا تَدْخُلُ فِي أَيَّامِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِاشْتِرَاطِهَا فَائِدَةٌ (قَوْلُهُ كُلُّ مَا) أَيْ كُلُّ مَبِيعٍ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ النَّقْدَ فِيهِ) أَيْ تَطَوُّعًا وَبِشَرْطٍ (قَوْلُهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْمِثْلِيُّ مَكِيلًا كَانَ، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا بِأَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ رَأْسَ مَالٍ السَّلَمَ وَأُجْرَةَ الْكِرَاءِ وَثَمَنَ الْأَمَةِ الْمُوَاضَعَةِ، أَوْ الْغَائِبِ فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ نَقْدُهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ بَتًّا، أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ لَا يَتَرَتَّبُ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى يُفْسَخَ فِي غَيْرِهِ، وَالْغَيْبَةُ عَلَيْهِ لَا تُعَدُّ سَلَفًا فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَلَا التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ، وَهُوَ هُنَا الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَصَارَ فِي ذِمَّتِهِ وَقَوْلُهُ فِي مُؤَخَّرٍ أَيْ، وَهُوَ الْمَبِيعُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ.

(قَوْلُهُ فِي مُوَاضَعَةٍ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ابْتَاعَ أَمَةً بِخِيَارٍ، وَهِيَ مِمَّنْ يَتَوَاضَعُ مِثْلُهَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْدُ فِيهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ بَيَانُهُ أَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ، وَكَذَا مَنْ بَاعَ ذَاتًا غَائِبَةً عَلَى الْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا، وَلَوْ تَطَوُّعًا حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ إذَا تَمَّ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْبَائِع فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ وَفَرَضْنَا الْمَسْأَلَةَ فِي وُقُوعِ الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَتًّا كَانَ الْمَمْنُوعُ إنَّمَا هُوَ شَرْطُ النَّقْدِ، وَأَمَّا التَّطَوُّعُ بِالنَّقْدِ فَلَا يَضُرُّ، وَفَرْضُنَا أَنَّ الثَّمَنَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ جَازَ نَقْدُهُ، وَلَوْ بِشَرْطٍ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْبَتِّ، أَوْ عَلَى الْخِيَارِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَنَحْوِهَا (قَوْلُهُ ضَمِنَ بِخِيَارٍ) أَيْ فِي إمْضَائِهِ وَرَدِّهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَدْرَ أَمَدِ الْخِيَارِ فِي الْكِرَاءِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَمَا فِي الدَّابَّةِ الَّتِي تُبَاعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ لِاخْتِبَارِ ثَمَنِهَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ، أَوْ غَيْرُ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي كِرَاؤُهَا يُقَالُ لَهُ مَضْمُونٌ (قَوْلُهُ لِيَرْكَبَهَا) أَيْ بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكِرَاءَ إذَا عَقَدَهُ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ

ص: 97

وَإِنَّمَا مُنِعَ فِي الْكِرَاءِ بِالْخِيَارِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا وَجَازَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْخِيَارِ تَطَوُّعًا؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِي النَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ التَّرَدُّدُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَهَذَا إنَّمَا يُؤَثِّرُ مَعَ الشَّرْطِ، وَأَمَّا فِي الْكِرَاءِ بِالْخِيَارِ فَاللَّازِمُ فِيهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَهَذَا يَتَحَقَّقُ فِي النَّقْدِ، وَلَوْ تَطَوُّعًا (وَ) فِي (سَلَّمَ بِخِيَارٍ) وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرْ إنْ لَمْ يُنْقَدْ فَقَوْلُهُ بِخِيَارٍ رَاجِعٍ لِلْأَرْبَعِ. .

[دَرْسٌ](وَاسْتَبَدَّ) أَيْ اسْتَقَلَّ (بَائِعٌ) بَاعَ (أَوْ مُشْتَرٍ) اشْتَرَى (عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ) أَيْ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ فِي أَخْذِهَا وَرَدِّهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَتَوَقَّفُ أَمْرُهُ عَلَى مَشُورَةِ ذَلِكَ الْغَيْرِ (لَا) إنْ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى (عَلَى خِيَارِهِ) ، أَوْ الْغَيْرِ (وَرِضَاهُ) فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِنَفْسِهِ دُونَ مَنْ شُرِطَ لَهُ الْخِيَارُ، أَوْ الرِّضَا؛ لِأَنَّ مَنْ شَرَطَ الْخِيَارَ، أَوْ الرِّضَا لِلْغَيْرِ مُعْرِضٌ عَنْ نَظَرِ نَفْسِهِ بِالْكُلِّيَّةِ بِخِلَافِ مُشْتَرِطِ الْمَشُورَةِ فَإِنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُقَوِّي نَظَرَهُ (وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ الِاسْتِبْدَادِ (فِي مُشْتَرٍ) اشْتَرَى عَلَى خِيَارِ غَيْرِهِ، أَوْ رِضَاهُ دُونَ الْبَائِعِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ فِيهِمَا كَالْمَشُورَةِ (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى نَفْيِهِ) فِيهِمَا (فِي الْخِيَارِ) دُونَ الرِّضَا فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الِاسْتِبْدَادُ كَالْمَشُورَةِ (وَ) تُؤُوِّلَتْ أَيْضًا (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمَجْعُولَ لَهُ الْخِيَارُ وَالرِّضَا (كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَا فَمَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِإِمْضَاءٍ، أَوْ رَدٍّ اُعْتُبِرَ فِعْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ ضَعِيفَةٌ، ثُمَّ أَشَارَ إلَى رَافِعِ الْخِيَارِ مِنْ الْفِعْلِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُكْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُكْرِي فِي شَيْءٍ لَا يَتَعَجَّلُهُ الْآنَ بَلْ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ؛ لِأَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ بِخِيَارٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ شَيْئًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فِي شَيْءٍ بِخِيَارٍ لِأَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ النَّقْدُ فِيهِ مُطْلَقًا؛ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّ مَا تَعَجَّلَ مِنْ النَّقْدِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ سَلَفَ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ، وَلَا يَكُونُ ثَمَنًا إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الْخِيَارِ وَانْبِرَامِهِ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ فَقَدْ فَسَخَ الْمُسْلِمُ مَا لَهُسَّ مِنْ الدَّيْنِ فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي بَابِ السَّلَمِ.

(قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ السَّلَمُ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ أَيْ لِمَا يُؤَخَّرُ إلَيْهِ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ إنْ انْتَفَى النَّقْدُ بِشَرْطٍ وَتَطَوُّعًا، فَإِنْ حَصَلَ نَقْدٌ مُطْلَقًا فَسَدَ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا. .

(قَوْلُهُ وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ) مُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ اسْتَقَلَّ بَائِعٌ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ إذَا بَاعَ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَاحِدًا، أَوْ مُتَعَدِّدًا، أَوْ اسْتَقَلَّ مُشْتَرٍ بِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ إذَا اشْتَرَى عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ وَكَذَلِكَ يَسْتَقِلُّ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِمَا فَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً، أَوْ اشْتَرَاهَا عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ كَزَيْدٍ، ثُمَّ أَرَادَ الْبَائِعُ، أَوْ الْمُشْتَرِي أَنْ يُبْرِمَ الْبَيْعَ، أَوْ يَرُدَّهُ دُونَ مَشُورَةِ زَيْدٍ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِذَلِكَ وَلَا يَفْتَقِرُ فِي إبْرَامِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ إلَى مَشُورَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْمُشَاوَرَةِ الْمُوَافَقَةُ لِخَبَرِ «شَاوِرُوهُنَّ وَخَالِفُوهُنَّ» وَقَوْلُهُ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ، أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ وَالْمُثَمَّنَ مَعْلُومَانِ كَأَشْتَرِي مِنْك سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا، وَكَذَا عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ حُكْمِ غَيْرِهِ، أَوْ رِضَاهُ أَيْ فِي الثَّمَنِ فَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مَعْلُومًا فَلَا مُنَافَاةَ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ فَلَهُ الِاسْتِبْدَادُ هَذَا فِي الْمَشُورَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ عَلَى مَشُورَتِهِ إنْ شَاءَ أَمْضَى، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ فَكَالْخِيَارِ وَالرِّضَا لَيْسَ لَهُ الِاسْتِبْدَادُ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَقْتَضِي تَوَقُّفَ الْبَيْعِ عَلَى إمْضَاءِ فُلَانٍ اُنْظُرْ خش.

(قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَلَا بُدَّ مِنْ رِضَا فُلَانٍ، أَوْ اخْتِيَارِهِ لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ (قَوْلُهُ عَلَى نَفْيِهِ فِيهِمَا) أَيْ عَلَى نَفْيِ الِاسْتِبْدَادِ فِي الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي فِي الْخِيَارِ أَيْ فِيمَا إذَا بَاعَ عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارِهِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَى) فَإِذَا قَالَ بِعْت بِكَذَا عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ، أَوْ رِضَاهُ، أَوْ اشْتَرَيْت بِكَذَا عَلَى خِيَارِ فُلَانٍ، أَوْ رِضَاهُ فَفُلَانٌ هَذَا كَالْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ إلَخْ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى خِيَارِ فُلَانِ، أَوْ رِضَاهُ، أَوْ بَاعَ سِلْعَةً عَلَى خِيَارِهِ، أَوْ رِضَاهُ فَفِي الْمَسْأَلَةِ أَقْوَالٌ أَرْبَعَةٌ: الْأَوَّلُ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا اسْتِقْلَالَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا خِيَارُهُ، أَوْ رِضَاهُ وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِإِبْرَامِ الْبَيْعِ، أَوْ رَدِّهِ بَائِعًا كَانَ، أَوْ مُشْتَرِيًا مَا لَمْ يَسْبِقْهُ فُلَانٌ لِغَيْرِ مَا حَصَلَ مِنْهُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي لَهُ الِاسْتِقْلَالُ إنْ كَانَ بَائِعًا فِي الْخِيَارِ وَالرِّضَا، وَإِنْ كَانَ مُشْتَرِيًا فَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ لَا فِي الْخِيَارِ وَلَا فِي الرِّضَا، وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ فِي الرِّضَا بَائِعًا كَانَ، أَوْ مُشْتَرِيًا وَلَيْسَ لَهُ الِاسْتِقْلَالُ فِي الْخِيَارِ بَائِعًا كَانَ، أَوْ مُشْتَرِيًا.

(قَوْلُهُ إلَى رَافِعِ الْخِيَارِ إلَخْ) الْحَاصِلُ عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْمُشْتَرَطَ لِأَحَدِهِمَا يَرْتَفِعُ إمَّا بِقَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ فَأَشَارَ هُنَا لِمَا يَرْفَعُهُ مِنْ الْفِعْلِ وَسَيَأْتِي يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يَرْفَعُهُ

ص: 98

(وَرَضِيَ مُشْتَرٍ) رَضِيَ فِعْلٌ مَاضٍ وَمُشْتَرٍ فَاعِلُهُ وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ (كَاتَبَ) الرَّقِيقَ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِالْخِيَارِ وَأَوْلَى عِتْقُهُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا، أَوْ لِأَجَلٍ، أَوْ التَّدْبِيرُ (أَوْ زَوَّجَ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الرَّقِيقَ إنْ كَانَ أَمَةً بَلْ (وَلَوْ عَبْدًا، أَوْ قَصَدَ) بِفِعْلٍ غَيْرِ صَرِيحٍ فِي الرِّضَا كَتَجْرِيدِ مَا عَدَا الْفَرْجَ مِنْ الْأَمَةِ (تَلَذُّذًا) وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْ إقْرَارِهِ إذْ قَدْ تُجَرَّدُ لِلتَّقْلِيبِ (أَوْ رَهَنَ) الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ (أَوْ آجَرَ، أَوْ أَسْلَمَ) الرَّقِيقَ (لِلصَّنْعَةِ) ، أَوْ الْمَكْتَبِ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ، أَوْ حَجَمَهُ (أَوْ تَسَوَّقَ) بِالْمَبِيعِ أَيْ، أَوْقَفَهُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ (أَوْ)(جَنَى) الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ (إنْ تَعَمَّدَ) وَسَيَأْتِي الْخَطَأُ (أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ) مِنْ الْأَمَةِ قَصْدًا بِخِلَافِ نَظَرِ الذَّكَرِ لِفَرْجِ الذَّكَرِ إذْ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَكَذَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ لِفَرْجِ الْأَمَةِ، أَوْ الْعَبْدِ (أَوْ عَرَّبَ دَابَّةً) أَيْ فَصَدَهَا فِي أَسَافِلِهَا (أَوْ وَدَّجَهَا) فَصَدَهَا فِي وَدَجِهَا (لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً) مَا عَدَا فَرْجَهَا فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مَا لَمْ يُقِرَّ أَنَّهُ قَصَدَ التَّلَذُّذَ (وَهُوَ) أَيْ كُلُّ مَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ رِضًا مِنْ الْمُشْتَرِي (رَدٌّ) لِلْبَيْعِ (مِنْ الْبَائِعِ) إذَا صَدَرَ مِنْهُ زَمَنَ خِيَارِهِ (إلَّا الْإِجَارَةَ) فَلَا تُعَدُّ رَدًّا مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ دَعْوَى (أَنَّهُ اخْتَارَ) فَأَمْضَى الْبَيْعَ (أَوْ رَدَّ) مَعْطُوفٌ عَلَى أَمْضَى الْمُقَدَّرِ لَا عَلَى اخْتَارَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ أَحَدُ نَوْعَيْ الِاخْتِيَارِ فَلَا يَكُونُ قَسِيمًا لَهُ فَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُعْطَفُ عَلَى نَفْسِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ وَرِضَا مُشْتَرٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا، أَوْ أَمَةً عَلَى الْخِيَارِ لَهُ وَكَاتَبَهُ، أَوْ دَبَّرَهُ، أَوْ أَعْتَقَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ كَانَ الْعِتْقُ نَاجِزًا، أَوْ مُؤَجَّلًا أَعْتَقَ كُلَّهُ، أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّ هَذَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ بِالْمَبِيعِ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَكَذَا إذَا زَوَّجَ الْأَمَةَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا مِنْهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا الْعَبْدُ إذَا زَوَّجَهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَفِيهِ خِلَافٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُعَدُّ رِضًا بِهِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَإِلَى الرَّدِّ عَلَى أَشْهَبَ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ عَبْدًا (قَوْلُهُ رَضِيَ فِعْلٌ مَاضٍ) أَيْ وَالْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ لَا أَنَّهَا لِلْعَطْفِ وَرِضَا مَصْدَرٌ مَعْطُوفٌ عَلَى بِانْقِضَائِهِ لِإِيهَامِهِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا مَعَ الْكِتَابَةِ وَمَا مَعَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْفِعْلِ فَإِنَّهُ لَا يُوهِمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ وَعُدَّ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا بِالْكِتَابَةِ وَمَا مَعَهَا وَإِنَّمَا خَصَّ الْكِتَابَةَ بِالذِّكْرِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ أَنْوَاعِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ رَجَّحَ فِيهَا الْقَوْلَ بِأَنَّهَا بَيْعٌ فَرُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فَدَفْعُ هَذَا التَّوَهُّمِ بِالنَّصِّ عَلَى أَنَّهَا مُفَوِّتَةٌ بِنَاءً عَلَى مَا رَجَحَ فِيهَا أَيْضًا مِنْ أَنَّهَا عِتْقٌ.

(قَوْلُهُ، أَوْ زَوَّجَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَقْدَ كَافٍ فِي عَدِّ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا بِالْبَيْعِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَقْدُ فَاسِدًا، وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَصَدَ بِفِعْلٍ غَيْرِ صَرِيحٍ تَلَذُّذًا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ فِعْلًا لَيْسَ مَوْضُوعًا لِقَصْدِ التَّلَذُّذِ بِهَا مِثْلُ تَجْرِيدِ بَعْضِهَا كَصَدْرٍ وَسَاقٍ مَثَلًا، فَإِنْ قَالَ قَصَدْت بِهِ التَّلَذُّذَ عُدَّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ لَذَّةٌ بِالْفِعْلِ، وَإِنْ قَالَ قَصَدْت بِذَلِكَ الْفِعْلِ تَقْلِيبَهَا فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا بِهَا، وَلَوْ حَصَلَتْ لَهُ لَذَّةٌ بِهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفِعْلُ مَوْضُوعًا لِقَصْدِ اللَّذَّةِ مِثْلُ كَشْفِ الْفَرْجِ وَالنَّظَرِ إلَيْهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى قَصْدِ التَّلَذُّذِ وَالرِّضَا أَقَرَّ أَنَّهُ قَصَدَ اللَّذَّةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، أَوْ رَهْنٌ) الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَهَا رَهَنَ الْأَمَةَ، أَوْ الْعَبْدَ، أَوْ غَيْرَهُمَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ رِضًا مِنْهُ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الرَّاهِنِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ قَبَضَهُ مِنْ الْبَائِعِ أَمَّا إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ الْبَائِعِ وَرَهَنَهُ فَلَا يُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا مُفَوِّتًا لِخِيَارِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ آجَرَ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ مُيَاوَمَةً وَقَوْلُهُ، أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ هَيِّنَةً (قَوْلُهُ، أَوْ حَلَقَ رَأْسَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَسِيرَ لَا يَحْلِقُ رَأْسَهُ عَادَةً إلَّا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ أَوْقَفَهُ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ) أَيْ، وَلَوْ مَرَّةً فَلَا يُشْتَرَطُ فِي عَدِّهِ رِضًا تَكْرَارُهُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ، أَوْ جَنَى الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَبِيعِ إنْ تَعَمَّدَ) كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى الْخِيَارِ، ثُمَّ إنَّهُ قَطَعَ يَدَ ذَلِكَ الْعَبْدِ، أَوْ رِجْلَهُ، أَوْ فَقَأَ عَيْنَهُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ عَمْدًا فَيُعَدُّ ذَلِكَ رِضًا مِنْهُ (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي الْخَطَأُ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا بَلْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ مَعَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ لِفَرْجِ الذَّكَرِ) أَيْ فَلَا يُعَدُّ رِضًا (قَوْلُهُ، أَوْ الْعَبْدِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعَدُّ رِضًا إذْ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ؛ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أُنْثَى وَالْحَالُ أَنَّهَا تُشْتَهَى وَكَانَ الْمُشْتَرِي لَهَا ذَكَرًا وَكَانَ نَظَرُهُ لِلْفَرْجِ قَصْدًا؛ لِأَنَّ النَّظَرَ لِلْفَرْجِ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا هُوَ النَّظَرُ الَّذِي يَحِلُّ بِالْمِلْكِ فَنَظَرُ الذَّكَرِ لِفَرْجِ الذَّكَرِ لَا يَحْصُلُ بِهِ الرِّضَا إذْ لَا يَحِلُّ بِحَالٍ، وَكَذَا نَظَرُ الْمَرْأَةِ لِفَرْجِ امْرَأَةٍ وَلِفَرْجِ ذَكَرٍ اشْتَرَتْهُ بِالْخِيَارِ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ بِالْمِلْكِ (تَنْبِيهٌ) لَوْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ رِضًا فَالظَّاهِرُ إعْمَالُ الشَّرْطِ فِي غَيْرِ قَصْدِ التَّلَذُّذِ وَنَظَرِ الْفَرْجِ لِلتَّحْرِيمِ كَمَا فِي المج عَنْ عج (قَوْلُهُ وَدَّجَهَا) بِتَشْدِيدِ الدَّال (قَوْلُهُ إلَّا الْإِجَارَةَ) زَادَ اللَّخْمِيُّ وَالْإِسْلَامَ لِلصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ) أَيْ غَلَّةَ الْمَبِيعِ زَمَنَ الْخِيَارِ لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَزِدْ مُدَّتُهَا عَلَى مُدَّةِ الْخِيَارِ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَتْ رَدًّا مِنْ الْبَائِعِ وَهَذَا الْقَيْدُ يَجْرِي فِيمَا إذَا أَسْلَمَهُ الْبَائِعُ لِلصَّنْعَةِ بِعَمَلِهِ مُدَّةً؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْإِجَارَةِ فِي الْحَقِيقَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُقْبَلُ إلَخْ) هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ السَّابِقِ، وَيَلْزَمُ

ص: 99

بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ ظَرْفٌ لِدَعْوَى الْمُقَدَّرِ أَيْ لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ أَيَّامَ خِيَارٍ لِيَأْخُذَهَا مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ، أَوْ يُلْزِمُهَا لِمَنْ لَيْسَتْ فِي يَدِهِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ (وَلَا) يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا (بَيْعُ مُشْتَرٍ) لَهُ الْخِيَارُ فِي زَمَنِهِ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ بَاعَ وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ (فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ) الْإِمْضَاءَ (بِيَمِينٍ، أَوْ) لَا يُصَدَّقُ وَ (لِرَبِّهَا نَقْضُهُ) وَلَهُ إجَازَتُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِانْقِضَائِهِ، وَهُوَ يَشْمَلُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ وَلَيْسَ بِيَدِهِ الْمَبِيعُ، وَيَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا، وَغَابَ الْآخَرُ ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَادَّعَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ إنْ كَانَ بَائِعًا أَنَّهُ أَمْضَاهُ فِي زَمَنِهِ، أَوْ مُشْتَرِيًا أَنَّهُ رَدَّ فِي زَمَنِهِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى الْإِشْهَادِ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ لَمْ يَحْتَجْ لِإِشْهَادٍ، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ فَلْيُشْهِدْ وَهَذَا بَيِّنٌ اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْبَائِعِ ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ اخْتَارَ الرَّدَّ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُقْبَلُ مِنْ الْمُشْتَرِي ذِي الْخِيَارِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يُفْتَقَرُ فِيهَا إلَى الْبَيِّنَةِ، فَإِنْ أَرَادَ الْبَائِعُ ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ، أَوْ الْإِمْضَاءَ، وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذُو الْخِيَارِ الرَّدَّ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْإِمْضَاءَ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ لَمْ يَحْتَجْ إلَى بَيِّنَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَالْمَجْمُوعُ ثَمَانِي صُوَرٍ، وَقَدْ حَصَّلَهَا أَبُو الْحَسَنِ هَكَذَا اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ يَلْزَمُ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ أَيَّامَ الْخِيَارِ مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ بِانْقِضَاءِ أَمَدِهِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ، وَهُوَ كَالْغَدِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ رَدُّ الْبَيْعِ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَهُ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِغَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَادَّعَى الْمُشْتَرِي بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ لِيَأْخُذَهُ مِنْ الْبَائِعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِهِ فَبَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ إجَازَةَ الْبَيْعِ لِأَجْلِ إلْزَامِ الْمُشْتَرِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لَهُ وَادَّعَى بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ كَانَ اخْتَارَ الرَّدَّ لِيُلْزِمَهُ لِلْبَائِعِ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَالْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي وَادَّعَى بَعْدَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ أَنَّهُ اخْتَارَ الرَّدَّ لِأَجْلِ انْتِزَاعِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ) أَيْ وَمَا أُلْحِقَ بِهِ (قَوْلُهُ تَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ) أَيْ مِنْ اخْتِيَارِهِ الْإِمْضَاءَ وَالرَّدَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَلَى الْخِيَارِ، ثُمَّ بَاعَهَا فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَلَمْ يُخْبِرْ الْبَائِعَ بِاخْتِيَارِهِ إمْضَاءَ الْبَيْعِ وَلَمْ يُشْهِدْ بِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ قَبْلَ الْبَيْعِ وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَأَرَادَ نَقْضَ الْبَيْعِ، أَوْ أَخْذَ الرِّبْحِ فَهَلْ يُصَدَّقُ الْبَائِعُ فِي دَعْوَاهُ اخْتِيَارَ الْإِمْضَاءِ قَبْلَ الْبَيْعِ بِيَمِينٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ سَلَاطَةٌ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا بِأَخْذِ رِبْحٍ وَلَا بِنَقْضِ بَيْعٍ وَهَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ وَلَا يُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ قَبْلَ بَيْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ بَيْنَ نَقْضِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي، وَبَيْنَ إجَازَتِهِ وَأَخْذِ رِبْحِهِ وَهَذِهِ رِوَايَةُ عَلِيِّ بْنِ زِيَادٍ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَلِرَبِّهَا نَقْضُهُ) كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتَعَقَّبَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ سَحْنُونًا طَرَحَ التَّخْيِيرَ فِي هَذَا الْقَوْلِ، وَقَالَ إنَّ مَا فِي رِوَايَةِ عَلِيٍّ أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَقَضَهُ لَكَانَ لِلْمُشْتَرِي أَخْذُ السِّلْعَةِ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الْخِيَارِ لَمْ تَنْقَضِ، وَإِنَّمَا لِلْبَائِعِ الرِّبْحُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يَتَّهِمُ الْمُشْتَرِيَ عَلَى أَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ أَنْتَ بِعْت السِّلْعَةَ، وَهِيَ فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي فَالصَّوَابُ أَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ أَيْ رِبْحُ الْمُشْتَرِي الْحَاصِلُ فِي بَيْعِهِ قَوْلَانِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَيْعَ الْمُشْتَرِي لَمَّا كَانَ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ بِإِقْرَارِهِ أَنَّهُ بَاعَ بَعْدَ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ نَقْضُهُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لَكِنَّهُ مِنْ أَجْلِ الرِّبْحِ يُتَّهَمُ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ صُدِّقَ بِيَمِينٍ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَكَانَ الرِّبْحُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ

ص: 100

وَأَخْذُ الثَّمَنِ (قَوْلَانِ) وَاسْتُشْكِلَ قَوْلُهُ وَلَا بَيْعَ مُشْتَرٍ إلَخْ بِمَا مَرَّ مِنْ دَلَالَةِ التَّسَوُّقِ عَلَى الرِّضَا فَكَانَ الْبَيْعُ أَوْلَى وَالصَّوَابُ أَنَّ مَسْأَلَةَ التَّسَوُّقِ إنَّمَا هِيَ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ فَالْبَيْعُ أَحْرَى فِي الرِّضَا وَمَسْأَلَةِ الْبَيْعِ لِغَيْرِهِ، وَعَلَيْهِ فَالتَّسَوُّقُ أَحْرَى فِي عَدَمِ الرِّضَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ هَذِهِ (وَانْتَقَلَ) الْخِيَارُ مِنْ مُكَاتَبٍ لَهُ الْخِيَارُ (لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ) عَنْ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ زَمَنَ خِيَارِهِ وَقَبْلَ اخْتِيَارِهِ (وَ) انْتَقَلَ خِيَارُ مَدِينٍ بَاعَ، أَوْ اشْتَرَى عَلَى خِيَارٍ لَهُ (لِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ) بِمَالِ الْمَدِينِ الْحَيِّ، أَوْ الْمَيِّتِ وَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ خِيَارِهِ وَلَا يَحْتَاجُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمٍ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغَرِيمِ وَإِذَا اخْتَارَ الْأَخْذَ فَالرِّبْحُ لَلْمَدِينِ وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْغَرِيمِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى الْغَرِيمُ الثَّمَنَ الَّذِي لَزِمَ الْمُفْلِسَ فِي بَيْعٍ لَازِمٍ فَالرِّبْحُ لِلْمُفْلِسِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ (وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) مَعَ هَذَا الْغَرِيمِ سَوَاءٌ قَامَ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَ) الْوَارِثُ شَيْئًا (بِمَالِهِ) الْخَاصِّ بِهِ بَعْدَ رَدِّ الْغَرِيمِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ حِينَئِذٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالنَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ، ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا يَتِمُّ تَضْعِيفُ التَّخْيِيرِ فِي الْقَوْلِ الثَّانِي إذَا كَانَ النِّزَاعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ أَمَّا لَوْ كَانَ النِّزَاعُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَوَقَعَ الْبَيْعُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَالْقَوْلُ بِتَخْيِيرِ الْبَائِعِ بَيْنَ نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَأَخْذِ رِبْحِهِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِي لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُ السِّلْعَةِ بَعْدَ النَّقْضِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ اخْتِيَارٌ فَحَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْفَرْضِ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَوَقَعَ النِّزَاعُ فِيهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ وَبَاعَ الْمُشْتَرِي زَمَنَهُ مَا بِيَدِهِ فَلِلْبَائِعِ رَدُّ الْمَبِيعِ قَطْعًا إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لَزِمَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي وَالْقِيمَةُ، فَإِنْ بَاعَهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ، وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الثَّمَنُ فَقَطْ، فَإِنْ بَاعَهُ الْبَائِعُ، وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ، أَوْ الْأَكْثَرُ مِنْ فَضْلِ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ الثَّمَنَ) أَيْ رَبِحَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ التَّسَوُّقَ وَأَحْرَى الْبَيْعُ دَالٌّ عَلَى الرِّضَا وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَدُلُّ عَلَى رِضَاهُ، وَإِنْ وَقَعَ وَبَاعَ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ بَعْدَ اخْتِيَارِهِ الرِّضَا، فَإِنْ كَانَ نِزَاعُهُمَا بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَقَوْلَانِ الْأَوَّلُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَالثَّانِي أَنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ فِي نَقْضِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَأَخْذِ الرِّبْحِ، وَإِنْ كَانَ نِزَاعُهُمَا قَبْلَ فَرَاغِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَوْلَانِ أَيْضًا الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ وَالثَّانِي لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلِلْبَائِعِ أَخْذُ الرِّبْحِ وَالْمُعْتَمَدُ طَرِيقَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ مَعَ مَا انْبَنَى عَلَيْهَا مِنْ الْخِلَافِ فَضَعِيفَةٌ (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتِبٍ) أَيْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ، أَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ، ثُمَّ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ يَنْتَقِلُ مَا كَانَ لَهُ مِنْ الْخِيَارِ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ شَاءَ السَّيِّدُ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَلَا كَلَامَ لِلْمُكَاتَبِ بَعْدَ عَجْزِهِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ بَعْدَ عَجْزِهِ يُؤَدِّي لِتَصَرُّفِ الرَّقِيقِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ خِيَارُ مَدِينٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ وَلِغَرِيمٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ وَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ الْمَعْمُولُ لِانْتَقَلَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ فَاعِلَهُ خِيَارُ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَلِوَارِثٍ (قَوْلُهُ وَقَامَ الْغَرِيمُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ إحَاطَةِ الدَّيْنِ لَا تَكْفِي فِي انْتِقَالِ الْخِيَارِ الَّذِي لِلْمَدِينِ لِلْغَرِيمِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَفْلِيسِهِ، وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْتَاجُ الِانْتِقَالُ إلَى حُكْمِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ التَّفْلِيسُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بَلْ يَنْتَقِلُ خِيَارُ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ بِمُجَرَّدِ تَفْلِيسِهِ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ، وَهُوَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ وَإِذَا اخْتَارَ) أَيْ الْغَرِيمُ الْأَخْذَ أَيْ لِلسِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ بِخِيَارِ (قَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَدَّى إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ عَلَى الْبَتِّ وَفَلَّسَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ ثَمَنَهَا فَأَدَّاهُ الْغَرِيمُ فَإِنَّ رِبْحَهَا لِلْمُفْلِسِ وَخَسَارَتَهَا عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ عَلَى الْبَتِّ ثَمَنُهَا لَازِمٌ لَهُ فَلِذَا كَانَ لَهُ رِبْحُهَا وَخَسَارَتُهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الَّتِي اشْتَرَاهَا بِخِيَارٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنُهَا إلَّا بِمَشِيئَةِ الْغُرَمَاءِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ صَارَ لَهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُدْخِلُوا عَلَيْهِ ضَرَرًا (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ، وَقَدْ اشْتَرَى بِخِيَارٍ وَمَاتَ زَمَنَ الْخِيَارِ فَالْكَلَامُ فِي ذَلِكَ لِغُرَمَائِهِ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثِهِ وَقَوْلُهُ قَامَ الْغَرِيمُ قَبْلَ الْمَوْتِ، أَوْ بَعْدَهُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عج مِنْ أَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْوَارِثُ شَيْئًا بِمَالِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَدِينَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِخِيَارٍ لَهُ وَأَدَّى ثَمَنَهَا لِبَائِعِهَا، وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ زَمَنِ الْخِيَارِ فَرَدَّ الْغُرَمَاءُ تِلْكَ السِّلْعَةَ فَأَرَادَ الْوَارِثُ أَخْذَ تِلْكَ السِّلْعَةِ بِمَالِهِ وَيُؤَدِّي ثَمَنَهَا لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ بَاعَ بِخِيَارٍ لَهُ وَمَاتَ وَرَدَّ الْغُرَمَاءُ بَيْعَهُ وَأَرَادَ الْوَارِثُ أَخْذَهَا وَدَفْعَ الثَّمَنِ لَهُمْ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ فَصَحَّ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُؤَدِّي ذَلِكَ أَيْ الثَّمَنَ لِلْغُرَمَاءِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ

ص: 101

(وَ) انْتَقَلَ خِيَارُ مَيِّتٍ غَيْرِ مُفْلِسٍ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى الْخِيَارِ (لِوَارِثٍ) لَيْسَ مَعَهُ غَرِيمٌ أَصْلًا، أَوْ مَعَهُ غَرِيمٌ لَمْ يَحُطَّ دَيْنَهُ، وَإِلَّا فَهُوَ مَا قَبْلَهُ (وَالْقِيَاسُ) عِنْدَ أَشْهَبَ، وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي جَمْعِ الْجَوَامِعِ، وَهُوَ حَمْلُ مَعْلُومٍ عَلَى مَعْلُومٍ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُ فِي عِلَّةِ حُكْمِهِ عِنْدَ الْحَامِلِ، وَإِنْ خَصَّ بِالصَّحِيحِ حَذْفَ الْأَخِيرِ (رَدَّ الْجَمِيعَ) مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ فَيُجْبَرُ مُرِيدُ الْإِمْضَاءِ عَلَى الرَّدِّ مَعَ الرَّدِّ (إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ) السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ لِمَا فِي التَّبْعِيضِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَالْمَعْلُومُ الثَّانِي هُنَا هُوَ الْمُورِثُ وَالْأَوَّلُ الْوَارِثُ وَالْعِلَّةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ وَالْحُكْمُ التَّصَرُّفُ بِالْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ (وَالِاسْتِحْسَانُ) عِنْدَ أَشْهَبَ أَيْضًا، وَهُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَهُوَ مَعْنًى يَنْقَدِحُ فِي ذِهْنِ الْمُجْتَهِدِ تَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْمَعْنَى دَلِيلُ الْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ، وَأَمَّا الْحُكْمُ فَقَدْ عَبَّرَ عَنْهُ (أَخَذَ الْمُجِيزُ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ السِّلْعَةِ فَيُمَكَّنُ مَنْ أَرَادَ الْإِجَازَةَ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِ الرَّادِّ وَيَدْفَعُ جَمِيعَ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ لِيَرْتَفِعَ ضَرَرُ التَّبْعِيضِ إنْ شَاءَ الْمُجِيزُ ذَلِكَ، وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّ الْجَمِيعِ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالتَّبْعِيضِ فَذَلِكَ لَهُ (وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ) بِخِيَارٍ وَمَاتَ قَبْلَ مُضِيِّهِ (كَذَلِكَ) فَيَدُلُّهُمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ وَيُنَزَّلُ الْمُجِيزُ مِنْهُمْ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالرَّادُّ مَنْزِلَةَ الْمُجِيزِ، فَالْقِيَاسُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الرَّادِّ الْجَمِيعَ وَإِنَّمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ فَقَطْ دُونَ الِاسْتِحْسَانِ، وَالْفَرْقُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ بَيْنَ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الْمُجِيزِ أَنَّ الْمُجِيزَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي لَهُ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ صَارَ لَهُ نَصِيبُ غَيْرِهِ، وَهُوَ الْبَائِعُ أَنْتَ رَضِيت بِإِخْرَاجِ السِّلْعَةِ بِهَذَا الثَّمَنِ فَأَنَا أَدْفَعُهُ لَك

ــ

[حاشية الدسوقي]

الَّتِي اشْتَرَاهَا الْمَدِينُ بِخِيَارٍ وَلَمْ يُؤَدِّ الثَّمَنَ لِبَائِعِهَا وَرَدَّ الْغَرِيمُ الْبَيْعَ وَأَخَذَهَا الْوَارِثُ بِثَمَنٍ مِنْ مَالِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدِّي الثَّمَنَ لِبَائِعِهَا وَلَا يُؤَدِّيهِ لِلْغُرَمَاءِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ وَيُؤَدِّي الرِّبْحَ لِلْغُرَمَاءِ، وَهُوَ صَوَابٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ إذَا أَخَذَ الْوَارِثُ بِمَالِهِ فَالرِّبْحُ لِلْمَيِّتِ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَانْتَقَلَ لِوَارِثٍ) أَيْ، فَإِنْ اتَّفَقُوا عَلَى الْإِجَازَةِ، أَوْ الرَّدِّ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا فَالْقِيَاسُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ، أَيْ قِيَاسُ الْوَارِثِ عَلَى الْمُوَرِّثِ وَأَنَّ مَا كَانَ لِلْمُوَرِّثِ يَكُونُ لِلْوَارِثِ يَقْتَضِي رَدَّ الْجَمِيعِ فَكَمَا أَنَّ الْمُوَرِّثَ إذَا اشْتَرَى بِالْخِيَارِ، ثُمَّ إنَّهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ وَرَدَّ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى رَدِّ الْجَمِيعِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِالشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ إذَا رَدَّ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ، فَإِنَّ الْمُجِيزَ يُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ كَغَيْرِهِ قِيَاسًا عَلَى مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَانْتَقَلَ الْحَقُّ فِي الْخِيَارِ لِوَرَثَتِهِ، وَقَدْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ حَقَّهُ مِنْهُ وَطَلَبَ الرَّدَّ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ لِلْمُجِيزِ إنَّ صَاحَبَكَ أَسْقَطَ حَقَّهُ وَصَارَ الْآنَ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِي السِّلْعَةِ إلَّا أَنَا وَأَنْتَ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الرَّادِّ يَعُودُ لِمِلْكِ الْبَائِعِ وَقِيَامُكَ أَنْتَ بِحَقِّك مُوجِبٌ لِضَرَرِي مِنْ تَبْعِيضِ السِّلْعَةِ وَلَيْسَ لَكَ أَخْذُهَا كُلَّهَا؛ لِأَنَّ صَاحِبَكَ لَمْ يَنْتَقِلْ حَقُّهُ لَك بَلْ أَسْقَطَهُ وَانْتَقَلَ لِي فَحِينَئِذٍ يَقْضِي بِرَدِّ الْجَمِيعِ.

(قَوْلُهُ حَمْلٌ مَعْلُومٌ) أَيْ عِلْمُ تَصَوُّرٍ لَا عِلْمُ تَصْدِيقٍ إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ حُكْمٌ مَعْلُومٌ لَمْ يَصِحَّ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ خُصَّ) أَيْ التَّعْرِيفُ بِالْقِيَاسِ الصَّحِيحِ وَقَوْلُهُ حَذْفُ الْأَخِيرِ أَيْ الْقَيْدِ الْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَامِلِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ مُسَاوٍ فِي الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّدِّ) أَيْ عَلَى رَدِّ مَا بِيَدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَكْمُلَ جَمِيعُ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ (قَوْلُهُ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ) أَيْ بَيْنَ الْبَائِعِ وَبَيْنَ الَّذِي لَمْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَالْحُكْمُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَالْحُكْمُ عِنْدَ التَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْسَانُ) أَيْ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ الِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ مَعْنًى يَنْقَدِحُ) كَأَنْ يُصَرِّحَ الْمُجْتَهِدُ بِالْحُكْمِ وَتَنْقَدِحَ الْعِلَّةُ فِي ذِهْنِهِ وَلَكِنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا وَقَوْلُهُ تَقْصُرُ عَنْهُ عِبَارَتُهُ أَيْ، أَوْ لَا يُنَافِي ذِكْرَ التَّوْجِيهِ فِي قَوْلِهِ بَعْدُ وَالْفَرْقُ إلَخْ فَإِنَّ هَذَا دَلِيلٌ لِلْحُكْمِ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّلِيلِ الْعِلَّةُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَخَذَ الْمُجِيزُ الْجَمِيعَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْبَائِعُ بِمُضِيِّ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ لِلْمُجِيزِ أَنْ يَقُولَ لِلْبَائِعِ: الْخِيَارُ كَانَ لِمُوَرِّثِي وَأَنْتَ لَيْسَ لَكَ إلَّا ثَمَنُ سِلْعَتِك فَأَنَا أُوَفِّيهِ لَكَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ الْمُجِيزُ ذَلِكَ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَوَرَثَةِ الْمُشْتَرِي الْمُتَقَدِّمِ فَيَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ وَالِاسْتِحْسَانُ إذَا اخْتَلَفُوا فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ وَيُنَزَّلُ الْمُجِيزُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ مَنْزِلَةَ الرَّادِّ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُجِيزَ هُنَا أَرَادَ عَدَمَ أَخْذِ السِّلْعَةِ، وَالرَّادُّ لِلْبَيْعِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي أَرَادَ أَيْضًا عَدَمَ أَخْذِهَا.

(قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ إجَازَةُ الْجَمِيعِ) أَيْ فَقِيَاسُ وَرَثَةِ الْبَائِعِ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ يَقْتَضِي إجَازَةَ الْجَمِيعِ إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوَرِّثَ إذَا بَاعَ بِخِيَارٍ لَهُ، ثُمَّ إنَّهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ أَجَازَ الْبَيْعَ فِي الْبَعْضِ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَإِنَّهُ يَمْضِي الْبَيْعُ فِي الْجَمِيعِ وَتُدْفَعُ السِّلْعَةُ بِتَمَامِهَا لِلْمُشْتَرِي لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ فَكَذَلِكَ وَرَثَتُهُ إذَا أَجَازَ بَعْضُهُمْ الْبَيْعَ وَرَدَّهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ بَيْنَ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي) أَيْ حَيْثُ كَانَ وَرَثَةُ الْمُشْتَرِي يَدْخُلُهُمْ الِاسْتِحْسَانُ كَمَا يَدْخُلُهُمْ الْقِيَاسُ، وَأَمَّا وَرَثَةُ الْبَائِعِ فَلَا يَدْخُلُهُمْ الِاسْتِحْسَانُ بَلْ الْقِيَاسُ فَقَطْ (قَوْلُهُ نَصِيبُ غَيْرِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الرَّادُّ

ص: 102

وَلَا يُمَكَّنُ الرَّادُّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ لِمَنْ صَارَ لَهُ حِصَّةُ الْمُجِيزِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ لِلْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْإِجَازَةِ (تَأْوِيلَانِ) ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعِ. .

(وَإِنْ)(جُنَّ) مَنْ لَهُ الْخِيَارُ وَعُلِمَ أَنَّهُ لَا يُفِيقُ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَيْهِ بِالْآخَرِ (نَظَرَ السُّلْطَانُ) فِي الْأَصْلَحِ لَهُ مِنْ إمْضَاءٍ، أَوْ رَدٍّ (وَنُظِرَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ انْتَظَرَ (الْمُغْمَى) عَلَيْهِ لِإِفَاقَتِهِ لِيَنْظُرَ لِنَفْسِهِ (وَإِنْ طَالَ) إغْمَاؤُهُ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِهِ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ (فُسِخَ) الْبَيْعُ وَلَا يَنْظُر لَهُ السُّلْطَانُ وَقَالَ أَشْهَبُ يَنْظُرُ لَهُ (وَالْمِلْكُ) زَمَنَ الْخِيَارِ (لِلْبَائِعِ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْحَلٌّ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ لَا تَقْرِيرٌ (وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ فِي زَمَنِهِ لَهُ أَيْ لِلْبَائِعِ (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) فَيَتْبَعَهُ. .

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْبَائِعُ بَيَانٌ لِمَنْ يَصِيرُ لَهُ نَصِيبُ الرَّادِّ (قَوْلُهُ وَلَا يُمَكَّنُ الرَّادُّ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْمُجِيزِ وَقَوْلُهُ لِانْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْهُ عِلَّةٌ لِصَيْرُورَةِ حِصَّةِ الْمُجِيزِ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْقِيَاسُ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي) ، وَهُوَ رَدُّ الْجَمِيعِ السِّلْعَةَ لِلْبَائِعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَإِنَّ مَنْ طَلَبَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ يُجْبَرُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ) أَيْ وَفِي وَرَثَةِ الْبَائِعِ، وَهُوَ إجَازَةُ الْجَمِيعِ لِلْبَيْعِ وَدَفْعُ السِّلْعَةِ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَجَازَ بَعْضُهُمْ. .

(قَوْلُهُ، وَإِنْ جُنَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ) أَيْ قَبْلَ اخْتِيَارِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ طُولٍ) أَيْ، أَوْ يُفِيقُ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ بِطُولٍ، وَأَمَّا إنْ أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا بِقُرْبٍ بِحَيْثُ لَا يَضُرُّ الصَّبْرُ إلَيْهِ عَلَى الْآخَرِ فَإِنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ وَلَا يَنْظُرُ السُّلْطَانُ (قَوْلُهُ نَظَرَ السُّلْطَانُ) أَيْ ذُو السَّلْطَنَةِ فَيَشْمَلُ نُوَّابَ السُّلْطَانِ فَلَوْ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَحَكَمَ بِالْأَصْلَحِ مِنْ الرَّدِّ، أَوْ الْإِمْضَاءِ، ثُمَّ إنَّهُ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ فَلَا يُعْتَبَرُ مَا اخْتَارَهُ بَلْ مَا نَظَرَهُ السُّلْطَانُ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ وَمَضَى يَوْمٌ، أَوْ يَوْمَانِ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَزَالَ الْجُنُونُ فَهَلْ تُحْسَبُ تِلْكَ الْمُدَّةُ مِنْ أَيَّامِ الْخِيَارِ لِقِيَامِ السُّلْطَانِ مَقَامَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُلْغَى وَتُبْتَدَأُ أَيَّامُ الْخِيَارِ، وَلَوْ لَمْ يَنْظُرْ السُّلْطَانُ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ فَلَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ أَجَلٌ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمَبِيعُ لَازِمٌ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ انْتَظَرَ الْمُغْمَى عَلَيْهِ لِإِفَاقَتِهِ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ أَشْهَبَ إنَّهُ يَنْظُرُ لَهُ السُّلْطَانُ كَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَ إغْمَاؤُهُ بَعْدَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ مَضَى زَمَنُ الْخِيَارِ وَطَالَ إغْمَاءَهُ بَعْدَهُ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ الضَّرَرُ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ فَسَخَ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَفْسَخْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَهُ اُسْتُؤْنِفَ لَهُ الْأَجَلُ وَمَفْهُومُ طَالَ أَنَّهُ لَوْ أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ بِقُرْبٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ لِنَفْسِهِ وَهَلْ يَخْتَارُ فَوْرًا، أَوْ يُؤْتَنَفُ لَهُ أَجَلٌ طَرِيقَتَانِ وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ إذَا تَكَاسَلَ السُّلْطَانُ وَلَمْ يَنْظُرْ حَتَّى أَفَاقَ بَعْدَ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَأْنَفُ لَهُ الْأَجَلُ عَلَى الظَّاهِرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَفْقُودَ كَالْمَجْنُونِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ كَالْمُغْمَى عَلَيْهِ، فَإِنْ طَالَ فَسَخَ، وَأَمَّا الْأَسِيرُ فَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَالْمَفْقُودِ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ، أَوْ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ، وَأَمَّا الْمُرْتَدُّ، فَإِنْ مَاتَ عَلَى رِدَّتِهِ نَظَرَ السُّلْطَانُ، وَإِنْ تَابَ نَظَرَ بِنَفْسِهِ لِقَصْرِ الْمُدَّةِ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) أَيْ وَالْمِلْكُ لِلْمَبِيعِ بِخِيَارٍ فِي زَمَنِهِ لِلْبَائِعِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلُ الْمَبِيعِ مِنْ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَقِيلَ أَنَّ الْمِلْكَ لِلْمُشْتَرِي فَالْإِمْضَاءُ تَقْدِيرٌ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي وَأَصْلُ مِلْكِهِ حَصَلَ بِالْعَقْدِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِمْ إنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ أَيْ أَنَّ الْمَبِيعَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، أَوْ مُنْعَقِدٌ أَيْ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي لَكِنَّ مِلْكَهُ غَيْرُ تَامٍّ لِاحْتِمَالِ رَدِّهِ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ اتِّفَاقًا فَثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِي الْغَلَّةِ الْحَاصِلَةِ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَمَا أُلْحِقَ بِهَا فَقَطْ فَهِيَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَلِلْمُشْتَرِي عَلَى الثَّانِي إلَّا أَنَّ كَوْنَ الْغَلَّةِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي مُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ وَمَنْ لَهُ الْغُنْمُ عَلَيْهِ الْغُرْمُ فَإِنَّ الْغُنْمَ هُنَا لِلْمُشْتَرِي وَالْغُرْمَ أَيْ الضَّمَانَ عَلَى الْبَائِعِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ ثَمَرَاتٍ كَوْنِ الْمِلْكِ لِلْبَائِعِ وَمَا يُوهَبُ مُبْتَدَأٌ وَالْغَلَّةُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ عَطْفٌ عَلَيْهِ، وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ لَهُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي مَالَهُ أَيْ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِلْعَبْدِ وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِثْنَاءَهُ لِلْعَبْدِ جَائِزٌ مُطْلَقًا كَانَ الثَّمَنُ مِنْ جِنْسِ مَالِ الْعَبْدِ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ مُخَالِفًا لِمَالِ الْعَبْدِ جَازَ الِاشْتِرَاطُ، وَإِنْ كَانَ مُوَافِقًا لَهُ مُنِعَ وَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الرِّبَا لَا يُرَاعَى بَيْنَ مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَنِهِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَالطَّرِيقَةُ الْأُولَى طَرِيقَةُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي الْحَسَنِ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ ظَاهِرُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ نَاجِيٍّ وَغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَتْبَعُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اسْتَثْنَى أَيْ اشْتَرَطَ مَالَ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ الْمَالُ الْمَعْلُومُ

ص: 103

(وَالْغَلَّةُ) الْحَادِثَةُ زَمَنَ الْخِيَارِ مِنْ لَبَنٍ وَسَمْنٍ وَبَيْضٍ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ) عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ (لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فِيهِمَا (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ لَا غَلَّةٍ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُوَبَّرَةُ فَكَمَال الْعَبْدِ لَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إلَّا بِشَرْطٍ (وَالضَّمَانُ) فِي زَمَنِ الْخِيَارِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ إذَا قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَكَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَبَتَ تَلَفُهُ، أَوْ ضَيَاعُهُ بِبَيِّنَةٍ وَسَوَاء كَانَ الْخِيَارُ لَهُ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِغَيْرِهِمَا (وَحَلَفَ مُشْتَرٍ) فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَيْثُ ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ مُتَّهَمًا أَمْ لَا وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا فَرَّطْت وَيَحْلِفُ غَيْرُهُ مَا فَرَّطَتْ فَقَطْ (إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) كَأَنْ يَقُولَ ضَاعَتْ، أَوْ مَاتَتْ فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ بَاعَهَا، أَوْ أَكَلَهَا، أَوْ يَقُولُ ضَاعَتْ يَوْمَ كَذَا فَتَقُولُ الْبَيِّنَةُ رَأَيْنَاهَا عِنْدَهُ بَعْدَهُ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُغَابَ عَلَيْهِ) كَحَلْيٍ وَثِيَابٍ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. .

ثُمَّ بَيَّنَ مَا بِهِ يَضْمَنُهُ الْمُشْتَرِي حَيْثُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ (وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خَيَّرَ الْبَائِعُ) أَيْ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ (الْأَكْثَرُ) مِنْ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ، أَوْ الْقِيمَةُ؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ اخْتِيَارُ الْإِمْضَاءِ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ وَالرَّدُّ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ (إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا فَرَّطَ (فَالثَّمَنُ) يَضْمَنُهُ دُونَ الْتِفَاتٍ إلَى الْقِيمَةِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي ضَمَانِهِ الثَّمَنَ قَوْلُهُ (كَخِيَارِهِ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَغَابَ عَلَيْهِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا فَالظَّاهِرُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْمَجْهُولُ كَاَلَّذِي يُوهَبُ لَهُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ. .

(قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ لَهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ النَّفَقَةُ مُدَّةَ الْخِيَارِ عَلَيْهِ لَازِمَةٌ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِغَيْرِهِ وَإِذَا أَخَذَ الْبَائِعُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَعِيبًا مَجَّانًا وَإِمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْء عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ فِيهِمَا) أَيْ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ تَقْدِيمُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَا لَهُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءِ الْمَبِيعِ) أَيْ أَنَّ الْوَلَدَ كَالْجُزْءِ الْبَاقِي بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فَإِنَّهُ كَجُزْءٍ فَاتَ، وَهُوَ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الصُّوفُ التَّامُّ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَغَيْرُ التَّامِّ، وَعَلَى هَذَا فَالصُّوفُ التَّامُّ مُخَالِفٌ لِلثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ، وَقِيلَ: إنَّهُ مِثْلُهَا عَلَى الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالضَّمَانُ مِنْهُ أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا، أَوْ كَانَ فَاسِدًا وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ انْتِقَالِ ضَمَانِ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ فَهُوَ فِي بَيْعِ الْبَتِّ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي بَيْعِ الْخِيَارِ (قَوْلُهُ مُتَّهَمًا أَمْ لَا) أَيْ بِخِلَافِ الْمُودَعِ وَالشَّرِيكِ فَلَا يَحْلِفُ إلَّا إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، وَالْمُرَادُ الْمُتَّهَمُ عِنْدَ النَّاسِ لَا عِنْدَ مَنْ قَامَ عَلَيْهِ فَقَطْ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) اسْتِثْنَاءً مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَلَيْسَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَحَلَفَ مُشْتَرٍ وَقَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ رَاجِعٌ لِيُغَابَ عَلَيْهِ لَا لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ أَيْضًا وَرَجَّعَهُ بَعْضُهُمْ لَهُمَا مَعًا فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَذِبِهِ وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِصِدْقِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ صِدْقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْهُمَا مَعًا وَقِيلَ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْكَذِبِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الثَّانِي، وَهُوَ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْكَذِبِ اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَعَ ضَمَانِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ مَعَ الضَّمَانِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ بِالثَّمَنِ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ، أَوْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّهُ إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ وَهِيَ أَكْثَرُ، أَوْ غَرِمَ الثَّمَنَ، وَهُوَ مُسَاوٍ، أَوْ أَكْثَرُ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بْن. .

(قَوْلُهُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ بِخِيَارٍ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ لَمْ يَظْهَرْ كَذِبُهُ لَكِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي ثَلَاثِ حَالَاتٍ كَمَا أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْبَائِعِ فِي حَالَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ إلَخْ) هَذَا يَجْرِي فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ، أَوْ ظَهَرَ كَذِبُهُ وَفِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَأَمَّا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَهُوَ خَاصٌّ بِالْأَخِيرِ إذْ لَا يَمِينَ مَعَ ظُهُورِ الْكَذِبِ قَالَهُ ابْنُ عَاشِرٍ (قَوْلُهُ، أَوْ الْقِيمَةُ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ) لَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى الْإِمْضَاءُ فِي مَعْدُومٍ؟ لِأَنَّا نَقُولُ الْعَدَمُ غَيْرُ مُحَقَّقٍ فَكَأَنَّهُ فِي مَوْجُودٍ (قَوْلُهُ أَنَّهُ مَا فَرَّطَ) أَيْ أَنَّهُ ضَاعَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ، أَوْ يَحْلِفُ أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ (قَوْلُهُ فَالثَّمَنُ يَضْمَنُهُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ كَمَا مَرَّ، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ غَرِمَهُ وَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ وَغَرِمَهَا فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَغْرَمَ الثَّمَنَ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ مِنْهَا حَلَفَ الْيَمِينَ فَعُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يُكَلَّفُ بِالْيَمِينِ مَعَ الضَّمَانِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ، أَوْ تَلَفَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ يُعَدُّ رَاضِيًا وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ، أَوْ أَكْثَرَ مَا لَمْ يَحْلِفْ عِنْدَ أَشْهَبَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدَّ الشِّرَاءَ، وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ (قَوْلُهُ تَغْلِيبُ جَانِبِ الْبَائِعِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ مَا فَرَّطَ، وَإِلَّا ضَمِنَ

ص: 104

لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ) عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ وَادَّعَى التَّلَفَ، أَوْ الضَّيَاعَ (وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ) مُشْتَرٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ وَمَعْنَى ضَمَانِهِ أَنَّهُ يَرُدُّهُ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. .

وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ فِي قَوْلِهِ وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ، ذَكَرَ جِنَايَةَ الْعَاقِدَيْنِ وَأَنَّهَا سِتَّ عَشْرَةَ صُورَةً: ثَمَانِيَةٌ فِي الْبَائِعِ وَمِثْلُهَا فِي الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ جِنَايَةَ كُلٍّ إمَّا عَمْدًا، أَوْ خَطَأً مُتْلَفَةً، أَوْ غَيْرَ مُتْلَفَةٍ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَبَدَأَ بِالْكَلَامِ عَلَى جِنَايَةِ الْبَائِعِ فَقَالَ (وَإِنْ)(جَنَى بَائِعٌ) زَمَنَ الْخِيَارِ (وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا) وَلَمْ يُتْلِفْهُ (فَرَدٌّ) أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ (وَخَطَأٌ فَلِلْمُشْتَرِي) إنْ أَجَازَ الْبَائِعُ بِمَالِهِ فِيهِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي (خِيَارُ الْعَيْبِ) إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ رَدَّ وَأَخَذَ الثَّمَنَ (وَإِنْ تَلِفَ) الْمَبِيعُ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ (وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي وَالْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهِ (وَتَعَمَّدَ) الْبَائِعُ الْجِنَايَةَ وَلَمْ يُتْلِفْ الْمَبِيعَ (فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، أَوْ) الْإِمْضَاءُ (أَخَذَ) أَرْشَ (الْجِنَايَةِ، وَإِنْ)(تَلِفَتْ) السِّلْعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ (ضَمِنَ) لِلْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ.

(وَإِنْ)(أَخْطَأَ) الْبَائِعُ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (أَخْذُهُ نَاقِصًا) وَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ فَجِنَايَةُ الْبَائِعِ عَلَى مِلْكِهِ، أَوْ رَدِّهِ لِلْبَائِعِ (وَإِنْ)(تَلِفَتْ) السِّلْعَةُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ (انْفَسَخَ) الْبَيْعُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةُ جِنَايَةِ الْبَائِعِ

، ثُمَّ شَرَعَ فِي ثَمَانِيَةِ جِنَايَةِ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ وَلَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا) كَمَا تَقَدَّمَ (وَخَطَأٌ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ) وَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ وَلَا شَيْءَ لَهُ (وَإِنْ أَتْلَفَهَا) الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (ضَمِنَ) لِلْبَائِعِ (الثَّمَنَ) كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ خَيَّرَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْبَائِعُ (وَجَنَى) الْمُشْتَرِي (عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) وَلَمْ تَتْلَفْ السِّلْعَةُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ رَدُّ الْبَيْعِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ (الْجِنَايَةِ، أَوْ) الْإِمْضَاءِ وَأَخْذُ (الثَّمَنِ) فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ كَمَا عَلَيْهِ جُمْلَةٌ مِنْ الشُّرَّاحِ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْخِيَارَ الْمَذْكُورَ لِلْبَائِعِ حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، فَإِنْ كَانَتْ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي دَفْعِ الثَّمَنِ وَأَخْذِ الْمَبِيعِ وَفِي تَرْكِ الْمَبِيعِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ (وَإِنْ تَلِفَتْ) فِي الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (الْأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى بَيْعِ الْخِيَارِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الِاخْتِيَارِ الْمُجَامِعِ لِلْخِيَارِ وَالْمُنْفَرِدِ عَنْهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الثَّمَنَ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الثَّمَنَ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِ لَقَدْ ضَاعَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْمُقَاصَّةِ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مُتَّفِقَيْنِ حُلُولًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَاهَا بِمُؤَجَّلٍ، وَقَدْ تَلْفِت عِنْدَ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنَّ الْبَائِعَ يَغْرَمُ الثَّمَنَ حَالًّا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ غَرِمَ الْمُشْتَرِي مَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ قَالَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لعبق وَفِي بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُمَا يَتَقَاصَّانِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ الثَّمَنَ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ مِنْ أَجَلٍ، أَوْ حُلُولٍ وَلِذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ فَعَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا. .

