الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَدُّ الْجَمِيعِ أَوْ إجَازَتُهُ لَا رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ لِئَلَّا يَلْزَمَ عِتْقُ الْمَالِكِ بَعْضًا بِلَا اسْتِكْمَالٍ (وَلَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ تَبَرُّعٌ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ) مَا بَيْنَ التَّبَرُّعَيْنِ بِعَامٍ عَلَى قَوْلٍ أَوْ نِصْفِهِ عَلَى آخَرَ فَلَهَا التَّبَرُّعُ مِنْ الثُّلُثَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ وَكَأَنَّهُ لِلْبُعْدِ صَارَ مَالًا بِرَأْسِهِ لَمْ يَقَعْ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[دَرْسٌ]
(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ
وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ (الصُّلْحُ) ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ عَنْ إقْرَارٍ وَسُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ وَهُوَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ أَوْ هِبَةٌ وَبَيَّنَ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّلْحِ عَنْ الْإِقْرَارِ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ السُّكُوتَ وَالْإِنْكَارَ بَعْدُ فَقَالَ (عَلَى) أَخْذِ (غَيْرِ الْمُدَّعَى) بِهِ (بَيْعٌ) لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ وَانْتِفَاءُ مَوَانِعِهِ كَدَعْوَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ بِحَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ فَأَقَرَّ بِهِ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ نَقْدًا أَوْ عَلَى عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطُ الْبَيْعِ كَصُلْحِهِ عَنْ عَبْدٍ بِثَوْبٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَلْبَسَهُ أَوْ لَا يَبِيعَهُ أَوْ بِشَيْءٍ مَجْهُولٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَجْهُولٍ أَوْ بِشَيْءٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: رَدُّ الْجَمِيعِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا تَبَرَّعَتْ بِالزَّائِدِ حُمِلَتْ عَلَى أَنَّ قَصْدَهَا إضْرَارُ الزَّوْجِ فَعُومِلَتْ بِنَقِيضِ قَصْدِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الثُّلُثِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ إلَّا الزَّائِدَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ أَيْ وَلَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ طَوِيلَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ لِلزَّوْجِ رَدَّ الْجَمِيعِ هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ الزَّائِدِ عَلَى الثُّلُثِ أَوْ إجَازَتُهُ وَلَا كَلَامَ لَهُ فِي الثُّلُثِ كَوَرَثَةِ الْمَرِيضِ.
(تَنْبِيهٌ) رَدُّ الزَّوْجِ رَدُّ إيقَافٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَرَدُّ إبْطَالٍ عِنْدَ أَشْهَبَ وَأَمَّا رَدُّ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ رَدُّ إيقَافٍ بِإِيقَافٍ وَرَدُّ الْوَلِيِّ الشَّامِلِ لِلسَّيِّدِ لِأَفْعَالِ مَحْجُورِهِ فَهُوَ رَدُّ إبْطَالٍ بِاتِّفَاقٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -:
أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ
…
بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ
وَأَوْقِفَنْ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتُلِفْ
…
فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفْ
أَيْ لِلْقَاضِي حُكْمُ مَنْ نَابَ عَنْهُ فَإِنْ رَدَّ عَلَى الْمَدِينِ فَإِيقَافٌ أَوْ عَلَى الْمَحْجُورِ فَإِبْطَالٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِهَا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ يَسِيرَةً وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ) وَهَذَا بِخِلَافِ الْمَرِيضِ إذَا تَبَرَّعَ بِزَائِدٍ عَنْ ثُلُثِهِ فَلَيْسَ لِلْوَارِثِ رَدُّ الْجَمِيعِ بَلْ رَدُّ الزَّائِدِ عَنْ الثُّلُثِ فَقَطْ أَوْ إجَازَةُ الْجَمِيعِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالْمَرِيضِ أَنَّ الْمَرْأَةَ قَادِرَةٌ عَلَى إنْشَاءِ مَا أَبْطَلَهُ الزَّوْجُ بَعْدَ مُدَّةٍ بِخِلَافِ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ عَلَى قَوْلٍ) أَيْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُهُ عَلَى آخَرَ أَيْ وَهُوَ قَوْلِ أَصْبَغَ وَابْنِ عَرَفَةَ وَحَكَى عج تَرْجِيحَ الْأَوَّلِ حَيْثُ قَالَ قِيلَ وَهُوَ الْأَرْجَحُ وَرَجَّحَ الثَّانِيَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ قَوْلُ أَصْبَغَ لِأَنَّهُ تِلْمِيذُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ كَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ فَهُوَ أَدْرَى بِأَقْوَالِهِمْ خُصُوصًا وَقَدْ قَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَمَّا ابْنُ سَهْلٍ فَهُوَ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ
[بَابٌ فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ]
(بَابُ الصُّلْحِ)(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الصُّلْحُ مِنْ حَيْثُ هُوَ.
(قَوْلُهُ: إمَّا بَيْعٌ إلَخْ) لِأَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إنْ كَانَ مُغَايِرًا لِلْمُدَّعَى بِهِ وَكَانَ ذَاتًا فَهُوَ بَيْعٌ وَإِنْ كَانَ مَنْفَعَةً فَهُوَ إجَارَةٌ وَإِنْ كَانَ بِبَعْضِ الْمُدَّعَى بِهِ فَهُوَ هِبَةٌ وَهَذِهِ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ تَجْرِي فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَعَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى السُّكُوتِ.
أَمَّا جَرَيَانُهَا فِي الْإِقْرَارِ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَبِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى بِهِ وَالْمُصَالَحِ بِهِ وَأَمَّا فِي السُّكُوتِ فَلِأَنَّهُ رَاجِعٌ لِأَحَدِهِمَا أَيْ الْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ لِأَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْوَاقِعِ إمَّا مُقِرٌّ أَوْ مُنْكِرٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ بَيَّنَ هَذِهِ الْإِقْسَامَ الثَّلَاثَةَ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ أَيْ وَإِنْ كَانَتْ تَجْرِي أَيْضًا فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ وَعَلَى الْإِنْكَارِ وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الْمُصَنِّفُ الْإِنْكَارَ وَالسُّكُوتَ بِالذِّكْرِ فِيمَا يَأْتِي حَيْثُ قَالَ أَوْ السُّكُوتُ أَوْ الْإِنْكَارُ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى مَا هُنَا وَيُعَمِّمُ فِي قَوْلِهِ هُنَا الصُّلْحُ إلَخْ أَيْ كَانَ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ سُكُوتٍ أَوْ إنْكَارٍ لِانْفِرَادِهِمَا عَنْ صُلْحِ الْإِقْرَارِ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ: بِهِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ لَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ حَذْفِ نَائِبِ الْفَاعِلِ إذْ لَا يَجُوزُ وَقَوْلُهُ بَيْعٌ لِذَاتِ الْمُدَّعَى بِهِ أَيْ إنْ كَانَ الْمَأْخُوذُ عِوَضًا عَنْهُ ذَاتًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا أَمْ لَا فَهَذَا مُجْمَلٌ سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ بِقَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ إلَخْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُفَرِّعَهُ بِالْفَاءِ فَكَانَ يَقُولُ بَيْعٌ أَوْ إجَارَةٌ فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ بِهِ عَنْ الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ يَكُونَ بِهِ فِي الْبَيْعِ مَعْلُومًا وَفِي الْإِجَارَةِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا.
(قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطُ الْبَيْعِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعَى بِهِ وَالْمَأْخُوذِ عِوَضًا ظَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ إلَى آخِرِ مَا مَرَّ مِنْ الشُّرُوطِ (قَوْلُهُ نَقْدًا) اعْلَمْ أَنَّهُ إنَّمَا يَحْتَاجُ لِهَذَا إذَا كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ فِي الذِّمَّةِ لِئَلَّا يَلْزَمَ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا فَلَا يُشْتَرَطُ كَوْنُ الْمُصَالَحِ بِهِ نَقْدًا (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ نَقْدًا وَأَمَّا لِأَجَلٍ فَيُمْنَعُ لِرِبَا النَّسَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ) أَيْ
نَجِسٍ أَوْ غَيْرِ مَقْدُورٍ عَلَى تَسْلِيمِهِ لَمْ يَصِحَّ (أَوْ إجَارَةٌ) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ إنْ كَانَ بِمَنَافِعَ فَهُوَ إجَارَةٌ لِلْمُصَالَحِ بِهِ فَيُشْتَرَطُ فِيهَا شُرُوطُهَا فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا كَهَذَا الْعَبْدِ أَوْ كَهَذِهِ الدَّابَّةِ جَازَ صُلْحُهُ عَنْهُ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ أَوْ مَضْمُونَةٍ لِعَدَمِ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بَلْ كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ كَدِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَأَقَرَّ بِهِ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ وَلَا مَضْمُونَةٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ فَسَيَذْكُرُ لَهُ الْمُصَنِّفُ ثَلَاثَةَ شُرُوطٍ زِيَادَةً عَلَى شُرُوطِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ (و) الصُّلْحُ (عَلَى) أَخْذِ (بَعْضِهِ) أَيْ الْمُدَّعَى بِهِ (هِبَةٌ) لِلْبَعْضِ الْمَتْرُوكِ وَإِبْرَاءٌ مِنْهُ (وَجَازَ) الصُّلْحُ (عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ) ذَلِكَ الدَّيْنُ أَيْ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْمُعَاوَضَةِ كَدَعْوَاهُ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا فَيُصَالِحُهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ بِهِمَا أَوْ بِعَرَضٍ أَوْ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لِلْمُصَالَحِ عَنْهُ نَقْدًا وَيُمْنَعُ بِمَنَافِعَ كَسُكْنَى دَارٍ أَوْ بِمُؤَخَّرٍ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ أَوْ صَرْفِ مُؤَخَّرٍ أَوْ نَسَاءٍ وَكَذَا إنْ أَدَّى إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَصُلْحِهِ عَنْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ غَيْرِهَا أَوْ أَدَّى إلَى ضَعَةٍ وَتَعْجِيلٍ كَصُلْحِهِ عَنْ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ أَثْوَابٍ مُؤَجَّلَةٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا وَرُدَّ الْمَمْنُوعُ إنْ كَانَ قَائِمًا وَقِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ إنْ فَاتَ وَرَجَعَا لِلْخُصُومَةِ لِئَلَّا يَكُونَ تَتْمِيمًا لِلْفَاسِدِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الصُّلْحِ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ أَعْقَبَهُ بِصَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ (عَنْ ذَهَبٍ بِوَرِقٍ وَعَكْسِهِ)(إنْ حَلَّا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
جَائِزَةٌ إذْ هُوَ كَبَيْعِ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ بِنَقْدٍ أَوْ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لَهُ أَوْ بِطَعَامٍ مُخَالِفٍ لَهُ نَقْدًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ إجَارَةٌ) أَيْ بِالْمُدَّعَى بِهِ أَيْ إجَارَةٌ لِلْمَنَافِعِ الْمُصَالَحِ بِهَا بِالذَّاتِ الْمُدَّعَى بِهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَالَحَ بِهِ إذَا كَانَ مَنَافِعَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا حَاضِرًا كَكِتَابٍ مَثَلًا تَدَّعِيهِ عَلَى زَيْدٍ وَهُوَ بِيَدِهِ فَيُصَالِحُك بِسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ فَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَدَرَاهِمَ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَيْهَا بِمَنَافِعَ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ ذَاتًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى بِهِ مَعْلُومًا وَإِلَّا كَانَ بَيْعَ مَجْهُولٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مُعَيَّنًا أَيْ حَاضِرًا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ كَهَذَا الْعَبْدِ وَهَذِهِ الدَّابَّةِ) أَيْ أَوْ هَذَا الْكِتَابِ الْحَاضِرِ.
(قَوْلُهُ: بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ) أَيْ كَسُكْنَى هَذِهِ الدَّارِ أَوْ خِدْمَةِ هَذَا الْعَبْدِ سَنَةً وَقَوْلُهُ أَوْ مَضْمُونَةٍ أَيْ كَسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) أَيْ لِأَنَّ الذِّمَّةَ وَإِنْ لَمْ تَقْبَلْ الْمُعَيَّنَ تَقْبَلُ مَنَافِعَهُ كَمَا مَرَّ وَقَبْضُ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصُّلْحُ إلَخْ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ وَالسُّكُوتِ غَيْرُ شُرُوطِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ بَيْعًا وَغَيْرُ شُرُوطِ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ إجَارَةً وَأَمَّا الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِبْرَاءٌ مِنْهُ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْهِبَةِ حَقِيقَتَهَا حَتَّى يُحْتَاجَ فِيهَا لِلْقَبُولِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِ الْوَاهِبِ الَّذِي هُوَ الْمُدَّعِي بَلْ الْمُرَادُ بِهَا الْإِبْرَاءُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُشْتَرَطُ قَبُولٌ وَلَا تَجَدُّدُ حِيَازَةٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَإِذَا أَبْرَأْت زَيْدًا مِمَّا عَلَيْهِ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ أَنَّ الْإِبْرَاءَ يَحْتَاجُ لِقَبُولٍ وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ لِحِيَازَةٍ وَالْهِبَةُ تَحْتَاجُ لَهُمَا مَعًا اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ) الْأَنْسَبُ فَيَجُوزُ بَقَاءُ التَّفْرِيعِ بَدَلَ الْوَاوِ لِأَنَّ هَذَا مُفَصِّلٌ لِإِجْمَالِ قَوْلِهِ بَيْعٌ وَمُوَضِّحٌ لَهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِمَا تَصِحُّ بِهِ الْمُعَاوَضَةُ) أَيْ عَنْ الدَّيْنِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ الْمُعَاوَضَةُ عَنْ الدَّيْنِ إذَا انْتَفَتْ أَوْجُهُ الْفَسَادِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَالنَّسَاءِ وَبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَضْعٍ وَتَعَجُّلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَعَرَفَ الْمُدَّعِي قَدْرَ مَا يُصَالِحُ عَنْهُ فَإِنْ كَانَ مَجْهُولًا لَمْ يَجُزْ وَهَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ صُلْحٍ كَانَ بَيْعًا أَوْ إجَارَةً وَلِذَا اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي صُلْحِ الزَّوْجَةِ عَنْ إرْثِهَا مَعْرِفَتَهَا لِجَمِيعِ التَّرِكَةِ اهـ.
لَكِنْ إذَا أَمْكَنَ مَعْرِفَةُ ذَلِكَ فَإِنْ تَعَذَّرَتْ جَازَ عَلَى مَعْنَى التَّحَلُّلِ إذْ هُوَ غَايَةُ الْمَقْدُورِ كَمَا نَقَلَهُ ح عَنْ أَبِي الْحَسَنِ.
(قَوْلُهُ: كَدَعْوَاهُ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ طَعَامًا) أَيْ كَدَعْوَاهُ بِأَنَّ مَا ذَكَرَ دَيْنٌ عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ سَلَمٍ.
(قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ وَيُمْنَعُ الصُّلْحُ عَنْ الدَّيْنِ بِمَا لَا يُبَاعُ بِهِ كَصُلْحِهِ بِمَنَافِعَ أَوْ بِمُؤَخَّرٍ مِمَّا ذَكَرَ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ أَوْ الْعَرَضِ أَوْ الطَّعَامِ الْمُخَالِفِ عَنْ دَعْوَاهُ بِعَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ وَهَذَا بَيَانٌ لِمَفْهُومِ الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ) أَيْ إذَا صَالَحَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ مِنْ الْمَالِ أَوْ الْعَرَضِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الطَّعَامِ الدَّيْنِ بِسُكْنَى دَارٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ صَرْفِ مُؤَخَّرٍ) أَيْ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ مِنْ قَرْضٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ بِفِضَّةٍ مُؤَجَّلَةٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَسَاءٍ) كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَمَّا يَدَّعِيهِ عَلَيْهِ مِنْ الْقَمْحِ الدَّيْنِ بِشَعِيرٍ مُؤَجَّلٍ.
(قَوْلُهُ: وَرَدِّ الْمَمْنُوعِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ رَدِّ الصُّلْحِ الْمَمْنُوعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَرَدِّ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ فَاتَ وَالرُّجُوعُ لِلْخُصُومَةِ هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ وَلَدِ ابْنِ عَاصِمٍ فِي شَرْحِ تُحْفَةِ أَبِيهِ وَنَصُّهُ الصُّلْحَ بِالْحَرَامِ مَفْسُوخٌ فَيُرَدُّ إنْ عُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَفُوتَ فَإِنْ فَاتَ رُدَّتْ قِيمَتُهُ أَوْ مِثْلُهُ كَمَا فِي الْبَيْعِ الْحَرَامِ ثُمَّ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ فِي دَعْوَاهُ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَصْطَلِحَا صُلْحًا آخَرَ بِمَا يَجُوزُ بِهِ الصُّلْحُ.
