المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) الَّذِي - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) الَّذِي

وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ (أَوْ) يَرْجِعُ (بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) الَّذِي بِيعَ بِهِ فِي الدَّيْنِ قَوْلَانِ (نَقَلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَيْهِمَا) وَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ الْفَاضِلُ عَنْ الْقِيمَةِ وَوَفَاءُ الدَّيْنِ لِلْمُسْتَعِيرِ (وَضَمِنَ) الْمُسْتَعِيرُ (إنْ خَالَفَ) وَرَهَنَ فِي غَيْرِ مَا اسْتَعَارَ لَهُ لِتَعَدِّيهِ كَدَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ أَوْ عَكْسِهِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ أَوْ قَامَتْ عَلَى تَلَفِهِ بَيِّنَةٌ، وَلِلْمُعِيرِ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَاخْتُلِفَ هَلْ هُوَ خِلَافٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الصَّوَابُ أَوْ وِفَاقٌ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ) يَضْمَنُ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى التَّعَدِّي أَوْ خَالَفَ حَلَفَ الْمُعِيرُ أَمْ لَا نَظَرًا لِتَعَدِّيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا (أَوْ) مَحَلُّ الضَّمَانِ (إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ) عَلَى نَفْسِهِ (لِمُعِيرِهِ) بِالتَّعَدِّي (وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ خَالَفَهُمَا فِي التَّعَدِّي وَقَالَ لِلْمُعِيرِ إنَّمَا أَعَرْتُهُ لِيَرْهَنَهُ فِي عَيْنِ مَا رَهَنَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ (وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) عَلَى تَعَدِّي الْمُسْتَعِيرِ، فَإِنْ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَوْ حَلَفَ الْمُعِيرُ عَلَيْهَا فَلَا ضَمَانَ وَيَكُونُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ أَيْ قَدْرِهَا مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ فَقَوْلُ أَشْهَبَ حِينَئِذٍ وِفَاقٌ (تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَافَقَ الْمُسْتَعِيرُ الْمُعِيرَ عَلَى أَنَّ الْإِعَارَةَ إنَّمَا وَقَعَتْ عَلَى أَنْ يَرْهَنَ الْمُعَارَ فِي قَدْرٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ إذْ لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعِيرُ وَالْمُسْتَعِيرُ لَكَانَ الْقَوْلُ لِلْمُعِيرِ بِيَمِينِهِ وَيَضْمَنُ الْمُسْتَعِيرُ لَهُ قِيمَةَ سِلْعَتِهِ وَارْتَفَعَ الْخِلَافُ.

دَرْسٌ (وَبَطَلَ) الرَّهْنُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ كَمَا فِي المج.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ يَوْمَ الرَّهْنِ) تَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَ يَوْمُ الرَّهْنِ مُتَأَخِّرًا عَنْ يَوْمِ الِاسْتِعَارَةِ وَكَانَتْ الْقِيمَةُ يَوْمَ الرَّهْنِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ يَوْمَ الِاسْتِعَارَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِمَا أَدَّى) أَيْ أَوْ بِمَا أَدَّاهُ الْمُسْتَعِيرُ فِي دَيْنِهِ مِنْ ثَمَنِ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ وَأَوْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ لَا لِلشَّكِّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ نُقِلَتْ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ نُقِلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِمَا) أَيْ رُوِيَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فَرَوَاهَا يَحْيَى بْنُ عُمَرَ يُتْبِعُهُ بِقِيمَتِهِ، وَرَوَاهَا غَيْرُهُ وَيُتْبِعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ وَلَمَّا اخْتَصَرَهَا الْبَرَاذِعِيُّ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَمَّا اخْتَصَرَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ اقْتَصَرَ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ الرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ رُجُوعُ صَاحِبِهِ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَةُ الشَّيْءِ الْمُسْتَعَارِ خَمْسِينَ وَبَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِمِائَةٍ وَفَّى بِهَا دَيْنَهُ يَرْجِعُ صَاحِبُهُ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ بِخَمْسِينَ وَالْخَمْسُونَ الْأُخْرَى تَكُونُ لِلْمُسْتَعِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَسْلَفَهُ نَفْسَ السِّلْعَةِ وَهِيَ حِينَئِذٍ إنَّمَا بِيعَتْ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ الْمُسْتَعِيرِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ بِتَمَامِهَا وَلَوْ كَانَتْ الْقِيمَةُ مِائَةً وَبَاعَهُ الْمُسْتَعِيرُ بِخَمْسِينَ فَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ كَدَرَاهِمَ) أَيْ كَاسْتِعَارَتِهِ لِرَهْنِهِ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ.

(قَوْلُهُ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ) أَيْ أَنَّ لِلْمُعِيرِ تَضْمِينَهُ قِيمَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَتْلَفْ لِتَعَدِّيهِ وَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ كَذَا قَالَ عبق وَنَحْوُهُ لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وعج وَابْنِ عَاشِرٍ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى هَذَا الْكَلَامِ لَا يَصِحُّ تَأْوِيلُ الْوِفَاقِ؛ لِأَنَّ أَشْهَبَ لَا يَقُولُ بِهَذَا التَّخْيِيرِ وَأَيْضًا يَكُونُ الْمُعِيرُ إذَا نَكَلَ يُخَيَّرُ فَلَهُ أَخْذُ شَيْئِهِ وَإِذَا حَلَفَ لَزِمَهُ إبْقَاؤُهُ فِي الدَّرَاهِمِ فَيَكُونُ النُّكُولُ أَنْفَعَ لَهُ مِنْ الْحَلِفِ وَهَذَا عَكْسُ الْقَوَاعِدِ فَالصَّوَابُ كَمَا أَفَادَهُ ح وَالْمَوَّاقُ وخش وَغَيْرُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ضَمَانَ الْعَدَاءِ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَيْثُ إذَا هَلَكَ أَوْ سُرِقَ أَوْ ضَاعَ يَضْمَنُهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ بِالتَّعَدِّي كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا كَانَ قَائِمًا فَلَا سَبِيلَ إلَى تَضْمِينِهِ بَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ وَتَبْطُلُ الْعَارِيَّةُ مِثْلَ مَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ بِالِاسْتِيلَاءِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا اهـ بْن إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ قَامَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ سَوَاءٌ وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ الْمُعِيرَ وَالْمُسْتَعِيرَ عَلَى التَّعَدِّي، وَقَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ أَيْ أَوْ خَالَفَهُمَا بِأَنْ قَالَ لِلْمُعِيرِ إنَّمَا أَعَرْتُهُ لِيَرْهَنَ فِي عَيْنِ مَا رَهَنَ فِيهِ وَلَمْ يَتَعَدَّ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهَا) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ خِلَافًا فَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ إنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ مُطْلَقًا وَأَشْهَبُ يَقُولُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَهَذَا تَأْوِيلُ أَبِي مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي) أَيْ وَوَافَقَهُ الْمُعِيرُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ) أَيْ وَنَكَلَ الْمُعِيرُ عَنْ الْيَمِينِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ التَّعَدِّي (قَوْلُهُ فَقَوْلُ أَشْهَبَ حِينَئِذٍ وِفَاقٌ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ لَا يَضْمَنُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي قَدْرِ الدَّرَاهِمِ مِنْ قِيمَةِ الطَّعَامِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَافَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ أَوْ خَالَفَهُمَا وَحَلَفَ الْمُعِيرُ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَضْمَنُ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ بِالتَّعَدِّي وَخَالَفَهُمَا الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَحْمُولٌ عَلَى حَالَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ، وَقَدْ صَوَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ التَّأْوِيلَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ مَحَلُّهُمَا حَيْثُ وَافَقَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ مَحَلُّ الضَّمَانِ حَيْثُ أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِمُعِيرِهِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّوْفِيقِ إذْ هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ وَمَصَبُّ التَّوْفِيقِ عَلَى الْحَالِ بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ خَالَفَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَتَأَمَّلْ. .

[مُبْطِلَات الرَّهْن]

(قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِشَرْطٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْبَيْعِ الْمُصَاحِبِ لِشَرْطٍ مُنَاقِضٍ لِمُقْتَضَاهُ فَإِنَّهُ يَصِحُّ إذَا أَسْقَطَ الشَّرْطَ، أَنَّ قَبْضَ الرَّهْنِ

ص: 239

بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ (بِشَرْطٍ) أَيْ بِسَبَبِ اشْتِرَاطِ شَرْطٍ (مُنَافٍ) لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ (كَأَنْ) يَشْتَرِطَ الرَّاهِنُ أَنْ (لَا يُقْبَضَ) مِنْ يَدِهِ أَوْ لَا يُبَاعَ فِي الدَّيْنِ عِنْدَ الْأَجَلِ حَيْثُ اُحْتِيجَ إلَيْهِ (بِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ الرَّهْنَ (فِي بَيْعٍ) أَوْ قَرْضٍ (فَاسِدٍ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ) أَيْ لُزُومَ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ فَدَفَعَهُ لِرَبِّ الدَّيْنِ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَظُنَّ اللُّزُومَ فَيُرَدُّ لِلرَّاهِنِ، وَلَا مَفْهُومَ لِاشْتِرَاطِهِ فَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فَدَفَعَهُ وَفَاتَ الْمَبِيعُ كَانَ رَهْنًا فِي قِيمَتِهِ (وَ) مَنْ جَنَى خَطَأً جِنَايَةً تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ وَظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ بِانْفِرَادِهِ فَأَعْطَى بِهَا رَهْنًا، ثُمَّ عَلِمَ أَنَّ جَمِيعَهَا لَا يَلْزَمُهُ (حَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ) لَهُ بِانْفِرَادِهِ وَمَا عَلِمَ عَدَمَ اللُّزُومِ، وَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ) فِي رَهْنِهِ رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ أَيْ وَرَجَعَ الرَّهْنُ جُمْلَةً فِي الْأُولَى، وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ أَوْ مِنْ جِهَةٍ إلَى أُخْرَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَبَيْعَهُ إذَا اُحْتِيجَ لَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا مَأْخُوذٌ جُزْءًا مِنْ حَقِيقَةِ الرَّهْنِ وَالْأَمْرُ الْمُنَاقِضُ لَهُمَا مُنَاقِضٌ لِلْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا شَرْطُ عَدَمِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَبِيعِ فَهُوَ مُنَاقِضٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْبَيْعِ لَا لِنَفْسِ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالْبُطْلَانِ الرَّهْنُ بِمَعْنَى الْعَقْدِ لَا بِمَعْنَى الِارْتِهَانِ وَلَا بِمَعْنَى الْمَدْفُوعِ لِلتَّوَثُّقِ فِي حَقِّ الصَّالِحِ لَأَنْ يُبَاعَ (قَوْلُهُ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ) أَيْ لِمَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الرَّهْنِ مِنْ الْأَحْكَامِ فَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّ الرَّهْنَ يُقْبَضُ مِنْ الرَّاهِنِ وَأَنَّهُ يُبَاعُ إذَا لَمْ يُوَفِّ الرَّاهِنُ الدَّيْنَ فَإِذَا شَرَطَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ لَا يُقْبَضُ مِنْهُ أَوْ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ كَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ مُنَاقِضًا لِمَا يَقْتَضِيهِ عَقْدُ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ) أَيْ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ كَالْوَاقِعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ أَوْ لَأَجَلٍ مَجْهُولٍ وَالْقَرْضُ الْفَاسِدُ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ عَفِنًا فِي جَيِّدٍ إذَا شُرِطَ فِيهِ رَهْنٌ فَدَفَعَهُ الْمُشْتَرِي أَوْ الْمُقْتَرِضُ ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَظُنَّ اللُّزُومَ بِأَنْ دَفَعَهُ جَازِمًا بِلُزُومِ الْوَفَاءِ بِالشَّرْطِ أَوْ شَاكًّا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَكُونُ فَاسِدًا وَيَسْتَرِدُّهُ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا فَدَفَعَهُ لِصَاحِبِهِ، ثُمَّ تَبَيَّنَّ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ مِمَّنْ أَخَذَهُ مِنْهُ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ لِفَسَادِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا إنْ فَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِيمَا يَلْزَمُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَدَفَعَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ رَهْنًا عَلَى الثَّمَنِ ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، أَوْ دَفَعَهُ الْمُقْتَرِضُ لِلْمُقْرِضِ ظَانًّا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ فَيُرَدُّ لِلرَّاهِنِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا فِي عِوَضِ الْمَبِيعِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَالْمَبْنِيُّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ بُطْلَانِ الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ إذَا دَفَعَهُ الْمَدِينُ ظَانًّا لُزُومَهُ وَأَنَّهُ يُرَدُّ لِرَبِّهِ فَاتَ الْمَبِيعُ أَمْ لَا طَرِيقَةٌ لِابْنِ شَاسٍ وَهِيَ خِلَافُ الْمُعْتَمَدِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ يَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِيمَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ، وَقَدْ تَمَحَّلَ الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي فَجَعَلَ الْمُصَنِّفَ مَاشِيًا عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ.

(قَوْلُهُ وَلَا مَفْهُومَ لِاشْتِرَاطِهِ) أَيْ بَلْ الْمُتَطَوَّعُ بِهِ كَذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ ظُنَّ فِيهِ اللُّزُومَ أَوْ لَا بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهِ أَوْلَى بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ فِي الْمُشْتَرَطِ الْعَمَلُ بِالشَّرْطِ بِخِلَافِ الْمُتَطَوَّعِ بِهِ فَإِنَّ الْبُطْلَانَ فِيهِ بَدِيهِيٌّ كَذَا فِي عبق وَبَحَثَ فِيهِ بْن بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْمُتَطَوَّعَ بِهِ كَالْمُشْتَرَطِ فَإِنَّ ابْنَ يُونُسَ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُشْتَرَطِ وَالْمُتَطَوَّعِ بِهِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِفَسَادِ الْبَيْعِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الرَّهْنُ وَدَفَعَهُ فَإِنَّهُ يُرَدُّ أَيْضًا لِرَبِّهِ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ كَانَ رَهْنًا فِي الْقِيمَةِ وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ حَتَّى عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ كَانَ رَهْنًا فِي الْجَمِيعِ، وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ فِي رَهْنِهِ رَاجِعٌ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ وَرَجَعَ أَيْ الرَّهْنُ رَاجِعٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ رَجَعَ فِي رَهْنِهِ أَنَّ الْمَعْنَى وَرَجَعَ الرَّاهِنُ فِي رَهْنِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ مِنْ الضَّعِيفِ وَلَا يَظْهَرُ فِي الثَّالِثَةِ بِخِلَافِ قَوْلِنَا وَرَجَعَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ صَادِقٌ بِرُجُوعِهِ بِتَمَامِهِ لِرَبِّهِ وَبِرُجُوعِهِ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةٍ أُخْرَى فَيَظْهَرُ رُجُوعُهُ لِلْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ أَيْ وَرَجَعَ الرَّهْنُ) أَيْ لِرَاهِنِهِ، وَقَوْلُهُ وَجُمْلَةً أَيْ بِتَمَامِهِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَهِيَ قَوْلُهُ وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ كَأَنْ لَا يَقْبِضَ (قَوْلُهُ وَكَذَا فِي الثَّانِيَةِ مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ قَوْلُهُ وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الرَّهْنَ فِيهَا يَرْجِعُ جُمْلَةً لِلرَّاهِنِ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا، وَأَمَّا إنْ فَاتَ فَإِنَّ الرَّهْنَ يَرْجِعُ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةِ هَذَا بِنَاءٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ

ص: 240

كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ الثَّمَنِ إلَى مَا لَزِمَ مَعَ الْفَوَاتِ وَفِي الْمُخْطِئِ الرَّاهِنِ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ إلَى حِصَّتِهِ فَقَطْ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ لُزُومَهَا لِلْعَاقِلَةِ فَرَهَنَ فَإِنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا فِي جَمِيعِ الدِّيَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (أَوْ) بِاشْتِرَاطِهِ (فِي قَرْضٍ) جَدِيدٍ اقْتَرَضَهُ مَدِينُهُ فَطَلَبَ مِنْهُ رَهْنًا يَكُونُ فِي الْجَدِيدِ (مَعَ دَيْنٍ قَدِيمٍ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَهُوَ تَوَثُّقُهُ فِي الْقَدِيمِ بِالرَّهْنِ (وَصَحَّ) الرَّهْنُ (فِي الْجَدِيدِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِهِ فِي الْجَدِيدِ فَقَطْ وَيُحَاصِصُ بِالْقَدِيمِ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ بِهِ عِنْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلرَّاهِنِ لَا الصِّحَّةُ الْمُقَابِلَةُ لِلْفَسَادِ إذْ هُوَ فَاسِدٌ فَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ الْمَانِعِ فَقَدْ تَجَوَّزَ بِإِطْلَاقِ الصِّحَّةِ عَلَى الِاخْتِصَاصِ.

(وَ) بَطَلَ (بِمَوْتِ رَاهِنِهِ أَوْ فَلَسِهِ) وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ لَا بِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ فَقَطْ، وَكَذَا يَبْطُلُ بِمَرَضِهِ أَوْ بِجُنُونِهِ الْمُتَّصِلَيْنِ بِمَوْتِهِ (قَبْلَ حَوْزِهِ) أَيْ قَبْضِهِ (وَلَوْ جَدَّ فِيهِ) أَيْ فِي حَوْزِهِ فَلَا يُفِيدُهُ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَإِنَّ الْجَدَّ فِي حَوْزِهِمَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الرَّهْنِ (وَ) بَطَلَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ (فِي وَطْءٍ) لِأَمَةٍ مَرْهُونَةٍ (أَوْ) فِي (إسْكَانٍ) لِدَارٍ مَرْهُونَةٍ (أَوْ إجَارَةٍ) لِذَاتٍ مَرْهُونَةٍ (وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ) أَوْ يُؤَاجِرْ أَوْ يَطَأْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْقَوْلِ الضَّعِيفِ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ يَرْجِعُ الرَّهْنُ جُمْلَةً وَلَا يَرْجِعُ مِنْ جِهَةٍ لِجِهَةٍ أَصْلًا كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا أَوْ فَاتَ (قَوْلُهُ كَمَا يَرْجِعُ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ مِنْ حِصَّةِ الْعَاقِلَةِ) الْأَوْلَى مِنْ جَمِيعِ الدِّيَةِ إلَى حِصَّتِهِ مِنْهَا فَإِذَا وَفَّى حِصَّتَهُ مِنْهَا أَخَذَ رَهْنَهُ وَلَا يَبْقَى رَهْنًا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَهَذَا إذَا خَصَّهُ شَيْءٌ مِنْهَا بِأَنْ كَانَ غَنِيًّا كَبِيرًا، فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ صَغِيرًا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ رَهْنَهُ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ ظَنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا وَظَنَّ أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ ظَنَّ اللُّزُومَ لَيْسَ مِنْ تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْهُ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ أَوْ بِاشْتِرَاطِهِ فِي قَرْضٍ جَدِيدٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسَادِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الْمَدِينُ مُعْسِرًا بِهِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ الْقَدِيمُ مُؤَجَّلًا حِينَ أَخَذَ الرَّهْنَ أَمَّا لَوْ كَانَ حَالًّا أَوْ حَلَّ أَجَلُهُ لَصَحَّ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْغَرِيمُ مَلِيئًا؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ لَمَّا كَانَ قَادِرًا عَلَى أَخْذِ دَيْنِهِ كَانَ تَأْخِيرُهُ كَابْتِدَاءِ سَلَفٍ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْغَرِيمُ عَدِيمًا وَكَانَ الرَّهْنُ لَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْمَلِيءِ اُنْظُرْ بْن.

(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ فِي قَرْضٍ مَفْهُومُهُ لَوْ كَانَ فِي بَيْعٍ جَدِيدٍ لَصَحَّ فِي الْبَيْعِ الْقَدِيمِ وَالْجَدِيدِ كَذَا فِي عبق وَنَحْوُهُ قَوْلُ ح وَانْظُرْ لَوْ كَانَ الثَّانِي غَيْرَ قَرْضٍ بَلْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ وَشَرَطَ أَنَّ الْأَوَّلَ دَاخِلٌ فِي رَهْنِ الثَّانِي فَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ اهـ وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْحُرْمَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَكَذَا صَرَّحَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْفَلَسِ أَنَّ دَيْنَ الْبَيْعِ مِثْلُ الْقَرْضِ فِي الْفَسَادِ اُنْظُرْ بْن وَعِلَّةُ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ حَالًّا اجْتِمَاعَ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا فَالْغَرَرُ إذْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الرَّهْنِ كَذَا فِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَانْظُرْ وَجْهَهُ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ بِالصِّحَّةِ الِاخْتِصَاصُ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ ح كَلَامُ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي صِحَّةِ الرَّهْنِ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ لِغَيْرِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَلِذَا يَجِبُ رَدُّهُ قَبْلَ الْمَانِعِ) أَيْ فَلِأَجْلِ كَوْنِهِ فَاسِدًا يَجِبُ رَدُّهُ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ) أَيْ هَذَا إذَا فُلِّسَ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ بِأَنْ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِخَلْعِ مَالِهِ لِلْغُرَمَاءِ بَعْدَ قِيَامِهِمْ عَلَيْهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَفْلِيسُهُ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ بِأَنْ قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَمَنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا بِإِحَاطَةِ إلَخْ) أَيْ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ غَيْرِ قِيَامٍ لِلْغُرَمَاءِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَبْطُلُ بِمَرَضِهِ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْحَوْزُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ وَالْجُنُونِ الْمَذْكُورَيْنِ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ فَلَا يُفِيدُهُ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يُفِيدُ وَهُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا خَرَجَا عَنْ مِلْكِهِ بِالْقَوْلِ) أَيْ فَاكْتَفَى فِي حَوْزِهِمَا بِأَدْنَى شَيْءٍ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّهْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِ رَاهِنِهِ فَلَا بُدَّ فِي حَوْزِهِ مِنْ أَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْقَبْضُ.