(قَوْلُهُ أَيْ فَفِعْلُهُ دَالٌّ عَلَى رَدِّ الْبَيْعِ) أَيْ دَالٌّ عَلَى أَنَّهُ رَدَّ الْبَيْعَ قَبْلَ جِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا تَصَرُّفٌ شَأْنُهُ لَا يَفْعَلُهُ الْإِنْسَانُ إلَّا فِي مِلْكِهِ، ثُمَّ إنَّ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا الْإِجَارَةَ كَرَّرَهُ لِأَجْلِ تَتْمِيمِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ وَخَطَأٌ) أَيْ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ خَطَأٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهُ (قَوْلُهُ إنْ أَجَازَ الْبَائِعُ) أَيْ الْبَيْعَ وَأَمْضَاهُ بِسَبَبِ مَالِهِ فِي ذَلِكَ الْمَبِيعِ مِنْ خِيَارِ التَّرَوِّي، فَإِنْ رَدَّ الْبَائِعُ الْبَيْعَ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ جِنَايَتُهُ خَطَأً رَدًّا كَجِنَايَتِهِ عَمْدًا؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ مُنَافٍ لِقَصْدِ الْفَسْخِ إذْ الْخَطَأُ لَا يُجَامِعُ الْقَصْدَ (قَوْلُهُ إنْ شَاءَ تَمَسَّكَ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ) أَيْ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَتَلِفَ الْمَبِيعُ انْفَسَخَ الْبَيْعُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْجِنَايَةِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ بِجِنَايَةِ الْبَائِعِ) أَيْ عَمْدًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَخْتَارَ الرَّدَّ إنْ كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ، أَوْ الْإِمْضَاءَ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ) الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ أَخْذِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا جَنَى عَمْدًا، أَوْ خَطَأً عَلَى الْمَبِيعِ بِخِيَارٍ لِلْبَائِعِ جِنَايَةً غَيْرَ مُتْلِفَةٍ فَفِي الْمَسْأَلَةِ طَرِيقَتَانِ: طَرِيقَةٌ لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَائِعَ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَإِمَّا أَنْ يُمْضِيَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَطَرِيقَةٌ لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْجِنَايَةَ إنْ كَانَتْ عَمْدًا خُيِّرَ الْبَائِعُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِ الْمَبِيعِ وَدَفْعِ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَتْرُكَ الْمَبِيعَ لِلْبَائِعِ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ يَدْفَعُهُ فِي كُلٍّ مِنْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مَعَ دَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ فِي الْحَالَتَيْنِ أَيْ حَالَتَيْ تَخْيِيرِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَالَةَ الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ وَفِي تَرْكِ) أَيْ رَدِّ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ) هَذَا تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ أَعَادَهُ لِتَتِمَّ الْأَقْسَامُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَكْثَرَ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ

ص: 105

فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ وَقَدْ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فَأَشَارَ إلَى الِاخْتِيَارِ مَعَ الْخِيَارِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(اشْتَرَى) الْمُشْتَرِي (أَحَدَ ثَوْبَيْنِ) لَا بِعَيْنِهِ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ (وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ) وَاحِدًا مِنْهُمَا، وَهُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ فِي إمْسَاكِهِ وَرَدِّهِ (فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا)(ضَمِنَ وَاحِدًا) مِنْهُمَا (بِالثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُ كَمَا هُوَ قَضِيَّتُهُ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لَهُ الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَيَضْمَنَ الثَّمَنَ خَاصَّةً وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ ضَيَاعُ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ ضَمِنَ وَاحِدًا أَيْ فَلَا يَضْمَنُ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ طَوْعِ الْبَائِعِ بِدَفْعِهِمَا وَسُؤَالُ الْمُشْتَرِي لَهُ ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا) وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَادَّعَى أَنَّهُ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا (أَوْ) ادَّعَى (ضَيَاعَ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا فَقَطْ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (ضَمِنَ نِصْفَهُ) لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالضَّائِعِ هَلْ هُوَ الْمَبِيعُ، أَوْ غَيْرُهُ فَأَعْمَلْنَاهُ الِاحْتِمَالَيْنِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي فِي ادِّعَاءِ ضَيَاعِ وَاحِدٍ فَقَطْ (اخْتِيَارُ) جَمِيعِ (الْبَاقِي) وَرَدُّهُ إنْ كَانَ زَمَنُ الْخِيَارِ بَاقِيًا، وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ نِصْفِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِمَا فِي اخْتِيَارِ نِصْفِ الْبَاقِي مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ، فَإِنْ: قَالَ كُنْت اخْتَرْت هَذَا الْبَاقِيَ، ثُمَّ ضَاعَ الْآخَرُ لَمْ يُصَدَّقْ وَيَضْمَنُ نِصْفَ التَّالِفِ، وَإِنْ قَالَ: كُنْت اخْتَرْت التَّالِفَ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَسَائِلٍ) غَيْرَهُ (دِينَارًا) مَثَلًا قَضَاءً عَنْ دَيْنٍ، أَوْ قَرْضًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي زَمَنِ الْخِيَارِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ لِمَا لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ. .

(قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ بَيْعُ خِيَارٍ فَقَطْ وَبَيْعُ اخْتِيَارٍ فَقَطْ وَبَيْعُ خِيَارٍ وَاخْتِيَارٍ فَبَيْعُ الْخِيَارِ فَقَطْ هُوَ الْبَيْعُ الَّذِي جُعِلَ فِيهِ الْخِيَارُ أَيْ التَّرَوِّي لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ كَأَبِيعُكَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِكَذَا عَلَى الْخِيَارِ مُدَّةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ وَبَيْعُ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ بَيْعٌ جَعَلَ فِيهِ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي التَّعْيِينَ لِمَا اشْتَرَاهُ كَأَبِيعُكَ أَحَدَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْبَتِّ بِدِينَارٍ وَجَعَلْت لَك يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ تَخْتَارُ فِيهِ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَبَيْعُ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ بَيْعٌ جَعَلَ فِيهِ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الِاخْتِيَارَ فِي التَّعْيِينِ وَبَعْدَهُ هُوَ فِيمَا يُعَيِّنُهُ بِالْخِيَارِ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ كَأَبِيعُكَ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ بِدِينَارٍ عَلَى أَنْ تَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا وَبَعْدَ اخْتِيَارِ وَاحِدٍ لَك الْخِيَارُ فِي الْأَخْذِ وَالرَّدِّ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَفِي كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَضِيعَ الثَّوْبَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا، أَوْ تَمْضِي أَيَّامُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ فَهَذِهِ تِسْعٌ وَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى حُكْمِهِمَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الثَّوْبَيْنِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ فَقَطْ كِلَاهُمَا مَبِيعٌ فَيَضْمَنُهُمَا الْمُشْتَرِي إذَا قَبَضَهُمَا ضَمَانَ الْخِيَارِ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا، أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَزِمَاهُ مَعًا فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ، وَفِي بَيْعِ الِاخْتِيَارِ فَقَطْ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا، أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا، أَوْ مَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ لَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِكُلِّ الثَّمَنِ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ وَالِاخْتِيَارِ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ، وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي وَإِذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يَخْتَرْ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ أَيْضًا فَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَ التِّسْعِ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ) الْكَافُ مُقَدَّرَةٌ فِي كَلَامِهِ أَيْ أَحَدٌ كَثَوْبَيْنِ أَيْ أَحَدُ شَيْئَيْنِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ مِنْ شَخْصٍ وَاحِدٍ) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا اشْتَرَاهُمَا مِنْ شَخْصَيْنِ فَسَيَأْتِي حُكْمُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ) أَيْ لَقَدْ ضَاعَا وَمَا فَرَّطَتْ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ ضَيَاعُ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَ بِهِ فَيُقَالُ: هَذَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَ لِلْبَائِعِ فَيَضْمَنُ لَهُ نِصْفَ الْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ لَا لِقَوْلِهِ بِالثَّمَنِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ يَضْمَنُ الْآخَرَ بِغَيْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بِدَفْعِهِمَا) أَيْ لِلْمُشْتَرِي لِيَخْتَارَ وَاحِدًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا إلَخْ) رَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنْ سَأَلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا أَحَدُهُمَا بِالْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مَبِيعَةٍ وَالْآخَرُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، وَتَضْمِينُهُ الْقِيمَةَ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ لَقَدْ ضَاعَا وَانْظُرْهُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَبِيعٍ فَمَا وَجْهُ ضَمَانِهِ لِقِيمَتِهِ.

(قَوْلُهُ ضَمِنَ نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ (قَوْلُهُ فَأَعْمَلْنَا الِاحْتِمَالَيْنِ) أَيْ احْتِمَالَ كَوْنِ الضَّائِعِ هُوَ الْمَبِيعُ وَاحْتِمَالَ كَوْنِهِ غَيْرَهُ أَيْ أَنَّنَا ارْتَكَبْنَا حَالَةً وُسْطَى؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ كَوْنِ الضَّائِعِ هُوَ الْمَبِيعُ يَلْزَمُهُ كُلُّهُ، وَعَلَى احْتِمَالِ كَوْنِهِ غَيْرَ الْمَبِيعِ يُحْكَمُ بِعَدَمِ اللُّزُومِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ وَدِيعَةٌ عِنْدَهُ فَعَمِلْنَا بِكُلٍّ مِنْ الِاحْتِمَالَيْنِ وَأَخَذْنَا مِنْ كُلٍّ طَرَفًا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ: الْقِيَاسُ أَنَّ لَهُ اخْتِيَارَ نِصْفِ الْبَاقِي لَا جَمِيعَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ ثَوْبٌ وَاحِدٌ فَإِذَا اخْتَارَ جَمِيعَ الْبَاقِي لَزِمَ كَوْنُ الْمَبِيعِ ثَوْبًا وَنِصْفًا، وَهُوَ خِلَافُ الْفَرْضِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ جَرَتْ إلَيْهِ الْأَحْكَامُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ (قَوْلُهُ ضَمِنَهُ بِتَمَامِهِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اخْتِيَارُ الْبَاقِي كَمَا فِي ح عَنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ وَشَبَّهَ فِي مُطْلَقِ الضَّمَانِ) أَيْ فِي ضَمَانِ الِاشْتِرَاكِ، وَهُوَ ضَمَانُ جُزْءٍ بِحَسَبِ

ص: 106

(فَيُعْطَى) السَّائِلُ (ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ) أَحَدَهَا غَيْرَ مُعَيِّنٍ (فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ) وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ (فَيَكُونُ) السَّائِلُ (شَرِيكًا) بِالثُّلُثِ فِي السَّالِمِ وَالتَّالِفِ فَلَهُ فِي السَّالِمِ ثُلُثُهُ وَعَلَيْهِ ثُلُثُ كُلٍّ مِنْ التَّالِفَيْنِ وَيَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا، فَإِنْ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا، فَإِنْ وَجَدَ فِيهَا جَيِّدًا وَازِنًا أَخَذَهُ، وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّانِي، وَهُوَ الْخِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) اشْتَرَاهُمَا مَعًا عَلَى أَنَّ لَهُ فِيهِمَا خِيَارُ التَّرَوِّي وَقَبَضَهُمَا (لِيَخْتَارَهُمَا) مَعًا، أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا فَالْمُرَادُ بِاخْتِيَارِهِمَا أَنَّهُ فِيهِمَا بِالْخِيَارِ لَا الِاخْتِيَارِ الْمُقَابِلِ لِلْخِيَارِ (فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) يَضْمَنُهُمَا ضَمَانَ مَبِيعِ الْخِيَارِ إنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ) أَيْ مُدَّةِ الْخِيَارِ (وَهُمَا بِيَدِهِ) وَهَذَا مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ أَتَى بِهِ لِتَتْمِيمِ أَحْكَامِ مَسْأَلَةِ الثَّوْبَيْنِ وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الِاخْتِيَارُ فَقَطْ بِقَوْلِهِ (وَفِي) اشْتِرَائِهِ عَلَى (اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا لَازِمٌ لَهُ وَإِنَّمَا الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا يَرُدُّ إلَّا أَحَدَهُمَا فَمَضَتْ مُدَّةُ الِاخْتِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ وَلَمْ يَدَّعِ ضَيَاعَ شَيْءٍ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ (يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَا يُعْلَمُ مَا هُوَ مِنْهُمَا فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِيهِمَا شَرِيكًا، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا، أَوْ ضَيَاعَ أَحَدِهِمَا كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَسَوَاءٌ كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَبِيعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا (وَفِي) اشْتِرَائِهِ أَحَدَهُمَا عَلَى (الِاخْتِيَارِ) ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ، وَهِيَ أَوَّلُ صُوَرِ هَذَا الْمَبْحَثِ إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ وَلَمْ يَخْتَرْ (لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مِنْ الثَّوْبَيْنِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ الِاخْتِيَارَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْخِيَارِ دَلِيلٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا لِكُلٍّ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ قَبَضَ لِيَخْتَارَ، ثُمَّ هُوَ فِيمَا يَخْتَارُهُ بِالْخِيَارِ وَلَا بِقَيْدِ كَوْنِ الْمَضْمُونِ نِصْفًا (قَوْلُهُ فَيُعْطَى ثَلَاثَةً) أَيْ عَلَى أَنَّ لَهُ مِنْ حِينِ الْقَبْضِ وَاحِدًا مِنْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ لِيَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةً بِذَلِكَ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا عَلَى وَجْهِ الْإِلْزَامِ أَيْ إلْزَامِ أَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ حِينِ قَبَضَهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ مَعْنَى الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ تَلَفَ الدِّينَارَيْنِ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ شَرِيكًا) هَذَا تَصْرِيحٌ بِوَجْهِ الشَّبَهِ لِخَفَائِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُقَالُ إنَّ هَذَا ضَائِعٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْ التَّشْبِيهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَجْهَ الشَّبَهِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُطْلَقُ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ خَفِيٌّ فِي الْمُشَبَّهِ بِهَا؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ فِيهَا ضَمِنَ النِّصْفَ يَتَضَمَّنُ الشَّرِكَةَ فِيهَا.

(قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ عَلَى الضَّيَاعِ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ ضَمَانِ الثُّلُثَيْنِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إذَا عَدِمَ الْبَيِّنَةَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ أَيْضًا) أَيْ ضَمِنَ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الْبَاقِي وَمِنْ التَّالِفَيْنِ كَمَا يَضْمَنُ الثُّلُثَ الثَّالِثَ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُ الدِّينَارَيْنِ التَّالِفَيْنِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِمَّا بَقِيَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُتَّهَمًا، أَوْ مُتَّهَمًا وَحَلَفَ عَلَى الضَّيَاعِ حُسِبَ لَهُ دِينَارَانِ أَخَذَهُ قَضَاءً وَيَكُونُ عَلَيْهِ إنْ أَخَذَهُ قَرْضًا، وَإِنْ كَانَ مُتَّهَمًا وَلَمْ يَحْلِفْ حُسِبَ لَهُ الدِّينَارَانِ التَّالِفَانِ إنْ أُخِذَا قَضَاءً وَحُسِبَا عَلَيْهِ إنْ أُخِذَا قَرْضًا (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَبَضَهَا عَلَى أَنْ يَنْقُدَهَا إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِنَا فَيُعْطَى ثَلَاثَةً عَلَى أَنَّ لَهُ وَاحِدًا مِنْهَا مِنْ حِينِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِيهَا) فَلَوْ ادَّعَى الدَّافِعُ عَلَى الْآخِذِ أَنَّهُ اخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا بَعْدَ نَقْدِهَا وَوَزْنِهَا وَادَّعَى الْآخِذُ أَنَّهَا ضَاعَتْ قَبْل أَنْ يَخْتَارَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ لِيَخْتَارَهُمَا) أَيْ لِيَتَرَوَّى فِي أَنْ يَأْخُذَهُمَا مَعًا، أَوْ يَرُدَّهُمَا مَعًا (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدَّهُمَا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا تَقْدِيرُهُ، أَوْ يَرُدَّهُمَا وَقَوْلُهُ بَعْدُ فَالْمُرَادُ بِالِاخْتِيَارِ إلَخْ يُؤْذِنُ بِأَنَّ الْعِبَارَةَ لَا حَذْفَ فِيهَا؛ لِأَنَّ كَوْنَهُ فِيهِمَا بِالْخِيَارِ صَادِقٌ بِالطَّرَفَيْنِ الرِّضَا وَالرَّدِّ فَالتَّفْرِيعُ لَا يُنَاسِبُ فَلَوْ قَالَ، أَوْ الْمُرَادُ إلَخْ كَانَ، أَوْلَى.

(قَوْلُهُ فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا مَعًا لَزِمَاهُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ فَقَطْ لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا الْقَرَوِيِّينَ وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَاهُ جَمِيعًا كَضَيَاعِ الْجَمِيعِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ قَالَ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ حَكَى ابْنُ مُحْرِزٍ هَذَا التَّقْيِيدَ عَنْ بَعْضِ الْمُذَاكِرِينَ قَالَ، وَهُوَ غَلَطٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهُ، أَوْ التَّبَعُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ضَمَانَهُ إيَّاهُ بِثَمَنِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ التُّهْمَةِ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ احْتَبَسَهُ لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّ الْبَاقِي كَانَ الْوَجْهُ، أَوْ التَّبَعُ اهـ. بْن (قَوْلُهُ أَتَى بِهِ لِتَتْمِيمِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ الْمُصَنِّفِ لِهَذَا الْقِسْمِ، وَهُوَ مَا إذَا اشْتَرَى الثَّوْبَيْنِ مَعًا عَلَى الْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ اسْتِيفَاءِ أَقْسَامِ الثَّوْبَيْنِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَلَامِ غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ مِنْ أَحْكَامِ الْخِيَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي الضَّيَاعَ، أَوْ التَّلَفَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَا بَاقِيَيْنِ بِيَدِهِ حَتَّى انْقَضَى أَمَدُ الْخِيَارِ لَزِمَاهُ لِقَوْلِهِ سَابِقًا وَلَزِمَاهُ بِانْقِضَائِهِ (قَوْلُهُ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَعْضُهُمْ) قَالَ بْن وَهَذَا التَّقْرِيرُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ ح وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ إنْ ادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا فَقَطْ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ ادَّعَى ضَيَاعَ وَاحِدٍ، أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ لَزِمَهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ فَلُزُومُ النِّصْفِ مِنْ كُلٍّ بِالثَّمَنِ فِي صُورَتَيْنِ عَلَى التَّقْرِيرِ الثَّانِي وَفِي ثَلَاثٍ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا) قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ عَلَى اللُّزُومِ. .

ص: 107

عَلَى الرُّجُوعِ عَنْ الْمَبِيعِ وَسَوَاءٌ كَانَا بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ الْبَائِعِ إذْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَيَلْزَمُهُ وَلَا عَلَى لُزُومِ أَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى خِيَارِ التَّرَوِّي أَتْبَعَهُ بِخِيَارِ النَّقِيصَةِ أَيْ الْعَيْبِ فَقَالَ (وَرُدَّ) أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ جَازَ رَدُّهُ لِمَا طَرَأَ لَهُ فِيهِ مِنْ الْخِيَارِ (بِعَدَمِ) وُجُودِ وَصْفٍ (مَشْرُوطٍ) اشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ لَهُ (فِيهِ غَرَضٌ) كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ كَاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا طَبَّاخَةً فَلَا تُوجَدُ كَذَلِكَ، أَوْ لَا مَالِيَّةَ فِيهِ (كَثَيِّبٍ) أَيْ كَشَرْطِ ثُيُوبَةِ أَمَةٍ (لِيَمِينٍ) عَلَيْهِ أَنْ لَا يَطَأَ بِكْرًا وَاشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ (فَيَجِدَهَا بِكْرًا) وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا وَلَا يُصَدَّقُ فِي غَيْرِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ وَجْهٍ (وَإِنْ) كَانَ الشَّرْطُ (بِمُنَادَاةٍ) عَلَيْهَا حَالَ الْبَيْعِ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ، أَوْ خَيَّاطَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ فَتُرَدُّ بِعَدَمِهِ (لَا إنْ انْتَفَى) الْغَرَضُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْقِضَاءُ الْمَالِيَّةِ كَعَبْدٍ لِلْخِدْمَةِ فَيُشْتَرَطُ أَنَّهُ غَيْرُ كَاتِبٍ فَيُوجَدُ كَاتِبًا، أَوْ أَنَّهُ جَاهِلٌ فَيُوجَدُ عَالِمًا فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَلَا رَدَّ (وَ) رَدَّ (بِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) مِمَّا يُنْقِصُ الثَّمَنَ، أَوْ الْمَبِيعَ، أَوْ التَّصَرُّفَ، أَوْ يَخَافُ عَاقِبَتَهُ، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (كَعَوَرٍ) وَأَحْرَى الْعَمَى إذَا كَانَ الْمَبِيعُ غَائِبًا، أَوْ الْمُبْتَاعُ لَا يُبْصِرُ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا بِأَنْ كَانَ الْمَبِيعُ تَامَّ الْحَدَقَةِ يُظَنُّ بِهِ الْإِبْصَارُ رُدَّ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَالْمُشْتَرِي بَصِيرًا (وَقَطْعِ) ، وَلَوْ أُنْمُلَةٍ (وَخِصَاءٍ) بِالْمَدِّ، وَإِنْ زَادَ فِي ثَمَنِ رَقِيقٍ؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ كَغِنَاءِ الْأَمَةِ وَيُسْتَثْنَى الْبَقَرُ فَإِنَّ الْخِصَاءَ فِيهَا لَيْسَ عَيْبًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ مِنْهَا إلَّا الْخَصِيُّ (وَاسْتِحَاضَةٌ) ، وَلَوْ فِي وخش؛ لِأَنَّهُ مَرَضٌ وَالنُّفُوسُ تَكْرَهُهُ إنْ ثَبَتَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ الْبَائِعِ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ تَحِيضُ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ عَلَيْهَا الدَّمُ فَلَا تُرَدُّ وَلَا حَاجَةَ لِهَذَا الْقَيْدِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ تَأَخُّرِهَا عَنْ وَقْتِ مَجِيئُهَا زَمَنًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَرُدَّ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ لِمَا طَرَأَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي الْمَفْهُومُ مِنْ السِّيَاقِ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ الْبَاءِ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ كَانَ فِيهِ مَالِيَّةٌ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الثَّمَنُ يَزِيدُ عِنْدَ وُجُودِهِ وَيَقِلُّ عِنْدَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ أَنَّ عَلَيْهِ يَمِينًا) أَيْ، وَلَوْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ سَهْلٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصْدُقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْيَمِينِ كَمَا لَا يَصْدُقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ غَيْرِهِ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً بِشَرْطِ كَوْنِهَا نَصْرَانِيَّةً فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَأَرَادَ رَدَّهَا وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَطَ كَوْنَهَا نَصْرَانِيَّةً لِكَوْنِهِ أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا مِنْ نَصْرَانِيٍّ عِنْدَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ وَجْهٍ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْيَمِينِ وَغَيْرِهَا حَيْثُ صُدِّقَ فِي الْيَمِينِ دُونَ غَيْرِهَا أَنَّ الْيَمِينَ مَظِنَّةُ الْخَفَاءِ وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الشَّرْطُ مِنْ الْمُشْتَرِي بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ بِمُنَادَاةٍ، وَلَوْ اسْتَنَدَ لِزَعْمِ الرَّقِيقِ كَأَنْ يَقُولَ السِّمْسَارُ: يَا مَنْ يَشْتَرِي مَنْ تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ وَلَا يُعِدْ مَا يَقَعُ فِي الْمُنَادَاةِ مِنْ تَلْفِيقِ السِّمْسَارِ حَيْثُ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ لَا يُلَفِّقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُمْ يُلَفِّقُونَ مِثْلَ ذَلِكَ فَلَا رَدَّ عِنْدَ عَدَمِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُنَادَاةِ عَلَى الظَّاهِرِ لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ ذَلِكَ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ مِنْهُ انْتِفَاءُ الْمَالِيَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرَطَ لِلْغَرَضِ إمَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَالِيَّةٌ أَمْ لَا، فَالْغَرَضُ أَعَمُّ مِنْ الْمَالِيَّةِ وَيَلْزَمُ مِنْ انْتِفَاءِ الْأَعَمِّ انْتِفَاءُ الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ فَيُلْغَى الشَّرْطُ) أَيْ لِكَوْنِهِ لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ لَا أُهِينُ الْعَالِمَ بِخِدْمَتِي نَعَمْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ فِي عَبْدِ الْخِدْمَةِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ كَاتِبٍ فَوَجَدَهُ كَاتِبًا أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ لِغَرَضٍ، وَهُوَ خَوْفُ اطِّلَاعِ الْعَبْدِ عَلَى عَوْرَاتِ السَّيِّدِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ) أَيْ، وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ السَّلَامَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ ذَلِكَ) أَيْ أَمْثِلَةُ الشَّيْءِ الَّذِي جَرَتْ الْعَادَةُ بِالسَّلَامَةِ مِنْهُ الْمُنْقِصِ لِلثَّمَنِ، أَوْ الْمَبِيعِ، أَوْ لِلتَّصَرُّفِ، أَوْ يَخَافُ عَاقِبَتَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْمُبْتَاعُ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَ حَاضِرًا لَكِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يُبْصِرُ وَقَوْلُهُ حَيْثُ كَانَ إلَخْ شَرْطٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَلَوْ كَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا، وَالْمُشْتَرِي مُبْصِرًا فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْعَمَى وَلَا بِالْعَوَرِ حَيْثُ كَانَ ظَاهِرًا لِحَمْلِهِ عَلَى الرِّضَى بِهِ حَالَ الْعَقْدِ، فَإِنْ كَانَ خَفِيًّا لَا يَظْهَرُ إلَّا بِتَأَمُّلٍ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ كَغِنَاءِ الْأَمَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ مُوجِبٌ لِرَدِّهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا؛ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ) قَالَ فِي الشَّامِلِ إنْ حَاضَتْ حَيْضَةَ اسْتِبْرَاءٍ، ثُمَّ اسْتَمَرَّ بِهَا الدَّمُ فَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَلَا رَدَّ اهـ. وَمَحَلُّهُ إذَا قَبَضَهَا وَهِيَ نَقِيَّةٌ مِنْ الْحَيْضِ أَمَّا إنْ قَبَضَهَا فِي أَوَّلِ الدَّمِ، ثُمَّ تَمَادِي اسْتِحَاضَةً فَإِنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ، نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَهَذَا مَحْمَلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتِحَاضَةٌ وَقَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْمَوْضُوعَةِ لِلِاسْتِبْرَاءِ أَيْ، أَوْ لِلْمُوَاضَعَةِ، أَوْ مُرَادُهُ بِالِاسْتِبْرَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمُوَاضَعَةَ (قَوْلُهُ وَرَفْعُ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) أَيْ فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَبِهَذَا قَيَّدَ ابْنُ سَهْلٍ فِي نَوَازِلِهِ وَنَصُّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ ارْتِفَاعُ الْحَيْضِ، إنَّمَا هُوَ عَيْبٌ فِي الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لَا فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا وَكَذَلِكَ فِي الْمُقَرَّبِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ ابْنَ عَتَّابٍ أَفْتَى بِأَنَّهُ عَيْبٌ حَتَّى فِي الْوَخْشِ الَّتِي لَا مُوَاضَعَةَ فِيهَا؛ لِأَنَّ لِلْمُشْتَرِي وَطْأَهَا، وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَا أَصْبِرُ عَلَى ارْتِفَاعِ حَيْضَتِهَا كَمَا أَنَّ الْحَمْلَ فِيهَا عَيْبٌ

ص: 108

لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الرِّيبَةِ وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَأَخَّرَتْ فِيمَنْ تَتَوَاضَعُ، وَأَمَّا مَنْ لَا تَتَوَاضَعُ فَلَا تُرَدُّ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ إذَا ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهَا حَاضَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْبٌ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لِدُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ (وَعَسَرٍ) بِفَتْحَتَيْنِ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِالْيُسْرَى فَقَطْ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى عُلْيَا، أَوْ وَخْشًا (وَزِنًا) ، وَلَوْ غَصْبًا (وَشُرْبٍ) لِمُسْكِرٍ، أَوْ أَكْلِ نَحْوِ أَفْيُونٍ (وَبَخَرٍ) بِفَمٍ، أَوْ فَرْجٍ، وَلَوْ فِي وَخْشٍ (وَزَعَرٍ) أَيْ عَدَمِ نَبَاتِ شَعْرِ الْعَانَةِ، وَلَوْ لِذَكَرٍ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَرَضِ إلَّا لِدَوَاءٍ وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ غَيْرِهَا كَالْحَاجِبَيْنِ (وَزِيَادَةِ سِنٍّ) عَلَى الْأَسْنَانِ، أَوْ طُولِ إحْدَاهَا فِي ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى عَلِيٍّ، أَوْ وَخْشٍ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ، أَوْ مُؤَخَّرِهِ (وَظُفْرٍ) بِالتَّحْرِيكِ لَحْمٌ نَابِتٌ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ مِنْ جِهَةِ الْأَنْفِ إلَى سَوَادِهَا وَمِثْلُهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ (وَعُجَرٍ) بِضَمٍّ فَفَتْحٍ كِبَرُ الْبَطْنِ وَقِيلَ عُقْدَةٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ، أَوْ غَيْرِهِ وَقِيلَ مَا يَنْعَقِدُ فِي الْعَصَبِ وَالْعُرُوقِ (وَبُجَرٍ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ فَفَتْحِ الْجِيمِ مَا يَنْعَقِدُ فِي ظَاهِرِ الْبَطْنِ (وَ) وُجُودُ أَحَدِ (وَالِدَيْنِ) دَنِيَّةً وَأَوْلَى وُجُودُهُمَا مَعًا، أَوْ وُجُودُ (وَلَدٍ) ، وَإِنْ سَفُلَ حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ (لَا جَدٍّ وَلَا أَخٍ) ، وَلَوْ شَقِيقًا (وَجُذَامِ أَبٍ) ، أَوْ أُمٍّ، وَإِنْ عَلَا؛ لِأَنَّهُ يُعْدِي، وَلَوْ لِأَرْبَعَيْنِ جَدًّا، وَلَوْ قَالَ أَصْلٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (أَوْ جُنُونِهِ) أَيْ الْأَصْلِ (بِطَبْعٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا دَخَلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ الْوَسْوَاسَ وَالصَّرْعَ الْمُذْهِبَ لِلْعَقْلِ (لَا) إنْ كَانَ (بِمَسِّ جِنٍّ) فَلَا يُرَدُّ بِهِ الْفَرْعُ لِعَدَمِ سَرَيَانِهِ لَهُ (وَسُقُوطِ سِنَّيْنِ) مُطْلَقًا (وَفِي الرَّائِعَةِ) أَيْ الْجَمِيلَةِ سُقُوطُ (الْوَاحِدَةِ) عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ كَوَخْشٍ، أَوْ ذَكَرٍ مِنْ مُقَدَّمٍ فَقَطْ نَقَصَ الثَّمَنَ أَمْ لَا، وَلَوْ قَالَ وَسُقُوطُ سِنٍّ إلَّا فِي غَيْرِ الْمُقَدَّمِ مِنْ وَخْشٍ فَاثْنَتَانِ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ (وَشَيْبٍ بِهَا) أَيْ بِالرَّائِعَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِنْ كَانَتْ وَخْشًا وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ الْقَصَّارِ، وَقَدْ رَأَيْت لِأَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ اهـ. مِنْهُ وَهَذَا إذَا ارْتَفَعَ حَيْضُهَا حِينَ الِاسْتِبْرَاءِ وَلَمْ يُعْلَمْ قِدَمُ ذَلِكَ أَمَّا إذَا عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ مِنْ قَبْلُ فَهُوَ عَيْبٌ مُطْلَقًا قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا عُلِمَ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ، وَقَدْ بَلَغَتْ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً وَشِبْهُ ذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ فِي جَمِيعِ الرَّقِيقِ فَارِهَةً وَدَنِيئَةً اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَتَأَخَّرَ حَيْضُهَا زَمَنًا لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ كَانَ ذَلِكَ عَيْبًا مُوجِبًا لِرَدِّهَا بِاتِّفَاقٍ إنْ كَانَتْ تَتَوَاضَعُ، فَإِنْ كَانَتْ تُسْتَبْرَأُ فَطَرِيقَتَانِ طَرِيقَةُ ابْنِ سَهْلٍ أَنَّهُ لَا يَكُونُ ذَلِكَ التَّأْخِيرُ عَيْبًا يُوجِبُ رَدَّهَا وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَتَّابٍ أَنَّهُ عَيْبٌ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهَا لَا تَحِيضُ مِنْ قَبْلُ، فَإِنْ قَالَ الْبَائِعُ إنَّهَا كَانَتْ تَحِيضُ عِنْدِي وَاحْتُمِلَ صِدْقُهُ وَكَذِبُهُ، فَإِنْ عُلِمَ أَنَّهَا كَانَتْ لَا تَحِيضُ عِنْدَهُ كَانَ عَيْبًا اتِّفَاقًا تُرَدُّ بِهِ.

(قَوْلُهُ لَا يَتَأَخَّرُ الْحَيْضُ لِمِثْلِهِ) أَيْ بِأَنْ تَأَخَّرَ شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ حَيْضُهَا شَهْرَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً فَذَلِكَ عَيْبٌ اهـ. وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهَا تُرَدُّ بِتَأَخُّرِ الْحَيْضِ لِمَا يَضُرُّ بِالْمُشْتَرِي فَتُرَدُّ بِبَقِيَّةِ عُيُوبِ الْفَرْجِ بِالْأَوْلَى قَالَ فِي الْجَلَّابِ إلَّا الْعُنَّةَ وَالِاعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ وَزِنًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلًا، أَوْ مَفْعُولًا وَشَمِلَ اللِّوَاطَ إذَا كَانَ فَاعِلًا لَا مَفْعُولًا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا أَيْضًا لَذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ وَتَخَنُّثُ عَبْدٍ (قَوْلُهُ، أَوْ أَكَلِ نَحْوِ أَفْيُونٍ) أَيْ فَمَتَى ثَبَتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ سَوَاءً كَانَ مِنْ عَلَى الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ وَخْشِهِ (قَوْلُهُ بِفَمٍ) أَيْ وَلَوْ لِذَكَرٍ كَمَا فِي ح لِتَأَذِّي سَيِّدِهِ بِكَلَامِهِ (قَوْلُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْمَرَضِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّعْرَ يَشُدُّ الْفَرْجَ وَعَدَمُهُ يُرْخِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا لِدَوَاءٍ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الزُّعُورِ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الزَّعَرُ لِغَيْرِ دَوَاءٍ بِأَنْ كَانَ خِلْقَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِدَوَاءٍ اسْتَعْمَلَهُ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا (قَوْلُهُ عَدَمُ نَبَاتِ شَعْرِ غَيْرِهَا) أَيْ مِمَّا هُوَ دَلِيلٌ عَلَى الْمَرَضِ (قَوْلُهُ بِمُقَدَّمِ الْفَمِ إلَخْ) تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ زِيَادَةِ سِنٍّ وَطُولِ إحْدَاهَا (قَوْلُهُ لَحْمٌ نَابِتٌ عَلَى بَيَاضِ الْعَيْنِ) عِبَارَةُ عج ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ الظُّفْرُ لَحْمُ نَابِتٌ فِي شَفْرِ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الشَّعْرُ النَّابِتُ فِي الْعَيْنِ) أَيْ فَيُرَدُّ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْبَصَرَ وَلَا يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ كَمَا فِي رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ حَلِفِهِ (قَوْلُهُ وَبُجَرٍ) فِي الصِّحَاحِ الْبُجَرُ بِالتَّحْرِيكِ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَوُجُودُ أَحَدِ الْوَالِدَيْنِ) أَيْ بِمَكَانِ قَرِيبٍ يُمْكِنُ إبَاقُهُ إلَيْهِ لَا إنْ كَانَ بِمَكَانٍ بَعِيدٍ جِدًّا، أَوْ انْقَطَعَتْ طَرِيقُهُ (قَوْلُهُ لَا جَدَّ) أَيْ لَا وُجُودَ جَدٍّ فِي بَلَدٍ قَرِيبٍ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ وَذَلِكَ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالْأَمَةُ مِنْ شِدَّةِ الْأُلْفَةِ وَالشَّفَقَةِ لِلْأَبَوَيْنِ وَالْأَوْلَادِ فَيَحْمِلُهُمَا ذَلِكَ عَلَى الْإِبَاقِ لَهُمَا دُونَ غَيْرِهِمَا مِنْ أَقَارِبِهِمَا (قَوْلُهُ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَا دَخْلَ لِمَخْلُوقٍ فِيهِ) أَيْ الْمُرَادُ بِالْجُنُونِ الطَّبِيعِيِّ مَا لَا دَخْلَ إلَخْ بِأَنْ كَانَ مِنْ غَلَبَةِ خَلْطِ السَّوْدَاءِ بِغَيْرِهِ مِنْ الْأَخْلَاطِ الثَّلَاثَةِ الصَّفْرَاءِ وَالدَّمِ وَالْبَلْغَمِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَهْلُ الطِّبِّ وَهَذَا أَظْهَرُ مِنْ قَوْلِ بْن نَقْلًا عَنْ شَيْخِهِ ابْنِ مُبَارَكٍ أَنَّ الْجُنُونَ الطَّبِيعِيَّ مَا يَكُونُ مِنْ جِنٍّ يَسْكُنُ فِي الشَّخْصِ مِنْ أَوَّلِ الْخِلْقَةِ فَمَتَى خَلَقَ اللَّهُ الْإِنْسَانَ خَلَقَ سُكَّانَهُ مَعَهُ فَصَارَ صَرْعُهُمْ وَوَسْوَسَتُهُمْ لَهُ بِالطَّبْعِ أَيْ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ وَمَسِّ الْجِنِّ هُوَ الصَّرْعُ الْعَارِضُ مِنْ الْجِنِّ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا يَسْكُنُ فِي الْمَصْرُوعِ بَلْ يَعْرِضُ لَهُ أَحْيَانًا اهـ. كَلَامُهُ.

(قَوْلُهُ لَا بِمَسِّ جِنٍّ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ تَأَمَّلْ كَيْفَ جَعَلُوا هُنَا مَسَّ الْجِنِّ لَيْسَ بِعَيْبٍ مَعَ أَنَّ عُيُوبَ الرَّقِيقِ يُرَدُّ بِقَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَجَعَلُوا الْجُنُونَ فِي الزَّوْجَيْنِ، وَلَوْ مَرَّةً فِي الشَّهْرِ عَيْبًا مَعَ أَنَّ عُيُوبَهُمَا الَّتِي يُرَدُّ بِهَا مَا كَانَتْ كَثِيرَةً لَا قَلِيلَةً اهـ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ مَا فِي النِّكَاحِ فِي نَفْسِ الزَّوْجِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فِي أَصْلِ الرَّقِيقِ، وَهُوَ أَضْعَفُ كَمَا هُوَ

ص: 109

الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا (فَقَطْ، وَإِنْ قَلَّ) لَا بِوَخْشٍ، أَوْ ذَكَرٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ بِحَيْثُ يَنْقُصُ مِنْ الثَّمَنِ (وَجُعُودَتِهِ) أَيْ كَوْنُهُ غَيْرَ مُرَجَّلٍ أَيْ مُرْسَلٍ بِأَنْ يَكُونُ فِيهِ تَكْسِيرَاتٌ مِنْ لَفِّهِ عَلَى عُودٍ وَنَحْوِهِ، وَلَوْ فِي وَخْشٍ لَا مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُتَمَدَّحُ بِهِ (وَصُهُوبَتِهِ) أَيْ كَوْنُهُ يَضْرِبُ إلَى الْحُمْرَةِ فِي رَائِعَةٍ فَقَطْ إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَمْ تَكُنْ مِنْ قَوْمٍ عَادَتُهُنَّ ذَلِكَ (وَكَوْنُهُ وَلَدَ زِنَا) ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ (، وَلَوْ وَخْشًا) أَيْ دَنِيًّا خَسِيسًا (وَبَوْلٍ فِي فَرْشٍ) حَالَ نَوْمِهِ (فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ) فِيهِ الْبَوْلَ بِأَنْ يَبْلُغَ زَمَنًا لَا يَبُولُ الصَّغِيرُ فِيهِ غَالِبًا (إنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ حُصُولُهُ (عِنْدَ الْبَائِعِ، وَإِلَّا) يَثْبُتُ وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ (حَلَفَ) أَنَّهَا لَمْ تَبُلْ عِنْدَهُ، وَإِلَّا رُدَّتْ عَلَيْهِ (إنْ أُقِرَّتْ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ وُضِعَتْ النَّسَمَةُ الْمَبِيعَةُ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى (عِنْدَ غَيْرِهِ أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) وَبَالَتْ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ يَشْمَلُ مَا إذَا أُقِرَّتْ عِنْدَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُشْتَرِي يَشْمَلُ الْبَائِعَ وَالْأَجْنَبِيَّ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ إذْ الْمُرَادُ أَنَّهَا أُقِرَّتْ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ رَجُلٍ ذِي زَوْجٍ وَيُقْبَلُ خَبَرُ الْمَرْأَةِ، أَوْ الزَّوْجِ عَنْ زَوْجَتِهِ بِبَوْلِهَا عِنْدَهُ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إنْ بَالَتْ عِنْدَ أَمِينٍ كَانَ أَبْيَنَ وَدَلَّ قَوْلُهُ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي وُجُودِهِ وَعَدَمِهِ لَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ إذْ لَا يَحْسُنُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ إنْ أُقِرَّتْ إلَخْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ظَاهِرٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا) صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ بِالرَّائِعَةِ الشَّابَّةِ الَّتِي لَا يَشِيبُ مِثْلُهَا وَمَحَلُّ الرَّدِّ بِالشَّيْبِ وَمَا بَعْدَهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ وَقْتَ الْعَقْدِ، وَإِلَّا فَلَا لِدُخُولِهِ عَلَى الرِّضَا بِذَلِكَ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَجُعُودَتُهُ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ شَعْرَهَا قَدْ سَوِدَ، أَوْ جَعُدَ فَإِنَّهُ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ اهـ. اللَّخْمِيُّ إنْ فَعَلَ بِشَعْرِهَا فَعَلَ وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا رُدَّتْ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَالتَّجْعِيدُ أَنْ يَكُونَ شَعْرُهَا أَسْبَطَ فَيُلَفُّ عَلَى عُودٍ؛ لِأَنَّ الْأَجْعَدَ أَحْسَنُ مِنْ الْأَسْبِطِ وَعَلَيْهِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ لَوْ قَالَ وَتَجْعِيدُهُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ وَخْشًا) قَالَ ح الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَبْلَهُ أَيْ الْجُعُودَةِ وَالصُّهُوبَةِ وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًا اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ فَفِي أَبِي الْحَسَنِ قَالَ عِيَاضٌ مَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الصَّهْبَاءَ لَوْ سَوِدَ شَعْرُهَا لَكَانَ لَهُ الْقِيَامُ؛ لِأَنَّ هَذَا غِشٌّ وَتَدْلِيسٌ قَالَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَبِيبٍ وَذَلِكَ فِي الرَّائِعَةِ وَلَيْسَ فِي غَيْرِهَا عَيْبًا، ثُمَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ رَائِعَةً، أَوْ يَكُونَ ذَلِكَ يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ عبق التَّابِعُ لَهُ شَارِحُنَا مِنْ التَّقْيِيدِ بِالرَّائِعَةِ هُوَ الصَّوَابُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فِي وَقْتٍ) أَيْ إذَا حَصَلَ ذَلِكَ الْبَوْلُ فِي وَقْتِ، وَقَوْلُهُ يُنْكَرُ فِيهِ الْبَوْلُ أَيْ مِنْهُ وَقَوْلُهُ أَنَّهَا أَيْ الذَّاتُ الْمَبِيعَةُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّتْ) شَرَطَ فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ حُصُولُ الْبَوْلِ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ حُصُولَ الْبَوْلِ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا أَخْبَرَ بِبَوْلِهِ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَبُلْ عِنْدَهُ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَتْ مُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ نَكَلَ رَدَّ ذَلِكَ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ وَالنَّفَقَةَ فِي زَمَنِ وَضْعِهَا عِنْدَ الْأَجْنَبِيِّ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يُقَالُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلَفَ أَيْ الْبَائِعُ إنْ أَقَرَّتْ إلَخْ يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِيَ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ أَيْ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ النَّسَمَةَ لَمَّا أَقَرَّتْ عِنْدَ الْغَيْرِ وَبَالَتْ كَانَ فِي ذَلِكَ تَرْجِيحٌ لِقَوْلِ الْمُشْتَرِي فَلِذَلِكَ حَلَفَ الْبَائِعُ اهـ. خش (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ) الْأَوْلَى كَمَا هُوَ الْمَقْصُودُ أَيْ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ وَضْعِهِ عِنْدَ الْغَيْرِ أَنْ يَبُولَ عِنْدَهُ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَيْسَ بِقَدِيمٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُحَلِّفُ الْمُشْتَرِي بَائِعَهُ عَلَى عَدَمِ قِدَمِهِ بِمُجَرَّدِ دَعْوَاهُ وَلَا بِمُجَرَّدِ الْوَضْعِ عِنْدَ الْغَيْرِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَوْلِ عِنْدَ مَنْ وُضِعَتْ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تَتَأَتَّى الْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا تُوضَعُ عِنْدَهُ أَصْلًا كَمَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بَلْ تُوضَعُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا إمَّا أَنَّهَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَلِأَنَّهُ يُتَّهَمُ فِي قَوْلِهِ بَالَتْ عِنْدِي، وَإِمَّا أَنَّهَا لَا تُوضَعُ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلِاحْتِمَالِ أَنْ تَبُولَ عِنْدَهُ وَيُنْكِرُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْ امْرَأَةٍ، أَوْ رَجُلٍ ذِي زَوْجٍ) هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَمَةً، وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَبْدًا فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ رَجُلٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجٌ (قَوْلُهُ بِبَوْلِهَا) أَيْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَالَ إلَخْ) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي حَلِفِ الْبَائِعِ مِنْ إقْرَارِهَا تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَوْلِهَا عِنْدَهُ (قَوْلُهُ إذْ لَا يَحْسُنُ حِينَئِذٍ أَنْ يُقَالَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَوْلَ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقِ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَنِزَاعُهُمَا إنَّمَا هُوَ فِي كَوْنِهِ قَدِيمًا عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ حَادِثًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي

ص: 110

وَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْحُدُوثِ وَقِدَمِهِ، الْقَوْلُ لِمَنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لَهُ، أَوْ رَجَحَتْ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ كَمَا يَأْتِي (وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ وَفُحُولَةِ أَمَةٍ اشْتَهَرَتْ) هَذِهِ الصِّفَةُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَهَرَا بِأَلْفِ التَّثْنِيَةِ (وَهَلْ هُوَ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَفُحُولَةِ الْأَمَةِ (الْفِعْلُ) بِأَنْ يُؤْتَى الذَّكَرُ وَتَفْعَلُ الْأُنْثَى فِعْلَ شِرَارِ النِّسَاءِ، وَإِلَّا لَمْ يُرَدَّ وَلَا يَتَكَرَّرُ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَزِنًا؛ لِأَنَّهُ فِي الْفَاعِلِ وَمَا هُنَا فِي الْمَفْعُولِ (أَوْ التَّشَبُّهِ) بِأَنْ يَتَكَسَّرَ الْعَبْدُ فِي مَعَاطِفِهِ وَيُؤَنِّثَ كَلَامَهُ كَالنِّسَاءٍ وَتُذَكِّرَ الْأَمَةُ كَلَامَهَا وَتُغَلِّظَهُ (تَأْوِيلَانِ وَقَلَفِ ذَكَرٍ) أَيْ تَرْكِ خِتَانِهِ (وَ) تَرْكِ خِفَاضِ (أُنْثَى) مُسْلِمَيْنِ، وَلَوْ وَخْشًا (مُوَلَّدٌ) كُلٌّ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَفِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (أَوْ طَوِيلِ الْإِقَامَةِ) بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي مِلْكِهِمْ وَفَاتَ وَقْتُهُ فِيهِمَا بِأَنْ بَلَغَا طَوْرًا يُخْشَى مَرَضُهُمَا إنْ خُتِنَا فَالْمُصَنِّفُ أَخَلَّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ: كَوْنُهُمَا مُسْلِمَيْنِ وَفَاتَ وَقْتُ الْفِعْلِ وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ مِنْهُمَا وُلِدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ، أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي مِلْكِهِ (وَخُتِنَ مَجْلُوبُهُمَا) خَشْيَةَ كَوْنِهِمَا مِنْ رَقِيقٍ آبِقٍ إلَيْهِمْ، أَوْ غَارُوا عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَا مِنْ قَوْمٍ لَيْسَ عَادَتُهُمْ الِاخْتِتَانَ، ثُمَّ شِبْهُهُ فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ بِعَدَمٍ مَشْرُوطٍ فِيهِ قَوْلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَلَا يَتَأَتَّى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْبَائِعَ يَحْلِفُ مَا بَالَتْ عِنْدَهُ إنْ وُضِعَتْ عِنْدَ أَمِينٍ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهَا بَالَتْ.

(قَوْلُهُ لِمَنْ شَهِدَتْ الْعَادَةُ لَهُ) أَيْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ مُسْتَنِدَةً لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ رَجَحَتْ بِلَا يَمِينٍ) فِيهِ نَظَرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ قَطْعًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ شَهِدَتْ لَهُ ظَنًّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، وَإِنْ لَمْ تُقْطَعْ وَلَمْ تُظَنَّ لِوَاحِدٍ بَلْ حَصَلَ الشَّكُّ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ وَإِنَّمَا حَلَفَ مَعَ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ فِي الْبَوْلِ الشَّكُّ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ (قَوْلُهُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتَهَرَتْ الْأَمَةُ فَقَطْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ اشْتَهَرَا بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ) أَيْ فَالِاشْتِهَارُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَفِي فُحُولَةِ الْأَمَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ عَنْ الْوَاضِحَةِ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَيْضًا عَنْهَا فَإِنَّ ظَاهِرَهَا أَنَّ الشُّهْرَةَ شَرْطٌ فِي رَدِّ الْأُنْثَى بِالْفُحُولَةِ، وَأَمَّا الْعَبْدُ فَيُرَدُّ بِالتَّخَنُّثِ اُشْتُهِرَ بِذَلِكَ أَمْ لَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الْأَمَةُ بِهَذَا الْقَيْدِ وَلَمْ يُجْعَلْ الرَّجُلَ مُشَارِكًا لَهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ التَّخَنُّثَ فِي الْعَبْدِ يُضْعِفُهُ عَنْ الْعَمَلِ وَيُنْقِصُ نَشَاطَهُ وَالتَّذْكِيرُ فِي الْأَمَةِ لَا يَمْنَعُ جَمِيعَ الْخِصَالِ الَّتِي تُرَادُ مِنْهَا وَلَا يُنْقِصُهَا فَإِذَا اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ كَانَ عَيْبًا؛ لِأَنَّهَا مَلْعُونَةٌ فِي الْحَدِيثِ وَجَعَلَ فِي الْوَاضِحَةِ الِاشْتِهَارَ قَيْدًا فِي الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ اهـ. عِيَاضٌ فَتَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ الْإِفْرَادَ فِي الِاشْتِهَارِ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ هُوَ الصَّوَابُ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلِابْنِ الْحَاجِبِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يُؤْتَى الذَّكَرُ) أَيْ فِي دُبُرِهِ وَقَوْلُهُ فِعْلُ شِرَارِ النِّسَاءِ أَيْ مِنْ الْمُسَاحَقَةِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَرُدَّ أَيْ، وَإِلَّا يَحْصُلُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْفِعْلِ فَلَا رَدَّ، وَلَوْ حَصَلَ التَّشَبُّهُ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ، أَوْ التَّشَبُّهُ) أَيْ وَإِذَا حَصَلَ الرَّدُّ بِالتَّشَبُّهِ فَالرَّدُّ بِالْفِعْلِ، أَوْلَى (قَوْلُهُ وَمَا هُنَا فِي الْمَفْعُولِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْفَاعِلَ يُرَدُّ بِالزِّنَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَهِرْ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْفَاعِلُ لَائِطًا، وَأَمَّا الْمَفْعُولُ فَلَا يُرَدُّ إلَّا إذَا اشْتَهَرَ بِتِلْكَ الصِّفَةِ عَلَى مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَسَبَبُهُمَا أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ يُرَدُّ بِتَخَنُّثِ الْعَبْدِ وَتَذَكُّرِ الْأَمَةِ إنْ اشْتَهَرَتْ وَفِي الْوَاضِحَةِ أَنَّهُمَا يُرَدَّانِ بِالْفِعْلِ دُونَ التَّشَبُّهِ فَجَعَلَهُ عَبْدُ الْحَقِّ تَفْسِيرًا لَهَا وَجَعَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ خِلَافًا وَاحْتَجَّ لَهُ أَبُو عِمْرَانَ بِأَنَّهُ لَوْ رَأَى الْفِعْلَ لَكَانَ عَيْبًا، وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَحْتَاجُ لِقَيْدِ الِاشْتِهَارِ فِي الْأَمَةِ فَلِذَا حُمِلَ التَّخَنُّثُ وَالْفُحُولَةُ عَلَى التَّشَبُّهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، أَوْ طَوِيلُ الْإِقَامَةِ) أَيْ، أَوْ كَانَ لَيْسَ مُوَلَّدًا بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ لَكِنَّهُ طَالَتْ إقَامَتُهُ بَيْنَهُمْ (قَوْلُهُ وَفَاتَ وَقْتُهُ فِيهِمَا) أَيْ وَفَاتَ وَقْتُ الْخِتَانِ فِي كُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (قَوْلُهُ فَالْمُصَنِّفُ أَخَلَّ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّدِّ بِعَدَمِ الْخِتَانِ إذَا وُلِدَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنْ يُولَدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَأَنْ يَفُوتَ وَقْتُ خِتَانِهِ وَشَرْطُ الرَّدِّ فِيمَنْ لَمْ يُولَدْ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا وَأَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَأَنْ يَفُوتَ وَقْتُ خِتَانِهِ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِشَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْقُيُودِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَا وُلِدَ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ، أَوْ وُلِدَ بِغَيْرِهَا وَطَالَتْ إقَامَتُهُ فِيهَا يَرُدُّ بِتَرْكِ الْخِتَانَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ مِنْهُمَا) أَيْ وَكَوْنُ الْمَوْلُودِ الَّذِي وُلِدَ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ حَالَةَ كَوْنِهِ مِنْهُمَا أَيْ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى وُلِدَ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ وَخُتِنَ مَجْلُوبِهِمَا) أَيْ الْمَجْلُوبِ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ وَالنَّصُّ يُفِيدُ أَنَّ الْخِتَانَ إنَّمَا يَكُونُ عَيْبًا فِي الْمَجْلُوبِ إذَا كَانَ نَصْرَانِيًّا، أَوْ كَافِرًا غَيْرُهُ لَا يَخْتَتِنُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْتَتِنُ كَالْيَهُودِ فَلَا يَكُونُ وُجُودُهُ مَخْتُونًا عَيْبًا اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَهُ إلَخْ)

ص: 111

(كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ) أَيْ بِعَدَمِ بَرَاءَةِ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (اشْتَرَاهُ) مَنْ أَرَادَ بَيْعَهُ (بِبَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ تَمْنَعُ رَدًّا بِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ صَرِيحَةً كَمَا إذَا اشْتَرَاهُ مِمَّنْ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ، أَوْ حُكْمًا كَشِرَائِهِ مِنْ الْحَاكِمِ، أَوْ الْوَارِثِ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْت أَنَّك اشْتَرَيْته بِالْبَرَاءَةِ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْك إذْ قَدْ أُصِيبُ بِهِ عَيْبًا وَتُفْلِسُ، أَوْ تَكُونُ عَدِيمًا فَلَا يَكُونُ لِي رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِك. .

، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعُيُوبِ الْخَاصَّةِ بِالدَّوَابِّ وَلِذَا عَطَفَهُ مُكَرِّرًا كَافَ التَّشْبِيهِ بِقَوْلِهِ (وَكَرَهَصٍ) ، وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ بَاطِنَ الْحَافِرِ مِنْ حَجَرٍ (وَعَثْرٍ) شَهِدَتْ الْعَادَةُ بِقِدَمِهِ، أَوْ قَامَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى قِدَمِهِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ (وَحَرْنٍ) ، وَهُوَ عَدَمُ الِانْقِيَادِ (وَعَدَمُ حَمْلِ مُعْتَادٍ) بِأَنْ وَجَدَهَا لَا تُطِيقُ حَمْلَ أَمْثَالِهَا لِضَعْفِهَا وَمِثْلُهُ عَدَمُ سَيْرِهَا سَيْرَ أَمْثَالِهَا عَادَةً (لَا) رَدَّ فِي (ضَبَطٍ) ، وَهُوَ الْعَمَلُ بِكِلْتَا الْيَدَيْنِ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قُوَّةُ الْيَمِينِ عَنْ قُوَّتِهَا الْمُعْتَادَةِ لَوْ كَانَ الْعَمَلُ بِهَا وَحْدَهَا (وَ) لَا رَدَّ فِي (ثُيُوبَةٍ) فِيمَنْ يُفْتَضُّ مِثْلُهَا، وَلَوْ رَائِعَةً (إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا) لِصِغَرِهَا فَعَيْبٌ فِي رَائِعَةٍ مُطْلَقًا كَوَخْشٍ إنْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَذَا فِي نُسْخَةِ الْمُؤَلِّفِ بِخَطِّهِ وَالْأَوْلَى، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ (قَوْلُهُ كَبَيْعٍ بِعُهْدَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا عَكْسُهُ، وَهُوَ بَيْعُهُ بِبَرَاءَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِعُهْدَةٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ كَذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةً لِلتَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ (قَوْلُهُ أَيْ بِعَدَمِ بَرَاءَةٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ هُنَا ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ لَا ضَمَانُهُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْبَرَاءَةِ عِبَارَةٌ عَنْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ (قَوْلُهُ مِنْ عُيُوبٍ لَا يَعْلَمُهَا) اعْلَمْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ الَّذِي يُوجَدُ فِي الْمَبِيعِ لَا تَجُوزُ إلَّا فِي الرَّقِيقِ وَلَا تَجُوزُ فِي غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ عَرَضًا، أَوْ حَيَوَانًا غَيْرَ رَقِيقٍ عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ الْعُيُوبِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِيهِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ وَلَا عِبْرَةَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ بِخِلَافِ الرَّقِيقِ إذَا بِيعَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، ثُمَّ اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فَلَا رَدَّ لَهُ وَإِنَّمَا تَجُوزُ الْبَرَاءَةُ فِي الرَّقِيقِ إذَا طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَ الْبَائِعِ وَأَنْ يَجْهَلَ الْبَائِعُ الْعُيُوبَ الَّتِي تَبَرَّأَ مِنْهَا وَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عُيُوبِ لَا يَعْلَمُهَا مَعَ طُولِ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَشِرَائِهِ مِنْ الْحَاكِمِ) أَيْ الَّذِي يَبِيعُ تَرِكَةَ الْمَيِّتِ، أَوْ مَالَ الْمُفْلِسِ لِأَجْلِ وَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُعْلِمْ الْمُشْتَرِيَ حِينَ بَاعَهُ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ الَّذِي بَاعَهُ لَهُ بِالْعُهْدَةِ كَأَنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ. .

(قَوْلُهُ وَكَرَهْصٍ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ الدَّبَرَ، وَهُوَ الْقُرْحَةُ وَالنِّطَاحُ وَالرَّفْسُ إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَتَقْوِيسُ الذِّرَاعَيْنِ وَقِلَّةُ الْأَكْلِ وَالنُّفُورُ الْمُفْرِطِينَ، وَأَمَّا كَثْرَةُ الْأَكْلِ فَلَيْسَتْ عَيْبًا فِي الْحَيَوَانِ الْبَهِيمِيِّ، وَعَيْبٌ فِي الرَّقِيقِ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْمُعْتَادِ اهـ. عَدَوِيٌّ وَفِي بْن وَجَدْتُ بِخَطِّ ابْنِ غَازِيٍّ مَا نَصُّهُ قِيلَ: الْعَمَلُ الْيَوْمُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى فَرَسًا فَأَقَامَ عِنْدَهُ شَهْرًا لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ رَدِّهِ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَانْظُرْ هَلْ يَصِحُّ هَذَا؟ اهـ. قُلْت: وَقَدْ اُشْتُهِرَ بِهَذَا الْعَمَلُ فِي فَاسَ فَفِي نَظْمِ الْعَمَلِيَّاتِ

وَبَعْدَ شَهْرٍ الدَّوَابُّ بِالْخُصُوصْ

بِالْعَيْبِ لَا تُرَدُّ فَافْهَمْ النُّصُوصْ

(قَوْلُهُ شَهِدَتْ الْعَادَةُ) الْأَوْلَى شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقِدَمِهِ بِأَنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ كَانَ بِهَا، وَهِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ عَلَى قَدَمِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ بِقَوَائِمِهَا، أَوْ بِغَيْرِهَا أَثَرُهُ وَقَالَ أَهْلُ النَّظَرِ: إنَّهُ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدَ بَيْعِهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ مَا عَلِمَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَدِيمٌ وَرَدَّ هَذَا إنْ كَانَتْ الدَّعْوَى دَعْوَى تَحْقِيقٍ، وَإِلَّا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ حَمْلٍ مُعْتَادٍ) الْمُرَادُ بِالْحَمْلِ مَا يُحْمَلُ عَلَى الدَّابَّةِ لَا الْوَلَدِ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُصَوَّرَ بِمَا إذَا شَرَطَ الْمُشْتَرِي عِنْدَ الشِّرَاءِ حَمْلَ الدَّابَّةِ فَوَجَدَهَا غَيْرَ حَامِلٍ فَلَهُ الرَّدُّ حَيْثُ اُعْتِيدَ حَمْلُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي حَمْلَهَا جَعَلَ لِلْجَنِينِ ثَمَنًا وَذَلِكَ مُفْسِدٌ لِلْبَيْعِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخِيَارُ فِي الرَّدِّ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَنْقُصْ قُوَّةُ الْيَمِينِ) أَيْ فَإِنْ نَقَصَتْ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ وَلَا يَجْبُرُ ضَعْفَ الْيَمِينِ زِيَادَةُ قُوَّةِ الْيَسَارِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ (قَوْلُهُ: وَلَا رَدَّ فِي ثُيُوبَةٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً يُفْتَضُّ مِثْلُهَا لِكَوْنِهَا كَبِيرَةً فَوَجَدَهَا ثَيِّبًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِطْ بَكَارَتَهَا فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهَا سَوَاءٌ كَانَتْ عَلِيَّةً، أَوْ وَخْشًا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عَدَمُ سَلَامَتِهَا مِنْ الِافْتِضَاضِ وَتُحْمَلُ عَلَى أَنَّهَا قَدْ وُطِئَتْ لَا عَلَى أَنَّهَا زَنَتْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِمَاءِ اقْتِنَاؤُهُنَّ لِلْوَطْءِ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) أَيْ تُرَدَّ بِهِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ اشْتَرَطَ أَنَّهَا غَيْرُ مُفْتَضَّةٍ أَمْ لَا؛ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَطَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فَلَا تُرَدُّ

ص: 112

(وَعَدَمِ فُحْشِ ضِيقِ قُبُلٍ) ، فَإِنْ تَفَاحَشَ ضِيقُهُ فَعَيْبٌ، وَكَذَا السِّلْعَةُ الْمُتَفَاحِشَةُ وَاخْتِلَاطُ مَسْلَكَيْ الْبَوْلِ وَالْغَائِطِ (وَ) عَدَمِ فُحْشِ (كَوْنِهَا زَلَّاءَ) أَيْ قَلِيلَةَ لَحْمِ الْأَلْيَتَيْنِ (وَ) لَا رَدَّ فِي (كَيٍّ) بِنَارٍ (لَمْ يُنْقِصْ) الثَّمَنَ، فَإِنْ نَقَصَهُ فَعَيْبٌ وَالْآدَمِيُّ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ (وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ) عِنْدَ الْبَائِعِ لَا رَدَّ بِهَا (حُبِسَ فِيهَا) وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُحْبَسْ (ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ) بِثُبُوتِ أَنَّ السَّارِقَ غَيْرُهُ، أَوْ بِوُجُودِ الْمَتَاعِ لَمْ يُسْرَقْ، أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَتَاعِ بِذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ بَرَاءَتُهُ فَلَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ مَشْهُورًا بِالْعَدَاءِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ عَيْبٌ (وَ) لَا رَدَّ فِي (مَا) أَيْ عَيْبٍ (لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ) أَيْ تَغْيِيرٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ (كَسُوسِ الْخَشَبِ وَ) فَسَادِ بَطْنِ (الْجَوْزِ) وَنَحْوِهِ (وَمُرِّ قِثَّاءٍ) وَبِطِّيخٍ وَجَدَهُ غَيْرَ مُسْتَوٍ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الرَّدَّ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ فَيُعْمَلُ بِهِ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِلَفْظِ يَنْبَغِي، وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ (وَلَا قِيمَةَ) لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فِي نَقْصِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا. .

ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغْيِيرِهِ الَّذِي هُوَ مَفْهُومُ مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ إلَخْ بِقَوْلِهِ (وَرَدُّ الْبَيْضِ) لِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ قَبْلَ كَسْرِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي كَسْرِهِ إنْ كَسَرَهُ، دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا هَذَا إنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ كَالْمُنْتِنِ وَكَذَا إنْ جَازَ أَكْلُهُ كَالْمَمْرُوقِ إنْ دَلَّسَ بَائِعُهُ كَسَرَهُ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا، أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ وَلَمْ يَكْسِرْهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالثُّيُوبَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ فُحْشٍ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَ قُبُلَهَا ضَيِّقًا ضِيقًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ فَلَا رَدَّ لَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مَمْدُوحٌ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ) أَيْ فَتُرَدُّ بِهِ إنْ كَانَتْ تِلْكَ الْجَارِيَةُ مِنْ جِوَارِي الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ كَالنَّقْصِ فِي الْخِلْقَةِ، وَإِلَّا فَلَا، فَإِنْ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي فُحْشِ ضِيقِهِ، أَوْ فِي فُحْشِ اتِّسَاعِهِ وَعَدَمِ فُحْشِهِ؛ نَظَرَهَا النِّسَاءِ وَتُجْبَرُ الْأَمَةُ عَلَى تَمْكِينِهِنَّ مِنْ الِاطِّلَاعِ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ فَإِنَّهَا لَا تُجْبَرُ عَلَى نَظَرِهِنَّ لَهَا لَكِنْ لَوْ مَكَّنَتْ جَازَ لَهُنَّ النَّظَرُ اهـ. تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَوْنُهَا زَلَّاءُ) عَطْفٌ عَلَى ضِيقٍ فَالْقَيْدُ، وَهُوَ عَدَمُ الْفُحْشِ مُسْتَفَادٌ مِنْ كَلَامِهِ بِمَعُونَةِ الْعَطْفِ أَيْ إنَّهُ إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا صَغِيرَةَ الْأَلْيَتَيْنِ صِغَرًا غَيْرَ مُتَفَاحِشٍ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّهَا أَمَّا لَوْ جُعِلَ عَطْفًا عَلَى عَدَمٍ فَلَا يَكُونُ كَلَامُهُ مُفِيدًا لِذَلِكَ الْقَيْدِ، وَاعْلَمْ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِهَذَا الْقَيْدِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي ح؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ كَوْنَهَا زَلَّاءَ لَيْسَ عَيْبًا لَكِنْ أَوَّلَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِمَا إذَا كَانَ يَسِيرًا كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ (قَوْلُهُ لَمْ يَنْقُصْ الثَّمَنَ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ نَقَصَ الْجَمَالَ، وَهُوَ مُفَادُ الشَّامِلِ كَمَا فِي ح وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يُخَالِفُهُ فَيُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى نَقَصَ الثَّمَنَ، أَوْ الْجَمَالَ، أَوْ الْخِلْقَةَ فَهُوَ عَيْبٌ، وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ. بْن فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَمِّمَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ لَمْ يَنْقُصْ أَيْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ نَقْصٌ لِلثَّمَنِ وَلَا لِلْجَمَالِ وَلَا لِلْخِلْقَةِ، وَالْمُرَادُ بِالثَّمَنِ هُنَا الْقِيمَةُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْبِسْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ مَشْهُورٍ بِالْعَدَاءِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُتَّهَمًا فِي نَفْسِهِ) أَيْ بِالسَّرِقَةِ لِكَوْنِهِ مَشْهُورًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَا رَدَّ فِيمَا إلَخْ) أَيْ لَا رَدَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرِ ذَاتِ الْمَبِيعِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَرِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْعَادَةُ كَالشَّرْطِ) أَيْ فَإِذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِالرَّدِّ بِذَلِكَ الْعَيْبِ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ عَمِلَ بِهَا (قَوْلُهُ بَعْدَ تَغْيِيرِهَا) أَيْ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهَا بَعْدَ تَغَيُّرِهَا. .

(قَوْلُهُ ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغْيِيرِهِ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ ذِكْرِ الْعَيْبِ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ ذَكَرَ الْعَيْبَ الَّذِي يُمْكِنُ الِاطِّلَاعُ عَلَيْهِ قَبْلَ تَغْيِيرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ وَرَدَّ الْبَيْضَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْضَ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ مَذِرًا، أَوْ مَمْرُوقًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكْسِرَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ يَشْوِيَهُ، أَوْ لَا يَفْعَلُ بِهِ فِعْلًا فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ فَمَتَى اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى كَوْنِهِ مَذِرًا فَإِنَّهُ يُرَدُّ لِبَائِعِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا كَسَرَهُ، أَوْ شَوَاهُ، أَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا أَصْلًا وَذَلِكَ لِفَسَادِ بَيْعِهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى كَوْنِهِ مَمْرُوقًا، فَإِنْ دَلَّسَ الْبَائِعُ كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ، أَوْ لَمْ يَفْعَلْ بِهِ فِعْلًا أَصْلًا وَأَمَّا إنْ شَوَاهُ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَفَاتَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، فَإِنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِهِ قَبْلَ الْكَسْرِ وَالشَّيِّ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَاسُكِ وَالرَّدِّ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا عَلَيْهِ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ شَيِّهِ، أَوْ قَلْيِهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ النَّقْصِ وَفَاتَ الْبَيْعُ، وَإِنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ كَسْرِهِ وَلَمْ يَشْوِهِ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ بِالْكَسْرِ وَالتَّمَاسُكِ بِهِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ بِأَنْ يَقُومَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ إنْ كَسَرَهُ) أَيْ أَوْ شَوَاهُ

ص: 113

فَإِنْ كَسَرَهُ فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِمَا بَيْنَ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمَعِيبًا فَيُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ صَحِيحٌ غَيْرُ مَعِيبٍ، وَصَحِيحٌ مَعِيبٌ فَإِذَا قِيلَ قِيمَتُهُ صَحِيحًا غَيْرَ مَعِيبٍ عَشْرَةٌ وَصَحِيحًا مَعِيبًا ثَمَانِيَةٌ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ وَهَذَا إذَا كَسَرَهُ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ أَيَّامٍ لَمْ يُرَدَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَفَسَدَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي. .

وَلَمَّا كَانَ الْمَذْهَبُ وُجُوبُ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إلَّا الدَّارَ فَإِنَّ عَيْبَهَا قَدْ يَزُولُ بِالْإِصْلَاحِ؛ فَلِذَا قَسَّمُوهُ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ: قَلِيلٌ جِدًّا لَا تُرَدُّ بِهِ وَلَا قِيمَةَ وَمُتَوَسِّطٌ لَا تُرَدُّ بِهِ وَفِيهِ الْقِيمَةُ، وَكَثِيرٌ تُرَدُّ بِهِ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا رَدَّ بِوُجُودِ (عَيْبٍ قَلَّ) جِدًّا (بِدَارٍ) كَسُقُوطِ شُرَّافَةٍ وَكَسْرِ عَتَبَةٍ وَلَا أَرْشَ لَهُ (وَفِي قَدْرِهِ) أَيْ الْقَلِيلِ لَا جِدًّا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْقَلِيلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ فَالْمُرَادُ فِي قَدْرِ الْقَلِيلِ الْمُتَوَسِّطِ هَلْ يُرَدُّ لِلْعُرْفِ وَالْعَادَةِ، أَوْ هُوَ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، أَوْ مَا دُونَ الرُّبُعِ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الثَّمَنِ، أَوْ عَنْ عَشَرَةٍ مِنْ الْمِائَةِ (تَرَدُّدٌ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ الْمُتَوَسِّطِ الَّذِي فِي قَدْرِهِ التَّرَدُّدُ فَتُقَوَّمُ الدَّارُ سَالِمَةً وَمَعِيبَةً وَيُؤْخَذُ مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ (كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الدَّارِ (مِنْهُ) السُّقُوطَ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ الْهَدْمُ أَمْ لَا أَيْ وَكَانَ الصَّدْعُ يُنْقِصُ الثَّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ مِنْ الْقَلِيلِ جِدًّا الَّذِي لَا رَدَّ بِهِ وَلَا رُجُوعَ بِقِيمَتِهِ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْهُ فَمِنْ الْكَثِيرِ الَّذِي تُرَدُّ بِهِ وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ يُعْلَمُ مِنْ التَّرَدُّدِ فِي الْمُتَوَسِّطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَإِنْ كَسَرَهُ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ وَكَسَرَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ بِنَحْوِ قَلْيٍ) الْمُرَادُ بِنَحْوِ الْقَلْيِ الشَّيُّ (قَوْلُهُ وَمَا نَقَصَهُ) أَيْ وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ وَأَرْشُ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لَمْ يُرَدَّ) أَيْ سَوَاءٌ ظَهَرَ أَنَّهُ مَذِرٌ، أَوْ مَمْرُوقٌ. .

(قَوْلُهُ بِالْعَيْبِ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ) فَلِذَا قِيلَ إنَّ الْكِتَابَ يُرَدُّ بِنَقْصِ وَرَقَةٍ كَمَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ إلَّا الدَّارَ) أَيْ وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْعَقَارِ كَالْفُرْنِ وَالْحَمَّامِ وَالطَّاحُونِ وَالْخَانِ فَلَا تُرَدُّ كَغَيْرِهَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ بَلْ بِالْكَثِيرِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ فَإِنَّ عَيْبَهَا إلَخْ هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الدَّارِ وَغَيْرِهَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّارَ يَسْهُلُ إصْلَاحُ عَيْبِهَا وَزَوَالُهُ بِحَيْثُ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَلِأَنَّ الدَّارَ لَا تَخْلُو عَنْ عَيْبٍ فَلَوْ رُدَّتْ بِالْقَلِيلِ لَأَضَرَّ بِالْبَائِعِ فَتُسُوهِلَ فِيهَا وَلِأَنَّهَا لَا تُرَادُ لِلتِّجَارَةِ بَلْ لِلْقِنْيَةِ فَتُسُوهِلَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا قِيمَةَ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ وَكَسْرُ عَتَبَةٍ) أَيْ أَوْ رَفٍّ، أَوْ خَلْعُ بَلَاطَةٍ، أَوْ ضَبَّةٍ (قَوْلُهُ أَيْ الْقَلِيلُ) يَعْنِي مِنْ الْعَيْبِ لَا جِدًّا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ فِيمَا فِيهِ الْأَرْشُ، وَهُوَ الْمُتَوَسِّطُ، وَهُوَ غَيْرُ الْيَسِيرِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ هَلْ يُرَدُّ لِلْعُرْفِ) أَيْ فَمَا قَضَى الْعُرْفُ بِقِلَّتِهِ فَهُوَ قَلِيلٌ وَمَا قَضَى بِكَثْرَتِهِ فَهُوَ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ، أَوْ مَا دُونَ الثُّلُثِ) أَيْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَقَوْلُهُ مَا دُونَ الرُّبُعِ أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ أَقَلَّ مِنْ الرُّبُعِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَتَّابٍ (قَوْلُهُ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الثَّمَنِ) الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ الْقِيمَةُ أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ عَنْ مُعْظَمِ الْقِيمَةِ بِأَنْ نَقَصَ نِصْفُ الْقِيمَةِ فَأَقَلُّ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ فَإِذَا اشْتَرَيْت دَارًا فَوَجَدْت بِهَا عَيْبًا أَرْشُهُ إذَا طُرِحَ مِنْ قِيمَتِهَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ مُعْظَمِهَا بِأَنْ كَانَ نِصْفَهَا، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ، أَوْ عَنْ عَشْرَةٍ) أَيْ، أَوْ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ عَنْ عَشْرَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً أَمَّا الْمُنْقِصُ لِلْعَشْرَةِ فَكَثِيرٌ فَإِذَا اشْتَرَيْت دَارًا فَوَجَدْت بِهَا عَيْبًا يَنْقُصُ تِسْعَةَ دَنَانِيرَ مِنْ مِائَةٍ قِيمَتُهَا فَهُوَ قَلِيلٌ، وَإِنْ كَانَ يَنْقُصُ عَشْرَةً فَهُوَ كَثِيرٌ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَلَعَلَّهُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْعَطَّارِ: إنَّ الْيَسِيرَ مَا نَقَصَ عَنْ الْعَشَرَةِ وَمَا نَقَصَ الْعَشَرَةِ كَثِيرٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْ كَمْ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ) أَيْ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِقِيمَتِهِ وَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي بِهِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اُرْدُدْ عَلَيَّ مَا بِعْتُهُ لَك وَخُذْ الثَّمَنَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ قِيمَةِ الْعَيْبِ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ نَقْلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ وَفِي التُّحْفَةِ: إنَّ الْمُتَوَسِّطَ كَالْكَثِيرِ فِي الرَّدِّ بِهِ قَالَ فِيهَا:

وَبِالْكَثِيرِ الْمُتَوَسِّطُ لَحِقْ

فِيمَا مِنْ الْعَيْبِ الْخِيَارُ قَدْ يَحِقْ

قَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِهَا وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ بِفَاسَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ خِيفَ عَلَى الْجِدَارِ الْهَدْمُ أَمْ لَا) هَكَذَا فِي الْأُمَّهَاتِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ خِلَافًا لِمَا اخْتَصَرَهَا عَلَيْهِ أَبُو سَعِيدٍ وَنَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ دَارًا فَوَجَدَ فِيهَا صَدْعًا، فَإِنْ كَانَ يَخَافُ مِنْهُ عَلَى الْجِدَارِ فَلْيَرُدَّ بِهِ، وَإِلَّا فَلَا اهـ، وَقَدْ تَعَقَّبَ عَلَيْهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا مِنْهُ) أَيْ، فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهَا الْهَدْمُ مِنْ ذَلِكَ الصَّدْعِ (قَوْلُهُ وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ) أَيْ فَقِيلَ إنَّهُ مَا نَقَصَ الْقِيمَةَ الثُّلُثُ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا الرُّبُعُ وَقِيلَ مَا نَقَصَهَا عَشْرَةٌ

ص: 114

لِأَنَّهُ مَا زَادَ عَلَى الْمُتَوَسِّطِ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْأَقْوَالِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْجِدَارُ الَّذِي لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ، أَوْ الْعَيْبُ (وَاجِهَتَهَا) أَيْ فِي وَاجِهَتِهَا وَنَقَصَ الثُّلُثُ، أَوْ الرُّبُعُ فَأَكْثَرُ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ عَلَى الْخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ (أَوْ) يَكُونُ مُتَعَلِّقًا (بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ) مِنْ مَنَافِعِهَا وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَمِلْحٍ بِئْرُهَا بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ) أَيْ بِمَحَلِّ الْآبَارِ الَّتِي مَاؤُهَا حُلْوٌ وَكَتَهْوِيرِ بِئْرِهَا وَغَوْرِ مَائِهَا، أَوْ خَلَلِ أَسَاسِهَا، أَوْ لَا مِرْحَاضَ لَهَا، أَوْ كَوْنِهِ عَلَى بَابِهَا، أَوْ سُوءِ جَارِهَا، أَوْ شُؤْمِهَا، أَوْ جِنِّهَا، أَوْ كَثْرَةِ نَمْلِهَا، أَوْ بَقِّهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ فَلَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ (وَإِنْ قَالَتْ) الْأَمَةُ لِمُشْتَرِيهَا (أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ) لِبَائِعِي، أَوْ أَنَا حُرَّةٌ، وَكَذَا الذَّكَرُ (لَمْ تَحْرُمْ) عَلَيْهِ مَا لَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ (لَكِنَّهُ عَيْبٌ) يَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ بِهِ إنْ قَالَتْهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بَلْ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ، أَوْ الْمُوَاضَعَةِ لَا إنْ قَالَتْهُ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ، ثُمَّ (إنْ رَضِيَ بِهِ) وَأَرَادَ بَيْعَهَا (بَيَّنَ) ذَلِكَ وُجُوبًا، وَلَوْ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ الَّتِي لَا رَدَّ لَهُ فِيهَا. .

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْعُيُوبِ الذَّاتِيَّةِ تَكَلَّمَ عَلَى مَا هُوَ كَالذَّاتِيِّ، وَهُوَ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ، وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ الْبَائِعُ فِعْلًا فِي الْمَبِيعِ يُظَنُّ بِهِ كَمَالًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَأَنَّهُ كَالْمُشْتَرَطِ بِقَوْلِهِ (وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ) وَلَوْ آدَمِيًّا كَأَمَةٍ لِرَضَاعِ أَيْ تُرِكَ حَلْبُهَا لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا فَيُظَنُّ بِهِ كَثْرَةُ اللَّبَنِ (كَالشَّرْطِ) الْمُصَرَّحِ بِهِ فَلَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ غَرَرٌ فِعْلِيٌّ بِخِلَافِ الْقَوْلِيِّ كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِآخَرَ عَامِلْ فُلَانًا فَإِنَّهُ ثِقَةٌ مَلِيءٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا كَانَتْ مِائَةً وَقِيلَ: إنَّهُ مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ وَقِيلَ مَا نَقَصَ مُعْظَمَ الْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجِدَارُ الَّذِي فِيهِ الصَّدْعُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا السُّقُوطَ مِنْهُ فِي وَاجِهَتِهَا أَيْ حَائِطِ بَابِهَا فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ بَلْ إمَّا أَنْ يَرُدَّهَا بِهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَلَا رَدَّ بِعَيْبٍ قَلَّ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَيْبُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ قَلِيلًا فِي وَاجِهَتِهَا أَيْ حَائِطِ بَابِهَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ بِهِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ أَشَارَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ، أَوْ الْعَيْبُ) أَيْ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ مُتَوَسِّطًا؛ لِأَنَّ الْعَيْبَ الَّذِي يَكُونُ فِي وَاجِهَتِهَا لَا يَكُونُ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ وَنَقَصَ الثُّلُثُ) أَيْ ثُلُثُ الْقِيمَةِ، أَوْ رُبُعُهَا (قَوْلُهُ، أَوْ يَكُونُ) أَيْ الْعَيْبُ مُتَعَلِّقًا الْأَوْضَحُ مُصَوِّرًا، أَوْ مُتَلَبِّسًا بِقَطْعِ مَنْفَعَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِمَا ذَكَرَهُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ، أَوْ بِقَطْعِ مَنْفَعَةِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى خَبَرِ يَكُونُ (قَوْلُهُ بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الدَّارِ بِمَحَلِّ الْحَلَاوَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ كَوْنُهُ عَلَى بَابِهَا) أَيْ مُوَاجِهًا لِبَابِهَا، أَوْ كَانَ فِي دِهْلِيزِهَا، أَوْ كَانَ مِرْحَاضُهَا بِقُرْبِ الْبُيُوتِ، أَوْ بِقُرْبِ الْحَائِطِ (قَوْلُهُ، أَوْ شُؤْمُهَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَتَرَقَّبُ الْمَكْرُوهَ بِسُكْنَاهَا كَأَنْ يَكُونَ مَنْ سَكَنَهَا يَمُوتُ، أَوْ يَحْصُلُ لَهُ الْفَقْرُ، أَوْ تَمُوتُ ذُرِّيَّتُهُ (قَوْلُهُ، أَوْ جِنُّهَا) أَيْ، أَوْ سُوءُ جِنِّهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بَقُّهَا) أَيْ، أَوْ كَثْرَةُ بَقِّهَا فَبَقُّ الدَّارِ إنَّمَا يُرَدُّ بِهِ إذَا كَانَ كَثِيرًا كَالنَّمْلِ، وَأَمَّا قَوْلُ التُّحْفَةِ:

وَالْبَقُّ عَيْبٌ مِنْ عُيُوبِ الدُّورِ

وَيُوجِبُ الرَّدَّ عَلَى الْمَشْهُورِ

فَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ النَّاظِمِ فِي شَرْحِهِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَيْدِ الْكَثْرَةِ وَأَصْلَحَهُ بِقَوْلِهِ:

وَكَثْرَةُ الْبَقِّ تَعِيبُ الدَّوْرَا

وَتُوجِبُ الرَّدَّ لِأَهْلِ الشُّورَى

(قَوْلُهُ، أَوْ أَنَا حُرَّةٌ) أَيْ بِعِتْقٍ، أَوْ أَنَا حُرَّةُ الْأَصْلِ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيَّةِ وَغَارَ الْعَدُوُّ عَلَى بَلَدِنَا وَأَخَذَنِي مِنْهَا اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ إذَا قَالَتْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تُصَدَّقُ إذَا شَاعَتْ الْغَارَةُ عَلَى أَحْرَارِ بَلَدِهِمْ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَلَكِنَّ الْأَحْوَطَ أَنْ يَعْقِدَ عَلَيْهَا وَلَا يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ لَمْ تَحْرُمْ) أَيْ لِحَمْلِهَا عَلَى عَدَمِ الصِّدْقِ فِيمَا قَالَتْهُ، وَاتِّهَامِهَا عَلَى الرُّجُوعِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ، أَوْ الْمُوَاضَعَةِ) أَيْ، أَوْ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ وَالْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تَكُونُ فِيهَا فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اطَّلَعَ عَلَى أَنَّهَا ادَّعَتْ عَلَى الْبَائِعِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَالَتْهُ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ) أَيْ فَلَا يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ ثُبُوتُهُ فِي زَمَنِ ضَمَانِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ بَيْنَ ذَلِكَ وُجُوبًا) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِمَّا تَكْرَهُهُ النُّفُوسُ (قَوْلُهُ، وَلَوْ فِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا قَالَتْ ذَلِكَ بَعْدَ دُخُولِهَا فِي ضَمَانِهِ بِانْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ وَالْمُوَاضَعَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَيَانُ إلَّا حَيْثُ يَكُونُ لَهُ الرِّضَا، وَهُوَ أَنْ يَصْدُرَ مِنْهَا ذَلِكَ، وَهِيَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ لَكِنَّهُ عَيْبٌ، وَلَوْ بَاعَهَا بَيَّنَ؛ كَانَ أَحْسَنَ. .

(قَوْلُهُ الذَّاتِيَّةُ) أَيْ الْقَائِمَةُ بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا هُوَ) أَيْ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا هُوَ كَالذَّاتِيِّ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ أَيْ الْعَيْبُ الَّذِي هُوَ كَالذَّاتِيِّ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ أَيْ ظُهُورُ الْحَالِ بَعْدَ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ لَا نَفْسِ التَّغْرِيرِ الْفِعْلِيِّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ كَالْمُشْتَرَطِ) أَيْ وَبَيَّنَ أَنَّهُ كَالْمُشْتَرَطِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى تَكَلَّمَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ) أَيْ، وَلَوْ حِمَارَةٌ؛ لِأَنَّ زِيَادَةَ لَبَنِهَا يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا لِتَغْذِيَةِ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ كَالشَّرْطِ) أَيْ كَشَرْطِ الْمُشْتَرِي كَثْرَةَ اللَّبَنِ صَرَاحَةً، ثُمَّ يَتَخَلَّفُ ذَلِكَ الْمَشْرُوطُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ) أَيْ فَلَا يَضْمَنُ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْقَائِلُ مَا عَامَلَ بِهِ الْآخَرُ فُلَانًا عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَقُلْ عَامِلْهُ وَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ، وَإِلَّا

ص: 115

ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ، قَوْلُهُ (كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) ، أَوْ بِيَدِهِ مِحْبَرَةٌ وَقَلَمٌ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ، أَوْ أَمَرَ الْعَبْدَ بِهِ، أَوْ صَبَغَ الثَّوْبَ الْقَدِيمَ لِيَظُنَّ أَنَّهُ جَدِيدٌ (فَيَرُدَّهُ) أَيْ مَا وَقَعَ فِيهِ التَّغْرِيرُ مِنْ الْحَيَوَانِ وَقَوْلُهُ (بِصَاعٍ) خَاصٍّ بِالْأَنْعَامِ وَظَاهِرُهُ صَاعٌ وَاحِدٌ، وَلَوْ تَكَرَّرَ حَلْبُهَا حَيْثُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ أَيْضًا وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا (مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أَيْ قُوتِ مَحَلِّهِ وَلَوْ لَحْمًا وَلَا عِبْرَةَ بِقُوتِهِ هُوَ عَرَضًا عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي حَلَبَهُ الْمُشْتَرِي (وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) الَّذِي حَلَبَهُ مِنْهَا بَدَلًا عَنْ الصَّاعِ وَلَوْ بِتَرَاضِيهِمَا لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ بِرَدِّ الْمُصَرَّاةِ وَجَبَ الصَّاعُ عَلَى الْمُشْتَرِي عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ اللَّبَنِ عِوَضًا عَنْهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ اللَّبَنِ أَيْضًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى اللَّبَنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ الْجَوَازِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ، وَكَذَا يُفِيدُ حُرْمَةَ رَدِّ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ وُجُودِ الْغَالِبِ، وَلَوْ غَلَبَ اللَّبَنُ رَدَّ صَاعًا مِنْهُ غَيْرَ لَبَنِ الْمُصَرَّاةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ضَمِنَ مَا عَامَلَهُ فِيهِ، وَمِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ قَوْلُ صَيْرَفِيٍّ نَقَدَ دَرَاهِمَ بِغَيْرِ أَجْرٍ هِيَ طَيِّبَةٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ خِلَافَ ذَلِكَ وَإِعَارَةُ شَخْصٍ لِآخَرَ إنَاءً مَخْرُوقًا، وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ، وَقَالَ إنَّهُ صَحِيحٌ فَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ بِسَبَبِ الْخَرْقِ فَلَا ضَمَانَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ بِالْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ مَا لَمْ يَنْضَمَّ لَهُ عَقْدُ إجَارَةٍ فِيمَا يُمْكِنُ فِيهِ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَصَيْرَفِيٍّ نَقَدَ بِأُجْرَةٍ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ جَيِّدٌ مَعَ عِلْمِهِ بِرَدَاءَتِهِ وَكَإِجَارَةِ إنَاءٍ فِيهِ خَرْقٌ وَأَخْبَرَ الْمُؤَجِّرُ أَنَّهُ سَالَمَ مَعَ عِلْمِهِ بِخَرْقِهِ فَتَلِفَ مَا وُضِعَ فِيهِ قَالَهُ عج وَتَلَخَّصَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّيْرَفِيَّ إذَا نَقَدَ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ غَرَّ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَلَمْ يَغُرَّ بِأَنْ أَخْطَأَ مَثَلًا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِأُجْرَةٍ وَغَرَّ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ زَائِفٌ وَقَالَ: إنَّهُ جَيِّدٌ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ خش فِي كَبِيرِهِ أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَنَقَلَ ذَلِكَ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمِ) أَيْ، وَهُوَ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي إنْ شَاءَ رَدَّ، أَوْ تَمَاسَكَ إذَا ظَهَرَ الْحَالُ وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْكَافَ فِي قَوْلِهِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ لِلتَّشْبِيهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ، وَأَنَّهُ مَثَّلَ لِلْغُرُورِ الْفِعْلِيِّ بِمِثَالَيْنِ: الْأَوَّلُ التَّصْرِيَةُ وَهَذَا هُوَ الثَّانِي إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْفِعْلُ مُتَعَلِّقًا بِالْمَبِيعِ، أَوْ بِمُلَابِسِهِ (قَوْلُهُ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ) أَيْ حِينَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ بِيَدِهِ أَيْ، أَوْ يَبِيعُهُ وَبِيَدِهِ إلَخْ فَيَظُنُّ أَنَّهُ كَاتِبٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ فَعَلَهُ إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَرُدُّهُ أَيْ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ إنْ فَعَلَهُ السَّيِّدُ أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّ السَّيِّدَ فَعَلَهُ، أَوْ أَمَرَ الْعَبْدَ بِفِعْلِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِشَرْطِ الْكِتَابَةِ، ثُمَّ تَخَلَّفَ الْمَشْرُوطُ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ السَّيِّدَ فَعَلَهُ وَلَا أَمَرَ الْعَبْدَ بِفِعْلِهِ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي لِاحْتِمَالِ فِعْلِ الْعَبْدِ ذَلِكَ بِغَيْرِ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ، فَإِنْ تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي كَوْنِ الْبَائِعِ أَمَرَهُ بِفِعْلِهِ، أَوْ لَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ إلَخْ) أَتَى بِهِ مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّرْطِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ مِنْ الْحَيَوَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَهِيمِيًّا، أَوْ كَانَ آدَمِيًّا (قَوْلُهُ بِصَاعٍ) أَيْ مَعَ صَاعٍ وَقَوْلُهُ خَاصٌّ بِالْأَنْعَامِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ أَمَةً، أَوْ رَدَّ حِمَارَةً فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا (قَوْلُهُ عَلَى الرِّضَا) أَيْ فَقَدْرُ الصَّاعِ مُتَعَيِّنٌ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِكَثْرَةِ اللَّبَنِ وَلَا يُنْقَصُ عَنْهُ لِقِلَّتِهِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِغُلُوِّ الصَّاعِ وَلَا لِرُخْصِهِ (قَوْلُهُ وَتَعَدَّدَ بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ تَعَدَّدَ الصَّاعُ بِتَعَدُّدِ الذَّاتِ الْمُصَرَّاةِ فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ ذَاتٍ صَاعًا وَلَوْ تَعَدَّدَ حَلْبُهَا (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) أَيْ وَلَا يَتَعَيَّنُ كَوْنُهُ مِنْ تَمْرٍ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقِيلَ: يَتَعَيَّنُ لِوُقُوعِهِ فِي الْحَدِيثِ حَيْثُ قَالَ «إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» وَحَمَلَهُ الْمَشْهُورُ عَلَى أَنَّهُ كَانَ غَالِبَ قُوتِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ يُشْعِرُ بِأَنَّ هُنَاكَ غَالِبًا وَغَيْرَهُ أَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَالِبٌ بَلْ كَانَ هُنَاكَ صِنْفَانِ مُسْتَوِيَانِ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مُسْتَوِيَةٌ فِي الْقُوتِيَّةِ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْأَعْلَى، أَوْ مِنْ الْأَدْنَى، أَوْ مِنْ الْأَوْسَطِ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَقَالَ الشَّيْخُ عَلِيٌّ السَّنْهُورِيُّ يَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ مِنْ الْأَوْسَطِ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ) مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ فَيَرُدُّهُ مَعَ صَاعٍ (قَوْلُهُ وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) أَيْ غَابَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِيعَ الطَّعَامُ) أَيْ، وَهُوَ الصَّاعُ (قَوْلُهُ وَجَبَ الصَّاعُ) أَيْ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ فَأَلْ لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ وَهَذَا التَّعْلِيلُ) أَيْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَرُدُّ الْمُصَرَّاةَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ، وَكَذَا يُفِيدُ) أَيْ هَذَا التَّعْلِيلُ السَّابِقُ يُفِيدُ إلَخْ وَيُفِيدُ أَيْضًا أَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْحَيَوَانَ بِعَيْبِ التَّصْرِيَةِ قَبْلَ أَخْذِ اللَّبَنِ فَلَا صَاع عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَوْ رَدَّ اللَّبَنَ مَعَ الصَّاعِ فَلَا حُرْمَةَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصَّاعَ بَدَلُ اللَّبَنِ وَالْمَمْنُوعُ عَدَمُ رَدِّ الْبَدَلِ وَهَذَا رَدُّ الْبَدَلِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَدَّ الْمُبْدَلَ أَيْضًا وَاعْلَمْ أَنَّ رَدَّ الْمُشْتَرِي لِلصَّاعِ أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ أَمَرَنَا بِهِ الشَّارِعُ وَلَمْ نَعْقِلْ لَهُ مَعْنًى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَفُوزُ بِاللَّبَنِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ بِذَلِكَ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ عِوَضًا عَنْ اللَّبَنِ وَأَنَّ اللَّبَنَ لَا يَسْتَحِقُّهُ الْمُشْتَرِي فَفِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ نَسِيئَةً هَذَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَأَشْهَبَ أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ بِحَدِيثِ الْمُصَرَّاةِ، وَهُوَ «لَا تُصَرُّ الْإِبِلُ وَالْغَنَمُ فَمَنْ اشْتَرَاهَا بَعْدَ

ص: 116

(لَا إنْ)(عَلِمَهَا) الْمُشْتَرِي (مُصَرَّاةً) فَلَا رَدَّ لَهُ (أَوْ)(لَمْ تُصَرُّ وَ) لَكِنْ (ظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ) لِكِبَرِ ضَرْعِهَا فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ فَلَا رَدَّ لَهُ (إلَّا) بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ فَلَهُ الرَّدُّ إنْ اجْتَمَعَتْ حَيْثُ نَقَصَ حِلَابُهَا عَمَّا ظَنَّهُ: وَهِيَ (إنْ قَصَدَ) مِنْهَا اللَّبَنَ لَا غَيْرَ (وَاشْتُرِيَتْ فِي وَقْتِ) كَثْرَةِ (حِلَابِهَا) كَوَقْتِ الرَّبِيعِ، أَوْ قُرْبِ وِلَادَتِهَا (وَكَتَمَهُ) الْبَائِعُ بِأَنْ لَمْ يُخْبِرْ الْمُشْتَرِي بِقِلَّةِ لَبَنِهَا الَّذِي ظَنَّ كَثْرَتَهُ فَلَهُ رَدُّهَا بِغَيْرِ صَاعٍ إذْ لَيْسَتْ مِنْ مَسَائِلِ التَّصْرِيَةِ بَلْ مِنْ بَابِ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا ثَلَاثُ مَسَائِلَ: الْأُولَى أَنْ يَجِدَهَا مُصَرَّاةً، الثَّانِيَةُ أَنْ يَظُنَّ كَثْرَةَ لَبَنِهَا عَنْ مُعْتَادِ مِثْلِهَا فَلَا يَرُدَّهَا إلَّا بِالشُّرُوطِ، الثَّالِثَةُ وَهِيَ الْمَفْهُومُ أَنْ يَجِدَهَا يَنْقُصُ لَبَنُهَا عَنْ حِلَابِ أَمْثَالِهَا فَهَذِهِ يَرُدُّهَا مُطْلَقًا ظَنَّ كَثْرَةَ لَبَنِهَا عَلَى الْعَادَةِ أَمْ لَا عَلِمَهَا مُصَرَّاةً أَمْ لَا وَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ (وَلَا) إنْ رَدَّ الْمُصَرَّاةَ (بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ) فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا (عَلَى الْأَحْسَنِ وَتَعَدَّدَ) الصَّاعُ (بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْمُصَرَّاةِ الْمُشْتَرَاةِ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ (عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْأَرْجَحِ) وَقَالَ الْأَكْثَرُ يُكْتَفَى بِصَاعٍ وَاحِدٍ لِجَمِيعِهَا؛ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يُفِيدُهُ التَّعَدُّدُ كَثْرَةُ اللَّبَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ بِدَلِيلِ اتِّحَادِ الصَّاعِ فِي الشَّاةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ كَانَ بِعُقُودٍ تَعَدَّدَ اتِّفَاقًا. .

(وَإِنْ)(حُلِبَتْ) الْمُصَرَّاةُ حَلْبَةً (ثَالِثَةً) فِي يَوْمٍ ثَالِثٍ فَحَلَبَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ بِمَنْزِلَةِ حَلْبَةٍ وَاحِدَةٍ (فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ) أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثَةً (رِضًا) فَلَا رَدَّ لَهُ (وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ رَدُّهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ مَعَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ (وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا) لِمَا مَرَّ، أَوْ وِفَاقًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ وَرَجَحَ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا، فَإِنْ كَانَ غَائِبًا عَنْ الْبَلَدِ فَلَهُ الرَّدُّ إذَا قَدِمَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ذَلِكَ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْلُبَهَا إنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ» لِنَسْخِهِ بِحَدِيثِ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ؛ لِأَنَّهُ أَثْبَتُ مِنْهُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ كَابْنِ يُونُسَ لَا نَسْخَ؛ لِأَنَّ حَدِيثَ الْمُصَرَّاةِ أَصَحُّ، وَإِنَّمَا حَدِيثُ: الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ خَاصٌّ وَالْخَاصُّ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً) أَيْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ فَلَا رَدَّ لَهُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَجِدْهَا قَلِيلَةً الدَّرِّ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الرَّدُّ كَذَا فِي بْن، وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهَا مُصَرَّاةً بَعْدَ شِرَائِهَا وَقَبْلَ حَلْبِهَا حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إمْسَاكَهَا رِضًا بِهَا وَكَانَ لَهُ رَدُّهَا، وَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ أَمْسَكَهَا لِلِاخْتِبَارِ لَمْ يَحْلِفْ، وَكَذَا لَوْ عَلِمَ بَعْدَ حِلَابِهَا وَأَمْسَكَهَا لِيَحْلُبَهَا ثَانِيًا لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ عَادَتَهَا، وَكَذَا لَوْ سَافَرَ فَحَلَبَهَا أَهْلُهُ زَمَانًا فَلَهُ إذَا قَدِمَ رَدُّهَا وَصَاعًا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَلَكِنْ ظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ) أَيْ ظَنَّ أَنَّهُ أَكْثَرُ مِنْ لَبَنِ مِثْلِهَا عَادَةً هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ) أَيْ بِأَنْ وَجَدَهَا تَحْلِبُ حِلَابَ أَمْثَالِهَا (قَوْلُهُ لَا غَيْرُ) أَيْ مِنْ عَمَلٍ، أَوْ لَحْمٍ (قَوْلُهُ، أَوْ قُرْبِ وِلَادَتِهَا) أَيْ، أَوْ بَعْدَ وِلَادَتِهَا بِقُرْبٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يُخْبَرْ إلَخْ) أَيْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِقِلَّةِ لَبَنِهَا عَمَّا ظَنَّهُ مَعَ حِلَابِهَا حِلَابَ أَمْثَالِهَا (قَوْلُهُ أَنْ يَجِدَهَا مُصَرَّاةً) أَيْ وَهَذِهِ لَهُ رَدُّهَا مَعَ صَاعٍ (قَوْلُهُ عَنْ مُعْتَادِ مِثْلِهَا) أَيْ فَتَخَلَّفَ ظَنُّهُ وَقَوْله فَلَا يَرُدُّهَا إلَّا بِالشُّرُوطِ أَيْ وَإِذَا رَدَّهَا فَلَا يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا.

(قَوْلُهُ بِغَيْرِ عَيْبِ التَّصْرِيَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ رَدَّهَا لِرَهَصٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَحْسَنَهُ التُّونُسِيُّ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَوَى أَشْهَبُ يَرُدُّ مَعَهَا صَاعًا؛ لِأَنَّهُ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَدَّ مُصَرَّاةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَالْأَرْجَحُ عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَقَلِّ أَيْ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْأَكْثَرُ) أَيْ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ قَالَ خش فِي كَبِيرِهِ وَحَكَى هَذَا الْقَوْلَ ابْنُ الْعَطَّارِ عَلَى أَنَّهُ الْمَذْهَبُ فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَحْكِيَهُ إمَّا مُسَاوِيًا لِمَا قَبْلَهُ، أَوْ يُقَدِّمَهُ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا تَرَكَهُ لِقَوْلِ ابْنِ زَرْقُونٍ لَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ قَالَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ) أَيْ الشِّرَاءُ لِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ الْمُصَرَّاةِ بِعُقُودٍ وَقَوْلُهُ تَعَدَّدَ أَيْ الصَّاعُ. .

(قَوْلُهُ، وَإِنْ حُلِبَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَلَبَ الْمُصَرَّاةَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ أَمْرُهَا فَحَلَبَهَا ثَانِيَةً لِيَخْتَبِرَهَا فَوَجَدَ لَبَنَهَا نَاقِصًا عَنْ لَبَنِ التَّصْرِيَةِ فَلَهُ رَدُّهَا اتِّفَاقًا فَلَوْ حَلَبَهَا فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَهُوَ رِضًا بِهَا وَلَا رَدَّ لَهُ وَلَا حُجَّةَ عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إذْ بِهَا يُخْتَبَرُ أَمْرُهَا كَذَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ لَهُ حَلْبُهَا ثَالِثَةً وَيَرُدُّهَا بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهَا وَلَمْ يُصَرِّحْ فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ الِاخْتِبَارَ بِالْحَلْبَةِ الثَّانِيَةِ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ فَذَهَبَ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ إلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا خِلَافًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى إطْلَاقِهِ أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، أَوْ لَا وَذَهَبَ ابْنُ يُونُسَ إلَى أَنَّ بَيْنَهُمَا وِفَاقًا بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، وَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ، وَهُوَ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمَوَّازِيَّةِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ اخْتِبَارٌ بِالثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ أَيْ مُتَعَلِّقَانِ بِكَلَامِ الْمَوَّازِيَّةِ لَا الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا لَوْ حَلَبَهَا رَابِعَةً فَهُوَ رِضًا بِاتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ فِي يَوْمٍ ثَالِثٍ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ كَمَا فِي طفى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَلَبَاتِ الْمَرَّاتُ لَا الْأَيَّامُ اهـ. عَدَوِيٌّ وَفِي بْن تَقْيِيدُهُ بِالْحَلَبَاتِ الْمُعْتَادَةِ كَبُكْرَةٍ وَعَشِيَّةٍ (قَوْلُهُ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ ذَلِكَ)

ص: 117

وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا وَمَحَلُّهُمَا أَيْضًا فِي الْحَلْبِ الْحَاصِلِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ فَمَا حَصَلَ فِي زَمَنِهِ لَا يُمْنَعُ، وَلَوْ كَثُرَ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ لِلْمُشْتَرِي (وَمُنِعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (بَيْعُ حَاكِمٍ) رَقِيقَ مَدِينٍ، أَوْ غَائِبٍ (وَوَارِثٍ) لِقَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ (رَقِيقًا فَقَطْ) رَاجِعٌ لَهُمَا إنْ (بَيَّنَ) الْوَارِثُ (أَنَّهُ إرْثٌ) ، وَأَمَّا الْحَاكِمُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْوَارِثُ أَنَّهُ إرْثٌ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ وَارِثٌ، ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ كُلٌّ بِالْعَيْبِ وَيَكْتُمُهُ، أَوْ يَعْلَمُ الْمَدِينُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحَاكِمُ، وَإِلَّا فَلَا (وَخُيِّرَ) فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ (مُشْتَرٍ) ، وَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبِهِ (ظَنَّهُ) أَيْ ظَنَّ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (غَيْرَهُمَا) أَيْ غَيْرَ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ حَالَ الْبَيْعِ وَتَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِي الْوَارِثِ ظَنٌّ أَنَّهُ غَيْرُ وَارِثٍ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّهُ إرْثٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إرْثٌ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي غَيْرَ وَارِثٍ خُيِّرَ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ بَيْعَهُمَا غَيْرُ الرَّقِيقِ مِنْ حَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ تَقُولُ لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْحَلْبَةِ الثَّالِثَةِ، وَلَوْ حَصَلَ لَهُ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ لَوْ صَرَّحْت بِذَلِكَ لَمَا تَأَتَّى قَوْلُهُ وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا، أَوْ وِفَاقًا تَأْوِيلَانِ، فَالْمُرَادُ أَنَّ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا بَعْدَ الثَّالِثَةِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْقَيْدِ السَّابِقِ، وَهُوَ حُصُولُ الِاخْتِبَارِ بِالثَّانِيَةِ (فَرْعٌ) لَوْ اشْتَرَى ثَوْرًا لِلْحَرْثِ فَحَرَثَ بِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ فَرَقَدَ فَلَمْ يَرُدَّهُ، ثُمَّ حَرَثَ بِهِ ثَانِيَ يَوْمٍ فَرَقَدَ فَلَيْسَ الْحَرْثُ ثَانِيَ يَوْمٍ رِضًا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ الِاخْتِبَارَ كَمَا ذَكَرَهُ الْوَانُّوغِيُّ أَخْذًا مِنْ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ أَيْ حَلْبُهَا ثَالِثًا رِضًا (قَوْلُهُ، وَلَوْ حُلِبَتْ مِرَارًا) أَيْ، وَلَوْ حَلَبَهَا أَهْلُهُ، وَهُوَ غَائِبٌ مِرَارًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْغَلَّةَ فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ) أَيْ، وَأَمَّا الِاسْتِحْقَاقُ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ بَيْعُ الْحَاكِمِ وَلَا الْوَارِثِ، وَلَوْ بَيَّنَّا أَنَّهُ إرْثٌ (قَوْلُهُ لِقَضَاءِ دَيْنٍ، أَوْ تَنْفِيذِ وَصِيَّةٍ) أَيْ، وَأَمَّا بَيْعُ الْوَارِثِ لِأَجْلِ الْقَسْمِ بَيْنَهُمْ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ كَذَلِكَ مَانِعٌ مِنْ الرَّدِّ، وَهُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْعُ بَرَاءَةٍ وَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ، وَهُوَ قَوْلُ الْبَاجِيَّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي شب اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ) وَحِينَئِذٍ فَبَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ مُطْلَقًا بَيَّنَ، أَوْ لَمْ يُبَيِّنْ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ عج وَالصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْوَارِثِ وَالْحَاكِمِ، فَإِنْ بَيَّنَا كَانَ بَيْعُهُمَا لِلرَّقِيقِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنَا كَانَ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يَتَمَاسَكَ كَمَا فِي طفى اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ بَيْعَ بَرَاءَةٍ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ بِالْعَيْبِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ فَالْمَدَارُ عَلَى عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ الْبَائِعَ وَارِثٌ سَوَاءٌ كَانَ بِإِعْلَامِ الْوَارِثِ نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ خُيِّرَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ لَيْسَ مَقْصُودًا لِخُصُوصِهِ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ عَنْ عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ وَارِثٌ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ ثُمَّ مَحَلُّ كَوْنِ بَيْعِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ) أَيْ بِشَرْطِهِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ أَيْ إنْ انْتَفَى عِلْمُ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْعَيْبِ الْمُصَاحِبِ لِكِتْمَانِهِ وَانْتَفَى عِلْمُ الْمَدِينِ لَهُ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ وَكَتَمَهُ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْمَدِينُ وَحْدَهُ فَلَا يَكُونُ مَانِعًا مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ كَتْمَهُ تَدْلِيسٌ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا مِنْ آخَرَ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرُ الْوَارِثِ وَالْحَاكِمُ، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا وَأَوْلَى لَوْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ غَيْرُهُمَا، ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَلَوْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى عَيْبٍ وَتَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ (قَوْلُهُ ظَنَّهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ جَهْلُهُمَا لِيَشْمَلَ مَا إذَا ظَنَّهُ غَيْرُهُمَا، أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخْبِرُ إنْ ظَنَّ أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُهُمَا، أَوْ جَزَمَ بِأَنَّهُ غَيْرُهُمَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَأَمَّا إذَا ظَنَّ حِينَ الْبَيْعِ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا، أَوْ جَزَمَ بِذَلِكَ فَظَهَرَ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَا رَدَّ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَتَنْفَعُهُ دَعْوَى جَهْلِهِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَيْسَ عِنْدِي عِلْمٌ أَنَّ الْبَائِعَ وَارِثٌ، أَوْ حَاكِمٌ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ لَيْسَ لَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ فِي مُتَعَلِّقِ الْأَحْكَامِ لَا يَمْنَعُ مِنْ تَوَجُّهِ الْحُكْمِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ أَقْرَبُ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) لَا يَخْفَى عَلَيْك أَنَّهُ لَا وُرُودَ لِهَذَا السُّؤَالِ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى حُصُولِ الْعِلْمِ لِلْمُشْتَرِي وَأَنَّهُ يُخَيَّرُ عِنْدَ نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ مِنْ أَنَّ شَرْطَهُ) أَيْ شَرْطُ كَوْنِ بَيْعِهِ بَيْعَ بَرَاءَةٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ ظَنَّهُ وَارِثًا فَلَا رَدَّ لَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ فَلَا رَدَّ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ إرْثٌ، فَإِنْ ظَنَّهُ الْمُشْتَرِي غَيْرَ وَارِثٍ خُيِّرَ، وَإِنْ ظَنَّهُ وَارِثًا فَلَا رَدَّ مِثْلَ مَا إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ ظَنَّهُ غَيْرُهُمَا رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ فَالسَّائِلُ نَظَرَ لِرُجُوعِهِ لِلْمَنْطُوقِ وَالْمُجِيبُ نَظَرَ لِرُجُوعِهِ لِلْمَفْهُومِ وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ وَجَوَابِهِ كَمَا فِي بْن وَحَاشِيَةِ شَيْخِنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ بَنَاهُ عَلَى مَا قَالَهُ سَابِقًا مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ خَاصٌّ بِالْوَارِثِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ التَّبْيِينِ، وَعَلَى مَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ كِنَايَةٌ عَنْ الْعِلْمِ، وَهُوَ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْوَارِثِ وَالْحَاكِمِ لِيَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَخُيِّرَ مُشْتَرٍ إلَخْ مَفْهُومُ الْقَيْدِ فِيهِمَا وَلَا وُرُودَ لِهَذَا

ص: 118

لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ (وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ أَيْضًا (تَبَرِّي غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الْحَاكِمِ وَالْوَارِثِ (فِيهِ) أَيْ الرَّقِيقِ فَقَطْ (مِمَّا) أَيْ مِنْ عَيْبٍ (لَمْ يَعْلَمْ) بِهِ الْبَائِعُ (إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ) عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ فَتَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ بِهَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ فَلَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ، أَوْ بَاعَهُ بِفَوْرِ مِلْكِهِ لَهُ فَلَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ وَلَهُ الرَّدُّ، وَأَمَّا غَيْرُ الرَّقِيقِ فَلَا تَنْفَعُ فِيهِ الْبَرَاءَةُ مُطْلَقًا فَشَرْطُهَا بَاطِلٌ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ. .

وَلَمَّا كَانَ الْوَاجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ بِسِلْعَتِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ الْمُبْتَاعُ أَنْ يُبَيِّنَهُ مُفَصَّلًا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَإِذَا عَلِمَهُ) أَيْ عَلِمَ الْبَائِعُ حَاكِمًا، أَوْ وَارِثًا، أَوْ غَيْرَهُمَا الْعَيْبَ (بَيَّنَ) وُجُوبًا (أَنَّهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَبِيعِ (وَوَصَفَهُ) زِيَادَةً عَلَى الْبَيَانِ إنْ كَانَ شَأْنُهُ الْخَفَاءُ كَالْإِبَاقِ، وَالسَّرِقَةِ وَصْفًا شَافِيًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ شَيْءٌ دُونَ شَيْءٍ (أَوْ أَرَاهُ لَهُ) إنْ كَانَ ظَاهِرًا كَالْعَوَرِ وَالْكَيِّ (وَلَمْ يُجْمِلْهُ) يَعْنِي وَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُجْمِلَهُ وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ لِلْمُصَنِّفِ التَّعْبِيرُ بِلَمْ الَّتِي تُفِيدُ الْمُضِيَّ وَالْمُرَادُ الْحَالُ، أَوْ الِاسْتِقْبَالُ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، وَلَوْ قَالَ وَلَا يُجْمِلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ، فَإِنْ أَجْمَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَوْلِهِ: هُوَ زَانٍ سَارِقٌ، وَهُوَ سَارِقٌ فَقَطْ لَمْ يَكْفِ وَلَهُ الرَّدُّ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا عَلِمَ سَلَامَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ فَظَنَّ أَنَّ ذِكْرَ الثَّانِي مَعَهُ كَذِكْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ أَجْمَلَهُ فِي جِنْسِهِ مَعَ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ كَقَوْلِهِ: سَارِقٌ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي يَسِيرِ السَّرِقَةِ، وَهُوَ الْأَوْجَهُ، أَوْ لَا يَنْفَعُهُ (وَ) مُنِعَ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ (زَوَالُهُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْإِشْكَالِ أَصْلًا (قَوْلُهُ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ وَتَبَرَّى غَيْرُهُمَا) يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ وَارِثٍ وَحَاكِمٍ وَتَبَرَّأَ مِمَّا يَظْهَرُ فِي الرَّقِيقِ مِنْ الْعَيْبِ فَإِنَّهُ تَنْفَعُهُ تِلْكَ الْبَرَاءَةُ مِنْ رَدِّ الْمُشْتَرِي لَهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ بِشَرْطَيْنِ: أَنْ يَتَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَالثَّانِي أَنْ تَطُولَ إقَامَتُهُ عِنْدَ بَائِعِهِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِهِ عَيْبٌ لَظَهَرَ لَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ إلَخْ) حَدَّ بَعْضُهُمْ الطُّولَ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ. (تَتِمَّةٌ) قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْبَاجِيِّ، وَلَا يَجُوزُ التَّبَرِّي فِي عَبْدِ الْقَرْضِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَفَهُ عَبْدًا وَتَبَرَّأَ مِنْ عُيُوبِهِ دَخَلَهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَأَمَّا رَدُّ الْقَرْضِ فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِ الْبَرَاءَةِ فِيهِ إلَّا إذَا وَقَعَ الرَّدُّ قَبْلَ الْأَجَلِ لِتُهْمَةِ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ، وَتَقَدَّمَ مَنْعُ التَّصْدِيقِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَلَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فَإِذَا وُجِدَ الشَّرْطَانِ فَلَا يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي إذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا يَرُدُّ فِي بَيْعِ الْبَرَاءَةِ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عَيْبٍ قَدِيمٍ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّ الْبَائِعَ كَانَ عَالِمًا بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَجَبَ حَلِفُهُ مَا كَانَ عَالِمًا بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُبْتَاعُ عِلْمَهُ وَفِي حَلِفِهِ عَلَى الْبَتِّ فِي الظَّاهِرِ، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ، وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا قَوْلَا ابْنِ الْعَطَّارِ وَابْنِ الْفَخَّارِ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الثَّانِي اهـ. بْن.

(قَوْلُهُ الْعَيْبَ) أَيْ الَّذِي فِي الْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ رَقِيقًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ بَيَّنَ وُجُوبًا أَنَّهُ) أَيْ الْعَيْبَ بِهِ أَيْ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ هَذَا الْعَبْدُ يَأْبِقُ، أَوْ يَسْرِقُ، أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ تَعْثِرُ فَلَوْ قَالَ أَبِيعُك بِالْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبِ كَذَا كَالْإِبَاقِ، أَوْ السَّرِقَةِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْعَيْبَ بِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ هُوَ بِهِ لَمْ يُفِدْهُ (قَوْلُهُ وَصْفًا شَافِيًا) أَيْ كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ بِأَنْ يَقُولَ: إنَّهُ يَأْبِقُ لِمَوْضِعِ كَذَا، أَوْ شَأْنُهُ سَرِقَةُ مَا قَدْرُهُ كَذَا، وَلَا يُجْمِلُ فِي الْبَيَانِ بِحَيْثُ يَقُولُ إنَّهُ يَأْبِقُ، أَوْ أَنَّهُ سَارِقٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُغْتَفَرُ الْإِبَاقُ لِمَوْضِعٍ دُونَ مَوْضِعٍ، وَقَدْ يُغْتَفَرُ سَرِقَةُ شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ انْتَهَى فَالْمُرَادُ بِالْإِجْمَالِ أَنْ يَذْكُرَ أَمْرًا كُلِّيًّا يَدُلُّ عَلَى الْعَيْبِ الْجُزْئِيِّ الْقَائِمِ بِالْعَبْدِ، وَعَلَى غَيْرِهِ كَسَارِقٍ فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِسَرِقَةِ دِينَارٍ وَأَكْثَرَ وَأَقَلَّ وَشَامِلٌ لِسَرِقَةِ كُلِّ شَهْرٍ، أَوْ كُلِّ يَوْمٍ، أَوْ كُلِّ أُسْبُوعٍ، أَوْ كُلِّ سَنَةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْقَائِمَ بِهِ وَاحِدٌ مِنْ تِلْكَ الْأَشْيَاءِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَرَاهُ لَهُ) الضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ رَاجِعٌ لِلْعَيْبِ وَالْمَجْرُورُ لِلْمُشْتَرِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: أَوْ أَرَاهُ إيَّاهُ؛ لِأَنَّ أَرَى الْبَصَرِيَّةَ تَتَعَدَّى بِنَفْسِهَا لِمَفْعُولَيْنِ بِهَمْزَةِ النَّقْلِ وَقَالَ اللَّقَانِيُّ اللَّامُ هُنَا مُقْحَمَةٌ لِلتَّقْوِيَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْمِلْهُ) أَيْ فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا) أَيْ فَيُحْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي عَبَّرَ فِيهَا بِلَمْ الْمُفِيدَةِ لِلْمُضِيِّ عَلَى الْحَالِ، أَوْ الِاسْتِقْبَالِ كَمَا فِي قَوْلِهِ هُنَا وَلَمْ يُجْمِلْهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَجْمَلَهُ مَعَ غَيْرِهِ) أَيْ، فَإِنْ ذَكَرَ مَا فِيهِ مُجْمَلًا وَذَكَرَهُ مَعَ غَيْرِهِ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ زَانٍ فَلَا يَخْفَى أَنَّ الْإِجْمَالَ مِنْ حَيْثُ سَارِقٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَجْمَلَهُ فِي جِنْسِهِ) أَيْ، وَإِنْ أَجْمَلَ فِي بَيَانِ الْعَيْبِ الَّذِي فِيهِ بِأَنْ ذَكَرَ جِنْسَهُ كَقَوْلِهِ سَارِقٌ (قَوْلُهُ مَعَ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ) أَيْ مَعَ تَفَاوُتِ أَفْرَادِهِ فِيهِ بِأَنْ كَانَ بَعْضُ أَفْرَادِ الْجِنْسِ يَأْخُذُ مِنْهُ أَكْثَرَ مِنْ الْبَعْضِ الْآخَرِ مَثَلًا سَرِقَةُ دِينَارٍ يَأْخُذُ مِنْ مُطْلَقِ سَرِقَةِ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْخُذُ مِنْهُ سَرِقَةُ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي يَسِيرِ السَّرِقَةِ) أَيْ فِي الْبَرَاءَةِ مِنْ يَسِيرِ السَّرِقَةِ دُونَ الْمُتَفَاحِشِ مِنْهَا، أَوْ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ بَيَانَهُ مُجْمَلًا كَلَا بَيَانٍ، وَالْأَوَّلُ لِلْبِسَاطِيِّ وَالثَّانِي لِبَعْضِ مُعَاصِرِيهِ وَفِي بْن أَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّوَادِرِ كَالصَّرِيحِ فِيمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ كَمَا فِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَح وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ عَالِمٌ أَنَّ فِيهِ قَلِيلَ ذَلِكَ الْعَيْبِ، وَأَمَّا لَوْ أَتَى بِلَفْظٍ مُحْتَمِلٍ لِلْعُيُوبِ كُلِّهَا كَثِيرِهَا وَقَلِيلِهَا، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ بَعْضَهَا فِيهِ كَأَبِيعُكَ عَظْمًا فِي قُفَّةٍ، أَوْ أَبِيعُك هَذَا الْحَيَوَانَ جُزَارَى فَانْظُرْ هَلْ يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ الْبِسَاطِيِّ وَغَيْرُهُ، أَوْ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ فِي هَذَا وَفِي شب الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ فِي هَذَا

ص: 119

أَيْ الْعَيْبُ قَبْلَ الرَّدِّ سَوَاءٌ زَالَ قَبْلَ الْقِيَامِ بِهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَنْ يَكُونَ لِلرَّقِيقِ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَيَمُوتُ فَلَا رَدَّ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ مَا زَالَ (مُحْتَمَلُ الْعَوْدِ) كَبَوْلٍ بِفُرُشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ وَسَلَسِ بَوْلٍ وَسُعَالٍ مُفْرِطٍ وَاسْتِحَاضَةٍ وَجُنُونٍ وَبَرَصٍ وَجُذَامٍ حَيْثُ قَالَ أَهْلُ الطِّبِّ يُمْكِنُ عَوْدُهُ فَإِنَّ زَوَالَ مَا ذُكِرَ لَا يَمْنَعُ الرَّدَّ، وَلَوْ وَقَعَ الشِّرَاءُ حَالَ زَوَالِهِ (وَفِي زَوَالِهِ) أَيْ الْعَيْبِ إنْ كَانَ عَيْبَ تَزْوِيجٍ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) الْمَدْخُولِ بِهَا، أَوْ الزَّوْجِ الَّذِي دَخَلَ إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ فِي الزَّوْجِ أَيْضًا (وَطَلَاقُهَا) بَائِنًا وَمِثْلُهُ الْفَسْخُ بِغَيْرِهِ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ) عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (وَالْأَحْسَنُ أَوْ) يَزُولُ (بِالْمَوْتِ فَقَطْ) مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الطَّلَاقِ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ قَاطِعٌ لِلْعُلْقَةِ دُونَ الطَّلَاقِ لَكِنَّ فِي مَوْتِهَا مُطْلَقًا عِلْيَةً، أَوْ وَخْشًا، وَأَمَّا فِي مَوْتِهِ فَلَا يَزُولُ عَيْبُهَا بِهِ إلَّا إذَا كَانَتْ وَخْشًا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (أَوْ لَا) يَزُولُ بِمَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّ مَنْ اعْتَادَ التَّزَوُّجَ مِنْهُمَا لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى تَرْكِهِ غَالِبًا، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ الْبِسَاطِيُّ وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ (أَقْوَالٌ) مَحَلُّهَا فِي التَّزَوُّجِ بِإِذْنِ السَّيِّدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَسَلَّطَ عَلَى سَيِّدِهِ بِطَلَبِهِ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، أَوْ يَتَسَلَّطَ عَلَى السَّيِّدِ فَعَيْبٌ مُطْلَقًا فِي مَوْتِ، أَوْ طَلَاقٍ. .