(قَوْلُهُ: وَرُدَّ) أَيْ الصُّلْحُ بِمَعْنَى الشَّيْءِ الْمُصَالَحِ بِهِ وَقَوْلُهُ الْمَمْنُوعِ أَيْ الَّذِي يُمْنَعُ الصُّلْحُ بِهِ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الصُّلْحُ بِمَعْنَى الْمُصَالَحِ بِهِ قَائِمًا وَقَوْلُهُ وَقِيمَتُهُ أَيْ وَرُدَّتْ قِيمَةُ الصُّلْحِ بِمَعْنَى الْمُصَالَحِ بِهِ أَوْ مِثْلِهِ إنْ فَاتَ وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الصُّلْحِ إذَا وَقَعَ بِمُخْتَلَفٍ فِيهِ بِالْجَوَازِ وَالْمَنْعِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَنْفُذُ وَلَوْ أُدْرِكَ بِحِدْثَانِ قَبْضِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَّرِفٍ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ
أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ وَبِهِ بِأَنْ لَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُهُ (وَعُجِّلَ) فَإِنْ اُشْتُرِطَ تَأْخِيرُهُ فَسَدَ وَلَوْ عُجِّلَ وَكَذَا إذَا أُخِّرَ وَلَمْ يُشْتَرَطْ التَّأْخِيرُ لِمَا فِيهِ مِنْ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَمَثَّلَ لِقَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةٌ بِقَوْلِهِ (كَمِائَةِ دِينَارٍ وَدِرْهَمٍ) وَاحِدٍ صُولِحَ بِهَا (عَنْ مِائَتَيْهِمَا) أَيْ عَنْ مِائَةِ دِينَارٍ وَمِائَةِ دِرْهَمٍ ادَّعَى بِهِمَا فَأَقَرَّ بِهِمَا فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ لَهُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ دِرْهَمًا وَسَوَاءٌ أَخَذَ مِنْهُ الدِّرْهَمَ نَقْدًا أَوْ أَخَّرَهُ بِهِ وَكَذَا الْمِائَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا مُبَايَعَةَ هُنَا وَإِنَّمَا هُوَ قَضَاءٌ لِلْبَعْضِ وَهِبَةٌ لِلْبَاقِي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ إنْ صَالَحَ بِمُعَجَّلٍ مُطْلَقًا أَوْ مُؤَجَّلٍ وَالصُّلْحُ عَلَى إقْرَارٍ لَا عَلَى إنْكَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ
(و) جَازَ الصُّلْحُ بِمَالٍ (عَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ) أَيْ عَنْهُ أَيْ يَجُوزُ الِافْتِدَاءُ بِمَالٍ عَنْ يَمِينٍ تَوَجَّهَتْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ وَيُعَدُّ ذَلِكَ الِافْتِدَاءُ صُلْحًا (أَوْ السُّكُوتِ) أَيْ جَازَ الصُّلْحُ عَنْ مُقْتَضَى السُّكُوتِ مِنْ حَبْسٍ أَوْ تَعْزِيرٍ كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ فَسَكَتَ ثُمَّ دَفَعَ لَهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يَتْرُكَ الدَّعْوَى وَهُوَ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ كَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ الْآتِيَةُ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ مِثْلَهُمَا؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُمَا فَأُعْطِيَ حُكْمَهُمَا فَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِدِينَارٍ فَسَكَتَ فَصَالَحَهُ عَلَى دِرْهَمٍ مُؤَخَّرٍ لَمْ يَجُزْ بِالنَّظَرِ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَجُوزُ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ وَلَوْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِإِرْدَبٍّ مِنْ قَرْضٍ فَسَكَتَ فَصَالَحَهُ بِدِينَارٍ لَمْ يَجُزْ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ
(أَوْ) الصُّلْحُ عَلَى (الْإِنْكَارِ) أَيْ يَجُوزُ بِاعْتِبَارِ ظَاهِرِ الْحَالِ وَأَمَّا فِي بَاطِنِ الْأَمْرِ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرُ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا سَيَذْكُرُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَيْثُ قَالَ يَنْفَسِخُ إنْ أُدْرِكَ بِحَدَثَانِ قَبْضِهِ، وَيَنْفُذُ مَعَ الطُّولِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ دَيْنٍ بِثَمَرَةِ حَائِطٍ مُعَيَّنَةٍ قَدْ أَزْهَتْ وَاشْتَرَطَ أَخْذَهَا تَمْرًا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى ذَلِكَ فِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ إنَّهُ سَلَمٌ فَاسِدٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الصُّلْحُ مَمْنُوعًا وَقِيلَ إنَّهُ بَيْعٌ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الصُّلْحُ جَائِزًا وَأَمَّا الصُّلْحُ بِمَكْرُوهٍ فَهُوَ نَافِذٌ اتِّفَاقًا أُدْرِكَ بِحَدَثَانِ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَ طُولٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُصَالَحُ عَنْهُ) حُلُولُهُ بِحَسَبِ زَعْمِ الْمُدَّعَى بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعُجِّلَ) أَيْ الْمُصَالِحُ بِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ تَعْجِيلَ الْمُصَالَحِ عَنْهُ لِأَنَّهُ تَحْصِيلُ الْحَاصِلِ تَأَمَّلْ ثُمَّ إنَّ مَفْهُومَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْحُلُولِ وَالتَّعْجِيلِ فِي صُلْحِهِ عَنْ ذَهَبٍ بِمِثْلِهِ وَعَنْ وَرِقٍ بِمِثْلِهِ كَصُلْحِهِ عَنْ مِائَةٍ بِخَمْسِينَ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فَالسَّلَفُ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَنْ أَجَّلَ مَا عَجَّلَ عُدَّ مُسَلِّفًا وَالنَّفْعُ لِلْمُدَّعِي بِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ عَنْهُ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: ادَّعَى بِهِمَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِمَا حَالَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَا مُؤَجَّلَيْنِ مُنِعَ الصُّلْحُ بِالْمِائَةِ دِينَارٍ وَالدِّرْهَمِ لِمَا فِيهِ مِنْ ضَعْ وَتُعَجَّلْ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَوْ عَنْ إنْكَارٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) أَيْ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى ذَلِكَ الْوَجْهِ يُؤَدِّي لِسَلَفٍ مِنْ الْمُدَّعِي جَرَّ نَفْعًا وَوَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْمِائَةَ دِينَارٍ وَالدِّرْهَمِ الْمَأْخُوذَيْنِ صُلْحًا مُؤَجَّلَانِ وَتَأْجِيلُهُمَا عَيْنُ السَّلَفِ مِنْهُ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ حَالٌّ وَقَدْ انْتَفَعَ هُوَ بِسُقُوطِ الْيَمِينِ عَنْهُ بِتَقْدِيرِ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
. (قَوْلُهُ: أَيْ يَجُوزُ الِافْتِدَاءُ بِمَالٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ الْيَمِينُ لَا الِافْتِدَاءُ مِنْهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحِينَئِذٍ فَمِنْ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُصَالَحِ عَنْهُ وَهِيَ بِمَعْنَى عَنْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ) رَدَّ بِذَلِكَ عَلَى ابْنِ هِشَامٍ الْخَضْرَاوِيِّ فِي قَوْلِهِ إنْ عَلِمَ بَرَاءَةَ نَفْسِهِ وَجَبَتْ الْيَمِينُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ لِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ مِنْهَا أَنَّ فِيهِ إذْلَالَ نَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَذَلَّ نَفْسَهُ أَذَلَّهُ اللَّهُ» وَمِنْهَا أَنَّ فِيهِ إضَاعَةَ الْمَالِ وَمِنْهَا أَنَّ فِيهِ إغْرَاءً لِلْغَيْرِ وَمِنْهَا أَنْ فِيهِ إطْعَامَ مَا لَا يَحِلُّ وَرُدَّ بِأَنَّ تَرْكَ الْيَمِينِ وَتَرْكَ الْخِصَامِ عِزٌّ لَا إذْلَالٌ وَحِينَئِذٍ فَبَذْلُ الْمَالِ فِيهِ لَيْسَ إضَاعَةً لَهُ لِأَنَّهُ لِمَصْلَحَةٍ وَأَمَّا أَكْلُ الْغَيْرِ الْحَرَامَ فَلَا سَبِيلَ عَلَى الْمَظْلُومِ فِيهِ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ} [الشورى: 42] الْآيَةَ اهـ وَجَعَلَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ مَا قَالَهُ ابْنُ هِشَامٍ تَقْيِيدًا وَجَزَمَ بِهِ فِي شَامِلِهِ قَالَ ح هُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ إذْ لَمْ أَرَ مَا يُعَارِضُ هَذَا الْإِطْلَاقَ وَلَمْ أَرَ إلَّا مَا يُقَوِّيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ السُّكُوتُ) كَأَنْ تَدَّعِيَ عَلَى شَخْصٍ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ فَيَسْكُتَ ثُمَّ يُصَالِحَك بِشَيْءٍ عَمَّا يَقْتَضِيهِ السُّكُوتُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ حَبْسٍ وَتَعْزِيرٍ حَتَّى يُقِرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يُنْكِرَ فَيُعَامَلَ بِمُقْتَضَى كُلٍّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: كَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ حُكْمُ الْمُعَاوَضَةِ فِي الْإِقْرَارِ وَيُعْتَبَرُ فِيهِ مِنْ الشُّرُوطِ مَا يُعْتَبَرُ فِي الْإِنْكَارِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ مُقَابِلُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ حُكْمَ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ شَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ مَا قَالَهُ عِيَاضٌ مِنْ أَنَّ حُكْمَ السُّكُوتِ حُكْمُ الْإِقْرَارِ فَقَطْ مِنْ اعْتِبَارِ حُكْمِ الْمُعَاوَضَةِ فِيهِمَا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ مَا اُعْتُبِرَ فِي الْإِنْكَارِ مِنْ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ قَالَ طفى وَهُوَ ظَاهِرٌ إذْ لَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ فِيهِ عَلَى أَنَّهُ كَالْإِنْكَارِ إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ فِيهِ يُمْنَعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيهِ) أَيْ فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ وَقَوْلُهُ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْإِنْكَارِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ مُؤَجَّلَةً لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ لِاحْتِمَالِ إنْكَارِهِ) أَيْ وَالدَّرَاهِمُ إنَّمَا دَفَعَهَا افْتِدَاءً عَنْ يَمِينِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا إقْرَارُهُ وَقَدْ قَالَ أَوَّلًا إنَّهُ يُعْطَى حُكْمَهُمَا فَالْحَقُّ الْمَنْعُ حَتَّى بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ) أَيْ فَفِيهِ بَيْعُ الطَّعَامِ مِنْ بَيْعٍ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ وَأَمَّا
وَإِلَّا فَحَلَالٌ وَيُشْتَرَطُ لِلصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ وَيَدْخُلُ فِيهِ الِافْتِدَاءُ مِنْ يَمِينٍ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ عِنْدَ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَشَارَ لِاثْنَيْنِ مِنْهَا بِقَوْلِهِ (إنْ جَازَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ) مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (و) جَازَ (عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ) الشَّرْعِيِّ بِأَنْ لَا تَكُونَ هُنَاكَ تُهْمَةُ فَسَادٍ وَاعْتَبَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ الشَّرْطَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَقَطْ وَأَصْبَغُ أَمْرًا وَاحِدًا وَهُوَ أَنْ لَا تُتَّفَقَ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ مِثَالُ الْمُسْتَوْفِي لِلثَّلَاثَةِ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشْرَةٍ حَالَّةٍ فَأَنْكَرَ أَوْ سَكَتَ ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهَا بِثَمَانِيَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِعَرَضٍ حَالٍّ وَمِثَالُ مَا يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ أَنْ يَدَّعِيَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ فَيُصَالِحُهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِهَا إلَى شَهْرٍ أَوْ عَلَى خَمْسِينَ مُؤَخَّرَةٍ لِشَهْرٍ فَالصُّلْحُ صَحِيحٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ أَخَّرَ صَاحِبَهُ أَوْ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَعْضَ وَأَخَّرَهُ لِشَهْرٍ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ افْتَدَى مِنْ الْيَمِينِ بِمَا الْتَزَمَ أَدَاءَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ وَالْمَنْفَعَةُ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَلَى الْمُدَّعِي عِنْدَ الْإِنْكَارِ بِتَقْدِيرِ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ حَلِفِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالنَّظَرِ لِدَعْوَى الْمُدَّعِي فَهُوَ جَائِزٌ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ بَيْعُ طَعَامِ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهُوَ جَائِزٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْجَوَازِ بِالنَّظَرِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعٍ فَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّا إذَا نَزَّلْنَا السُّكُوتَ مَنْزِلَةَ الْإِقْرَارِ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِلْمُدَّعِي وَطَعَامُ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَإِنْ نَزَّلْنَاهُ مَنْزِلَةَ الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ وَاعْتُبِرَ فِيهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ فَلَا دَعْوَى لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَالٍ وَلَا مَنْعَ مِنْ جِهَتِهِ وَأَمَّا مُجَرَّدُ احْتِمَالِ إقْرَارِهِ بِأَنَّهَا مِنْ بَيْعٍ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ وَلَا أَثَرَ لَهُ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَجْوِيزٍ عَقْلِيٍّ كَالْوَسْوَسَةِ لَا يُبْنَى عَلَيْهِ حُكْمٌ فَالْحَقُّ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُجِبْ بِشَيْءٍ فَالشَّرْطُ فِي الصُّلْحِ أَنْ يَجُوزَ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ عَلَى دَعْوَاهُ مُنِعَ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَحَلَالٌ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الصَّادِقُ فِي الْوَاقِعِ الْمُنْكِرَ بَلْ الْمُدَّعِيَ فَمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُنْكِرِ حَلَالٌ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ لِلصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ أَوْ الْإِنْكَارِ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا لِابْنِ مُحْرِزٍ مِنْ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى السُّكُوتِ يُشْتَرَطُ فِيهِ مَا يُشْتَرَطُ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ.
(قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ الِافْتِدَاءُ مِنْ يَمِينٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا يَدُلُّ لَهُ وُقُوعُهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَقِبَهَا وَإِعَادَةُ الْجَارِ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ يَمِينٍ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَفْرَدَ الِافْتِدَاءَ مِنْ الْيَمِينِ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْإِنْكَارِ كَمَا قَالَ نَظَرًا إلَى أَنَّ الصُّلْحَ تَارَةً يُلَاحَظُ فِي نَظِيرِ أَصْلِ الدَّعْوَى وَتَارَةً يُلَاحَظُ لِإِسْقَاطِ الْيَمِينِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِمَا.
(قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ) وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الصُّلْحُ جَائِزًا عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَعَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَالْحَقُّ أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا هِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ وَأَمَّا فِي الصُّلْحِ عَلَى السُّكُوتِ فَالْمُشْتَرَطُ فِيهِ إنَّمَا هُوَ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ إنْ جَازَ) أَيْ الصُّلْحُ وَقَوْلُهُ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ أَيْ عَلَى مُقْتَضَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ قُلْت إنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ أَوْ السُّكُوتِ وَفِي السُّكُوتِ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ جَوَابٌ وَفِي الْإِنْكَارِ إذَا أَجَابَ بِغَيْرِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ كَانَ إقْرَارًا لَا دَعْوَى وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ عِنْدِي مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيَّ وَأَجَابَ بِغَيْرِهِ أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يُجِبْ لَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ أَجَابَ لَأَجَابَ بِغَيْرِ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ وَتَسْمِيَةُ هَذَا دَعْوَى مَجَازٌ إذْ هُوَ إقْرَارٌ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ) لَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ خِطَابَ اللَّهِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ كَمَا قَالَ عبق إذْ لَا مَعْنَى لِهَذَا لِأَنَّهُ لَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ وَعَلَى تَسْلِيمِهِ فَنَقُولُ إنْ فَرَضْنَا أَنَّهُ الْجَوَازُ صَارَ الشَّرْطُ جَوَازَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْجَوَازِ وَلَا مَعْنَى لَهُ وَإِنْ فَرَضْنَاهُ غَيْرَهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ أَيْضًا إذْ لَا يَكُونُ الْجَوَازُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَنْعِ مَثَلًا بَلْ الْمُرَادُ بِظَاهِرِ الْحُكْمِ مَا ظَهَرَ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ وَهِيَ النِّسْبَةُ التَّامَّةُ فِي قَوْلِنَا: تُهْمَةُ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا تُوجِبُ الْحُرْمَةَ: تُهْمَةُ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ تُوجِبُ الْحُرْمَةَ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِ الصُّلْحِ جَائِزًا عَلَى مَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الصُّلْحُ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الْأَحْكَامِ الَّتِي ظَهَرَتْ لَنَا الْمُقْتَضِيَةِ لِلْمَنْعِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَأَصْبَغَ) أَيْ وَاعْتَبَرَ أَصْبَغُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْهَا بِثَمَانِيَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ بِعَرَضٍ حَالٍّ) فَالصُّلْحُ جَائِزٌ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ الْحَالَّةَ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا بِدَرَاهِمَ حَالَّةٍ أَقَلَّ مِنْهَا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الدَّرَاهِمِ الْحَالَّةِ بِالْعَرَضِ الْحَالِّ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لِعَدَمِ وُجُودِ مَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ وَكَذَلِكَ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ عَلَيْهِ إذْ غَايَةُ مَا فِيهِ هِبَةُ الْبَعْضِ وَأَخْذُ الْبَاقِي أَوْ أَقَرَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّ مَا دَفَعَهُ فِدَاءً عَنْ الْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ حَالَّةٍ) أَيْ فَيُنْكِرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَسْكُتَ فَيُصَالِحَهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَالسَّلَفُ التَّأْخِيرُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ سُقُوطُ الْيَمِينِ أَيْ عَنْ الْمُدَّعِي وَعُلِمَ مِنْ هَذَا الْمِثَالِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَوَازُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ بَلْ قَدْ يَجُوزُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَيَمْتَنِعُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ أَوْ حَلِفِهِ) عَطْفٌ عَلَى الْيَمِينِ وَقَوْلُهُ فَيَسْقُطُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْحَلِفِ وَهَذَا تَنْوِيعٌ فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَائِدَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَضَمِيرُ حَلِفِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْنِي لَوْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَسَقَطَ دَيْنُ الْمُدَّعَى عَنْهُ فَتَأْخِيرُ الْمُدَّعِي لَهُ
فَيَسْقُطَ جَمِيعُ الْحَقِّ الْمُدَّعَى بِهِ فَهَذَا مَمْنُوعٌ عِنْدَ الْإِمَامِ جَائِزٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِدَرَاهِمَ وَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ فَيَعْتَرِفَ بِالطَّعَامِ وَيُنْكِرَ الدَّرَاهِمَ فَيُصَالِحَهُ عَلَى طَعَامٍ مُؤَجَّلٍ أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ أَوْ يَعْتَرِفَ بِالدَّرَاهِمِ وَيُصَالِحَهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِهِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى فَسَادِهِ وَيُفْسَخُ لِمَا فِيهِ مِنْ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَمِثَالُ مَا يُمْتَنَعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَيُنْكِرَهَا ثُمَّ يُصَالِحَهُ عَلَى مِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى أَجَلٍ فَهَذَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَيَجُوزُ عَلَى إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى الِافْتِدَاءِ مِنْ الْيَمِينِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَجَازَهُ أَصْبَغُ إذْ لَمْ تُتَّفَقْ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بِعَشَرَةِ أَرَادِبَ قَمْحًا مِنْ قَرْضٍ وَقَالَ الْآخَرُ إنَّمَا لَك عَلَيَّ خَمْسَةٌ مِنْ سَلَمٍ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَرَاهِمَ وَنَحْوِهَا مُعَجَّلَةٍ فَهَذَا جَائِزٌ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْقَرْضِ يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ وَيَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِعَدَمِ جَوَازِ بَيْعِ طَعَامِ السَّلَمِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ
(وَلَا يَحِلُّ) الصُّلْحُ (لِلظَّالِمِ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بَلْ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةٌ لِلْمَظْلُومِ فَقَوْلُهُمْ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى كَذَا أَيْ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ جَوَازُهُ عَلَى الْإِنْكَارِ بِاعْتِبَارِ عَقْدِهِ وَأَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ الْمُنْكِرَ فَالْمَأْخُوذُ مِنْهُ حَرَامٌ وَإِلَّا فَحَلَالٌ فَإِنْ وَفَّى بِالْحَقِّ بَرِئَ وَإِلَّا فَهُوَ غَاصِبٌ فِي الْبَاقِي وَفَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ قَوْلَهُ (فَلَوْ أَقَرَّ) الظَّالِمُ مِنْهُمَا بِالْحَقِّ (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ فَلِلْمَظْلُومِ نَقْضُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَيْهِ (أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ) لِلْمَظْلُومِ مِنْهُمَا عَلَى الظَّالِمِ (لَمْ يَعْلَمْهَا) حَالَ الصُّلْحِ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ فَلَهُ نَقْضُهُ إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهَا (أَوْ) لَهُ بَيِّنَةٌ بَعِيدَةٌ جِدًّا يَعْلَمُهَا (أَشْهَدَ) عِنْدَ الصُّلْحِ (وَأَعْلَنَ) بِأَنْ كَانَ إشْهَادُهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ (أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا) إذَا حَضَرَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مُسْقِطٌ لِذَلِكَ فَقَدْ جَرَّ إلَيْهِ نَفْعًا.
