المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب صحة الوكالة) - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌(باب صحة الوكالة)

لِلْمُخَابَرَةِ أَيْ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِهَا فَهُوَ لِلثَّلَاثَةِ عَلَى مَا شَرَطُوا وَالسَّادِسُ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاخْتَارَهُ مُحَمَّدٌ الزَّرْعُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةٍ بَذْرٌ وَأَرْضٌ وَعَمَلُ يَدٍ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ شَيْئَانِ أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِأَحَدِهِمْ شَيْئَانِ دُونَ صَاحِبَيْهِ فَالزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمَا أَوْ اجْتَمَعَ شَيْئَانِ لِشَخْصَيْنِ مِنْهُمْ فَالزَّرْعُ لَهُمَا دُونَ الثَّالِثِ فَصُوَرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَرْبَعٌ أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً وَيُجَابُ عَنْ الِاعْتِرَاضِ بِحَمْلِهِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ مِمَّا قَرَّرْنَاهُ

[دَرْسٌ]

(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِهَا اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ وَرُكْنُهَا مُوَكِّلٌ وَوَكِيلٌ وَمُوَكَّلٌ فِيهِ وَصِيغَةٌ فَأَشَارَ لِلْأَوَّلَيْنِ بِقَوْلِهِ الْوَكَالَةُ؛ لِأَنَّهَا مِنْ النَّسَبِ تَقْتَضِي مُتَعَدِّدًا وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ وَهُوَ الْمَحَلُّ بِقَوْلِهِ (فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ فِي كُلِّ أَمْرٍ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا وَهُوَ مَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ أَيْ مَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ وَمَا لَا تَجُوزُ فِيهِ النِّيَابَةُ لَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ وَقِيلَ النِّيَابَةُ أَعَمُّ لِانْفِرَادِهَا فِيمَا إذَا وَلَّى الْحَاكِمُ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا أَوْ نَيَّبَ إمَامُ صَلَاةٍ بِمَكَانٍ غَيْرَهُ فِيهَا وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا غَيْرُهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ قَابِلُ النِّيَابَةِ مُجْمَلًا بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَقْدٍ) كَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ وَنِكَاحٍ وَصُلْحٍ وَقِرَاضٍ وَشِرْكَةٍ وَمُسَاقَاةٍ (وَفَسْخٍ) لِعَقْدٍ يَجُوزُ فِيهِ كَمُزَارَعَةٍ قَبْلَ بَذْرٍ وَبَيْعٍ فَاسِدٍ وَنِكَاحٍ كَذَلِكَ وَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ وَالْخُلْعُ وَالْإِقَالَةُ (وَقَبْضُ حَقٍّ) لَهُ عَلَى الْغَيْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْهُمْ شَيْئَانِ دُونَ أَصْحَابِهِ كَانَ الزَّرْعُ لَهُ دُونَهُمْ (قَوْلُهُ وَالسَّادِسُ إلَخْ) قَدْ نَظَمَ ابْنُ غَازِيٍّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ السِّتَّةَ بِقَوْلِهِ:

الزَّرْعُ لِلْعَامِلِ أَوْ لِلْبَاذِرِ

فِي فَاسِدٍ أَوْ لِسِوَى الْمُخَابِرِ

أَوْ مَنْ لَهُ حَرْفَانِ مِنْ إحْدَى الْكَلِمْ

عَابَ وَعَاثَ ثَاعِبٌ لِمَنْ فَهِمْ

وَالْمُرَادُ بِالْمُخَابِرِ هُنَا الَّذِي يُعْطِي أَرْضَهُ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَالْعَيْنَانِ لِلْعَمَلِ وَالْأَلِفَانِ لِلْأَرْضِ وَالْبَاءَانِ لِلْبَذْرِ وَالثَّاءَانِ لِلثِّيرَانِ فَقَوْلُهُ عَابَ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ السَّادِسِ وَعَاثَ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الثَّالِثِ وَثَاعِبٌ إشَارَةٌ لِلْقَوْلِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ أَوْ انْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِشَيْءٍ مِنْهَا) هَذِهِ الصُّورَةُ مِمَّا يَتَخَالَفُ فِيهَا كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ السَّادِسُ فَإِنَّهُ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَيْسَ لِلْعَامِلِ فِي هَذِهِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَتَكَافَآ عَمَلًا فَبَيْنَهُمَا قَالَ الشَّارِحُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ الْعَمَلِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَإِنَّمَا لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ لَك عَدَمُ صِحَّةِ جَوَابِ الشَّارِحِ

[بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ]

(قَوْلُهُ بِمَعْنَى التَّوْكِيلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصِّحَّةَ مُتَعَلِّقُهَا الْفِعْلُ؛ لِأَنَّهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ وَهُوَ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَحَلُّ) أَيْ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ إلَخْ) أُخِذَ الْحَصْرُ مِنْ كَوْنِ الْمُبْتَدَأِ مُضَافًا لِلْمُعَرَّفِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ وَقَدْ صَرَّحَ أَهْلُ الْمَعَانِي بِأَنَّ الْمُعَرَّفَ بِهَا إذَا أُخْبِرَ عَنْهُ بِظَرْفٍ أَفَادَ الْحَصْرَ كَالْكَرَمُ فِي الْعَرَبِ وَالْأَئِمَّةُ فِي قُرَيْشٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ شَرْعًا مَا لَا يَتَعَيَّنُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّهُمَا) أَيْ النِّيَابَةَ وَالْوَكَالَةَ وَقَوْلُهُ مُتَسَاوِيَانِ أَيْ فِي الْمَحَلِّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ النِّيَابَةُ أَعَمُّ) أَيْ مِنْ الْوَكَالَةِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ لَا بِاعْتِبَارِ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا وَلَّى الْحَاكِمُ أَمِيرًا أَوْ قَاضِيًا) أَيْ فَالْمُوَلَّى الْمَذْكُورُ نَائِبٌ عَمَّنْ وَلَّاهُ وَلَيْسَ وَكِيلًا عَنْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَوْلَ بِمُسَاوَاةِ النِّيَابَةِ لِلْوَكَالَةِ لِابْنِ رُشْدٍ وَعِيَاضٍ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْهُمَا مِنْ جَعْلِهِمَا نِيَابَةَ الْإِمَامِ وَكَالَةً وَالْقَوْلُ بِأَنَّ النِّيَابَةَ أَعَمُّ وَأَنَّ نِيَابَةَ الْإِمَامِ غَيْرُ وَكَالَةٍ لِغَيْرِهِمَا مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ اهـ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَابَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْفِعْلُ عَنْ الْغَيْرِ فَقَابِلُ النِّيَابَةِ مَا يُقْبَلُ فِعْلُ الْغَيْرِ عَنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْوَكَالَةِ التَّوْكِيلُ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فِي الْمَفْهُومِ، وَإِنْ تَسَاوَيَا مَحَلًّا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَا أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ إذْ التَّسَاوِي فِي الْمَحَلِّ لَا يَقْتَضِي التَّرَادُفَ وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ إنَّهُ عَلَى التَّسَاوِي يَنْحَلُّ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِقَوْلِنَا صِحَّةُ الْوَكَالَةِ فِي قَابِلِ الْوَكَالَةِ أَوْ لِقَوْلِنَا صِحَّةُ النِّيَابَةِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَهَذَا مَعْنًى غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ هُوَ إحَالَةٌ لِلشَّيْءِ عَلَى نَفْسِهِ.

(قَوْلُهُ وَحُكْمُهَا الْجَوَازُ) أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ بَدَلَ الصِّحَّةِ لِيَكُونَ مَفْهُومُهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ صَرِيحًا فِيمَا لَمْ يَسْتَوْفِ الشُّرُوطَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ الْبُطْلَانُ وَمَا كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ فَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَعْرِضُ لَهَا غَيْرُهُ) أَيْ بِحَسَبِ مُتَعَلِّقِهَا كَالْوَكَالَةِ عَلَى قَضَاءِ دَيْنٍ لَا يُتَوَصَّلُ إلَيْهِ إلَّا بِهَا وَكَالْوَكَالَةِ عَلَى الصَّدَقَةِ وَعَلَى الْبَيْعِ الْحَرَامِ وَالْمَكْرُوهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ مِنْ عَقْدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ عَنْهُ عَقْدًا كَبَيْعٍ أَوْ إجَارَةٍ إلَخْ وَفِي ح خِلَافٌ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الْوَكِيلُ مَا أَمَرَهُ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ وَصَدَرَ بِالْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ وَسَتَأْتِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لِلشَّارِحِ فِي آخِرِ الْبَابِ (قَوْلُهُ وَبَيْعٌ فَاسِدٌ) أَيْ مُعَرَّضٌ لِلْفَسَادِ أَيْ الْفَسْخِ كَالصَّادِرِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ مِنْ صَبِيٍّ مُمَيِّزٍ أَوْ مِنْ سَفِيهٍ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُوَكِّلَ فِي فَسْخِهِ وَكَذَلِكَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ، وَأَمَّا الْمُتَحَتِّمُ فَسْخُهُ فَهُوَ مَفْسُوخٌ فِي نَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِوَكِيلٍ يَفْسَخُهُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي الْفَسْخِ الطَّلَاقُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَسْخِ مُطْلَقُ الْحِلِّ وَفِي شب أَنَّ الطَّلَاقَ دَاخِلٌ فِي الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الطَّلَاقُ أَيْ فَيَصِحُّ أَنْ يُوَكِّلَ

ص: 377

وَكَذَا قَضَاؤُهُ (وَعُقُوبَةٍ) مِنْ قَتْلٍ وَتَعْزِيرٍ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ وَلِيٍّ أَوْ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ فِيمَا يَجُوزُ (وَحَوَالَةٍ) بِأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُحِيلُ غَرِيمَهُ عَلَى مَدِينٍ لَهُ (وَإِبْرَاءٍ) مِنْ حَقٍّ لَهُ (وَإِنْ جَهِلَهُ) أَيْ الْحَقَّ الْمُبَرَّأَ مِنْهُ (الثَّلَاثَةُ) الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ وَمَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ هِبَةٌ وَهِيَ جَائِزَةٌ بِالْمَجْهُولِ (وَحَجٍّ) بِأَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَسْتَنِيبُ عَنْهُ فِي الْحَجِّ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ وَكَذَا فِي هِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَوَقْفٍ وَنَحْوِهَا (و) جَازَ تَوْكِيلُ (وَاحِدٍ) لَا أَكْثَرَ إلَّا بِرِضَا الْخَصْمِ (فِي خُصُومَةٍ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ) إلَّا لِعَدَاوَةٍ كَمَا سَيَأْتِي لَهُ وَأَمَّا فِي غَيْرِ الْخُصُومَةِ فَيَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي (لَا إنْ قَاعَدَ) الْمُوَكِّلُ (خَصْمَهُ) عِنْدَ حَاكِمٍ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا (كَثَلَاثٍ) مِنْ الْمَجَالِسِ وَلَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِعْنَاتِ وَكَثْرَةِ الشَّرِّ (إلَّا لِعُذْرٍ) مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ لِكَوْنِهِ شَاتَمَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَا إنْ حَلَفَ لِغَيْرِ مُوجِبٍ (وَحَلَفَ فِي كَسَفَرٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الرَّجُلُ مَنْ يُطَلِّقُ عَنْهُ زَوْجَتَهُ، وَإِنْ بِحَيْضٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ عَارِضٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَضَاؤُهُ) أَيْ وَكَذَا لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي قَضَاءِ دَيْنٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَلِيٌّ) فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ شَخْصًا عَلَى الْقَتْلِ كَمَا أَنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ وَكَذَا فِي قَتْلِ الْحِرَابَةِ وَالرِّدَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ سَيِّدٌ) أَيْ فِي عَبْدِهِ إذَا تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَجُوزُ) أَيْ لِلزَّوْجِ عُقُوبَةُ الزَّوْجَةِ عَلَيْهِ كَتَرْكِ الصَّلَاةِ.

(قَوْلُهُ وَحَوَالَةٌ) زَادَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ التَّوْكِيلَ فِي الْحَمَالَةِ وَفَسَّرَ ذَلِكَ ابْنُ هَارُونَ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِمَا عَلَى فُلَانٍ، وَقَدْ كَانَ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ الْوَظِيفَةَ كَأَذَانٍ وَإِمَامَةٍ وَقِرَاءَةٍ بِمَكَانٍ مَخْصُوصٍ فَيَجُوزُ النِّيَابَةُ فِيهَا حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَدَمَ النِّيَابَةِ فِيهَا.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ عَدَمَهَا لَمْ يَكُنْ الْمَعْلُومُ لِلْأَصْلِيِّ لِتَرْكِهِ وَلَا لِلنَّائِبِ لِعَدَمِ تَقَرُّرِهِ فِي الْوَظِيفَةِ أَصَالَةً، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَدَمَ النِّيَابَةِ فَالْمَعْلُومُ لِصَاحِبِ الْوَظِيفَةِ الْمُقَرَّرِ فِيهَا وَهُوَ مَعَ النَّائِبِ عَلَى مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ لِضَرُورَةٍ أَوْ لَا كَمَا قَالَهُ الْمَنُوفِيُّ وَاخْتَارَهُ بْن وعج وَهُوَ أَسْهَلُ الْأَقْوَالِ وَقَالَ الْقَرَافِيُّ إنْ كَانَتْ الِاسْتِنَابَةُ لِضَرُورَةٍ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِلنَّائِبِ وَلَا لِلْمَنُوبِ عَنْهُ مِنْ الْمَعْلُومِ (قَوْلُهُ أَوْ وَكَّلَ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي بَيَانِ مَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ، وَإِنْ كَرِهَ كَمَا فِي هَذَا لَا فِي بَيَانِ مَا تَجُوزُ فِيهِ وَهَذَا التَّصْوِيرُ الثَّانِي فِي الْحَقِيقَةِ اسْتِنَابَةٌ لَا نِيَابَةٌ كَمَا قَالَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَمُنِعَ اسْتِنَابَةُ صَحِيحٍ فِي فَرْضٍ وَإِلَّا كُرِهَ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا فِي هِبَةٍ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي هِبَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَوَاحِدٌ) هَذَا مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَيُوَكِّلُ وَاحِدًا أَوْ عُطِفَ عَلَى الْوَكَالَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الْوَكَالَةُ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَإِنَّمَا يَصِحُّ وَاحِدٌ أَيْ وَكَالَةُ وَاحِدٍ فِي خُصُومَةٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهَا، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ فَلَا يَصِحُّ تَوْكِيلُ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِذَا كَانَ الْحَقُّ لِاثْنَيْنِ فَقَالَا مَنْ حَضَرَ مِنَّا خَاصَمَ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَتَوْكِيلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ وَإِذَا خَاصَمَ الْوَكِيلُ فِي قَضِيَّةٍ ثُمَّ انْقَضَتْ وَأَرَادَ الدُّخُولَ فِي أُخْرَى وَالْوَكَالَةُ مُبْهَمَةٌ فَلَهُ ذَلِكَ بِالْقُرْبِ وَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا طَالَ نَحْوُ السِّتَّةِ أَشْهُرٍ، وَأَمَّا إذَا اتَّصَلَ الْخِصَامُ فِيهَا فَلَهُ التَّكَلُّمُ عَنْهُ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ قَالَهُ ابْنُ النَّاظِمِ وَذَكَرَ ح أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَكَالَةِ أَعْذَارٌ بَلْ إذَا أُثْبِتَتْ عَمِلَ بِهَا وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَرِهَ خَصْمُهُ) أَيْ تَوْكِيلَ ذَلِكَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعَدَاوَةٍ) أَيْ بَيْنَ الْوَكِيلِ وَالْخَصْمِ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلِلْحَاضِرِ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَطْلُبُ شُفْعَتَهُ أَوْ يُخَاصِمُ عَنْهُ خَصْمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ الْخَصْمُ إلَّا أَنْ يُوَكِّلَ عَلَيْهِ عَدُوًّا لَهُ فَلَا يَجُوزُ اهـ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِالْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ إلَّا لِشَرْطِ عَدَمِ الِاسْتِبْدَادِ (قَوْلُهُ لَا إنْ قَاعَدَ الْمُوَكِّلُ) الْأَوْلَى لَا إنْ قَاعَدَ الْخَصْمُ خَصْمَهُ (قَوْلُهُ عِنْدَ حَاكِمٍ) هَذَا هُوَ النَّصُّ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْمُقَاعَدَةُ عِنْدَ غَيْرِ الْحَاكِمِ لَا تُعْتَبَرُ (قَوْلُهُ كَثَلَاثٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ لِعِلْمِ مَا زَادَ عَنْ الثَّلَاثِ مِنْهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَظَاهِرُهُ التَّقْيِيدُ بِالثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ وَعَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي أَقَلَّ مِنْهَا وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ إذْ مُقْتَضَى مَا فِيهَا أَنَّ الْمَرَّتَيْنِ كَالثَّلَاثِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَذْهَبِ اُنْظُرْ نَصَّهَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ) أَيْ طَرَأَ لَهُ بَعْدَ أَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثًا فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى حُجَّةِ مُوَكِّلِهِ وَيُحْدِثُ مِنْ الْحُجَّةِ مَا شَاءَ وَمَا كَانَ أَقَامَهُ الَّذِي لَمْ يُوَكِّلْ مِنْ بَيِّنَةٍ أَوْ حُجَّةٍ قَبْلَ وَكَالَةِ صَاحِبِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ عَلَى الْوَكِيلِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ وَمِنْ الْعُذْرِ مَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ ثَلَاثًا (قَوْلُهُ لَا إنْ حَلَفَ لِغَيْرِ مُوجِبٍ) أَيْ فَلَا يَكُونُ عُذْرًا يُبِيحُ لَهُ التَّوْكِيلَ بَلْ يَتَعَيَّنُ

ص: 378

يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ إذَا قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ وَأَرَادَ أَنْ يُوَكِّلَ بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ عُذْرًا لِكَوْنِهِ قَصَدَ سَفَرًا أَوْ أَنَّ بِهِ مَرَضًا خَفِيًّا بِبَاطِنِهِ أَوْ أَنَّهُ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَدَخَلَ وَقْتُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ مَا وَكَّلَ إلَّا لِهَذَا الْعُذْرِ، فَإِنْ حَلَفَ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ تَوْكِيلٌ إلَّا بِرِضَا خَصْمِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ قَاعَدَ الْوَكِيلُ الْخَصْمَ ثَلَاثًا سَوَاءٌ كَانَ التَّوْكِيلُ لِعُذْرٍ أَمْ لَا (عَزْلُهُ) أَيْ عَزْلُ الْوَكِيلِ عَنْ الْوَكَالَةِ إلَّا لِمُقْتَضٍ كَظُهُورِ تَفْرِيطٍ أَوْ مَيْلٍ مَعَ الْخَصْمِ أَوْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْذَارِ (وَلَا لَهُ) أَيْ الْوَكِيلُ حِينَئِذٍ (عَزْلُ نَفْسِهِ) إلَّا لِعُذْرٍ وَحَلِفٍ فِي كَسَفَرٍ كَذَا يَظْهَرُ وَمَفْهُومُ حِينَئِذٍ أَنَّ لِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ (وَلَا الْإِقْرَارُ) أَيْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ عَنْ مُوَكِّلِهِ (إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ) فِي التَّوْكِيلِ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً (أَوْ يَجْعَلْ لَهُ) الْإِقْرَارَ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ فَلَهُ الْإِقْرَارُ وَيَلْزَمُهُ مَا أَقَرَّ بِهِ عَنْهُ فِيهِمَا إنْ أَقَرَّ بِمَا يُشْبِهُ وَلَمْ يُقِرَّ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ نَوْعِ الْخُصُومَةِ.

(وَلِخَصْمِهِ) أَيْ خَصْمِ الْمُوَكِّلِ (اضْطِرَارُهُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْإِقْرَارِ أَيْ لَهُ أَنْ يُلْجِئَ الْمُوَكِّلُ إلَى جَعْلِ الْإِقْرَارِ لِلْوَكِيلِ (قَالَ) الْمَازِرِيُّ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ (وَإِنْ قَالَ) الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ (أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ فَإِقْرَارٌ) مِنْ الْمُوَكِّلِ بِهَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ الْوَكِيلِ إقْرَارًا بِهَا وَلَا يَنْفَعُ الْمُوَكِّلَ الرُّجُوعُ وَلَا عَزْلُ الْوَكِيلِ عَنْهُ وَيَكُونُ شَاهِدًا عَلَيْهِ بِهَا وَأُخْرِجَ مِنْ قَابِلِ النِّيَابَةِ

قَوْلُهُ (لَا فِي كَيَمِينٍ) فَلَا تَصِحُّ فِيهِ الْوَكَالَةُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنْ يُخَاصِمَ بِنَفْسِهِ وَيَحْنَثَ عَنْ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى خَصْمُهُ بِتَوْكِيلِهِ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُوَكِّلَ) الْأَوْلَى يَعْنِي أَنَّ الْخَصْمَ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ بِهِ مَرَضًا خَفِيًّا إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَرَضُهُ ظَاهِرًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِغَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ حَلَفَ) أَيْ كَانَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَجَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَخْ أَيْ وَإِلَّا يَحْلِفُ فَلَيْسَ لَهُ تَوْكِيلٌ فَقَدْ حُذِفَ فِعْلُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَئِذٍ إذَا قَاعَدَ الْخَصْمَ ثَلَاثًا وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُذْرٍ أَيْ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ اعْتِكَافٍ دَخَلَ وَقْتُهُ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ حِينَئِذٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ خِصَامٍ فَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ وَإِذَا عَزَلَهُ مُوَكِّلُهُ كَانَ لِخَصْمِهِ أَنْ يُوَكِّلَهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَاصِمٍ بِقَوْلِهِ:

وَمَنْ لَهُ مُوَكَّلٌ وَعَزَلَهُ

لِخَصْمِهِ إنْ شَاءَ أَنْ يُوَكِّلَهُ

وَنَحْوُهُ فِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ لَكِنْ زَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَعَدُوِّهِ اهـ وَنَحْوُهُ لِلْبَرْزَلِيِّ بَحْثًا اهـ بْن.

(تَنْبِيهٌ) إذَا فَعَلَ الْوَكِيلُ شَيْئًا بَعْدَ عَزْلِهِ كَانَ فِعْلُهُ مَرْدُودًا إنْ أَشْهَدَ الْمُوَكِّلُ بِعَزْلِهِ وَلَمْ يُفَرِّطْ الْمُوَكِّلُ فِي إعْلَامِ الْوَكِيلِ أَنَّهُ عَزَلَهُ حَيْثُ كَانَ الْإِعْلَامُ مُمْكِنًا وَلَا يُشْتَرَطُ اشْتِهَارُ الْعَزْلِ عِنْدَ حَاكِمٍ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق، فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ لَمْ يَنْفَعْهُ عَزْلُهُ وَيَمْضِي فِعْلُهُ بَعْدَ عَزْلِهِ لَهُ حِينَ إقْرَارِهِ بِشَرْطِهِ الْآتِي لِلْمُصَنِّفِ وَهُوَ كَوْنُهُ مُفَوَّضًا وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَمَّا عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِهِ إلَّا إذَا عَلِمَ فَلَا يَنْعَزِلُ قَبْلَهُ وَلَوْ أَشْهَدَ بِهِ وَأَشْهَرَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ.