(قَوْلُهُ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْوَطْءِ وَمَا بَعْدَهُ قِيلَ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلْحَوْزِ فَقَطْ، وَقِيلَ إنَّهُ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَعَلَى الْأَوَّلِ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ وَقَبْلَ فَوَاتِ الرَّهْنِ بِعِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ رَدُّ الرَّهْنِ لِحَوْزِهِ بِالْقَضَاءِ عَلَى الرَّاهِنِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ لِبُطْلَانِهِ اُنْظُرْ بْن، وَقَوْلُهُ وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ لِأَمَةٍ مَرْهُونَةٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الرَّاهِنُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي الْوَطْءِ بَالِغًا أَوْ غَيْرَ بَالِغٍ لِجَوَلَانِ يَدِهِ فِي أَمَةِ الرَّهْنِ وَإِنْ كَانَ وَطْءُ غَيْرِ الْبَالِغِ لَيْسَ مُعْتَبَرًا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ أَوْ إسْكَانٍ) أَيْ أَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يُسْكِنَ غَيْرَهُ الدَّارَ الْمَرْهُونَةَ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفَ أَوْ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ أَوْ سُكْنَى أَيْ وَبِإِذْنِهِ لَهُ فِي أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ الدَّارَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا (قَوْلُهُ أَوْ إجَارَةٍ) أَيْ أَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي أَنْ يُؤَاجِرَ الذَّاتَ الْمَرْهُونَةَ أَعَمَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ عَقَارًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ عَرْضًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَبْطُلُ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ بَلْ حَتَّى يَطَأَ أَوْ يَسْكُنَ أَوْ يُؤَاجِرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ أَوْ يُؤَاجِرْ أَوْ يَطَأْ) أَيْ فَالْوَطْءُ بِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ فَأَوْلَى الْإِحْبَالُ وَذَلِكَ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ يُبْطِلُ الرَّهْنَ مِنْ أَصْلِهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ نَاجِيٍّ فِي شَرْحَيْهِمَا عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَالْإِذْنُ فِي التَّصَرُّفِ كَالتَّصَرُّفِ

ص: 241

فَلَوْ قَالَ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ أَحْسَنَ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْمَانِعِ (وَتَوَلَّاهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْإِسْكَانِ وَالْإِجَارَةِ مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ (الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنُ وَهَذَا جَوَابُ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَتَوَصَّلُ الرَّاهِنُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ حَيْثُ كَانَ الْإِذْنُ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِسْكَانِ مُبْطِلًا مَعَ أَنَّ الْمَنَافِعَ لِلرَّاهِنِ (أَوْ) بِإِذْنِهِ لِلرَّاهِنِ (فِي بَيْعٍ) لِلرَّهْنِ (وَسَلَّمَ) لَهُ الرَّهْنَ (وَإِلَّا) يُسَلِّمْهُ لَهُ (حَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ أَوْ لِيَأْتِيَ لَهُ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ بَدَلَهُ لَا لِيَكُونَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ (وَبَقِيَ الثَّمَنُ) حِينَئِذٍ رَهْنًا لِلْأَجَلِ (إنْ لَمْ يَأْتِ) الرَّاهِنُ (بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ) فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ وَفِي كَوْنِهِ يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ (كَفَوْتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ (بِجِنَايَةٍ) عَلَيْهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَمْدًا أَوْ خَطَأً (وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ) مِنْ الْجَانِي أَوْ قِيمَةُ مَا نَقَصَهُ فَالْمَأْخُوذُ يَبْقَى رَهْنًا إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ.

(وَ) بَطَلَ (بِعَارِيَّةٍ) مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ (أُطْلِقَتْ) أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رَدٌّ فِي الْأَجَلِ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ كَذَلِكَ أَوْ لَمْ يُقَيَّدْ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَهُ (وَ) إنْ لَمْ تُطْلَقْ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْإِذْنِ كَمَا فِي ح وَابْنِ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ) أَيْ وَإِذَا بَطَلَ الرَّهْنُ بِمُجَرَّدِ الْإِذْنِ فِي وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ مُجَرَّدَ الْإِذْنِ فِيمَا ذُكِرَ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ فِعْلٌ هُوَ مَا يُفِيدُ التَّوْضِيحُ أَنَّهُ الرَّاجِحُ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ وَعَلَيْهِ فَالْمُبَالَغَةُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يَسْكُنْ فِي مَحَلِّهَا، رُدَّ بِهَا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا بُدَّ فِي بُطْلَانِ الرَّهْنِ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ وَطْءٌ أَوْ إسْكَانٌ أَوْ إجَارَةٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فِي ذَلِكَ فَلَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ فِعْلٌ، وَأَمَّا مُجَرَّدُ الْإِذْنِ فَلَا يُبْطِلُ الرَّهْنَ وَعَلَى هَذَا فَالْمُبَالَغَةُ فِي الْمُصَنِّفِ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ وَوَفَّقَ أَبُو الْحَسَنِ بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ بِأَنَّ مَا لَا يُنْقَلُ يَكْفِي فِيهِ الْإِذْنُ كَالْإِجَارَةِ وَالْإِسْكَانِ وَمَا يُنْقَلُ كَالْأَمَةِ لَا بُدَّ أَنْ يَنْضَمَّ لِلْإِذْنِ فِعْلُ الْوَطْءِ وَعَلَى هَذَا التَّوْفِيقُ فَالْمُبَالَغَةُ فِي مَحَلِّهَا لَكِنْ يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِ قَوْلِهِ وَبِإِذْنٍ فِي وَطْءٍ بِقَوْلِنَا وَوَطِئَ الرَّاهِنُ بِالْفِعْلِ، وَقَدْ مَشَى فِي المج عَلَى هَذَا التَّوْفِيقِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ وَتَوَلَّاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِهِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ إجَارَتَهُ مَعَ إذْنِ الرَّاهِنِ لَهُ فَفِي ضَمَانِهِ مَا فَاتَ وَعَدَمِهِ قَوْلَانِ، فَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ قَوْلًا وَاحِدًا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنَّ كِرَاءَهُ رَهْنٌ مَعَ رَقَبَتِهِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ كِرَاؤُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ وَكَانَ هَذَا قَرِينَةً عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ مِمَّا يُمْكِنُ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَحْوُهُمَا مِمَّا يُمْكِنُ فِيهِ الِاسْتِنَابَةُ وَذَلِكَ كَالْإِعَارَةِ لِلرَّهْنِ إذَا كَانَتْ مُقَيَّدَةً بِأَجَلٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ وَخَرَجَ وَطْءُ الْأَمَةِ الْمَرْهُونَةِ.

(قَوْلُهُ إلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنَافِعِ) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي بَيْعٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي وَطْءٍ أَيْ وَبَطَلَ الرَّهْنُ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ سَلَّمَهُ لَهُ وَبَاعَهُ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ إنِّي لَمْ آذَنْ لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ قَبُولَ قَوْلِهِ فَلَوْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ وَلَمْ يَبِعْهُ فَهَلْ يَبْطُلُ الرَّهْنُ أَوْ لَا يَبْطُلُ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ إنَّمَا أَذِنَ لَهُ لِإِحْيَائِهِ قَوْلَانِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ وَلَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ أَيْ وَبَاعَهُ وَهُوَ بَاقٍ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ مَا أَذِنْت لَهُ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ لَا لِيَأْخُذَ ثَمَنَهُ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَيَبْقَى الثَّمَنُ رَهْنًا لِلْأَجَلِ إنْ لَمْ يَأْتِ الرَّاهِنُ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَسَلَّمَ لَهُ الرَّهْنَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي فَلَا يَضُرُّ كَمَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُسَلِّمْهُ لَهُ) أَيْ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ وَهُوَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ أَخَذَهُ مَنْ خَلْفَهُ وَبَاعَهُ (قَوْلُهُ حَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ بَطَلَ الرَّهْنُ وَصَارَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ لِإِحْيَائِهِ بِثَمَنِهِ) أَيْ خَوْفًا عَلَيْهِ مِنْ عَفَنٍ أَوْ أَكَلٍ أَوْ سُوسٍ أَوْ عُثَّةٍ.

(قَوْلُهُ فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ الرَّهْنِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُمَاثَلَتِهِ لِلْأَوَّلِ فِي الْقِيمَةِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ أَقَلَّ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا تَعَاقَدَا عَلَيْهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ كَفَوْتِهِ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَبَقِيَ الثَّمَنُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ بِجِنَايَةٍ عَلَيْهِ) أَيْ أَتْلَفَتْ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ وَأُخِذَتْ قِيمَتُهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَاحْتَرَزَ بِهَا عَمَّا إذَا لَمْ يُؤْخَذْ لِلْجِنَايَةِ شَيْءٌ بِأَنْ عَفَا الرَّاهِنُ عَنْ الْجَانِي فَإِنَّ الدَّيْنَ يَبْقَى بِلَا رَهْنٍ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ عَفْوَهُ يَمْضِي وَلَوْ كَانَ مُعْدَمًا فَانْظُرْهُ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ عَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ الرَّاهِنُ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الْقِيمَةِ رَهْنًا وَإِلَّا عَجَّلَ الدَّيْنَ هَذَا إنْ كَانَ مَلِيًّا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنْ أَتْلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضَهُ بَقِيَ الْبَاقِي رَهْنًا (قَوْلُهُ فَالْمَأْخُوذُ يَبْقَى رَهْنًا) أَيْ وَيَجِبُ الطَّبْعُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَوُضِعَ تَحْتَ يَدِ الْمُرْتَهِنِ كَمَا مَرَّ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَبِعَارِيَّةٍ أُطْلِقَتْ) أَيْ لِأَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لِغَيْرِهِ بِإِذْنِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْغَيْرُ مِنْ نَاحِيَتِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ كَجَوَلَانِ يَدِهِ (قَوْلُهُ أَيْ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهَا رَدٌّ فِي الْأَجَلِ) أَيْ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ

ص: 242

بَلْ وَقَعَتْ (عَلَى) شَرْطِ (الرَّدِّ) أَيْ رَدِّهَا إلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فِي الْأَجَلِ فَلَهُ أَخْذُهُ مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ رَجَعَ) الرَّهْنُ لِلرَّاهِنِ (اخْتِيَارًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ بِوَدِيعَةٍ وَنَحْوِهَا (فَلَهُ أَخْذُهُ) مِنْ الرَّاهِنِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ جَهِلَ أَنَّ ذَلِكَ نَقْضٌ لِرَهْنِهِ وَأَشْبَهَ مَا قَالَ (إلَّا بِفَوْتِهِ) قَبْلَ أَخْذِهِ أَيْ إلَّا أَنْ يُفِيتُهُ مَالِكُهُ الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (بِكَعِتْقٍ) أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ إيلَادٍ (أَوْ حَبْسٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ بَيْعٍ (أَوْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ) عَلَى الرَّاهِنِ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَخْذُهُ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ فِي غَيْرِ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا فِي قِيَامِهِمْ فَهُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَالْمَوْتِ (وَ) إنْ رَجَعَ لِرَاهِنِهِ (غَصْبًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (أَخْذُهُ) مِنْهُ (مُطْلَقًا) فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الدَّيْنَ (وَإِنْ وَطِئَ) الرَّاهِنُ أَمَتَهُ الْمَرْهُونَةَ (غَصْبًا) مِنْ الْمُرْتَهِنِ (فَوَلَدُهُ) مِنْهَا (حُرٌّ) لِأَنَّهَا مِلْكُهُ (وَعَجَّلَ) الرَّاهِنُ (الْمَلِيُّ الدَّيْنَ) لِلْمُرْتَهِنِ (أَوْ قِيمَتَهَا) أَيْ عَجَّلَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَلِيًّا (بَقِيَ) الرَّهْنُ الَّذِي هُوَ الْأَمَةُ لِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ الْوَضْعِ أَوْ حُلُولِ الْأَجَلِ فَتُبَاعُ كُلُّهَا أَوْ بَعْضُهَا إنْ وَفَّى وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ، فَإِنْ نَقَصَ ثَمَنُهَا عَنْ الدَّيْنِ اتَّبَعَ السَّيِّدَ بِالْبَاقِي، وَلَا يُبَاعُ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي تُبَاعُ فِيهَا أُمُّ الْوَلَدِ.

(وَصَحَّ) الرَّهْنُ (بِتَوْكِيلِ مُكَاتَبِ الرَّاهِنِ فِي حَوْزِهِ، وَكَذَا أَخُوهُ) غَيْرُ مَحْجُورِهِ، وَكَذَا وَلَدُهُ الرَّشِيدُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَذَلِكَ أَيْ رَدُّهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ أَجَلِ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ بَلْ وَقَعَتْ عَلَى شَرْطِ رَدِّهَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُرْتَهِنِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأَجَلِ أَيْ فِي أَجَلِ الدَّيْنِ مُتَعَلِّقٌ بِرَدِّهَا، وَقَوْلُهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا تَعْمِيمٌ فِي شَرْطِ الرَّدِّ فَالشَّرْطُ الْحَقِيقِيُّ كَأَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ لِلْمُسْتَعِيرِ خُذْ هَذِهِ الدَّابَّةَ مَثَلًا اقْضِ عَلَيْهَا حَاجَتَك وَرُدَّهَا إلَيَّ وَالْحَالُ أَنَّ فَرَاغَ الْحَاجَةِ قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ أَوْ عِنْدَهُ، وَالشَّرْطُ الْحُكْمِيُّ كَأَنْ تُقَيِّدَ بِزَمَنٍ أَوْ عَمَلٍ يَنْقَضِي قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ الْمُرْتَهِنِ أَخْذُهُ أَيْ أَخْذُ ذَلِكَ الرَّهْنِ مِنْ الرَّاهِنِ إنْ كَانَ هُوَ الْمُسْتَعِيرَ أَوْ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إنْ كَانَ الْمُسْتَعِيرُ أَجْنَبِيًّا بِإِذْنِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ اخْتِيَارًا) أَيْ بِغَيْرِ عَارِيَّةٍ فَصَحَّتْ الْمُقَابَلَةُ وَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْعَارِيَّةَ فِيهَا رَدٌّ اخْتِيَارًا فَلَا تَصِحُّ الْمُقَابَلَةُ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهَا) أَيْ كَإِجَارَةٍ انْقَضَتْ مُدَّتُهَا قَبْلَ أَجَلِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ إلَّا بِفَوْتِهِ) أَيْ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا عَادَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّاهِنِ اخْتِيَارًا أَوْ بِعَارِيَّةٍ مُقَيَّدَةٍ فَلَهُ أَخْذُهُ مَا لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الرَّاهِنِ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ بِكَعِتْقٍ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ تَدْبِيرٍ) فِيهِ أَنَّ التَّدْبِيرَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ ابْتِدَاءِ الرَّهْنِ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يَجُوزُ رَهْنُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ فَكَيْفَ يُبْطِلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ قَدْ انْضَمَّ لَهُ هُنَا مَا هُوَ مُبْطِلٌ لِلرَّهْنِ فِي الْجُمْلَةِ وَهُوَ دَفْعُهُ لِلرَّاهِنِ اخْتِيَارًا.

(قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ مُطْلَقًا) أَيْ وَإِذَا أَخَذَهُ وَخَلَصَ مِنْ الرَّهِينَةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَلْزَمُ الرَّاهِنَ مَا فَعَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهُ أَيْ وَلَهُ عَدَمُ أَخْذِهِ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ) اُنْظُرْ كَيْفَ يَكُونُ لَهُ أَخْذُهُ بَعْدَ فَوَاتِهِ بِكَعِتْقٍ مَعَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُوسِرَ إذَا أَعْتَقَ الْمَرْهُونَ أَوْ كَاتَبَهُ فَإِنَّهُ يَمْضِي كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَإِلَّا بَقِيَ قَالَ عبق، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّهُ يُحْمَلُ فِي أَخْذِهِ الرَّهْنَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ غَصْبًا عَلَى قَصْدِ إبْطَالِ الرَّهِينَةِ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ بِخِلَافِ عِتْقِ الْعَبْدِ وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ مَا يُوجِبُ الْحَمْلَ عَلَى إبْطَالِ الرَّهِينَةِ حَتَّى يُعَامَلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ قَالَ بْن وَالصَّوَابُ مَا قَالَهُ ح مِنْ تَقْيِيدِ مَا هُنَا بِمَا يَأْتِي أَيْ أَنَّ الْغَاصِبَ هُنَا يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُعْسِرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّهْنُ بَلْ يَمْضِي مَا فَعَلَهُ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا أَخَذَ الرَّهْنَ غَصْبًا مِنْ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ لَمْ يَفُتْ عِنْدَ الرَّاهِنِ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَخْذِهِ وَتَرْكِهِ وَيُعَجِّلُ لَهُ الدَّيْنَ وَإِنْ فَاتَهُ الرَّاهِنُ بِمُفَوِّتٍ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا مَضَى فِعْلُهُ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا أَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَخَلَصَ الرَّهْنُ لَزِمَ الرَّاهِنَ مَا فَعَلَهُ فِي الرَّهْنِ مِنْ الْمُفَوِّتَاتِ وَإِنْ لَمْ يَخْلُصْ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهِينَةِ بِبَيْعٍ فِي الرَّهِينَةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الدَّيْنَ) أَيْ فَإِنْ عَجَّلَ لَهُ الدَّيْنَ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ رُدَّ لِلرَّاهِنِ غَصْبًا وَهُوَ مُعْسِرٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوسِرًا فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الرَّهْنُ إنْ فَوَّتَهُ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ وَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ أَوْ يَتْرُكَهُ وَيُعَجِّلَ لَهُ الدَّيْنَ (قَوْلُهُ أَيْ عَجَّلَ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ) فَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ وَعَجَّلَهَا طُولِبَ عِنْدَ الْأَجَلِ بِبَاقِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَتُبَاعُ) أَيْ فَبَعْدَ مُضِيِّ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَهُوَ وَضْعُهَا أَوْ حُلُولُ أَجَلِ الدَّيْنِ تُبَاعُ (قَوْلُهُ إنْ وَفَّى) أَيْ بَعْضُهَا بِالدَّيْنِ وَوَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ، فَإِنْ وَفَّى بَعْضُهَا بِالدَّيْنِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهَا بِيعَتْ كُلُّهَا (قَوْلُهُ وَهَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ سِتٌّ هَذِهِ وَالْأَمَةُ الَّتِي أَحْبَلَهَا الشَّرِيكُ أَوْ عَامِلُ الْقِرَاضِ أَوْ وَارِثُ الْمَدِينِ أَوْ سَيِّدُهَا الْعَالِمُ بِجِنَايَتِهَا مَعَ الْإِعْسَارِ فِي الْكُلِّ أَوْ أَحْبَلَهَا الْمُفْلِسُ بَعْدَ أَنْ وُقِفَتْ لِلْبَيْعِ وَالْأَمَةُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ السِّتِّ قِنٌّ حَامِلَةٌ بِحُرٍّ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةَ لَا تَحْمِلُ أَمَةٌ قِنٌّ بِحُرٍّ.

(قَوْلُهُ بِتَوْكِيلٍ) أَيْ بِسَبَبِ تَوْكِيلٍ أَوْ مَعَ تَوْكِيلِ الْمُرْتَهِنِ مُكَاتَبَ الرَّاهِنِ أَوْ أَخَاهُ فِي حَوْزِهِ لَهُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ عَلَى مَا فِي يَدِهِ سَبِيلٌ كَمَا أَنَّ أَخَاهُ غَيْرُ مَحْجُورِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَذَا وَلَدُهُ الرَّشِيدُ) هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ لَوْ كَانَ الِابْنُ كَبِيرًا بَائِنًا عَنْ الْأَبِ جَازَ لِلْمُرْتَهِنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ

ص: 243

(عَلَى الْأَصَحِّ لَا) تَوْكِيلِ (مَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ زَوْجَتِهِ (وَرَقِيقِهِ) وَلَوْ مَأْذُونًا أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (وَالْقَوْلُ) عِنْدَ تَنَازُعِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ (لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ) لِأَنَّ الرَّاهِنَ قَدْ يَكْرَهُ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ خَوْفَ دَعْوَى ضَيَاعِهِ وَقَدْ يَكْرَهُ الْمُرْتَهِنُ حِيَازَةَ نَفْسِهِ خَوْفَ الضَّمَانِ إذَا تَلِفَ (وَ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى الْأَمِينِ وَاخْتَلَفَا (فِي تَعْيِينِهِ نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِي الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا فَيُقَدِّمُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا خُيِّرَ فِي دَفْعِهِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا (وَإِنْ سَلَّمَهُ) الْأَمِينُ لِأَحَدِهِمَا (دُونَ إذْنِهِمَا) يَعْنِي دُونَ إذْنِ الرَّاهِنِ إنْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَدُونَ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ إنْ سَلَّمَهُ لِلرَّاهِنِ فَالْكَلَامُ عَلَى التَّوْزِيعِ، وَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ) وَضَاعَ عِنْدَهُ (ضَمِنَ) الْأَمِينُ لِلرَّاهِنِ (قِيمَتَهُ) يَوْمَ تَلَفِهِ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ الدَّيْنِ سَقَطَ الدَّيْنُ وَبَرِئَ الْأَمِينُ وَإِنْ زَادَتْ عَلَى الدَّيْنِ ضَمِنَ الْأَمِينُ الزِّيَادَةَ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَ) إنْ سَلَّمَهُ (لِلرَّاهِنِ ضَمِنَهَا) الْأَمِينُ (أَوْ الثَّمَنَ) أَيْ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا وَالْأَوْلَى أَوْ الدَّيْنَ بَدَلَ الثَّمَنِ.

(وَانْدَرَجَ) فِي رَهْنِ الْغَنَمِ (صُوفٌ تَمَّ) عَلَى ظَهْرِهَا يَوْمَ الرَّهْنِ تَبَعًا لَهَا وَإِلَّا لَمْ يَنْدَرِجْ (وَ) انْدَرَجَ فِي رَهْنِ أَمَةٍ (جَنِينٌ) فِي بَطْنِهَا وَقْتَ الرَّهْنِ وَأَوْلَى بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي الِابْنِ صَحِيحٌ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ الْبَاجِيَّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ خِلَافًا لَهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ (قَوْلُهُ وَرَقِيقِهِ) شَمَلَ الْمُدَبَّرَ وَلَوْ مَرِضَ سَيِّدُهُ وَالْمُعْتَقَ لِأَجَلٍ وَلَوْ قَرُبَ الْأَجَلُ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَأْذُونًا) أَيْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِطَالِبِ تَحْوِيزِهِ لِأَمِينٍ) أَيْ عِنْدَ أَمِينٍ وَسَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ أَمْ لَا خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ تَسْلِيمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ كَانَ الْقَوْلُ لِمَنْ دُعِيَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالشَّرْطِ وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِطَالِبِ الْأَمِينِ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا دَخَلَا عَلَى السُّكُوتِ، وَأَمَّا لَوْ امْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ عِنْدَ الْعَقْدِ مِنْ قَبْضِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ قَبْضُهُ وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِوَضْعِهِ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ تَنَازُعِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ) أَيْ فِي كَيْفِيَّةِ وَضْعِ الرَّهْنِ فَقَالَ الرَّاهِنُ مَثَلًا يُوضَعُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ يُوضَعُ عِنْدِي أَوْ بِالْعَكْسِ بِأَنْ قَالَ الْمُرْتَهِنُ يُوضَعُ عِنْدَ أَمِينٍ وَقَالَ الرَّاهِنُ يُوضَعُ عِنْدَك فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مَنْ طَلَبَ وَضْعَهُ عِنْدَ الْأَمِينِ (قَوْلُهُ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا فَيُقَدِّمُهُ) أَيْ وَلَا يَعْدِلُ لِغَيْرِهِمَا فَيُقَدِّمُهُ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَصْلُحُ لِوَضْعِهِ عِنْدَهُ لِرِضَاهُمَا بِهِمَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَوَيَا) أَيْ فِي الصَّلَاحِيَّةِ فِي وَضْعِهِ عِنْدَ كُلٍّ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ خُيِّرَ أَيْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ أَيْ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ) أَيْ بِحَيْثُ إذَا تَلِفَ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَضْمَنُهَا بِالْفِعْلِ وَلَوْ كَانَ بَاقِيًا لِأَنَّهُ إذَا تَعَدَّى وَسَلَّمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَكَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُجْعَلُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ آخَرَ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ تَعَلَّقَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَوْ تَعَلَّقَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ إلَى تَقْرِيرٍ ثَانٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ إمَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الضَّمَانِ بِالْفِعْلِ وَيُقَيَّدَ بِمَا إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ أَوْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَعَلَّقَ بِهِ الضَّمَانُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ سَقَطَ الدَّيْنُ) أَيْ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ لِهَلَاكِ الرَّهْنِ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَةُ الرَّهْنِ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ. وَالْحُكْمُ أَنَّهُ يَحُطُّ عَنْ الرَّاهِنِ مِنْ الدَّيْنِ بِقَدْرِ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَلَا غُرْمَ عَلَى الْأَمِينِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَحَالَةِ الْمُسَاوَاةِ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَضْمِينِ الْأَمِينِ الزِّيَادَةَ إذَا سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَمْ يَطَّلِعْ الرَّاهِنُ عَلَى ذَلِكَ التَّسْلِيمِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُغَرِّمَ الْقِيمَةَ أَيَّهُمَا شَاءَ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَعَدِّيَانِ عَلَيْهِ هَذَا بِأَخْذِهِ وَهَذَا بِدَفْعِهِ وَتُوقَفُ تِلْكَ الْقِيمَةُ عَلَى يَدِ أَمِينٍ غَيْرِهِمَا لِلْأَجَلِ، وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذَ الْقِيمَةَ، ثُمَّ إنَّ الرَّاهِنَ إنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْأَمِينِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَخَذَهَا مِنْ الْمُرْتَهِنِ فَفِي بْن عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إنْ غَرِمَ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ بِالتَّعَدِّي رَجَعَ بِهَا عَلَى الْأَمِينِ (قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ الْأَمِينَ يَغْرَمُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ وَيَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْمُرْتَهِنِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ بِدُونِ تَفْرِيطٍ أَمْ لَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَمِينَ مُتَعَدٍّ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْمُرْتَهِنُ مُتَعَدٍّ بِأَخْذِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمِثْلُهُ فِي بْن (قَوْلُهُ ضَمِنَهَا) أَيْ قِيمَةَ الرَّهْنِ لِلْمُرْتَهِنِ.

