المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب السلم وشروطه] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌[باب السلم وشروطه]

(كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) لِفَسَادِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ وَأُرِيدَ حَقِيقَتُهَا أَيْ الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ فَإِنْ أُرِيدَ الْمَدِينَةُ الْمُعَيَّنَةُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) الْعَقْدُ بِشَرْطِ أَنْ يَقْبِضَ الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِالْفُسْطَاطِ) وَهِيَ مِصْرُ الْقَدِيمَةُ (وَقَضَى) الْوَفَاءَ (بِسُوقِهَا) أَيْ سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ إنْ تَنَازَعَا فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْهَا إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ (وَإِلَّا فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا) إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ فَيَعْمَلُ بِهِ

(دَرْسٌ){بَابٌ} ذُكِرَ فِيهِ السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (شَرْطُ) صِحَّةِ عَقْدِ (السَّلَمِ) وَهُوَ بَيْعٌ يَتَقَدَّمُ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ وَيَتَأَخَّرُ الْمُثَمَّنُ لِأَجَلٍ وَهِيَ سَبْعَةٌ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ أَوَّلُهَا (قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ) وَرَأْسُ الشَّيْءِ أَصْلُهُ وَلَمَّا كَانَ مَا يُعَجَّلُ أَصْلًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ سُمِّيَ رَأْسَ الْمَالِ فَالْمُرَادُ بِالْمَالِ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَرَأْسُهُ الْمُسْلَمُ (أَوْ تَأْخِيرُهُ) بَعْدَ الْعَقْدِ (ثَلَاثًا) مِنْ الْأَيَّامِ (وَلَوْ بِشَرْطٍ) لِخِفَّةِ الْأَمْرِ لِأَنَّ مَا قَارَبَ الشَّيْءَ يُعْطَى حُكْمُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ أَجَلُ السَّلَمِ كَيَوْمَيْنِ وَذَلِكَ فِيمَا شُرِطَ قَبْضُهُ بِبَلَدٍ آخَرَ عَلَى مَا يَأْتِي وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ هَذِهِ الْمُدَّةَ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ فَيَجِبُ أَنْ يُقْبَضَ بِالْمَجْلِسِ أَوْ مَا يَقْرَبُ مِنْهُ وَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ فَالْمُضِرُّ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْهَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ نَقْدًا أَيْ مُعَجَّلًا أَوْ فِي حُكْمِ النَّقْدِ وَلَا يُؤَخَّرُ بِشَرْطٍ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ انْتَهَى (وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ) عَلَى الثَّلَاثَةِ بِلَا شَرْطٍ (إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا) بِأَنْ لَا يَحِلَّ أَجَلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَدَمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الْأَجَلِ حَلَفَا وَفُسِخَ إنْ حُكِمَ بِهِ (قَوْلُهُ كَفَسْخِ مَا يُقْبَضُ بِمِصْرَ) يَعْنِي أَنَّ الْعَقْدَ إذَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمَ يَقْبِضُ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي مِصْرَ وَأُرِيدَ بِهَا الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ فَإِنَّ الْعَقْدَ يُفْسَخُ لِلْجَهْلِ بِالْمَوْضِعِ الَّذِي يُقْبَضُ فِيهِ السَّلَمُ (قَوْلُهُ أَيْ الْقُطْرُ بِتَمَامِهِ) وَحَدُّهُ طُولًا مِنْ أُسْوَانَ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة وَعَرْضُهُ مِنْ عُقْبَةَ أيلة لِبَرْقَةَ (قَوْلُهُ بِالْفُسْطَاطِ) أَيْ أَوْ بِمِصْرَ الْقَاهِرَةِ لِعَدَمِ الْجَهْلِ وَالْفُسْطَاطُ بِضَمِّ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا وَسُمِّيَتْ مِصْرُ الْقَدِيمَةُ بِذَلِكَ لِضَرْبِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ بِهَا فُسْطَاطَه أَيْ خَيْمَتَهُ حِينَ فَتَحَهَا وَأَرْسَلَ يَسْتَشِيرُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فِي سُكْنَاهُ بِهَا أَوْ فِي الْإِسْكَنْدَرِيَّة لِأَنَّهَا دَارُ الْمُلْكِ إذْ ذَاكَ فَقَالَ عُمَرُ لِلرَّسُولِ أَيُّهُمَا تَبْلُغُهُ رَاحِلَتِي فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتُ فَقَالَ لَهُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا تَصِلُ إلَى الْإِسْكَنْدَرِيَّة إلَّا فِي السُّفُنِ وَتَصِلُ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ فِي أَيِّ وَقْتٍ شِئْتَ فَقَالَ عُمَرُ لَا يَسْكُنُ أَمِيرِي حَيْثُ لَا تَصِلُ إلَيْهِ رَاحِلَتِي قُلْ لَهُ يَسْكُنْ حَيْثُ هُوَ نَازِلٌ (قَوْلُهُ وَقَضَى بِسَوْقِهَا) حَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ قَبْضَ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِالْفُسْطَاطِ كَانَ جَائِزًا فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ فِي مَحَلِّ الْقَبْضِ مِنْ الْفُسْطَاطِ قُضِيَ بِالْقَبْضِ فِي سُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ مِنْ الْفُسْطَاطِ إنْ كَانَ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ بِالْفُسْطَاطِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلْبَلَدِ كَانَ مُرْتَبِطًا بِمَا قَبْلَهُ خَاصًّا بِهِ أَيْ وَقَضَى بِسُوقِ الْبَلَدِ الْمُعَدِّ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ وَإِنْ جُعِلَ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلسِّلْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ كَانَ عَامًّا لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا أَكْرَيْت حَمَّارًا عَلَى حَمْلِ إرْدَبٍّ مَثَلًا لِلْفُسْطَاطِ فَيَلْزَمُ الْحَمَّارَ حَمْلُهُ عَلَى حِمَارِهِ لِسُوقِ تِلْكَ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ لِتِلْكَ السِّلْعَةِ سُوقٌ فِي تِلْكَ الْبَلَدِ فَفِي أَيِّ مَكَان مِنْهَا أَيْ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ قَضَاهُ بَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ وَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ قَبُولُهُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُرْفٍ خَاصٍّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ بِالْقَضَاءِ بِمَحَلٍّ خَاصٍّ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ

[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

{بَابُ السَّلَمِ}

(قَوْلُهُ وَهِيَ سَبْعَةٌ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ شَرْطُ السَّلَمِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ جَمِيعَ شُرُوطِهِ (قَوْلُهُ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ قَبْضُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَأْسَ الْمَالِ وَإِنَّمَا أُكِّدَ بِكُلِّهِ لِفَسَادِ جَمِيعِهِ بِتَأْخِيرِ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهَا وَلَوْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ أَصْلًا لِلْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْلَا هُوَ مَا حَصَلَ وَقَوْلُهُ سُمِّيَ أَيْ ذَلِكَ الْمُعَجَّلُ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالْمَالِ) أَيْ الْمُضَافُ إلَيْهِ رَأْسُ (قَوْلُهُ أَوْ تَأْخِيرُهُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَذَكَّرَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِشَرْطٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَأْخِيرُهَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَأْخِيرُهَا بِشَرْطٍ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ سَحْنُونٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَغْدَادِيِّينَ بِفَسَادِ السَّلَمِ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ بِشَرْطٍ لِظُهُورِ قَصْدِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ مَعَ الشَّرْطِ وَعَدَمِ قَصْدِهِ مَعَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَاخْتَارَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ الْكَاتِبِ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْنُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ) أَيْ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَعْنِي فِي غَيْرِ مَحَلِّ الرُّخْصَةِ لِأَنَّ السَّلَمَ رُخْصَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ ذَلِكَ وَمِنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّأْخِيرَ الْمَذْكُورَ مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي قُوَّةِ قَوْلِنَا شَرْطُ السَّلَمِ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ رَأْسُ الْمَالِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهَذَا صَحِيحٌ أَوْ يُجَابُ بِأَنَّ الشَّرْطِيَّةَ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَيْ أَنَّ شَرْطَ السَّلَمِ أَحَدُ شَيْئَيْنِ إمَّا الْقَبْضُ أَوْ التَّأْخِيرُ ثَلَاثًا فَدُونَ فَإِنْ فُقِدَا بِأَنْ تَأَخَّرَا أَكْثَرَ فُقِدَ الشَّرْطُ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يُقْبَضَ بِالْفِعْلِ أَوْ يُؤَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ مُعَجَّلًا إلَخْ) أَيْ فَالشَّرْطِيَّةُ مُنَصَّبَةٌ عَلَى الْأَحَدِ الدَّائِرِ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ وَهَذَا يَرْجِعُ فِي الْمَعْنَى لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَفِي فَسَادِهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا أَخَّرَ رَأْسَ الْمَالِ عَنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَسَدَ السَّلَمُ اتِّفَاقًا كَانَ

ص: 195

فَسَادِهِ (تَرَدُّدٌ) فَإِنْ أُخِّرَ بِشَرْطٍ وَإِنْ قَلَّ أَوْ كَثُرَ جِدًّا حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ فَسَدَ اتِّفَاقًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ إطْلَاقُهُ مِنْ أَنَّ التَّرَدُّدَ جَارٍ فِي التَّأْخِيرِ بِشَرْطٍ وَبِغَيْرِهِ وَأَنَّ التَّأْخِيرَ إنْ كَثُرَ جِدًّا وَلَوْ لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ مُفْسِدٌ قَطْعًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ثُمَّ الْمُعْتَمَدُ الْفَسَادُ بِالزِّيَادَةِ وَلَوْ قَلَّتْ بِغَيْرِ شَرْطٍ

(وَجَازَ) السَّلَمُ (بِخِيَارٍ) فِي عَقْدِهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ (لِمَا يُؤَخَّرُ) رَأْسُ الْمَالِ (إلَيْهِ) وَهُوَ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامِ فَقَطْ وَلَوْ فِي رَقِيقٍ وَدَارٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (إنْ لَمْ يَنْقُدْ) رَأْسَ الْمَالِ وَلَوْ تَطَوُّعًا وَإِلَّا فَسَدَ لِلتَّرَدُّدِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَشَرْطُ النَّقْدِ مُفْسِدٌ وَلَوْ لَمْ يَنْقُدْ وَإِنْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ بِالنَّقْدِ تَطَوُّعًا إنْ كَانَ الْمَنْقُودُ مِمَّا تَقْبَلُهُ الذِّمَّةُ بِأَنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ كَثَوْبٍ أَوْ حَيَوَانٍ مُعَيَّنٍ فَيَجُوزُ نَقْدُهُ تَطَوُّعًا فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُفْسِدٌ مُطْلَقًا حَصَلَ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ أَمْ لَا وَأَنَّ النَّقْدَ تَطَوُّعًا جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ، فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ بِعَيْنِهِ أَفْسَدَ إنْ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِلَّا فَلَا (وَجَازَ) السَّلَمُ أَيْضًا (بِمَنْفَعَةِ) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَسُكْنَى دَارٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ إنْ قُبِضَتْ وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

التَّأْخِيرُ كَثِيرًا جِدًّا بِأَنْ حَلَّ أَجَلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَكْثُرْ جِدًّا بِأَنْ لَمْ يَحِلَّ أَجَلُهُ، وَإِنْ كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ فَقَوْلَانِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ بِفَسَادِ السَّلَمِ وَعَدَمِ فَسَادِهِ سَوَاءٌ كَثُرَ التَّأْخِيرُ جِدًّا أَوْ لَا إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أُمُورًا أَرْبَعَةً: الْأَوَّلُ أَنَّ ظَاهِرَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بِشَرْطٍ أَمْ لَا مَعَ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَتْ بِلَا شَرْطٍ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ اتِّفَاقًا، الثَّانِي أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ كَثُرَتْ جِدًّا لَا يَخْتَلِفُ فِي الْفَسَادِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْخِلَافُ فِي الزِّيَادَةِ بِلَا شَرْطٍ وَلَوْ كَثُرَتْ جِدًّا وَحَلَّ أَجَلُ السَّلَمِ، الثَّالِثُ أَنَّ تَعْبِيرَهُ بِالتَّرَدُّدِ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِهِ فَقَدْ قَالَ ح الْقَوْلَانِ كِلَاهُمَا لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، الرَّابِعُ كَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ لِتَصْرِيحِ ابْنِ بَشِيرٍ بِأَنَّهُ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي نَقْلِ ح عَنْهُ اُنْظُرْ بْن وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ مَا فِي عِبَارَةِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعج.

(قَوْلُهُ أَوْ كَثُرَ جِدًّا) أَيْ وَكَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ (قَوْلُهُ فَسَدَ اتِّفَاقًا) أَيْ فَالِاتِّفَاقُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ وَالْخِلَافُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَتْ الزِّيَادَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَا شَرْطٍ وَلَمْ تَبْلُغْ أَجَلَ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّ التَّأْخِيرَ) أَيْ مُطْلَقًا وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ بَلْ التَّأْخِيرُ إذَا كَثُرَ جِدًّا إنْ كَانَ بِشَرْطٍ كَانَ مُفْسِدًا مُطْلَقًا حَلَّ الْأَجَلُ أَوْ لَمْ يَحِلَّ بِاتِّفَاقٍ، وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ أَفْسَدَ اتِّفَاقًا إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَإِلَّا فَمِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت عَدَمَ صِحَّتِهِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ بِخِيَارٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِخِيَارٍ وَقَوْلُهُ لِمَا يُؤَخَّرُ إلَيْهِ اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى وَمَا وَاقِعَةٌ عَلَى زَمَانٍ أَوْ أَجَلٍ وَضَمِيرُ يُؤَخَّرُ رَاجِعٌ لِرَأْسِ الْمَالِ لَا عَلَى مَا فَكَانَ الْوَاجِبُ إبْرَازَ الضَّمِيرِ أَيْ لِمَا يُؤَخَّرُ هُوَ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي رَقِيقٍ وَدَارٍ) وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ رَقِيقًا أَيْ أَوْ دَارًا وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ الدَّارَ مُسْلَمٌ فِيهَا لِمَا سَيَأْتِي مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ أَمَدَ الْخِيَارِ هُنَا ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الْأَنْوَاعِ كُلِّهَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذَهَبَ ابْنُ مُحْرِزٍ إلَى أَنَّ الْخِيَارَ يَخْتَلِفُ هُنَا بِاخْتِلَافِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ مِنْ دَارٍ وَرَقِيقٍ وَغَيْرِهِمَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ وَرَدَّهُ عِيَاضٌ وَابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ نَقْدُهُ) الْأَوْلَى اشْتِرَاطُ الْخِيَارِ مَعَ نَقْدِهِ تَطَوُّعًا (قَوْلُهُ مُفْسِدٌ) أَيْ لِلسَّلَمِ الْوَاقِعِ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا) إنْ قُلْت إذَا كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَثَوْبٍ وَحَيَوَانٍ فَلَا يَلْزَمُ فِي نَقْدِهِ بِشَرْطِ سَلَفٍ فَمَا وَجْهُ مَنْعِهِ قُلْت وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ فِيهِ دُخُولًا عَلَى غَرَرٍ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا تَمَّ الْبَيْعُ كَانَ ثَمَنًا وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَمَامِهِ كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ بَاطِلًا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْخِيَارِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ أَمَدَ الْخِيَارِ كَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلْمُبْتَاعِ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ أَمَدَ الْخِيَارِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ كَانَ قَدْ انْتَفَعَ بِالسِّلْعَةِ بَاطِلًا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ جَائِزٌ) أَيْ فِي السَّلَمِ الْوَاقِعِ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ كَسُكْنَى دَارٍ) أَيْ كَأُسْلِمُكَ سُكْنَى دَارِي هَذِهِ أَوْ خِدْمَةَ عَبْدِي فُلَانٍ أَوْ رُكُوبَ دَابَّتِي هَذِهِ شَهْرًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ آخُذُهُ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ إنْ قُبِضَتْ) أَيْ الْمَنْفَعَةُ أَيْ إنْ شَرَعَ فِي قَبْضِهَا وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَنْفَعَةَ الْمُعَيَّنِ سَوَاءٌ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا أَوْ عَرْضًا كَسَفِينَةٍ مَثَلًا مُلْحَقَةٌ بِالْعَيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِهَا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَقَبْضُهَا بِقَبْضِ أَصْلِهَا ذِي الْمَنْفَعَةِ وَالشُّرُوعِ فِي اسْتِيفَائِهَا مِنْهُ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ أَصْلِهَا حِينَ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَ مُجَاوَزَةِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالشُّرُوعِ فِي قَبْضِهَا مِنْهُ وَيُكْتَفَى بِذَلِكَ فِي سَلَمِ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ قُلْنَا إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَدْ اسْتَخِفُّوهُ فِي السَّلَمِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ) كَأُسْلِمُكَ سُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ سَنَةً فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ آخُذُهُ مِنْك بَعْدَ مُضِيِّ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلَوْ تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ فَلَا يَجُوزُ إذَا تَأَخَّرَ اسْتِيفَاؤُهَا عَنْ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ

ص: 196

وَإِنَّمَا مُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَهَذَا ابْتِدَاءً دَيْنٌ فِي دَيْنٍ وَهُوَ أَخَفُّ وَاحْتُرِزَ بِمُعَيَّنٍ عَنْ مَنْفَعَةٍ مَضْمُونَةٍ فَلَا يَجُوزُ كَقَوْلِ الْمُسْلِمِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَحْمِلُك إلَى مَكَّةَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ فِي ذِمَّتِك تَدْفَعُهُ لِي وَقْتَ كَذَا

(وَ) جَازَ (بِجُزَافٍ) وَيُعْتَبَرُ فِيهِ شُرُوطُ بَيْعِهِ (وَ) جَازَ (تَأْخِيرُ حَيَوَانٍ) جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ وَلَوْ إلَى أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (بِلَا شَرْطٍ) وَيُمْنَعُ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ) يَجُوزُ تَأْخِيرُ كُلٍّ بِلَا شَرْطٍ (إنْ كِيلَ) الطَّعَامُ (وَأُحْضِرَ) الْعَرْضُ مَجْلِسَ الْعَقْدِ لِانْتِقَالِ ضَمَانِهِمَا لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَبَضَهُمَا فَتَرْكُهُ بَعْدَ ذَلِكَ لِقَبْضِهِمَا لَا يَضُرُّ فَإِنْ لَمْ يَكِلْ الطَّعَامَ وَلَمْ يُحْضِرْ الْعَرْضَ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ (أَوْ كَالْعَيْنِ) لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُمَا عَنْ الثَّلَاثَةِ بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا حَصَلَ كَيْلٌ أَوْ إحْضَارٌ أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُهُ وَالنَّقْلُ الْكَرَاهَةُ فَالْمُرَادُ كَالْعَيْنِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ (تَأْوِيلَانِ)

(وَ) جَازَ (رَدُّ زَائِفٍ) وُجِدَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ (وَعُجِّلَ) بَدَلُهُ وُجُوبًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيُغْتَفَرُ الثَّلَاثَةُ بِالشَّرْطِ وَهَذَا إنْ قَامَ بِالْبَدَلِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِكَثِيرٍ فَإِنْ قَامَ بِهِ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِكَيَوْمَيْنِ جَازَ التَّأْخِيرُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ (وَإِلَّا) يُعَجِّلْ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ أَخَّرَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِلَا بِشَرْطٍ (فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) فَقَطْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَإِنَّمَا مُنِعَتْ عَنْ دَيْنٍ) أَيْ وَإِنَّمَا مُنِعَ أَخْذُ مَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ عَنْ الدَّيْنِ أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَمَّا أَشْهَبُ فَيُجِيزُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَمِلَ بِهِ عج فِي نَازِلَةٍ وَهِيَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ حَانُوتٌ فِيهِ مُجَلِّدٌ فَتَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ أُجْرَةٌ فَدَفَعَ لَهُ كُتُبًا يُجَلِّدُهَا لَهُ بِمَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ) مَحَلُّ مَنْعِ السَّلَمِ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مَا إذَا لَمْ يَشْرَعْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي اسْتِيفَائِهَا وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي خش تَبَعًا لِلَّقَانِيِّ قَالَ بْن وَهُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَى هَذَا فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ الْمَنْفَعَةَ بِالْمُعَيَّنِ لَا مَفْهُومَ لَهُ لِأَنَّ الْمُعَيَّنَ شُرِطَ فِي جَوَازِ السَّلَمِ بِمَنَافِعِهِ الشُّرُوعُ أَيْضًا وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ اهـ بْن وَقَالَ عج لَا يَجُوزُ السَّلَمُ بِالْمَنَافِعِ الْمَضْمُونَةِ مُطْلَقًا وَلَوْ شَرَعَ فِيهَا مُتَمَسِّكًا بِظَاهِرِ النَّقْلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ عبق وَهُوَ ظَاهِرُ شَارِحِنَا وَاعْتَمَدَهُ بَعْضُهُمْ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

{تَنْبِيهٌ} لَوْ وَقَعَ السَّلَمُ بِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ وَتَلِفَ ذُو الْمَنْفَعَةِ الْمُعَيَّنِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ بِقِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي لَمْ تُقْبَضْ وَلَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ قِيَاسًا لِلْمَنْفَعَةِ عَلَى الدَّرَاهِمِ الزَّائِفَةِ اُنْظُرْ عبق

(قَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ إلَخْ) لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى أَنَّ تَأْخِيرَ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إنْ كَانَ عَيْنًا لَا يَجُوزُ ذِكْرُ حُكْمِ تَأْخِيرِ رَأْسِ الْمَالِ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إذَا كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَقَوْلُهُ وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ أَيْ عَنْ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ بِلَا شَرْطٍ) أَيْ وَأَمَّا مَعَ الشَّرْطِ فَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ إلَّا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) لَا يُقَالُ هَذَا التَّعْلِيلُ مَوْجُودٌ فِيمَا إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِلَا شَرْطٍ لِأَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إذَا كَانَ التَّأْخِيرُ بِشَرْطٍ فَقَوْله يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَيْ بِالشَّرْطِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِحَوْزِهِ بَلْ تَرَكَهُمَا فِي حَوْزِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا كَانَا يَغْلِبُ عَلَيْهِمَا أَشْبَهَا الْعَيْنَ فَيُؤَدِّي لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ فَإِنَّ تَأْخِيرَهُ لَا يُؤَدِّي لِذَلِكَ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَلَا يُقَالُ لَهُ دَيْنٌ (قَوْلُهُ وَالنَّقْلُ أَنَّهُ يُكْرَهُ) أَيْ النَّقْلُ أَنَّ الْقَوْلَ الثَّانِي يَقُولُ بِالْكَرَاهَةِ مُطْلَقًا لَا بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَظَاهِرُ التَّشْبِيهِ بِالْعَيْنِ أَنَّ ذَلِكَ الْقَوْلَ قَائِلٌ بِالْحُرْمَةِ مُطْلَقًا وَأَجَابَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَالْمُرَادُ إلَخْ أَيْ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ التَّشْبِيهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْمُسْتَوِي أَوْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ النَّهْيِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إذَا كَانَا رَأْسَ مَالٍ عَنْ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ إنْ كَانَ بِشَرْطٍ مُنِعَ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ بِلَا شَرْطٍ فَالْجَوَازُ إنْ كِيلَ الطَّعَامُ وَأُحْضِرَ الْعَرْضُ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ وَإِلَّا كُرِهَ وَقِيلَ بِكَرَاهَةِ تَأْخِيرِهِمَا بِلَا شَرْطٍ مُطْلَقًا وَلَوْ كِيلَ الطَّعَامُ أَوْ أُحْضِرَ الْعَرْضُ هَذَا حَاصِلُ النَّقْلِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّ زَائِفٍ) أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّ زَائِفٍ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الزَّائِفَ هُوَ الْمَغْشُوشُ بِأَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ مَخْلُوطًا بِنُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَأَمَّا لَوْ وَجَدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي رَأْسِ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا خَالِصًا فَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدَّهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَخْذُ بَدَلِهِ بَلْ يَفْسُدُ مُقَابِلُهُ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بِهِ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّ ذَلِكَ مِثْلُ الْمَغْشُوشِ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ رَدُّهُ عَلَى الْمُسْلِمِ وَأَخْذُ بَدَلِهِ وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ الْبَدَلَ وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ شَهْرَيْنِ) بَلْ وَلَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَعَجَّلَ بَدَلَهُ) أَيْ وَوَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يُعَجِّلَ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ فَيُغْتَفَرُ الثَّلَاثَةُ) أَيْ فَيُغْتَفَرُ تَأْخِيرُ رَدِّ الْبَدَلِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَوْ بِالشَّرْطِ وَأَمَّا التَّأْخِيرُ أَكْثَرَ مِنْهَا فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَيَفْسُدُ السَّلَمُ فِيمَا قَابَلَ الزَّائِفَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وُجُوبُ تَعْجِيلِ رَدِّ الْبَدَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَعَدَمُ اغْتِفَارِ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ جَازَ التَّأْخِيرُ) أَيْ لِرَدِّ الْبَدَلِ وَقَوْلُهُ مَا شَاءَ وَلَوْ بِشَرْطٍ أَيْ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَقْدِ أَنَّهُ إذَا رَدَّ زَائِفًا ظَهَرَ لَهُ لَا يَدْفَعُ لَهُ بَدَلَهُ إلَّا بَعْدَ جُمُعَةٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُعَجِّلْ) أَيْ بَدَلَ الزَّائِفِ (قَوْلُهُ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ) أَيْ الزَّائِفُ وَصَحَّ الْبَاقِي إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ نَفْسِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ فَقَوْلُهُ عَلَى

ص: 197

(لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ) إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَلَمْ يَدْخُلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ بَلْ رَضِيَ بِالزَّائِفِ أَوْ سَامَحَ مِنْ عِوَضِهِ لَمْ يَفْسُدْ مَا يُقَابِلُهُ أَوْ دَخَلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى التَّأْخِيرِ كَثِيرًا إنْ ظَهَرَ زَائِفٌ فَسَدَ الْجَمِيعُ وَكَذَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ إنْ وَقَعَ عَقْدُ السَّلَمِ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَوْصُوفٍ وَجَبَ رَدُّ مِثْلِ مَا ظَهَرَ مَعِيبًا (وَ) جَازَ لِلْمُسْلِمِ (التَّصْدِيقُ) أَيْ تَصْدِيقُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِي السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ أَيْ فِي كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَعَدَدِهِ إذَا أَتَى بِهِ بَعْدَ أَجَلِهِ لَا قَبْلَهُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ مَنْعِهِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ (كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِيهِ لَا مِنْ قَرْضٍ (ثُمَّ) إنْ وَجَدْت نَقْصًا أَوْ زَيْدًا عَلَى مَا صَدَّقْت فِي السَّلَمِ وَالْبَيْعِ يَكُنْ (لَك) أَيُّهَا الْمُصَدِّقُ (أَوْ عَلَيْك الزَّيْدُ وَالنَّقْصُ الْمَعْرُوفُ) فِيهِمَا (وَإِلَّا) يَكُنْ الزَّيْدُ مَعْرُوفًا بَلْ فَاحِشًا وَجَبَ رَدُّ الزَّائِدِ كُلِّهِ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ الْمُتَعَارَفَ وَتَرَكَ هَذَا لِوُضُوحِهِ وَأَشَارَ لِلْمُتَفَاحِشِ مِنْ النَّقْصِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (لَا رُجُوعَ لَك) عَلَيْهِ (إلَّا بِتَصْدِيقٍ) مِنْهُ (أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ) مِنْ وَقْتِ قَبْضِهِ إلَى وُجُودِ النَّقْصِ أَوْ بَيِّنَةٍ حَضَرَتْ كَيْلَ الْبَائِعِ وَشَهِدَتْ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي مِنْ النَّقْصِ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ النَّقْصِ (وَحَلَفَ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ وَالْبَيِّنَةِ (لَقَدْ أَوْفَى) جَمِيعَ (مَا سَمَّى) لِلْمُشْتَرِي الْمُصَدِّقِ لَهُ وَهَذَا إنْ ادَّعَى أَنَّهُ اكْتَالَهُ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ اكْتَالَهُ وَلَا قَامَ عَلَى كَيْلِهِ بَلْ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَى شَخْصٍ أَوْ وَكِيلٍ فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ) يَحْلِفُ (لَقَدْ بَاعَهُ) الصَّوَابُ لَقَدْ وَصَلَهُ أَوْ أُرْسِلَ لَهُ (مَا) أَيْ الْقَدْرُ الَّذِي (كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ) أَوْ قِيلَ لَهُ بِهِ (إنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ (مُشْتَرِيهِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ بِأَنَّهُ كَتَبَ لَهُ أَنَّ قَدْرَ مَا أَرْسَلْته لِلْمُشْتَرِي كَذَا (وَإِلَّا)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَحْسَنِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ (قَوْلُهُ لَا الْجَمِيعُ) أَيْ وَلَا يَفْسُدُ الْجَمِيعُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ فَسَادَ مَا يُقَابِلُ الزَّائِفَ فَقَطْ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا وَأَنْ يُقَوَّمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِالزَّائِفِ وَأَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ الْأَجَلِ عِنْدَ قِيَامِهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ وَأَمَّا لَوْ قَامَ بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ فَلَا يَفْسُدُ مَا يُقَابِلُهُ وَيَجِبُ إبْدَالُهُ وَأَنْ لَا يَدْخُلَا عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَى تَأْخِيرِ بَدَلِ مَا يَظْهَرُ زَائِفًا تَأْخِيرًا كَثِيرًا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ بِالْبَدَلِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقُمْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِبَدَلِ الزَّائِفِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يُطَالِبْ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ وَوَقَعَ عَقْدُ السَّلَمِ عَلَى عَيْنِهِ ثُمَّ ظَهَرَ فِيهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا عَيْبٌ وَأَمَّا إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ وَلَمْ يَقَعْ الْعَقْدُ عَلَى عَيْنِهِ بَلْ كَانَ مَوْصُوفًا فَلَا يَفْسُدُ الْعَقْدُ إذَا ظَهَرَ فِيهِ أَوْ فِي بَعْضِهِ عَيْبٌ بَلْ يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِ ذَلِكَ الْمَعِيبِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ) أَيْ لَا بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ بِهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ (قَوْلُهُ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ مَنْعِهِ) أَيْ مِنْ مَنْعِ التَّصْدِيقِ فِي مُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ أَيْ خَوْفًا مِنْ ظُهُورِ نَقْصٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَظُهُورُ زِيَادَةٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك (قَوْلُهُ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) أَيْ عَلَى الْحُلُولِ (قَوْلُهُ الزَّيْدُ وَالنَّقْصُ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ عَلَى قَوْلِهِ لَك وَعَلَيْك أَيْ فَلَكَ الزِّيَادَةُ وَعَلَيْك النَّقْصُ سَوَاءٌ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا وَحَكَى ح هُنَا الْخِلَافَ إذَا اشْتَرَى دَارًا عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا مَثَلًا فَوُجِدَتْ أَكْثَرَ هَلْ يَفُوزُ بِهِ الْمُشْتَرِي أَوْ يَكُونُ شَرِيكًا فِي الزَّائِدِ وَأَمَّا إذَا وَجَدَهَا الْمُشْتَرِي أَنْقَصَ فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ (قَوْلُهُ الْمَعْرُوفُ فِيهِمَا) أَيْ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعُرْفُ بَيْنَ النَّاسِ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْإِرْدَبَّ ثَلَاثًا وَعِشْرِينَ رُبْعًا أَوْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ رُبْعًا فَإِنَّ هَذَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ فِي الْغَالِبِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بَعْدَ التَّصْدِيقِ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ فِي النَّقْصِ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ فِي حَالَةِ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ هَذَا) أَيْ الْكَلَامَ عَلَى الزِّيَادَةِ الْفَاحِشَةِ (قَوْلُهُ وَشَهِدَتْ بِمَا قَالَ الْمُشْتَرِي) أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ حِينَ الْكَيْلِ كَانَ نَاقِصًا لِهَذَا الْقَدْرِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ النَّقْصِ) أَيْ وَلَا يُتْرَكُ لَهُ قَدْرُ الْمُتَعَارَفِ ثُمَّ إنَّهُ إنْ كَانَ الطَّعَامُ مَضْمُونًا كَمَا فِي السَّلَمِ رَجَعَ بِمِثْلِ النَّقْصِ وَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مُعَيَّنًا كَمَا فِي الْبَيْعِ رَجَعَ بِحِصَّةِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْدِيقِ) أَيْ تَصْدِيقِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالْبَائِعِ عَلَى النَّقْصِ (قَوْلُهُ وَالْبَيِّنَةِ) أَيْ وَعِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي تَشْهَدُ لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي بِالنَّقْصِ الَّذِي يَدَّعِي بِهِ (قَوْلُهُ الْمُصَدِّقِ لَهُ) أَيْ عَلَى الْكَيْلِ (قَوْلُهُ بَلْ بَعَثَ بِهِ) أَيْ بِالْمَكِيلِ وَقَوْلُهُ إلَيْهِ أَيْ إلَى الْمُسْلِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ مِنْ دَيْنٍ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعِ وَذَلِكَ بِأَنْ اكْتَالَهُ وَكِيلُ الْبَائِعِ أَوْ مَدِينُهُ وَأَرْسَلَهُ لِلْمُشْتَرِي وَكَتَبَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمَدِينُ وَرَقَةً لِلْبَائِعِ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ أَرْسَلَ لَهُ رَسُولًا أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَوْ أَخْبَرَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ بِذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي اكْتَالَهُ وَأَرْسَلَهُ إلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ الصَّوَابُ لَقَدْ وَصَلَهُ) أَيْ لِأَنَّ هَذَا جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ وَالْمُشْتَرِي وَالْمُسْلِمُ لَا يُنَازَعُ فِي الْبَيْعِ لِحُصُولِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهُ هَلْ وَصَلَ لَهُ أَوْ أُرْسِلَ لَهُ مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ أَمْ لَا فَيَحْلِفُ لَقَدْ وَصَلَك أَوْ أُرْسِلَ إلَيْك الْقَدْرُ الَّذِي كَتَبَ لِي بِهِ وَكِيلِي أَوْ مَدِينِي أَوْ الْقَدْرُ الَّذِي قَالَ لِي عَلَيْهِ وَكِيلِي أَوْ مَدِينِي أَيْ أَخْبَرَنِي بِهِ مُبَاشَرَةً أَوْ مَعَ رَسُولٍ وَقَوْلُهُ لَقَدْ وَصَلَهُ أَيْ وَصَلَ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ فِي الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ أَيْ إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ الْبَائِعُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ إذَا