(قَوْلُهُ أَيْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ عَنْ مُوَكِّلِهِ) فَإِنْ أَقَرَّ بِشَيْءٍ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ مَا أَقَرَّ بِهِ وَيَكُونُ الْوَكِيلُ كَشَاهِدٍ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ) أَيْ لِخَاصَّةٍ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُوَكِّلَ مَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ وَقَوْلُهُ فِيهِمَا أَيْ فِيمَا إذَا وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَجَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ عِنْدَ عَقْدِ الْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْإِقْرَارُ مِنْ نَوْعِ الْخُصُومَةِ) أَيْ كَأَنْ يُوَكِّلَهُ فِي دَيْنٍ فَيُقِرَّ بِتَأْخِيرِهِ أَوْ بِقَبْضِ بَعْضِهِ أَوْ إبْرَائِهِ مِنْ بَعْضِهِ لَا إنْ وَكَّلَ عَلَى بَيْعِ دَارِهِ مِنْهُ فَيُقِرُّ لَهُ بِدَيْنٍ عَنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ بِإِتْلَافِهِ وَدِيعَةً لَهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ خَصْمُ الْمُوَكِّلِ) أَيْ وَهُوَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَيْ لَهُ أَنْ يُلْجِئَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ لِصَاحِبِهِ الَّذِي وَكَّلَ لَهُ وَكِيلًا لَا أَتَعَاطَى الْمُخَاصَمَةَ مَعَ وَكِيلِك حَتَّى تَجْعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ (قَوْلُهُ أَقِرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ) أَيْ لِزَيْدٍ أَوْ اعْتَرِفْ بِهَا لَهُ وَكَذَا أَبْرِئْ فُلَانًا مِنْ حَقِّي الَّذِي عَلَيْهِ فَإِنَّهُ إبْرَاءٌ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ: إنْ قَالَ إلَخْ لَيْسَ نَصُّ الْمَازِرِيِّ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ فَهْمَ ابْنِ شَاسٍ لَهُ وَنَصُّهُ لَوْ قَالَ لِوَكِيلِهِ أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَهُوَ بِهَذَا الْقَوْلِ كَالْمُقِرِّ بِالْأَلْفِ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَاسْتَقْرَاهُ مِنْ نَصِّ بَعْضِ الْأَصْحَابِ

(قَوْلُهُ لَا فِي كَيَمِينٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي طَلَبَهُ الشَّارِعُ مِنْ الشَّخْصِ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ الْأَوَّلُ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهَا لِخُصُوصِ الْفَاعِلِ فَهَذَا لَا تَحْصُلُ لَهُ مَصْلَحَتُهُ إلَّا بِالْمُبَاشَرَةِ وَتُمْنَعُ فِيهِ النِّيَابَةُ قَطْعًا وَذَلِكَ كَالْيَمِينِ وَالْإِيمَانِ وَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالنِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ مَصْلَحَةَ الْيَمِينِ الدَّلَالَةُ عَلَى صِدْقِ الْمُدَّعِي وَذَلِكَ غَيْرُ حَاصِلٍ بِحَلِفِ غَيْرِهِ وَلِذَلِكَ قِيلَ لَيْسَ فِي السُّنَّةِ أَنْ يَحْلِفَ أَحَدٌ وَيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَمَصْلَحَةُ الْإِيمَانِ الْإِجْلَالُ وَالتَّعْظِيمُ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لِلَّهِ وَإِنَّمَا تَحْصُلُ مِنْ جِهَةِ الْفَاعِلِ، وَكَذَلِكَ الصِّيَامُ وَالصَّلَاةُ وَمَصْلَحَةُ النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ الْإِعْفَافُ وَتَحْصِيلُ وَلَدٍ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَذَلِكَ لَا يَحْصُلُ بِفِعْلِ غَيْرِهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْعَقْدِ فَإِنَّ مَصْلَحَتَهُ تَحْقِيقُ سَبَبِ الْإِبَاحَةِ وَهُوَ يَتَحَقَّقُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ كَتَحَقُّقِهِ بِفِعْلِ الْمُوَكِّلِ، الثَّانِي مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهِ لِذَاتِ الْفِعْلِ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهَذَا لَا يَتَوَقَّفُ حُصُولُ مَصْلَحَتِهِ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَحِينَئِذٍ فَتَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ قَطْعًا وَذَلِكَ كَرَدِّ الْعَوَارِيّ وَالْوَدَائِعِ وَالْمَغْصُوبَاتِ لِأَهْلِهَا وَقَضَاءِ الدُّيُونِ وَتَفْرِيقِ الزَّكَاةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّ مَصْلَحَةَ هَذِهِ

ص: 379

لِأَنَّهَا تُفِيدُ صِدْقَ الْحَالِفِ بِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوُضُوءَ وَالصَّلَاةَ وَالصَّوْمَ وَكُلَّ مَا كَانَ مِنْ الْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ وَيَدْخُلُ فِي الْيَمِينِ الْإِيلَاءُ وَاللِّعَانُ (و) لَا (مَعْصِيَةٍ كَظِهَارٍ) ؛ لِأَنَّهُ مُنْكَرٌ مِنْ الْقَوْلِ وَزُورٌ وَأَدْخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ السَّرِقَةَ وَالْغَصْبَ وَالْقَتْلَ الْحَرَامَ وَغَيْرَ ذَلِكَ فَإِذَا قَالَ الْوَكِيلُ لِزَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ أَنْت عَلَيْهِ كَظَهْرِ أُمِّهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ظِهَارٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِ زَوْجَتِهِ فِي الْحَيْضِ فَأَوْقَعَهُ الْوَكِيلُ فِيهِ أَنَّهَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّ حُرْمَتَهُ فِي الْحَيْضِ عَارِضَةٌ إذْ هُوَ فِي نَفْسِهِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَإِنَّ حُرْمَتَهُ ذَاتِيَّةٌ وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ بِقَوْلِهِ (بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا) مِنْ قَوْلٍ أَوْ إشَارَةِ أَخْرَسَ (لَا بِمُجَرَّدِ) قَوْلِهِ (وَكَّلْتُك) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ (لَا حَتَّى يُفَوِّضَ) لِلْوَكِيلِ الْأَمْرَ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوَّضَةً أَوْ فِي جَمِيعِ أُمُورِي أَوْ أَقَمْتُك مَقَامِي فِي أُمُورِي وَنَحْوُ ذَلِكَ.

وَإِذَا فَوَّضَ لَهُ (فَيَمْضِي) وَيَجُوزُ (النَّظَرُ) أَيْ الصَّوَابُ لَا غَيْرُهُ (إلَّا أَنْ يَقُولَ) الْمُوَكِّلُ (و) يَمْضِي مِنْك (غَيْرُ النَّظَرِ) فَيَمْضِي إنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ وَلَا تَضْمِينُ الْوَكِيلِ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ وَلَا تَبْذِيرٍ (إلَّا الطَّلَاقَ) لِزَوْجَةِ الْمُوَكِّلِ (وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعَ دَارِ سُكْنَاهُ و)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَشْيَاءِ إيصَالُ الْحُقُوقِ لِأَهْلِهَا وَذَلِكَ مِمَّا يَحْصُلُ بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ لَهَا وَغَيْرِهِ فَيَبْرَأُ الْمَأْمُورُ بِهَا بِفِعْلِ الْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ، وَالثَّالِثُ مَا كَانَ مُشْتَمِلًا عَلَى مَصْلَحَةٍ مَنْظُورٍ فِيهَا لِجِهَةِ الْفِعْلِ وَلِجِهَةِ الْفَاعِلِ فَهُوَ مُتَرَدِّدٌ بَيْنَهُمَا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا بِأَيِّهِمَا يَلْحَقُ وَذَلِكَ كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ عِبَادَةٌ مَعَهَا إنْفَاقُ مَالٍ، فَمَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ رَأَوْا أَنَّ مَصْلَحَتَهُ تَأْدِيبُ النَّفْسِ وَتَهْذِيبُهَا وَتَعْظِيمُ شَعَائِرِ اللَّهِ فِي تِلْكَ الْبِقَاعِ وَإِظْهَارُ الِانْقِيَادِ إلَيْهِ وَهَذَا أَمْرٌ مَطْلُوبٌ مِنْ كُلِّ قَادِرٍ فَإِذَا فَعَلَهُ إنْسَانٌ عَنْهُ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْهُ، وَرَأَوْا أَنَّ إنْفَاقَ الْمَالِ فِيهِ أَمْرٌ عَارِضٌ بِدَلِيلِ الْمَكِّيِّ فَإِنَّهُ يَحُجُّ بِلَا مَالٍ فَقَدْ أَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ الْمَصَالِحَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلِ الْغَيْرِ عَنْهُ، وَلِذَا كَانَ لَا يَسْقُطُ الْفَرْضُ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَلَهُ أُجْرَةُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ وَالشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ رَأَوْا أَنَّ الْمَصْلَحَةَ فِيهِ الْقُرْبَةُ الْمَالِيَّةُ الَّتِي لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا غَالِبًا فَأَلْحَقُوهُ بِالْقِسْمِ الثَّانِي اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا تُفِيدُ صِدْقَ الْحَالِفِ) أَيْ وَصِدْقَ الْوَكِيلِ بِهَا لَا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوُضُوءَ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا هَذِهِ الْأَفْعَالُ الْخُضُوعُ وَالْخُشُوعُ وَإِجْلَالُ الرَّبِّ وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ خُضُوعِ الْوَكِيلِ خُضُوعُ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا فَعَلَهَا غَيْرُهُ فَاتَتْ الْمَصْلَحَةُ الَّتِي طَلَبَهَا الشَّارِعُ مِنْ كُلِّ مُكَلَّفٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَأَدْخَلَ بِكَافِ التَّمْثِيلِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَظِهَارٍ؛ لِأَنَّهُ مِثَالٌ لِلْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَيْ مِنْ أَنَّهَا لَا تَطْلُقُ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ وَكَّلْتُك عَلَى أَنْ تُطَلِّقَهَا فِي الْحَيْضِ فَطَلَّقَهَا فِيهِ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَاقِهَا فَطَلَّقَهَا الْوَكِيلُ وَهِيَ حَائِضٌ كَانَ الطَّلَاقُ لَازِمًا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا إلَخْ) مِنْ الْعُرْفِ فِي الْوَكَالَةِ الْوَكَالَةُ بِالْعَادَةِ كَمَا إذَا كَانَ رِيعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ دَفَعَ لِأُخْتِهِ مَا يَخُصُّهَا فِي الْكِرَاءِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ؛ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ وَتَصَرُّفُ الرَّجُلِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي قَالَهُ مَالِكٌ اُنْظُرْ ح وَالْمَوَّاقَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ إشَارَةُ أَخْرَسَ) أَيْ لَا مِنْ نَاطِقٍ (قَوْلُهُ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك) أَيْ وَأَنْتَ وَكِيلِي وَنَحْوُهُمَا مِنْ كُلِّ مَا أَبْهَمَ فِيهَا الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ، فَإِذَا قَالَ: وَكَّلْتُك كَانَتْ الْوَكَالَةُ بَاطِلَةً خِلَافَ أَنْتَ وَصِيِّ فَإِنَّهَا صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ وَقِيلَ إنَّهَا وَكَالَةٌ صَحِيحَةٌ وَتَعُمُّ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ قَالَ وَهُوَ قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إنْ قَصُرَتْ طَالَتْ وَإِنْ طَالَتْ قَصُرَتْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَفَرَّقَ ابْنُ شَاسٍ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْوَصِيَّةِ أَيْ إذَا قَالَ فُلَانٌ وَصِيٌّ فَإِنَّهُ يَعُمُّ بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعَادَةُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْتَضِي عِنْدَ إطْلَاقِ لَفْظِ الْوَصِيَّةِ التَّصَرُّفَ فِي كُلِّ الْأَشْيَاءِ وَلَا تَقْتَضِيهِ فِي الْوَكَالَةِ وَيَرْجِعُ إلَى اللَّفْظِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ الثَّانِي أَنَّ الْمُوَكَّلُ مُهَيَّأٌ لِلتَّصَرُّفِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُبْقِيَ لِنَفْسِهِ شَيْئًا فَيَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِ مَا أَبْقَى، وَالْوَصِيُّ لَا تَصَرُّفَ لَهُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا يَفْتَقِرُ لِتَقْرِيرِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى شَيْءٍ) أَيْ، وَإِنْ دَلَّ عَلَى الْوَكَالَةِ لُغَةً (قَوْلُهُ فَيُمْضِي النَّظَرَ) أَيْ وَهُوَ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَقَوْلُهُ لَا غَيْرُهُ أَيْ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَلِثَوَابِ الْآخِرَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ النَّظَرِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لَهُ أَمْضَيْت فِعْلَك النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ فَيُمْضِي أَيْ غَيْرَ النَّظَرِ إنْ وَقَعَ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ مَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ بَاطِلَةٌ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ وَلَا تَبْذِيرَ أَيْ كَأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ النَّظَرِ الَّذِي لَا يَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً وَيُمْضِي بَعْدَ وُقُوعِهِ مَا لَيْسَ فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِلْمَالِ لَا مَا كَانَ مَعْصِيَةً أَوْ سَفَهًا وَإِلَّا نَاقَضَ مَا مَرَّ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ فِي الْمَعْصِيَةِ (قَوْلُهُ إلَّا الطَّلَاقُ) الصَّوَابُ أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَالْأَصْلُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ فَيُمْضِي النَّظَرَ وَغَيْرَهُ إلَّا الطَّلَاقَ إلَخْ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ تت مِنْ أَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَيُمْضِي النَّظَرَ وَنَحْوَهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ فَرْحُونٍ وَرَدَّهُ ح بِأَنَّ قَوْلَهُ بَعْدُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرَ النَّظَرِ

ص: 380

بَيْعَ (عَبْدِهِ) الْقَائِمِ بِأُمُورِهِ لِقِيَامِ الْعُرْفِ عَلَى أَنَّ تِلْكَ الْأُمُورَ لَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْوَكِيلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ (أَوْ يُعَيِّنُ) عَطْفٌ عَلَى يُفَوِّضُ أَيْ أَوْ حَتَّى يُعَيِّنَ لَهُ الشَّيْءَ الْمُوَكَّلَ فِيهِ مِنْ بَيْعِ سِلْعَةٍ أَوْ إنْكَاحِ بِنْتِهِ (بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ) أَوْ عُرْفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَتَخَصُّصٌ) أَيْ مَا يَدُلُّ عَلَى اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهَا (وَتَقَيُّدٌ بِالْعُرْفِ) فَإِذَا كَانَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ عَامًّا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِهِ وَإِذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَهُ لَهُ اشْتَرِ لِي عَبْدًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَقْيِيدَهُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ (فَلَا يَعْدُوهُ) أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ مَا خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ (إلَّا) إذَا وَكَّلَهُ (عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ أَيْ عَلَيْهِ (طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ) ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَوَابِعِ الْبَيْعِ (أَوْ) إلَّا إذَا وَكَّلَهُ عَلَى (اشْتِرَاءٍ فَلَهُ) أَيْ عَلَيْهِ (قَبْضُ الْمَبِيعِ) مِنْ الْبَائِعِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي (و) لَهُ (رَدُّ الْمَعِيبِ) عَلَى بَائِعِهِ (إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ الْمَعِيبَ (مُوَكِّلُهُ) ، فَإِنْ عَيَّنَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي هَذِهِ السِّلْعَةَ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِهِ وَهَذَا فِي الْوَكِيلِ الْغَيْرِ الْمُفَوَّضِ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ وَلَوْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الْمَبِيعَ (وَطُولِبَ بِثَمَنٍ) لِسِلْعَةٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَوْلَ لَا تَكُونُ مُسْتَثْنَاةً وَأَنَّهَا تَمْضِي وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَبَيْعُ عَبْدِهِ الْقَائِمِ بِأُمُورِهِ) أَيْ أَوْ التَّاجِرُ وَأَوْلَى عِتْقُهُ فَلَا يَمْضِي شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعِ الْمُسْتَثْنَاةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ لَهُ وَكَّلْتُك وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَأَمْضَيْت فِعْلَك النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعِ سِلْعَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَارِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ دَابَّتِي الْفُلَانِيَّةَ أَوْ هَذِهِ أَوْ تَزْوِيجُ بِنْتِي فُلَانَةَ أَوْ طَلَاقُ زَوْجَتِي فُلَانَةَ أَوْ هَذِهِ وَكُلُّ هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِتَعْيِينِ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ بِالنَّصِّ (قَوْلُهُ وَتُخَصِّصُ أَيْ مَا يَدُلُّ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ تُخَصِّصُ رَاجِعٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ عُرْفًا وَلَمَّا كَانَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا لَفْظًا وَغَيْرَهُ وَاَلَّذِي يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ وَالتَّقْيِيدَ إنَّمَا هُوَ اللَّفْظُ قَالَ الشَّارِحُ أَيْ اللَّفْظُ إلَخْ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ لَفْظَ الْمُوَكِّلِ إذَا كَانَ عَامًّا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ، وَإِنْ كَانَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِهِ أَيْضًا فَقَوْلُهُ وَتُخَصِّصُ أَيْ إذَا كَانَ عَامًّا وَقَوْلُهُ تَقَيَّدَ أَيْ إذَا كَانَ مُطْلَقًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ الْعَامَّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ وَأَنَّ الْمُطْلَقَ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ وَهَذَا خَاصٌّ بِغَيْرِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ وَهُوَ مَنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُوَكَّلَ فِيهِ.

(قَوْلُهُ تَخْصِيصُ بَعْضِ أَنْوَاعِهَا) الْأُولَى تَخْصِيصُهَا بِبَعْضِ أَنْوَاعِهَا أَيْ قَصْرُهَا عَلَى بَعْضِ أَنْوَاعِهَا كَالْحُمُرِ مَثَلًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَ الْعَامِّ قَصْرُهُ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ (قَوْلُهُ لَا يَتَجَاوَزُ مَا خَصَّصَهُ) أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَكِيلُ الْمُوَكِّلَ عَلَيْهِ الَّذِي خَصَّصَهُ الْعُرْفُ أَوْ قَيَّدَهُ أَيْ خَصَّصَ دَالَّهُ أَوْ قَيَّدَهُ ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَلَا يَعُدُّوهُ ثَمَرَةً لِلتَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ أَوَّلًا وَتَخَصُّصٌ إلَخْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ لَا يَتَجَاوَزُ الْوَكِيلُ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا بِالنَّصِّ أَوْ مُخَصَّصًا أَوْ مُقَيَّدًا دَالُّهُ بِالْعُرْفِ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدُ فِي قَوْلِهِ إلَّا إذَا وَكَّلَ عَلَى بَيْعٍ إلَخْ فَإِنَّهُ مُسْتَثْنًى مِمَّا إذَا كَانَ الْمُوَكَّلُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا بِالنَّصِّ لَا مُخَصَّصًا وَلَا مُقَيَّدًا بِالْعُرْفِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ أَيْ عَلَيْهِ طَلَبُ الثَّمَنِ) أَيْ مَنْ اشْتَرَى وَقَبَضَهُ مِنْهُ أَيْ، وَإِنْ كَانَ مُقْتَضَى التَّوْكِيلِ عَلَى الْبَيْعِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَلَا قَبْضُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكَّلَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْبَيْعُ وَجَعْلُهُ اللَّامَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى عَلَى مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ التَّوْضِيحِ لَوْ سَلَّمَ الْوَكِيلُ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ اهـ. وَهَذَا حَيْثُ لَا عُرْفَ بِعَدَمِ طَلَبِهِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ بَلْ لَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ قَبْضٌ وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الثَّمَنِ إلَيْهِ، قَالَ الْمُتَيْطِيُّ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ فِي مَسَائِلِهِ: وَلَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ عِنْدَ النَّاسِ فِي الرُّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ، فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ الَّذِي بَاعَ وَإِنَّمَا يُحْمَلُ هَذَا عَلَى الْعَادَةِ الْجَارِيَةِ بَيْنَهُمْ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وح اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَاهُ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ لِمَنْ وَكَّلَهُ عَلَى الشِّرَاءِ، وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ شَاسٍ وَابْنَ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ التَّفْصِيلُ فَحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمَبِيعِ وَحَيْثُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الدَّفْعُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَبْضُ وَاَلَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ هُوَ مَنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ كَمَا يَأْتِي مُحَصِّلُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا اشْتَرَى وَصَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ بِأَنْ قَالَ وَيَنْقُدُ الْمُوَكِّلُ دُونِي لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، وَإِنْ اشْتَرَى وَلَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبْضُ الْمُثَمَّنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُطَالَبُ بِالْمُثَمَّنِ.