(قَوْلُهُ أَيْ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا) أَيْ ضَمِنَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَغَرِمَهُ لَهُ حَيْثُ تَلِفَ الرَّهْنُ عِنْدَ الرَّاهِنِ وَرَجَعَ الْأَمِينُ عَلَى الرَّاهِنِ بِكُلِّ مَا غَرِمَهُ لِلْمُرْتَهِنِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ ضَمِنَ الْأَقَلَّ مِنْهُمَا إلَى أَنَّ " أَوْ " فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلتَّفْصِيلِ لَا لِلتَّخْيِيرِ أَيْ ضَمِنَ الْقِيمَةَ إنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ الثَّمَنَ إنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْهَا، وَقَوْلُهُ وَالْأَوْلَى أَوْ الدَّيْنَ أَيْ لِشُمُولِهِ لِمَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى دَيْنِ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ وَانْدَرَجَ صُوفٌ تَمَّ) أَيْ لِأَنَّهُ سِلْعَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ قُصِدَتْ بِالرَّهْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَنْدَرِجْ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ تَامًّا وَقْتَ الرَّهْنِ فَلَا يَنْدَرِجُ فَلِلرَّاهِنِ أَخْذُهُ بَعْدَ تَمَامِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ غَيْرَ التَّامِّ بِمَنْزِلَةِ الْغَلَّةِ وَهِيَ لَا تَنْدَرِجُ (قَوْلُهُ وَجَنِينٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَجُزْءٍ مِنْهَا فَدَخَلَ هُنَا كَالْبَيْعِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ شَرَطَ الرَّاهِنُ عَدَمَ دُخُولِهِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْجُزْءِ مِنْ أُمِّهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بَعْدَهُ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ بَعْدَ الرَّهْنِ يَكُونُ جُزْءًا مِنْهَا، وَقَدْ تَعَلَّقَ بِهَا الرَّهْنُ بِخِلَافِهِ قَبْلُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ

ص: 244

(وَفَرْخُ نَخْلٍ) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفَسِيلِ بِالْفَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ (لَا غَلَّةٌ) كَلَبَنٍ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ وَعَسَلِ نَحْلٍ فَلَا تَدْخُلُ فِي الرَّهْنِ، وَكَذَا الْبَيْضُ بَلْ هِيَ لِلرَّاهِنِ كَأُجْرَةِ الدَّارِ وَالْحَيَوَانِ وَنَحْوِهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ الْمُرْتَهِنُ فَتَدْخُلُ (وَ) لَا (ثَمَرَةٌ وَإِنْ وُجِدَتْ) يَوْمَ الرَّهْنِ، وَلَا تَكُونُ بِإِزْهَائِهَا كَالصُّوفِ التَّامِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَ) لَا (مَالُ عَبْدٍ) إلَّا بِشَرْطٍ (وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ) أَيْ يَجُوزُ وَيَلْزَمُ عَقْدُ رَهْنٍ يُقْبَضُ الْآنَ عَلَى أَنْ يُقْرِضَهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِذَا أَقْرَضَهُ اسْتَمَرَّتْ رَهِينَتُهُ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ (أَوْ بَاعَ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَيْ وَجَازَ الِارْتِهَانُ عَلَى أَنْ يَبِيعَهُ شَيْئًا وَيَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي ثَمَنِهِ (أَوْ يَعْمَلْ لَهُ) بِالْجَزْمِ عُطِفَ عَلَى مَحَلِّ أَقْرَضَ أَيْ وَجَازَ الِارْتِهَانُ وَأَخْذُ الرَّهْنِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ بِنَفْسِهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَوْ عَبْدِهِ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ أَوْ نَسْجِهِ أَوْ حِرَاسَةٍ أَوْ خِدْمَةٍ بِأَنْ يَدْفَعَ رَبُّ الثَّوْبِ رَهْنًا لِلْخَيَّاطِ مَثَلًا فِي الْأُجْرَةِ الَّتِي تَكُونُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ الرَّاهِنِ وَشَمَلَ صُورَةً أَيْضًا وَهِيَ أَنْ يُعَجِّلَ الْمُسْتَأْجِرُ دَفْعَ الْأُجْرَةِ لِلْأَجِيرِ وَيَخْشَى أَنْ يُفَرِّطَ فِي الْعَمَلِ فَيَأْخُذَ مِنْهُ رَهْنًا عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْمَلْ يَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْأُجْرَةِ، أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِنْ الرَّهْنِ مَنْ يَعْمَلُ هَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ فِي إجَارَةٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (فِي جُعْلٍ) أَيْ عِوَضِ جُعْلٍ بِأَنْ يَأْخُذَ الْعَامِلُ مِنْ رَبِّ الْآبِقِ مَثَلًا رَهْنًا عَلَى الْأُجْرَةِ الَّتِي تَثْبُتُ لَهُ بَعْدَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا فَهُوَ يَئُولُ إلَى اللُّزُومِ بِالْعَمَلِ (لَا) يَصِحُّ رَهْنٌ (فِي) شَيْءٍ (مُعَيَّنٍ) كَبَيْعِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ يَأْخُذُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْبَائِعِ رَهْنًا عَلَى أَنَّهَا إنْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا (أَوْ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الْمُعَيَّنِ كَاكْتِرَائِهِ دَابَّةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ لَهُ رَهْنًا، فَإِنْ تَلِفَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا لِيَسْتَوْفِيَ الْعَمَلَ مِنْهَا لِاسْتِحَالَةِ ذَلِكَ وَمَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْأَئِمَّةِ رضي الله عنهم ذِكْرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذْ لَا يَتَوَهَّمُ وُقُوعُهَا عَاقِلٌ وَأَمَّا إنْ أَخَذَ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ فَجَائِزٌ.

(وَ) لَا يَصِحُّ رَهْنٌ فِي (نَجْمِ كِتَابَةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّهُ ذَاتٌ مُسْتَقِلَّةٌ (قَوْلُهُ وَفَرْخُ نَخْلٍ) أَيْ وَانْدَرَجَ فِي رَهْنِ النَّخْلِ فَرْخُ النَّخْلِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْفَسِيلِ وَبِالْوَدِيِّ وَبَعْضُهُمْ ضَبَطَهُ بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ انْدَرَجَ فَرْخُ النَّخْلِ فِي رَهْنِهِ (قَوْلُهُ لَا غَلَّةٌ) عَطْفٌ عَلَى صُوفٍ أَيْ لَا يَنْدَرِجُ فِي الرَّهْنِ غَلَّةٌ فَإِذَا رَهَنَ حَيَوَانًا فَلَا تَدْخُلُ غَلَّتُهُ فِي الرَّهْنِ بَلْ لِلرَّاهِنِ أَخْذُهَا.

(قَوْلُهُ وَإِنْ وُجِدَتْ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَوْجُودَةً يَوْمَ الرَّهْنِ وَلَوْ أَزْهَتْ أَوْ يَبِسَتْ (قَوْلُهُ وَلَا تَكُونُ بِإِزْهَائِهَا كَالصُّوفِ) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الصُّوفِ أَنَّهَا تُتْرَكُ لِتَزْدَادَ طِيبًا فَهِيَ غَلَّةٌ لَا رَهْنٌ وَالصُّوفُ لَا فَائِدَةَ فِي بَقَائِهِ بَعْدَ تَمَامِهِ بَلْ فِي بَقَائِهِ تَلَفٌ لَهُ فَالسُّكُوتُ عَنْهُ دَلِيلٌ عَلَى إدْخَالِهِ اهـ خش وَهَذَا الْفَرْقُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالثَّمَرَةِ الْيَابِسَةِ (قَوْلُهُ وَلَا مَالُ عَبْدٍ) أَيْ وَلَا يَنْدَرِجُ فِي رَهْنِ الْعَبْدِ مَالُهُ إلَّا بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَارْتَهَنَ إنْ أَقْرَضَ) صُورَتُهُ أَنَّهُ يَقُولُ شَخْصٌ لِآخَرَ خُذْ هَذَا الشَّيْءَ عِنْدَك رَهْنًا عَلَى مَا اقْتَرَضْتُهُ مِنْك أَوْ عَلَى مَا يَقْتَرِضُهُ مِنْك فُلَانٌ أَوْ عَلَى ثَمَنِ مَا تَبِيعُهُ لِي أَوْ لِفُلَانٍ فَالرَّهْنُ عَلَى هَذِهِ الْكَيْفِيَّةِ صَحِيحٌ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا قَبْلَ الرَّهْنِ لَكِنْ لَا يَسْتَمِرُّ لُزُومُهُ إلَّا إذَا حَصَلَ بَيْعٌ أَوْ قَرْضٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَارْتَهَنَ أَيْ وَاسْتَمَرَّ لُزُومُ رَهِينَةِ الشَّيْءِ الَّذِي رَهَنَهُ إنْ أَقْرَضَ أَوْ بَاعَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَصَحَّ أَيْ الرَّهْنُ فِيمَا يَحْصُلُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَلَزِمَ بِحُصُولِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ اسْتَمَرَّتْ رَهْنِنَّتُهُ) أَيْ اسْتَمَرَّ لُزُومُ رَهْنِنَّتِهِ الْحَاصِلَةِ بِقَبْضِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، فَإِنْ لَمْ يُقْرِضْهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ كَانَ لَهُ أَخْذُ رَهْنِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ صِحَّةَ الرَّهْنِ وَلُزُومَهُ حَاصِلَانِ مِنْ الْآنَ وَالْمُتَوَقِّفُ عَنْ الْقَرْضِ أَوْ الْبَيْعِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إنَّمَا هُوَ اسْتِمْرَارُ اللُّزُومِ.

(قَوْلُهُ عَلَى مَحَلِّ أَقْرَضَ) أَيْ لِأَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحِ فِي مَحَلِّ جَزْمِ؛ لِأَنَّهُ فِعْلُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ كَخِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَيْ كَأَنْ تَسْتَأْجِرَ زَيْدًا عَلَى أَنْ يَخِيطَ لَك هَذَا الثَّوْبَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَنْسِجَ لَك بِنَفْسِهِ أَوْ بِغُلَامِهِ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ تَسْتَأْجِرَ دَابَّتَهُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِأُجْرَةٍ قَدْرُهَا كَذَا وَتُعْطِيهِ رَهْنًا فِي الْأُجْرَةِ الَّتِي تَجِبُ لَهُ عَلَيْك بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ يَكُونُ الرَّهْنُ فِي الْأُجْرَةِ) أَيْ بِحَيْثُ يُبَاعُ الرَّهْنُ وَتُسْتَوْفَى الْأُجْرَةُ مِنْ ثَمَنِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ يَسْتَأْجِرُ مِنْ الرَّهْنِ أَيْ مِنْ ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ بَلْ وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْعَمَلُ فِي جُعْلٍ أَيْ فِي عِوَضِ جُعْلٍ أَيْ فِي مُقَابَلَتِهِ وَالْمُرَادُ بِالْجُعْلِ هُنَا الْأُجْرَةُ لَا الْعَقْدُ، وَقَوْلُهُ لِأَنَّ الْجُعْلَ أَيْ بِمَعْنَى الْأُجْرَةِ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَازِمًا أَيْ حِينَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ الدَّابَّةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا (قَوْلُهُ أَتَى لَهُ بِعَيْنِهَا مِنْ ذَلِكَ الرَّهْنِ) أَيْ أَخَذَ الدَّابَّةَ مِنْ ذَاتِ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلًا) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ قَلْبِ الْحَقَائِقِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ) بِأَنْ يَبِيعَهُ وَيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ أَوْ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ فَجَائِزٌ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْمَرْهُونِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ دَيْنًا احْتِرَازًا مِنْ الْأَمَانَةِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَدْفَعَ وَدِيعَةً أَوْ قِرَاضًا وَتَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا وَيُشْتَرَطُ فِيهِ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الذِّمَّةِ احْتِرَازًا مِنْ الْمُعَيَّنَاتِ وَمَنَافِعِهَا؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ، وَأَمَّا أَخْذُ رَهْنٍ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ قِيمَةَ الْمُعَيَّنِ أَوْ قِيمَةُ مَنْفَعَتِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَاتِ الْمُعَيَّنِ وَقِيمَةَ مَنْفَعَتِهِ فِي الذِّمَّةِ.

(قَوْلُهُ وَفِي نَجْمِ كِتَابَةٍ) الْمُرَادُ بِهِ

ص: 245

عَلَى عَبْدٍ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ الْعَبْدِ الْمُكَاتَبِ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ فَرْعُ التَّحَمُّلِ وَالْكِتَابَةَ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ لَازِمَةٍ، وَلَا آيِلَةٍ لِلُّزُومِ فَلَا يَصِحُّ دَفْعُ رَهْنٍ فِيهَا مِنْ أَجْنَبِيٍّ.

، وَلَمَّا كَانَتْ غَلَّاتُ الرَّهْنِ وَمَنَافِعُهُ لِلرَّاهِنِ تَكَلَّمَ عَلَى جَوَازِ اشْتِرَاطِهَا لِلْمُرْتَهِنِ بِشُرُوطٍ فَقَالَ (وَجَازَ) لِلْمُرْتَهِنِ (شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ لِنَفْسِهِ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ عُيِّنَتْ) مُدَّتُهَا لِلْخُرُوجِ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ وَلِلثَّانِي بِقَوْلِهِ وَكَانَ (بِبَيْعٍ) أَيْ وَاقِعًا فِي عَقْدِ بَيْعٍ فَقَطْ (لَا) فِي عَقْدِ (قَرْضٍ) ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ وَهُوَ جَائِزٌ وَفِي الْقَرْضِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ لَا يَجُوزُ فَيُمْنَعُ شَرْطُهَا وَالتَّطَوُّعُ بِهَا فِي الْقَرْضِ عُيِّنَتْ أَمْ لَا كَالتَّطَوُّعِ بِالْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ شَرْطٌ، وَكَذَا يُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ أَوْ لَا وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى ثَمَانِ صُوَرٍ: الْمَنْعُ فِي سَبْعٍ وَالْجَوَازُ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ (وَفِي ضَمَانِهِ) أَيْ الرَّهْنِ الَّذِي اُشْتُرِطَتْ مَنْفَعَتُهُ لِلْمُرْتَهِنِ مَجَّانًا (إذَا تَلِفَ) عِنْدَهُ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لِصِدْقِ اسْمِ الرَّهْنِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُسْتَأْجَرًا كَسَائِرِ الْمُسْتَأْجَرَاتِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ.

(قَوْلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِرَهْنٌ وَكَذَا قَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ أَيْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَرْهَنَ أَجْنَبِيٌّ لِلسَّيِّدِ رَهْنًا فِيمَا عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ النُّجُومِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَجْنَبِيٌّ صِحَّةُ أَخْذِ الرَّهْنِ مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي نَجْمٍ أَوْ فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إذَا بَقِيَ عَلَى الْمُكَاتَبِ شَيْءٌ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ بِيعَ الرَّهْنُ فِيمَا بَقِيَ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الرَّهْنَ) أَيْ لِأَنَّ صِحَّةَ رَهْنِ الْأَجْنَبِيِّ فِي الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ تَحَمُّلِهِ وَضَمَانِهِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ بِحَيْثُ لَوْ عَجَزَ الْمَضْمُونُ عَنْ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَزِمَ الضَّامِنَ دَفْعُهُ وَالرُّجُوعُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ بِهَا) أَيْ لِأَنَّ الضَّمَانَ إنَّمَا يَكُونُ فِي دَيْنٍ ثَابِتٍ فِي الذِّمَّةِ لَا يَسْقُطُ بِالْعَجْزِ، وَالْكِتَابَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَيْعِ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الْمَبِيعَةَ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا يُسَمَّى مِنْ الثَّمَنِ وَبَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ الْمَنْفَعَةِ وَالْأَوَّلُ بَيْعٌ وَالثَّانِي إجَارَةٌ. وَمُحَصِّلُهُ أَنَّ تِلْكَ الْمَنْفَعَةَ لَمْ تَضِعْ عَلَى الرَّاهِنِ بَلْ وَقَعَتْ جُزْءًا مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ الَّتِي اشْتَرَاهَا.

(قَوْلُهُ وَالتَّطَوُّعُ بِهَا فِي الْقَرْضِ عُيِّنَتْ أَمْ لَا كَالتَّطَوُّعِ بِالْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهَا هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ وَكَذَا يُمْنَعُ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ فِي الْبَيْعِ بِشَرْطٍ) أَيْ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْجَهَالَةِ فِي الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَتْ (قَوْلُهُ ثَمَانِ صُوَرٍ) حَاصِلُهَا أَنَّ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ يَتَطَوَّعَ بِهَا الرَّاهِنُ عَلَيْهِ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الرَّاهِنُ وَاقِعًا فِي عَقْدِ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأَخْذُ الْمُرْتَهِنِ لَهَا فِي رَهْنِ الْقَرْضِ مَمْنُوعٌ فِي صُوَرِهِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَوْ لَا مُشْتَرَطَةً أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهَا وَفِي رَهْنِ الْبَيْعِ الْمَنْعُ فِي ثَلَاثَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ مُتَطَوَّعًا بِهَا كَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَكَذَا إذَا كَانَتْ مُشْتَرَطَةً وَلَمْ تُعَيَّنْ مُدَّتُهَا وَالْجَوَازُ فِي وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا اُشْتُرِطَتْ وَكَانَتْ مُدَّتُهَا مُعَيَّنَةً وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ أَوْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ يُعَجَّلُ لَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَاقِي يُدْفَعُ لَهُ فِيهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا امْتَنَعَ لِفَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّ مَا بَقِيَ مِنْهُ يُتْرَكُ لِلرَّاهِنِ جَازَ إلَّا إذَا كَانَ اشْتِرَاطُ أَنَّ الْبَاقِيَ يُتْرَكُ لِلرَّاهِنِ وَاقِعًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ لِلْغَرَرِ إذْ لَا يُعْلَمُ مَا يَبْقَى، وَأَمَّا الصُّوَرُ السَّبْعَةُ الْمَمْنُوعَةُ فَالْمَنْعُ فِيهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ أَخْذُ الْمُرْتَهِنِ الْمَنْفَعَةَ مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَنْ يَحْسِبَهَا مِنْ الثَّمَنِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي صُوَرِ الْقَرْضِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا إنْ اُشْتُرِطَتْ مَجَّانًا وَإِنْ اُشْتُرِطَ أَخْذُهَا لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ اجْتِمَاعُ السَّلَفِ وَالْإِجَارَةِ وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَطَةٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ بَلْ أَبَاحَ لَهُ الرَّاهِنُ الِانْتِفَاعَ بِهَا، فَإِنْ كَانَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَإِنْ كَانَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ جَرَى عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا مُسَامَحَةٌ حَرُمَ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِي صُوَرِ الْبَيْعِ أَنَّهَا إنْ

