الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ بَلْ يُؤَدَّبُ صَاحِبُهُ وَيُتْرَكُ لَهُ أَيْ حَيْثُ يُؤْمَنُ أَنْ يَغُشَّ بِهِ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِ مِمَّنْ يُؤْمَنُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى) أَوْ وَرِثَ أَوْ وَهَبَ لَهُ (كَذَلِكَ) أَيْ مَغْشُوشًا فَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ وَلَا يَتَصَدَّقُ بِهِ بَلْ يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ يَبِيعُهُ مِمَّنْ لَا يَغُشُّ (إلَّا) الْمُشْتَرِي (الْعَالِمُ) بِغِشِّهِ (لِيَبِيعَهُ) لِمَنْ يَغُشُّ بِهِ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ رُدَّ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِفَوَاتِهِ أَوْ ذَهَابِ الْمُشْتَرِي فَفِي ثَمَنِهِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ الَّتِي قَدَّمَهَا الْمُصَنِّفُ فَالتَّصَدُّقُ بِهِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ أَوْ بَاعَهُ وَرُدَّ عِنْدَ عَدَمِ الْفَوَاتِ وَهَذَا الرَّدُّ هُوَ الْمُعَبِّرُ عَنْهُ بِالْفَسْخِ فِيمَا مَرَّ وَالتَّصَدُّقُ بِثَمَنِهِ فِيمَا إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْضَ جُزْئِيَّاتِ الْغِشِّ مُدْخِلًا مَا لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْتَ الْكَافِ بِقَوْلِهِ (كَبَلِّ الْخُمُرِ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ جَمْعُ خِمَارٍ بِكَسْرِهَا (بِالنَّشَاءِ) لِظُهُورِ صَفَاقَتِهَا وَمَزْجِ لَبَنٍ بِمَاءٍ وَسَمْنٍ بِغَيْرِهِ (وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ) لِإِيهَامِ جَوْدَةِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ قَالَ: وَخَلْطِ جَيِّدٍ بِرَدِيءٍ، كَانَ أَعَمَّ. وَمِنْهُ خَلْطُ لَحْمِ الذَّكَرِ بِلَحْمِ الْأُنْثَى وَلَحْمِ الضَّأْنِ بِلَحْمِ الْمَعْزِ (وَنَفْخِ اللَّحْمِ) بَعْدَ سَلْخِهِ كَمَا يُفِيدُهُ إضَافَةُ نَفْخٍ إلَى اللَّحْمِ فَلَيْسَ هَذَا قَيْدًا زَائِدًا عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ طَعْمَ اللَّحْمِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ سَمِينٌ بِخِلَافِ يَسِيرِ مَاءٍ بِلَبَنٍ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ أَوْ بِعَصِيرٍ لِيَتَعَجَّلَ تَخْلِيلَهُ وَنَفْخُ جِلْدِ اللَّحْمِ قَبْلَ سَلْخِهِ لِاحْتِيَاجِهِ لِذَلِكَ فَفِيهِ صَلَاحٌ وَمَنْفَعَةٌ
(عِلَّةُ) حُرْمَةِ (طَعَامِ الرِّبَا) أَيْ الطَّعَامُ الْمُخْتَصُّ بِالرِّبَا أَيْ رِبَا الْفَضْلِ يَعْنِي الرِّبَا فِي الطَّعَامِ (اقْتِيَاتٌ) أَيْ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِاسْتِعْمَالِهِ بِحَيْثُ لَا تَفْسُدُ عِنْدَ الِاقْتِصَارِ عَلَيْهِ وَفِي مَعْنَى الِاقْتِيَاتِ إصْلَاحُ الْقُوتِ كَمِلْحٍ وَتَابِلٍ (وَادِّخَارٌ) بِأَنْ لَا يَفْسُدَ بِتَأْخِيرِهِ إلَى الْأَمَدِ الْمُبْتَغَى مِنْهُ عَادَةً وَلَا حَدَّ لَهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ بَلْ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ (وَهَلْ) يُشْتَرَطُ مَعَ ذَلِكَ كَوْنُهُ مُتَّخِذًا (لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ) بِأَنْ يَكُونَ غَالِبُ اسْتِعْمَالِهِ اقْتِيَاتَ الْآدَمِيِّ بِالْفِعْلِ كَقَمْحٍ وَذُرَةٍ أَوْ أَنْ لَوْ اسْتَعْمَلَ كَلُوبِيَا أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (تَأْوِيلَانِ) وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ الْخِلَافِ فِي الْبَيْضِ وَالتِّينِ وَالْجَرَادِ وَالزَّيْتِ وَقَدْ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَيْضِ وَالزَّيْتِ عَلَى أَنَّهُمَا رِبَوِيَّانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ فَقَطْ، وَذَكَرَ فِي الْجَرَادِ الْخِلَافَ فِي رِبَوِيَّتِهِ بِنَاءً عَلَى الْخِلَافِ فِي الْعِلَّةِ وَذَكَرَ أَنَّ التِّينَ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَكَوْنُهُ مُتَّخِذًا لِلْعَيْشِ غَالِبًا، وَأَمَّا رِبَا النَّسَاءِ فَعِلَّتُهُ مُجَرَّدُ الطُّعْمِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّدَاوِي فَتَدْخُلُ الْفَاكِهَةُ وَالْخُضَرُ كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ، أَوْ بُقُولٌ كَخَسٍّ وَنَحْوِ ذَلِكَ
(كَحَبٍّ) مُرَادُهُ بِهِ بِالْبُرِّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ (وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ) وَهُوَ الْمَعْرُوفُ بِشَعِيرِ النَّبِيِّ (وَهِيَ) أَيْ الثَّلَاثَةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَكَسَرَهُ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ بِهِ، فَإِنَّهُ يُرَدُّ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ: لَا يَتَصَدَّقُ بِالْكَثِيرِ) أَيْ بِخِلَافِ الْقَلِيلِ، فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَنْهُ عَلَى مَا قَالَ الْحَطَّابُ وَقَالَ عج إنَّهُ يُطْرَحُ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: لِيَبِيعَهُ) أَيْ إذَا اشْتَرَاهُ لِيَبِيعَهُ مِمَّنْ يَغُشُّ بِهِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ أَحْدَثَ الْغِشَّ لِيَغُشَّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِ قَبْلَ بَيْعِهِ (قَوْلُهُ: فَالتَّصَدُّقُ بِهِ مَحْمُولٌ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّ بَيْنَ قَوْلِهِ هُنَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مُشْتَرِيهِ الْعَالِمِ بِغِشِّهِ لِيَغُشَّ بِهِ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَسْخُ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَغُشُّ بِهِ تَنَافٍ
[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]
دَرْسٌ فَصْلٌ عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ (قَوْلُهُ: حُرْمَةِ) إنَّمَا قَدَّرَ حُرْمَةَ دَفْعًا لِمَا يُقَالُ: إنَّ الذَّوَاتَ كَالطَّعَامِ لَا تُعَلَّلُ، وَإِنَّمَا تُعَلَّلُ الْأَحْكَامُ (قَوْلُهُ: أَيْ الطَّعَامُ الْمُخْتَصُّ بِالرِّبَا) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلِاخْتِصَاصِ فَوَرَدَ عَلَيْهِ أَنَّ الطَّعَامَ الرِّبَوِيَّ لَا يَتَّصِفُ بِالْحُرْمَةِ فَأَجَابَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ قَلْبًا، وَالْأَصْلُ: عِلَّةُ حُرْمَةِ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ أَوْ أَنَّ فِيهِ حَذْفَ مُضَافٍ ثَانٍ أَيْ عِلَّةُ حُرْمَةِ رِبَا الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ تَأَمَّلْ، وَالْمُرَادُ بِالْعِلَّةِ الْعَلَامَةُ لَا الْبَاعِثُ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَحِيلُ أَنْ يَبْعَثَ الْمَوْلَى أَمْرٌ مِنْ الْأُمُورِ عَلَى أَمْرٍ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرَادَ الْبَاعِثُ الَّذِي يَبْعَثُ الْمُكَلَّفَ عَلَى الِامْتِثَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ رِبَا الْفَضْلِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرِّبَا هُنَا رِبَا الْفَضْلِ، وَأَمَّا رِبَا النَّسَاءِ فَسَيَأْتِي أَنَّ عِلَّةَ حُرْمَتِهِ مُجَرَّدُ الطُّعْمِيَّةِ وُجِدَ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ أَوْ وُجِدَ الِاقْتِيَاتُ فَقَطْ أَوْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ وَحَكَى التَّادَلِيُّ حَدَّهُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ) أَيْ فَالْمَرْجِعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ وَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الِادِّخَارِ مُعْتَادًا فَلَا عِبْرَةَ بِادِّخَارِ الرُّمَّانِ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ لِأَنَّهُ نَادِرٌ (قَوْلُهُ: لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ) أَيْ لِلْعَيْشِ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنْ لَوْ اُسْتُعْمِلَ) أَيْ أَوْ يَكُونُ غَالِبًا اسْتِعْمَالُهُ اقْتِيَاتُ الْآدَمِيِّ أَنْ لَوْ اُسْتُعْمِلَ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ قَوْلُ الْقَاضِيَيْنِ وَتَأَوَّلَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَالثَّانِي تَأْوِيلُ ابْنِ رُشْدٍ وَالْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَتَدْخُلُ الْفَاكِهَةُ) أَيْ فَتَدْخُلُ الْفَاكِهَةُ وَمَا بَعْدَهَا فِي عِلَّةِ رِبَا النَّسَاءِ الْمَذْكُورَةِ اتَّحَدَ الْجِنْسُ أَوْ اخْتَلَفَ، وَلَوْ قَالَ: فَتَدْخُلُ أَيْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْفَاكِهَةِ وَمَا بَعْدَهَا أَيْ تَتَحَقَّقُ فِيهِمَا كَانَ أَوْلَى فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ) أَيْ وَلَيْمُونٍ وَنَارِنْجٍ (قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَنَحْوَ الْخَسِّ كَكُرَّاثٍ وَجَزَرٍ وَقُلْقَاسٍ وَكُرُنْبٍ
(قَوْلُهُ: الْبُرِّ) هُوَ الْقَمْحُ خَاصَّةً (قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ
(جِنْسٌ) وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا فَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا
(وَعَلَسٍ) قَرِيبٌ مِنْ خِلْقَةِ الْبُرِّ طَعَامُ أَهْلِ صَنْعَاءِ الْيَمَنِ (وَأُرْزٍ وَدُخْنٍ وَذُرَةٍ وَهِيَ) أَيْ الْأَرْبَعَةُ الْمَذْكُورَةُ (أَجْنَاسٌ) يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا مُنَاجَزَةً
(وَقُطْنِيَّةٍ) بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِهَا وَسُكُونِ الطَّاءِ وَكَسْرِ النُّونِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتِيَّةِ وَتَخْفِيفِهَا عَدَسٍ وَلُوبِيَا وَحِمَّصٍ وَتُرْمُسٍ وَفُولٍ وَجُلْبَانٍ وَبِسِيلَةٍ (وَمِنْهَا) أَيْ الْقُطْنِيَّةُ (كِرْسِنَّةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ قِيلَ قَرِيبَةٌ مِنْ الْبَسِيلَةِ وَقِيلَ هِيَ الْبَسِيلَةُ نَفْسُهَا وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الزَّكَاةِ أَنَّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ (وَهِيَ) هُنَا (أَجْنَاسٌ) يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا مُنَاجَزَةً.
(وَتَمْرٍ) بِرْنِيٍّ وَصَيْحَانِيٌّ وَغَيْرِهِمَا (وَزَبِيبٍ) أَحْمَرِهِ وَأَسْوَدُهُ وَصَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ (وَلَحْمِ طَيْرٍ) بَرِّيٍّ وَبَحْرِيٍّ إنْسِيٍّ وَوَحْشِيٍّ كَغِرْبَانٍ وَرَخْمٍ وَمِنْهُ النَّعَامُ (وَهُوَ) أَيْ لَحْمُ الطَّيْرِ بِأَنْوَاعِهِ (جِنْسٌ) وَاحِدٌ (وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) بِأَنْ طُبِخَ بِأَمْرَاقٍ مُخْتَلِفَةٍ بِأَبْزَارٍ أَمْ لَا وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ جِنْسًا وَاحِدًا وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَحْمٌ طُبِخَ بِأَبْزَارٍ إنَّمَا هُوَ فِي نَقْلِهِ عَنْ اللَّحْمِ النِّيءِ فَهُوَ غَيْرُ مَا هُنَا (كَدَوَابِّ الْمَاءِ) كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ حَتَّى آدَمَيْهِ وَتُرْسِهِ وَكَلْبِهِ وَخِنْزِيرِهِ
(وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ) إنْ كَانَ إنْسِيًّا كَإِبِلٍ وَغَنَمٍ بَلْ (وَإِنْ) كَانَ (وَحْشِيًّا) كَغَزَالٍ وَحِمَارِ وَحْشٍ وَبَقَرِهِ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ إنْ كَانَتْ مُبَاحَةً، فَإِنْ مُنِعَ أَوْ كُرِهَ أَكْلُهَا فَفِيهَا لَا بَأْسَ بِلَحْمِ الْأَنْعَامِ بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لَحْمُهَا أَيْ الْخَيْلِ وَبَهِيمَةِ غَيْرِ الْأَنْعَامِ، وَأَمَّا الْهِرُّ وَالثَّعْلَبُ وَالضَّبُعُ فَمَكْرُوهٌ بَيْعُ لَحْمِ الْأَنْعَامِ بِهَا لِاخْتِلَافِ الصَّحَابَةِ فِي أَكْلِهَا وَمَالِكٌ يَكْرَهُ أَكْلَهَا مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ انْتَهَى.