ص: 198

بِأَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك يَا مُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ (حَلَفْت) يَا مُشْتَرِي فِي الصُّورَتَيْنِ أَنَّك وَجَدْته نَاقِصًا (وَرَجَعْت) فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فَلَا شَيْءَ لَك فِي الْأُولَى وَلَا تُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ نَكَلَ أَوْ لَا وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ

(وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا) يُغَابُ عَلَيْهِ كَثَوْبٍ فِي شَيْءٍ وَالْمُرَادُ عَقَدْت السَّلَمَ عَلَيْهِ لَا أَسْلَمْت بِالْفِعْلِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (فَهَلَكَ) الْعَرْضُ (بِيَدِك) يَا مُسْلِمُ (فَهُوَ) أَيْ ضَمَانُهُ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (إنْ أَهْمَلَ) أَيْ تَرَكَهُ عِنْدَك عَلَى السَّكْتِ (أَوْ أَوْدَعَ) أَيْ تَرَكَهُ عِنْدَك عَلَى وَجْهِ الْوَدِيعَةِ (أَوْ عَلَى) وَجْهِ (الِانْتِفَاعِ) بِهِ لَكِنْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ يَسْتَثْنِيَ مَنْفَعَتَهُ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ (وَ) ضَمَانُهُ (مِنْك) أَيُّهَا الْمُسْلِمُ (إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) لَك بِهَلَاكِهِ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك (وَ) قَدْ (وُضِعَ) عِنْدَك (لِلتَّوَثُّقِ) بِأَنْ حَبَسْته حَتَّى تَشْهَدَ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالتَّسْلِيمِ أَوْ لِيَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ وَكَذَا إنْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ (وَنُقِضَ السَّلَمُ) فِي هَذَا الْأَخِيرِ أَيْ قَوْلُهُ وَمِنْك إلَخْ (وَحَلَفَ) الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَغْيِيبِهِ وَلَوْ قَالَ إنْ حَلَفْت لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا قَالَ وَإِلَّا لَمْ يُنْقَضْ لَكِنْ إنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْغَيْرِ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِنْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ مِنْ الْمُسْلِمِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ (وَإِلَّا) تَحْلِفْ بِأَنْ نَكَلَتْ (خُيِّرَ الْآخَرُ) وَهُوَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِ السَّلَمِ وَبَقَائِهِ وَأَخْذِ قِيمَتِهِ

(وَإِنْ أَسْلَمْت حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) أَيْ عَقَدْت السَّلَمَ بِذَلِكَ فَتَلِفَ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ) لَا يَنْقُضُ (وَيَتْبَعُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَانَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَعْلَمَ الْمُسْلِمَ أَوْ الْبَائِعُ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ قَبْلَ ذَلِكَ حِينَ أَخَذَهُ لِلطَّعَامِ أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْ الْكَيْلَ وَإِنَّ وَكِيلِي أَوْ مَدِينِي كَتَبَ إلَيَّ كِتَابًا أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَيْك قَدْرُهُ كَذَا وَكَذَا وَقَبِلَهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ثُمَّ ظَهَرَ لَهُ النَّقْصُ الْفَاحِشُ.

(قَوْلُهُ بِأَنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ لَقَدْ أَوْفَاهُ مَا سَمَّى فِيمَا إذَا اكْتَالَهُ بِنَفْسِهِ أَوْ حَضَرَ كَيْلَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك يَا مُشْتَرِي أَيْ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك الْبَائِعُ يَا مُشْتَرِي أَنَّ مَدِينَهُ أَوْ وَكِيلَهُ أَعْلَمَهُ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي أَرْسَلَهُ إلَيْك قَدْرُهُ كَذَا وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ أَيْ فِيمَا إذَا لَمْ يَكْتَلْهُ وَلَمْ يَحْضُرْ كَيْلَهُ (قَوْلُهُ وَرَجَعْت) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ بِالطَّعَامِ إنْ كَانَ مَضْمُونًا كَمَا فِي السَّلَمِ أَوْ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إنْ كَانَ الطَّعَامُ مُعَيَّنًا كَمَا فِي الْبَيْعِ عَلَى النَّقْدِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا لَمْ يُعْلِمْ الْمُسْلِمَ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يَحْلِفُ فَإِنْ حَلَفَ رَجَعَ بِالنَّقْصِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَنَّهُ وَصَلَ إلَيْهِ الطَّعَامُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَلَا شَيْءَ لِلْمُسْلِمِ وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ النَّقْصَ لِلْمُسْلِمِ أَوْ الْمُشْتَرِي وَأَمَّا فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا بَاشَرَ كَيْلَ الطَّعَامِ أَوْ حَضَرَهُ أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ وَلَكِنْ أَعْلَمَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ الْمُسْلِمَ بِذَلِكَ إنْ حَلَفَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَقَدْ بَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُسْلِمُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَرَجَعَ بِالنَّقْصِ فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِأَنَّهُ نَكَلَ أَوَّلًا

(قَوْلُهُ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ ضَمَانُهُ مِنْهُ أَيْ لِانْتِقَالِهِ بِالْعَقْدِ الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ إنْ أَهْمَلَ) أَيْ إنْ تَرَكَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِ هَمَلًا وَكَسَلًا لِتَمَكُّنِهِ مِنْ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَسْتَثْنِيَ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ مَنْفَعَتَهُ أَيْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرَهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ السَّلَمُ ثَابِتٌ وَيَضِيعُ رَأْسُ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْهَلَاكُ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنْ كَانَ بِجِنَايَةِ أَحَدٍ رَجَعَ عَلَيْهِ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَك بِهَلَاكِهِ مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك) أَيْ وَادَّعَيْت أَنَّ هَلَاكَهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ تَرَكَهُ عَلَى وَجْهٍ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِهَلَاكِهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُسْلِمُ) أَيْ فَفَاعِلُ حَلَفَ هُوَ الْمُسْلِمُ الْمُخَاطَبُ بِقَوْلِهِ وَمِنْك إلَخْ وَإِنَّمَا الْتَفَتَ مِنْ الْخِطَابِ فِي قَوْلِهِ وَمِنْك إلَى الْغَيْبَةِ فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ وَلَمْ يَقُلْ وَحَلَفْت لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَلَفَ وَالْأَخِيرُ لَيْسَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ أَسْلَمْت عَرْضًا إلَخْ وَإِنَّمَا هُوَ تَقْيِيدٌ لِلتُّونُسِيِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَغْيِيبِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَخْفَاهُ وَادَّعَى هَلَاكَهُ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُرَادِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ مَحَلَّ نَقْضِ السَّلَمِ فِي الْأَخِيرِ إذَا حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَحَلُّ ضَمَانِ الْمُسْلِمِ فِي الْأَخِيرِ وَنَقْضِ السَّلَمِ إنْ حَلَفَ حَيْثُ لَمْ تَشْهَدْ إلَخْ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الشَّارِحِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَلَوْ جَعَلَهُ الشَّارِحُ مَفْهُومًا لِلْمَتْنِ كَانَ أَحْسَنَ عَلَى أَنَّهُ سَيَأْتِي لَهُ إدْرَاجُ هَذَا تَحْتَ قَوْلِهِ وَيَتْبَعُ الْجَانِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ وَضَاعَ رَأْسُ الْمَالِ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَهَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ الَّذِي شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِإِتْلَافِهِ غَيْرَ مَعْلُومٍ وَأَمَّا إنْ عُلِمَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ وَيَتْبَعُ الْجَانِي (قَوْلُهُ فَضَمَانُهُ مِنْهُ) أَيْ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ مِثْلَهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ) أَيْ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهَلَكَ بِيَدِ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْعَارِيَّةِ أَوْ التَّوَثُّقِ فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى أَنَّ أَحَدًا أَهْلَكَهُ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَلَا يُنْقَضُ السَّلَمُ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَيُنْقَضُ السَّلَمُ إنْ حَلَفَ فَإِنْ نَكَلَ خُيِّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي نَقْضِهِ وَإِمْضَائِهِ وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ رَأْسِ الْمَالِ أَوْ مِثْلِهِ عَلَى الْمُسْلِمِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَسْلَمْت حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا) أَيْ فَأَفْلَتَ الْحَيَوَانُ أَوْ أَبَقَ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِغَيْرِ فِعْلِ أَحَدٍ

ص: 199

(الْجَانِيَ) عَلَى الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ فِي هَذِهِ وَعَلَى الْعَرْضِ فِي السَّابِقَةِ وَهُوَ إمَّا الْمُسْلِمُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَقَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ وَإِمَّا الْأَجْنَبِيُّ حَيْثُ اعْتَرَفَ بِالتَّلَفِ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِهِ بَيِّنَةٌ فَقَوْلُهُ يَتْبَعُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ

(وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ مَا اشْتَمَلَ عَلَى نَفْيِ خَمْسَةِ أَشْيَاءَ (أَنْ لَا يَكُونَا) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ (طَعَامَيْنِ) لَا نَحْوُ سَمْنٍ فِي بُرٍّ (وَلَا نَقْدَيْنِ) لَا ذَهَبٍ فِي فِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ ذَهَبٍ فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِي فِضَّةٍ (وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ) كَثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ (أَوْ) فِي (أَجْوَدَ) مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ (كَالْعَكْسِ) وَهُوَ سَلَمُ شَيْءٍ فِي أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا شَيْئًا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) فِي أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ فَيَصِيرُ كَالْجِنْسَيْنِ فَيُسْلَمُ الْبَعْضُ مِنْهُ فِي أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ (كَفَارَّةِ الْحُمُرِ) جَمْعُ حِمَارٍ أَيْ سَرِيعِ السَّيْرِ مِنْهَا (فِي) الْحُمُرِ (الْأَعْرَابِيَّةِ) الْمُتَعَدِّدَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ بِفِعْلِ أَحَدِ الْعَاقِدَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ لَكِنْ إنْ هَدَمَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَكَذَا إذَا هَدَمَ أَوْ أَبَقَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ هَدَمَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ الْمُسْلِمُ أَوْ أَجْنَبِيٌّ رَجَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَتْبَعُ الْجَانِيَ (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ إسْلَامُ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ عَقَارٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَالْمُرَادُ بِالسَّابِقَةِ مَا إذَا أَسْلَمَ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْجَانِي فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ أَمَّا الْمُسْلِمُ إلَخْ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ وَذَلِكَ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ بِإِتْلَافِهِ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ وَهَذَا لَا يَظْهَرُ إلَّا إذَا نَكَلَ الْمُسْلِمُ عَنْ الْيَمِينِ وَاخْتَارَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَقَاءَ السَّلَمِ وَأَمَّا إذَا حَلَفَ وَفُسِخَ السَّلَمُ فَلَا يُعْقَلُ رُجُوعُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ عَلَى الْمُسْلِمِ الْجَانِي وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ أَمَّا الْمُسْلِمُ وَذَلِكَ حَيْثُ اعْتَرَفَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ أَوْ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ وُضِعَ عِنْدَهُ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ الْعَارِيَّةُ كَانَ أَوْلَى وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْحَيَوَانَ أَوْ الْعَقَارَ إذَا تُرِكَ هَمَلًا عِنْدَ الْمُسْلِمِ أَوْ وَدِيعَةً أَوْ لِلِانْتِفَاعِ فَانْفَلَتَ الْحَيَوَانُ أَوْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ بِنَفْسِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ مِثْلُ مَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا، فَإِنْ انْهَدَمَ الْعَقَارُ أَوْ أَفْلَتَ الْحَيَوَانُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ الْمُسْلِمِ فَالضَّمَانُ مِنْ الْجَانِي وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْحَيَوَانُ أَوْ الْعَقَارُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ لِلتَّوَثُّقِ أَوْ عَارِيَّةً ثُمَّ إنَّهُ تَلِفَ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى إتْلَافِ أَحَدٍ لَهُ فَضَمَانُهُ مِنْ الْمُسْلِمِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ وَلَيْسَ كَالْعَرْضِ فِي أَنَّ السَّلَمَ يُنْقَضُ إنْ حَلَفَ الْمُسْلِمُ عَلَى هَلَاكِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمِينَ هُنَا عَلَى الْمُسْلِمِ لِأَنَّ الْحَيَوَانَ وَالْعَقَارَ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ حَتَّى أَنَّهُ يُطَالَبُ بِالْيَمِينِ لِرَدِّ تُهْمَةِ إخْفَائِهِ، وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِهِ بِجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ كَالْعَرْضِ وَإِنْ قَامَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى تَلَفِ الْمُسْلَمِ لَهُ وَأَقَرَّ بِذَلِكَ فَالضَّمَانُ مِنْهُ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَلَيْسَ لِلْعَقَارِ وَالْحَيَوَانِ حَالَةٌ يُخَيَّرُ فِيهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ كَالْعَرْضِ كَمَا أَنَّهُمَا لَيْسَ لَهُمَا حَالَةٌ يَتَعَيَّنُ فِيهَا نَقْضُ السَّلَمِ بِخِلَافِ الْعَرْضِ

(قَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِآخَرَ أُسْلِمُك إرْدَبَّ قَمْحٍ فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ أَوْ فُولٍ وَلَا يَجُوزُ أُسْلِمُك دِينَارًا فِي دِينَارٍ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ أَوْ السَّلَفِ جَازَ وَاعْلَمْ أَنَّ الْفُلُوسَ الْجُدُدَ هُنَا كَالْعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ وَإِنَّمَا امْتَنَعَ أَنْ يَكُونَا طَعَامَيْنِ أَوْ نَقْدَيْنِ لِأَدَائِهِ لِرِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الزِّيَادَةِ أَوْ لِأَدَائِهِ لِرِبَا النَّسَاءِ عِنْدَ تَمَاثُلِ رَأْسِ الْمَالِ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ فَقَوْلُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ وَلَا نَقْدَيْنِ أَيْ سَوَاءٌ تَسَاوَى رَأْسُ الْمَالِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ أَوْ زَادَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ هَذَا فِي غَيْرِ الطَّعَامَيْنِ وَالنَّقْدَيْنِ اهـ بْن وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَا فِي أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَجْوَدَ جَوَازُ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ مِنْ غَيْرِ النَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامَيْنِ كَقِنْطَارٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَبْيَضَ فِي مِثْلِهِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْئًا) أَيْ وَأَنْ لَا يَكُونَ رَأْسُ الْمَالِ شَيْئًا أَسْلَمَ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ كَثَوْبٍ فِي ثَوْبَيْنِ) أَيْ وَكَسَلَمِ قِنْطَارٍ كَتَّانًا فِي قِنْطَارَيْنِ وَكَإِرْدَبِّ جِبْسٍ فِي إرْدَبَّيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي أَجْوَدَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ) كَثَوْبِ رَدِيءٍ فِي جَيِّدٍ وَكَقِنْطَارٍ كَتَّانًا أَبْيَضَ فِي قِنْطَارٍ مِنْ كَتَّانٍ أَسْوَدَ لِأَنَّ الْأَبْيَضَ أَجْوَدُ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ مِنْ تُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَإِذَا أَسْلَمْت ثَوْبَيْنِ فِي ثَوْبٍ فَكَأَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ ضَمِنَ لِلْمُسْلِمِ ثَوْبًا مِنْهُمَا لِلْأَجَلِ وَأَخَذَ الثَّوْبَ الْآخَرَ فِي نَظِيرِ ضَمَانِهِ وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوهَا هُنَا وَأَلْغَوْهَا فِي بُيُوعِ الْآجَالِ لِأَنَّ تَعَدُّدَ الْعَقْدِ هُنَاكَ أَضْعَفَهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَوْجُهٍ أَرْبَعَةٍ لِأَنَّ رَأْسَ الْمَالِ وَالْمُسْلَمَ فِيهِ إمَّا أَنْ يَخْتَلِفَا جِنْسًا وَمَنْفَعَةً مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْجَوَازِ كَسَلَمِ الْعَيْنِ فِي الطَّعَامِ وَالطَّعَامِ فِي الْحَيَوَانِ، وَإِمَّا أَنْ يَتَّفِقَا مَعًا وَلَا إشْكَالَ فِي الْمَنْعِ إلَّا أَنْ يُسْلَمَ الثَّمَنُ فِي مِثْلِهِ فَيَكُونُ قَرْضًا، وَإِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ الْجِنْسُ وَتَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا، وَإِمَّا أَنْ تَتَّحِدَ الْمَنْفَعَةُ وَيَخْتَلِفَ الْجِنْسُ كَالْبِغَالِ وَالْبَرَاذِينِ مِنْ الْخَيْلِ وَفِيهِ قَوْلَانِ فَمَنْ مَنَعَ نَظَرَ إلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَعْيَانِ مَنَافِعُهَا وَمَنْ أَجَازَ نَظَرَ إلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ الْمُتَعَدِّدَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ سَلَمِ الْحِمَارِ السَّرِيعِ الْمَشْيِ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ سَرِيعٍ

ص: 200

وَهِيَ الضَّعِيفَةُ السَّيْرِ (وَ) كَسَلَمِ الْوَاحِدِ مِنْ (سَابِقِ الْخَيْلِ) فِي أَكْثَرَ مِنْهُ غَيْرِ سَابِقٍ وَعَكْسُهُ (لَا) فَرَسٌ (هِمْلَاجٌ) أَيْ سَرِيعُ الْمَشْيِ مِنْهَا إذْ لَا تُصَيِّرُهُ سُرْعَةُ مَشْيِهِ مُغَايِرًا لِأَبْنَاءِ جِنْسِهِ حَتَّى يَجُوزَ سَلَمُ الْوَاحِدِ مِنْهَا فِي أَكْثَرَ مِمَّا لَيْسَ لَهُ السُّرْعَةُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ سَابِقًا (إلَّا) أَنْ يَكُونَ هَذَا الْهِمْلَاجُ (كَبِرْذَوْنٍ) بِكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفَتْحِ الذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ الْفَرَسُ الَّذِي أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ وَهُوَ الْعَرِيضُ الْخِلْقَةِ الْغَلِيظِ لَا سَبْقَ لَهُ بَلْ يُرَادُ لِمَا يُرَادُ لَهُ الْبِغَالُ مِنْ الْحَمْلِ وَالسَّيْرِ فَيُسْلَمُ الْهِمْلَاجُ مِنْهَا فِي أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ أَيْ مِنْ الْهَمَالِجَةِ الَّتِي لَمْ تَتَّصِفْ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ بَلْ بِسُرْعَةِ السَّيْرِ خَاصَّةً (وَ) كَسَلَمِ (جَمَلٍ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (كَثِيرِ الْحَمْلِ) فِي أَكْثَرَ مِمَّا لَيْسَ كَذَلِكَ لِتَبَايُنِ الْمَنْفَعَةِ بِذَلِكَ (وَصُحِّحَ) تَبَايُنُ الْمَنْفَعَةِ فِي الْإِبِلِ بِمَا تَقَدَّمَ (وَبِسَبْقِهِ) فِي الْيَسِيرِ أَيْ كُلٌّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ كَافٍ وَالْمَقْصُودُ بِالصَّحِيحِ الثَّانِي إذْ لَا كَلَامَ فِي الْأَوَّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ الْعَكْسُ وَأَمَّا سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي الْوَاحِدِ فَلَا يَجُوزُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ أَجْوَدَ إلَّا أَنْ يَخْتَلِفَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَإِلَّا جَازَ إنْ عَجَّلَ الصَّغِيرَ كَمَا يَأْتِي كَذَا فِي خش وعبق وَقَالَ بْن تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِالْأَعْرَابِيَّةِ الْمُفِيدِ لِلتَّعَدُّدِ تَبِعَ فِيهِ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ كَمَا تَوَهَّمَ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ عَبَّرَتْ أَيْضًا بِالْإِفْرَادِ فَقَالَتْ كَاخْتِلَافِ الْحِمَارِ الْفَارَّةِ النُّجُبِ بِالْحِمَارِ الْأَعْرَابِيِّ فَيَجُوزُ اهـ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ حِمَارٌ يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِي آخَرَ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ اهـ وَذَكَرَ بْن قَبْلَ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اخْتِلَافُ الْعَدَدِ إلَّا مَعَ ضَعْفِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ أَمَّا إذَا قَوِيَ اخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ فَيَجُوزُ السَّلَمُ وَلَوْ اتَّحَدَ الْعَدَدُ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا قَائِلًا إنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ قَوْلُهُمْ إنَّ اخْتِلَافَ الْمَنَافِعِ يُصَيِّرُ الْجِنْسَ كَالْجِنْسَيْنِ وَمَا قِيلَ هُنَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي بَعْدُ (قَوْلُهُ وَهِيَ الضَّعِيفَةُ السَّيْرِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَعْرَابِيَّةِ ضَعِيفَةُ السَّيْرِ سَوَاءٌ كَانَتْ مَنْسُوبَةً لِلْأَعْرَابِ أَيْ سُكَّانِ الْبَادِيَةِ أَوْ كَانَتْ مِصْرِيَّةً لَا خُصُوصَ الْمَنْسُوبَةِ لِلْأَعْرَابِ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ سَلَمُ حِمَارٍ سَرِيعِ السَّيْرِ فِي مُتَعَدِّدٍ مِنْ الْمِصْرِيَّةِ ضَعِيفٍ غَيْرِ سَرِيعٍ كَحِمَارِ الْجَبَّاسَةِ وَالتَّرَّابِينَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ جَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ الْمَدَارُ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ سَابِقِ الْخَيْلِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يَسْبِقُ غَيْرَهُ فِي حَالِ الرِّمَاحَةِ بِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخَيْلَ إمَّا أَعْرَابِيَّةٌ وَهِيَ مَا كَانَ أَبَوَاهَا مِنْ الْخَيْلِ وَإِمَّا أَعْجَمِيَّةٌ وَهِيَ الْبِرْذَوْنَةُ وَهِيَ مَا كَانَ أَبُوهَا مِنْ الْخَيْلِ وَأُمُّهَا مِنْ الْبَقَرِ وَالْعَرَبِيَّةُ قِسْمَانِ مِنْهَا مَا كَانَ مُتَّخَذًا لِلرِّمَاحَةِ وَالْجَرْيِ وَحُسْنُهَا بِكَثْرَةِ سَبْقِهَا لِغَيْرِهَا وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مُتَّخَذٍ لِلرِّمَاحَةِ بَلْ لِلْهَمْلَجَةِ أَيْ لِلْمَشْيِ دَرَجًا كَالرَّهَوَانِ وَحُسْنُهَا بِسُرْعَةِ مَشْيِهَا وَكَثْرَةِ دَرَجِهَا، وَأَمَّا الْأَعْجَمِيَّةُ فَهِيَ مَا اُتُّخِذَ لِلْحَمْلِ وَهِيَ تَارَةً تَكُونُ كَثِيرَةَ الْهَمْلَجَةِ وَالدَّرَجِ وَتَارَةً لَا تَكُونُ كَذَلِكَ أَيْ لَا دَرَجَ وَلَا جَرْيَ فِيهَا فَالْهَمْلَجَةُ يَتَّصِفُ بِهَا كُلٌّ مِنْ الْأَعْرَابِيَّةِ وَالْبِرْذَوْنِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَيَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ الْأَعْرَابِيِّينَ فِي الْآخَرِ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ أَوْ فِي وَاحِدٍ عَلَى مَا مَرَّ وَيَجُوزُ سَلَمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ النَّوْعَيْنِ فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ الَّذِي هُوَ الْبِرْذَوْنُ الْوَاحِدُ فِي اثْنَيْنِ وَعَكْسُهُ وَيَجُوزُ سَلَمُ النَّوْعِ الْأَوَّلِ مِنْ الْأَعْرَابِيَّةِ وَهِيَ الَّتِي سَبَقَهَا كَثِيرٌ فِي فَرَسَيْنِ أَعْرَابِيَّيْنِ مِنْ نَوْعِهَا لَيْسَ سَبْقُهُمَا كَثِيرًا، وَأَمَّا النَّوْعُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي لَا سَبْقَ لَهُ بَلْ لَهُ دَرَجٌ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ مِنْ نَوْعِهِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَسَابِقِ الْخَيْلِ أَيْ يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي نَوْعِهِ الْوَاحِدِ فِي اثْنَيْنِ وَقَوْلُهُ لَا هِمْلَاجَ الْهَمْلَجَةُ سُرْعَةُ السَّيْرِ أَيْ السَّيْرُ دَرَجًا فَالْهِمْلَاجُ هُوَ الرَّهَوَانُ أَيْ لَا يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي نَوْعِهِ الْوَاحِدُ فِي اثْنَيْنِ إلَّا أَنْ يَنْضَمَّ لِلْهَمْلَجَةِ بَرْذَنَةٌ فَيَجُوزُ وَذَلِكَ كَالْبِرْذَوْنِ الْمُتَّصِفِ بِالْهَمْلَجَةِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي اثْنَيْنِ عَرَبِيَّيْنِ اتَّصَفَا بِالْهَمْلَجَةِ بَلْ وَيَجُوزُ أَيْضًا سَلَمُ الْبِرْذَوْنِ الْهِمْلَاجِ فِي بِرْذَوْنَيْنِ خَالِيَيْنِ عَنْ الْهَمْلَجَةِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ.