ص: 246

(تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الضَّمَانُ (وَأُجْبِرَ) الرَّاهِنُ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى دَفْعِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ (إنْ شُرِطَ) الرَّهْنُ (بِبَيْعٍ) أَيْ فِي عَقْدِ بَيْعٍ، وَلَا مَفْهُومَ لِبَيْعٍ إذْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ (وَعُيِّنَ) الرَّهْنُ الْمُشْتَرَطُ (وَإِلَّا) يُعَيَّنْ عِنْدَ الْعَقْدِ بِأَنْ وَقَعَ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ مَا (فَرَهْنُ ثِقَةٍ) أَيْ فِيهِ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ (وَالْحَوْزُ) الْحَاصِلُ لِلْمُرْتَهِنِ (بَعْدَ مَانِعِهِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ الِاخْتِصَاصِ بِالرَّهْنِ مِنْ مَوْتٍ أَوْ فَلَسٍ أَيْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ أَنَّ حَوْزِي لِلرَّهْنِ كَانَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَنَازَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ (لَا يُفِيدُ) وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ (وَلَوْ شَهِدَ) لَهُ (الْأَمِينُ) الَّذِي وَضَعَ الرَّهْنَ عِنْدَهُ بِأَنَّ الْحَوْزَ قَبْلَ الْمَانِعِ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ غَيْرِ الْأَمِينِ (وَهَلْ تَكْفِي بَيِّنَةٌ) لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ (عَلَى الْحَوْزِ) لِلرَّهْنِ (قَبْلَهُ) أَيْ الْمَانِعِ، وَلَا يُشْتَرَطُ الشَّهَادَةُ عَلَى التَّحْوِيزِ (وَبِهِ عُمِلَ) وَهُوَ الْأَظْهَرُ (أَوْ) لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ عَلَى (التَّحْوِيزِ) أَيْ مُعَايَنَتِهِمْ أَنَّ الرَّاهِنَ سَلَّمَ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْمَانِعِ (تَأْوِيلَانِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَانَتْ غَيْرَ مُشْتَرَطَةٍ فَهَدِيَّةُ مِدْيَانٍ إنْ كَانَتْ مَجَّانًا وَإِنْ كَانَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَجْرِي عَلَى مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ وَإِنْ كَانَتْ مُشْتَرَطَةً فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ تُعَيَّنْ مُدَّتُهَا فَعِلَّةُ الْمَنْعِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ إذَا اُشْتُرِطَتْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمَّا اشْتَرَطَ أَخْذَهَا فِي الْعَقْدِ صَارَتْ هِيَ وَمَا سُمِّيَ مِنْ الثَّمَنِ فِي مُقَابَلَةِ الْمَبِيعِ وَهِيَ غَيْرُ مَعْلُومَةٍ لِلْجَهْلِ بِمُدَّتِهَا وَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ فَعِلَّةُ الْمَنْعِ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ الْمَجْهُولَةِ الْأَجَلِ، هَذَا كُلُّهُ فِي أَخْذِ الْمُرْتَهِنِ الْمَنْفَعَةَ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ أَخْذَ الْغَلَّةِ الَّتِي هِيَ مِنْ جِنْسِ الدَّيْنِ مِنْ دَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يُؤَجِّلْ لِذَلِكَ أَجَلًا جَازَ فِي الْقَرْضِ وَمُنِعَ فِي الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْقَرْضَ يَجُوزُ فِيهِ الْجَهْلُ بِالْأَجَلِ دُونَ الْبَيْعِ وَإِنْ أَجَّلَ ذَلِكَ بِأَجْلٍ مَعْلُومٍ، فَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الدَّيْنِ بَعْدَ الْأَجَلِ لِيُوَفِّيَهُ الرَّاهِنُ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ جَازَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ الدَّيْنِ يُعْطِيهِ بِهِ شَيْئًا مُؤَجَّلًا مُنِعَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْفَاضِلَ مِنْ الدَّيْنِ يُتْرَكُ لِلْمَدِينِ جَازَ فِي الْقَرْضِ دُونَ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) هَذَا التَّرَدُّدُ ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ فِي ذَلِكَ أَنْ يَغْلِبَ حُكْمُ الرَّهْنِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَلِذَا قَالَ الشَّارِحُ الرَّاجِحُ الضَّمَانُ، وَقَدْ عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ إذَا تَلِفَ عِنْدَهُ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ إلَخْ أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ إذَا تَلِفَ فِي الْمُدَّةِ الْمُشْتَرَطَةِ مَنْفَعَتُهَا، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَ بَعْدَهَا فَهُوَ كَالرَّهْنِ فِي الضَّمَانِ قَوْلًا وَاحِدًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا اُشْتُرِطَتْ الْمَنْفَعَةُ لِيَأْخُذَهَا مَجَّانًا، فَإِنْ اُشْتُرِطَتْ لِتُحْسَبَ مِنْ الدَّيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَرَجَّحَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ ضَمَانَ الرَّهْنِ لِتَرَجُّحِ جَانِبِ الْإِجَارَةِ فِيهِ لِيَكُونَ الْمَنْفَعَةُ وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ صَرَاحَةً (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا اُشْتُرِطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ وَكَانَ مُعَيَّنًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ بِعَيْنِهِ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ إذْ الْقَرْضُ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَعُيِّنَ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عُيِّنَ عِنْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ بِأَنْ وَقَعَ) أَيْ عَقْدُ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ (قَوْلُهُ فَرَهْنُ ثِقَةٍ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنِ ثِقَةٍ، فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ أَوْ اُسْتُحِقَّ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَيَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ الْفَسْخِ فَيَأْخُذُ الْمَبِيعَ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ إنْ فَاتَ، فَإِنْ حَصَلَ الْهَلَاكُ أَوْ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ إلَّا أَنْ يَغُرَّهُ الرَّاهِنُ فَيُخَيَّرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ.

(قَوْلُهُ وَالْحَوْزُ) أَيْ وَدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الْحَوْزَ بَعْدَ حُصُولِ الْمَنْعِ أَيْ دَعْوَاهُ بَعْدَ حُصُولِ الْمَانِعِ أَنَّهُ حَازَ قَبْلَ حُصُولِهِ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَقْتَضِي حُصُولَ دَعْوَى وَ " بَعْدَ " مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَى الْمُقَدَّرَةِ فَحُذِفَ الْمُضَافُ وَأُقِيمَ الْمُضَافُ إلَيْهِ مَقَامَهُ وَإِبْقَاءُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحَوْزَ بَعْدَ الْمَانِعِ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ لَا يَثْبُتُ إذَا وُجِدَ الْمَانِعُ (قَوْلُهُ وَنَازَعَهُ الْغُرَمَاءُ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَقَالُوا لَهُ إنَّ حَوْزَك لِمَا هُوَ بِيَدِك إنَّمَا حَصَلَ بَعْدَ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ) أَيْ أَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ وَكَذَّبَهُ الْغُرَمَاءُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ) أَيْ وَهُوَ الْحَوْزُ أَيْ وَالشَّهَادَةُ عَلَى فِعْلِ النَّفْسِ لَا تُعْتَبَرُ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى. هَذَا وَيُسْتَفَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ أَنَّ شَهَادَةَ الْقَبَّانِي بِأَنَّ وَزْنَ مَا قَبَضَهُ فُلَانٌ كَذَا لَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ أَنَّ فُلَانًا قَبَضَ مَا وَزَنَهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِ، فَإِنْ شَهِدَ بِهِمَا مَعًا فَالظَّاهِرُ الْبُطْلَانُ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا حَيْثُ كَانَ بُطْلَانُ بَعْضِهَا لِلتُّهْمَةِ كَمَا هُنَا وَمَحَلُّ بُطْلَانِ شَهَادَةِ الْقَبَّانِي إذَا شَهِدَ بِالْوَزْنِ مَا لَمْ يَكُنْ مُقَامًا مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ أَوْ نَائِبِهِ كَالْقَاضِي كَمَا بِمِصْرَ وَإِلَّا عَمِلَ بِشَهَادَتِهِ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ تَابِعَ الْمُقَامِ مِنْ الْقَاضِي مِثْلُهُ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ صِحَّةُ وَضْعِ الْيَدِ وَعَدَمُ اخْتِلَاسِهِ مِثْلًا وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَوْزِ نَقْلُ الرَّهْنِ مِنْ دَارِ الرَّاهِنِ بَلْ يَصِحُّ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي مَوْضِعٍ مِنْهَا وَيَطْبَعَ عَلَيْهِ أَوْ يَأْخُذَ مَفَاتِيحَهُ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْحَوْزِ عَلَى النَّافِيَةِ لَهُ؛ لِأَنَّهَا مُثْبِتَةٌ وَالْمُثْبِتَةُ تُقَدَّمُ عَلَى النَّافِيَةِ؛ لِأَنَّهَا أَزْيَدُ عِلْمًا مَا لَمْ تُؤَيَّدْ بِقَرَائِنَ كَمَا فِي فَتْوَى ابْنِ رُشْدٍ لَمَّا سَأَلَهُ عِيَاضٌ عَنْ رَهْنِ دَارٍ ادَّعَى

ص: 247

وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا وَ) لَوْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ الْمُعَيَّنَ الْمُشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ (مَضَى بَيْعُهُ) وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً (قَبْلَ قَبْضِهِ) لِلْمُرْتَهِنِ (إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ) فِي طَلَبِهِ حَتَّى بَاعَهُ وَصَارَ دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ لِتَفْرِيطِهِ (وَإِلَّا) يُفَرِّطْ بَلْ جَدَّ فِي الطَّلَبِ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي مُضِيِّ الْبَيْعِ فَاتَ أَمْ لَا وَيَكُونُ الثَّمَنُ رَهْنًا وَفِي رَدِّهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَيَبْقَى رَهْنًا وَإِلَّا فَالثَّمَنُ (وَ) إنْ بَاعَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ الْبَيْعِ فَيَكُونُ رَهْنًا (إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ) مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ مَا نَقَصَ وَالدَّيْنُ عَيْنٌ مُطْلَقًا أَوْ عَرْضٌ مِنْ قَرْضٍ (أَوْ) بِيعَ بِمِثْلِ الدَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَ (دَيْنُهُ عَرْضًا) مِنْ بَيْعٍ إذْ لَا يَلْزَمُ قَبُولُ الْعَرْضِ قَبْلَ أَجَلِهِ وَلَوْ بِيعَ بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذْ الْأَجَلُ فِيهِ مِنْ حَقِّهِمَا بِخِلَافِ الْعَرْضِ مِنْ قَرْضٍ فَإِنَّ الْأَجَلَ فِيهِ مِنْ حَقِّ الْمُقْتَرِضِ (وَإِنْ أَجَازَ) الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ (تَعَجَّلَ) دَيْنَهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَإِنْ وَفَّى وَإِلَّا أَتْبَعَهُ بِالْبَاقِي.

، وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى تَصَرُّفِ الرَّاهِنِ فِي الرَّهْنِ بِعِوَضٍ ذَكَرَ تَصَرُّفَهُ بِغَيْرِهِ فَقَالَ (وَبَقِيَ) الْعَبْدُ رَهْنًا (إنْ دَبَّرَهُ) سَيِّدُهُ الرَّاهِنُ وَلَوْ قَبْلَ الْقَبْضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُرْتَهِنُ حِيَازَتَهَا بِبَيِّنَةٍ فَأَقَامَ الْغُرَمَاءُ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ سَاكِنٌ فِيهَا فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ أَشْعُرْ بِرُجُوعِهِ لَهَا وَفِي السُّؤَالِ أَنَّ الْعَادَةَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَأَرْسَلَ ابْنُ رُشْدٍ لِعِيَاضٍ أَنْ يَحْكُمَ بِالْبُطْلَانِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا) قَالَ ح أَشَارَ بِذَلِكَ لِظَاهِرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ وَنَصُّهَا وَلَا يَقْضِي بِالْحِيَازَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ بِحَوْزِهِ فِي حَبْسٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُعْطِي فِي صِحَّتِهِ أَنَّ الْمُعْطَى قَدْ حَازَ وَقَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةٌ، ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْضَ بِذَلِكَ إنْ أَنْكَرَ الْوَرَثَةُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ اهـ وَوَجْهُ كَوْنِ كَلَامِهَا الْمَذْكُورِ دَالًّا عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَمُحْتَمِلًا لَهُمَا أَنَّ قَوْلَهَا حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ حَقِيقَةُ الْحَوْزِ أَيْ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ أَنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمَوْهُوبَ أَوْ الْمُتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ الْمَرْهُونَ فِي حَوْزِ الشَّخْصِ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ قَبْلَ الْمَانِعِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ التَّحْوِيزُ أَيْ التَّسْلِيمُ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ الْمُعَايَنَةِ.

(قَوْلُهُ الْمُشْتَرَطَ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ الرَّهْنُ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ مَضَى بَيْعُهُ وَهَلْ يَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا أَوْ يَكُونُ لِلرَّاهِنِ وَلَا يَكُونُ رَهْنًا؟ فِيهِ خِلَافٌ مُخَرَّجٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الْهِبَةِ قَبْلَ قَبْضِهَا وَبَعْدَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فِي مُضِيِّ الْبَيْعِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَوْ لِلْمُعْطَى - بِالْفَتْحِ - كَمَا سَيَأْتِي وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ مُعَيَّنًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَكَانَ مُشْتَرَطًا فِي عَقْدِ الدَّيْنِ وَقَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ وَبَاعَهُ الرَّاهِنُ بَعْدَ قَبْضِهِ مَضَى بَيْعُهُ وَلِلْمُرْتَهِنِ مَنْعُ الرَّاهِنِ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُشْتَرِي حَتَّى يَأْتِيَهُ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ (قَوْلُهُ وَفِي رَدِّهِ إنْ لَمْ يَفُتْ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا التَّأْوِيلِ الثَّانِي أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ إذَا لَمْ يَفُتْ الْمَبِيعُ وَيَبْقَى ذَلِكَ الْمَبِيعُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَيُجْعَلُ الثَّمَنُ رَهْنًا وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَصَّارِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ الرَّهْنَ الْمُعَيَّنَ الْمُشْتَرَطَ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْحَالُ أَنَّ الرَّاهِنَ الْبَائِعَ سَلَّمَ الرَّهْنَ الْمَبِيعَ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ لَهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَمْنَعَ الرَّاهِنَ مِنْ تَسْلِيمِهِ وَلَوْ أَتَاهُ بِرَهْنٍ بَدَلِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى رَهْنٍ مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَسْلِيمِهِ لِلْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ خَالَفَ الرَّاهِنَ وَسَلَّمَهُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ فَسْخُ الْعَقْدِ الْأَصْلِيِّ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الرَّهْنُ.

(قَوْلُهُ وَبَعْدَهُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ بَعْدَهُ فَإِمَّا أَنْ يَبِيعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ بِأَكْثَرَ أَوْ بِمُسَاوٍ لَهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ، فَإِنْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدَّيْنِ وَلَمْ يُكْمِلْ لَهُ مَا نَقَصَ مِنْ الدَّيْنِ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ وَيَرْجِعَ الرَّهْنُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ أَوْ يُجِيزُهُ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ وَيُطَالِبُ بِبَقِيَّةِ دَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ عَيْنًا مُطْلَقًا وَإِنْ كَمَّلَهُ لَهُ أَخَذَهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ، فَإِنْ بَاعَهُ بِمُسَاوٍ أَوْ أَكْثَرَ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ بَلْ الْبَيْعُ لَازِمٌ وَيُعَجِّلُ الدَّيْنَ وَإِنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ، فَإِنْ رَدَّ بَيْعَهُ رَجَعَ رَهْنًا وَإِنْ أَمْضَاهُ عَجَّلَ الدَّيْنَ، فَالْخِيَارُ فِي خَمْسِ صُوَرٍ، وَلُزُومُ الْبَيْعِ فِي أَرْبَعَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَرْضٍ مِنْ قَرْضٍ) أَيْ أَوْ مِنْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَجَازَ الْمُرْتَهِنُ الْبَيْعَ) أَيْ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ الَّتِي يُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَأَوْلَى فِي التَّعْجِيلِ الصُّوَرُ الْأَرْبَعُ الَّتِي يَكُونُ الْبَيْعُ فِيهَا لَازِمًا وَلَا خِيَارَ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَبَقِيَ إنْ دَبَّرَهُ) أَيْ بَقِيَ عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِيَّةِ لِلْأَجَلِ، فَإِنْ دَفَعَ سَيِّدُهُ الدَّيْنَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ السَّيِّدُ حِينَ التَّدْبِيرِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَانَ التَّدْبِيرُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ أَوْ قَبْلَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ لَكِنْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا دَبَّرَهُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا لَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَهُ فَلَا يَبْقَى عَلَى حُكْمِ الرَّهْنِيَّةِ بَلْ

ص: 248

(وَمَضَى عِتْقُ) الرَّاهِنِ (الْمُوسِرِ) لِعَبْدِهِ الْمَرْهُونِ (وَكِتَابَتِهِ) لَهُ بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً (وَعَجَّلَ) الدَّيْنَ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ رَهْنٍ بَدَلَهُ (وَالْمُعْسِرُ) إنْ أَعْتَقَ الرَّهْنَ أَوْ كَاتَبَهُ (يَبْقَى) عَبْدُهُ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ مَعَ جَوَازِ فِعْلِهِ ابْتِدَاءً، فَإِنْ أَيْسَرَ فِي الْأَجَلِ أَخَذَ مِنْ الرَّاهِنِ الدَّيْنَ وَنَفَذَ الْعِتْقُ وَالْكِتَابَةُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ مِقْدَارُ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ (فَإِذَا تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِيعَ) الْعَبْدُ (كُلُّهُ وَالْبَاقِي) مِنْ ثَمَنِهِ عَنْ الدَّيْنِ (لِلرَّاهِنِ) مِلْكًا (وَمُنِعَ الْعَبْدُ) الرَّهْنُ (مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا) بِأَنْ نَصَّ عَلَى دُخُولِهَا مَعَهُ فِي الرَّهْنِ أَوْ اشْتَرَطَ دُخُولَ مَالِهِ مَعَهُ فَدَخَلَتْ وَالْأَخْصَرُ وَالْأَوْضَحُ لَوْ قَالَ الْمَرْهُونَةُ مَعَهُ وَأَوْلَى فِي الْمَنْعِ لَوْ رُهِنَتْ وَحْدَهَا وَأَمَّا لَوْ رُهِنَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ كَزَوْجَتِهِ رُهِنَتْ مَعَهُ أَوْ لَا.

(وَحُدَّ مُرْتَهِنٌ وَطِئَ) أَمَةً مَرْهُونَةً عِنْدَهُ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَفُوتُ بِتَدْبِيرِهِ لِحُصُولِ التَّقْصِيرِ بِعَدَمِ قَبْضِهِ اهـ وَاعْتَمَدَ بَعْضُهُمْ هَذَا التَّقْيِيدَ وَعَلَيْهِ فَانْظُرْ هَلْ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ كَمَسْأَلَةِ الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ أَوْ يَكُونُ التَّدْبِيرُ كَالْكِتَابَةِ وَالْعِتْقِ فَيُفَصَّلُ بَيْنَ كَوْنِ السَّيِّدِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا؟ قَالَهُ شَيْخُنَا وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنْ يُقَالَ إنْ فَرَّطَ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ حَتَّى دَبَّرَهُ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ كَانَ رَهْنًا تَأَمَّلْ. إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ رَهْنَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ ابْتِدَاءً وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُ الرَّهْنِ بِطُرُوِّ تَدْبِيرِهِ فَلَا فَائِدَةَ فِي النَّصِّ عَلَى هَذَا. قُلْت إنَّمَا يَجُوزُ وَرَهْنُ الْمُدَبَّرِ ابْتِدَاءً إذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا يُبَاعُ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ وَلَا مَالَ لَهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ الدَّيْنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى أَنْ يُبَاعَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فَهَذَا مَمْنُوعٌ بِخِلَافِ طُرُوُّ التَّدْبِيرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ إذَا حَلَّ أَجَلُ الدَّيْنِ وَلَمْ يَدْفَعْهُ سَيِّدُهُ لِرَبِّهِ.

(قَوْلُهُ وَمَضَى إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعِتْقُ أَوْ الْكِتَابَةُ قَبْلَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ) أَيْ بِأَنْ كَانَ عَيْنًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يُعَجَّلُ كَالْعَرْضِ مِنْ بَيْعٍ، فَإِنْ رَضِيَ الْمُرْتَهِنُ بِتَعْجِيلِهِ فَكَذَلِكَ يُعَجَّلُ وَإِلَّا بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ، وَقِيلَ تَبْقَى قِيمَتُهُ رَهْنًا، وَقِيلَ يَأْتِي سَيِّدُهُ بِرَهْنٍ مُمَاثِلٍ لَهُ (قَوْلُهُ بَلْ وَتَجُوزُ ابْتِدَاءً) فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي قَوْلِ التَّوْضِيحِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ فَكَالْبَيْعِ إلَى آخِرِ مَا نَصَّهُ لَا يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنَّهُ إنْ فَعَلَ ذَلِكَ مَضَى وَنَحْوُهُ فِي ح اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُرْتَهِنَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَسَارٌ فِي الْأَجَلِ بِيعَ مِنْ الْعَبْدِ بِمِقْدَارِ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَيْ، فَإِنْ كَانَ لَا يَفِي بِالدَّيْنِ إلَّا ثَمَنَ كُلِّ الْعَبْدِ بِيعَ كُلُّهُ لَكِنْ لَا يُبَاعُ إلَّا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَعَلَّهُ أَنْ يَحْدُثَ فِيهِ يَسَارٌ وَإِنْ كَانَ يَفِي بِالدَّيْنِ ثَمَنُ بَعْضِ الْعَبْدِ بِيعَ بَعْضُهُ وَكَانَ الْبَاقِي حُرًّا وَهَذَا فِي الْعِتْقِ، وَأَمَّا فِي الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ كُلُّهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ أَشْهَبَ أَنَّ بَيْعَ الْبَعْضِ خَاصٌّ بِالْعِتْقِ إذْ لَا يُعْهَدُ التَّبْعِيضُ فِي الْكِتَابَةِ وَحِينَئِذٍ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ فِي الْكِتَابَةِ بِيعَ كُلُّهُ وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ وَالْبَاقِي مِنْ ثَمَنِهِ عَنْ الدَّيْنِ لِلرَّاهِنِ.

(قَوْلُهُ وَمُنِعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ السَّيِّدَ إذَا رَهَنَ أَمَةَ عَبْدِهِ وَحْدَهَا أَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا فَإِنَّ الْعَبْدَ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ رَهْنَهَا وَحْدَهَا أَوْ مَعَهُ يُشْبِهُ الِانْتِزَاعَ مِنْ السَّيِّدِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ عَرَضَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ لِلْبَيْعِ، وَقَدْ يُبَاعَانِ مُجْتَمِعَيْنِ فَيَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا بَعْدَ الْبَيْعِ أَوْ مُنْفَرِدَيْنِ فَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا فَلَمَّا احْتَمَلَ الْأَمْرُ حِلَّ الْوَطْءِ وَعَدَمَهُ صَارَ ذَلِكَ التَّعْرِيضُ شَبِيهًا بِانْتِزَاعِهَا مِنْهُ، فَإِنْ تَعَدَّى وَوَطِئَهَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ وَقُلْنَا يُشْبِهُ الِانْتِزَاعَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ انْتِزَاعًا حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ إذَا افْتَكَّهَا السَّيِّدُ مِنْ الرَّهْنِ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ السَّابِقِ عَلَى الرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ انْتِزَاعًا حَقِيقِيًّا لَافْتَقَرَ لِتَمْلِيكٍ ثَانٍ (قَوْلُهُ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا) صِفَةٌ لِأَمَةٍ وَلَمَّا جَرَتْ الصِّفَةُ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ أُبْرِزَ الضَّمِيرُ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُهُ صِفَةً لِعَبْدِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ كَذَا قِيلَ وَرُدَّ بِأَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا كَانَ الْفَاصِلُ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْعَامِلِ وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِلْعَبْدِ وَحِينَئِذٍ فَالْإِبْرَازُ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ لِجَرَيَانِ الصِّفَةِ عَلَى مَنْ هِيَ لَهُ فَهُوَ مِثْلُ زَيْدٌ هِنْدٌ ضَارِبَتُهُ هِيَ.

(قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ عَدَمُ اجْتِمَاعِ الْعَبْدِ مَعَهَا فِي الرَّهْنِيَّةِ (قَوْلُهُ كَزَوْجَتِهِ) أَيْ كَمَا يَجُوزُ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ وَلَوْ مَمْلُوكَةً لِلسَّيِّدِ وَمَرْهُونَةً مَعَ زَوْجِهَا الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَا يُبْطِلُ النِّكَاحَ وَالسَّيِّدُ لَيْسَ لَهُ انْتِزَاعُ الزَّوْجَةِ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا كَمَا لَوْ بَاعَهَا السَّيِّدُ.