(وَالْجَرَادِ) جِنْسُ غَيْرِ الطَّيْرِ (و) لَيْسَ مُتَّفِقًا عَلَى رِبَوِيَّتِهِ بَلْ (فِي رِبَوِيَّتِهِ خِلَافٌ) وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ
(وَفِي جِنْسِيَّةِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ) كَلَحْمِ طَيْرٍ وَبَقَرٍ فِي إنَاءَيْنِ أَوْ إنَاءِ بِأَبْزَارٍ نَاقِلَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَيَصِيرَانِ بِالطَّبْخِ بِهَا جِنْسًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِسَلَامَتِهِ مِمَّا أُورِدَ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْحَبَّ فَيَشْمَلُ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ وَالسُّلْتَ وَغَيْرَهَا فَكَيْفَ يَقُولُ وَهِيَ جِنْسٌ (قَوْلُهُ: جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَتِلْمِيذِهِ عَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ حَيْثُ قَالَا: إنَّ الثَّلَاثَةَ الْمَذْكُورَةَ أَجْنَاسٌ فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيمَا بَيْنَهُمَا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى سَبِيلِ الْمُنَاجَزَةِ (قَوْلُهُ: لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهَا) أَيْ فِي الْقُوتِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضِ مُتَفَاضِلًا) وَلَوْ مُنَاجَزَةً وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَلَّ التَّفَاضُلُ جِدًّا كَبَيْعِ حَبَّةٍ بِحَبَّتَيْنِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَاعْلَمْ أَنَّ نُخَالَةَ الْقَمْحِ مِثْلُهُ بِخِلَافِ نُخَالَةِ الشَّعِيرِ فَإِنَّهَا كَالتِّبْنِ
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا) أَيْ وَيَحْرُمُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضِ لِأَجَلٍ اتَّفَقَ الْقَدْرُ أَوْ اخْتَلَفَ لِلنَّسَاءِ
(قَوْلُهُ: وَقُطْنِيَّةٍ) هِيَ كُلُّ مَا لَهُ غِلَافٌ مِنْ الْحُبُوبِ وَهُوَ الْأَصْنَافُ السَّبْعَةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: أَنَّهَا) أَيْ الْقُطْنِيَّةُ (قَوْلُهُ: يَضُمُّ بَعْضَهَا لِبَعْضِ) أَيْ لِأَجَلِ تَكْمِيلِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ هُنَا أَجْنَاسٌ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ: إنَّهَا هُنَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَالزَّكَاةِ
(قَوْلُهُ: وَتَمْرٍ) أَيْ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ كَبِرْنِيٍّ وَصَيْحَانِيٍّ وَعَجْوَةٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّبِيبِ (قَوْلُهُ: وَبَحْرِيٍّ) الْمُرَادُ بِالطَّيْرِ الْبَحْرِيِّ الطَّيْرُ الَّذِي يَأْلَفُ الْبَحْرَ كَالْغَطَّاسِ، فَإِنَّهُ يَغْطِسُ فِي الْبَحْرِ وَيَخْرُجُ مِنْهُ بِالسَّمَكِ فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الطَّيْرِ الْبَرِّيِّ، وَأَمَّا الَّذِي فِي دَاخِلِ الْمَاءِ وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ دَوَابِّ الْمَاءِ وَلَا يَصِحُّ إدْخَالُهُ هُنَا اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) لَا مَحَلَّ لِهَذَا هُنَا وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ ذَوَاتِ اللُّحُومِ وَيَقُولُ وَالْمَطْبُوخُ مِنْ جِنْسِ جِنْسٍ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ) أَيْ طَبْخُهُ بِالْأَبْزَارِ (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ فِي نَقْلِهِ عَنْ اللَّحْمِ) حَاصِلُ كَلَامِهِ هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي أَنَّ الطَّبْخَ بِالْأَبْزَارِ إنَّمَا يَنْقُلُ اللَّحْمَ الْمَطْبُوخَ عَنْ النِّيءِ فَيَصِيرُ الْمَطْبُوخُ بِالْأَبْزَارِ جِنْسًا وَالنِّيءِ جِنْسًا آخَرَ يَجُوزُ فِيهِمَا التَّفَاضُلُ يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا اللَّحْمُ الْمَطْبُوخُ مِنْ جِنْسٍ كَالطَّيْرِ فَكُلُّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ وَمَا طُبِخَ بِغَيْرِهَا كَمَا أَنَّ النِّيءَ وَالْمَطْبُوخَ بِغَيْرِ إبْرَازٍ جِنْسٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: كَدَوَابِّ الْمَاءِ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَهِيَ جِنْسٌ وَقَوْلُهُ: وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ أَيْ وَكَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ جِنْسٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ: حَتَّى آدَمَيْهِ) وَأَوْلَى السَّمَكُ الْمُمَلَّحُ كَالْفَسِيخِ فَتَمْلِيحُ السَّمَكِ لَا يَصِيرُهُ جِنْسًا غَيْرَ جِنْسِ السَّمَكِ وَالْبَطَارِخُ فِي حُكْمِ الْمُودِعِ فِي السَّمَكِ وَلَيْسَ مِنْ جِنْسِهِ فَيُبَاعُ مُنْفَرِدًا عَنْ السَّمَكِ بِالسَّمَكِ مُتَفَاضِلًا كَمَا يُبَاعُ لَحْمُ الطَّيْرِ بِبَيْضِهِ مُتَفَاضِلًا، كَذَا فِي عبق
(قَوْلُهُ: وَذَوَاتُ الْأَرْبَعِ) أَيْ كُلُّهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ فَيَحْرُمُ بَيْعُ لَحْمِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: بِالْخَيْلِ وَسَائِرِ الدَّوَابِّ) أَيْ كَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ يَعْنِي الْحَيَّةَ (قَوْلُهُ: وَبَهِيمَةِ غَيْرِ الْأَنْعَامِ) مُرَادُهُ بِهَا الْبِغَالُ وَالْحَمِيرُ (قَوْلُهُ: فَمَكْرُوهٌ بَيْعُ لَحْمِ الْأَنْعَامِ بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حَيَّةً أَوْ مَذْبُوحَةً وَالتَّفَاضُلُ بَيْنَ لَحْمِ الْمُبَاحِ وَلَحْمِ الْمَكْرُوهِ مَكْرُوهٌ فَقَطْ كَمَا فِي المج
(قَوْلُهُ: خِلَافُ) الْأَوَّلِ قَالَ سَنَدٌ وَالْجَلَّابُ هُوَ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي قَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَدْ شُهِرَ وَلَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي حُرْمَةِ رِبَا الْفَضْلِ فِي الطَّعَامِ الِاقْتِيَاتُ وَالِادِّخَارُ وَلَا يُشْتَرَطُ الِاقْتِيَاتُ غَلَبَةً
(قَوْلُهُ: نَاقِلَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ نَاقِلَةٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَطْبُوخَيْنِ عَنْ النِّيءِ
يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ فَلَا يَحْرُمُ (قَوْلَانِ) رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا فَالْأَوْلَى خِلَافٌ، وَأَمَّا إنْ طُبِخَ أَحَدُهُمَا بِأَبْزَارٍ فَقَطْ أَوْ كُلٌّ بِلَا أَبْزَارٍ فَهُمَا جِنْسَانِ اتِّفَاقًا
(وَالْمَرَقُ) كَاللَّحْمِ فَيُبَاعُ بِمَرَقٍ مِثْلُهُ وَبِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ وَبِمَرَقٍ وَلَحْمٍ كَهُمَا بِمِثْلِهِمَا مُتَمَاثِلًا فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ
(وَالْعَظْمُ) الْمُخْتَلِطُ بِاللَّحْمِ كَاللَّحْمِ بِمَنْزِلَةِ نَوَى التَّمْرِ حَيْثُ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ أَوْ انْفَصَلَ وَكَانَ يُؤْكَلُ كَالْقَرْقُوشِ وَإِلَّا فَيُبَاعُ بِاللَّحْمِ مُتَفَاضِلًا كَالنَّوَى بِالتَّمْرِ
(وَالْجِلْدُ كَهُوَ) أَيْ كَاللَّحْمِ فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِمِثْلِهَا تَحَرِّيًا وَلَا يُسْتَثْنَى الْجِلْدُ؛ لِأَنَّهُ لَحْمٌ بِخِلَافِ الصُّوفِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِثْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ عَرْضٌ مَعَ طَعَامٍ وَالْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ كَالْعَرْضِ فِيمَا يَظْهَرُ
(وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ) إذَا بِيعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بَيْضُ دَجَاجٍ أَيْ لَا يَصِحُّ الْبَيْعُ إلَّا بِشَرْطِ اسْتِثْنَائِهِ لِئَلَّا يَلْزَمَ فِي الْأَوَّلِ بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ وَفِي الثَّانِي بَيْعُ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ
(وَذُو زَيْتٍ) أَيْ أَصْنَافٌ وَيَعْلَمُ مِنْهَا أَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ (كَفُجْلٍ) أَيْ بِزْرِ الْفُجْلِ الْأَحْمَرِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ الزَّيْتُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ سَلْجَمٌ وَجُلْجُلَانُ وَقُرْطُمٌ وَزَيْتُونٌ وَبِزْرُ الْكَتَّانِ أَوْلَى بِالدُّخُولِ مِنْ السَّلْجَمِ عَلَى التَّحْقِيقِ (وَالزُّيُوتُ أَصْنَافٌ) أَيْ أَجْنَاسٌ كَأُصُولِهَا (كَالْعُسُولِ) الْمُخْتَلِفَةِ مِنْ قَصَبٍ وَنَحْلٍ وَرُطَبٍ وَعِنَبٍ فَإِنَّهَا أَصْنَافٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا مُنَاجَزَةً (لَا الْخُلُولِ) فَلَيْسَتْ بِأَصْنَافٍ بَلْ كُلُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهَا شَيْءٌ وَاحِدٌ وَهُوَ الْحُمُوضَةُ
(و) لَا (الْأَنْبِذَةِ) فَإِنَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَغَى مِنْهَا الشُّرْبُ وَالْخُلُولُ مَعَ الْأَنْبِذَةِ جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ مُقَابِلُهُ أَظْهَرَ
(وَالْأَخْبَازِ) جَمِيعُهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ (وَلَوْ) كَانَ (بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً) كَفُولٍ وَعَدَسٍ (إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ) ، فَإِنَّهُ يَصِيرُ بِهَا جِنْسًا مُنْفَرِدًا يُبَاعُ بِالْخُبْزِ مُتَفَاضِلًا مُنَاجَزَةً وَالْمُرَادُ جِنْسُ الْأَبْزَارِ فَيَصْدُقُ بِالْوَاحِدِ.
(وَبَيْضٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى حَبٍّ أَيْ فَهُوَ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَجَمِيعُهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ نَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ الْمَازِرِيُّ فَتَتَحَرَّى الْمُسَاوَاةُ، وَإِنْ اقْتَضَى التَّحَرِّي مُسَاوَاةَ بَيْضَةٍ بِبَيْضَتَيْنِ.
(وَسُكَّرٍ) رِبَوِيٍّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: رَجَحَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ لِأَنَّ الْأَوَّلَ قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ وَالثَّانِي اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ اهـ بْن قَالَ شَيْخُنَا وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ رَجَحَ إلَّا أَنَّ الظَّاهِرَ الثَّانِي وَهُوَ بَقَاءُ الْجِنْسَيْنِ عَلَى حَالِهِمَا.
(قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى خِلَافٌ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ جَارِيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ مِنْ أَنَّهُ يُعَبَّرُ بِالْقَوْلَيْنِ عِنْدَ عَدَمِ التَّشْهِيرِ لَهُمَا وبِالْخِلَافِ عِنْدَ التَّشْهِيرِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا
(قَوْلُهُ: كَهُمَا) أَيْ كَمَا يُبَاعُ لَحْمٌ وَمَرَقٌ بِمِثْلِهِمَا أَيْ بِلَحْمٍ وَمَرَقٍ (قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ) أَيْ وَهِيَ بَيْعُ مَرَقٍ بِمَرَقٍ وَبَيْعُ مَرَقٍ بِلَحْمٍ وَبَيْعُ مَرَقٍ بِمَرَقٍ وَلَحْمٍ وَبَيْعُ مَرَقٍ وَلَحْمٍ بِمَرَقٍ وَلَحْمٍ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّمَاثُلِ فِي الْقَدْرِ فِي الْجَمِيعِ وَإِلَّا مُنِعَ الْبَيْعُ
(قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَنْفَصِلْ) أَيْ الْعَظْمُ عَنْ اللَّحْمِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَيُبَاعُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْفَصَلَ عَنْ اللَّحْمِ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَظْمُ لَا يُؤْكَلُ
(قَوْلُهُ: فَتُبَاعُ شَاةٌ مَذْبُوحَةٌ بِمِثْلِهَا) أَيْ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ، وَأَمَّا بَيْعُ الشَّاةِ الْحَيَّةِ؛ بِشَاةٍ أُخْرَى حَيَّةٌ فَيَجُوزُ مِنْ غَيْرِ اسْتِثْنَاءٍ، وَأَمَّا بَيْعُ الْحَيَّةِ بِالْمَذْبُوحَةِ فَهُوَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِالْحَيَوَانِ وَسَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: بِمِثْلِهَا تَحَرِّيًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا بِالتَّحَرِّي وَالتَّخْمِينِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ عَرَضٌ مَعَ طَعَامٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ عَرَضٍ مَعَ طَعَامٍ بِعَرَضٍ مَعَ طَعَامٍ لِأَنَّ الْعَرَضَ مَعَ الطَّعَامِ يُقَدَّرُ طَعَامًا فَيَأْتِي الشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: كَالْعَرَضِ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِاللَّحْمِ نَقْدًا وَلِأَجَلٍ
(قَوْلُهُ: وَذُو زَيْتٍ) مُبْتَدَأٌ وَالزُّيُوتُ عُطِفَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: أَصْنَافٌ خَبَرٌ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ: أَيْ أَصْنَافٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا مُنَاجَزَةً (قَوْلُهُ: عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ كَزَيْتِهِ غَيْرُ رِبَوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَلُ وَأَكْلُهُ عُرْفٌ طَارِئٌ (قَوْلُهُ: أَيْ أَجْنَاسٌ) فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا مُنَاجَزَةً (قَوْلُهُ: لَا الْخُلُولِ) بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى الْعُسُولِ، وَالْأَنْبِذَةِ وَالْأَخْبَازِ عُطِفَ عَلَى الْخُلُولِ
(قَوْلُهُ: وَالْأَنْبِذَةِ) كَمَاءِ الزَّبِيبِ وَالتِّينِ وَالْخَرُّوبِ وَالْعِرْقِ سَوْسٍ وَالتَّمْرِ وَالْمِشْمِشِ وَالْقُرَّاصِيَّةِ (قَوْلُهُ: جِنْسٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا النَّبِيذُ مَعَ أَصْلِهِ كَالتَّمْرِ فَلَا يَجُوزُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ رُطَبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ، وَأَمَّا بَيْعُ الْخَلِّ بِالتَّمْرِ فَيَجُوزُ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَنَصُّهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ النَّبِيذُ لَا يَصِحُّ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ؛ لِأَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ بَعِيدٌ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ تَقْرُبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَهَذَا أَظْهَرُ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّبِيذَ وَاسِطَةٌ بَيْنَ التَّمْرِ وَالْخَلِّ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ مُطْلَقًا، وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَلِّ إذَا تَمَاثَلَا قَدْرًا، وَأَمَّا التَّمْرُ بِالْخَلِّ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا، وَلَوْ مَعَ تَفَاضُلِ أَحَدِهِمَا
(قَوْلُهُ: إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ) أَيْ مِثْلُ مَحْلَبٍ وَسِمْسِمٍ وَشَيْبَةٍ وَكَافُورَةٍ وَأَوْلَى مِنْ الْأَبْزَارِ مَا إذَا كَانَ بِدُهْنٍ كَسَمْنٍ أَوْ زَيْتٍ كَالْفَطِيرِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ مَا كَانَ بِأَبْزَارٍ مِنْ الْكَعْكِ صِنْفٌ وَمَا كَانَ بِدُهْنٍ مِنْهُ صِنْفٌ آخَرُ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: فَهُوَ رِبَوِيٌّ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ عِلَّةَ الرِّبَا فِي الطَّعَامِ الِاقْتِيَاتُ
وَكُلُّهُ صِنْفٌ (وَعَسَلٍ) رِبَوِيٍّ وَفِيهِ نَوْعُ تَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ كَالْعُسُولِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَصْنَافًا إلَّا وَهِيَ رِبَوِيَّةٌ لَكِنْ لَمَّا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِي رِبَوِيَّتِهِ صَرَّحَ بِهِ هُنَا وَالسُّكَّرُ وَالْعَسَلُ صِنْفَانِ
(وَمُطْلَقِ لَبَنٍ) رِبَوِيٍّ وَهُوَ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمِ حَلِيبِ وَمَخِيضٍ وَمَضْرُوبٍ وَمِنْهُ اللِّبَأُ وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ وَقْتَ الْوِلَادَةِ.