[دَرْسٌ](وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ مِنْ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، أَوْ سُكُوتٍ طَالَ بِلَا عُذْرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِأَنَّ مَا عَلِمَهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ بِهِ اهـ. عَدَوِيٌّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ أَيْ الْعَيْبُ) يَعْنِي الْقَدِيمَ، وَهُوَ الْكَائِنُ حِينَ الْبَيْعِ، أَوْ قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الرَّدِّ مُتَعَلِّقٌ بِزَوَالِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ) أَيْ بِأَنْ زَالَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ زَوَالَهُ بَعْدَ الْقِيَامِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ لَا يَمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَكُونَ لِلرَّقِيقِ وَلَدٌ، أَوْ وَالِدٌ فَيَمُوتُ) وَكَأَنْ يَكُونَ بِهِ حُمَّى، أَوْ بَيَاضٌ عَلَى سَوَادِ عَيْنِهِ فَيَزُولَانِ، أَوْ نَزَلَ مَاءٌ مِنْ عَيْنِهِ فَيَبْرَأُ (قَوْلُهُ وَفِي زَوَالِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِيمَا إذَا لَمْ يُطْلِعْ الْمُشْتَرِيَ عَلَى تَزْوِيجِ الرَّقِيقِ الْمُشْتَرَى إلَّا بَعْدَ زَوَالِ الْعِصْمَةِ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَبْدًا فَظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ كَانَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَمَاتَتْ، أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَهَا، أَوْ اشْتَرَى أَمَةً وَظَهَرَ لَهُ أَنَّهَا كَانَتْ قَدْ تَزَوَّجَتْ بِرَجُلٍ وَأَنَّهُ مَاتَ، أَوْ طَلَّقَهَا فَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ لِزَوَالِ عَيْبِ التَّزْوِيجِ بِزَوَالِ الْعِصْمَةِ بِالْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ وَقِيلَ لَا رَدَّ لَهُ إنْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ لَا بِالطَّلَاقِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَيْبَ التَّزْوِيجِ إنَّمَا يَزُولُ الْعِصْمَةُ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ قَاطِعٌ لِلْعِلَّةِ لَا بِالطَّلَاقِ، وَقِيلَ لَهُ الرَّدُّ بِزَوَالِهَا بِكُلٍّ مِنْ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّ عَيْبَ التَّزْوِيجِ بَاقٍ وَلَمْ يَزُلْ بِزَوَالِ الْعِصْمَةِ لَا بِالْمَوْتِ وَلَا بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ إذْ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِي زَوَالِهِ بِمَوْتِ الزَّوْجِ، أَوْ طَلَاقِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِ الزَّوْجِ لِلرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ (قَوْلُهُ وَطَلَاقُهَا إلَخْ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَوَّاقِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي طَلَاقِ الزَّوْجَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَكَذَا مَوْتُهَا، وَأَمَّا طَلَاقُ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَكَذَا مَوْتُهَا فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ اتِّفَاقًا؛ وَلِذَا قَيَّدَ الشَّارِحُ بِالْمَدْخُولِ بِهَا (قَوْلُهُ بَائِنًا) أَيْ لَا رَجْعِيًّا؛ لِأَنَّهَا زَوْجَةٌ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمُتَأَوَّلُ) أَيْ تَأْوِيلَ فَضْلٍ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاسْتَحْسَنَهُ التُّونُسِيُّ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ إذَا ارْتَفَعَتْ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ لَمْ يَبْقَ إلَّا اعْتِبَارُ الْوَطْءِ، وَهُوَ لَوْ وَهَبَهَا لِعَبْدِهِ فَوَطِئَهَا ثُمَّ انْتَزَعَهَا مِنْهُ وَأَرَادَ بَيْعَهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيَانُ ذَلِكَ قَالَهُ الْمَوَّاقُ وَالثَّانِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَشْهَبَ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالثَّالِثُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، أَوْ يَزُولُ) أَيْ عَيْبُ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ دُونَ الطَّلَاقِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَزَوَالُ الْعِصْمَةِ بِالطَّلَاقِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ بِخِلَافِ زَوَالِهَا بِالْمَوْتِ فَإِنَّهُ يَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي مَوْتِهَا مُطْلَقًا) أَيْ لَكِنْ فِي مَوْتِ الزَّوْجَةِ يَزُولُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ مِنْ الرَّجُلِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ، أَوْ مِنْ وَخْشِهِ وَفِي مَوْتِ الزَّوْجِ يَزُولُ عَيْبُ التَّزْوِيجِ مِنْ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ وَخْشًا لَا إنْ كَانَتْ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عِلْيَةً، أَوْ وَخْشًا الْأَوْلَى عُلْيَا، أَوْ وَخْشًا (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يَزُولُ) أَيْ عَيْبُ التَّزْوِيجِ بِمَوْتٍ وَلَا طَلَاقٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ بِذَلِكَ الْعَيْبِ، وَلَوْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ (قَوْلُهُ فَعَيْبٌ مُطْلَقًا) الْأَوْلَى فَالْعَيْبُ بَاقٍ مُطْلَقًا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ الرَّدُّ بِاتِّفَاقٍ، وَلَوْ زَالَتْ الْعِصْمَةُ بِمَوْتٍ، أَوْ طَلَاقٍ وَالْمُرَادُ بِتَسَلُّطِ الْعَبْدِ عَلَى سَيِّدِهِ بِطَلَبِهِ تَشَفُّعَهُ بِجَمَاعَةٍ وَسِيَاقَهُمْ عَلَى سَيِّدِهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ. .

(قَوْلُهُ وَمَنَعَ مِنْ الرَّدِّ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا) هَذَا إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فِي بَلَدِ الْبَائِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي، فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ (قَوْلُهُ مِنْ قَوْلٍ)

ص: 120

(إلَّا مَا) أَيْ فِعْلًا (لَا يُنْقِصُ) الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ الرَّدُّ (كَسُكْنَى الدَّارِ) ، أَوْ الْحَانُوتِ، أَوْ إسْكَانِهِمَا لِغَيْرِهِ زَمَنَ الْخِصَامِ، وَكَذَا مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ بِخِلَافٍ كَسُكْنَى الدَّارِ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ وَكَاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالِاتِّجَارِ وَالْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ، وَلَوْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَدَالٌّ عَلَى الرِّضَا فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا مَا لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ دُونَ زَمَنِهِ، وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَكُلُّهَا بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الْقِرَاءَةَ فِي الْمُصْحَفِ وَالْمُطَالَعَةَ فِي الْكُتُبِ (وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ) بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ (فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ وَرُدَّ، فَإِنْ سَكَتَ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمِ رَدَّ بِلَا يَمِينٍ وَأَكْثَرَ فَلَا رَدَّ وَلِعُذْرٍ فَالرَّدُّ مُطْلَقًا. .

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ التَّصَرُّفَ اخْتِيَارًا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا أَخْرَجَ مِنْهُ مَسْأَلَتَيْنِ أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (لَا كَمُسَافِرٍ) اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ وَ (اُضْطُرَّ لَهَا) أَيْ لِلدَّابَّةِ لِرُكُوبٍ، أَوْ حَمْلٍ فَلَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا؛ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يُكْرِيَ غَيْرَهَا وَيَسُوقَهَا وَلَا رَدَّهَا إلَّا فِيمَا قَرُبَ وَخَفَّتْ مُؤْنَتُهُ، فَإِنْ وَصَلَتْ بِحَالِهَا رَدَّهَا، وَإِنْ عَجَفَتْ رَدَّهَا وَمَا نَقَصَهَا، أَوْ حَبَسَهَا وَأَخَذَ أَرْشَ الْعَيْبِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ كَرَضِيتُ وَقَوْلُهُ، أَوْ فِعْلٍ كَرُكُوبٍ وَاسْتِخْدَامٍ وَلُبْسِ ثَوْبٍ وَإِجَارَةٍ وَإِسْلَامٍ لِلصَّنْعَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ كُلِّ مَا يُنْقِصُ الْمَبِيعَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يَنْقُصُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ لَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَالْأَصْلُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الِاتِّصَالُ مَعَ أَنَّ مَا لَا يَنْقُصُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَيَجْعَلُ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعًا أَيْ لَكِنَّ الْفِعْلَ الَّذِي لَا يَنْقُصُ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ زَمَنَ الْخِصَامِ) أَيْ مُخَاصَمَةِ الْبَائِعِ مَعَ الْمُشْتَرِي وَتَنَازُعِهِمَا فِي الرَّدِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ فِي غَيْرِ زَمَنِ الْخِصَامِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا مُطْلَقًا) أَيْ كَاسْتِعْمَالِ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ وَالثَّوْبِ وَالْإِجَارَةِ وَإِسْلَامِ الْعَبْدِ لِلصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ مَا لَا يَدُلُّ مُطْلَقًا) أَيْ، وَهُوَ الْغَلَّةُ النَّاشِئَةُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ مَا لَمْ يَطُلْ سُكُوتُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ، وَإِلَّا كَانَ اسْتِغْلَالُهُ دَالًّا عَلَى الرِّضَا، وَعَلَى هَذَا الْقِسْمِ يُحْمَلُ قَوْلُهُمْ الْغَلَّةُ لِلْمُشْتَرِي لِلْقَضَاءِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ يَأْخُذُ الْغَلَّةَ، ثُمَّ يَرُدُّ كَذَا قَالَ عج وَقَالَ: إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَكَتَبَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ بِطُرَّتِهِ تَأَمَّلْهُ مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا، وَإِنْ حَلَبَتْ ثَالِثَةً، فَإِنْ حَصَلَ الِاخْتِبَارُ بِالثَّانِيَةِ فَهُوَ رِضًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ مَتَى اسْتَغَلَّهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِعَيْبِهَا فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ فَلَعَلَّ الْغَلَّةَ النَّاشِئَةَ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ مِثْلُ مَا لَا يَنْقُصُ كَسُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانِهَا وَاغْتِلَالِ الْحَائِطِ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَمْ يَدُلَّ عَلَى الرِّضَا، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ دَلَّ عَلَى الرِّضَا، وَلَوْ لَمْ يَطُلْ اهـ كَلَامُهُ. (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا مَثَّلَ بِهِ الْمُصَنِّفُ) أَعْنِي سُكْنَى الدَّارِ وَإِسْكَانَهَا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعِلْمِ بِالْعَيْبِ) أَيْ، وَأَمَّا حُصُولُهَا قَبْلَ الْعِلْمِ بِهِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُطَالَعَةُ فِي الْكُتُبِ) أَيْ فَحُكْمُهَا حُكْمُ سُكْنَى الدَّارِ فَيَدُلَّانِ عَلَى الرِّضَا قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ إنْ سَكَتَ بِلَا عُذْرٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَسَكَتَ ثُمَّ طَلَبَ الرَّدَّ، فَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ لِعُذْرٍ رَدَّ مُطْلَقًا طَالَ أَمْ لَا بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ كَانَ سُكُوتُهُ بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ رَدَّ بَعْدَ يَوْمٍ وَنَحْوِهِ أُجِيبَ لِذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّدَّ قَبْلَ مُضِيِّ يَوْمٍ أُجِيبَ لِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَإِنْ طَلَبَ الرَّدَّ بَعْدَ أَكْثَرِ مِنْ يَوْمَيْنِ فَلَا يُجَابُ، وَلَوْ مَعَ الْيَمِينِ وَحَيْثُ قِيلَ يَحْلِفُ الْمُشْتَرِي وَنَكَلَ فَلَا رَدَّ وَيَحْلِفُ الْبَائِعُ إنْ كَانَتْ دَعْوَاهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الرِّضَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ لَا إنْ كَانَتْ دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَا يَحْلِفُ (قَوْلُهُ فِي كَالْيَوْمِ) أَيْ فِي الْيَوْمِ وَنَحْوِهِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ يَوْمٍ كَمَا فِي شب وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ أَدْخَلَتْ يَوْمًا آخَرَ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَا يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا وَقَوْلُهُ: إنَّ التَّصَرُّفَ أَيْ بِالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَاللُّبْسِ وَالْإِجَارَةِ وَالْإِسْلَامِ لِلصَّنْعَةِ وَقَوْلُهُ اخْتِيَارًا يَعْنِي عَمْدًا، وَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا، وَلَوْ حَذَفَ اخْتِيَارًا كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ، أُولَاهُمَا أَيْ أَخْرَجَ، أُولَاهُمَا بِقَوْلِهِ (قَوْلُهُ لَا كَمُسَافِرٍ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُسَافِرٍ وَأَنَّهَا مُدْخَلَةٌ لِغَيْرِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى لَفْظِ دَابَّةٍ مَحْذُوفٍ فَيَشْمَلُ الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ، وَالتَّقْدِيرُ لَا كَدَابَّةِ مُسَافِرٍ فَالرَّقِيقُ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَالدَّابَّةِ فِي أَنَّ اسْتِعْمَالَ كُلٍّ فِي السَّفَرِ لَا يُعَدُّ رِضًا بِخِلَافِ الْحَضَرِ فَإِنَّ اسْتِعْمَالَهُمَا فِيهِ يُعَدُّ رِضًا سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا لُبْسُ الثَّوْبِ وَوَطْءُ الْأَمَةِ فَإِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الرِّضَا اتِّفَاقًا كَانَ فِي الْحَضَرِ، أَوْ السَّفَرِ (قَوْلُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي رُكُوبِهَا بَعْدَ عِلْمِهِ) أَيْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الرُّكُوبُ مَانِعًا لَهُ مِنْ الرَّدِّ وَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا رَدُّهَا) أَيْ وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ بِهَا

ص: 121

وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ السَّفَرُ مَظِنَّةُ الِاضْطِرَارِ.

وَثَانِيَتَهُمَا بِقَوْلِهِ (أَوْ)(تَعَذَّرَ قَوْدُهَا لِحَاضِرٍ) إمَّا لِعُسْرِ قَوْدِهَا وَإِمَّا لِكَوْنِهِ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ فَرَكِبَهَا لِغَيْرِ الرَّدِّ بَلْ لِمَحَلِّهِ ثُمَّ يَبْعَثُ بِهَا إلَى رَبِّهَا أَمَّا رُكُوبُهَا لِلرَّدِّ، وَلَوْ اخْتِيَارًا فَلَا يَمْنَعُ رَدًّا (فَإِنْ)(غَابَ بَائِعِهِ) أَيْ بَائِعُ الْمُطَّلِعِ عَلَى الْعَيْبِ (أَشْهَدَ) عَدْلَيْنِ بِعَدَمِ الرِّضَا، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، أَوْ عَلَى وَكِيلِهِ الْحَاضِرِ (فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ الرَّدِّ لِبُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ، أَوْ عَدَمِ عِلْمِ مَحَلِّهِ (أَعْلَمَ الْقَاضِي) بِعَجْزِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ قَوْلِهِ أَشْهَدَ إلَخْ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا غَيْرُ شَرْطٍ فِي الرَّدِّ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ وَعَدَمِ وَكِيلٍ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ إنْ هَلَكَ، وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ وَلَا أَعْلَمَ الْحَاكِمَ وَعَلَّلَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِثِقَلِ الْخُصُومَةِ عِنْدَ الْقُضَاةِ (فَتَلَوَّمَ) الْقَاضِي أَيْ تَرَبَّصَ يَسِيرًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لَاضْطُرَّ) أَيْ؛ لِأَنَّ رُكُوبَ الْمُسَافِرِ لَهَا اخْتِيَارًا كَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ رَدُّهَا وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَبِهِ أَخَذَ أَصْبَغُ وَابْنُ حَبِيبٍ وَمُقَابِلُهُ كَمَا فِي الْبَيَانِ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ، وَهُوَ مُسَافِرٌ لَا يَرْكَبُهَا وَلَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا اُضْطُرَّ لِذَلِكَ فَلْيُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ، وَيَرْكَبُهَا، أَوْ يَحْمِلُ إلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرْكَبَهَا فِيهِ، فَإِنْ رَكِبَهَا مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ عُدَّ رِضًا مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالِاضْطِرَارِ مُطْلَقُ الْحَاجَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ شَدِيدَةً أَمْ لَا وَهَذَا الثَّانِي هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ الرَّاجِحُ اُنْظُرْ بْن. .

(قَوْلُهُ وَثَانِيَتَهُمَا) أَيْ وَأَخْرَجَ ثَانِيَتَهُمَا بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي حَاضِرًا فِي بَلَدِ الْبَائِعِ، ثُمَّ إنَّهُ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فِي الدَّابَّةِ، ثُمَّ إنَّهُ رَكِبَهَا فِي حَالَ ذَهَابِهِ لِمَوْضِعِهِ لِيُرْسِلَهَا لِرَبِّهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ رِضًا بِهَا حَيْثُ كَانَ يَتَعَذَّرُ قَوْدُهَا لِكَوْنِهَا لَا تَسِيرُ غَيْرَ مَرْكُوبَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ ذَا هَيْئَةٍ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَسُوقَهَا وَيَمْشِيَ خَلْفَهَا (قَوْلُهُ لِحَاضِرِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَأَصْلُ هَذَا الْكَلَامِ، أَوْ حَاضِرٌ تَعَذَّرَ قَوْدُهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ اخْتِيَارًا) أَيْ، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ اضْطِرَارٍ لِلرُّكُوبِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ غَابَ بَائِعُهُ) أَيْ سَوَاءٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، أَوْ بَعُدَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ (قَوْلُهُ أَشْهَدَ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْإِشْهَادَ وَاجِبٌ حَيْثُ عَبَّرَ بِالْفِعْلِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ وَقَوْلُهُ بِعَدَمِ الرِّضَا أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ إشْهَادُهُمَا بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، وَإِلَّا رَدَّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَحْضُرَ الْبَائِعُ مِنْ غَيْبَتِهِ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا أَنَّهُ إذَا كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ يُرْسِلُ لَهُ الْحَاكِمُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ، وَإِلَّا رَدَدْنَاهَا عَلَيْك فَقَدْ اقْتَصَرَ الشَّارِحُ فِي الْعِبَارَةِ هُنَا فَقَرِيبُ الْغَيْبَةِ لَا يُقْضَى عَلَيْهِ مِنْ أَوَّل الْأَمْرِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ أَيْ إنْ انْتَظَرَ مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ لِلْقَاضِي، أَوْ بَعْدَ حُضُورِهِ بَعْدَ إرْسَالِ الْقَاضِي لَهُ وَإِذَا حَضَرَ وَادَّعَى رِضَا الْمُشْتَرِي كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا يَكُونُ الْإِشْهَادُ مَانِعًا مِنْ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ، فَإِنْ عَجَزَ عَنْ الرَّدِّ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ رَدِّ الْمُقَدَّرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَجَزَ عَنْ الْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَذَّرُ مَعَ وُجُودِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا غَيْرُ شَرْطٍ إلَخْ) فِي بْن أَنَّ أَصْلَ هَذَا الِاعْتِرَاضِ لِابْنِ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا أَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْإِشْهَادِ، وَأَمَّا إعْلَامُ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْهُ إنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي الْقِيَامَ فِي غَيْبَةِ الْبَائِعِ، وَالرَّدُّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ حُكْمٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ انْتِظَارَهُ لِيَرُدَّ عَلَيْهِ إذَا حَضَرَ فَلَا يُشْتَرَطُ إعْلَامُ الْقَاضِي فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ عَجَزَ أَعْلَمَ الْقَاضِي أَيْ إذَا أَرَادَ الْقِيَامَ عَلَى الْبَائِعِ فِي غَيْبَتِهِ وَالرَّدَّ عَلَيْهِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا انْتَظَرَهُ حَتَّى يَحْضُرَ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ (قَوْلُهُ إنَّهُمَا) أَيْ الْإِشْهَادَ وَإِعْلَامَ الْقَاضِي بِعَجْزِهِ عَنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ نَعَمْ يُسْتَحَبُّ الْإِشْهَادُ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمُشْتَرِي إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ وَوَجَدَ الْبَائِعُ غَائِبًا فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى عَدَمِ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ، أَوْ بَعِيدَهَا وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ يُفَصِّلُ، فَإِنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ رَدَّ عَلَى وَكِيلِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ، فَإِنْ شَاءَ انْتَظَرَ حُضُورَهُ فَإِذَا حَضَرَ رَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ شَاءَ رَفَعَ لِلْقَاضِي فَيُرْسِلُ لَهُ إمَّا أَنْ تَحْضُرَ، وَإِلَّا رَدَدْنَاهَا عَلَيْك، فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ بِعَدَمِ الرِّضَا وَرَدَّ عَلَى وَكِيلِهِ وَانْتَظَرَ حُضُورَهُ حَتَّى حَضَرَ وَرَدَّ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ غَايَتُهُ أَنَّهُ فَاتَهُ الْمُسْتَحَبُّ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ رَدَّهُ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ يَرُدُّ عَلَيْهِ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهِ لِبُعْدِ غَيْبَةِ الْبَائِعِ، أَوْ عَدَمِ عِلْمِ مَحَلِّهِ فَإِمَّا أَنْ يَنْتَظِرَ قُدُومَهُ فَإِذَا قَدِمَ رَدَّ عَلَيْهِ وَإِمَّا أَنْ يَقُومَ فَيُعْلِمَ الْقَاضِيَ بِعَجْزِهِ فَيَتَلَوَّمَ لَهُ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ حُكِمَ بِرَدِّهِ عَلَيْهِ هَذَا إذَا عَلِمَ مَوْضِعَهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ، وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى قُدُومُهُ حُكِمَ بِرَدِّهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ انْتِظَارُهُ عِنْدَ بُعْدِ غَيْبَتِهِ) أَيْ، وَكَذَا عِنْدَ قُرْبِهَا لَهُ انْتِظَارُهُ وَالرَّدُّ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ وَعَدَمُ وَكِيلٍ) أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ وَكِيلٍ (قَوْلُهُ وَلَا أَعْلَمَ الْحَاكِمَ) أَيْ بِعَجْزِهِ عَنْ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ)

ص: 122

(فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) كَعَشَرَةٍ فِي الْأَمْنِ وَيَوْمَيْنِ فِي الْخَوْفِ (إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ فَلَا يَتَلَوَّمُ لَهُ، وَأَمَّا قَرِيبُ الْغَيْبَةِ كَيَوْمَيْنِ مَعَ الْأَمْنِ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ فَيَكْتُبُ لَهُ لِيَحْضُرَ، فَإِنْ أَبَى حَكَمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ (كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ) فَيَتَلَوَّمُ لَهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّلَوُّمِ وَقَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ (وَفِيهَا) فِي مَوْضِعٍ آخَرَ (أَيْضًا نَفْيٌ) أَيْ انْتِفَاءُ أَيْ عَدَمُ ذِكْرِ (التَّلَوُّمِ) يَعْنِي أَنَّ الْمَوْضِعَ الْآخَرَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ التَّلَوُّمِ لَا أَنَّ فِيهَا أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ حِينَئِذٍ الْوِفَاقُ الْآتِي (وَفِي حَمْلِهِ) أَيْ الْمَحَلُّ الَّذِي لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ التَّلَوُّمُ (عَلَى الْخِلَافِ) لِلْمَحَلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ، أَوْ الْوِفَاقُ بِحَمْلِ الْمَسْكُوتِ فِيهِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِيهِ، أَوْ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَرْجُ قُدُومَهُ، أَوْ عَلَى مَا إذَا خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ لَوْ تَلَوَّمَ وَيُحْمَلُ الْمَحَلُّ الَّذِي فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا رُجِيَ قُدُومُهُ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى الْعَبْدِ ذَلِكَ (تَأْوِيلَانِ) الرَّاجِحُ الْوِفَاقُ (ثُمَّ) بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنِ التَّلَوُّمِ (قَضَى) الْقَاضِي بِالرَّدِّ عَلَى الْغَائِبِ (إنْ أَثْبَتَ) الْمُشْتَرِي عِنْدَ الْقَاضِي (عُهْدَةً) أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْبَرَاءَةِ مِنْ عَيْبٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْقِيَامُ بِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَكُونُ فِي الرَّقِيقِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِيهِ بِالشَّرْطَيْنِ (مُؤَرَّخَةً) فِي إسْنَادِ التَّارِيخِ لِلْعُهْدَةِ تَجَوُّزٌ وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً زَمَنُ الْبَيْعِ لِعِلْمِ هَلْ الْعَيْبُ قَدِيمٌ، أَوْ حَادِثٌ (وَ) أَثْبَتَ (صِحَّةَ الشِّرَاءِ) خَوْفَ دَعْوَى الْبَائِعِ عَلَيْهِ فَسَادَهُ إذَا حَضَرَ فَيُكَلِّفُهُ الْيَمِينَ بِالصِّحَّةِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ عَلَّلَ عَدَمَ وُجُوبِ الْإِشْهَادِ وَعَدَمَ وُجُوبِ الْإِعْلَامِ بِالْعَجْزِ (قَوْلُهُ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ) أَيْ الْمَعْلُومِ الْمَوْضِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدَهُ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ مَوْضِعَهُ (قَوْلُهُ إنْ رُجِيَ قُدُومُهُ) أَيْ إنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُدُومَهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا لِابْنِ الْقَطَّانِ الْقَائِلِ إنَّهُ كَقَرِيبِ الْغَيْبَةِ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ (قَوْلُهُ وَفِيهَا إلَخْ) أَيْ إنَّهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهَا لَمْ تَذْكُرْ التَّلَوُّمَ بَلْ قَالَتْ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ انْتِفَاءً) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ الْمَصْدَرَ، وَهُوَ النَّفْيُ وَأَرَادَ الْحَاصِلَ بِهِ، وَهُوَ الِانْتِفَاءُ وَقَوْلُهُ أَيْ عَدَمُ ذِكْرِهِ بَيَانٌ لِانْتِفَاءِ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ أَنَّ فِيهَا) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ، وَفِيهَا نَفْيُ التَّلَوُّمِ إبْقَاءً لِلْمَصْدَرِ عَلَى حَالِهِ.

(قَوْلُهُ إذْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ حِينَئِذٍ الْوِفَاقُ الْآتِي) أَيْ بِجَمِيعِ، أَوْجُهِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُ الْمَوْضِعِ الَّذِي ذُكِرَ فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مَرْجُوًّا قُدُومُهُ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي نُفِيَ فِيهِ التَّلَوُّمُ عَلَى مَنْ كَانَ غَيْرَ مَرْجُوٍّ قُدُومُهُ عَلَى أَنَّ بْن نَقَلَ أَنَّ فِيهَا التَّصْرِيحَ بَعْدَ التَّلَوُّمِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ وَلَا دَاعِي لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّكَلُّفِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْمَحَلُّ لِلْأَوَّلِ ذَكَرَ فِيهِ أَنَّ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، وَمَنْ لَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ لَا يَرُدُّ الْحَاكِمُ عَلَيْهِمَا إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ، وَالْمَحَلُّ الثَّانِي ذُكِرَ فِيهِ أَنَّهُ يَرُدُّ عَلَيْهِمَا بِدُونِ تَلَوُّمٍ (قَوْلُهُ بِحَمْلِ الْمَسْكُوتِ فِيهِ عَلَى الْمَذْكُورِ فِيهِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهَا فِي الْمَحَلِّ الْمَسْكُوتِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْغَيْبَةِ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ أَيْ بَعْدَ التَّلَوُّمِ أَخْذًا مِنْ الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا إذَا خِيفَ عَلَى الْعَبْدِ الْهَلَاكُ) أَيْ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ (قَوْلُهُ إنْ أَثْبَتَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، ثُمَّ قَضَى، وَفِي قَوْلِهِ قَبْلَهُ فَتَلَوَّمَ فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ التَّلَوُّمَ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ إثْبَاتِ تِلْكَ الْمُوجِبَاتِ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ إثْبَاتَ الْعُهْدَةِ الْمُؤَرَّخَةِ وَمَا بَعْدَهَا مُتَأَخِّرٌ عَنْ التَّلَوُّمِ؛ لِأَنَّ إنْ الشَّرْطِيَّةَ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مَاضٍ قَلَبَتْهُ لِلِاسْتِقْبَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَجَوَابُهُ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ كَانَ أَثْبَتَ عُهْدَةً وَالْمَعْنَى يُرْشِدُ لِذَلِكَ وَكَانَ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْمُضِيِّ لَا تَقْلِبُهَا إنْ لِلِاسْتِقْبَالِ، ثُمَّ إنَّ ثُبُوتَ الْعُهْدَةِ يَكُونُ بِالْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْأَمْوَالِ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الرَّدِّ) الْأَوْلَى أَيْ أَثْبَتَ أَنَّهُ اشْتَرَى عَلَى الْعُهْدَةِ أَيْ عَلَى الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعُهْدَةِ هُنَا عُهْدَةُ الثَّلَاثِ، أَوْ السَّنَةِ، أَوْ الْإِسْلَامِ، وَهُوَ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ ضَمَانُهُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، أَوْ السَّنَةِ لَا يُوجِبُ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ تَبَرَّأَ مِنْهُ بَرَاءَةً تَمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ وَالْبَرَاءَةُ مِنْ عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ لَا تَنْفَعُ فَإِذَا اُسْتُحِقَّ رَدٌّ وَلَا يُعْمَلُ بِتَبَرِّيهِ مِنْهُ وَيَسْقُطُ الشَّرْطُ وَيَصِحُّ الْبَيْعُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ الْمُشْتَرِي إلَى إثْبَاتِهَا فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُهْدَةِ هُنَا مَا قُلْنَاهُ، وَهُوَ ضَمَانُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَهَذَا إنَّمَا إلَخْ) أَيْ إثْبَاتُ اشْتِرَائِهِ عَلَى الْعُهْدَةِ (قَوْلُهُ فِي الرَّقِيقِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ الَّذِي اطَّلَعَ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ رَقِيقًا أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ غَيْرَهُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ ذَلِكَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعَيْبِ لَا تَنْفَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ بِالشَّرْطَيْنِ) هُمَا طُولُ إقَامَتِهِ عِنْدَهُ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ الَّذِي تَبَرَّأَ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُؤَرَّخُ حَقِيقَةً إلَخْ) أَيْ فَالْأَصْلُ الْحَقِيقِيُّ مُؤَرَّخٌ زَمَنُهَا الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْبَيْعِ وَإِثْبَاتُ تَارِيخِ زَمَنِهَا بِأَنْ تَقُولَ الْبَيِّنَةُ عِنْدَ الْقَاضِي: تَشْهَدُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا عَلَى الْعُهْدَةِ أَيْ الضَّمَانِ مِنْ الْعَيْبِ وَالرَّدِّ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ إلَخْ) عِلَّةً لِإِثْبَاتِ التَّارِيخِ (قَوْلُهُ هَلْ الْعَيْبُ) أَيْ الَّذِي يَدَّعِي الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ قَدِيمٌ فِي الْوَاقِعِ كَمَا يَدَّعِي الْمُشْتَرِي، أَوْ لَيْسَ قَدِيمًا بَلْ حَادِثٌ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ خَوْفُ دَعْوَى الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ فَفَائِدَةُ إثْبَاتِ صِحَّةِ الشِّرَاءِ بِالْبَيِّنَةِ، وَإِنْ كَانَ

ص: 123

إثْبَاتُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (إنْ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ، وَأَمَّا التَّارِيخُ فَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ كَمِلْكِ الْبَائِعِ لَهُ لِوَقْتِ بَيْعِهِ وَلَا يَكْفِي الْحَلِفُ عَلَى هَذَيْنِ بِخِلَافِ الْحَلِفِ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَعَدَمِ الرِّضَا فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا تَكْفِي الْبَيِّنَةُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الْحَلِفَ مُقَدَّمٌ عَلَى الثُّبُوتِ فِيهِمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ إثْبَاتُ الْعُهْدَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَلِفِ وَفِي صِحَّةِ الشِّرَاءِ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَيُّهُمَا طَاعَ بِهِ كَفَى. .

(وَ) مَنَعَ مِنْ الرَّدِّ (فَوْتُهُ) قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ (حِسًّا) كَتَلَفِهِ، أَوْ ضَيَاعِهِ، أَوْ حُكْمًا (كَكِتَابَةٍ وَتَدْبِيرٍ) وَحَبْسٍ وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ فِي الْجَمِيعِ فَقَوْلُهُ حِسًّا تُرِكَ مِثَالُهُ وَقَوْلُهُ كَكِتَابَةِ مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ وَإِذَا وَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ (فَيَقُومُ) الْمَبِيعُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا (سَالِمًا) بِمِائَةٍ مَثَلًا (وَمَعِيبًا) بِثَمَانِينَ مَثَلًا (وَيُؤْخَذُ) لِلْمُشْتَرِي (مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةُ) أَيْ نِسْبَةُ نَقْصِ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إلَى قِيمَتِهِ سَلِيمًا أَيْ نِسْبَةُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ الْخُمُسُ فِي الْمِثَالِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ كَيْفَ كَانَ. .

(وَ) لَوْ تَعَلَّقَ بِالْمَبِيعِ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي مِنْ رَهْنٍ، أَوْ إجَارَةٍ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ (وُقِفَ فِي رَهْنِهِ وَإِجَارَتِهِ) وَنَحْوِهِمَا كَإِخْدَامِهِ وَإِعَارَتِهِ (لِخَلَاصِهِ) مِمَّا ذُكِرَ (وَرُدَّ) عَلَى بَائِعِهِ بَعْدَ الْخَلَاصِ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ) ، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى عَلَى مَا يَأْتِي مِنْ أَقْسَامِ التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ الْقَلِيلِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَالْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ قَوْلُهُ (كَعَوْدِهِ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ (بِعَيْبٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْبَيْعُ مَحْمُولًا عَلَى سَلَامَةِ الْعَقْدِ مِنْ الْفَسَادِ السَّلَامَةُ مِنْ الْيَمِين إذَا حَضَرَ الَّتِي كَانَ يَسْتَظْهِرُ بِهَا عَلَيْهِ وَاَلَّذِي فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ إنَّمَا احْتَاجَ لِإِثْبَاتِ صِحَّةِ الشِّرَاءِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فَاسِدًا وَحَصَلَ مُفَوِّتٌ فَيَمْضِي بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ، وَلَوْ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي حَصَلَ فِيهِ إنَّمَا هُوَ لِاعْتِقَادِ سَلَامَتِهِ مِنْ الْعَيْبِ، وَهُنَا لَمْ يَعْتَقِدْ سَلَامَتَهُ لِلِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُمْ الْبَيْعَ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ سَالِمًا، وَإِلَّا مَضَى بِالْقِيمَةِ.

(قَوْلُهُ إثْبَاتُ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ الْعُهْدَةِ وَصِحَّةِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبَيْعِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى قَبْلَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ الرِّضَا) أَيْ بِالْمَبِيعِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ (قَوْلُهُ إذْ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ) أَيْ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مَا لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِهِ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ التَّارِيخُ وَمِلْكُ الْبَائِعِ لَهُ لِوَقْتِ الْبَيْعِ وَمِنْهَا مَا لَا بُدَّ مِنْ الْحَلِفِ فِيهِ، وَهُوَ عَدَمُ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَعَدَمُ الرِّضَا بِالْمَبِيعِ حِينَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، وَمِنْهَا مَا يَكْفِي فِيهِ الْيَمِينُ، أَوْ الْإِثْبَاتُ بِالْبَيِّنَةِ، وَهُوَ الْعُهْدَةُ وَصِحَّةُ الشِّرَاءِ. .

(قَوْلُهُ فَوَّتَهُ) أَيْ فَوَّتَ الْمَبِيعَ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (قَوْلُهُ كَتَلَفِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ بِاخْتِيَارِ الْمُشْتَرِي كَقَتْلِهِ لِلْعَبْدِ الْمَبِيعِ عَمْدًا، أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ كَقَتْلِهِ لَهُ خَطَأً، أَوْ قَتْلِ غَيْرِهِ لَهُ، أَوْ مَوْتِهِ حَتْفَ أَنْفِهِ (قَوْلُهُ كَكِتَابَةٍ) أَيْ فَلَوْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي أَرْشَ الْعَيْبِ، ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رَدَّ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهُ أَرْشًا، ثُمَّ عَجَزَ كَانَ لَهُ رَدُّهُ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ فِي الْجَمِيعِ) حَتَّى فِي صُورَةِ مَا إذَا وَهَبَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَيَكُونُ الْأَرْشُ لِلْوَاهِبِ وَالْمُتَصَدِّقِ لَا الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ الْمُعْطِي إلَّا الْمَعِيبَ وَالْأَرْشُ لَمْ يَتَضَمَّنْهُ عَقْدُ الْعَطِيَّةِ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ بِذَهَابِ عَيْنِهِ، أَوْ بِخُرُوجِهِ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي وَكَانَ خُرُوجُهُ بِلَا عِوَضٍ كَمَا مَثَّلَ، وَأَمَّا خُرُوجُهُ مِنْ يَدِهِ بِعِوَضٍ فَلَا أَرْشَ فِيهِ وَسَيَقُولُ وَإِنْ بَاعَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِذَا وَجَبَ لِلْمُبْتَاعِ الْأَرْشُ) أَيْ كَمَا لَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ الِاطِّلَاعِ حِسًّا، أَوْ حُكْمًا فَيَقُومُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِهِ فَيَقُومُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ وَقَوْلُهُ فَيَقُومُ أَيْ، وَلَوْ كَانَ مَحْبُوسًا عِنْدَ الْبَائِعِ لِلثَّمَنِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَتَانِ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَلَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ لَمَّا كَانَ لِمَعْرِفَةِ النَّقْصِ كَانَ الْمِثْلِيَّاتُ أَيْضًا. .

(قَوْلُهُ، أَوْ إجَارَةٍ) أَيْ، أَوْ إعَارَةٍ، أَوْ إخْدَامٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَيْ وَحَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُشْتَرِي قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ وَقَفَ إلَخْ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ ذَلِكَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَإِنَّهُ يُعَدُّ رِضًا (قَوْلُهُ وَوُقِفَ) أَيْ الْمَبِيعُ أَيْ بَقِيَ فِي رَهْنِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَرَدَّ عَلَى بَائِعِهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ حِينَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَنَّهُ مَا رَضِيَ بِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ جَرَى إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَغَيُّرَهُ إمَّا قَلِيلٌ، أَوْ مُتَوَسِّطٌ، أَوْ كَثِيرٌ فَيَجْرِي عَلَى مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ الْأَوَّلُ الَّذِي هُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ آخَرَ، ثُمَّ خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِبَيْعٍ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ الثَّانِيَ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ فَقَطْ، أَوْ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ حَيْثُ اشْتَرَى بِهِمَا فَلِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ

ص: 124

كَانَ هُوَ الْقَدِيمُ فَقَطْ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي زَمَنَ الْعُهْدَةِ حَيْثُ اشْتَرَى بِهَا فَيَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، فَإِنْ تَغَيَّرَ جَرَى عَلَى الْأَقْسَامِ الْآتِيَةِ (أَوْ) عَوْدِهِ لَهُ (بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ كَبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ) . .

وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ الْفَوَاتِ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابَةٍ إلَخْ، وَكَانَ فِي حُكْمِهِ بِعِوَضٍ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ)(بَاعَهُ) الْمُشْتَرِي (لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ (مُطْلَقًا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَهُ مَا دَامَ لَمْ يُعِدْ إلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءِ عَلَى بَائِعِهِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْهِ رَدَّهُ فِي الْأَخِيرِ فَقَطْ، وَهُوَ مَا إذَا بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (أَوْ) بَاعَهُ الْمُشْتَرِي (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِمِثْلِ ثَمَنِهِ) دَلَّسَ بَائِعُهُ الْأَوَّلُ أَمْ لَا (أَوْ بِأَكْثَرَ) مِنْ ثَمَنِهِ (إنْ دَلَّسَ) بِأَنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ حِينَ الْبَيْعِ وَكَتَمَهُ كَأَنْ بَاعَهُ مُدَلَّسًا بِثَمَانِيَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِعَشْرَةٍ (فَلَا رُجُوعَ) لِلْمُشْتَرِي فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ وَلَا لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي هَذِهِ عَلَى بَائِعِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ لِظُلْمِهِ بِتَدْلِيسِهِ وَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ وَلَقَدْ أَحْسَنَ رحمه الله فِي حَذْفِ صِلَةِ فَلَا رُجُوعَ لِاخْتِلَافِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ مُدَلِّسًا (رَدَّ) الْمَبِيعَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَانَ هُوَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَيْبُ الَّذِي رَدَّ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي أَيْ الثَّانِي (قَوْلُهُ زَمَنَ الْعُهْدَةِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ وَعُهْدَةَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ) أَيْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ عَوْدُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ إنْسَانٍ، ثُمَّ بَاعَهَا لِآخَرَ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ الْقَدِيمِ الَّذِي فِيهَا، ثُمَّ إنَّهَا عَادَتْ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمِلْكٍ مُسْتَأْنَفٍ فَلَهُ رَدُّهَا عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ اشْتَرَاهَا مِمَّنْ اشْتَرَى مِنْهُ عَالِمًا بِالْعَيْبِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْتُهُ لِأَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بَعْدَ تَعَدُّدِ الشِّرَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ، ثُمَّ بَاعَهُ عَمْرٌو لِخَالِدٍ ثُمَّ بَاعَهُ خَالِدٌ لِبَكْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ عَمْرٌو مِنْ بَكْرٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فَإِنْ رَدَّ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَخِيرِ أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ وَيُخَيَّرُ ذَلِكَ الْبَائِعُ الْأَخِيرُ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ، أَوْ يَرُدَّ عَلَى بَائِعِهِ وَهَكَذَا بَائِعُهُ إلَى أَنْ يَحْصُلَ تَمَاسُكٌ، أَوْ يَرُدَّ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ كَبَيْعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ إرْثٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَعُودَ لَهُ بِمُعَاوَضَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَلَا بَيْنَ مَا عَادَ لَهُ اخْتِيَارًا، أَوْ جَبْرًا. .

(قَوْلُهُ وَلَمَّا قَدَّمَ إلَخْ) أَيْ وَلَمَّا قَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الْفَوَاتِ الْحُكْمِيِّ فِي قَوْلِهِ كَكِتَابَةٍ وَكَانَ فِيهِ إذَا كَانَ بِعِوَضٍ تَفْصِيلٌ أَشَارَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَيْ لِغَيْرِ الْبَائِعِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ ابْنًا لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَبًا لَهُ (قَوْلُهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَعُودَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ إلَيْهِ أَوْ لَا فَالصُّوَرُ اثْنَتَا عَشْرَةَ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ) أَيْ مِنْ الْأَرْشِ فَهَذِهِ سِتٌّ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّهُ مَعِيبٌ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ وَلَمْ يَعُدْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ بِأَكْثَرَ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ قَبْلَهُ وَهَذَا الْإِطْلَاقُ فِي الثَّمَنِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى بِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ، فَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْقِلَّةُ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَكَذَلِكَ، وَإِنْ عُلِمَ أَنَّ الْقِلَّةَ مِنْ أَجْلِ الْعَيْبِ كَأَنْ يَبِيعَهُ، أَوْ وَكِيلُهُ ظَانًّا أَنَّ الْعَيْبَ حَدَثَ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا نَقَصَهُ مِنْ الثَّمَنِ، أَوْ قِيمَتِهِ وَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ يُونُسَ وَعِيَاضٌ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ تَفْسِيرًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ رَدَّهُ فِي الْأَخِيرِ) أَيْ فِي أَحْوَالِ الثَّمَنِ الثَّلَاثَةِ، وَأَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَلَا رَدَّ لَهُ فِي أَحْوَالِ الثَّمَنِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ يُعَدُّ رِضًا بِالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي لَهُ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ وَقَوْلُهُ، أَوْ بِأَكْثَرَ أَيْ، أَوْ بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ، وَقَوْلُهُ إنْ دَلَّسَ أَيْ إنْ عَلِمَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ وَكَتَمَهُ (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَرْشِ وَقَوْلُهُ فِيمَا قَبْلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعْنِي مَا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَكَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَمَا قَبْلَهَا مَا إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ بَاعَ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ) أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الَّذِي اشْتَرَاهُ ثَانِيًا رَدُّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الَّذِي بَاعَهُ لَهُ (قَوْلُهُ وَلَقَدْ أَحْسَنَ فِي حَذْفِ صِلَةِ، فَلَا رُجُوعَ، لِاخْتِلَافِ مَرْجِعِ الضَّمِيرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْأُولَى وَالثَّانِيَة أَعْنِي مَا إذَا بَاعَ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ، وَهِيَ مَا إذَا بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ لَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا عَلَى بَائِعِهِ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَلَى بَائِعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ كَمَا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلُ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ هُنَا رُجُوعٌ بِأَرْشٍ لِكَوْنِ الْفَرْضِ أَنَّ الْمَبِيعَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مُدَلِّسًا) أَيْ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ

ص: 125

(ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ مِنْهُ، وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي الثَّمَانِيَةِ وَيَفْضُلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ (وَ) إنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (لَهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ (كَمَّلَ) الْبَائِعُ الْأَوَّلُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَيَدْفَعُ لَهُ دِرْهَمَيْنِ دَلَّسَ أَمْ لَا وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا رَجَعَ لِيَدِ مُشْتَرِيهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْهَا يُرَدُّ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ ذَكَرَ أَقْسَامَ التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَكِنْ لَا بِقَيْدِ حُدُوثِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِهِ وَعَوْدِهِ لَهَا، وَأَنَّهَا ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: مُتَوَسِّطٌ وَيَسِيرٌ وَكَثِيرٌ وَاسْتَوْفَاهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ) الْمَعِيبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ آخَرَ حَدَثَ عِنْدَهُ (إنْ تَوَسَّطَ) هَذَا الْحَادِثُ بَيْنَ الْمُخْرِجِ عَنْ الْمَقْصُودِ وَالْقَلِيلِ (فَلَهُ) التَّمَسُّكُ بِهِ وَ (أَخْذُ) أَرْشِ الْعَيْبِ (الْقَدِيمِ وَ) لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعُ (وَدَفْعُ) أَرْشِ (الْحَادِثِ) عِنْدَهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ كَمَا يَأْتِي. .

وَلَمَّا كَانَ الْعَيْبُ عَرَضًا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى طَرِيقِ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ بِقَوْلِهِ (وَقُوِّمَا) أَيْ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (بِتَقْوِيمٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَقْوِيمِ (الْمَبِيعِ) صَحِيحًا وَمَعِيبًا فَاسْتُفِيدَ مِنْهُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ أَيْ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ فَيُقَوَّمُ صَحِيحًا بِعَشْرَةٍ مَثَلًا وَبِالْقَدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْحَادِثِ مَعَهُ بِسِتَّةٍ، فَإِنْ رَدَّ دَفَعَ خُمُسَ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ خُمُسَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَّا لِتَقْوِيمَتَيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ، ثُمَّ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيَفْضُلُ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ دِرْهَمَانِ) يَدْفَعُهُمَا لَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ وَفِي بْن أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ رُجُوعِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ بِزَائِدِ الثَّمَنِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَإِذَا رَدَّ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الثَّانِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَيْبِ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ اهـ، وَقَدْ يُقَالُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ الثَّانِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْعَيْبِ وَإِنَّمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَعْدَ شِرَائِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَهُ بِأَقَلَّ كَمَّلَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لَهُ بِأَقَلَّ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لَمْ يُكَمِّلْ سَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ شِرَائِهِ بِثَمَانِيَةٍ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ كَمَّلَ لَهُ) إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ، وَلَمْ يُعِدْ الْمَبِيعَ لَهُ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي بَاعَ لِلْأَجْنَبِيِّ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى، وَهُنَا قَدْ قُلْتُمْ إنَّهُ إذَا بَاعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَى بِهِ وَمِنْهُ وَلَمْ تَعُدْ السِّلْعَةُ لَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِكَمَالِ الثَّمَنِ فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ لِلْأَجْنَبِيِّ وَالْبَائِعِ قُلْت قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ: يُمْكِنُ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لَهُ لِرُجُوعِ سِلْعَتِهِ إلَيْهِ فَلْيُرْجِعْ لِذَلِكَ ثَمَنَهُ كُلَّهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَوْ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ بِكَمَالِ الثَّمَنِ لَتَضَرَّرَ وَمِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ النَّقْصُ إنَّمَا هُوَ لِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ لَا لِلْعَيْبِ فَلِذَا لَمْ يَكْمُلْ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَنَّهَا) أَيْ وَذَكَرَ أَنَّهَا ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ إلَخْ) إنَّمَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُشْتَرِي إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ وَفِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ قَدِيمٌ يُخَيَّرُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا وَحَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ إلَخْ وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ أَيْ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، فَإِنْ قَبِلَهُ بِالْحَادِثِ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ صَارَ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالْعَدَمِ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. .

(قَوْلُهُ وَمَعِيبًا) أَيْ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، ثُمَّ بِالْعَيْبَيْنِ مَعًا، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ يُقَوَّمُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ هُوَ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ، وَهُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ إذَا أَرَادَ الرَّدَّ إنَّمَا يُقَوَّمُ تَقْوِيمَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَقْوِيمُهُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْأُخْرَى بِالْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّخْيِيرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي عبق وَفِي الْمُتَيْطِيِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهُ إنَّمَا يُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ بَعْدَ التَّقْوِيمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَمَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ، وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَدْخُلُ فِي أَمْرٍ مَجْهُولٍ لَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ اهـ. وَلَعَلَّ ثَمَرَةَ هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ إذَا الْتَزَمَ شَيْئًا قَبْلَ التَّقْوِيمِ هَلْ يَلْزَمُهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَبِالتَّقْدِيمِ بِثَمَانِيَةٍ وَبِالْحَادِثِ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْقَدِيمِ بِسِتَّةٍ فَيَكُونُ كُلٌّ مِنْ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ قَدْ نَقَصَهُ خُمُسَ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ دَفَعَ الثَّمَنَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عِشْرِينَ وَأَرَادَ الرَّدَّ دَفَعَ أَرْبَعَةً أَرْشَ الْحَادِثِ؛ لِأَنَّ الْحَادِثَ قَدْ نَقَصَ خُمُسَ الْقِيمَةِ فَيَرُدُّ أَرْبَعَةً خُمُسَ الثَّمَنِ فَالْقِيمَةُ مِيزَانٌ لِلرُّجُوعِ فِي الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ خُمُسَهُ) أَيْ

ص: 126

صَحِيحًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيَعْلَمَ النَّقْصَ لِيَرْجِعَ بِأَرْشِهِ فَتَأَمَّلْ. وَتُعْتَبَرُ التَّقْوِيمَاتُ (يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي) لَا يَوْمَ الْعَقْدِ وَلَا يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَا الْقَدِيمُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَالْحَادِثُ يَوْمَ الْحُكْمِ خِلَافًا لِزَاعِمِيهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (إنْ زَادَ) الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ وَلَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ (بِكَصِبْغٍ) بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ رِيحٍ فِي الصِّبْغِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِيَاطَةَ وَالْكَمَدَ، وَكُلُّ مَا لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ، أَوْ يَنْفَصِلُ بِفَسَادٍ (أَنْ) يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، أَوْ (يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ) فِي الثَّوْبِ (بِمَا زَادَ) بِصَبْغِهِ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ مَعِيبًا فَإِذَا قِيلَ: قِيمَتُهُ مَعِيبًا بِلَا صِبْغٍ عِشْرُونَ وَبِالصِّبْغِ خَمْسَةً وَعِشْرُونَ فَقَدْ زَادَهُ الصِّبْغُ الْخُمُسَ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِهِ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ أَمْ لَا وَالتَّقْوِيمُ (يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (وَ) إنْ حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَيْبٌ (جُبِرَ بِهِ) أَيْ بِالزَّائِدِ الْعَيْبُ (الْحَادِثُ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَقْطِيعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ سَاوَاهُ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إنْ تَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ، وَإِنْ نَقَصَ غَرِمَ تَمَامَ قِيمَتِهِ مَعِيبًا إنْ رَدَّهُ، فَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا مِائَةً وَبِالْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْحَادِثِ ثَمَانِينَ وَبِالزِّيَادَةِ تِسْعِينَ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ، فَإِنْ كَانَتْ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ غَرِمَ إنْ رَدَّ نِصْفَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

خُمُسَ الثَّمَنِ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ.

(قَوْلُهُ صَحِيحًا) أَيْ بِعَشْرَةٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ أَيْ بِثَمَانِيَةٍ (قَوْلُهُ لِيَعْلَمَ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ الْعَيْبُ الْقَدِيمُ نَقَصَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا الْخُمُسَ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِخُمُسِ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لِيَرْجِعَ بِأَرْشِهِ أَيْ إنْ كَانَ دَفَعَ الثَّمَنَ أَيْ، أَوْ يَسْقُطَ عَنْهُ إنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ (قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ) أَمْرٌ بِالتَّأَمُّلِ لِدَفْعِ مَا يَرِدُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الرَّدَّ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ ثَلَاثَ تَقْوِيمَاتٍ وَحَاصِلُهُ مَا الْمُوجِبُ لِتَقْوِيمِهِ صَحِيحًا وَهَلَّا اكْتَفَى بِتَقْوِيمِهِ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ فَقَطْ، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا قُوِّمَ صَحِيحًا لِأَجْلِ الرِّفْقِ بِالْمُشْتَرِي وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةٌ وَبِالْقَدِيمِ ثَمَانِيَةٌ وَبِالْحَادِثِ سِتَّةٌ فَالْحَادِثُ نَقَصَهُ اثْنَيْنِ فَلَوْ نُسِبَتْ لِلثَّمَانِيَةِ لَزِمَهُ أَنْ يَدْفَعَ رُبُعَ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَسَبْنَاهُمَا لِلْعَشَرَةِ كَانَا خُمُسًا فَلَزِمَهُ خُمُسُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمِنَهُ الْمُشْتَرِي) وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْبَيْعِ وَالْمَبِيعِ فَإِذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا كَانَ ضَمَانُهُ بِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَبِالْعَقْدِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، أَوْ غَائِبًا فَبِالْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مُوَاضَعَةٌ فَبِرُؤْيَةِ الدَّمِ، وَإِنْ كَانَ ثِمَارًا فَبِالْأَمْنِ مِنْ الْجَائِحَةِ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ فَبِدَفْعِهِ، وَإِنْ كَانَ مَحْبُوسًا لِلْإِشْهَادِ فَبِالْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ إنْ زَادَ الْمَبِيعُ الْمَعِيبُ) أَيْ عِنْدَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَحْدُثْ إلَخْ أَيْ، وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ) أَيْ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ إلْقَاءَ الرِّيحِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَاشِرٍ ضَبْطَهُ بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ، وَإِنْ زَادَ بِسَبَبٍ كَصَبْغٍ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ مُوَافِقًا لِكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَشْمَلُ إلْقَاءَ الرِّيحِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ الْمَصْدَرِ الْفِعْلُ الِاخْتِيَارِيُّ لَكِنَّهُ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَنْفَصِلُ بِفَسَادٍ) أَيْ، وَأَمَّا مَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ بِغَيْرِ فَسَادٍ فَكَالْعَدِمِ فَيَكُونُ بِمَثَابَةِ مَا إذَا لَمْ يَحْدُثْ شَيْءٌ (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدُّ) أَيْ وَيَأْخُذَ جَمِيعَ ثَمَنِهِ وَقَوْلُهُ يَشْتَرِكُ بِمَا زَادَ أَيْ بِقَدْرِ مَا زَادَ أَيْ إنْ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ دَفْعِ مَا زَادَهُ الصَّبْغُ (قَوْلُهُ مَعِيبًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ قِيمَتِهِ وَإِنَّمَا نَظَرَ لِقِيمَتِهِ مَعِيبًا وَلِقِيمَتِهِ بِالزِّيَادَةِ وَلَمْ يَنْظُرْ لِقِيمَتِهِ سَلِيمًا؛ لِأَنَّ الشَّرِكَةَ بِمَا زَادَهُ الصَّبْغُ عَنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ خُرُوجِهِ مِنْ يَدِ بَائِعِهِ، وَهُوَ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِ بَائِعِهِ إلَّا مَعِيبًا.

(قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ) أَيْ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَالتَّقْوِيمُ يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ وَاعْتِبَارُ قِيمَتِهِ مَعِيبًا، وَزِيَادَةِ الصَّبْغِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ التَّقْوِيمِ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ يَوْمَ الْبَيْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ لَا مُتَعَلِّقٍ بِزَادَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَ بِلَازِمٍ أَنْ تَكُونَ يَوْمَ الْبَيْعِ نَعَمْ اعْتِبَارُ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ يَوْمِ الْبَيْعِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْخَاصَّ وَأَرَادَ الْعَامَّ (قَوْلُهُ، وَإِنْ حَدَثَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ الزِّيَادَةِ أَيْ بِكَصَبْغٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَاوَاهُ) أَيْ، فَإِنْ سَاوَتْ قِيمَةُ الزَّائِدِ أَرْشَ الْحَادِثِ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إلَخْ تَبِعَ فِي ذَلِكَ عج وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَنْصُوصُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ إنْ تَمَاسَكَ فَلَهُ أَخْذُ أَرْشِ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ هُنَا وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ إذَا سَاوَتْ قِيمَةُ الزَّائِدِ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ وَتَمَاسَكَ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشٍ قَدِيمٍ لِتَجْرِي حَالَةُ الْمُسَاوَاةِ وَالزِّيَادَةِ وَالنَّقْصِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ رُبَّمَا كَانَتْ حَالَةُ الْمُسَاوَاةِ، أَوْلَى بِذَلِكَ مِنْ حَالَةِ الزِّيَادَةِ الْمَذْكُورَةِ بَعْدُ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى الْجَبْرِ الْمُحَاسَبَةُ بِمَا زَادَ مِنْ أَرْشِ الْحَادِثِ لَا تَنْزِيلَهُ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ) أَيْ قِيمَةُ الزَّائِدِ عَنْ أَرْشِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ أَيْ، وَأَمَّا إنْ زَادَتْ قِيمَةُ مَا زَادَهُ عَلَى أَرْشِ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ) أَيْ لَسَاوَى قِيمَةَ الزَّائِدِ أَرْشَ النَّقْصِ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَفِيهِ مَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ عج وبن (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ (قَوْلُهُ غَرِمَ إنْ رَدَّ نِصْفَ

ص: 127

عُشْرَ الثَّمَنِ وَخَمْسَةً وَتِسْعِينَ شَارَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ (وَفُرِقَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ مُخَفَّفًا (بَيْنَ) بَائِعٍ (مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ) الْمَبِيعُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ مَا فَعَلَهُ فِيهِ كَصِبْغِهِ صِبْغًا لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي فَلَا أَرْشَ عَلَيْهِ لِلنَّقْصِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، فَإِنْ رَدَّ أُعْطِيَ أَرْشَ الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ (كَهَلَاكِهِ) ، أَوْ قَطْعِ يَدِهِ مَثَلًا (مِنْ) عَيْبِ (التَّدْلِيسِ) وَغَيْرِهِ، فَإِنْ أَبَقَ، أَوْ سَرَقَ فَهَلَكَ بِسَبَبِ ذَلِكَ، أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ، فَإِنْ كَانَ بَائِعُهُ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَمِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ قَالَ بَدَلٌ مِنْ التَّدْلِيسِ مِنْ الْعَيْبِ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ وَلَمْ يُحْوِجْ إلَى تَقْدِيرِ عَطْفٍ وَمَعْطُوفٍ (وَأَخَذَهُ) أَيْ أَخَذَ الْبَائِعُ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (بِأَكْثَرَ) مِنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ كَأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ بِعَشْرَةٍ وَيَأْخُذَ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ رَدَّهُ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ كَمَا سَبَقَ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ إلَخْ (وَتَبَرَّى مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ) فِي زَعْمِهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَعْلَمُ بِهِ عَيْبًا، فَإِنْ كَانَ كَاذِبًا فَمُدَلِّسٌ، وَإِلَّا فَلَا وَيُعْلَمُ كَذِبُهُ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ بِالْبَيِّنَةِ فَالْمُدَلِّسُ لَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ وَغَيْرُهُ تَنْفَعُهُ أَيْ فِي الرَّقِيقِ الَّذِي طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، وَلَوْ حُذِفَ قَوْلُهُ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ لَكَانَ أَحْسَنَ، أَوْ يُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ أَيْ وَمِمَّا عُلِمَ، وَإِلَّا فَالتَّبَرِّي مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَدْلِيسٌ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلْفَرْقِ. .

(وَرَدَّ سِمْسَارٌ جُعْلًا) أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَرُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ بِعَيْبٍ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ عَلَى الْبَائِعِ بَلْ يَفُوزُ بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ رَدَّهُ وَهَذَا إنْ كَانَ رَدُّ السِّلْعَةِ بِحُكْمِ حَاكِمٍ، وَأَمَّا إنْ قَبِلَهَا الْبَائِعُ بِلَا تَحَكُّمٍ فَلَا يُرَدُّ الْجُعْلُ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

عُشْرِ الثَّمَنِ) أَيْ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَخَمْسَةً وَتِسْعِينَ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بِالزِّيَادَةِ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ) أَيْ بِمِثْلِ نِصْفِ عُشْرِ الثَّمَنِ إنْ رَدَّ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ مُخَفَّفًا) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا فِي الْمَعَانِي، وَأَمَّا فِي الْأَجْسَامِ فَهُوَ بِالتَّشْدِيدِ وَهَذَا فِي الْغَالِبِ وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ بِعَكْسِ مَا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ، أَوْ زَادَ بِكَصَبْغٍ أَيْ، وَإِنْ نَقَصَ بِكَصَبْغٍ فَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ تَقْرِيرُ التَّوْضِيحِ وَبِهِ قَرَّرَ عبق، أَوَّلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَا يَصِحُّ تَعْمِيمُهُ فِي كُلِّ نَقْصٍ حَصَلَ بِسَبَبِ فِعْلِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ هُنَا إنَّمَا هُوَ فِي مَعْرِضِ الْكَلَامِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَتَفْصِيلِهَا وَسَيَأْتِي يَتَكَلَّمُ عَلَى التَّغَيُّرِ الْحَادِثِ بِسَبَبٍ فَعَلَهُ اُنْظُرْ طفى وَح اهـ. بْن.

(قَوْلُهُ بَيْنَ بَائِعٍ مُدَلِّسٍ) أَيْ، وَهُوَ الْعَالِمُ بِالْعَيْبِ وَكَتَمَهُ حِينَ الْبَيْعِ وَغَيْرِهِ هُوَ الَّذِي لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ أَصْلًا، أَوْ عَلِمَ بِهِ وَنَسِيَهُ حِينَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ لَا يُصْبَغُ بِهِ مِثْلُهُ) إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ النَّقْصُ بِسَبَبِ الصَّبْغِ وَسَوَاءٌ غَرِمَ لِذَلِكَ الصَّبْغَ ثَمَنًا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِلنَّقْصِ) أَيْ الْحَاصِلِ بِسَبَبِ الصَّبْغِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ) أَيْ، فَإِنْ رَدَّ أَعْطَى أَرْشَ الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ وَابْنُ الْمَوَّازِ إنْ تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ إنْ كَانَ الْأَمْرُ الَّذِي حَصَلَ بِهِ النَّقْصُ عِنْدَهُ كَالصَّبْغِ لَمْ يَغْرَمْ لَهُ ثَمَنًا، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَرْشُ وَشَهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَكِلَاهُمَا لَهُ وَجْهٌ مِنْ النَّظَرِ اُنْظُرْ ح، وَعَلَى الثَّانِي اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ. بْن (قَوْلُهُ كَهَلَاكِهِ) أَيْ كَمَا فَرَّقَ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فِي هَلَاكِ الْمَبِيعِ وَقَطَعَهُ مِنْ أَجْلِ التَّدْلِيسِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَبَبِ التَّدْلِيسِ فَقَطْ فَلَيْسَ هُنَاكَ غَيْرُ مُدَلِّسٍ حَتَّى يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فِي زَمَنِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ وَلَيْسَ هَذَا دَاخِلًا فِي الْغَيْرِ وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا يَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَائِعَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَتَّى يَثْبُتَ ذَلِكَ، أَوْ يُقِرَّ بِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرِي فِي دَعْوَاهُ إبَاقَهُ بِيَمِينٍ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ كَمَا فِي الْمُتَيْطِيَّةِ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مِنْهُ بِأَكْثَرَ) أَيْ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي أَخْذِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ الْمَعِيبَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ قَدْ تَقَدَّمَتْ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ، وَإِلَّا رَدَّ، ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ أَعَادَهَا الْمُصَنِّفُ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ (قَوْلُهُ وَتَبَرَّى مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرِّي مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فِي زَعْمِهِ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ؛ لِأَنَّ التَّبَرِّي الْمُطْلَقَ هُوَ الَّذِي يَفْتَرِقُ فِيهِ الْمُدَلِّسُ مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إذَا تَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ تَدْلِيسٌ (قَوْلُهُ، أَوْ يُجَابُ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي زَعْمِهِ. .

(قَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ) أَيْ وَفَرَّقَ فِي رَدِّ السِّمْسَارِ جُعْلًا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ رَدَّ السِّلْعَةَ بِحُكْمِ حَاكِمٍ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الرَّدُّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قِدَمِهِ وَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَدُّ الْجُعْلُ) أَيْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، أَوْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ السِّمْسَارُ بِالْعَيْبِ أَمَّا إنْ عَلِمَ بِهِ وَكَتَمَهُ فَلَا جُعْلَ لَهُ مُطْلَقًا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ، وَأَمَّا إذَا تَمَّ الْبَيْعُ فَابْنُ يُونُسَ يَقُولُ: لَهُ الْجُعْلُ الْمُسَمَّى لَهُ إذَا لَمْ يَتَّفِقْ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ، وَإِلَّا فَجُعْلُ مِثْلِهِ، وَالْقَابِسِيُّ

ص: 128

(وَ) رُدَّ (مَبِيعٌ) نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِمَوْضِعِهِ ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ (لِمَحَلِّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَدِّ الْمُقَدَّرِ أَيْ إنْ رَدَّهُ لِلْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَوْ بَعُدَ وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ لِمَوْضِعِهِ الَّتِي غَرِمَهَا وَقَوْلُهُ (إنْ رَدَّ) الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ (بِعَيْبٍ) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتَّةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا (رَدَّ) أَيْ فَرَدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (إنْ قَرُبَ) الْمَوْضِعُ الَّذِي نَقَلَهُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ بَعُدَ (فَاتَ) بِنَقْلِهِ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ، ثُمَّ مَثَّلَ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مَعَ وُجُودِ الْقَدِيمِ بِقَوْلِهِ (كَعَجَفِ دَابَّةٍ) أَيْ هُزَالِهَا (وَسِمَنِهَا) سِمَنًا بَيِّنًا لَا مَا صَلُحَتْ بِهِ فَلَيْسَ بِعَيْبٍ، ثُمَّ جَعَلَ السِّمَنَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ إنْ رَدَّ بِالْقَدِيمِ لَا يَلْزَمُهُ أَرْشُ السِّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَهُ أَرْشُ الْقَدِيمِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَلَا مِنْ الْمُفِيتِ وَلَا مِنْ الْقَلِيلِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ عَدَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّط كَالْمُصَنِّفِ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُ فِي مُطْلَق التَّخْيِيرِ وَمَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ هُزَالَ وَسِمَنَ الرَّقِيقِ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ. .

(وَ) حُدُوثُ (عَمًى وَشَلَلٍ وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ) ، وَكَذَا عَبْدٍ عَلَى الرَّاجِحِ (وَجُبِرَ) الْعَيْبُ الْحَادِثُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبَ تَزْوِيجٍ (بِالْوَلَدِ) الْحَاصِلِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَصِيرُ كَأَنْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تَجْبُرُ النَّقْصَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَقُولُ: لَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ إذَا عَلِمَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ مَعَ الْبَائِعِ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَهُ الْجُعُلُ الْمُسَمَّى اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي جُعْلِ السِّمْسَارِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ، أَوْ الْعُرْفِ فَلَوْ اشْتَرَطَهُ الْبَائِعُ، أَوْ السِّمْسَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى السِّمْسَارِ ابْتِدَاءً فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْبَائِعِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ ثُمَّ الْبَائِعُ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السِّمْسَارِ، وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا رَجَعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ أَصْلَهُ عَلَيْهِ فَالْمُشْتَرِي دَفَعَهُ عَنْهُ كَجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ. .

(قَوْلُهُ وَمَبِيعٌ لِمَحَلِّهِ) عَطْفٌ عَلَى سِمْسَارٍ أَيْ وَرُدَّ مَبِيعٌ إلَخْ أَيْ وَفَرَّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ مَبِيعٍ لِمَحَلِّهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ، وَالْأَصْلُ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا رَدَّهُ لِمَحَلِّهِ إنْ رُدَّ بِعَيْبٍ، وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ، وَإِلَّا فَاتَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ الْمُدَلِّسَ عَلَيْهِ رَدُّ الْمَبِيعِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي لِلْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ مِنْهُ الْمُشْتَرِي، وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرَى لَهُ لِبَيْتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِ بِهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْبَائِعُ الْمُدَلِّسَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَنْقُلُهُ لِبَلَدِهِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ أُجْرَةُ الْحَمْلِ لِسَفَرِهِ وَإِحْضَارِهِ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ، وَأَمَّا الْبَائِعُ غَيْرُ الْمُدَلِّسِ فَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّ الْمَبِيعِ لِمَحَلِّ قَبْضِهِ بَلْ رَدُّهُ لِمَحَلِّ قَبْضِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي إنْ قَرُبَ ذَلِكَ الْمَحَلُّ، فَإِنْ بَعُدَ فَاتَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرُبَ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ تَبِعَ فِيهِ الْمُتَيْطِيُّ وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا نَقَلَهُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ غَيْرُ مُدَلِّسٍ فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّهُ لِمَحَلِّهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ قُرْبٍ وَبُعْدٍ اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ السِّتَّةِ) أَيْ وَهُوَ مِنْ التَّصْرِيحِ بِمَا عُلِمَ الْتِزَامًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَهُوَ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَيْسَ بِعَيْبِ أَصْلًا وَانْظُرْ مَا وَجْهُ أَخْذِهِ أَرْشَ الْقَدِيمِ إذَا تَمَاسَكَ حَيْثُ كَانَ السِّمَنُ غَيْرَ عَيْبٍ أَصْلًا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَاطَّلَعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكُ بِهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ إلَّا إذَا فَاتَ الرَّدُّ، أَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ (قَوْلُهُ فِي مُطْلَقِ التَّخْيِيرِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ التَّخْيِيرُ فِيهِ مُغَايِرًا لِلتَّخْيِيرِ فِي الْمُتَوَسِّطِ. .

(قَوْلُهُ وَعَمًى إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْعَمَى وَمَا بَعْدَهُ إذَا حَدَثَ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ أَرْشِ الْحَادِثِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ أَرْشِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ وَتَزْوِيجُ أَمَةٍ) أَيْ بِحُرٍّ، أَوْ بِعَبْدٍ حَصَلَ دُخُولٌ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ، وَكَذَا عَبْدٍ) أَيْ فَتَزْوِيجُهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يُفِيدُهُ ح (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَيْبُ تَزْوِيجٍ) أَيْ بِأَنْ زَنَتْ الْأَمَةُ، أَوْ حَصَلَ لَهَا عَمًى، ثُمَّ وَلَدَتْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَمَاسَكَ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَخْ) الَّذِي لِابْنِ عَاشِرٍ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِذَا رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي قَوْلِهِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ لَكِنْ مَا فِي الشَّارِحِ هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمِثْلُهُ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَنَصِّ التَّكْمِيلِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَالْمَازِرِيُّ صِفَةُ التَّقْوِيمِ أَنْ يُقَالَ قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةٌ، وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانُونَ وَبِالْقَدِيمِ وَعَيْبِ النِّكَاحِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سِتُّونَ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِالْقَدِيمِ وَبِعَيْبِ النِّكَاحِ وَزِيَادَةِ الْوَلَدِ ثَمَانِينَ، أَوْ تِسْعِينَ فَقَدْ جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ النِّكَاحِ فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَحْبِسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّهَا وَيَأْخُذَ جَمِيعَ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا بِمَا ذُكِرَ سَبْعِينَ خُيِّرَ فِي إمْسَاكِهَا مَعَ رُجُوعِهِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَهُوَ خُمْسُ الثَّمَنِ وَرَدُّهَا مَعَ مَا نَقَصَ عِنْدَهُ، وَهُوَ عُشْرُ الثَّمَنِ اهـ. كَلَامُ التَّكْمِيلِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَزَوَّجَهَا فَوَلَدَتْ، ثُمَّ وَجَدَ بِهَا عَيْبًا قَدِيمًا رَدَّهَا بِوَلَدِهَا، أَوْ حَبَسَهَا وَلَا شَيْءَ لَهُ إذَا جَبَرَ الْوَلَدُ عَيْبَ التَّزْوِيجِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ تَجْبُرُ النَّقْصَ) أَيْ أَرْشَ النَّقْصِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ تُسَاوِيهِ، أَوْ تَزِيدُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا سَالِمَةً مِائَةً وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْعَيْبَيْنِ ثَمَانِينَ وَبِالنَّظَرِ لِلْوَلَدِ تُسَاوِي تِسْعِينَ، أَوْ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ فَيُخَيَّرُ

ص: 129

أَيْ تُسَاوِيهِ، أَوْ تَزِيدُ، فَإِنْ نَقَصَتْ رُدَّ مَعَ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ.

، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ) الْبَائِعُ (بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ) الْعَيْبُ الْحَادِثُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ (فَكَالْعَدِمِ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي فِي التَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْأَرْشِ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ، أَوْ الرَّدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَمَثَّلَ لِلْقَلِيلِ جِدًّا بِقَوْلِهِ (كَوَعْكٍ) بِسُكُونِ الْعَيْنِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَهُوَ أَمْرَاضٌ يَخِفُّ أَلَمُهَا وَهَذَا أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ بِمَغْثِ الْحُمَّى أَيْ خَفِيفِهَا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَخَفِيفِ حُمَّى (وَرَمَدٍ وَصُدَاعٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَجَعُ الرَّأْسِ (وَذَهَابِ ظُفْرٍ) ، وَلَوْ مِنْ رَائِعَةٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ (وَخَفِيفِ حُمَّى) ، وَهُوَ مَا لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ (وَوَطْءِ ثَيِّبٍ وَقَطْعٍ) لِشُقَّةِ (مُعْتَادٍ) لِلْمُشْتَرِي، أَوْ لِلْبَلَدِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا كَقَطْعِهَا نِصْفَيْنِ دَلَّسَ أَمْ لَا وَكَجَعْلِهَا قَمِيصًا، أَوْ قَبَاءً إنْ دَلَّسَ، وَإِلَّا فَمُتَوَسِّطٌ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَمُفَوِّتٌ. .

[دَرْسٌ] ، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْقِسْمِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْمُفِيتُ بِقَوْلِهِ (وَ) التَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (الْمُخْرِجُ عَنْ) الْغَرَضِ (الْمَقْصُودِ) مِنْ الْمَبِيعِ (مُفِيتٌ) لِلرَّدِّ بِالْقَدِيمِ وَلَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ وَإِذَا كَانَ مُفِيتًا (فَالْأَرْشُ) مُتَعَيِّنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَعَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ (كَكِبَرِ صَغِيرٍ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَاقِلٌ، أَوْ غَيْرُهُ (وَهَرَمٍ) ، وَهُوَ مَا أَضْعَفَ الْقُوَى وَالْمَنْفَعَةَ، أَوْ أَكْثَرَهُمَا (وَافْتِضَاضِ بِكْرٍ) بِالْقَافِ وَبِالْفَاءِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، وَلَوْ فِي الْعِلْيَةِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُشْتَرِي فِيهِمَا إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْشِ الْحَادِثِ أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ الْبَائِعَ بِالزَّائِدِ إذَا رَدَّ بِخِلَافِ الصَّبْغِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الصَّبْغَ يَشِينُهُ بِخِلَافِ الْوَلَدِ.

(قَوْلُهُ، فَإِنْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَمَةِ سَالِمَةً مِائَةً وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ ثَمَانِينَ وَبِالْعَيْبَيْنِ سِتِّينَ وَبِالنَّظَرِ لِلْوَلَدِ تُسَاوِي سَبْعِينَ فَإِنَّهُ إذَا رَدَّ الْأَمَةَ يَرُدُّ عُشْرَ الثَّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِخُمْسِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ) أَيْ بِدُونِ أَرْشٍ (قَوْلُهُ، أَوْ يَقِلَّ) بِالْجَزْمِ عَطْفٌ عَلَى تَوَسُّطٍ مِنْ قَوْلِهِ إنْ تَوَسَّطَ أَيْ وَتَغَيَّرَ الْمَبِيعُ إنْ قَلَّ فَكَالْعَدِمِ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى يَقْبَلُهُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ فَيَكُونُ الْمَعْطُوفُ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ قَسِيمُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ الرَّدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْقَدِيمُ لِخَسَارَتِهِ بِغُرْمِ أَرْشِ الْحَادِثِ إذَا رَدَّ فَحَيْثُ سَقَطَ عَنْهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْعَيْبُ الْقَلِيلُ إذَا كَانَ قَدِيمًا فَيَرُدُّ بِهِ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ إذَا كَانَ حَادِثًا فَإِنَّهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ إذْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ مَعَهُ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ فَلِذَا رَدَّ عَلَيْهِ بِالْقَدِيمِ مُطْلَقًا قَلِيلًا كَانَ، أَوْ كَثِيرًا بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ بِإِلْغَاءِ الْقَلِيلِ فِيهِمَا، أَوْ اعْتِبَارُهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ يَخِفُّ أَلَمُهَا) أَيْ لِمُدَافِعَةِ بَعْضِهَا لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ) أَيْ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهَا فَهُوَ غَيْرُ مُتَوَسِّطٍ بِخِلَافِ الْإِصْبَعِ فَإِنَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا وَذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ فِي الرَّائِعَةِ لَا فِي الْوَخْشِ وَانْظُرْ ذَهَابَ مَا زَادَ عَلَى الْأُنْمُلَةِ فِيهَا هَلْ هُوَ يَسِيرٌ كَالْأُنْمُلَةِ، أَوْ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ (قَوْلُهُ، أَوْ لِلْبَلَدِ الَّتِي يَتَّجِرُ بِهَا) أَيْ يَتَّجِرُ بِالسِّلْعَةِ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ) أَيْ كَتَفْصِيلِ الشُّقَّةِ قِلْعَ مَرْكَبٍ سَوَاءٌ كَانَتْ الشُّقَّةُ مِنْ حَرِيرٍ، أَوْ مِنْ كَتَّانٍ، أَوْ مِنْ صُوفٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا لَا مِنْ خُصُوصِ الْحَرِيرِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ عبق (قَوْلُهُ فَمُفَوِّتٌ) أَيْ لِلرَّدِّ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْقَدِيمِ. .

(قَوْلُهُ وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْغَرَضِ الْمَقْصُودِ) أَيْ وَالتَّغْيِيرُ الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ وَمِنْ الْبَيْعِ لِإِذْهَابِهِ لَهَا (قَوْلُهُ فَالْأَرْشُ) أَيْ فَالْأَرْشُ الْقَدِيمُ مُتَعَيِّنٌ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَيَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ النِّسْبَةَ وَظَاهِرُهُ فَوَاتُ الرَّدِّ وَأَخْذُ الْأَرْشِ، وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ بِقَبُولِهِ بِالْحَادِثِ الَّذِي لَا يَذْهَبُ عَيْنُهُ وَظَاهِرُهُ أَيْضًا تَعَيُّنُ الْأَرْشِ وَلَوْ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي جَابِرٌ لِمَا حَدَثَ عِنْدَهُ وَلَا يَأْتِي هُنَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا فِي الْعَيْبِ الْحَادِثِ الْمُتَوَسِّطِ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ أَيْ وَجُبِرَ بِمَا حَصَلَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْأُمُورِ الْمُوجِبَةِ لِزِيَادَةِ ثَمَنِهِ كَخِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ وَطَرْزٍ وَكَمْدِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ كَمَا قَالَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ الْقِيَاسُ أَنْ يَجْرِيَ ذَلِكَ هُنَا فَإِذَا جُبِرَ بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا صَارَ مُتَوَسِّطًا، وَلَا يُقَالُ ذَلِكَ الْعَيْبُ بِالْجَبْرِ كَالْعَدَمِ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي الْمُتَوَسِّطِ ابْتِدَاءً اهـ. شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَكِبَرِ صَغِيرٍ إلَخْ) عَاقِلٍ أَمْ لَا أَمَّا الصَّغِيرُ الْعَاقِلُ؛ فَلِأَنَّهُ يُرَادُ مِنْهُ الدُّخُولُ عَلَى النِّسَاءِ فَإِذَا كَبِرَ أَيْ بَلَغَ فَقَدْ زَالَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ، وَأَمَّا غَيْرُ الْعَاقِلِ فَصَغِيرُهُ يُرَادُ لِلَحْمِهِ وَبِكِبْرِهِ يَزُولُ ذَلِكَ الْأَمْرُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا) أَيْ كِبَرٌ أَضْعَفَ الْقُوَى أَيْ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ، وَأَضْعَفَ الْمَنْفَعَةَ الْمَقْصُودَةَ مِنْهُ أَيْ أَضْعَفَهُ عَنْهَا.

(قَوْلُهُ وَافْتِضَاضُ بِكْرٍ) أَيْ فَإِذَا افْتَضَّهَا، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبِ قَدِيمٍ تَعَيَّنَ التَّمَاسُكُ بِهَا وَأَخْذُ أَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا، وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ ابْنٌ رَاشِدٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِالْمَذْهَبِ فِي تَحْرِيرِ الْمَذْهَبِ، وَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَانِيهَا قَوْلُ مَالِكٍ إنَّ الِافْتِضَاضَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، فَإِنْ شَاءَ تَمَاسَكَ وَأَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ وَدَفَعَ أَرْشَ الْبَكَارَةِ

ص: 130

(وَقَطْعٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ) كَجَعْلِ الشُّقَّةِ بَرَانِسَ، أَوْ قِلَاعًا لِلْمَرْكَبِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَالْأَرْشُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَهْلِكَ) الْمَعِيبُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) مِنْ الْبَائِعِ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ فَحَارَبَ فَقُتِلَ (أَوْ) يَهْلِكُ (بِسَمَاوِيٍّ زَمَنُهُ) أَيْ زَمَنُ عَيْبِ التَّدْلِيسِ (كَمَوْتِهِ) وَلَوْ حُكْمًا كَأَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهُ خَبَرٌ (فِي) زَمَنِ (إبَاقِهِ) الَّذِي دَلَّسَ فِيهِ بِأَنْ اقْتَحَمَ نَهْرًا، أَوْ تَرَدَّى، أَوْ دَخَلَ جُحْرًا فَنَهَشَتْهُ حَيَّةٌ فَمَاتَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ زَمَنُهُ إلَخْ عَمَّا لَوْ مَاتَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ حَالِ تَلَبُّسِهِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ بَلْ بِأَرْشِ الْقَدِيمِ فَقَطْ. .

وَلَمَّا ذَكَرَ هَلَاكَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ ذَكَرَ مَا إذَا هَلَكَ بِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ الْمُشْتَرِي بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(بَاعَهُ الْمُشْتَرِي) قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ (وَهَلَكَ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (بِعَيْبِهِ) أَيْ عَيْبِ التَّدْلِيسِ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي (عَلَى) الْبَائِعِ الْأَوَّلِ (الْمُدَلِّسِ) إنْ لَمْ يُمْكِنْ رُجُوعُهُ (عَلَى بَائِعِهِ) هُوَ لِعَدَمِهِ، أَوْ غَيْبَتِهِ وَلَا مَالَ لَهُ حَاضِرٌ (بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) الَّذِي أَخَذَهُ الْمُدَلِّسُ لِكَشْفِ الْعَيْبِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ بِتَدْلِيسِهِ (فَإِنْ) سَاوَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ (زَادَ) الثَّمَنُ الْأَوَّلُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَلَى مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ (فَلِلثَّانِي) أَيْ فَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَحْفَظُهُ لَهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي حَتَّى يَدْفَعَهُ لَهُ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَلِّسِ عَمَّا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ (فَهَلْ) الْبَائِعُ الثَّانِي (يُكْمِلُهُ) لِلْمُشْتَرِي مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ هَذَا الزَّائِدَ مِنْهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ، أَوْ لَا يُكْمِلُهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ بِاتِّبَاعِ الْأَوَّلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلَانِ) وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يُمْكِنْ عَلَى بَائِعِهِ أَنَّهُ إنْ أَمْكَنَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُدَلِّسِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُدَلِّسٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا وَقَيَّدَهُ الْبَاجِيَّ بِالْعِلْيَةِ وَارْتَضَى ح مَا لِبَهْرَامَ وَابْنِ غَازِيٍّ مِنْ الْإِطْلَاقِ كَمَا قَالَ شَارِحُنَا وَثَالِثُهَا قَوْلُ ابْنِ الْكَاتِبِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَهُوَ مُتَوَسِّطٌ كَمَا قَالَ مَالِكٌ، وَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا إنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ثَانِيهَا (قَوْلُهُ وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَفَرَقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ أَيْ الْمَبِيعُ بِفِعْلِ الْمُشْتَرِي فَمَحْمُولٌ عَلَى الْفِعْلِ الْمُعْتَادِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعْتَادِ فَهُوَ مُفِيتٌ مُطْلَقًا كَانَ مُدَلِّسًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ كَجَعْلِ الشُّقَّةِ بَرَانِسَ، أَوْ قِلَاعًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَرِيرًا، أَوْ قُطْنًا، أَوْ كَتَّانًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا حَدَثَ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفَوِّتٌ لِلرَّدِّ ثُمَّ هَلَكَ عِنْدَهُ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفَوِّتٌ وَهَلَكَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَذَكَرَهُ هُنَاكَ لِجَمْعِ النَّظَائِرِ وَذَكَرَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّهُ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إنَّهُ غَيْرُ مُكَرَّرٍ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُفِيتٌ، وَإِنَّمَا هَلَكَ بِالْقَدِيمِ فَقَطْ وَمَا هُنَا حَدَثَ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ مُفِيتٌ وَهَلَكَ بِالْقَدِيمِ أَيْضًا فَلَمَّا تَوَهَّمَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ هُنَا إلَّا بِالْأَرْشِ نَظَرًا لِمَا حَدَثَ عِنْدَهُ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ التَّعْمِيمُ فِيمَا هُنَا وَفِيمَا مَرَّ أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْقَدِيمِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَتَدْلِيسِهِ بِحِرَابَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ بَاعَهُ أَمَةً حَامِلًا وَدَلَّسَ عَلَيْهِ بِحَمْلِهَا فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ لِمَوْتِهَا بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ بِأَنْ اقْتَحَمَ) أَيْ دَخَلَ (قَوْلُهُ، أَوْ تَرَدَّى) أَيْ سَقَطَ مِنْ مَحَلٍّ عَالٍ كَجَبَلٍ لِأَسْفَلَ فَمَاتَ (قَوْلُهُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) أَيْ لَا بِأَرْشِ الْقَدِيمِ فَقَطْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيمَا حَدَثَ عِنْدَهُ مِنْ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ عَمَّا لَوْ مَاتَ بِسَمَاوِيٍّ فِي غَيْرِ حَالِ تَلَبُّسِهِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ) أَيْ كَمَا لَوْ دَلَّسَ الْبَائِعُ بِإِبَاقِهِ فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَحْصُلَ إبَاقٌ. .

(قَوْلُهُ مَا إذَا هَلَكَ بِهِ) أَيْ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَاوَى) أَيْ الثَّمَنَ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَلِّسِ (قَوْلُهُ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ) أَيْ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشْرَةٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِعَشْرَةٍ (قَوْلُهُ، وَإِنْ زَادَ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِاثْنَيْ عَشْرَ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِآخَرَ بِعَشَرَةٍ وَقَوْلُهُ فَالزَّائِدُ لِلْبَائِعِ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَحْفَظُهُ لَهُ أَيْ إذَا سَلَّمَهُ الْأَوَّلُ ذَلِكَ الزَّائِدَ بِرِضَاهُ، وَإِلَّا فَلِلْأَوَّلِ مَنْعُ الثَّالِثِ مِنْ أَخْذِ تِلْكَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الثَّالِثَ غَيْرُ وَكِيلٍ لِلثَّانِي حَتَّى يَقْبِضَ لَهُ مِنْ الْأَوَّلِ قَهْرًا عَنْهُ، وَقَدْ يُبْرِئُ الثَّانِي الْأَوَّلَ مِنْ تِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ) كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِآخَرَ بِاثْنَيْ عَشَرَ (قَوْلُهُ فَهَلْ يُكْمِلُهُ إلَخْ) وَهَذَا الْقَوْلُ حَكَاهُ الْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُكْمِلُهُ لَهُ) ، وَهُوَ مَا حَكَاهُ فِي النَّوَادِرِ وَفِي كِتَابِ ابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَضِيَ إلَخْ) إنْ قُلْت إنَّهُ إنَّمَا رَضِيَ بِاتِّبَاعِهِ لِضَرُورَةِ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْهُ الرُّجُوعُ عَلَى الثَّانِي وَالْجَوَابُ أَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يَحْضُرَ الثَّانِي، أَوْ يَحْصُلَ لَهُ يَسَارٌ فَلَمَّا لَمْ يَصْبِرْ لِحُضُورِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ بِالْأَرْشِ) أَيْ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَفِيهِ أَنَّ بَائِعَهُ لَيْسَ مُدَلِّسًا حَيْثُ يَأْخُذُ مِنْهُ أَرْشَ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ يَدَهُ كَيَدِ بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ كَذَا قِيلَ وَتَأَمَّلْهُ

ص: 131

ثُمَّ هُوَ يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ بِمَا يُكْمِلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الثَّابِتِ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ، أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ فَقَالَ (وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ اُدُّعِيَتْ رُؤْيَتُهُ) لِلْعَيْبِ أَيْ ادَّعَى الْبَائِعُ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي بَلْ يَرُدُّ بِلَا يَمِينٍ (إلَّا) أَنْ يُحَقِّقَ الْبَائِعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى (بِدَعْوَى الْإِرَاءَةِ) أَيْ أَنَّهُ أَرَاهُ لَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ حَلَفَ رَدَّ، وَإِنْ نَكَلَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ وَمِثْلُ دَعْوَى الْإِرَاءَةِ مَا إذَا أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَلَّبَ وَعَايَنَ (وَلَا) يَحْلِفُ أَيْضًا إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ (الرِّضَا بِهِ) حِينَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (إلَّا) أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ ذَلِكَ (بِدَعْوَى مُخْبِرٍ) أَيْ دَعْوَى الْبَائِعِ أَنَّ مُخْبِرًا أَخْبَرَهُ بِرِضَا الْمُشْتَرِي بِالْعَيْبِ حِينَ اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَلَمْ يُسَمِّهِ الْبَائِعُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ أَخْبَرَنِي فُلَانٌ حَلِفَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا إنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ بِأَنْ كَانَ مَسْخُوطًا، أَوْ كَانَ أَهْلًا لَهَا وَلَمْ يَقُمْ الْبَائِعُ بِشَهَادَتِهِ، فَإِنْ قَامَ بِشَهَادَتِهِ أَيْ بِإِثْبَاتِ الرِّضَا بِالْعَيْبِ بِشَهَادَتِهِ لَهُ فَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَيُتِمَّ الْبَيْعَ وَلَا يُفِيدُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ دَعْوَى عَدَمِ الرِّضَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ، ثُمَّ هُوَ) أَيْ بَائِعُهُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ، أَوْ بِمَا يُكْمِلُ الثَّمَنَ الْأَوَّلَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُدَلِّسِ أَنْ يَقُولَ: إنْ كَانَ الْأَرْشُ أَقَلَّ لَمْ يَنْقُصْ عَلَيْك بِتَدْلِيسِي سِوَى مَا دَفَعْتُهُ مِنْ الْأَرْشِ فَخُذْهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ يَقُولُ لَهُ لَا رُجُوعَ لَك عَلَيَّ لَوْ هَلَكَ بِيَدِك إلَّا بِمَا دَفَعَتْهُ لِي فَخُذْهُ هَذَا، وَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، وَالثَّمَنُ الْأَوَّلُ كَمَا يَشْهَدُ لَهُ التَّوْجِيهُ الَّذِي قَدْ عَلِمْته، وَأَمَّا قَوْلُ عبق، ثُمَّ يَرْجِعُ هُوَ عَلَى الْمُدَلِّسِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْشِ، أَوْ كَمَالِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَمُرَادُهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ بِكَمَالِهِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ تَتِمَّتُهُ اهـ. فَإِذَا بَاعَهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشَرَةٍ لِزَيْدٍ، ثُمَّ بَاعَهُ زَيْدٌ لِعَمْرٍو بِمِائَةٍ فَاطَّلَعَ عَمْرٌو فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَرَجَعَ عَلَى زَيْدٍ الَّذِي بَاعَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ أَرْشَ الْعَيْبِ، فَإِنْ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسَةً تَعَيَّنَ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى بَائِعِهِ الْمُدَلِّسِ، فَإِنْ أَخَذَ عَمْرٌو مِنْ زَيْدٍ أَرْشَ الْعَيْبِ خَمْسَةَ عَشَرَ رَجَعَ بَائِعُهُ الْمُدَلِّسُ بِعَشَرَةٍ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ بِكَمَالِهِ. .

(قَوْلُهُ الثَّابِتِ) أَيْ الَّذِي يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ (قَوْلُهُ عَلَى تَنَازُعِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي الْعَيْبِ) أَيْ، وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا بَائِعَ إنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ وَقَوْلُهُ، أَوْ فِي سَبَبِ الرَّدِّ بِهِ هُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ وَأَرَادَ الرَّدَّ فَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: أَنْتَ رَأَيْته وَقْتَ الشِّرَاءِ وَأَنْكَرَ رُؤْيَتَهُ فَطَلَبَ الْبَائِعُ يَمِينَهُ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَيَرُدُّ الْمَبِيعَ بِلَا يَمِينٍ وَقَوْل الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُحَلِّفْ يَصِحُّ فِيهِ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ أَيْ لَيْسَ لِلْبَائِعِ تَحْلِيفُهُ وَيَصِحُّ فَتْحُ الْيَاءِ وَسُكُونُ الْحَاءِ وَكَسْرُ اللَّامِ أَيْ لَمْ يَقْضِ الشَّرْعُ بِتَحْلِيفِهِ (قَوْلُهُ مَا إذَا أَشْهَدَ) أَيْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ قَلَّبَ الْمَبِيعَ وَعَايَنَهُ أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ قَالَ أَنَا لَمْ أَطَّلِعْ عَلَى هَذَا الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَقْتَ التَّقْلِيبِ وَقَالَ لَهُ الْبَائِعُ: بَلْ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَّا إذَا حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ حِينَ الْبَيْعِ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعُ (قَوْلُهُ وَلَا يَحْلِفُ أَيْضًا إنْ ادَّعَى) أَيْ الْبَائِعُ عَلَيْهِ الرِّضَا يَعْنِي أَنَّ الْبَائِعَ إذَا ادَّعَى عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ حِينَ اطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ رَضِيَ بِهِ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الرِّضَا بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَمِّهِ) أَيْ لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ ذَلِكَ الْمُخْبِرَ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْبَائِعُ، أَوْ لَا لَقَدْ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ بِأَنَّك رَضِيَتْ بِهِ حِينَ اطِّلَاعِكَ عَلَيْهِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَظَاهِرِ الشَّارِحِ الْإِطْلَاقُ أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَحْلِفُ مُطْلَقًا إذَا لَمْ يُسَمِّ الْبَائِعُ لَهُ الْمُخْبِرَ سَوَاءٌ حَلَفَ الْبَائِعُ لَقَدْ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ، أَوْ لَمْ يَحْلِفْ (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَمَّاهُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخْبِرَ إذَا سَمَّاهُ الْبَائِعُ يُسْأَلُ، فَإِنْ صَدَّقَ الْبَائِعَ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَهُ وَكَانَ أَهْلًا لِلشَّهَادَةِ، وَقَدْ قَامَ بِهَا الْبَائِعُ حَلَفَ الْبَائِعُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدُ عَدْلٍ وَسَقَطَ الرَّدُّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مَسْخُوطًا أَيْ فَاسِقًا، أَوْ أَهْلًا وَلَمْ يَقُمْ الْبَائِعُ بِشَهَادَتِهِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَ وَرَدَّ وَإِنَّمَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ كَانَ الْمُخْبِرُ مَسْخُوطًا؛ لِأَنَّ تَصْدِيقَهُ مِمَّا يُرَجِّحُ دَعْوَى الْبَائِعِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنْ كَذَّبَ الْمُخْبِرُ الْبَائِعَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا رَضِيَ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا، أَوْ مَسْخُوطًا كَمَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق مِنْ الْيَمِينِ اهـ بْن (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَيْضًا) أَيْ وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْ الْبَائِعِ حَيْثُ سَمَّاهُ

ص: 132

الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا تَنَازَعَا وَلَمْ يَشْهَدْ لِلْبَائِعِ شَاهِدٌ عَدْلٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْبَائِعُ الرُّؤْيَةَ، أَوْ الرِّضَا عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فِي الْخَفِيِّ وَبِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْإِرَاءَةَ، أَوْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْلِيبِ، أَوْ أَنَّهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَخْبَرَهُ بِالرِّضَا بِهِ مُخْبِرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ إذَا بَاعَ عَبْدًا فَأَبَقَ مَثَلًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِقُرْبِ الْبَيْعِ فَادَّعَى عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا أَبَقَ بِقُرْبِ الْبَيْعِ إلَّا لِكَوْنِهِ كَانَ يَأْبِقُ عِنْدَك وَأَنْتَ قَدْ دَلَّسَتْ عَلَيَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَا) يَحْلِفُ (بَائِعٌ أَنَّهُ) يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ وَكَسْرُهَا (لَمْ يَأْبِقْ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا مِنْ بَابِ مَنَعَ وَضَرَبَ؛ الْعَبْدُ عِنْدَهُ (لِإِبَاقِهِ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (بِالْقُرْبِ) وَأَوْلَى بِالْبُعْدِ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أُخْبِرْت بِأَنَّهُ كَانَ يَأْبِقُ عِنْدَك فَلَهُ تَحْلِيفُهُ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الْمُبَيَّنِ جَمِيعُهُ، أَوْ الْمَكْتُومِ جَمِيعُهُ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا بُيِّنَ بَعْضُهُ وَكُتِمَ بَعْضُهُ فَقَالَ (وَ) إنْ أَقَرَّ بَائِعٌ بِبَعْضِ الْعَيْبِ وَكَتَمَ بَعْضَهُ وَهَلَكَ الْمَبِيعُ فَاخْتَلَفَ (هَلْ يُفَرَّقُ بَيْنَ) بَيَانِ (أَكْثَرِ الْعَيْبِ) كَقَوْلِهِ يَأْبِقُ خَمْسَةَ عَشْرَ يَوْمًا وَكَانَ أَبَقَ عِشْرِينَ (فَ) هَذَا (يَرْجِعُ) الْمُشْتَرِي (بِالزَّائِدِ) الَّذِي كَتَمَهُ الْبَائِعُ فَقَطْ أَيْ بِأَرْشِهِ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ الَّتِي كَتَمَهَا فَيُقَالُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا، فَإِنْ قِيلَ عَشَرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَتُهُ عَلَى أَنَّهُ يَأْبِقُ خَمْسَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ (وَ) بَيَّنَ بَيَانَ (أَقَلِّهِ) كَالْخَمْسَةِ فِي الْمِثَالِ وَيَكْتُمُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَيَرْجِعُ (بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَتَمَ الْأَكْثَرَ كَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَ، أَوْ كَتَمَ وَلَا بَيْنَ الْمَسَافَةِ وَالْأَزْمِنَةِ (، أَوْ) يَرْجِعُ (بِالزَّائِدِ) أَيْ بِأَرْشِ مَا كَتَمَ (مُطْلَقًا) بَيْنَ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْأَقَلِّ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَ، أَوْ كَتَمَ (أَوْ) يُفَرَّقُ (بَيْنَ هَلَاكِهِ فِيمَا بَيَّنَهُ) فَيَرْجِعُ بِأَرْشِ الزَّائِدِ الَّذِي كَتَمَهُ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ، أَوْ الْأَقَلُّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ لِلْبَائِعِ شَاهِدٌ عَدْلٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَاهِدٌ أَصْلًا، أَوْ لَهُ شَاهِدٌ مَسْخُوطٌ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ وَلَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَقَوْلُهُ وَبِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى إلَخْ أَيْ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ ادَّعَى إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ فِي الْخَفِيِّ) أَيْ عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ إذَا كَانَ الْعَيْبُ خَفِيًّا.

(قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مُكِّنَ الْمُشْتَرِي مِنْ تَحْلِيفِ الْبَائِعِ لَحَلَّفَهُ كُلَّ يَوْمٍ عَلَى مَا شَاءَ مِنْ عَيْبٍ يُسَمِّيهِ أَنَّهُ لَمْ يَبِعْهُ، وَهُوَ بِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ يَجُوزُ فَتْحُ الْهَمْزَةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ حَرْفِ الْجَرِّ أَيْ لَمْ يَحْلِفْ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ أَيْ لَمْ يَحْلِفْ حَلِفًا مُصَوَّرًا بِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَكَسْرُهَا أَيْ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيْ حِكَايَةِ الصِّيغَةِ الَّتِي تَصْدُرُ مِنْ الْبَائِعِ لَوْ كَانَ يَحْلِفُ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمْ يَأْبِقْ إلَخْ) فَرْضُ مِثَالٍ أَيْ، وَلَمْ يَسْرِقْ وَلَمْ يَزْنِ وَلَمْ يَشْرَبْ وَنَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِإِبَاقِهِ) عِلَّةٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَهُوَ يَحْلِفُ أَيْ أَنَّ الْحَلِفَ مِنْ الْبَائِعِ لِأَجْلِ إبَاقِ الْعَبْدِ بِالْقُرْبِ مَنْفِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى) هَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَصَحَّحَهُ فِي الشَّامِلِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ لِإِبَاقِهِ بِالْقُرْبِ، فَإِنْ ظَاهَرَهُ أَنَّ عَدَمَ تَحْلِيفِ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ لِكَوْنِهِ اتَّهَمَهُ بِإِبَاقِهِ عِنْدَهُ بِسَبَبِ إبَاقِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِالْقُرْبِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ سَوَاءٌ اتَّهَمَهُ بِأَنَّهُ أَبَقَ عِنْدَهُ، أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى بِأَنْ قَالَ أَخْبَرَنِي مُخْبِرٌ بِإِبَاقِهِ عِنْدَك، وَهُوَ ظَاهِرٌ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ مُخْبِرٌ بِذَلِكَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِاسْمِهِ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ أَيْضًا وَسَقَطَتْ الْيَمِينُ عَنْهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ الَّذِي سَمَّاهُ مَسْخُوطًا، أَوْ عَدْلًا وَلَمْ يَقُمْ الْمُشْتَرِي بِشَهَادَتِهِ، وَإِلَّا حَلَفَ مَعَهُ وَرَدَّ الْعَبْدَ عَلَى الْبَائِعِ. .

(قَوْلُهُ يَرْجِعُ بِالزَّائِدِ) أَيْ عَلَى مَا بَيْنَهُ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا) أَيْ مِنْ عَيْبِ الْإِبَاقِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَقْوِيمِهِ سَلِيمًا ثُمَّ بِالْعَيْبِ الَّذِي كَتَمَهُ نَحْوَهُ فِي عبق وَخَشٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ يَقُومُ مَعِيبًا بِمَا بَيَّنَ فَقَطْ، ثُمَّ يَقُومُ مَعِيبًا بِمَا بَيَّنَ وَبِالزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ وَيَرْجِعُ بِمَا بَيَّنَهُمَا فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ يَأْبِقُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَهُوَ يَأْبِقُ عِشْرِينَ يَوْمًا فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةٌ رَجَعَ بِخُمُسِ الثَّمَنِ وَلَا يَقُومُ سَلِيمًا لِمَا فِيهِ مِنْ الظُّلْمِ عَلَى الْمُبْتَاعِ كَذَا فِي بْن وَغَيْرِهِ وَيُمْكِنُ تَمْشِيَةُ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَيْ مِمَّا كَتَمَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا قِيمَتُهُ سَلِيمًا أَيْ مِنْ عَيْبِ الْإِبَاقِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا) أَيْ وَسَكَتَ هَذَا الْقَوْلُ عَمَّا إذَا بَيَّنَ النِّصْفَ وَكَتَمَ النِّصْفَ كَمَا لَوْ قَالَ إنَّهُ يَأْبِقُ عَشْرَةً، وَهُوَ يَأْبِقُ عِشْرِينَ وَيَنْبَغِي عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ أَيْ يَرْجِعُ بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ مِثْلُ مَا إذَا بَيَّنَ الْأَكْثَرَ وَكَتَمَ الْأَقَلَّ كَذَا فِي خش وعبق قَالَ شَيْخُنَا بَلْ وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ ذَلِكَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَلَا بَيَّنَ الْمَسَافَةَ) أَيْ كَمَا إذَا كَانَ شَأْنُهُ يَأْبِقُ عِشْرِينَ مِيلًا فَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ بَعْضَهَا وَيَكْتُمُ بَعْضَهَا وَقَوْلُهُ وَالْأَزْمِنَةُ كَمَا إذَا كَانَ شَأْنُهُ يَأْبِقُ عِشْرِينَ يَوْمًا فَيُبَيِّنُ الْبَائِعُ بَعْضَهَا وَيَكْتُمُ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بِالزَّائِدِ) أَيْ بِأَرْشِ الزَّائِدِ عَلَى مَا بَيَّنَ، وَهُوَ مَا كَتَمَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ يُفَرِّقُ بَيْنَ هَلَاكِهِ إلَخْ)

ص: 133

(أَوْ لَا) يَهْلِكُ فِيمَا بَيَّنَهُ بَلْ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ. .

(وَ) إنْ ابْتَاعَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا مُتَعَدِّدًا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ بِمِائَةٍ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِبَعْضِهِ (رَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ) الْمَعِيبِ (بِحِصَّتِهِ) مِنْ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ بِأَنْ كَانَ يَنْوِيهِ مِنْ الثَّمَنِ النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ ثَوْبٍ عَشَرَةً وَالْمَعِيبُ وَاحِدٌ، أَوْ اثْنَانِ إلَى خَمْسَةٍ رَجَعَ بِعُشْرِ الثَّمَنِ، وَهُوَ عَشْرَةٌ فِي الْمِثَالِ، أَوْ خَمْسَةٌ، وَهُوَ عِشْرُونَ إلَى نِصْفِهِ، وَهُوَ خَمْسُونَ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالشَّائِعُ فَسَيَأْتِيَانِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ مِثْلِيًّا، فَإِنْ كَانَ سِلْعَةً كَمَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِعَبْدٍ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ) أَيْ قِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ السِّلْعَةِ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ (إنْ كَانَ الثَّمَنُ سِلْعَةً) كَعَبْدٍ، أَوْ دَارٍ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا رَدَّهُ وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ الدَّارِ وَهَكَذَا وَلَا يَرْجِعُ بِجُزْءٍ مِنْ السِّلْعَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَعِيبُ (الْأَكْثَرَ) مِنْ النِّصْفِ، وَلَوْ بِيَسِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ بِحِصَّتِهِ بَلْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ الْمَبِيعُ فِيمَا بَيَّنَهُ الْبَائِعُ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ مَا كَتَمَهُ عَلَى الْبَائِعِ كَانَ هُوَ الْأَقَلُّ، أَوْ الْأَكْثَرُ وَبَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ فِيمَا كَتَمَهُ فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ بَيَّنَ الْأَكْثَرَ، أَوْ الْأَقَلَّ فَلَوْ ادَّعَى الْبَائِعُ أَنَّهُ هَلَكَ فِيمَا بَيَّنَهُ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ هَلَكَ فِيمَا لَمْ يُبَيِّنْهُ فَالظَّاهِرُ الْعَمَلُ بِقَوْلِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يَهْلِكُ إلَخْ) لَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَغَيْرُهُ بَدَلَ قَوْلِهِ أَوَّلًا كَانَ أَحْسَنَ إذْ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا قَوْلٌ رَابِعٌ وَإِنَّهُ قَسِيمُ قَوْلِهِ هَلْ يُفَرِّقُ وَلِأَجْلِ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ عَطْفِهِ بِأَوْ مَعَ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَا تَكُونُ إلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ (قَوْلُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ عَنْ غَيْرِ أَهْلِ بَلَدِهِ وَالثَّانِي قَوْلُ بَعْضِ أَهْلِ بَلَدِ ابْنِ يُونُسَ وَالثَّالِثُ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ. .

(قَوْلُهُ كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ) أَيْ مُعَيَّنَةٍ (قَوْلُهُ فَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ بِبَعْضِهِ) أَيْ، أَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ بَعْضِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ كَالْعَيْبِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَهُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَدُّ الْجَمِيعِ إلَّا بِرِضَا الْبَائِعِ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ إمَّا أَنْ تَرُدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلتُّونُسِيِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ يَنْوِيه) تَفْسِيرٌ لِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ لَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمَّا لَوْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَ الصَّفْقَةِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَعِيبُ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَوِّمُ كُلَّ سِلْعَةٍ بِمُفْرَدِهَا عَلَى أَنَّهَا سَلِيمَةٌ وَيَنْسِبُ قِيمَةَ الْمَعِيبِ عَلَى أَنَّهُ سَلِيمٌ إلَى الْجَمِيعِ وَيَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا وَضَّحَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَإِذَا كَانَ إلَخْ وَلِلتَّقْوِيمِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى غَيْرُ هَذِهِ، وَحَاصِلُهَا أَنْ تَقُومَ الْأَثْوَابُ كُلُّهَا سَالِمَةً ثُمَّ تُقَوَّمُ ثَانِيًا بِدُونِ الْمَعِيبِ وَتُنْسَبُ الْقِيمَةُ الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يَرْجِعُ بِمَا يَخُصُّ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مِثْلِيًّا، أَوْ كَانَ مُقَوَّمًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِهِ بَعْدَ قَبْضِهِ فَسَيَأْتِيَانِ أَنَّهُمَا يَرْجِعَانِ فِيهِمَا بِمِثْلِ مَا ظَهَرَ مَعِيبًا، أَوْ اسْتَحَقَّ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ الصَّفْقَةِ، أَوْ أَكْثَرَهَا وَهَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ، وَإِنْ ابْتَاعَ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ رَدُّ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ ظَاهِرٌ إلَخْ وَقَوْله إنْ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَيْ كَمِائَةِ دِينَارٍ (قَوْلُهُ، أَوْ مِثْلِيًّا) أَيْ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا كَمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِائَةَ إرْدَبٍّ، أَوْ مِائَةَ قِنْطَارٍ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِالْقِيمَةِ أَيْ قِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ السِّلْعَةِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ وَرَجَعَ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ إلَى جَمِيعِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ السِّلْعَةِ لِيُوَافِقَ قَوْلَهُ الْآتِي وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ الدَّارِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِعُشْرِ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ عُشْرِ الْعَبْدِ وَلَا شَكَّ أَنَّ قِيمَةَ عُشْرِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ عُشْرِ قِيمَتِهِ، وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ: أَنَّ الثَّمَنَ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا كَدَارِ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ كِتَابٍ، أَوْ ثَوْبٍ وَاطَّلَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى عَيْبٍ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ فَقَالَ أَشْهَبُ يَرْجِعُ شَرِيكًا فِي الثَّمَنِ الْمُقَوَّمِ بِمَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَرْجِعُ شَرِيكًا لِلْبَائِعِ فِي الثَّمَنِ لِضَرَرِ الشَّرِكَةِ وَإِنَّمَا يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ، وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَاخْتُلِفَ فَقِيلَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ الْمَعِيبِ لِقِيمَةِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْوَاقِعِ ثَمَنًا، وَهُوَ مَا فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا فَيُقَالُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ نِسْبَتُهَا لِلْمِائَةِ قِيمَةُ الْأَثْوَابِ الْمَبِيعَةِ الْعُشْرُ فَيَرْجِعُ بِعُشْرِ قِيمَةِ الدَّارِ الْوَاقِعَةِ ثَمَنًا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ مَشَى شَارِحُنَا هُنَا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا رَجَعَ بِقِيمَةِ عُشْرِ الدَّارِ، وَعَلَى هَذَا مَشَى شَارِحُنَا أَوَّلًا حَيْثُ قَالَ وَرَجَعَ بِقِيمَةِ مَا يُقَابِلُ الْمَعِيبَ مِنْ السِّلْعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبَيْنِ رَجَعَ بِخُمْسِ قِيمَةِ الْعَبْدِ، أَوْ الدَّارِ لَا بِقِيمَةِ خُمُسِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ رَجَعَ بِثَلَاثَةِ أَعْشَارِ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ ثَلَاثَةِ أَعْشَارِهِمَا، وَإِنْ كَانَ أَرْبَعَةً رَجَعَ بِخُمُسَيْ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ خُمُسِهِمَا، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَتِهِمَا لَا بِقِيمَةِ نِصْفِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ بِجُزْءٍ مِنْ السِّلْعَةِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ شَرِيكًا بِعُشْرِهَا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبًا وَلَا بِخُمُسِهَا

ص: 134

إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ، أَوْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ بِالْبَعْضِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ هَذَا إنْ كَانَ السَّالِمُ بَاقِيًا، فَإِنْ فَاتَ فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ مُطْلَقًا وَأَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أَحَدَ مُزْدَوَجَيْنِ) لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ كَأَحَدِ خُفَّيْنِ، أَوْ مِصْرَاعَيْنِ، أَوْ قُرْطَيْنِ، أَوْ سِوَارَيْنِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ بِأَنَّهُ لَا يُسْتَغْنَى بِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكُ بِالسَّلِيمِ (أَوْ) يَكُونُ الْمَعِيبُ (أُمًّا وَوَلَدَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ فَإِذَا وَجَدَ الْعَيْبَ بِأَحَدِهِمَا وَجَبَ رَدُّهُمَا مَعًا، أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا. .

(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُشْتَرِي (التَّمَسُّكَ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ) ، أَوْ تَعَيَّبَ (أَكْثَرُهُ) بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ ثَمَنُهُ إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ كُلِّهِ أَوَّلًا، ثُمَّ تَقْوِيمِ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ الْأَجْزَاءِ وَهَذَا فِي الْمَبِيعِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ كَثِيَابٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَّحِدًا كَدَارٍ فَاسْتَحَقَّ بَعْضُهَا قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يُخَيَّرُ فِي الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ فَلَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّ الْأَكْثَرُ كَالْمِثْلِيِّ وَضَمِيرُ أَكْثَرِهِ لِلْمَبِيعِ لَا لِأَقَلَّ. .

وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ انْفَسَخَتْ الْعُقْدَةُ أَتَى بِثَمَرَةِ ذَلِكَ، وَلَوْ فَرَّعَ بِالْفَاءِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إنْ كَانَ الْمَعِيبُ ثَوْبَيْنِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ) أَيْ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ سَلِيمًا وَمَعِيبًا بِكُلِّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَرُدُّ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْمَبِيعِ السَّالِمِ وَالْمَعِيبِ وَيَأْخُذُ كُلَّ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَتَمَاسَكُ بِالْبَعْضِ) أَيْ، وَهُوَ السَّلِيمُ بِكُلِّ الثَّمَنِ وَيَرُدُّ الْبَعْضَ الْمَعِيبَ مَجَّانًا أَيْ، وَأَمَّا التَّمَاسُكُ بِالْبَعْضِ السَّلِيمِ بِمَا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ وَرَدِّ الْمَعِيبِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ وَسَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ عِلَّةُ الْمَنْعِ مِنْ أَنَّ التَّمَاسُكَ بِالْبَاقِي فِي الْقَلِيلِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْرَفُ مَا يَنُوبُ الْأَقَلُّ إلَّا فِي ثَانِي حَالٍ بَعْدَ التَّقْوِيمِ.

(قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا أَيْ مَحَلُّ مَنْعِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ وَرَدِّ الْمَعِيبِ الْأَكْثَرِ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ السَّلِيمُ كُلُّهُ بَاقِيًا وَكَذَلِكَ الْمَعِيبُ وَقَوْلُهُ، فَإِنْ فَاتَ أَيْ السَّلِيمُ بِأَنْ حَصَلَ فِيهِ هَلَاكٌ وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ أَيْ وَالتَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ مِنْ الْعَيْبِ الْهَالِكِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ أَمْ لَا وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا وَفَاتَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْجَمِيعَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ رَدَّ قِيمَةَ الْهَالِكِ عَيْنًا وَرَجَعَ فِي عَيْنٍ، وَهُوَ الثَّمَنُ الْعَيْنُ وَقِيمَةُ الْعَرَضِ الَّذِي قَدْ فَاتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَرَدُّ الْعَيْنِ وَالرُّجُوعِ فِيهَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الثَّمَنُ عَرَضًا لَمْ يَفُتْ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تَمَسَّكَ بِالسَّلِيمِ مِنْ الْمَعِيبِ الَّذِي هَلَكَ عِنْدَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْعَرَضِ الْقَائِمِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَعِيبَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ لَكَانَ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَخُصُّ السَّلِيمَ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ الْقَائِمِ إلَّا بَعْدَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ) أَيْ مِنْ أَحَدِ الْمُزْدَوَجَيْنِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَالتَّمَسُّكِ بِالسَّلِيمِ أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ، أَوْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ جَوَازِ رَدِّ الْمَعِيبِ وَالتَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ مِنْ الْمُزْدَوَجَيْنِ، وَلَوْ تَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مَا فِي خش وعبق تَبَعًا لعج لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ الَّذِي مَنَعَ الشَّرْعُ مِنْهُ وَلَكِنْ رَدَّ ذَلِكَ طفى وَقَالَ الصَّوَابُ جَوَازُ ذَلِكَ عِنْدَ التَّرَاضِي كَمَا ذَكَرُوهُ فِي الْقِسْمَةِ مِنْ جَوَازِهَا مُرَاضَاةً فِي الْخُفَّيْنِ وَنَحْوِهِمَا لِإِمْكَانِ شِرَاءِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ فَرْدَةَ الْآخَرِ لِيَكْمُلَ انْتِفَاعُهُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَجَبَ رَدُّهُمَا مَعًا، أَوْ التَّمَسُّكُ بِهِمَا مَعًا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ رَدُّ الْمَعِيبِ مِنْهُمَا بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ مَنَعَ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْإِثْغَارِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَرْضَ الْأُمُّ بِذَلِكَ، وَإِلَّا جَازَ رَدُّ الْمَعِيبِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحَقَّ فِي عَدَمِ التَّفْرِقَةِ لِلْأُمِّ لَا لِلْوَلَدِ، وَإِلَّا مَنَعَ، وَلَوْ رَضِيَتْ الْأُمُّ بِذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَعِيبُ أَقَلَّ مِنْ وَجْهِ الصَّفْقَةِ. .

(قَوْلُهُ، أَوْ تَعَيَّبَ) أَيْ عِنْدَ الْبَائِعِ، أَوْ تَلِفَ عِنْدَ الْبَائِعِ أَكْثَرُهُ كَمَا إذَا اشْتَرَى عَشَرَةَ أَثْوَابٍ فَحَبَسَهَا الْبَائِعُ لِأَجْلِ الثَّمَنِ، أَوْ الْإِشْهَادِ فَتَعَيَّبَ، أَوْ تَلِفَ أَكْثَرُهَا عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْأَقَلِّ الْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَاقِي) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ بِالتَّمَاسُكِ بِذَلِكَ الْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ التَّمَسُّكَ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ إلَخْ) إنْ قُلْت هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا اسْتَحَقَّ الْأَقَلَّ، أَوْ تَعَيَّبَ وَرَدَّهُ وَتَمَسَّكَ بِالْأَكْثَرِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قُلْت لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ لِلْغَالِبِ انْفَسَخَتْ الْعُقْدَةُ بِرَدِّ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَكَانَ التَّمَسُّك بِالْأَقَلِّ كَابْتِدَاءِ عَقْدٍ بِمَجْهُولٍ الْآنَ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُقْدَةَ الْأُولَى انْحَلَّتْ مِنْ أَصْلِهَا حَيْثُ اسْتَحَقَّ الْأَكْثَرَ، أَوْ تَعَيَّبَ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَكْثَرِ، أَوْ تَعْيِيبَهُ كَاسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ وَإِذَا تَعَيَّبَ الْأَكْثَرُ، أَوْ اُسْتُحِقَّ وَانْحَلَّتْ عُقْدَةُ الْبَيْعِ كَأَنْ تَمَسَّكَ الْمُشْتَرِي بِالْأَقَلِّ السَّالِمِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ الْآنَ بِخِلَافِ رَدِّ غَيْرِ الْأَكْثَرِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ ذَلِكَ أَيْ رَدُّ الْأَكْثَرِ بِحِصَّتِهِ قَائِلًا هَذِهِ جَهَالَةٌ طَارِئَةٌ.

(قَوْلُهُ، ثُمَّ تَقْوِيمُ كُلِّ جُزْءٍ إلَخْ) أَيْ وَنِسْبَةُ قِيمَةِ الْبَاقِي إلَى قِيمَةِ جَمِيعِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَّحِدًا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُعَيَّنًا مُتَّحِدًا (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ) أَيْ، وَأَمَّا الْمُقَوَّمُ الْمَوْصُوفُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا فِي الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ الْمُتَعَدِّدِ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْمُقَوَّمُ وَالْمُتَّحِدُ وَالْمَوْصُوفُ فَلَا يَحْرُمُ فِيهِ ذَلِكَ. .

(قَوْلُهُ، وَلَوْ فَرَّعَ بِالْفَاءِ لَكَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ التَّعْبِيرَ

ص: 135

لَكَانَ أَوْلَى فَقَالَ (وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ تُسَاوِي عَشْرَةً) بِيعَا (بِثَوْبٍ) مَثَلًا (فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ) الْمُسَاوِيَةُ لِلْعَشَرَةِ، وَهِيَ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ الصَّفْقَةِ فُسِخَ الْبَيْعُ لِاسْتِحْقَاقِ جُلِّ الصَّفْقَةِ وَرَدُّ مَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ الدِّرْهَمَيْنِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ إنْ كَانَ قَائِمًا (فَأَعْلَى) إنْ (فَاتَ الثَّوْبُ) بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى (فَلَهُ) أَيْ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ (قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ وَ) جَازَ (رَدَّ أَحَدُ الْمُشْتَرَيَيْنِ) الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ مَبِيعٍ مُتَّحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَاطَّلَعَا فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَوْ أَبَى الْبَائِعُ وَقَالَ لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ بِنَاءً عَلَى تَقْدِيرِ تَعَدُّدِ الْعَقْدِ الْوَاحِدِ بِتَعَدُّدِ مُتَعَلِّقِهِ وَمُشْتَرِيه، وَأَمَّا الشَّرِيكَانِ إذَا اشْتَرَيَا مَعِيبًا فِي صَفْقَةٍ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ فَلِصَاحِبِهِ مَنْعُهُ وَقَبُولُ الْجَمِيعِ كَمَا يَأْتِي فِي الشَّرِكَةِ؛ لِأَنَّ كُلًّا وَكِيلٌ عَنْ الْآخَرِ (وَ) جَازَ لِمُشْتَرٍ مِنْ بَائِعَيْنِ مَثَلًا رَدٌّ (عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ) الْغَيْرِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ دُونَ الرَّدِّ عَلَى الْآخَرِ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبِ الثَّابِتِ وُجُودُهُ وَقِدَمُهُ ذَكَرَ تَنَازُعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي وُجُودِهِ وَقِدَمِهِ فَقَالَ (وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي) نَفْيِ (الْعَيْبِ) الْخَفِيِّ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْوَاوِ يُوهِمُ الِاسْتِئْنَافَ وَاعْلَمْ أَنَّ تَفْرِيعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ حُرْمَةَ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ اسْتَحَقَّ أَكْثَرَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا بَاقِيًا، أَوْ فَائِتًا وَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَانِ وَسِلْعَةٌ إلَخْ) اسْمُ كَانَ ضَمِيرُ الشَّأْنِ وَدِرْهَمَانِ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ بِيعَا بِثَوْبٍ خَبَرُهُ، وَالْجُمْلَةُ خَبَرٌ لِكَانَ الثَّانِيَةِ، أَوْ إنْ كَانَ غَيْرَ ثَانِيَةٍ وَدِرْهَمَانِ اسْمُهَا وَخَبَرُهَا مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ مُتَعَلِّقُهُ بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ بِيعَا بِثَوْبٍ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ كَانَ دِرْهَمَيْنِ فَاسْمُ كَانَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْمَبِيعِ وَدِرْهَمَيْنِ خَبَرُهَا وَسِلْعَةٌ بِالرَّفْعِ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ) أَيْ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بِيعَا الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ كَتَغَيُّرِ الذَّاتِ (قَوْلُهُ فَلَهُ قِيمَةُ الثَّوْبِ بِكَمَالِهِ) أَيْ يَأْخُذُهَا مِنْ الْبَائِعِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِيمَا يُقَابِلُهُمَا مِنْ سُدُسِ الثَّوْبِ بِحَيْثُ يَكُونُ شَرِيكًا بِسُدُسِهَا، أَوْ سُدُسِ قِيمَتِهَا، وَأَمَّا تَمَسُّكُهُ بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ بِتَمَامِهَا فَجَائِزٌ وَإِنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ بِكَمَالِهِ لِأَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي الرَّدِّ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِ الثَّوْبِ فَيَشْتَرِكَانِ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَدْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ أَيْ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ لِمَنْ اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ السِّلْعَةُ وَاللَّامُ لِلِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ وَرَدَّ الدِّرْهَمَيْنِ يُقْرَأُ رَدَّ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ الْمَاضِي وَالدِّرْهَمَيْنِ مَفْعُولُهُ وَالْفِعْلُ يُفِيدُ وُجُوبَ الرَّدِّ فَسَقَطَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَلَهُ الْمُفِيدُ لِلتَّخْيِيرِ مَعَ التَّفْرِيعِ عَلَى حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ مُشْكِلٌ، وَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوَّلُهُمَا أَنَّ قَسِيمَ مَا ذُكِرَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالدِّرْهَمَيْنِ فِي نَظِيرِ الثَّوْبِ كُلِّهِ لَا فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِهِ، فَقَطْ الثَّانِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلُهُ فَلَهُ إمَّا بِمَعْنَى عَلَى، أَوْ لِلِاسْتِحْقَاقِ لَا لِلتَّخْيِيرِ وَقَوْلُهُ رَدَّ يُقْرَأُ فِعْلًا مَاضِيًا فَيُفِيدُ الْوُجُوبَ أَيْ مِنْ حَقِّهِ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَةَ الثَّوْبِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الدِّرْهَمَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الدِّرْهَمَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ سُدُسِ الثَّوْبِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ تَمَاسُكِهِ بِهِمَا فِي مُقَابَلَةِ الثَّوْبِ بِتَمَامِهَا هَذَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ طفى حُرْمَةَ التَّمَسُّكِ هُنَا بِالدِّرْهَمَيْنِ بِمَا يَنُوبُهُمَا مِنْ الثَّوْبِ عِنْدَ فَوَاتِهَا بِأَنَّهُ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ فَقَدْ أَطْبَقَ مَنْ وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ الشُّرَّاحِ عَلَى تَقْيِيدِ حُرْمَةِ التَّمَسُّكِ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ، أَوْ تَعَيَّبَ أَكْثَرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا وَكَانَ بَاقِيًا، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا وَفَاتَ فَهُوَ كَاسْتِحْقَاقٍ، أَوْ تَعَيَّبَ الْأَقَلُّ فِي جَوَازِ التَّمَسُّكِ بِالسَّالِمِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ اهـ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ اللَّامَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهَا لِلتَّخْيِيرِ وَلَا يُجْعَلُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ كَانَ إلَخْ مُفَرَّعًا عَلَى مَا مَرَّ مِنْ حُرْمَةِ التَّمَاسُكِ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ بَلْ هُوَ مُسْتَأْنَفٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّ أَحَدِ الْمُشْتَرَيَيْنِ غَيْرَ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ بِأَنْ كَانَ شِرَاؤُهُمَا لِلْقِنْيَةِ، وَلَوْ كَانَ شَيْئًا وَاحِدًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى شَخْصَانِ سِلْعَةً وَاحِدَةً كَعَبْدٍ لِخِدْمَتِهِمَا، أَوْ سِلَعًا مُتَعَدِّدَةً فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرِكَةِ بَلْ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ نِصْفَهَا مَثَلًا، ثُمَّ اطَّلَعَا عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَأَرَادَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَأَبَى غَيْرُهُ مِنْ الرَّدِّ فَالْمَشْهُورُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ نَصِيبَهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَلَوْ قَالَ الْبَائِعُ لَا أَقْبَلُ إلَّا جَمِيعَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ يَتَعَدَّدُ مُتَعَلِّقُهُ وَمُشْتَرِيهِ وَإِلَى هَذَا رَجَعَ مَالِكٌ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ أَوَّلًا إنَّمَا لَهُمَا الرَّدُّ مَعًا، أَوْ التَّمَاسُكُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَرُدَّ دُونَ الْآخَرِ وَالْقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا الشَّرِيكَانِ) أَيْ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَأَرَادَ أَحَدُهُمَا) أَيْ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ، وَعَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ تَعَدَّدَ بِأَنْ بَاعَ شَخْصَانِ عَبْدًا وَاحِدًا كَأَنْ اتَّخَذَاهُ لِلْخِدْمَةِ مَثَلًا وَاشْتَرَاهُ مِنْهُمَا وَاحِدٌ فَاطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَى أَحَدِ الْبَائِعَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمَبِيعِ دُونَ الْآخَرِ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعَانِ شَرِيكَيْنِ فِي التِّجَارَةِ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُمَا كَالرَّجُلِ الْوَاحِدِ فَالرَّدُّ عَلَى أَحَدِهِمَا رَدٌّ عَلَى الْآخَرِ. .

(قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ الْخَفِيِّ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَالَ الْبَائِعُ: لَا عَيْبَ بِهِ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى

ص: 136

(أَوْ) نَفْيِ (قِدَمِهِ) بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَدِيمٌ وَالْبَائِعُ حَادِثٌ بِلَا يَمِينٍ فِي الْأُولَى إذْ الْأَصْلُ السَّلَامَةُ مِنْ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ثَمَّ مَا يُضْعِفُ قَوْلَهُ فَيَحْلِفُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَبَوْلٌ فِي فُرُشٍ إلَخْ وَبِيَمِينٍ فِي الثَّانِيَةِ تَارَةً وَبِعَدَمِهَا أُخْرَى كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَقَوْلُهُ (إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ لِلْمُشْتَرِي) بِقِدَمِهِ قَطْعًا، أَوْ رُجْحَانًا فَالْقَوْلُ لَهُ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ قِدَمِهِ فَقَطْ (وَحَلَفَ مَنْ لَمْ تَقْطَعْ بِصِدْقِهِ) مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ بِأَنْ ظَنَّتْ قِدَمَهُ فَلِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ أَوَظَنَّتْ حُدُوثَهُ، أَوْ شَكَّتْ فَلِلْبَائِعِ بِيَمِينِ وَمَفْهُومُهُ إنْ قَطَعَتْ بِقَدَمِهِ فَلِلْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ، أَوْ حُدُوثِهِ فَلِلْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ وَهَذَا فِي عَيْبٍ خَفِيٍّ، أَوْ ظَاهِرٍ شَأْنُهُ الْخَفَاءُ عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ كَكَوْنِهِ أَعْمَى، وَهُوَ قَائِمُ الْعَيْنَيْنِ، وَأَمَّا الظَّاهِرُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْفَى فَلَا قِيَامَ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ لِعَادَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (وَقُبِلَ) فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ وَأَنَّهُ قَدِيمٌ، أَوْ حَادِثٌ (لِلتَّعَذُّرِ) لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (غَيْرُ عَدُوٍّ، وَإِنْ مُشْرِكَيْنِ) بِشَرْطِ السَّلَامَةِ مِنْ جُرْحَةِ الْكَذِبِ وَالْمُرَادُ بِالْمُشْرِكِ الْكَافِرُ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لَا شَهَادَةٌ (وَيَمِينُهُ) أَيْ الْبَائِعِ أَيْ صِفَتُهَا إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ، أَوْ عَدَمِهِ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ (بِعْتُهُ) وَمَا هُوَ بِهِ فِي غَيْرِ ذِي التَّوْفِيَةِ، وَهُوَ مَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ (وَ) يَزِيدُ (فِي ذِي التَّوْفِيَةِ) أَيْ مَا فِيهِ عَلَى الْبَائِعِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ مِنْ مِثْلِيٍّ وَغَائِبٍ وَمُوَاضَعَةٍ وَثِمَارٍ عَلَى رُءُوسِ شَجَرٍ وَذِي عُهْدَةٍ وَخِيَارٍ (وَأَقْبَضْته) لِلْمُشْتَرِي (وَمَا هُوَ) أَيْ الْعَيْبُ (بِهِ) وَيَحْلِفُ (بَتًّا) أَيْ عَلَى الْقَطْعِ (فِي) الْعَيْبِ (الظَّاهِرِ) كَالْعَوَرِ وَالْعَرَجِ وَخَرْقِ الثَّوْبِ (وَعَلَى) نَفْيِ (الْعِلْمِ) بِأَنْ يَقُولَ وَمَا أَعْلَمُهُ بِهِ (فِي الْخَفِيِّ) كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ وَسَكَتَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُشْتَرِي وُجُودَهُمَا، أَوْ وُجُودَ أَحَدِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ، أَوْ نَفَى قِدَمَهُ) أَيْ بِأَنْ وَافَقَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ لَكِنَّ الْبَائِعَ يَدَّعِي حُدُوثَهُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي قِدَمَهُ لِيَرُدَّ الْمَبِيعَ عَلَى بَائِعِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْبَائِعِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ الْمَشْكُوكِ فِيهِ إذَا لَمْ يُصَاحِبْهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ ثَابِتٌ، وَأَمَّا إنْ صَاحَبَهُ عَيْبٌ قَدِيمٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا حَدَثَ عِنْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ وَبِهِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَمِثْلُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا؛ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ وَجَبَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ وَأَخْذُ جَمِيعِ الثَّمَنِ وَالْبَائِعُ يُرِيدُ نَقْصَهُ مِنْ الثَّمَنِ بِقَوْلِهِ حَدَثَ عِنْدك فَهُوَ مُدَّعٍ اهـ. بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ الْمُشْتَرِي قَدِيمٌ) أَيْ هَذَا الْعَيْبُ الْمَوْجُودُ فِيهِ قَدِيمٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ وَالْبَائِعُ حَادِثٌ) أَيْ وَقَالَ الْبَائِعُ إنَّهُ حَادِثٌ أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ إلَخْ) حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الْعَبْدَ يَبُولُ فِي الْفُرُشِ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ بَوْلَهُ فَإِنَّهُ يُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ فَإِذَا قَالَ الْأَمِينُ: إنَّهُ بَالَ عِنْدِي حَلَفَ الْبَائِعُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ بَوْلٌ عِنْدَهُ وَيُمْنَعُ الْمُشْتَرِي مِنْ رَدِّهِ لِحَمْلِهِ عَلَى الْحُدُوثِ فَقَوْلُ الْأَمِينِ قَدْ أَضْعَفَ قَوْلَ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَا يَبُولُ فِي الْفُرُشِ أَصْلًا (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا) حَاصِلُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِحُدُوثِ الْعَيْبِ، فَإِنْ قَطَعَتْ بِذَلِكَ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ رَجَّحَتْ ذَلِكَ، أَوْ شَكَّتْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ إلَّا بِشَهَادَةِ عَادَةٍ) أَسْنَدَ الشَّهَادَةَ لِلْعَادَةِ مَعَ أَنَّ الشَّاهِدَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ لِاسْتِنَادِهِمْ فِي شَهَادَتِهِمْ لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْعَادَةُ غَالِبًا (قَوْلُهُ قَيَّدَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنَّفِ أَنْ يَقُولَ بَدَلَ قَوْلِهِ، أَوْ قِدَمُهُ كَقِدَمِهِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قِدَمِ الْعَيْبِ وَحُدُوثِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي نَفْيِ قِدَمِهِ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْعَادَةُ لِلْمُشْتَرِي بِقِدَمِهِ، وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَيَثْبُتُ لَهُ الرَّدُّ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِقِدَمِهِ سَوَاءٌ اسْتَنَدُوا فِي قَوْلِهِمْ ذَلِكَ لِلْعَادَةِ، أَوْ لِلْمُعَايَنَةِ، أَوْ لِإِخْبَارِ الْعَارِفِينَ، أَوْ لِإِقْرَارِ الْبَائِعِ لَهُمْ بِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ) ، فَإِنْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِلْبَائِعِ بِالْحُدُوثِ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ لِلْمُشْتَرِي بِالْقِدَمِ عَمِلَ بِقَوْلِ الْأَعْرَافِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي الْمَعْرِفَةِ عَمِلَ بِقَوْلِ الْأَعْدَلِ، فَإِنْ تَكَافَآ فِي الْعَدَالَةِ سَقَطَا لِتَكَاذُبِهِمَا وَإِذَا سَقَطَا كَانَ كَالشَّكِّ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُهُ) أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ لَمْ يُقْطَعْ بِصِدْقِهِ (قَوْلُهُ فِي عَيْبِ خَفِيٍّ) أَيْ كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ تَنَازَعَا فِي حُدُوثِهِ وَقِدَمِهِ (قَوْلُهُ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ لَا يَخْفَى) أَيْ كَكَوْنِهِ مُقْعَدًا، أَوْ أَعْمَى فَاقِدَ الْحَدَقَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا قِيَامَ بِهِ) أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَهُ وَرَضِيَ بِهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَنْفَعُ الْمُشْتَرِي شَهَادَةَ الْعَادَةِ بِقِدَمِهِ، وَلَوْ قَطَعَتْ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَبِلَ فِي مَعْرِفَةِ الْعَيْبِ) أَيْ الْمُتَنَازَعِ فِي قِدَمِهِ وَحُدُوثِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَأَنَّهُ قَدِيمٌ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بَلْ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْمُسْلَمِ غَيْرِ الْعَدْلِ عِنْدَ وُجُودِهِمَا عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ فَقَطْ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يُقْبَلُ مَعَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ مُشْرِكَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْعُدُولِ مُسْلِمِينَ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي الْوَاحِدُ) أَيْ إنْ أَرْسَلَهُ الْقَاضِي وَكَانَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا حَيًّا لَا يَخْفَى عَيْبُهُ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ) أَيْ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُدُوثِ الْعَيْبِ وَقِدَمِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِحُدُوثِهِ ظَنًّا (قَوْلُهُ وَعَدَمُهُ) أَيْ، أَوْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي وُجُودِ الْعَيْبِ وَعَدَمِهِ وَذَلِكَ بِأَنْ وَجَدَ مَا يُضْعِفُ دَعْوَى الْبَائِعِ عَدَمُهُ، أَوْ قَامَ لِلْمُشْتَرِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ عَلَى وُجُودِ الْعَيْبِ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَهُ وَتَوَجَّهَتْ عَلَى الْبَائِعِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْبَائِعِ فِي نَفْيِ الْعَيْبِ بِلَا يَمِينٍ فَكَيْفَ يُعَمَّمُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَمِينِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ)

ص: 137

عَنْ يَمِينِ الْمُبْتَاعِ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ وَفِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِيهِمَا وَقِيلَ عَلَى الْبَتِّ فِيهِمَا وَقِيلَ كَالْبَائِعِ أَيْ بَتًّا فِي الظَّاهِرِ وَعَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ فِي الْخَفِيِّ بِأَنْ يَقُولَ: اشْتَرَيْتُهُ وَمَا أَعْلَمُ بِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَيْبًا. .

(وَالْغَلَّةَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي مِنْ حِينِ الْعَقْدِ (لِلْفَسْخِ) أَيْ فَسْخِ الْبَيْعِ بِسَبَبِ الْعَيْبِ أَيْ الدُّخُولِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِأَنْ يَثْبُتَ الْعَيْبُ عِنْدَ الْحَاكِمِ، أَوْ يَرْضَى بِأَخْذِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالْمُرَادُ بِالْغَلَّةِ الَّتِي لَا يَدُلُّ اسْتِيفَاؤُهَا عَلَى الرِّضَا بِأَنْ نَشَأَتْ عَنْ غَيْرِ تَحْرِيكٍ كَصُوفٍ وَلَبَنٍ وَعَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ كَسُكْنَى دَارٍ لَا يَنْقُصُ (وَلَمْ تُرَدَّ) الْغَلَّةُ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَيْ لَا يُقْضَى بِرَدِّهَا وَصَرَّحَ بِهَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَالْغَلَّةُ لَهُ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (بِخِلَافِ وَلَدٍ) حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَيَرُدُّهُ مَعَ أُمِّهِ سَوَاءٌ اشْتَرَى الْأُمَّ حَامِلًا أَمْ حَمَلَتْ عِنْدَهُ فَوَجَدَ بِهَا بَعْدَ الْوِلَادَةِ عَيْبًا (وَ) بِخِلَافِ (ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) حِينَ الشِّرَاءِ وَاشْتَرَطَهَا مَعَ الْأَصْلِ فَيَرُدَّهَا مَعَ الْأَصْلِ الْمَعِيبِ، وَلَوْ طَابَتْ، أَوْ جُذَّتْ، فَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَهُ إنْ عَلِمَ كَيْلَهُ وَقِيمَتَهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ بَاعَهُ وَعَلِمَ قَدْرَ الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَالْقِيمَةُ أَيْضًا (وَ) بِخِلَافِ (صُوفٍ تَمَّ) وَقْتُ الشِّرَاءِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ الْمُشْتَرِي لِدُخُولِهِ بِغَيْرِ شَرْطٍ بِخِلَافِ الثَّمَرَةِ الْمُؤَبَّرَةِ فَيَرُدُّ لِلْبَائِعِ مَعَ الْغَنَمِ الْمَعِيبَةِ، وَإِنْ فَاتَ رُدَّ وَزْنُهُ إنْ عَلِمَ، وَإِلَّا رُدَّ الْغَنَمُ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعْتُهُ وَأَقْبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَمَا هُوَ بِهِ لَيْسَ نَقِيضَ دَعْوَى الْمُشْتَرِي قِدَمَهُ وَمُتَعَلِّقُ الْيَمِينِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نَقِيضَ الدَّعْوَى كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِنَقِيضِهِ؛ لِأَنَّ نَقِيضَ الْقِدَمِ عَدَمُ الْقِدَمِ وَقَوْلُ الْبَائِعِ أَقَبَضْته وَمَا هُوَ بِهِ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْقِدَمِ وَتَضَمُّنُ الْيَمِينِ لِنَقِيضِ الدَّعْوَى كَافٍ مِثْلُ الْحَلِفِ عَلَى نَقِيضِهَا.

(قَوْلُهُ إذَا تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ) أَيْ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لَهُ بِقِدَمِ الْعَيْبِ ظَنًّا (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الظَّاهِرِ وَالْخَفِيِّ فَيَقُولُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ اشْتَرَيْته، وَهُوَ بِذَلِكَ الْعَيْبِ فِي عِلْمِي (قَوْلُهُ وَقِيلَ عَلَى الْبَتِّ) أَيْ فَيَقُولُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ اشْتَرَيْتُهُ وَفِيهِ هَذَا الْعَيْبُ قَطْعًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ كَالْبَائِعِ) هَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهَا ابْنُ حَبِيبٍ. .

(قَوْلُهُ أَيْ الدُّخُولُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ) تَفْسِيرٌ لِلْفَسْخِ أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا ذُكِرَ لَا خُصُوصُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالرَّدِّ (قَوْلُهُ بِأَنْ نَشَأَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ، أَوْ بَعْدَهُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكٍ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ إلَخْ) أَيْ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ فَإِنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي إذَا اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ أَمَّا إنْ حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ فَهُوَ رِضًا بِالْمَبِيعِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَرِضًا فَإِذَا سَكَنَ الْمُشْتَرِي الدَّارَ وَاطَّلَعَ عَلَى الْعَيْبِ وَقَامَ بِهِ حَالًا فَالْغَلَّةُ، وَهِيَ السُّكْنَى الْحَاصِلَةُ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ تَكُونُ لَهُ لِلْفَسْخِ وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْخِصَامِ، وَأَمَّا لَوْ سَكَنَ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ وَقَبْلَ الْخِصَامِ فَذَلِكَ رِضًا، وَلَوْ قَلَّ الزَّمَنُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْغَلَّةَ الَّتِي تُجَامِعُ الْفَسْخَ مَا كَانَتْ قَبْلَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ سَوَاءٌ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكِ مُنْقِصٍ كَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ، أَوْ عَنْ تَحْرِيكِ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى، أَوْ نَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ كَاللَّبَنِ وَالصُّوفِ وَكَذَلِكَ مَا كَانَتْ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَنَشَأَتْ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطُلْ، أَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى إذَا كَانَتْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ لَا قَبْلَهُ، وَأَمَّا الْغَلَّةُ الَّتِي لَا تُجَامِعُ الْفَسْخَ أَيْ لَا يَحْصُلُ مَعَهَا لِدَلَالَتِهَا عَلَى الرِّضَا فَهِيَ الْحَاصِلَةُ بَعْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى الْعَيْبِ وَنَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ مُنْقِصٍ كَالرُّكُوبِ وَالِاسْتِخْدَامِ سَوَاءٌ كَانَ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ قَبْلَهُ، أَوْ نَشَأَتْ عَنْ تَحْرِيكٍ غَيْرِ مُنْقِصٍ كَالسُّكْنَى وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ، أَوْ كَانَ ذَلِكَ لَيْسَ نَاشِئًا عَنْ تَحْرِيكٍ أَصْلًا وَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ زَمَنِ الْخِصَامِ وَطَالَ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ وَلَدٍ) أَيْ لِأَمَةٍ، أَوْ لِإِبِلٍ، أَوْ بَقَرٍ، أَوْ غَنَمٍ، أَوْ نَحْوِهَا وَقَوْلُهُ فَيَرُدُّهُ مَعَ أُمِّهِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَغْلَةً خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ حَيْثُ جَعَلَ الْوَلَدَ غَلَّةً وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي وِلَادَتِهَا إذَا رَدَّهَا إلَّا إذَا نَقَّصَتْهَا الْوِلَادَةُ فَيَرُدُّ مَعَهَا مَا نَقَصَهَا إلَّا أَنْ يُجْبَرَ ذَلِكَ النَّقْصُ الْحَاصِلُ بِالْوِلَادَةِ بِالْوَلَدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إذَا رَدَّهَا كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَبِخِلَافِ ثَمَرَةٍ أُبِّرَتْ) أَيْ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ حِينَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهَا غَلَّةٌ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَ الرَّدُّ بَعْدَ أَنْ جَذَّهَا فَلَا يَرُدُّهَا لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ جَذِّهَا رَدَّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَاتَ) أَيْ بِأَكْلٍ، أَوْ بِبَيْعٍ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) هَذَا إذَا كَانَ الْفَوَاتُ بِغَيْرِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْفَوَاتُ بِالْبَيْعِ وَلَمْ تُعْلَمْ الْمَكِيلَةُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثَمَنَهُ إنْ عَلِمَ كَمَا قَالَ، أَوْ ثَمَنَهُ إنْ عَلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ الْغَنَمَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَيَكُونُ لَهُ الصُّوفُ فِي مُقَابَلَةِ بَقِيَّةِ الثَّمَنِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْغَنَمِ ثَمَنَ الصُّوفِ إنْ بَاعَهُ، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ انْتَفَعَ بِهِ فِي نَفْسِهِ كَمَا قِيلَ فِي الثَّمَرَةِ إنْ قَلَّتْ لِمَ فَرَّقَ بَيْنَ الثَّمَرَةِ وَالصُّوفِ عِنْدَ انْتِفَاءِ عِلْمِ الْمَكِيلَةِ وَالْوَزْنِ قُلْت؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَدَّ الْأُصُولَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ مِثْلَ الْغَنَمِ لَزِمَ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا، وَهُوَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِشَرْطٍ تَأْتِي وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا وَأَخْذُ الْقِيمَةِ لَيْسَ بَيْعًا بِخِلَافِ رَدِّ الْغَنَمِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ لَا مَحْظُورَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الصُّوفَ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ يَجُوزُ شِرَاؤُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْغَنَمِ وَإِنَّمَا كَانَ يَلْزَمُ عَلَى رَدِّ الْأُصُولِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ بَيْعُ الثَّمَرَةِ مُفْرَدَةً قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْأُصُولِ بَعْدَ الْإِبَارِ

ص: 138

وَمَحَلُّ رَدِّ الصُّوفِ التَّامِّ إذَا لَمْ يَحْصُلْ بَعْدَ جَزِّهِ مِثْلَهُ، وَإِلَّا فَلَا لِجَبْرِهِ بِمَا حَصَلَ، ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تَرُدَّ قَوْلُهُ (كَشُفْعَةٍ وَاسْتِحْقَاقٍ وَتَفْلِيسٍ وَفَسَادٍ) فَالْغَلَّةُ لِمَنْ أَخَذَ مِنْهُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ، وَلَا تُرَدُّ لِلْآخِذِ بِهَا وَلِلْمُسْتَحِقِّ مِنْهُ وَلِلْمُفْلِسِ وَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي فُسِخَ شِرَاؤُهُ لِفَسَادِهِ وَلَا تُرَدُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلَا لِلْبَائِعِ وَهَذَا فِي غَلَّةٍ غَيْرِ ثَمَرَةٍ، أَوْ فِيهَا إنْ فَارَقَتْ الْأُصُولَ، وَإِلَّا رُدَّ فِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ مَا لَمْ تَيْبَسْ عَلَى أُصُولِهَا وَفِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْعَيْبِ مَا لَمْ تَزْهُ وَفِي الْفَلَسِ مَا لَمْ تُجَذَّ. .

(وَدَخَلَتْ) السِّلْعَةُ الْمَرْدُودَةُ بِالْعَيْبِ (فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إنْ رَضِيَ بِالْقَبْضِ) أَيْ بِقَبْضِهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا (أَوْ ثَبَتَ عِنْدَ) الْعَيْبِ (عِنْدَ حَاكِمٍ، وَإِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ) أَيْ بِالرَّدِّ إنْ كَانَ الرَّدُّ عَلَى حَاضِرٍ، وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ، ثُمَّ قَضَى إنْ أَثْبَتَ عُهْدَةً. .

(وَلَمْ يَرُدَّ) الْمَبِيعَ (بِغَلَطٍ) أَيْ بِسَبَبِ غَلَطٍ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ أَيْ جَهِلَ اسْمَ الْمَبِيعِ الْخَاصِّ (إنْ سَمَّى بِاسْمِهِ) الْعَامِّ الَّذِي يَشْمَلُهُ وَغَيْرُهُ مَعَ الْعِلْمِ بِالْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِشَخْصِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ، أَوْ يَبِيعَ هَذَا الْحَجَرَ بِرُخْصٍ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ يَاقُوتَةٌ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى حَجَرًا فَيَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَالْمَنْظُورُ لَهُ هَذَا الزَّمَنُ لَا زَمَنُ جَذِّ الْمُشْتَرِي لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُذُّهَا غَالِبًا إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لَكِنْ لَا يُنْظَرُ لِهَذَا وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِوَقْتِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ رَدِّ الصُّوفِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا الثَّمَرَةُ الْمُؤَبَّرَةُ فَهَلْ كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الصُّوفِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ تُرَدُّ مُطْلَقًا، وَلَوْ لَمْ تُرَدَّ أُصُولُهَا حَتَّى ظَهَرَ فِيهَا أُخْرَى، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِهِ وَلَمْ تُرَدَّ) أَيْ وَلَيْسَ هَذَا رَاجِعًا لِقَوْلِهِ بِخِلَافِ الْوَلَدِ وَمَا بَعْدَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ لَا تَتَأَتَّى الشُّفْعَةُ فِي أُمِّهِ وَفِي الِاسْتِحْقَاقِ يَأْخُذُهُ الْمُسْتَحِقُّ مَعَ أُمِّهِ، وَكَذَا فِي الْفَلَسِ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْوَلَدُ مُفَوِّتٌ لَهُ وَمُوجِبٌ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ كَشُفْعَةٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مِثْلَ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ لِلْفَلَسِ وَالْفَسَادِ فَكَمَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ وَلَا تُرَدُّ لِلْبَائِعِ كَذَلِكَ مَنْ أَخَذَ مِنْهُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ وَلَا تُرَدُّ لِلْآخِذِ بِهَا وَكَذَلِكَ يَفُوزُ بِهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ وَلَا تُرَدُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَكَذَلِكَ يَفُوزُ بِهَا مَنْ أُخِذَ مِنْهُ الشَّيْءُ الْمَبِيعُ لِأَجْلِ تَفْلِيسِهِ، أَوْ لِفَسَادِ بَيْعِهِ وَلَا تُرَدُّ لِبَائِعِهِ وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْغَلَّةُ غَيْرَ ثَمَرَةٍ، أَوْ كَانَتْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَفَارَقَتْ الْأُصُولَ بِالْجَذِّ، فَإِنْ لَمْ تُجَذَّ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَى أُصُولِهَا فَفِي الْعَيْبِ وَالْفَسَادِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ اسْتَحَقَّهَا الْمُشْتَرِي وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْمُسْتَحِقِّ وَالْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ تَيْبَسْ، وَإِلَّا فَازَ بِهَا الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الشِّقْصُ بِالشُّفْعَةِ وَالْمُسْتَحَقُّ وَفِي الْفَلَسِ يَجِبُ رَدُّهَا لِلْبَائِعِ مَا لَمْ تُجَذَّ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي الْمُفْلِسُ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ بِقَوْلِهِ:

وَالْجَذُّ فِي الثِّمَارِ فِيمَا انْتَقَيَا

يَضْبِطُهُ تَجُذُّ عَفْزًا شِسْيَا

فَالتَّاءُ فِي تَجُذُّ لِلتَّفْلِيسِ وَالْجِيمُ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ الذَّالِ لِلْجَذِّ أَيْ تَفُوتُ الثِّمَارُ عَلَى الْبَائِعِ فِي التَّفْلِيسِ بِالْجَذِّ، وَالْعَيْنُ وَالْفَاءُ فِي عَفْزًا لِلْعَيْبِ وَالْفَسَادِ وَالزَّايِ لِلزَّهْوِ وَالشَّيْنُ وَالسِّينُ فِي شِسْيَا لِلشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَالْيَاءُ لِلْيُبْسِ اهـ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ:

الْفَائِزُونَ بِغَلَّةٍ هُمْ خَمْسَةٌ

لَا يَطْلُبُونَ بِهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ

الرَّدُّ فِي عَيْبٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ

وَبِشُفْعَةٍ فَلَسٍ مَعَ اسْتِحْقَاقٍ

فَالْأَوَّلَانِ لِزَهْوِهَا فَازَا بِهَا

وَالْجَذُّ فِي فَلَسٍ وَيُبْسِ الْبَاقِي

وَإِنَّمَا قُلْنَا، أَوْ كَانَتْ ثَمَرَةً غَيْرَ مَأْبُورَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْبُورَةَ حِينَ الشِّرَاءِ، أَوْ حِينَ الِاسْتِحْقَاقِ لَيْسَتْ غَلَّةً فَتُرَدُّ لِلْبَائِعِ فِي الْفَلَسِ وَالْعَيْبِ وَالْفَسَادِ مُطْلَقًا، وَلَوْ أَزْهَتْ، أَوْ يَبِسَتْ، أَوْ جُذَّتْ وَفِي الشُّفْعَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يَأْخُذُهَا الشَّفِيعُ وَالْمُسْتَحِقُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَلِلْمُشْتَرِي الَّذِي فُسِخَ شِرَاؤُهُ) ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِالْفَسَادِ إلَّا فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي بِوَقْفِيَّتِهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْغَلَّةَ (قَوْلُهُ وَلَا لِلْبَائِعِ) أَيْ الَّذِي بَاعَ لِمُفْلِسٍ وَلَا الَّذِي بَاعَ بَيْعًا فَاسِدًا (قَوْلُهُ، أَوْ فِيهَا إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا فِي الثَّمَرَةِ إنْ فَارَقَتْ الْأُصُولَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرَ مَأْبُورَةٍ حِينَ الْبَيْعِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْبَائِعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا رَدَّ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ، وَإِلَّا تُفَارِقُ الْأُصُولَ بَلْ كَانَتْ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تُرَدُّ لِلْمُسْتَحِقِّ وَلِلْآخِذِ بِالشُّفْعَةِ مُدَّةَ كَوْنِهَا لَمْ تَيْبَسْ، وَلَوْ أَزْهَتْ، فَإِنْ يَبِسَتْ فَازَ بِهَا الْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ وَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَفِي الْبَيْعِ) أَيْ وَتُرَدُّ لِلْبَائِعِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَفِي الْعَيْبِ مُدَّةَ كَوْنِهَا لَمْ تَزْهُ، فَإِنْ أَزْهَتْ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي فِيهِمَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ تُجَذَّ) أَيْ، وَلَوْ يَبِسَتْ، فَإِنْ جُذَّتْ فَازَ بِهَا الْمُفْلِسُ. .

(قَوْلُهُ بِالْقَبْضِ) مُتَعَلِّقٌ بِرَضِيَ لَا بِدَخَلْت (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَدَمُ قَبْضِهَا مَعَ مُضِيِّ زَمَانٍ يُمْكِنُ قَبْضُهَا فِيهِ، أَوْ لَا وَظَاهِرُ قَوْلِهِ إنْ رَضِيَ بِالْقَبْضِ أَنَّهُ لَوْ وَافَقَهُ عَلَى أَنَّ الْعَيْبَ قَدِيمٌ وَلَمْ يَرْضَ بِقَبْضِهَا أَنَّهَا لَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَدَّعِي عَلَيْهِ أَنَّهُ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْعَيْبِ. .

(قَوْلُهُ أَيْ جَهِلَ اسْمَ الْمَبِيعِ الْخَاصِّ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَلَطِ فِي ذَاتِ الْمَبِيعِ جَهْلُ اسْمِهِ الْخَاصِّ فَالْغَلَطُ وَاقِعٌ فِي الِاسْمِ الْخَاصِّ، وَالتَّسْمِيَةُ وَاقِعَةٌ بِالِاسْمِ الْعَامِّ فَلَا تَنَاقُضَ

ص: 139

وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ حُصُولِ الْغَلَطِ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا مَعَ عِلْمِ الْآخَرِ وَمَحَلُّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ وَكِيلٍ، وَإِلَّا رَدَّ بِالْغَلَطِ قَطْعًا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ كَهَذِهِ الزُّجَاجَةِ فَإِذَا هِيَ يَاقُوتَةٌ لَثَبَتَ الرَّدُّ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَكَذَا لَوْ سَمَّى بِاسْمٍ خَاصٍّ كَتَسْمِيَةِ الْحَجَرِ يَاقُوتَةً. .

(وَلَا) يَرُدُّ الْمَبِيعَ (بِغَبْنٍ) بِأَنْ يَكْثُرَ الثَّمَنُ، أَوْ يَقِلَّ جِدًّا (وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) بِأَنْ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِ الْعُقَلَاءِ (وَهَلْ) عَدَمُ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ (إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ) الْمَغْبُونُ (وَيُخْبِرُهُ) أَيْ يُخْبِرُ صَاحِبَهُ (بِجَهْلِهِ) تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِسْلَامِ بِأَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِعْنِي كَمَا تَبِيعُ لِلنَّاسِ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْقِيمَةَ، أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ اشْتَرِ مِنِّي كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ) بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ مَا قِيمَتُهُ لِأَشْتَرِيَ بِهَا، أَوْ لِأَبِيعَ بِهَا فَيَقُولُ لَهُ قِيمَتُهُ كَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ فَهُوَ تَنْوِيعٌ ظَاهِرِيٌّ وَالْمُؤَدَّى وَاحِدٌ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ قَطْعًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَيْنَ قَوْلِهِ غَلَطٌ وَبَيْنَ قَوْلِهِ إنْ سَمَّى بِاسْمِهِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ) أَيْ لِتَفْرِيطِهِ إذْ لَوْ شَاءَ لَتَمَسَّكَ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُسَمِّهِ أَصْلًا) أَيْ كَأَشْتَرِي مِنْك هَذَا بِدِرْهَمٍ، أَوْ يَقُولُ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذَا بِدِرْهَمٍ وَيَرْضَى الْآخَرُ فَيُوجَدُ يَاقُوتَةٌ، وَوَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ غَلَطٌ يُحْتَجُّ بِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ) ، وَهُوَ الْجَهْلُ لِذَاتِ الْمَبِيعِ وَعَدَمُ مَعْرِفَةِ اسْمِهِ الْخَاصِّ بِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِغَيْرِ اسْمِهِ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ خَاصٍّ غَيْرِ اسْمِهِ الْخَاصِّ الْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ، وَكَذَا لَوْ سُمِّيَ بِاسْمٍ خَاصٍّ) أَيْ فَظَهَرَ أَنَّهُ غَيْرُ مُسَمًّى بِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مُسَمًّى بِعَامٍّ (قَوْلُهُ كَتَسْمِيَةِ الْحَجَرِ يَاقُوتَةً) أَيْ فَإِذَا سَمَّى الْحَجَرَ يَاقُوتَةً فَوَجَدَهُ الْمُشْتَرِي حَجَرًا فَلَهُ الرَّدُّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا جَهِلَ ذَاتَ الْمَبِيعِ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ اسْمَهُ الْخَاصَّ بِهِ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ عَامٍّ فَلَا رَدَّ، وَإِنْ سَمَّاهُ بِاسْمٍ خَاصٍّ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ الْخَاصِّ فَلَهُ الرَّدُّ سَوَاءٌ كَانَ مُسَمًّى بِاسْمٍ خَاصٍّ آخَرَ، أَوْ كَانَ مُسَمًّى بِالِاسْمِ الْعَامِّ. .

(قَوْلُهُ وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ بِغَبْنٍ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ بِالْغَبْنِ، أَوْ الْمُشْتَرِي بِهِ وَكِيلًا، أَوْ وَصِيًّا، وَإِلَّا رَدَّ مَا صَدَرَ مِنْهُمَا مِنْ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءٍ، فَإِنْ بَاعَا بِغَبْنٍ وَفَاتَ الْمَبِيعُ رَجَعَ الْمُوَكِّلُ وَالْمَجْحُورُ عَلَيْهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا وَقَعَ الْغَبْنُ وَالْمُحَابَاةُ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُشْتَرِي رَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ، وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ بِذَلِكَ، وَإِنْ اشْتَرَيَا بِغَبْنٍ وَفَاتَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي رَجَعَ الْمُوَكِّلُ وَالْمَحْجُورُ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا وَقَعَتْ الْمُحَابَاةُ وَالْغَبْنُ بِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْبَائِعِ رَجَعَا عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْوَكِيلُ وَالْوَصِيُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ فِي طُرَرِهِ وَغَيْرِهِ، وَهَلْ يَتَقَيَّدُ الْغَبْنُ فِي بَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ بِالثُّلُثِ كَالْغَبْنِ فِي بَيْعِهِمَا مَا لِأَنْفُسِهِمَا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَبِي عِمْرَانَ، أَوْ لَا يَتَقَيَّدُ بِهِ بَلْ مَا نَقَصَ عَنْ الْقِيمَةِ نَقْصًا بَيِّنًا، أَوْ زَادَ عَلَيْهَا زِيَادَةً بَيِّنَةً، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الثُّلُثُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَهُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ مُقْتَضَى الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَلَوْ خَالَفَ الْعَادَةَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْغَبْنُ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي مُغَالَبَةِ النَّاسِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ بِمَا خَالَفَ الْعَادَةَ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ خَرَجَ عَنْ مُعْتَادِ الْعُقَلَاءِ أَيْ فِي الْمُغَالَبَةِ وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلْمُبَالَغَةِ الْغَيْرِ الْمُعْتَادَةِ، وَأَمَّا الْمُبَالَغَةُ الْمُعْتَادَةُ فَهِيَ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ وَقِيلَ الثُّلُثُ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْقَصَّارِ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ بِالْغَبْنِ إذَا كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «لَا يَبِعْ حَاضِرٌ لِبَادٍ دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» اهـ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ بَعْضُ الْبَغْدَادِيِّينَ إنْ زَادَ الْمُشْتَرِي فِي الْمَبِيعِ عَلَى قِيمَتِهِ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَ بِنُقْصَانِ الثُّلُثِ مِنْ قِيمَتِهِ فَأَعْلَى إذَا كَانَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعَ، وَقَامَ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ الْعَامِ وَبِهَذَا أَفْتَى الْمَازِرِيُّ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْبَرْزَلِيُّ وَابْنِ لُبٍّ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ عَاصِمٍ فِي مَتْنِ التُّحْفَةِ حَيْثُ قَالَ:

وَمَنْ بِغَبْنٍ فِي مَبِيعٍ قَامَا

فَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَامَا

وَأَنْ يَكُونَ جَاهِلًا بِمَا صَنَعْ

وَالْغَبْنُ لِلثُّلْثِ فَمَا زَادَ وَقَعْ

وَعِنْدَ ذَا يُفْسَخُ بِالْأَحْكَامِ

وَلَيْسَ لِلْعَارِفِ مِنْ قِيَامِ

اهـ. قُلْت وَالْعَمَلُ بِهِ مُسْتَمِرٌّ عِنْدَنَا بِفَاسَ اهـ. بْن (قَوْلُهُ فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ الْقِيمَةَ) أَيْ فَيَقُولُ لَهُ بِعْتُ لِلنَّاسِ بِكَذَا وَالْحَالُ أَنَّهُ يَكْذِبُ بَلْ بَاعَ بِأَقَلَّ (قَوْلُهُ كَمَا تَشْتَرِي مِنْ غَيْرِي) أَيْ فَيَقُولُ لَهُ قَدْ اشْتَرَيْت مِنْ غَيْرِك بِكَذَا، وَهُوَ يَكْذِبُ بَلْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ (قَوْلُهُ فَهُوَ تَنْوِيعٌ ظَاهِرِيٌّ) أَيْ تَنْوِيعٌ لِعَطْفِ التَّفْسِيرِ فَقَوْلُهُ، أَوْ يَسْتَأْمِنُهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَيُخْبِرُهُ بِجَهْلِهِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَالْمُقَابِلُ مَحْذُوفٌ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، أَوْ لَا يُرَدُّ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَالْمُؤَدَّى وَاحِدٌ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مُوجِبَ الرَّدِّ جَهْلُ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَكَذِبُ الْآخَرِ عَلَيْهِ فَمَتَى كَانَ هُنَاكَ جَهْلٌ مِنْ أَحَدِهِمَا وَكَذَبَ عَلَيْهِ الْآخَرُ فَالرَّدُّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَهْلٌ فَلَا رَدَّ (قَوْلُهُ فَلَهُ الرَّدُّ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ فَكَذَبَ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ الْغَبْنُ بِأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَة فَلَا رَدَّ بِالْغَبْنِ لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَطْعِ أَيْ الِاتِّفَاقِ عَلَى الرَّدِّ إذَا كَانَ هُنَاكَ اسْتِسْلَامٌ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقًا بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ لِذَلِكَ الْقَائِلِ كَذَا

ص: 140

أَوْ لَا يَرُدُّ مُطْلَقًا (تَرَدُّدٌ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ. .

(وَرَدَّ) الرَّقِيقَ خَاصَّةً الْمُتَقَدِّمَ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعَ حَاكِمٍ وَوَارِثٍ رَقِيقًا (فِي) زَمَنِ (عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) وَالْعُهْدَةُ لُغَةً مِنْ الْعَهْدِ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ وَالِالْتِزَامُ وَاصْطِلَاحًا تَعَلُّقُ الْمَبِيعِ بِضَمَانِ الْبَائِعِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَهِيَ قِسْمَانِ عُهْدَةُ سَنَةٍ وَسَتَأْتِي، وَهِيَ طَوِيلَةُ الزَّمَانِ قَلِيلَةُ الضَّمَانِ وَعُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَهِيَ قَلِيلَةُ الزَّمَانِ كَثِيرَةُ الضَّمَانِ يُرَدُّ فِيهَا الرَّقِيقُ (بِكُلِّ) عَيْبٍ (حَادِثٍ) فِي دِينِهِ، أَوْ بَدَنِهِ، أَوْ خُلُقِهِ، وَلَوْ مَوْتًا بِسَمَاوِيٍّ (إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ) مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ كَالْإِبَاقِ، أَوْ السَّرِقَةِ فَلَا رَدَّ بِهِ إنْ حَدَثَ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ مَعَ بَقَاءِ الْعُهْدَةِ فِيمَا عَدَاهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ سُقُوطَهَا وَقْتَ الْعَقْدِ بِالتَّبَرِّي مِنْ جَمِيعِ الْعُيُوبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَبَرَّأَ مِنْ جَمِيعِهَا لَمْ يَكُنْ ثَمَّ عُهْدَةٌ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ بِخِلَافِهِ عَلَى الثَّانِي.

(وَدَخَلَتْ) عُهْدَةُ الثَّلَاثِ (فِي) زَمَنِ (الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ بِأَنْ تُنْتَظَرَ أَقْصَاهُمَا حَتَّى تُخْرَجَ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الثَّلَاثِ انْتَظَرْته، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ غَيْرِ مُوَاضَعَةٍ فَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَتَسْتَقِلُّ الْعُهْدَةُ بِنَفْسِهَا وَلَا تَدْخُلُ مَعَ شَيْءٍ.

(وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الرَّقِيقِ زَمَنَ الْعُهْدَةِ وَيَدْخُلُ فِيهَا الْكِسْوَةُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُرَدُّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْلَامِ، أَوْ الْمُكَايَسَةِ. (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ، وَقَدْ عَلِمْت الطَّرِيقَ الْمَرْدُودَ عَلَيْهَا بِلَوْ فَجُمْلَةُ مَا فِي الْغَبْنِ عَلَى الْمَأْخُوذِ مِنْ الْمُصَنِّفِ ثَلَاثُ طُرُقٍ.

(قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُ الْأَوَّلُ) أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ الرَّدِّ بِالْغَبْنِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى وَجْهِ الْمُكَايَسَةِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِسْلَامِ بِأَنْ أَخْبَرَهُ بِجَهْلِهِ، أَوْ اسْتَأْمَنَهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ لِلرُّجُوعِ لِلْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْكَرَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ الْقَائِلَ بِعَدَمِ الرَّدِّ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ) مُتَعَلِّقٌ بِحَادِثٍ وَبِكُلِّ حَادِثٍ مُتَعَلِّقٍ بِرَدٍّ، وَبَاؤُهُ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَرَدٌّ بِسَبَبِ وُجُودِ كُلِّ عَيْبٍ حَادِثٍ حَدَثَ فِي زَمَنِ عُهْدَةِ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ أَنَّهُ عَيْبٌ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الْمَوْصُوفَ اللَّيَالِي لِأَجْلِ تَذْكِيرِ الْعَدَدِ وَاللَّيَالِي تَسْتَلْزِمُ الْأَيَّامَ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ) أَيْ إلْزَامُ الْغَيْرِ شَيْئًا، وَالِالْتِزَامُ لِغَيْرِهِ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ قَلِيلَةُ الزَّمَانِ كَثِيرَةُ الضَّمَانِ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَيْعَ فِيمَا هِيَ فِيهِ لَازِمٌ لَا خِيَارَ فِيهِ لَكِنْ إنْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ تَمَّ لُزُومُهُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَعًا، وَإِنْ أَصَابَهُ نَقْصٌ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَعَيْبٍ قَدِيمٍ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ وَيُلْغَى الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْهَا إنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ فِي دِينِهِ) أَيْ بِأَنْ حَدَثَ فِيهِ فِسْقٌ.

(قَوْلُهُ، وَلَوْ مَوْتًا بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ، أَوْ غَرَقًا، أَوْ حَرْقًا، أَوْ سُقُوطًا مِنْ عَالٍ، أَوْ قَتْلًا بِغِيلَةٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْكُلِّيَّةِ ذَهَابُ الْمَالِ فَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَطَ مَالَهُ لِلْعَبْدِ، ثُمَّ ذَهَبَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ جُلَّ الصَّفْقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ فَلَمَّا كَانَ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ لَهُ فِي الْمَالِ صَارَ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهُ، وَلَوْ تَلِفَ الْعَبْدُ الْمُشْتَرِطُ مَالَهُ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ وَرَدَّ الْمَالَ لِبَائِعِهِ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْمَالَ لِنَفْسِهِ وَذَهَبَ الْمَالُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَهَابِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ فَهُوَ بِالنَّظَرِ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا بَعْدَ حَلِّ الشَّارِحِ لَهُ بِقَوْلِهِ بِكُلِّ حَادِثٍ حَدَثَ فِي دِينِهِ، أَوْ بَدَنِهِ، أَوْ خُلُقِهِ فَلَا اسْتِثْنَاءَ (قَوْلُهُ فَلَا رَدَّ بِهِ إنْ حَدَثَ مِثْلُهُ) أَيْ وَأَوْلَى لَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ مِثْلِهِ، وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعُهْدَةُ مُشْتَرَطَةً، أَوْ مُعْتَادَةً، أَوْ حَمَلَ النَّاسَ السُّلْطَانُ عَلَيْهَا وَخَصَّ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْمُعْتَادَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مُشْتَرَطَةً، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا فَيُرَدُّ مَعَهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ عج اعْتِمَادُهُ (قَوْلُهُ مَعَ بَقَاءِ الْعُهْدَةِ) أَيْ الضَّمَانِ فِيمَا عَدَاهُ فَإِذَا تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ إبَاقِهِ، وَقَدْ بَاعَهُ بِالْعُهْدَةِ فَأَبَقَ فِي زَمَنِهَا وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلَاكُهُ بَلْ سَلَّمَ فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْإِبَاقِ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ فَتَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ أَمَّا إذَا تَحَقَّقَ هَلَاكُهُ زَمَنَهَا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَطْ لَا مِنْهُ وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَيَحْتَمِلُ إلَخْ) فَإِذَا بَاعَ بِشَرْطِ الْبَرَاءَةِ مِنْ كُلِّ عَيْبٍ فَإِنَّهُ لَا يَرُدُّ بِمَا حَدَثَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ الْبَرَاءَةُ مُشْتَرَطَةً، أَوْ مُعْتَادَةً، أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا وَخَصَّهُ اللَّقَانِيِّ بِالْمُعْتَادَةِ، وَأَمَّا الْمُشْتَرَطَةُ، أَوْ الَّتِي حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا فَيُرَدُّ فِيهِمَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ اللَّقَانِيَّ خَصَّصَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِالْمُعْتَادَةِ عَلَى كِلَا الِاحْتِمَالَيْنِ فِيهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ) قَالَ بْن وَالتَّقْرِيرُ الْأَوَّلُ قَرَّرَ بِهِ تت وَالثَّانِي قَرَّرَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابَا: وَهَذَا الثَّانِي، أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَدْخُلُ فِي الثَّانِي وَلَا عَكْسَ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ أَيْ الْمُوَاضَعَةُ) إنَّمَا فَسَّرَ الِاسْتِبْرَاءَ هُنَا بِالْمُوَاضَعَةِ؛ لِأَنَّ التَّدَاخُلَ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ وَالِاسْتِبْرَاءُ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ انْتَظَرْت الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ) أَيْ وَتَدَاخَلَا فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا تَدْخُلُ مَعَ شَيْءٍ) أَيْ لَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ كَمَا مَرَّ وَلَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي الْخِيَارِ بَلْ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ مُضِيِّ أَمَدِ الْخِيَارِ وَلَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَكَذَا بَعْدَ

ص: 141

مِمَّا يَقِيهِ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ.

(عَلَيْهِ وَلَهُ الْأَرْشُ) فِي جِنَايَةٍ عَلَيْهِ زَمَنَهَا وَالْغَلَّةُ (كَالْمَوْهُوبِ) لِلْعَبْدِ زَمَنَهَا ثَابِتَةً (لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ فَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الَّذِي هُوَ النَّفَقَةُ لَا صِلَةَ الْمَوْهُوبِ وَاللَّامُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ بِمَعْنَى عَلَى وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صِلَةً وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ وَاسْتُثْنِيَ مِمَّا بَعْدَ الْكَافِ قَوْلُهُ (إلَّا) الْعَبْدَ (الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ) عِنْدَ الْبَيْعِ لِمُشْتَرِيهِ، أَوْ لَهُ فَمَا يُوهَبُ لَهُ زَمَنَهَا لِلْمُشْتَرِي (وَ) رُدَّ (فِي)(عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ وَجُنُونٍ) فِي الرَّقِيقِ (بِطَبْعٍ، أَوْ مَسِّ جِنٍّ لَا) إنْ كَانَ (بِكَضَرْبَةٍ) وَطَرْبَةٍ وَخَوْفٍ لِسُهُولَةِ زَوَالِهِ بِمُعَالَجَةٍ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ وَمَحَلُّ الْعَمَلِ بِالْعُهْدَتَيْنِ (إنْ شُرِطَا) عِنْدَ الْعَقْدِ، وَلَوْ بِحَمْلِ السُّلْطَانِ النَّاسَ عَلَيْهِمَا (أَوْ اُعْتِيدَا) أَيْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِمَا (وَلِلْمُشْتَرِي إسْقَاطُهُمَا) عَنْ الْبَائِعِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ (وَ) الْعَيْبُ (الْمُحْتَمَلُ) حُدُوثُهُ زَمَنَهُمَا وَبَعْدَهُ الْمُطَّلَعُ عَلَيْهِ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ زَمَنِهِمَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي بِخِلَافِ مَا قَطَعَ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ حَدَثَ زَمَنَهُمَا فَمِنْ الْبَائِعِ وَلَمَّا اسْتَثْنَى الْمُتَيْطِيُّ إحْدَى وَعِشْرِينَ مَسْأَلَةً لَا عُهْدَةَ فِيهَا أَشَارَ لَهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ فِي رَقِيقٍ غَيْرِ مُنْكَحٍ بِهِ (لَا فِي) رَقِيقٍ (مُنْكَحٍ بِهِ) دَفَعَهُ الزَّوْجُ صَدَاقًا؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُكَارَمَةُ وَمَحَلُّ سُقُوطِ الْعُهْدَةِ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ إنْ اُعْتِيدَتْ، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ عَمِلَ بِهَا (أَوْ) رَقِيقٍ (مُخَالَعٍ) بِهِ؛ لِأَنَّ طَرِيقَهُ الْمُنَاجَزَةُ (أَوْ مُصَالَحٍ) بِهِ (فِي دَمٍ عَمْدٍ) فِيهِ قِصَاصٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ الْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ، أَوْ مِنْ الْخَطَأِ، فَإِنْ وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ عَلَى إنْكَارٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْخِيَارِ وَالْمُوَاضَعَةِ وَدَخَلَ الِاسْتِبْرَاءُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ. .

(قَوْلُهُ مِمَّا يَقِيه الْحَرَّ وَالْبَرْدَ) أَيْ لَا مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ فَقَطْ كَمَا قِيلَ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ زَمَنَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ لِلْبَائِعِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهَا لِلْمُشْتَرِي، وَقَدْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ لَا صِلَةَ الْمَوْهُوبِ) أَيْ لَا أَنَّهُ صِلَةٌ لِلْمَوْهُوبِ أَيْ بَلْ صِلَتُهُ مُقَدَّرَةٌ بِلَفْظٍ لَهُ عَلَى أَنَّهَا مَفْعُولٌ ثَانٍ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ رَاجِعٌ لِأَلْ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا (قَوْلُهُ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ) أَيْ لَكِنَّهُ يُقَدَّرُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَبِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا لَهُ (قَوْلُهُ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ) أَيْ بِحُدُوثِ جُذَامٍ وَبَرَصٍ مُحَقَّقَيْنِ وَفِي مَشْكُوكِهِمَا قَوْلَانِ فَقِيلَ إنَّ الْمَشْكُوكَ كَالْمُحَقَّقِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ لِابْنِ وَهْبٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ. (تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ إنَّمَا اخْتَصَّتْ عُهْدَةُ السَّنَةِ بِهَذِهِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْأَدْوَاءَ تَتَقَدَّمُ أَسْبَابُهَا وَيَظْهَرُ مِنْهَا مَا يَظْهَرُ فِي فَصْلٍ مِنْ فُصُولِ السَّنَةِ دُونَ فَصْلٍ بِحَسَبِ مَا أَجْرَى اللَّهُ الْعَادَةَ مِنْ حُصُولِ ذَلِكَ الدَّاءِ فِي فَصْلٍ دُونَ فَصْلٍ (قَوْلُهُ وَجُنُونٌ) وَلَا يُرَدُّ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِغَيْرِ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ فَلَوْ أَصَابَ الرَّقِيقَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْأَدْوَاءِ فِي السَّنَةِ، ثُمَّ ذَهَبَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا لَمْ يُرَدَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَوْدِهِ (قَوْلُهُ بِطَبْعٍ) أَيْ بِفَسَادِ الطَّبِيعَةِ كَغَلَبَةِ السَّوْدَاءِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَسِّ جِنٍّ أَيْ بِأَنْ كَانَ بِوَسْوَاسٍ وَيُرَدُّ بِهِ هُنَا دُونَ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْجُنُونِ الطَّبِيعِيِّ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ فِي الْبَيْعِ وَالنِّكَاحِ، وَأَمَّا مَا كَانَ بِضَرْبَةٍ وَنَحْوِهَا كَطَرْبَةٍ فَلَا يُرَدُّ بِهِ فِيهِمَا، وَقَدْ اعْتَرَضَ عج قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِكَضَرْبَةٍ بِأَنَّ الْحَقَّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْجُنُونِ طَبِيعِيًّا، أَوْ بِمَسِّ جِنٍّ، أَوْ حَدَثَ بِكَضَرْبَةٍ فِي الرَّدِّ بِكُلٍّ مِنْهَا فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ وَالثَّلَاثِ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ إنْ شُرِطَا، أَوْ اُعْتِيدَا) ، فَإِنْ انْتَفَيَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِمَا فِي الرَّدِّ بِحَادِثٍ، وَاعْلَمْ أَنَّ رِوَايَةَ الْمِصْرِيِّينَ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِالْعُهْدَةِ فِي الرَّقِيقِ إلَّا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ، أَوْ حَمْلِ السُّلْطَانِ النَّاسَ عَلَيْهَا، فَإِنْ انْتَفَى مَا ذُكِرَ لَمْ يُعْمَلْ بِهَا فِي الرَّدِّ بِحَادِثٍ، وَلَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت عَلَى عُهْدَةِ الْإِسْلَامِ لِاخْتِصَاصِهَا بِدَرْكِ الْمَبِيعِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ دُونَ الْعَيْبِ وَرَوَى الْمَدَنِيُّونَ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا فِي كُلِّ بَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَلَا عَادَةٌ وَفِي الْبَيَانِ قَوْلٌ ثَالِثٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُحْكَمُ بَيْنَهُمْ بِهَا، وَإِنْ اشْتَرَطُوهَا (قَوْلُهُ، وَلَوْ بِحَمْلِ السُّلْطَانِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُرَادُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ حُكْمًا وَجَرَّدَ الْمُصَنِّفُ الْفِعْلَيْنِ مِنْ عَلَامَةِ التَّأْنِيثِ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْعُهْدَةَ فِي مَعْنَى الزَّمَانِ، أَوْ الضَّمَانِ أَيْ إنْ شَرَطَ الزَّمَانَانِ، أَوْ الضَّمَانَانِ، أَوْ اُعْتِيدَ (قَوْلُهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَيْهِمَا بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ) مُرَادُهُ بِالشَّرْطِ، وَلَوْ حُكْمًا كَحَمْلِ السُّلْطَانِ عَلَيْهَا فَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي أَثْنَاءِ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ حَادِثٍ قَبْلَ الْإِسْقَاطِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ وَلَا يَكُونُ بِإِسْقَاطِ حَقِّهِ فِي بَاقِي الْعُهْدَةِ مُسْقِطًا لِمَا مَضَى مِنْهَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَمِنْ الْبَائِعِ) أَيْ بِدُونِ يَمِينٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْقَطْعِ وَبِهِ عِنْدَ الظَّنِّ وَبِخِلَافِ مَا إذَا قَطَعَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ بَعْدَهُمَا فَمِنْ الْمُشْتَرِي بِدُونِ يَمِينٍ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ ظَنَّتْ، أَوْ شَكَّتْ فَمِنْ الْمُشْتَرِي لَكِنْ مَعَ يَمِينِ الْبَائِعِ عَلَى قِيَاسِ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَرُدَّ بِمَا مَرَّ) أَيْ وَرُدَّ بِكُلِّ حَادِثٍ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَبِالْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ فِي رَقِيقٍ غَيْرِ مُنْكَحٍ بِهِ لَا فِي مُنْكَحٍ بِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ عُمِلَ بِهَا) أَيْ فِي الْمُنْكَحِ بِهِ وَمَا بَعْدَهُ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ فَهُوَ شَرْطٌ فَاسِدٌ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ طَرِيقَةَ) أَيْ الْخُلْعِ الْمُنَاجَزَةُ أَيْ، وَالْعُهْدَةُ تُنَافِي ذَلِكَ وَفِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَعَ بِهِ يَكُونُ حَالًّا

ص: 142

فَكَذَلِكَ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَالْعُهْدَةُ (أَوْ) رَقِيقٍ (مُسْلَمٍ فِيهِ) كَأَنْ يُسْلِمَ دِينَارًا فِي عَبْدٍ (أَوْ بِهِ) كَأَنْ يُسْلِمَ عَبْدًا فِي بِرٍّ؛ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ يُطْلَبُ فِيهَا التَّخْفِيفُ. .

(أَوْ قَرْضٍ) فَإِذَا اقْتَرَضَ رَقِيقًا فَحَدَثَ فِيهِ عَيْبٌ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَيَلْزَمُ رَدُّ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُقْرِضُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ وَالْمَأْخُوذُ عَنْ قَضَائِهِ كَذَلِكَ وَيَشْمَلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، أَوْ مَأْخُوذٌ عَنْ دَيْنٍ (أَوْ) رَقِيقٍ غَائِبٍ بِيعَ (عَلَى صِفَةٍ) لِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ عَلَى الرُّؤْيَةِ (أَوْ مُقَاطَعٌ بِهِ مُكَاتَبٌ) أَيْ دَفَعَهُ الْمُكَاتَبُ عَمَّا لَزِمَهُ مِنْ النُّجُومِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ إذْ رُبَّمَا أَدَّتْ الْعُهْدَةُ لِعَجْزِهِ فَيَرِقُّ (أَوْ) رَقِيقٍ (مَبِيعٍ عَلَى كَمُفْلِسٍ) ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَرَاءَةِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ السَّفِيهَ وَالْغَائِبَ لِدَيْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ كَنَفَقَةِ زَوْجَةٍ (أَوْ مُشْتَرِي لِلْعِتْقِ) أَيْ بِشَرْطِ عِتْقِهِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلِلتَّسَاهُلِ فِي ثَمَنِهِ (أَوْ مَأْخُوذٍ عَنْ دَيْنٍ) عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ لِلتَّسَاهُلِ فِيهِ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ وَالْبَيْعِ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ. .