(قَوْلُهُ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهَا) أَيْ فَلِذَا كَانَ وَطْؤُهُ لَهَا زِنًا مَحْضًا فَيُحَدُّ وَلَوْ ادَّعَى الْجَهْلَ وَالْوَلَدُ النَّاشِئُ مِنْ وَطْئِهِ رَقِيقٌ لِلرَّاهِنِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مَعَ أُمِّهِ وَمَا نَقَصَهَا رَهْنًا فِي الدَّيْنِ وَلَا يُلْحَقُ

ص: 249

وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَطْؤُهُ (إلَّا بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ فَلَا حَدَّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ إعَارَةِ الْفُرُوجِ مَعَ مَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا مِنْ الدَّيْنِ فَتَفُوتُ الشُّبْهَةُ وَلَكِنْ عَلَيْهِ الْأَدَبُ وَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ حَمَلَتْ وَهَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً (وَتُقَوَّمُ) الْمَوْطُوءَةُ بِإِذْنٍ (بِلَا وَلَدٍ حَمَلَتْ أَمْ لَا) لِأَنَّ حَمْلَهَا انْعَقَدَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَلَا قِيمَةَ لَهُ وَأَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِلَا إذْنٍ فَوَلَدُهَا رَقِيقٌ فَتُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا لِرِقِّهِ وَتُقَوَّمُ لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا، وَتَرْجِعُ مَعَ وَلَدِهَا لِمَالِكِهَا وَأَمَّا الْمَأْذُونُ فَتُقَوَّمُ عَلَيْهِ لِتَلْزَمَ قِيمَتُهَا الْوَاطِئَ بِالْإِذْنِ، وَلَا تَرْجِعُ لِلرَّاهِنِ.

(وَلِلْأَمِينِ) الْمَوْضُوعِ عِنْدَهُ الرَّهْنُ (بَيْعُهُ) فِي الدَّيْنِ (بِإِذْنٍ) مِنْ الرَّاهِنِ وَاقِعٍ (فِي عَقْدِهِ) أَيْ الرَّهْنِ وَأَوْلَى بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَوْكِيلٍ فِي بَيْعِهِ، وَسَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ وَهَذَا (إنْ لَمْ يَقُلْ) الرَّاهِنُ بِعْهُ (إنْ لَمْ آتِ) بِالدَّيْنِ فِي وَقْتِ كَذَا (كَالْمُرْتَهِنِ) لَهُ بَيْعُهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ لَا فِي حَالِ الْعَقْدِ إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَالَ لِلْأَمِينِ أَوْ الْمُرْتَهِنُ بِعْهُ إنْ لَمْ آتِ بِالدَّيْنِ وَقْتَ كَذَا أَوْ أَذِنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَقْدِ مُطْلَقًا لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ إلَّا بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ ثَوْبِ الْغَيْبَةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنْ عَسِرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَبِحَضْرَةِ عُدُولٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ نَدْبًا، فَإِنْ بَاعَ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ مَعَ تَيَسُّرِهِ (مَضَى مُطْلَقًا فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَمِينِ وَالْمُرْتَهِنِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ وَإِنْ لَمْ يَجُزْ ابْتِدَاءً وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَبِيعُ تَافِهًا وَلَمْ يَخْشَ فَسَادَهُ وَإِلَّا جَازَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْمُرْتَهِنِ وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ وَلَدُهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ مِنْهُ لَكِنْ لَوْ كَانَ الْوَلَدُ أُنْثَى لَحَرُمَتْ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَلَعَلَّهُ رَاعَى فِي مَنْعِ وَطْئِهَا الزِّنَا بِالْأُمِّ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ قَالَهُ الْبَاجِيَّ وَعَلَى ذَلِكَ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَيْثُ قَالَ وَحَرُمَ أُصُولُهُ وَفُصُولُهُ وَلَوْ خُلِقَتْ مِنْ مَائِهِ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا) أَيْ بِوَطْئِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا إنْ أَكْرَهَهَا أَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ أَمَّا لَوْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ ثَيِّبٌ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا نَقَصَهَا مَا لَمْ تَكُنْ صَغِيرَةً تُخْدَعُ وَإِلَّا فَطَوْعُهَا كَالْإِكْرَاهِ.

(قَوْلُهُ إنْ حَمَلَتْ) أَيْ مِنْ وَطْءِ الْمُرْتَهِنِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي وَطْئِهَا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ عَدَمُ الْحَدِّ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي وَطْئِهَا مَحَلُّهُ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُتَزَوِّجَةٍ وَإِلَّا حُدَّ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِي الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ الْمَوْطُوءَةُ بِإِذْنٍ بِلَا وَلَدٍ إلَخْ) أَيْ تُقَوَّمُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ يَوْمَ الْوَطْءِ مِنْ غَيْرِ حَمْلٍ أَيْ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ سَوَاءٌ كَانَتْ حَامِلًا أَمْ لَا لِأَجْلِ أَنْ يَغْرَمَ قِيمَتَهَا لِلرَّاهِنِ، وَقَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ إلَخْ مُسْتَأْنَفٌ أَوْ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِنْ أَذِنَ فَلَا حَدَّ وَتُقَوَّمُ إلَخْ فَقَوْلُهُ وَتُقَوَّمُ إلَخْ قَاصِرٌ عَلَى الثَّانِيَةِ لَا لِلِاثْنَيْنِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا وَلَدٍ يَبْعُدُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهَا فِي الْأُولَى تُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا لِأَجْلِ أَنْ يُعْرَفَ نَقْصُهَا، وَتَرْجِعُ لِمَالِكِهَا مَعَ وَلَدِهَا، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَتُقَوَّمُ وَحْدَهَا لِأَجْلِ أَنْ تَلْزَمَ لِلْوَاطِئِ بِالْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ وَقُوِّمَتْ أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَلْزَمَ لَهُ بِالْقِيمَةِ لَا لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا، وَتَرْجِعَ لِمَالِكِهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّ حَمْلَهَا انْعَقَدَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ) أَيْ لِلُحُوقِهِ بِالْمُرْتَهِنِ، وَقَوْلُهُ فَلَا قِيمَةَ لَهُ أَيْ فَلَا ثَمَنَ لَهُ يُدْفَعُ لِلرَّاهِنِ.

(قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ بِوَلَدِهَا وَتُقَوَّمُ لِيُعْرَفَ نَقْصُهَا) فَإِذَا وَطِئَهَا وَوَلَدَتْ وَكَانَ الْوَطْءُ يُنْقِصُهَا عَشَرَةً قُوِّمَ الْوَلَدُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةً جُبِرَ النَّقْصُ بِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ رَجَعَ عَلَى الْوَاطِئِ بِالْبَاقِي وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ فَلَا يَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ بِزِيَادَةٍ عَلَى سَيِّدِهَا، وَقَوْلُهُ وَتَرْجِعُ مَعَ وَلَدِهَا لِمَالِكِهَا أَيْ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا تَرْجِعُ لِلرَّاهِنِ) أَيْ وَإِنَّمَا تَرْجِعُ لِلْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ

(قَوْلُهُ وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ فِي الدَّيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ دَيْنَ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ (قَوْلُهُ بِإِذْنٍ) أَيْ إذَا أَذِنَ لَهُ الرَّاهِنُ فِي بَيْعِهِ (قَوْلُهُ وَاقِعٌ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ) أَيْ فِي وَقْتِ عَقْدِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِذْنَ مَحْضُ تَوْكِيلٍ أَيْ تَوْكِيلٌ مَحْضٌ سَالِمٌ عَنْ تَوَهُّمِ الْإِكْرَاهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى بَعْدَهُ) وَجْهُ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْإِذْنَ الْوَاقِعَ فِي الْعَقْدِ كَالْإِكْرَاهِ عَلَى الْإِذْنِ لِضَرُورَتِهِ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْحَقِّ فَإِذْنُهُ كَلَا إذْنٍ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَقُلْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ قَالَهُ فَلَا يَسْتَقِلُّ الْأَمِينُ بِالْبَيْعِ حِينَئِذٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِ الْحَاكِمِ لِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ إثْبَاتِ الْغَيْبَةِ وَغَيْرِهَا.

(قَوْلُهُ كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ) أَيْ وَأَمَّا إذْنُ الرَّاهِنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْبَيْعِ فِي حَالِ الْعَقْدِ فَقَوْلَانِ: الْجَوَازُ أَيْ جَوَازُ اسْتِقْلَالِهِ بِالْبَيْعِ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ زَرْقُونٍ، وَالْمَنْعُ لِبَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ هَدِيَّةُ مِدْيَانٍ وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَيْنِ فِي الْإِذْنِ لِلْمُرْتَهِنِ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَّى اللَّخْمِيِّ بَيْنَ شَرْطِ تَوْكِيلِ الْمُرْتَهِنِ وَالْعَدْلِ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ اهـ لَكِنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ مَشَى عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ مِنْ مَنْعِ اسْتِقْلَالِ الْمُرْتَهِنِ بِالْبَيْعِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ أَطْلَقَ أَوْ قَيَّدَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِأَنْ قَالَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَإِلَّا بِأَنْ قَيَّدَ لِلْأَمِينِ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ أَوْ قَيَّدَ أَوْ أَطْلَقَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي الْعَقْدِ أَوْ قَيَّدَ لَهُ بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ بِغَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاهِنَ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ بِبَيْعِ الرَّهْنِ لِلْأَمِينِ أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُطْلِقَ أَوْ يُقَيِّدَ فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ، فَإِنْ وَقَعَ مِنْهُ الْإِذْنُ لِلْأَمِينِ فِي الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ وَأَطْلَقَ جَازَ لَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَأَطْلَقَ فَلَهُ الْبَيْعُ بِلَا إذْنٍ وَإِنْ قَيَّدَ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ، وَإِنْ وَقَعَ الْإِذْنُ مِنْهُ لَهُ فِي حَالَةِ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ قَيَّدَ أَوْ ` أَطْلَقَ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِبَعْضِ الْمُوَثَّقِينَ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ إنْ لَمْ آتِ بِالدَّيْنِ فِي وَقْتِ كَذَا أَوْ لَمْ يَقُلْ (قَوْلُهُ فَبِحَضْرَةِ إلَخْ) أَيْ فَيَبِيعُهُ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي بَيْعِهِ سَوَاءٌ كَانَ أَمِينًا أَوْ مُرْتَهِنًا بِحَضْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَخْشَ فَسَادَهُ) أَيْ لَوْ بَقِيَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ)

ص: 250

مُطْلَقًا (وَلَا يُعْزَلُ الْأَمِينُ) الْمُوَكَّلُ عَلَى حَوْزِهِ أَوْ بَيْعِهِ أَيْ لَا يَعْزِلُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَا يَمْضِي عَزْلُهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى عَزْلِهِ فَلَهُمَا ذَلِكَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْأَمِينِ (إيصَاءٌ بِهِ) أَيْ بِالرَّهْنِ عِنْدَ سَفَرِهِ أَوْ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي ذَلِكَ لِلْمُتَرَاهِنَيْنِ وَهُمَا لَمْ يَرْضَيَا إلَّا بِأَمَانَتِهِ لَا أَمَانَةِ غَيْرِهِ (وَبَاعَ الْحَاكِمُ) الرَّهْنَ (إنْ امْتَنَعَ) الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهِ وَهُوَ مُعْسِرٌ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْوَفَاءِ وَهُوَ مُوسِرٌ، وَلَا يُحْبَسُ، وَلَا يُضْرَبُ، وَلَا يُهَدَّدُ، وَكَذَا يُبَاعُ إذَا غَابَ الرَّاهِنُ مَعَ ثُبُوتِ الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالْبَيْعِ (وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ) عَلَى الرَّاهِنِ (بِنَفَقَتِهِ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ حَيْثُ احْتَاجَ لِنَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ وَكَعَقَارٍ احْتَاجَ لِحُرْمَةٍ وَلَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ غَلَّتَهُ لَهُ وَمَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ لَا فِي عَيْنِ الرَّهْنِ (وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهُ الرَّاهِنُ فِي الْإِنْفَاقِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (وَلَيْسَ) الرَّهْنُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُطْلَقًا) أَيْ تَيَسَّرَ الرَّفْعُ لَهُ أَوْ لَا.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْمُضِيِّ إذَا أَصَابَ وَجْهَ الْبَيْعِ أَمَّا لَوْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الْقِيمَةِ كَانَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَإِنْ تَدَاوَلَتْهُ الْأَمْلَاكُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِأَيِّ ثَمَنٍ شَاءَ كَالشَّفِيعِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ لَا يَعْزِلُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَلَوْ إلَى بَدَلٍ أَوْثَقَ مِنْهُ كَمَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَعْزِلَهُ أَحَدُهُمَا كَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ سَوَاءٌ كَانَ مُوَكَّلًا عَلَى حَوْزِ الرَّهْنِ أَوْ عَلَى بَيْعِهِ عَلَى مَا ظَهَرَ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِوَضْعِهِ عِنْدَ أَمِينٍ غَيْرِهِ إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَوْ حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ، فَإِنْ أَوْصَى بِذَلِكَ لَمْ تَنْفُذْ وَصِيَّتُهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْفُذُ الْإِيصَاءُ بِهِ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ الْإِيصَاءِ بِهِ عَدَمُ نُفُوذِهِ اهـ خش، وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْقَاضِيَ لَيْسَ لَهُ الْإِيصَاءُ بِالْقَضَاءِ فَالْقَاضِي مِثْلُ الْأَمِينِ فِي ذَلِكَ وَمِثْلُهُمَا الْوَكِيلُ وَلَوْ مُفَوَّضًا إلَيْهِ، وَمُقَدَّمُ الْقَاضِي الْمُقَامُ عَلَى أَيْتَامٍ بِخِلَافِ الْخَلِيفَةِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُجْبَرِ وَإِمَامِ الصَّلَاةِ الْمُقَامِ مِنْ طَرَفِ السُّلْطَانِ وَنَاظِرِ الْوَقْفِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يُوصِيَ بِمَنْصِبِهِ وَيَسْتَخْلِفَ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ النَّاظِرُ الَّذِي جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْإِيصَاءَ بِهِ وَإِلَّا فَهُوَ كَالْقَاضِي كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ إنْ امْتَنَعَ الرَّاهِنُ مِنْ بَيْعِهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لِلْأَمِيرِ وَلَا لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلَا يُهَدَّدُ) أَيْ لَا يُخَوَّفُ بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْحَبْسِ وَالضَّرْبِ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا يُبَاعُ) أَيْ يَبِيعُهُ الْحَاكِمُ، وَقَوْلُهُ إذَا غَابَ الرَّاهِنُ أَيْ أَوْ مَاتَ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ) أَيْ وَثُبُوتُ أَنَّ الرَّهْنَ مِلْكٌ لَهُ أَوْ اسْتِعَارَةٌ أَيْ وَبَعْدَ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فَفِي ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَحْكُمُ لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِ الرَّهْنِ إذَا غَابَ الرَّاهِنُ أَوْ مَاتَ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ الدَّيْنُ وَمِلْكُ الرَّهْنِ لَهُ وَتَحْلِيفُهُ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ مَا وَهَبَهُ دَيْنَهُ وَلَا قَبَضَهُ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَيْهِ إلَى حِينِ قِيَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الرَّهْنِ أَوْلَى بِالْبَيْعِ أَيْ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ وَذَلِكَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِعَيْنِهِ، وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُخَالِفًا لِابْنِ يُونُسَ فِي قَوْلِهِ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ فِي الْأَوْلَى بِالْبَيْعِ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرِهِ فَيَبِيعُ مَا هُوَ الْأَوْلَى لَكِنْ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ وَنَصُّهُ الرَّهْنُ لَا يُبَاعُ عَلَى الرَّاهِنِ إذَا امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ غَابَ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ وَعَنْ قُرْبِ غَيْبَتِهِ مِنْ بَعْدِهَا وَلَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا الْقَاضِي فَأَشْبَهَ حُكْمَهُ عَلَى الْغَائِبِ اهـ فَقَوْلُهُ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ رُبَّمَا اقْتَضَى أَنَّهُ لَوْ وُجِدَ لَهُ شَيْءٌ يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ غَيْرَ الرَّهْنِ نَظَرَ الْحَاكِمُ فَيُوَافِقُ مَا لِابْنِ يُونُسَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ) ابْنُ عَاشِرٍ أَيْ الَّتِي شَأْنُهَا الْوُجُوبُ عَلَى الْمَالِكِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمَمْلُوكُ رَهْنًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرِ خِيفٍ إلَخْ وَقَالَ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى كَشَجَرٍ أَيْ مِمَّا يَتَوَقَّفُ سَلَامَتُهُ عَلَى النَّفَقَةِ وَلَا يَلْزَمُ مَالِكَهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ رَهْنًا نَفَقَتُهُ وَبَعْدَ اللُّزُومِ فَارَقَتْ هَذِهِ قَوْلَهُ وَرَجَعَ مُرْتَهِنُهُ بِنَفَقَتِهِ فِي الذِّمَّةِ قَالَ طفي، وَهَذَا الْحَمْلُ صَوَابٌ وَلَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ فَيُؤْخَذُ مِنْ التَّقْرِيرِ الْمَذْكُورِ أَنَّ الْعَقَارَ كَالشَّجَرِ لَا كَالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ الْمِسَناوِيُّ مَا أَفَادَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الْعَقَارَ كَالْحَيَوَانِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا رَهَنَهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِافْتِقَارِهِ لِلْإِصْلَاحِ فَكَأَنَّهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ فَيَرْجِعُ بِهَا فِي ذِمَّتِهِ قَالَ، وَهَذَا هُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ الْأَشْجَارِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْذَنْ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ وَرَدَّ بِلَوْ قَوْلَ أَشْهَبَ إنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الرَّهْنِ إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهَا تَكُونُ فِي الرَّهْنِ مُبْدَأً بِهَا فِي ثَمَنِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ) أَمَّا فِي الْحَيَوَانِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْعَقَارِ فَلِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ التَّعْلِيلَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ يَقْتَضِي قَصْرَ الرَّهْنِ عَلَى الْحَيَوَانِ دُونَ الْعَقَارِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْإِنْفَاقُ عَلَى دَابَّتِهِ وَعَلَى رَقِيقِهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أُجْبِرَ عَلَى بَيْعِهِمَا وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ إصْلَاحُ عَقَارِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْحَيَوَانِ، وَأَمَّا الْعَقَارُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى كَشَجَرٍ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْعَقَارِ لَا يَجِبُ عَلَى صَاحِبِهِ

ص: 251

(رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِالْإِنْفَاقِ بِمَعْنَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ الضَّالَّةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا فِي عَيْنِ الْمُلْتَقِطِ وَيَكُونُ مُقَدَّمًا عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهَا (إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ) الرَّاهِنُ (بِأَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنُ (رَهْنٌ بِهَا) أَيْ فِي النَّفَقَةِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِأَنْ قَالَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ أَوْ بِمَا أَنْفَقْتَ أَوْ عَلَى مَا أَنْفَقْتَ كَانَ رَهْنًا بِهَا يُقَدَّمُ عَلَى الْغُرَمَاءِ بِنَفَقَتِهِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ قَطْعًا، وَاخْتُلِفَ فِيمَا إذَا قَالَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّصْرِيحِ أَوْ لَا، وَعَلَيْهِ لَوْ بِيعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالدَّيْنُ عَشَرَةٌ فَإِنَّ الْخَمْسَةَ الْفَاضِلَةَ تَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ وَإِنْ قَالَ) أَنْفِقْ (وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ تَأْوِيلَانِ) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِيمَا إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك إلَخْ لَا فِي الْوَاوِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ ذَلِكَ فَالْمُصَنِّفُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ وَهُوَ ظَاهِرٌ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى الْفَرْقَ عَلَى أَنَّ الْوَجْهَ أَنَّ الظَّاهِرَ التَّأْوِيلُ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي الرَّهْنِيَّةِ فَهُوَ ظَاهِرٌ فِيهَا فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَهْنٍ فِيهَا وَفَرَّعَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ وَعَلَى تَعْرِيفِهِ أَوَّلَ الْبَابِ لِلرَّهْنِ الدَّالِّ بِظَاهِرِهِ عَلَى عَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ. قَوْلُهُ (فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ) بِأَنْ يَقُولَ خُذْ هَذِهِ رَهْنًا عَلَى أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ بِرَهْنِ كَذَا وَنَحْوِ ذَلِكَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إصْلَاحُهُ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ فِيهِ وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالْإِنْفَاقِ النَّفَقَةُ أَيْ الشَّيْءُ الْمُنْفَقُ أَيْ وَلَيْسَ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ بَلْ بِمُجَرَّدِ وَفَاءِ الدَّيْنِ انْحَلَّ الرَّهْنُ مِنْ الرَّهِينَةِ وَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ، وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا دَاعِيَ لِذِكْرِهِ وَرُدَّ بِأَنَّ كَوْنَهُ فِي الذِّمَّةِ لَا يُنَافِي كَوْنَهُ رَهْنًا فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الدُّيُونَ فِي الذِّمَّةِ وَمَعَ ذَلِكَ يُرْهَنُ فِيهَا حِينَئِذٍ فَذَكَرَ قَوْلَهُ وَلَيْسَ رَهْنًا فِيهِ مُضْطَرٌّ لِذِكْرِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فَائِدَةَ كَوْنِ النَّفَقَةِ فِي الذِّمَّةِ أَنَّهُ إذَا زَادَتْ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ فَإِنَّهُ يُتْبِعُهُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ، وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِ الرَّهْنِ رَهَنَهُ فِيهَا أَوْ لَا فَأَفَادَ أَنَّهُ لَيْسَ رَهْنًا فِيهَا بِقَوْلِهِ وَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِهَا) أَيْ بِالنَّفَقَةِ فِي عَيْنِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ، وَقَوْلُهُ وَيَكُونُ أَيْ الْمُنْفِقُ مُقَدَّمًا إلَخْ، فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَةِ الضَّالَّةِ فَلَا يَرْجِعُ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ عَلَى رَبِّهَا وَضَاعَتْ عَلَى الْمُنْفِقِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الضَّالَّةِ وَالرَّهْنِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا حَيْثُ كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهَا فِي عَيْنِهَا وَالنَّفَقَةُ عَلَى الرَّهْنِ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ الضَّالَّةَ لَا يُعْرَفُ صَاحِبُهَا حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا وَلَا بُدَّ لَهَا مِنْ النَّفَقَةِ عَلَيْهَا فَلِذَا رَجَعَ بِالنَّفَقَةِ فِي عَيْنِ مَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ فَإِنَّ صَاحِبَهُ مَعْرُوفٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ فَلَوْ شَاءَ طَالَبَهُ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ أَوْ غَابَ رُفِعَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ) أَيْ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الرَّهْنِ (قَوْلُهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ الرَّاهِنُ رَهْنًا فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذِهِ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الرَّهْنَ رُهِنَ فِيهَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ: أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك بِسَبَبِ الرَّهْنِ أَوْ وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ فَالرَّهْنُ رُهِنَ فِيهَا عَلَى الِاحْتِمَالِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) أَيْ وَهَلْ يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا وَإِنْ قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ أَيْ أَوْ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِيهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَأْوِيلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَبْلُونٍ (قَوْلُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إنْ سُلِّمَ ذَلِكَ) أَيْ إنْ سُلِّمَ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ لَا فِي الْوَاوِ.

وَحَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَا لَا أُسَلِّمُ أَنَّ مَحَلَّ التَّأْوِيلَيْنِ إذَا قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ فَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ صَاحِبِ التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يُفِيدُ أَنَّ الرَّهْنَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي الذِّمَّةِ سَوَاءٌ قَالَ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ أَوْ قَالَ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ سَلَّمْنَا أَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا وَقَعَا فِي عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك إلَخْ لَا فِي الْوَاوِ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ أَحْوَالَ الْإِنْفَاقِ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ أَنْ يَقُولَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ عَلَى الرَّهْنِ فَقَطْ وَلَا يَزِيدُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ النَّفَقَةُ فِي الذِّمَّةِ فَقَطْ.

الثَّانِي أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَيْهِ وَهُوَ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فَالرَّهْنُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ اتِّفَاقًا.

الثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ وَهُوَ مَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ وَمِثْلُهَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا قَالَ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ فَالْمُصَنِّفُ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَلَى وَالْوَاوِ) أَيْ رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا عَلَى وَالصِّيغَةِ الَّتِي فِيهَا الْوَاوُ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْ وَعَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا ظَاهِرٌ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقَاسُ الصِّيغَةُ الَّتِي فِيهَا الْوَاوُ عَلَى الَّتِي فِيهَا عَلَى فِي جَرَيَانِ التَّأْوِيلَيْنِ، وَوَجْهُ ظُهُورِ عَدَمِ الْفَرْقِ أَنَّ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ الرَّهْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك بِسَبَبِ الرَّهْنِ أَيْ أَنَّهُ الْحَامِلُ لَك عَلَى الْإِنْفَاقِ فَهِيَ مُحْتَمِلَةٌ لِلِاحْتِمَالَيْنِ كَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ ادَّعَى الْفَرْقَ) أَيْ فَقَالَ إنَّ أَنْفِقْ عَلَى أَنَّ نَفَقَتَك فِي الرَّهْنِ قَرِيبٌ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِي النَّفَقَةِ بِخِلَافِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَإِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ التَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ رَهْنٌ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْهُ أَنَّ النَّفَقَةَ بِسَبَبِ الرَّهْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتِمُّ الْقِيَاسُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ تَسَاوِي التَّأْوِيلَيْنِ (قَوْلُهُ فَفِي افْتِقَارِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ

ص: 252

فِي النَّفَقَةِ مِنْ التَّصْرِيحِ فِيهَا بِرَهْنِ الرَّهْنِ فِيهَا وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ بَلْ يَكْفِي مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ (تَأْوِيلَانِ وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ) مِنْ مَالِهِ (عَلَى) رَهْنٍ (كَشَجَرٍ) أَوْ زَرْعٍ (خِيفَ عَلَيْهِ) التَّلَفُ بِعَدَمِ الْإِنْفَاقِ وَأَبَى الرَّاهِنُ مِنْهُ وَلَمْ يَأْذَنْ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهِ حَيْثُ انْقَطَعَ الْمَاءُ عَنْهُ فَاحْتِيجَ لِإِجْرَائِهِ أَوْ لِإِصْلَاحِ الْبِئْرِ (بُدِئَ) مِنْ الثَّمَرِ أَوْ الْحَبِّ (بِالنَّفَقَةِ) الَّتِي صَرَفَهَا فِي ذَلِكَ عَلَى الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ الشَّجَرَ أَوْ الزَّرْعَ، وَلَا تَكُونُ النَّفَقَةُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ فِي الذِّمَّةِ أَنَّ نَفَقَةَ الْحَيَوَانِ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ لَا بُدَّ مِنْهَا فَكَأَنَّ الْمُرْتَهِنَ دَخَلَ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمَا، فَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الرَّهْنِ رَهْنًا بِهَا كَانَ سَلَفًا مِنْهُ لِلرَّاهِنِ بِخِلَافِ هَدْمِ الْبِئْرِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَدْخُولٍ عَلَيْهِ.

وَلَمَّا كَانَ إحْيَاءُ الزَّرْعِ وَنَحْوُهُ إنَّمَا يَحْصُلُ عَنْ إنْفَاقِهِ بُدِئَ بِهِ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ، فَإِنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِدُونِ عِلْمِهِ بِالنَّفَقَةِ، فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةُ (عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ (مُطْلَقًا) كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا فِي صُلْبِ الْعَقْدِ لِلْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ أَوْ مُتَطَوَّعًا بِهِ بَعْدَهُ وَالْمُرْتَهِنُ بِالْخِيَارِ فِي الْإِنْفَاقِ، فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَ فِي الرَّهْنِ لَا الذِّمَّةِ وَهَذَا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهَلْ هُوَ يُجْبِرُ الرَّاهِنَ عَلَى الْإِنْفَاقِ لِإِحْيَاءِ الرَّهْنِ إذَا كَانَ كَشَجَرٍ أَوْ لَا (وَ) تُؤُوِّلَتْ (عَلَى التَّقْيِيدِ) لِعَدَمِ جَبْرِهِ (بِالتَّطَوُّعِ) بِالرَّهْنِ (بَعْدَ الْعَقْدِ) دُونَ الْمُشْتَرَطِ فِي الْعَقْدِ فَيُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَيْهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِهِ وَإِنْ كَانَ الْإِنْسَانُ لَا يُجْبَرُ عَلَى إصْلَاحِ عَقَارِهِ، وَعَلَيْهِ فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَ فِي الذِّمَّةِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ وَهَلْ كَذَا أَوْ كَذَا تَأْوِيلَانِ إشَارَةً إلَى رُجْحَانِ الْأَوَّلِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي شُرُوطِ ضَمَانِ الرَّهْنِ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ بِقَوْلِهِ (وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ إنْ كَانَ بِيَدِهِ) لَا بِيَدِ أَمِينٍ (وَكَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ) كَحُلِيٍّ وَسِلَاحٍ وَثِيَابٍ وَكُتُبٍ مِنْ كُلِّ مَا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَكَتْمُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَعَ خِلَافٌ هَلْ الرَّهْنُ يَحْتَاجُ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ أَوْ لَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ، وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي قَوْلُ أَشْهَبَ فَإِذَا دَفَعَ الْمَدِينُ لِرَبِّ الدَّيْنِ سِلْعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ أَمْسِكْهَا حَتَّى أَدْفَعَ لَك حَقَّك كَانَتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ رَهْنًا عِنْدَ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِمَا يَتَفَرَّعُ التَّأْوِيلَانِ السَّابِقَانِ فِي النَّفَقَةِ إذَا قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْفِقْ وَنَفَقَتُك فِي الرَّهْنِ فَمَنْ قَالَ إنَّ الرَّهْنَ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ بَلْ فِي الدَّيْنِ فَقَدْ رَاعَى قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَمَنْ قَالَ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ وَالنَّفَقَةِ مَعًا فَقَدْ رَاعَى قَوْلَ أَشْهَبَ بِعَدَمِ افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَالْمُصَنِّفُ قَدْ عَكَسَ فِي الْبِنَاءِ؛ لِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي النَّفَقَةِ مُفَرَّعَانِ فِي الْوَاقِعِ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ لَا الْعَكْسِ، وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَفِي افْتِقَارِ إلَخْ لِلتَّعْلِيلِ لَا لِلتَّفْرِيعِ أَيْ فِيهِ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ فِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِذَلِكَ قَوْلَيْنِ فَالتَّأْوِيلَانِ مُفَرَّعَانِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَفَرَّعَ عَلَى التَّأْوِيلَيْنِ إلَخْ لَا يَظْهَرُ وَتَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ ثَانِيًا تَأْوِيلَانِ صَوَابُهُ قَوْلَانِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فِي النَّفَقَةِ) أَيْ فِي كَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ افْتِقَارِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى كَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِي النَّفَقَةِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِكَوْنِ الرَّهْنِ رَهْنًا فِيهَا (قَوْلُهُ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَدْ تَدَايَنَهُ لِيُوَفِّيَهُ (قَوْلُهُ خِيفَ عَلَيْهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْخَوْفِ هُنَا الظَّنُّ فَمَا فَوْقَهُ وَمَفْهُومُ خِيفَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخَفْ عَلَيْهِ إذَا تُرِكَ لَانْبَغَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْذَنْ) أَيْ وَأَنْفَقَ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِ الرَّاهِنِ فَالشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ (قَوْلُهُ عَلَى الدَّيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ بُدِئَ أَيْ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الدَّيْنِ فِي ذَلِكَ الرَّهْنِ، فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى قِيمَتِهِ لَمْ تَتَعَلَّقْ بِذِمَّتِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ الْعَقَارُ) أَيْ لِشِبْهِهِ بِالْحَيَوَانِ مِنْ حَيْثُ اسْتِعْمَالُهُ فِي نَحْوِ السُّكْنَى فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ بُدِئَ بِهِ عَلَى دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ) قَالَ عبق مَعْنَى التَّبْدِئَةِ بِمَا أَنْفَقَ أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يَكُونُ فِي ثَمَنِ الزَّرْعِ وَالثَّمَرَةِ وَفِي رِقَابِ النَّخْلِ، فَإِنْ سَاوَى مَا ذُكِرَ لِلنَّفَقَةِ أَخَذَهَا الْمُرْتَهِنُ وَإِنْ قَصَرَ ذَلِكَ عَنْ نَفَقَتِهِ لَمْ يَتْبَعْ الرَّاهِنَ بِالزَّائِدِ وَضَاعَ عَلَيْهِ وَكَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ بِدَيْنِهِ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الْمُتَعَلِّقِ إنْفَاقُهُ فِيهَا بِذِمَّةِ الرَّاهِنِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ عَنْ نَفَقَتِهِ بُدِئَ بِهَا فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ كَانَ لِلرَّاهِنِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الشَّجَرِ أَوْ الزَّرْعِ) أَيْ الْمَرْهُونَيْنِ وَخِيفَ عَلَيْهِمَا الْفَسَادُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُؤُوِّلَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالتَّطَوُّعِ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ مُتَطَوَّعًا بِهِ فَلَا يُجْبَرُ الرَّاهِنُ عَلَى النَّفَقَةِ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ مُخَيَّرٌ، فَإِنْ أَنْفَقَ كَانَتْ النَّفَقَةُ فِي الرَّهْنِ لَا فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الرَّهْنُ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُجْبَرُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ، فَإِنْ امْتَنَعَ وَأَنْفَقَ الْمُرْتَهِنُ عَلَيْهِ كَانَتْ نَفَقَتُهُ فِي الذِّمَّةِ لَا فِي الرَّهْنِ.

(قَوْلُهُ وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ) أَيْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ مِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ أَوْ رَدَّهُ وَهَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الضَّيَاعِ أَوْ يَوْمَ الِارْتِهَانِ؟ قَوْلَانِ وَوَفَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ بِأَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا ظَهَرَ عِنْدَهُ يَوْمَ ادَّعَى التَّلَفَ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ عِنْدَهُ مِنْ يَوْمِ قَبَضَهُ حَتَّى ضَاعَ اهـ بْن نَقْلًا عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ (قَوْلُهُ لَا بِيَدِ أَمِينٍ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ إلَخْ) بَيَانٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَنَحْوُهَا مِنْ كُلِّ إلَخْ وَذَلِكَ كَالسَّفِينَةِ وَقْتَ جَرْيِهَا رُهِنَتْ وَحْدَهَا أَوْ مَعَ آلَتِهَا، وَأَمَّا آلَتُهَا فَهِيَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا رُهِنَتْ وَقْتَ جَرْيِ السَّفِينَةِ أَوْ رَاسِيَةً

ص: 253

لَا حَيَوَانٍ وَعَقَارٍ (وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ) أَوْ شَاهِدٌ مَعَ يَمِينٍ (بِكَحَرْقِهِ) أَوْ سَرِقَتِهِ أَوْ تَلَفِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لِلتُّهْمَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَيَضْمَنُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (وَلَوْ شَرَطَ) الْمُرْتَهِنُ فِي عَقْدِ الرَّهْنِ (الْبَرَاءَةَ) أَيْ عَدَمَ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّيْءِ قَبْلَ وُجُوبِهِ وَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّرْطِ (أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ) الْمُعْتَادِ وَضْعُهُ فِيهِ وَادَّعَى حَرْقَهُ مَعَ مَتَاعِهِ فَيَضْمَنُ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ (إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا) مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ فَلَا ضَمَانَ، وَقَوْلُهُ مُحْرَقًا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ أَيْ مَعْطُوبًا مُحْرَقًا أَوْ مَقْطُوعًا أَوْ مَكْسُورًا أَوْ مَبْلُولًا (وَأَفْتَى) أَيْ أَفْتَى الْإِمَامُ الْبَاجِيَّ (بِعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الضَّمَانِ (فِي الْعِلْمِ) أَيْ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّ الرَّهْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ لَا حَيَوَانٍ وَعَقَارٍ) أَيْ وَسَفِينَةٍ وَاقِفَةٍ فِي الْمَرْسَى فَإِذَا ادَّعَى ضَيَاعَ ذَلِكَ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ تَلَفَهُ أَوْ رَدَّهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَمَحَلُّ تَصْدِيقِهِ فِي دَعْوَى الرَّدِّ مَا لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَإِلَّا فَلَا يُصَدَّقُ كَمَا فِي ح وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الرَّهْنِ فِي التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَابُ الْعَوَارِيّ، وَضَمَانُ الصُّنَّاعِ، وَالْمَبِيعُ بِخِيَارٍ، وَنَفَقَةُ الْمَحْضُونِ إذَا دُفِعَتْ لِلْحَاضِنِ، وَالصَّدَاقُ إذَا دُفِعَ لِلْمَرْأَةِ وَحَصَلَ فَسْخٌ أَوْ طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَمَا بِيَدِ الْوَرَثَةِ إذَا طَرَأَ دَيْنٌ أَوْ وَارِثٌ آخَرُ، وَالْمُشْتَرِي مِنْ غَاصِبٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِغَصْبِهِ، وَالسِّلْعَةُ الْمَحْبُوسَةُ لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضَّمَانَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ أَوْ هَلَاكِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ هُنَا ضَمَانُ تُهْمَةٍ وَهِيَ تَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَالتُّهْمَةُ مَوْجُودَةٌ) أَيْ وَلِأَنَّ التُّهْمَةَ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا التَّعْلِيلِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَصْلُحُ عِلَّةً لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ لَا لِاشْتِرَاطِ عَدَمِ الضَّمَانِ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الضَّمَانِ عِنْدَ الشَّرْطِ) قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ إنَّمَا يَحْسُنُ خِلَافُ الشَّيْخَيْنِ فِي الرَّهْنِ الْمُشْتَرَطِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْقَرْضِ، وَأَمَّا فِي رَهْنٍ مُتَطَوَّعٍ بِهِ فَلَا يَحْسُنُ الْخِلَافُ؛ لِأَنَّ تَطَوُّعَهُ بِالرَّهْنِ مَعْرُوفٌ وَإِسْقَاطُ الضَّمَانِ مَعْرُوفٌ ثَانٍ فَهُوَ إحْسَانٌ عَلَى إحْسَانٍ فَلَا وَجْهَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهَذَا التَّقْيِيدُ مَعْمُولٌ بِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى الضَّمَانِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا عَلِمَ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ الْمُعْتَادِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ فِيهِ الْحَرْقُ (قَوْلُهُ وَادَّعَى حَرْقَهُ) أَيْ وَادَّعَى أَنَّهُ كَانَ بِهِ وَأَنَّهُ حَرَقَ مَعَ مَتَاعِهِ (قَوْلُهُ إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا) قِيلَ الْأَوْلَى غَيْرُ مُحْرَقٍ إذْ الْبَعْضُ الْمُحْرَقُ لَا يَبْقَى، وَإِنَّمَا الَّذِي يَبْقَى الْبَعْضُ غَيْرَ الْمُحْرَقِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُحْرَقَ يُطْلَقُ عَلَى مَا أَذْهَبَتْهُ النَّارُ بِالْكُلِّيَّةِ وَعَلَى مَا بَقِيَتْ آثَارُهَا فِيهِ وَلَمْ تُذْهِبْهُ بِالْكُلِّيَّةِ فَأَطْلَقَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ بِكَحَرْقِهِ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَأَطْلَقَهُ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا بِالْمَعْنَى الثَّانِي عَلَى طَرِيقِ شِبْهِ الِاسْتِخْدَامِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الرَّهْنَ إنْ كَانَ مُتَّحِدًا كَفَى الْإِتْيَانُ بِبَعْضٍ مِنْهُ مُحْرَقًا وَإِنْ كَانَ مُتَعَدِّدًا فَلَا بُدَّ مِنْ الْإِتْيَانِ بِبَعْضِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُ مُحْرَقًا (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ فَلَا يُبْرِئُهُ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا مَجْمُوعُ شَيْئَيْنِ الْإِتْيَانُ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا وَعِلْمُ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ، وَأَمَّا إنْ أَتَى بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا وَلَمْ يَعْلَمْ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ مَحَلِّهِ وَلَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا فَالضَّمَانُ ثَابِتٌ عَلَى الْمُرْتَهِنِ وَزَادَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَيْدًا ثَالِثًا وَهُوَ أَنْ يَعْلَم أَنَّ النَّارَ الَّتِي أَحْرَقَتْ الْمَحَلَّ لَيْسَتْ مِنْ سَبَبِهِ، فَإِنْ جَهِلَ كَوْنَهَا بِسَبَبِهِ أَوْ لَا فَالضَّمَانُ عَلَيْهِ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مُعْتَبَرٌ فَلَا وَجْهَ لِإِهْمَالِ الْمُصَنِّفِ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ أَفْتَى الْإِمَامُ الْبَاجِيَّ) أَيْ لَمَّا احْتَرَقَتْ أَسْوَاقُ طَرْطُوشَةَ وَهُوَ وَجِيهٌ. قَالَ بْن وَبِذَلِكَ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا وَنَقَلَ فِي التَّوْضِيحِ مِثْلَ فَتْوَى الْبَاجِيَّ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَنَصُّهُ وَذَكَرَ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ نَزَلَ عِنْدَهُمْ سَنَةَ سِتٍّ وَثَمَانِينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ لَمَّا فَتَحَ الرُّومُ زُوَيْلَةَ وَالْمَهْدِيَّةَ وَنَهَبُوا الْأَمْوَالَ وَكَثُرَتْ الْخُصُومَاتُ مَعَ الْمُرْتَهِنِينَ وَالصُّنَّاعِ وَفِي الْبَلَدِ مَشَايِخُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مُتَوَافِرُونَ فَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِتَكْلِيفِ الْمُرْتَهِنِ وَالصُّنَّاعِ الْبَيِّنَةَ أَنَّ مَا عِنْدَهُ قَدْ أَخَذَهُ الرُّومُ وَأَفْتَيْتُ بِتَصْدِيقِهِمْ وَكَانَ الْقَاضِي حِينَئِذٍ يَعْتَمِدُ فَتْوَايَ فَتَوَقَّفَ لِكَثْرَةِ مَنْ خَالَفَنِي حَتَّى شَهِدَ عِنْدَهُ عَدْلَانِ أَنَّ شَيْخَ الْجَمَاعَةِ السُّيُورِيِّ أَفْتَى بِمَا أَفْتَيْت بِهِ، ثُمَّ قَدِمَ عَلَيْنَا كِتَابُ الْمُنْتَقَى فَذَكَرَ

ص: 254

الْمُعْتَادِ وَضْعُهُ فِيهِ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ كَانَ بِهِ إذْ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ بِهِ لَمْ يَضْمَنْ اتِّفَاقًا، وَفَتْوَى الْبَاجِيَّ ضَعِيفَةٌ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهِ بَلْ بِيَدِ أَمِينٍ أَوْ تَرَكَاهُ فِي مَوْضِعِهِ كَثِمَارٍ بِشَجَرَةٍ وَزَرْعٍ بِأَرْضِهِ أَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَدُورٍ وَعَبِيدٍ أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِكَحَرْقِهِ أَوْ وُجِدَ بَعْضُهُ مُحْرَقًا مَعَ عِلْمِ احْتِرَاقِ مَحَلِّهِ أَوْ عِلْمِ احْتِرَاقِ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ (فَلَا) ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (وَلَوْ اشْتَرَطَ) الرَّاهِنُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ (ثُبُوتَهُ) أَيْ الضَّمَانِ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) وَكَذَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) وَنَحْوِهِ مَعَهُ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ أَحَدٌ فَيَضْمَنُ بِخِلَافِ لَوْ صَدَّقُوهُ فَلَا ضَمَانَ وَلَوْ قَالُوا رَأَيْنَاهَا مَيِّتَةً وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّهَا الرَّهْنُ وَحَلَفَ أَنَّهَا الرَّهْنُ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ (فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ) فِي دَعْوَى التَّلَفِ (وَ) أَنَّهُ (لَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ قَالُوا:" وَ " لِلتَّقْسِيمِ بِمَعْنَى أَوْ، وَإِنَّمَا حَلَفَ مَعَ ضَمَانَةِ الْقِيمَةِ أَوْ الْمِثْلِ عَلَى إخْفَائِهِ رَغْبَةً فِيهِ (وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ) أَيْ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ (إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ) مِنْ الرَّاهِنِ (أَوْ وُهِبَ) لَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ، وَلَا يَكُونُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبَضَ عَلَى وَجْهِ التَّوَثُّقِ بِهِ لَا الْأَمَانَةِ (إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ) لِرَبِّهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِيهِ فِي الِاحْتِرَاقِ مِثْلَ مَا أَفْتَيْتُ بِهِ وَذَكَرَ كَلَامَ الْبَاجِيَّ اهـ.

(قَوْلُهُ الْمُعْتَادُ وَضْعُهُ فِيهِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا إذْ هُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَفَتْوَى الْبَاجِيَّ ضَعِيفَةٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ بْن قَدْ اعْتَمَدَ فَتْوَاهُ، وَأَمَّا شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَغَيْرِهِ فَقَدْ ضَعَّفُوهَا وَصَحَّحُوا الْقَوْلَ بِالضَّمَانِ وَتَبِعَهُمْ فِي ذَلِكَ شَارِحُنَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَدُورٍ وَعَبِيدٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ تَعَدٍّ وَإِلَّا ضَمِنَ.