(وَحُلْبَةٌ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَاللَّامِ وَتُسَكَّنُ تَخْفِيفًا رِبَوِيَّةٍ (وَهَلْ إنْ اخْضَرَّتْ) أَوْ وَلَوْ يَابِسَةً (تَرَدُّدٌ) هَذَا ظَاهِرُهُ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ إذْ النَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهَا طَعَامٌ وَعَنْ ابْنِ حَبِيبٍ دَوَاءٌ وَلَيْسَتْ بِطَعَامٍ وَقِيلَ الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ وَاخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فَبَعْضُهُمْ أَبْقَى الْأَقْوَالَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَعَلَيْهِ فَالرَّاجِحُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَبَعْضُهُمْ رَدَّهَا لِقَوْلٍ وَاحِدٍ بِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى الْخَضْرَاءِ وَابْنِ حَبِيبٍ عَلَى الْيَابِسَةِ فَعُلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً قَطْعًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي أَنَّهَا طَعَامٌ يَحْرُمُ فِيهَا النَّسَاءُ أَوْ لَا فَلَا
(وَمُصْلِحُهُ) أَيْ مُصْلِحُ الطَّعَامِ وَهُوَ مَا لَا يَتِمُّ الِانْتِفَاعُ بِالطَّعَامِ إلَّا بِهِ رِبَوِيٌّ وَمَثَّلَهُ بِقَوْلِهِ (كَمِلْحٍ وَبَصَلٍ وَثُومٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مَضْمُومَةٍ (وَتَابِلٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِهَا وَقَدْ تُهْمَزُ وَمِثْلُهُ بِقَوْلِهِ (كَفُلْفُلٍ) بِضَمِّ الْفَاءَيْنِ (وَكُزْبَرَةٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَبِزَايٍ وَقَدْ تُبَدَّلُ سِينًا وَضَمِّ الْبَاءِ وَقَدْ تُفْتَحُ (وَكَرَوْيَا) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفِي لُغَةٍ عَلَى وَزْنِ زَكَرِيَّا وَأُخْرَى كَتَيْمِيَا (وَآنِيسُونَ وَشَمَارٍ وَكَمُّونَيْنِ) أَبْيَضُ وَأَسْوَدُ (وَهِيَ) أَيْ الْمَذْكُورَاتُ (أَجْنَاسٌ لَا خَرْدَلٌ) فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ
(وَزَعْفَرَانٍ) لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ
(وَخُضَرٍ) كَخَسٍّ (وَدَوَاءٍ) كَصَبْرٍ (وَتِينٍ) ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ
(وَمَوْزٍ) لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ (وَفَاكِهَةٍ) كَتُفَّاحٍ إذَا لَمْ تُدَّخَرْ بَلْ (وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ) كَالتُّفَّاحِ وَالْكُمَّثْرَى بِدِمَشْقَ (وَكَبُنْدُقٍ) وَفُسْتُقٍ بِضَمِّ الْفَاءِ مَعَ فَتْحِ التَّاءِ أَوْ ضَمِّهَا وَجَوْزٍ، وَلَوْزٍ مِمَّا يُدَّخَرُ وَلَا يُقْتَاتُ فَلَيْسَ بِرِبَوِيٍّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالِادِّخَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الِاقْتِيَاتُ غَالِبًا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَكُلُّهُ صِنْفٌ) أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبِتْعِ مِنْهُ وَالْمُكَرَّرِ وَالْعَوَامِّ وَالنَّبَاتِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ صِنْفٍ مِنْهَا بِآخَرَ مُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَكُونُ أَصْنَافًا إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: لَا نُسَلِّمُ التَّكْرَارَ؛ لِأَنَّهُ فِيمَا تَقَدَّمَ حَكَمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا أَصْنَافٌ وَهُنَا حَكَمَ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ وَالْحُكْمَانِ مُتَغَايِرَانِ (قَوْلُهُ: لَمَّا لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا) أَيْ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَصْنَافٌ (قَوْلُهُ: صِنْفَانِ) أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْعَسَلِ بِالسُّكَّرِ مُتَفَاضِلًا وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ رَطْبٍ بِيَابِسٍ الْمَمْنُوعُ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَيَجُوزُ بَيْعُ السُّكَّرِ بِالْقَصَبِ وَبِمَائِهِ قَبْلَ طَبْخِهِ وَبِرَبِّهِ وَهُوَ مَاؤُهُ الْمَطْبُوخُ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقَصَبِ بِعَسَلِهِ وَلَا بِرَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ رَبُّهُ أَبْزَارًا
(قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّبَنِ
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْخَضْرَاءُ طَعَامٌ) أَيْ وَالْيَابِسَةُ دَوَاءٌ وَهَذَا قَوْلُ أَصْبَغَ (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهَا إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ هُنَا كَظَاهِرِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي أَنَّ التَّرَدُّدَ فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً أَمْ لَا وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِمَا ذَكَرَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ هَذَا خِلَافَ النَّقْلِ وَاعْتَرَضَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ عَلَى الْمُصَنِّفِ هُنَا بِمِثْلِ اعْتِرَاضِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَأَجَابَ عج بِأَنَّ كَلَامَ الْجُزُولِيِّ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ يَدُلُّ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَالْمُصَنِّفِ مِنْ كَوْنِهَا طَعَامًا قَطْعًا وَالْخِلَافُ فِي رِبَوِيَّتِهَا وَعَدَمِ رِبَوِيَّتِهَا أَيْ فِي كَوْنِهَا يَدْخُلُهَا رِبَا الْفَضْلِ أَوْ لَا يَدْخُلُهَا وَقَالَ ح بَعْدَ مَا ذُكِرَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الْخِلَافُ فِي كَوْنِهَا رِبَوِيَّةً أَمْ لَا وَذَكَرَ كَلَامَهُ فَانْظُرْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ اعْتَمَدَ ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: لَيْسَتْ رِبَوِيَّةً قَطْعًا) أَيْ لَا يَدْخُلُهَا رِبَا الْفَضْلِ قَطْعًا بَلْ يَجُوزُ فِيهَا التَّفَاضُلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَيْسَتْ بِطَعَامٍ فَلَا يَحْرُمُ فِيهَا رِبَا النَّسَاءِ
(قَوْلُهُ: كَفُلْفُلٍ) أَيْ وَزَنْجَبِيلٍ (قَوْلُهُ: وَهِيَ أَجْنَاسٌ) الضَّمِيرُ لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمِلْحِ وَالتَّوَابِلِ أَيْ فَيَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهَا أَجْنَاسٌ هُوَ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْبَاجِيَّ وَنَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الشَّمَارَ وَالْأَنِيسُونَ جِنْسٌ وَالْكَمُّونَيْنِ جِنْسٌ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: بَلْ وَلَا طَعَامَ) أَيْ فَلَا يَدْخُلُهُ لَا رِبَا الْفَضْلِ وَلَا رِبَا النَّسَاءِ
(قَوْلُهُ: كَخَسٍّ) أَيْ وَقُلْقَاسٍ وَسَلْقٍ وَبَاذِنْجَانٍ وَبَامِيَةٍ وَمُلُوخِيَّةٍ وَبِطِّيخٍ وَقِثَّاءٍ وَخِيَارٍ (قَوْلُهُ: وَدَوَاءٍ) لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْأَشْرِبَةُ كَشَرَابِ الْوَرْدِ وَالْبَنَفْسَجِ وَالْحُمَاضِ وَشَرَابِ الْجَلَّابِ مَثَلًا؛ لِأَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ وَهِيَ جِنْسٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا مُتَقَارِبَةٌ فَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَصَبْرٍ) أَيْ وَمُرٍّ وَلِبَانٍ وَمَحْلَبٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْعَقَاقِيرِ الْعِطْرِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ) لِأَنَّهُ يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ، وَإِنْ لَمْ يُتَّخَذْ لِلْعَيْشِ غَالِبًا
(قَوْلُهُ: وَفَاكِهَةٍ) أَيْ مَا عَدَا الْعِنَبَ، فَإِنَّهُ رِبَوِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَتَزَبَّبُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ خِلَافًا لخش (قَوْلُهُ: وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ رِبَوِيَّةِ مَا اُدُّخِرَ بِقُطْرٍ (قَوْلُهُ: وَالْكُمَّثْرَى) أَيْ وَكَذَلِكَ الرُّمَّانُ وَالْمِشْمِشُ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْفَاءِ إلَخْ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: فُسْتُقٌ كَقُنْفُذٍ وَجُحْدُبٍ مَعْرُوفٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا يُدَّخَرُ وَلَا يُقْتَاتُ) فِيهِ أَنَّ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ وَالْبُنْدُقَ وَالْفُسْتُقَ يُقْتَاتُ وَيُدَّخَرُ فَالْحَقُّ أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَعْتَبِرُ الِاقْتِيَاتَ أَنْ يَكُونَ غَالِبًا، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِ ذَلِكَ فَهِيَ رِبَوِيَّةٌ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ امْتِنَاعُ التَّفَاضُلِ فِيهَا وَظَاهِرُ الْبَاجِيَّ اعْتِمَادُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ:)
لِتَرَكُّبِ الْعِلَّةِ مِنْهُمَا
(وَبَلَحٍ إنْ صَغُرَ) بِأَنْ انْعَقَدَ؛ لِأَنَّهُ يُرَادُ لِلْعَلَفِ لَا لِلْأَكْلِ فَأَحْرَى الْإِغْرِيضُ وَالطَّلْعُ، وَأَمَّا الزَّهْوُ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ بُسْرٍ فَرُطَبٍ فَتَمْرٍ فَطَعَامٌ رِبَوِيٌّ وَهُوَ مَفْهُومُ صَغُرَ
(وَمَاءٌ) عَذْبٍ أَوْ مَالِحٍ لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ بَلْ وَلَا طَعَامٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ، وَالْعَذْبُ جِنْسٌ وَالْمَالِحُ جِنْسٌ وَفَائِدَةُ اخْتِلَافِ الْجِنْسِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ (وَيَجُوزُ) بَيْعُهُ (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) ، وَكَذَا بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ لَا إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْأَقَلَّ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً كَأَنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْأَكْثَرَ عَلَى ظَاهِرِهَا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَكُونُ بِهِ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ جِنْسَيْنِ وَمَا لَا يَكُونُ فَمِنْ الثَّانِي قَوْلُهُ (وَالطَّحْنُ) لِلْحَبِّ (وَالْعَجْنُ) لِلدَّقِيقِ (وَالصَّلْقُ) لِشَيْءٍ مِنْ الْحُبُوبِ (إلَّا التُّرْمُسَ وَالتَّنْبِيذَ) لِتَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ (لَا يُنْقَلُ) كُلٌّ مِنْهَا عَنْ أَصْلِهِ فَالدَّقِيقُ لَيْسَ جِنْسًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّهُ تَفْرِيقُ أَجْزَاءٍ وَالْعَجِينُ مَعَ الدَّقِيقِ أَوْ الْقَمْحِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَالْمَصْلُوقُ مَعَ غَيْرِهِ جِنْسٌ لَكِنْ لَا يُبَاعُ مَصْلُوقٌ بِمِثْلِهِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ، وَلَا بِيَابِسٍ لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ، وَكَذَا التَّنْبِيذُ لَا يُنْقَلُ عَنْ أَصْلِهِ، وَكَذَا عَصِيرُ الْعِنَبِ مَعَ الْعِنَبِ، وَأَمَّا التُّرْمُسُ فَصَلْقُهُ يَنْقُلُهُ عَنْ أَصْلِهِ لِطُولِ أَمَدِهِ وَتَكَلُّفِ مُؤْنَتِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ نَقْعِهِ فِي الْمَاءِ حَتَّى يَحْلُوَ وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ خَلِّهِ) يَعْنِي تَخْلِيلَ النَّبِيذِ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْ أَصْلِ النَّبِيذِ لَا عَنْ النَّبِيذِ إذْ الْخَلُّ وَالنَّبِيذُ جِنْسٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (و) طُبِخَ بِخِلَافِ (طَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ) ، فَإِنَّهُ يُنْقَلُ عَنْ النِّيءِ وَعَنْ الْمَطْبُوخِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِتَرَكُّبِ الْعِلَّةِ مِنْهُمَا) أَيْ لِتَرَكُّبِ عِلَّةِ الرِّبَا مِنْ أَمْرَيْنِ وَقَدْ انْتَفَى أَحَدُهُمَا فِيمَا ذَكَرَ فَتَكُونُ الْعِلَّةُ غَيْرَ مَوْجُودَةٍ فِيهِ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ
(قَوْلُهُ: بِأَنْ انْعَقَدَ) أَيْ وَلَمْ يَبْلُغْ حَدَّ الرَّامِخِ وَهُوَ الصَّغِيرُ جِدًّا (قَوْلُهُ: فَأَحْرَى الْإِغْرِيضُ وَالطَّلْعُ) الْحَاصِلُ أَنَّ مَرَاتِبَ الْبَلَحِ سَبْعَةٌ طَلْعٌ فَإِغْرِيضٌ فَبَلَحٌ صَغِيرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالنِّينِي فَبَلَحٌ كَبِيرٌ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالزَّهْوِ فَبُسْرٌ فَرُطَبٌ فَتَمْرٌ وَيَجْمَعُهَا قَوْلُك طَابَ زَبَرْتُ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْجُمْلَةُ تِسْعَةٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ صُورَةً وَالْبَاقِي مِنْ غَيْرِ تَكْرَارٍ بِمَا فِيهِ عِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ الطَّلْعِ بِمِثْلِهِ وَبِالسِّتَّةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْإِغْرِيضِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِمِثْلِهِ وَبِالْأَرْبَعَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْكَبِيرِ بِمِثْلِهِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبُسْرِ بِمِثْلِهِ وَالِاثْنَيْنِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الرُّطَبِ بِمِثْلِهِ وَبِالتَّمْرِ وَبَيْعُ التَّمْرِ بِالتَّمْرِ وَالْجَائِزُ مِنْ هَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ كُلٍّ بِمِثْلِهِ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَالْمُنَاجَزَةِ فِي الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ، وَأَمَّا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ فَالْجَوَازُ، وَلَوْ مَعَ التَّفَاضُلِ، وَلَوْ مَعَ عَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ وَبَيْعُ الطَّلْعِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ السِّتَّةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْإِغْرِيضِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَمْسَةِ بَعْدَهُ وَبَيْعُ الْبَلَحِ الصَّغِيرِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعِ بَعْدَهُ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا، وَلَوْ لِأَجْلِ إنْ كَانَ الْبَيْعُ عَلَى شَرْطِ الْجُذَاذِ أَوْ مَجْذُوذًا، وَأَمَّا عَلَى التَّبْقِيَةِ فِي شَجَرِهِ حَتَّى يُرَادَ لِأَكْلِهِ فَيُمْنَعُ كَمَا يُمْنَعُ بَيْعُ التَّمْرِ بِرُطَبٍ أَوْ بِبُسْرٍ أَوْ بِكَبِيرِ بَلَحٍ، وَكَذَا يُمْنَعُ بَيْعُ كَبِيرِ الْبَلَحِ بِرُطَبٍ لَا بِبُسْرٍ؛ لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَكَذَا يُمْنَعُ الْبُسْرُ بِالرُّطَبِ عَلَى أَيِّ حَالٍ لَا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا مُتَفَاضِلًا فَصُوَرُ الْمَنْعِ خَمْسَةٌ
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) أَيْ وَإِلَّا لَمُنِعَ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَالْعَذْبُ جِنْسٌ) الْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مَا يُشْرَبُ، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَالْمُرَادُ بِالْمِلْحِ مَا لَا يُشْرَبُ أَصْلًا، وَلَوْ عِنْدَ الضَّرُورَةِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ بَيْنَهُمَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً) أَيْ حِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَمُنَاجَزَةً أَوْ لِأَجَلٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمَا جِنْسَانِ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِطَعَامٍ حَتَّى يَدْخُلَهُ رِبَا النَّسَاءِ وَحَيْثُ كَانَا جِنْسَيْنِ كَانَ ذَلِكَ سَلَمًا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْجِنْسِ الْوَاحِدِ) أَيْ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ بَعْضِهِ بِبَعْضٍ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ وَلَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ سَلَمَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ إنَّمَا هُوَ الْقَلِيلُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلُ الْكَثِيرَ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُهُ أَيْضًا وَلَعَلَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ تُهْمَةَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ تُوجِبُ الْمَنْعَ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمَنْعِهِ
(قَوْلُهُ: إلَّا التُّرْمُسُ) أَيْ فَإِنَّ صَلْقَهُ يَنْقُلُهُ عَنْ جِنْسِهِ وَأَلْحَقَ بِصَلْقِ التُّرْمُسِ تَدْمِيسَ الْفُولِ وَصَلْقَ الْفُولِ الْحَارِّ لِلْكُلْفَةِ أَيْ الْمَشَقَّةِ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُ الْفُولِ الْمُدَمَّسِ وَالْفُولِ الْحَارِّ بِالْفُولِ الْيَابِسِ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا إذَا كَانَ مُنَاجَزَةً.
(قَوْلُهُ: فَالدَّقِيقُ لَيْسَ جِنْسًا مُنْفَرِدًا عَنْ أَصْلِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْحَبِّ مُتَمَاثِلًا لَا مُتَفَاضِلًا وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ هُنَا تُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ وَقِيلَ تُعْتَبَرُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَالْعَجِينُ مَعَ الدَّقِيقِ أَوْ الْقَمْحِ جِنْسٌ وَاحِدٌ) أَيْ فَلَا يُبَاعُ الْعَجِينُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا كَانَ مُتَمَاثِلًا وَتُعْتَبَرُ الْمُمَاثَلَةُ فِي قَدْرِ الدَّقِيقِ تَحَرِّيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي بَيْعِ الْعَجِينِ بِالْقَمْحِ وَفِي جَانِبِ الْعَجِينِ إذَا بِيعَ بِالدَّقِيقِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَحَاصِلُهُ أَنَّ النَّبِيذَ مَعَ التَّمْرِ جِنْسٌ وَاحِدٌ وَكَذَلِكَ مَعَ الْخَلِّ جِنْسٌ وَاحِدٌ إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ بَيْعُهُ بِالتَّمْرِ مُطْلَقًا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْخَلِّ مُتَمَاثِلًا.
لَا مُتَفَاضِلًا، وَأَمَّا الْخَلُّ مَعَ التَّمْرِ فَهُمَا جِنْسَانِ فَالتَّمْرُ طَرَفٌ وَالْخَلُّ طَرَفٌ وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا فَهُوَ مَعَ كُلِّ طَرَفٍ جِنْسٌ وَالطَّرَفَانِ جِنْسَانِ (قَوْلُهُ: وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارٍ) أَيْ وَأَمَّا طَبْخُ أَرْزٍ بِأَبْزَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ
بِغَيْرِهَا وَالْجَمْعُ لَيْسَ بِمُرَادٍ فَالْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ، وَكَذَا بِالْبَصَلِ فَمَتَى أُضِيفَ لِلْمَاءِ وَالْمِلْحِ الْبَصَلُ كَفَى فِي النَّقْلِ (و) بِخِلَافِ (شَيِّهِ) أَيْ اللَّحْمِ بِالنَّارِ (وَتَجْفِيفِهِ) بِنَارٍ أَوْ شَمْسٍ أَوْ هَوَاءٍ (بِهَا) أَيْ بِالْأَبْزَارِ، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ لَا بِدُونِهَا (و) بِخِلَافِ (الْخَبْزِ) بِفَتْحِ الْخَاءِ، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ عَنْ الْعَجِينِ وَالدَّقِيقِ (وَقَلْيِ قَمْحٍ) مَثَلًا، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ (وَسَوِيقٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْقَمْحُ الْمَصْلُوقُ الْمَطْحُونُ بَعْدَ صَلْقِهِ، فَإِنَّهُ يَنْقُلُ لِاجْتِمَاعِ أَمْرَيْنِ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ لَا يَنْقُلُ (و) بِخِلَافِ (سَمْنٍ) أَيْ تَسْمِينٍ، فَإِنَّهُ نَاقِلٌ عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ
(وَجَازَ تَمْرٌ) أَيْ بَيْعُهُ (وَلَوْ قَدُمَ بِتَمْرٍ) جَدِيدٍ أَوْ قَدِيمٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ قَدِيمٌ بِجَدِيدٍ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ.