(قَوْلُهُ أَيْ سَرِيعُ الْمَشْيِ) أَيْ عِنْدَهُ سُرْعَةُ دَرَجٍ فِي الْمَشْيِ مِنْ غَيْرِ رِمَاحَةٍ وَقَوْلُهُ مِنْهَا حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مِنْ الْخَيْلِ (قَوْلُهُ مِمَّا لَيْسَ لَهُ السُّرْعَةُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ فِيهِ هَمْلَجَةً (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْهَمْلَجَةِ (قَوْلُهُ أَنْ يَكُونَ سَابِقًا) أَيْ لِغَيْرِهِ فِي الرِّمَاحَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْهِمْلَاجَ لَا رِمَاحَةَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ أَبَوَاهُ أَعْجَمِيَّانِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ أَبَوَاهُ مَنْشَؤُهُمَا بِلَادُ الْعَجَمِ أَيْ أَنَّ أَبَوَاهُ مَنْسُوبَانِ لِبِلَادِ الْعَجَمِ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْبِرْذَوْنُ مَا تَوَلَّدَ مِنْ الْخَيْلِ وَالْبَقَرِ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَجَمَلٍ كَثِيرِ الْحَمْلِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ الْجَمَلَ إذَا كَانَ يَحْمِلُ كَثِيرًا فِي وَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ مُعَدَّيْنِ لِلْحَمْلِ لَكِنَّ حِمْلَهُمَا قَلِيلٌ وَقَوْلُهُ وَبِسَبْقِهِ أَيْ يَجُوزُ سَلَمُ الْمُعَدِّ لِلسَّبْقِ كَالْهَجِينِ فِي الْمُعَدِّ لِلسَّبْقِ مِنْ جِنْسِهِ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ سَبْقًا، وَأَمَّا سَلَمُ الْمُعَدِّ لِلْحَمْلِ فِي الْمُعَدِّ لِلرُّكُوبِ وَالسَّبْقِ وَالْعَكْسِ فَهُوَ جَائِزٌ بِالْأَوْلَى وَقَوْلُهُ وَصُحِّحَ وَبِسَبْقِهِ أَشَارَ بِهِ لِاخْتِيَارِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ اعْتِبَارَ السَّبْقِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِبِلَ صِنْفَانِ صِنْفٌ يُرَادُ

ص: 201

(وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ) عَلَى الْعَمَلِ وَالتَّاءُ فِيهِ لِلْوَحْدَةِ لَا لِلتَّأْنِيثِ فَلِذَا قَالَ إذَا كَانَتْ الْبَقَرَةُ ذَكَرًا بَلْ (وَلَوْ أُنْثَى وَكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ) وَكَذَا الْجَوَامِيسُ وَالْبَقَرُ عَلَى الْأَوْجَهِ (وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) لِدُخُولِهَا فِي الشَّاةِ فِي قَوْلِهَا إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةً بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) لِأَنَّ الضَّأْنَ مَقْصُودَةٌ لِلصُّوفِ لَا لِلَّبَنِ (وَ) كَ (صَغِيرَيْنِ) أَيْ وَكَسَلَمِ صَغِيرَيْنِ مِنْ كُلِّ الْأَجْنَاسِ فَيَجُوزُ (فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ) مِنْ جِنْسِهِمَا (أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ) مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْكَافِ (إلَى الْمُزَابَنَةِ) بِأَنْ يَطُولَ الْأَجَلُ الْمَضْرُوبُ إلَى أَنْ يَصِيرَ فِيهِ الصَّغِيرُ كَبِيرًا أَوْ يَلِدَ فِيهِ الْكَبِيرُ صَغِيرًا لِأَدَائِهِ فِي الْأَوَّلِ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَفِي الثَّانِي وَهُوَ الْعَكْسُ فِيهِمَا لِلْجَهَالَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ أَوْ هَذَا الْكَبِيرَ فِي صَغِيرَيْنِ أَوْ صَغِيرٍ يُخْرَجُ مِنْهُ بَعْدَ مُدَّةِ كَذَا وَلَا يَدْرِي أَيَخْرُجُ شَيْءٌ مِنْهُ أَوْ لَا (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ خِلَافِ جَوَازِ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ وَأَمَّا صَغِيرَانِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَجَائِزٌ بِشَرْطِهِ وَلَمْ تَتَأَوَّلْ عَلَى خِلَافِهِ (كَالْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ) فَلَا يُسْلَمُ صَغِيرُ كُلٍّ فِي كَبِيرِهِ وَلَا عَكْسُهُ اتَّحَدَ عَدَدُ كُلٍّ أَوْ اخْتَلَفَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ اخْتِلَافِهِمَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ وَقَالَ الْبَاجِيَّ الْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّ صَغِيرَ الرَّقِيقِ جِنْسٌ مُخَالِفٌ أَيْ لِكَبِيرِهِ لِاخْتِلَافِ الْمَنَافِعِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي انْتَهَى قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَحَدُّ الْكَبِيرِ فِي الرَّقِيقِ إنْ فَرَّقْنَا بَيْنَ صَغِيرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلْحَمْلِ وَصِنْفٌ يُرَادُ لِلرُّكُوبِ لَا لِلْحَمْلِ وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهُمَا صِنْفَانِ جَيِّدٌ وَرَدِيءٌ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ مَا يُرَادُ لِلْحَمْلِ فِيمَا يُرَادُ لِلرُّكُوبِ وَالسَّيْرِ عَلَيْهِ جَيِّدُ أَحَدِهِمَا فِي جَيِّدِ الْآخَرِ وَفِي رَدِيئَةٍ وَالرَّدِيءُ فِي الْجَيِّدِ وَكَذَلِكَ فِي الرَّدِيءِ اتَّفَقَ الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ وَأَمَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّا يُرَادُ لِلْحَمْلِ أَوْ الرُّكُوبِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الْجَيِّدُ فِي الرَّدِيءِ وَلَا عَكْسُهُ وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ جَيِّدًا فِي رَدِيئَيْنِ فَأَكْثَرَ وَعَكْسُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ وَاحِدًا فِي وَاحِدٍ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ أَوْ الرَّدِيءُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ تَقَدَّمَ الرَّدِيءُ وَضَمَانٌ بِجُعْلٍ إنْ تَقَدَّمَ الْجَيِّدُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُسَلِّمَ ثَوْرًا قَوِيًّا عَلَى الْعَمَلِ فِي اثْنَيْنِ ضَعِيفَيْنِ لَا قُوَّةَ لَهُمَا مِثْلُهُ عَلَى الْعَمَلِ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ بِالْفَرَاهَةِ وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أُنْثَى) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ أَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْ الْأُنْثَى اللَّبَنُ لَا الْقُوَّةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ وَاحِدَةٍ فِي اثْنَيْنِ أَقَلَّ قُوَّةً مِنْهَا (قَوْلُهُ وَكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ) أَيْ فَيَجُوزُ سَلَمُ شَاةٍ كَثِيرَةَ اللَّبَنِ فِي اثْنَتَيْنِ لَيْسَ فِيهِمَا كَثْرَةُ لَبَنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْجَامُوسِ وَالْبَقَرِ فَظَهَرَ أَنَّ الْبَقَرَ يُعْتَبَرُ فِي اخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا أَمْرَانِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) أَيْ عُمُومُ الشَّاةِ لِلضَّأْنِ لِأَنَّ قَوْلَهَا إلَّا شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى غَزَارَةِ اللَّبَنِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَعْزٍ وَضَأْنٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ ضَأْنَ الْغَنَمِ فِي مَعْزِهَا وَلَا الْعَكْسُ إلَّا شَاةٌ غَزِيرَةُ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةٌ بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ فَشُمُولُ لَفْظِ شَاةٍ لِلضَّأْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْعِلَّةِ وَهِيَ غَزَارَةُ اللَّبَنِ لِأَنَّ تَعْلِيقَ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ يُؤْذِنُ بِعِلِّيَّةِ مَا مِنْهُ الِاشْتِقَاقُ وَإِلَّا فَلَفْظُ شَاةٍ لَا عُمُومَ فِيهِ بَلْ مُطْلَقٌ وَحِينَئِذٍ فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْعُمُومِ الْعُمُومُ اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الشُّمُولُ لَا الِاصْطِلَاحِيُّ وَهُوَ اسْتِغْرَاقُ اللَّفْظِ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعُمُومَ الِاصْطِلَاحِيَّ مِنْ عَوَارِضِ الْأَلْفَاظِ الْعَامَّةِ وَشَاةٌ لَيْسَ مِنْهَا وَأَمَّا شُمُولُ اللَّفْظِ لِشَيْءٍ آخَرَ فَمَنْظُورٌ فِيهِ لِلْعِلَّةِ كَمَا هُنَا فَإِنَّ شُمُولَ الشَّاةِ لِلضَّأْنِ إنَّمَا هُوَ مِنْ جِهَةِ الْعِلَّةِ كَمَا قُلْنَا (قَوْلُهُ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) أَيْ وَصَحَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ خِلَافَ ظَاهِرِهَا مِنْ عُمُومِ الشَّاةِ لِلضَّأْنِ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ النَّعْجَةِ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَلَوْ كَانَ لَبَنُهَا غَزِيرًا بِخِلَافِ الْمَعْزَةِ الْغَزِيرَةِ اللَّبَنِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَلَمُهَا فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّبَنَ فِي الضَّأْنِ كَالتَّابِعِ لِمَنْفَعَةِ الصُّوفِ وَلِأَنَّ لَبَنَهَا غَالِبًا أَقَلُّ مِنْ لَبَنِ الْمَعْزِ وَأَمَّا الْمَعْزُ فَمَنْفَعَةُ شَعْرِهَا يَسِيرَةٌ وَلَبَنُهَا كَثِيرٌ فَهُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا قَالَ اللَّقَانِيُّ وَمَا صَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَكَتَبَ بَعْضُهُمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُهَا إلَخْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَصُحِّحَ ضَعِيفٌ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ الْأَجْنَاسِ) أَيْ إلَّا مَا يُخْرِجُهُ بَعْدُ مِنْ الْآدَمِيِّ وَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْمَنْفَعَةِ صَيَّرَتْهُمَا كَالْجِنْسَيْنِ فَصَارَ مُبَايَعَةً خَالِيَةً عَنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالضَّمَانُ بِجُعْلٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ مَا ذُكِرَ بَعْدَ الْكَافِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ الْمَذْكُورَ رَاجِعٌ لِلْأَرْبَعِ صُوَرٍ قَبْلَهُ الَّتِي بَعْدَ الْكَافِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْهَا وَهُمَا الْأَوَّلِيَّانِ وَالْمُخْتَلَفِ فِيهِ مِنْهَا وَهُمَا الْأَخِيرَتَانِ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْأَخِيرَتَيْنِ فَقَطْ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ) أَيْ فَإِنْ أَدَّى لَهَا مُنِعَ وَقَوْلُهُ بِأَنْ يَطُولَ إلَخْ تَصْوِيرٌ لِلتَّأْدِيَةِ لِلْمُزَابَنَةِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا بِالْمُزَابَنَةِ الضَّمَانُ بِجُعْلٍ فِي الْأَوَّلِ وَالْجَهَالَةُ فِي الثَّانِي وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا مَعْنَاهَا الْمُتَقَدِّمُ وَهِيَ بَيْعُ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ أَوْ بِمَعْلُومٍ مِنْ جِنْسِهِ وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ هُنَا مِنْ الْأَوَّلِ أَعْنِي بَيْعَ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ نَظَرًا لِجَهْلِ انْتِفَاعِ الْمُسْلِمِ وَالْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِرَأْسِ الْمَالِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) لِأَنَّ الْمُسْلِمَ كَأَنَّهُ قَالَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ اضْمَنْ لِي هَذَا لِأَجَلِ كَذَا فَإِنْ مَاتَ فَفِي ذِمَّتِك وَإِنْ سَلِمَ عَادَ إلَيَّ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لَك، وَالثَّانِي لَك فِي ضَمَانِك (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ قَالَ لَهُ خُذْ هَذَيْنِ الْكَبِيرَيْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِي صُورَةٍ مِمَّا سَبَقَ يُسْلَمُ فِيهَا كَبِيرَانِ لَا فِي صَغِيرٍ وَلَا فِي كَبِيرٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الِانْفِرَادِ

ص: 202

وَكَبِيرِهِ بِبُلُوغِ سِنِّ التَّكَسُّبِ بِالْعَمَلِ وَالتَّجْرِ وَهُوَ عِنْدِي بُلُوغُ خَمْسَ عَشَرَةَ سَنَةً أَوْ الِاحْتِلَامُ انْتَهَى ثُمَّ عُطِفَ عَلَى كَفَارَّةِ قَوْلُهُ (وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي) جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ (غَيْرِهِ) قِصَارٍ رِقَاقٍ فَيَجُوزُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفَيْنِ وَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ قَدْ يُصْنَعُ مِنْهُ صِغَارٌ فَيُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يُخْرَجُ مِنْهُ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجِذْعِ الْمَخْلُوقِ لَا الْمَنْجُورِ الْمَنْحُوتِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى جَائِزَةً لَا جِذْعًا فَالْكَبِيرُ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ جُذُوعٌ بَلْ جَوَائِزُ وَبِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَبِيرٍ لَا يُخْرَجُ مِنْهُ الصَّغِيرُ إلَّا بِفَسَادٍ لَا يَقْصِدُهُ الْعُقَلَاءُ وَبِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَبِيرِ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ كَنَخْلٍ فِي صَنَوْبَرٍ وَهَذَا الْأَخِيرُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (وَكَسَيْفِ قَاطِعٍ) جَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فَيَجُوزُ (فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ) فِيهِمَا مَعًا لَا فِي أَحَدِهِمَا فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ (وَكَالْجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) بَيْنَهُمَا يَجُوزُ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ (كَرَقِيقِ) ثِيَابِ (الْقُطْنِ وَ) رَقِيقِ ثِيَابِ (الْكَتَّانِ) فَأَوْلَى غَلِيظُهُمَا أَوْ غَلِيظُ أَحَدِهِمَا فِي رَقِيقِ الْآخَرِ (لَا جَمَلٌ) مَثَلًا أَوْ عَبْدٌ أَوْ ثَوْبٌ (فِي جَمَلَيْنِ) أَيْ فِي مُتَعَدِّدٍ (مِثْلِهِ) بِالْجَرِّ صِفَةٌ لِجَمَلَيْنِ (عُجِّلَ أَحَدُهُمَا) وَأُخِّرَ الْآخَرُ لِأَجْلِ السَّلَمِ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمُؤَجَّلَ هُوَ الْعِوَضُ وَالْمُعَجَّلُ زِيَادَةٌ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ سَلَمِ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ فَهِيَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهَا ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ مُحْرِزٍ وَغَيْرُهُمَا وَاخْتَارَهُ الْبَاجِيَّ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ إنَّهُ الْأَصَحُّ وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى عَدَمِ الْجَوَازِ وَأَمَّا سَلَمُ صَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسُهُ فَهُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا بِشَرْطِهِ وَهُوَ عَدَمُ طُولِ الْأَجَلِ جِدًّا بِحَيْثُ يُؤَدِّي لِلْمُزَابَنَةِ وَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.

(قَوْلُهُ فِي جِذْعٍ أَوْ جُذُوعٍ) أَيْ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعَدُّدُ وَمِثْلُ مَا لِلشَّارِحِ لخش وشب قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعَدُّدِهِ وَالْوَاجِبُ الرُّجُوعُ لَهُ لَكِنْ قَدْ عَلِمْت مِمَّا مَرَّ عِنْدَ فَارَّةِ الْحُمُرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْمُسْلَمِ فِيهِ إذَا أَسْلَمَ بَعْضَ أَفْرَادِ الْجِنْسِ الْمُخْتَلِفَةِ الْمَنْفَعَةِ فِي بَعْضٍ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ التَّعَدُّدُ وَالشَّارِحُ قَدْ مَشَى فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ وَمَشَى هُنَا عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ جِنْسِهِ وَإِلَّا فَلَا يُشْتَرَطُ طُولٌ وَلَا غِلَظٌ وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْخَشَبَ أَجْنَاسٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ) حَيْثُ اكْتَفَى بِالْغِلَظِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ يَقُولُ إنْ وُجِدَا مَعًا جَازَ وَإِنْ وُجِدَ الطُّولُ فَقَطْ مُنِعَ وَإِنْ وُجِدَ الْغِلَظُ فَقَطْ جَازَ فَالْمَدَارُ فِي الْجَوَازِ عِنْدَهُ عَلَى الْغِلَظِ وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغِلَظِ وَالطُّولِ أَنَّ الْغِلَظَ لَا يَتَأَتَّى مَعَهُ إخْرَاجُ جُذُوعٍ مِنْ الْجِذْعِ إلَّا بِمَشَقَّةٍ بِخِلَافِ الطُّولِ فَقَطْ فَإِنَّهُ يُمْكِنُ ذَلِكَ مَعَهُ بِسُهُولَةٍ كَقَطْعِهِ قِطَعًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَاعْتُرِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّ الْكَبِيرَ) أَيْ وَهُوَ الطَّوِيلُ الْغَلِيظُ الْمُسْلَمُ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْغَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ جُذُوعٌ مُغَايِرَةٌ لِلطَّوِيلِ الْغَلِيظِ فِي وَصْفَيْهِ وَإِنَّمَا تَكُونُ جُذُوعًا إذَا كَانَتْ خِلْقَةً لَيْسَ فِيهَا نَجْرٌ وَلَا نَحْتٌ وَإِلَّا كَانَتْ جَوَائِزَ لَا جُذُوعًا فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ جَوَائِزَ مُنِعَ السَّلَمُ (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ مِنْ نَوْعِ الصَّغِيرِ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَشَبُ أَنْوَاعًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْكِبَرُ وَلَا الصِّغَرُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْكَلَامِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) مُقَابِلُهُ أَنَّ الْخَشَبَ كُلَّهُ جِنْسٌ فَلَا يَجُوزُ سَلَمُ بَعْضِهِ فِي بَعْضٍ مَا لَمْ تَخْتَلِفْ مَنْفَعَتُهُ كَالْأَلْوَاحِ لِلْأَبْوَابِ وَالْجَوَائِزِ لِلسَّقْفِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ دُونَهُ فِيهِمَا) أَيْ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مَعًا وَإِنَّمَا جَازَ لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لَا فِي أَحَدِهِمَا) أَيْ إنْ كَانَ السَّيْفَانِ دُونَهُ فِي الْقَطْعِ فَقَطْ أَوْ فِي الْجَوْهَرِيَّةِ فَقَطْ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ التَّبَاعُدِ، فَإِنْ اسْتَوَيَا مَعَهُ فِي الْقَطْعِ وَالْجَوْهَرِيَّةِ مُنِعَ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ سَلَمُ الشَّيْءِ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ جِنْسِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي سَيْفَيْنِ مَنْعُ سَلَمِ سَيْفٍ قَاطِعٍ جَيِّدِ الْجَوْهَرِيَّةِ فِي سَيْفٍ وَاحِدٍ دُونَهُ فِيهَا وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي فَارَّةِ الْحُمُرِ.

(قَوْلُهُ وَكَالْجِنْسَيْنِ) لَيْسَ فِي كَلَامِهِ مَا يُعْطَفُ هَذَا عَلَيْهِ إلَّا قَوْلُهُ كَفَارَّةِ الْحُمُرِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ أَنَّ قَوْلَهُ كَفَارَّةِ الْحُمُرِ مِثَالٌ لِلْجِنْسِ الْوَاحِدِ الَّذِي اخْتَلَفَتْ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ فَلَا يَصِحُّ انْدِرَاجُ هَذَا فِيهِ فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ مِنْ هُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَى الْكَافِ كَانَ أَوْلَى قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا مُقْحَمَتَانِ بَيْنَ نَظَائِرَ مِنْ نَمَطٍ وَاحِدٍ اهـ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ وَكَالْجِنْسَيْنِ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ وَكَأَنَّهُ قَالَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ لَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ، وَالْجِنْسَانِ يُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) أَيْ بِخِلَافِ مُتَّحِدِ الْجِنْسِ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ كَمَا مَرَّ كَسَلَمِ غَلِيظِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي رَقِيقِهَا وَرَقِيقِ غَزْلٍ فِي غَلِيظِهِ وَعَكْسِهِ وَأَمَّا سَلَمُ غَلِيظِ ثِيَابِ كَتَّانٍ فِي غَلِيظِ مِثْلِهَا أَوْ رَقِيقِهَا فِي مِثْلِهِ فَالْمَنْعُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْمَنْفَعَةِ.

(قَوْلُهُ فَأَوْلَى إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ اخْتِلَافُهُمَا بِالْمَنْفَعَةِ اخْتِلَافًا قَوِيًّا زِيَادَةً عَلَى اخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ (قَوْلُهُ مِثْلِهِ) أَيْ فِي الصِّفَةِ أَعْنِي السَّبْقَ وَالْقُوَّةَ عَلَى الْحَمْلِ (قَوْلُهُ صِفَةً لِجَمَلَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ مِثْلَ لَا تَتَعَرَّفُ بِالْإِضَافَةِ لِتَوَغُّلِهَا فِي الْإِبْهَامِ فَهِيَ نَكِرَةٌ كَمَوْصُوفِهَا وَشِدَّةِ إبْهَامِهَا وَتَوَغُّلِهَا فِيهِ مَنَعَ تَثْنِيَتَهَا بِدَلِيلِ الزَّيْدَانِ أَوْ الزَّيْدُونِ مِثْلِ عَمْرٍو (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ جَوَازُ ذَلِكَ وَفِي الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْقَوْلَ بِالْجَوَازِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ

ص: 203

وَأَوْلَى إذَا أُجِّلَا مَعًا فَإِنْ عُجِّلَا مَعًا فَبَيْعٌ جَائِزٌ فَإِنْ كَانَا مَعًا أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ بِأَسْبَقِيَّةٍ أَوْ حَمْلٍ جَازَ مُطْلَقًا عُجِّلَا أَوْ أُجِّلَا أَوْ أَحَدُهُمَا (وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ) صَنْعَةً شَرْعِيَّةً فَيُسْلَمُ الْوَاحِدُ فِي الْوَاحِدِ أَوْ فِي الْأَكْثَرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ سَلَمِ فَارَّةِ الْحُمُرِ وَالْبَقَرَةِ فِي غَيْرِهِ الْمُشْتَرَطُ فِيهَا التَّعَدُّدُ كَمَا مَرَّ

(لَا) تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ (بِالْبَيْضِ) أَيْ بِكَثْرَتِهِ فَلَا تُسْلَمُ دَجَاجَةٌ بَيُوضٌ فِي غَيْرِهَا (وَ) لَا (الذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) فِي غَيْرِ آدَمِيٍّ بَلْ (وَلَوْ آدَمِيًّا) عَلَى الصَّحِيحِ وَالْأَشْهَرِ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِ بِهِمَا لِاخْتِلَافِ خِدْمَةِ النَّوْعَيْنِ فَخِدْمَةُ الذَّكَرِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَالْأَسْفَارِ وَشِبْهِهِ وَخِدْمَةُ الْإِنَاثِ دَاخِلَ الْبَيْتِ كَالْعَجْنِ وَالْخَبْزِ وَالطَّبْخِ وَشِبْهِهَا وَلِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النَّاسِ قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَ) لَا تَخْتَلِفُ الْجَوَارِي بِسَبَبِ (غَزْلٍ وَطَبْخٍ) لِسُهُولَتِهِمَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (إنْ لَمْ تَبْلُغْ) كُلٌّ مِنْهُمَا (النِّهَايَةَ) بِأَنْ تَفُوتَ نَظَائِرُهَا فِيهِ وَزَادَ الْمَوَّاقُ وَأَنْ يَكُونَ الْغَزْلُ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَلِمِثْلِهِ تُرَادُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُسَلَّمٌ فِي الْغَزْلِ وَأَمَّا الطَّبْخُ فَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ نَاقِلٌ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ صَنْعَةٌ مُعْتَبَرَةٌ بَلَغَ النِّهَايَةَ أَوْ لَا (وَ) لَا يَخْتَلِفُ الرَّقِيقُ بِمَعْرِفَةِ (حِسَابٍ وَكِتَابَةٍ) فَلَا يُسْلَمُ حَاسِبٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا كَاتِبٌ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَذَكَرَ أَنَّ الْمُقَابِلَ لَهُ الْقَوْلُ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ لَا بِالْمَنْعِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ، وَفِي جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدٌ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ رِوَايَتَانِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَبِالْأُولَى أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَبِالثَّانِيَةِ أَخَذَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَسَحْنُونٌ اهـ قَالَ بْن وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ الْمَرْوِيَّةَ عَنْ مَالِكٍ عَلَى الْمَنْعِ وَرَجَّحَهُ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إذَا أُجِّلَا مَعًا) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ سَوَاءٌ تَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِهَذَا أَوْ بِهَذَا فَقَدْ تَحَقَّقَ السَّلَفُ مَعَ النَّفْعِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ السَّلَفُ إلَّا بِالنَّظَرِ لِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا مَعًا إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " مِثْلِهِ " وَقَوْلُهُ أَجْوَدَ أَيْ مِنْ الْجَمَلِ الْمُسْلَمِ وَاعْلَمْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَفْهُومَ فِيهِ تَفْصِيلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ جَمَلًا أَدْنَى فِي اثْنَيْنِ أَجْوَدَ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ عُجِّلَا أَوْ أُجِّلَا أَوْ أُجِّلَ أَحَدُهُمَا وَكَذَا لَوْ دَفَعَ جَمَلًا أَجْوَدَ فِي اثْنَيْنِ رَدِيئَيْنِ فَهَذِهِ صُوَرٌ سِتٌّ حُكْمُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَالثَّانِي أَدْنَى مِنْهُ فَإِنْ عُجِّلَا مَعًا أَوْ عُجِّلَ الْأَعْلَى فَأَجِزْ وَإِنْ أُجِّلَا مَعًا أَوْ عُجِّلَ الْأَدْنَى فَامْنَعْ وَإِنْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا مُسَاوٍ لِلْجَمَلِ الْمَدْفُوعِ رَأْسَ مَالٍ وَالْآخَرُ أَعْلَى مِنْهُ فَأَجِزْ إنْ عُجِّلَا أَوْ عُجِّلَ الْمُسَاوِي، وَإِنْ أُجِّلَا أَوْ أُجِّلَ الْمُسَاوِي وَعُجِّلَ الْأَعْلَى فَامْنَعْ لِأَنَّهُ لَمَّا أُجِّلَ الْمُسَاوِي صَارَ الْغَرَضُ مُلْتَفَتًا لَهُ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا، وَإِنْ دَفَعَ جَمَلًا فِي جَمَلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَدْنَى وَالثَّانِي مُسَاوٍ جَازَ إنْ عُجِّلَا أَوْ عُجِّلَ الْمُسَاوِي وَأُخِّرَ الْأَدْنَى، وَإِنْ أُجِّلَا أَوْ أُجِّلَ الْمُسَاوِي وَعُجِّلَ الْأَدْنَى فَامْنَعْ فَالصُّوَرُ إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً مَنْطُوقًا وَمَفْهُومًا وَهَذَا التَّفْصِيلُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَمُقْتَضَى كَلَامِ التَّوْضِيحِ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِثْلِهِ بَلْ الْمَنْعُ مُطْلَقًا إذَا أُجِّلَ أَحَدُهُمَا أَوْ أُجِّلَا مَعًا وَنَحْوُهُ قَوْلُ ح لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ مِثْلِهِ وَإِنَّمَا هُوَ نَبَّهَ بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ.

(قَوْلُهُ صَنْعَةً شَرْعِيَّةً) أَيْ كَالصَّيْدِ بِهِ وَتَوْصِيلِ الْكُتُبِ وَاحْتُرِزَ بِالشَّرْعِيَّةِ مِنْ غَيْرِهَا أَيْ كَتَعْلِيمِهِ الْكَلَامَ وَالصِّيَاحَ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ جَوَازَ السَّلَمِ فِي مُتَعَدِّدٍ غَيْرِ مُعَلَّمٍ (قَوْلُهُ فَيُسْلَمُ الْوَاحِدُ) أَيْ الْمُعَلَّمُ فِي الْوَاحِدِ أَوْ فِي الْأَكْثَرِ غَيْرِ الْمُعَلَّمِ أَيْ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعِهِ وَأَوْلَى إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ، وَأَمَّا سَلَمُ وَاحِدٍ بِلَا تَعْلِيمٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ صَنْعَةٍ بِلَا تَعْلِيمٍ فَيَجُوزُ بِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مِنْ أَنَّ الطَّيْرَ أَجْنَاسٌ لَا عَلَى سَمَاعِ عِيسَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الطَّيْرَ جِنْسٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْلَمُ بَعْضُهُ فِي بَعْضٍ إلَّا إذَا اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُ بِالتَّعْلِيمِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَمَسْأَلَةِ فَارَّةِ الْحُمُرِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قُوَّةَ الِاخْتِلَافِ بِالتَّعْلِيمِ كَقُوَّةِ الِاخْتِلَافِ بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ فِي غَيْرِ الْآدَمِيِّ ثُمَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِي فَارَّةِ الْحُمُرِ قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ التَّعَدُّدِ فِيهَا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ فِي اثْنَيْنِ غَيْرِ بُيُوضٍ لِعَدَمِ الِاخْتِلَافِ فِي الْمَنْفَعَةِ وَأَمَّا فِي وَاحِدَةٍ غَيْرِ بُيُوضٍ فَجَائِزٌ لِأَنَّهُ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلَا الذُّكُورَةِ إلَخْ) أَيْ وَلَا تَخْتَلِفُ الْمَنْفَعَةُ فِي الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ طَيْرًا أَوْ غَيْرَهُ بِالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَلَيْسَ هَذَا رَاجِعًا لِلطَّيْرِ فَقَطْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ آدَمِيًّا فَلَا تُسْلَمُ الدَّجَاجَةُ فِي دِيكَيْنِ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا الذَّكَرُ مِنْ الْآدَمِيِّ فِي اثْنَيْنِ وَعَكْسُهُ لِأَنَّ هَذَا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَا الدَّجَاجَةُ فِي الدِّيكِ وَالْأُنْثَى مِنْ الْآدَمِيِّ فِي الذَّكَرِ مِنْهُ لِأَنَّهُ سَلَمُ الْأَجْوَدِ فِي الْأَرْدَإِ وَأَمَّا سَلَمُ الذَّكَرِ فِي الذَّكَرِ مِنْ الْآدَمِيِّ أَوْ مِنْ الطَّيْرِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَالْأُنْثَى فِي الْأُنْثَى فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّهُ قَرْضٌ (قَوْلُهُ وَلِاخْتِلَافِ أَغْرَاضِ النَّاسِ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ إنْ لَمْ تَبْلُغْ النِّهَايَةَ) أَيْ فَإِنْ بَلَغَتْهَا جَازَ سَلَمُهَا فِي غَيْرِ بَالِغَةِ النِّهَايَةِ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهَا لَا تَغْزِلُ وَلَا تَطْبُخُ أَوْ تَغْزِلُ أَوْ تَطْبُخُ وَلَكِنَّهَا غَيْرُ بَالِغَةِ النِّهَايَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْجَوَارِيَ لَا تَخْتَلِفُ بِالْغَزْلِ وَالطَّبْخِ إنْ لَمْ تَبْلُغْ النِّهَايَةَ (قَوْلُهُ فَلَا يُسْلَمُ حَاسِبٌ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْحِسَابِ (قَوْلُهُ وَلَا كَاتِبٌ كَذَلِكَ) أَيْ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ لَا مَعْرِفَةَ لَهُ بِالْكِتَابَةِ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي التَّبْصِرَةِ الْعَبِيدُ عِنْدَ مَالِكٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قَبَائِلُهُمْ فَالْبَرْبَرِيُّ وَالنَّوْبِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ لَا يُسْلَمُ أَحَدُهُمْ فِي الْآخَرِ إلَّا أَنَّ الصَّنْعَةَ

ص: 204

لِأَنَّهُ عِلْمٌ لَا صِنَاعَةٌ وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُمَا بِمَا إذَا لَمْ يَبْلُغَا النِّهَايَةَ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يُنْقَلَانِ وَلَوْ اجْتَمَعَا وَكَذَا الْقِرَاءَةُ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَايَةِ وَالنِّجَارَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا نَاقِلَةٌ (وَالشَّيْءُ) طَعَامًا أَوْ نَقْدًا أَوْ عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا إذَا أُسْلِمَ (فِي مِثْلِهِ) صِفَةً وَقَدْرًا (قَرْضٌ) سَوَاءٌ كَانَ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ أَوْ غَيْرِهِمَا فِي الْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ وَحِينَئِذٍ إذَا قَصَدَ نَفْعَ الْمُقْتَرِضِ جَازَ وَإِلَّا فَلَا وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالنَّقْدُ فَلَا يَكُونُ قَرْضًا إلَّا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ أَوْ السَّلَمِ أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ

(وَ) الشَّرْطُ الثَّالِثُ (أَنْ يُؤَجَّلَ) أَيْ السَّلَمُ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِمَعْلُومٍ) أَيْ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِوَقْتِ الْقَبْضِ وَإِلَّا فَسَدَ وَأَشَارَ لِأَقَلِّ الْأَجَلِ بِقَوْلِهِ (زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ نِصْفَ الشَّهْرِ لَا يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْوَجْهُ أَنْ يَقُولَ أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ وَلَا حَدَّ لِأَكْثَرِهِ إلَّا مَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَيْهِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (كَالنَّيْرُوزِ) إلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَةَ كَالْمَنْصُوصَةِ وَهُوَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ السَّنَةِ الْقِبْطِيَّةِ وَمَعْنَاهُ الْيَوْمُ الْجَدِيدُ وَفِي سَابِعِهِ وِلَادَةُ عِيسَى عليه السلام (وَالْحَصَادِ وَالدَّارِسِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِمَا وَكَسْرِهِ (وَقُدُومِ الْحَاجِّ) وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ (وَاعْتُبِرَ) فِي الْحَصَادِ وَمَا مَعَهُ (مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ) وَسَوَاءٌ وُجِدَتْ الْأَفْعَالُ أَوْ عُدِمَتْ فَالْمُرَادُ وُجُودُ الْوَقْتِ الَّذِي يَغْلِبُ فِيهِ الْوُقُوعُ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ زَائِدٍ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُشْتَرَطَ (أَنْ يُقْبَضَ) الْمُسْلَمُ فِيهِ (بِبَلَدِ) غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ عَلَى مَسَافَةٍ (كَيَوْمَيْنِ) فَأَكْثَرَ ذَهَابًا فَقَطْ وَلَا يُشْتَرَطُ نِصْفُ شَهْرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَنْقُلُهُمْ فَتُصَيِّرُهُمْ أَجْنَاسًا إذَا كَانَا تَاجِرَيْنِ مُخْتَلِفَيْ التِّجَارَةِ كَبَزَّازٍ وَعَطَّارٍ أَوْ صَانِعَيْنِ مُخْتَلِفَيْ الصَّنْعَةِ كَخَبَّازٍ وَخَيَّاطٍ فَيُسْلَمُ الصَّانِعُ فِي التَّاجِرِ لَا أَحَدُهُمَا فِي وَاحِدٍ يُرَادُ لِمُجَرَّدِ الْخِدْمَةِ وَيُسْلَمُ أَحَدُهُمَا فِي عَدَدٍ يُرَادُ مِنْهُ الْخِدْمَةُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عِلْمٌ لَا صِنَاعَةٌ) أَيْ وَاَلَّذِي يَنْقُلُ الرَّقِيقَ عَنْ جِنْسِهِ إنَّمَا هُوَ الصَّنْعَةُ كَمَا عُلِمَ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمَا لَا يُنْقَلَانِ وَلَوْ اجْتَمَعَا) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْقَائِلِ بِنَقْلِهِمَا إذَا اجْتَمَعَا وَقَوْلُهُ وَلَوْ اجْتَمَعَا أَيْ مَا لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ وَلَوْ فِي أَحَدِهِمَا وَإِلَّا نُقِلَا (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخِيَاطَةِ وَالْبِنَايَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا يَبْنِي الْبِنَاءَ الْمُعْتَبَرَ وَالْآخَرُ دُونَهُ أَنَّ ذَلِكَ بِمَثَابَةِ جِنْسَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْخِيَاطَةِ وَالنِّجَارَةِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَالنِّجَارَةِ) بِالنُّونِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ أَيْضًا بِالتَّاءِ (قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَالْقَرْضِ وَالسَّلَفِ أَوْ الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ فِي الْعَرْضِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَرْضِ وَالْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ نَفْعَ الْمُقْرِضِ أَوْ نَفْعَهُمَا مَعًا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْقَرْضِ) أَيْ أَوْ السَّلَفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ بِلَفْظِ الْبَيْعِ إلَخْ) كَأَبِيعُكَ هَذَا الدِّينَارَ بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ أَوْ أَبِيعُك هَذَا الْإِرْدَبَّ الْقَمْحَ بِإِرْدَبِّ قَمْحٍ لِشَهْرٍ أَوْ أُسْلِمُكَ هَذَا الدِّينَارَ فِي دِينَارٍ لِشَهْرٍ أَوْ أُسْلِمُكَ هَذَا الْإِرْدَبِّ فِي إرْدَبٍّ مِثْلِهِ لِشَهْرٍ (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَ) كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ فِي دِينَارٍ آخُذُهُ مِنْك بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ خُذْ هَذَا الْإِرْدَبَّ الْقَمْحَ وَآخُذُ مِنْك بَعْدَ شَهْرٍ إرْدَبًّا قَالَ شَيْخُنَا وَيُعْمَلُ بِالْقَرَائِنِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِذَا لَمْ يُسَمُّوا شَيْئًا وَتُعُورِفَ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ دَرَاهِمَ فِي مِثْلِهَا يَكُونُ قَرْضًا كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَا مَمْنُوعًا

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُؤَجَّلَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا إذَا ضُرِبَ الْأَجَلُ فَإِنَّ الْغَالِبَ تَحْصِيلُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَلَمْ يَكُنْ مِنْ بَيْعِ الْإِنْسَانِ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ إذْ كَأَنَّهُ إنَّمَا بِيعَ مَا هُوَ عِنْدَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ، وَاشْتُرِطَ فِي الْأَجَلِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا لِيُعْلَمَ مِنْهُ الْوَقْتُ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ قَضَاءُ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْأَجَلُ الْمَجْهُولُ لَا يُفِيدُ لِلْغَرَرِ وَإِنَّمَا حُدَّ أَقَلُّ الْأَجَلِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ غَالِبًا وَاخْتِلَافُهَا مَظِنَّةً لِحُصُولِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَكَأَنَّهُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَهُمْ عَادَةٌ بِوَقْتِ الْقَبْضِ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِضَرْبِ الْأَجَلِ وَذَلِكَ كَأَرْبَابِ الْمَزَارِعِ وَأَرْبَابِ الْأَلْبَانِ وَأَرْبَابِ الثِّمَارِ فَإِنَّ عَادَةَ الْأَوَّلِ الْقَبْضُ عِنْدَ حَصَادِ الزَّرْعِ وَعَادَةَ مَنْ بَعْدَهُمْ الْوَفَاءُ بِدَفْعِ مَا عَلَيْهِمْ زَمَنَ الرَّبِيعِ وَزَمَنَ جَذِّ الثِّمَارِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ) بَلْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ كَافِيَةٌ فِي الْأَجَلِ (قَوْلُهُ إلَّا مَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ) أَيْ كَمُدَّةِ التَّعْمِيرِ فَتَأْجِيلُ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ إلَيْهَا مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ وَأَمَّا مَا أَجَلُهُ عِشْرُونَ سَنَةً وَنَحْوُهَا فَمَكْرُوهٌ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ كَالنَّيْرُوزِ وَالْحَصَادِ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ حِينِ الْعَقْدِ لِذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَا بُدَّ مِنْ ذَلِكَ إلَّا مَا يَسْتَثْنِيهِ.

(قَوْلُهُ إلَى أَنَّ الْأَيَّامَ الْمَعْلُومَةَ) أَيْ لِلْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالْمَنْصُوصَةِ فَالْأَوَّلُ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى إرْدَبِّ قَمْحٍ إلَى النَّيْرُوزِ أَوْ إلَى عَاشُورَاءَ أَوْ لِعِيدِ الْفِطْرِ أَوْ لِعِيدِ الْأَضْحَى أَوْ لِمَوْلِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْحَالُ أَنَّهُمَا يَعْلَمَانِ أَنَّ النَّيْرُوزَ أَوَّلُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ تُوتَ وَأَنَّ عَاشُورَاءَ عَاشِرُ يَوْمٍ مِنْ شَهْرِ الْمُحَرَّمِ وَأَنَّ مَوْلِدَ النَّبِيِّ ثَانِي عَشَرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَهَكَذَا وَالثَّانِي كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي إرْدَبِّ قَمْحٍ إلَى أَوَّلِ شَهْرِ رَجَبٍ أَوْ آخُذُهُ مِنْك بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا (قَوْلُهُ وَالْحَصَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّأْجِيلَ بِالْفِعْلِ الَّذِي يُفْعَلُ فِي الْأَيَّامِ الْمُعْتَادَةِ كَالتَّأْجِيلِ بِهَا (قَوْلُهُ وَالصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفَاهُ إلَّا بِشِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ لَا بِالْحِسَابِ (قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي الْحَصَادِ وَمَا مَعَهُ) أَيْ مِنْ الدِّرَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ وَقَوْلُهُ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ أَيْ الْوَقْتُ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ غَالِبُ مَا ذُكِرَ وَهُوَ وَسَطُ الْوَقْتِ الْمُعَدِّ لِذَلِكَ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ وُجِدَتْ الْأَفْعَالُ أَعْنِي الْحَصَادَ وَالدِّرَاسَ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ أَوْ لَمْ تُوجَدْ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ اشْتِرَاطِ التَّأْجِيلِ بِالْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا إذَا كَانَ قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِبَلَدِ عَقْدِهِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ

ص: 205

بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمَيْنِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَخْرُجَا بِالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إنْ خَرَجَ) الْعَاقِدُ الشَّامِلُ لَهُمَا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ وَتَعْجِيلِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ بِالْمَجْلِسِ وَأَنْ يَكُونَ السَّفَرُ فِي الْيَوْمَيْنِ (بِبَرٍّ أَوْ) بَحْرٍ (بِغَيْرِ رِيحٍ) كَالْمُنْحَدَرَيْنِ احْتِرَازًا مِنْ السَّفَرِ بِالرِّيحِ كَالْمُقْلَعَيْنِ فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ الِانْضِبَاطِ لِجَوَازِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ الْكَثِيرَةِ فِي سَاعَةٍ فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ الْحَالِّ فَقَوْلُهُ بِبَرٍّ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَيَوْمَيْنِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ إنْ خَرَجَ كَانَ أَحْسَنَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ خَمْسَةٌ مَتَى اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ وَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ (وَالْأَشْهَرُ) إذَا ضَرَبْت أَجَلًا لِلسَّلَمِ تُحْسَبُ (بِالْأَهِلَّةِ) إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ فِي أَوَّلِهَا فَإِنْ وَقَعَ فِي أَثْنَاءِ شَهْرٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ مَثَلًا حُسِبَ الثَّانِي وَالثَّالِث بِالْهِلَالِ (وَتَمَّمَ) الشَّهْرَ الْأَوَّلَ (الْمُنْكَسِرَ) ثَلَاثِينَ يَوْمًا (مِنْ الرَّابِعِ) وَإِنْ كَانَ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ هِلَالًا (وَ) إنْ أُجِّلَ (إلَى رَبِيعٍ) مَثَلًا (حَلَّ بِأَوَّلِهِ) أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ وَهُوَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْهُ (وَفَسَدَ) السَّلَمُ إنْ قَالَ أَقْضِيك (فِيهِ) أَيْ فِي رَبِيعٍ مَثَلًا لِجَهْلِهِ بِاحْتِمَالِ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ وَآخِرِهِ (عَلَى الْمَقُولِ) وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَفْسُدُ وَيَقْضِيهِ وَسَطَهُ وَمِثْلُهُ الْعَامُ (لَا) إنْ قَالَ أَقْضِيك (فِي الْيَوْمِ) الْفُلَانِيِّ فَلَا فَسَادَ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ فِيهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَبْضُهُ فِي غَيْرِ بَلَدِ عَقْدِهِ فَالْمُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَقَلُّ الْمَسَافَةِ الْكَائِنَةِ بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ يَوْمَيْنِ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ اخْتِلَافِ الْأَسْوَاقِ فِي الْبَلَدَيْنِ وَإِنْ لَمْ تَخْتَلِفْ بِالْفِعْلِ قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ إذَا شُرِطَ الْقَبْضُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ السَّلَمُ وَلَمْ يُضْرَبْ أَجَلٌ وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُسْلَمِ فِيهِ وَقْتٌ لَا يُوجَدُ إلَّا فِيهِ جَازَ ذَلِكَ وَكَانَتْ الْمَسَافَةُ الَّتِي بَيْنَ الْبَلَدَيْنِ كَالْأَجَلِ وَيُجْبَرُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ عَلَى الْخُرُوجِ بِفَوْرِ الْعَقْدِ أَوْ التَّوْكِيلِ عَلَى الْوَفَاءِ فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَلَدِ جُبِرَ عَلَى الْقَضَاءِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ اهـ ثُمَّ إنَّ الِاكْتِفَاءَ بِمَسَافَةٍ كَيَوْمَيْنِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَرْبَعَةٍ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِبَعْضِهَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِبَعْضِهَا.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي وَلَوْ اخْتَلَفَ السُّوقُ بِالْفِعْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّأْجِيلِ بِنِصْفِ شَهْرٍ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الْبَلَدَيْنِ حِينَئِذٍ كَالْبَلَدِ الْوَاحِدَةِ خِلَافًا لِلْجُزُولِيِّ حَيْثُ قَالَ يَكْفِي وَلَوْ نِصْفَ يَوْمٍ إذَا اخْتَلَفَتْ الْأَسْعَارُ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ فَالْخُرُوجُ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِهِ لَا يَكْفِي كَمَا أَنَّ اشْتِرَاطَهُ مِنْ غَيْرِ خُرُوجٍ بِالْفِعْلِ لَا يَكْفِي فَالشَّرْطُ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْخُرُوجِ وَالْخُرُوجِ بِالْفِعْلِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ بِالْمَجْلِسِ) أَيْ أَوْ قُرْبِهِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَيَوْمَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ مُرْتَبِطٌ بِهِ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَحْدِيدَ الْمَسَافَةِ بِالْبَرِّ تَارَةً وَبِالْبَحْرِ أُخْرَى مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تُقَدَّرُ بِالْبَرِّ فَقَطْ فَالصَّوَابُ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ إنْ خَرَجَ أَيْ إنْ خَرَجَ فِي الْحَالِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّيْرُ فِي الْبَرِّ أَوْ فِي الْبَحْرِ بِغَيْرِ رِيحٍ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ {تَنْبِيهٌ} لَوْ حَصَلَ عَائِقٌ عَنْ الْخُرُوجِ وَرَجَا انْكِشَافَهُ انْتَظَرَهُ وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُسْلِمُ فِي الْبَقَاءِ وَالْفَسْخِ قَالَهُ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ وَأَمَّا لَوْ تَرَكَ الْخُرُوجَ مِنْ غَيْرِ عَائِقٍ فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِنْ سَافَرَ وَوَصَلَ قَبْلَ مُضِيِّ الْيَوْمَيْنِ فَإِنْ كَانَ السَّفَرُ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ كَانَ صَحِيحًا وَلَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْقَبْضِ حَتَّى يَمْضِيَ الْيَوْمَانِ وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ بِرِيحٍ كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشُّرُوطَ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةَ فِي عَدَمِ التَّأْجِيلِ بِنِصْفِ شَهْرٍ (قَوْلُهُ خَمْسَةٌ) الْأَوَّلُ اشْتِرَاطُ قَبْضِهِ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ الثَّانِيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُقْبَضَ إلَخْ أَيْ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ قَبْضُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ إذْ الشَّرْطُ اشْتِرَاطُ قَبْضِهِ فَوْرًا لَا قَبْضُهُ بِالْفِعْلِ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الْبَلَدُ الثَّانِيَةُ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَلْفِظْ بِمَسَافَتِهَا، الثَّالِثُ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ الْخُرُوجُ فَوْرًا وَأَنْ يَخْرُجَا بِالْفِعْلِ إمَّا بِنَفْسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا، الرَّابِعُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ أَوْ قُرْبِهِ، الْخَامِسُ أَنْ يَكُونَ السَّفَرُ فِي يَوْمَيْنِ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّلَمَ لَا بُدَّ أَنْ يُؤَجَّلَ بِأَجَلٍ مَعْلُومٍ أَقَلُّهُ نِصْفُ شَهْرٍ إلَّا إذَا اُشْتُرِطَ قَبْضُهُ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ لِبَلَدِ غَيْرِ بَلَدِ الْعَقْدِ وَكَانَتْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ وَاشْتُرِطَ حِينَ الْعَقْدِ خُرُوجُهُمَا بِأَنْفُسِهِمَا أَوْ بِوَكِيلِهِمَا وَخَرَجَا يَوْمَهُ بِالْفِعْلِ وَعُجِّلَ رَأْسُ الْمَالِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ أَوْ قَرْبِهِ وَكَانَ السَّفَرُ فِي الْبَرِّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ فَإِذَا وُجِدَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فَلَا يُشْتَرَطُ التَّأْجِيلُ بِنِصْفِ شَهْرٍ اهـ (قَوْلُهُ وَالْأَشْهَرُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ وَالشَّهْرَانِ فَتُجْعَلُ أَلْ فِي الْأَشْهُرِ لِلْجِنْسِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ أَيْ بِأَوَّلِ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ بِآخِرِ أَوَّلِ جُزْءٍ أَيْ بِآخِرِ اللَّيْلَةِ الْأُولَى وَعَلَى هَذَا اقْتَصَرَ الْمَوَّاقُ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِأَوَّلِهِ رُؤْيَةُ هِلَالِهِ، وَثَمَرَةُ الْخِلَافِ تَظْهَرُ إذْ طَالَبَ الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ وَقْتَ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ فَامْتَنَعَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ الدَّفْعِ وَقَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ اللَّيْلَةِ الْأُولَى فَإِنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَقُولِ) أَيْ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ النُّذُورِ وَرَجَّحَهُ أَيْضًا ابْنُ زَرْبٍ وَابْنُ سَهْلٍ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ فِي الْمَبْسُوطِ وَالْعُتْبِيَّةِ قَائِلًا يَكُونُ حُلُولُ الْأَجَلِ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ إذَا قَالَ فِي شَهْرِ كَذَا وَفِي وَسَطِ السَّنَةِ إذَا قَالَ فِي سَنَةِ كَذَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلٌ فِي رَبِيعٍ فِي الْعَامِ الْفُلَانِيِّ أَيْ مِثْلُهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَقَدْ عَلِمْت الْمُعْتَمَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يَضُرُّ الْجَهْلُ لِاحْتِمَالِ أَوَّلِهِ وَوَسَطِهِ

ص: 206

وَيُحْمَلُ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِهِ

وَأَشَارَ إلَى الشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَأَنْ يَضْبِطَ) الْمُسْلَمَ فِيهِ (بِعَادَتِهِ) أَيْ عَادَةِ أَهْلِ مَحَلِّ الْعَقْدِ (مِنْ كَيْلٍ) كَقَمْحٍ (أَوْ وَزْنٍ) كَلَحْمٍ (أَوْ عَدَدٍ) كَثِيَابٍ وَحَيَوَانٍ وَقَوْلُهُ (كَالرُّمَّانِ) يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِلْوَزْنِ وَلِلْعَدَدِ لِأَنَّهُ يُوزَنُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَيُعَدُّ فِي بَعْضِهَا (وَقِيسَ) الرُّمَّانُ (بِخَيْطٍ) وَلَوْ بِيعَ وَزْنًا لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ أَيْ اُعْتُبِرَ قِيَاسُهُ بِهِ عِنْدَ الْعَقْدِ لَا أَنَّهُ يُقَاسُ بِالْفِعْلِ إذْ هُوَ فِي الذِّمَّةِ غَيْرُ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَالْبَيْضِ) وَقِيسَ بِخَيْطٍ أَيْضًا وَعُطِفَ عَلَى مَنْ كِيلَ أَوْ عَلَى بِعَادَتِهِ قَوْلُهُ (أَوْ بِحِمْلٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِأَنْ يُقَاسَ بِحَبْلٍ وَيُقَالُ أُسَلِّمُك فِيمَا يَسَعُ هَذَا (أَوْ جُرَزَةٍ) بِضَمِّ الْجِيمِ حُزْمَةٌ مِنْ الْقَتِّ (فِي كَقَصِيلٍ) مَا يُقْصَلُ أَيْ مَا يُرْعَى وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْبَقْلَ وَالْقُرْطَ بِضَمِّ الْقَافِ وَالْقَضْبَ بِفَتْحِهَا (لَا) يَضْبِطُ كَالْقَصِيلِ (بِفَدَّانٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ (أَوْ) يُضْبَطُ (بِتَحَرٍّ) مَعَ عَدَمِ آلَةِ الْوَزْنِ لَا مَعَ وُجُودِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (وَهَلْ) مَعْنَى التَّحَرِّي أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك لَحْمًا مَثَلًا مَا إذَا تَحَرَّى كَانَ (بِقَدْرِ كَذَا) أَيْ عَشَرَةِ أَرْطَالٍ مَثَلًا (أَوْ) مَعْنَاهُ أَنْ يُسْلَمَ فِي نَحْوِ لَحْمٍ وَ (يَأْتِي بِهِ) أَيْ بِالْقَدْرِ بِأَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ أَوْ قُفَّةٍ مَثَلًا (وَيَقُولُ) أُسْلِمُكَ فِي (كَنَحْوِهِ) وَزْنًا أَوْ كَيْلًا فَإِذَا حَصَلَ الْمُسْلَمُ فِيهِ تَحَرَّى مُمَاثَلَةً لَا أَنَّهُ يُوزَنُ بِهِ أَوْ يُكَالُ وَإِلَّا فَسَدَ لِلْجَهْلِ (تَأْوِيلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْأَوَّلُ (وَفَسَدَ) السَّلَمُ إنْ ضُبِطَ (بِمَجْهُولٍ) كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ (وَإِنْ نَسَبَهُ) لِمَعْلُومٍ كَمِلْءِ هَذَا الْوِعَاءِ وَهُوَ إرْدَبٌّ أَوْ وَزْنِ هَذَا الْحَجَرِ وَهُوَ رِطْلٌ (أُلْغِيَ) الْمَجْهُولُ وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ (وَجَازَ) أَنْ يُضْبَطَ (بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَآخِرُهُ لِخِفَّةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ) أَيْ قَوْلُهُ أَقْضِيك فِي الْيَوْمِ الْفُلَانِيِّ عَلَى طُلُوعِ فَجْرِهِ أَيْ عَلَى أَنَّ الْقَضَاءَ وَقْتَ طُلُوعِ فَجْرِهِ

(قَوْلُهُ وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ) أَيْ إنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ يُضْبَطَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَأَنْ يَكُونَ ضَبْطُهُ بِمَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِضَبْطِهِ بِهِ فِي بَلَدِ السَّلَمِ فَلَا يَصِحُّ إذَا لَمْ يُضْبَطْ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قَمْحٍ مَثَلًا مِنْ غَيْرِ ضَبْطٍ لِقَدْرِهِ أَوْ ضَبْطٍ بِغَيْرِ مَا يُضْبَطُ بِهِ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قِنْطَارِ قَمْحٍ أَوْ إرْدَبِّ لَحْمٍ أَوْ إرْدَبِّ بَيْضٍ أَوْ قِنْطَارِ بِطِّيخٍ (قَوْلُهُ يَصِحُّ إلَخْ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ مِثَالٌ لِمَا يُضْبَطُ بِالْوَزْنِ وَقَوْلُهُ الْآتِي وَالْبَيْضُ مِثَالٌ لِمَا يُضْبَطُ بِالْعَدَدِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِخَيْطٍ) أَيْ بِسَعَةِ خَيْطٍ وَيُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ فَإِذَا حَضَرَ الرُّمَّانُ قِيسَتْ كُلُّ رُمَّانَةٍ بِالْخَيْطِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيعَ وَزْنًا) بِأَنْ يُقَالَ أُسْلِمُكَ فِي قِنْطَارٍ مِنْ الرُّمَّانِ دِينَارًا كُلُّ رُمَّانَةٍ سَعَةُ هَذَا الْخَيْطِ أَوْ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي مِائَةِ رُمَّانَةٍ كُلُّ رُمَّانَةٍ سَعَةُ هَذَا الْخَيْطِ آخُذُ ذَلِكَ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُقَاسُ بِالْفِعْلِ) أَيْ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ بِحِمْلٍ) أَيْ كَأَنْ يُقَالَ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي عَشَرَةِ أَحْمَالِ بِرْسِيمٍ كُلُّ حِمْلٍ مِلْءُ هَذَا الْحَبْلِ وَيُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ جُرَزَةٍ) أَيْ وَاعْتُبِرَ قِيَاسُهَا أَيْضًا بِخَيْطٍ كَأُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي مِائَةِ حُزْمَةٍ مِنْ الْبِرْسِيمِ أَوْ الْكُرَّاثِ أَوْ الْكُزْبَرَةِ كُلُّ حُزْمَةٍ تَمْلَأُ هَذَا الْخَيْطَ آخُذُهَا مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا (قَوْلُهُ لَا بِفَدَّانٍ) أَيْ أَوْ قِيرَاطٍ أَوْ قَصَبَةٍ وَلَوْ اُشْتُرِطَ كَوْنُهُ بِصِفَةِ جَوْدَةٍ أَوْ رَدَاءَةٍ لِأَنَّهُ يَخْتَلِف وَلَا يُحَاطُ بِصِفَتِهِ فَلَا يَكُونُ السَّلَمُ فِي هَذَا أَيْ فِي الْقَصِيلِ وَالْبُقُولِ إلَّا عَلَى الْأَحْمَالِ أَوْ الْحُزَمِ.

{تَنْبِيهٌ} لَوْ ضَاعَ الْخَيْطُ الَّذِي يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْعَقْدِ الْقِيَاسُ بِهِ جَرَى عَلَى مَا يَأْتِي فِي ذِرَاعِ الرَّجُلِ الْمُعَيَّنِ حَيْثُ تَعَذَّرَتْ مَعْرِفَتُهُ كَذَا يَنْبَغِي (قَوْلُهُ أَوْ بِتَحَرٍّ) عَطْفٌ عَلَى بِعَادَتِهِ لَا عَلَى كَيْلٍ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَرَيَانِ الْعَادَةِ بِالتَّحَرِّي (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ آلَةُ الْوَزْنِ وَكُنَّا نَعْلَمُ قَدْرَهَا وَاحْتَجْنَا لِلسَّلَمِ فِي اللَّحْمِ مَثَلًا فَيَجُوزُ أَنْ تُسْلِمَ الْجَزَّارَ فِي مِائَةِ قِطْعَةٍ مَثَلًا كُلُّ قِطْعَةٍ لَوْ وُزِنَتْ كَانَتْ رِطْلًا أَوْ رِطْلَيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ إذَا عُدِمَتْ آلَةُ الْكَيْلِ وَعُلِمَ قَدْرُهَا وَاحْتِيجَ لِلسَّلَمِ فِي الطَّعَامِ فَتَقُولُ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي قَمْحٍ مِلْءَ زَكِيبَتَيْنِ كُلُّ زَكِيبَةٍ لَوْ كِيلَتْ كَانَتْ إرْدَبًّا آخُذُ ذَلِكَ الْقَمْحَ فِي شَهْرِ كَذَا هَذَا مَعْنَى ضَبْطِ السَّلَمِ بِالتَّحَرِّي عَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ وَالتَّأْوِيلِ الثَّانِي يَقُولُ الْمُرَادُ أَنْ تَأْتِيَ لَلْجَزَّار بِحَجَرٍ أَوْ بِقِطْعَةِ لَحْمٍ مَثَلًا وَتَقُولُ لَهُ أُسْلِمُكَ فِي مِائَةِ قِطْعَةٍ مِنْ اللَّحْمِ كُلُّ قِطْعَةٍ لَوْ وُزِنَتْ كَانَتْ قَدْرَ هَذَا الْحَجَرِ أَوْ قَدْرَ هَذِهِ الْقِطْعَةِ اللَّحْمِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُوزَنُ اللَّحْمُ بَعْدَ حُضُورِهِ بِهَذَا الْحَجَرِ أَصْلًا بَلْ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ أَعْطَى الْمُسْلَمَ إلَيْهِ مِائَةَ قِطْعَةِ لَحْمٍ مُمَاثِلَةٍ لِذَلِكَ الْحَجَرِ تَحَرِّيًا بِدُونِ أَنْ تُوزَنَ بِهِ وَإِلَّا فَسَدَ أَوْ تَأْتِيَ لِصَاحِبِ الْقَمْحِ بِقُفَّةٍ أَوْ غِرَارَةٍ مَثَلًا لَا يُعْلَمُ قَدْرُهَا وَتَقُولُ لَهُ أُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي قَمْحٍ لَوْ كِيلَ بِهَذِهِ الْقُفَّةِ لَكَانَ مِلْأَهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ آخُذُهُ فِي شَهْرِ كَذَا وَلَا يُكَالُ بِهَا عِنْدَ حُضُورِهِ بَلْ يَتَحَرَّى الْمُمَاثِلَ لِمِلْئِهَا مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ وَإِلَّا فَسَدَ لِلْجَهْلِ وَالْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَالثَّانِي لِابْنِ زَرِبٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ نَسَبَهُ) أَيْ الْمَجْهُولَ لِمَعْلُومٍ وَقَوْله أُلْغِيَ أَيْ الْمَجْهُولُ وَاعْتُبِرَ الْمَعْلُومُ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَقْدُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ وَجَازَ بِذِرَاعٍ إلَخْ) كَأُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي ثَوْبٍ طُولُهُ ثَلَاثُونَ ذِرَاعًا بِذِرَاعِ فُلَانٍ وَأَرَاهُ ذِرَاعَهُ وَقَوْلُهُ رَجُلٌ مُعَيَّنٌ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ الرَّجُلَ فَفِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُحْمَلَانِ عَلَى ذِرَاعِ وَسَطٍ أَصْبَغَ وَهَذَا مُجَرَّدُ اسْتِحْسَانٍ وَالْقِيَاسُ الْفَسْخُ فَإِنْ خِيفَ غَيْبَةُ ذِي الذِّرَاعِ أُخِذَ قَدْرُهُ وَجُعِلَ بِيَدِ عَدْلٍ إنْ اتَّفَقَا وَإِلَّا أَخَذَ كُلٌّ مِنْهُمَا قِيَاسَهُ عِنْدَهُ فَإِنْ مَاتَ أَوْ غَابَ وَلَمْ يَأْخُذْ قِيَاسَهُ وَتَنَازَعَا فِي قَدْرِهِ فَإِنْ قَرُبَ الْعَقْدُ بِأَنْ لَمْ يَفُتْ رَأْسُ الْمَالِ تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَإِنْ فَاتَ

ص: 207

أَيْ عَظْمِ ذِرَاعِهِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا أَرَاهُ الذِّرَاعَ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلَهُ (كَوَيْبَةٍ وَحَفْنَةٍ) أَيْ مَعَ حَفْنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِيَسَارَةِ الْغَرَرِ فِيهَا إذَا أَرَاهُ إيَّاهَا وَفِي شَرْطِ رُؤْيَتِهَا قَوْلَانِ (وَفِي الْوَيْبَاتِ وَالْحَفَنَاتِ قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا إذَا كَانَتْ الْحَفَنَاتُ بِعَدَدِ الْوَيْبَاتِ أَوْ أَقَلَّ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى عَدَدِ الْوَيْبَاتِ فَالْمَنْعُ

[دَرْسٌ]

(وَ) الشَّرْطُ الْخَامِسُ (أَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ) أَيْ السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً) بِبَلَدِ السَّلَمِ وَمَكَانِهِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الصِّفَاتِ كَمَا فِي الْبَرْبَرِيِّ وَالرُّومِيِّ وَالْبُخْتِ وَالْعِرَابِ وَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ نَعَمْ لَوْ قَالَ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الرَّغَبَاتُ كَانَ أَوْضَحَ (كَالنَّوْعِ) أَيْ الصِّنْفِ كَرُومِيٍّ وَبَرْبَرِيٍّ (وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَ) التَّوَسُّطِ (بَيْنَهُمَا) وَقَوْلُهُ (وَاللَّوْنِ) الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النَّوْعِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الطُّولَ وَالْعَرْضَ وَالْغِلَظَ وَالرِّقَّةَ وَالْكِبَرَ وَالصِّغَرَ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ بَيَانُ الْجَمِيعِ فِي كُلِّ مَجْرُورٍ بِفِي مِمَّا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ وَمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ مَثَلًا بَيَانُ اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ إنَّمَا هُوَ فِي بَعْضِهِ كَالْآدَمِيِّ وَالْخَيْلِ لَا فِي الطَّيْرِ وَنَحْوِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ وَقَوْلُهُ فِي الْحَيَوَانِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِتَبْيِينِ صِفَاتِهِ فَإِنْ اخْتَصَّ نَوْعٌ بِشَيْءٍ عَطَفَهُ عَلَيْهِ بِالْوَاوِ كَقَوْلِهِ وَمَرْعَاهُ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْعَسَلِ (فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ وَ) يَزِيدُ عَلَى بَيَانِ اللَّوْنِ وَمَا قَبْلَهُ (مَرْعَاهُ) أَيْ مَرْعَى الْعَسَلِ أَيْ مَرْعَى نَحْلِهِ عَلَى قُرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَ) كَذَا يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ) وَيَزِيدُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ انْفَرَدَ الْمُسْلِمُ بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حُمِلَا عَلَى ذِرَاعٍ وَسَطٍ وَلَا يُنْبَشُ قَبْرُهُ إنْ دُفِنَ لِيُقَاسَ ذِرَاعُهُ وَلَوْ دُفِنَ بِقُرْبٍ.