وَمِنْ التَّعَدِّي أَنْ يُسَافِرَ بِالرَّهْنِ أَوْ يَبِيعَ الدَّيْنَ فَيُسَلِّمَ الرَّهْنَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ أَوْ عَلِمَ احْتِرَاقَ الْمَحَلِّ الْمَوْضُوعِ فِيهِ الرَّهْنُ فَقَطْ عَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ) فِيهِ أَنَّ إدْخَالَ هَذَا تَحْتَ إلَّا لَا يُنَاسِبُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ قَبْلَهُ وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَطَ ثُبُوتَهُ) مُبَالَغَةٌ فِي عَدَمِ الضَّمَانِ لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ مُتَّهَمًا كَانَ أَوْ لَا كَمَا سَيَأْتِي وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ إنَّهُ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ) أَيْ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى تَلَفَهُ وَكَذَّبَهُ الْعُدُولُ صَرِيحًا بِأَنْ قَالُوا إنَّهُ بَاعَهَا وَنَحْوُهُ أَوْ ضَمِنَا بِأَنْ قَالَ جِيرَانُهُ أَوْ الْمُصَاحِبُونَ لَهُ فِي السَّفَرِ لَا نَعْلَمُ مَوْتَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا وَمَفْهُومُ يُكَذِّبُهُ أَنَّهُ لَوْ صَدَّقَهُ الْعُدُولُ كَمَا لَوْ قَالُوا إنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَانَتْ مَعَهُ دَابَّةٌ وَمَاتَتْ وَلَكِنْ لَا نَدْرِي هَلْ هِيَ دَابَّةُ الرَّهْنِ أَوْ غَيْرُهَا فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ، وَأَوْلَى إذَا قَالُوا إنَّهَا دَابَّةُ الرَّهْنِ لَكِنْ فِي الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ أَنَّهَا هِيَ دُونَ الثَّانِيَةِ وَمَفْهُومُ عُدُولٍ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ غَيْرُهُمْ لَمْ يَضْمَنْ لِتَطَرُّقِ التُّهْمَةِ بِكَتْمِهِمْ الشَّهَادَةَ لَهُ بِمَوْتِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ) أَيْ وَكَذَا يَكْفِي فِي تَضْمِينِهِ تَكْذِيبُ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ، وَقَوْلُهُ فِيمَا يَظْهَرُ أَيْ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَالِيَّةٍ يَكْفِي فِيهَا الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) الْمُرَادُ دَعْوَاهُ تَلَفَ مَا لَا يَضْمَنُهُ فَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ وَلَا لِمَوْتٍ وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَذِّبَهُ الْعُدُولُ فِي دَعْوَاهُ سَرِقَةَ الدَّابَّةِ أَوْ السَّفِينَةِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ أَنَّهَا الرَّهْنُ) أَيْ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ وَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) أَيْ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُتَّهَمًا أَوْ لَا، فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَغَرِمَ الْمِثْلَ أَوْ الْقِيمَةَ قَالَهُ شَيْخُنَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا أُمِرَ بِالْحَلِفِ مَعَ تَضْمِينِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ، فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْقِيمَةَ فَقَطْ وَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَغَرِمَ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، ثُمَّ إنَّ الْقَوْلَ بِحَلِفِهِ مُطْلَقًا قَوْلُ ابْنِ مُزَيْنٍ قَالَ عِيَاضٌ وَحَمَلَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ لَا يَمِينَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَإِلَّا حَلَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا حَلَفَ فِيمَا يَضْمَنُهُ فَأَوْلَى فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ إلَّا أَنَّهُ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ يَحْلِفُ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ، فَإِنْ نَكَلَ حُبِسَ، فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ دِينَ وَلَا غُرْمَ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ الَّذِي لَا يَضْمَنُهُ أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَهِيَ: حَلِفُهُ مُطْلَقًا مُتَّهَمًا أَوْ لَا، وَعَدَمُ حَلِفِهِ مُطْلَقًا، ثَالِثُهَا يَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ الرَّهْنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ بَعْدَ بَرَاءَةِ ذِمَّةِ الرَّاهِنِ كَالْوَدِيعَةِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَهَبَ أَيْ هِبَةً يَبْرَأُ بِهَا الْمَدِينُ الَّذِي هُوَ الرَّاهِنُ بِأَنْ وَهَبَ الدَّيْنَ لَهُ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ مَعَ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ الدَّيْنَ لِغَيْرِ الْمَدِينِ صَارَ مَنْ عِنْدَهُ الرَّهْنُ أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ لَا مُرْتَهِنًا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ قَالَ ح وَإِذَا وَهَبَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ لِلرَّاهِنِ، ثُمَّ تَلِفَ الرَّهْنُ فَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ إبْطَالُ الْهِبَةِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَهُ الدَّيْنَ لِأَجْلِ أَنْ يُبْرِئَ ذِمَّتَهُ مِنْ الرَّهْنِ وَيَلْزَمَ الرَّاهِنَ غُرْمُ الدَّيْنِ وَيَتَقَاصَّانِ، فَإِنْ فَضَلَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ شَيْءٌ دَفَعَهُ لَهُ قَالَهُ أَشْهَبُ وَتَرَدَّدَ ح فَقَالَ يُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يَقُولُ بِمَا لِأَشْهَبَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُخَالِفَ

ص: 255

بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ) مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ (فَيَقُولَ) رَبُّهُ (اُتْرُكْهُ عِنْدَك) وَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَدِيعَةً فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ أَمَانَةً، فَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَالضَّمَانُ، وَلَا مَفْهُومَ لِيَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ بَلْ مَتَى قَالَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ.

، ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا إذَا جَنَى الرَّهْنُ بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهِنِ لَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ بَدَنٍ فَقَالَ (وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ) أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ) بِالْجِنَايَةِ (لَمْ يُصَدَّقْ) الرَّاهِنُ (إنْ أُعْدِمَ) أَيْ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَلَوْ بِالْبَعْضِ حَالَ اعْتِرَافِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى تَخْلِيصِهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُصَدَّقْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ مُكَلَّفٌ يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ فَيُخَيَّرُ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي تَسْلِيمِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَفِدَائِهِ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَهَذَا فِي رَهْنٍ تَتَعَلَّقُ بِهِ الْجِنَايَةُ كَعَبْدٍ، وَأَمَّا حَيَوَانٍ لَا يَعْقِلُ فَلَا تَتَعَلَّقُ بِهِ جِنَايَةٌ بَلْ إمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا أَنْ تَتَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ كَالسَّائِقِ وَالْقَائِدِ وَالرَّاكِبِ كَمَا سَيَأْتِي (وَإِلَّا) يَكُنْ الرَّاهِنُ مُعْدَمًا بَلْ كَانَ مَلِيًّا (بَقِيَ) الرَّهْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهِ (إنْ فَدَاهُ) رَاهِنُهُ بِأَنْ دَفَعَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) يَفْدِهِ سَيِّدُهُ الْمَلِيُّ (أَسْلَمَ) الرَّهْنَ وُجُوبًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَكِنْ (بَعْدَ) مُضِيِّ (الْأَجَلِ وَدَفْعِ الدَّيْنِ) لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ مُقَدَّمَةٌ عَلَى الْجِنَايَةِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ جُبِرَ عَلَى دَفْعِهِ وَعَلَى إسْلَامِهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَبْقَى رَهْنًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّهُ فِي حَالِ الْفِدَاءِ يَبْقَى سَاقِطًا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ وَفِي حَالِ عَدَمِهِ يَبْقَى مَعَهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَيَقُولُ بِلُزُومِ الْهِبَةِ وَإِنْ ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ الْقِيمَةَ أَوْ الْمِثْلَ قَالَ شَيْخُنَا وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ أَصْلٌ يُخَرَّجُ عَلَيْهِ كُلُّ مَا فُعِلَ لِغَرَضٍ فَلَمْ يَتِمَّ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ مِنْ الدَّيْنِ) أَيْ بَعْدَ بَرَاءَةِ الرَّاهِنِ مِنْهُ بِقَبْضِهِ مِنْهُ أَوْ هِبَتِهِ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَ الْبَرَاءَةِ أَنَّهُ لَوْ أَحْضَرَهُ لَهُ قَبْلَهَا فَأَعْرَضَ الرَّاهِنُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك) أَيْ أَوْ أَبْقِهِ عِنْدَك أَوْ خَلِّهِ عِنْدَك أَوْ دَعْهُ عِنْدَك أَوْ أَمْسِكْهُ عِنْدَك (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَقُلْ فِي الثَّانِيَةِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَالضَّمَانُ) أَيْ بِأَنْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ مِنْ عِنْدِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْ، وَأَمَّا إذَا أَحْضَرَهُ لَهُ وَدَعَاهُ لِأَخْذِهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يَقُلْ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ وَلَا يَحْتَاجُ لِرُجُوعِهِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْضَرَهُ لَهُ كَفَى ذَلِكَ فِي إسْقَاطِ الضَّمَانِ سَوَاءٌ قَالَ لَهُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك أَوْ لَا بِأَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ وَلَمْ يُجِبْهُ (قَوْلُهُ بَلْ مَتَى قَالَ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ فِي الثَّانِيَةِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ مَتَى قَالَ الرَّاهِنُ بَعْدَ بَرَاءَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُرْتَهِنِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحْضَرَهُ لَهُ أَوْ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا كَمَا أَنَّهُ إذَا أَحْضَرَهُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ وَتَرَكَهُ عِنْدَهُ وَلَمْ يَقُلْ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ أَيْضًا إذَا تَلِفَ أَوْ ضَاعَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ جَنَى إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ أَنَّ الرَّهْنَ جَنَى جِنَايَةً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ فَقَطْ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا وَقْتَ اعْتِرَافِهِ وَلَوْ بِبَعْضِ الدَّيْنِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ خُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ جِنَايَتَهُ قَبْلَ الِارْتِهَانِ أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرَّاهِنَ الْمُقِرَّ بِالْجِنَايَةِ مُعْدَمٌ وَالْمُرْتَهِنَ حَائِزُهُ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ إذَا كَانَ مَلِيًّا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ بِالْجِنَايَةِ) أَيْ فَقَطْ دُونَ الْمُرْتَهِنِ وَالْحَالُ أَنَّ تِلْكَ الْجِنَايَةَ لَمْ تَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ حَالَ اعْتِرَافِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاهِنِ) الْأَوْضَحُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لَهُ فِي نَفْسِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ) أَيْ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ بَلْ إمَّا هَدَرٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ سَائِقٌ وَلَا رَاكِبٌ وَلَا قَائِدٌ (قَوْلُهُ بَلْ كَانَ مَلِيًّا) أَيْ مِنْ حِينِ الِاعْتِرَافِ بِالْجِنَايَةِ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ بَقِيَ الرَّهْنُ عَلَى رَهْنِيَّتِهِ) أَيْ لِلْأَجَلِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إمَّا أَنْ يَفُكَّهُ سَيِّدُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى بَيْعِهِ وَإِمَّا أَنْ يَتَرَاضَوْا عَلَى بَقَاءِ الدَّيْنِ أَجَلًا ثَانِيًا بِذَلِكَ الرَّهْنِ أَوْ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي فَكَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفَعَ الدَّيْنَ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ بَقِيَ ذَلِكَ الْجَانِي رَهْنًا لِلْأَجَلِ، فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ أُجْبِرَ عَلَى وَفَاءِ الدَّيْنِ وَإِسْلَامِ ذَلِكَ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ لَوْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ أَوْ لَا وَهُوَ مَلِيٌّ، ثُمَّ أَرَادَهُ حِينَ جَاءَ الْأَجَلُ وَنَازَعَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَسَبَقَ إلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ هَذَا) أَيْ التَّقْرِيرِ الَّذِي قُلْنَاهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ الْفِدَاءِ وَمَسْأَلَةِ عَدَمِ الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ يَبْقَى سَاقِطًا) أَيْ يَبْقَى رَهْنًا حَالَةَ كَوْنِهِ سَاقِطًا حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَقَوْلُهُ يَبْقَى مَعَهُ أَيْ يَبْقَى رَهْنًا مُصَاحِبًا لَهُ تَعَلُّقُ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ الْمَلِيُّ أَنَّهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ، وَأَمَّا إنْ اعْتَرَفَ بَعْدَ الرَّهْنِ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَهُ، ثُمَّ رَهَنَهُ بَقِيَ أَيْضًا رَهْنًا إنْ فَدَاهُ، فَإِنْ أَبَى مِنْ فِدَائِهِ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِتَحَمُّلِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَأُجْبِرَ عَلَى إسْلَامِهِ مَعَ تَعْجِيلِ الْحَقِّ إنْ كَانَ مِمَّا يُعَجَّلُ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ

ص: 256

(وَإِنْ ثَبَتَتْ) الْجِنَايَةُ بَعْدَ الرَّهْنِ بِبَيِّنَةٍ (أَوْ اعْتَرَفَا) مَعًا أَيْ الْمُرْتَهِنَانِ، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ بَقِيَ رَهْنًا بِحَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يَفْدِهِ (وَأَسْلَمَهُ) أَيْ أَرَادَ إسْلَامَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ (فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا) كَالرَّاهِنِ (فَ) الْعَبْدُ الْجَانِي (لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ) رُهِنَ مَعَهُ أَوْ لَا وَيَبْقَى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِلَا رَهْنٍ لِرِضَاهُ بِذَلِكَ (وَإِنْ فَدَاهُ) الْمُرْتَهِنُ (بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ الرَّاهِنِ (فَفِدَاؤُهُ) نَافِذٌ (فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ) دُونَ مَالِهِ مُبْدَأٌ بِهِ عَلَى الدَّيْنِ وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ (إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ) فَإِنْ رَهَنَ بِهِ فَفِدَاؤُهُ فِيهِمَا، وَأَمَّا ذِمَّةُ الرَّاهِنِ فَلَا يَتَعَلَّقُ الْفِدَاءُ بِهَا مُطْلَقًا (وَلَمْ يُبَعْ) الْعَبْدُ الْجَانِي الْمَفْدِيُّ سَوَاءٌ كَانَ فِدَاؤُهُ فِي الرَّقَبَةِ فَقَطْ أَوْ فِيهَا وَفِي الْمَالِ (إلَّا فِي الْأَجَلِ) أَيْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَهُوَ إنَّمَا يُبَاعُ عِنْدَ الْأَجَلِ (وَإِنْ) فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ (بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ (فَلَيْسَ) الرَّهْنُ (رَهْنًا بِهِ) أَيْ بِالْفِدَاءِ بَلْ هُوَ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَكُونُ رَهْنًا بِهِ فَلَوْ قَالَ كَبِإِذْنِهِ لَوَافَقَ الرَّاجِحَ مَعَ إفَادَةِ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ إلَخْ (وَإِنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ سَقَطَ) الْبَعْضُ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ طَلَاقٍ قَبْلَ بِنَاءٍ (فَجَمِيعُ الرَّهْنِ) وَلَوْ تَعَدَّدَ (فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ رَهْنٌ بِكُلِّ جُزْءٍ مِنْ الدَّيْنِ وَلِأَنَّهُ قَدْ تَحُولُ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَمْ يَرْضَ مَنْ هُوَ لَهُ بِتَعْجِيلِهِ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ تَغْرِيمِ الرَّاهِنِ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهْنِهِ لِتَعَدِّيهِ وَبَيْنَ صَبْرِهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَاعَ وَيُتْبِعَهُ بِثَمَنِهِ، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْأَرْشُ أَقَلَّ وَإِلَّا غَرَّمَهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بَعْدَ الرَّهْنِ) أَيْ وَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ بِبَيِّنَةٍ حَالَةَ كَوْنِهَا بَعْدَ الرَّهْنِيَّةِ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا جَنَى بَعْدَ رَهْنِهِ أَمَّا إذَا جَنَى قَبْلَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ وَفَدَاهُ الرَّاهِنُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ أَتَى بِرَهْنٍ ثِقَةٍ كَالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَغَرَّ الْمُرْتَهِنَ وَإِنْ اعْتَرَفَا، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ أَسْلَمَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ فَدَاهُ الرَّاهِنُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ بَعْدَ الرَّهْنِيَّةِ إذَا ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ أَوْ اعْتِرَافٍ مِنْ الْمُتَرَاهِنَيْنِ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِالْجَانِي ثَلَاثُ حُقُوقٍ حَقُّ السَّيِّدِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ لِذَاتِهِ فِي دَفْعِ فِدَائِهِ وَدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ وَإِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ، فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَالرَّاهِنِ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِذَا اخْتَارَ فِدَاءَهُ فَإِمَّا أَنْ يَفْدِيَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِإِذْنِهِ، فَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَانَ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَيَبْقَى رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ فَدَاهُ بِإِذْنِهِ كَانَ الْفِدَاءُ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ وَالْعَبْدُ رَهْنًا فِي الدَّيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كُلَّ ذَلِكَ إلَّا فَدَاهُ الرَّاهِنِ لَهُ فَإِنَّهُ تَرَكَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ مِنْ التَّصْرِيحِ بِالْفِدَاءِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَا مُسَاوٍ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِمَالِهِ) أَيْ مَعَ مَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الْعَبْدِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُؤَدِّيَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَيَبْقَى رَهْنًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ زَادَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي النُّكَتِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ مُشْتَرَطًا دُخُولُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ قَدْ يُسْتَحَقُّ مِنْهُمْ فَيَتَعَلَّقُ بِالسَّيِّدِ غُرْمُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ كَدَفْعِهِ ذَلِكَ مِنْ مَالِهِ، وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ فِدَاءَ الْعَبْدِ مِنْ مَالِهِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ وَالْقَوْلُ لِلرَّاهِنِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ مُشْتَرَطًا دُخُولُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبِعْ) أَيْ جَبْرًا عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ فِدَاؤُهُ فِي الرَّقَبَةِ فَقَطْ) أَيْ لِكَوْنِهِ رَهْنًا بِغَيْرِ مَالِهِ، وَقَوْلُهُ أَوْ فِيهَا وَفِي الْمَالِ أَيْ إذَا كَانَ رَهْنًا بِمَالِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْعَبْدُ الرَّهْنُ إنَّمَا يُبَاعُ (قَوْلُهُ أَيْ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ) أَيْ الَّذِي أَرَادَ إسْلَامَهُ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ الرَّهْنُ) أَيْ فَلَيْسَ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ وَلَا مَالُهُ (قَوْلُهُ بَلْ هُوَ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى كَوْنِ الْعَبْدِ رَهْنًا فِي الْفِدَاءِ (قَوْلُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ) هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَمُحَمَّدٍ، وَقَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ إلَخْ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ. الْمُتَيْطِيُّ وَقَدْ خَالَفَ كُلٌّ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ قَوْلَهُ فِيمَنْ أَمَرَ أَنْ يُشْتَرَى لَهُ سِلْعَةٌ يُنْقَدُ ثَمَنُهَا عَنْهُ فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَكُونُ بِيَدِ الْمَأْمُورِ رَهْنًا فِيمَا دَفَعَ لِافْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ وَقَالَ أَشْهَبُ هِيَ رَهْنٌ فِيهِ لِعَدَمِ افْتِقَارِهِ لِلَفْظٍ مُصَرِّحٍ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَدْ يُجَابُ لِابْنِ الْقَاسِمِ بِأَنَّ الدَّافِعَ فِي الْجِنَايَةِ مُرْتَهِنٌ فَانْسَحَبَ عَلَيْهِ حُكْمُ وَصْفِهِ، وَلِأَشْهَبَ بِتَقَدُّمِ اخْتِصَاصِ الرَّاهِنِ بِمَالِ الْعَبْدِ قَبْلَ جِنَايَتِهِ فَاسْتُصْحِبَ وَعَدَمِ تَقَدُّمِ اخْتِصَاصِ الْآمِرِ بِالسِّلْعَةِ قَبْلَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ (قَوْلُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ) أَيْ الرَّهْنُ يَكُونُ رَهْنًا لَهُ أَيْ فِيهِ أَيْ فِي الْفِدَاءِ كَمَا أَنَّهُ رَهْنٌ فِي الدَّيْنِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْفِدَاءَ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ فَقَطْ إنْ رَهَنَ بِغَيْرِ مَالِهِ وَإِلَّا كَانَ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ، سَوَاءٌ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ مَالِهِ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَضَى) أَيْ الرَّاهِنُ بَعْضَ الدَّيْنِ، وَقَوْلُهُ أَوْ سَقَطَ الْبَعْضُ أَيْ أَوْ سَقَطَ بَعْضُ الدَّيْنِ عَنْ الرَّاهِنِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ عَلَيْهِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ (قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّحَدَ كَعَبْدٍ وَدَارٍ بَلْ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَثِيَابٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ جُزْءٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الرَّهْنِ وَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّ جَمِيعَ الرَّهْنِ رَهْنٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ قَدْ تَحُولُ عَلَيْهِ الْأَسْوَاقُ) أَيْ فَيَرْخُصُ الرَّهْنُ وَلَا يَفِي

ص: 257

فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ (كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) أَيْ الرَّهْنِ مُتَّحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَمَا بَقِيَ مِنْهُ رَهْنٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ فَهَذِهِ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا، فَإِنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ قُسِمَ وَبَقِيَ نَصِيبُ الرَّاهِنِ رَهْنًا وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكَاتِ الَّتِي لَا تَنْقَسِمُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَيْعَ، فَإِنْ اسْتَحَقَّ كُلَّهُ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَلَوْ فَاتَ وَإِمْضَائِهِ فَيَبْقَى الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ كَبَعْدِ الْقَبْضِ إنْ غَرَّهُ الرَّاهِنُ وَإِلَّا بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَعْدَ قَبْضِهِ جُبِرَ عَلَى خَلَفِهِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.

(وَالْقَوْلُ) عِنْدَ تَنَازُعِ الْمُرْتَهِنَيْنِ بِأَنْ قَالَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ هُوَ رَهْنٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ أَمَانَةٌ أَوْ عَارِيَّةً أَوْ وَضَعْتَ يَدَك عَلَيْهِ بِلَا إذْنِي (لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ) لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ فَمَنْ ادَّعَى خِلَافَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَقَدْ يَدَّعِي نَفْيَهَا الْمُرْتَهِنُ كَمَا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ وَأَنَّهُ أَمَانَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ رُهِنَ لِيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ (وَهُوَ) أَيْ الرَّهْنُ الْمَحُوزُ بِاعْتِبَارِ قِيمَتِهِ (كَالشَّاهِدِ) لِلرَّاهِنِ أَوْ الْمُرْتَهِنِ إذَا اخْتَلَفَا (فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) فَمَنْ شَهِدَ لَهُ حَلَفَ مَعَهُ وَصُدِّقَ (لَا الْعَكْسُ) أَيْ لَيْسَ الدَّيْنُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ بَلْ يَقُولُ لِلْمُرْتَهِنِ إذَا تَلِفَ وَاخْتَلَفَا فِي وَصْفِهِ بَعْدَ هَلَاكِهِ وَلَوْ ادَّعَى صِفَةً دُونَ قَدْرِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالْغَارِمُ مُصَدَّقٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَدَّعِ هَلَاكَهُ وَلَكِنْ أَتَى بِرَهْنٍ دُونَ قَدْرِ الدَّيْنِ، وَقَالَ الرَّاهِنُ بَلْ الرَّهْنُ غَيْرُ هَذَا وَهُوَ مُسَاوٍ لِلدَّيْنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ أَيْضًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِمَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ إلَّا الرَّهْنُ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلرَّاهِنِ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْهُ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَجَمِيعُ الرَّهْنِ فِيمَا بَقِيَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ مُتَّحِدًا، وَأَمَّا إنْ تَعَدَّدَ أَوْ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يُقْضَى لِمَنْ وَفَّى حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ بِأَخْذِ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ، وَمِثَالُ تَعَدُّدِ كُلٍّ مِنْهُمَا كَرَجُلَيْنِ رَهَنَا دَارًا لَهُمَا مِنْ رَجُلَيْنِ فَإِذَا قَضَى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ كَانَ لَهُ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ وَإِذَا تَعَدَّدَ الْمُرْتَهِنُ وَاتَّحَدَ الرَّاهِنُ كَمَا لَوْ رَهَنَ زَيْدٌ عَمْرًا وَبَكْرًا رَهْنًا وَوَفَّى أَحَدَهُمَا حَقَّهُ كَانَ لَهُ أَخْذَ حِصَّتِهِ مِنْ الرَّهْنِ إذَا كَانَ الرَّهْنُ يَنْقَسِمُ وَإِلَّا كَانَتْ تِلْكَ الْحِصَّةُ أَمَانَةً عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ الثَّانِي أَوْ يَجْعَلُ الرَّهْنَ كُلَّهُ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ وَلَا يُمَكِّنُ الرَّاهِنَ مِنْهُ لِئَلَّا يَبْطُلَ حَوْزُ رَهْنِ الثَّانِي وَإِذَا اتَّحَدَ الْمُرْتَهِنُ وَتَعَدَّدَ الرَّاهِنُ كَمَا لَوْ رَهَنَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو دَارًا يَمْلِكَانِهَا مِنْ بَكْرٍ فَكُلُّ مَنْ قَضَى دَيْنَهُ مُكِّنَ مِنْ حِصَّتِهِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذِهِ لِأَمِينٍ.