(قَوْلُهُ: فَيَسْقُطَ) مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةً بَعْدَ الْفَاءِ الْعَاطِفَةِ عَلَى مَصْدَرٍ صَرِيحٍ وَهُوَ حَلِفٌ عَلَى حَدِّ
وَلُبْسُ عَبَاءَةٍ وَتَقَرَّ عَيْنِي
(قَوْلُهُ: مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَاهُمَا) أَيْ وَكَذَا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَتَكُونُ هَذِهِ الصُّورَةُ مَمْنُوعَةً عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَصْبَغَ.
(قَوْلُهُ: فَيَعْتَرِفُ بِالطَّعَامِ إلَخْ) لَا يُقَالُ الصُّلْحُ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُخْتَلَطِ بِالْإِنْكَارِ كَالصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَلَا وَجْهَ لِإِدْرَاجِهِ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ وَاعْتِبَارِ شُرُوطِهِ فِيهِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ غَيْرَ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَمْكَنَ أَنْ يَجُوزَ عَلَى دَعْوَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَدْرَجُوهُ لِذَلِكَ فِي صُلْحِ الْإِنْكَارِ وَجَعَلُوا فِيهِ شُرُوطَهُ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ جَوَازُهُ عَلَى دَعْوَاهُمَا وَإِنْ كَانَ يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَاهُمَا فِي الْإِقْرَارِ الْمَحْضِ جَوَازُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ لَكِنَّهُ حَاصِلٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ طَعَامِهِ) أَيْ فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ) أَيْ فَفِيهِ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِدَرَاهِمَ أَكْثَرَ) أَيْ فَفِيهِ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ عَلَى دَعْوَى كُلٍّ وَعَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ) أَيْ بَيْنَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ.
(قَوْلُهُ وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعِي وَحْدَهُ) أَيْ وَيَلْزَمُ امْتِنَاعُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فَالْمُحْتَرَزُ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَحْدَهُ الِامْتِنَاعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَنَظِيرُ هَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي.
وَمِثَالُ مَا يَمْتَنِعُ عَلَى دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ أَيْ لَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَ مُمْتَنِعًا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ.
أَيْضًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى امْتَنَعَ عَلَى دَعْوَاهُمَا أَوْ دَعْوَى أَحَدِهِمَا كَمَا مُمْتَنِعًا عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى دَعْوَاهُمَا جَوَازُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْحُكْمِ فِي الْإِنْكَارِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَهَذَا مُمْتَنِعٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَيَجُوزُ عِنْدَ أَصْبَغَ لِعَدَمِ اتِّفَاقِ دَعْوَاهُمَا عَلَى فَسَادٍ
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ الصُّلْحُ) أَيْ بِمَعْنَى الْمُصَالَحِ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَأْخُوذًا أَوْ مَتْرُوكًا فَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ هُوَ الْمُدَّعِي حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَأْخُوذُ وَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ هُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَرُمَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ الْمَتْرُوكُ وَقَوْلُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَيْ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ وَلَوْ حَكَمَ لَهُ حَاكِمٌ يَرَى حِلَّهُ لِلظَّالِمِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ الْآتِي فِي الْقَضَاءِ لَا أُحِلُّ حَرَامًا.
(قَوْلُهُ: وَفَرَّعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَحِلُّ لِلظَّالِمِ فُرُوعًا ثَمَانِيَةً سِتَّةٌ يَسُوغُ لِلْمَظْلُومِ فِيهَا نَقْضُ الصُّلْحِ اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَاثْنَانِ لَا يَنْقُضُ فِيهِمَا اتِّفَاقًا أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ فَاَلَّتِي لِلْمَظْلُومِ نَقْضُ الصُّلْحِ فِيهَا اتِّفَاقًا ثَلَاثَةٌ الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ وَالرَّابِعَةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّتِي لَهُ نَقْضُهُ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ ثَلَاثَةٌ الثَّانِيَةُ وَالْخَامِسَةُ وَالسَّادِسَةُ وَاَلَّتِي لَا يَنْقُضُ فِيهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَاحِدَةٌ وَهِيَ السَّابِعَةُ وَاَلَّتِي لَا يَنْقُضُ فِيهَا اتِّفَاقًا وَاحِدَةٌ وَهِيَ الثَّامِنَةُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَقَرَّ الظَّالِمُ مِنْهُمَا بِالْحَقِّ) حَاصِلُهُ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا أَقَرَّ بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ بَعْدَ الصُّلْحِ بِأَنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّ مَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ حَقٌّ أَوْ أَقَرَّ الْمُدَّعِي بِبُطْلَانِ دَعْوَاهُ كَانَ لِلْمَظْلُومِ وَهُوَ الْمُدَّعِي فِي الْأُولَى وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ نَقْضُ ذَلِكَ الصُّلْحِ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَقُومَ لَهُ عَلَى الْحَقِّ شَاهِدَانِ فَإِنْ قَامَ لَهُ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَأَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ لَمْ يُقْضَ لَهُ بِذَلِكَ قَالَهُ الْأَخَوَانِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ نَقَلَهُ الْقَلْشَانِيُّ
وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلِنْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ لَا إنْ عَلِمَهَا وَكَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً لَا جِدًّا فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَلَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ (أَوْ) صَالَحَ عَلَى إنْكَارٍ لِعَدَمِ وُجُودِ وَثِيقَةٍ ثُمَّ (وَجَدَ وَثِيقَتَهُ) الَّتِي صَالَحَ لِفَقْدِهَا (بَعْدَهُ) أَيْ الصُّلْحِ وَلَوْ حَذَفَ بَعْدَهُ الْأَوَّلَ لَأَغْنَاهُ هَذَا (فَلَهُ نَقْضُهُ) فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَإِنْ نَسِيَهَا حَالَ الصُّلْحِ ثُمَّ تَذَكَّرَهَا فَلَهُ نَقْضُهُ أَيْضًا وَالْقِيَامُ بِهَا مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ نَسِيَهَا (كَمَنْ لَمْ يُعْلِنْ) عِنْدَ حَاكِمٍ وَاكْتَفَى بِالشَّهَادَةِ سِرًّا أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً بَعِيدَةً جِدًّا وَأَنَّهُ إنْ حَضَرَتْ قَامَ بِهَا فَلَهُ نَقْضُهُ (أَوْ يُقِرُّ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (سِرًّا فَقَطْ) وَيَجْحَدُهُ عَلَانِيَةً فَأَشْهَدَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى جَحْدِهِ عَلَانِيَةً ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ سَنَةً مَثَلًا لِيَسْتَدْعِيَ إقْرَارَهُ فِي الْعَلَانِيَةِ وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً قَبْلَ الصُّلْحِ لَمْ يَعْلَمْهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِيُقِرَّ لَهُ بِالْحَقِّ عَلَانِيَةً فَلَهُ نَقْضُهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ عَلَانِيَةً وَيَأْخُذُ حَقَّهُ عَاجِلًا (عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ اسْتِرْعَاءٍ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَرْطُ الِاسْتِرْعَاءِ تَقَدُّمُهُ عَلَى الصُّلْحِ فَيَجِبُ ضَبْطُ وَقْتِهِ وَشَرْطُهُ أَيْضًا إنْكَارُ الْمَطْلُوبِ وَرُجُوعُهُ بَعْدَ الصُّلْحِ إلَى الْإِقْرَارِ وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ
ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَتَيْنِ لَا يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ فِيهِمَا مُخْرِجًا لَهُمَا مِمَّا تَقَدَّمَ بِقَوْلِهِ (لَا إنْ عَلِمَ) الْمُصَالِحُ عَلَى إنْكَارٍ (بِبَيِّنَتِهِ) الشَّاهِدَةِ لَهُ عَلَى الْمُنْكِرِ (وَلَمْ يَشْهَدْ) قَبْلَ صُلْحِهِ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَابْنُ نَاجِيٍّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ لَمْ يُعْلِنْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ هَذِهِ سَتَأْتِي آخِرَ الصُّوَرِ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولَ الْمَظْلُومُ وَهُوَ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِحَضْرَةِ جَمَاعَةٍ يَا أَيُّهَا الْجَمَاعَةُ إنَّ فُلَانًا جَحَدَ حَقِّي الَّذِي لِي عَلَيْهِ وَصَالَحَنِي عَلَى كَذَا وَلِي بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِذَلِكَ الْحَقِّ إلَّا أَنَّهَا غَائِبَةٌ فَاشْهَدُوا عَلَى أَنَّهَا إذَا حَضَرَتْ قُمْت بِهَا وَلَسْت مُلْتَزِمًا لِذَلِكَ الصُّلْحِ فَإِذَا حَضَرَتْ كَانَ لَهُ نَقْضُهُ اتِّفَاقًا بِشَرْطِ بُعْدِهَا جِدًّا كَإِفْرِيقِيَّةَ مِنْ الْمَدِينَةِ أَوْ مِنْ مَكَّةَ لَا إنْ قَرُبَتْ أَوْ بَعُدَتْ لَا جِدًّا.
(قَوْلُهُ: الْأَوَّلَ) أَيْ الْمَذْكُورَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ نَقْضُهُ) أَيْ بِاتِّفَاقٍ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فِي الثَّانِيَةِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ فَلَهُ نَقْضُهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ وَهُوَ مَا قَالَهُ النَّاصِرُ وَشَيْخُهُ الْبُرْهَانُ اللَّقَانِيُّ وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ أَبْرَأ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قَبْلَهُ بَرِئَ مُطْلَقًا إلَخْ بِمَا إذَا كَانَ قَوْلُهُ إنَّ الْإِبْرَاءَ مُطْلَقًا غَيْرُ مُطْلَقٍ وَأَمَّا إذَا أَبْرَأهُ مَعَ الصُّلْحِ عَلَى شَيْءٍ ثُمَّ ظَهَرَ خِلَافُهُ فَلَا يَبْرَأُ لِأَنَّهُ إبْرَاءٌ مُعَلَّقٌ عَلَى دَوَامِ صِفَةِ الصُّلْحِ لَا إبْرَاءٌ مُطْلَقٌ فَلَمَّا لَمْ يَتِمَّ الصُّلْحُ وَجَعَلَ الشَّارِعُ لَهُ نَقْضَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ إبْرَاؤُهُ قَالَهُ عبق قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن وَمَا قَالَهُ النَّاصِرُ مِنْ أَنَّ لَهُ نَقْضَهُ وَلَوْ وَقَعَ بَعْدَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ ظَاهِرٌ إذَا وَقَعَ مَعَ الصُّلْحِ إبْرَاءٌ فَقَطْ وَأَمَّا إذَا أَبْرَأَهُ مَعَ الصُّلْحِ وَالْتَزَمَ عَدَمَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَلَوْ وَجَدَ بَيِّنَةً فَلَا قِيَامَ لَهُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَاشِرٍ وَنَصُّهُ قَوْلُهُ فَلَهُ نَقْضُهُ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ هَارُونَ فِي اخْتِصَارِ الْمُتَيْطِيِّ وَنَصُّهُ فَإِذَا أَشْهَدَ عَلَيْهِ فِي وَثِيقَةِ الصُّلْحِ أَنَّهُ مَتَى قَامَ عَلَيْهِ فِيمَا ادَّعَاهُ فَقِيَامُهُ بَاطِلٌ وَحُجَّتُهُ دَاحِضَةٌ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ زُورٌ وَالْمُسْتَرْعَاةُ وَغَيْرُهَا سَوَاءٌ فَلَا تُسْمَعُ لِلْمُدَّعِي بَعْدَ هَذَا الْإِبْرَاءِ بَيِّنَةٌ سَوَاءٌ كَانَ عَارِفًا بِهَا حِينَ الصُّلْحِ أَمْ لَا وَإِنْ أَسْقَطَ هَذَا التَّفْصِيلَ مِنْ الْوَثِيقَةِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِبَيِّنَةٍ لَمْ يَعْرِفْهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ أَوْ يُقِرُّ) هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى لَمْ يُعْلِنْ أَيْ وَكَمَنْ يُقِرُّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سِرًّا لَا عَلَى مَدْخُولِ لَمْ وَلَمْ يُبَالِ الْمُصَنِّفُ بِتَشْتِيتِ الْفَاعِلِ فَإِنَّ ضَمِيرَ " يُعْلِنْ " عَائِدٌ عَلَى مَنْ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْمُدَّعِي وَضَمِيرَ يُقِرُّ عَائِدٌ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اتِّكَالًا عَلَى الْمَوْقِفِ.
(قَوْلُهُ: وَأَشْهَدَ بَيِّنَةً إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَدْ أَشْهَدَ قَبْلَ الصُّلْحِ وَبَعْدَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِنْكَارِ بَيِّنَةً أُخْرَى أَنَّهُ إنَّمَا يُصَالِحُهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِالْحَقِّ عَلَانِيَةً وَتَكْفِي بَيِّنَةٌ وَاحِدَةٌ تَشْهَدُ بِالْجَحْدِ وَبِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِأَجْلِ أَنْ يُقِرَّ لَهُ بِحَقِّهِ عَلَانِيَةً وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهَا أَنَّهُ غَيْرُ مُلْتَزِمٍ لِلتَّأْخِيرِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِحَقِّهِ عَلَانِيَةً لِأَنَّ إشْهَادَهُ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى التَّأْخِيرِ لِيُقِرَّ بِالْحَقِّ عَلَانِيَةً يَتَضَمَّنُ كَوْنَهُ غَيْرَ مُلْتَزِمٍ لِلتَّأْخِيرِ عِنْدَ إقْرَارِهِ بِحَقِّهِ عَلَانِيَةً.
(قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ حَقَّهُ عَاجِلًا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مَا الْتَزَمَهُ مِنْ تَأْخِيرِهِ بِهِ لِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَعْدَ الْكَافِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِيَةِ لِفَتْوَى بَعْضِ أَشْيَاخِ شَيْخِهِ بِذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُقَابِلُهُ لِمُطَرِّفٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى فَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِيهَا ابْنُ يُونُسَ وَغَيْرُهُ وَلَكِنْ اسْتَظْهَرَ فِيهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمَ الْقِيَامِ عَكْسَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَحْسَنِ وَأَجَابَ شب بِأَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي الثَّانِيَةِ لِلْمُصَنِّفِ لَا لِغَيْرِهِ وَهَذَا يَشْمَلُهُ قَوْلُهُ وَأُشِيرَ بِصَحَّحَ أَوْ اسْتَحْسَنَ إلَى أَنَّ شَيْخًا غَيْرَ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ صَحَّحَ هَذَا أَوْ اسْتَحْسَنَهُ فَإِنَّ الْمُصَنِّفَ نَفْسَهُ مِنْ جُمْلَةٍ غَيْرِ الَّذِينَ قَدَّمْتهمْ.
(قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى هَذِهِ الْبَيِّنَةُ) أَيْ الَّتِي أَشْهَدَهَا الْمُدَّعِي بَعْدَ إنْكَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَبْلَ الصُّلْحِ بِالتَّأْخِيرِ.