(و) جَازَ لَبَنٌ (حَلِيبٌ) أَيْ بَيْعُهُ بِمِثْلِهِ (وَرُطَبٌ) بِمِثْلِهِ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ مَا نَضِجَ وَلَمْ يَيْبَسْ وَإِلَّا فَتَمْرٌ.
(وَمَشْوِيٌّ) بِمِثْلِهِ (وَقَدِيدٌ) بِمِثْلِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّحْمَ إمَّا قَدِيدٌ أَوْ مَشْوِيٌّ أَوْ مَطْبُوخٌ أَوْ نَيْءٌ فَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدِ بِمِثْلِهِ جَائِزٌ كَالنِّيءِ بِكُلِّ وَاحِدٍ إنْ كَانَ بِأَبْزَارٍ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِلَّا مُنِعَ مَعَ الْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ رُطَبٌ بِيَابِسٍ وَمَعَ الْمَطْبُوخِ مُتَفَاضِلًا فَقَطْ، وَأَمَّا الْمَشْوِيُّ وَالْقَدِيدُ وَالْمَطْبُوخُ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ وَاحِدٍ مِنْهَا بِوَاحِدٍ مِنْ بَاقِيهَا إنْ كَانَ النَّاقِلُ فِي كُلٍّ أَوْ لَا نَاقِلَ فِيهِمَا، وَلَوْ مُتَمَاثِلًا، فَإِنْ كَانَ النَّاقِلُ بِأَحَدِهِمَا فَقَطْ جَازَ، وَلَوْ مُتَفَاضِلًا
(وَعَفَنٌ) وَهُوَ مَا تَغَيَّرَ طَعْمُهُ مِنْ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ وَمَغْلُوثٌ بِمِثْلِهِ إنْ قَلَّ الْغَلْثُ (وَزُبْدٌ) بِمِثْلِهِ (وَسَمْنٌ) هُوَ زُبْدٌ مَطْبُوخٌ بِمِثْلِهِ (وَجُبْنٌ) بِمِثْلِهِ (وَأَقِطٌ) لَبَنٌ مُسْتَحْجَرٌ يُطْبَخُ بِهِ بِمِثْلِهِ فَقَوْلُهُ (بِمِثْلِهَا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ (كَزَيْتُونٍ وَلَحْمٍ) أَيْ يَجُوزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ إنْ كَانَا رَطْبَيْنِ أَوْ يَابِسَيْنِ (لَا رَطْبَهُمَا بِيَابِسِهِمَا) بِتَثْنِيَةِ الضَّمِيرِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا رَطْبَهَا بِيَابِسِهَا بِضَمِيرِ الْمُؤَنَّثِ الْعَائِدِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ وَعَلَيْهَا يَكُونُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَذَا فِي عبق وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ ابْنِ بَشِيرٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّ كُلَّ مَا طُبِخَ بِأَبْزَارٍ نُقِلَ عَنْ أَصْلِهِ بِذَلِكَ سَوَاءٌ اللَّحْمُ وَالْأَرْزُ وَغَيْرُهُمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ شَيِّهِ وَتَجْفِيفِهِ بِهَا) أَيْ بِالْأَبْزَارِ أَيْ أَوْ بِغَيْرِهَا مِنْ الْمُصْلِحِ كَالْبَصَلِ أَوْ الثُّومِ مِنْ الْمِلْحِ (قَوْلُهُ: لَا بِدُونِهَا) أَيْ لَا إنْ كَانَ التَّجْفِيفُ بِدُونِ أَبْزَارٍ، فَإِنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْ النِّيءِ (قَوْلُهُ: وَسَوِيقٍ وَسَمْنٍ) الظَّاهِرُ كَمَا لح أَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَسَمْنٍ بِمَعْنَى مَعَ وَأَنَّ مُرَادَهُ أَنَّ السَّوِيقَ إذَا لُتَّ بِسَمْنٍ يَنْتَقِلُ عَنْ السَّوِيقِ غَيْرِ الْمَلْتُوتِ، وَبِهَذَا يَسْلَمُ مِنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ غَازِيٍّ فِي قَوْلِهِ وَسَمْنٍ بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ السَّمْنَ جِنْسٌ غَيْرَ الزُّبْدِ وَالْحَلِيبِ وَأَنْ أُجِيبَ عَنْهُ أَيْضًا بِمَا قَالَ شَارِحُنَا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّوِيقِ التَّسْوِيقُ وَالْمُرَادَ بِالسَّمْنِ التَّسْمِينُ أَيْ أَنَّ التَّسْوِيقَ يَنْقُلُ السَّوِيقَ عَنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْقَمْحُ وَالتَّسْمِينُ يَنْقُلُ السَّمْنَ عَنْ اللَّبَنِ الَّذِي أُخْرِجَ زُبْدُهُ
(قَوْلُهُ: وَمَشْوِيٌّ بِمِثْلِهِ وَقَدِيدٌ بِمِثْلِهِ) نَقَلَ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِمِثْلِهِ، وَنَقَلَ عَقِبَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ الْمَشْوِيُّ بِالْمَشْوِيِّ وَلَا الْقَدِيدُ بِالْقَدِيدِ إلَّا بِتَحَرِّي أُصُولِهِمَا وَإِذَا اُعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بَيْنَهُمَا بِتَحَرِّي الْأُصُولِ فَلَا عِبْرَةَ بِالشَّيْءِ وَالتَّقْدِيدِ اسْتَوَى أَوْ اخْتَلَفَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَقَدِيدٌ) أَيْ مُقَدَّدٌ وَمُشْمِسٌ بِالشَّمْسِ، ثُمَّ إنَّ شَارِحَنَا تَبَعًا لعج حَمَلَهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ قَدِيدٌ مِنْ اللَّحْمِ وَعَفَنٌ مِنْ اللَّحْمِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَصِيرُ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ وَلَحْمٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلُ قَوْلُهُ: قَدِيدٌ وَعَفَنٌ أَيْ مِنْ الْبَلَحِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ صُوَرَ بَيْعِ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ إمَّا قَدِيدٌ أَوْ مَشْوِيٌّ أَوْ مَطْبُوخٌ أَوْ نِيءٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا إمَّا أَنْ يُبَاعَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَالْجُمْلَةُ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي أَرْبَعَةٍ الْمُكَرَّرُ مِنْهَا سِتَّةٌ وَالْبَاقِي بِلَا تَكْرَارٍ عَشَرَةٌ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَحْكَامَهَا مُسْتَوْفَاةً (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ بِأَبْزَارٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مُتَمَاثِلًا وَمُتَفَاضِلًا (قَوْلُهُ: بِأَحَدِهِمَا) أَيْ بِأَحَدِ الْمَبِيعَيْنِ
(قَوْلُهُ: مُسْتَحْجَرٌ) أَيْ بَعْدَ إخْرَاجِ زُبْدِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِمِثْلِهِ) اعْلَمْ أَنَّ اللَّبَنَ وَمَا تَوَلَّدَ مِنْهُ سَبْعَةُ أَنْوَاعٍ: حَلِيبٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطُ وَمَخِيضٌ وَمَضْرُوبٌ وَبَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ السَّبْعَةِ إمَّا بِنَوْعِهِ أَوْ بِغَيْرِ نَوْعِهِ فَالصُّوَرُ تِسْعٌ وَأَرْبَعُونَ صُورَةً الْمُكَرَّرُ مِنْهَا إحْدَى وَعِشْرُونَ وَالْبَاقِي بَعْدَ إسْقَاطِ الْمُكَرَّرِ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ الْجَائِزُ مِنْهَا قَطْعًا سِتَّ عَشْرَ صُورَةً وَهِيَ بَيْعُ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِثْلِهِ وَبَيْعُ الْمَخِيضِ بِالْمَضْرُوبِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ، وَكَذَلِكَ بَيْعُ كُلٍّ مِنْ الْمَخِيضِ وَالْمَضْرُوبِ بِالْحَلِيبِ أَوْ الزُّبْدِ أَوْ السَّمْنِ أَوْ الْجُبْنِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَيْضًا، وَأَمَّا بَيْعُ الْمَخِيضِ أَوْ الْمَضْرُوبِ بِالْأَقِطِ فَقِيلَ بِالْجَوْزِ بِشَرْطِ الْمُمَاثَلَةِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَاسْتَظْهَرَ لِأَنَّ الْأَقِطَ إمَّا مَخِيضٌ أَوْ مَضْرُوبٌ فَهُوَ بَيْعُ رَطْبٍ بِيَابِسٍ مِنْ جِنْسِهِ، وَكَذَا اخْتَلَفَ فِي بَيْعِ الْجُبْنِ بِالْأَقِطِ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ، كَذَا قَالُوا وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْجُبْنُ مِنْ حَلِيبٍ أَوْ مِنْ مَخِيضٍ أَوْ مَضْرُوبٍ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ إذَا كَانَ مِنْ مَخِيضٍ أَوْ مَضْرُوبٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ حَلِيبٍ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُمَا مُخْتَلِفٌ فَهَذِهِ صُوَرٌ ثَلَاثَةٌ مُخْتَلَفٌ فِيهَا، وَأَمَّا الصُّوَرُ الْمَمْنُوعَةُ اتِّفَاقًا فَتِسْعَةٌ، بَيْعُ الْحَلِيبِ بِزُبْدٍ أَوْ سَمْنٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ أَقِطٍ وَبَيْعُ زُبْدٍ بِسَمْنٍ أَوْ جُبْنٍ أَوْ أَقِطٍ وَبَيْعُ السَّمْنِ بِجُبْنٍ أَوْ أَقِطٍ (قَوْلُهُ: لَا رَطْبَهُمَا بِيَابِسِهِمَا) أَيْ لَا رَطْبَ الزَّيْتُونِ
مَرْفُوعًا لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ قَبْلَ الْكَافِ.
(و) لَا (مَبْلُولٍ) مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِمِثْلِهِ) مِنْ جِنْسٍ رِبَوِيٍّ لَا مُتَمَاثِلًا وَلَا مُتَفَاضِلًا لَا كَيْلًا وَلَا وَزْنًا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْمُمَاثَلَةِ فِي الْبَلَلِ لِجَوَازِ أَنَّ أَحَدَهُمَا يَشْرَبُ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ.
(و) لَا (لَبَنٍ) حَلِيبٍ (بِزُبْدٍ) سَوَاءٌ أُرِيدَ أَخْذُ اللَّبَنِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِ أَمْ لَا (إلَّا أَنْ يُخْرَجَ زُبْدُهُ) فَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالزُّبْدِ وَأَوْلَى بِالسَّمْنِ.
(وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ) أَيْ قَدْرُهُ (فِي) بَيْعِ (خُبْزٍ بِمِثْلِهِ) مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ دَقِيقِ كُلٍّ وَلَوْ بِالتَّحَرِّي، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَلَوْ كَانَ وَزْنُ أَحَدِ الْخُبْزَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ، فَإِنْ كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ اُعْتُبِرَ وَزْنُ الْخُبْزَيْنِ فَقَطْ لَا الدَّقِيقِ وَقَوْلُنَا فِي بَيْعِ خُبْزٍ، وَأَمَّا فِي الْقَرْضِ فَيَكْفِي الْعَدَدُ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ الْمُبَايَعَةَ بِذَلِكَ بَلْ الْمَعْرُوفُ وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ لَا بَأْسَ أَنْ يَتَسَلَّفَ الْجِيرَانُ فِيمَا بَيْنَهُمْ الْخُبْزَ وَالْخَمِيرَ وَيَقْضُونَ مِثْلَهُ (كَعَجِينٍ) بِيعَ (بِحِنْطَةٍ أَوْ) بِ (دَقِيقٍ) فَيُعْتَبَرُ قَدْرُ الدَّقِيقِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ تَحَرِّيًا مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِي الْأُولَى وَمِنْ الْعَجِينِ فِي الثَّانِيَةِ إذَا كَانَ أَصْلُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ وَإِلَّا جَازَ مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ
(وَجَازَ قَمْحٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِدَقِيقٍ) بِشَرْطِ التَّمَاثُلِ؛ لِأَنَّ الطَّحْنَ غَيْرُ نَاقِلٍ (وَهَلْ) مَحَلُّ الْجَوَازِ (إنْ وُزِنَا) أَيْ فَالشَّرْطُ التَّمَاثُلُ بِالْوَزْنِ وَلَا عِبْرَةَ بِتَمَاثُلِ الْكَيْلِ أَوْ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (تَرَدُّدٌ) .
(وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ) الْمَطْلُوبَةُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ (بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ) فَمَا وَرَدَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ أَنَّهُ كَانَ يُكَالُ كَالْقَمْحِ فَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ لَا بِالْوَزْنِ وَهَذَا مِمَّا يُضْعِفُ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ الْوَزْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا وَمَا وَرَدَ عَنْهُ فِي شَيْءٍ أَنَّهُ يُوزَنُ كَالنَّقْدِ فَالْمُمَاثَلَةُ فِيهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَمْحٍ بِقَمْحٍ وَزْنًا وَلَا نَقْدٍ بِنَقْدٍ كَيْلًا (وَإِلَّا) يَرِدُ عَنْ الشَّرْعِ مِعْيَارٌ مُعَيَّنٌ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ (فَبِالْعَادَةِ) الْعَامَّةِ كَاللَّحْمِ، فَإِنَّهُ يُوزَنُ فِي كُلِّ بَلَدٍ أَوْ الْخَاصَّةُ كَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ، فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ فَيُعْمَلُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِعَادَتِهِ (فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ) فِيمَا هُوَ مِعْيَارُهُ لِسَفَرٍ أَوْ بَادِيَةٍ (جَازَ التَّحَرِّي)
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَاللَّحْمِ بِيَابِسِهِمَا (قَوْلُهُ: لِعَطْفِهِ عَلَى الْمَرْفُوعَاتِ) أَيْ وَهُوَ التَّمْرُ وَمَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا لَبَنٍ حَلِيبٍ بِزُبْدٍ) أَيْ أَوْ سَمْنٍ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَخْرُجَ زُبْدُهُ أَيْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مَخِيضًا أَوْ مَضْرُوبًا
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، وَلَوْ كَانَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ جَوَازُ الْبَيْعِ إذَا اسْتَوَى الْخُبْزَانِ دَقِيقًا بِالتَّحَرِّي، وَلَوْ كَانَ وَزْنُ أَحَدِ الْخُبْزَيْنِ أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ وَزْنُ الْخُبْزَيْنِ فَقَطْ لَا الدَّقِيقُ) أَيْ فَإِنْ اسْتَوَى وَزْنُهُمَا جَازَ وَإِلَّا فَلَا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأَخْبَازَ كُلَّهَا جِنْسٌ، وَلَوْ مِنْ قُطْنِيَّةٍ وَقَمْحٍ، فَإِنْ كَانَا مِنْ صِنْفَيْنِ غَيْرِ رِبَوِيَّيْنِ كَبِزْرِ بِرْسِيمٍ وَبِزْرٍ غَاسُولٍ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رِبَوِيًّا وَالْآخَرُ غَيْرَ رِبَوِيٍّ لَمْ يُعْتَبَرْ وَزْنٌ وَلَا غَيْرُهُ لِجَوَازِ الْمُفَاضَلَةِ حِينَئِذٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي الْعَدَدُ) أَيْ رَدُّ الْعَدَدِ، وَلَوْ زَادَ الْوَزْنُ عَلَى الْعَدَدِ أَوْ نَقَصَ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِرَدِّ الْعَدَدِ هُوَ مَا نَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ وَذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ الْقَرْضَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْوَزْنُ لَا قَدْرُ الدَّقِيقِ وَلَا الْعَدَدُ سَوَاءٌ كَانَ الْخُبْزَانِ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ رِبَوِيٍّ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ رِبَوِيَّيْنِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَعْتَبِرُ فِي بَيْعِ الْخُبْزِ بِمِثْلِهِ تَحَرِّي قَدْرَ الدَّقِيقِ إنْ اتَّحِدَا أَصْلًا وَإِلَّا يَتَّحِدَا أَصْلًا فَلَا بُدَّ مِنْ التَّسَاوِي فِي الْوَزْنِ كَالْقَرْضِ مُطْلَقًا عِنْدَ الْمَوَّاقِ وَعِنْدَ غَيْرِهِ يَكْفِي الْعَدَدُ، وَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا فِي الْوَزْنِ (قَوْلُهُ: وَيَقْضُونَ مِثْلَهُ) أَيْ فِي الْعَدَدِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَحَرٍّ) أَيْ لِدَقِيقِهِمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ قَدْرِ الْعَجِينِ وَمُقَابِلُهُ، وَلَوْ بِالتَّحَرِّي فِيمَا يَكُونُ فِيهِ التَّحَرِّي لِأَجْلِ أَنْ يَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى مَعْلُومٍ
(قَوْلُهُ: غَيْرُ نَاقِلٍ) أَيْ حَتَّى أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ وُزِنَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ اُخْتُلِفَ فِي بَيْعِ الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ فَقِيلَ بِالْجَوَازِ وَقِيلَ بِنَفْيِهِ وَقِيلَ بِجَوَازِهِ بِالْوَزْنِ لَا بِالْكَيْلِ وَبَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ يَرَى أَنَّ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَيَجْعَلُ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلِ وَاحِدٍ وَبَعْضُهُمْ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ: وَهَلْ إنْ وُزِنَا أَيْ وَهَلْ الْجَوَازُ مَحَلُّهُ إنْ وُزِنَا، وَأَمَّا إنْ كِيلَا فَالْمَنْعُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلِ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا أَيْ أَوْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كِيلَا أَوْ وُزِنَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَذْهَبَ ذُو أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ وَالرَّاجِحُ أَوَّلُهَا
(قَوْلُهُ: بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ) أَيْ بِالْمِعْيَارِ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّارِعُ فِي ذَلِكَ النَّوْعِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ الْمِعْيَارِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم فَمَا وَرَدَ عَنْهُ أَنَّهُ يُكَالُ كَالْقَمْحِ فَلَا تَصِحُّ الْمُبَادَلَةُ فِيهِ إلَّا إذَا حَصَلَ التَّمَاثُلُ بِالْكَيْلِ أَيِّ كَيْلٍ كَانَ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا وَرَدَ عَنْ الشَّارِعِ أَنَّهُ يُوزَنُ كَالنَّقْدِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ قَمْحٍ بِقَمْحٍ وَزْنًا) أَيْ كَقِنْطَارٍ قَمْحًا بِقِنْطَارٍ قَمْحًا (قَوْلُهُ: وَلَا نَقْدٍ بِنَقْدٍ كَيْلًا) أَيْ كَرُبْعِ فِضَّةٍ عَدَدِيَّةٍ بِرُبْعِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ) أَيْ فَبَعْضُ الْبِلَادِ تَسْتَعْمِلُ الْكَيْلَ فِيمَا ذَكَرَ دُونَ الْوَزْنِ وَبَعْضُ الْبِلَادِ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَيُعْمَلُ فِي كُلِّ مَحَلٍّ بِعَادَتِهِ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ سَمْنٍ بِسَمْنٍ وَلَا زَيْتٍ بِزَيْتٍ وَلَا عَسَلٍ بِعَسَلٍ كَيْلًا فِي بَلَدِ عَادَتِهِمْ وَزْنُهُ وَلَا وَزْنًا فِي بَلَدٍ عَادَتُهُمْ كَيْلُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُسِرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي) حَاصِلُ مَا لِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّ كُلَّ مَا يُبَاعُ وَزْنًا وَلَا يُبَاعُ كَيْلًا مِمَّا هُوَ رِبَوِيٌّ تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَالْقِسْمَةُ عَلَى تَحَرِّي الْوَزْنِ وَهُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ مَا يُبَاعُ كَيْلًا لَا وَزْنًا مِمَّا هُوَ رِبَوِيٌّ فَلَا تَجُوزُ فِيهِ الْمُبَادَلَةُ وَلَا الْقِسْمَةُ بِالتَّحَرِّي لِكَيْلِهِ بِلَا خِلَافٍ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَيْلِهِ بِالْفِعْلِ، وَأَمَّا مَا لَيْسَ بِرِبَوِيٍّ فَاخْتُلِفَ فِي جَوَازِ الْقِسْمَةِ فِيهِ وَالْمُبَادَلَةُ عَلَى التَّحَرِّي عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا الْجَوَازُ فِيمَا يُبَاعُ وَزْنًا لَا كَيْلًا وَهُوَ مَذْهَبُ
(إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ) بِأَنْ عَجَزَ عَنْ التَّحَرِّي (لِكَثْرَتِهِ) وَهَذَا فَاسِدٌ إذْ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا يَتَأَتَّى الْجَوَازُ فَالصَّوَابُ إنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ التَّحَرِّي لِكَثْرَةٍ أَوْ يَزِيدُ لَا قَبْلَ إنْ، وَالْأَخْصَرُ أَنْ يَقُولَ: إنْ أَمْكَنَ وَخَصَّ التَّحَرِّي بِعُسْرِ الْوَزْنِ؛ لِأَنَّ الْكَيْلَ وَالْعَدَدَ لَا يُعْسَرَانِ لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِالْعُسْرِ هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ، وَإِنْ لَمْ يَعْسُرْ الْوَزْنُ
(وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ بَطَلَ أَيْ لَمْ يَنْعَقِدْ سَوَاءٌ كَانَ عِبَادَةً كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ أَوْ عَقْدًا كَنِكَاحِ الْمَرِيضِ أَوْ الْمُحْرِمِ وَكَبَيْعِ مَا لَا قُدْرَةَ عَلَى تَسْلِيمِهِ أَوْ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ (إلَّا لِدَلِيلٍ) يَدُلُّ عَلَى الصِّحَّةِ كَالنَّجْشِ وَالْمُصَرَّاةِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ وَيَكُونُ مُخَصِّصًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا فَسَادُ الصَّلَاةِ وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَغُرُوبِهَا إذْ لَا دَلِيلَ عَلَى صِحَّتِهَا وَلَا دَلَالَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعُ مُحْرِمٍ بِوَقْتِ نَهْيٍ عَلَى الصِّحَّةِ وَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ مَا لَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ غَيْرِ لَازِمٍ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ كَالصَّلَاةِ بِالْأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ وَالْوُضُوءِ بِالْمَاءِ الْمَغْصُوبِ أَلَا تَرَى أَنَّ إشْغَالَ بُقْعَةِ الْغَيْرِ بِلَا إذْنِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ أَوْ الْإِعْرَاضِ عَنْ سَمَاعِ الْخُطْبَةِ أَوْ لُبْسِ الْحَرِيرِ حَرَامٌ فِي ذَاتِهِ مُطْلَقًا تَلَبَّسَ بِصَلَاةٍ أَمْ لَا
ثُمَّ مَثَّلَ لِلْمَنْهِيِّ عَنْهُ بِقَوْلِهِ (كَحَيَوَانٍ) مُبَاحِ الْأَكْلِ يُبَاعُ (بِلَحْمِ جِنْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِمَجْهُولٍ وَهُوَ مُزَابَنَةٌ (إنْ لَمْ يُطْبَخْ) ، فَإِنْ طُبِخَ، وَلَوْ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ جَازَ لِبُعْدِ الطَّبْخِ عَنْ الْحَيَوَانِ وَشَمَلَ قَوْلُهُ كَحَيَوَانٍ مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ وَيُرَادُ لِلْقِنْيَةِ وَمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا حَكَى ابْنُ عَبْدُوسٍ وَالثَّانِي الْجَوَازُ مُطْلَقًا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّالِثُ عَدَمُ الْجَوَازِ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي فِي آخِرِ كِتَابِ السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْبَاجِيَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ سَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا أَوْ غَيْرَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَزْنِهِ عُسْرٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِلْمُصَنِّفِ، فَإِنَّهُ قَيَّدَ جَوَازَ تَحَرِّي الْوَزْنِ بِعُسْرِهِ بِالْفِعْلِ فَتَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ) أَيْ إنْ انْتَفَتْ الْقُدْرَةُ عَلَى تَحَرِّيهِ بِأَنْ عَجَزَ عَنْهُ (قَوْلُهُ: فَالصَّوَابُ) أَيْ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ جَوَازَ التَّحَرِّي عِنْدَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّحَرِّي مَعَ أَنَّ الْعَجْزَ عَنْ التَّحَرِّي إنَّمَا يُنْتِجُ مَنْعَهُ لَا جَوَازَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَزِيدُ لَا قَبْلَ أَنْ) أَيْ وَيَكُونُ عَطْفًا عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ فَإِنْ عُسِرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ (قَوْلُهُ: إنْ أَمْكَنَ) أَيْ لِعَدَمِ الْكَثْرَةِ جِدًّا (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ) الْمُرَادُ لِجَوَازِ الْكَيْلِ بِغَيْرِ الْمَعْهُودِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ الَّذِي يَحْصُلُ فِيهِ التَّعَذُّرُ وَهُوَ الْبَادِيَةُ وَمَحَلُّ السَّفَرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْكَيْلَ الْغَيْرَ الْمَعْهُودِ جَائِزٌ مُطْلَقًا لِمَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَهْلٌ بِثَمَنٍ أَوْ مُثْمَنٍ أَنَّ شِرَاءَ كُلِّ قُفَّةٍ مِنْ الْقَمْحِ بِكَذَا مَمْنُوعٌ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ الْمِكْيَالِ الْمَعْهُودِ) أَيْ كَالْقُفَّةِ وَالطَّاقِيَّةِ وَالْإِنَاءِ وَالْمُخِلَّةِ وَالْغِرَارَةِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَقْيِيدُهُ بِالْعُسْرِ) أَيْ ثُمَّ إنَّ تَقْيِيدَ جَوَازِ التَّحَرِّي بِعُسْرِ الْوَزْنِ
(قَوْلُهُ: وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) أَيْ مَنْهِيٌّ عَنْ تَعَاطِيهِ وَهَذِهِ قَضِيَّةٌ كُلِّيَّةٌ شَامِلَةٌ لِلْعِبَادَاتِ وَالْمُعَامَلَاتِ وَهِيَ الْعُقُودُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ عَقْدَ نِكَاحٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا مَثَّلَ لِذَلِكَ الشَّارِحُ، وَاعْلَمْ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ إمَّا لِذَاتِهِ كَالدَّمِ وَالْخِنْزِيرِ أَوْ لِوَصْفِهِ كَالْخَمْرِ وَهُوَ الْإِسْكَارُ أَوْ لِخَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ كَصَوْمِ يَوْمِ الْعِيدِ؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِعْرَاضَ عَنْ ضِيَافَةِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانَ النَّهْيَ لِوَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ كَانَ مُقْتَضِيًا لِلْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ لِخَارِجٍ عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ فَلَا يَقْتَضِي الْفَسَادَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَمَحَلُّ الْقَاعِدَةِ أَيْ فَسَادُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ النَّهْيُ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ لِذَاتِ الشَّيْءِ أَوْ لِوَصْفِهِ أَوْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهُ لَازِمٍ لَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّهْيَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إلَّا لِدَلِيلٍ) أَيْ شَرْعِيٍّ يَدُلُّ عَلَى صِحَّةٍ أَيْ عَلَى صِحَّةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ فَلَا فَسَادَ، وَسَوَاءٌ كَانَ الدَّلِيلُ الْمَذْكُورُ مُتَّصِلًا بِالنَّهْيِ أَوْ مُنْفَصِلًا عَنْهُ وَيَكُونُ ذَلِكَ الدَّلِيلُ مُخَصِّصًا لِتِلْكَ الْقَاعِدَةِ (قَوْلُهُ: كَالنَّجْشِ وَالْمُصْرَاةِ) يَعْنِي الْعَقْدَ مَعَهُمَا؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُوصَفُ بِالْفَسَادِ لَوْلَا وُجُودُ الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا دَلَالَةَ إلَخْ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى تَرْكُ التَّلَبُّسِ بِهَذَا الْأَمْرِ الْغَيْرِ الْمُنْعَقِدِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: كَحَيَوَانٍ) أَيْ حَيٍّ، وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِقَوْلِهِ مُبَاحُ الْأَكْلِ لِأَجْلِ صِحَّةِ التَّعْلِيلِ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْمُزَابَنَةِ إذْ بَيْعُ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا بِاللَّحْمِ جَائِزٌ لِعَدَمِ الْمُزَابَنَةِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ) أَيْ وَهُوَ اللَّحْمُ، وَقَوْلُهُ: بِمَجْهُولٍ أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ) أَيْ كَمَا أَفَادَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَنَقْلُ اللَّحْمِ عَنْ الْحَيَوَانِ يَكُونُ بِأَدْنَى نَاقِلٍ بِخِلَافِ نَقْلِ اللَّحْمِ عَنْ اللَّحْمِ، فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الطَّبْخِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّحْمَ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْحَيَوَانِ إلَّا بِالطَّبْخِ