(قَوْلُهُ كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ قَبْضِهِ أَوْ قَبْلَهُ بِخِلَافِ اسْتِحْقَاقِ الْكُلِّ فَإِنَّهُ يُفَصَّلُ فِيهِ بَيْنَ كَوْنِهِ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ عَكْسُ مَا قَبْلَهَا) أَيْ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا جَمِيعُ الرَّهْنِ رَهْنٌ فِي بَعْضِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ بَعْضُ الرَّهْنِ رَهْنٌ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ جَمِيعُهُ) أَيْ وَإِلَّا يُمْكِنْ قَسْمُهُ بِيعَ جَمِيعُهُ وَجُعِلَ ثَمَنُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ رَهْنًا إنْ لَمْ يَأْتِ بِرَهْنٍ آخَرَ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُشْتَرَكَاتِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ حَيَوَانٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَرَهَنَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ دُونَ الْآخَرِ وَطَلَبَ الْآخَرُ بَيْعَ حِصَّتِهِ وَلَمْ يُوجَدْ مُشْتَرٍ لِلْحِصَّةِ أَوْ كَانَ بَيْعُهَا وَحْدَهَا يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهَا فَإِنَّ الْحَيَوَانَ يُبَاعُ بِتَمَامِهِ وَيُجْعَلُ ثَمَنُ حِصَّةِ الرَّاهِنِ رَهْنًا (قَوْلُهُ كَبَعْدِ الْقَبْضِ) أَيْ كَمَا يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ بَعْدَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الرَّاهِنُ قَدْ غَرَّهُ وَإِلَّا يَغُرَّهُ بَقِيَ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ قَبْضِهِ) أَيْ وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ قَبْضِهِ (قَوْلُهُ جُبِرَ) أَيْ الرَّاهِنُ عَلَى الْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ بَدَلَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يُتَصَوَّرُ اسْتِحْقَاقُهُ أَيْ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ.

(قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ) الْحَقُّ فِي تَصْوِيرِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَا صَوَّرَ بِهِ ح وَهُوَ الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَنَّهُمَا تَنَازَعَا فِي سِلْعَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَعِنْدَ صَاحِبِهَا دَيْنٌ لِمَنْ هِيَ عِنْدَهُ هَلْ هِيَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى ثُبُوتِ الدَّيْنِ؟ وَمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ هُوَ رَبُّ السِّلْعَةِ غَالِبًا، وَقَدْ يَدَّعِي نَفْيَهَا مَنْ بِيَدِهِ وَيَدَّعِي الْإِيدَاعَ لِأَجْلِ أَنْ يَسْقُطَ الضَّمَانُ عَنْ نَفْسِهِ فِيمَا يَضْمَنُهُ الْمُرْتَهِنُ، وَأَمَّا تَصْوِيرُ عبق لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ اُنْظُرْ بْن، وَلِذَا صَوَّرَهَا شَارِحُنَا بِمَا صَوَّرَ بِهِ ح فَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ وَاضِعُ الْيَدِ عَلَى شَيْءٍ أَيْ مَعْلُومٍ لِغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارُ قِيمَتِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا (قَوْلُهُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) أَيْ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ إنَّمَا أَخَذَهُ وَثِيقَةً بِحَقِّهِ وَلَا يَتَوَثَّقُ إلَّا بِمِقْدَارِ دَيْنِهِ فَأَكْثَرَ قَالَ ح وَسَوَاءٌ أَنْكَرَ الزَّائِدَ بِالْكُلِّيَّةِ أَوْ أَقَرَّ بِهِ وَادَّعَى أَنَّ الرَّهْنَ فِي دُونِهِ فَإِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ مِائَةُ دِينَارٍ وَأَنَّ الرَّهْنَ فِي خَمْسِينَ مِنْهَا وَالْمُرْتَهِنُ يَقُولُ إنَّهُ رَهْنٌ فِي الْمِائَةِ وَقِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ بِيَمِينٍ فَيَدْفَعُ الْخَمْسِينَ وَيَأْخُذُ الرَّهْنَ وَتَبْقَى الْخَمْسُونَ الثَّانِيَةُ بِلَا رَهْنٍ وَلَيْسَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ إنَّهُ رَهْنٌ فِي الْمِائَةِ وَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ الدَّيْنُ الْمَرْهُونُ فِيهِ دِينَارٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ دِينَارَانِ صُدِّقَ مَنْ شَهِدَ لَهُ الرَّهْنُ بِيَمِينِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ دِينَارًا صُدِّقَ الرَّاهِنُ أَوْ دِينَارَيْنِ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ وَانْظُرْ لَوْ قَالَ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لِلرَّاهِنِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِقَدْرِ الدَّيْنِ هَلْ يُضَمُّ لِلرَّهْنِ وَيَسْقُطُ الْيَمِينُ عَنْهُ أَوْ لَا؟ وَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ لَا يَضُمُّ لَهُ وَأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ شَاهِدًا حَقِيقِيًّا وَهُوَ ظَاهِرٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا الْعَكْسُ) عَطْفٌ عَلَى الْمُبْتَدَأِ أَيْ لَا يَكُونُ الدَّيْنُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا فَإِذَا دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ وَتَنَازَعَا فِي أَنَّ كِلَيْهِمَا رَهْنٌ أَوْ أَحَدُهُمَا وَدِيعَةٌ فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ وَلَا يَكُونُ الدَّيْنُ شَاهِدًا فِي قَدْرِ الرَّهْنِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ

ص: 258

عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَنْتَهِي شَهَادَتُهُ (إلَى) قَدْرِ (قِيمَتِهِ) أَيْ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَبَالَغَ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ يَكُونُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الرَّهْنُ (بِيَدِ أَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ) لِأَنَّهُ حَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ (مَا) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ (لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ) بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ بِأَنْ قَامَتْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَهُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ تَلِفَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ.

، وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ وَالشَّاهِدُ لَا بُدَّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ مَنْ شَهِدَ لَهُ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُ ثَلَاثًا وَهِيَ شَهَادَتُهُ لِلرَّاهِنِ أَوْ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ لَا يَشْهَدُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إذْ قَالَ الدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عِشْرُونَ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ أَوْ عِشْرُونَ فَأَكْثَرُ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ أَشَارَ إلَى الْأُولَى بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ) الَّذِي شَهِدَ لَهُ الرَّهْنُ بِقَدْرِ دَيْنِهِ (وَأَخَذَهُ) فِي دَيْنِهِ لِثُبُوتِهِ حِينَئِذٍ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) الرَّاهِنُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ عِشْرِينَ كَمَا ادَّعَى أَوْ أَكْثَرَ كَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنَّمَا أَخَذَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَدَّعِ إلَّا عِشْرِينَ؛ لِأَنَّ خِبْرَةَ رَبِّهِ تَنْفِي ضَرَرَهُ، فَإِذَا لَمْ يَدْفَعْ الْحَقَّ كَانَ مُتَبَرِّعًا بِالزَّائِدِ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ قَائِلًا وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ الرَّهْنُ إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا وَرَوَى عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَهُ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي فِي الْمَعُونَةِ بِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهِ وَلَمْ يَتَوَثَّقْ مِنْهُ بِإِشْهَادٍ عَلَى عَيْنِهِ وَمُقَابِلُ هَذَا الْقَوْلِ وَهُوَ أَنَّ الْقَوْلَ لِلرَّاهِنِ إنْ أَشْبَهَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ شَاهِدٌ فِي قَدْرِ الرَّهْنِ لِأَصْبَغَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَتَنْتَهِي شَهَادَتُهُ) أَيْ شَهَادَةُ الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ إلَى قَدْرِ قِيمَتِهِ أَيْ إلَى قَدْرِ بُلُوغِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ الدَّيْنُ خَمْسَةٌ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ عَشَرَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ دَعْوَى الرَّاهِنِ فَهُوَ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الرَّهْنُ بِيَدِ أَمِينٍ فَيَشْهَدُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ عَلَى الْأَصَحِّ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا بِيَدِ أَمِينٍ فِي كَوْنِهِ شَاهِدًا وَلَغْوُهُ قَوْلَا مُحَمَّدٍ وَاللَّخْمِيِّ عَنْ الْقَاضِي وَصَوَّبَ الْأَوَّلَ اهـ وَعَلَيْهِ فَصَوَابُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَنَسَبَ فِي التَّوْضِيحِ التَّصْوِيبَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ لِلْمُرْتَهِنِ) فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَانَ فِي حَوْزِهِ، وَوَجْهُ الْقَوْلِ الْآخَرِ الْقَائِلِ لَا يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا بِقَدْرِ الدَّيْنِ إذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ أَنَّ الشَّاهِدَ يَكُونُ مِنْ قِبَلِ رَبِّ الْحَقِّ وَإِذَا كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ لَمْ يَتَمَحَّضْ كَوْنُهُ لِلْمُرْتَهِنِ فَلَمْ يُعْتَبَرْ، وَمَحَلُّ كَوْنِ مَا بِيَدِ الْأَمِينِ مِنْ الرَّهْنِ شَاهِدًا إذَا كَانَ قَائِمًا، وَأَمَّا إذَا فَاتَ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا؛ لِأَنَّهُ فَاتَ حِينَئِذٍ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ وَحَيْثُ فَاتَ فِي ضَمَانِهِ فَلَا يَكُونُ شَاهِدًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَفُتْ إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ ظَرْفِيَّةٌ مَعْمُولَةٌ لِمَا فُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ كَالشَّاهِدِ أَيْ وَالرَّهْنُ يَشْهَدُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ مُدَّةَ عَدَمِ فَوَاتِهِ فِي ضَمَانِ رَاهِنِهِ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا إلَخْ، وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ مُطْلَقًا مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ إلَخْ) بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَالدَّيْنُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَا رَهْنَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ خَمْسٌ) يَكُونُ الرَّهْنُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِ الدَّيْنِ فِي اثْنَتَيْنِ مِنْهَا وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا عَلَى قَدْرِهِ فِي ثَلَاثَةٍ، وَإِنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَهِيَ تَقُومُ مَقَامَهُ وَإِذَا فَاتَ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ لَمْ يَضْمَنْ الْمُرْتَهِنُ قِيمَتَهُ فَلَمْ يُوجَدْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فَصَارَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ كَدَيْنٍ بِلَا رَهْنٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.

(قَوْلُهُ وَكَانَتْ أَحْوَالُهُ) أَيْ أَحْوَالُ الرَّهْنِ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الرَّاهِنَ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِكَوْنِ الْأَحْوَالِ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ فَقِيمَتُهُ إمَّا عَشَرَةٌ) الْأَوْلَى فَقِيمَتُهُ إمَّا عِشْرُونَ فَأَكْثَرُ أَوْ عَشَرَةٌ أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ أَشَارَ لِلْأَوْلَى بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا ادَّعَى أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ وَادَّعَى الرَّاهِنُ أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَوُجِدَتْ قِيمَةَ الرَّهْنِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّ الدَّيْنَ عِشْرُونَ فَإِذَا حَلَفَ خُيِّرَ الرَّاهِنُ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْعِشْرِينَ الَّتِي حَلَفَ عَلَيْهَا أَوْ يَدْفَعَ لَهُ الرَّهْنَ فِي دَيْنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عِشْرِينَ أَوْ أَكْثَرَ وَإِذَا دَفَعَ لَهُ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَقِيلَ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ إلَّا إذَا حَلَفَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ بَعْدَ حَلِفِ الْمُرْتَهِنِ أَنَّهُ عِشْرُونَ فَإِذَا حَلَفَ وَأَرَادَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أُجْبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى دَفْعِ الْعِشْرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ قَدْ يَكْرَهُ أَخْذَ الرَّهْنِ لِمَا فِي أَخْذِهِ مِنْ كُلْفَةِ بَيْعِهِ وَخَوْفًا مِنْ اسْتِحْقَاقِهِ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ سَلَّمَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَتْ قَدْرَ مَا ادَّعَاهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَاهُ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا دَيْنُهُ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ عبق مِنْ الرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي هَذِهِ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَهُوَ أَحَقُّ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ افْتَكَّهُ فَهُوَ أَيْ الرَّاهِنُ أَحَقُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ صَادِقٌ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا ادَّعَى) أَيْ الْمُرْتَهِنُ (قَوْلُهُ وَغَرِمَ مَا أَقَرَّ بِهِ) أَيْ، فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا عُمِلَ بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ

ص: 259

وَأَشَارَ لِلْحَالَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ زَادَ) قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَوَافَقَتْ قِيمَتُهُ قَوْلَ الرَّاهِنِ وَهُوَ الْعَشَرَةُ (حَلَفَ الرَّاهِنُ) عَلَى أَنَّهُ عَشَرَةٌ فَقَطْ وَأَخَذَهُ وَدَفَعَ مَا أَقَرَّ بِهِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُرْتَهِنُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ وَأَشَارَ إلَى الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ نَقَصَ) قَوْلُ الرَّاهِنِ عَنْ قِيمَةِ الرَّهْنِ، وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ أَنَّهُ زَادَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ عَلَى قِيمَتِهِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ (حَلَفَا) أَيْ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ (وَأَخَذَهُ) الْمُرْتَهِنُ (إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) الرَّاهِنُ (بِقِيمَتِهِ) وَهُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ لَا بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ الْمُرْتَهِنُ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهَا وَقُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ) رَهْنٍ (تَالِفٍ) عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ لِتَشْهَدَ عَلَى الدَّيْنِ أَوْ لِيَغْرَمَهَا الْمُرْتَهِنُ حَيْثُ تَوَجَّهَ الْغُرْمُ عَلَيْهِ (تَوَاصَفَاهُ، ثُمَّ) إنْ اتَّفَقَا عَلَى الصِّفَةِ (قَوْمٌ) مِنْ أَهْلِ الْخِبْرَةِ وَقُضِيَ بِقَوْلِهِمْ وَكَفَى الْوَاحِدُ عَلَى مَا رَجَّحَ هُنَا (فَإِنْ اخْتَلَفَا) فِي صِفَتِهِ (فَالْقَوْلُ لِلْمُرْتَهِنِ) بِيَمِينِهِ وَلَوْ ادَّعَى شَيْئًا يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَقِيلَ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ لِقِلَّةِ مَا ذَكَرَهُ جِدًّا (فَإِنْ تَجَاهَلَا) بِأَنْ قَالَ كُلٌّ لَا عِلْمَ لِي (فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ (وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) بِهَا (إنْ بَقِيَ) لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ؛ لِأَنَّهَا شَاهِدَةٌ وَالشَّاهِدُ إنَّمَا تُعْتَبَرُ شَهَادَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَهَلْ) تُعْتَبَرُ (يَوْمَ التَّلَفِ أَوْ الْقَبْضِ أَوْ الرَّهْنِ) لِأَنَّ النَّاسَ إنَّمَا يَرْهَنُونَ مَا يُسَاوِي دُيُونَهُمْ غَالِبًا (إنْ تَلِفَ) مُقَابِلُ إنْ بَقِيَ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَهِيَ مِنْ تَعَلُّقَاتِ قَوْلِهِ وَهُوَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَ (قَوْلُهُ حَلَفَ الرَّاهِنُ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الدَّيْنُ عَشَرَةٌ، وَقَوْلُهُ وَأَخَذَهُ أَيْ الرَّهْنَ، وَقَوْلُهُ وَدَفَعَ أَيْ لِلْمُرْتَهِنِ مَا أَقَرَّ بِهِ وَهُوَ عَشَرَةٌ (قَوْلُهُ وَأَخَذَ مَا ادَّعَاهُ) أَيْ وَهُوَ عِشْرُونَ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا عُمِلَ بِقَوْلِ الرَّاهِنِ فَيُعْمَلُ بِقَوْلِهِ فِي صُورَتَيْنِ إذَا حَلَفَ وَحْدَهُ أَوْ نَكَلَا مَعًا.

(قَوْلُهُ كُلٌّ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى مَا يَدَّعِيهِ فَيَحْلِفُ الرَّاهِنُ أَنَّ الدَّيْنَ عَشَرَةٌ وَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ عِشْرُونَ وَإِنْ كَانَ يَأْخُذُ قِيمَةُ الرَّهْنِ فَقَطْ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِعَشْرَيْنِ وَأَقَامَ شَاهِدًا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى مَا شَهِدَ بِهِ الشَّاهِدُ فَقَطْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَدَّعِي أَنَّ الرَّهْنَ فِي مُقَابَلَةِ مَا يَدَّعِيهِ مِنْ الدَّيْنِ وَأَنَّ شَهَادَتَهُ سَارِيَةٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الدَّيْنِ، وَالْيَمِينُ تَابِعَةٌ لِلشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَيَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَالشَّاهِدِ لِقِيمَتِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَبْدَأُ بِالْحَلِفِ إلَّا مَنْ تَقَوَّى جَانِبُهُ وَقِيمَةُ الرَّهْنِ قَرِيبَةٌ مِنْ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَقَدْ تَقَوَّى جَانِبُهُ (قَوْلُهُ وَأَخَذَهُ الْمُرْتَهِنُ) أَيْ فَلَوْ أَخَذَهُ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ رَجَعَ عَلَى الرَّاهِنِ بِقِيمَتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ، فَإِنْ افْتَكَّهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَهِيَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ أَخَذَهُ، وَهَذَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ نَافِعٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَفْتَكَّهُ فَلَا يَفْتَكُّهُ إلَّا بِمَا قَالَ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ وَهُوَ الْعِشْرُونَ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ هُنَا فَكُّهُ بِالْقِيمَةِ فَقَطْ لَا بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَحَلَفَ عَلَيْهِ لِدَعْوَى الْمُرْتَهِنِ الزِّيَادَةَ عَلَى قِيمَتِهِ، وَأَخْذُهُ فِيمَا مَرَّ بِمَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ لِشَهَادَةِ الرَّهْنِ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَكَفَى الْوَاحِدُ) أَيْ فِي التَّقْوِيمِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِالْقِيمَةِ لَا مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ عَلَى مَا رُجِّحَ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَجَاهَلَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا هَلَكَ أَوْ ضَاعَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَجَهِلَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ صِفَتَهُ وَقِيمَتَهُ بِأَنْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا أَعْلَمُ قِيمَتَهُ الْآنَ وَلَا صِفَتَهُ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ كُلًّا لَا يَدْرِي هَلْ يَفْضُلُ لَهُ شَيْءٌ عِنْدَ صَاحِبِهِ أَمْ لَا؟ وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَيْمَانِهِمَا كَتَجَاهُلِ الْمُتَبَايِعَيْنِ الثَّمَنَ أَوْ لَا؟ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِثْلُهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ، فَإِنْ تَجَاهَلَا أَنَّهُ لَوْ جَهِلَهُ أَحَدُهُمَا وَعَلِمَهُ الْآخَرُ حَلَفَ الْعَالِمُ عَلَى مَا ادَّعَى، فَإِنْ نَكَلَ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَالرَّهْنُ بِمَا فِيهِ) أَيْ فَالرَّهْنُ يَكُونُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّيْنِ الَّذِي رَهَنَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ) الْكَلَامُ هُنَا فِي اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً فِي قَدْرِ الدَّيْنِ لَا لِتُضْمَنَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ إنْ بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الرَّهْنُ بَاقِيًا لَا تُضْمَنُ قِيمَتُهُ، وَاعْتِبَارُ الْقِيمَةِ لِتُضْمَنَ قَبْلَ يَوْمِ قَبْضِ الرَّهْنِ، وَقِيلَ يَوْمَ التَّلَفِ، وَقِيلَ إنْ لَمْ يُرَ عِنْدَهُ مِنْ حِينِ أَخْذِهِ فَالضَّمَانُ مِنْ يَوْمِ الْقَبْضِ وَإِنْ رُئِيَ عِنْدَهُ بَعْدَهُ فَمِنْ يَوْمِ التَّلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ بِقَدْرِ الدَّيْنِ خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ يَوْمَ الْحُكْمِ بِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَدْرَ الدَّيْنِ هُوَ الَّذِي يُحْكَمُ بِهِ لَا الْقِيمَةُ، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَاخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَإِنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لِتَكُونَ شَاهِدَةً لِأَيِّهِمَا لَا يَوْمَ الِارْتِهَانِ (قَوْلُهُ وَهَلْ يَوْمَ التَّلَفِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا تَلِفَ وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَهَلْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ لِتَكُونَ شَاهِدَةً يَوْمَ التَّلَفِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الرَّهْنِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ كَانَتْ شَاهِدَةً إلَى وَقْتِ الضَّيَاعِ وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ قِيمَتُهُ شَاهِدَةً وَقْتَ الضَّيَاعِ أَوْ تُعْتَبَرُ يَوْمَ قَبْضِ الْمُرْتَهِنِ لِلرَّهْنِ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ كَالشَّاهِدِ يَضَعُ خَطَّهُ وَيَمُوتُ فَيُرْجَعُ لِخَطِّهِ فَيُقْضَى بِشَهَادَتِهِ يَوْمَ وَضَعَهَا أَوْ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الِارْتِهَانِ أَيْ يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ؟ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهَا الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ الرَّهْنِ) أَيْ الِارْتِهَانِ أَيْ يَوْمَ عَقْدِ الرَّهْنِ وَلَا شَكَّ أَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ قَدْ يَتَأَخَّرُ عَنْ يَوْمِ الِارْتِهَانِ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ لَهُ بَعْدَ قَوْلِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَلِفَ مَدْخُولُ

ص: 260