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ الِاسْتِرْعَاءِ) أَيْ وَشَرْطُ إفَادَتِهِ فِي نَقْضِ الصُّلْحِ.
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ ضَبْطُ وَقْتِهِ) أَيْ فَيَجِبُ عَلَى الشُّهُودِ تَعْيِينُ وَقْتِهِ الْحَاصِلِ فِيهِ خَوْفًا مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِهِ أَيْ الِاسْتِرْعَاءِ وَوَقْتِ الصُّلْحِ فَلَا يُفِيدُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُفِدْ) أَيْ وَإِلَّا يَرْجِعْ بِأَنْ ثَبَتَ إنْكَارُهُ وَتَمَادَى عَلَيْهِ وَصَالَحَ لَمْ يُفِدْ اسْتِرْعَاؤُهُ شَيْئًا وَقَوْلُ الْعَوَامّ صُلْحُ الْمُنْكِرِ إثْبَاتٌ لِحَقِّ الطَّالِبِ جَهْلٌ مِنْهُمْ
. (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا)
وَلَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً وَلَزِمَهُ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّارِكِ لَهَا حِينَ الصُّلْحِ (أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ) أَيْ الْوَثِيقَةِ الشَّاهِدَةِ لَهُ بِحَقِّهِ (فَقِيلَ لَهُ) أَيْ قَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حَقُّك ثَابِتٌ) إنْ أَتَيْت بِهِ فَهُوَ مُنْكِرٌ فِي الْحَقِيقَةِ (فَأْتِ بِهِ) وَخُذْ حَقَّك (فَصَالَحَ ثُمَّ وَجَدَهُ) بَعْدَ الصُّلْحِ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهِ وَلَا يَنْتَقِضُ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ
وَلَمَّا دَخَلَ فِي قَوْلِهِ: الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعُ صُلْحِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الْمِيرَاثِ صَوَّرَ ذَلِكَ بِمَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ فَقَالَ (و) جَازَ صُلْحٌ لِبَعْضِ الْوَرَثَةِ (عَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ) مَثَلًا (مِنْ) تَرِكَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى (عَرَضٍ وَوَرِقٍ وَذَهَبٍ) حَاضِرٍ (بِذَهَبٍ) كَائِنٍ (مِنْ التَّرِكَةِ) أَوْ بِوَرِقٍ مِنْهَا (قَدْرَ مَوْرِثِهَا) بِوَزْنِ مَجْلِسٍ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الذَّهَبِ كَصُلْحِهَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ عِنْدَ الْفَرْعِ الْوَارِثِ أَوْ أَرْبَعُونَ عِنْدَ عَدَمِهِ وَالذَّهَبُ حَاضِرٌ فَإِنْ صُولِحَتْ بِعَشَرَةٍ مِنْ عَيْنِ التَّرِكَةِ وَحَضَرَ مِنْ الثَّمَانِينَ أَرْبَعُونَ لَمْ يَجُزْ (فَأَقَلَّ) كَصُلْحِهَا بِخَمْسَةٍ مِنْ ثَمَانِينَ حَاضِرَةٍ حَضَرَ مَا عَدَاهَا أَوْ غَابَ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ صَرْفَ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ وَقِيمَةُ حَظِّهَا مِنْ الْعَرَضِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ حَظَّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَوْ بَعْضِهِ وَتَرَكَتْ الْبَاقِيَ هِبَةً لِلْوَرَثَةِ فَإِنْ حَازُوهَا قَبْلَ مَوْتِهَا صَحَّتْ الْهِبَةُ وَإِلَّا بَطَلَتْ وَكَانَ لِوَرَثَتِهَا الْكَلَامُ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ إرْثِهَا مِنْ الذَّهَبِ كَصُلْحِهَا بِأَحَدَ عَشْرَ مِنْ الثَّمَانِينَ الْحَاضِرَةِ فَيَجُوزُ (إنْ) حَضَرَ جَمِيعُ الْمَتْرُوكِ مِنْ عَرَضٍ وَنَقْدٍ وَ (قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ) الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ فَإِذَا كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ عَشَرَةً وَصَالَحَتْ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا جَازَ وَلَوْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ أَوْ الْعُرُوض؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَخَذَتْهَا فِي نَظِيرِ عَشْرَةٍ وَالدِّينَارُ الْآخَرُ فِي مُقَابَلَةِ الدَّرَاهِمِ وَالْعَرَضِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ فِي دِينَارٍ فَإِنْ زَادَ مَا أَخَذَتْهُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا يَخُصُّهَا عَلَى دِينَارٍ فَإِنْ قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ صَرْفَ دِينَارٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ إذَا حَضَرَتْ مِنْ غَيْبَتِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَائِبَةً إلَخْ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْعَالِمَ بِهَا إذَا كَانَتْ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً لَا جِدًّا لَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَوْ أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً جِدًّا إنْ أَشْهَدَ قَبْلَ الصُّلْحِ أَنَّهُ يَقُومُ بِهَا إذَا حَضَرَتْ قَامَ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا.
(قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى ضَيَاعَ الصَّكِّ) صُورَتُهُ ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَقَالَ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَقُّك ثَابِتٌ إنْ أَتَيْت بِالْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ فَقَالَ الْمُدَّعِي ضَاعَتْ مِنِّي فَصَالَحَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْوَثِيقَةَ بَعْدُ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَا يُنْقَضُ الصُّلْحُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ مُنْكِرٌ فِي الْحَقِيقَةِ) أَيْ فَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْحَقِيقَةِ مُنْكِرٌ أَيْ كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا ادَّعَى ضَيَاعَ الْوَثِيقَةِ وَصَالَحَ عَلَى إسْقَاطِ حَقِّهِ وَمَا سَبَقَ الْمُدَّعِي قَدْ أَشْهَدَ سِرًّا أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ لِضَيَاعِ وَثِيقَتِهِ وَإِنْ وَجَدَهَا قَامَ بِهَا فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَالَحَ لِغَيْبَةِ بَيِّنَةِ الْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا عِنْدَ قُدُومِهَا وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ صُورَةَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَدَّعِيَ إنْسَانٌ عَلَى آخَرَ بِحَقٍّ فَيَقُولَ لَهُ حَقُّك ثَابِتٌ فَأْتِ بِالْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا الْحَقُّ وَامْحُهَا وَخُذْ مَا فِيهَا فَقَالَ الْمُدَّعِي ضَاعَتْ مِنِّي وَأَنَا أُصَالِحُك فَصَالَحَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْوَثِيقَةَ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَلَا يَنْقُضُ الصُّلْحَ اتِّفَاقًا فَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا أَنَّ غَرِيمَهُ فِي هَذِهِ مُعْتَرِفٌ وَإِنَّمَا طَالَبَهُ بِإِحْضَارِ صَكِّهِ لِيَمْحُوَ مَا فِيهِ فَقَدْ رَضِيَ هَذَا بِإِسْقَاطِهِ وَاسْتِعْجَالِ حَقِّهِ وَالْأَوَّلُ مُنْكِرٌ لِلْحَقِّ وَقَدْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَهُ لِضَيَاعِ صَكِّهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ
. (قَوْلُهُ صُلْحِ أَحَدِ الْوَرَثَةِ) أَيْ إذَا صُولِحَ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ وَأَمَّا إذَا صُولِحَ بِشَيْءٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةً وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بِيعَ، فِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِمَا يَخُصُّهُ) أَيْ عَمَّا يَخُصُّهُ.
(قَوْلُهُ: وَعَنْ إرْثِ زَوْجَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ إذَا تَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ وَعُرُوضًا وَعَقَارًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْمَيِّتِ مَثَلًا أَنْ يُصَالِحَ الزَّوْجَةَ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ الْوَرَثَةِ عَلَى مَا يَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنْ أَخَذَتْ ذَهَبًا مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْ ذَهَبِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ أَوْ أَخَذَتْ دَرَاهِمَ مِنْ التَّرِكَةِ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْ دَرَاهِمِ التَّرِكَةِ فَأَقَلَّ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ عَنْهُ حَاضِرًا كَمَا لَوْ صَالَحَهَا الْوَلَدُ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ فَأَقَلَّ وَالذَّهَبُ ثَمَانُونَ لِأَنَّهَا أَخَذَتْ بَعْضَ حَقِّهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَتَرَكَتْ الْبَاقِيَ (قَوْلُهُ وَالذَّهَبُ حَاضِرٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الذَّهَبَ الْمَتْرُوكَ الْمُصَالَحَ عَنْهُ حَاضِرٌ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ كُلِّهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْمُصَالَحُ مِنْهُ الْوَرِقَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ كُلِّهِ سَوَاءٌ كَانَ غَيْرُ الْمُصَالَحِ مِنْهُ حَاضِرًا أَيْضًا أَوْ غَائِبًا وَهَذَا إذَا صُولِحَتْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْوَرِقِ أَوْ بِأَقَلَّ مِمَّا يَخُصُّهَا وَأَمَّا إذَا صُولِحَتْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ جَمِيعِ الْمَتْرُوكِ مِنْ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ وَعَرَضٍ اهـ وَإِنَّمَا شَرَطُوا فِي النَّوْعِ الَّذِي أَخَذَتْ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بَعْضُهُ غَائِبًا لَزِمَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فِي الْغَائِبِ نَعَمْ إنْ أَخَذَتْ حِصَّتَهَا مِنْ الْحَاضِرِ فَقَطْ جَازَ لِإِسْقَاطِ الْغَائِبِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَإِنَّمَا يَجُوزُ مُصَالَحَتُهَا بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهَا مِنْ الذَّهَبِ الْحَاضِرِ حَيْثُ صُولِحَتْ بِذَهَبٍ.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ صَرْفُ دِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَازُوهَا إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْهِبَةَ هُنَا لِشَيْءٍ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ بِخِلَافِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَهِبَتُهُ إبْرَاءٌ لَا يَحْتَاجُ لِحِيَازَةٍ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرَتْ الدَّرَاهِمُ) أَيْ هَذَا إذَا قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا مِنْ التَّرِكَةِ بَلْ وَلَوْ كَثُرَتْ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ اجْتَمَعَ الصَّرْفُ وَالْبَيْعُ فِي دِينَارٍ)
أَوْ قَلَّتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ بِأَنْ لَمْ تَبْلُغْ دِينَارًا جَازَ وَأَوْلَى إذَا قَلَّا مَعًا فَإِنْ كَثُرَا مَعًا مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى اجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَصَرْفٍ فِي أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَأَمَّا صُلْحُهَا بِالْعَرَضِ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا كَانَ قَدْرَ مُوَرَّثِهَا مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (لَا) إنْ صَالَحَهَا بِشَيْءٍ (مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ التَّرِكَةِ فَيُمْنَعُ (مُطْلَقًا) كَانَ الْمُصَالَحُ بِهِ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا كَانَتْ التَّرِكَةُ أَوْ شَيْءٌ مِنْهَا حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً (إلَّا بِعَرَضٍ) مِنْ غَيْرِهَا فَتَجُوزُ بِشُرُوطٍ ذَكَرَهَا بِقَوْلِهِ (إنْ عَرَفَا) أَيْ الْوَارِثُ وَالزَّوْجَةُ (جَمِيعَهَا) أَيْ التَّرِكَةِ لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ (وَحَضَرَ) جَمِيعُ التَّرِكَةِ حَقِيقَةً فِي الْعَيْنِ وَحُكْمًا فِي الْعَرْضِ بِأَنْ كَانَتْ قَرِيبَةَ الْغَيْبَةِ بِحَيْثُ يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهِ بِشَرْطٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ وَعِلَّةُ الشَّرْطِ الثَّانِي السَّلَامَةُ مِنْ النَّقْدِ بِشَرْطٍ فِي الْغَائِبِ (وَأَقَرَّ الْمَدِينُ) بِمَا عَلَيْهِ (وَحَضَرَ) وَقْتُ الصُّلْحِ وَكَانَ مِمَّنْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ إنْ كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَلَا بُدَّ مِنْ جَمِيعِ شُرُوطِ بَيْعِ الدَّيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ دَيْنٌ فَكَبَيْعِهِ (و) جَازَ صُلْحُ الزَّوْجَةِ مَثَلًا (عَنْ دَرَاهِمَ) أَوْ ذَهَبٍ (وَعَرَضٍ تُرِكَا بِذَهَبٍ) مِنْ عِنْدِ الْوَارِثِ (كَبَيْعٍ وَصَرْفٍ) أَيْ كَجَوَازِ بَيْعٍ وَصَرْفٍ فَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَلِيلًا أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي التَّرِكَةِ دَيْنٌ وَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْهَا صَرْفَ دِينَارٍ فَأَكْثَرَ مُنِعَ (وَإِنْ كَانَ فِيهَا) أَيْ فِي التَّرِكَةِ (دَيْنٌ) لِلْمَيِّتِ عَلَى غَرِيمٍ لَهُ (فَكَبَيْعِهِ) أَيْ الدَّيْنِ يَجُوزُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِقِلَّةِ الدَّرَاهِمِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَكُونَ حَظُّهَا مِنْهَا قَلِيلًا كَمَا حَلَّ بِهِ الشَّارِحُ أَوَّلًا بَلْ الْمُرَادُ أَنْ يَأْخُذَ فِي مُقَابَلَتِهَا مَعَ الْعَرَضِ دِينَارًا بِحَيْثُ يَجْتَمِعُ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا قَلَّا مَعًا إلَخْ) فَتَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصُّوَرَ الْجَائِزَةَ أَرْبَعٌ أَنْ تَقِلَّ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَنُوبُهَا عَنْ صَرْفِ الدِّينَارِ أَوْ يَقِلَّ قِيمَةُ الْعَرَضِ الَّذِي يَنُوبُهَا عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ يَقِلَّا مَعًا عَنْ صَرْفِ دِينَارٍ أَوْ تَأْخُذَ عَنْ الدَّرَاهِمِ وَالْعَرَضِ دِينَارًا فَقَطْ وَإِنْ كَثُرَ.
(قَوْلُهُ لَا مِنْ غَيْرِهَا مُطْلَقًا) يَعْنِي إذَا وَقَعَتْ الْمُصَالَحَةُ عَلَى شَيْءٍ يُعْطِيهَا إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عُرُوضٍ فَإِنْ كَانَ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ مُطْلَقًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ الْعَيْنِ الْمَدْفُوعَةِ صُلْحًا وَالْعَيْنِ الْمُصَالَحِ عَنْهَا لِأَنَّهَا بَاعَتْ حَظَّهَا مِنْ النَّقْدَيْنِ وَالْعَرَضِ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ فَفِيهِ بَيْعُ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَعَرَضٍ بِذَهَبٍ أَوْ بِفِضَّةٍ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الْعَرَضَ إذَا كَانَ مُصَاحِبًا لِلْعَيْنِ فَإِنَّهُ يُعْطَى حُكْمُ الْعَيْنِ وَإِنْ كَانَ بِعَرَضٍ جَازَ بِشُرُوطٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ عَرَفَا جَمِيعَهَا) ، هَذَا الشَّرْطُ وَمَا بَعْدَهُ مُعْتَبَرَانِ أَيْضًا فِي قَوْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ بِخِلَافِ الصُّلْحِ بِعَيْنِ قَدْرِ مُوَرَّثِهَا فَأَقَلَّ أَوْ بِعَرَضٍ مِنْ التَّرِكَةِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَتُهَا وَلَا حُضُورُهَا.
(قَوْلُهُ: لِيَكُونَ الصُّلْحُ عَلَى مَعْلُومٍ) لِأَنَّهَا بَائِعَةٌ لِنَصِيبِهَا مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَحُكْمًا فِي الْعَرَضِ) الْأَوْلَى وَلَوْ حُكْمًا فِي الْعَرَضِ وَقَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَيْ كَيَوْمَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَعِلَّةُ الشَّرْطِ الثَّانِي إلَخْ) أَيْ إنَّمَا اشْتَرَطَ حُضُورَ التَّرِكَةِ لِأَجْلِ السَّلَامَةِ مِنْ النَّقْدِ فِي الْغَالِبِ بِشَرْطٍ وَفِيهِ أَنَّهُ لَا شَرْطَ هُنَا فَكَأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ عَقْدَ الصُّلْحِ عَلَى التَّعْجِيلِ شَرْطًا فِي الْمَعْنَى فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَأَقَرَّ الْمَدِينُ بِمَا عَلَيْهِ وَحَضَرَ) زَادَ بَعْضُهُمْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْعَرَضُ الَّذِي أَعْطَاهُ الْمُصَالِحُ مُخَالِفًا لِلْعَرَضِ الَّذِي عَلَى الْغَرِيمِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ سَلَفًا بِمَنْفَعَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهَا لَا تَأْخُذُ إلَّا أَقَلَّ مِنْ حَقِّهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَعَنْ دَرَاهِمَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ التَّرِكَةَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا دَرَاهِمُ وَعَرَضٌ فَصُولِحَتْ الزَّوْجَةُ عَمَّا يَخُصُّهَا بِذَهَبٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا ذَهَبٌ وَعَرَضٌ فَصُولِحَتْ عَمَّا يَخُصُّهَا بِدَرَاهِمَ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَهُوَ جَائِزٌ كَجَوَازِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ فَقَوْلُهُ بِذَهَبٍ أَيْ إذَا كَانَ الْمَتْرُوكُ عَنْ الْمَيِّتِ دَرَاهِمَ وَعَرَضًا أَوْ بِدَرَاهِمَ إنْ كَانَ الْمَتْرُوكُ ذَهَبًا وَعَرَضًا.