أَوْ قَلَّتْ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُ بِلَحْمِ جِنْسِهِ جَوَازُهُ بِلَحْمِ غَيْرِ جِنْسِهِ مُطْلَقًا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَبِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا بَعْدَهُ طَعَامٌ حُكْمًا (أَوْ) كَحَيَوَانٍ مُطْلَقًا بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ (بِمَا) أَيْ بِحَيَوَانٍ (لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) كَطَيْرِ مَاءٍ (أَوْ) بِحَيَوَانٍ (لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) كَخَصْيِ مَعْزٍ (أَوْ قَلَّتْ) مَنْفَعَةٌ كَخَصْيِ ضَأْنٍ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً مِنْ ضَرْبِ أَرْبَعَةٍ فِي ثَلَاثَةٍ إلَّا أَنَّهُ يَتَكَرَّرُ مِنْهَا ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ الْأَرْبَعَةَ فِيمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِأَرْبَعَةٍ وَإِذَا ضَرَبْتهَا فِيمَا بَعْدَهُ تَكَرَّرَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، وَإِذَا ضَرَبَتْهَا فِي الْأَخِيرَةِ تَكَرَّرَ اثْنَانِ وَهُمَا مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ أَوْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ بِمَا قَلَّتْ فَالْبَاقِي تِسْعَةٌ تُضَمُّ إلَى الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ مُطْلَقًا بِاللَّحْمِ بِثَلَاثَةَ عَشَرَ وَبَقِيَ بَيْعُ اللَّحْمِ بِاللَّحْمِ فَيَجُوزُ عَلَى تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَيْعُ حَيَوَانٍ يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ بِمِثْلِهِ فَجَائِزٌ قَطْعًا فَالصُّوَرُ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَإِنَّمَا مُنِعَ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ طَعَامٌ حُكْمًا وَإِذَا كَانَتْ كَذَلِكَ (فَلَا يَجُوزُ إنْ) أَيْ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَمَا بَعْدَهُ فَلِذَا ثَنَّى الضَّمِيرَ، وَلَوْ قَالَ فَلَا تَجُوزُ أَيْ الثَّلَاثَةُ (بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ) ؛ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامِ نَسِيئَةٍ كَانَ أَحْسَنَ وَقَوْلُهُ (كَخَصْيِ ضَأْنٍ) مِثَالٌ لِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ كَمَا مَرَّ إذْ مَنْفَعَتُهُ وَهِيَ الصُّوفُ يَسِيرَةٌ، فَإِنْ كَانَ يُقْتَنَى لِصُوفِهِ جَازَ (وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ (كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا) الَّتِي سَتَظْهَرُ فِي السُّوقِ أَوْ الَّتِي يَقُولُهَا أَهْلُ الْخِبْرَةِ لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ
(أَوْ) بَيْعُهَا (عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ الْعَاقِدِ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ (أَوْ) عَلَى (حُكْمِ غَيْرِهِ) أَجْنَبِيٌّ أَيْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فُلَانٌ أَيْ جَعَلَا الْعَقْدَ بَتًّا، وَالثَّمَنُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِأَبْزَارٍ (قَوْلُهُ: مَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ) أَيْ كَالْبَقَرِ وَالْإِبِلِ وَإِنَاثِ الضَّأْنِ وَفُحُولِهَا، وَكَذَا إنَاثُ الْمَعْزِ وَفُحُولُهَا (قَوْلُهُ: وَمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ) أَيْ كَطَيْرِ مَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ) أَيْ كَخَصْيِ الْمَعْزِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَّتْ) أَيْ مَنْفَعَتُهُ كَخَصْيِ ضَأْنٍ إذْ مَنْفَعَتُهُ وَهِيَ الصُّوفُ يَسِيرَةٌ (قَوْلُهُ: فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ) أَيْ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ (قَوْلُهُ: جَوَازُهُ) أَيْ الْحَيَوَانُ بِلَحْمِ غَيْرِ جِنْسِهِ بِأَنْ بِيعَ الْحَيَوَانُ الْحَيُّ بِلَحْمِ طَيْرٍ أَوْ بِلَحْمِ سَمَكٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنَاجَزَةً أَوْ لِأَجَلٍ وَالْمُرَادُ بِالصُّورَةِ الْأُولَى مَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ الْمَبِيعُ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ مَنْفَعَتُهُ كَثِيرَةٌ وَيُرَادُ لِلْقِنْيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَبِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الثَّلَاثَةِ بَعْدَهَا) أَيْ مَا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ الَّذِي بِيعَ بِلَحْمٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ أَوْ كَانَتْ مَنْفَعَتُهُ قَلِيلَةً (قَوْلُهُ: طَعَامٌ حُكْمًا) أَيْ وَبَيْعُ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ تَجِبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ، وَلَوْ كَانَا جِنْسَيْنِ (قَوْلُهُ: وَكَحَيَوَانٍ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كَثِيرَ الْمَنْفَعَةِ أَوْ لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ أَوْ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ إلَّا اللَّحْمُ أَوْ قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ضَرَبَتْهَا) أَيْ الْأَرْبَعَةُ وَقَوْلُهُ: فِيمَا بَعْدَهُ وَهُوَ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرِ) أَيْ وَهُوَ مَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ (قَوْلُهُ: بِمَا قَلَّتْ) أَيْ إذَا بِيعَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ (قَوْلُهُ: تُضَمُّ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ شَمَلَ كَلَامُهُ سِتَّ عَشَرَةَ صُورَةً كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ وَهِيَ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَبَيْعِ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ وَبَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ إلَّا اللَّحْمُ، وَبَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ بِمَا قَلَّتْ مَنْفَعَتُهُ فَهَذِهِ سِتَّ عَشَرَةَ صُوَرٌ الْمُكَرَّرِ مِنْهَا ثَلَاثٌ يَبْقَى ثَلَاثَ عَشَرَةَ صُورَةً (قَوْلُهُ: عَلَى تَفْصِيلِهِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ اللَّحْمَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَجَبَتْ الْمُنَاجَزَةُ، وَالْمُمَاثَلَةُ فِي الْوَزْنِ وَالْجَفَافِ أَوْ الرُّطُوبَةِ، وَإِنْ كَانَا مِنْ جِنْسَيْنِ جَازَتْ الْمُفَاضَلَةُ وَوَجَبَتْ الْمُنَاجَزَةُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا مُنِعَ) أَيْ بَيْعُ الْحَيَوَانِ بِأَقْسَامِهِ الْأَرْبَعَةِ (قَوْلَانِ لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ طَعَامٌ حُكْمًا) أَيْ فَإِذَا بِيعَتْ بِمَا فِيهِ مَنْفَعَةٌ كَثِيرَةٌ كَانَ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِلَحْمِ جِنْسِهِ وَإِذَا بِيعَتْ بِمِثْلِهَا كَانَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ الْمَشْكُوكِ فِي تَمَاثُلِهِ (قَوْلُهُ: فَلِذَا ثَنَّى) أَيْ فَلِأَجْلِ اعْتِبَارِ أَنَّ مَا لَا تَطُولُ حَيَاتُهُ قِسْمٌ وَمَا بَعْدَهُ قِسْمٌ ثَنَّى الضَّمِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا تَجُوزُ) أَيْ الثَّلَاثَةُ بِطَعَامٍ لِأَجَلٍ أَيْ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا كِرَاءُ أَرْضٍ وَلَا تُؤْخَذُ قَضَاءً عَنْ دَرَاهِمَ أُكْرِيَتْ بِهَا الْأَرْضُ وَلَا يُؤْخَذُ قَضَاءً عَنْ ثَمَنِهَا طَعَامٌ بِخِلَافِ الْحَيَوَانِ الَّذِي يُرَادُ لِلْقِنْيَةِ لِكَثْرَةِ مَنْفَعَتِهِ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ، وَلَوْ لِأَجَلٍ وَيَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِهِ وَأَخْذُهُ قَضَاءً عَمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ الْأَرْضُ وَأَخْذُ الطَّعَامِ قَضَاءً عَنْ ثَمَنِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُقْتَنًى لِمَنَافِعَ غَيْرُ الْأَكْلِ صَارَ لَيْسَ طَعَامًا لَا حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا، وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ الثَّلَاثَةِ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً لَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ اللَّحْمُ بِطَعَامٍ نَسِيئَةً وَلَا الِاقْتِضَاءُ عَنْ ثَمَنِ الطَّعَامِ طَعَامًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَاةٍ لِلْجَزَّارِ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ يَأْخُذُ بَدَلَ الدَّرَاهِمِ لَحْمًا أَوْ قَمْحًا لِإِلْغَاءِ الدَّرَاهِمِ الْمُتَوَسِّطَةِ بَيْنَ الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ فَكَأَنَّهُ بَاعَهَا أَوَّلًا بِطَعَامٍ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ خَصِيُّ الضَّأْنِ يُقْتَنَى لِصُوفِهِ وَقَوْلُهُ: جَازَ أَيْ جَازَ بَيْعُهُ بِالطَّعَامِ لِأَجَلٍ؛ لِأَنَّ اقْتِنَاءَهُ لِأَجْلِ صُوفِهِ نَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ ذِي الْمَنْفَعَةِ الْكَثِيرَةِ، وَمِثْلُهُ خَصْيُ الْمَعْزِ إذَا كَانَ يُقْتَنَى لِشَعْرِهِ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُغْنِي وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّبْصِرَةِ (قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ الْغَرَرِ) أَيْ الْبَيْعِ الْمُلَابِسِ لِلْغَرَرِ لَا إنَّ الْغَرَرَ مَبِيعٌ وَالْغَرَرُ التَّرَدُّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا عَلَى الْغَرَضِ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: لِلْجَهْلِ بِالْعِوَضِ) أَيْ حِينَ الْعَقْدِ، وَإِنْ كَانَ يَعْلَمُ بَعْدَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعَهَا عَلَى حُكْمِهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِعْتُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِمَا تَحْكُمُ بِهِ أَوْ بِمَا تَرْضَى بِهِ أَنْت مِنْ الثَّمَنِ فَيَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْتهَا بِذَلِكَ ثُمَّ يَفْرِضُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ بِأَنْ يَقُولَ: رَضِيَتْ أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا أَوْ
مَوْكُولٌ عَلَى حُكْمِهِ (أَوْ) عَلَى (رِضَاهُ) أَيْ رِضَا مَنْ ذُكِرَ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا أَنَّ الْحُكْمَ يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ بِخِلَافِ الرِّضَا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِنَا أَنَا حَكَمْت عَلَيْكُمَا بِكَذَا وَأَنَا رَضِيت بِكَذَا (أَوْ تَوَلَّيْتُك) أَيُّهَا الْبَائِعُ (سِلْعَةً) لِغَيْرِك بِمَا اشْتَرَيْتهَا بِهِ (لَمْ يَذْكُرْهَا) الْمَوْلَى وَلَا غَيْرُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ (أَوْ) لَمْ يَذْكُرْ (ثَمَنَهَا) وَقَوْلُهُ (بِإِلْزَامٍ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى الْخِيَارِ صَحَّ فِي الْجَمِيعِ. وَالسُّكُوتُ كَالْإِلْزَامِ إلَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَتَصِحُّ وَلَهُ الْخِيَارُ؛ لِأَنَّهَا مَعْرُوفٌ.
(وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ أَمَّا بَيْعُ الْمُلَامَسَةِ فَهُوَ أَنْ يَبِيعَهُ الثَّوْبَ وَلَا يَنْشُرَهُ وَلَا يَعْلَمَ مَا فِيهِ، أَوْ بِلَيْلٍ وَلَوْ مُقْمِرًا وَلَا يَتَأَمَّلَهُ بَلْ يَكْتَفِيَ فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِلَمْسِهِ، فَالْمُفَاعَلَةُ عَلَى غَيْرِ بَابِهَا وَالْمُنَابَذَةُ أَنْ تَبِيعَهُ ثَوْبَك بِثَوْبِهِ وَتَنْبِذُهُ إلَيْهِ وَيَنْبِذُهُ إلَيْك بِلَا تَأَمُّلٍ مِنْكُمَا عَلَى الْإِلْزَامِ فَالْمُفَاعَلَةُ هُنَا عَلَى بَابِهَا وَمِثْلُهُ فِي الْمَنْعِ مَا لَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ وَنَبَذَهُ لَهُ (فَيَلْزَمُ) فِيهِمَا، فَإِنْ كَانَ بِخِيَارٍ جَازَ
(وَكَبَيْعِ الْحَصَاةِ وَهَلْ هُوَ بَيْعُ) قَدْرٍ مِنْ أَرْضٍ مَبْدَؤُهُ مِنْ الرَّامِي بِالْحَصَاةِ إلَى (مُنْتَهَاهَا) أَيْ الْحَصَاةِ (أَوْ) هُوَ بَيْعٌ (يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) مِنْ يَدِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا أَيْ مَتَى سَقَطَتْ مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ، وَلَوْ بِاخْتِيَارِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ فَفَاسِدٌ لِجَهْلِ زَمَنِ وُقُوعِهَا فَفِيهِ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَكَمْت بِأَنَّ الثَّمَنَ كَذَا، أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت تِلْكَ السِّلْعَةَ مِنْك بِمَا تَحْكُمُ بِهِ أَنْتَ يَا بَائِعُ أَوْ بِمَا يَحْكُمُ بِهِ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ أَوْ بِمَا تَرْضَى بِهِ أَنْتَ أَوْ بِمَا يَرْضَى بِهِ فُلَانٌ الْأَجْنَبِيُّ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْتُك بِذَلِكَ ثُمَّ يَحْكُمُ الْبَائِعُ أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِثَمَنٍ يَذْكُرُهُ، أَوْ يَقُولُ: رَضِيت أَنَّ الثَّمَنَ كَذَا (قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي وَالْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ لِلْإِلْزَامِ) بِمَعْنَى أَنَّ الْمُحَكِّمَ يُلْزِمُهُمَا الثَّمَنَ الَّذِي حَكَمَ بِهِ جَبْرًا عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ الرِّضَا، فَإِنَّهُ لَا يُلْزِمُهُمَا الثَّمَنَ الَّذِي رَضِيَهُ بَلْ إنْ رَضِيَا بِهِ فِيهَا وَنِعْمَتْ وَإِلَّا رَجَعَا عَنْ ذَلِكَ الثَّمَنِ لِمَا يَرْضَيَانِ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِلْزَامُ بِهِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بِإِلْزَامٍ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ بِإِلْزَامِ لِأَصْلِ الْعَقْدِ، وَأَمَّا الثَّمَنُ فَقَدْ يَكُونُ مَوْقُوفًا عَلَى مَا يَرْضَيَانِ بِهِ، وَإِنَّمَا جَمَعَ الْمُصَنِّفُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالرِّضَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَاقِدِ قَدْ يُعَبِّرُ بِهَذَا وَقَدْ يُعَبِّرُ بِهَذَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الرِّضَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ أَخَصُّ مِنْهُ فَيَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِشَيْءٍ الرِّضَا بِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: لَمْ يَذْكُرْهَا الْمَوْلَى وَلَا غَيْرُهُ لِمَنْ وَلَّاهُ) أَيْ وَإِنَّمَا ذَكَرَ لَهُ ثَمَنَهَا، وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَهَا أَيْ أَوْ ذَكَرَهَا لَهُ وَلَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ ثَمَنَهَا (قَوْلُهُ: بِإِلْزَامٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُضِرَّ الدُّخُولُ عَلَى لُزُومِ الْبَيْعِ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا فِي مَسْأَلَةِ بَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا أَوْ عَلَى حُكْمِ غَيْرِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ، وَأَمَّا عَلَى حُكْمِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ رِضَاهُ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ غَيْرِ مَنْ لَهُ الْحُكْمُ أَوْ الرِّضَا مِنْهُمَا، وَأَمَّا فِي التَّوْلِيَةِ فَالْمُضِرُّ إلْزَامُ الْجَاهِلِ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ
(قَوْلُهُ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ) أَيْ وَكَالْبَيْعِ الْمُحْتَوِي عَلَى مُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ بِأَنْ يَتَّفِقَ مَعَهُ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ الثَّوْبَ قَبْلَ تَأَمُّلِهِ فِيهَا بِكَذَا وَأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ لَمْسِ الْمُشْتَرِي لَهَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشُرَهَا وَيَعْلَمَ مَا فِيهَا أَوْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَأْتِيَ بِهَا الْبَائِعُ وَيَطْرَحُهَا لِلْمُشْتَرِي لَزِمَ الْبَيْعُ فَاللَّمْسُ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا النَّبْذُ فَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ فَقَوْلُهُ: وَكَمُلَامَسَةِ الثَّوْبِ أَيْ مُلَامَسَةِ الْمُشْتَرِي الثَّوْبَ أَيْ وَيَكْتَفِيَا فِي لُزُومِ الْبَيْعِ وَتَحَقُّقِهِ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْشُرَهَا وَيَعْلَمَ مَا فِيهَا، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهَا لَهُ قَبْلَ التَّأَمُّلِ فِيهَا عَلَى شَرْطِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ أَعْجَبَتْهُ أَمْسَكَهَا وَإِلَّا رَدَّهَا كَانَ جَائِزًا.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْشُرُهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَنْشُرُهُ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يَتَأَمَّلُهُ بَلْ يَكْتَفِي فِي لُزُومِ الْبَيْعِ بِلَمْسِهِ أَيْ بِلَمْسِ الْمُشْتَرِي لَهُ هَذَا مِنْ تَتِمَّةِ تَصْوِيرِ مَسْأَلَةِ الْمُلَامَسَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُقَدِّمَهُ قَبْلَ قَوْلِهِ أَوْ بِلَيْلٍ مُقْمِرٍ؛ لِأَنَّهُ إشَارَةٌ لِمَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَحَاصِلُهَا أَنَّ بَيْعَ الثَّوْبِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ مَا فِيهَا بِاللَّيْلِ، وَلَوْ كَانَ مُقْمِرًا مَمْنُوعٌ وَمِثْلُ الثَّوْبِ فِي عَدَمِ جَوَازِ بَيْعِهِ بِاللَّيْلِ، وَلَوْ مُقْمِرًا الْحَيَوَانُ غَيْرُ مَأْكُولِ اللَّحْمِ، وَكَذَا مَأْكُولُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ شِرَاءُ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ فِي اللَّيْلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ اللَّيْلُ مُقْمِرًا أَوْ غَيْرَ مُقْمِرٍ؛ لِأَنَّ الْخِبْرَةَ بِالْيَدِ تُبَيِّنُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ مِنْ سَمْنٍ أَوْ هُزَالٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ لِغَيْرِ الْمَأْكُولَةِ فَيَجُوزُ بَيْعُهَا فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ دُونَ الْمُظْلِمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحُوتَ كَبَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ وَانْظُرْ هَلْ شِرَاءُ الْحُبُوبِ فِي اللَّيْلِ الْمُقْمِرِ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَتَنْبِذُهُ إلَيْهِ) أَيْ بِلَا تَأَمُّلٍ فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى لُزُومِ الْبَيْعِ بِمُجَرَّدِ حُصُولِ نَبْذِهَا مِنْ الْبَائِعِ