(قَوْلُهُ وَلَهُ رَدُّ الْمَعِيبِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ إذَا كَانَ لَا يَعْلَمُ بِالْعَيْبِ حَالَ شِرَائِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ هُوَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الْمُوَكِّلُ أَخْذَهُ فَلَهُ ذَلِكَ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ وَالشِّرَاءُ فُرْصَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَمَا يَأْتِي، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْوَكِيلِ حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الْعُيُوبِ الْخَفِيَّةِ كَالسَّرِقَةِ أَوْ كَانَ مِنْ الظَّاهِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا بِحَيْثُ لَا يَخْفَى حَتَّى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ وَإِلَّا فَلَا رَدَّ لَهُ بِهِ وَيَلْزَمُ الْوَكِيلَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَا فِي عبق وخش عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَيَّنَهُ فَلَا رَدَّ لِلْوَكِيلِ بِهِ) أَيْ وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ إمَّا أَنْ يَقْبَلَهُ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَهُ الرَّدُّ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ

ص: 381

اشْتَرَاهَا لِمُوَكِّلِهِ أَوْ بَاعَهَا لَهُ (وَمُثَمَّنٌ) كَذَلِكَ اشْتَرَاهُ أَوْ بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ (مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثَمَّنِ، فَإِنْ صَرَّحَ بِأَنْ قَالَ لَا أَتَوَلَّى ذَلِكَ لَمْ يُطَالَبْ وَإِنَّمَا يُطَالَبُ مُوَكِّلُهُ وَشُبِّهَ فِي مَفْهُومٍ لَمْ يُصَرِّحْ قَوْلُهُ (كَبَعَثَنِي فُلَانٌ لِتَبِيعَهُ) كَذَا أَوْ لِيَشْتَرِيَ مِنْك كَذَا فَلَا يُطَالَبُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ أَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَالثَّمَنُ عَلَى الرَّسُولِ (لَا) إنْ قَالَ بَعَثَنِي (لِأَشْتَرِيَ مِنْك) أَوْ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك فَيُطَالَبُ الرَّسُولُ مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُرْسِلُ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ فَالطَّلَبُ عَلَى الْمُرْسِلِ (و) طُولِبَ الْوَكِيلُ (بِالْعُهْدَةِ) مِنْ عَيْبٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ (مَا لَمْ يَعْلَمْ) الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ وَإِلَّا فَالطَّلَبُ عَلَى الْمُوَكِّلِ لَا الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفَوَّضًا

(وَتَعَيَّنَ) عَلَى الْوَكِيلِ (فِي) التَّوْكِيلِ (الْمُطْلَقِ) لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءِ (نَقْدِ الْبَلَدِ و) تَعَيَّنَ (لَائِقٌ) أَيْ شِرَاؤُهُ (بِهِ) أَيْ بِالْمُوَكِّلِ (إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ) ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ لِي ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ لَا تَفِي بِمَا يَلِيقُ بِهِ (فَتَرَدَّدَ) فِي جَوَازِ شِرَاءِ مَا لَا يَلِيقُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ (و) تَعَيَّنَ (ثَمَنُ الْمِثْلِ) فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ (وَإِلَّا) بِأَنْ خَالَفَ نَقْدَ الْبَلَدِ الَّتِي بِهَا الْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ أَوْ اشْتَرَى مَا لَا يَلِيقُ أَوْ بَاعَ أَوْ اشْتَرَى بِغَيْرِ ثَمَنِ الْمِثْلِ (خُيِّرَ) الْمُوَكِّلُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا خَالَفَ فِيهِ شَيْئًا يَسِيرًا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُوَكِّلِ (كَفُلُوسٍ) مِثَالٌ لِمَا فِيهِ التَّخْيِيرُ؛ لِأَنَّهَا مُلْحَقَةٌ بِالْعُرُوضِ (إلَّا مَا شَأْنُهُ ذَلِكَ) أَيْ بَيْعُهُ بِالْفُلُوسِ (لِخِفَّتِهِ) أَيْ لِخِفَّةِ أَمْرِهِ كَالْبَقْلِ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَرُدَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ (قَوْلُهُ اشْتَرَاهَا لِمُوَكَّلِهِ أَوْ بَاعَهَا لَهُ) وَالْمُطَالَبُ لَهُ بِالثَّمَنِ فِي الْأُولَى الْبَائِعُ الْأَجْنَبِيُّ وَفِي الثَّانِيَةِ مُوَكِّلُهُ (قَوْلُهُ وَمُثَمَّنٌ) أَيْ وَطُولِبَ بِمُثَمَّنٍ اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَهُ لِمُوَكِّلِهِ) وَالْمُطَالَبُ بِهِ فِي الْأُولَى مُوَكِّلُهُ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَجْنَبِيُّ عَكْسُ مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِالْبَرَاءَةِ) أَيْ وَمَا لَمْ يَكُنْ الْعُرْفُ عَدَمَ طَلَبِهِ بِهِمَا وَإِلَّا عَمِلَ بِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَا أَتَوَلَّى ذَلِكَ) أَيْ نَقْدَ الثَّمَنِ أَوْ دَفْعَ الْمُثَمَّنِ بَلْ يَتَوَلَّاهُ الْمُوَكِّلُ دُونِي (قَوْلُهُ لَمْ يُطَالَبْ) أَيْ لَا بِثَمَنٍ وَلَا بِمُثَمَّنٍ (قَوْلُهُ وَشُبِّهَ فِي مَفْهُومٍ لَمْ يُصَرَّحْ) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا صَرَّحَ بِالْبَرَاءَةِ (قَوْلُهُ لِتَبِيعَهُ كَذَا) أَيْ بِمِائَةٍ وَقَوْلُهُ أَوْ لِيَشْتَرِيَ مِنْك كَذَا أَيْ بِمِائَةٍ مَثَلًا فَرَضِيَ صَاحِبُ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك إلَخْ) الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّهُ فِي هَذِهِ أَسْنَدَ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَسْنَدَهُ لِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ لِأَشْتَرِيَ لَهُ مِنْك) أَيْ فَزِيَادَةُ لَهُ لَا تُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ وَكِيلًا وَلَوْ نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ لَفُهِمَتْ صُورَتُهُ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ مَا لَمْ يُقِرَّ الْمُرْسِلُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ وَالصَّوَابُ كَمَا فِي بْن أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُرْسِلُ بِأَنَّهُ أَرْسَلَهُ كَانَ لِلْبَائِعِ غَرِيمَانِ فَيَبْتَعُ أَيَّهمَا شَاءَ كَمَا نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وح إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْمُرْسِلُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلرَّسُولِ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ أَوْ يَتْبَعُ الرَّسُولَ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ.

(قَوْلُهُ وَطُولِبَ الْوَكِيلُ بِالْعُهْدَةِ) أَيْ طُولِبَ الْوَكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ بِالْعُهْدَةِ أَيْ طَالَبَهُ الْمُشْتَرِي بِهَا فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ سِلْعَةً وَظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ رَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ) أَيْ كَالسِّمْسَارِ أَيْ وَمَا لَمْ يَحْلِفُ الْوَكِيلُ أَنَّهُ كَانَ وَكِيلًا فِي الْبَيْعِ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ مُعْتَرِضًا بِهِ إطْلَاقَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُفَوَّضًا) أَيْ، فَإِنْ كَانَ مُفَوَّضًا كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ فَيَصِيرُ لَهُ غَرِيمَانِ يَتْبَعُ أَيَّهمَا شَاءَ كَالشَّرِيكِ الْمُفَوَّضِ وَالْمُقَارَضِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَكِيلَ إنْ كَانَ غَيْرَ مُفَوَّضٍ فَإِنَّهُ يُطَالَبُ بِالْعُهْدَةِ مَا لَمْ يَحْلِفْ أَوْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ وَإِلَّا كَانَ الْمُطَالَبُ بِهَا الْمُوَكِّلُ، وَإِنْ كَانَ مُفَوِّضًا كَانَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ عَلَيْهِ لَا فَرْقَ بَيْنِ عَدَمِ عِلْمِ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ فَقَطْ أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَكِيلٌ مُفَاوِضٌ وَفِي الْمُفَوَّضِ يَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي غَرِيمَانِ كَمَا عَلِمْت

(قَوْلُهُ فِي التَّوْكِيلِ الْمُطْلَقِ لِبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ) الْمُرَادُ بِإِطْلَاقِهِ عَدَمُ ذِكْرِ نَوْعِ الثَّمَنِ أَوْ جِنْسِهِ عِنْدَهُ وَقَوْلُهُ نَقْدُ الْبَلَدِ أَيْ الَّتِي وَقَعَ بِهَا الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ سَوَاءٌ وَقَعَ التَّوْكِيلُ فِيهَا أَوْ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَلَائِقٌ بِهِ) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ هَذَا لَا يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِهِ وَتَخَصُّصٌ وَتَقَيُّدٌ بِالْعُرْفِ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِقَصْرِ الدَّابَّةِ عَلَى الْحِمَارِ وَقُلْت لِرَجُلٍ اشْتَرِ لِي دَابَّةً فَلَا يَشْتَرِي إلَّا حِمَارًا ثُمَّ إذَا كَانَتْ أَفْرَادُ الْحَمِيرِ مُتَفَاوِتَةً فَلَا يَشْتَرِي إلَّا لَائِقًا بِك فَاللَّائِقُ أَخَصُّ مِمَّا قَبْلَهُ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ فِي كُلِّ فَرْدٍ بِخُصُوصِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَفْهُومِ لَائِقٍ بِهِ أَيْ لَا غَيْرَ لَائِقٍ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ الثَّمَنَ فَإِنْ سَمَّاهُ فَفِي جَوَازِ شِرَائِهِ وَعَدَمِ جَوَازِهِ تَرَدُّدٌ فَالتَّرَدُّدُ إنَّمَا هُوَ فِي شِرَاءِ غَيْرِ اللَّائِقِ مَعَ التَّسْمِيَةِ.

(قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ تَأْوِيلَانِ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ لِشُرَّاحِهَا فِي فَهْمِهَا (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْمِثْلِ إلَخْ) فَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهَا بِثَمَنِ مِثْلِهَا لَا بِأَقَلَّ مِنْهُ، فَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شِرَائِهَا بِمِثْلِ الثَّمَنِ لَا بِأَكْثَرَ وَمَحَلُّ تَعَيُّنِ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا كَانَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ مُطْلَقًا أَيْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا، فَإِنْ سَمَّاهُ تَعَيَّنَ وَهَلْ التَّسْمِيَةُ تُسْقِطُ عَنْ الْوَكِيلِ النِّدَاءَ وَالشُّهْرَةَ أَيْ النِّدَاءُ عَلَى الْمَبِيعِ وَإِشْهَارُهُ لِلْبَيْعِ قَوْلَانِ قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَلَوْ بَاعَهُ بِمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ إشْهَارٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا إمْضَاؤُهُ وَالثَّانِي رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ طَلَبُ الزِّيَادَةِ وَعَدَمُ النَّقْصِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ بِأَنْ خَالَفَ نَقْدَ الْبَلَدِ) أَيْ بِأَنْ بَاعَ بِعَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ بِنَقْدٍ غَيْرِ مُتَعَامَلٍ بِهِ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ) أَيْ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِلَّا ضَمَّنَهُ قِيمَتَهَا لِتَعَدِّيهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ فِيمَا ذُكِرَ يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ بَيْنَ الْقَبُولِ وَالرَّدِّ ظَاهِرٌ إذَا كَانَتْ الْمُخَالَفَةُ لَا نِزَاعَ فِيهَا، وَكَذَا إذَا ادَّعَى الْوَكِيلُ الْإِذْنَ وَخَالَفَهُ الْمُوَكِّلُ وَادَّعَى عَدَمَهُ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ كَفُلُوسٍ) أَيْ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ فَبَاعَ بِفُلُوسٍ (قَوْلُهُ كَالْبَقْلِ) أَيْ وَكَالشَّيْءِ الْقَلِيلِ

ص: 382

لِأَنَّ الْفُلُوسَ فِي الْمُحَقَّرَاتِ كَالْعَيْنِ فِي غَيْرِهَا (كَصَرْفِ ذَهَبٍ) دَفَعَهُ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ شَيْئًا عَيَّنَهُ فَلَمْ يَشْتَرِ حَتَّى صَرْفَ الذَّهَبِ (بِفِضَّةٍ) وَاشْتَرَى فِيهَا فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ لَكِنْ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ نَقْدًا خُيِّرَ مُطْلَقًا، وَإِنْ كَانَ سَلَمًا خُيِّرَ إنْ قَبَضَهُ فِي قَبُولِهِ وَرَدَّ، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ تَعَيَّنَ الرَّدُّ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ طَعَامًا كَمَا سَيَأْتِي لَهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الصَّرْفُ الْمَذْكُورُ هُوَ (الشَّأْنُ) أَوْ كَانَ نَظَرًا فَلَا خِيَارَ (وَكَمُخَالَفَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى كَفُلُوسٍ (مُشْتَرًى) بِفَتْحِ الرَّاءِ (عَيْنًا أَوْ سُوقًا أَوْ زَمَانًا) عُيِّنَ لِلْوَكِيلِ فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ؛ لِأَنَّ تَخْصِيصَهُ مُعْتَبَرٌ (أَوْ بَيْعِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِأَقَلَّ) مِمَّا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَوْ يَسِيرًا فَيُخَيَّرُ (أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ (كَثِيرًا) فَيُخَيَّرُ، وَأَمَّا بِالْيَسِيرِ فَلَا؛ لِأَنَّ شَأْنَ الشِّرَاءِ الزِّيَادَةُ لِتَحْصِيلِ الْمَطْلُوبِ.

وَلِذَا قَالَ (إلَّا كَدِينَارَيْنِ) الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ (فِي أَرْبَعِينَ) وَثَلَاثَةٍ فِي سِتِّينَ وَوَاحِدٍ فِي عِشْرِينَ فَلَا خِيَارَ لِيَسَارَتِهِ وَشَأْنُ النَّاسِ التَّغَابُنُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَفِي نُسْخَةٍ لَا كَدِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ وَهِيَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ كَثِيرًا كَأَنَّهُ قَالَ لَا إنْ قُلْت الزِّيَادَةُ كَدِينَارَيْنِ إلَخْ إذْ لَا وَجْهَ لِلِاسْتِثْنَاءِ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَّا بِمَعْنَى غَيْرِ (وَصُدِّقَ) الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ (فِي دَفْعِهِمَا) أَيْ الدِّينَارَيْنِ لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ إنْ لَمْ يُسَلِّمْ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الثَّمَنُ كَالسَّوْطِ فَإِذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بَقْلًا أَوْ سَوْطًا بِفُلُوسٍ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ ذَلِكَ وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ (قَوْلُهُ كَصَرْفِ ذَهَبٍ إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ لَكِنْ إنْ كَانَ مَا اشْتَرَاهُ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي هِيَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ خُيِّرَ مُطْلَقًا) أَيْ قَبَضَهُ الْوَكِيلُ أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ يَلْزَمُ الْمَحْذُورَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي لِلْمُسْلَمِ إنْ أَجَازَ مَنْ فَسَخَ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَ الَّذِي اشْتَرَاهُ طَعَامًا وَالصَّوَابُ أَنَّ التَّخْيِيرَ هُنَا أَيْ فِيمَا إذَا اشْتَرَى نَقْدًا إنَّمَا هُوَ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ كَمَا أَنَّ التَّخْيِيرَ فِي السَّلَمِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ الْمُسَلَّمَ فِيهِ، وَكَذَا فِيمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بِفُلُوسٍ أَوْ بِغَيْرِ نَقْدِ الْبَلَدِ التَّخْيِيرُ إنَّمَا هُوَ بَعْدَ الْقَبْضِ وَحِينَئِذٍ فَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ.

(قَوْلُهُ وَرَدَّهُ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ وَأَخَذَ ذَهَبَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ الْإِجَازَةُ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ أَخْذُ ذَهَبِهِ وَالْمُسَلَّمُ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ مُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ تَرَتَّبَ الثَّمَنُ فِي ذِمَّتِهِ دَيْنًا وَقَدْ فَسَخَ ذَلِكَ فِي مُؤَخَّرٍ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ) إنَّمَا لَزِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ لَزِمَ الْوَكِيلَ بِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ بِالدَّرَاهِمِ الْمُخَالِفَةِ لِنَقْدِ الْمُوَكِّلِ فَإِذَا رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِذَلِكَ فَكَأَنَّ الْوَكِيلَ بَاعَهُ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ هُوَ الشَّأْنُ) أَيْ عَادَةُ النَّاسِ أَيْ بِأَنْ كَانَتْ عَادَةُ النَّاسِ شِرَاءُ تِلْكَ السِّلْعَةِ الْمُوَكَّلِ عَلَى شِرَائِهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ سَلَّمَ الدَّرَاهِمَ فِيهَا (قَوْلُهُ وَكَانَ نَظَرًا) أَيْ أَوْ كَانَ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِلْمُوَكَّلِ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ تَرَكَ لَك لِوُضُوحِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَكَمُخَالَفَتِهِ مُشْتَرِي إلَخْ) فَإِذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ لِوَكِيلِهِ اشْتَرِ سِلْعَةَ كَذَا أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي السُّوقِ الْفُلَانِيِّ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي الزَّمَنِ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ إنْ شَاءَ أَجَازَ فَعَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُ وَظَاهِرُهُ ثُبُوتُ الْخِيَارِ لِلْمُوَكِّلِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَغْرَاضُ تَخْتَلِفُ بِالزَّمَانِ وَالسُّوقِ أَوْ لَا وَاسْتَقَرَّ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ لَا يُخَيَّرُ إذَا خَالَفَ سُوقًا أَوْ زَمَانًا عُيِّنَ إلَّا إذَا كَانَتْ تَخْتَلِفُ بِهِمَا الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الرَّاءِ) أَيْ وَيَصِحُّ كَسْرُهَا أَيْضًا فَإِذَا قَالَ لَا تَبِعْ هَذِهِ السِّلْعَةَ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَلَا يَبِيعُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ بَاعَ لِغَيْرِهِ خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ) أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ فِي بَيْعِهِ بِأَقَلَّ فَفِي مُقَدَّرَةٌ وَهِيَ لِلسَّبَبِيَّةِ أَيْ وَمُخَالَفَتُهُ بِسَبَبِ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِسَبَبِهِ لَا فِيهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ) أَيْ أَوْ مُخَالَفَتُهُ فِي اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِسَبَبِ اشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ أَيْ بِزِيَادَةٍ وَهِيَ صَادِقَةٌ بِكَوْنِهَا كَثِيرَةً أَوْ يَسِيرَةً، فَإِنْ كَانَتْ كَثِيرَةً فَالتَّخْيِيرُ، وَإِنْ كَانَتْ يَسِيرَةً فَلَا خِيَارَ وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ كَثِيرًا فَأَفَادَ الْحُكْمَيْنِ بِالْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ إلَّا كَدِينَارَيْنِ إلَخْ) تَقْرِيرُهُ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ خَاصٌّ بِاشْتِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَحْوُهُ فِي ابْنِ غَازِيٍّ، قَالَ ح وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ، وَأَمَّا مَنْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ الْآمِرُ وَلَوْ يَسِيرًا لَمْ يَلْزَمْ الْآمِرَ ذَلِكَ وَيُخَيَّرُ اهـ بْن (قَوْلُهُ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ الْيَسِيرَةَ نِصْفُ الْعُشْرِ فَأَقَلَّ وَمَا زَادَ عَلَيْهِ فَهُوَ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةٌ فِي سِتِّينَ) أَيْ وَأَرْبَعَةٌ فِي ثَمَانِينَ وَوَاحِدٌ فِي عِشْرِينَ أَيْ وَنِصْفُ وَاحِدٍ فِي عَشَرَةٍ وَرُبْعُ وَاحِدٍ فِي خَمْسَةٍ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الصَّوَابُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بَيَانُ الْمَفْهُومِ لَا الِاسْتِثْنَاءُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا لَا يَشْمَلُ مَا بَعْدَهَا حَتَّى يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُجْعَلَ إلَخْ) أَيْ أَوْ يُجْعَلَ الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعًا.

(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ فِي دَفْعِهِمَا لِلْبَائِعِ مِنْ مَالِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ بِهِمَا عَلَى الْمُوَكِّلِ وَمَحَلُّ حَلِفِ الْوَكِيلِ إذَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى دَفْعِهِمَا وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ وَإِذَا صَدَقَهُ الْمُوَكِّلُ فِي دَفْعِهِمَا وَطَالَ الزَّمَانُ وَادَّعَى الْمُوَكِّلُ دَفْعَهُمَا لِلْوَكِيلِ فَقَالَ بْن الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي عَلَى حُكْمِ مَنْ ادَّعَى دَفْعَ دَيْنٍ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ لَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ، وَقِيلَ إنْ طَالَ الزَّمَانُ كَعِشْرِينَ سَنَةً صُدِّقَ وَلَا عِبْرَةَ بِوُجُودِ الْوَثَائِقِ بِيَدِ الْمُدَّعِي وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَعَيَّنَ لَهُ الثَّمَنَ فَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ زَادَ

ص: 383

بَلْ (وَإِنْ سَلَّمَ) لَهُ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ (مَا لَمْ يَطُلْ) الزَّمَنُ أَيْ زَمَنُ سُكُوتِهِ عَنْ طَلَبِهِمَا الَّذِي بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَبَيْنَ دَعْوَاهُ الدَّفْعَ مِنْ مَالِهِ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَفْعِهِمَا.

وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ كَانَ لِمُوَكِّلِهِ الْخِيَارُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ لَمْ يَرُدَّ الْبَيْعَ بَلْ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ بِقَوْلِهِ (وَحَيْثُ خَالَفَ) الْوَكِيلُ بِأَنْ زَادَ كَثِيرًا (فِي اشْتِرَاءٍ) أَوْ اشْتَرَى غَيْرَ لَائِقٍ أَوْ غَيْرَ مَا عَيَّنَ لَهُ بِلَفْظٍ أَوَقَرِينَةٍ أَوْ عُرْفٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَثْبُتُ فِيهِ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ مَا اشْتَرَاهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ خِيَارٌ لَمْ يُنْقَضْ زَمَنُهُ (إنْ لَمْ يَرْضَهُ) أَيْ يَرْضَ بِهِ (مُوَكِّلُهُ) ، فَإِنْ رَضِيَهُ لَزِمَهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِأَنْ كَانَ غَيْرَ سَلَمٍ وَإِلَّا مَنَعَ الرِّضَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ (كَذِي عَيْبٍ) اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ فَيَلْزَمُهُ إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ مُوَكِّلُهُ (إلَّا أَنْ يَقِلَّ) الْعَيْبُ قِلَّةً يُغْتَفَرُ مِثْلُهَا عَادَةً بِالنَّظَرِ لِمَا اشْتَرَى لَهُ فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ الْعَوَرَ فِي جَارِيَةِ الْخِدْمَةِ قَلِيلٌ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ بِخِلَافِ جَارِيَةِ الْفُرُشِ (وَهُوَ) أَيْ الشِّرَاءُ (فُرْصَةٌ) أَيْ غِبْطَةٌ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ كَدَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ ذَنَبٍ لِغَيْرِ ذِي هَيْئَةٍ وَهِيَ رَخِيصَةٌ (أَوْ) خَالَفَ الْوَكِيلُ (فِي بَيْعٍ) بِأَنْ بَاعَ بِأَنْقَصَ مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَوْ بِفُلُوسٍ أَوْ عُرُوضٍ وَلَيْسَ الشَّأْنُ ذَلِكَ (فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ) فِي الرَّدِّ وَالْإِمْضَاءِ.