{تَنْبِيهٌ} قَوْلُهُ وَجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مَحَلُّ الْجَوَازِ مَا لَمْ يَنْصِبْ السُّلْطَانُ ذِرَاعًا وَإِلَّا فَلَا فَيَجُوزُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ أَيْ عَظْمُ ذِرَاعِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ذِرَاعَهُ الْحَدِيدَ أَوْ الْخَشَبَ الَّذِي يَقِيسُ بِهِ (قَوْلُهُ كَوَيْبَةٍ وَحَفْنَةٍ) كَأُسْلِمُكَ دِينَارًا فِي وَيْبَةٍ وَحَفْنَةً بِحَفْنَةِ فُلَانٍ لِشَهْرِ كَذَا فَالْوَيْبَةُ مَعْلُومَةٌ وَالْحَفْنَةُ غَيْرُ مَعْلُومٍ قَدْرُهَا إذْ لَا يُعْلَمُ هَلْ هِيَ ثُلُثُ قَدَحٍ أَوْ نِصْفُهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَفْنَةِ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ مَعًا لَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ مِنْ أَنَّهَا مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ إذَا أَرَاهُ إيَّاهَا) الْأَوْلَى صَاحِبَهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَةِ صَاحِبِهَا وَأَمَّا رُؤْيَةُ الْحَفْنَةِ فَفِيهِ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ وَفِي الْوَيْبَاتِ إلَخْ) أَرَادَ بِهَا مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدَةِ وَكَذَلِكَ الْحَفَنَاتُ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي وَيْبَاتٍ وَحَفَنَاتٍ مَعْلُومَاتٍ كَثَلَاثِ وَيَبَات وَثَلَاثِ حَفَنَاتٍ بِحَفْنَةِ فُلَانٍ فَهَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عِمْرَانَ وَظَاهِرُ الْمَوَّازِيَّةِ أَوْ يُمْنَعُ كَمَا هُوَ نَقْلُ عِيَاضٍ عَنْ الْأَكْثَرِ وَسَحْنُونٍ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى تَعَدُّدِ الْعَقْدِ بِتَعَدُّدِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَعَدَمِهِ

(قَوْلُهُ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا) أَيْ بِسَبَبِهَا (قَوْلُهُ كَانَ أَوْضَحَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ لَا الْقِيمَةُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْقِيمَةَ تَتْبَعُ الرَّغَبَاتِ وَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَحِينَئِذٍ فَالصِّفَاتُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَحِينَئِذٍ فَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرَةٌ لَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ كَالنَّوْعِ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَذَلِكَ كَالنَّوْعِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَا تِلْكَ الْأَوْصَافُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فَقَالَ وَذَلِكَ كَالنَّوْعِ (قَوْلُهُ أَيْ الصِّنْفِ) فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أُسْلِمُك فِي آدَمِيٍّ مَثَلًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ صِنْفِهِ (قَوْلُهُ وَاللَّوْنِ) أَيْ كَكَوْنِهِ أَحْمَرَ أَوْ أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ (قَوْلُهُ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ بِالْجَرِّ) أَيْ وَيَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ وَالنَّصْبُ أَيْ وَاللَّوْنُ يَزِيدُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ أَوْ وَيَزِيدُ اللَّوْنُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ) أَيْ الدَّاخِلَةُ عَلَى اللَّوْنِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِلَازِمٍ إلَخْ) أَيْ بَلْ بَيَانُ الصِّنْفِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا لَازِمٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ وَأَمَّا اللَّوْنُ وَمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ إلَخْ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِهِ إذَا كَانَتْ الْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهِ وَاللَّوْنُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِ فِي الثِّيَابِ وَالْعَسَلِ وَبَعْضِ الْحَيَوَانِ كَالْآدَمِيِّ وَالْخَيْلِ، وَالطُّولُ وَالْعَرْضُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الثِّيَابِ، وَالْغِلَظُ وَالرِّقَّةُ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الثِّيَابِ وَالْعَسَلِ، وَالصِّغَرُ وَالْكِبَرِ تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ بِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ) أَيْ بِقَوْلِهِ وَأَنْ يُبَيِّنَ كَاللَّوْنِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ.

(قَوْلُهُ وَمَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ) أَيْ وَلِبَيَانِ مَا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ مِنْ الطُّولِ وَالْعَرْضِ وَالْغِلَظِ وَالرِّقَّةِ وَالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْجَامُوسِ وَالْغَنَمِ (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِتَبْيِينِ صِفَاتِهِ) أَيْ وَأَنْ تُبَيَّنَ فِي الْحَيَوَانِ وَالثَّوْبِ وَالْعَسَلِ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً وَذَلِكَ كَالنَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالتَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَاللَّوْنُ هَذَا إذَا قُرِئَ اللَّوْنُ بِالْجَرِّ وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالنَّصْبِ أَوْ الرَّفْعِ فَقَوْلُهُ فِي الْحَيَوَانِ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَيَزِيدُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّوْعِ وَمَا بَعْدَهُ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَالْعَسَلِ اللَّوْنُ أَوْ وَاللَّوْنُ يُزَادُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ وَمَرْعَاهُ) اعْتَرَضَهُ ابْنُ غَازِيٍّ بِأَنَّهُ لَمْ يَرَ مَنْ ذَكَرَ وُجُوبَ بَيَانِ الْمَرْعَى فِي الْعَسَلِ وَالْمُصَنِّفُ مُطَّلِعٌ وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ الْمَازِرِيَّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ نَصَّ عَلَيْهِ اهـ بْن وَإِنَّمَا وَجَبَ بَيَانُ الْمَرْعَى فِي الْعَسَلِ لِاخْتِلَافِهِ بِذَلِكَ طَعْمًا وَرَائِحَةً وَحَلَاوَةً (قَوْلُهُ يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ

ص: 208

(النَّاحِيَةَ وَالْقَدْرَ) كَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ (وَ) كَذَا (فِي الْبُرِّ وَ) يَزِيدُ فِيهِ عَلَى مَا مَرَّ مِنْ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ (جِدَّتُهُ) أَوْ قِدَمِهِ (وَمِلْأَهُ) أَوْ ضَامِرَهُ (وَإِنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا) وَإِلَّا فَلَا (وَسَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً بِبَلَدٍ هُمَا) أَيْ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ (بِهِ) أَيْ فِيهِ نَبْتًا بَلْ (وَلَوْ بِالْحَمْلِ) إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهَا وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ بِالنَّبْتِ لِأَنَّهُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ (بِخِلَافِ) مَا إذَا لَمْ يَكُونَا مَعًا بِبَلَدٍ بَلْ أَحَدُهُمَا نَحْوَ (مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ) وَهِيَ الْبَيْضَاءُ (وَ) نَحْوُ (الشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ) أَيْ فَهِيَ الَّتِي يُقْضَى بِهَا فِيهِ وَلَا يَحْتَاجُ لِذِكْرِ الْبَيَانِ ابْتِدَاءً وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَإِلَّا فَهُمَا فِي زَمَانِنَا فِي كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ ابْتِدَاءً وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ (وَ) بِخِلَافِ (نَقْيٍ أَوْ غَلِثٍ) بِكَسْرِ اللَّامِ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْغَالِبِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْمُتَوَسِّطُ كَمَا يَأْتِي وَفِي نُسْخَةٍ وَنَفْيُ الْغَلِثِ بِنُونٍ وَفَاءٍ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِلْغَلِثِ أَيْ وَبِخِلَافِ نَفْيِ الْغَلِثِ فَلَا يَجِبُ ذِكْرُهُ بَلْ يُنْدَبُ فَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ حُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ (وَ) يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي الْحَيَوَانِ وَ) يَزِيدُ (سِنُّهُ وَالذُّكُورَةُ وَالسِّمَنُ وَضِدَّيْهِمَا وَ) يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي اللَّحْمِ وَ) يَزِيدُ (خَصِيًّا وَرَاعِيًا أَوْ مَعْلُوفًا) لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي ذَلِكَ (لَا) يُشْتَرَطُ أَنْ يُبَيِّنَ فِي اللَّحْمِ (مِنْ كَجَنْبٍ) إذَا لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَإِلَّا وَجَبَ الْبَيَانُ (وَ) يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ (فِي الرَّقِيقِ وَ) يَزِيدُ (الْقَدَّ) أَيْ الْقَدْرَ مِنْ طُولٍ أَوْ قِصَرٍ وَنَحْوِهِمَا (وَالْبَكَارَةَ وَاللَّوْنَ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ النَّاحِيَةَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا كَكَوْنِ التَّمْرِ مَدَنِيًّا أَوْ أَلْوَاحِيًّا أَوْ بُرُلُّسِيًّا وَالْحُوتِ مِنْ بَحْرٍ عَذْبٍ أَوْ مِلْحٍ أَوْ مِنْ بِرْكَةِ الْفَيُّومِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَالْكِبَرِ وَالصِّغَرِ) أَيْ فَيُبَيِّنُ فِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ كَوْنَهُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الْبُرِّ) أَيْ وَكَذَا يُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ فِي الْبُرِّ (قَوْلُهُ مِنْ الْأَوْصَافِ الْخَمْسَةِ) أَيْ نَوْعَهُ وَجَوْدَتَهُ أَوْ رَدَاءَتَهُ أَوْ كَوْنَهُ مُتَوَسِّطًا وَلَوْنَهُ مِنْ كَوْنِهِ أَبْيَضَ أَوْ أَحْمَرَ وَلَا بُدَّ فِيهِ أَيْضًا مِنْ ذِكْرِ الْبَلَدِ إنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَةُ الْبُرِّ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً (قَوْلُهُ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا) أَيْ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ مُقَابِلِهِ فَالْمَدَارُ عَلَى عُرْفِ الْبَلَدِ إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ فِيهَا بِذَلِكَ وَجَبَ الْبَيَانُ وَإِلَّا فَلَا وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْمَعْنَى قَدْ أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ عَادَةً وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِمَا هُنَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَسَمْرَاءَ) أَيْ وَيَذْكُرُ كَوْنَهَا سَمْرَاءَ أَيْ حَمْرَاءَ وَقَوْلُهُ أَوْ مَحْمُولَةً أَيْ بَيْضَاءَ وَقَوْلُهُ بِبَلَدٍ هُمَا أَيْ إذَا وَقَعَ عَقْدُ السَّلَمِ بِبَلَدٍ هُمَا بِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ بِالسَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ مُطْلَقُ سَمْرَاءَ وَمَحْمُولَةٍ كَانَ ذِكْرُ النَّوْعِ مُغْنِيًا عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا نَوْعَانِ لِلْبُرِّ وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا سَمْرَاءُ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ أَيْ شَدِيدَةِ الْحُمْرَةِ وَبِالْمَحْمُولَةِ الْمَحْمُولَةُ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ أَيْ شَدِيدَةِ الْبَيَاضِ كَانَتْ الْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ مُغْنِيَةً عَنْهُمَا لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ دَاخِلَانِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مُغْنٍ عَنْ ذِكْرِ السَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْحِمْلِ) رُدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ أَنَّهُمَا إذَا كَانَا يُحْمَلَانِ لِبَلَدٍ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ أَيْ بَيَانُ كَوْنِهِمَا سَمْرَاءَ أَوْ مَحْمُولَةً وَلَا يَفْسُدُ السَّلَمُ بِتَرْكِ بَيَانِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ) أَيْ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ حَكَى خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ فِي النَّبْتِ فَقَالَ إذَا كَانَا فِي الْبَلَدِ نَبْتًا فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ عِنْدَ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَمَّا بَلَدُ الْحَمْلِ فَيَجِبُ فِيهَا الْبَيَانُ اتِّفَاقًا وَطَرِيقَةُ ابْنِ بَشِيرٍ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ خِلَافَ ابْنِ حَبِيبٍ إنَّمَا هُوَ فِي بَلَدِ الْحِمْلِ وَأَمَّا بَلَدُ النَّبْتِ فَيَجِبُ فِيهَا الْبَيَانُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَالْمَحْمُولَةُ) الْفَاءُ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ بِخِلَافِ مِصْرَ فَلَا يَجِبُ الْبَيَانُ وَإِذَا أَرَدْت مَعْرِفَةَ الْمَقْضِيِّ بِهِ فِيهَا فَالْمَحْمُولَةُ لِأَنَّهَا هِيَ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ الْمَوْجُودِ بِمِصْرَ إنَّمَا هُوَ الْمَحْمُولَةُ وَالْمَوْجُودُ بِالشَّامِ إنَّمَا هُوَ السَّمْرَاءُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلزَّمَانِ الْمُتَقَدِّمِ بَلْ قُلْنَا إنَّ هَذَا حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِزَمَانِنَا هَذَا فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّهُمَا أَيْ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ فِي كُلٍّ مِنْ مِصْرَ وَالشَّامِ فِي زَمَانِنَا هَذَا (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ أَيْ عَلَى الْأَكْثَرِ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ فِي الْإِطْلَاقِ لَا الْوُجُودِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحْتَاجُ لِبَيَانِ اللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ إلَّا إذَا كَانَ آدَمِيًّا أَوْ مِنْ الْخَيْلِ كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُ سِنُّهُ) أَيْ فَفِي الرَّقِيقِ يُذْكَرُ كَوْنُهُ بَالِغًا أَوْ مُرَاهِقًا أَوْ يَافِعًا وَهُوَ مَا دُونَ الْمُرَاهِقِ وَفِي غَيْرِ الرَّقِيقِ يُبَيِّنُ كَوْنَهُ جَذَعًا أَوْ ثَنِيًّا أَوْ يُذْكَرُ عَدَدُ السِّنِينَ كَابْنِ سَنَةٍ أَوْ سَنَتَيْنِ وَقَدْ يُسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ السِّنِّ بِذِكْرٍ الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ لِأَنَّ مَا صَغُرَ سِنُّهُ مِنْ مَأْكُولِ اللَّحْمِ جَيِّدٌ وَغَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ رُبَّمَا يُرْغَبُ فِي كَبِيره مَا لَا يُرْغَبُ فِي صَغِيرِهِ وَقَدْ يُسْتَغْنَى بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَنْ ذِكْرِ السِّمَنِ وَالذُّكُورِيَّةِ وَضِدَّيْهِمَا (قَوْلُهُ وَالسِّمَنَ) الْمَوَّاقِ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ السَّمْن فِي الْحَيَوَانِ اهـ قُلْت ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ جَامِعِ الطُّرَرِ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ فِي اللَّحْمِ وَالْحَيَوَانِ مِثْلَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيُبَيِّنُ مَا ذُكِرَ فِي اللَّحْمِ) الْمُرَادُ بِمَا ذُكِرَ النَّوْعُ وَالْجَوْدَةُ أَوْ الرَّدَاءَةُ أَوْ التَّوَسُّطُ بَيْنَهُمَا وَالذُّكُورَةُ وَالسَّمْن وَضِدَّيْهِمَا اهـ (قَوْلُهُ لَا مِنْ كَجَنْبٍ) أَيْ أَوْ ظَهْرٍ أَوْ فَخِذٍ (قَوْلُهُ الْخَاصُّ بِهِ) دُفِعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ أَنَّ ذِكْرَ اللَّوْنِ هُنَا مُكَرَّرٌ مَعَ مَا مَرَّ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ حَمْلُ مَا هُنَا عَلَى اللَّوْنِ الْخَاصِّ بِالرَّقِيقِ وَمَا تَقَدَّمَ

ص: 209

الْخَاصَّ بِهِ كَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْبَيَاضِ أَوْ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ (وَكَالدَّعَجِ) وَهُوَ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سِعَتِهَا وَالْكُحْلِ وَهُوَ الْحَوَرُ أَيْ شِدَّةُ بَيَاضِ الْعَيْنِ وَسَوَادُهَا (وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ) وَهُوَ كَثْرَةُ لَحْمِ الْخَدَّيْنِ وَالْوَجْهُ بِلَا كَلَحٍ وَهُوَ تَكَشُّرٌ فِي عُبُوسَةٍ (وَ) كَذَا (فِي الثَّوْبِ وَ) يَزِيدُ (الرِّقَّةَ وَالصَّفَاقَةَ وَضِدَّيْهِمَا وَ) يُبَيِّنُ (فِي الزَّيْتِ) النَّوْعَ (الْمُعْصَرَ مِنْهُ) مِنْ الزَّيْتُونِ أَوْ السِّمْسِمِ أَوْ حَبِّ الْفُجْلِ أَوْ بِزْرِ الْكَتَّانِ (وَبِمَا يُعْصَرُ بِهِ) مِنْ مَعْصَرَةٍ أَوْ مَاءٍ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِمَا تَقَدَّمَ (وَحُمِلَ فِي) إطْلَاقِ (الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ) إنْ كَانَ (وَإِلَّا فَالْوَسَطِ) أَيْ يُقْضَى بِالْمُتَوَسِّطِ بَيْنَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ

(وَ) الشَّرْطُ السَّادِسُ (كَوْنُهُ) أَيْ السَّلَمِ بِمَعْنَى الْمُسْلَمِ فِيهِ (دَيْنًا) فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَإِلَّا كَانَ مُعَيَّنًا وَهُوَ مُؤَدٍّ لِبَيْعٍ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَالذِّمَّةُ قَالَ الْقَرَافِيُّ مَعْنًى شَرْعِيٌّ مُقَدَّرٌ فِي الْمُكَلَّفِ قَابِلٌ لِلِالْتِزَامِ وَاللُّزُومِ وَنَظَمَهُ ابْنُ عَاصِمٍ بِقَوْلِهِ:

وَالشَّرْحُ لِلذِّمَّةِ وَصْفٌ قَامَا

يَقْبَلُ الِالْتِزَامَ وَالْإِلْزَامَا

أَيْ وَصْفٌ قَامَ بِالنَّفْسِ بِهِ صِحَّةُ قَبُولِ الِالْتِزَامِ كَلَكَ عِنْدِي دِينَارٌ وَأَنَا ضَامِنٌ لِكَذَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يُحْمَلُ عَلَى اللَّوْنِ الْعَامِّ مِثْلُ مُطْلَقِ حُمْرَةٍ أَوْ سَوَادٍ وَقَدْ يُقَالُ إذَا حُمِلَ مَا تَقَدَّمَ عَلَى اللَّوْنِ الْعَامِّ كَأَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِذِكْرِ الْجِنْسِ تَأَمَّلْ ابْنُ غَازِيٍّ وَفِي أَكْثَرِ النُّسَخِ إسْقَاطُ اللَّوْنِ هُنَا لِتَقَدُّمِهِ فِي الْحَيَوَانِ الَّذِي هُوَ أَعَمُّ مِنْ الرَّقِيقِ وَعَلَى هَذَا فَيُحْمَلُ اللَّوْنُ فِيمَا تَقَدَّمَ عَلَى الْخَاصِّ وَلَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْجِنْسِ.

(قَوْلُهُ الْخَاصُّ بِهِ) أَيْ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ رُومِيٍّ فَيَذْكُرُ لَوْنَهُ الْخَاصَّ بِهِ مِثْلَ كَوْنِهِ شَدِيدَ الْبَيَاضِ وَبَيَاضًا مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ وَإِذَا أَسْلَمَ فِي عَبْدٍ أَسْوَدَ فَيَذْكُرُ لَوْنَهُ الْخَاصَّ بِهِ مِثْلَ كَوْنِهِ شَدِيدَ السَّوَادِ أَوْ كَوْنِهِ يَمِيلُ لِصُفْرَةٍ أَوْ لِحُمْرَةٍ (قَوْلُهُ وَالْكُحْلُ) أَيْ وَيَزِيدُ الْكُحْلُ وَهُوَ دَاخِلٌ تَحْتَ الْكَافِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْكُحْلُ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الثَّوْبِ) أَيْ وَكَذَا يُبَيِّنُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ أَوْ التَّوَسُّطِ بَيْنَهُمَا وَاللَّوْنِ فِي الثَّوْبِ وَلَوْ حَذَفَ الثَّوْبَ فِيمَا مَرَّ لَكَانَ أَوْلَى لِإِغْنَاءِ مَا هُنَا عَنْهُ أَوْ قَالَ أَوَّلًا فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَسَلِ وَمَرْعَاهُ وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا لَا غِنًى عَمَّا هُنَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَضِدَّيْهِمَا) ضِدُّ الرِّقَّةِ الْغِلَظُ وَالصَّفَاقَةُ وَهِيَ الْمَتَانَةُ ضِدُّهَا الْخِفَّةُ (قَوْلُهُ الْمُعْصَرِ مِنْهُ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمَسْمُوعَ فِي فِعْلِهِ عَصَرَ ثُلَاثِيًّا فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ الْمَعْصُورِ مِنْهُ كَذَا بَحَثَ ابْنُ غَازِيٍّ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِوُرُودِ أَعْصَرَ الرُّبَاعِيِّ فِي قَوْله تَعَالَى {وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ} [النبأ: 14] قِيلَ هِيَ الرِّيحُ لِأَنَّهَا تَعْصِرُ السَّحَابَ (قَوْلُهُ مِنْ الزَّيْتُونِ) بَيَانٌ لِلنَّوْعِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ بَيَانُ الْمُعْصَرِ بِهِ وَالْمُعْصَرِ مِنْهُ (قَوْلُهُ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بَيَانُ النَّوْعِ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الِاعْتِرَاضَ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَّا لَوْ قَالَ وَفِي الزَّيْتِ وَالْمُعْصَرِ مِنْهُ بِالْوَاوِ كَمَا قَالَ فِيمَا سَبَقَ حَتَّى يُفْهَمَ مِنْهُ الِاحْتِيَاجُ لِبَيَانِ الْأَوْصَافِ السَّابِقَةِ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بَيَانُ الْمُعْصَرِ مِنْهُ وَالْمُعْصَرِ بِهِ وَأَنَّ ذَلِكَ قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى مَا سَبَقَ فَيُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ إذْ مَا هُنَا مُنْدَرِجٌ فِيمَا سَبَقَ وَالْمُصَنِّفِ إنَّمَا قَالَ وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ أَيْ وَيُبَيِّنُ فِي الزَّيْتِ النَّوْعَ الْمُعْصَرَ مِنْهُ وَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّهُ يَذْكُرُ الْأَوْصَافَ السَّابِقَةَ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا بَيَانَ الْمُعْصَرِ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ إلَخْ) مَثَلًا لَوْ كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يُطْلِقُونَ الْجَيِّدَ عَلَى الْقَمْحِ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ الْإِرْدَبُّ مِنْهُ يَأْتِي نِصْفَ إرْدَبٍّ وَعَلَى الْإِرْدَبِّ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ يَأْتِي ثُلُثَيْ إرْدَبٍّ وَعَلَى الْقَمْحِ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ الْإِرْدَبُّ مِنْهُ يَأْتِي ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ الْإِرْدَبِّ وَكَانَ الْغَالِبُ فِي الْإِطْلَاقِ الْأَخِيرِ فَإِذَا أَسْلَمَ فِي قَمْحٍ وَقَالَ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ جَيِّدًا وَأَطْلَقَ قُضِيَ بِهَذَا الْغَالِبِ فِي الْإِطْلَاقِ فَلَوْ كَانَ أَهْلُ الْبَلَدِ يُطْلِقُونَ الْجَيِّدَ عَلَى الثَّلَاثَةِ مِنْ غَيْرِ أَغْلَبِيَّةٍ فِي الْإِطْلَاقِ قُضِيَ بِالْوَسَطِ وَهُوَ الَّذِي إذَا غُرْبِلَ الْإِرْدَبُّ مِنْهُ يَأْتِي ثُلُثَيْ إرْدَبٍّ فَقَوْلُهُ عَلَى الْغَالِبِ أَيْ فِي إطْلَاقِ لَفْظِ الْجَيِّدِ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْبَاجِيَّ لَا مَا يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِي الْبَلَدِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْح ابْنِ الْحَاجِبِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ أَيْ مِمَّا يَصْدُقُ عَلَيْهِ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْمُتَوَسِّطَ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِابْنِ فَرْحُونٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا تَبَعًا لعبق وَلَكِنْ مَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَالِبِ الْغَالِبُ فِي الْوُجُودِ أَيْ الْأَكْثَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَلَدِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُتَوَسِّطِ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ طفي وبن

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُؤَدٍّ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَ غَيْرِهِ أَدَّى لِبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَ الْإِنْسَانِ وَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لَا يُقَالُ إنَّ هَذَا الشَّرْطَ يُغْنِي عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ إذْ لَا تَبَيُّنَ فِي الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ التَّبْيِينَ إنَّمَا هُوَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ يَنْبَغِي الِاسْتِغْنَاءُ عَنْ هَذَا الشَّرْطِ بِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّ تَبْيِينَ الصِّفَاتِ قَدْ يَكُونُ فِي غَائِبٍ مُعَيَّنٍ مَوْجُودٍ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَلِهَذَا اُحْتِيجَ لِهَذَا الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ) أَيْ لِأَنَّهُ يَهْلَكُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيَتَرَدَّدُ الثَّمَنُ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ إنْ هَلَكَ وَبَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ إنْ لَمْ يَهْلَكْ (قَوْلُهُ مَعْنًى شَرْعِيٌّ) أَيْ وَصْفٌ اعْتِبَارِيٌّ يَحْكُمُ بِهِ الشَّرْعُ وَيُقَدِّرُ وُجُودَهُ فِي الْمَحَلِّ وَهُوَ الشَّخْصُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ لَهُ وُجُودٌ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِمْ فِي الطَّهَارَةِ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ وَقَوْلُهُ قَابَلَ إلَخْ الْإِسْنَادُ فِيهِ مَجَازٌ أَيْ يَقْبَلُ الْمُكَلَّفُ بِسَبَبِهِ أَنْ يُلْزَمَ بِأَرْشِ الْجِنَايَاتِ

ص: 210

وَقَبُولُ الْإِلْزَامِ كَأَلْزَمْتُكَ دِيَةَ فُلَانٍ

(وَ) الشَّرْطُ السَّابِعُ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (عِنْدَ حُلُولِهِ) أَيْ حُلُولِ أَجَلِهِ الْمُعَيَّنِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ وَلِذَا قَالَ (وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ) وَعُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ مُفَرَّعٍ عَلَى الشَّرْطَيْنِ قَبْلَهُ مَرْفُوعٌ أَوْ مَجْرُورٌ أَيْ فَيَجُوزُ مُحَقَّقُ الْوُجُودِ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ فِي مُحَقَّقِ الْوُجُودِ قَوْلُهُ (لَا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ وَقَلَّ) فَلَا يَجُوزُ لِفَقْدِ الشَّرْطَيْنِ السَّابِقَيْنِ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الْأَجِنَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ وَتَبِعَ فِي قَيْدِ الْقِلَّةِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا (أَوْ) ثَمَرُ (حَائِطٍ) عُيِّنَ وَقَلَّ أَيْ صَغُرَ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَثَمَرُ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ لَيْسَ كَذَلِكَ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ الْعَقْدُ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ وَالْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِهِ إنَّمَا هُوَ بَيْعٌ حَقِيقَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ غَيْرَ أَنَّهُ تَارَةً يَقَعُ الْعَقْدُ عَلَى تَسْمِيَتِهِ سَلَمًا وَتَارَةً يَقَعُ عَلَيْهِ مُجَرَّدًا عَنْ التَّسْمِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا شُرُوطٌ إلَّا أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ فِي مُعْظَمِهَا كَمَا بَيَّنَهُ وَحِينَئِذٍ فَالتَّفْرِقَةُ نَظَرًا لِلَّفْظِ وَإِلَّا فَهُوَ بَيْعٌ فِي الْحَقِيقَةِ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ وَهِيَ إحْدَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ فَظَهَرَ بِهَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ قَوْلِهِ أَوْ حَائِطٍ أَيْ لَا يُسْلَمُ فِيهِ سَلَمًا حَقِيقِيًّا وَبَيْنَ قَوْلِهِ (وَشُرِطَ) لِشِرَاءِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ (إنْ سُمِّيَ) فِي الْعَقْدِ (سَلَمًا لَا) إنْ سُمِّيَ (بَيْعًا إزْهَاؤُهُ) لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ سَلَمًا مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ يُشْتَرَطُ حَيْثُ سُمِّيَ سَلَمًا شُرُوطٌ سِتَّةٌ فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا اُشْتُرِطَ فِيهِ مَا عَدَا كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأُجُورِ الْإِجَارَاتِ وَأَثْمَانِ الْبِيَاعَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَيَقْبَلُ بِسَبَبِهِ أَيْضًا الِالْتِزَامَ لِلْأَشْيَاءِ فَإِذَا الْتَزَمَ شَيْئًا اخْتِيَارًا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ لَزِمَهُ قَالَ الْقَرَافِيُّ بَعْدَ هَذَا التَّعْرِيفِ وَصَحَّ إنَاطَةُ الْأَحْكَامِ بِهَذَا الْوَصْفِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وُجُودٌ لِارْتِبَاطِ تَقْدِيرِهِ بِأَوْصَافٍ لَهَا تَحَقُّقٌ وَهِيَ الْعَقْلُ وَالْبُلُوغُ وَالرُّشْدُ فَمَنْ بَلَغَ سَفِيهًا لَا ذِمَّةَ لَهُ فَمَنْ اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ فِيهِ رَتَّبَ الشَّرْعُ عَلَيْهِ هَذَا الْمَعْنَى الْمُقَدَّرَ وَهُوَ الَّذِي تُقَدَّرُ الْأَجْنَاسُ الْمُسْلَمُ فِيهَا مُسْتَقِرَّةً فِيهِ حَتَّى يَصِحَّ مُقَابَلَتُهَا بِالْأَعْوَاضِ الْمَقْبُوضَةِ وَتُقَدَّرُ أَثْمَانُ الْمَبِيعَاتِ مُسْتَقِرَّةً فِيهِ وَكَذَا صَدَقَاتُ الْأَنْكِحَةِ وَسَائِرُ الدُّيُونِ وَمَنْ لَا يَكُونُ هَذَا الْمَعْنَى مُقَدَّرًا فِي حَقِّهِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّهِ سَلَمٌ وَلَا ثَمَنٌ لِأَجَلٍ وَلَا حَوَالَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَبُولُ الْإِلْزَامِ) أَيْ مِنْ الْغَيْرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حَاكِمًا

(قَوْلُهُ وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقْتَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِئَلَّا يَكُونَ الثَّمَنُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهُ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ) أَيْ بَلْ الشَّرْطُ وُجُودُهُ أَيْ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحْصِيلِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ بَلْ وَلَوْ انْقَطَعَ فِي الْأَجَلِ بِتَمَامِهِ مَا عَدَا وَقْتِ الْقَبْضِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ الْمُشْتَرِطِ لِوُجُودِهِ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مَوْجُودًا فِي الْأَجَلِ بِتَمَامِهِ مِنْ حِينِ عَقْدِ السَّلَمِ بَلْ وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَ الْحُلُولِ وَوُجِدَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَعُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْهُ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ وَوُجُودُهُ إلَخْ لِاقْتِضَائِهِ فَسَادًا إذْ هُوَ مُخَرَّجٌ مِنْ الشَّرْطِ أَيْ يُشْتَرَطُ كَذَا لَا نَسْلَ إلَخْ فَمُقْتَضَاهُ صِحَّةُ السَّلَمِ فِي نَسْلِ الْحَيَوَانِ وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ أَوْ مَجْرُورٌ) هُوَ الْأَوْلَى لِأَنَّ مُحَقَّقَ الْوُجُودِ هُوَ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَالْمُتَّصِفُ بِالْجَوَازِ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ الشَّرْطَيْنِ) أَيْ لِانْتِفَاءِ الْأَوَّلِ بِحُصُولِ التَّعْيِينِ وَالثَّانِي بِعَدَمِ وُجُودِهِ إذْ لِقِلَّتِهَا قَدْ لَا يُوجَدُ الْمُسْلَمُ فِيهِ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا) فَإِذَا قَالَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى عَجَلٍ مِنْ أَوْلَادِ هَذِهِ الْبَقَرَاتِ وَكَانَتْ أَلْفًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْجَوَازِ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْبَقَرَاتِ صَيَّرَهَا كَغَيْرِ مُعَيَّنٍ فَكَأَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ فِي الذِّمَّةِ وَالْغَالِبُ حُصُولُ الْوِلَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ فَحَذَفَهُ مِنْ الثَّانِي إلَخْ) قَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي قَيْدِ الْقِلَّةِ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ تت وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وطفي بِأَنَّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرَهَا مِمَّنْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ لَمْ يُقَيِّدْ الْحَائِطَ بِالصِّغَرِ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّ الْحَائِطَ قَلِيلٌ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا فِي نَفْسِهِ وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَقُلْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قِنْطَارٍ مِنْ بَلَحِ هَذَا الْحَائِطِ آخُذُهُ مِنْك وَقْتَ كَذَا فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ سَلَمًا حَقِيقَةً بِحَيْثُ يَجُوزُ أَخْذُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ بِدُونِ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ بَلْ هَذَا الْعَقْدُ بَيْعٌ حَقِيقَةً وَسَلَمٌ مَجَازًا فَلَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ الْمَذْكُورِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ الصَّغِيرِ.