(قَوْلُهُ: وَهَلْ هُوَ بَيْعٌ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي أَبِيعُك عَلَى الْبَتِّ قَدْرًا مِنْ أَرْضِي هَذِهِ مَبْدَؤُهُ مِنْ مَحَلِّ وُقُوفِي أَوْ مِنْ مَحَلِّ وُقُوفِ فُلَانٍ إلَى مَا يَنْتَهِي رَمْيُهُ الْحَصَاةَ مِنِّي أَوْ مِنْ فُلَانٍ بِكَذَا فَيُمْنَعُ ذَلِكَ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهِ لِاخْتِلَافِ الرَّمْيِ وَمَحَلُّ الْفَسَادِ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى اللُّزُومِ (قَوْلُهُ: أَوْ هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا) بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَشْتَرِي مِنْك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا وَانْعِقَادُ الْبَيْعِ إذَا وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنِّي أَوْ مِنْك أَوْ مِنْ فُلَانٍ بِاخْتِيَارٍ مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ وَيَأْخُذُ الْحَصَاةَ فِي يَدِهِ أَوْ جَيْبِهِ فَإِذَا أَوْقَعَهَا لَزِمَ الْبَيْعُ فَقَدْ عُلِّقَ الِانْعِقَادُ عَلَى السُّقُوطِ فِي زَمَنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِلْجَهْلِ بِزَمَنِ وُقُوعِهَا فَفِيهِ تَأْجِيلٌ بِأَجَلٍ مَجْهُولٍ فَلَوْ عَيَّنَ لِوُقُوعِهَا بِاخْتِيَارِهِ أَجَلًا مَعْلُومًا وَكَانَ قَدْرَ زَمَنِ الْخِيَارِ كَأَنْ وَقَعَتْ الْحَصَاةُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الظُّهْرِ أَوْ مِنْ الْيَوْمِ إلَى غَدٍّ قَصْدًا كَانَ الْبَيْعُ لَازِمًا لَمْ يَفْسُدْ (قَوْلُهُ: مِمَّنْ هِيَ مَعَهُ) أَيْ فِي زَمَانٍ غَيْرِ
(أَوْ) هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ (عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ) الْحَصَاةُ مِنْ الثِّيَابِ مَثَلًا (بِلَا قَصْدٍ) مِنْ الرَّامِي لِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِقَصْدٍ جَازَ إنْ كَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِعِ وَجُعِلَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَتْ السِّلَعُ، فَإِنْ اتَّفَقَتْ جَازَ كَانَ الْوُقُوعُ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ (أَوْ) هُوَ بَيْعٌ يَلْزَمُ (بِعَدَدِ مَا يَقَعُ) مِنْ الْحَصَاةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ كَانَ لِي بِعَدَدِهِ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ فِي عِبَارَةٍ كَانَ لَك بِعَدَدِهِ إلَخْ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى ارْمِ بِالْحَصَاةِ فَمَا خَرَجَ مِنْ أَجْزَائِهَا الْمُتَفَرِّقَةِ حَالَ رَمْيِهَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَصَاةِ الْجِنْسُ أَيْ خُذْ جُمْلَةً مِنْ الْحَصَى فِي كَفِّك أَوْ كَفَّيْك وَحَرَّكَهُ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ مَثَلًا فَمَا وَقَعَ فَلِي بِعَدَدِهِ إلَخْ (تَفْسِيرَاتٌ) أَرْبَعَةٌ لِلْحَدِيثِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ تَأْوِيلَاتٌ
(وَكَبَيْعِ مَا) أَيْ جَنِينٍ (فِي بُطُونِ الْإِبِلِ) مَثَلًا وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي الْمُوَطَّإِ (أَوْ) بَيْعِ مَا فِي (ظُهُورِهَا) أَيْ بَيْعِ مَا يَكُونُ مِنْهُ الْجَنِينُ مِنْ مَاءِ هَذَا الْفَحْلِ بِخِلَافِ الْعَسِيبِ، فَإِنَّهُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى الْفِعْلِ أَيْ صُعُودُهُ عَلَى الْأُنْثَى كَمَا يَأْتِي فَلَا تَكْرَارَ (أَوْ) اشْتَرَى شَيْئًا وَأَجَّلَ ثَمَنَهُ (إلَى أَنْ يُنْتَجَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ النِّتَاجُ بِكَسْرِ النُّونِ أَيْ إلَى أَنْ تَلِدَ الْأَوْلَادَ وَفَسَّرَ الْمُصَنِّفُ الثَّلَاثَةَ بِمَا فِي الْمُوَطَّإِ بِقَوْلِهِ عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (وَهِيَ الْمَضَامِينُ وَالْمَلَاقِيحُ) جَمْعُ مَضْمُونٍ وَمَلْقُوحٍ (وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ فِيهِمَا
(وَكَبَيْعِهِ) يَشْمَلُ الْإِجَارَةَ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بَيْعُ الذَّاتِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَيْ بَيْعُ الْبَائِعِ سِلْعَةً دَارًا أَوْ غَيْرَهَا (بِالْمَنْفَعَةِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَائِعِ (حَيَاتَهُ) ، فَإِنَّهُ فَاسِدٌ لِلْغَرَرِ لِعَدَمِ عِلْمِ مُدَّةِ الْحَيَاةِ (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ (بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا مَجْهُولَ الْقَدْرِ كَمَا إذَا كَانَ فِي عِيَالِ الْمُشْتَرِي (أَوْ بِمِثْلِهِ إنْ عُلِمَ) الْمِثْلِيُّ بِأَنْ دَفَعَ إلَيْهِ قَدْرًا مَعْلُومًا مِنْ طَعَامِ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ يَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ فِي ثَلَاثٍ وَبِالْمِثْلِ فِي وَاحِدَةٍ (وَلَوْ) كَانَ فِي الْحَالَيْنِ (سَرَفًا) بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ الْمُنْفِقِ عَلَيْهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا إذَا كَانَ السَّرَفُ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِبَدَلِهِ (وَرُدَّ) الْمَبِيعُ ذَاتًا أَوْ مَنْفَعَةً (إلَّا أَنْ يَفُوتَ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
مُعَيَّنٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ فِي الْمَجْلِسِ سِلَعٌ كَمَقَاطِعِ قُمَاشٍ فَيَشْتَرِي مَقْطَعًا بِدِينَارٍ، وَقَالَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْطَعُ الَّذِي تَأْخُذُهُ هُوَ الَّذِي تَقَعُ عَلَيْهِ الْحَصَاةُ فَيَأْخُذُ حَصْوَةً وَيَرْمِيهَا فَكُلُّ مَا جَاءَتْ عَلَيْهِ كَانَ هُوَ الْمَبِيعَ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قَصْدٌ لِمَقْطَعٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ) أَيْ ذَلِكَ الْقَصْدُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقُولَ) أَيْ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ) أَيْ مِنْ أَجْزَاءِ تِلْكَ الْحَصَاةِ الَّتِي تَكَسَّرَتْ وَقَوْلُهُ: فَمَا خَرَجَ أَيْ وُجِدَ (قَوْلُهُ: كَانَ لَك) أَيْ أَيُّهَا الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: لِلْحَدِيثِ) أَيْ وَهُوَ مَا فِي مُسْلِمٍ مِنْ «نَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ»
(قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الْإِبِلِ) أَيْ مِنْ الْجَنِينِ قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الشَّاطِبِيُّ بَيْعُ الْأَجِنَّةِ لَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ، وَإِنْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي رُدَّتْ، فَإِنْ فَاتَتْ كَانَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ وأُجْبِرَا عَلَى أَنْ يَجْمَعَا بَيْنَهُمَا أَوْ يَبِيعَا (قَوْلُهُ: وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الْجَنِينِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ جَنِينَ إبِلٍ أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ: تَبَعًا لِلْإِمَامِ فِي الْمُوَطَّإِ) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ رَوَى فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ مُرْسَلًا «لَا رِبَا فِي الْحَيَوَانِ» ، وَإِنَّمَا «نَهَى فِيهِ عَنْ ثَلَاثَةٍ: الْمَضَامِينُ، وَالْمَلَاقِيحُ، وَحَبَلُ الْحَبَلَةِ» فَقَالَ مَالِكٌ الْمَضَامِينُ بَيْعُ مَا فِي بُطُونِ إنَاثِ الْإِبِلِ وَالْمَلَاقِيحُ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِ الْفُحُولِ وَحَبْلُ الْحُبْلَةِ بَيْعُ الْجَزُورِ إلَى أَنْ يُنْتَجَ نِتَاجُ النَّاقَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعُ مَا فِي ظُهُورِهَا) الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِبِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ أَوْ مَا فِي ظُهُورِ فُحُولِهَا أَوْ الضَّمِيرُ عَائِدٌ عَلَى الْإِبِلِ لَا بِالْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمِ وَلَا حَاجَةَ لِلْمَحْذُوفِ (قَوْلُهُ: إلَى أَنْ تَلِدَ الْأَوْلَادَ) أَيْ الَّتِي هِيَ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهَا كَأَشْتَرِي مِنْك سِلْعَةَ كَذَا بِدِينَارٍ مُؤَجَّلٍ إلَى أَنْ يُولَدَ لِلْجَنِينِ الَّذِي فِي بَطْنِ نَاقَتِي وَلَدٌ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْبَاءِ) أَيْ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَصْدَرٌ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ أَيْ وَمَحْبُولُ الْمَحْبُولَةِ لَا أَنَّ الْأَوَّلَ اسْمُ مَفْعُولٍ وَالثَّانِيَ جَمْعُ حَابِلٍ كَظَالِمٍ وَظَلَمَةٍ وَإِلَّا كَانَ عَيَّنَ الْأَوَّلَ وَهُوَ الْمَضَامِينُ فَالْحَبَلُ الْأَوَّلُ مَصْدُوقَةُ الْوَلَدُ الثَّانِي وَالْحَبَلَةُ مَصْدُوقُهُ الْوَلَدُ الْأَوَّلِ الَّذِي فِي بَطْنِ أُمِّهِ وَفِي جَعْلِ الْوَلَدِ الثَّانِي مَحْبُولًا مَجَازُ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: حَيَاتَهُ) أَمَّا لَوْ كَانَ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً جَازَ إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ مَاتَ الْبَائِعُ قَبْلَ تَمَامِهَا رَجَعَ مَا بَقِيَ لِلْوَارِثِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ هِبَةٌ لِلْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ مُقَوَّمًا) أَيْ مُطْلَقًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَوْ مَجْهُولَهُ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ يَوْمٍ يُعْطِيهِ دَجَاجَةً وَكَانَ مَا أَعْطَاهُ لَهُ مُنْضَبِطًا مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُنْضَبِطٍ وَحِينَ الْجَهْلِ تَكُونُ الْقِيمَةُ بِالتَّحَرِّي الْعَادِي.
(قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) أَيْ لِأَنَّ مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ إمَّا مُقَوَّمٌ أَوْ مِثْلِيٌّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْقَدْرِ أَوْ مَجْهُولَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَرَفًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَا أَنْفَقَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ مِنْ مُقَوَّمٍ وَمِثْلِيٍّ سَرَفًا بِالنِّسْبَةِ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ) أَيْ لَكِنَّ الرُّجُوعَ بِالسَّرَفِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ السَّرَفُ قَائِمًا أَوْ فَاتَ وَهَذَا بَيَانٌ لِلْإِطْلَاقِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَرْجِعْ بِبَدَلِهِ) أَيْ بِبَدَلِ السَّرَفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ غَيْرَ السَّرَفِ يَرْجِعُ بِهِ مُطْلَقًا قَائِمًا أَوْ فَائِتًا، وَأَمَّا السَّرَفُ فَيَرْجِعُ بِهِ فِي الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا فِي الْبَيْعِ فَيَرْجِعُ بِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ لَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَهَذِهِ التَّفْرِقَةُ الَّتِي
بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ فَيَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الْقِيمَةَ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُقَاصِصْهُ بِمَا أَنْفَقَ فَمَنْ لَهُ فَضْلٌ أَخَذَهُ
(وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ) وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (يَسْتَأْجِرُ عَلَى عُقُوقِ الْأُنْثَى) حَتَّى تَحْمِلَ وَلَا شَكَّ فِي جَهَالَةِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَحْمِلُ (وَجَازَ زَمَانٌ) كَيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ (أَوْ مَرَّاتٌ) كَمَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ بِكَذَا (فَإِنْ أَعَقَتْ) أَيْ حَمَلَتْ وَعَلَامَتُهُ إعْرَاضُهَا عَنْ الْفَحْلِ (انْفَسَخَتْ) الْإِجَارَةُ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ بِحِسَابِ مَا اُنْتُفِعَ
(وَكَبَيْعَتَيْنِ) جَعَلَهَا بَيْعَتَيْنِ بِاعْتِبَارِ تَبَدُّدِ الْمُثْمَنِ فِي السِّلْعَتَيْنِ وَالثَّمَنُ فِي السِّلْعَةِ الْوَاحِدَةِ (فِي بَيْعَةٍ) أَيْ عَقْدٌ وَاحِدٌ وَفَسَّرَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (يَبِيعُهَا بِإِلْزَامٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ أَكْثَرَ لِأَجَلٍ) وَيَخْتَارُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ وَقَعَ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْت بِكَذَا فَلَا مَنْعَ (أَوْ) يَبِيعُ بِإِلْزَامٍ (سِلْعَتَيْنِ) أَيْ إحْدَاهُمَا (مُخْتَلِفَتَيْنِ) جِنْسًا كَثَوْبٍ وَدَابَّةٍ أَوْ صِنْفًا كَرِدَاءٍ وَكِسَاءٍ لِلْجَهْلِ فِي الْمُثْمَنِ إنْ اتَّحَدَ الثَّمَنُ أَوْ فِيهِ وَفِي الثَّمَنِ إنْ اخْتَلَفَ (إلَّا) إنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا (بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ) فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهَا فِيمَا عَدَاهَا فَيَجُوزُ بَيْعُ إحْدَاهُمَا عَلَى اللُّزُومِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى الْأَجْوَدِ (وَإِنْ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا) الْوَاوُ لِلْحَالِ، وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَحْسَنَ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إنْ كَانَ الِاخْتِلَافُ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ مَعَ اتِّحَادِ الثَّمَنِ فِي غَيْرِ طَعَامٍ
(لَا) فِي (طَعَامٍ) فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ طَعَامَيْنِ كَصُبْرَتَيْنِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مَا يَأْخُذُهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ مِنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ شَيْئًا ثُمَّ يَنْتَقِلُ عَنْهُ إلَى أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَجْوَدَ وَهُوَ تَفَاضُلٌ وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ غَيْرُهُ بَلْ (وَإِنْ مَعَ غَيْرِهِ) كَبَيْعِ أَحَدِ طَعَامَيْنِ مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ الْجَوَازُ وَأَنَّ الطَّعَامَ تَبَعٌ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ وَفُهِمَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الطَّعَامَ لَوْ اتَّفَقَ جَوْدَةً وَرَدَاءَةً وَكَيْلًا أَنَّهُ يَجُوزُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ الْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً مَعَ الِاتِّفَاقِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بَيْنَ الْإِجَارَةِ وَالْبَيْعِ هِيَ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَفِي بْن تَحْقِيقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْبَيْعَ كَالْإِجَارَةِ فِي الرُّجُوعِ بِالسَّرَفِ مُطْلَقًا كَانَ قَائِمًا أَوْ فَاتَ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا أَخَذَهُ بِذَاتِهِ، وَإِنْ فَاتَ رَجَعَ بِبَدَلِهِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ مِثْلٍ عَلَى مَا مَرَّ وَمِنْ فُرُوعِ الْمَسْأَلَةِ مَا يَقَعُ كَثِيرًا يَخْدُمُ الشَّخْصَ عِنْدَ آخَرَ وَالْآخَرُ يُطْعِمُهُ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ وَيَرْجِعُ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُقَاصِصْهُ بِمَا أَنْفَقَ) أَيْ وَيُقَاصِصْ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: وَكَعَسِيبِ الْفَحْلِ) تُطْلَقُ الْعَسِيبُ عَلَى الذَّكَرِ وَعَلَى ضِرَابِ الْفَحْلِ وَهُوَ الْمُرَادُ وَقَوْلُهُ: عَلَى عُقُوقِ الْأُنْثَى أَيْ حَمْلِهَا أَيْ يُسْتَأْجَرُ الْفَحْلُ لِلضِّرَابِ إلَى حَمْلِ الْأُنْثَى فَعَلَى بِمَعْنَى إلَى وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِعُقُوقٍ بِأَنَّ الْمَسْمُوعَ إعْقَاقٌ وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فَإِنَّ أَعَقَّتْ رُبَاعِيٌّ، وَعَقَاقٌ كَسَحَابٍ وَكِتَابٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا قَدْ لَا تَحْمِلُ) أَيْ فَيَغِبْنَ رَبُّ الْفَحْلِ وَقَدْ تَحْمِلُ فِي زَمَنٍ قَرِيبٍ فَيَغِبْنَ رَبُّ الْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَجَازَ زَمَانٌ) أَيْ جَازَ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى ضِرَابِهِ زَمَانًا مُعَيَّنًا أَوْ مَرَّاتٍ مُعَيَّنَةً، فَإِنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا كَثَلَاثِ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَعَقْت) أَيْ حَمَلَتْ قَبْلَ تَمَامِ الزَّمَانِ أَوْ الْمَرَّاتِ (قَوْلُهُ: انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِمَا) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: تَنْفَسِخُ فِي الْمَرَّاتِ دُونَ الزَّمَانِ بَلْ يَأْتِي الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ أَخْذِهَا بِأُنْثَى تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ أَوْ يُؤَدِّي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْأُجْرَةِ فَإِذَا آجَرَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِدِينَارٍ وَحَمَلَتْ مِنْ أَوَّلِ مَرَّةٍ لَزِمَهُ ثُلُثُ الدِّينَارِ
(قَوْلُهُ: فِي السِّلْعَتَيْنِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ سِلْعَتَيْنِ وَقَوْلُهُ: فِي السِّلْعَةِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ سِلْعَةً.