فَإِنْ رَدَّ الْبَيْعَ أَخَذَ سِلْعَتَهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَقِيمَتُهَا إنْ فَاتَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِحَوَالَةِ سُوقٍ فَأَعْلَى هَذَا إذَا لَمْ يُسَمِّ، فَإِنْ سَمَّى الثَّمَنَ وَفَاتَتْ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ تَمَامَ التَّسْمِيَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا بَيَّنَ الْوَكِيلُ أَنَّهَا لِلْمُوَكِّلِ وَإِلَّا فَالنَّقْصُ لَازِمٌ لَهُ وَكَلَامُهُ هُنَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَثَمَنُ الْمِثْلِ وَإِلَّا خُيِّرَ أَعَادَهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي الثَّمَنِ زِيَادَةً يَسِيرَةً دَفَعَهَا مِنْ مَالِهِ وَطَلَبَ الرُّجُوعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ حَيْثُ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ سُكُوتِهِ عَنْ الطَّلَبِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ سَوَاءٌ ادَّعَى دَفْعَهَا مِنْ مَالِهِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكَّلِ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَلَّمَهَا، فَإِنْ طَالَ زَمَنُ سُكُوتِهِ عَنْ الطَّلَبِ بِهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ عِنْدَ عَدَمِ الطُّولِ مَا لَمْ يُصَدِّقْهُ الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَإِذَا صَدَّقَهُ وَطَالَ الزَّمَانُ وَادَّعَى دَفْعَهَا لَهُ جَرَى عَلَى حُكْمِ مَنْ ادَّعَى دَفْعَ دَيْنٍ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ بَلْ، وَإِنْ سَلَّمَ) أَيْ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ عَنْ طَلَبِهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ الدَّفْعُ) أَيْ دَفْعُ الدِّينَارَيْنِ الزَّائِدَيْنِ (قَوْلُهُ شَرَعَ يُبَيِّنُ أَنَّهُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ إذَا رَدَّ الْمَبِيعَ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَرُدَّ الْوَكِيلُ الْبَيْعَ بَلْ الْبَيْعُ لَازِمٌ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَحَيْثُ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ فَالْفِعْلُ فِي مَحَلِّ جَزْمٍ وَالْجَزْمُ بِهَا بِدُونِ مَا قَلِيلٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ ظَرْفِيَّةً مَعْمُولَةً لَلَزِمَ وَهُوَ الْأَحْسَنُ وَتَكُونُ ظَرْفَ زَمَانٍ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ صَرَفَ الْوَكِيلُ الدَّنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ وَاشْتَرَى بِهَا نَقْدًا أَوْ أَسْلَمَهَا فِي عَرْضٍ أَوْ طَعَامٍ وَكَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ مُتَعَدِّدٍ مِنْ كَثِيَابٍ بِصِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ فَابْتَاعَ مِنْهَا وَاحِدًا بِالثَّمَنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ الْوَكِيلَ مَا اشْتَرَاهُ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مُخَالَفَتُهُ خَطَأً لِتَقْصِيرِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ فِيهِ خِيَارٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْمَبِيعِ لِلْوَكِيلِ الَّذِي خَالَفَ فِي اشْتِرَائِهِ إذَا كَانَ اشْتَرَاهُ عَلَى الْبَتِّ أَوْ عَلَى الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَأَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ، أَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ الْوَكِيلُ عَلَى خِيَارٍ لَهُ وَلَمْ يَنْقَضِ زَمَنُهُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ، فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِكُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي الَّذِي هُوَ الْوَكِيلُ فَاخْتَارَ أَحَدُهُمَا الرَّدَّ فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْخِيَارِ أَنَّ الْحَقَّ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِمَنْ اخْتَارَ الرَّدَّ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ أَوْ الْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُ الْبَيْعُ إلَّا بِرِضَاهُمَا مَعًا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَرْضَ بِمَا خَالَفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) أَيْ مَا خَالَفَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ بِالسَّلِمِ إلَيْهِ سَلَمًا مُنِعَ الرِّضَا بِهِ أَيْ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ لِيُسَلِّمَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَيَزِيدُ إذَا كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ طَعَامًا بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ كَانَ لَهُ الرِّضَا بِهِ (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ) أَيْ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَهُ الرَّدُّ كَمَا مَرَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهِ أَيْ أَوْ كَانَ ظَاهِرًا لَا يَخْفَى حَتَّى عَلَى غَيْرِ الْمُتَأَمِّلِ (قَوْلُهُ يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ) أَيْ إذَا كَانَتْ لِغَيْرِ مَنْ لَا تُرْتِب بِهِ خِدْمَتُهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ فُرْصَةٌ) حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ كَدَابَّةٍ إلَخْ) أَيْ وَكَجَارِيَةٍ لِخِدْمَةِ مَنْ لَا تَزْرِي بِهِ خِدْمَتُهَا وَهِيَ رَخِيصَةٌ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ ذِي هَيْئَةٍ) وَأَمَّا شِرَاءُ دَابَّةٍ مَقْطُوعَةِ الذَّنَبِ لِذِي هَيْئَةٍ فَلَا تَلْزَمُ وَلَوْ رَخِيصَةً وَكَذَا جَارِيَةٌ عَوْرَاءُ لِخِدْمَةِ مَنْ يَزْرِي بِهِ خِدْمَتُهَا لِكَوْنِ الْعَيْبِ غَيْرَ قَلِيلٍ؛ لِأَنَّ الْقَلِيلَ مَا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ عَادَةً بِالنَّظَرِ لِمَا اشْتَرَى لَهُ وَلِمَنْ اشْتَرَى لَهُ.

(قَوْلُهُ بِأَنْقَصَ مَا سَمَّى لَهُ) أَيْ وَلَوْ يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَالْإِمْضَاءُ) أَيْ وَيَأْخُذُ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقِيمَتَهَا) أَيْ وَأَخَذَ قِيمَتَهَا مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ فَأَعْلَى) أَيْ فِي حَوَالَةِ السُّوقِ كَتَغَيُّرِ بَدَنٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ هَذَا إنْ لَمْ يُسَمِّ) أَيْ أَخْذُهُ قِيمَتَهَا إذَا فَاتَتْ وَالْحَالُ أَنَّهُ رَدَّ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ، فَإِنْ سَمَّى الثَّمَنَ وَفَاتَتْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ رَدَّ الْبَيْعَ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ لِلْمُوَكِّلِ وَقَوْلُهُ تَغْرِيمُهُ أَيْ تَغْرِيمُ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ إذَا بَيَّنَ الْوَكِيلُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالنَّقْصُ لَازِمٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْمُوَكِّلِ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ وَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ أَخْذُهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَنَقَصَ مَا سَمَّاهُ إنْ سَمَّى وَنَقْصُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ إنْ لَمْ يُسَمِّ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَكَلَامُهُ هُنَا) أَيْ قَوْلُهُ أَوْ خَالَفَ فِي بَيْعٍ فَخَيَّرَ مُوَكِّلَهُ (قَوْلُهُ وَثَمَنُ الْمِثْلِ) أَيْ وَتَعَيَّنَ ثَمَنُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ تَخْيِيرٌ

ص: 384

قَوْلُهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ (رِبَوِيًّا مِثْلَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ هَذَا الْقَمْحَ بِفُولٍ فَبَاعَهُ بِأُرْزٍ أَوْ بِعْهُ بِدَرَاهِمَ فَبَاعَهُ بِفُولٍ مَثَلًا فَالْمُوَكَّلُ عَلَى بَيْعِهِ رِبَوِيٌّ وَالْمُخَالَفُ إلَيْهِ رِبَوِيٌّ أَيْضًا فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِيمَا بَالَغَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ وَإِلَّا فَسَدَ الْعَقْدُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِالتَّعَدِّي فَهُوَ مُجَوِّزٌ لَأَنْ يُتِمَّ لَهُ الْبَيْعَ أَوَّلًا فَيَكُونَ دَاخِلًا عَلَى الْخِيَارِ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيِّ وَهُوَ مُبْطِلٌ لَهُ وَحَيْثُ ثَبَتَ الْخِيَارُ لِلْمُوَكِّلِ عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَّا (أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ) وَأَوْلَى الْمُشْتَرِي (الزَّائِدَ) عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ وَعَلَى مَا بَاعَ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ.

فَإِنْ الْتَزَمَهُ فَلَا خِيَارَ وَلَزِمَ الْعَقْدُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (لَا إنْ زَادَ) الْوَكِيلُ (فِي بَيْعٍ) كَأَنْ قَالَ لَهُ بِعْ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَ بِأَكْثَرَ (أَوْ نَقَصَ فِي اشْتِرَاءٍ) كَأَنْ قَالَ لَهُ اشْتَرِ بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَى بِأَقَلَّ فَلَا خِيَارَ لِمُوَكَّلِهِ فِيهِمَا (أَوْ اشْتَرِ) أَيْ وَلَا إنْ قَالَ اشْتَرِ لِي سِلْعَةَ كَذَا (بِهَا) أَيْ بِهَذِهِ الْمِائَةِ مَثَلًا الْمُعَيَّنَةِ (فَاشْتَرَى) بِمِائَةٍ عَلَى الْحُلُولِ (فِي الذِّمَّةِ) أَيْ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ (وَنَقَدَهَا) أَيْ الْمِائَةَ الْمُعَيَّنَةَ الْمَدْفُوعَةَ لَهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ (وَعَكْسُهُ) بِأَنْ دَفَعَ لَهُ الْمِائَةَ وَقَالَ اشْتَرِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ اُنْقُدْهَا فَاشْتَرَى بِهَا ابْتِدَاءً فَلَا خِيَارَ وَهَذَا مَا لَمْ يَظْهَرْ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَكِّلِ فَائِدَةً وَإِلَّا اُعْتُبِرَ شَرْطُهُ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ كَأَنْ يَكُونَ غَرَضُهُ بِتَعْيِينِ الثَّمَنِ فِي الْأُولَى فَسْخُ الْبَيْعِ إذَا طَرَأَ عَلَيْهِ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ لِكَوْنِهِ لَيْسَ عِنْدَهُ غَيْرَ هَذَا الثَّمَنِ وَغَرَضُهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ فِي الثَّانِيَةِ عَدَمُ الْفَسْخِ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِالْمَبِيعِ (أَوْ) قَالَ اشْتَرِ (شَاةً بِدِينَارٍ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَتَيْنِ) عَلَى الصِّفَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا إذَا بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ وَهُنَا تَخْيِيرٌ بِسَبَبِ الْمُخَالَفَةِ فِي أَمْرٍ عَامٍّ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ بِأَنْ بَاعَ إلَخْ

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ) أَيْ فِي بَيْعِهِ رِبَوِيًّا فَتَعَدَّى الْوَكِيلُ وَبَاعَهُ بِرِبَوِيٍّ مِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ أَمَرَهُ بِبَيْعِهِ بِرِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ) إنَّمَا خُيِّرَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مَعَ أَنَّ الْخِيَارَ فِي بَيْعِ الرِّبَوِيَّاتِ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ مُبْطِلٌ لَهُ لِأَدَائِهِ لِرِبَا جُهُلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَيْ أَنَّ الْخِيَارَ الَّذِي جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ كَخِيَارِ الْمُوَكِّلِ هُنَا يَعْنِي بَيْنَ الرِّضَا بِمَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ وَرَدِّهِ لَيْسَ كَالْخِيَارِ الْمَدْخُولِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ بِالتَّعَدِّي حِينَ الشِّرَاءِ فَسَدَ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُبْطِلٌ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلنِّسَاءِ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ) قَدْ اسْتَعْمَلَ الْمُصَنِّفُ الزَّائِدَ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ وَهُوَ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ إذَا هُوَ نَقَصَ فِي الْمَعْنَى أَوْ هُوَ مِنْ بَابِ الِاكْتِفَاءِ أَوْ هُوَ الْأَوْلَى فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ أَوْ النَّقْصَ عَلَى حَدِّ {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أَيْ وَالْبَرْدَ فَيَنْطَبِقُ كَلَامُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ قَالَهُ عبق وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الزَّائِدَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُ وَعَلَى مَا بَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَوْلَى الْمُشْتَرِي) اُنْظُرْ هَلْ الْتِزَامُ الْأَجْنَبِيِّ كَذَلِكَ أَمْ لَا؟ لِأَنَّ فِيهِ مِنَّةٌ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى كَانَ مَا يَلْتَزِمُهُ لَازِمًا لَهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ الْتَزَمَهُ فَلَا خِيَارَ) أَيْ فَإِنْ الْتَزَمَ الْوَكِيلُ مَا زَادَهُ مِنْ الثَّمَنِ عَلَى مَا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ أَوْ الْتَزَمَ الزَّائِدَ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ حَيْثُ بَاعَ بِأَنْقَصَ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ مُوَكِّلُهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ، فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى مَا سُمِّيَ لَهُ وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا الْتَزَمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ كَمَا لَوْ وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ عِشْرِينَ فَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَالْتَزَمَ الْوَكِيلُ أَوْ الْمُشْتَرِي الْخَمْسَةَ الزَّائِدَةَ عَلَى مَا بَاعَ بِهِ الْمُكَمِّلَةَ لِمَا سَمَّاهُ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَنَقَدَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى ثُمَّ الَّتِي لِلتَّرْتِيبِ (قَوْلُهُ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكِّلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ إنَّمَا هُوَ الْأَجَلُ وَهُوَ مُنْتَفٍ هُنَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ فِي الذِّمَّةِ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا التَّأْجِيلُ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ كَذَلِكَ أَوْ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى اشْتَرِ بِهَا أَيْ أَوْ قَالَ عَكْسَهُ؛ لِأَنَّهُ هُنَا فِيهِ مَعْنَى الْجُمْلَةِ فَيَصِحُّ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ الْقَوْلُ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الثَّمَنِ (قَوْلُهُ لِتَعَلُّقِ غَرَضِهِ بِالْمَبِيعِ) أَيْ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَرَضِهِ كَمَا فِي عبق فَإِذَا قَالَ الْمُوَكِّلُ فِي الْأُولَى: إنَّمَا شَرَطْت الشِّرَاءَ بِهَذِهِ الْمِائَةِ؛ لِأَنَّ غَرَضِي أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بِهَا عَيْبٌ أَوْ حَصَلَ فِيهَا اسْتِحْقَاقٌ يُفْسَخُ الْبَيْعُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدِي غَيْرُهَا فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ غَرَضَهُ ذَلِكَ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ، وَكَذَا إذَا قَالَ إنَّمَا أَمَرْته بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَسْتَحِقَّ الثَّمَنَ فَيَرْجِعَ الْبَائِعُ فِي الْمَبِيعِ وَغَرَضِي بَقَاؤُهُ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي غَرَضِهِ وَيَثْبُتُ لَهُ الْخِيَارُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ.

(قَوْلُهُ أَوْ قَالَ اشْتَرِ شَاةً) أَيْ صِفَتُهَا كَذَا فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَيْنِ أَيْ فَلَا خِيَارَ لِلْمُوَكَّلِ وَيَأْخُذُ الِاثْنَيْنِ، فَإِنْ تَلِفَا كَانَ ضَمَانُهُمَا مِنْهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا وَإِلَّا لَزِمَ الْوَكِيلَ وَاحِدَةٌ كَمُوَكِّلٍ قَالَ تت رُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ فَاشْتَرَى بِهِ اثْنَيْنِ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى بِهِ وَاحِدَةً وَعَرْضًا مَعَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَوْ أَمَرَهُ بِشِرَاءِ جَارِيَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ مَوْصُوفَةٍ بِثَمَنٍ فَاشْتَرَاهَا بِهِ وَمَتَاعًا مَعَهَا فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَالْآمِرُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ أَوْ يَأْخُذَ الْجَارِيَةَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ عَلَى الصِّفَةِ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِمَا عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَيَّنَهَا الْمُوَكِّلُ

ص: 385

أَوْ إحْدَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمَا) بِأَنْ أَبَى الْبَائِعُ مِنْ بَيْعِ إحْدَاهُمَا مُفْرَدَةً (وَإِلَّا) بِأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُمَا (خُيِّرَ) الْمُوَكِّلُ (فِي الثَّانِيَةِ) مِنْهُمَا أَيْ فِي وَاحِدَةٍ لَا بِعَيْنِهَا؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُمَا بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ لَزِمَتْ الْأُولَى إنْ كَانَتْ عَلَى الصِّفَةِ وَخُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى الصِّفَةِ لَزِمَتْ وَخُيِّرَ فِي الْأُولَى (أَوْ أَخَذَ) الْوَكِيلُ (فِي سَلَمِك) الَّذِي وَكَّلْته فِيهِ (حَمِيلًا أَوْ رَهْنًا) بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا خِيَارَ لَك؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةُ تَوَثُّقٍ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهُمَا فِي حَالِ الْعَقْدِ أَوْ قَبْلَهُ خُيِّرَتْ؛ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الرَّهْنَ الْوَكِيلُ ضَمَانَ الرِّهَانِ (قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْك

(وَفِي) بَيْعِهِ (بِذَهَبٍ فِي) قَوْلِهِ لِلْوَكِيلِ بِعْهُ (بِدَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ قَوْلَانِ) فِيمَا إذَا كَانَا نَقْدُ الْبَلَدِ وَالسِّلْعَةُ مِمَّا تُبَاعُ بِهِمَا وَاسْتَوَتْ قِيمَةُ الذَّهَبِ وَالدَّرَاهِمِ وَإِلَّا خُيِّرَ قَوْلًا وَاحِدًا (وَحَنِثَ) الْحَالِفُ الْمُوَكِّلُ (بِفِعْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (فِي) حَلِفِهِ (لَا أَفْعَلُهُ) أَيْ الشَّيْءَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ كَفِعْلِ مُوَكِّلِهِ (إلَّا بِنِيَّةٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ حَالَ الْيَمِينِ أَنَّهُ لَا يَفْعَلُهُ بِنَفْسِهِ فَلَا حِنْثَ وَيَبْرَأُ أَيْضًا بِفِعْلِ الْوَكِيلِ فِي لَأَفْعَلَنَّهُ إلَّا بِنِيَّةِ أَنَّهُ لَيَفْعَلَنَّهُ بِنَفْسِهِ

(وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ) أَيْ تَوْكِيلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ (فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ أَوْ إحْدَاهُمَا) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ عَلَى الصِّفَةِ كِلَاهُمَا أَوْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أَبَى الْبَائِعُ مِنْ بَيْعِ إحْدَاهُمَا مُفْرَدَةً) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَجِدْ الصِّفَةَ الْمَطْلُوبَةَ فِي غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُمَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا عَلَى الصِّفَةِ وَاشْتَرَاهُمَا بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ خُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ فِي الْأُولَى) ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا عَلَى الصِّفَةِ خُيِّرَ فِيهِمَا كَانَا بِعَقْدٍ أَوْ بِعَقْدَيْنِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُ إفْرَادُهُمَا لَزِمَا الْمُوَكِّلَ وَإِنْ أَمْكَنَ إفْرَادُهُمَا وَاشْتَرَاهُمَا مَعًا خُيِّرَ فِي قَبُولِ وَاحِدَةٍ فَقَطْ هُوَ الْمُوَافِقُ لِنَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَإِنْ لَمْ يُوَافِقْ قَوْلًا مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْتَرَضُ بِمَا فِي التَّوْضِيحِ عَلَى كَلَامِهِ هُنَا (قَوْلُهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ) أَيْ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ.

(قَوْلُهُ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك) ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ إنْ تَلِفَ قَبْلَ عِلْمِك بِهِ وَرِضَاك بِهِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عِلْمِك بِهِ لِإِغْنَاءِ مَا بَعْدَهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِالشَّيْءِ يَسْتَلْزِمُ الْعِلْمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْك) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رَضِيَ الْمُوَكِّلُ بِالرَّهْنِ الَّذِي أَخَذَهُ الْوَكِيلُ وَلَوْ حُكْمًا كَعِلْمِهِ بِهِ وَسُكُوتِهِ طَوِيلًا فَضَمَانُهُ إنْ تَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ ضَمَانُ الرِّهَانِ مِنْ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ لَمْ يَطُلْ سُكُوتُهُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ وَتَلِفَ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَضَمِنَهُ الْوَكِيلُ وَمَحَلُّ التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُوَكِّلِ مُطْلَقًا عَلِمَ بِهِ وَرَضِيَ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ فِي بِدَارِهِمْ) فِي دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ حَرْفَ الْجَرِّ لَا يَدْخُلُ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ وَعَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ بَيْعُهُ بِدَرَاهِمَ فِي قَوْلِهِ بِعْهُ بِذَهَبٍ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ فِي تَخْيِيرِ الْمُوَكِّلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسَانِ وَلُزُومِ الْبَيْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الْعُرْفِ، وَالْقَوْلُ بِالتَّخْيِيرِ نَصَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا قِيلَ وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَاعْتَمَدَهُ بْن (قَوْلُهُ فِيمَا إذَا كَانَا إلَخْ) أَيْ مَحَلُّهُمَا فِيمَا إذَا كَانَا نَقْدُ الْبَلَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَنِثَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَ لَا يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ لَهُ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِيهِ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْنَثُ بِشِرَاءِ الْوَكِيلِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَوْ بِعِتْقِ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا إنْ كَانَ الْيَمِينُ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقِ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَلَا تَنْفَعُهُ تِلْكَ النِّيَّةُ عِنْدَ الْقَاضِي كَمَا مَرَّ فِي بَابِ الْيَمِينِ فِي قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَوْ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَقَطْ أَيْ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ وَيَبْرَأُ أَيْضًا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ فَيَحْنَثُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ وَيَبَرُّ بِفِعْلِهِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ مِثْلُ فِعْلِ نَفْسِهِ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ.