(أَوْ)(رَدَّ بِعَيْبٍ) عَلَى بَائِعِهِ فَلَا عُهْدَةَ لِلْبَائِعِ عَلَى الرَّادِّ؛ لِأَنَّهُ حَلٌّ لِلْبَيْعِ لَا ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ (أَوْ وَرَّثَ) أَيْ إذَا خَصَّ بَعْضَ الْوَرَثَةِ رَقِيقٌ مِنْ التَّرِكَةِ فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَمُؤَجَّلًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْخُلْعِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِالتَّسَاهُلِ فِيهِ؛ وَلِذَا أَجَازُوا فِيهِ الْغَرَرَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَالْعُهْدَةُ) صَرِيحُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِمَا فِيهِ الْمَالُ مِنْ دَمِ الْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَأِ، أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَصَالَحَ عَنْهُ بِعَبْدٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ حِينَئِذٍ يَكُونُ مَأْخُوذًا عَنْ دَيْنٍ وَلَا عُهْدَةَ فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي فَالْأَوْلَى إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى إطْلَاقِهِ وَإِنَّ الْعَبْدَ الْمُصَالَحَ بِهِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ قِصَاصٌ، أَوْ مَالٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَلَا مَفْهُومَ لِدَمِ الْعَمْدِ بَلْ كَذَلِكَ الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ إقْرَارٍ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُصَالَحَ بِهِ عَنْ الدَّمِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ دَمَ خَطَأٍ، أَوْ عَمْدٍ فِيهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الْمَالُ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ كَالْهِبَةِ وَالْمَدْفُوعَ فِي صُلْحِ الْإِقْرَارِ مَدْفُوعٌ عَنْ دَيْنٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الدَّمِ الْمُوجِبِ لِلْمَالِ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَمَّا الْمُوجِبُ لِلْقِصَاصِ فَعَدَمُ الْعُهْدَةِ فِيهِ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَدْفُوعَ كَالْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ فَالْقَصْدُ بِدَفْعِ الْعَبْدِ قَطْعُ الْخُصُومَةِ وَقَطْعُهَا يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَالْعُهْدَةُ تَقْتَضِي عَدَمَهَا، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَنْ غَيْرِ الدَّمِ، فَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْهِبَةِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُقَرُّ بِهِ مُعَيَّنًا فَفِيهِ الْعُهْدَةُ؛ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْخُوذٌ عَنْ دَيْنٍ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ: إنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فِيهِ الْعُهْدَةُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ لَا بِمَا فِي الذِّمَّةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَنَصُّهُ، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ الَّذِي لَا عُهْدَةَ فِيهِ فَمَعْنَاهُ الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَأَمَّا الْمُصَالَحُ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَهُوَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَكُونُ فِيهِ الْعُهْدَةُ، وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِنْكَارِ عُهْدَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَشْبَهَ الْهِبَةَ فِي حَقِّ الدَّافِعِ وَلِأَنَّهُ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ عَلَى تَرْكِ خُصُومَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا فِيهِ عُهْدَةٌ، وَأَمَّا الْمَأْخُوذُ عَنْ دَيْنٍ، أَوْ دَمٍ فَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ عُهْدَةٌ لِوُجُوبِ الْمُنَاجَزَةِ فِي ذَلِكَ انْتِفَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَمَا عُلِّلَ بِهِ سُقُوطُ الْعُهْدَةِ فِي الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ كَمَا أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْعُهْدَةِ، أَوْ لَا فِي الْمُصَالَحِ بِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ يُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِمُعَيَّنٍ كَمَا ذَكَرْنَا اهـ. بْن فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ أَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ مُطْلَقًا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ دَمٍ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ كَانَ عَنْ إقْرَارٍ بِمُعَيَّنٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ، وَإِلَّا فَلَا. .

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَبِيعِ عَلَى الرُّؤْيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا مَرْئِيًّا، أَوْ بَيْعٍ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ فَفِيهِ الْعُهْدَةُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ عَلَى الْبَرَاءَةِ) أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا عِلْمُ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكِمٌ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فِي الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْحَاكِمِ إنَّمَا يُمْنَعُ مِنْ الرَّدِّ بِهِ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّ الْبَائِعَ حَاكَمَ (قَوْلُهُ السَّفِيهُ وَالْغَائِبُ لِدَيْنٍ) أَيْ إذَا بِيعَ عَلَيْهِمَا الْعَبْدُ لِدَيْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ) أَيْ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَأْخُوذِ صُلْحًا عَنْ الدَّيْنِ وَالْمَأْخُوذِ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ تَبِعَ فِيهِ بَعْضَهُمْ وَبَعْضَهُمْ أَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ فَجَعَلَ الْمَأْخُوذَ عَنْ الدَّيْنِ لَا عُهْدَةَ فِيهِ مُطْلَقًا أُخِذَ عَلَى وَجْهِ الصُّلْحِ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَالْمُشَاحَّةِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى الْعُهْدَةِ مِنْ فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ شَرْعًا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْمَأْخُوذِ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ إلَخْ. .

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ حَلٌّ لِلْبَيْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ حَلٌّ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ الْإِقَالَةُ) أَيْ عِنْدَ سَحْنُونٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهَذَا الْقَوْلُ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي النَّقْلِ عَنْهُ وَنَصُّهُ: وَاخْتُلِفَ فِي الْعُهْدَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُقَالِ مِنْهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَأَصْبَغُ فِيهِ الْعُهْدَةُ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا عُهْدَةَ فِيهِ وَهَذَا عِنْدِي إذَا اُنْتُقِدَ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُنْتَقَدْ فَلَا عُهْدَةَ فِي ذَلِكَ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ كَالْعَبْدِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دَيْنٍ اهـ. مِنْ نَوَازِلِ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ وَحَكَى فَضْلٌ عَنْ سَحْنُونٍ كَمَقُولِ أَصْبَغَ فِي الْإِقَالَةِ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ عَنْهُ اهـ فَثَبَتَ أَنَّ لَهُ

ص: 143

وَكَذَا مَا بِيعَ فِي الْمِيرَاثِ (أَوْ وُهِبَ) لِلثَّوَابِ وَأَوْلَى غَيْرُهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ (أَوْ اشْتَرَاهَا زَوْجُهَا) فَلَا عُهْدَةَ لَهُ عَلَى بَائِعِهَا لِلْمَوَدَّةِ السَّابِقَةِ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ الْعَكْسِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاعَدَةَ حَصَلَتْ بِفَسْخِ النِّكَاحِ (أَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ مِنْ زَيْدٍ، أَوْ مِمَّنْ أَحَبَّ) الرَّقِيقُ الْبَيْعَ لَهُ فَأَحَبَّ شَخْصًا فَلَا عُهْدَةَ إذَا عَلِمَ الْمُشْتَرِي حَالَ الْبَيْعِ بِالْوَصِيَّةِ فِيهِمَا، وَإِلَّا فَكَيْفَ يُضَرُّ لِتَنْفِيذِ غَرَضِ الْمَيِّتِ (أَوْ) مُوصًى (بِشِرَائِهِ لِلْعِتْقِ) حَيْثُ عَيَّنَ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرُوا سَعِيدًا عَبْدَ زَيْدٍ وَأَعْتِقُوهُ عَنِّي (أَوْ مُكَاتَبٌ بِهِ) أَيْ وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِأَنْ قَالَ لِعَبْدِهِ كَاتَبْتُكَ عَلَى عَبْدِك فُلَانٍ فَهُوَ غَيْرُ قَوْلِهِ، أَوْ مُقَاطَعٌ بِهِ مُكَاتَبٌ (أَوْ الْمَبِيعُ فَاسِدًا) إذَا فَسَخَ الْبَيْعَ وَرَدَّ الرَّقِيقَ لِبَائِعِهِ فَلَا عُهْدَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ (وَسَقَطَتَا) أَيْ الْعُهْدَتَانِ (بِكَعِتْقٍ) نَاجِزٍ وَكِتَابَةٍ وَإِيلَادٍ وَتَدْبِيرٍ (فِيهِمَا) أَيْ فِي زَمَنِهِمَا فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا حَدَثَ مِنْ عَيْبٍ وَالْأَرْجَحُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِقِيمَتِهِ. .

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ شَرَعَ فِي بَيَانِ ضَمَانِ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَمَا يَنْتَهِي بِهِ ضَمَانُهُ فَقَالَ (وَضَمِنَ بَائِعٌ) مَبِيعًا (مَكِيلًا) وَغَايَةُ ضَمَانِهِ (لِقَبْضِهِ) مُبْتَاعَهُ (بِكَيْلٍ) مُتَعَلِّقٍ بِمَكِيلًا وَالْبَاءُ ظَرْفِيَّةٌ أَيْ ضَمِنَ الْبَائِعُ الْمَكِيلَ فِي حَالِ كَيْلِهِ إلَى قَبْضِهِ وَقَبْضُهُ تَفْرِيغُهُ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْبَاءَ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَبْضِهِ (كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ) فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ الْبَائِعُ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِالْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ (وَالْأُجْرَةِ) لِلْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ الْحَاصِلِ بِهِ التَّوْفِيَةُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ إذْ لَا تَحْصُلُ التَّوْفِيَةُ إلَّا بِذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، أَوْ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ الثَّمَنِ إذَا كَانَ مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا، أَوْ مَعْدُودًا عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لَهُ (بِخِلَافِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ) فَلَا أُجْرَةَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْقَوْلَيْنِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَكَذَا مَا بِيعَ فِي الْمِيرَاثِ) وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ إرْثٌ أَمْ لَا وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ بَيْعَ الْوَارِثِ بَيْعُ بَرَاءَةٍ إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ إرْثٌ؛ لِأَنَّ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَحْدُثُ اهـ. خش (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ) أَيْ بِقِسْمَيْهَا وَلِعَدَمِ الْمُشَاحَّةِ فِيهَا وَالْعُهْدَةُ تَقْتَضِي الْمُشَاحَّةَ (قَوْلُهُ لِلْمَوَدَّةِ السَّابِقَةِ بَيْنَهُمَا) أَيْ فَإِنَّهَا تَقْتَضِي عَدَمَ رَدِّهَا بِمَا يَحْدُثُ فِيهَا فِي ثَلَاثٍ، أَوْ سَنَةٍ وَلَهُ رَدُّهَا بِقَدِيمٍ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ لِحُصُولِ الْمُبَاعَدَةِ بَيْنَهُمَا بِفَسْخِ النِّكَاحِ) ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهَا لَهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ وَصَارَ لَا يَطَؤُهَا بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا فَإِنَّهُ، وَإِنْ انْفَسَخَ النِّكَاحُ إلَّا أَنَّهُ يَطَؤُهَا بِالْمِلْكِ فَلَمْ تَحْصُلْ الْمُبَاعَدَةُ بَيْنَهُمَا بِشِرَائِهِ لَهَا بِخِلَافِ شِرَائِهَا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا عُهْدَةَ) أَيْ لِأَجْلِ تَنْفِيذِ غَرَضِ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ إذَا عُلِمَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ دَاخِلٌ عَلَى تَنْفِيذِ غَرَضِ الْمُوصِي (قَوْلُهُ حَيْثُ عَيَّنَ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَالْعُهْدَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رَدَّ بِحَادِثٍ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ يَشْتَرِي غَيْرَهُ فَلَمْ يَفُتْ غَرَضُ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ لَا أَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ حَتَّى يَكُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي الْعُهْدَةُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ أَنَّ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ الرُّجُوعَ أَيْ عَلَى الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ أَيْ بِأَرْشِ ذَلِكَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ بَعْدَ صُدُورِ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ وَيُمْنَعُ مِنْ رَدِّهِ وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ قَوْلَانِ: لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْعُهْدَةِ، وَقِيلَ يَنْقَضِ الْعِتْقُ وَيَرُدُّ بِذَلِكَ الْحَادِثِ، وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ لِمُوَافَقَةِ سَحْنُونٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ، وَقَدْ اُشْتُهِرَ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ فَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ لِخِلَافِهِ. .

(قَوْلُهُ عَلَى مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ) أَيْ كَالْخِيَارِ الشَّرْطِيِّ وَالْحُكْمِيِّ وَالْعُهْدَةِ وَالْغَلَطِ وَالْغَبْنِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ وَتَوْفِيَةُ الشَّيْءِ تَأْدِيَتُهُ (قَوْلُهُ لِقَبْضِهِ) أَيْ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ مُشْتَرِيهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَكِيلًا) فِيهِ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِتَعَلُّقِهِ بِمَكِيلًا كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا فَالْأَوْلَى تَعَلُّقُهُ بِضَمِنَ وَقَوْلُهُ فِي حَالِ كَيْلِهِ أَرَادَ بِالْكَيْلِ الْفِعْلَ لَا الْآلَةَ، وَإِلَّا لَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ بِمِعْيَارِهِ (قَوْلُهُ تَفْرِيغُهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا هَلَكَ بَعْدَ التَّفْرِيغِ فِي أَوْعِيَةِ الْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا هَلَكَ حَالَ تَفْرِيغِهِ فِيهَا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ إنْ كَانَ التَّفْرِيغُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِقَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ مَا يَشْمَلُ تَسْلِيمَهُ لَهُ وَتَفْرِيغَهُ فِي أَوْعِيَتِهِ لَا خُصُوصَ التَّفْرِيغِ فِي أَوْعِيَتِهِ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَلِفَ فِي حَالِ التَّفْرِيغِ يَكُونُ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ مُطْلَقًا وَهَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَبْضِهِ) أَيْ وَهِيَ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مَحْذُوفٍ أَيْ لِقَبْضِهِ بِسَبَبِ تَمَامِ كَيْلِهِ وَتَمَامُ كَيْلِهِ خُرُوجُهُ مِنْ مِعْيَارِهِ وَلَك أَنْ تَجْعَلَ الْبَاءَ فِي بِكَيْلِهِ بِمَعْنَى بَعْدُ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَبْضِهِ (قَوْلُهُ كَمَوْزُونِ وَمَعْدُودٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ ضَمَانَ الْمَوْزُونِ وَالْمَعْدُودِ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِوَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ فَلَوْ فَرَّغَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَيْتِهِ مَثَلًا، ثُمَّ وُجِدَتْ فَأْرَةٌ وَلَمْ تُعْلَمْ مِنْ أَيِّهِمَا فَعَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ التَّوْفِيَةَ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ وَلَا تَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ وَفِي ح اُخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْقِمْعُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ التَّوْفِيَةَ تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ، أَوْ يَأْتِي الْمُشْتَرِي بِإِنَاءٍ وَاسِعٍ اهـ. وَانْظُرْ لَوْ تَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْكَيْلَ، أَوْ الْوَزْنَ، أَوْ الْعَدَّ بِنَفْسِهِ هَلْ طَلَبَ الْبَائِعَ بِأُجْرَةِ ذَلِكَ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ لَهُ الْأُجْرَةَ إذَا كَانَ شَأْنُهُ ذَلِكَ، أَوْ سَأَلَهُ الْبَائِعُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا أَنَّ أُجْرَةَ الثَّمَنِ) أَيْ أُجْرَةَ كَيْلِهِ، أَوْ وَزْنِهِ، أَوْ عَدِّهِ

ص: 144

عَلَى فَاعِلِهَا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُقَالِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُجْرَةَ عَلَى سَائِلِ مَا ذُكِرَ لَا عَلَى مَسْئُولِهَا (فَكَالْقَرْضِ) الْفَاءُ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا كَالْقَرْضِ أَيْ مَقِيسَةٌ عَلَيْهِ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ فَمَنْ اقْتَرَضَ إرْدَبًّا مَثَلًا فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ وَإِذَا رَدَّهُ فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَيْهِ بِلَا نِزَاعٍ وَمَحَلُّ التَّوَهُّمِ الْأَوَّلِ (وَاسْتَمَرَّ) ضَمَانُ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ عَلَى الْبَائِعِ (بِمِعْيَارِهِ) الشَّرْعِيِّ مِنْ مِكْيَالٍ، أَوْ مِيزَانٍ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ وَكِيلُهُ مِنْهُ. .

(وَلَوْ)(تَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ (الْمُشَتَّرَيْ) نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ فَلَوْ سَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِغِرَارَةِ الْمُشْتَرِي فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَالَهُ الْبَائِعُ، أَوْ نَائِبُهُ وَنَاوَلَهُ لِلْمُبْتَاعِ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَمَّ الْقَبْضُ بِأَخْذِهِ وَلَيْسَ نَائِبًا عَنْ الْبَائِعِ حِينَئِذٍ. .

وَلَمَّا بَيَّنَ صِفَةَ قَبْضِ الْمِثْلِيِّ بَيْنَ صِفَةِ قَبْضِ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (وَقَبْضُ الْعَقَارِ) ، وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ (بِالتَّخْلِيَةِ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي وَتَمَكُّنِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ إنْ وُجِدَتْ، وَإِنْ لَمْ يُخْلِ الْبَائِعُ مَتَاعَهُ مِنْهَا إنْ لَمْ تَكُنْ دَارَ سُكْنَى، وَأَمَّا هِيَ، فَإِنَّ قَبْضَهَا بِالْإِخْلَاءِ وَلَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ (وَ) قَبْضُ (غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْعَقَارِ مِنْ عُرُوضٍ وَأَنْعَامٍ وَدَوَابِّ (بِالْعُرْفِ) الْجَارِي بَيْنَ النَّاسِ كَاحْتِيَازِ الثَّوْبِ وَتَسْلِيمِ مِقْوَدِ الدَّابَّةِ، وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْقَبْضِ فِيمَا ذُكِرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ عَلَى فَاعِلِهَا) أَيْ وَهُوَ الْبَائِعُ أَعْنِي الْمُقِيلَ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرِكَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا) أَيْ فَلَا يُضَرُّ بِإِلْزَامِهِ الْأُجْرَةَ.

(قَوْلُهُ عَلَى سَائِلِ مَا ذُكِرَ) أَيْ سَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَهُوَ الْمُقَالُ وَالْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَا مَسْئُولُهَا) أَيْ، وَهُوَ الْمُقِيلُ وَالْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى فَاعِلِهَا (قَوْلُهُ بِجَامِعِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَفَاعِلُ الْمَعْرُوفِ لَا يَغْرَمُ (قَوْلُهُ فَأُجْرَةُ كَيْلِهِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ) أَيْ لَا عَلَى الْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعْرُوفًا وَفَاعِلُ الْمَعْرُوفِ لَا يَغْرَمُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ التَّوَهُّمِ الْأَوَّلِ) لَعَلَّهُ؛ لِأَنَّ دَفْعَ الْأُجْرَةِ صُورَةُ زِيَادَةٍ مُعَجَّلَةٍ (قَوْلُهُ بِمِعْيَارِهِ) حَالٌ أَيْ مَا دَامَ الْمَبِيعُ بِمِعْيَارِهِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ نَائِبُهُ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمِعْيَارِ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ النَّائِبُ غَيْرَ الْبَائِعِ، أَوْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ. .

(قَوْلُهُ، وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ بَائِعٌ مَكِيلًا لِقَبْضِهِ كَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ أَيْ هَذَا إذَا تَوَلَّى الْبَائِعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ وَالْعَدِّ بَلْ وَلَوْ تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي نِيَابَةً عَنْهُ فَإِذَا تَوَلَّاهُ الْبَائِعُ وَسَقَطَ الْمِكْيَالُ فَتَلِفَ مَا فِيهِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إذَا تَوَلَّاهُ الْمُشْتَرِي نِيَابَةً عَنْ الْبَائِعِ وَسَقَطَ الْمِكْيَالُ مِنْ يَدِهِ فَهَلَكَ مَا فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ لِغَرَائِزِهِ، أَوْ أَوَانَيْهِ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الْبَائِعِ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمِكْيَالُ لَهُ، أَوْ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمِكْيَالُ هُوَ الَّذِي يَتَصَرَّفُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ إلَى مَنْزِلِهِ وَلَيْسَ لَهُ إنَاءٌ حَاضِرٌ غَيْرُهُ فَضَمَانُ مَا فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَوْ اسْتَعَارَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَضَمَانُ الْإِنَاءِ مِنْ رَبِّهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ هُنَا أَرْبَعٌ: الْأُولَى أَنْ يَتَوَلَّى الْبَائِعُ الْوَزْنَ مَثَلًا ثُمَّ يَأْخُذُ الْمَوْزُونَ لِيُفَرِّغَهُ فِي ظَرْفِ الْمُشْتَرِي فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ اتِّفَاقًا، الثَّانِيَةُ مِثْلُهَا وَيَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي التَّفْرِيغَ أَيْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْمِيزَانِ لِيُفَرِّغَهُ فِي ظَرْفِهِ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي اتِّفَاقًا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِمَا وَنَازَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْأُولَى فَقَالَ قَوْلُهُ فِي هَلَاكِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ أَنَّهُ مِنْهُ اتِّفَاقًا خِلَافُ مُحَصَّلٍ قَوْلِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّهُ مِنْ بَائِعِهِ، أَوْ مِنْ مُبْتَاعِهِ، الثَّالِثَةُ أَنْ يَتَوَلَّى الْمُشْتَرِي الْوَزْنَ وَالتَّفْرِيغَ فَيَسْقُطُ مِنْ يَدِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْبَائِعِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ لِنَفْسِهِ حَتَّى يَصِلَ إلَى ظَرْفِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ: الْمُصِيبَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجْرِ هَذَا الْخِلَافُ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمَّا تَوَلَّى بِنَفْسِهِ الْوَزْنَ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لِيَفْرُغَ قَبْضٌ لِنَفْسِهِ، الرَّابِعَةُ أَنْ لَا يَحْضُرَ ظَرْفُ الْمُشْتَرِي وَيُرِيدُ الْمُشْتَرِي حَمْلَ الْمَوْزُونِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ مِيزَانًا، أَوْ جُلُودًا، أَوْ أَزْيَارًا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْفَرَاغِ مِنْ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّهُ قَابِضٌ لِنَفْسِهِ فِي ظَرْفِ الْبَائِعِ وَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَى دَارِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَدَ الْقَبْضَ حَقِيقَةً فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَعَلَيْك بِهَذَا التَّحْرِيرِ فَإِنَّهُ مِنْ زُبْدَةِ الْفِقْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِغِرَارَةِ الْمُشْتَرِي) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَالَهُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. .

(قَوْلُهُ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِالتَّخْلِيَةِ) عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ قَبْضُ الْمِثْلِيِّ بِالْكَيْلِ، أَوْ الْوَزْنِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ بِكَذَا (قَوْلُهُ وَيُمَكِّنُهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ وَيُمَكِّنُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ وُجِدَتْ) أَيْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَفَاتِيحُ كَفَى تَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَانْظُرْ لَوْ مَكَّنَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَمَنَعَهُ مِنْ الْمَفَاتِيحِ كَمَا لَوْ فَتَحَ لَهُ الدَّارَ وَأَخَذَ الْمَفَاتِيحَ مَعَهُ هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ قَبْضًا، أَوْ لَا، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَشَارِحِنَا أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلتَّمْكِينِ مِنْ التَّصَرُّفِ مَعَ عَدَمِ أَخْذِ الْمَفَاتِيحَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ قَبْضَهَا بِالْإِخْلَاءِ) أَيْ إخْلَاءِ الْأَمْتِعَةِ مِنْهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي التَّخْلِيَةُ) أَيْ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا بِتَسْلِيمِ الْمَفَاتِيحِ (قَوْلُهُ كَاحْتِيَازِ الثَّوْبِ) أَيْ حِيَازَتِهَا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ اعْتِرَاضِ الْمَوَّاقِ عَلَى قَوْل الْمُصَنِّفِ وَقَبْضُ الْعَقَارِ إلَخْ بِأَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا تَظْهَرُ.

ص: 145

إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، أَوْ إذَا بِيعَ الْعَقَارُ مُذَارَعَةً، أَوْ غَيْرَهُ إذَا كَانَ غَائِبًا، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ الصَّحِيحُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا يَحْتَاجُ لِتَخْلِيَةٍ وَلَا عُرْفٍ (وَضُمِنَ بِالْعَقْدِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ الْحَاضِرَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا عُهْدَةُ ثَلَاثِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ ضَمَانَ الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ مِنْ الْبَائِعِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ خَمْسَ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (إلَّا) السِّلْعَةَ (الْمَحْبُوسَةَ) عِنْدَ بَائِعِهَا (لِلثَّمَنِ) الْحَالِّ أَيْ لِإِتْيَانِ الْمُشْتَرِي بِهِ (أَوْ) الْمَحْبُوسَةِ (لِلْإِشْهَادِ) عَلَى تَسْلِيمِهَا لِلْمُشْتَرِي (فَكَالرَّهْنِ فِيهِمَا) أَيْ فَيَضْمَنُهَا الْبَائِعُ ضَمَانَ الرِّهَانِ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا فِي الْأُولَى فَعَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَوْلُهُ الثَّانِي، وَهُوَ رَأْيُ جَمِيعِ الْأَصْحَابِ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (وَإِلَّا) الْمَبِيعُ (الْغَائِبُ) غَيْرُ الْعَقَارِ عَلَى صِفَةٍ، أَوْ رُؤْيَةٍ مُتَقَدِّمَةٍ (فَبِالْقَبْضِ) كَالْفَاسِدِ مُطْلَقًا عَقَارًا، أَوْ غَيْرَهُ (وَإِلَّا الْمُوَاضَعَةُ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَيْضَةِ) يَضْمَنُهَا الْمُشْتَرِي وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (وَإِلَّا الثِّمَارُ) الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا عَلَى أُصُولِهَا بَعْدَ الطِّيبِ فَضَمَانُهَا عَلَى بَائِعِهَا (لِلْجَائِحَةِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَائِدَتُهُ فِي الْفَاسِدِ وَفِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ لِحَوْزٍ كَالْوَقْفِ وَالْهِبَةِ وَالرَّهْنِ فَلَوْ أَتَى الْمُصَنِّفُ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ كَانَ أَوْلَى، وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ لَا تَظْهَرُ لَهُ فَائِدَةٌ إلَّا فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بَلْ تَظْهَرُ فِيهِ وَفِي بَعْضِ أَفْرَادِ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِ إنَّمَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ إذَا بِيعَ مُذَارَعَةً لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ، وَكَذَلِكَ الْغَائِبُ إذَا بِيعَ بِالصِّفَةِ، أَوْ عَلَى رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْبَيْعُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ فَائِدَةَ الْقَبْضِ تَظْهَرُ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ قُلْنَا إنَّ فَائِدَتَهُ تَظْهَرُ فِيمَا ذُكِرَ وَغَيْرِهِ فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الصَّحِيحَ إلَخْ (قَوْلُهُ يَدْخُلُ) أَيْ مُتَعَلِّقُهُ وَهُوَ الْمَبِيعُ، وَلَوْ قَالَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بَيْعًا صَحِيحًا يَدْخُلُ إلَخْ كَانَ، أَوْلَى وَمَحَلُّ الدُّخُولِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ حَاضِرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةٍ وَلَا عُهْدَةٍ وَلَا مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ، أَوْ لِلْإِشْهَادِ عَلَى مَا قَالَ بَعْدَ (قَوْلِهِ الْمَبِيعُ الْحَاضِرُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْغَائِبُ وَمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ بَلْ بِالْقَبْضِ وَكَذَلِكَ الْمَبِيعُ عَلَى الْعُهْدَةِ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ بَلْ يَتَوَقَّفُ دُخُولُهُ فِي ضَمَانِهِ عَلَى انْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ اللَّازِمِ خَمْسَ مَسَائِلَ وَيُزَادُ عَلَيْهَا مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، وَمَا فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ وَمَا بِيعَ بِخِيَارٍ فَتَكُونُ جُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الْمُسْتَثْنَاةِ ثَمَانِيَةً وَلَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ الْمَزِيدَةَ اتِّكَالًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ وَالْعُهْدَةِ مِنْ الْبَائِعِ وَأَنَّ مَا فِيهِ حَقَّ تَوْفِيَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي بِكَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدٍّ (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ) أَيْ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ، أَوْ هَلَاكَهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ وَمَا يُغَابُ عَلَيْهِ هُوَ فِي ضَمَانِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ بَيِّنَةً أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.

(قَوْلُهُ، وَهُوَ مُسْلَمٌ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) تَفْرِيقُهُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ مَا جَرَى فِي إحْدَى الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الْخِلَافِ يَجْرِي فِي الْأُخْرَى لِقَوْلِ ابْنِ شَاسٍ وَفِي مَعْنَى احْتِبَاسِهِ لِأَجْلِ الثَّمَنِ احْتِبَاسُهُ حَتَّى يَشْهَدَ عَلَيْهِ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ اهـ. بْن ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ لَا يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الصُّورَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ ذَلِكَ كَالرَّهْنِ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إذْ الْبَائِعُ إذَا ضَمِنَهُ إنَّمَا يَضْمَنُهُ ضَمَانَ تُهْمَةٍ فَقَطْ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ ضَمَانَهُ أَصَالَةً عَلَى الْمُشْتَرِي، أَلَا تَرَى أَنَّ الضَّمَانَ يَنْتَفِي عَنْ الْبَائِعِ بِالْبَيِّنَةِ نَعَمْ يَحْسُنُ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى الْقَوْلِ بِضَمَانِ الْبَائِعِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُمَكَّنْ الْمُشْتَرِي مِنْهَا فَلَيْسَ كَالرَّهْنِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الْأَرْجَحُ أَيْ كَمَا قَالَهُ طفى وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ مُقَابِلِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فِي الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ مَشْهُورًا مِنْ قَوْلَيْهِ أَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ قَوْلِهِ فَهُوَ يُشِيرُ إلَى أَنَّ الرِّوَايَةَ الْأُخْرَى غَيْرُ مَعْلُومَةٍ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي بْن أَنَّ الْقَوْلَيْنِ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ رُؤْيَةِ الدَّمِ تَخْرُجُ مِنْ ضَمَانِ الْبَائِعِ) أَيْ وَتَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ قَبَضَهَا أَمْ لَا وَهَذَا فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْفَاسِدُ فَلَا تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا رَأَتْ الدَّمَ وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ.

(قَوْلُهُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ التَّابِعِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِجَعْلِ مِنْ بِمَعْنَى إلَى أَيْ فَبِخُرُوجِهَا مِنْ الطُّهْرِ الَّذِي بِيعَتْ فِيهِ إلَى الْحَيْضَةِ (قَوْلُهُ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا صَحِيحًا) أَيْ، وَأَمَّا الثِّمَارُ الْمَبِيعَةُ بَيْعًا فَاسِدًا، فَإِنْ اُشْتُرِيَتْ بَعْدَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَخْذِهَا كَانَ بِمَنْزِلَةِ الْقَبْضِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا فَاسِدٌ يُضْمَنُ بِالْعَقْدِ، وَإِنْ اُشْتُرِيَتْ قَبْلَ طِيبِهَا فَضَمَانُهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَجُذَّهَا الْمُشْتَرِي كَذَا فِي عج وَتَبِعَهُ عبق وخش وَكَتَبَ عَلَيْهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ النَّفْرَاوِيُّ لِي فِيهِ وَقْفَةٌ مَعَ مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَاسِدَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْقَبْضِ بِالْفِعْلِ

ص: 146

أَيْ إلَى وَقْتِ أَمْنِ الْجَائِحَةِ، وَأَمْنُهَا بِتَنَاهِي الطِّيبِ كَمَا يَأْتِي وَظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمَانَهَا مِنْ بَائِعِهَا فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَلَوْ مِنْ غَاصِبٍ حَتَّى تُؤْمَنَ الْجَائِحَةُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَائِحَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَمِنْ الْمُبْتَاعِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ. .

(وَ) لَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَا أُقْبِضُكَ مَا بِيَدِي حَتَّى أَقْبِضَ مَا بِيَدِك (بُدِئَ الْمُشْتَرِي) بِدَفْعِ الثَّمَنِ النَّقْدِ جَبْرًا (لِلتَّنَازُعِ) أَيْ عِنْدَهُ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ عَرَضًا، أَوْ مِثْلِيًّا؛ لِأَنَّهُ فِي يَدِ بَائِعِهِ كَالرَّهْنِ عَلَى الثَّمَنِ فَكَلَامُهُ فِي بَيْعِ عَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ بِنَقْدِ، وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ وَاحِدٌ عَلَى التَّبْدِئَةِ ثُمَّ إنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَى نَقْدَيْنِ مُبَادَلَةً، أَوْ صَرْفًا قِيلَ لَهُمَا إنْ تَأَخَّرَ قَبْضُكُمَا انْتَقَضَ الْعَقْدُ، وَإِنْ كَانَا مِثْلِيَّيْنِ غَيْرَ مَا ذُكِرَ، أَوْ عَرَضَيْنِ تُرِكَا حَتَّى يَصْطَلِحَا، فَإِنْ كَانَا بِحَضْرَةِ حَاكِمٍ وَكَّلَ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَهُمَا. .

(وَالتَّلَفُ) لِلْمَبِيعِ بَيْعًا صَحِيحًا لَازِمًا الْحَاصِلُ (وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ) بِأَنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ، أَوْ ثِمَارًا قَبْلَ أَمْنِ جَائِحَتِهَا، أَوْ مُوَاضَعَةً، أَوْ غَائِبًا (بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى لَا بِجِنَايَةِ أَحَدٍ (يُفْسَخُ) الْعَقْدُ فَلَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ الْإِتْيَانُ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ تَلَفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ عِنْدَ إحْضَارِهِ وَقَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ مِثْلُهُ لِوُقُوعِ الْعَقْدِ فِيهِ عَلَى مَا فِي الذِّمَّةِ لَا عَلَى مُعَيَّنٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِنَا لَازِمًا بَيْعُ الْخِيَارِ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ وَسَيَذْكُرُ إتْلَافَ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ بِقَوْلِهِ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ إلَخْ وَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَتِمَّتِهِ. .

(وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي) بَتًّا بَيْنَ الْفَسْخِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ الْمَبِيعِ وَالتَّمَاسُكِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالْمِثْلِ، أَوْ الْقِيمَةِ (إنْ غُيِّبَ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ أَيْ إنْ أَخْفَى الْبَائِعُ الْمَبِيعَ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا يَكْفِي فِيهِ التَّمَكُّنُ فَلْيُنْظَرْ (قَوْلُهُ أَيْ إلَى وَقْتٍ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى إلَى، وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّنَهَا بِتَنَاهِي الطِّيبِ) أَيْ سَوَاءٌ جَذَّهَا الْمُشْتَرِي بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا فَمَتَى تَنَاهَى طِيبُهَا انْتَقَلَ الضَّمَانُ لِمُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَائِحَةِ) أَيْ كَمَا إذَا تَسَاقَطَتْ الثِّمَارُ بِرِيحٍ، أَوْ مَطَرٍ، أَوْ بَرْدٍ، أَوْ أَخْذِ الْجَيْشِ لَهَا، وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ كَالْغَاصِبِ وَالسَّارِقِ فَلَيْسَ بِجَائِحَةٍ. .

(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ كُلٌّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَنَازَعَ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي فِي التَّسْلِيمِ أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي لَا أَدْفَعُ الْمَبِيعَ حَتَّى أَقْبِضَ الثَّمَنَ وَقَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ لَا أَدْفَعُ لَك الثَّمَنَ حَتَّى أَقْبِضَ الْمَبِيعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِي يُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الثَّمَنِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْبَائِعِ أَنْ لَا يَدْفَعَ مَا بَاعَ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَاعَهُ فِي يَدِهِ كَالرَّهْنِ فِي الثَّمَنِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنَّهُ لَا يَدْفَعُهُ إلَيْهِ حَتَّى يَقْبِضَ ثَمَنَهُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُجْبَرْ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بَيْعَ دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ مُرَاطَلَةً، أَوْ مُبَادَلَةً، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ عَلَى وَجْهِ الصَّرْفِ، أَوْ بَيْعَ عَرَضٍ بِعَرَضٍ، أَوْ مِثْلِيٍّ بِمِثْلِيٍّ، أَوْ عَرَضٍ بِمِثْلِيٍّ لَمْ يُجْبَرُ وَاحِدٌ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَا مِثْلِيَّيْنِ إلَخْ) أَرَادَ بِهِمَا مَا يَشْمَلُ بَيْعَ الْمِثْلِيِّ بِالْمِثْلِيِّ وَالْمِثْلِيِّ بِالْعَرَضِ وَالْعَرَضِ بِالْعَرَضِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَا إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهِمَا فِي الصَّرْفِ وَالْمُرَاطَلَةِ يُقَالُ لَهُمَا مَا ذُكِرَ وَفِي الْعَرْضَيْنِ وَالْمِثْلَيْنِ يُتْرَكَانِ إذَا لَمْ يَكُونَا بِحَضْرَةِ الْقَاضِي، فَإِنْ كَانَا إلَخْ (قَوْلُهُ مَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَهُمَا) أَيْ أَنَّهُ يُوَكِّلُ شَخْصًا يُمْسِكُ الْمِيزَانَ فِي الْمُرَاطَلَةِ وَيَضَعُ كُلُّ وَاحِدٍ عَيْنَهُ فِي كِفَّةٍ لِيُدْفَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنَاجَزَةً وَيَأْخُذَ الْعَيْنَ مِنْهُمَا فِي الصَّرْفِ لِيَدْفَعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنَاجَزَةً وَيَقْبِضَ مِنْهُمَا فِي الْمِثْلَيْنِ لِيَدْفَعَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مُنَاجَزَةً. .

(قَوْلُهُ وَالتَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ تَصَادَقَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ) أَيْ وَتَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ، وَأَمَّا الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ، أَوْ لِلْإِشْهَادِ فَلَا يَدْخُلَانِ هُنَا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ ضَمَانَهُمَا كَالرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ثَبَتَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ انْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَهُمَا مِنْ الْبَائِعِ مُطْلَقًا فَيَكُونَانِ دَاخِلَيْنِ هُنَا (قَوْلُهُ، أَوْ ثِمَارًا) أَيْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ أَمْنِ جَائِحَتِهَا وَقَوْلُهُ، أَوْ غَائِبًا أَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ، وَإِنْ ادَّعَى الْبَائِعُ ضَيَاعَهُ وَكَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي ضَمِنَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ فَمُخَالَفَةُ بَيْعِ الْبَتِّ لِبَيْعِ الْخِيَارِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَأْتِي أَعْنِي قَوْلَهُ وَخُيِّرَ إنْ غُيِّبَ فَإِذَا غَيَّبَهُ الْبَائِعُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ وَكَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي فَفِي بَيْعِ الْبَتِّ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَفِي بَيْعِ الْخِيَارِ إذَا كَانَ لِلْمُشْتَرِي يَغْرَمُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا الْفَسْخُ إذَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَا يَفْتَرِقَانِ فِيهِ. .

(قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا أَخْفَى الْمَبِيعَ وَقْتَ ضَمَانِهِ مِنْهُ وَادَّعَى هَلَاكَهُ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى الْبَتِّ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي بَلْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ، وَأَنَّ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ لَا أَصْلَ لَهَا، وَنَكَلَ ذَلِكَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ لِعَدَمِ تَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِ الْمَبِيعِ، أَوْ التَّمَاسُكِ، وَيُطَالِبُ الْبَائِعَ بِمِثْلِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ لَزِمَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ وَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنَّمَا خُيِّرَ الْمُشْتَرِي هُنَا أَيْ فِي الْبَتِّ دُونَ الْخِيَارِ مَعَ أَنَّ ضَمَانَ السِّلْعَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَا مُنْبَرِمٌ فَتَعَلُّقُ الْمُشْتَرِي بِهَا أَقْوَى مِنْ تَعَلُّقِ الْبَائِعِ لِكَوْنِ السِّلْعَةِ عَلَى مِلْكِهِ وَمَا تَقَدَّمَ كَانَتْ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ قَالَ طفى وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ، أَوْ الْإِشْهَادِ بِنَاءً عَلَى مَا دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهَا كَالرَّهْنِ إذْ لَا تَخْيِيرَ لِلْمُشْتَرِي فِيهَا، وَإِنَّمَا لَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ نَعَمْ لَهُ التَّخْيِيرُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ مِنْ أَنَّ الْبَائِعَ يَضْمَنُهَا ضَمَانَ أَصَالَةٍ (قَوْلُهُ بَيَّنَ الْفَسْخِ)

ص: 147

وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُشْتَرِي، وَنَكَلَ الْبَائِعُ عَنْ الْيَمِينِ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْفَسْخُ (أَوْ عُيِّبَ) بِالْمُهْمَلَةِ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ بَائِعُهُ مَا يُنْقِصُهُ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَالتَّمَاسُكِ بِالْأَرْشِ فِي الْعَمْدِ وَبِغَيْرِهِ فِي الْخَطَأِ كَالسَّمَاوِيِّ (أَوْ اُسْتُحِقَّ) مِنْ الْمَبِيعِ جُزْءٌ (شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ) فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ التَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا اُسْتُحِقَّ وَبَيْنَ الرَّدِّ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ كَثُرَ الْمُسْتَحَقُّ كَثُلُثٍ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا انْقَسَمَ، أَوْ لَا اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ، أَوْ لَا كَأَنْ قَلَّ عَنْ ثُلُثٍ وَلَمْ يَنْقَسِمْ كَحَيَوَانٍ وَشَجَرَةٍ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ، فَإِنْ انْقَسَمَ، أَوْ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ مُنْقَسِمًا أَمْ لَا فَلَا خِيَارَ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَالصُّوَرُ ثَمَانٍ وَاحْتُرِزَ بِالشَّائِعِ مِنْ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ. .

(وَتَلِفَ بَعْضُهُ) أَيْ الْمَبِيعُ الْمُعَيَّنُ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ بِسَمَاوِيٍّ (أَوْ اسْتِحْقَاقُهُ) أَيْ الْبَعْضِ الْمُعَيَّنِ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَمْ لَا (كَعَيْبٍ بِهِ) فَيُنْظَرُ فِي الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ لَزِمَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ تَعَدَّدَ الْمَبِيعُ، فَإِنْ اتَّحَدَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَأَخَذَ ثَمَنَهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَأَنَّ دَعْوَاهُ الْهَلَاكَ لَا أَصْلَ لَهَا.

(قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْفَسْخُ) هَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهَا يَكُونُ مَا هُنَا مُوَافِقًا لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي السَّلَمِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَثْبُتُ التَّخْيِيرُ لِلْمُشْتَرِي مُطْلَقًا عِنْدَ النُّكُولِ وَبَعْدَ الْحَلِفِ، وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَبَهْرَامَ وتت حَمَلَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ اُنْظُرْ طفى (قَوْلُهُ، أَوْ عَيْبٌ) قَالَ طُفَى يَنْبَغِي، أَوْ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُقْرَأُ عُيِّبَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إنْ تَعَيَّبَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَانَ ضَمَانِ الْبَائِعِ إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَهَكَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَتَقْرِيرُ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَوْنِ الْبَائِعِ عَيْبُهُ يُوجِبُ التَّنَاقُضَ مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ، وَكَذَلِكَ تَعْيِيبُهُ أَيْ يُوجِبُ غُرْمَ الْأَرْشِ وَيَفُوتُ الْكَلَامُ عَلَى الْعَيْبِ السَّمَاوِيِّ اهـ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ التَّعْيِيبَ هُنَا عَلَى تَعْيِيبِ الْبَائِعِ، وَقَالَ: إنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي وَمَا ذَكَرَهُ فِيمَا يَأْتِي مِنْ لُزُومِ الْبَائِعِ الْأَرْشَ؛ لِأَنَّهُ يَغْرَمُ الْأَرْشَ إذَا اخْتَارَ الْمُشْتَرِي التَّمَاسُكَ إنْ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ خَطَأً فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَالسَّمَاوِيِّ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ يَرُدَّ وَيَأْخُذَ الثَّمَنَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَائِعِ لَهُ يُوجِبُ الْأَرْشَ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَلَا تَخْيِيرَ وَالتَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ فِي السَّمَاوِيِّ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق غَيْرُ مُسْلَمٍ (قَوْلُهُ، أَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ الْمَبِيعِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَلَّ) دَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ إنْ قَلَّ الْمُسْتَحَقُّ يَتَعَيَّنُ التَّمَاسُكُ بِالْبَاقِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا خِيَارَ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ ذَلِكَ الْقَلِيلُ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ بِمَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْقَسِمٍ وَغَيْرَ مُتَّخَذٍ لِلْغَلَّةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ انْقَسَمَ) الضَّمِيرُ لِلْمَبِيعِ الَّذِي اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَنْقَسِمْ) أَيْ لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ انْقَسَمَ إلَخْ) الْأَوْلَى، فَإِنْ انْقَسَمَ كَانَ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ أَوَّلًا، أَوْ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ وَكَانَ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ فَلَا خِيَارَ إلَخْ وَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ تُضَمُّ لِلْخَمْسَةِ السَّابِقَةِ فَالْجُمْلَةُ ثَمَانِيَةٌ، وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمَبِيعَ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَابِلًا لِلْقِسْمَةِ أَوْ لَا، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُتَّخَذَ لِلْغَلَّةِ، أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا كَالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ، أَوْ قَلِيلًا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ يُمْكِنُ قَسْمُهُ، أَوْ لَا مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا، وَكَذَا إنْ كَانَ قَلِيلًا وَكَانَ الْمَبِيعُ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ قَسْمُهُ مُتَّخَذًا لِلْغَلَّةِ أَوْ لَا، أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ، وَهُوَ مُتَّخَذٌ لِلْغَلَّةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ التَّمَسُّكُ بِأَقَلَّ اُسْتُحِقَّ أَكْثَرُهُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحَقُّ يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَكْثَرُ مِنْ النِّصْفِ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَحَقَّ أَقَلَّهُ، وَهُوَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ النِّصْفُ فَأَقَلُّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ التَّمَاسُكُ بِهِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ. .

(قَوْلُهُ وَتَلِفَ بَعْضُهُ) هَذَا فِي الْمُتَعَدِّدِ كَمَا يُفِيدُهُ عج، وَحَاصِلُهُ أَنَّ التَّفْصِيلَ السَّابِقَ فِي حَلِّ قَوْلِهِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ شَائِعٌ، وَإِنْ قَلَّ مِنْ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ فِي الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ مُطْلَقًا شَائِعًا وَمُعَيَّنًا، وَفِي الْمُتَعَدِّدِ الشَّائِعِ، وَأَمَّا الْمُتَعَدِّدُ وَالْمُسْتَحَقُّ مِنْهُ مُعَيَّنٌ فَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتَلِفَ بَعْضُهُ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ ثِمَارًا وَتَلِفَ بَعْضُهَا بِسَمَاوِيٍّ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تُؤَمَّنْ مِنْ الْجَائِحَةِ، أَوْ غَائِبًا وَتَلِفَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِسَمَاوِيٍّ عَمَّا لَوْ كَانَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَلْزَمُهُ الْأَرْشُ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَ النِّصْفُ) أَيْ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي النِّصْفَ (قَوْلُهُ لَزِمَ الْبَاقِي) أَيْ لَزِمَ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ لَزِمَ الْبَاقِي إلَخْ؛ لِأَنَّ بَقَاءَ النِّصْفِ كَبَقَاءِ الْجُلِّ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، فَإِنْ اتَّحَدَ) أَيْ الْمَبِيعُ كَعَبْدٍ، أَوْ دَابَّةٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ التَّلَفِ

ص: 148

خُيِّرَ الْمُشْتَرِي (وَ) إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهُ (حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ) الْبَاقِي لِاخْتِلَالِ الْبَيْعِ بِتَلَفِ جُلِّهِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ فَتَمَسُّكُ الْمُشْتَرِي بِبَاقِيهِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ إذْ لَا يَعْلَمُ مَا يَخُصُّ الْبَاقِي إلَّا بَعْدَ تَقْوِيمِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ النَّظَرُ فِيمَا يَخُصُّ كُلَّ جُزْءٍ عَلَى انْفِرَادِهِ (إلَّا الْمِثْلِيَّ) فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ بَلْ يُخَيَّرُ لَكِنَّ التَّخْيِيرَ فِي الِاسْتِحْقَاقِ وَالتَّلَفِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَفِي التَّعْيِيبِ يُخَيَّرُ بَيْنَ الْفَسْخِ فَيَرُدُّ الْجَمِيعَ وَبَيْنَ التَّمَسُّكِ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ لَا بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبهُ مِنْ الثَّمَنِ. .

[دَرْسٌ](وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ) عَيْبًا (فِي) مِثْلِيٍّ مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ (قَلِيلٍ) عَيْبُهُ بِأَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى الْمُعْتَادِ (لَا يَنْفَكُّ) عَنْهُ الْمِثْلِيُّ بِأَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَمْرِ الطَّارِئِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ النِّصْفُ فَأَكْثَرُ (قَوْلُهُ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي رَدِّ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ وَالتَّمَاسُكِ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ حَرُمَ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الْأَقَلِّ الْبَاقِي وَوَجَبَ رَدُّ الْمَبِيعِ وَأَخْذُ جَمِيعِ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ إلَّا الْمِثْلِيَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا كَانَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَتَلِفَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ أَمْ لَا، أَوْ تَعَيَّبَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ وَالسَّالِمُ مِنْ التَّعْيِيبِ النِّصْفَ فَأَكْثَرَ تَعَيَّنَ التَّمَسُّكُ بِذَلِكَ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ أَوَالِاسْتِحْقَاق وَالسَّالِمُ مِنْ التَّعْيِيبِ أَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَفِي التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَالرُّجُوعِ بِثَمَنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِذَلِكَ الْبَاقِي الْقَلِيلِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَرْجِعُ بِحِصَّةِ مَا تَلِفَ، أَوْ اُسْتُحِقَّ وَإِمَّا فِي التَّعْيِيبِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ أَيْ رَدِّ جَمِيعِ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ ثَمَنِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِجَمِيعِ الْمَبِيعِ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِكُلِّ الثَّمَنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِذَلِكَ السَّالِمِ فَقَطْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَهَذَا التَّخْيِيرُ هُوَ الثَّابِتُ فِي الْمُقَوَّمِ إذَا وُجِدَ الْعَيْبُ بِأَكْثَرِهِ وَبَقِيَ الْأَقَلُّ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ فَالْمَمْنُوعُ فِيهِ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ تَمَسَّكَ بِالْبَاقِي بِجَمِيعِ الثَّمَنِ جَازَ وَحِينَئِذٍ فَيَتَّحِدُ فِي الْمَعِيبِ حُكْمُ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَهُوَ لَا يَصِحُّ لِضَيَاعِ فَائِدَةِ الِاسْتِثْنَاءِ فَالْأَوْلَى رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِلتَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَقَطْ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ إذْ قَالَ بِخِلَافِ الْمِثْلِيِّ فِيهِمَا فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَيْ فِي التَّلَفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي أَخْذِ الْبَاقِي، وَفِي الْفَسْخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ) أَيْ الْبَاقِي بَعْدَ التَّلَفِ، أَوْ الِاسْتِحْقَاقِ، أَوْ التَّعْيِيبِ (قَوْلُهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمِثْلِيَّ مَنَابُهُ مِنْ الثَّمَنِ مَعْلُومٌ فَلَيْسَ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي الْقَلِيلِ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ وَإِنَّمَا يَأْتِي هَذَا فِي الْمُقَوَّمِ. .

(قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِيمَا إذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي الْمِثْلِيَّ فَوَجَدَهُ مُتَغَيِّرًا بَعْضَهُ وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ جَوَابًا لِسُؤَالٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَحَرُمَ التَّمَسُّكُ بِالْأَقَلِّ إلَّا الْمِثْلِيَّ فَلَا يَحْرُمُ التَّمَسُّكُ فِيهِ بِالْأَقَلِّ بَلْ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فَكَأَنَّهُ قِيلَ وَهَلْ هَذَا الْحُكْمُ مُطَّرَدٌ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِيهِ تَفْصِيلًا (قَوْلُهُ لِوَاجِدٍ) صِلَةٌ لِكَلَامٍ وَقَوْلُهُ فِي قَلِيلٍ خَبَرُ لَا وَقَلِيلٌ نَعْتٌ لِمَحْذُوفٍ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ وَقَوْلُهُ عَيْبُهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَلِيلٍ أَيْ لَا كَلَامَ لِوَاجِدٍ عَيْبًا فِي مِثْلِيٍّ قَلِيلٍ عَيْبُهُ وَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ وَلَا كَلَامًا؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْمُضَافِ؛ لِأَنَّ كَلَامًا بِمَعْنَى تَكَلَّمَ عَامِلُ النَّصْبِ فِي قَوْلِهِ لِوَاجِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ جَرَى عَلَى طَرِيقَةِ الْبَغْدَادِيِّينَ الَّذِينَ يُجَوِّزُونَ نَصْبَ الشَّبِيهِ بِالْمُضَافِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ وَجَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ قَوْلَهُ عليه الصلاة والسلام «اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْت وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت» ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ الطَّعَامِ، أَوْ نَحْوِهِ جُزَافًا، أَوْ كَيْلًا فَوَجَدَ تَغَيُّرًا فِي أَسْفَلِهِ مُخَالِفًا لِأَعْلَاهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّغَيُّرُ بِمَا يَنْفَكُّ عَنْ الطَّعَامِ عَادَةً، أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَنْفَكُّ عَنْ الطَّعَامِ كَالْبَلَلِ الَّذِي يُوجَدُ فِي قَعْرِ الْمَخْزَنِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي، وَالْمَبِيعُ كُلُّهُ لَازِمٌ لَهُ وَلَا يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ كَانَ الْمَعِيبُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِانْفِكَاكِ ذَلِكَ الْعَيْبِ عَنْ الطَّعَامِ، فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَبَيْنَ أَنْ يَلْتَزِمَ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي السَّلِيمَ بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ مَا دُونَ الثُّلُثِ قَلِيلٌ لَا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي رَدًّا فَلَوْ طَلَبَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَأَبَى الْبَائِعُ وَطَلَبَ رَدَّ الْبَيْعِ فَلَا يُجَابُ الْمُشْتَرِي لِمَا طَلَبَ، فَإِنْ طَلَبَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالسَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أُجِيبَ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَلَا كَلَامَ لِلْبَائِعِ حِينَئِذٍ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي إمَّا أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتَمَاسَكَ بِالْجَمِيعِ وَلَيْسَ

ص: 149

(كَقَاعٍ) أَيْ قَعْرِ مَخْزَنِ الطَّعَامِ، أَوْ الْأَنْدَرِ بِهِ بَلَلٌ يَسِيرٌ فَلَا يُحَطُّ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ (، وَإِنْ انْفَكَّ) الْعَيْبُ الْقَلِيلُ عَنْهُ عَادَةً كَابْتِلَالِ بَعْضِهِ بِمَطَرٍ، أَوْ نَدًى وَلَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ (فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ) الْمَعِيبِ مُرَادُهُ بِهِ مَا دُونَ الثُّلُثِ (بِحِصَّتِهِ) وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِي السَّلِيمُ بِمَا يَنُوبُهُ (لَا أَكْثَرُ) مِنْ الرُّبُعِ بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ بِأَنْ بَلَغَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَلَيْسَ لِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الْمَعِيبِ وَإِلْزَامُهُ الْمُشْتَرِي السَّلِيمِ بِمَا يَنُوبُهُ بَلْ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي التَّمَسُّكِ بِالْجَمِيعِ، أَوْ رَدِّ الْجَمِيعِ (وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الْتِزَامُهُ) أَيْ الْتِزَامُ السَّلِيمِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعَ الْمَعِيبُ (بِحِصَّتِهِ) ، وَأَمَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ (مُطْلَقًا) كَانَ الرُّبُعَ فَأَقَلَّ، أَوْ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ، إذْ مِنْ حُجَّةِ الْبَائِعِ أَنْ يَقُولَ أَبِيعُهُ لِيُجْمِلَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَهَذَا عِنْدَ التَّنَازُعِ، وَأَمَّا عِنْدَ التَّرَاضِي فَلَا إشْكَالَ (وَرُوجِعَ) فِيمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشَرَةِ أَثْوَابٍ كُلُّ ثَوْبٍ بِعَشَرَةٍ (لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ) لِجَوَازِ اخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَيَتَسَامَحُ عِنْدَ بَيْعِ الْجُمْلَةِ فَيُسَمِّي الْعَشَرَةَ لِمَا يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْهَا وَلِمَا يُسَاوِي أَقَلَّ. .

(وَصَحَّ) الْبَيْعُ إنْ شَرَطَا عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ بَلْ (، وَلَوْ سَكَتَا) عَنْ بَيَانِ الرُّجُوعِ لَهَا وَلِلتَّسْمِيَةِ (لَا إنْ شَرَطَا الرُّجُوعَ لَهَا) أَيْ لِلتَّسْمِيَةِ فَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي الْوَاقِعِ مُوَافِقَةٌ لِلْقِيمَةِ. .

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ التَّلَفَ بِسَمَاوِيٍّ وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ يَفْسَخُ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا حَصَلَ مِنْ مُشْتَرٍ، أَوْ بَائِعٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ وَلَوْ قَدَّمَهُ ثَمَّ كَانَ أَوْلَى كَمَا مَرَّ فَقَالَ (أَوْ إتْلَافُ الْمُشْتَرِي) وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ (قَبْضٌ) لِمَا أَتْلَفَهُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ (وَ) إتْلَافُ (الْبَائِعِ) لِمَبِيعٍ عَلَى الْبَتِّ (وَالْأَجْنَبِيِّ)(يُوجِبُ الْغُرْمَ) أَيْ قِيمَةُ الْمُقَوَّمِ، وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ (وَكَذَلِكَ إتْلَافُهُ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَلْتَزِمَ السَّلِيمَ بِحِصَّتِهِ وَيَلْزَمُ الْبَائِعُ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ، وَإِنْ طَلَبَ التَّمَاسُكَ بِالسَّلِيمِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أُجِيبَ لِذَلِكَ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي قَلِيلٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ كَقَاعٍ) أَيْ كَبَلَلِ قَاعِ مَخْزَنٍ، أَوْ أَنْدَرَ (قَوْلُهُ فَلِلْبَائِعِ الْتِزَامُ الرُّبُعِ) أَيْ وَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ) أَيْ، وَأَمَّا الْتِزَامُهُ السَّلِيمَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ: رَدُّ الْجَمِيعِ، أَوْ التَّمَاسُكُ بِالْجَمِيعِ، أَوْ بِالسَّلِيمِ فَقَطْ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَأَمَّا التَّمَاسُكُ بِالسَّلِيمِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَإِلْزَامِ الْبَائِعِ الْمَعِيبَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ لِلْقِيمَةِ) أَيْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى مُقَوَّمًا مُتَعَدِّدًا كَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ، أَوْ شِيَاهٍ مَثَلًا بِمِائَةٍ، وَسَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ عَشْرَةً فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا، أَوْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ وَلَيْسَ وَجْهَ الصَّفْقَةِ وَجَبَ التَّمَسُّكُ بِبَاقِي الصَّفْقَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ فَالتَّسْمِيَةُ لَغْوٌ لِجَوَازِ اخْتِلَافِ الْأَفْرَادِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرُّجُوعِ لِلْقِيمَةِ بِأَنْ يُقَوَّمَ الْمُسْتَحَقُّ، أَوْ الْمَعِيبُ وَبَقِيَّةُ أَجْزَاءِ الصَّفْقَةِ وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ، أَوْ الْمُسْتَحَقِّ إلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ وَيَرْجِعُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِذَا كَانَ الْمَعِيبُ، أَوْ الْمُسْتَحَقُّ مِنْ تِلْكَ الْعَشَرَةِ أَرْبَعَةٌ وَقُوِّمَتْ بِعِشْرِينَ وَقُوِّمَتْ السِّتَّةُ السَّالِمَةُ بِسِتِّينَ فَتُنْسَبُ قِيمَةُ الْمَعِيبِ، وَهِيَ عِشْرُونَ إلَى مَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ، وَهُوَ ثَمَانُونَ يَكُونُ ذَلِكَ رُبُعًا فَيَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِرُبُعِ الْمِائَةِ الَّتِي هِيَ الثَّمَنُ (قَوْلُهُ وَيُتَسَامَحُ) أَيْ فِي التَّسْمِيَةِ. .

(قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا عِنْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ الرُّجُوعَ لِلْقِيمَةِ) أَيْ إنْ حَصَلَ اسْتِحْقَاقٌ لِبَعْضِهَا، أَوْ ظَهَرَ فِي بَعْضِهَا عَيْبٌ وَلَمْ يَكُنْ وَجْهُ الصَّفْقَةِ (قَوْلُهُ بَلْ، وَلَوْ سَكَتَا عَنْ بَيَانِ الرُّجُوعِ لَهَا وَلِلتَّسْمِيَةِ) أَيْ وَيَرْجِعُ حِينَئِذٍ لِلْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ. .

(قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَا اشْتَرَاهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّ الْمَبِيعِ، أَوْ لِبَعْضِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَى الْبَتِّ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ بِالْخِيَارِ قَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ الثَّمَنُ أَيْ ثَمَنُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ الَّذِي أُتْلِفَ كُلُّهُ، أَوْ بَعْضُهُ (قَوْلُهُ وَإِتْلَافُ الْبَائِعِ وَالْأَجْنَبِيِّ) أَيْ لِمَبِيعٍ عَلَى الْبَتِّ كَانَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّ الْمَبِيعِ، أَوْ لِبَعْضِهِ كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا وَهَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ غُرْمَ قِيمَةِ الْمُقَوَّمِ وَغُرْمَ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ لِمَنْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ فَيُرَادُ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ خُصُوصُ الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّ جِنَايَةَ الْبَائِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً تُوجِبُ غُرْمَ الْقِيمَةِ، أَوْ الْمِثْلِ لِلْمُشْتَرِي سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِ الْبَائِعِ إذَا جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ حَيْثُ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ اخْتَارَ الْمُشْتَرِي الْإِمْضَاءَ، أَوْ الرَّدَّ وَقَالَ تت إنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ غَرِمَ الْبَائِعُ أَيْضًا، وَإِلَّا فَلَا وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ خش قَالَ بْن وَلَا سَلَفَ لَهُمَا فِيمَا ذُكِرَ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي بَلْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي خِلَافِهِ فَفِيهَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مَا نَصُّهُ وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا بِعَيْنِهِ فَفَارَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَكْتَالَهُ فَتَعَدَّى الْبَائِعُ عَلَى الطَّعَامِ فَأَتْلَفَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ دَنَانِيرِهِ، وَلَوْ هَلَكَ الطَّعَامُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ انْتَقَضَ الْبَيْعُ وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِطَعَامٍ مِثْلِهِ وَلَا ذَلِكَ عَلَيْهِ اهـ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ إتْلَافَ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ الضَّمَانُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَإِتْلَافُ

ص: 150

وَأَرَادَ إتْلَافَ بَعْضِهِ بِمَعْنَى تَعْيِيبِهِ، وَلَوْ قَالَ تَعْيِيبُهُ لَكَانَ أَصَرْحُ فِي الْمُرَادِ أَيْ تَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي قَبْضٌ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ مِنْهُ الضَّمَانُ وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ مَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يُوجِبُ غُرْمَ أَرْشِ الْعَيْبِ لِلْمُشْتَرِي. .