(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّرَاهِمِ قَلِيلًا) هَذَا إذَا كَانَ فِي التَّرِكَةِ دَرَاهِمُ وَأَمَّا إذَا كَانَ فِيهَا دَنَانِيرُ فَيُقَالُ لَهُ إنْ كَانَ حَظُّهَا مِنْ الدَّنَانِيرِ أَقَلَّ مِنْ دِينَارٍ.
(قَوْلُهُ: مُنِعَ) أَيْ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ أَكْثَرَ مِنْ دِينَارٍ وَإِلَّا جَازَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَلَّتْ الدَّرَاهِمُ الَّتِي تَخُصُّهَا أَوْ قِيمَةُ الْعَرْضِ الَّذِي يَخُصُّهَا بِأَنْ نَقَصَتْ أَوْ نَقَصَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ عَنْ دِينَارٍ جَازَ الصُّلْحُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَصَرْفٌ اجْتَمَعَا فِي دِينَارٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ فَكَبَيْعِهِ) لَا يُغْنِي عَنْ هَذَا قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ وَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ فِيهِمَا لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ كَانَ فِيهَا دَيْنٌ مَوْضُوعُهُ أَنَّ التَّرِكَةَ عُرُوضٌ وَدَرَاهِمُ فَصَالَحَ بِدَنَانِيرَ مِنْ عِنْدِهِ وَأَمَّا قَوْلُهُ سَابِقًا وَأَقَرَّ الْمَدِينُ وَحَضَرَ فَمَوْضُوعُهُ أَنَّ التَّرِكَةَ دَرَاهِمُ وَدَنَانِيرُ وَعُرُوضٌ وَالصُّلْحُ فِيهَا بِعَرَضٍ مِنْ عِنْدِهِ.
(قَوْلُهُ: فَكَبَيْعِهِ) أَيْ فَالصُّلْحُ حِينَئِذٍ مُمَاثِلٌ لِبَيْعِ الدَّيْنِ فِي الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ
حَيْثُ يَجُوزُ وَيَمْتَنِعُ فَيَمْتَنِعُ صُلْحُهَا بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ مِنْ عِنْدِ الْغَاصِبِ نَقْدًا إنْ كَانَ الدَّيْنُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ أَوْ كَانَ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ فَصَالَحَهَا الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ عَجَّلَهَا لَهَا مِنْ عِنْدِهِ جَازَ إذَا كَانَ الْغُرَمَاءُ حُضُورًا مُقِرِّينَ وَهُمْ مِمَّنْ تَأْخُذُهُمْ الْأَحْكَامُ وَهَذَا يَجْرِي فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْمُصَالَحَةِ مِنْ غَيْرِهَا
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى صُلْحِ الْأَمْوَالِ انْتَقَلَ لِلْكَلَامِ عَلَى صُلْحِ الدِّمَاءِ فَقَالَ (و) جَازَ الصُّلْحُ (عَنْ) دَمِ (الْعَمْدِ) نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ (بِمَا قَلَّ) عَنْ الدِّيَةِ (وَكَثُرَ) عَنْهَا؛ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَا دِيَةَ لَهُ (لَا) يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ عَمْدٍ وَلَا غَيْرِهِ عَلَى (غَرَرٍ) دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَرَطْلٍ) أَوْ أَرْطَالٍ (مِنْ) لَحْمِ (شَاةٍ) صَالَحَ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ وَهِيَ حَيَّةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَوْ قَبْلَ السَّلْخِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فَإِنْ سُلِخَتْ جَازَ كَمَا يَجُوزُ الصُّلْحُ بِهَا حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً قَبْلَ السَّلْخِ وَمِنْ الْغَرَرِ ثَمَرَةٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ بِالْغَرَرِ ارْتَفَعَ الْقِصَاصُ وَقُضِيَ بِدِيَةِ عَمْدٍ (وَلِذِي دَيْنٍ) مُحِيطٍ (مَنْعُهُ) أَيْ مَنْعُ الْمَدِينِ الْقَاتِلِ أَوْ الْجَارِحِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصُّلْحِ بِمَالٍ لِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ عُضْوِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ عَلَى مَا لَمْ يُعَامِلْهُ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ كَهِبَتِهِ وَعِتْقِهِ
وَلَمَّا كَانَ الصُّلْحُ كَالْبَيْعِ يَعْتَرِيهِ الْعَيْبُ وَالِاسْتِحْقَاقُ وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَّ مِنْهُ مَا يُوَافِقُ الْبَيْعَ وَمَا يُخَالِفُهُ فَمِمَّا يَتَخَالَفَانِ فِيهِ قَوْلُهُ (وَإِنْ رُدَّ) فِي الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارِ مُصَالَحٍ بِهِ (مُقَوَّمٌ) مُعَيَّنٌ كَعَبْدٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ صُولِحَ بِهِ (بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ) أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ (رُجِعَ) الْمُصَالَحُ عَلَى دَافِعِهِ (بِقِيمَتِهِ) يَوْمَ الصُّلْحِ بِهِ سَلِيمًا صَحِيحًا لَا بِمَا صُولِحَ عَنْهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقَوْلُهُ يَجُوزُ أَيْ الصُّلْحُ وَقَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ وَذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ عَيْنًا وَلَا طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ بِأَنَّ كَانَ حَيَوَانًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا مُقِرًّا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَقَوْلُهُ وَيَمْتَنِعُ أَيْ الصُّلْحُ حَيْثُ يَمْتَنِعُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِأَنْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ لَمْ يَحْضُرْ الْمَدِينُ أَوْ حَضَرَ وَلَمْ يُقِرَّ أَوْ لَمْ تَأْخُذْهُ الْأَحْكَامُ.
(قَوْلُهُ: فَيَمْتَنِعُ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ تَقْدِيرًا وَالصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ) أَيْ الَّذِي هُوَ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ حَيَوَانًا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ التَّرِكَةَ دَرَاهِمُ وَعُرُوضٌ وَالدَّيْنَ حَيَوَانٌ أَوْ عَرَضٌ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ حَالَّةٍ وَفِيهِ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الْعَيْنَيْنِ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الشَّارِحِ عَلَى أَنَّ الدَّيْنَ حَيَوَانٌ أَوْ عَرَضٌ وَالتَّرِكَةَ كُلَّهَا عُرُوضٌ فَيَجُوزُ الصُّلْحُ حِينَئِذٍ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ وَإِنْ كَانَ هَذَا خِلَافَ السِّيَاقِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ طَعَامًا مِنْ قَرْضٍ) أَيْ لَا مِنْ بَيْعٍ فَيُمْنَعُ لِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا يَجْرِي إلَخْ) الْمُشَارُ إلَيْهِ مُرَاعَاةُ بَيْعِ الدَّيْنِ أَيْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ مُرَاعَاةِ بَيْعِ الدَّيْنِ جَوَازًا وَمَنْعًا يَجْرِي فِي جَمِيعِ صُوَرِ الْمُصَالَحَةِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ
. (قَوْلُهُ: وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ) ظَاهِرُهُ جَوَازُ الصُّلْحِ عَمَّا ذَكَرَ وَلَوْ قَبْلَ ثُبُوتِ الدَّمِ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِمَا قَلَّ عَنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ لِأَنَّ دَمَ الْعَبْدِ لَا دِيَةَ لَهُ أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا مَا اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ لَا غَرَرٍ) عَطْفٌ عَلَى مَا يُفِيدُهُ الْكَلَامُ السَّابِقُ أَيْ جَازَ الصُّلْحُ بِمَا اسْتَوْفَى الشُّرُوطَ لَا بِغَرَرٍ أَوْ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ بِمَا قَلَّ وَنَبَّهَ عَلَى مَنْعِ الصُّلْحِ بِالْغَرَرِ لِأَنَّ دَمَ الْعَمْدِ لَمَّا كَانَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ عَنْهُ مَجَّانًا رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ جَوَازُ الصُّلْحِ عَنْهُ بِالْغَرَرِ فَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ دَفْعًا لِذَلِكَ التَّوَهُّمِ وَغَيْرُ دَمِ الْعَمْدِ يُفْهَمُ الْمَنْعُ فِيهِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: عَلَى غَرَرٍ) عَلَى بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ بِذِي غَرَرٍ.
(قَوْلُهُ: دَيْنٍ أَوْ غَيْرِهِ) تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ عَلَى غَرَرٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) نَصُّهَا وَإِذَا ادَّعَيْت عَلَى رَجُلٍ بِدَيْنٍ فَصَالَحَك عَنْهُ بِعَشْرَةِ أَرْطَالٍ مِنْ لَحْمِ شَاةٍ وَهِيَ حَيَّةٌ لَمْ يَجُزْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ وَهِيَ حَيَّةٌ بَلْ لَوْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً غَيْرَ مَسْلُوخَةٍ فَكَذَلِكَ يَمْتَنِعُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ) أَيْ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ بِالْغَرَرِ أَيْ كَرَطْلٍ مِنْ شَاةٍ أَوْ ثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا (فَرْعٌ) لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى أَنْ يَرْتَحِلَ الْقَاتِلُ مِنْ بَلَدِ الْأَوْلِيَاءِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الصُّلْحُ مُنْتَقَضٌ وَلِصَاحِبِ الدَّمِ يَقُومُ بِالْقِصَاصِ وَلَوْ ارْتَحَلَ الْجَانِي وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: يَجُوزُ وَيَحْكُمُ عَلَى الْقَاتِلِ أَنْ لَا يُسَاكِنَهُمْ أَبَدًا كَمَا شَرَطُوهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَاسْتَحْسَنَهُ سَحْنُونٌ وَعَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَرْتَحِلْ الْقَاتِلُ أَوْ عَادَ وَكَانَ الدَّمُ قَدْ ثَبَتَ كَانَ لَهُمْ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتُ كَانَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ الْعَوْدُ لِلْخِصَامِ وَلَا يَكُونُ الصُّلْحُ قَاطِعًا لِخِصَامِهِمْ لِانْتِقَاضِهِ.
(قَوْلُهُ: لِإِسْقَاطِ الْقِصَاصِ عَنْ نَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِالصُّلْحِ أَيْ أَنَّ مَنْ يُصَالِحُ بِمَالٍ لِأَجْلِ إسْقَاطِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ) عِلَّةٌ لِمَنْعِهِ مِنْ الصُّلْحِ بِالْمَالِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ إلَخْ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِهِ فِي شَيْءٍ لَمَّا يُعَامِلْهُ الْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ نَفْسَهُ مِنْ الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ بِذَلِكَ وَهُوَ لَمْ يُعَامِلُوهُ عَلَى إتْلَافِ مَالِهِ فِي صَوْنِ نَفْسِهِ وَلَيْسَ هَذَا كَتَزْوِيجِهِ وَإِيلَادِ أَمَتِهِ لِأَنَّ الْغُرَمَاءَ عَامَلُوهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا عَامَلُوهُ عَلَى الْإِنْفَاقِ عَلَى زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ
. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَلَى إقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ حِصَّةٍ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أُخِذَ بِشُفْعَةٍ) أَيْ أَوْ أُخِذَ مِنْ يَدِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِشُفْعَةٍ كَمَا لَوْ جَنَى إنْسَانٌ جِنَايَةً عَلَى زَيْدٍ وَصَالَحَهُ بِشِقْصٍ
إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ وَلَا لِلْخِصَامِ فِي الْإِنْكَارِ قِيمَةٌ يَرْجِعُ بِهَا وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ يَرْجِعُ فِي الْمُقَرِّ بِهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَفِي عِوَضِهِ إنْ فَاتَ وَفِي الدَّمِ يَرْجِعُ لِلدِّيَةِ فَلَوْ كَانَ الْمُقَوَّمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ بِأَنْ كَانَ مَوْصُوفًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا (كَنِكَاحٍ) وَقَعَ صَدَاقُهُ بِمَا ذَكَرَ فَوَجَدَتْ الزَّوْجَةُ بِهِ عَيْبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ أَوْ أُخِذَ مِنْهَا بِالشُّفْعَةِ (وَخُلْعٍ) عَلَى مُقَوَّمٍ فَوَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا رَجَعَتْ فِي النِّكَاحِ وَرَجَعَ فِي الْخُلْعِ بِالْقِيمَةِ لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ (وَإِنْ قَتَلَ جَمَاعَةٌ) رَجُلًا أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ قَطَعُوا) يَدًا مَثَلًا (جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) مِنْهُمْ عَلَى انْفِرَادِهِ (وَالْعَفْوُ عَنْهُ) مَجَّانًا أَوْ الْقِصَاصُ أَوْ الْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ الْبَاقِي أَوْ صُلْحُهُ أَوْ صُلْحُ بَعْضٍ وَالْعَفْوُ عَنْ بَعْضٍ وَالْقِصَاصُ مِنْ بَعْضٍ (وَإِنْ صَالَحَ مَقْطُوعٌ) عَمْدًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ مَا يَشْمَلُ الْجُرْحَ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ قَطْعٌ؛ لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ الْقَطْعِ الْجُرْحَ بِمَالٍ عَلَى الْقَطْعِ (ثُمَّ نُزِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ أَيْ سَالَ دَمُ الْجُرْحِ (فَمَاتَ) الْمَقْطُوعُ (فَلِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَيِّتِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي دَارٍ بَاقِيهَا لِعَمْرٍو فَلِعَمْرٍو أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ زَيْدٍ وَيَرْجِعَ زَيْدٌ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ يَوْمَ الصُّلْحِ عَلَى الشَّفِيعِ وَهُوَ عَمْرٌو فَالرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ عَلَى الدَّافِعِ فِي خُصُوصِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ وَأَمَّا فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَالرُّجُوعُ بِالْقِيمَةِ إنَّمَا هُوَ عَلَى الشَّفِيعِ.
(قَوْلُهُ: إذْ لَيْسَ لِلدَّمِ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِلصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَقَوْلُهُ وَلَا لِلْخِصَامِ رَاجِعٌ لِلصُّلْحِ عَنْ الدَّمِ خَطَأً عَلَى إنْكَارٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى إقْرَارٍ) أَيْ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ فِي الْإِقْرَارِ وَقَوْلُهُ فَفِي غَيْرِ الدَّمِ إلَخْ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الدَّمِ وَالْجِنَايَةِ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِكِتَابٍ مَثَلًا فَأَقَرَّ بِهِ وَصَالَحَهُ بِثَوْبٍ مَثَلًا فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ أَوْ رَدَّ بِعَيْبٍ فَإِنْ كَانَ الْكِتَابُ بَاقِيًا رَجَعَ بِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ.
(قَوْلُهُ: بِمَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الثَّوْبِ الْمُعَيَّنِ أَوْ الْحِصَّةِ فِي الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَخُلْعٍ عَلَى مُقَوَّمٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ مُعَيَّنٍ أَوْ ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ شِقْصٍ فِي دَارٍ مُعَيَّنَةٍ وَقَوْلُهُ فَوَجَدَ الزَّوْجُ بِهِ عَيْبًا أَيْ فَرَدَّهُ لِذَلِكَ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ.
(قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ) أَيْ بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ.
(قَوْلُهُ: لَا بِمَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهُ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ أَيْضًا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ وَخُلْعِ الْمِثْلِ لِأَنَّ طَرِيقَ النِّكَاحِ الْمُكَارَمَةُ فَقَدْ يَتَزَوَّجُ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ بِأَضْعَافِ صَدَاقِ الْمِثْلِ وَبِعُشْرِهِ وَكَذَا يَقَعُ الْخُلْعُ بِخُلْعِ الْمِثْلِ وَأَضْعَافِهِ وَبِعُشْرِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَهِيَ الصُّلْحُ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَعَنْ دَمِ الْخَطَأِ فِي الْإِنْكَارِ وَالنِّكَاحِ وَالْخُلْعِ فِي الرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعِوَضِ عِوَضِ الْقَطَاعَةِ وَعِوَضِ الْكِتَابَةِ وَعِوَضِ الْعُمْرَى.
فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِشِقْصِ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ فَأَنْتَ حُرٌّ فَأَتَى لَهُ بِهِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الشِّقْصُ أَوْ رَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي غَيْرِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَيَرْجِعُ عَلَى الشَّفِيعِ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ إنْ أَتَيْتنِي بِشِقْصِ فُلَانٍ مِنْ الدَّارِ الْفُلَانِيَّةِ أَسْقَطْت عَنْك الْعِشْرِينَ دِينَارًا وَخَرَجْت حُرًّا فَأَتَاهُ بِهِ فَرَدَّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِشُفْعَةٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فَإِنَّ السَّيِّدَ يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ فِي الشُّفْعَةِ عَلَى الشَّفِيعِ وَفِي غَيْرِهَا عَلَى الْعَبْدِ وَالثَّالِثُ كَمَا لَوْ أَعْمَرْتَ زَيْدًا دَارَك مُدَّةَ حَيَاتِك ثُمَّ صَالَحْتَهُ عَلَى شِقْصٍ مُعَيَّنٍ فِي عَقَارٍ آخَرَ فَرَدَّهُ عَلَيْك بِعَيْبٍ أَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَوْ أُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ زَيْدًا يَرْجِعُ عَلَيْك بِقِيمَتِهِ فِي غَيْرِ الشُّفْعَةِ وَفِي الشُّفْعَةِ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ عَلَى الشَّفِيعِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ إحْدَى وَعِشْرُونَ مَسْأَلَةً لِأَنَّ الشِّقْصَ دُفِعَ إمَّا صُلْحًا عَنْ دَمِ عَمْدٍ مُطْلَقًا أَوْ عَنْ دَمِ خَطَأٍ عَنْ إنْكَارٍ أَوْ دُفِعَ صَدَاقًا أَوْ خُلْعًا أَوْ قَطَاعَةً أَوْ عِوَضًا عَنْ الْكِتَابَةِ أَوْ عَنْ الْعُمْرَى وَالطَّارِئُ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ عَيْبٌ أَوْ اسْتِحْقَاقٌ أَوْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ وَقَدْ نَظَمَهَا ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَيْتٍ فَقَالَ:
صُلْحَانِ عِتْقَانِ وبُضْعَانِ مَعًا
…
عُمْرَى بِأَرْشِ عِوَضٍ بِهِ ارْجِعَا
فَقَوْلُهُ صُلْحَانِ أَرَادَ بِهِمَا الصُّلْحَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ مُطْلَقًا وَعَنْ دَمِ الْخَطَأِ عَلَى إنْكَارٍ وَقَوْلُهُ عِتْقَانِ أَرَادَ بِهِمَا عِتْقَ الْمُكَاتَبِ وَالْقِنِّ إذَا أَدَّيَا مَا تَرَاضَوْا عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَبُضْعَانِ أَرَادَ بِهِمَا بُضْعَ النِّكَاحِ وَبُضْعَ الْخُلْعِ وَقَوْلُهُ بِأَرْشِ عِوَضٍ الْمُرَادُ بِأَرْشِ الْعِوَضِ قِيمَتُهُ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: جَازَ صُلْحُ كُلٍّ) أَيْ جَازَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صُلْحُ كُلٍّ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ فِي مَا دُونِ النَّفْسِ وَلِأَوْلِيَائِهِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى النَّفْسِ إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ مِمَّنْ ذَكَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاءِ مَنْ صُولِحَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْخِيَارَ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ إلَّا أَنَّ الصُّلْحَ لَا يَكُونُ إلَّا بِرِضَاءِ الْقَاتِلِينَ.