(تَنْبِيهٌ) قَالَ عبق كَلَامُ الْمُصَنِّفِ وَاضِحٌ فِي شَيْءٍ يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ أَوْ الْمُوَكِّلِ كَبَيْعٍ وَضَرْبٍ وَكَذَا دُخُولُ دَارٍ فِيمَا يَظْهَرُ لِقَبُولِهِ النِّيَابَةَ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الدُّخُولَ بِنَفْسِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ اللَّقَانِيِّ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فِي كَدُخُولِ لَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَلَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ فَلَا يَبَرُّ بِتَوْكِيلِهِ فِي دُخُولِهَا اهـ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ وح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ صِيغَةِ الْبِرِّ وَصِيغَةِ الْحِنْثِ مِنْ أَنَّ دُخُولَ الْوَكِيلِ كَدُخُولِ الْمُوَكِّلِ فَيَبَرُّ بِهِ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ وَيَحْنَثُ بِهِ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ اهـ بْن وَقَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ إطْلَاقُ قَبُولِ النِّيَابَةِ فِي دُخُولِ الدَّارِ نَعَمْ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ التَّفْتِيشُ عَلَى شَيْءٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقْبَلُ النِّيَابَةَ فَيَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ الدَّارَ بِدُخُولِ الْوَكِيلِ وَيَبَرُّ بِدُخُولِهِ فِي حَلِفِهِ لَأَدْخُلَنَّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِنَفْسِهِ فِيهِمَا وَإِلَّا لَمْ يَحْنَثْ فِي الْأُولَى وَلَمْ يَبَرَّ فِي الثَّانِيَةِ

(قَوْلُهُ أَيْ تَوْكِيلُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ لَا يَتَعَلَّقُ بِالذَّوَاتِ وَإِنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَفْعَالِ وَالْمُرَادُ بِالذِّمِّيِّ مُطْلَقُ الْكَافِرِ فَهُوَ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ (قَوْلُهُ عَنْ مُسْلِمٍ) أَيْ، وَأَمَّا تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ لِذِمِّيٍّ، فَإِنْ كَانَ عَلَى اسْتِخْلَاصِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى مُسْلِمٍ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ وَشَقَّ عَلَيْهِ بِالْحَثِّ فِي الطَّلَبِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ

ص: 386

(أَوْ تَقَاضٍ) لِلدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَحَرَّى فِي ذَلِكَ وَلَا يَعْرِفُ شَرْطَ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الذِّمِّيُّ عَبْدَ الْمُسْلِمِ وَلَوْ رَضِيَ مَنْ يَتَقَاضَى مِنْهُ لِحَقِّ اللَّهِ وَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَى الْمُسْلِمِ وَشَقَّ عَلَيْهِ بِالْحَثِّ فِي الطَّلَبِ {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: 141] وَمِنْ ذَلِكَ جَعْلُهُ مُبَاشِرًا وَكَاتِبًا لِلْأُمَرَاءِ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ مِنْ الضَّلَالِ الْمُبِينِ (وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ) مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا إلَّا أَنْ يَرْضَى بِهِ الْمُوَكِّلُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَدَاوَةً دِينِيَّةً كَيَهُودِيٍّ عَلَى نَصْرَانِيٍّ وَعَكْسُهُ وَجَازَ تَوْكِيلُ مُسْلِمٍ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا إذَا لَمْ تَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ (و) مُنِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ الرِّضَا (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ بِمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ لَهُ (فِي سَلَمٍ) سَمَّاهُ لَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (إنْ دَفَعَ) لَهُ (الثَّمَنَ) وَقَالَ لَهُ أَسْلِمْهُ فِي كَذَا فَخَالَفَ وَأَسْلَمَهُ فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى ضَمِنَ الثَّمَنَ فِي ذِمَّتِهِ فَصَارَ دَيْنًا ثُمَّ فَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ وَهُوَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَيُزَادُ فِي الطَّعَامِ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ وَجَبَ لَهُ وَصَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ لِمُوَكِّلِهِ وَبِرِضَا الْمُوَكِّلِ بِهِ قَدْ بَاعَهُ الْوَكِيلُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ

(و) مُنِعَ (بَيْعُهُ) أَيْ الْوَكِيلُ فَهُوَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ (لِنَفْسِهِ) مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ وَلَوْ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ لِاحْتِمَالِ الرَّغْبَةِ فِيهِ بِأَكْثَرَ مَا لَمْ يَكُنْ بَعْدَ تَنَاهِي الرَّغَبَاتِ فِيهِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ (وَمَحْجُورُهُ) مِنْ صَغِيرٍ وَسَفِيهٍ وَرَقِيقٍ غَيْرُ مَأْذُونٍ فَيُمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ، وَمِثْلُ مَحْجُورِهِ شَرِيكُهُ الْمُفَاوِضُ إنْ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُفَاوَضَةِ (بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلُ وَوَلَدُهُ الرَّشِيدُ (وَرَقِيقِهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ أَوْ تَقَاضٍ لِلدَّيْنِ) ظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ تَقَاضَاهُ مِنْ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَكِنَّ الْحَقَّ جَوَازُ تَوْكِيلِهِ عَلَى تَقَاضِي الدَّيْنِ مِنْ ذِمِّيٍّ كَمَا هُوَ مُفَادُ بَهْرَامَ فِي كَبِيرِهِ وَشَامِلِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنَّمَا يُمْنَعُ تَوْكِيلُ الذِّمِّيِّ لِلْمُسْلِمِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَلَا يَمْنَعُ تَوْكِيلَهُ لَهُ فِي غَيْرِهَا كَقَبُولِ نِكَاحٍ وَدَفْعِ هِبَةٍ وَإِبْرَاءٍ وَوَقْفٍ وَهُوَ كَذَلِكَ وَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ وَلَدُ عبق أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ أَوْ الشِّرَاءُ أَوَالتَّقَاضِي الْمَمْنُوعُ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ أَنْ يَكُونَ مَاضِيًا (قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَ مَنْ يَتَقَاضَى مِنْهُ) هَذِهِ الْمُبَالَغَةُ مُرْتَبِطَةٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ رُبَّمَا أَغْلَظَ عَلَى الْمُسْلِمِ) أَيْ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ وَمِنْ ذَلِكَ) أَيْ وَمِنْ قَبِيلِ ذَلِكَ أَيْ تَوْكِيلِ الذِّمِّيِّ فِي التَّقَاضِي (قَوْلُهُ وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ) أَيْ وَمَنْعُ تَوْكِيلِ عَدُوٍّ عَلَى مُخَاصَمَةِ عَدُوِّهِ الْمُسْلِمِ أَوْ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَدَاوَةً دِينِيَّةً) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْعَدَاوَةُ الَّتِي بَيْنَهُمَا دِينِيَّةً أَيْ سَبَبُهَا اخْتِلَافُ الدِّينِ قَالَ بْن الْحَقُّ تَقْيِيدُ الْعَدَاوَةِ هُنَا بِالدُّنْيَوِيَّةِ وَأَمَّا مِنْهُ تَوْكِيلُ الْمُسْلِمِ لِلْيَهُودِيِّ عَلَى مُخَاصَمَةِ النَّصْرَانِيِّ وَعَكْسُهُ فَلِعَدَمِ تَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا لَا لِلْعَدَاوَةِ (قَوْلُهُ عَلَى وَاحِدٍ) أَيْ عَلَى مُخَاصَمَةِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ كَانَ الْمُوَكِّلُ لِذَلِكَ الْمُسْلِمِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا إذَا لَمْ يَتَوَصَّلْ الْكَافِرُ لِخَلَاصِ حَقِّهِ إلَّا بِذَلِكَ وَإِلَّا كُرِهَ تَوْكِيلُهُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ نَوْعُ إذْلَالٍ، فَإِنْ تَحَقَّقَ حَرُمَ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ تَوْكِيلُ مَنْ عِنْدَهُ لَدَدٌ وَيَسْتَنِيبُهُ النَّاسُ فِي الْخُصُومَاتِ فَلَا يَجُوزُ لِلْقَاضِي قَبُولُ وَكَالَتِهِ عَلَى أَحَدٍ كَمَا قَالَ ابْنُ لُبَابَةَ وَابْنُ سَهْلٍ وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ نَفْسِهِ عَدُوَّهُ إلَّا أَنْ يُبَادِرَ لِأَذَاهُ فَيَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ وَكِّلْ غَيْرَك اُنْظُرْ ج (قَوْلُهُ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَمَرَ وَكِيلَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ فِي كَذَا فَخَالَفَ وَأَسْلَمَ لَهُ فِي غَيْرِهِ فَلَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِمَا خَالَفَ إلَيْهِ الْوَكِيلُ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ وَكَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَكَانَ اطِّلَاعُ الْمُوَكِّلِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ وَالرِّضَا بِهَا قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ مَا خَالَفَ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهُ الثَّمَنَ جَازَ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ كَانَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ بِشَرْطِ أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ الْآنَ وَإِلَّا مُنِعَ وَلَوْ تَأَخَّرَ يَسِيرًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ وَكَذَا يَجُوزُ الرِّضَا بِمَا خَالَفَ إلَيْهِ إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَفُتْ، وَكَذَا لَوْ اطَّلَعَ عَلَى الْمُخَالَفَةِ بَعْدَ قَبْضِ الْوَكِيلِ نَكَلًا فِيهِ وَلَوْ قَبْلَ طُولِ أَجَلِهِ فَيَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ الرِّضَا بِهِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَانَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَجَبَ لَهُ) أَيْ وَجَبَ ذَلِكَ الطَّعَامُ نَكَلًا فِيهِ لِلْوَكِيلِ

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) هَذَا قَيْدٌ فِي مَنْعِ بَيْعِ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ شِرَاؤُهُ بَعْدَ تَنَاهِي الرَّغَبَاتِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّهُ فِي الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ، فَإِنْ اشْتَرَى الْوَكِيلُ لِنَفْسِهِ بَعْدَ تَنَاهِي الرَّغَبَاتِ أَوْ أَذِنَهُ الْمُوَكِّلُ فِي شِرَائِهِ لِنَفْسِهِ جَازَ شِرَاؤُهُ حِينَئِذٍ وَمِثْلُ إذْنِهِ لَهُ فِي شِرَائِهِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ حُكْمًا (قَوْلُهُ وَمَحْجُورُهُ عَطْفٌ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مُنِعَ أَنْ يَبِيعَ الْوَكِيلُ لِمَحْجُورِهِ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ أَنْ يَبِيعَهَا لِمَنْ فِي حِجْرِهِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ رَقِيقٍ (قَوْلُهُ غَيْرَ مَأْذُونٍ) أَيْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَأَمَّا بَيْعُهُ لَهُ فَجَائِزٌ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْبَيْعِ لِنَفْسِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَصَرَّفُ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْمَحَاجِيرِ هُوَ الْحَاجِرُ فَكَأَنَّهُ بَاعَ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُفَاوَضَةِ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى شَرِيكُهُ بِمَالِهِ الْخَاصِّ بِهِ فَالْجَوَازُ وَلَا مَفْهُومَ لِشَرِيكِ الْمُفَاوَضَةِ بَلْ كَذَلِكَ شَرِيكُهُ الْآخِذُ بِعِنَانِهِ يُمْنَعُ الْبَيْعُ لَهُ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَالِ الشِّرْكَةِ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ زَوْجَتِهِ) ذَكَرَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى لِزَوْجَتِهِ شَيْئًا بِطَرِيقِ الْوَكَالَةِ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهَا الثَّمَنَ فَزَعَمَتْ أَنَّهَا دَفَعَتْهُ لَهُ فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ حَلَفَتْ، وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْهُ حَلَفَ وَلِكُلٍّ

ص: 387

الْمَأْذُونِ فَلَا يُمْنَعُ لِاسْتِقْلَالِهِمْ بِالتَّصَرُّفِ لِأَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ الْمَحْجُورِ (إنْ لَمْ يُحَابِ) لَهُمَا فَإِنْ حَابَى مُنِعَ وَمَضَى الْبَيْعُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ مَا حَابَى بِهِ وَالْعِبْرَةُ بِالْمُحَابَاةِ وَقْتَ الْبَيْعِ

(و) مُنِعَ (اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ الْوَكِيلِ (مِنْ) أَيْ رَقِيقًا (يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مُوَكِّلِهِ (إنْ عَلِمَ) الْوَكِيلُ بِأَنَّهُ أَصْلٌ أَوْ فَرْعٌ أَوْ أَخٌ لِلْمُوَكِّلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ (وَلَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ) لِلشِّرَاءِ بِنَصٍّ أَوْ إشَارَةٍ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ أَوْ التَّعْيِينِ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ (و) إذَا وَقَعَ شِرَاؤُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْوَكِيلِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَغَرِمَ ثَمَنَهُ لِلْمُوَكِّلِ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَيَّنَهُ مُوَكِّلُهُ كَاشْتَرِ عَبْدَ فُلَانٍ أَوْ هَذَا الْعَبْدَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ الْحُكْمِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِالْقَرَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (فَعَلَى آمِرِهِ) أَيْ يُعْتِقُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْوَكِيلِ.

(و) مُنِعَ (تَوْكِيلُهُ) أَيْ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ غَيْرِ الْمُفَوَّضِ عَلَى مَا وُكِّلَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَمَانَتِهِ (إلَّا أَنْ) يَكُونَ الْوَكِيلُ (لَا يَلِيقُ بِهِ) تَوَلَّى مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ كَوَجِيهٍ فِي حَقِيرٍ فَلَهُ التَّوْكِيلُ حَيْثُ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِوَجَاهَتِهِ أَوْ اُشْتُهِرَ الْوَكِيلُ بِهَا وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ وَضَمِنَ إنْ وَكَّلَ لِتَعَدِّيهِ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَكْثُرَ) فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَلِيقُ فَيُوَكِّلُ مَنْ يُشَارِكُهُ فِي الْكَثِيرِ الَّذِي وَكَّلَ فِيهِ لِيُعَيِّنَهُ عَلَيْهِ لَا أَنَّهُ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ اسْتِقْلَالًا وَحَيْثُ جَازَ لَهُ التَّوْكِيلُ (فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ) الْوَكِيلِ (الْأَوَّلِ) وَلَا بِمَوْتِهِ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ إذَا عَزَلَ الْأَصِيلُ وَكِيلَهُ فَلَا يَنْعَزِلُ وَكِيلُ الْوَكِيلِ وَيَنْعَزِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَلَهُ عَزْلُ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَهُ التَّوْكِيلُ مُطْلَقًا (وَفِي) جَوَازِ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ بِالسَّلَمِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ وَكِيلُ وَكِيلِهِ وَقَدْ أَمَرَ بِهِ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ (إنْ تَعَدَّى) الْوَكِيلُ (بِهِ) أَيْ بِالتَّوْكِيلِ بِأَنْ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّوْكِيلُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَقَعْ الْمُخَالَفَةُ فِيمَا أَمَرَ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَإِنَّمَا وَقَعَتْ فِي التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ إذْ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ بِالتَّوْكِيلِ صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَفْسَخُهُ فِي سَلَمِ الثَّانِي مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْهُمَا رَدُّ الْيَمِينِ عَلَى صَاحِبِهِ اهـ شب (قَوْلُهُ الْمَأْذُونُ) أَيْ وَلَوْ حُكْمًا كَمُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ حَابَى) أَيْ بِأَنْ بَاعَ مَا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ أَيْ لِمُوَكَّلِهِ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ) أَيْ لَا وَقْتَ قِيَامِ الْمُوَكِّلِ أَوْ عِلْمِهِ

(قَوْلُهُ أَيْ الْوَكِيلُ) وَمِثْلُهُ الْمُبَضِّعُ مَعَهُ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَى مُوَكِّلِهِ أَيْ، وَأَمَّا شِرَاءُ الْوَكِيلِ مَنْ يُعْتِقُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَدْ سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ لِعَدَمِ النَّصِّ عَلَيْهِ وَوَقَعَ فِي مَجْلِسِ الْمُذَاكَرَةِ أَنَّهُ لَا يُعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ سَوَاءٌ قُلْنَا أَنَّ الْعَقْدَ يَقَعُ فِيهِ ابْتِدَاءً لِلْمُوَكِّلِ أَوْ لِلْوَكِيلِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْحُكْمَ) أَيْ وَهُوَ عِتْقُهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ) بِأَنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بِقَرَابَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَادَّعَى الْمُوَكِّلُ أَنَّهُ يَعْلَمُ بِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ التَّعْيِينُ بِأَنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ الْمُوَكِّلَ عَيَّنَ لَهُ ذَلِكَ الْعَبْدَ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَلْ عَيَّنْت لَهُ عَبْدًا غَيْرَهُ.

(قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَالَ الطِّخِّيخِيُّ وَقِيلَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ وَالْعَبْدُ حُرٌّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ إلَّا أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يُعْتِقُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَعَلَى الثَّانِي يُعْتِقُ عَلَى الْوَكِيلِ وَيَغْرَمُ ثَمَنَهُ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَمْنُوعِ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِقَرَابَةِ الْعَبْدِ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ الْمُوَكِّلُ لَهُ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) هَذَا مُقَيَّدٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ بِمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ الْوَكِيلُ لِبَائِعِ الْعَبْدِ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لِفُلَانٍ، فَإِنْ بَيَّنَ وَلَمْ يُجْزِهِ الْآمِرُ نَقَضَ الْبَيْعَ اهـ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا عَلِمَ الْوَكِيلُ بِالْقَرَابَةِ أَوْ الْحُكْمِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِمَا وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَعَلَى آمِرِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُعَيِّنْهُ (قَوْلُهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَالْوَلَاءُ لِلْمُوَكِّلِ عَتَقَ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ عَنْ الْمُوَكِّلِ اهـ عبق (قَوْلُهُ وَمَنَعَ تَوْكِيلَهُ) أَيْ مَنَعَ أَنْ يُوَكِّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ عَلَى مَا وَكَّلَ فِيهِ بِغَيْرِ رِضَا مُوَكِّلِهِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يَرْضَ إلَّا بِأَمَانَتِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ غَيْرَ مُفَوَّضٍ أَيْ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَهُ أَنْ يُوَكِّلَ بِغَيْرِ رِضَا مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ كَوَجِيهٍ) أَيْ كَتَوْكِيلِ وَجِيهٍ جَلِيلِ الْقَدْرِ عَلَى أَمْرٍ حَقِيرٍ كَبَيْعِ دَابَّةٍ بِسُوقٍ.

(قَوْلُهُ فِي حَقِيرٍ) أَيْ وَكَّلَ فِي حَقِيرٍ (قَوْلُهُ أَوْ اُشْتُهِرَ الْوَكِيلُ بِهَا) أَيْ بِالْوَجَاهَةِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ حِينَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِهَا وَلَا يَصْدُقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُوَكِّلُ بِوَجَاهَتِهِ وَلَا اُشْتُهِرَ الْوَكِيلُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ التَّوْكِيلُ، فَإِنْ وَكَّلَ وَتَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَهُ لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ لَا أَنَّهُ يُوَكِّلُ غَيْرَهُ اسْتِقْلَالًا) أَيْ بِخِلَافِ الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي) أَيْ الْوَكِيلُ الثَّانِي وَهُوَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ بِعَزْلِ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ نَظَرًا لِوَكَالَتِهِ لِلْأَصِيلِ حَيْثُ أَذِنَ فِيهِ حُكْمًا (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي إذَا عَزَلَ الْمُوَكِّلُ الْوَكِيلَ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا عَزَلَ الْأَصِيلُ) أَيْ الْمُوَكِّلُ (قَوْلُهُ وَيَنْعَزِلُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَوْتِ الْأَوَّلِ) الْمُرَادُ بِهِ الْأَصِيلُ الَّذِي هُوَ الْمُوَكِّلُ وَقَوْلُهُ وَلَهُ أَيْ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ الْأَصِيلُ وَقَوْلُهُ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ أَيْ نَظَرًا لِجِهَةِ وَكَالَتِهِ لَهُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ إلَخْ) لِلْمُسْلَمِ قَوْلِهِ سَابِقًا غَيْرَ الْمُفَوَّضِ (قَوْلُهُ إذْ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ) أَيْ الْوَكِيلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ) ظَرْفٌ لِعَدَمِ جَوَازِ الرِّضَا أَيْ وَعَدَمِ جَوَازِ رِضَاهُ مُدَّةَ عَدَمِ حُلُولِ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ فِي دَيْنٍ، فَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ جَازَ الرِّضَا لِسَلَامَتِهِ مِنْ دَيْنٍ بِدَيْنِ هَذَا ظَاهِرِهِ وَفِيهِ أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مَمْنُوعٌ وَلَوْ بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَالْأَوْلَى

ص: 388

(تَأْوِيلَانِ) مَحَلُّهُمَا إنْ كَانَ التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ فِي سَلَمٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَكَانَ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ قَدْ دَفَعَ الثَّمَنَ وَغَابَ بِهِ وَكَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَفَاتَ وَلَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ الْمُسَلَّمَ فِيهِ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّعَدِّي وَإِلَّا جَازَ بِاتِّفَاقِهِمَا لِعَدَمِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ

(و) مُنِعَ (رِضَاهُ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (بِمُخَالَفَتِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يُوَكَّلْ (فِي سَلَمٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمُخَالَفَتِهِ (إنْ دَفَعَ) لَهُ الْمُوَكِّلُ (الثَّمَنَ) أَيْ رَأْسَ الْمَالِ (بِمُسَمَّاهُ) الْبَاءُ بِمَعْنَى فِي أَيٍّ فِي مُسَمَّاهُ وَهُوَ بَدَلُ كُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ فِي سَلَمٍ أَيْ لَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِمُخَالَفَةِ وَكِيلِهِ فِيمَا سَمَّاهُ لَهُ مِنْ السَّلَمِ إنْ دَفَعَ لَهُ رَأْسَ الْمَالِ وَكَانَ الْأَنْسَبُ بِالِاخْتِصَارِ حَذْفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ بِدَيْنٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُخَالَفَتِهِ أَيْ وَمُنِعَ رِضَاهُ بِدَيْنٍ بَاعَ بِهِ الْوَكِيلُ سِلْعَةً أَمَرَهُ الْمُوَكِّلُ أَنْ يَبِيعَهَا بِنَقْدٍ أَوْ كَانَ الْعُرْفُ النَّقْدُ وَهَذَا إذَا كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ إذَا لَمْ يُسَمِّ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى أَوْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا بِهِ يُؤَدِّي إلَى فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ ذِمَّةِ الْوَكِيلِ فِي مُؤَخَّرٍ؛ لِأَنَّهُ بِتَعَدِّيهِ لَزِمَهُ الْمُسَمَّى أَوْ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ فَسَخَهَا مُوَكِّلُهُ فِي الدَّيْنِ وَقَيَّدَ الْمَنْعَ بِقَوْلِهِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْمُخَالَفَةُ (وَبَيْعُ) الدَّيْنِ حِينَئِذٍ (فَإِنْ وَفَّى) ثَمَنَهُ (بِالتَّسْمِيَةِ) الَّتِي سَمَّاهَا لَهُ الْمُوَكِّلُ (أَوْ الْقِيمَةِ) إذَا لَمْ يُسَمِّ بِأَنْ سَاوَى أَوْ زَادَ أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ وَلَا كَلَامَ لِلْوَكِيلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِلشَّارِحِ حَذْفُ قَوْلِهِ مَا لَمْ يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَدِّلُهُ بِقَوْلِهِ مَا لَمْ يَقْبِضْهُ الْوَكِيلُ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ وَالْأَوَّلُ عَزَاهُ فِي التَّوْضِيحِ لِبَعْضِهِمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَغَابَ بِهِ) أَيْ وَغَابَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ التَّعَدِّي بِالتَّوْكِيلِ فِي سَلَمٍ بَلْ فِي شِرَاءٍ نَقْدًا أَوْ كَانَ فِي سَلَمٍ وَلَمْ يَدْفَعْ الْمُوَكِّلُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ الْأَوَّلِ أَوْ دَفَعَهُ لَهُ وَكَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَفُتْ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَكِنْ قَبَضَ الْوَكِيلُ الْمُسْلَمَ فِيهِ قَبْلَ اطِّلَاعِ الْمُوَكِّلِ عَلَى التَّعَدِّي جَازَ الرِّضَا بِاتِّفَاقِهِمَا

(قَوْلُهُ فِي سَلَمٍ) أَيْ سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ لَهُ فَأَعْرَضَ الْوَكِيلُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لَهُ) أَيْ إنْ دَفَعَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ رَأْسَ الْمَالِ أَيْ وَكَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَاطَّلَعَ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ قَبْلَ قَبْضِ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهَا بِمَا قَدَّمَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ مَنْعُ الرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ لَكِنَّ التَّكْرَارَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت مِنْ حَمْلِ الْمُخَالَفَةِ هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ الْمُخَالَفَةَ هُنَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَقَالَ وَمَنَعَ رِضَاهُ أَيْ الْمُوَكِّلُ بِمُخَالَفَةِ الْوَكِيلِ فِي رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ إنْ دَفَعَ لَهُ الْمُوَكِّلُ الثَّمَنَ أَيْ رَأْسَ الْمَالِ وَقَوْلُهُ بِمُسَمَّاهُ بَدَلٌ مِنْ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ بَدَلُ كُلٍّ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَنَعَ رِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ أَيْ الْمُوَكِّلِ فِي رَأْسِ مَالٍ سَمَّاهُ لَهُ وَدَفَعَهُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ بِعَيْنِهِ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ فَزَادَ الْوَكِيلُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي سَمَّاهُ الْمُوَكِّلُ زِيَادَةً كَثِيرَةً وَدَفَعَ الْجَمِيعَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ وَعِلَّةُ مَنْعِ الرِّضَا أَنَّ الْوَكِيلَ لَمَّا تَعَدَّى صَارَ الثَّمَنُ دَيْنًا فَإِذَا رَضِيَ بِالسَّلَمِ فَقَدْ فَسَخَهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ فَهُوَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ وَعَلَى هَذَا فَالْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا وَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمِ الْمُخَالَفَةِ فِيهِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكْرَارَ.

(قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءٌ حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَوْ حَمَلْنَاهُ عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ بَهْرَامُ وَابْنُ غَازِيٍّ أَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ عَمَّا هُنَا بِمَا تَقَدَّمَ إنْ حُمِلَتْ الْمُخَالَفَةُ هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الِاسْتِغْنَاءُ بِمَا تَقَدَّمَ عَمَّا هُنَا عَلَى حَمْلِ مَا هُنَا عَلَى الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ فَبِالنَّظَرِ لِلْعِلَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَنْعِ الرِّضَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي جِنْسِ السَّلَمِ هُوَ الْعِلَّةُ فِي مَنْعِ الرِّضَا عِنْدَ الْمُخَالَفَةِ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمُنِعَ رِضَاهُ بِدَيْنٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِنَقْدٍ فَبَاعَهَا بِدَيْنٍ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ الرِّضَا بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا وَالْمَنْعُ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ أَكْثَرَ مِمَّا سَمَّاهُ لَهُ إنْ كَانَ قَدْ بَاعَ بِجِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبِيعَ قَدْ فَاتَ فَلَوْ بَاعَ بِجِنْسِ الْمُسَمَّى وَكَانَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا لِمَا سَمَّاهُ لَهُ جَازَ الرِّضَا بِالدَّيْنِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِ الْمُسَمَّى أَوْ بِجِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ فَيَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِذَلِكَ الدَّيْنِ وَيَبْقَى لِأَجْلِهِ، وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ وَرَدَّ الْبَيْعَ.

(قَوْلُهُ مِمَّا سَمَّاهُ مُوَكِّلُهُ) أَيْ بِأَنْ أَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجْلِ (قَوْلِهِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا عَشَرَةً فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ مَا سَمَّى) كَمَا لَوْ سَمَّى لَهُ عَشَرَةَ مَحَابِيبَ نَقْدًا فَبَاعَهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ رِيَالًا لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقِيمَةِ) كَمَا لَوْ كَانَ شَأْنُهَا أَنْ تُبَاعَ بِالرِّيَالَاتِ فَبَاعَهَا بِالْمَحَابِيبِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ إنْ فَاتَ الْمَبِيعُ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ قَائِمًا جَازَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِذَلِكَ الْمُؤَجَّلِ وَيَبْقَى لِأَجَلِهِ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ الْبَيْعَ وَأَخَذَ عَيْنَ شَيْئِهِ (قَوْلُهُ وَقَعَتْ فِيهِ) أَيْ فِي ثَمَنِهِ الْمُخَالَفَةُ (قَوْلُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ حَصَلَتْ الْمُخَالَفَةُ وَبَاعَ بِدَيْنٍ (قَوْلُهُ بِالتَّسْمِيَةِ) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ بِالْمُسَمَّى (قَوْلُهُ بِأَنْ سَاوَى) أَيْ ثَمَنُ الدَّيْنِ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ أَوْ زَادَ ثَمَنُ الدَّيْنِ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ الْمُوَكِّلُ جَوَابُ إنْ وَفِي ضَمِيرِ أَخَذَهُ رَاجِعٌ لِثَمَنِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْوَكِيلِ) أَيْ إذَا زَادَ ثَمَنُ الدَّيْنِ عَنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ

ص: 389

(وَإِلَّا) يُوَفِّ (غَرِمَ) الْوَكِيلُ مَا نَقَصَ (وَإِنْ سَأَلَ) الْوَكِيلُ (غَرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ) لِمُوَكِّلِهِ وَلَا يُبَاعُ الدَّيْنُ بَلْ يَبْقَى لِأَجْلِهٍ (وَيَصْبِرُ) الْوَكِيلُ (لِيَقْبِضَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ مِنْ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ (وَيَدْفَعُ الْبَاقِيَ) لِلْمُوَكِّلِ (جَازَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ الدَّيْنِ الْآنَ (مِثْلَهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (فَأَقَلَّ) إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ نَفْعٌ بَلْ فِيهِ إحْسَانٌ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ الصَّبْرُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَأَنَّ الْمُوَكِّلَ فَسَخَ مَا زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْبَاقِي مَثَلًا إذَا سَمَّى الْآمِرُ لِلْوَكِيلِ عَشَرَةً نَقْدًا فَبَاعَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ فَقِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ إمَّا عَشَرَةٌ أَوْ ثَمَانِيَةٌ أَوْ اثْنَا عَشَرَ فَفِي الْمِثْلِ أَوْ الْأَقَلِّ لَا مَانِعَ إذَا سَأَلَ أَنْ يُعَجِّلَ الْعَشَرَةَ وَفِي الثَّالِثِ كَأَنَّهُ فَسَخَ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ فَتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْوَكِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الدَّيْنِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا عَجَّلَهُ لِمُوَكِّلِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ الْبَاقِي وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً فَلَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِجَازَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ

(وَإِنْ أَمَرَهُ) وَكِيلُهُ (بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أُغْرِمَ) الْوَكِيلُ حَالًا وُجُوبًا (التَّسْمِيَةَ) إنْ سَمَّى لَهُ (أَوْ الْقِيمَةَ) إنْ لَمْ يُسَمِّ (وَاسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ لِأَجْلِهِ) وَلَا يُبَاعُ قَبْلَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ (فَبِيعَ) إذَا قَبَضَ بَعْدَ الْأَجَلِ، فَإِنْ كَانَ فِيهِ قَدْرُ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ فَوَاضِحٌ (و) إنْ نَقَصَ (غَرِمَ النَّقْصَ) أَيْ الَّذِي كَانَ دَفَعَهُ أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى غُرْمِهِ (وَالزِّيَادَةُ لَك) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ وَهَذَا إنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا وَالْإِجَازَةُ؛ لِأَنَّهُ كَابْتِدَاءِ عَقْدٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (وَضَمِنَ) الْوَكِيلُ مُطْلَقًا مُفَوَّضًا أَوْ لَا (إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ) الَّذِي عَلَى مُوَكِّلِهِ لِرَبِّهِ (وَلَمْ يُشْهِدْ) عَلَى الْقَابِضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا رِبْحَ لَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يُوفِ) أَيْ ثَمَنَ الدَّيْنِ بِالتَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ بِأَنْ نَقَصَ عَنْهُمَا.

(قَوْلُهُ، وَإِنْ سَأَلَ غَرِمَ التَّسْمِيَةَ) أَيْ، وَإِنْ طَلَبَ مِنْ مُوَكِّلِهِ أَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ حَالًا مِنْ عِنْدِهِ الْمُسَمَّى الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ أَوْ الْقِيمَةَ وَلَا يُبَاعُ الدَّيْنُ بَلْ يَبْقَى لِأَجَلِهِ وَيَصِيرُ الْوَكِيلُ لِيَقْبِضَ ذَلِكَ الدَّيْنَ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ الدَّيْنِ إذَا حَلَّ وَيَدْفَعُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ لِلْمُوَكَّلِ جَازَ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الدَّيْنِ وَقْتَ السُّؤَالِ قَدْرَ التَّسْمِيَةِ أَوْ أَقَلَّ لَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مَثَلًا لَوْ كَانَ الْمُسَمَّى عَشَرَةً وَبَاعَ السِّلْعَةَ بِخَمْسَةَ عَشَرَ لِأَجَلٍ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَسَأَلَ الْوَكِيلُ مُوَكِّلَهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْمُسَمَّى وَهُوَ عَشَرَةٌ مِنْ عِنْدِهِ حَالًا وَيَصْبِرَ لِحُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مِنْهَا الْمُسَمَّى وَهُوَ الْعَشَرَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لِمُوَكَّلِهِ وَالْخَمْسَةُ الْبَاقِيَةُ يَدْفَعُهَا لِلْمُوَكِّلِ.

(قَوْلُهُ جَازَ) أَيْ وَيُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الصَّوَابِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَالْجَوَازُ لَا يُنَافِي الْجَبْرَ وَإِنَّمَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْجَوَازِ رَدًّا لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِالْمَنْعِ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ مِنْ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُسَاوِيَةً فَيَجُوزُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ تَسَاوِيهِمَا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ مُنِعَ الصَّبْرُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ جَازَ الصَّبْرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُنِعَ عِنْدَ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ إذْ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ نَفْعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْقِيمَةُ قَدْرَ التَّسْمِيَةِ لَوْ بِيعَ الدَّيْنُ حَالًا بِقِيمَتِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَكِيلِ غُرْمٌ؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ قَدْرُ التَّسْمِيَةِ وَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ الْآنَ التَّسْمِيَةَ وَانْتَظَرَ حُلُولَ أَجَلِ الدَّيْنِ فَإِذَا حَلَّ أَخَذَ مَا دَفَعَهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ وَمَا زَادَ دَفَعَهُ لِلْمُوَكِّلِ فَلَمْ يَعُدْ عَلَى الْوَكِيلِ نَفْعٌ بَلْ ذَلِكَ أَحْسَنُ لِلْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ التَّسْمِيَةَ وَزِيَادَةً عَلَيْهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ فَنَفْعُ الْوَكِيلِ ظَاهِرٌ بَيَانُهُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَلْزَمُهُ التَّسْمِيَةُ وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِذَا بِيعَ الدَّيْنُ بِقِيمَتِهِ غَرِمَ تَمَامَ التَّسْمِيَةِ، وَإِنْ أَعْطَى التَّسْمِيَةَ الْآنَ لِيَقْبِضَهَا عِنْدَ الْحُلُولِ فَإِعْطَاؤُهُ الْآنَ سَلَفٌ وَقَدْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ غُرْمِ مَا بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ لَكِنْ لَا نَقُولُ إنَّ مَا بَيْنَ الْقِيمَةِ وَالتَّسْمِيَةِ لَازِمٌ لَهُ وَيَغْرَمُهُ، فَإِذَا دَفَعَ التَّسْمِيَةَ حَالًا فَقَدْ انْتَفَعَ بِإِسْقَاطِ ذَلِكَ عَنْهُ إلَّا إذَا قُلْنَا إنَّ بَيْعَهُ لِلدَّيْنِ لَازِمٌ لَهُ وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ كَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِرِضَاهُمَا فَإِذَا دَفَعَ الْوَكِيلُ التَّسْمِيَةَ حَالًا فَلَا نَفْعَ بِإِسْقَاطِ الْغُرْمِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ كَانَ يُجْبَرُ عَلَى الْبَيْعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْقَبُولِ إذَا سَأَلَ الْوَكِيلُ غُرْمَ التَّسْمِيَةِ الْآنَ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ الصَّبْرُ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ بَيْعُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثِ كَأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ فِي الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ سُؤَالُهُ تَعْجِيلَ الْعَشَرَةِ وَالصَّبْرَ إلَى حُلُولِ الْخَمْسَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ صَارَ كَأَنَّهُ فَسَخَ الِاثْنَيْنِ الزَّائِدَيْنِ عَلَى الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ فِي خَمْسَةٍ؛ لِأَنَّ مَا يَتَأَخَّرُ مِنْ قِيمَةِ الدَّيْنِ بَعْدَ دَفْعِ التَّسْمِيَةِ وَهُوَ اثْنَانِ سَلَفٌ؛ لِأَنَّ مِنْ أَخَّرَ مَا يُعَجَّلُ يُعَدُّ مُسَلِّفًا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ عَنْ الِاثْنَيْنِ خَمْسَةً فَقَدْ صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ فَسَخَ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْوَكِيلَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ كَأَنَّهُ أَيْ الْمُوَكِّلُ فَسَخَ اثْنَيْنِ فِي خَمْسَةٍ وَقَوْلُهُ فَتَأَمَّلْ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ الْعِلَّةِ وَمَعْلُولِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرُهَا بَعْدَ تَمَامِ الْعِلَّةِ وَإِنَّمَا أَمَرَ بِالتَّأَمُّلِ لِدِقَّةِ الْمَقَامِ

(قَوْلُهُ فَوَاضِحٌ) أَيْ أَخْذُ الْوَكِيلِ لِذَلِكَ الثَّمَنِ عِوَضًا عَمَّا دَفَعَهُ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَمَرَّ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بِغُرْمِهِ الْقِيمَةَ أَوْ التَّسْمِيَةَ أَوَّلًا قَدْ دَفَعَ النَّقْصَ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمَحَلِّ الضَّمَانِ مَا لَمْ يَكُنْ الدَّفْعُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، فَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَكِيلِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمُصِيبَةُ مَا أَقْبَضَ عَلَى الْمُوَكِّلِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ بِخِلَافِ الضَّامِنِ يَدْفَعُ الدَّيْنَ بِحَضْرَةِ الْمَضْمُونِ حَيْثُ أَنْكَرَ رَبُّ الدَّيْنِ الْقَبْضَ فَإِنَّ

ص: 390

وَأَنْكَرَ أَوْ مَاتَ أَوْ غَابَ وَسَوَاءٌ جَرَتْ الْعَادَةُ بِالْإِشْهَادِ أَوْ بِعَدَمِهِ أَوْ لَمْ تَجْرِ عَادَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ وَكَذَا إذَا قَبَضَ الْمَبِيعَ أَيْ الْمُوَكِّلُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَمْ يَشْهَدْ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ الدَّيْنِ كَانَ أَشْمَلَ وَقِيلَ هُوَ سَاقِطٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يُشْهِدْ مُرَادُهُ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لَهُ بِإِقْبَاضٍ سَوَاءٌ أَشْهَدَ أَوْ عَايَنَتْ الْبَيِّنَةُ الْإِقْبَاضَ بِدُونِ قَصْدِ إشْهَادٍ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ الْمَتْنِ بِفَتْحِ الْهَاءِ فَيَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ (أَوْ بَاعَ) الْوَكِيلُ (بِكَطَعَامٍ) أَوْ عَرْضٍ (نَقْدًا) أَيْ حَالًا (مَا) أَيْ مَتَاعًا وَكُلٌّ عَلَى بَيْعِهِ وَهُوَ مَفْعُولُ بَاعَ (لَا يُبَاعُ) عَادَةً (بِهِ) أَيْ بِالطَّعَامِ وَنَحْوِهِ (وَادَّعَى) الْوَكِيلُ (الْإِذْنَ) لَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ فِي ذَلِكَ (فَنُوزِعَ) أَيْ نَازَعَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ قَالَ لَهُ مَا أَذِنْت لَك فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ لِمُوَكِّلِهِ إنْ شَاءَ.

وَلَهُ إجَازَةُ الْبَيْعِ بِمَا وَقَعَ هَذَا عِنْدَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ، فَإِنْ لَمْ تُفْتَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَأَخْذُهَا وَلَهُ الْإِجَازَةُ وَمَفْهُومُ نَقْدًا أَنَّهُ لَوْ بَاعَ بِمَا ذُكِرَ لِأَجَلٍ فَهُوَ الْمُتَقَدِّمُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ أَمَرَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ إلَخْ (أَوْ أَنْكَرَ) الْوَكِيلُ (الْقَبْضَ) لِمَا وَكَّلَ عَلَى قَبْضِهِ (فَقَامَتْ) عَلَيْهِ (الْبَيِّنَةُ) بِهِ (فَشَهِدَتْ) لَهُ (بَيِّنَةٌ بِالتَّلَفِ) لِلْمَقْبُوضِ أَوْ بِالرَّدِّ إنْ ادَّعَاهُ فَيَضْمَنُ وَلَا تَنْفَعُهُ بَيِّنَتُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِإِنْكَارِهِ الْقَبْضَ (كَالْمِدْيَانِ) يُنْكِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فَتَقُومُ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ بِهِ فَيَدَّعِي الدَّفْعَ وَيُقِيمُ بَيِّنَةً بِهِ فَيَغْرَمُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْقَضَاءِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ ثَمَّ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ

(وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْتُ) الدَّيْنَ الَّذِي وَكَّلْتنِي عَلَى قَبْضِهِ (وَتَلِفَ) مِنِّي أَوْ أَقَبْضَتُهُ لِمُوَكِّلِي (بَرِئَ) الْوَكِيلُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ يُصَدَّقُ (وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ) أَيْ الْمَدِينُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ رَبُّ الدَّيْنِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَدِينُ عَلَى الْوَكِيلِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ ضَاعَ بِتَفْرِيطِهِ لَا إنْ عَلِمَ عَدَمَهُ وَفِي الْجَهْلِ قَوْلَانِ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ بِمُعَايَنَةِ قَبْضِ الْوَكِيلِ مِنْ الْغَرِيمِ فَيَبْرَأُ الْغَرِيمُ حِينَئِذٍ كَمَا يَبْرَأُ لَوْ قَالَ الْمُفَوَّضُ قَبَضْت وَتَلِفَ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِقْرَارَ عَلَى مُوَكِّلِهِ (وَلَزِمَ الْمُوَكِّلَ) لِشَخْصٍ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا لَهُ ثُمَّ أَخَذَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَتَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ (غَرِمَ الثَّمَنَ) وَلَوْ مِرَارًا (إلَى أَنْ يَصِلَ إلَى رَبِّهِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُصِيبَةَ مَا دَفَعَ مِنْ الضَّامِنِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ جَعَلَ الدَّافِعَ فِي الْأُولَى غَيْرَ مُفَرِّطٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مُفْرِطًا مَعَ أَنَّ الدَّفْعَ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا بِحَضْرَةِ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ أَنَّ مَا يَدْفَعُهُ الْوَكِيلُ مَالُ الْمُوَكِّلِ فَكَانَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُشْهِدَ بِخِلَافِ الضَّامِنِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَدْفَعُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَعَلَيْهِ الْإِشْهَادُ لِحِفْظِ مَالِ نَفْسِهِ فَهُوَ مُفَرِّطٌ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ.

(قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ) أَيْ رَبُّهُ الْقَبْضَ (قَوْلُهُ أَوْ غَابَ) أَيْ وَطَلَبَ ذَلِكَ الدَّيْنَ وَكِيلُهُ لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقَبْضِ مُوَكِّلِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَعَلَى الْمَذْهَبِ فَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَاعِدَةِ الْعَمَلِ بِالْعُرْفِ أَمَّا لَوْ اشْتَرَطَ الْوَكِيلُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) تَعْمِيمٌ فِي الْمَفْهُومِ أَيْ، فَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْبَاضِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَشْهَدَهَا عَلَى الْإِقْبَاضِ اتِّفَاقًا أَوْ عَايَنَتْ الْإِقْبَاضَ بِدُونِ قَصْدِ إشْهَادٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.

(قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْهَاءِ) أَيْ مَعَ ضَمِّ الْيَاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ مُسْتَتِرٌ عَائِدٌ عَلَى الْإِقْبَاضِ أَيْ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ لَهُ شُهُودٌ بِالْإِقْبَاضِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ وَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تُبَاعُ بِذَلِكَ بَلْ الْعَيْنُ وَادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ أَذِنَهُ فِي ذَلِكَ وَنَازَعَهُ الْمُوَكِّلُ بِأَنْ قَالَ مَا أَذِنْتُك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُوَكِّلِ وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ أَخَذَ مِنْهُ قِيمَتَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ بِمَا وَقَعَ بِهِ فَمَعْنَى ضَمَانِهِ أَنَّهُ مُعَرَّضٌ لِلضَّمَانِ لَا أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ يُخَيَّرُ بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ وَأَخْذِهَا وَبَيْنَ إجَازَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِالرَّدِّ) أَيْ لِمَنْ قَبَضَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ إنْ ادَّعَاهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّلَفِ وَالرَّدِّ (قَوْلُهُ يُنْكِرُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ) الْأَوْلَى يُنْكِرُ الْمُعَامَلَةَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَا دَيْنَ لَك عَلَيَّ مِثْلُ قَوْلِهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ وَقَوْلُهُ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ الْأَوْلَى وَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا.