(قَوْلُهُ غَيْرَ أَنَّهُ تَارَةً يَقَعُ الْعَقْدُ) أَيْ عَلَى ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْحَالَيْنِ أَيْ وَلِصِحَّةِ الْعَقْدِ فِي كُلٍّ مِنْ الْحَالَيْنِ شُرُوطٌ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ إذْ كَانَ الْعَقْدُ الْمُتَعَلِّقُ بِثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ بَيْعًا حَقِيقِيًّا لَا سَلَمًا (قَوْلُهُ فَالتَّفْرِقَةُ) أَيْ بَيْنَ مَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا وَمَا إذَا لَمْ يُسَمَّ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِي كُلٍّ شُرُوطٌ عَلَى حِدَةٍ مَنْظُورٌ فِيهَا لِلَّفْظِ لَا لِلْمَعْنَى وَإِلَّا نُقِلَ أَنَّ التَّفْرِقَةَ مَنْظُورٌ فِيهَا لِلَّفْظِ بَلْ لِلْمَعْنَى فَلَا يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الثِّمَارِ فِي الْحَالَتَيْنِ بَيْعٌ لَا أَنَّهُ فِي أَحَدِهِمَا بَيْعٌ وَفِي الْآخَرِ سَلَمٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهِيَ إحْدَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي فَرَّقُوا فِيهَا بَيْنَ الْأَلْفَاظِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ الْمَعَانِي مُتَّحِدَةً (قَوْلُهُ وَشُرِطَ لِشِرَاءِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ إلَخْ) أَيْ لِصِحَّةِ شِرَاءِ ثَمَرَةِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَسْمِيَتَهُ إلَخْ) عِلَّةً لِعَدَمِ الْمُنَافَاةِ وَأَجَابَ اللَّقَانِيُّ عَنْ الْمُنَافَاةِ

ص: 211

فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ خَاصَّةً خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ إنْ سُمِّيَ بَيْعًا لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا، الشَّرْطُ الْأَوَّلُ إزْهَاؤُهُ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا (وَ) الشَّرْطُ الثَّانِي فِيهِمَا (سَعَةُ الْحَائِطِ) بِحَيْثُ يُمْكِنُ اسْتِيفَاءُ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَى مِنْهُ فَلَا يُنَافِي كَوْنُهُ صَغِيرًا (وَ) الثَّالِثُ فِيمَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا فَقَطْ (كَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ) مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا وَقَدْرُ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ مَعْنَى كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ فَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَحُمِلَ عَلَى الْحُلُولِ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ وَلَفْظَ السَّلَمِ التَّأْجِيلَ (وَ) الشَّرْطُ الرَّابِعُ فِيهِمَا إسْلَامُهُ (لِمَالِكِهِ) أَيْ مَالِكِ الْحَائِطِ إذْ لَوْ أُسْلِمَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ مُعَيَّنٌ رُبَّمَا لَمْ يَبِعْهُ لَهُ مَالِكُهُ فَيَتَعَذَّرُ التَّسْلِيمُ (وَ) الْخَامِسُ فِيهِمَا (شُرُوعُهُ) أَيْ فِي الْأَخْذِ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ قَرِيبٍ كَنِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ لَا أَزْيَدَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ (لِنِصْفِ شَهْرٍ) فَلَا يَضُرُّ (وَ) السَّادِسُ فِيهِمَا (أَخْذُهُ) أَيْ انْتِهَاءُ أَخْذِهِ لِكُلِّ مَا اشْتَرَاهُ (بُسْرًا أَوْ رُطَبًا) وَزِيدَ سَابِعٌ وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَخْذِهِ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَا يَكْفِي الْأَخْذُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا الشَّرْطُ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ (لَا) أَخْذُهُ (تَمْرًا) أَوْ شَرَطَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمُشْتَرِي حِينَ الْإِزْهَاءِ وَقُرْبِ الرُّطَبِ مِنْهُ وَمَحَلُّ هَذَا الشَّرْطِ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِمِعْيَارِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ جُزَافًا فَلَهُ إبْقَاؤُهُ الْمُعْتَادُ إلَى أَنْ يَتَتَمَّرَ لِأَنَّ الْجُزَافَ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَقَدْ دَخَلَ فِي ضَمَانِ الْمُبْتَاعِ بِالْعَقْدِ وَلَمْ يَبْقَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ إلَّا ضَمَانُ الْجَوَائِحِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِجَوَابٍ آخَرَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ حَائِطٍ أَيْ أَسْلَمَ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ كُلَّ قِنْطَارٍ أَوْ إرْدَبٍّ بِكَذَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَحْرُمُ وَقَوْلُهُ وَشُرِطَ إنْ سَمِّي سَلَمًا أَيْ وَشُرِطَ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ سَلَمًا عَلَى بَعْضِ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ مِثْلُ قِنْطَارٍ مِنْهُ أَوْ قِنْطَارَيْنِ فَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي جَمِيعِ ثَمَرِهِ وَهَذَا فِيمَا إذَا أَسْلَمَ فِي بَعْضِهِ وَكِلَاهُمَا عَلَى الْكَيْلِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ شَرْطٌ فِي السَّلَمِ) أَيْ فِيمَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا (قَوْلُهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ شَيْءٌ مِنْهَا) أَيْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنْ سَمَّى سَلَمًا اُشْتُرِطَ لِصِحَّةِ الْمَبِيعِ شُرُوطٌ سِتَّةٌ وَإِنْ سُمِّيَ بَيْعًا اُشْتُرِطَ شُرُوطٌ خَمْسَةٌ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ اعْتِبَارُ الشُّرُوطِ كُلِّهَا سَوَاءٌ سُمِّيَ سَلَمًا أَوْ بَيْعًا وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ اُنْظُرْ طفي اهـ بْن (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) أَيْ فِيهِمَا (قَوْلُهُ إزْهَاؤُهُ) أَيْ اصْفِرَارُهُ أَوْ احْمِرَارُهُ وَطِيبُ غَيْرِ النَّخْلِ كَإِزْهَائِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجْرِي فِيهِ قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ سَعَةُ الْحَائِطِ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِلْغَرَرِ (قَوْلُهُ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ) أَيْ وَبَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ حَالَ الْعَقْدِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ إذَا شُرِطَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَاهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ عَقْدِ الْبَيْعِ وَلَا مَتَى يَأْخُذُ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُمَا لَمَّا سَمَّيَاهُ سَلَمًا وَكَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِي عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ لِذَلِكَ.

(قَوْلُهُ مُتَوَالِيًا) أَيْ كُلَّ يَوْمٍ وَقَوْلُهُ أَوْ مُتَفَرِّقًا أَيْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ أَوْ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمَيْنِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ مَعْنَى كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ) أَيْ لَا أَنَّهَا شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ زَائِدَةٌ عَلَى الْخَمْسَةِ فَتَكُونُ ثَمَانِيَةً وَقَوْلُهُ مُتَوَالِيًا أَوْ مُتَفَرِّقًا إلَخْ قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى أَخْذِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً لَا يَصِحُّ وَالْمُعْتَمَدُ الصِّحَّةُ فَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ السُّكُوتُ حِينَ الْعَقْدِ عَنْ بَيَانِ مَا يَأْخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ وَعَنْ بَيَانِ ابْتِدَاءِ وَقْتِ الْأَخْذِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ عَلَى الْحُلُولِ أَيْ عَلَى أَخْذِهِ دَفْعَةً وَاحِدَةً حَالًا وَتَأْخِيرُ قَبْضِهِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَفْظَ الْبَيْعِ إلَخْ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ مَا إذَا سُمِّيَ سَلَمًا يُشْتَرَطُ بَيَانُ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَإِذَا سُمِّيَ بَيْعًا لَا يُشْتَرَطُ بَيَانُهَا (قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْمُنَاجَزَةَ) لَكِنْ لَوْ تَأَخَّرَ الْقَبْضُ لَمْ يَضُرَّ (قَوْلُهُ وَإِسْلَامُهُ) أَيْ رَأْسُ الْمَالِ لِمَالِكِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ زَمَنٍ قَرِيبٍ كَنِصْفِ شَهْرٍ فَقَطْ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّ الْعِشْرِينَ قَرِيبٌ يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ إلَيْهَا وَقِيلَ لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الْقَبْضِ عَنْ وَقْتِ الْعَقْدِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَلَا يَضُرُّ) أَيْ إذَا كَانَ أَجَلُ الشُّرُوعِ لَا يَسْتَلْزِمُ صَيْرُورَتَهُ تَمْرًا وَإِلَّا فَسَدَ.

(قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ فِيهِمَا أَخَذَهُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِجَعْلِ أَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا شَرْطًا إذْ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ حَالَ الْعَقْدِ وَهُوَ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالْفِعْلِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ بُسْرًا أَيْ وَاشْتِرَاطُ أَخْذِهِ بُسْرًا وَأَمَّا الْأَخْذُ بِالْفِعْلِ فَيُجْعَلُ أَمْرًا طَارِئًا أَيْ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِأَخْذِهِ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا (قَوْلُهُ لِبُعْدٍ إلَخْ) أَيْ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَضَمِيرُ بَيَّنَهُ لِلتَّمْرِ (قَوْلُهُ حَيْثُ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ بِمِعْيَارِهِ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى قِنْطَارٍ مِنْ ثَمَرِ هَذَا الْحَائِطِ أَوْ أَشْتَرِي مِنْك قِنْطَارًا مِنْ ثَمَرِهِ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ وَقَعَ عَلَيْهِ جُزَافًا) كَمَا لَوْ قَالَ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي ثَمَرِ حَائِطِك كُلِّهِ أَوْ أَشْتَرِي ثَمَرَ حَائِطِك هَذَا كُلَّهُ بِدِينَارٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُزَافَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْجُزَافِ فَإِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالتَّوْفِيَةِ (قَوْلُهُ قَدْ تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ إلَخْ) هَذَا كِنَايَةٌ عَنْ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَقَوْلُهُ وَقَدْ دَخَلَ إلَخْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا ضَمَانَ الْجَوَائِحِ) أَيْ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ أَيْ الْكَثِيرِ أَيْ أَنَّهُ أَمْرٌ نَادِرٌ.

{تَنْبِيهٌ} لَا يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ سُمِّيَ سَلَمًا لِأَنَّهُ مَجَازٌ كَمَا مَرَّ نَعَمْ يُشْتَرَطُ كَوْنُ رَأْسِهِ غَيْرَ طَعَامٍ فَإِنْ كَانَ طَعَامًا مُنِعَ لِلنَّسِيئَةِ أَوْ أَنَّهُ إذَا ضُبِطَ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَبْطِهِ بِمِعْيَارِهِ

ص: 212

(فَإِنْ) كَانَ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ رُطَبًا لَا بُسْرًا وَ (شَرَطَ) فِي الْعَقْدِ (تَتَمُّرَ الرُّطَبِ) شَرْطًا صَرِيحًا أَوْ الْتِزَامًا كَمَا لَوْ شَرَطَ فِي كَيْفِيَّةِ قَبْضِهِ أَيَّامًا يَصِيرُ فِيهَا تَمْرًا (مَضَى بِقَبْضِهِ) وَلَمْ يُفْسَخْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمِثْلُهُ إذَا يَبِسَ قَبْلَ اطِّلَاعٍ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ بِقَبْضِهِ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ فُسِخَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَهَلْ الْمُزْهِي) بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ وَهُوَ مَا لَمْ يَرْطُبْ فَيَشْمَلُ الْبُسْرَ إنْ شَرَطَ تَتَمُّرَهُ (كَذَلِكَ) يُمْضَى بِقَبْضِهِ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ) وَصُوِّبَ (أَوْ) هُوَ (كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) بِفَسْخٍ وَلَوْ قَبَضَ مَا لَمْ يَفُتْ (تَأْوِيلَانِ)

وَلَمَّا كَانَ السَّلَمُ فِي تَمْرِ الْحَائِطِ بَيْعًا لَا سَلَمًا حَقِيقَةً وَبَيْعُ الْمِثْلِيِّ الْمُعَيَّنِ يُفْسَخُ بِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ انْقَطَعَ) ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ الَّذِي أُسْلِمَ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ مِنْ ثَمَرِهِ بِجَائِحَةٍ أَوْ تَعَيُّبٍ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ لَزِمَهُ مَا قَبَضَهُ مِنْهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَ (رَجَعَ) الْمُسْلِمُ (بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) لَهُ مِنْ السَّلَمِ عَاجِلًا اتِّفَاقًا وَلَا يَجُوزُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ وَلَوْ طَعَامًا (وَهَلْ) يَرْجِعُ (عَلَى) حَسَبِ (الْقِيمَةِ) فَيُنْظَرُ لِقِيمَةِ كُلٍّ مِمَّا قُبِضَ وَمِمَّا لَمْ يُقْبَضْ فِي وَقْتِهِ وَيُفَضُّ الثَّمَنُ عَلَى ذَلِكَ فَإِذَا أَسْلَمَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي مِائَةِ وَسْقٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ ثُمَّ قَبَضَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسِينَ وَسْقًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُعْتَادِ فِيهِ فَإِنْ بِيعَ جُزَافًا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ مِنْ الرُّطَبِ وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّ الْحَائِطَ مُعَيَّنٌ وَكَانَ بَلَحُهَا حِينَ الْعَقْدِ رُطَبًا وَاشْتَرَطَ الْمُسْلِمُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَقَاءَ ذَلِكَ الرُّطَبِ عَلَى أُصُولِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِبُعْدِ مَا بَيْنَ التَّمْرِ وَالرُّطَبِ فَيَدْخُلُهُ الْخَطَرُ وَلِقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ فِيهِ فَإِنْ قَبَضَهُ بَعْدَ التَّتَمُّرِ أَوْ قَبْلَهُ مَضَى الْعَقْدُ وَلَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَرَامِ الْبَيِّنِ) أَيْ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ قَالَهُ) أَيْ قَالَ هَذَا التَّعْلِيلَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ) أَيْ وَقَبْلَ الْيُبْسِ (قَوْلُهُ وَهَلْ الْمُزْهِي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مُعَيَّنٍ عَلَى الْكَيْلِ مِنْ ثَمَرِ حَائِطٍ مُعَيَّنٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُزْهٍ أَيْ أَحْمَرُ أَوْ أَصْفَرُ وَشَرَطَ الْمُشْتَرِي بَقَاءَهُ عَلَى أَصْلِهِ حَتَّى يَتَتَمَّرَ فَهَلْ يَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ اشْتِرَاطِ تَتَمُّرِ الرُّطَبِ فَيَمْضِي بِقَبْضِهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ قَبَضَهُ قَبْلَ التَّتَمُّرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الشُّيُوخِ كَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَصَوَّبَهُ عَبْدُ الْحَقِّ أَوْ لَا يَكُونُ حُكْمُهُ كَذَلِكَ بَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَيُفْسَخُ وَلَوْ قُبِضَ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْمِثْلِ إنْ عُلِمَتْ مَكِيلَتُهُ وَإِلَّا فَبِالْقِيمَةِ وَهَذَا رَأْيُ ابْنُ شَبْلُونَ (قَوْلُهُ بِضَمِّ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْهَاءِ) عِبَارَةُ ابْنِ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ نُهِيَ عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يُزْهِيَ وَفِي رِوَايَةٍ حَتَّى يَزْهُوَ يُقَالُ زَهَا النَّخْلُ يَزْهُو إذَا ظَهَرَتْ ثَمَرَتُهُ وَأَزْهَى يُزْهِي إذَا احْمَرَّ أَوْ اصْفَرَّ وَقِيلَ هُمَا بِمَعْنَى الِاحْمِرَارِ وَالِاصْفِرَارِ وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يَزْهُو وَمِنْهُمْ مَنْ أَنْكَرَ يُزْهِي اهـ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ يَصِحُّ ضَمُّ مِيمِ الْمُزْهِي لِأَنَّهُ مِنْ أَزْهَى وَفَتْحِهَا لِأَنَّهُ مِنْ زَهَا خِلَافًا لِمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الْفَتْحِ وَلِمَنْ اقْتَصَرَ عَلَى الضَّمِّ كَالشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ فَاسِدٌ فِي هَذِهِ الْجُزْئِيَّةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ) أَيْ بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ

(قَوْلُهُ أَوْ عَدَمِهِ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ وَمِثْلُهُ ثَمَرُ الْقَرْيَةِ الْغَيْرِ الْمَأْمُونَةِ عَلَى مَا اُسْتُظْهِرَ وَسَوَاءٌ كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ عَلَى الصَّوَابِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بِجَائِحَةٍ أَيْ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ قَالَ طفي تَعْبِيرُهُ بِالِانْقِطَاعِ كَالْمُدَوَّنَةِ ظَاهِرٌ فِي انْقِطَاعِ إبَّانِهِ وَكَذَا لَوْ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى عَدَمِ قَبْضِ الْكُلِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِنَّمَا وَجَبَ الرُّجُوعُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُعَيَّنٌ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ سَائِرِ الْمُعَيَّنَاتِ مِنْ فَسْخِ الْبَيْعِ لِتَلَفِهِ أَوْ عَدَمِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلَيْسَ مِنْ السَّلَمِ فِي شَيْءٍ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا قَبَضَ بَعْضَ سَلَمِهِ ثُمَّ انْقَطَعَ ثَمَرُ ذَلِكَ الْحَائِطِ لَزِمَهُ مَا أَخَذَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ وَلَا يُخْتَلَفُ فِي هَذَا كَمَا اُخْتُلِفَ فِي الْمَضْمُونِ إذَا انْقَطَعَ إبَّانُهُ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الثَّمَنِ وَهُوَ الْآتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُ عج وَمَنْ تَبِعَهُ هَذَا إذَا كَانَ الِانْقِطَاعُ بِجَائِحَةٍ وَأَمَّا بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ وَهْمٌ لِأَنَّ مَا يَأْتِي فِي الْمَضْمُونِ وَمَا فِي حُكْمِهِ وَهُوَ الْقَرْيَةُ الْمَأْمُونَةُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِ بَعْضِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ شَيْئًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ أَيْضًا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) أَيْ مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ عَاجِلًا اتِّفَاقًا) ظَاهِرُهُ أَنَّ تَعْجِيلَ الرُّجُوعِ بِمَا بَقِيَ وَاجِبٌ وَأَنَّهُ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجَّلًا بِالْقَضَاءِ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُ إنْ طَلَبَ تَعْجِيلَهُ يَقْضِي لَهُ بِهِ وَلَهُ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ عَاجِلًا وَيَنْتَظِرَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ حَقِّهِ وَلَا مَحْذُورَ فِيهِ وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ اهـ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانٍ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ حَصَلَ الِانْقِطَاعُ قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ قُبِضَ بَعْضُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي هَذِهِ إنَّمَا يُفْسَخُ الْعَقْدُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ غَيْرِ قَبْضٍ وَكُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْلِمُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ فَإِنْ كَانَ لَمْ يَدْفَعْهُ جَازَ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ إذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنِ كَذَا فِي خش (قَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ) أَيْ بَدَلِ مَا بَقِيَ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ أَيْ عَاجِلًا وَلَا يُؤَخَّرُ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الْبَدَلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ مَا يَأْخُذُهُ بَدَلًا عَنْ ثَمَنِ مَا بَقِيَ لَهُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَخْذُ بَدَلِهِ وَلَوْ طَعَامًا لَا يُقَالُ

ص: 213

وَانْقَطَعَ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ الْمَأْخُوذِ مِائَةً وَقِيمَةُ الْبَاقِي خَمْسِينَ فَنِسْبَةُ الْبَاقِي لِلْمَأْخُوذِ الثُّلُثُ فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ) يَرْجِعُ (عَلَى) حَسَبِ (الْمَكِيلَةِ) فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا مِنْ غَيْرِ تَقْوِيمٍ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ فِي الْمِثَالِ (تَأْوِيلَانِ) وَمَحَلُّهُمَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ أَخْذَهُ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ مِمَّا لَمْ تَخْتَلِفْ فِيهِ الْقِيمَةُ عَادَةً وَإِلَّا رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا (وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ) وَهِيَ مَا يَنْقَطِعُ ثَمَرُهَا فِي بَعْضِ إبَّانِهِ مِنْ السَّنَةِ (كَذَلِكَ) يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ (أَوْ) هِيَ مِثْلُهُ (إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ) أَيْ رَأْسِ الْمَالِ (فِيهَا) لِأَنَّ السَّلَمَ فِيهَا مَضْمُونٌ فِي الذِّمَّةِ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى عِدَّةِ حَوَائِطَ بِخِلَافِ السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ فَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِيهِ بَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِأَنَّهُ بَيْعُ مُعَيَّنٍ وَتَسْمِيَتُهُ سَلَمًا مَجَازٌ (أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ) أَيْ فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا (وَفِي السَّلَمِ) فِيهَا (لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ) فِي الْقَرْيَةِ الصَّغِيرَةِ دُونَ الْحَائِطِ (تَأْوِيلَاتٌ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا) أَيْ مُسْلَمٌ فِيهِ (لَهُ إبَّانَ) أَيْ وَقْتٌ مُعَيَّنٌ يَأْتِي فِيهِ وَهَذَا فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ (أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ) مَأْمُونَةٍ وَلَوْ صَغِيرَةً قَبْلَ قَبْضِ شَيْءٍ مِنْهُ (خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ) وَأَخَذَ رَأْسَ مَالِهِ (وَ) فِي (الْإِبْقَاءِ) لِقَابِلٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّأْخِيرُ بِسَبَبِ الْمُشْتَرِي فَيَنْبَغِي عَدَمُ تَخْيِيرِهِ لِظُلْمِهِ الْبَائِعَ بِالتَّأْخِيرِ فَتَخْيِيرُهُ زِيَادَةُ ظُلْمٍ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ (وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ) وَانْقَطَعَ بِجَائِحَةٍ أَوْ هُرُوبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَوْ تَفْرِيط الْمُشْتَرِي حَتَّى مَضَى الْإِبَّانُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّا نَقُولُ الْعُقْدَةُ قَدْ انْفَسَخَتْ فِيمَا لَمْ يُقْبَضْ فَمَا يَأْخُذُهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ لَيْسَ ثَمَنًا عَنْ الطَّعَامِ وَإِنَّمَا هُوَ عِوَضٌ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَانْقَطَعَ) أَيْ ثَمَرُ الْحَائِطِ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ إبَّانَهُ (قَوْلُهُ فَنِسْبَةُ الْبَاقِي لِلْمَأْخُوذِ) أَيْ فَنِسْبَةُ قِيمَةِ الْبَاقِي لِقِيمَةِ الْمَأْخُوذِ مَعَ قِيمَةِ الْبَاقِي الثُّلُثُ وَذَلِكَ لِأَنَّ قِيمَةَ الْبَاقِي تُنْسَبُ لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الثُّلُثُ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ فَتُضَمُّ قِيمَةُ الْبَاقِي لِقِيمَةِ الْمَأْخُوذِ ثُمَّ تُنْسَبُ قِيمَةُ الْبَاقِي لِمَجْمُوعِ الْقِيمَتَيْنِ تَكُونُ ثُلُثًا فَيَرْجِعُ بِثُلُثِ الثَّمَنِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ كَانَ أَوْضَحَ.

(قَوْلُهُ فَيَرْجِعُ بِنِسْبَةِ مَا بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمَكِيلَةِ لِمَا أَخَذَهُ مِنْهَا وَمَا لَمْ يَأْخُذْهُ فَفِي الْمِثَالِ السَّابِقِ تُضَمُّ الْخَمْسِينَ الْمَأْخُوذَةَ لِلْخَمْسِينَ الَّتِي لَمْ تُؤْخَذْ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ مِائَةً ثُمَّ تُنْسَبُ مَا لَمْ يُؤْخَذْ لِلْمَجْمُوعِ يَكُونُ نِصْفًا فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ طفي وَتَعَقَّبَهُ الْمَوَّاقُ بِأَنَّهُ لَمْ يَجِدْ مَنْ ذَكَرَ هَذَيْنِ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ صَوَابٌ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِقَوْلَانِ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ) أَيْ الْمُسْلِمُ وَقَوْله عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ فِي نَحْوِ الْيَوْمَيْنِ أَيْ أَخَذَهُ فِي مُدَّةٍ لَا تَخْتَلِفُ فِيهَا الْقِيمَةُ فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْبَعْضَ وَانْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ قَبْلَ أَخْذِ الْبَاقِي رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا وَمِثْلُ الِاشْتِرَاطِ الْمَذْكُورِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَرُ يُجْنَى فِي أَوْقَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ وَكَانَ الشَّأْنُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ إلَّا جُمْلَةً وَاحِدَةً فَإِذَا قَبَضَ الْمُسْلِمُ الْبَعْضَ وَانْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ قَبْلَ أَخْذِ الْبَاقِي رَجَعَ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ اتِّفَاقًا كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ) أَيْ وَهَلْ السَّلَمُ فِي قَدْرٍ مِنْ ثَمَنِ الْقَرْيَةِ كَالسَّلَمِ فِي قَدْرٍ مِنْ ثَمَرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَيَدْخُلُ فِي التَّشْبِيهِ مَا لَوْ أَسْلَمَ فِي قَدْرٍ مِنْ ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ وَقَبَضَ الْبَعْضَ ثُمَّ فَاتَ الْبَاقِي بِجَائِحَةٍ فَيَتَعَيَّنُ الْفَسْخُ وَالْمُحَاسَبَةُ بِالْبَاقِي وَحَيْثُ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى حَسَبِ الْقِيمَةِ أَوْ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ تَأْوِيلَانِ وَهَذَا قَوْلُ اللَّخْمِيِّ وَقِيلَ إنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ مَا لَمْ يَتَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ فَإِذَا رَضِيَا بِهَا جَازَ الرُّجُوعُ بِثَمَنِ الْبَاقِي وَهَلْ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ عَلَى حَسَبِ الْقِيمَةِ أَوْ عَلَى حَسَبِ الْمَكِيلَةِ تَأْوِيلَانِ وَاعْتَمَدَ عج الْقَوْلَ الثَّانِي فَلَوْ تَنَازَعَا فَطَلَبَ أَحَدُهُمَا الْفَسْخَ وَطَلَبَ الْآخَرُ الْبَقَاءَ لِقَابِلٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ مَنْ طَلَبَ الْبَقَاءَ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ فِيهَا)(الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ) أَيْ مِنْ بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَسَقْيِهَا وَبَيَانِ كَيْفِيَّةِ الْقَبْضِ وَأَنْ يُسْلَمَ لِمَالِكِ حَائِطٍ وَأَنْ يُشْتَرَطَ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ وَأَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا وَلَا يَجِبُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِاشْتِمَالِهَا عَلَى عِدَّةِ حَوَائِطَ) أَيْ فَلَا يَدْرِي الْمُسْلِمُ مِنْ أَيُّهَا يَأْخُذُ سَلَمَهُ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ الْحَقِيقِيَّ.