(قَوْلُهُ: وَالْعَفْوُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ كُلٍّ وَقَوْلُهُ أَوْ الْقِصَاصُ أَيْ مِنْ كُلٍّ.
(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ إنَّمَا يَكُونُ فِي الْعَمْدِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مِنْ لَازِمِ إلَخْ) أَيْ فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ اسْمَ الْمَلْزُومِ وَأَرَادَ اللَّازِمَ.
(قَوْلُهُ: بِمَالٍ عَلَى الْقَطْعِ) اعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ دُونَ مَا يَئُولُ لَهُ مِنْ الْمَوْتِ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ عَنْهُمَا فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ
(لَا لَهُ) أَيْ الْقَاطِعِ (رَدُّهُ) أَيْ الصُّلْحِ أَيْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ (وَالْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ) أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ إنَّمَا كَانَ عَنْ قَطْعٍ فَكَشَفَ الْغَيْبُ أَنَّهُ نَفْسٌ وَإِنَّمَا قَسَّمُوا لِتَرَاخِي الْمَوْتِ عَنْ الْجُرْحِ وَلَهُمْ الرِّضَا بِمَا صَالَحَ بِهِ الْمَقْطُوعُ (كَأَخْذِهِمْ) أَيْ أَوْلِيَاءِ الْمَجْرُوحِ (الدِّيَةَ فِي) جِنَايَةِ (الْخَطَإِ) أَيْ كَمَا لَوْ صُولِحَ الْمَجْرُوحُ خَطَأً ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ فَإِنَّ لِلْوَرَثَةِ رَدَّ الصُّلْحِ وَيُقْسِمُونَ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ مِنْ الْعَاقِلَةِ وَيَرْجِعُ الْجَانِي الْمُصَالِحُ بِمَا دَفَعَ مِنْ مَالِهِ وَيَكُونُ فِي الْعَقْدِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَهُمْ تَرْكُ الْقَسَامَةِ وَأَخْذُ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ
(وَإِنْ وَجَبَ) أَيْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ (لِمَرِيضٍ) وَلَوْ مَرَضًا مَخُوفًا (عَلَى رَجُلٍ) مَثَلًا (جُرْحٌ عَمْدًا) طَرَأَ عَلَى الْمَرَضِ وَأَمَّا طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى الْجُرْحِ فَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا (فَصَالَحَ) الْمَرِيضُ جَارِحَهُ (فِي مَرَضِهِ) بِأَرْشِهِ الْمُسَمَّى فِيهِ (أَوْ غَيْرَهُ) إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسَمًّى أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ دِيَتِهِ إنْ كَانَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ (ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ) أَيْ فِيهِ (جَازَ) الصُّلْحُ ابْتِدَاءً (وَلَزِمَ) بَعْدَ وُقُوعِهِ (وَهَلْ) الْجَوَازُ وَاللُّزُومُ (مُطْلَقًا) صَالَحَ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ أَوْ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ (أَوْ) إنَّمَا يَجُوزُ وَيَلْزَمُ (إنْ صَالَحَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ (لَا) عَلَيْهِ وَعَلَى (مَا يَئُولُ إلَيْهِ) فَلَا يَجُوزُ وَلَا يَلْزَمُ (تَأْوِيلَانِ) أَرْجَحُهُمَا الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَإِذَا صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ بَطَلَ وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ صُلْحٌ فَلِلْأَوْلِيَاءِ الْقَسَامَةُ وَالْقِصَاصُ
(وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ) عَمَّا فِيهِ قِصَاصٌ بِقَدْرِ الدِّيَةِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ أَوْ عَنْ حِصَّتِهِ فَقَطْ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ (فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ) جَبْرًا فَيَأْخُذُ مَا يَنُوبُهُ وَلَوْ صَالَحَ بِقَلِيلٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا يَجُوزُ صُلْحُ الْمَجْرُوحِ عَنْ جُرْحِ الْعَمْدِ يَجُوزُ صُلْحُهُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الْمَوْتِ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ قَائِلًا إنَّ الْمَقْتُولَ إذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ قَاتِلِهِ مَجَّانًا جَازَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ بِالْأَوْلَى خِلَافًا لِمَا رَوَاهُ عِيسَى مِنْ الْمَنْعِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مِمَّا يُقْتَصُّ مِنْ أَجْلِهِ كَقَطْعِ يَدٍ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ الْمَتَالِفِ الْأَرْبَعِ كَالْجَائِفَةِ وَالْآمَّةِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ عَمْدٌ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي يَوْمَ الصُّلْحِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَيُفْسَخُ إنْ وَقَعَ وَإِذَا بَرِئَ فَالْأَرْشُ وَإِنْ مَاتَ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الزِّيَادَة فَفِيهِ قَوْلَانِ أَرْجَحُهُمَا الْجَوَازُ إذَا كَانَ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ فَلَا يَجُوزُ الصُّلْحُ عَلَى أَرْشِهِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ فَإِنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ الزِّيَادَةِ قَبْلَ الْبُرْءِ كَانَ الصُّلْحُ بَاطِلًا.
(قَوْلُهُ لَا لَهُ) كَانَ الْأَوْلَى لَا لِلْقَاطِعِ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلضَّمِيرِ مَرْجِعٌ فَكَانَ الْإِظْهَارُ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قَسَمُوا) أَيْ وَلَمْ يَقْتُلُوا الْجَانِيَ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ.
(قَوْلُهُ: لِتَرَاخِي إلَخْ) أَيْ فَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ غَيْرِ الْجُرْحِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ صُولِحَ الْمَجْرُوحُ خَطَأً) أَيْ عَنْ الْجُرْحِ فَقَطْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ خَطَأً وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ كَالْعَمْدِ.
(قَوْلُهُ وَيَقْسِمُونَ وَيَأْخُذُونَ الدِّيَةَ) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَأَخْذِهِمْ الدِّيَةَ أَيْ فِي آخِرَةِ الْأَمْرِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ كَمَا أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ الْمَجْرُوحِ أَنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ كَامِلَةً بَعْدَ الْقَسَامَةِ فِي جُرْحِ الْخَطَأِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ الْمَجْرُوحُ مِنْهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْ جُرْحِ الْخَطَأِ وَأَمَّا الصُّلْحُ عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَهُوَ فَاسِدٌ وَلَوْ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ عَلَى الْأَقْوَى
. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا طُرُوُّ الْمَرَضِ عَلَى الْجُرْحِ) أَيْ الْعَمْدِ وَمَاتَ الْمَجْرُوحُ وَقَوْلُهُ وَأَنَّ فِيهِ خِلَافًا أَيْ فَقِيلَ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي بِقَسَامَةٍ وَقِيلَ عَلَيْهِ نِصْفُ دِيَةٍ بِلَا قَسَامَةٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ فِيهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ مِنْ لِلظَّرْفِيَّةِ إنْ مَاتَ فِي زَمَنِ مَرَضِهِ لَا لِلسَّبَبِيَّةِ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ لَمْ يَتَأَتَّ التَّأْوِيلَانِ مِنْ كَوْنِهِ صَالَحَ عَنْ الْجُرْحِ لَا عَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ أَوْ صَالَحَ عَنْهُمَا مَعًا لِأَنَّ الْجُرْحَ لَمْ يَؤُلْ لِشَيْءٍ وَعَلَى تَسْلِيمِ جَرَيَانِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّهُ وَقَعَ الصُّلْحُ عَنْ الْجُرْحِ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَرْضُ الْأَوَّلِ فَلَا مَعْنَى لِاعْتِمَادِ التَّأْوِيلِ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: جَازَ وَلَزِمَ) أَيْ لِأَنَّ لِلْمَرِيضِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا فَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ بِمَا شَاءَ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عِيَاضٌ تَأَوَّلَهَا غَيْرُ وَاحِدٍ عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ دُونَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ مِنْ النَّفْسِ وَتَأَوَّلَهَا ابْنُ الْقَصَّارِ عَلَى الْجُرْحِ وَمَا تَنَاهَى إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ كَمَا فِي ح وعج وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ جَازَ عَلَى كُلٍّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ فَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ الْوَرَثَةَ وَإِنْ نَزَا فَمَاتَ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ أَنَّ لِلْوَرَثَةِ رَدَّ الصُّلْحِ وَالْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ وَلَا يُقَالُ الصُّلْحُ لَازِمٌ لِلْوَرَثَةِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ فَكَيْفَ يَلْزَمُ فِيمَا آلَ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ خِلَافُ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ الصُّلْحُ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي الصُّلْحُ بَاطِلٌ وَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ مِنْ أَنَّ لِلْأَوْلِيَاءِ الْقَسَامَةَ وَالْقِصَاصَ وَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَلْزَمُ الصُّلْحُ وَإِنْ نَزَا فَمَاتَ مِنْهُ فَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ
. (قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُ مَا يَنُوبُهُ وَلَوْ صَالَحَ بِقَلِيلٍ) وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْجَانِي وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِشَيْءٍ وَاَلَّذِي فِي ح مَا نَصُّهُ فَلِلْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ بِأَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ مِنْ الْقَاتِلِ عَلَى حَسَبِ دِيَةِ الْعَمْدِ وَيَضُمَّهُ إلَى مَا صَالَحَ بِهِ
(وَسَقَطَ الْقَتْلُ) وَلَهُ عَدَمُ الدُّخُولِ مَعَهُ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ فَلَا دُخُولَ لِلْمُصَالَحِ مَعَهُ وَلَهُ الْعَفْوُ فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الْمُصَالِحِ وَشِبْهِهِ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ وَقَوْلُهُ (كَدَعْوَاك) أَيُّهَا الْوَلِيُّ (صُلْحَهُ) أَيْ الْقَاتِلِ بِمَالٍ (فَأَنْكَرَ) فَيَسْقُطُ الْقَتْلُ وَكَذَا الْمَالُ إنْ حَلَفَ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَاسْتَحَقَّ الْمَالَ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ وَالْمَالُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْوَلِيِّ تَضَمَّنَتْ أَمْرَيْنِ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ الْقِصَاصِ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَالًا فَأُخِذَ بِإِقْرَارِهِ وَلَمْ يُعْمَلْ بِدَعْوَاهُ الْمَالَ
(وَإِنْ صَالَحَ مُقِرٌّ بِخَطَإٍ) أَيْ بِقَتْلٍ خَطَأٍ (بِمَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِصَالَحَ (لَزِمَهُ) الصُّلْحُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْهُ (وَهَلْ) يَلْزَمُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ (أَوْ) إنَّمَا يَلْزَمُهُ (مَا دَفَعَ) وَالْبَاقِي عَلَى الْعَاقِلَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ (تَأْوِيلَانِ) وَلَا يَلْزَمُ مِنْ بِنَاءِ الثَّانِي عَلَى ضَعِيفٍ أَنْ يَكُونَ هُوَ ضَعِيفًا (لَا إنْ ثَبَتَ) بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ قَتْلٌ خَطَأٌ وَهُوَ مُنْكِرٌ (وَجَهِلَ) أَيْ ظَنَّ (لُزُومَهُ) أَيْ لُزُومَ الْمَالِ الَّذِي هُوَ الدِّيَةُ فَصَالَحَ بِشَيْءٍ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْجَهْلِ أَوْ أَنَّ مِثْلَهُ يَجْهَلُ (وَحَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا صَالَحَ ظَنًّا مِنْهُ لُزُومَ الدِّيَةِ لَهُ (وَرَدَّ) مَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ الْمُصَالَحِ بِهِ أَيْ أَخَذَهُ مِنْ الْمَدْفُوعِ لَهُمْ مَا عَدَا مَا يَخُصُّهُ فَلَا يَرُدُّهُ وَلَا يُقَالُ نَصِيبُهُ هُوَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مُنَجَّمًا؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ كَالْمُتَطَوِّعِ بِتَعْجِيلِهِ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ (إنْ طَلَبَ بِهِ) أَيْ بِالصُّلْحِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ (مُطْلَقًا) وَجَدَ مَا صَالَحَ بِهِ بِأَيْدِيهِمْ أَمْ لَا وَيَرْجِعُ بِالْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ إنْ فَاتَ بِذَهَابِ عَيْنِهِ (أَوْ طَلَبَهُ) هُوَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَاحِبَهُ وَيَقْتَسِمَانِ الْجَمِيعَ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُصَالِحُ بِهِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي بَابِ الدِّيَاتِ اهـ وَبِهِ قَرَّرَ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَيْضًا.
وَبِهَذَا النَّقْلِ تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِي خش وعبق مِنْ التَّنْظِيرِ الَّذِي مُحَصِّلُهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْآخَرُ مَعَ الْأَوَّلِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ هَلْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَةٌ عَلَى الْجَارِحِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ أَوْ لَا شَيْءَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبْلَ الْجَارِحِ قُصُورٌ لِوُجُودِ النَّقْلِ لَكِنَّ هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ صَالَحَ عَنْ عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ طَرِيقَتَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا مَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا وَهِيَ الْمُوَافَقَةُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ فِي المج لَا طَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الْقَتْلُ) لَوْ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ وَسَقَطَ الْقَتْلُ عَلَى قَوْلِهِ وَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ كَانَ أَوْلَى لِيُفِيدَ سُقُوطَ الْقَتْلِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ اهـ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ أَخَّرَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُشَبَّهَ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا دُخُولَ لِلْمُصَالِحِ بِهِ) أَيْ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَانِي بِشَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْآخَرِ الْعَفْوُ وَلَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَسَقَطَ الْقَتْلُ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْآخَرَ يُخَيَّرُ أَوَّلًا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ عَفَا فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الْمُصَالِحِ وَلَا شَيْءَ لَهُ أَصْلًا وَإِنْ لَمْ يَعْفُ فَيُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْجَانِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَوْ لَا يَدْخُلُ وَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ. (قَوْلُهُ: فَأَنْكَرَ) أَيْ الْجَانِي
. (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ دَفْعُهُ) أَيْ دَفْعُ مَا لَمْ يَدْفَعْهُ.
(قَوْلُهُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَا دَفَعَ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِابْنِ مُحْرِزٍ وَهُمَا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَقَرَّ رَجُلٌ بِقَتْلِ رَجُلٍ خَطَأً وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ فَصَالَحَ الْأَوْلِيَاءَ عَلَى مَالٍ قَبْلَ أَنْ تَلْزَمَ الدِّيَةُ الْعَاقِلَةَ بِقَسَامَةٍ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ اهـ أَبُو الْحَسَنِ أَيْ لَازِمٌ نَافِذٌ وَاخْتُلِفَ بِمَاذَا يَلْزَمُ فَقَالَ أَبُو عِمْرَانَ بِالْعَقْدِ وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ إنَّمَا يَلْزَمُ بِالدَّفْعِ اهـ إذَا عَلِمْت هَذَا فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا بِهِ اللُّزُومُ بِأَنْ يَقُولَ وَهَلْ اللُّزُومُ بِالْعَقْدِ فَيَلْزَمُهُ مَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ أَوْ اللُّزُومُ بِالدَّفْعِ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا مَا دَفَعَ.
وَقَوْلُ الشَّارِحِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّأْوِيلَيْنِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّهَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ كَمَا فِي ح وطفى اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِتَأْوِيلَانِ يُشْعِرُ بِتَسَاوِيهِمَا مَعَ أَنَّ الثَّانِيَ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ بِنَائِهِ عَلَى ضَعِيفٍ أَنْ يَكُونَ ضَعِيفًا إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَعْفِ الْمَبْنِيِّ عَلَيْهِ ضَعْفُ الْمَبْنِيِّ فَلَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ أَحَدِ مَشْهُورَيْنِ عَلَى ضَعِيفٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ ظَنَّ لُزُومَهُ) أَيْ ظَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ لَهُ وَقَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ أَيْ مَا صَالَحَ بِهِ بَلْ يُرَدُّ لَهُ مَا صَالَحَ بِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ فِي كَوْنِ الْمَالِ الَّذِي صَالَحَ بِهِ لَا يَلْزَمُهُ وَيُرَدُّ إلَيْهِ مَا دَفَعَهُ زِيَادَةً عَلَى حِصَّتِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ ثُبُوتِ الْجَهْلِ أَيْ مِنْ ثُبُوتِ جَهْلِهِ أَيْ ظَنِّهِ أَنَّ الدِّيَةَ لَازِمَةٌ لَهُ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ خَفِيٌّ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْهُ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى إثْبَاتُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ جَهْلِهِ بِالْيَمِينِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحَلِفٍ لَا الثُّبُوتُ بِالْبَيِّنَةِ بِخِلَافِ ثُبُوتِ أَنَّ مِثْلَهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مِنْ ادَّعَى الْجَهْلَ فِيمَا الْغَالِبُ أَنْ يَجْهَلَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ اهـ بْن فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهُ بِلُزُومِ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ ذَلِكَ بِالْيَمِينِ كَانَ الصُّلْحُ لَازِمًا لَهُ وَلَا يُرَدُّ لَهُ مَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ.
(قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ شَأْنِهِ يَجْهَلُ لُزُومَ الدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الصُّلْحِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ) أَيْ بِجَهْلِهِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ تَعْجِيلُهَا.
(قَوْلُهُ: إنْ طَلَبَ بِهِ) أَيْ إنْ كَانَ
(وَوَجَدَ) مَا دَفَعَهُ لَهُمْ بَاقِيًا بِأَيْدِيهِمْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمَا ذَهَبَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِمْ
(وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ) مَثَلًا (وَارِثَيْنِ) شَخْصًا خَلِيطًا لِأَبِيهِمَا ادَّعَى عَلَيْهِ هَذَا الْوَارِثُ الْمُصَالِحُ لِمَالِ لِأَبِيهِمَا وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ الصُّلْحُ (عَنْ إنْكَارٍ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (فَلِصَاحِبِهِ) الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ (الدُّخُولُ) مَعَهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ وَلَهُ تَرْكُ الدُّخُولِ مَعَهُ وَيُطَالِبُ بِجَمِيعِ نَصِيبِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ يُصَالِحُ كَمَا صَالَحَ أَخُوهُ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ بِتَرْكِهِ لَهُ فَإِنْ أَبَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ شَيْئًا وَلَا بَيِّنَةَ فَلَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ (كَحَقٍّ) ثَابِتٍ (لَهُمَا) أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ مَثَلًا فَالضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِاعْتِبَارِ الْعَدَدِ لَا بِاعْتِبَارِ الْوَصْفِ بِالْوَلَدِيَّةِ وَالْإِرْثِيَّةِ كَتَبَ ذَلِكَ الْحَقَّ (فِي كِتَابٍ أَوْ) أَيْ وَثِيقَةٍ (أَوْ مُطْلَقٍ) بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ فِي كِتَابٍ أَقْرَضَاهُ أَوْ بَاعَا بِهِ سِلْعَةً أَوْ دَفَعَا فِيهِ رَأْسَ سَلَمٍ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنَّ مَنْ قَبَضَ شَيْئًا مِنْهُ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ فِيهِ (إلَّا الطَّعَامَ) وَالْإِدَامَ مِنْ بَيْعٍ (فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ فَفِي دُخُولِهِ مَعَهُ تَرَدُّدٌ وَلَيْسَ بِمُرَادٍ وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اسْتَثْنَى الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِقَوْلِهِ غَيْرَ الطَّعَامِ وَالْإِدَامِ فَتَرَدَّدَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي وَجْهِ اسْتِثْنَائِهِ فَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ جَوَازُ إذْنِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي اقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ مُقَاسَمَةً وَالْمُقَاسَمَةُ فِي الطَّعَامِ كَبَيْعِهِ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَمْيِيزُ حَقٍّ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْقِسْمَةِ وَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَأَبُو عِمْرَانَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ طَلَبُوا الصُّلْحَ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِي وَقَوْلُهُ أَوْ طَلَبَهُ هُوَ أَيْ أَوْ كَانَ الْجَانِي هُوَ الَّذِي طَلَبَ الصُّلْحَ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ.
(قَوْلُهُ: وَوَجَدَ) أَيْ وَقْتَ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ كَمَنْ أَعْطَى عَطِيَّةً لِمَنْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ ظَنًّا مِنْهُ لُزُومَ الْإِثَابَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا وَجَدَ مِمَّا أَثَابَ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا فَاتَ مِنْهُ وَحَيْثُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الدَّمِ بِمَا فَاتَ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَا زَادَ عَلَى حِصَّتِهِ مِنْهُ وَيَحْسِبُ ذَلِكَ الْفَائِتَ لِلْعَاقِلَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَاخْتَارَهُ البنوفري وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِهِ أَيْضًا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَيَحْسِبُ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ هَارُونَ وَقِيلَ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَا يَحْسِبُ لَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ قَالَ شَيْخُنَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ
(قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الْوَارِثَيْنِ سَوَاءٌ كَانَا وَلَدَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إذَا ادَّعَى بِمَالٍ عَلَى شَخْصٍ مُخَالِطٍ لِمُوَرِّثِهِ مِنْ تِجَارَةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ أَوْ أَنْكَرَهُ وَصَالَحَهُ عَلَيْهِ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أَوْ عَرَضًا وَلَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَعَهُ وَيُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ كُلِّهَا فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ وَلَهُ تَرْكُهَا كُلِّهَا وَلَهُ الْمُصَالَحَةُ بِأَقَلَّ مِنْهَا وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ صَالَحَ بِمَا يَرَاهُ صَوَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ عَلَى غَرِيمِهِ إلَّا الْيَمِينُ.
(قَوْلُهُ: فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ مَعَهُ) ثُمَّ إنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ رَجَعَ غَيْرُ الْمُصَالِحِ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ حَقِّهِ وَرَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ مَا بَقِيَ عَلَى الْغَرِيمِ بَعْدَ صُلْحِ أَحَدِهِمَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَوَجْهُهُ كَمَا قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ الصُّلْحَ لَازِمٌ لِلْأَوَّلِ وَلَمَّا شَارَكَ رَبُّ الدَّيْنِ الْآخَرَ فِي مَا اقْتَضَاهُ شَارَكَهُ هُوَ فِي حِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إنْكَارٍ وَدَخَلَ غَيْرُ الْمُصَالِحِ مَعَ الْمُصَالِحِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُصَالِحِ وَلَا لِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَرُجُوعُ الْمُصَالِحِ عَلَيْهِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ فَتْحٌ لَبَابِ النِّزَاعِ خِلَافًا لعبق حَيْثُ قَالَ يَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَهُ مِنْهُ صَاحِبُهُ وَلَا رُجُوعَ لِصَاحِبِهِ عَلَى الْغَرِيمِ وَلَا عَلَى الْمُصَالِحِ بِمَا رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَهُمَا بِمَعْنَى بَيْنَ فَمَوْضُوعُ الْكَلَامِ هُنَا فِي الْحَقِّ الْمُشْتَرَكِ وَأَمَّا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ وَكَانَ الْحَقَّانِ عَلَى شَخْصٍ وَاحِدٍ كَزَيْدٍ وَلَا اشْتِرَاكَ بَيْنَهُمَا وَكُتِبَ الْحَقَّانِ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ فَسَيَأْتِي الْمُصَنِّفُ يَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ وَيَذْكُرُ فِيهِ قَوْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الطَّعَامَ فَفِيهِ تَرَدُّدٌ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ شَرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ إلَّا الطَّعَامَ فَصَدْرُ الْكَلَامِ قَوْلُهُ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ وَعَجُزُهُ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ فَاخْتَلَفَ شُرَّاحُهَا فِي قَوْلِهَا إلَّا الطَّعَامَ هَلْ هُوَ مُسْتَثْنًى مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِ الْكَلَامِ أَوْ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِهِ عَلَى مَا ذَكَرَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ لِشَرِيكَيْنِ حَقٌّ عَلَى ثَالِثٍ فِي كِتَابٍ أَوْ مُطْلَقٍ وَاقْتَضَى أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ آخِرِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ آخِرِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَشْخَصَ بَعْدَ الْإِعْذَارِ أَيْ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ الشَّاخِصِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ لِيَقْبِضَ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ إلَّا الطَّعَامَ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ لِقَبْضِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّ ذَلِكَ قِسْمَةٌ لِلطَّعَامِ وَالْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ.
(قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ) أَيْ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُسَافِرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ لِأَخْذِ مَا يَخُصُّهُ مِنْ الطَّعَامِ
إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ وَهُوَ جَوَازُ مُصَالَحَةِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُصَالَحَةَ عَنْ طَعَامِ الْبَيْعِ بَيْعٌ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: الصُّلْحُ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعِي بَيْعٌ وَمِنْ قَوْلِهِ وَجَازَ عَنْ دَيْنٍ بِمَا يُبَاعُ بِهِ فَلَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ إلَّا الطَّعَامَ إلَخْ لَكَانَ أَحْسَنَ فَتَحَصَّلَ أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي فَهْمِ مَرْجِعِ الِاسْتِثْنَاءِ هَلْ هُوَ أَوَّلُ الْكَلَامِ وَهُوَ أَنَّ صُلْحَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَنْ نَصِيبِهِ جَائِزٌ إلَّا الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ أَوْ هُوَ آخِرُ الْكَلَامِ وَهُوَ جَوَازُ إذْنِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي الْخُرُوجِ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ إلَّا الطَّعَامَ وَالْإِدَامَ مِنْ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ الْإِذْنُ لَهُ فِي ذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ خُرُوجِهِ مَعَهُ أَوْ تَوْكِيلِهِ؛ لِأَنَّ إذْنَهُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُقَاسَمَةٌ وَالْمُقَاسَمَةُ بَيْعٌ وَبَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مَمْنُوعٌ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَشْخَصَ) بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ يَخْرُجَ بِشَخْصِهِ أَيْ ذَاتِهِ يُقَالُ شَخَصَ يَشْخَصُ مِنْ بَابِ عَلِمَ أَوْ ضَرَبَ إذَا خَرَجَ شَاخِصًا أَيْ مُسَافِرًا وَالْمَعْنَى أَنَّ لَهُ الدُّخُولَ مَعَ صَاحِبِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدِينُ بِبَلَدٍ غَيْرِ بَلَدِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ فَيُسَافِرُ لَهُ بِذَاتِهِ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ (وَيُعْذَرُ إلَيْهِ) أَيْ إلَى شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يَشْخَصْ أَيْ يَقْطَعُ عُذْرَهُ وَحُجَّتَهُ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ بَيِّنَةٍ (فِي الْخُرُوجِ) مَعَهُ لِاقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ (أَوْ الْوِكَالَةِ) لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فِي اقْتِضَاءِ نَصِيبِهِ (فَيَمْتَنِعُ) مِنْ ذَلِكَ فَلَا دُخُولَ لِصَاحِبِهِ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْغَرِيمِ الْغَائِبِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) عِنْدَ الْمَدِينِ (غَيْرُ الْمُقْتَضَى) مِنْهُ وَغَيْرُ بِالرَّفْعِ وَيَكُنْ تَامَّةٌ أَيْ يُوجَدُ وَالْمُبَالَغَةُ فِي مُقَدَّرٍ تَقْدِيرُهُ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا قَبَضَهُ الشَّاخِصُ فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ خَرَجَ بِلَا إعْذَارٍ دَخَلَ مَعَهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَكُونَ) الْحَقُّ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا (بِكِتَابَيْنِ) كَتَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ فِي وَثِيقَةٍ عَلَى حِدَتِهِ فَمَا اقْتَضَاهُ أَحَدُهُمَا لَا دُخُولَ لِلْآخَرِ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا كَدَيْنَيْنِ مُسْتَقِلَّيْنِ (وَفِيمَا لَيْسَ) مُشْتَرَكًا (لَهُمَا) أَيْ بَيْنَهُمَا بَلْ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ شَيْءٌ خَاصٌّ بِهِ وَاتَّحَدَتْ السِّلْعَتَانِ جِنْسًا وَصِفَةً كَثَوْبَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ صَاعَيْنِ وَبَاعَهُمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي صَفْقَةٍ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ كُلٍّ (وَكُتُب) الثَّمَنُ (فِي كِتَابٍ) وَاحِدٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: إنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْ أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يُصَالِحَ عَنْ حِصَّتِهِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ فَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الطَّعَامَ فَلَا يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُصَالِحَ فِيهِ عَنْ حِصَّتِهِ بِدُونِ إذْنِ شَرِيكِهِ لِأَنَّهُ إذَا صَالَحَ عَنْ حِصَّتِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ لِأَنَّ الصُّلْحَ بِغَيْرِ الْمُدَّعَى بِهِ بَيْعٌ كَمَا مَرَّ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ التَّرَدُّدَ إنَّمَا هُوَ فِي وَجْهِ الِاسْتِثْنَاءِ لِلطَّعَامِ لَا فِي الدُّخُولِ فِيهِ وَعَدَمِ الدُّخُولِ فِيهِ إذْ الدُّخُولُ فِيهِ ثَابِتٌ بِاتِّفَاقٍ فَالْخِلَافُ لَفْظِيٌّ فِي وَجْهِ الِاسْتِثْنَاءِ وَأَنَّ الْحُكْمَ وَهُوَ عَدَمُ جَوَازِ السَّفَرِ لِقَبْضِ مَا يَخُصُّ أَحَدَهُمَا مِنْ الطَّعَامِ بِإِذْنِ الْآخَرِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقِسْمَةَ بَيْعٌ كَمَا أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ صُلْحِ أَحَدِهِمَا فِي الطَّعَامِ بِاتِّفَاقٍ أَيْ مِنْ الْمُتَأَوِّلِينَ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشْخَصَ إلَخْ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ عج إنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِعْذَارِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ سَفَرٌ بِأَنْ كَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا بِبَلَدِهِمَا اهـ عَدَوِيٌّ، وَنَحْوُهُ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ فَصَّلَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِالْغَائِبِ وَسَكَتَ عَنْ الْحَاضِرِ وَهُوَ مِثْلُهُ فِي الْإِعْذَارِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَيُسَافِرُ لَهُ بِذَاتِهِ) أَيْ فَيُسَافِرُ لَهُ أَحَدُهُمْ بِذَاتِهِ.
(قَوْلُهُ وَيُعْذِرُ إلَيْهِ فِي الْخُرُوجِ) أَيْ بِأَنْ يَطْلُبَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ بِحُضُورِ بَيِّنَةٍ لِيَخْرُجَ مَعَهُ لِيَقْبِضَ حِصَّتَهُ أَوْ يُوَكِّلَهُ أَوْ يُوَكِّلَ مَنْ يُسَافِرُ مَعَهُ بِقَبْضِ حِصَّتِهِ فَيَمْتَنِعُ مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا أَعْذَرَ إلَيْهِ وَامْتَنَعَ وَسَافَرَ لِلْغَرِيمِ وَقَبَضَ مِنْهُ شَيْئًا فَلَا دُخُولَ لَهُ مَعَ الشَّاخِصِ فِيمَا اقْتَضَاهُ لِأَنَّ امْتِنَاعَهُ مِنْ الشُّخُوصِ مَعَهُ وَمِنْ التَّوْكِيلِ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ رِضَاهُ بِالدُّخُولِ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَاتِّبَاعِ ذِمَّةِ الْغَرِيمِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ أَشْخَصَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْإِعْذَارِ لِصَاحِبِهِ فَلَا دُخُولَ لِصَاحِبِهِ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ الْغَرِيمِ غَيْرُ مَا اقْتَضَاهُ الشَّاخِصُ.
(قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ تت مِنْ أَنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ الْإِشْخَاصِ وَالْإِعْذَارِ لِصَاحِبِهِ فَيَمْتَنِعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْغَرِيمَ إذَا كَانَ غَائِبًا فَخَرَجَ إلَيْهِ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْإِعْذَارِ لِصَاحِبِهِ وَامْتِنَاعِهِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَأَمَّا إنْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا سَوَاءٌ حَصَلَ إعْذَارٌ أَوَّلًا أَوْ كَانَ غَائِبًا وَأَشْخَصَ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ وَأَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْإِعْذَارِ فَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا وَأَوْلَى غَائِبًا وَأَعْذَرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ وَامْتَنَعَ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِيمَا اقْتَضَاهُ وَإِنْ خَرَجَ مِنْ غَيْرِ إعْذَارٍ كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا فَإِنَّهُ يَدْخُلُ مَعَهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ فَالْخِلَافُ فِي صُورَةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْغَرِيمُ حَاضِرًا وَأَعْذَرَ فِي الْخُرُوجِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ عَلَى كَلَامِ عج وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَيَدْخُلُ مَعَهُ عَلَى مَا قَالَهُ تت وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَكُونَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى يَشْخَصَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ كَدَيْنَيْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْكِتَابَيْنِ يُفَرِّقَانِ مَا كَانَ أَصْلُهُ مُجْتَمِعًا لِأَنَّهُ كَالْمُقَاسَمَةِ.
(قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَيْسَ مُشْتَرَكًا) أَيْ وَفِي الدَّيْنِ الَّذِي لَيْسَ أَصْلُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَبَاعَهُمَا مَعًا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ) أَيْ بَعْدَ تَقْوِيمِهِمَا لِلسِّلْعَتَيْنِ وَمَعْرِفَةِ قِيمَتِهِمَا وَاتِّفَاقِهِمَا عَلَى بَيْعِهِمَا صَفْقَةً وَأَنَّهُمَا يُوَزِّعَانِ الثَّمَنَ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ كُلٍّ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ مَا لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا ثَوْبٌ
(قَوْلَانِ) فِي دُخُولِ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فِيمَا قَبَضَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكَتَبَةَ الْوَاحِدَةَ تَجْمَعُ مَا كَانَ مُتَفَرِّقًا وَعَدَمُ الدُّخُولِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ الْجَمْعِ فَإِنْ بَاعَ كُلٌّ بِانْفِرَادِهِ أَوْ اخْتَلَفَ جِنْسُ الْمَبِيعِ أَوْ صِفَتُهُ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ أَوْ بَاعَ كُلٌّ سِلْعَتَهُ مُنْفَرِدَةً لَمْ يَدْخُلْ أَحَدُهُمَا فِيمَا قَبَضَهُ الْآخَرُ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا (وَلَا رُجُوعَ) لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فِيمَا قَبَضَهُ مِنْ الْغَرِيمِ (إنْ اخْتَارَ مَا عَلَى الْغَرِيمِ) مُسَلِّمًا لِصَاحِبِهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ (وَإِنْ هَلَكَ) الْغَرِيمُ أَوْ مَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ؛ لِأَنَّ اخْتِيَارَهُ مَا عَلَى الْغَرِيمِ كَالْمُقَاسَمَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَهَا (وَإِنْ صَالَحَ) أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي مِائَةٍ عَلَى غَرِيمٍ بِكِتَابَةٍ أَوْ لَا (عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ) أَيْ بَدَلَهَا وَقَبَضَا (فَلِلْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ (إسْلَامُهَا) أَيْ الْعَشَرَةِ الْمُصَالَحِ بِهَا لِلْمُصَالِحِ وَيَتْبَعُ غَرِيمَهُ بِخَمْسِينِهِ (أَوْ أَخَذَ خَمْسَةً مِنْ شَرِيكِهِ) الْمُصَالِحِ (وَيَرْجِعُ) عَلَى الْغَرِيمِ (بِخَمْسَةٍ وَأَرْبَعِينَ) تَمَامَ خَمْسِينِهِ (وَيَأْخُذُ الْآخَرُ) أَيْ الْمُصَالِحُ مِنْ الْغَرِيمِ (خَمْسَةً) أَيْ يَرْجِعُ بِهَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا بِمَثَابَةِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَهَذَا فِي الصُّلْحِ عَلَى إقْرَارٍ وَأَمَّا عَلَى إنْكَارٍ فَيَأْخُذُ شَرِيكُهُ مِنْ الْمُصَالِحِ خَمْسَةً مِنْ الْعَشَرَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَلَا لِشَرِيكِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْإِنْكَارِ لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُعَيَّنٌ يَرْجِعُ بِهِ
وَلَمَّا ذَكَرَ الصُّلْحَ الْمُعَجَّلَ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ بِمُؤَخَّرٍ وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ فَقَالَ (وَإِنْ صَالَحَ) مَنْ لَهُ حَقٌّ (بِمُؤَخَّرٍ) مِنْ جِنْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ (عَنْ مُسْتَهْلَكٍ) مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ (لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ إذْ بِاسْتِهْلَاكِ الشَّيْءِ لَزِمَتْ قِيمَتُهُ الْمُسْتَهْلِكَ فَأَخَذَ عَنْهَا مُؤَخَّرًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ إنَّمَا يَمْتَنِعُ فِي غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ فِي جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ فَإِنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ جَازَ كَمَا أَفَادَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ فِي قَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ يُصَالِحَهُ (بِدَرَاهِمَ) مُؤَخَّرَةٍ وَهِيَ (كَقِيمَتِهِ فَأَقَلَّ) فَيَجُوزُ إذْ حَاصِلُهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ وَهُوَ حَسَنٌ اقْتِضَاءً (أَوْ) عَلَى (ذَهَبٍ كَذَلِكَ) أَيْ قَدْرِ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ فَأَقَلَّ مُؤَخَّرًا وَلَوْ قَالَ إلَّا بِنَقْدٍ كَقِيمَتِهِ فَأَقَلَّ لَكَانَ أَخْصَرَ فَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ مُنِعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلِلْآخَرِ ثَوْبَانِ فَبَاعَهُمَا صَفْقَةً بِثَمَنٍ وَاحِدٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَإِنْ اخْتَلَفَ قَدْرُ مَا لِكُلٍّ مِنْ السِّلْعَتَيْنِ مِنْ الثَّمَنِ لِاخْتِلَافِهِمَا فِي الْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا دُخُولُ أَحَدِهِمَا مَعَ الْآخَرِ فِيمَا قَبَضَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اخْتَلَفَ إلَخْ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْمَدَارَ فِي مَوْضُوعِ الْخِلَافِ عَلَى بَيْعِهِمَا بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ سَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْجِنْسِ وَالصِّفَةِ أَوْ اخْتَلَفَا فِيهِمَا أَوْ فِي الْقَدْرِ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ كُتِبَ فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنُ) أَيْ أَوْ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ بِأَنْ بِيعَ الْعَبْدَانِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ لَكِنْ سَمَّى الْمُشْتَرِي لِهَذَا خَمْسِينَ وَلِلْآخِرِ أَرْبَعِينَ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ كُلَّ سِلْعَتِهِ مُنْفَرِدَةً) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِإِغْنَاءِ قَوْلِهِ فَلَوْ بَاعَ كُلًّا بِانْفِرَادِهِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَتَبَ مَا لِكُلٍّ فِي كِتَابٍ عَلَى حِدَةٍ أَوْ كَتَبَ مَا لَهُمَا فِي كِتَابٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ) أَيْ الَّذِي لَهُ الدُّخُولُ عَلَى شَرِيكِهِ فِيمَا اقْتَضَاهُ مِنْ الْغَرِيمِ فَلَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ وَاخْتَارَ اتِّبَاعَ الْغَرِيمِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ.
(قَوْلُهُ: فِي مِائَةٍ) أَصْلُهَا كَانَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا وَقَوْلُهُ بِكِتَابٍ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَكْتُوبَةً بِكِتَابٍ أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى إقْرَارٍ) أَيْ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا إذَا أَنْكَرَهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَامَتْ عَلَيْهِ بِهَا بَيِّنَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ رُجُوعِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بِالْخَمْسَةِ الْمَدْفُوعَةِ لِشَرِيكِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصُّلْحَ لِقَطْعِ النِّزَاعِ وَرُجُوعُهُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ فَتْحٌ لَبَاب النِّزَاعِ اهـ عَدَوِيٌّ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ عَدَمِ رُجُوعِ شَرِيكِهِ فِي الْغَرِيمِ نَحْوُهُ فِي عبق وخش وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّ شَرِيكَهُ لَمْ يُصَالِحْ فَالظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُطَالِبَ الْغَرِيمَ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُؤَدِّيَ أَوْ يُصَالِحَ اهـ بْن
. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ إلَّا عَنْ إقْرَارٍ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الصُّلْحَ عَنْ إنْكَارٍ إنَّمَا يَجُوزُ بِمُعَجَّلٍ لَا بِمُؤَجَّلٍ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا لِأَنَّ التَّأْخِيرَ سَلَفٌ وَالنَّفْعُ سُقُوطُ الْيَمِينِ الْمُنْقَلِبَةِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) يَعْنِي مَنْ اسْتَهْلَكَ لِرَجُلٍ شَيْئًا مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ الطَّعَامِ أَوْ الْحَيَوَانِ فَصَالَحَهُ عَلَى شَيْءٍ مُؤَخَّرٍ لَمْ يَجُزْ.
(قَوْلُهُ: مَنْ لَهُ حَقٌّ) أَيْ وَهُوَ صَاحِبُ الشَّيْءِ الْمُسْتَهْلَكِ فَإِنَّ لَهُ حَقًّا عِنْدَ الْمُسْتَهْلِكِ وَهُوَ قِيمَةُ شَيْئِهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ عَرَضٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ طَعَامٍ) تَبِعَ فِي ذِكْرِ الطَّعَامِ تت وَالشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ طفى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ وَلِأَنَّ الطَّعَامَ مِثْلِيٌّ يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِهْلَاكِهِ مِثْلُهُ وَأَخْذُ الْعَيْنِ عَنْهُ مُؤَجَّلَةً فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ.
وَأَجَابَ عج بِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الطَّعَامُ جُزَافًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُقَوَّمٌ فَإِذَا اسْتَهْلَكَ شَخْصٌ صُبْرَةً مِنْ الْقَمْحِ جُزَافًا لَزِمَهُ قِيمَتُهَا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِمُؤَجَّلٍ إلَّا إذَا كَانَ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا وَكَانَتْ قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَتْ قِيمَتُهُ الْمُسْتَهْلِكَ) أَيْ حَالَّةً.
(قَوْلُهُ: أَوْ فِي جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ) أَيْ وَأَمَّا فِي جِنْسِهِ بِمُسَاوٍ فَهُوَ نَفْسُهُ وَلَا فَسْخَ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ سَلِمَ) أَيْ الصُّلْحُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ) أَيْ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِبَاقِيهَا وَهُوَ حَسَنٌ اقْتِضَاءً وَلَيْسَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ الْمَمْنُوعِ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ
لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَلَوْ كَانَ بِدَرَاهِمَ أَوْ بِذَهَبٍ حَالَّيْنِ لَجَازَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ كَقِيمَتِهِ إلَخْ وَأَشَارَ لِشَرْطِ الْجَوَازِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُسْتَهْلَكُ لَا قِيمَتُهُ (مِمَّا يُبَاعُ بِهِ) أَيْ بِمَا صُولِحَ بِهِ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ ذَهَبًا فَصَالَحَ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسَهُ فَيَمْنَعُ التَّأْخِيرُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ وَعَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ طَعَامًا مَكِيلًا فَلَزِمَهُ مِثْلُهُ فَيُمْنَعُ أَنْ يَأْخُذَ عَنْهُ شَيْئًا مُؤَخَّرًا؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ بِخِلَافِ مِثْلِيٍّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مَجْهُولِ الْقَدْرِ فَتَلْزَمُ فِيهِ الْقِيمَةُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ (كَعَبْدٍ آبِقٍ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِيمَا قَبْلَهُ لَا تَمْثِيلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَهْلَكًا وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَنْ غَصَبَ عَبْدًا فَأَبَقَ مِنْ الْغَاصِبِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ لِرَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِعَرَضٍ مُؤَخَّرٍ وَلَا بِعَيْنٍ أَكْثَرَ مِنْهَا مُؤَخَّرَةٍ بِخِلَافِ قَدْرِهَا فَأَقَلَّ فَيَجُوزُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الْآبِقِ؛ لِأَنَّ الْغَاصِبَ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ بِالِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ كَمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا بِتَفْرِيطِهِ حَتَّى أَبَقَ أَوْ تَلِفَ
(وَإِنْ صَالَحَ) جَانٍ (بِشِقْصٍ) مِنْ عَقَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ (عَنْ مُوضِحَتَيْ عَمْدٍ وَخَطَإٍ) وَأَرَادَ شَرِيكُ الْجَانِي أَخْذَ الشِّقْصِ الْمُصَالَحِ بِهِ بِالشُّفْعَةِ وَقِيمَتُهُ عِشْرُونَ مَثَلًا (فَالشُّفْعَةُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الشِّقْصِ) وَهُوَ عَشْرَةٌ (وَبِدِيَةِ الْمُوضِحَةِ) الْخَطَأِ وَهِيَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ مِنْ قَاعِدَتِهِ فِيمَا أُخِذَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مُحَصِّلَهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِبَاقِيهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ فَالسَّلَفُ تَأْخِيرُ صَاحِبِ الْمُسْتَهْلَكِ لِلْمُصَالِحِ وَالْمَنْفَعَةُ الزِّيَادَةُ عَنْ الْقِيمَةِ وَفِيهِ أَيْضًا فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ لِأَنَّهُ فَسْخُ الْقِيمَةِ الْأَقَلِّ الْحَالَّةِ فِيمَا هُوَ أَكْثَرُ مِنْهَا لِأَجَلٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ قَوْلِهِ كَقِيمَتِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ قَدْرَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ جَوَازِ الصُّلْحِ عَنْ قِيمَةِ الْمُسْتَهْلَكِ بِالدَّرَاهِمِ الْمُؤَخَّرَةِ وَالذَّهَبِ إذَا كَانَا قَدْرَ الْقِيمَةِ فَأَقَلَّ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ مِمَّا يُبَاعُ بِمَا وَقَعَ بِهِ الصُّلْحُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَإِلَّا مُنِعَ.
(قَوْلُهُ: احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ ذَهَبًا إلَخْ) تَبِعَ فِي ذَلِكَ تت قَالَ طفى وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ إحَالَةٌ أَيْ تَغْيِيرٌ لِفَرْضِ الْمَسْأَلَةِ لِأَنَّهَا فِي الْمُقَوَّمَاتِ كَمَا عَلِمْت وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ يُبَاعُ بِالْوَرِقِ وَأَخَذَ ذَهَبًا مُؤَخَّرًا أَوْ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَرَادَ بِالذَّهَبِ الْحُلِيَّ الَّذِي هُوَ مُقَوَّمٌ فَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ التَّأْخِيرُ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ بَلْ يَجُوزُ بِدَرَاهِمَ مُؤَخَّرَةٍ فَفِيهَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ وَمَنْ غَصَبَ لِرَجُلٍ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهُمَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَعَلَيْهِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَعَمَّا لَوْ كَانَ الْمُسْتَهْلَكُ طَعَامًا) فِي جَعْلِ هَذَا مُحْتَرَزًا لِقَوْلِهِ وَهُوَ مِمَّا يُبَاعُ بِهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الطَّعَامَ الْمَكِيلَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالنَّقْدِ وَالْعَرَضِ حَالًّا وَلِأَجَلٍ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فَمَنْ اسْتَهْلَكَ صُبْرَةَ طَعَامٍ جُزَافًا لَزِمَهُ قِيمَتُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِمُؤَخَّرٍ إلَّا بِعَيْنِ قَدْرِهَا فَأَقَلَّ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ الصُّلْحِ عَنْهَا بِطَعَامٍ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ أَوْ بِعَرْضٍ نَقْدًا وَأَمَّا الصُّلْحُ عَنْهَا بِطَعَامٍ مِنْ جِنْسِهِ فَلَا يَجُوزُ جُزَافًا وَأَمَّا عَلَى كَيْلٍ لَا يَشُكُّ فِي أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ كَيْلِ الصُّبْرَةِ الْجُزَافِ فَلَا بَأْسَ بِهِ لِأَنَّ صَاحِبَ الْجُزَافِ أَخَذَ بَعْضَ حَقِّهِ وَسَامَحَ الْمُسْتَهْلِكُ بِالْكَسْرِ مِنْ الْبَاقِي اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ فِي الْمَنْعِ وَالْجَوَازِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِعَرَضٍ) أَيْ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا بِعَيْنٍ أَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَفَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ مُحَصِّلَهُ أَنَّهُ أَنْظَرَهُ بِالْقِيمَةِ أَوْ حَطَّ مِنْهَا وَأَنْظَرَهُ بِالْبَاقِي وَهُوَ حَسَنٌ اقْتِضَاءً.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ الْآبِقِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَالَحَ عَنْهُ قِيمَةُ الْعَبْدِ لَا نَفْسُ الْعَبْدِ حَتَّى يَكُونَ بَيْعًا لَهُ لِأَنَّ الصُّلْحَ عَلَى غَيْرِ الْمُدَّعَى بَيْعٌ فَإِنْ قُلْت جَعْلُ الْمُصَالَحِ عَنْهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الصُّلْحُ بِأَقَلَّ مِنْهَا لَا إنْ كَانَ بِقَدْرِهَا قُلْت لَمَّا كَانَ قَدْرُهَا مُؤَجَّلًا وَالْأَجَلُ لَهُ حِصَّةٌ صَارَ كَأَنَّهُ صُلْحٌ عَلَى بَعْضِ الْحَقِّ.
(قَوْلُهُ: بِالِاسْتِيلَاءِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَى الْمَغْصُوبِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ بَاقِيًا عِنْدَهُ أَوْ أَبَقَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا يَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَنَحْوُهُمَا) أَيْ كَالْمُودِعِ أَيْ كَمَا يَضْمَنُ مَنْ ذَكَرَ الْقِيمَةَ حَالًّا بِتَفْرِيطِهِ حَتَّى أَبَقَ أَوْ تَلِفَ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهَا بِمُؤَجَّلٍ إلَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُؤَجَّلُ عَيْنًا قَدْرَ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ وَكَانَ ذَلِكَ الْمُصَالَحُ عَنْ قِيمَتِهِ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعَيْنِ الْمُصَالَحِ بِهَا
(قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ بِشِقْصٍ إلَخْ) صُورَتُهَا شَخْصٌ أَوْضَحَ آخَرَ مُوضِحَتَيْنِ إحْدَاهُمَا صَدَرَتْ مِنْهُ عَمْدًا وَالْأُخْرَى خَطَأً ثُمَّ صَالَحَهُ عَنْ ذَلِكَ بِشِقْصٍ مِنْ عَقَارٍ فِيهِ الشُّفْعَةُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الصُّلْحِ عِشْرُونَ مَثَلًا فَأَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ الشِّقْصَ أَيْ الْجُزْءَ الْمُصَالَحَ بِهِ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ الشِّقْصَ يُقْسَمُ نِصْفَيْنِ نِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْعَمْدِ وَنِصْفٌ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ فَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ لِلْمَجْرُوحِ نِصْفَ قِيمَةِ الشِّقْصِ وَهُوَ عَشَرَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ فِي مُقَابَلَةِ الْعَمْدِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ مُقَدَّرٌ وَيَدْفَعُ لَهُ أَيْضًا دِيَةُ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ وَهُوَ نِصْفُ عُشْرِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَنَّ النِّصْفَ الثَّانِيَ مِنْ الشِّقْصِ فِي مُقَابَلَةِ الْمُوضِحَةِ الْخَطَأِ وَفِيهَا شَيْءٌ مُقَرَّرٌ.
(تَنْبِيهٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالصُّلْحِ عَلَى الْإِقْرَارِ