(قَوْلُهُ ثُمَّ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ) أَيْ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمَطْلُوبِ إذْ شَهِدَتْ بِالْقَضَاءِ بَعْدَ إنْكَارِهِ الْمُعَامَلَةَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَا حَقَّ لَك عَلَيَّ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِالْحَقِّ وَأَشْهَدَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَإِنَّهَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ

(قَوْلُهُ بَرِئَ الْوَكِيلُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُوَكِّلِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَصُدِّقَ فِيمَا ادَّعَى؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ (قَوْلُهُ وَفِي الْجَهْلِ) أَيْ وَفِي جَهْلِ الْغَرِيمِ بِتَفْرِيطِ الْوَكِيلِ وَعَدَمِ تَفْرِيطِهِ قَوْلَانِ بِالرُّجُوعِ عَلَى ذَلِكَ الْوَكِيلِ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ، الْأَوَّلُ مِنْهُمَا لِمُطَرِّفٍ حَمْلًا لِلْوَكِيلِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى التَّفْرِيطِ وَالثَّانِي لِابْنِ الْمَاجِشُونِ حَمْلًا لَهُ عَلَى عَدَمِ التَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ فَيَبْرَأُ الْغَرِيمُ حِينَئِذٍ) أَيْ كَمَا يَبْرَأُ الْوَكِيلُ وَيُضَيِّعُ الْمَالَ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ مِنْ الْغَرِيمِ إقْرَارُ الْمُوَكِّلِ بِدَفْعِ الْغَرِيمِ لِلْوَكِيلِ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْوَكِيلِ عَلَى إقْبَاضِ الْغَرِيمِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ لِلْغَرِيمِ تَحْلِيفَ الْمُوَكِّلِ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِدَفْعِهِ لِلْوَكِيلِ وَعَدَمِ وُصُولِ الْمَالِ إلَيْهِ عِنْدَ عَدَمِ بَيِّنَةٍ لِلْغَرِيمِ تَشْهَدُ بِمُعَايَنَةِ الْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَمَا يَبْرَأُ) أَيْ الْغَرِيمُ بَلْ وَكَذَا الْوَكِيلُ وَيُضَيِّعُ الْمَالَ عَلَى الْمُوَكِّلِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لَهُ الْإِقْرَارَ عَلَى مُوَكِّلِهِ) يُفْهَمُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمَخْصُوصَ إذَا جُعِلَ لَهُ الْإِقْرَارُ

ص: 391

(إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ) الْمُوَكِّلُ (لَهُ) أَيْ لِلْوَكِيلِ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشِّرَاءِ وَكَانَ الْأَوْلَى زِيَادَةُ هَذَا الْقَيْدِ وَهَذَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَالْعَيْنِ، فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَأَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ عَلَى عَيْنِهِ فَفَعَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْمُوَكِّلَ بِتَلَفِهِ شَيْءٌ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ (وَصُدِّقَ) الْوَكِيلُ بِيَمِينٍ (فِي) دَعْوَى (الرَّدِّ) لِمُوَكِّلِهِ مَا قَبَضَهُ مِنْ ثَمَنٍ أَوْ مُثَمَّنٍ أَوْ دَيْنٍ (كَالْمُودَعِ) يُصَدَّقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ لِرَبِّهَا إلَّا أَنْ يَقْبِضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَدِيعَةِ وَإِذَا صَدَقَ (فَلَا يُؤَخِّرُ) كُلٌّ مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُودَعِ الرَّدَّ (لِلْإِشْهَادِ) أَيْ لِأَجْلِهٍ أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقُولَ لَا أَرُدُّ مَا عِنْدِي لِرَبِّهِ حَتَّى أُشْهِدَ إذْ لَا فَائِدَةَ لَهُ وَهُوَ مُصَدَّقٌ، فَإِنْ أَخَّرَ فَتَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَ بِخِلَافِ مَنْ قَبَضَ بِبَيِّنَةِ التَّوَثُّقِ فَلَهُ التَّأْخِيرُ لَهُ وَلَا ضَمَانَ إنْ أَخَّرَ لَهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لِلْإِشْهَادِ لِيَدْفَعَ عَنْ نَفْسِهِ الْيَمِينَ وَلَا ضَمَانَ

(و) جَازَ (لِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ) عَلَى مَالٍ وَنَحْوَهُ إذَا وُكِّلَا عَلَى التَّعَاقُبِ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ أَمْ لَا (الِاسْتِبْدَادُ) أَيْ الِاسْتِقْلَالُ بِمَا يَفْعَلُهُ دُونَ الْآخَرِ (إلَّا لِشَرْطٍ) مِنْ الْمُوَكِّلِ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ فَلَيْسَ لَهُ اسْتِقْلَالٌ كَمَا إذَا وُكِّلَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ وَكَالْوَصِيَّيْنِ مُطْلَقًا، فَإِنْ تَنَازَعَا فِي التَّرَتُّبِ فَالْقَوْلُ لِلْمُوَكِّلِ (وَإِنْ بِعْت) أَيُّهَا الْمُوَكِّلُ السِّلْعَةَ (وَبَاعَ) الْوَكِيلُ لَهَا (فَالْأَوَّلُ) مِنْهُمَا هُوَ الَّذِي يَنْفُذُ بَيْعُهُ لِصِحَّةِ تَصَرُّفِهِ (إلَّا بِقَبْضٍ) لِلْمَبِيعِ مِنْ الثَّانِي إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ وَلَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَكُونُ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ فِي هَذَا أَعْنِي بَرَاءَةَ الْغَرِيمِ إذَا قَالَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ قَبَضْت مِنْهُ وَتَلِفَ مِنِّي وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ إلَخْ) إنَّمَا ضَمِنَهُ الْمُوَكِّلُ عِنْدَ عَدَمِ دَفْعِهِ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَنْ كَانَ الدَّفْعُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا اشْتَرَى عَلَى ذِمَّةِ الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ حَتَّى يَصِلَ لِلْبَائِعِ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لَهُ ابْتِدَاءً مَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ غُرْمِ الْوَكِيلِ إذَا دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْوَكِيلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَتَلِفَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ بِعَيْنِهِ لَا يَلْزَمُهُ غَيْرُهُ سَوَاءٌ تَلِفَ قَبْلَ قَبْضِ السِّلْعَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَتَلْزَمُ السِّلْعَةُ لِلْوَكِيلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالشِّرَاءِ فِي الذِّمَّةِ ثُمَّ يَنْقُدُهُ وَإِلَّا لَزِمَ الْمُوَكِّلَ إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ اهـ عبق، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهُ ابْتِدَاءً قَبْلَ الشِّرَاءِ وَتَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَشْتَرِيَ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يَدْفَعَ بَدَلَهُ وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ شِرَاءٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ هَذَا الْقَيْدُ) أَعْنِي قَوْلَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إنْ لَمْ يَدْفَعْهُ لِلْوَكِيلِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ مَتَى دَفَعَهُ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ إنْ كَانَ الدَّفْعُ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ.

(قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا أَيْ غُرْمِ الْمُوَكِّلِ الثَّمَنَ وَلَوْ مِرَارًا إلَى أَنْ يَصِلَ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ فَفَعَلَ) أَيْ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَخَذَهُ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِيَدْفَعَهُ لِلْبَائِعِ فَتَلِفَ مِنْهُ قَبْلَ وُصُولِهِ لَهُ لَمْ يَلْزَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ بِيَمِينٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ (قَوْلُهُ يَصْدُقُ فِي رَدِّ الْوَدِيعَةِ) أَيْ بِيَمِينٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَّهَمٍ اهـ عبق (قَوْلُهُ فَلَهُ التَّأْخِيرُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ الْإِشْهَادِ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ لَهُ التَّأْخِيرَ لِلْإِشْهَادِ) أَيْ لِلْوَكِيلِ وَالْمُودِعِ الَّذِي قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةِ التَّأْخِيرِ لِلْإِشْهَادِ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودِعَ إذَا قَبَضَ بَيِّنَةً مَقْصُودَةً لِلتَّوَثُّقِ فَلَهُ تَأْخِيرُ الرَّدِّ لِلْإِشْهَادِ اتِّفَاقًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَ لِلتَّأْخِيرِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ وَالْمُودِعُ إذَا قَبَضَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَقِيلَ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا التَّأْخِيرُ لِلْإِشْهَادِ وَإِذَا أَخَّرَ لِأَجْلِهِ وَتَلِفَ ضَمِنَ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَقِيلَ لَهُ التَّأْخِيرُ وَلَا ضَمَانَ وَهُوَ مَا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ الْأَشْيَاخُ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِلْغَزَالِيِّ لَا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ فَيُفِيدُ قُوَّةَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ التَّأْخِيرِ

(قَوْلُهُ عَلَى مَالٍ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ وَكَّلَهُمَا عَلَى بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ اقْتَضَاهُ دَيْنٌ وَقَوْلُهُ وَنَحْوُهُ أَيْ غَيْرُ خِصَامٍ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَإِبْرَاءٍ وَهِبَةٍ وَوَقْفٍ، وَأَمَّا عَلَى الْخِصَامِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَعَدُّدُ الْوَكِيلِ فَلَا يُوَكِّلُ اثْنَيْنِ عَلَى خِصَامِ وَاحِدٍ إلَّا بِرِضَاهُ، فَإِنْ رَضِيَ فَكَذَلِكَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إنْ تَرَتَّبَا (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ) أَيْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ أَنْ لَا يَسْتَبِدَّ فُلَانٌ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا وُكِّلَا مَعًا فِي آنٍ وَاحِدٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا بِشَرْطٍ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَسْتَبِدُّ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ وُكِّلَا مُتَرَتِّبِينَ فَلِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُوَكِّلُ عَدَمَ الِاسْتِبْدَادِ، وَإِنْ وُكِّلَا مَعًا فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِاسْتِبْدَادُ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُوَكِّلُ لَهُمَا الِاسْتِبْدَادَ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ (قَوْلُهُ وَكَالْوَصِيَّيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ فَلَا يَسْتَقِلُّ أَحَدُهُمَا بِالتَّصَرُّفِ سَوَاءٌ أَوْصَاهُمَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبِينَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِيصَاءَ إنَّمَا يَكُونُ تَحَتُّمُهُ وَلُزُومُهُ فِي لَحْظَةِ الْمَوْتِ إذْ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ ذَلِكَ وَحِينَئِذٍ فَلَا أَثَرَ لِلتَّرَتُّبِ الْوَاقِعِ قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَلْزَمَا إلَّا مَعًا (قَوْلُهُ فِي التَّرْتِيبِ) أَيْ فِي تَرَتُّبِ وَكَالَتِهِمَا وَعَدَمِ تَرَتُّبِهَا (قَوْلُهُ فَالْأَوَّلُ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ مَحْذُوفٌ كَمَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْ فَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ هُوَ الْمَاضِي أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ فَالْمَاضِي بَيْعُ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ إلَّا بِقَبْضٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْعُ الثَّانِي مُلْتَبِسًا بِقَبْضٍ لِلْمَبِيعِ مِنْهُ وَإِلَّا كَانَ الْمَاضِي بَيْعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بَاعَهَا الثَّانِي وَقَبَضَهَا الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَالْحَالُ أَنَّ الْبَائِعَ الثَّانِيَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ عَالِمٌ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ فَالْحَقُّ فِيهَا لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ

ص: 392

كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ، فَإِنْ بَاعَا مَعًا فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ فَالْمَبِيعُ بَيْنَهُمَا لِقَبُولِهِ الشِّرْكَةَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ، وَإِنْ جَهِلَ الزَّمَنَ فَلِمَنْ قَبَضَ وَإِلَّا فَبَيْنَهُمَا (وَلَك) يَا مُوَكِّلُ (قَبْضَ سَلَمِهِ) أَيْ مَا أَسْلَمَ فِيهِ الْوَكِيلُ (لَك) بِغَيْرِ حُضُورِهِ جَبْرًا عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ فَيَبْرَأُ بِالدَّفْعِ لَك (إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) أَنَّ السَّلَمَ لَك وَلَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ بِالْبَيِّنَةِ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ أَنَّ الْوَكِيلَ اعْتَرَفَ بِأَنَّ السَّلَمَ لِلْمُوَكِّلِ (وَالْقَوْلُ لَك) يَا مُوَكِّلُ بِلَا يَمِينٍ (إنْ ادَّعَى) مَنْ تَصَرَّفَ فِي مَالِك بِبَيْعٍ وَنَحْوِ (الْإِذْنِ) أَيْ التَّوْكِيلِ وَكَذَّبْته؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ لَهُ فَالْقَوْلُ لَك بِيَمِينٍ إنْ ادَّعَى (صِفَةً لَهُ) وَخَالَفْته كَأَنْ قَالَ أَذِنَ لِي فِي بَيْعِهِ وَقُلْت بَلْ فِي رَهْنِهِ أَوْ تَصَادَقَا عَلَى الْبَيْعِ وَاخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ فِي حُلُولِهِ وَتَأْجِيلِهِ.

وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَتَيْنِ الْقَوْلُ فِيهِمَا لِلْوَكِيلِ أَوْ لَهُمَا قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ) الْوَكِيلُ شَيْئًا (بِالثَّمَنِ) الْمَدْفُوعِ لَهُ (فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ) أَيْ بِاشْتِرَاءِ شَيْءٍ غَيْرِهِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ بِيَمِينٍ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت وَغَرِمَ لَك الثَّمَنَ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهِ، فَإِنْ نَكَلْت أَيْضًا لَزِمَتْك السِّلْعَةُ وَثَانِيهِمَا قَوْلُهُ (كَقَوْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ لِلْمُوَكِّلِ (أُمِرْت بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ) مَثَلًا وَقَدْ بِعْتهَا بِهَا (وَأَشْبَهَتْ) الْعَشَرَةُ أَنْ تَكُونَ ثَمَنًا وَإِسْنَادُ الشَّبَهِ لِضَمِيرِ الْعَشَرَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّهَا لِذِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ مَا لَمْ يَتَلَذَّذْ بِهَا الثَّانِي غَيْرَ عَالِمٍ بِالْأَوَّلِ وَإِلَّا كَانَتْ لِلثَّانِي، فَإِنْ تَلَذَّذَ بِهَا الثَّانِي عَالِمًا بِنِكَاحِ الْأَوَّلِ كَانَ الْحَقُّ فِيهَا لِلْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ النِّكَاحِ) أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّيْنِ إذَا عَقَدَا عَلَيْهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَإِنَّ النِّكَاحَيْنِ يُفْسَخَانِ لِعَدَمِ قَبُولِ النِّكَاحِ لِلشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ جُهِلَ الزَّمَنُ) أَيْ أَنَّهُ وَقَعَ تَرَتُّبٌ بَيْنَ بَيْعِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ الْبَائِعُ أَوَّلًا الْمُوَكِّلُ أَوْ الْوَكِيلُ فَقَدْ وَقَعَ الْجَهْلُ فِي الزَّمَنِ الَّذِي بَاعَ فِيهِ هَذَا وَهَذَا.

وَقَوْلُهُ فَلِمَنْ قَبَضَ أَيْ فَالسِّلْعَةُ تَكُونُ لِمَنْ قَبَضَهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُشْتَرِيَيْنِ اشْتَرَكَا فِيهَا إنْ رَضِيَا وَإِلَّا اقْتَرَعَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشِّرْكَةِ وَإِنَّمَا قِيلَ بِالْقُرْعَةِ عِنْدَ جَهْلِ السَّابِقِ دُونَ مَا إذَا عَقَدَا مَعًا؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ جَهْلِ السَّابِقِ الْحَقُّ فِي الْوَاقِعِ لِأَحَدِهِمَا وَالْتَبَسَ بِخِلَافِ مَا إذَا عَقَدَا مَعًا فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ فِيهَا لِلْقُرْعَةِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِعْت أَنَّ الْإِجَارَةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّهَا لِلْأَوَّلِ سَوَاءٌ حَصَلَ قَبْضٌ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ أَوَّلًا أَوْ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَانِيًا أَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَبْضٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ الْمَازِرِيُّ عَلَى أَنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ يَكُونُ الْقَابِضُ أَوَّلًا أَوْلَى وَعَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ تَكُونُ لِلْأَوَّلِ اُنْظُرْ بْن.

(تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا بَاعَ الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ الْوَكِيلَانِ شَيْئًا وَوُكِّلَا مُرَتَّبَيْنِ أَوْ مَعًا وَشُرِطَ لِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ فَفِي عبق أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ وَلَوْ انْضَمَّ لِذَلِكَ قَبَضَ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ أَنَّهُمَا كَبَيْعِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ وَاخْتَارَهُ بْن تَبَعًا لِلْمِسْنَاوِيِّ وَرَدَّ مَا قَالَهُ عبق مِنْ الْفَرْقِ وَهَذَا إذَا بَاعَ الْوَكِيلَانِ مُرَتَّبِينَ، فَإِنْ بَاعَا مَعًا أَوْ جُهِلَ السَّابِقُ فَبَيْعُهُمَا كَبَيْعِ الْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ جَبْرًا عَلَى الْمُسْلَمِ إلَيْهِ) أَيْ وَلَا حُجَّةَ لِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ إذَا قَالَ لَا أَدْفَعُ إلَّا لِمَنْ أَسْلَمَ إلَى (قَوْلِهِ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَخْ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى تَفْرِيغِهَا بِالدَّفْعِ لِلْحَاكِمِ؛ لِأَنَّ الدَّفْعَ لِلْحَاكِمِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إثْبَاتِ فُصُولٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى تَفْرِيغِ ذِمَّتِهِ بِالدَّفْعِ لِلْحَاكِمِ حَيْثُ كَانَ الْوَكِيلُ الْمُسَلِّمُ غَائِبًا.

(قَوْلُهُ يَا مُوَكِّلُ) تَسْمِيَتُهُ بِمُوَكِّلٍ بِاعْتِبَارِ الدَّعْوَى فَقَطْ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَوَقْفٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لَك بِيَمِينٍ) إنَّمَا حَلَفَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لِتُقَوِّيَ جَانِبَ الْوَكِيلِ بِتَصْدِيقِ الْمُوَكِّلِ لَهُ عَلَى الْإِذْنِ بِخِلَافِ الْأَوْلَى فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ لَمْ يُصَدِّقْهُ فِيهَا عَلَى الْإِذْنِ (قَوْلُهُ صِفَةٌ لَهُ) أَيْ لِلْإِذْنِ (قَوْلُهُ بَلْ فِي رَهْنِهِ) أَيْ أَوْ إجَارَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ إلَخْ) صُورَتُهُ وَكَّلْته عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ وَدَفَعْت لَهُ الثَّمَنَ فَاشْتَرَى بِهِ سِلْعَةً فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِشِرَاءِ غَيْرِهَا فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ فَإِذَا حَلَفَ لَزِمَتْ السِّلْعَةُ الْمُوَكِّلَ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ لِلْوَكِيلِ بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَتَقْيِيدُ خش وعبق الثَّمَنَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ الْفِيشِيِّ وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لَزِمَتْك السِّلْعَةُ) أَيْ فَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْمُوَكِّلِ فِي حَالَيْنِ مَا إذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ وَمَا إذَا نَكَلَا مَعًا (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أَمَرْت بِبَيْعِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ فَبَاعَهَا بِعَشَرَةٍ وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَمَرَهُ بِذَلِكَ وَقَالَ الْمُوَكِّلُ بَلْ أَمَرْته بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ بِيَمِينِهِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ وَأَشْبَهَ قَوْلَ ذَلِكَ الْوَكِيلِ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلَ أَمْ لَا وَكَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ بِيَمِينِهِ إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ وَأَشْبَهَ قَوْلُهُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَكَذَا إنْ لَمْ يَفُتْ وَحَلَفَ فَتَخَلَّصْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْمُوَكِّلِ فِي ثَلَاثِ مَسَائِلَ وَهِيَ مَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ وَأَشْبَهَ

ص: 393

مَجَازٌ وَالْمُرَادُ أَشْبَهَ الْوَكِيلُ سَوَاءٌ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلُ أَمْ لَا (وَقُلْت) يَا مُوَكِّلَ (بِأَكْثَرَ وَفَاتَ الْمَبِيعُ) بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَكِيلِ (بِزَوَالِ عَيْنِهِ) بِمَوْتٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ تَحْلِفْ) يَا مُوَكِّلُ أَنَّك أَمَرْته بِأَكْثَرَ فَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي الصُّورَتَيْنِ، فَإِنْ حَلَفْت فَالْقَوْلُ لَك وَلَوْ لَمْ تُشْبِهْ إذْ لَا يُرَاعَى فِي بَقَاءِ السِّلْعَةِ شَبَهٌ وَلَا عَدَمُهُ وَهَذَا عِنْدَ فَقْدِ الْبَيِّنَةِ وَإِلَّا عَمِلَ بِهَا وَلَزِمَ الْوَكِيلَ الْغُرْمُ وَمَفْهُومٌ بِزَوَالِ عَيْنِهِ أَنَّهُ لَا يَفُوتُ بِعِتْقٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا صَدَقَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ وَكَّلْته عَلَى أَخْذِ) أَيْ شِرَاءِ (جَارِيَةٍ) أَيْ أَمَةٍ مِنْ بَلَدِ كَذَا (فَبَعَثَ بِهَا) أَيْ بِجَارِيَةٍ لَك (فَوُطِئَتْ) مِنْك أَوْ مِنْ غَيْرِك بِسَبَبِك (ثُمَّ قَدِمَ) الْوَكِيلُ (بِأُخْرَى وَقَالَ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) لَك حِينَ بَعَثَ الْأُولَى مَعَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ (وَحَلَفَ) عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ (أَخَذَهَا) وَأَعْطَاك الثَّانِيَةَ، فَإِنْ بَيَّنَ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ وُطِئَتْ أَمْ لَا كَأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ تُوطَأْ (إلَّا أَنْ تَفُوتَ) عِنْدَ الْبَيَانِ وَعَدَمِهِ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ (بِكَوَلَدٍ أَوْ تَدْبِيرٍ) أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهَا وَتَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ وَأَوْلَى فَوَاتُهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُوَكِّلُ وَحْدَهُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَحَلَفَ وَالْقَوْلُ لِلْوَكِيلِ فِي ثَلَاثٍ أَيْضًا فَوَاتُ الْمَبِيعِ أَشْبَهَ الْمُوَكِّلَ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُوَكِّلُ وَالثَّلَاثَةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ الَّتِي الْقَوْلُ فِيهَا لِلْوَكِيلِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَقَوْلِهِ أُمِرْت إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ تَحْلِفْ وَالثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ الَّتِي الْقَوْلُ فِيهَا لِلْمُوَكِّلِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ مَفْهُومِهِ فَالصُّورَتَانِ الْأُولَيَانِ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ مَفْهُومِ وَأَشْبَهَتْ وَالثَّالِثَةُ مِنْ تِلْكَ الثَّلَاثَةِ مُسْتَفَادَةٌ مِنْ مَفْهُومِ وَلَمْ تَحْلِفْ (قَوْلُهُ مَجَازٌ) وَالْأَصْلُ أَشْبَهَ الْوَكِيلُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِعَشَرَةٍ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ الْمُستَثْناتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْته بِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَقَوْلِهِ أُمِرْت بِبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ، فَإِنْ حَلَفَتْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَفُتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُك وَلَوْ لَمْ تُشْبِهْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مِلْكِهِ عَلَى سِلْعَتِهِ فَمَنْ أَحَبَّ إخْرَاجَهَا عَنْ مِلْكِهِ كَانَ مُدَّعِيًا فَعَلَيْهِ الْإِثْبَاتُ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ تَحْلِفْ ثُمَّ حَيْثُ كَانَ الْقَوْلُ لَلْمُوَكِّلِ فَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُ مَا ادَّعَاهُ وَهُوَ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى الْعَشَرَةِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً وَلَمْ يَأْخُذْهَا وَرَضِيَ الْوَكِيلُ بِدَفْعِ الزَّائِدِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرْضَ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الْمُوَكِّلِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيُجِيزَ الْوَكِيلَ عَلَى دَفْعِ الزَّائِدِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَلَوْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَهَا بِمَا قَالَ الْمُوَكِّلُ فَهَلْ يُجِيزُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ اُنْظُرْ ح، فَإِنْ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلُهُ أَيْ الْمُوَكِّلِ وَلَمْ يَحْلِفْ دَفَعَ الْوَكِيلُ الْعَشَرَةَ فَقَطْ وَهَلْ بِيَمِينٍ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا ادَّعَاهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَقَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَقْبُولٌ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَا مَعًا (قَوْلُهُ وَهَذَا عِنْدَ فَقْدِ الْبَيِّنَةِ) أَيْ لِلْمُوَكِّلِ وَالْوَكِيلِ وَأَمَّا إنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا بَيِّنَةٌ عَمِلَ بِهَا.

(قَوْلُهُ أَيْ بِجَارِيَةٍ) يَعْنِي غَيْرَ الْمُوَكِّلِ فِيهَا فَهُوَ كَقَوْلِك عِنْدِي دِرْهَمٌ وَنِصْفُهُ وَلَيْسَ ضَمِيرُ بِهَا رَاجِعًا لِلْجَارِيَةِ الْمُوَكَّلِ عَلَى شِرَائِهَا لِقَوْلِهِ هَذِهِ لَك وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَبَعَثَ بِجَارِيَةٍ كَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ إذَا أُعِيدَتْ بِلَفْظِ النَّكِرَةِ كَانَتْ غَيْرَ الْأُولَى (قَوْلُهُ وَقَالَ هَذِهِ لَك) أَيْ هَذِهِ هِيَ الَّتِي اشْتَرَيْتهَا لَك بِدَرَاهِمِك (قَوْلُهُ وَالْأُولَى وَدِيعَةٌ) أَيْ أَرْسَلْتهَا وَدِيعَةً عِنْدَك (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ) أَيْ الْوَكِيلُ لَك حِينَ بَعَثَ الْأُولَى مَعَ الرَّسُولِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْبَيَانِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ بَلْ إرْسَالُهُ لِمَنْ وَكَّلَهُ أَنَّهَا وَدِيعَةً (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا لَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ) أَيْ وَكَذَا إذَا بَيَّنَ لِلرَّسُولِ وَلَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) فَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَأْخُذْ الْأُولَى بَلْ تَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَيُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا أَيْضًا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا اهـ عَدَوِيٌّ.