(قَوْلُهُ وَفِي السَّلَمِ) أَيْ وَفِي جَوَازِ السَّلَمِ فِيهَا لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ بِخِلَافِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَاتٌ) الْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَالثَّالِثُ لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي السَّلَمِ الْحَقِيقِيِّ) أَيْ وَهُوَ السَّلَمُ فِي الذِّمَّةِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِ الْقَرْيَةِ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ مِنْ غَيْرِ قَرْيَةٍ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ مَأْمُونَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْقَرْيَةُ غَيْرُ الْمَأْمُونَةِ فَمَسْكُوتٌ عَنْهَا أَوْ دَاخِلَةٌ تَحْتَ حُكْمِ التَّشْبِيهِ فِي قَوْلِهِ وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ إلَخْ فَيَتَحَتَّمُ فِي قَطْعِ ثَمَرِهَا الْفَسْخُ كَمَا فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ وَلَوْ كَانَ بِالْجَائِحَةِ كَمَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَأَمَّا الْحَائِطُ الْمُعَيَّنُ فَلَا يَدْخُلُ هُنَا بِحَالٍ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ بَلْ يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْفَسْخُ اتِّفَاقًا حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا وَإِنْ انْقَطَعَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ إلَخْ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ انْقِطَاعِ الثَّمَرَةِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِجَائِحَةٍ أَوْ بِفَوَاتِ الْإِبَّانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَجِبُ التَّأْخِيرُ) أَيْ وَيَتَعَيَّنُ الْبَقَاءُ لِقَابِلٍ

ص: 214

(قَوْلُهُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ) بِالْبَاقِي لِقَابِلٍ لِأَنَّ السَّلَمَ تَعَلَّقَ بِذِمَّةِ الْبَائِعِ فَلَا يَبْطُلُ بِانْقِضَاءِ الْأَجَلِ كَالدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يَرْضَيَا) مَعًا (بِالْمُحَاسَبَةِ) بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ لَا الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا بَلْ (وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى شُرُوطِهِ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَجُوزُ إذَا اُسْتُكْمِلَتْ الشُّرُوطُ وَمَا لَا يَجُوزُ إذَا اخْتَلَّ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَالَ (وَيَجُوزُ) وَفِي نُسْخَةٍ بِالْفَاءِ وَهِيَ أَنْسَبُ (فِيمَا طُبِخَ) مِنْ الْأَطْعِمَةِ إنْ حُصِرَتْ صِفَتُهُ (وَ) فِي (اللُّؤْلُؤِ) كَذَلِكَ (وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ) وَهُوَ كِبَارُ اللُّؤْلُؤِ إلَّا أَنْ يَنْدُرَ وُجُودُهُ (وَالزُّجَاجِ وَالْجِصِّ وَالزِّرْنِيخِ وَأَحْمَالِ الْحَطَبِ) كَمِلْءِ هَذَا الْحَبْلِ وَيُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ وَأَوْلَى وَزْنًا كَقِنْطَارٍ (وَ) فِي (الْأَدْمِ) بِالْفَتْحِ أَيْ الْجِلْدِ (وَ) فِي (صُوفٍ بِالْوَزْنِ لَا بِالْجِزَازِ) جَمْعُ جِزَّةٍ بِكَسْرِ الْجِيمِ فِيهِمَا وَأَمَّا شِرَاؤُهُ لَا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ فَيَجُوزُ بِالْجِزَازِ تَحَرِّيًا وَبِالْوَزْنِ مَعَ رُؤْيَةِ الْغَنَمِ وَأَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْجَزُّ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شَهْرٍ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْقِسْمَةِ (وَ) فِي نُصُولِ (السُّيُوفِ) وَالسَّكَاكِينِ (وَ) فِي (تَوْرٍ) بِالْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ إنَاءٌ يُشْبِهُ الطَّشْتَ (لِيَكْمُلَ) عَلَى صِفَةٍ خَاصَّةٍ وَإِطْلَاقُ التَّوْرِ عَلَيْهِ قَبْلَ كَمَالِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَجَبَ التَّأْخِيرُ بِالْبَاقِي) أَيْ لِلْعَامِ الْقَابِلِ لِيَأْخُذَ مِنْ ثَمَرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَيَا مَعًا بِالْمُحَاسَبَةِ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ لَا الْقِيمَةِ فَيَجُوزُ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِجَائِحَةٍ أَوْ لِهُرُوبِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لِانْتِفَاءِ تُهْمَةِ قَصْدِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَمَّا إذَا كَانَ عَدَمُ الْقَبْضِ لِتَفْرِيطِ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ لِاتِّهَامِهِمَا عَلَى قَصْدِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَإِذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ عَرْضًا وَلَا غَيْرَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَالتُّونُسِيُّ (قَوْلُهُ بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ) أَيْ وَتَكُونُ الْمُحَاسَبَةُ إذَا تَرَاضَيَا عَلَيْهَا بِحَسَبِ الْمَكِيلَةِ لَا الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا) هَذِهِ مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ جَازَ عَدَمُ الْبَقَاءِ لِقَابِلٍ هَذَا إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَحَيَوَانٍ وَثِيَابٍ فَإِذَا تَحَاسَبَا رَدَّ مِنْهَا مَا قِيمَتُهُ قَدْرُ قِيمَةِ مَا لَمْ يُقْبَضْ مِنْ السَّلَمِ فَإِذَا أَسْلَمَهُ أَرْبَعَةَ أَثْوَابٍ فِي عَشَرَةِ قَنَاطِيرِ بَلَحٍ فَقَبَضَ مِنْهَا خَمْسَةً وَانْقَطَعَ الثَّمَرُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ ثَوْبَيْنِ قِيمَتُهَا قِيمَةُ مَا لَمْ يُقْبَضْ إذَا تَرَاضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ وَرُدَّ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ إنَّمَا يَجُوزُ تَرَاضِيهِمَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِثْلِيًّا وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُقَوَّمًا فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِعَدَمِ الْأَمْنِ مِنْ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ لِأَنَّهُمَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى رَدِّ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ عِوَضًا عَمَّا لَمْ يُقْبَضْ احْتَمَلَ بِأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الثَّوْبُ الْمَرْدُودُ مُسَاوِيًا لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَيَجُوزُ أَوْ مُخَالِفًا لَهُ بِالْقِلَّةِ أَوْ الْكَثْرَةِ فَيَمْتَنِعُ لِأَنَّهَا إقَالَةٌ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ عَلَى خِلَافِ رَأْسِ الْمَالِ وَهِيَ بَيْعٌ فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَرُدَّ مِنْ الْأَثْوَابِ جُزْءًا شَائِعًا يَكُونُ الْمُشْتَرِي شَرِيكًا بِهِ لِلْبَائِعِ فَيَسْلَمَا مِنْ احْتِمَالِ الْخَطَأِ فِي التَّقْوِيمِ فَيَجُوزُ بِاتِّفَاقِهِمَا.

(قَوْلُهُ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ) فِيهِ أَنَّ الْإِقَالَةَ عَلَى غَيْرِ رَأْسِ الْمَالِ لَا تَجُوزُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَمْنُوعٌ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِجَوَازِ الْإِقَالَةِ فِي بَعْضِ الْمَبِيعِ وَلَوْ طَعَامًا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ أَوْ كَانَ مُقَوَّمًا كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ ذَاتًا قَائِمَةً بِعَيْنِهَا لَا فَسَادَ لَهَا بِالتَّأْخِيرِ بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَهْلَكًا لَا بَقَاءَ لَهُ لِفَسَادِهِ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَحْمًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ طُبِخَ) لَيْسَ الْمُرَادُ خُصُوصَ مَا كَانَ مَطْبُوخًا بِالْفِعْلِ حَالَ الْعَقْدِ بَلْ الْمُرَادُ فِيمَا يُطْبَخُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى خَرُوفٍ مُحَمَّرٍ آخُذُهُ مِنْك فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ كَانَ مَطْبُوخًا بِالْفِعْلِ حَالَ الْعَقْدِ كَالْمَرَبَّاتِ الَّتِي لَا تَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا حَصَرَتْهُ الصِّفَةُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْدُرَ وُجُودُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ كَبِيرًا كِبَرًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ فَلَا يَصِحُّ السَّلَمُ فِيهِ وَهَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَمَا لَا يُوجَدُ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى وَزْنًا) أَيْ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَحْمَالٍ مِنْ الْحَطَبِ كُلُّ حِمْلٍ قِنْطَارَانِ أَوْ كُلُّ حِمْلٍ مِلْءُ هَذَا الْحَبْلِ وَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْحَطَبِ مِنْ كَوْنِهِ حَطَبَ سَنْطٍ أَوْ طَرْفَاءَ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَيْ الْجِلْدِ) أَيْ فَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي جُلُودِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَنَحْوِهَا إذَا شُرِطَ شَيْئًا مَعْلُومًا وَالْإِدَامُ فِي الْأَصْلِ الْجِلْدُ بَعْدَ الدَّبْغِ وَالْمُرَادُ هُنَا مُطْلَقُ الْجِلْدِ سَوَاءٌ كَانَ مَدْبُوغًا أَوْ غَيْرَ مَدْبُوغٍ (قَوْلُهُ لَا بِالْجَزَزِ) أَيْ عَدَدًا كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ سَلَمًا فِي أَرْبَعِ جَزَزٍ مِنْ الصُّوفِ فَيُمْنَعُ لِاخْتِلَافِهِمَا بِالصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (قَوْلُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْجَمْعِ وَالْمُفْرَدِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ لَا عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَلَى ظَهْرِ الْغَنَمِ بِدَلِيلِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الشُّرُوطِ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مَجْزُوزًا جِزَازًا وَبِالْوَزْنِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ وَتَوْرٍ لِيَكْمُلَ) صُورَتُهُ وَجَدْت نُحَاسًا يُعْمَلُ طَشْتًا أَوْ حُلَّةً أَوْ تَوْرًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَقُلْت لَهُ كَمِّلْهُ لِي عَلَى صِفَةِ كَذَا بِدِينَارٍ فَيَجُوزُ إنْ شَرَعَ فِي تَكْمِيلِهِ بِالْفِعْلِ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ قَلَائِلَ كَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَقَلَّ وَإِلَّا مُنِعَ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ أَيْضًا إذَا كَانَ عِنْدَ النَّحَّاسِ نُحَاسٌ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ كَسَرَهُ وَأَعَادَهُ وَكَمَّلَهُ مِمَّا عِنْدَهُ مِنْ النُّحَاسِ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ جَعَلَ عج وعبق وَشَارِحُنَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَهُوَ مُغَايِرٌ لِأُسْلُوبِ

ص: 215

مَجَازٌ كَمَا أَنَّ إطْلَاقَ السَّلَمِ عَلَى هَذَا الشِّرَاءِ مَجَازٌ وَإِنَّمَا هُوَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوعُ وَلَوْ حُكْمًا فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ وَإِنَّمَا يَضْمَنُهُ بَائِعُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّ مَا وَجَدَ صَانِعًا شَرَعَ فِي عَمَلِ تَوْرٍ مَثَلًا فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ جُزَافًا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ لَهُ جَازَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ لَمْ يَضْمَنْهُ مُشْتَرِيهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَهَذَا بِخِلَافِ شِرَاءِ ثَوْبٍ لِيَكْمُلَ فَيُمْنَعُ كَمَا يَأْتِي لِإِمْكَانِ إعَادَةِ التَّوْرِ إنْ جَاءَ عَلَى خِلَافِ الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ الْمُعْتَادَةِ بِخِلَافِ الثَّوْبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ يَعْمَلُ مِنْهُ غَيْرُهُ إذَا جَاءَ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ فَإِنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ مُنِعَ كَمَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ تَوْرًا وَهَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الصَّانِعِ وَالْمَصْنُوعِ مِنْهُ مُعَيَّنًا فَإِنْ كَانَ الصَّانِعُ مُعَيَّنًا دُونَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَ (الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ) حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَكَوْنِ الْبَائِعِ مِنْ أَهْلِ حِرْفَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لِتَيَسُّرِهِ عِنْدَهُ فَأَشْبَهَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ فِي الصُّورَتَيْنِ وَالشِّرَاءَ إمَّا لِجُمْلَةٍ يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً عَلَى أَيَّامٍ كَقِنْطَارٍ بِكَذَا كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ أَوْ يَعْقِدُ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدًا مُعَيَّنًا وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ (كَالْخَبَّازِ) وَالْجَزَّارِ بِنَقْدٍ وَبِغَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا تَأْجِيلُ الْمُثَمَّنِ بَلْ يُشْتَرَطُ الشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَأَجَازُوا التَّأْخِيرَ لِنِصْفِ شَهْرٍ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ بَيْعٌ) فَإِنْ مَاتَ الْبَائِعُ وَجَبَ الْفَسْخُ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ لَا الْأُولَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُصَنِّفِ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مِنْ بَابِ السَّلَمِ بِنَاءً عَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ الْمُجَوِّزِ فِي السَّلَمِ تَعْيِينَ الْمَصْنُوعِ مِنْهُ وَالصَّانِعِ وَهُنَا عُيِّنَ الْمَصْنُوعُ مِنْهُ وَهَذِهِ يَمْنَعُهَا ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَنْتَ إذَا أَمْعَنْت النَّظَرَ وَجَدْتهَا لَهَا شَبَهٌ بِالسَّلَمِ نَظَرًا لِلْمَعْدُومِ فِي حَالِ الْعَقْدِ وَلَهَا شَبَهٌ بِالْبَيْعِ نَظَرًا لِلْمَوْجُودِ وَلَيْسَتْ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ وَلَكِنَّ أَقْرَبَ مَا يَتَمَشَّى عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ قَوْلُ أَشْهَبَ الَّذِي يُجِيزُ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مَجَازٌ) أَيْ فَهُوَ مِثْلُ {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا} [يوسف: 36](قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) كَذَا قَالَ عج وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا لِأَنَّهُ هُنَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْمَصْنُوعِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَالْآتِيَةُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ بِالْعَقْدِ عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ وَنَحْوَهُ لَبَنٌ كَمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ بَلْ لَهَا شَبَهٌ بِالسَّلَمِ وَبِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ مُشْتَرِيهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ التَّلَفُ مِنْهُ أَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ ضَمَّنَهُ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْوَزْنِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ كَمِّلْهُ لِي عَلَى صِفَةِ كَذَا وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك كُلُّ رِطْلٍ بِكَذَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ إلَخْ) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْمَنْعِ فِي مَسْأَلَةِ الثَّوْبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يَنْسِجَهُ مُنِعَ كَمَا إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ إلَخْ) إنَّمَا مُنِعَ فِيهِمَا لِلنَّقْصِ إذَا نُقِضَ لِعَدَمِ إتْيَانِهِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَطْلُوبِ.

(قَوْلُهُ كَمَا إذْ اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ تَوْرًا) هَذَا تَقْيِيدٌ لِلْجَوَازِ هُنَا فِي مَسْأَلَةِ التَّوْرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ التَّوْرِ وَالثَّوْبِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ يَتَّفِقَانِ فِي الْمَنْعِ إذَا اشْتَرَى جُمْلَةَ مَا عِنْدَ الْبَائِعِ مِنْ الْغَزْلِ وَالنُّحَاسِ بِدِينَارٍ مَثَلًا وَاتَّفَقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَصْنَعَهُ لَهُ تَوْرًا أَوْ ثَوْبًا وَيَتَّفِقَانِ عَلَى الْجَوَازِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ جُمْلَةٌ مِنْ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ غَيْرُ مَا اشْتَرَى بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ بِحَيْثُ إذَا لَمْ يَأْتِ مَا اشْتَرَاهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يَعْمَلُ لَهُ بَدَلُهُ مِنْ ذَلِكَ النُّحَاسِ أَوْ الْغَزْلِ الَّذِي فِي مِلْكِهِ وَيَخْتَلِفَانِ فِي حَالَةٍ وَهُوَ الْمَنْعُ فِي الثَّوْبِ إذَا كَانَ عِنْدَ الْبَائِعِ غَزْلٌ لَا يَأْتِي ثَوْبًا عَلَى تَقْدِيرِ إذَا لَمْ يَأْتِ الْمَبِيعُ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ وَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ إذَا كَانَ عِنْدَهُ نُحَاسٌ لَا يَأْتِي تَوْرًا لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ يُمْكِنُ كَسْرُهُ وَإِعَادَتُهُ وَتَكْمِيلُهُ بِمَا عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ حَقِيقَةً) أَيْ وَهُوَ مَنْ لَا يَفْتُرُ عَنْهُ غَالِبًا وَقَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ بِالْفِعْلِ رَجَعَ لِمَا قَبْلَهُ وَإِلَّا فَلَا يَكْفِي قَالَ وَاَلَّذِي غَرَّ عبق التَّابِعِ لَهُ الشَّارِحُ أَنَّ بَعْضَهُمْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ وَأَرَادَ بِهِ نَفْسَ الْمَعْنَى الْأَوَّلِ فَتَوَهَّمَ التَّغَايُرَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الْفَسْخُ فِي الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِجُمْلَةٍ يَأْخُذُهَا مُفَرَّقَةً عَلَى أَيَّامٍ وَذَلِكَ لِلُزُومِ الْبَيْعِ فِيهَا (قَوْلُهُ دُونَ الثَّانِيَةِ) وَهِيَ مَا إذَا اشْتَرَى مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ عَدَدًا مُعَيَّنًا فَالْبَيْعُ فِيهَا وَإِنْ كَانَ جَائِزًا لَكِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ (قَوْلُهُ كَالْخَبَّازِ وَالْجَزَّارِ) يَتَأَتَّى فِي كُلٍّ مِنْهُمَا الصُّورَتَانِ الْمُتَقَدِّمَتَانِ (قَوْلُهُ بِنَقْدٍ وَبِغَيْرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّرَاءِ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ وَالْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْمُعَجَّلِ وَبِغَيْرِهِ الْمُؤَجَّلُ أَيْ جَازَ الشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ وَمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ مُخَالِفٌ لِلسَّلَمِ فِي هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ) أَيْ لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ وَتَأْجِيلِ الْمُثَمَّنِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ بَيْعٌ إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ وَاحِدٌ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ يُؤَخِّرَ الشُّرُوعَ فِي الْأَخْذِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَأَجَازُوا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ بَيْعٌ) صَرَّحَ بِهِ مَعَ قَوْلِهِ وَالشِّرَاءُ لِأَنَّ الشِّرَاءَ يُطْلَقُ عَلَى السَّلَمِ وَوَجْهُ كَوْنِهِ بَيْعًا لَا سَلَمًا

ص: 216

(وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ) فَلَا يُعَيَّنُ الْعَامِلُ وَالْمَعْمُولُ مِنْهُ وَيَكُونُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَعَقْدٍ عَلَى قِنْطَارِ خُبْزٍ يُؤْخَذُ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بَعْدَ شَهْرٍ قَدْرُهُ وَصِفَتُهُ كَذَا وَقَوْلُهُ (كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) تَشْبِيهٌ لَا تَمْثِيلَ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الصَّانِعَ إنْ كَانَ دَائِمَ الْعَمَلِ كَانَ بَيْعًا لَا سَلَمًا مَعَ أَنَّهُ سَلَمٌ مُطْلَقًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ دَائِمَ الْعَمَلِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا إنْ نَصَبَ نَفْسَهُ عَلَى أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا مَا نَصَبَ نَفْسَهُ لَهُ مِنْ وَزْنٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ عَدَدٍ كَالْخَبَّازِ وَاللَّبَّانِ وَالْجَزَّارِ وَالْبَقَّالِ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ تَارَةً وَالسَّلَمُ أُخْرَى بِشُرُوطِهِ وَإِلَّا فَالسَّلَمُ بِشُرُوطِهِ وَلَوْ اُسْتُدِيمَ عَمَلُهُ كَالْحَدَّادِ وَالنَّجَّارِ وَالْحَبَّاكِ (وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ) كَاعْمَلْ مِنْ هَذَا الْحَدِيدِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الْخَشَبِ بِعَيْنِهِ أَوْ مِنْ هَذَا الْغَزْلِ بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ (أَوْ) تَعْيِينِ (الْعَامِلِ) أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِ الْمَعْمُولَ مِنْهُ (وَ) أَمَّا (إنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ) وَعَيَّنَهُ وَدَخَلَ فِي ضَمَانِهِ (وَاسْتَأْجَرَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى عَمَلِهِ (جَازَ إنْ شَرَعَ) فِي الْعَمَلِ وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهِ لِنِصْفِ شَهْرٍ (عُيِّنَ عَامِلُهُ أَمْ لَا)

(لَا) يَجُوزُ السَّلَمُ (فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ) عَادَةً وَصْفًا كَاشِفًا عَنْ حَقِيقَتِهِ (كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ) وَأَوْلَى تُرَابُ الصَّوَّاغِينَ وَمِنْ ذَلِكَ الْحِنَّاءُ الْمَخْلُوطَةُ بِالرَّمْلِ وَالنِّيلَةُ الْمَخْلُوطَةُ بِالطِّينِ إلَّا أَنْ يُعْلَمَ قَدْرُ مَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخَلْطِ (وَ) لَا يُسْلَمُ فِي (الْأَرْضِ وَالدُّورِ) لِأَنَّ وَصْفَهُمَا مِمَّا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ الَّتِي مِنْ جُمْلَتِهَا تَعْيِينُ الْبُقْعَةِ الَّتِي هُمَا بِهَا فَيُصَيِّرُهُمَا مِنْ الْمُعَيَّنِ وَشَرْطُ السَّلَمِ كَوْنُهُ فِي الذِّمَّةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعَيُّنِ الْمَبِيعِ وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لَا يَكُونُ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَدُمْ) بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ وَانْقِطَاعُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشِّرَاءَ مِنْ غَيْرِ دَائِمِ الْعَمَلِ جَائِزٌ وَهُوَ سَلَمٌ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي السَّلَمِ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ فَإِنْ عُيِّنَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَانَ فَاسِدًا (قَوْلُهُ كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ اسْتِصْنَاعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ سَلَمٌ سَوَاءٌ كَانَ الصَّانِعُ الْمَعْقُودُ مَعَهُ دَائِمَ الْعَمَلِ أَمْ لَا كَأَنْ تَقُولَ لِإِنْسَانٍ اصْنَعْ لِي سَيْفًا أَوْ سَرْجًا صِفَتُهُ كَذَا بِدِينَارٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ وَأَنْ لَا يُعَيِّنَ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ) أَيْ بِقَوْلِهِ فَهُوَ سَلَمٌ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ عَدَمِ دَوَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الصَّانِعَ) أَيْ صَانِعَ السَّيْفِ وَالسَّرْجِ (قَوْلُهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْبَيْعُ) أَيْ أَنَّ عَيْنَ الْعَامِلِ أَوْ الْمَعْمُولِ مِنْهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَشْتَرِي مِنْك قِنْطَارَ خُبْزٍ مِنْ هَذَا الْقَمْحِ أَوْ مِنْ عَمَلِك (قَوْلُهُ وَالسَّلَمُ أُخْرَى) أَيْ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَفِيهِ أَنَّهُمْ نَزَّلُوا دَوَامَ الْعَمَلِ مَنْزِلَةَ تَعْيِينِ الْمَبِيعِ فَالْمُسْلَمُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُعَيَّنْ حَقِيقَةً فَهُوَ مُعَيَّنٌ تَنْزِيلًا وَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى السَّلَمُ عِنْدَ دَوَامِ الْعَمَلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ دَائِمَ الْعَمَلِ لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا بِأَنْ كَانَ انْقِطَاعُهُ أَكْثَرَ مِنْ عَمَلِهِ أَوْ تَسَاوَى عَمَلُهُ وَانْقِطَاعُهُ (قَوْلُهُ فَالسَّلَمُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ مِنْ تَعْجِيلِ رَأْسِ الْمَالِ وَضَرْبِ أَجَلٍ لِقَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَعَدَمِ تَعْيِينِ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ اُسْتُدِيمَ عَمَلُهُ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ غَيْرُ دَائِمِ الْعَمَلِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفَسَدَ) أَيْ السَّلَمُ وَقَوْلُهُ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّ تَعْيِينَ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ لَا يَضُرُّ فِي السَّلَمِ.

(قَوْلُهُ أَوْ تَعْيِينِ الْعَامِلِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ ذَلِكَ الرَّجُلُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا فَذَلِكَ غَرَرٌ اهـ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ إذَا عَيَّنَ الْعَامِلَ فَقَطْ لِقَوْلِهَا مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْجِصَّ وَالْآجُرَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ مواق (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا بِالْأَوْلَى) أَيْ فَهَذِهِ الصُّوَرُ الثَّلَاثَةُ يَفْسُدُ فِيهَا السَّلَمُ وَعِلَّةُ الْفَسَادِ فِي الْأَخِيرَتَيْنِ دَوَرَانُ الْمَعْقُودِ بَيْنَ الثَّمَنِيَّةِ وَالسَّلَفِيَّةِ فَهُوَ غَرَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسَلِّمُ الْعَامِلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا وَفِي الْأُولَى أَنَّ السَّلَمَ لَا يَكُونُ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ بَلْ فِي شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْمَنْعُ فِيمَا إذَا عَيَّنَ الْمَعْمُولَ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلَ إذَا لَمْ يَشْتَرِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ حَدِيدًا مَثَلًا مُعَيَّنًا وَاسْتَأْجَرَهُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ مِنْهُ سَيْفًا بِدِينَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ سَوَاءٌ شَرَطَ تَعْجِيلَ النَّقْدِ أَمْ لَا لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي الشَّيْءِ وَهُوَ جَائِزٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاسْتَأْجَرَهُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَ غَيْرُ الْبَائِعِ لَجَازَ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ الشُّرُوعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ وَتَوْرٍ لِيَكْمُلَ أَنَّ الْعَقْدَ فِيمَا قَبْلَهَا وَقَعَ عَلَى الْمَصْنُوعِ عَلَى وَجْهِ السَّلَمِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَعْمُولُ مِنْهُ فِي مِلْكِ الْمُشْتَرِي وَهَذِهِ وَقَعَ الْعَقْدُ فِيهَا عَلَى الْمَعْمُولِ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ وَمَلَكَهُ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى عَمَلِهِ وَهَذِهِ الثَّانِيَةُ مَسْأَلَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِي الْأُولَى أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ وَهِيَ تَعْيِينُ الْمَعْمُولِ مِنْهُ وَالْعَامِلِ وَعَدَمُ تَعْيِينِهِمَا وَتَعْيِينُ الْأُولَى دُونَ الثَّانِي وَالْعَكْسُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فِي حَالَةٍ وَفَسَادُهُ فِي ثَلَاثَةٍ وَفِي الثَّانِيَةِ حَالَتَانِ فَقَطْ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلَ أَوْ لَا يُعَيِّنُ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا

(قَوْلُهُ لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا طُبِخَ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ الْحِنَّاءُ الْمَخْلُوطَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُمَا نَقْدًا مِنْ غَيْرِ سَلَمٍ فَجَائِزٌ إذَا تَحَرَّى قَدْرَ مَا فِيهِمَا مِنْ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْلِمُ فِي الْأَرْضِ وَالدُّورِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَقُولَ لِآخَرَ أُسْلِمُك مِائَةَ دِينَارٍ فِي