(وَإِنْ)(أَهْلَكَ بَائِعٌ صُبْرَةً) مِنْ مِثْلِيٍّ بِيعَتْ (عَلَى الْكَيْلِ) ، أَوْ الْوَزْنِ، أَوْ الْعَدِّ كَكُلِّ صَاعٍ، أَوْ كُلِّ رِطْلٍ بِكَذَا (فَالْمِثْلُ) يَلْزَمُهُ (تَحَرِّيًا لِيُوفِيَهُ) لِلْمُشْتَرِي (وَلَا خِيَارَ لَك) يَا مُشْتَرِي فِي رَدِّ الْبَيْعِ، أَوْ التَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْقِيمَةِ، وَلَوْ مَعَ رِضَا الْبَائِعِ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَجَبَ لَهُ الْمِثْلُ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ (أَوْ) أَهْلَكَهَا (أَجْنَبِيٌّ فَالْقِيمَةُ) يَوْمَ التَّلَفِ (إنْ جُهِلَتْ الْمَكِيلَةُ) ، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا (ثُمَّ) إذَا غَرِمَ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ (اشْتَرَى) بِهَا (الْبَائِعُ مَا يُوفِي) قَدْرَ تَحَرِّي مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ (فَإِنْ فَضَلَ) شَيْءٌ مِنْ الْقِيمَةِ لِحُصُولِ رُخْصٍ (فَلِلْبَائِعِ) إذْ لَا ظُلْمَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَخَذَ مِثْلَ مَا اشْتَرَى (وَإِنْ نَقَصَ) مَا اشْتَرَاهُ بِالْقِيمَةِ عَنْ قَدْرِ تَحَرِّي مَا فِيهَا مِنْ الصِّيعَانِ لِحُصُولِ غَلَاءٍ (فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) ، فَإِنْ كَثُرَ النَّقْصُ عَنْ الثُّلُثِ فَأَكْثَرَ فَلِلْمُشْتَرِي الْفَسْخُ وَالتَّمَاسُكُ بِمَا يَخُصُّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَجَازَ) لِمُشْتَرٍ وَمَوْهُوبٍ شَيْئًا (الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ) مِنْ الْبَائِعِ وَالْوَاهِبِ (إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ الَّذِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْبَائِعِ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِلْمُشْتَرِي كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ كَانَ الْإِتْلَافُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْإِتْلَافُ لِكُلِّهِ، أَوْ لِبَعْضِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ

(قَوْلُهُ وَأَرَادَ إلَخْ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا إتْلَافُهُ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ إتْلَافَ الْكُلِّ وَالْبَعْضِ قَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْ تَعْيِيبُ الْمُشْتَرِي) يَعْنِي وَقْتَ ضَمَانِ الْبَائِعِ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ قَبَضَ) أَيْ لِلْمَبِيعِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ كُلُّهُ وَمَا فِي خش أَنَّهُ يَغْرَمُ ثَمَنَ الْبَعْضِ، وَأَنَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا إلَى آخَرِ مَا قَالَهُ مُخَالِفٌ لِذَلِكَ وَلَمْ أَرَ مَا قَالَهُ صَرَّحَ بِهِ أَحَدٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ لِمَا هُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ يُوجِبُ الْغُرْمَ لِمَنْ مِنْهُ الضَّمَانُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بَائِعًا، أَوْ مُشْتَرِيًا وَقَوْلُهُ وَتَعْيِيبُ الْبَائِعِ أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ مَا فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي أَيْ أَوْ الْبَيْعِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَعْيِيبَ الْبَائِعِ يُوجِبُ غُرْمَهُ لِلْمُشْتَرِي الْمِثْلَ، أَوْ الْقِيمَةَ كَانَ التَّعْيِيبُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْمَبِيعُ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي وَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَبِيعَ إذَا تَعَيَّبَ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَالتَّمَاسُكِ فَهُوَ فِيمَا إذَا كَانَ التَّعْيِيبُ بِسَمَاوِيٍّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا مَرَّ. .

(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَهْلَكَ بَائِعٌ إلَخْ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَأَمَّا لَوْ أَهْلَكَ الْمُشْتَرِي الطَّعَامَ الْمَجْهُولَ قَبْلَ كَيْلِهِ فَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ إتْلَافَ الْمُشْتَرِي لَهُ كَإِتْلَافِ الْأَجْنَبِيِّ يُوجِبُ الْقِيمَةَ لِلْبَائِعِ لَا الْمِثْلَ، وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِابْنِ بَشِيرٍ وَفَصَّلَ الْمَازِرِيُّ فَجَعَلَ هَذَا أَيْ لُزُومَ الْقِيمَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ فَقَطْ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَيُعَدُّ إتْلَافُهُ قَبْضًا؛ لِمَا يَتَحَرَّى فِيهِ مِنْ الْمَكِيلَةِ فَيَلْزَمُهُ ثَمَنُهُ وَاَلَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ إنْ أَتْلَفَ طَعَامًا ابْتَاعَهُ عَلَى الْكَيْلِ قَبْلَ كَيْلِهِ وَعُرِفَ كَيْلُهُ فَهُوَ قَبْضٌ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَيْلُهُ فَالْقَدْرُ الَّذِي يُقَالُ إنَّهُ كَانَ فِيهَا إنْ كِيلَ يَغْرَمُ ثَمَنَهُ وَمِثْلُهُ الْمَازِرِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَالْمِثْلُ يَلْزَمُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَأْتِي بِصُبْرَةٍ مِثْلِهَا لِيُوفِيَ لِلْمُشْتَرِي مِنْهَا حَقَّهُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ) أَيْ أَوْ أَهْلَكَهَا أَجْنَبِيٌّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَالْقِيمَةُ أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ قِيمَتَهَا لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَمِثْلُهَا) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَ صُبْرَةً مِثْلَهَا فِي الْكَيْلِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَ فَكَالِاسْتِحْقَاقِ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ التُّونُسِيُّ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمُتَعَدِّي لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْمُخَاصَمَةُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ عَنْهُ لِضَرَرِهِ بِتَأَخُّرِهِ لِوُجُودِ الْمُتَعَدِّي اهـ. الْمَازِرِيُّ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْمُتَعَدِّي مُعْسِرًا لَكَانَ لِلْمُبْتَاعِ الْفَسْخُ، أَوْ انْتِظَارُ الْيُسْرِ فَلَوْ تَطَوَّعَ الْبَائِعُ بِمَا لَزِمَ الْمُتَعَدِّي ارْتَفَعَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي اهـ. بْن (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْهُ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ) أَيْ وَوَجَبَ التَّمَاسُكُ بِالْقَدْرِ الَّذِي اشْتَرَى بِالْقِيمَةِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ شَيْئًا) تَنَازَعَهُ مُشْتَرٍ وَمَوْهُوبٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ طَعَامًا، أَوْ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ وَفِي كَلَامِ الشَّارِحِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ اسْتِثْنَاءً مِنْ مَحْذُوفِ، وَالْأَصْلِ، وَجَازَ الْبَيْعُ قَبْلَ الْقَبْضِ لِكُلِّ شَيْءٍ مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ هِبَةٍ إلَّا مُطْلَقَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) أَيْ إلَّا الطَّعَامَ الَّذِي حَصَلَ بِمُعَاوَضَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا، أَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ لِمَا وَرَدَ فِي الْمُوَطَّإِ وَالْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَكْتَالَهُ» قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ تَعَبُّدِيٌّ وَقِيلَ إنَّهُ مَعْقُولُ الْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَهُ غَرَضٌ فِي ظُهُورِهِ فَلَوْ أُجِيزَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَبَاعَ أَهْلُ الْأَمْوَالِ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ مِنْ غَيْرِ ظُهُورٍ بِخِلَافِ مَا إذَا مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِهِ الْكَيَّالُ وَالْحَمَّالُ وَيَظْهَرُ لِلْفُقَرَاءِ فَتَقْوَى بِهِ قُلُوبُ النَّاسِ لَا سِيَّمَا فِي زَمَنَ الْمَسْغَبَةِ

ص: 151

فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ وَأَرَادَ بِمُطْلَقِهِ رِبَوِيًّا كَقَمْحٍ أَوْ لَا كَتُفَّاحٍ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. .

(وَلَوْ) كَانَ طَعَامُ الْمُعَاوَضَةِ (كَرِزْقِ قَاضٍ) وَإِمَامِ مَسْجِدٍ وَمُؤَذِّنٍ وَجُنْدِيٍّ وَكَاتِبٍ مِمَّا جُعِلَ لَهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَعَالِمٍ جُعِلَ لَهُ فِي نَظِيرِ التَّعْلِيمِ لَا عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ (أَخَذَ) أَيْ اشْتَرَى (بِكَيْلٍ) ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ لَا جُزَافًا فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لِدُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَهُوَ مَقْبُوضٌ حُكْمًا فَلَيْسَ فِيهِ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ (أَوْ) ، وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ (كَلَبَنِ شَاةٍ) مَثَلًا فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الطَّعَامَ الْمَكِيلَ وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا لِكَوْنِهِ جُزَافًا وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ جَوَازُ بَيْعِ لَبَنِ شَاةٍ، أَوْ شِيَاهٍ بِالْمُدَّةِ إنْ عُلِمَ قَدْرُ مَا تَحْلِبُ تَحَرِّيًا وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ كَثِيرَةٍ كَعَشْرَةٍ. .

وَلَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الضَّعِيفُ لَا يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِ الطَّعَامِ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ) كَمَا إذَا وَكَّلَ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ بِيَدِهِ، أَوْ عَلَى بَيْعِهِ فَقَبَضَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَبِيعَهُ فَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَيَمْتَنِعُ فِي الصُّورَتَيْنِ أَنْ يَبِيعَهُ لِنَفْسِهِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ مُوَكِّلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالشِّدَّةِ (قَوْلُهُ فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ) أَيْ دَرَاهِمَ، أَوْ غَيْرِهَا قَالَ عبق ضَابِطُ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ تَتَوَالَى فِي الطَّعَامِ عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ.

(قَوْلُهُ كَرِزْقِ قَاضٍ) أَيْ كَطَعَامٍ جُعِلَ لِلْقَاضِي مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ حُكْمِهِ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ بِمَنْزِلَةِ الْعِوَضِ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِهِ؛ لِأَنَّهُ عَنْ فِعْلٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ، وَهُوَ الْحُكْمُ فَأَشْبَهَ الْعَطِيَّةَ (قَوْلُهُ مِمَّا جُعِلَ إلَخْ) أَيْ وَنَحْوُهُمْ مِمَّا جُعِلَ إلَخْ وَالْأَوْلَى مِمَّنْ جُعِلَ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي نَظِيرِ قِيَامِهِ بِمَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ) أَيْ، وَإِلَّا جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ قِيَامِهِ بِمَصْلَحَةٍ مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الطَّعَامِ فِيهِ عَلَى وَجْهِ الصَّدَقَةِ جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ عبق وَدَخَلَ بِالْكَافِ فِي قَوْلِهِ، وَلَوْ كَرِزْقِ قَاضٍ أَيْضًا طَعَامٌ جُعِلَ صَدَاقًا، أَوْ خُلْعًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا مَأْخُوذٌ عَنْ مُسْتَهْلَكٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالْمِثْلِيُّ الْمَبِيعُ فَاسِدًا إذَا فَاتَ وَوَجَبَ مِثْلُهُ، فَالصَّوَابُ كَمَا لَبَن أَنَّهُ كَالْمَأْخُوذِ عَنْ مُتْلَفٍ بِجَامِعِ أَنَّ الْمُعَاوَضَةَ لَيْسَتْ اخْتِيَارِيَّةً بَلْ جَرَّ إلَيْهَا الْحَالُ فِي كُلٍّ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَ بِكَيْلٍ) جُمْلَةً حَالِيَّةً مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، أَوْ صِفَةً لَهُ وَقَوْلُهُ بِكَيْلٍ أَيْ كُلُّ إرْدَبٍّ بِكَذَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إذَا كَانَ بَائِعُهُ اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ وَبَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بَائِعُهُ اشْتَرَاهُ جُزَافًا، ثُمَّ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ كَانَ بَيْعُهُ جَائِزًا بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ مُدَّةَ شَهْرٍ وَكَانَ حِلَابُهَا مَعْلُومًا لَهُ بِالتَّحَرِّي وَكَانَتْ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ مُعَيَّنَةٍ كَثِيرَةٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لَبَنَ تِلْكَ الشَّاةِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لِرَبِّ أَغْنَامٍ، أَوْ بَقَرٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ مَثَلًا شَهْرًا، أَوْ شَهْرَيْنِ بِكَذَا بِشُرُوطٍ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ الَّتِي وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى لَبَنِهَا غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ وَأَنْ تَكُونَ الْأَغْنَامُ الَّتِي مِنْهَا الشَّاةُ، أَوْ الشَّاتَانِ مُعَيَّنَاتٍ وَأَنْ تَكُونَ كَثِيرَةً كَعَشَرَةٍ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ وَأَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ لَا يَنْقُص اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَأَنْ يُعْرَفَ وَجْهُ حِلَابِ تِلْكَ الْأَغْنَامِ بِالتَّحَرِّي وَأَنْ تَكُونَ مُتَقَارِبَةَ اللَّبَنِ وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ فِي إبَّانِ اللَّبَنِ، فَإِنْ وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّمَانِيَةُ جَازَ الْبَيْعُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُشْتَرِي بَيْعُ لَبَنِ تِلْكَ الشِّيَاهِ قَبْلَ قَبْضِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي وَأَجَازَهُ أَشْهَبُ نَظَرًا إلَى كَوْنِهِ جُزَافًا، وَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ. .

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ) لَيْسَ هَذَا عَطْفًا عَلَى الْحَالِ الْمُتَقَدِّمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِي الْمَنْعِ وَمَا هُنَا شَرْطٌ فِي الْجَوَازِ بَلْ هِيَ حَالٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ أَيْ إلَّا مُطْلَقَ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ فَيُمْنَعُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ حَيْثُ أُخِذَ بِكَيْلٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ حَالَ كَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ قَبَضَ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ مُنِعَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَبْضَ الْوَاقِعَ بَيْنَ الْعَقْدَيْنِ كَلَا قَبْضَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا وَكَّلَ إلَخْ) أَيْ وَكَمَا لَوْ اشْتَرَى طَعَامًا رَهْنًا، أَوْ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُعْتَمِدًا عَلَى قَبْضِهِ الْمَعْنَوِيِّ بَلْ حَتَّى يَكِيلَهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ الْأَوَّلَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَبَاعَهُ لَأَجْنَبِيٍّ) رَاجِعٌ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ أَيْ وَقَبْلَ قَبْضِ الْأَجْنَبِيِّ لَهُ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ بَاعَهُ الْأَجْنَبِيُّ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبَضَهُ الْوَكِيلُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَصَارَ فِي يَدِهِ، ثُمَّ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَقَدْ قَبَضَهُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ هَكَذَا قِيلَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ أَيْضًا وَفِيهِ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَتَوَالَ فِيهَا عُقْدَتَا بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ بَلْ تَخَلَّلَهُمَا الْقَبْضُ؛ لِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَالْأَوْلَى أَنَّ تَصَوُّرَ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى بِمَا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ طَعَامٍ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ وَاشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ مِنْهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَبَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ رَاجِعٌ

ص: 152

وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَهُ لِنَفْسِهِ أَيْضًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ فِي كِلَا وَجْهَيْ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَقَبْضِهِ فِي دَيْنِهِ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ مِمَّنْ يَتَوَلَّى الطَّرَفَيْنِ فَقَبْضُهُ كَلَا قَبْضٍ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ ثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الْبَيْعِ وَثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الشِّرَاءِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْقَابِضُ مِنْ نَفْسِهِ مِمَّنْ يَتَوَلَّى طَرَفَيْ الْعَقْدِ (كَوَصِيٍّ لِيَتِيمَيْهِ) وَوَالِدٍ لِوَلَدَيْهِ الصَّغِيرَيْنِ وَسَيِّدٍ لِعَبْدَيْهِ فَيَجُوزُ بَيْعُ طَعَامِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ، ثُمَّ بَيْعُهُ عَلَيْهِ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ قَبْضِهِ لِمَنْ اشْتَرَاهُ لَهُ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ وَأَخْذٍ بِكَيْلٍ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ بِالْعَقْدِ) أَيْ بِمُجَرَّدِهِ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ (جُزَافٍ) أَيْ بَيْعِ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ جُزَافًا قَبْلَ قَبْضِهِ وَصَرَّحَ بِمَفْهُومِ الْمُعَاوَضَةِ بِقَوْلِهِ (وَكَصَدَقَةٍ) وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِطَعَامٍ، وَلَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ لِشَخْصٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُتَصَدِّقِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. .

(وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ مَا) أَيْ طَعَامٍ (عَلَى مُكَاتَبٍ) كَاتَبَهُ بِهِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُكَاتَبُ أَيْ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ بِعَيْنٍ، أَوْ عَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ عَجَّلَ الْعِتْقَ) لِلْمُكَاتَبِ بِأَنْ يَبِيعَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ، أَوْ بَعْضَهَا وَيُعَجِّلَ الْعِتْقَ عَلَى بَقَاءِ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِكُلٍّ مِنْ الصُّورَتَيْنِ أَمَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ، ثُمَّ بَاعَهُ لِنَفْسِهِ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ قَدْ قَبَضَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ لِنَفْسِهِ وَيَدُ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُوَكِّلِ فَالْحَقُّ الْجَوَازُ فِي هَذِهِ كَمَا فِي طفى وبن، وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ إنْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ فَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ شِرَاءِ الْوَكِيلِ إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ وَمَنَعَهُ مَعَ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَهُ) أَيْ وَيَمْتَنِعُ أَنْ يَقْبِضَ الْوَكِيلُ الطَّعَامَ لِنَفْسِهِ أَيْضًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَيْ الَّذِي وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِهِ، أَوْ عَلَى شِرَائِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَنْعِ أَخْذِ الْوَكِيلِ لَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ، وَإِنْ كَانَ يَقْبِضُ مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ إذَا أَخَذَهُ فِي الدَّيْنِ لَكِنْ لَيْسَ هُنَا تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ أَصْلًا فَلَيْسَ هَذَا مِنْ صُوَرِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ فِيمَا قَالَهُ مِنْ الْمَنْعِ التَّوْضِيحَ وَاعْتَرَضَهُ طفي بِمَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ قَالَ وَاسْتِدْلَالُ التَّوْضِيحِ عَلَى الْمَنْعِ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنُ الطَّعَامِ إذَا وَكَّلَهُ الْمَدِينُ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنُ الطَّعَامِ إذَا وَكَّلَهُ الْمَدِينُ عَلَى شِرَائِهِ وَقَبَضَهُ لِنَفْسِهِ يُتَّهَمُ عَلَى عَدَمِ الشِّرَاءِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ لِنَفْسِهِ فَيَكُونُ قَدْ بَاعَ بِهِ الدَّيْنَ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَتْ عِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهَا قَبْضُهُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ اتِّهَامُهُ عَلَى بَيْعِ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ ثِنْتَانِ فِي وَكِيلِ الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَقَبَضَهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ إمَّا أَنْ يَبِيعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ قَبْلَ قَبْضِهِ لَهُ، وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ وَقَبَضَهُ فَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ مُوَكِّلِهِ، أَوْ يَأْخُذَهُ فِي دَيْنٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَظَاهِرُ الشَّرْحِ الْمَنْعُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعَةِ، وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ.

(قَوْلُهُ فَتَأَمَّلْهُ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ بَعْضِهِمْ فِي النَّفْسِ شَيْءٌ مِنْ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا سِيَّمَا وَالصَّحِيحُ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ تَعَبُّدِيٌّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اتِّفَاقٌ فِي الْمَسْأَلَةِ عَلَى الْجَوَازِ فَالْأَقْرَبُ مَنْعُهَا اهـ. لَكِنْ تَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلَهُ الْأَقْرَبُ مَنْعُهَا بِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ الْجَوَازِ هُوَ ظَاهِرُ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ جُزَافٌ) أَيْ جَازَ بَيْعُ طَعَامٍ اشْتَرَاهُ جُزَافًا بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى طَعَامًا، فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا جُزَافًا وَلَا عَلَى الْكَيْلِ، وَإِنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا جَازَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ جُزَافًا، أَوْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ وَكَصَدَقَةٍ) أَيْ أَنَّ طَعَامَ الصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالْقَرْضِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ طَعَامٍ لَيْسَ مُعَاوَضًا عَلَيْهِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ بْن وَيُقَيَّدُ الْجَوَازُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُتَصَدِّقُ اشْتَرَاهُ وَتَصَدَّقَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَإِلَّا فَالْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ لَا يَبِيعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي طَعَامِ الْهِبَةِ وَالْقَرْضِ قَالَ فِي الْجَلَّابِ مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا بِكَيْلٍ، ثُمَّ أَقْرَضَهُ رَجُلًا، أَوْ وَهَبَهُ لَهُ، أَوْ قَضَاهُ لِرَجُلٍ عَنْ قَرْضٍ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فَلَا يَبِيعُهُ أَحَدٌ مِمَّنْ صَارَ إلَيْهِ ذَلِكَ الطَّعَامُ حَتَّى يَقْبِضَهُ

(قَوْلُهُ وَجَازَ لِلسَّيِّدِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ، أَوْ قُلْنَا إنَّهَا بَيْعٌ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ بَيْنَ غَيْرِهِمَا قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَيْ طَعَامٌ) جَعَلَ مَا وَاقِعَةً عَلَى طَعَامٍ، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَرِينَةِ كَوْنِ الْبَحْثِ فِي بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ كَاتَبَهُ بِهِ) أَيْ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا بَيْعُ مَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَهَلْ مَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ عَجَّلَ الْعِتْقَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لِكَوْنِهِ أَمْرًا عَظِيمًا مُحْتَرَمًا يَتَشَوَّفُ الشَّارِعُ إلَيْهِ اُغْتُفِرَ لِأَجْلِهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ مِنْ النُّجُومِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ لَهُ جَمِيعَهَا خَرَجَ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى صِيغَةٍ (قَوْلُهُ، أَوْ بَعْضَهَا) أَيْ، أَوْ بَاعَهُ بَعْضَ النُّجُومِ وَأَبْقَى النُّجُومَ الْبَاقِيَةَ لِأَجْلِهَا وَعَجَّلَ عِتْقَهُ عَلَى ذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَبْدِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِكَذَا مِنْ الدَّرَاهِمِ

ص: 153

أَوْ الْجَوَازِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا يُحَاصِصُ بِهَا السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ فِي مَوْتٍ وَلَا فَلَسٍ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِلْمُكَاتَبِ بِدَيْنٍ مُؤَجَّلٍ لَا لِأَجْنَبِيٍّ (تَأْوِيلَانِ وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا (إقْرَاضُهُ) قَبْلَ قَبْضِهِ (أَوْ وَفَاؤُهُ) قَبْلَ قَبْضِهِ (عَنْ قَرْضٍ) عَلَيْهِ إذْ لَيْسَ فِي ذَلِكَ تَوَالِي عُقْدَتَيْ بَيْعٍ لَمْ يَتَخَلَّلْهُمَا قَبْضٌ، وَأَمَّا وَفَاؤُهُ عَنْ دَيْنٍ فَيُمْنَعُ لِوُجُودِ عِلَّةِ الْمَنْعِ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ لِمُقْتَرَضٍ) أَيْ يَجُوزُ لِمَنْ تَسَلَّفَ طَعَامًا أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسْلِفِ وَسَوَاءٌ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِلْمُقْرِضِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُمْلَكُ بِالْقَوْلِ. .

(وَ) جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا، وَلَوْ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ (إقَالَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ) أَيْ مِنْ جَمِيعِهِ أَيْ جَمِيعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ بِأَنْ يَرُدَّهُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهَا حَلٌّ لِلْبَيْعِ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّعَامِ بِبَلَدِ الْإِقَالَةِ وَكَوْنُهَا بِالثَّمَنِ لَا بِزِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ، وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ؛ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ لِأَجَلٍ لِلْبَيْعِ وَإِذَا كَانَتْ فِي سَلَمٍ وَجَبَ فِيهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بِخِلَافِ تَأْخِيرِهِ فِي غَيْرِ الْإِقَالَةِ فَيَجُوزُ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومٌ مِنْ الْجَمِيعِ الْمَنْعُ مِنْ الْإِقَالَةِ عَلَى الْبَعْضِ وَأَخْذِ الْبَعْضِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ إنْ غَابَ الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عِوَضًا عَنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَبَاقِي النُّجُومِ فِي ذِمَّتِك حَتَّى تَحِلَّ، وَعَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ فَلَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَبِيعَ نَجْمًا مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ لِلْمُكَاتَبِ قَبْلَ قَبْضِ ذَلِكَ النَّجْمِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَجِّلْ الْعِتْقَ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَمْ تُوجَدْ حُرْمَةُ الْعِتْقِ الَّتِي اُغْتُفِرَ ارْتِكَابُ الْمَحْظُورِ لِمُرَاعَاتِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ بَاعَهُ جَمِيعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، أَوْ بَاعَهُ نَجْمًا مِنْهَا وَأَبْقَى الْبَاقِيَ لِأَجْلِهِ عَجَّلَ عِتْقَهُ حِينَ بَاعَهُ النَّجْمَ، أَوْ لَمْ يُعَجِّلْهُ (قَوْلُهُ لَيْسَتْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ حَتَّى يَلْزَمَ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَاصِصُ بِهَا السَّيِّدُ الْغُرَمَاءَ) أَيْ غُرَمَاءَ الْمُكَاتَبِ فِي مَوْتِهِ وَلَا فِي فَلَسِهِ وَهَذَا كَالْعِلَّةِ لِمَا قَبْلَهُ، وَكَذَا مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ بَيْعُهَا لِلْمُكَاتَبِ بِدَيْنٍ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لَمُنِعَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ لَا لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ وَلَا تُبَاعُ بِدَيْنٍ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَهَذَا مُجَرَّدُ إفَادَةِ حُكْمٍ، وَإِلَّا فَالْمُنَاسِبُ لِلْغَرَضِ الَّذِي نَحْنُ بِصَدَدِهِ مَا قَبْلَهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ، أَوْ وَفَاؤُهُ عَنْ قَرْضٍ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا أَنْ يُحِيلَ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ شَخْصًا بِطَعَامٍ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا عَكْسُهُ، وَهُوَ أَنْ يُحِيلَ بِطَعَامٍ عَلَيْك مِنْ بَيْعٍ عَلَى طَعَامٍ لَك عَلَى شَخْصٍ مِنْ قَرْضٍ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى عَدَمِ جَوَازِهِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْك إذَا أَحَلْته فَقَدْ بَاعَ لَك الطَّعَامَ الَّذِي لَهُ فِي ذِمَّتِك مِنْ بَيْعٍ بِغَيْرِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْك وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ. بْن (قَوْلُهُ، وَأَمَّا وَفَاؤُهُ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ قَرْضٍ بِأَنْ كَانَ عَنْ مُبَايَعَةٍ (قَوْلُهُ وَجَازَ بَيْعُهُ لِمُقْتَرِضٍ) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالْعَطْفِ أَيْ جَازَ لِمَنْ اقْتَرَضَ طَعَامًا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا عَكْسُ قَوْلِهِ وَجَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا إقْرَاضُهُ، ثُمَّ إنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُقْتَرِضُ اقْتَرَضَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا لَوْ اقْتَرِضْهُ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ لِلْمُقْتَرِضِ أَنْ يَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْ الْبَائِعِ لِمُقْرِضِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا، وَإِنْ ابْتَعْت طَعَامًا فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى أَسْلَفْتَهُ رَجُلًا فَلَا يُعْجِبُنِي أَنْ تَبِيعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ جَمِيعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ) فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ جَمِيعُ الْمَبِيعِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَفْهُومِ بَعْدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْنَى الْمَتْنِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ شَخْصٍ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُوقِعَا الْإِقَالَةَ فِي جَمِيعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا غَابَ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا حَلٌّ لِلْبَيْعِ) أَيْ لَا بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ، وَإِلَّا مُنِعَتْ لِمَا فِيهَا مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّعَامِ) أَيْ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ بِبَلَدٍ الْإِقَالَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ إذْ لَمْ نَرَ مَنْ ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّرْطَ هُنَا؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَهُوَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ سَوَاءٌ كَانَ فِي بَلَدِ الْإِقَالَةِ، أَوْ غَيْرِهَا فَكَيْفَ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا ذُكِرَ وَإِنَّمَا ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ رَأْسَ مَالِ السَّلَمِ فَإِذَا أَسْلَمَك طَعَامًا فِي عَرَضٍ فَلَا تَصِحُّ الْإِقَالَةُ مِنْ ذَلِكَ الْعَرَضِ إلَّا إذَا كَانَ الطَّعَامُ فِي بَلَدِ الْإِقَالَةِ، فَإِنْ نَقَلْت ذَلِكَ الطَّعَامَ لِمَحَلٍّ بَعِيدٍ فَأَقَالَك صَارَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى تَأْخِيرٍ فَلَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَجَبَ فِيهِ تَعْجِيلُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) أَيْ تَعْجِيلُ رَدِّهِ لِلْمُسْلِمِ وَقَوْله لِفَسْخِ دَيْنٍ أَيْ، وَهُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي دَيْنٍ أَيْ، وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ الْمُؤَخَّرِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ) أَيْ، وَلَوْ بِالشَّرْطِ؛ لِأَنَّ اللَّازِمَ فِيهِ ابْتِدَاءُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ لَازِمٌ لِمَا هُنَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ مُسْلِمٌ إنْ غَابَ الْبَائِعُ عَلَى الثَّمَنِ الْمِثْلِيِّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَيْنًا، أَوْ طَعَامًا؛ لِأَنَّ فِيهِ بَيْعًا وَسَلَفًا

ص: 154

فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَعَرَضٍ جَازَتْ مِنْ الْبَعْضِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الْإِقَالَةِ مِنْ الْجَمِيعِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شِيكَ) يَا مُشْتَرِي الْمَدْفُوعِ ثَمَنًا فِي الطَّعَامِ الْمُقَالِ فِيهِ قَبْلَ الْقَبْضِ بِغَلَاءٍ، أَوْ رُخْصٍ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَيْنِهِ وَهِيَ بَاقِيَةٌ وَعَدَلَ عَنْ ثَمَنِك إلَى شِيكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ خُصُوصُ الْعَيْنِ أَيْ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِيهِ أَيْ، وَإِنْ تَغَيَّرَ سَوْقُ ثَمَنِك كَانَ عَيْنًا، أَوْ غَيْرَهُ (لَا) إنْ تَغَيَّرَ (بَدَنُهُ) بِزِيَادَةٍ (كَسِمَنِ دَابَّةٍ) دَفَعَهَا ثَمَنًا وَكِبَرِهَا وَزَوَالِ عَيْبِهَا، أَوْ نُقْصَانٍ كَعَوَرِهَا (وَهُزَالِهَا) عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِتَغَيُّرِ رَأْسِ الْمَالِ فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (بِخِلَافِ) تَغَيُّرِ (الْأَمَةِ) بِسِمَنٍ، أَوْ هُزَالٍ فَلَا يُفِيتُ الْإِقَالَةَ وَالْعَبْدُ أَوْلَى وَفُرِّقَ بِأَنَّ الدَّوَابَّ تُشْتَرَى لِلَحْمِهَا وَالرَّقِيقَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَفُهِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ تَغَيَّرَتْ بِعَوَرٍ، أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ لَكَانَ ذَلِكَ مُفِيتًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ. .

(وَ) لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك الْبَائِعُ (مِثْلَ مِثْلَيْك) أَيُّهَا الْمُشْتَرِي أَيْ مِثْلَ ثَمَنِك الْمِثْلُ الَّذِي دَفَعَتْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِك الطَّعَامَ إلَّا أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك عَيْنَ مِثْلَيْك وَلَا الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ ثُمَّ التَّرَاضِي عَلَى أَخْذِ غَيْرِهِ عَنْهُ وَلَا مَعَ زِيَادَةٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ (إلَّا الْعَيْنَ) فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ قَبْلَ قَبْضِ الطَّعَامِ عَلَى مِثْلِهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (دَفْعُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ) عَيْنُك (بِيَدِهِ) إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ؛ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ. .

(وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ) فَيُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ فَإِذَا وَقَعَتْ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فُسِخَتْ وَإِذَا حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (إلَّا فِي الطَّعَامِ) قَبْلَ قَبْضِهِ فَهِيَ فِيهِ حَلُّ بَيْعٍ إنْ وَقَعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ لَا أَكْثَرَ وَلَا أَقَلَّ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ كَمَا مَرَّ (وَ) إلَّا فِي (الشُّفْعَةِ) أَيْ الْأَخْذُ بِهَا فَلَيْسَتْ بَيْعًا وَلَا حَلَّ بَيْعٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَالْبَيْعُ مَا كَانَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَالسَّلَفُ مَا كَانَ فِي مُقَابَلَةِ الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ) أَيْ إمَّا لِعَدَمِ قَبْضِهِ، أَوْ أَنَّهُ قَبَضَهُ وَلَكِنَّهُ لِمَ يَغِبْ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَعَرَضٍ أَيْ سَوَاءٌ غَابَ عَلَيْهِ أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرَضًا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ غَابَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَمْ لَا، أَوْ كَانَ عَيْنًا، أَوْ طَعَامًا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَقْبِضْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ جَازَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَعْضِ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَطَعَامًا وَقَبَضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ وَغَابَ عَلَيْهِ لَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَعْضِ.

(قَوْلُهُ دَفَعَهَا ثَمَنًا) أَيْ فِي الطَّعَامِ الَّذِي أُرِيدَ الْإِقَالَةُ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ تَغَيُّرِ الْأَمَةِ) أَيْ الْمَدْفُوعَةِ ثَمَنًا فِي الطَّعَامِ الَّذِي أُرِيدَ الْإِقَالَةُ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ أَمَةَ وَطْءٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَفَرَّقَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَقْتَضِي مُخَالَفَةُ الدَّوَابِّ الْمَأْكُولَةِ اللَّحْمِ لِلرَّقِيقِ مَعَ أَنَّ الدَّابَّةَ، وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ تَغَيُّرُهَا يَمْنَعُ مِنْ الْإِقَالَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مُخَالَفَةِ الرَّقِيقِ لِلدَّابَّةِ طَرِيقَةٌ مِنْ طُرُقٍ ثَلَاثٍ، وَالثَّانِيَةُ إنَّمَا يُرَادُ مِنْ الرَّقِيقِ الْخِدْمَةُ كَالدَّابَّةِ، وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالثَّالِثَةُ طَرِيقَةُ يَحْيَى الرَّقِيقُ وَالدَّوَابُّ سَوَاءٌ فِي أَنَّ تَغَيُّرَهَا بِالسِّمَنِ وَالْهُزَالِ مَانِعٌ مِنْ الْإِقَالَةِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلَ مِثْلَيْك) عَطْفٌ عَلَى بَدَنِهِ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى لَا مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَسَلُّطُ تَغَيُّرٍ عَلَى الْمَعْطُوفِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى رَدِّ مُتَغَيِّرٍ بَدَنُهُ وَلَا مِثْلُ مِثْلَيْك وَقَيَّدَهُ ح وَتَبِعَهُ عبق بِالسَّلَمِ قَالَ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ قَالَهُ فِي أَوَاخِرِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ بْن قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ وَمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ فِيمَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَفْرُوضَةٌ بَعْدَ الْقَبْضِ وَكَلَامُنَا فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَأَيْضًا الْمَرْدُودُ مِثْلُهُ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَبِيعِ وَفِي مَسْأَلَتِنَا هُوَ الثَّمَنُ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّك إذَا أَسْلَمْت قِنْطَارًا مِنْ الْكَتَّانِ، أَوْ مِنْ الْقُطْنِ فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ، أَوْ اشْتَرَيْت بِالْكَتَّانِ، أَوْ الْقُطْنِ إرْدَبًّا مِنْ الْقَمْحِ حَالًّا فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الْقَمْحِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إلَيْك الْمُسْلَمُ إلَيْهِ كَتَّانًا مِثْلَ كَتَّانِك، وَإِنَّمَا تَجُوزُ إذَا كَانَ يَرُدُّ إلَيْك كَتَّانَك بِذَاتِهِ حَالًّا، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ إلَيْهِ الْكَتَّانَ فِي غَيْرِ طَعَامٍ جَازَتْ الْإِقَالَةُ مِنْ ذَلِكَ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ قَبْضَهُ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك مِثْلَ كَتَّانِك (قَوْلُهُ وَلَا الْإِقَالَةُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى رَدِّ ثَمَنِ الْمِثْلِيِّ، ثُمَّ يَقَعُ التَّرَاضِي بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ غَيْرَهُ عِوَضًا عَنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا مَعَ زِيَادَةٍ، أَوْ تَأْخِيرٍ) أَيْ وَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مَعَ زِيَادَةٍ عَلَى ثَمَنِك، أَوْ عَلَى تَأْخِيرٍ لِرَدِّ ثَمَنِك يَا مُشْتَرِي، وَلَوْ يَوْمًا، وَلَوْ بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ (قَوْلُهُ تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى رَدِّ مِثْلِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِيَدِهِ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ إنْ وَقَعَتْ)

ص: 155

بَلْ هِيَ لَاغِيَةٌ فَمَنْ بَاعَ شِقْصًا، ثُمَّ أَقَالَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ لَا يَعْتَدُّ بِهَا، وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَخُيِّرَ الشَّفِيعُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي وَيَكْتُبَ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْأَوَّلِ فَقَطْ وَلَوْ كَانَتْ حَلَّ بَيْعٍ لَمْ تَثْبُتْ الشُّفْعَةُ. .

(وَ) إلَّا فِي (الْمُرَابَحَةِ) فَهِيَ حَلُّ بَيْعٍ فَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ، ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ. .

(وَ) جَازَتْ (تَوْلِيَةٌ) فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَ) جَازَتْ (شَرِكَةٌ) فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُمَا كَالْإِقَالَةِ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ كَالْقَرْضِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ (أَنْ يَنْقُدَ) الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكَ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا (عَنْك) يَا مَوْلَى، أَوْ مُشْرِكٍ بِالْكَسْرِ فِيهِمَا الثَّمَنَ، أَوْ حِصَّتَك مِنْهُ فِي الشَّرِكَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ مِنْهُ لَك وَيُفْسَخُ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ عِلَّةَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا فِي الشَّرِكَةِ فَهَذَا الشَّرْطُ خَاصٌّ بِهَا كَمَا هُوَ النَّقْلُ (وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا) أَيْ عَقْدَ الْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ قَدْرًا وَأَجَلًا وَحُلُولًا وَرَهْنًا وَحَمِيلًا (فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ خَاصَّةً، وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ، وَإِلَّا كَانَتْ بَيْعًا وَقَوْلُهُ فِي الْبَلَدِ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ فِي الْبَلَدِ وَالْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا عَلِمْت سَابِقًا وَإِبْدَالَهُ بِقَوْلِهِ وَأَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ لَا الْبَيْعِ، وَإِلَّا مُنِعَتْ (قَوْلُهُ بَلْ هِيَ لَاغِيَةٌ) أَيْ فَهِيَ بَاطِلَةٌ شَرْعًا كَالْمَعْدُومَةِ حِسًّا (قَوْلُهُ وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ) أَيْ وَلَيْسَتْ مُرَتَّبَةً عَلَى كَوْنِ الْإِقَالَةِ بَيْعًا بَلْ عَلَى الْبَيْعِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَيُكْتَبُ عُهْدَتُهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ) أَيْ بِحَيْثُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ

(قَوْلُهُ فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ، وَلَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَجَازَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الثَّانِي مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ.

(قَوْلُهُ وَتَوْلِيَةُ) عَطْفٌ عَلَى جُزَافٍ مِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ بِالْعَقْدِ جُزَافٌ وَالتَّوْلِيَةُ تَصْيِيرُ مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ وَهِيَ فِي الطَّعَامِ غَيْرِ الْجُزَافِ رُخْصَةٌ وَشَرْطُهَا كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ وَشَرِكَةُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالشَّرِكَةِ هُنَا جَعْلُ مُشْتَرٍ قَدْرًا لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِاخْتِيَارِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَوْلُهُ هُنَا احْتِرَازًا مِنْ الشَّرِكَةِ الْمُتَرْجَمِ عَنْهَا بِكِتَابِ الشَّرِكَةِ وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هُنَا إلَى مَبْحَثِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَقَوْلُهُ قَدْرًا أَخْرَجَ بِهِ التَّوْلِيَةَ وَقَوْلُهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ أَخْرَجَ بِهِ الْإِقَالَةَ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى شَيْئًا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ جَعَلَ قَدْرًا لِغَيْرِ بَائِعِهِ لَكِنْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَوْلُهُ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِدِينَارٍ، ثُمَّ جَعَلَ لِأَجْنَبِيٍّ مِنْهَا الرُّبُعَ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَلَا يَصْدُقُ عَلَى ذَلِكَ شَرِكَةٌ هُنَا (قَوْلُهُ كَالْقَرْضِ) خَبَرٌ عَنْ أَنَّ وَقَوْلُهُ كَالْإِقَالَةِ حَالٌ أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا فِي حَالِ كَوْنِهِمَا مُمَاثِلَيْنِ لِلْإِقَالَةِ كَالْقَرْضِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْرُوفِ أَيْ وَطَعَامُ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْك) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْك (قَوْلُهُ الثَّمَنَ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لِيَنْقُدَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَوْلَى وَقَوْلُهُ، أَوْ حِصَّتُك رَاجِعٌ لِلْمُشْرِكِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ) أَمَّا فِي الشَّرِكَةِ فَوَاضِحٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْرَكَ بِالْفَتْحِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ كُلَّهُ فَقَدْ سَلَّفَ الْمُشْرِكَ نِصْفَ الثَّمَنِ وَنِصْفُ الثَّمَنِ الْآخَرِ بَيْعٌ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ يَشْتَرِطُ النَّقْدَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَقَدْ لَا يَكُونُ مَعَهُ نَقْدٌ فَإِذَا اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ عَلَى مَنْ وَلَّاهُ أَنْ يَنْقُدَ الثَّمَنَ عَنْهُ ثُمَّ وَلَّاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ ذَلِكَ سَلَفًا ابْتِدَاءً مِنْ حَيْثُ شَرْطُ النَّقْدِ وَبَيْعًا انْتِهَاءً مِنْ حَيْثُ أَخْذُ الْمَبِيعِ فِي نَظِيرِ الثَّمَنِ كَذَا وُجِّهَ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَمْ تَظْهَرْ إلَّا فِي الشَّرِكَةِ) أَيْ وَلَا تَظْهَرُ فِي التَّوْلِيَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوَلِّيهِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَيَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ وَلَا سَلَفَ إلَّا إذَا كَانَ يَرْجِعُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ بِمَا دَفَعَ، وَهُوَ لَا يَرْجِعُ هُنَا فَمَا هُنَا مِنْ قَبِيلِ الْحَوَالَةِ لَا السَّلَفِ (قَوْلُهُ فَهَذَا الشَّرْطُ) أَيْ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْقُدْ عَنْك خَاصٌّ بِهَا، وَهُوَ الَّذِي فِي ح وَالْمَوَّاقِ وَالْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَمَا فِي تت مِنْ رُجُوعِهِ لِلتَّوَلِّيَةِ أَيْضًا لَا يُسَاعِدُهُ نَقْلٌ وَمَا وَجَّهَهُ بِهِ غَيْرُ صَحِيحٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ خَاصٌّ بِهَا) أَيْ، وَأَمَّا التَّوْلِيَةُ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ شَرَطَ الْمُوَلِّي عَلَى الْمُوَلَّى نَقْدَ الثَّمَنِ كُلِّهِ عَنْهُ قَالَ عبق وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ يَجْرِي فِي الشَّرِكَةِ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ، وَإِنْ كَانَ الْمُصَنِّفُ قَدْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ، وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْك فِي خُصُوصِ الشَّرِكَةِ فِي الطَّعَامِ (قَوْلُهُ قَدْرًا) أَيْ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَفِي أَجَلِهِ إنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَفِي حُلُولِهِ إنْ كَانَ حَالًّا (قَوْلُهُ أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ) أَيْ وَحُكْمُ الْإِقَالَةِ فِي هَذَا الشَّرْطِ حُكْمُهُمَا كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ اتِّفَاقِ الْعَقْدَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ نَعَمْ لَا يَتَأَتَّى فِيهَا اتِّفَاقُهُمَا فِي الْأَجَلِ وَالرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا التَّعْجِيلُ (قَوْلُهُ خَاصَّةً) أَيْ، وَأَمَّا بَعْدَ قَبْضِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ، أَوْ كَانَا فِي غَيْرِ الطَّعَامِ قَبْلَ الْقَبْضِ، أَوْ بَعْدَهُ فَكَذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ هَذَا الشَّرْطُ، وَهُوَ اسْتِوَاءُ الْعَقْدَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَبَقِيَ شَرْطٌ ثَالِثٌ) أَيْ لِجَوَازِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَأَمَّا فِي الْإِقَالَةِ فَلَا يُشْتَرَطُ إذْ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ كَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا) أَيْ، فَإِنْ كَانَ عَرَضًا مُنِعَا لِاخْتِلَافِ الْعَقْدَيْنِ لِعَدَمِ انْضِبَاطِ الْعَرْضَيْنِ فِي الْقِيمَةِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ

ص: 156

(وَإِلَّا) بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ (فَبَيْعٌ كَغَيْرِهِ) يُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُهُ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ كَعَدَمِ الْقَبْضِ وَتَبْطُلُ الرُّخْصَةُ فِي الثَّلَاثَةِ فَتَمْنَعُ الْإِقَالَةَ وَالتَّوْلِيَةَ وَالشَّرِكَةَ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا بَعْدَهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ طَعَامٍ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ كَمَا مَرَّ. .

(وَضَمِنَ) الْمُشْرَكُ بِفَتْحِ الرَّاءِ الشَّيْءَ (الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (الْمُعَيَّنَ) كَعَبْدٍ، وَهُوَ الْحِصَّةُ الَّتِي حَصَلَتْ لَهُ بِالشَّرِكَةِ فَقَطْ فَيَرْجِعُ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ مَعَ عَدَمِ قَبْضِهِ الْمُثَمَّنِ، وَلَوْ طَعَامًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ مَعَهُ مَعْرُوفًا (وَ) ضَمِنَ الْمُشْرَكَ وَالْمَوْلَى بِالْفَتْحِ (طَعَامًا كِلْتَهُ) يَا مُشْرِكُ، أَوْ مُوَلِّي بِالْكَسْرِ (وَصَدَّقَك) مَنْ شَرَكْتَهُ، أَوْ وَلَّيْتَهُ، ثُمَّ تَلِفَ وَأَوْلَى إنْ قَامَتْ لَك بَيِّنَةٌ (وَإِنْ أَشْرَكَهُ) أَيْ أَشْرَكَ الْمُشْتَرِي شَخْصًا سَأَلَهُ الشَّرِكَةَ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَشْرَكْتُك (حَمَلَ) التَّشْرِيكَ (وَإِنْ أَطْلَقَ) ، الْوَاوُ حَالِيَّةٌ، وَإِنْ زَائِدَةٌ (عَلَى النِّصْفِ) ، وَإِنْ قَيَّدَ بِشَيْءٍ فَوَاضِحٌ. .

(وَإِنْ)(سَأَلَ) شَخْصٌ (ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا) أَيْ شَرِكَةَ اثْنَيْنِ اشْتَرَيَا سِلْعَةً وَاتَّفَقَ نَصِيبُهُمَا بِأَنْ صَارَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا النِّصْفُ (فَلَهُ الثُّلُثُ) ، فَإِنْ اخْتَلَفَ نَصِيبُهُمَا فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَكِيلًا، أَوْ مَوْزُونًا مُنِعَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُمَا فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ رُخْصَةً وَالرُّخْصَةُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَأَجَازَهُمَا أَشْهَبُ فَتَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ الْإِقَالَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اتِّفَاقُ الثَّمَنَيْنِ قَدْرًا وَوُقُوعُهُمَا فِي كُلِّ الْمَبِيعِ وَوُقُوعُهَا بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ لَا الْبَيْعِ وَتَعْجِيلُ رَدِّ الثَّمَنِ إنْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ الْبَائِعُ وَشَرَطَ التَّوْلِيَةَ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ اسْتِوَاءُ الْعَقْدَيْنِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَأَجَلِهِ، أَوْ حُلُولِهِ وَفِي الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ إنْ كَانَ وَكَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا وَشَرْطُ الشَّرِكَةِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنْ لَا يَشْتَرِطَ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ عَلَى الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ وَأَنْ يَتَّفِقَ عَقْدَاهُمَا وَأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَالِاتِّفَاقُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ شَرْطٌ فِي الثَّلَاثَةِ وَكَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا شَرْطًا فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فَقَطْ دُونَ الْإِقَالَةِ وَاشْتِرَاطُ عَدَمِ النَّقْدِ عَنْهُ شَرْطٌ فِي الشَّرِكَةِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ) أَيْ بِأَنْ اشْتَرَطَ الْمُشْرِكُ بِالْكَسْرِ النَّقْدَ عَلَى الْمُشْرَكِ، أَوْ اخْتَلَفَ الْعَقْدَانِ فِي النَّقْدِ وَالتَّأْجِيلِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ وُجُوهِ الِاخْتِلَافِ، أَوْ كَانَ الثَّمَنُ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ غَيْرَ عَيْنٍ، أَوْ اخْتَلَفَ قَدْرُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْإِقَالَةِ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ بَيْعًا مُؤْتَنَفًا (قَوْلُهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ طَعَامٍ) أَيْ وَلَا إنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِي غَيْرِ طَعَامٍ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ) أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ عِلَّةَ الْمَنْعِ، وَهِيَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ تَجْرِي فِي غَيْرِ الطَّعَامِ أَيْضًا

(قَوْلُهُ وَضَمِنَ الْمُشْرِكُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْمُوَلِّي (قَوْلُهُ الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ، وَإِنْ ابْتَعْت سِلْعَةً بِعَيْنِهَا فَلَمْ تَقْبِضْهَا حَتَّى أَشْرَكْتَ فِيهَا، ثُمَّ هَلَكَتْ السِّلْعَةُ قَبْلَ قَبْضِ الشَّرِيكِ وَابْتَعْت طَعَامًا فَاكْتَلْته ثُمَّ أَشْرَكَتْ فِيهِ رَجُلًا فَلَمْ تُقَاسِمَهُ حَتَّى هَلَكَ الطَّعَامُ فَضَمَانُ ذَلِكَ مِنْكُمَا وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْحِصَّةُ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلشَّيْءِ الْمُشْتَرَى الْمُعَيَّنِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ كَعَبْدٍ وَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ أَيْ لَا بِكُلِّهِ إذْ لَا يَضْمَنُ الْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ حِصَّةَ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ، وَلَوْ طَعَامًا) يُفْرَضُ ذَلِكَ فِي الْجُزَافِ، وَإِلَّا فَمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ ضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ لَا مِنْ الْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ وَلَا مِنْ الْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ لِعَدَمِ قَبْضِهِمَا (قَوْلُهُ كِلْته) أَيْ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ أَنْ تُوَلِّيَ، أَوْ تُشْرِكَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَصَدَّقَك مَنْ شَرَكْتَهُ) أَيْ صَدَّقَك فِي وَفَاءِ الْكَيْلِ مِنْ بَائِعِك وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ضَمَانِ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكِ بِالْفَتْحِ تَصْدِيقُهُ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا عَلِمْتَ نَصَّهَا وَحَمَلَ الطِّخِّيخِيُّ وَالشَّيْخُ سَالِمٌ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَى شَخْصٌ طَعَامًا وَصَدَّقَ الْبَائِعُ فِي كَيْلِهِ، ثُمَّ وَلَّى غَيْرَهُ، أَوْ شَرَكَهُ فِيهِ ضَمِنَهُ الْمُوَلَّى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ بِمُجَرَّدِ التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَعَلَى هَذَا فَالْخِطَابُ لِبَائِعِ الْمُوَلِّي وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَسَيَأْتِي فِي السَّلَمِ انْتِقَالُ الضَّمَانِ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ إذَا قَالَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ كِلْت الطَّعَامَ عَلَى ذِمَّتِك وَوَضَعْته فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ تَعَالَ خُذْهُ وَصَدَّقَهُ فَتَلِفَ لَكِنْ لَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ فَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ خش وَغَيْرُهُ بَعِيدٌ.

(قَوْلُهُ حُمِلَ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ الْجُزْءُ الَّذِي لَا تَرْجِيحَ فِيهِ لِأَحَدِ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ الْوَاوُ حَالِيَّةٌ) أَيْ، وَإِنْ أَشْرَكَ حُمِلَ عَلَى النِّصْفِ وَالْحَالُ أَنَّهُ أُطْلِقَ وَهَذَا، أَوْلَى مِنْ قَوْلِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مُتَعَلِّقَ حُمِلَ أَيْ، وَإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ عَلَى مَا قَيَّدَ بِهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَى النِّصْفِ شَرْطٌ وَجَوَابٌ لَا مُبَالَغَةَ لِبُعْدِ ذَلِكَ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ حَذْفِ فَاءِ الْجَوَابِ اخْتِيَارًا وَهُوَ شَاذٌّ، وَإِنَّمَا لَمْ تُجْعَلْ الْوَاوُ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ التَّقْيِيدُ بِالنِّصْفِ فَهَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ حَمْلٌ وَإِنَّمَا الْحَمْلُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَالِاحْتِمَالِ، وَإِنْ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ التَّقْيِيدَ بِغَيْرِ النِّصْفِ فَهَذَا لَا يَقُولُ فِيهِ أَحَدٌ بِالْحَمْلِ عَلَى النِّصْفِ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ)(سَأَلَ ثَالِثٌ شَرِكَتَهُمَا) أَيْ سَأَلَهُمَا مُجْتَمِعَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا أَشْرِكَانِي فَقَالَا لَهُ أَشْرَكْنَاك (قَوْلُهُ، فَإِنْ اخْتَلَفَ نَصِيبُهُمَا) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَا شَرِيكَيْنِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فَإِذَا قَالَا لَهُ أَشْرَكْنَاك كَانَ لَهُ نِصْفُ الثُّلُثِ وَنِصْفُ الثُّلُثَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لَهُ النِّصْفُ وَلِلْأَوَّلِ السُّدُسُ وَلِلثَّانِيَّ الثُّلُثُ

ص: 157

كَمَا لَوْ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسَيْنِ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ، وَلَوْ اتَّفَقَ نَصِيبُهُمَا (وَإِنْ وَلَّيْت) شَخْصًا (مَا اشْتَرَيْت) مِنْ السِّلَعِ (بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ ثَمَنٍ (اشْتَرَيْت) بِهِ وَلَمْ تَذْكُرْ لَهُ ثَمَنًا وَلَا مُثَمَّنًا (جَازَ إنْ لَمْ تُلْزِمْهُ) الْمَبِيعَ بِأَنْ شَرَطْت لَهُ الْخِيَارَ، أَوْ سَكَتَّ (وَلَهُ الْخِيَارُ) إذَا رَآهُ وَعَلِمَ الثَّمَنَ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا، أَوْ عَرَضًا، أَوْ حَيَوَانًا وَعَلَيْهِ مِثْلُ صِفَةِ الْعَرَضِ، أَوْ الْحَيَوَانِ أَيْ إنْ كَانَ الْمِثْلُ حَاضِرًا عِنْدَهُ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ دَخَلَ عَلَى الْإِلْزَامِ لَمْ يَجُزْ لِلْمُخَاطَرَةِ وَالْقِمَارِ (وَإِنْ رَضِيَ) الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ (بِأَنَّهُ) أَيْ الْمَبِيعَ (عَبْدٌ) وَلَمْ يَعْلَمْ بِثَمَنِهِ (ثُمَّ عَلِمَ بِالثَّمَنِ فَكَرِهَ) شِرَاءَهُ، أَوْ عَكْسَهُ أَيْ رَضِيَ بِالثَّمَنِ، ثُمَّ عَلِمَ بِالْمُثَمَّنِ (فَكَرِهَ فَذَلِكَ لَهُ) . .

وَلَمَّا كَانَتْ الْأَبْوَابُ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الْمُنَاجَزَةُ سِتَّةً أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (وَالْأَضْيَقُ) مِمَّا يُطْلَبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ (صَرْفٌ) ؛ لِأَنَّهُ يَضُرُّ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ، أَوْ طُولُ الْمَجْلِسِ (ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ) مِنْ سَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ اُغْتُفِرَ فِيهِ الْمُفَارَقَةُ لِلْإِتْيَانِ بِالثَّمَنِ مِنْ نَحْوِ الْبَيْتِ وَالْإِحَالَةِ وَالتَّوْكِيلِ عَلَى الْقَبْضِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ (ثُمَّ تَوْلِيَةٌ وَشَرِكَةٌ فِيهِ) أَيْ فِي طَعَامِ السَّلَمِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِيهِمَا فِيمَا قَارَبَ الْيَوْمَ (ثُمَّ إقَالَةُ عُرُوضٍ وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ إقَالَةُ الْعُرُوضِ الْمُسْلَمِ فِيهَا فَيَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِفَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَهُوَ كَصَرِيحِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَلِذَا عَطَفَ صَرِيحَهُ عَلَى مَا يَلْزَمُ ذَلِكَ بِالْوَاوِ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الرُّتْبَةِ وَمِثَالُ صَرِيحِهِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِدَيْنِهِ فَيَفْسَخَهُ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ لِحَيْثِيَّةِ قَبْضِهِ وَمُقْتَضَى أَنَّهُ، أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ جَوَازُ تَأْخِيرِ الْيَوْمِ (ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ) بِالدَّيْنِ الْمُسْتَقِرِّ فِي الذِّمَّةِ كَبَيْعِ عَرَضٍ مِنْ سَلَمٍ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ، أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ بِثَمَنِهِ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فَتَأَمَّلْ (ثُمَّ ابْتِدَاؤُهُ) أَوْسَعُ لِاغْتِفَارِ التَّأْخِيرِ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَمَا قَرَّرْنَا بِهِ خِلَافَ الْمَشْهُورِ وَالْمَشْهُورُ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الصَّرْفِ وَفِي ابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَمَا لَوْ سَأَلَهُمَا بِمَجْلِسَيْنِ) أَيْ وَقَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ أَشْرِكْنِي فَقَالَ لَهُ أَشْرَكْتُك فَلَهُ نِصْفُ مَا لِكُلٍّ سَوَاءٌ اتَّفَقَ نَصِيبُهُمَا، أَوْ اخْتَلَفَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ.

(قَوْلُهُ جَازَ إنْ لَمْ تَلْزَمْهُ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا حَصَلَتْ بِصِيغَةِ التَّوْلِيَةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَسَدَ فِي صُورَتَيْ الْإِلْزَامِ وَالسُّكُوتِ وَصَحَّ إنْ شَرَطَ الْخِيَارَ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ إلَخْ) إنْ قُلْت تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ التَّوْلِيَةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ عَيْنًا قُلْت ذَلِكَ فِي التَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا فِيهِ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ فِي غَيْرِهِ مُطْلَقًا فَتَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ غَيْرَ عَيْنٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمِثْلُ حَاضِرًا عِنْدَهُ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ الْجَوَازِ إذَا كَانَ الثَّمَنُ حَاضِرًا عِنْدَ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِئَلَّا يَدْخُلَهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك؛ لِأَنَّ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ قَدْ بَاعَ مِثْلَ الثَّمَنِ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ بِالسِّلْعَةِ الَّتِي حَصَلَتْ التَّوْلِيَةُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ رَضِيَ) أَيْ، وَإِنْ عَلِمَ حِينَ التَّوْلِيَةِ بِأَنَّهُ أَيْ بِأَنَّ الْمَبِيعَ الَّذِي وَلَّاهُ لَهُ مُبْتَاعُهُ عَبْدٌ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِثَمَنِهِ) أَيْ حِينَ التَّوْلِيَةِ (قَوْلُهُ فَذَلِكَ لَهُ) أَيْ الْخِيَارُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَعْرُوفِ تَلْزَمُ الْمُوَلِّي بِالْكَسْرِ وَلَا تَلْزَمُ الْمُوَلَّى بِالْفَتْحِ إلَّا بِرِضَاهُ

(قَوْلُهُ الْمُفَارَقَةُ) أَيْ مُفَارَقَةُ الْمُتَصَارِفَيْنِ مَعًا، أَوْ أَحَدِهِمَا لِيَأْتِيَ بِدَرَاهِمِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ طُولُ الْمَجْلِسِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الِاصْطِرَافِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ إقَالَةُ طَعَامٍ مِنْ سَلَمٍ) أَيْ، ثُمَّ يَلِي الصَّرْفَ فِي الضِّيقِ الْإِقَالَةُ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ مِنْ سَلَمٍ ظَاهِرُ تَقْيِيدِهِ الْإِقَالَةَ الْمَذْكُورَةَ بِكَوْنِ الطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَنَّ الْإِقَالَةَ فِي الطَّعَامِ إذَا كَانَ مِنْ بَيْعٍ سَوَاءٌ وَقَعَتْ قَبْلَ قَبْضِهِ، أَوْ بَعْدَهُ يَجُوزُ فِيهَا تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ، وَلَوْ سَنَةً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ سَوَاءٌ كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي لَمْ يُقْبَضْ مِنْ سَلَمٍ، أَوْ مِنْ بَيْعٍ فَلَوْ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ بَعْدَ الْقَبْضِ، أَوْ التَّوْلِيَةِ، أَوْ الشَّرِكَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ فَلَا يَجْرِي فِيهَا مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِي كُلٍّ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدٍ بِزَمَنٍ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فِي الْعُرُوضِ فَيُشْتَرَطُ أَنْ تَكُونَ مِنْ سَلَمٍ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يَتَأَتَّى فِيهِ التَّعْلِيلُ بِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ رَدِّ الثَّمَنِ، وَلَوْ سَنَةً كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ مِنْ نَحْوِ الْبَيْتِ) أَيْ، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الْإِتْيَانِ بِهِ يَوْمًا وَمَا قَارَبَهُ فَهُوَ مَمْنُوعٌ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَرْتَبَةِ الْآتِيَةِ لِتَقَوِّيهِ هُنَا بِانْضِمَامِ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لَهُ فَارْتَفَعَتْ مَرْتَبَتُهُ فِي الْأَضْيَقِيَّةِ وَلَا يُقَالُ الْإِقَالَةُ فِي الطَّعَامِ لَيْسَتْ بَيْعًا فَكَيْفَ يَكُونُ فِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هَذِهِ الْإِقَالَةُ لَمَّا قَارَنَهَا التَّأْخِيرُ عُدَّتْ بَيْعًا لِخُرُوجِهَا عَنْ مَوْرِدِ الرُّخْصَةِ.

(قَوْلُهُ وَالْإِحَالَةُ) أَيْ إحَالَةُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ وَقَوْلُهُ وَالتَّوْكِيلُ أَيْ عَلَى قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ) أَيْ افْتِرَاقِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ مِنْ مَجْلِسِ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي طَعَامِ السَّلَمِ) أَيْ الْمُوَلَّى فِيهِ، أَوْ الْمُشْرَكِ فِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا قَارَبَ الْيَوْمَ) أَيْ وَيُمْنَعُ تَأْخِيرُهُ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) أَيْ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ، وَأَمَّا لَوْ بِيعَ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ بِدَيْنٍ فَهُوَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ إلَخْ) قَالَ ح التَّرْتِيبُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَضْيَقُ إلَخْ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ الصَّرْفِ وَبَيْنَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَشَدَّدُوا فِي الصَّرْفِ وَخَفَّفُوا فِي الْأَخِيرِ، وَأَمَّا مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْمَسَائِلِ فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذِهِ

ص: 158