(قَوْلُهُ، فَإِنْ بَيَّنَ) أَيْ لِلرَّسُولِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ وَبَلَّغَهُ الرَّسُولُ ذَلِكَ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ وُطِئَتْ أَمْ لَمْ تُوطَأْ وَإِذَا وَطِئَهَا مَعَ الْبَيَانِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَ بَيِّنَةً عِنْدَ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا مُودَعَةٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ كَذِبِ الْمُبَلِّغِ وَلِلْخِلَافِ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمَأْمُورِ أَنَّهُ قَدْ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ وَهَاتَانِ شُبْهَتَانِ يَنْفِيَانِ عَنْهُ الْحَدَّ وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّانِي اسْتَظْهَرَهُ الْمِسْنَاوِيُّ كَمَا قَالَ بْن وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ (قَوْلُهُ كَأَنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَلَمْ تُوطَأْ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ بَيَّنَ مَعَ الرَّسُولِ أَوْ غَيْرِهِ أَنَّ الْأُولَى وَدِيعَةٌ أَخَذَهَا بِلَا يَمِينٍ وُطِئَتْ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَوْ لَمْ يُعْلِمْك الرَّسُولُ أَخَذَهَا بِيَمِينٍ إنْ وُطِئَتْ وَبِغَيْرِ يَمِينٍ إنْ كَانَتْ لَمْ تُوطَأْ.

(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَفُوتَ عِنْدَ الْبَيَانِ وَعَدَمِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ مَعًا كَمَا هُوَ الصَّوَابُ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَمَحَلُّ أَخْذِهِ لَهَا بِيَمِينٍ إنْ لَمْ يُبَيِّنْ وَبِلَا يَمِينٍ إنْ بَيَّنَ مَا لَمْ تَفُتْ بِمَا ذَكَرَ، فَإِنْ فَاتَتْ بِمَا ذَكَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا لَا مَنْ أَخَذَهَا عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ الَّذِي هُوَ الْمَنْطُوقُ كَمَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ تَبَعًا لِلْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي أَنَّهُ لَوْ بَيَّنَ وَلَمْ يُشْهِدْ بَيِّنَةً فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَلَوْ فَاتَتْ وَالْحَقُّ أَنَّهَا مَتَى فَاتَتْ بِكَوَلَدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا بَيَّنَ أَمْ لَا كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) صَوَابُهُ مُتَّصِلٌ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ وَتَكُونُ لِلْمُوَكِّلِ) أَيْ بِالثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ فَإِنْ ادَّعَى الْمَأْمُورُ زِيَادَةً يَسِيرَةً قُبِلَ قَوْلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ

ص: 394

بِذَهَابِ عَيْنِهَا إلَّا بِبَيْعٍ وَصَدَقَةٍ (إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَشْهَدَهَا الْوَكِيلُ عِنْدَ الشِّرَاءِ أَوْ الْإِرْسَالِ أَنَّهَا لَهُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ لَك ذَلِكَ فَيَأْخُذَهَا الْوَكِيلُ وَلَوْ أَعْتَقَهَا الْمُوَكِّلُ أَوْ اسْتَوْلَدَهَا لَكِنْ إنْ بَيَّنَ لَهُ الرَّسُولُ أَخَذَهَا وَوَلَدَهَا؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ أَخَذَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَلَزِمَتْك) يَا مُوَكِّلُ (الْأُخْرَى) فِي مَسْأَلَتَيْنِ وَهُمَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ وَأَخَذَهَا وَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ وَأَخَذَهَا (وَإِنْ أَمَرْته) أَنْ يَشْتَرِيَهَا لَك (بِمِائَةٍ) وَبَعَثَ بِهَا وَوُطِئَتْ ثُمَّ قَدِمَ (فَقَالَ أَخَذْتهَا) لَك (بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ. فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ) الْوَكِيلُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ إنْ حَلَفَ وَرَدَّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْك فِي وَطْئِهَا، فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الْمِائَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ فَاتَتْ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا (لَمْ يَلْزَمْك إلَّا الْمِائَةُ) الَّتِي أَمَرْته بِهَا وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى مَا قَالَ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ بِهِ حَتَّى فَاتَتْ (وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُك) الَّتِي دَفَعْتهَا لَهُ لِيُسَلِّمَهَا لَك فِي شَيْءٍ (لِزَيْفٍ) فِيهَا كُلِّهَا أَوْ بَعْضِهَا (فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك لَزِمَتْك) أَيْ لَزِمَك بَدَلَهَا، فَإِنْ اتَّهَمَتْ الْوَكِيلَ أَنَّهُ أَبْدَلَهَا فَلَكَ تَحْلِيفُهُ (وَهَلْ) اللُّزُومُ (وَإِنْ قَبَضْت) يَا آمِرُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْوَكَالَةُ أَوْ اللُّزُومُ إنْ لَمْ تَقْبِضْهُ، فَإِنْ قَبَضْته لَمْ يَلْزَمْك بَدَلُهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ أَنَّهَا دَرَاهِمُ مُوَكِّلِهِ (تَأْوِيلَانِ) فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ، وَأَمَّا هُوَ فَيَلْزَمُ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) يَعْرِفُهَا (فَإِنْ قَبِلَهَا) الْوَكِيلُ حِينَ رُدَّتْ إلَيْهِ (حَلَفْت) أَيُّهَا الْآمِرُ (وَهَلْ) تَحْلِفُ (مُطْلَقًا) أَعْدَمَ الْمَأْمُورُ أَوْ أَيْسَرَ (أَوْ) إنَّمَا تَحْلِفُ (لِعَدَمِ الْمَأْمُورِ) أَيْ عِنْدَ عُسْرِهِ لَا عِنْدَ يُسْرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ بِذَهَابِ عَيْنِهَا) أَيْ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ أَنَّهَا لَهُ) أَيْ أَوْ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ عِنْدَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ الرَّسُولُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا بَيَّنَ لَهُ الرَّسُولُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي أَشْهَدَهَا الْوَكِيلُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يُبَيِّنْ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ أَخَذَهَا) أَيْ الْوَكِيلُ وَأَعْطَاك الثَّانِيَةَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ مُتَعَدٍّ حِينَئِذٍ) أَيْ فَالْوَلَدُ ابْنُ زِنًا لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ نَسِيبٌ لِلشُّبْهَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لَا بَيَانَ وَلَا بَيِّنَةَ الْبَيَانُ بِدُونِ الْبَيِّنَةِ الْبَيِّنَةُ بِدُونِ بَيَانٍ الْبَيِّنَةُ وَالْبَيَانُ فَفِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ لَيْسَ وَطْؤُهُ زِنًا بَلْ وَطْءُ شُبْهَةٍ فَلَا حَدَّ فِيهَا وَلَا يَأْخُذُ الْوَلَدَ، نَعَمْ تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ فِي الثَّالِثَةِ وَفِي الْأُولَيَيْنِ تَفُوتُ بِالْإِيلَادِ فَلَا تُؤْخَذُ هِيَ وَلَا وَلَدُهَا وَلَا قِيمَتُهُ وَالْوَطْءُ فِي الرَّابِعَةِ زِنًا يُوجِبُ الْحَدَّ وَيَأْخُذُ الْوَكِيلُ الْوَلَدَ.

(قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ بِأَخْذِهَا (قَوْلُهُ وَلَزِمَتْك يَا مُوَكِّلَ الْأُخْرَى فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ الْتَزَمَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَفَادَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ وَإِذَا قُبِلَ لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُوَكِّلَ يَلْزَمُهُ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ وَحَلَفَ وَأَخَذَهَا) وَكَذَا إذَا بَيَّنَ وَأَخَذَهَا بِدُونِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَمَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ) أَيْ عَلَى دَعْوَاهُ أُشْهِدَهَا عِنْدَ الْإِرْسَالِ وَأَخَذَهَا سَوَاءٌ كَانَ مَعَ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ بَيَانٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَأْخُذْ الْوَكِيلُ الْأُولَى لِكَوْنِهِ لَمْ يُبَيِّنْ وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَالْمُوَكِّلُ مُخَيَّرٌ فِي الثَّانِيَةِ إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهَا مَعَ لُزُومِ الْأُولَى لَهُ (قَوْلُهُ وَبَعَثَ بِهَا) أَيْ وَاشْتَرَاهَا وَبَعَثَ بِهَا (قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ خُيِّرَتْ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَهُ وَرَدَّهَا وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِمَا اشْتَرَى وَإِلَّا خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ مِنْ غَيْرِ يَمِينِ الْوَكِيلِ فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ أَوْ رَدِّهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَفُتْ يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِيهَا فِي حَالَتَيْنِ الْأُولَى مَا إذَا كَانَ لِلْوَكِيلِ بَيِّنَةٌ بِالشِّرَاءِ بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ، وَالثَّانِيَةُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَلَكِنْ حَلَفَ عَلَيْهِ، وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ مَا لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ بَعْدَ قَبْضِهَا بِلَا عُذْرٍ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ بَعْدَ قَبْضِهَا وَلَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ مِنْ طَلَبِ الزِّيَادَةِ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ الزِّيَادَةَ (قَوْلُهُ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ إعْلَامِهِ) أَيْ بِمَا قَالَ مِنْ الزِّيَادَةِ حَتَّى فَاتَتْ أَيْ فَصَارَ كَالْمُتَطَوِّعِ بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك) إذَا رَدَدْتهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِتَدْبِيرٍ أَوْ اسْتِيلَادٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ مَوْتٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ رُدَّتْ دَرَاهِمُك) أَيْ، وَإِنْ رَدَّ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ دَرَاهِمَك لِلْوَكِيلِ الَّتِي دَفَعْتهَا لَهُ لِيُسَلِّمَهَا لَك فِي شَيْءٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ عَرَفَهَا مَأْمُورُك) أَيْ وَكِيلُك (قَوْلُهُ لَزِمَك بَدَلُهَا) سَوَاءٌ قَبِلَهَا مَأْمُورُك أَوْ خَالَفَ الْوَاجِبَ وَلَمْ يَقْبَلْهَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى عَرَفَهَا الْمَأْمُورُ وَجَبَ عَلَيْهِ قَبُولُهَا كَمَا لَبَن وَشَيْخِنَا.

(قَوْلُهُ مَا وَقَعَتْ فِيهِ الْوَكَالَةُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ مِنْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْمَذْهَبُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْوَكِيلَ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ لِلشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ عَلَيْهِ وَالثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى عَزْلِ الْوَكِيلِ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْرِي عَلَيْهِ قَوْلُهُ أَنَّهَا دَرَاهِمُ مُوَكِّلِهِ وَالتَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ لِابْنِ يُونُسَ وَالثَّانِي نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِهِمْ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي فَهَلْ لَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ أَيْضًا إبْدَالُهَا أَوْ يَلْزَمُهُ إبْدَالُهَا كَمَا إذَا قَبِلَهَا وَلَمْ يَعْرِفْهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُطَابِقُ لِلنَّقْلِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ، وَأَمَّا هُوَ فَيَلْزَمُ مُطْلَقًا) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ بَدَلَهَا حَيْثُ قَالَ ذَلِكَ الْوَكِيلُ أَنَّهَا دَرَاهِمُك وَسَوَاءٌ قَبَضْت الْمُسَلَّمَ فِيهِ أَمْ لَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُفَوَّضَ لَا يَنْعَزِلُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِ الْمُوَكِّلِ مَا وُكِّلَ فِيهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ حَلَفْت أَيُّهَا الْآمِرُ) أَيْ وَغَرِمَ الْوَكِيلُ بَدَلَهَا لِقَبُولِهِ إيَّاهَا فَالْخَسَارَةُ إنَّمَا جَاءَتْ عَلَيْهِ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَهَلْ تَحْلِفُ مُطْلَقًا) أَيْ لِاحْتِمَالِ نُكُولِك فَتَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَلَا يَغْرَمُ الْوَكِيلُ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَحْلِفُ لِعَدَمِ الْمَأْمُورِ) أَيْ عِنْدَ عُسْرِهِ لَا عِنْدَ يُسْرِهِ أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ

ص: 395

وَذِكْرُ مَفْعُولُ حَلَفَ وَفِيهِ صِفَةُ يَمِينِهِ بِالْمَعْنَى بِقَوْلِهِ (مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك) وَلَا تَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِك؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ فِي عِلْمِي وَدَرَاهِمِي بِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ وَبِضَمِّ التَّاءِ لِلْمُتَكَلِّمِ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَبِفَتْحِهَا بِتَاءِ الْخِطَابِ (و) إذَا حَلَفَ أَيُّهَا الْآمِرُ (لَزِمَتْهُ) أَيْ الْمَأْمُورَ (تَأْوِيلَانِ وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَقْبَلْ الدَّرَاهِمَ وَلَمْ يَعْرِفْهَا (حَلَفَ) الْوَكِيلُ (كَذَلِكَ) أَيْ مَا دَفَعَ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ وَلَمْ يَعْرِفْهَا مِنْ دَرَاهِمِ مُوَكِّلِهِ (وَحَلَّفَ) بِتَشْدِيدِ اللَّامِ فَاعِلُهُ (الْبَائِعُ) وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ الْآمِرَ فَكُلٌّ مِنْ الْآمِرِ وَالْوَكِيلِ يَحْلِفُ (وَفِي الْمَبْدَأِ) مِنْهُمَا هَلْ الْآمِرُ أَوْ الْوَكِيلُ (تَأْوِيلَانِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ، فَإِنْ نَكَلَ الْآمِرُ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَغْرَمَهُ وَلِلْآمِرِ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ إنْ اتَّهَمَهُ بِإِبْدَالِهَا، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ سَقَطَ حَقُّهُ وَلَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ نُكُولَ مُوَكِّلِهِ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ الْمَأْمُورِ وَعَلَى تَبْدِئَةِ الْمَأْمُورِ بِالْحَلِفِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَغْرَمَهُ ثُمَّ هَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْآمِرِ قَوْلَانِ ذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ كَذَا فِي الْحَطَّابِ

(وَانْعَزَلَ) الْوَكِيلُ مُفَوَّضًا أَمْ لَا (بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي مَالِهِ وَقَدْ انْتَقَلَ لِوَرَثَتِهِ بِمَوْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ بَعْدَهُ (إنْ عَلِمَ) الْوَكِيلُ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ (وَإِلَّا) يَعْلَمُ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي عَزْلِهِ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ أَوْ حَتَّى يَبْلُغَهُ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ لِلْوَكِيلِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ حَاضِرًا بِبَلَدِ مَوْتِهِ وَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَنْعَزِلُ إلَّا إذَا بَلَغَهُ اتِّفَاقًا (وَفِي عَزْلِهِ) أَيْ الْوَكِيلِ (بِعَزْلِهِ) أَيْ الْمُوَكِّلِ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْوَكِيلُ بِذَلِكَ وَعَدَمُ عَزْلِهِ حَتَّى يَعْلَمَ بِهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ (خِلَافٌ) وَفَائِدَتُهُ هَلْ تَصَرُّفُهُ بَعْدَ الْعَزْلِ وَقَبْلَ الْعِلْمِ مَاضٍ أَوْ لَا (وَهَلْ لَا تَلْزَمُ) الْوَكَالَةُ مُطْلَقًا وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ أَوْ لَا إذْ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ كَالْقَضَاءِ (أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْآمِرِ أَنْ يَقُولَ لِلْوَكِيلِ عِنْدَ يُسْرِهِ أَنْتَ قَدْ الْتَزَمْت الثَّمَنَ بِقَبُولِك لَهُ فَلَا تَبَاعَةَ لَك وَلَا لِلْبَائِعِ عَلَيَّ (قَوْلُهُ وَذِكْرُ مَفْعُولُ حَلَفْت) أَيْ الْمُعَدَّى لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ الْمَحْذُوفِ أَيْ عَلَى أَنَّك مَا دَفَعْت إلَخْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنْ حَلَفَ لَازِمٌ (قَوْلُهُ مَا دَفَعْت إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِك) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَلَوْ صَيْرَفِيًّا (قَوْلُهُ وَلَا تَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ) إنَّمَا احْتَاجَ لِزِيَادَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ تَكُونُ جِيَادًا فِي عِلْمِهِ حِينَ الدَّفْعِ وَلَكِنْ يُعْرَفُ الْآنَ أَنَّهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقُولُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بِالْمَعْنَى.

(قَوْلُهُ، وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَبِفَتْحِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُخَاطِبُ الْمُوَكِّلَ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) نَقَلَهُمَا عِيَاضٌ وَلَمْ يَعْزِهِمَا وَعَزَا الْمَوَّاقُ الثَّانِي لِأَبِي عِمْرَانَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ كَحَلِفِ الْمُوَكِّلِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَكُلٌّ مِنْ الْآمِرِ وَالْوَكِيلِ يَحْلِفُ) أَيْ فَإِذَا حَلَفَا ضَاعَتْ الدَّرَاهِمُ عَلَى الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلِلْآمِرِ) أَيْ بَعْدَ غُرْمِهِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ، فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ) أَيْ كَمَا نَكَلَ الْآمِرُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ حَيْثُ نَكَلَ هُوَ وَالْآمِرُ (قَوْلُهُ وَأَغْرَمَهُ) أَيْ وَأَغْرَمَ الْبَائِعُ الْمَأْمُورَ، وَقَوْلُهُ ثُمَّ هَلْ لَهُ أَيْ ثُمَّ بَعْدَ غُرْمِ الْمَأْمُورِ لِلْبَائِعِ هَلْ لِلْمَأْمُورِ تَحْلِيفُ الْآمِرِ أَوْ لَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ ذَكَرَهُ) أَيْ هَذَا التَّفْصِيلَ الرَّجْرَاجِيُّ

(قَوْلُهُ وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ) أَيْ وَكَذَا بِفَلَسِهِ الْأَخَصِّ لِانْتِقَالِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُمْ مَا بَاعَ أَوْ ابْتَاعَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ أَيْ بَلْ إنْ شَاءُوا أَجَازُوهُ، وَإِنْ شَاءُوا لَمْ يُجِيزُوا وَحِينَئِذٍ إذَا كَانَ قَدْ ابْتَاعَ لَزِمَ الْوَكِيلَ غُرْمُ الثَّمَنِ وَإِذَا كَانَ قَدْ بَاعَ غَرِمَ لَهُمْ قِيمَةَ الْمُثَمَّنِ إنْ كَانَ قَدْ فَاتَ وَرُدَّ الْمَبِيعُ لَهُمْ إنْ كَانَ قَائِمًا (قَوْلُهُ فَتَأْوِيلَانِ فِي عَزْلِهِ إلَخْ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ اشْتَرَى أَوْ بَاعَ شَيْئًا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِالْمَوْتِ لَمْ يُلْزِمْهُ الْوَرَثَةُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ الثَّمَنِ وَقِيمَةُ الْمُثَمَّنِ إنْ فَاتَ (قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ إلَخْ) الْأَنْسَبُ اعْتِبَارُ الْحُضُورِ فِي نَفْسِ الْوَكِيلِ بِأَنْ يَقُولَ وَهَذَا الْخِلَافُ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ حَاضِرًا بِبَلَدِ مَوْتِهِ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ مَظِنَّةُ عِلْمِهِ وَكَأَنَّهُ اكْتَفَى بِالتَّلَازُمِ بَيْنَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فَيَلْزَمُ مِنْ حُضُورِ أَحَدِهِمَا بِبَلَدِ مَوْتِ الْمُوَكِّلِ حُضُورُ الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَفِي عَزْلِهِ أَيْ الْوَكِيلِ بِعَزْلِهِ أَيْ الْمُوَكِّلِ لَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ) هَذَا الْقَوْلُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْهَدَ الْمُوَكِّلُ عَلَى عَزْلِهِ وَكَانَ عَدَمُ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ لِعُذْرٍ كَبُعْدِهِ عَنْهُ، فَإِنْ تَرَكَ إعْلَامَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ مُطْلَقًا أَيْ أَشْهَدَ بِعَزْلِهِ أَمْ لَا أَوْ تَرَكَ إعْلَامَهُ لِعُذْرٍ وَلَمْ يَشْهَدْ بِهِ مُضِيُّ تَصَرُّفِهِ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ خِلَافٌ) مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ وَكِيلِ خِصَامٍ قَاعَدَ الْخَصْمَ كَثَلَاثَةٍ، وَأَمَّا وَكِيلُ الْخِصَامِ إذَا قَاعَدَ خَصْمَ الْمُوَكِّلِ كَثَلَاثَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِعَزْلِ الْمُوَكِّلِ لَهُ سَوَاءٌ عَزَلَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَوْ بِحَضْرَتِهِ كَمَا مَرَّ وَفِي عبق لَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ بِجُنُونِهِ أَوْ جُنُونِ مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ جُنُونُ الْمُوَكِّلِ جِدًّا فَيَنْظُرُ لَهُ الْحَاكِمُ وَلَا تَنْعَزِلُ زَوْجَةٌ وَكِيلَةٌ لِزَوْجِهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا إلَّا أَنْ يُعْلَمَ مِنْ الْمُوَكِّلِ كَرَاهَةُ ذَلِكَ مِنْهَا وَيَنْعَزِلُ هُوَ عَنْ وَكَالَتِهِ لَهَا بِطَلَاقِهِ لَهَا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّلَاقَ بِيَدِهِ وَإِذَا أَظْهَرَ مِنْهُ الْأَعْرَاضَ كَرِهْت بَقَاءَهُ اهـ، وَانْعَزَلَ الْوَكِيلُ بِرِدَّتِهِ أَيَّامَ الِاسْتِتَابَةِ، وَأَمَّا بَعْدَهَا، فَإِنْ قُتِلَ فَوَاضِحٌ وَإِنْ أُخِّرَ لِمَانِعٍ كَالْحَمْلِ فَقَدْ تَرَدَّدَ الْعُلَمَاءُ فِي عَزْلِهِ وَكَذَا يَنْعَزِلُ بِرِدَّةِ مُوَكِّلِهِ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الِاسْتِتَابَةِ وَلَمْ يَرْجِعْ وَلَمْ يُقْتَلْ لِمَانِعٍ (قَوْلُهُ إذْ هِيَ مِنْ الْعُقُودِ الْجَائِزَةِ) أَيْ الْغَيْرِ اللَّازِمَةِ (قَوْلُهُ كَالْقَضَاءِ) أَيْ فَعَقْدُ الْقَضَاءِ مِنْ السُّلْطَانِ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِمَنْ وَلِيَ قَاضِيًا أَنْ يَفُكَّ عَنْ نَفْسِهِ وَكَذَا مَنْ وُكِّلَ عَلَى شَيْءٍ فَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ

ص: 396