ص: 217

(وَ) لَا فِي (الْجُزَافِ) لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ بَيْعِهِ رُؤْيَتَهُ وَبِهَا يَصِيرُ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (وَ) لَا فِي (مَا لَا يُوجَدُ) أَصْلًا أَوْ إلَّا نَادِرًا كَكِبَارِ اللُّؤْلُؤِ الْخَارِجِ عَنْ الْعَادَةِ (وَ) لَا يَجُوزُ (حَدِيدٍ) أَيْ سَلَمُهُ (وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وَبِالْعَكْسِ) لِيَسَارَةِ الصَّنْعَةِ (وَلَا كَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ) لِإِمْكَانِ مُعَالَجَةِ الْغَلِيظِ حَتَّى يَصِيرَ رَقِيقًا (إنْ لَمْ يَغْزِلَا) وَإِلَّا جَازَ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْلِ يُرَادُ لِغَيْرِ مَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ كَغَلِيظِ ثِيَابِهِ فِي رَقِيقِهَا (وَ) لَا فِي (ثَوْبٍ) نَاقِصٍ (لِيَكْمُلَ) عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ عِنْدَهُ الْغَزْلُ كَمَا مَرَّ فِي التَّوْرِ (وَ) لَا (مَصْنُوعٍ قُدِّمَ) أَيْ جَعْلُ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ (لَا يَعُودُ) لِأَصْلِهِ وَهُوَ (هَيِّنُ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ) لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ مِنْ كَتَّانٍ أَوْ صُوفٍ لِسُهُولَةِ صُنْعِهِ وَكَذَا الْعَكْسُ بِالْأَوْلَى (بِخِلَافِ النَّسْجِ) أَيْ الْمَنْسُوجِ يُسْلَمُ فِي غَزْلٍ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ وَأَوْلَى فِي شَعْرٍ لِأَنَّ صُعُوبَةَ صَنْعَتِهِ صَيَّرَتْهُ جِنْسًا آخَرَ (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) فَلَا تُسْلَمُ فِي خَزٍّ لِأَنَّهَا تَنْفُشُ وَتَصِيرُ خَزًّا وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ (وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ) أَيْ أَصْلُ الْمَصْنُوعِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ بَلْ بِقَيْدِ كَوْنِهِ صَعْبَهَا كَغَزْلٍ فِي ثَوْبٍ أَيْ جُعِلَ رَأْسَ مَالٍ (اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ) الْمَضْرُوبُ بَيْنَهُمَا فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ جَعْلُ غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مَصْنُوعًا مُنِعَ لِلْمُزَابَنَةِ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ بِمَا يَفْضُلُ مِنْهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا ذَهَبَ عَمَلُهُ هَدَرًا وَإِلَّا جَازَ لِانْتِفَاءِ الْمَانِعِ (وَإِنْ عَادَ) الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ (اُعْتُبِرَ) الْأَجَلُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي إسْلَامِ الْمَصْنُوعِ فِي أَصْلِهِ وَإِسْلَامِ أَصْلِهِ فِيهِ فَإِنْ وَسِعَ الْأَجَلُ جُعِلَ الْمَصْنُوعُ كَأَصْلِهِ أَوْ جُعِلَ أَصْلُهُ مِثْلَهُ بِوَضْعِ الصَّنْعَةِ فِيهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا جَازَ كَإِسْلَامِ آنِيَةٍ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ فِي نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ وَعَكْسُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَيِّنِ الصَّنْعَةِ الْإِطْلَاقُ فَلَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ لَا يَعُودُ فَهَيِّنُ الصَّنْعَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي أَرْبَعَةِ أَفْدِنَةٍ مِنْ الطِّينِ أَوْ فِي دَارٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ السَّلَمِ أَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْأَغْرَاضُ وَمِنْ جُمْلَتِهَا الْبُقْعَةُ الَّتِي تَكُونُ الدَّارُ وَالْأَفْدِنَةُ فِيهَا وَمَتَى عُيِّنَتْ الْبُقْعَةُ كَانَ مَا فِيهَا مِنْ الدَّارِ وَالْفَدَادِينِ مُعَيَّنًا وَالسَّلَمُ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ وَلَا فِي الْجُزَافِ) قِيلَ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ بِتَحَرٍّ إلَخْ لِأَنَّ الْمُتَحَرَّى جُزَافٌ قَطْعًا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْجُزَافَ الَّذِي يَمْتَنِعُ السَّلَمُ فِيهِ هُوَ الَّذِي لَا يُمْكِنُ فِيهِ التَّحَرِّي لِكَثْرَتِهِ وَالسَّابِقُ الْجَائِزُ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ التَّحَرِّي أَفَادَ هَذَا الْمَعْنَى كَلَامُ الْمُقَدِّمَاتِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا فِيمَا لَا يُوجَدُ) أَيْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَحْصِيلِهِ وَقَوْلُهُ أَصْلًا أَيْ كَالْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ (قَوْلُهُ وَبِالْعَكْسِ) أَيْ وَلَا تُسْلَمُ سُيُوفٌ فِي حَدِيدٍ سَوَاءٌ كَانَ يُخْرَجُ مِنْهُ سُيُوفٌ أَمْ لَا وَالْمَنْعُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَجُوزُ سَلَمُ الْحَدِيدِ الَّذِي لَا يُخْرَجُ مِنْهُ سُيُوفٌ فِي سُيُوفٍ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّ السُّيُوفَ مَعَ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ فَسَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ يُؤَدِّي إلَى سَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ وَإِنَّمَا كَانَتْ السُّيُوفُ مَعَ الْحَدِيدِ كَشَيْءٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الصِّفَةَ الْمُفَارِقَةَ أَيْ الَّتِي يُمْكِنُ إزَالَتُهَا لَغْوٌ بِخِلَافِ الْمُلَازِمَةِ (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ مُعَالَجَةِ الْغَلِيظِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَسَلَمُ الْغَلِيظِ فِي الرَّقِيقِ يُؤَدِّي لِسَلَمِ الشَّيْءِ فِي جِنْسِهِ وَانْظُرْ هَذَا التَّعْلِيلَ فَإِنَّهُ لَا يَجْرِي فِي عَكْسِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعَ أَنَّهُ مَمْنُوعٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ غَلِيظَ الْغَزْلِ يُرَادُ لِغَيْرِ مَا يُرَادُ لَهُ رَقِيقُهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ اخْتَلَفَتْ مَنْفَعَتُهُمَا وَاخْتِلَافُ الْمَنْفَعَةِ يُصَيِّرُ أَفْرَادَ الْجِنْسِ كَالْجِنْسَيْنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا فِي ثَوْبٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ ثَوْبٍ قَدْ نُسِجَ بَعْضُهُ لِيُكْمِلَهُ لَهُ صَاحِبُهُ عَلَى صِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ إذَا لَمْ يَأْتِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَطْلُوبَةِ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ إلَيْهَا بِخِلَافِ التَّوْرِ النُّحَاسِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَنْعِ فِي الثَّوْبِ وَالْجَوَازِ فِي التَّوْرِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدٍ فَالْجَوَازُ فِي التَّوْرِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَشْتَرِيَ جُمْلَةَ النُّحَاسِ الَّذِي عِنْدَهُ وَالْمَنْعُ هُنَا فِي الثَّوْبِ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَهُ غَزْلٌ كَثِيرٌ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ وَهُوَ هَيِّنٌ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ هَيِّنُ الصَّنْعَةِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ مِنْ جِنْسِهِ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ الْهَيِّنَةَ كَالْعَدَمِ فَالْغَزْلُ لَا يُخْرِجُ الْكَتَّانَ عَنْ أَصْلِهِ الَّذِي هُوَ الْكَتَّانُ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ كَتَّانًا فِي كَتَّانٍ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا يَعُودُ لِأَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ أَمْكَنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا وَلَا يُعْتَبَرُ الْأَجَلُ بِحَيْثُ يُقَالُ إنْ كَانَ الْأَجَلُ مُتَّسِعًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ عَوْدُ ذَلِكَ الْمَصْنُوعِ فِيهِ لِأَصْلِهِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ بَلْ الْمَنْعُ مُطْلَقًا اتَّسَعَ الْأَجَلُ أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ وَكَذَا الْعَكْسُ) أَيْ سَلَمُ الصُّوفِ أَوْ الْكَتَّانِ فِي الْغَزْلِ (قَوْلُهُ بِالْأَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ الْكَتَّانَ الْمَجْعُولَ رَأْسَ مَالٍ يُمْكِنُ غَزْلُهُ (قَوْلُهُ يُسْلَمُ فِي غَزْلٍ مِنْ جِنْسِ أَصْلِهِ) فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ الثَّوْبُ الْمَنْسُوجُ مِنْ الْكَتَّانِ فِي غَزْلٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ فِي كَتَّانٍ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ لِأَنَّ صُعُوبَةَ صَنْعَتِهِ) أَيْ النَّسْجِ بِمَعْنَى الْمَنْسُوجِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ إلَخْ مَفْهُومِ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ جَازَ كَمَا فِي النَّسْجِ بِمَعْنَى الْمَنْسُوجِ (قَوْلُهُ فَلَا تُسْلَمُ فِي خَزٍّ) أَيْ فَالنَّسْجُ فِيهَا كَالْغَزْلِ فِي الْكَتَّانِ فَكَمَا لَا يُسْلَمُ الْغَزْلُ فِي الْكَتَّانِ لِأَنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ لَا يُسْلَمُ ثِيَابُ الْخَزِّ فِي الْخَزِّ وَالْخَزُّ مَا كَانَ قِيَامُهُ مِنْ حَرِيرٍ وَلُحْمَتُهُ مِنْ وَبَرٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ قُدِّمَ إلَخْ) لِمَا ذُكِرَ أَنَّ غَيْرَ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي أَصْلِهِ ذَكَرَ حُكْمَ مَا إذَا أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ قُدِّمَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ الْمَصْنُوعُ صَعْبَ الصَّنْعَةِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ عَادَ رَاجِعٌ لِلْمَصْنُوعِ صَعْبِ الصَّنْعَةِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ نَسْجِهِ وَلَيْسَ مَفْهُومًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا لَا يَعُودُ بِحَيْثُ يَكُونُ ضَمِيرُ عَادَ لِلْمَصْنُوعِ الْهَيِّنِ الصَّنْعَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَهَيِّنُ الصَّنْعَةِ إلَخْ) حَاصِلُهُ

ص: 218

عَادَ أَوْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا أَصْلُهُ فِيهِ وَغَيْرُ الْهَيِّنِ إنْ لَمْ يَعُدْ أُسْلِمَ فِي أَصْلِهِ وَإِنْ أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ وَإِنْ عَادَ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ أُسْلِمَ فِي أَصْلِهِ أَوْ أَصْلُهُ فِيهِ (وَالْمَصْنُوعَانِ) مِنْ جِنْسٍ هَانَتْ الصَّنْعَةُ أَمْ لَا (يَعُودَانِ) أَيْ يُمْكِنُ عَوْدُهُمَا لِأَصْلِهِمَا وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُمْكِنْ (يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ) الْمَقْصُودَةِ مِنْهُمَا فَإِنْ تَقَارَبَتْ كَقَدْرِ نُحَاسٍ فِي مِثْلِهِ مُنِعَ وَإِلَّا جَازَ كَإِبْرِيقٍ فِي طَشْتٍ أَوْ مَسَامِيرَ فِي سَيْفٍ (وَجَازَ) بِلَا جَبْرٍ (قَبْلَ زَمَانِهِ) أَيْ أَجَلِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَبُولُ صِفَتِهِ) أَيْ مَوْصُوفِهَا (فَقَطْ) لَا أَدْنَى وَلَا أَجْوَدَ وَلَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَر لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك (كَقَبْلِ مَحَلِّهِ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي اُشْتُرِطَ فِيهِ الْقَبْضُ أَوْ مَوْضِعُ الْعَقْدِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ فَيَجُوزُ (فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا) حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا (وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ حُلُولِ الْأَجَلِ حَتَّى فِي الْعَرْضِ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي الذِّمَّةِ عُدَّ مُسَلِّفًا وَازْدَادَ الِانْتِفَاعُ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ وَيُزَادُ فِي الطَّعَامِ بِأَنَّ فِيهِ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ (إنْ لَمْ يَدْفَعْ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (كِرَاءً) لِلْمُسْلِمِ لِحَمْلِهِ لِلْمَحَلِّ وَإِلَّا مُنِعَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ سَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ أَمْ لَا لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا يُسْلَمُ أَصْلُهُ فِيهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ اتِّسَاعُ الْأَجَلِ وَلَا ضِيقُهُ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَغَيْرُ هَيِّنِ الصَّنْعَةِ إنْ كَانَ لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ كَالثِّيَابِ الْمَنْسُوجَةِ جَازَ سَلَمُهُ فِي أَصْلِهِ كَالْغَزْلِ وَالْكَتَّانِ، وَإِنْ أُسْلِمَ أَصْلُهُ فِيهِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ كَأَوَانِي النُّحَاسِ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ فِي سَلَمِهِ فِي أَصْلِهِ وَسَلَمِ أَصْلِهِ فِيهِ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ عَادَ) أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ لَا يُسْلَمُ فِي أَصْلِهِ وَلَا أَصْلُهُ فِيهِ أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِأَجَلٍ وَلَا لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ عَادَ) أَيْ أَمْكَنَ عَوْدُهُ.

(قَوْلُهُ وَالْمَصْنُوعَانِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَصْنُوعَيْنِ إذَا أُرِيدَ سَلَمُ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ وَهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ أَمْكَنَ عَوْدُهُ لِأَصْلِهِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ إنْ تَقَارَبَتْ مُنِعَ لِأَنَّهُ مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ تَبَاعَدَتْ جَازَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَصْنُوعَانِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ صَنْعَتُهُمَا هَيِّنَةً أَمْ لَا وَقَوْلُهُ يَعُودَانِ أَيْ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَعُودَا كَمَا نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ هَانَتْ الصَّنْعَةُ) أَيْ كَسَلَمِ غَزْلٍ فِي غَزْلٍ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ كَسَلَمِ طَشْتٍ نُحَاسٍ فِي حُلَّةٍ أَوْ فِي طَشْتٍ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا اُعْتُبِرَ النَّظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ عِنْدَ إمْكَانِ الْعَوْدِ وَأَنَّهَا إذَا تَبَاعَدَتْ يَجُوزُ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْعَوْدُ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَقَارَبَتْ كَقِدْرِ نُحَاسٍ فِي مِثْلِهِ) وَكَسَلَمِ ثَوْبٍ رَقِيقٍ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ مُنِعَ) أَيْ لِأَنَّهُ مِنْ سَلَمِ الشَّيْءِ فِي مِثْلِهِ (قَوْلُهُ كَإِبْرِيقٍ فِي طَشْتٍ) أَيْ وَكَثَوْبٍ رَقِيقٍ فِي غَلِيظٍ (قَوْلُهُ وَجَازَ إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي حُكْمِ اقْتِضَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلِمِ قَبُولُ الْمَوْصُوفِ بِصِفَةِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ أَيْ وَفِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ بِلَا جَبْرٍ) أَيْ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي السَّلَمِ حَقٌّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْلَمُ فِيهِ نَقْدًا وَإِلَّا أُجْبِرَ الْمُسْلِمُ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْأَجَلَ حِينَئِذٍ حَقٌّ لِمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيُجْبَرُ الْمُقْرِضُ عَلَى قَبُولِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ كَانَ الْقَرْضُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا كَحَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ زَمَانِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي مَحَلِّهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ مَوْصُوفِهَا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ قَبُولُ مَوْصُوفِ صِفَتِهِ لِأَنَّ الَّذِي يَقْبِضُهُ الْمُسْلِمُ مَوْصُوفُ الصِّفَةِ لَا الصِّفَةُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قَبُولُ مِثْلِهِ لَكَانَ أَصْرَحَ فِي الرَّدِّ أَيْ قَبُولِ الْمُمَاثِلِ لَهُ صِفَةً وَقَدْرًا سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَرْدَأَ.

(قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ إلَخْ) أَيْ إذَا كَانَ الْمَدْفُوعُ أَقَلَّ أَوْ أَرْدَأَ وَقَوْلُهُ أَوْ حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك أَيْ إنْ كَانَ أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ وَكُلٌّ مِنْ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَحُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُك مَمْنُوعٌ فِي السَّلَمِ وَالْقَرْضِ لَا يَدْخُلُهُ الثَّانِي لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ وَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُقْرِضِ حَتَّى أَنَّهُ يُحَطُّ الضَّمَانُ عَنْ الْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِ مَحَلِّهِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَيْ لِلْمُسْلِمِ قَبُولُهُ قَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ الْجَوَازُ قَبْلَ مَحَلِّهِ بِشَرْطِ الْحُلُولِ فِيهِمَا وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ الْجَوَازُ قَبْلَ مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَهَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ وَالْمُصَنِّفُ فَصَلَ بَيْنَ الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ وَانْظُرْ مَا مُسْتَنَدُهُ فِي ذَلِكَ وَلَوْ جَرَى عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إنْ حَلَّ أَوْ عَلَى مَا لِسَحْنُونٍ لَقَالَ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَقَوْلُهُ وَفِي الْعَرْضِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ثِيَابًا أَوْ جَوَاهِرَ أَوْ لَآلِئَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ لِلْعَرْضِ كُلْفَةٌ فِي نَقْلِهِ لِمَحَلِّهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ الْقَضَاءِ قَبْلَ الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ إلَخْ) عِلَّةً لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِأَنَّ مَنْ عَجَّلَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِسُقُوطِ الضَّمَانِ) أَيْ عَنْهُ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ فِيهِ بَيْعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ عِوَضٌ عَنْ الطَّعَامِ الَّذِي لَمْ يَجِبْ الْآنَ وَإِنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَقَدْ بَاعَ الْمُسْلِمُ الطَّعَامَ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِهِ بِهَذَا الْمَأْخُوذِ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ) أَيْ جَوَازِ الْقَبُولِ قَبْلَ الْمَحَلِّ فِي الْعَرْضِ وَالطَّعَامِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ

ص: 219

(وَلَزِمَ) الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبُولًا لِلْمُسْلِمِ وَدَفْعًا مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ إنْ أَيْسَرَ (بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَالْمَحَلِّ أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِمَا (كَقَاضٍ) أَيْ حَاكِمٍ يَلْزَمُهُ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ (إنْ غَابَ) الْمُسْلِمُ وَلَا وَكِيلَ لَهُ حَاضِرٌ لِأَنَّ الْقَاضِيَ وَكِيلُ الْغَائِبِ (وَجَازَ) بَعْدَهُمَا أَيْضًا (أَجْوَدُ) أَيْ قَبُولُهُ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ (وَأَرْدَأُ) لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ (لَا) يَجُوزُ (أَقَلُّ) عَدَدًا أَوْ كَيْلًا أَيْ مَعَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فِي طَعَامٍ أَوْ نَقْدٍ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ مِنْ صِنْفِهِ غَيْرِ مُمَاثِلٍ (إلَّا) أَنْ يَأْخُذَ الْأَقَلَّ قَدْرًا (عَنْ مِثْلِهِ) صِفَةً (وَيُبْرِئُ) الْمُسْلِمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ (مِمَّا زَادَ) لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ لَا مُكَايَسَةَ وَأَمَّا غَيْرُ الطَّعَامِ وَالنَّقْدِ فَيَجُوزُ قَبُولُ الْأَقَلِّ مُطْلَقًا أَبْرَأَ أَوْ لَمْ يُبْرِئْ كَنِصْفِ قِنْطَارٍ مِنْ نُحَاسٍ عَنْ قِنْطَارٍ مِنْهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَدْخُلَا عَلَى ذَلِكَ

(وَلَا) يَجُوزُ (دَقِيقٌ) أَيْ أَخْذُهُ (عَنْ قَمْحٍ) مُسْلَمٍ فِيهِ (وَ) لَا (عَكْسُهُ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطَّحْنَ نَاقِلٌ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا فَصَارَ كَجِنْسَيْنِ فَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى قَضَاءِ السَّلَمِ بِجِنْسِهِ شَرَعَ فِي قَضَائِهِ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَ) جَازَ قَضَاؤُهُ وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ (بِغَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِنْهَا ثَلَاثَةً، أَوَّلُهَا قَوْلُهُ (إنْ جَازَ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) كَسَلَمِ ثَوْبٍ فِي حَيَوَانٍ فَأَخَذَ عَنْهُ دَرَاهِمَ إذْ يَجُوزُ بَيْعُ الْحَيَوَانِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَثَانِيهَا قَوْلُهُ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْمَأْخُوذِ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً) كَدَرَاهِمَ فِي ثَوْبٍ أُخِذَ عَنْهُ طَشْتٌ نُحَاسٌ إذْ يَجُوزُ بَيْعُ الطَّشْتِ بِالثَّوْبِ يَدًا بِيَدٍ وَلَوْ قَالَ بِالْمَأْخُوذِ لِيَكُونَ ضَمِيرُ بَيْعِهِ عَائِدًا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ لَسَلِمَ مِنْ تَشْتِيتِ الضَّمِيرِ، وَالثَّالِثُ قَوْلُهُ (وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَأْخُوذِ (رَأْسُ الْمَالِ) كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ إذْ يَجُوزُ سَلَمُ الدَّرَاهِمِ فِي طَشْتٍ نُحَاسٍ، وَالرَّابِعُ أَنْ يُعَجِّلَ الْمَأْخُوذَ لِيَسْلَمَ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، ثُمَّ بَيَّنَ مُحْتَرَزَ كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ فَقَالَ فِي مُحْتَرَزِ الْأَوَّلِ (لَا طَعَامٍ) أُسْلِمَ فِيهِ فَلَا يَقْضِي عَنْهُ غَيْرُهُ مِنْ نَقْدٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَفُولٍ عَنْ قَمْحٍ لِلنَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَفِي مُحْتَرَزِ الثَّانِي (وَ) لَا (لَحْمٍ) غَيْرِ مَطْبُوخٍ أَيْ أَخَذَهُ (بِحَيَوَانٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بَيَانُ الْأَوَّلِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمْتُك عَشَرَةَ مَحَابِيبَ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبِ قَمْحٍ أَوْ فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ آخُذُهَا مِنْك فِي رَشِيدٍ فَدَفَعْتهَا إلَيَّ فِي بُولَاقَ وَأَعْطَيْتنِي أُجْرَةَ الْحِمْلِ دِينَارًا صِرْتُ كَأَنِّي اشْتَرَيْتُ مِنْك تِسْعَةَ أَرَادِبَ أَوْ تِسْعَةَ أَثْوَابٍ بِتِسْعَةِ دَنَانِيرَ وَالْعَاشِرُ كَأَنَّهُ سَلَفٌ رُدَّ إلَيَّ الْآنَ وَالْإِرْدَبُّ أَوْ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ عَادَ عَلَيَّ نَفْعًا لِأَجْلِ سَلَفِي الدِّينَارَ، وَبَيَانُ الثَّانِي أَنَّ التِّسْعَةَ دَنَانِيرَ الْوَاقِعَةَ فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ أَرَادِبَ أَوْ الْعَشَرَةِ أَثْوَابَ بَيْعٌ وَمَا وَقَعَ مِنْ الْكِرَاءِ فِي مُقَابَلَةِ الدِّينَارِ الْعَاشِرِ سَلَفٌ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا) أَيْ لَزِمَ الْمُسْلَمَ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ حَيْثُ حَلَّ الْأَجَلُ وَكَانَ الْمُسْلِمُ وَالْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي بَلَدِ الشَّرْطِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ الدَّفْعُ إذَا طُلِبَ مِنْهُ وَكَانَ مَلِيًّا فَقَوْلُهُ بَعْدَهُمَا أَيْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَجَلِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ لِلْمَحَلِّ فَبَعْدِيَّةُ الْمَحَلِّ بَعْدِيَّةُ وُصُولٍ وَبَعْدِيَّةُ الْأَجَلِ بَعْدِيَّةُ انْقِضَاءٍ.

{تَنْبِيهٌ} إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قَبُولُ الْمُسْلَمِ فِيهِ بَعْدَهُمَا إذَا أَتَاهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِجَمِيعِهِ فَإِنْ أَتَاهُ بِبَعْضِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ قَبُولُهُ حَيْثُ كَانَ الْمَدِينُ مُوسِرًا وَأَمَّا الْقَرْضُ فَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا نَصُّهُ وَفِي جَبْرِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ عَلَى قَبْضِ بَعْضِهِ وَقَبُولِ امْتِنَاعِهِ حَتَّى يَقْبِضَ جَمِيعَهُ وَالْمَدِينُ مُوسِرٌ نَقْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ مَعَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ الْقَرْضَ بَابُهُ الْمَعْرُوفُ وَالْمُسَامَحَةُ (قَوْلُهُ كَقَاضٍ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْقَبُولِ أَيْ إذْ غَابَ الْمُسْلِمُ عَنْ مَوْضِعِ الْقَبْضِ وَلَا وَكِيلَ لَهُ وَأَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْقَاضِي بِالشَّيْءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ) أَيْ وَجَازَ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَالْمَحَلِّ قَبُولُ أَجْوَدَ مِمَّا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَبُولُ أَرْدَأِ مِمَّا فِيهَا وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُهُ كَمَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ هَارُونَ وَالتَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُسْلَمَ إلَيْهِ إذَا دَفَعَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّفْضِيلِ لَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ الْقَبُولُ وَإِنْ دَفَعَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ مَشَقَّةَ تَعْوِيضِهِ بِمِثْلِ مَا اُشْتُرِطَ لَزِمَ قَبُولُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ) أَيْ حُسْنُ دَفْعٍ مِنْ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ حُسْنُ اقْتِضَاءٍ أَيْ قَبْضٍ مِنْ الْمُسْلِمِ.

(قَوْلُهُ أَيْ مَعَ الْجَوْدَةِ) أَيْ مَعَ الِاتِّفَاقِ فِي الْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ وَإِلَّا فَأَخْذُ الْأَقَلِّ عَنْ الْأَكْثَرِ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا كَانَ بِصِفَةِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ أَرْدَأَ مَا عَدَا صُورَةَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ اللَّبَّادِ وَمَشَى عَلَيْهِ عبق وخش وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ التُّهْمَةَ فِي الْأَقَلِّ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ اخْتِلَافِ الصِّفَةِ فَمَتَى كَانَ الْأَقَلُّ بِصِفَةٍ مَا فِي الذِّمَّةِ جَازَ أَبْرَأَهُ مِمَّا زَادَ أَمْ لَا وَالتَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا أَقَلَّ إلَّا عَنْ مِثْلِهِ فِيمَا إذَا كَانَ الْأَقَلُّ بِغَيْرِ الصِّفَةِ بِأَنْ كَانَ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ مِمَّا فِي الذِّمَّةِ قَالَ طفي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ وَأَمَّا غَيْرُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي طَعَامٍ أَوْ نَقْدٍ

(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ دَقِيقٌ) أَيْ أَخْذُهُ عَنْ قَمْحٍ مُسْلَمٍ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيَجُوزُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ بِتَحَرِّي مَا فِي الدَّقِيقِ مِنْ الْقَمْحِ وَمَا فِي الْقَمْحِ مِنْ الدَّقِيقِ (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا) أَيْ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ

(قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ) أَيْ وَجَوَازُ الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ مَشْرُوطٌ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَضَاءُ بِغَيْرِ الْجِنْسِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَا لَحْمٍ)

ص: 220

أَيْ عَنْ حَيَوَانٍ مُسْلَمٍ فِيهِ وَلَا عَكْسُهُ مِنْ جِنْسِهِ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِهِ مُنَاجَزَةً وَهَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَامٌّ فِي بَيْعِهِ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرِهِ وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْقَضَاءِ بِغَيْرِ الْجِنْسِ وَبَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ جَائِزٌ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُحْتَرَزَ الثَّانِي.

وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ مَا يَجُوزُ سَلَمُهُ فِي غَيْرِهِ كَبَقَرٍ فِي غَنَمٍ وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ جَوَازُ أَخْذِ لَحْمِ أَحَدِهِمَا عَنْ نَفْسِ الْآخَرِ لِاخْتِلَافِ الْجِنْسِ هُنَا فَبَيَّنَ الْمَنْعَ لِلنَّهْيِ الْخَاصِّ عَنْ بَيْعِ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَفِي مُحْتَرَزِ الثَّالِثِ (وَ) لَا (ذَهَبٍ) عَنْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ (وَرَأْسُ الْمَالِ) الْمَدْفُوعِ فِيهِ (وَرِقٌ وَ) لَا (عَكْسُهُ) أَيْ أَخْذُ وَرِقٍ عَنْ عَرْضٍ رَأْسُ مَالِهِ ذَهَبٌ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا بَاعَ الْعَرْضَ لِغَرِيمِهِ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا يُرَاعَى رَأْسُ الْمَالِ فَيَجُوزُ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا كَمَا أَشَرْنَا لَهُ

(وَ) إنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ (جَازَ) لِلْمُسْلِمِ (بَعْدَ) حُلُولِ (أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ) عَلَى رَأْسِ الْمَالِ (لِيَزِيدَهُ) الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الثَّوْبِ الْمَوْصُوفِ (طُولًا) أَوْ عَرْضًا أَوْ صَفَاقَةً وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ أَوْ أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الثَّوْبِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَتَعْيِينِهِ بِأَنْ يَقُولَ مِنْ هَذِهِ الشُّقَّةِ أَوْ هَذِهِ الشُّقَّةَ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُنِعَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ حَالٌّ وَكَذَا إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ إنْ كَانَ مِنْ صِنْفِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ قَوْلَهُ (كَقَبْلِهِ) أَيْ الْأَجَلِ أَيْ زَادَ الْمُسْلِمُ دَرَاهِمَ قَبْلَ الْأَجَلِ لِيَزِيدَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ طُولًا عَلَى طُولِهِ (إنْ عَجَّلَ) الْمُسْلِمُ (دَرَاهِمَهُ) الْمَزِيدَةَ وَلَوْ حُكْمًا كَتَأْخِيرِهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ لَحْمٍ.

(قَوْلُهُ أَيْ عَنْ حَيَوَانٍ مُسْلَمٍ فِيهِ) فَإِذَا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا فِي حَيَوَانٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ لَحْمًا مِنْ جِنْسِهِ أَوْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَدَلَهُ حَيَوَانًا مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَلَا عَكْسُهُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ حَيَوَانٌ عَنْ لَحْمٍ مُسْلَمٍ فِيهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَيَوَانُ الْمَأْخُوذُ مِنْ جِنْسِ اللَّحْمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ يَجُوزُ وَفِي بْن أَنَّ صُورَةَ الْعَكْسِ لَا يَتَقَيَّدُ الْمَنْعُ فِيهَا بِالْجِنْسِ بَلْ تُمْنَعُ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَذَا خَارِجٌ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ اللَّحْمَ طَعَامٌ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ جَائِزٌ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ الطَّيْرِ وَحَيَوَانَاتِ الْمَاءِ بِلَحْمِ ذَوَاتِ الْأَرْبَعِ مِنْ الْأَنْعَامِ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ لَا لَحْمٍ عَنْ حَيَوَانٍ مِنْ جِنْسِهِ أَيْ جِنْسُهُ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جِنْسِهِ هُنَا فِي بَابِ السَّلَمِ فَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَجِنْسَانِ فِي السَّلَمِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ وَمَعَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَخْذُ لَحْمِ أَحَدِهِمَا قَضَاءً عَنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ مَا تَقَدَّمَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ) أَيْ مِنْ أَنَّ ذَوَاتَ الْأَرْبَعِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالطَّيْرَ كُلَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَدَوَابَّ الْمَاءِ جِنْسٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْجِنْسُ فِي بَابِ السَّلَمِ وَهُوَ مَا كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ مُتَّحِدَةً وَهُوَ مَا يُسْلَمُ فِي غَيْرِهِ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِمَا (قَوْلُهُ وَلَا ذَهَبٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عِوَضًا عَنْ عَرْضٍ.

(قَوْلُهُ وَرَأْسُ الْمَالِ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ الْمَدْفُوعُ فِيهِ أَيْ فِي الْعَرْضِ أَوْ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا بَاعَ الْعَرْضَ لِغَرِيمِهِ) أَيْ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الْعَرْضُ

(قَوْلُهُ الزِّيَادَةُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ عَجَّلَهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَعْجِيلُ الزِّيَادَةِ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ إلَّا فِيمَا بَعْدَ الْكَافِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضًا إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِلطُّولِ حَيْثُ كَانَتْ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ الْعَرْضُ وَالصَّفَاقَةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ) أَيْ كَوْنُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ يَزِيدُهُ طُولًا أَوْ عَرْضًا (قَوْلُهُ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ثَوْبًا أَطْوَلَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الثَّوْبُ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِنْ صِنْفِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ أَوْ لَا أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَزِيدُهُ طُولًا يُوصَلُ بِالطُّولِ الْأَوَّلِ لِلُزُومِ تَأْخِيرِ قَبْضِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ الثَّوْبِ) أَيْ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ لِلْمُسْلِمِ مُشْتَمِلَةٌ عَلَى زِيَادَةِ الطُّولِ أَوْ الْعَرْضِ أَوْ الصَّفَاقَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ وَأُخِذَ مُقَطَّعًا أَزْيَدَ مِنْ الْأَوَّلِ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ أَوْ أَصْفَقَ مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ سَلَمٌ حَالٌّ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعَيَّنْ كَانَتْ فِي الذِّمَّةِ فَيُؤَدِّي لِلسَّلَمِ الْحَالِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ لَمْ يُعَجِّلْ) أَيْ وَكَذَا يُمْنَعُ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ الثَّوْبَ الْمَأْخُوذَ الْمُشْتَمِلَ عَلَى الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ) أَيْ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مَبِيعَةٌ بِالدَّرَاهِمِ وَتَأْخِيرُ مَا فِي الذِّمَّةِ سَلَفٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ الثَّوْبُ الَّتِي يَدْفَعُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفُسِخَ دَيْنٌ) أَيْ وَهُوَ الثَّوْبُ الْمُسْلَمُ فِيهِ وَقَوْلُهُ فِي دَيْنٍ أَيْ وَهُوَ الثَّوْبُ الْأَطْوَلُ أَوْ الْأَعْرَضُ الَّذِي يَأْخُذُهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ كَقَبْلِهِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ الْأَجَلِ زِيَادَةً عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِيَزِيدَهُ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ يُعَجِّلَ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ الْمَزِيدَةَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ، الثَّانِي أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ الَّتِي يَزِيدُهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الطُّولِ فَقَطْ لَا فِي الْعَرْضِ وَالصَّفَاقَةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ عَلَيْهِ فَسْخُ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ عَنْ الصَّفْقَةِ الْأُولَى إلَى غَيْرِهَا بِخِلَافِ زِيَادَةِ الطُّولِ فَإِنَّهَا لَمْ تُخْرِجْهُ عَنْ الصَّفْقَةِ الْأُولَى وَإِنَّمَا تِلْكَ الزِّيَادَةُ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ أَوَّلًا قَدْ بَقِيَتْ عَلَى حَالِهَا وَاَلَّذِي اسْتَأْنَفُوهُ صَفْقَةٌ أُخْرَى، الثَّالِثُ أَنْ يَبْقَى مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَى الزِّيَادَةِ مِقْدَارُ أَجَلِ السَّلَمِ فَأَكْثَرَ لِأَنَّ الثَّانِي سَلَمٌ حَقِيقِيٌّ، الرَّابِعُ أَنْ لَا يَتَأَخَّرَ الْأَوَّلُ عَنْ أَجَلِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ،

ص: 221