(قَوْلُهُ: أَيْ عَقْدٌ وَاحِدٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعَةِ الْعَقْدُ وَحِينَئِذٍ فَفِي إمَّا لِلظَّرْفِيَّةِ أَوْ السَّبَبِيَّةِ (قَوْلُهُ: يَبِيعُهَا) أَيْ وَهِيَ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بَتًّا بِعَشَرَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَجَلٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ وَيَأْخُذُهَا الْمُشْتَرِي عَلَى السُّكُوتِ وَلَمْ يُعَيِّنْ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَارُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِهَا الشِّرَاءَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَجَلٍ، وَإِنَّمَا مُنِعَ لِلْجَهْلِ بِالثَّمَنِ حَالَ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ لَا عَلَى الْإِلْزَامِ) أَيْ بَلْ وَقَعَ عَلَى الْخِيَارِ (قَوْلُهُ: فَلَا مَنْعَ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا مَنْعَ فِي عَكْسِ مِثَالِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَهَا بِأَحَدَ عَشَرَ نَقْدًا أَوْ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَرَدُّدِ الْمُشْتَرِي غَالِبًا؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَ إنَّمَا يَخْتَارُ الْأَقَلَّ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهُمَا) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: الْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْقِيمَةَ دَائِمًا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَلَا مَعْنَى لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ طَعَامٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَا ثَوْبَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْعَبِيدِ وَالْبَقَرِ وَالشَّجَرِ الَّذِي لَا ثَمَرَ فِيهِ
(قَوْلُهُ: لَا فِي طَعَامٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَ السِّلْعَتَانِ الْمُخْتَلِفَتَانِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَقَطْ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَعَامًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا طَعَامٍ بِالْجَرِّ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ إلَّا بِجَوْدَةٍ وَرَدَاءَةٍ فَيَجُوزُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ لَا فِي طَعَامٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِ طَعَامَيْنِ) أَيْ مُتَّحِدَيْ الْجِنْسِ وَالْكَيْلِ مُخْتَلِفَيْنِ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ يَخْتَارُ إلَخْ) الْأَوْضَحُ فَإِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً بَعْدَ أَنْ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا وَانْتَقَلَ ثَمَنُهَا لِهَذِهِ فَالْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ الْمُنْتَقِلِ عَنْهُ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا ثَوْبٌ)
فِيمَا عَدَاهُمَا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْغَالِبَ الدُّخُولُ عَلَى اخْتِيَارِ الْأَجْوَدِ كَمَا مَرَّ فَلَا انْتِقَالَ وَبِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ فِي مَحْمُولَةٍ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ سَمْرَاءَ مِثْلَ الْكَيْلِ بَعْدَ الْأَجَلِ وَحِينَئِذٍ فَالطَّعَامُ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَيَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِمَا عَدَاهُمَا.
وَمَثَّلَ لِلطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ بِقَوْلِهِ (كَنَخْلَةٍ) أَيْ بَيْعُ نَخْلَةٍ (مُثْمِرَةٍ) عَلَى اللُّزُومِ لِيَخْتَارَهَا الْمُشْتَرِي (مِنْ نَخَلَاتٍ) مُثْمِرَاتٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَإِذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً يُعَدُّ أَنَّهُ اخْتَارَ قَبْلَهَا غَيْرَهَا ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهَا فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ إنْ كَانَا رِبَوِيَّيْنِ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا.
وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ عَدُّ الْمُخْتَارِ مُنْتَقِلًا مَوْجُودَةً فِيمَنْ بَاعَ بُسْتَانَهُ الْمُثْمِرَ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدَ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَةٍ يَخْتَارُهَا أَشَارَ إلَى جَوَازِهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا الْبَائِعُ يَسْتَثْنِي خَمْسًا مِنْ جِنَانِهِ) الْمُثْمِرِ الْمَبِيعِ عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْهُ فَيَجُوزُ إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى أَوْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ مِنْ رَدِيئِهِ فَلَا يَخْتَارُ ثُمَّ يَنْتَقِلُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثَمَرُ الْمُسْتَثْنَى قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ كَيْلًا أَوْ أَقَلَّ وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ وَلَا لَقِيمَتِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) أَمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا مِنْ الْحَيَوَانِ (بِشَرْطِ الْحَمْلِ) إنْ قَصَدَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ كَمَا إذَا كَانَ صُبْرَتَانِ مِنْ الطَّعَامِ مَعَ كُلِّ وَاحِدَةٍ ثَوْبٌ أَوْ مَعَ إحْدَاهُمَا ثَوْبٌ دُونَ الْأُخْرَى وَيَقُولُ الْمَالِكُ لَهُمَا لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك إحْدَى الصُّبْرَتَيْنِ مَعَ الثَّوْبِ الَّذِي مَعَهَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ وَلَك الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ، أَوْ أَبِيعُك إمَّا هَذِهِ الصُّبْرَةَ مَعَ الثَّوْبِ بِدِينَارٍ وَإِمَّا هَذِهِ الصُّبْرَةَ وَحْدَهَا بِدِينَارٍ عَلَى اللُّزُومِ وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي تَعْيِينِ مَا يَأْخُذُهُ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِيهِمَا مَا فِي ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَلِأَنَّ مَنْ خُيِّرَ بَيْنَ شَيْئَيْنِ يُعَدُّ مُنْتَقِلًا فَيُؤَدِّي إلَى بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَعَرَضٍ أَوْ بَيْعِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ بِطَعَامٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ لِدُخُولِ الشَّكِّ فِي التَّمَاثُلِ (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهُمَا) أَيْ مِنْ الْجِنْسِ وَالْكَيْلِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَسْلَمَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُقَاسَ هَذَا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فِي أَنَّهُ لَا يَضُرُّ اخْتِلَافُهُمَا بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ) أَيْ فَقَطْ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: بِمَا عَدَاهُمَا) بِأَنْ كَانَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْجِنْسِ أَوْ الْكَيْلِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ إذَا اتَّحَدَ الطَّعَامَانِ نَوْعًا وَكَيْلًا وَصِفَةً أَيْ جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً فَأَجْزِ اخْتَلَفَا فِي النَّوْعِ أَوْ الْكَيْلِ فَامْنَعْ اتَّحَدَا فِي النَّوْعِ وَالْكَيْلِ وَاخْتَلَفَا فِي الصِّفَةِ فَهُوَ مَحَلُّ الْخِلَافِ وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ
(قَوْلُهُ: وَمَثَّلَ لِلطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْبَلَحَ طَعَامٌ، وَاللِّيفَ وَالْجَرِيدَ وَالْخَشَبَ غَيْرُ طَعَامٍ (قَوْلُهُ: مِنْ نَخَلَاتٍ) الْمُرَادُ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْتَقَلَ إلَيْهَا) أَيْ وَهَذِهِ الْمُنْتَقَلُ إلَيْهَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَلَحُهَا أَقَلَّ مِنْ الْمُنْتَقِلِ عَنْهَا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالشَّكُّ فِي التَّمَاثُلِ كَتَحَقُّقِ التَّفَاضُلِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ) أَيْ إنْ دَخَلَا عَلَى كَيْلِهِمَا أَوْ عَلَى كَيْلِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ كَانَا مَكِيلَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِي بَيْعِ إحْدَى صُبْرَتَيْنِ عَلَى اللُّزُومِ يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُمَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي بَيْعِ نَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلَاتٍ مُثْمِرَاتٍ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى قَوْلِهِ فَيُؤَدِّي لِلتَّفَاضُلِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَيَحْذِفُ مَا بَعْدَهُ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: مَوْجُودَةً) أَيْ ظَاهِرًا فَلَا يُنَافِي جَوَابَيْهِ الْآتِيَيْنِ بِقَوْلِهِ إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى إلَخْ ثُمَّ إنَّ الْعِبَارَةَ لَا تَخْلُو عَنْ حَذْفٍ، وَالْأَصْلُ وَلَمَّا كَانَتْ الْعِلَّةُ الْمَذْكُورَةُ مَوْجُودَةً فِي مَنْ بَاعَ إلَخْ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَشَارَ لِجَوَازِهِ بِقَوْلِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: يُسْتَثْنَى خَمْسًا إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ أَبِيعُك هَذَا الْبُسْتَانَ الْمُثْمِرَ بِمِائَةٍ إلَّا خَمْسَ نَخَلَاتٍ أَخْتَارُهَا مِنْهُ وَأُعَيِّنُهَا عَلَى حِدَّةٍ فَالْمُسْتَثْنَى هُنَا الثَّمَرَةُ مَعَ الْأُصُولِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الطَّعَامِ مَعَ غَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ يَنْتَفِي التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَصُبْرَةٌ وَثَمَرَةٌ وَاسْتِثْنَاءٌ قَدْرَ ثُلُثٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَاكَ الثَّمَرَةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: إمَّا لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مُبْقًى) أَيْ لَا مُشْتَرًى، وَقَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ إلَخْ أَيْ أَوْ أَنَّهُ مُشْتَرًى لَكِنْ لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَمُ جَيِّدَ حَائِطِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثَمَرُ الْمُسْتَثْنَى) أَيْ ثَمَرُ النَّخْلِ الْمُسْتَثْنَى (قَوْلُهُ: قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرِ) أَيْ الَّذِي فِي الْبُسْتَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَلَّ) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ عَدَدُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَلَى خَمْسِ نَخَلَاتٍ أَوْ نَقَصَ أَوْ كَانَ قَدْرُهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِعَدَدِ النَّخْلِ) أَيْ الْمُسْتَثْنَى فَلَا يُقَالُ: إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ خَمْسَ نَخَلَاتٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ عَدَدَ النَّخْلِ الْمُسْتَثْنَى أَوْ قِيمَتَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ثُلُثَ عَدَدِ نَخْلِ الْبُسْتَانِ أَوْ ثُلُثَ قِيمَةِ نَخْلِهِ
(قَوْلُهُ: وَكَبَيْعِ حَامِلٍ) أَيْ فَهُوَ فَاسِدٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ مَضَى بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْمَذْكُورَ مُخْتَلِفٌ فِي صِحَّتِهِ؛ لِأَنَّ الشَّافِعِيَّةَ يَقُولُونَ بِصِحَّتِهِ، كَذَا فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ بَحْثًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْضِي بِالثَّمَنِ عِنْدَ الْفَوَاتِ ظَهَرَ أَنَّهَا حَامِلٌ أَوْ ظَهَرَ عَدَمُ الْحَمْلِ وَالصَّوَابُ قَصْرُهُ عَلَى مَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهَا حَامِلٌ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْحَمْلِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ لَا بِالثَّمَنِ، كَذَا فِي المج وَهُوَ وَجِيهٌ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ يُزَادُ فِي ثَمَنِهَا فَأَخْذُ مَا زِيدَ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ) أَيْ الْبَائِعُ بِاشْتِرَاطِهِ الْحَمْلَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا لَوْ كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ تُبَاعُ بِأَقَلَّ مِمَّا بِيعَتْ بِهِ وَهَذَا يَتَأَتَّى فِي الدَّوَابِّ وَالْأَمَةِ الْوَخْشِ
فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ كَالْخَفِيِّ فِي الْوَخْشِ إذْ قَدْ يَزِيدُ ثَمَنُهَا بِهِ دُونَ الرَّائِعَةِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ حُمِلَ عَلَى الِاسْتِزَادَةِ فِي الْوَخْشِ وَفِي غَيْرِ آدَمِيٍّ وَعَلَى التَّبَرِّي فِي الرَّائِعَةِ
(وَاغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ) إجْمَاعًا (لِلْحَاجَةِ) أَيْ لِلضَّرُورَةِ كَأَسَاسِ الدَّارِ فَإِنَّهَا تُشْتَرَى مِنْ غَيْرِ مَعْرِفَةِ عُمْقِهِ وَلَا عَرْضِهِ وَلَا مَتَانَتِهِ وَكَإِجَارَتِهَا مُشَاهَرَةٌ مَعَ احْتِمَالِ نُقْصَانِ الشُّهُورِ وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ لِحَافٍ وَالْحَشْوُ مَغِيبٌ وَشُرْبٍ مِنْ سِقَاءٍ وَدُخُولِ حَمَّامٍ مَعَ اخْتِلَافِ الشُّرْبِ وَالِاسْتِعْمَالِ (لَمْ يَقْصِدْ) أَيْ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَيْ لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ قَصْدَهُ فَخَرَجَ بِقَيْدِ الْيَسَارَةِ الْكَثِيرِ كَبَيْعِ الطَّيْرِ فِي الْهَوَاءِ وَالسَّمَكِ فِي الْمَاءِ فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا وَبِقَيْدِ عَدَمِ الْقَصْدِ بِيعَ الْحَيَوَانُ بِشَرْطِ الْحَمْلِ عَلَى مَا مَرَّ.
(وَكَمُزَابَنَةٍ) بِالتَّنْوِينِ مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ؛ لِأَنَّ كُلّ وَاحِدٍ يَدْفَعُ صَاحِبَهُ عَمَّا يَقْصِدُهُ مِنْهُ وَفَسَّرَهَا الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ بِقَوْلِهِ (مَجْهُولٍ) أَيْ بَيْعُ مَجْهُولٍ (بِمَعْلُومٍ) رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ) بَيْعِ مَجْهُولٍ (بِمَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ) فِيهِمَا لِلْغَرَرِ بِسَبَبِ الْمُغَالَبَةِ.
فَإِنْ تَحَقَّقَتْ الْمَغْلُوبِيَّةُ فِي أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ) الْمَجْهُولُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِالْمَعْلُومِ (إنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ الْعِوَضَيْنِ كَثْرَةً بَيِّنَةً تَنْتَفِي مَعَهَا الْمُغَالَبَةُ (فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ) أَيْ فِيمَا لَا رِبَا فَضْلٍ فِيهِ فَيَشْمَلُ مَا يَدْخُلُهُ رِبَا نَسَاءٍ فَقَطْ كَالْفَوَاكِهِ وَمَا لَا يَدْخُلُهُ رِبًا أَصْلًا كَقُطْنٍ وَحَدِيدٍ لَكِنْ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الطَّعَامِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ، وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ لِلتَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِنْسِهِ، فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ جَازَ كَمَا لَا يَخْفَى.
وَلَمَّا قَيَّدَ الْمُزَابَنَةَ بِاتِّحَادِ الْجِنْسِ فَمَعَ اخْتِلَافِهِ وَلَوْ بِدُخُولِ نَاقِلٍ لَا مُزَابَنَةَ فِيهِ عُطِفَ عَلَى فَاعِلِ جَازَ قَوْلُهُ (و) جَازَ (نُحَاسٌ) أَيْ بَيْعُهُ (بِتَوْرٍ) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ مَفْتُوحَةٍ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ يُشْرَبُ فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا فِي الْعِلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ لَا يُوجِبُ زِيَادَةَ ثَمَنِهَا بَلْ نَقْصَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَ التَّبَرِّي) كَأَنْ يَقُولُ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي: أَخَافُ أَنْ أَبِيعَهَا لَك فَتَرُدُّهَا عَلَيَّ بِالْحَمْلِ فَأَنَا لَا أَبِيعُهَا لَك إلَّا عَلَى أَنَّهَا حَامِلٌ لِأَجْلِ أَنْ لَا تَقْدِرَ عَلَى رَدِّهَا لَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَقَوْلُهُ: فَإِنَّ قَصْدَ التَّبَرِّي أَيْ مِنْ عَيْبِ الْحَمْلِ وَاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ لِلتَّبَرِّي لَا يَتَأَتَّى فِي الدَّوَابِّ، وَإِنَّمَا يَتَأَتَّى فِي الْإِمَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَرَاءَةَ مِنْ الْعُيُوبِ إنَّمَا تَجُوزُ فِي الرَّقِيقِ لَا فِي الدَّوَابِّ (قَوْلُهُ: جَازَ فِي الْحَمْلِ الظَّاهِرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأَمَةُ الْمَبِيعَةُ مِنْ عَلِيِّ الرَّقِيقِ أَوْ وَخْشِهِ (قَوْلُهُ: دُونَ الرَّائِعَةِ) وَذَلِكَ لِلْغَرَرِ فِي الْخَفِيِّ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَجُوزُ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ بِخِلَافِ الظَّاهِرِ، فَإِنَّهُ قَادِمٌ عَلَيْهِ مُحَقَّقٌ لِوُجُودِهِ، وَأَمَّا الْوَخْشُ فَالْحَمْلُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ وَخْشًا وَكَانَ الْحَمْلُ خَفِيًّا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْحَمْلِ لِأَجْلِ الْبَرَاءَةِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى فَرْضِ إذَا لَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ لَا يَضُرُّهُ وُجُودُ الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي ثَمَنِهَا بِخِلَافِ الْعِلِّيَّةِ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَ خَفِيًّا رُبَّمَا جَوَّزَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ وَلَمْ يَصْدُقْ الْبَائِعُ فَتَظْهَرُ أَنَّهَا حَامِلٌ فَيَعُودُ عَلَيْهِ الضَّرَرُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُصَرِّحَ بِمَا قَصَدَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْحَمْلِ بِأَنْ يَقُولَ: أَرَدْت بِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ الشَّرْطِ الْبَرَاءَةَ أَوْ الِاسْتِزَادَةَ فِي الثَّمَنِ، وَإِمَّا أَنْ لَا يُصَرِّحَ بِمَا قَصَدَ، فَإِنْ صَرَّحَ بِمَا قَصَدَ فَحُكْمُهُ ظَاهِرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ فَقَدْ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ هُنَا بِقَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِمَا قَصَدَهُ بِاشْتِرَاطِ الْحَمْلِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: غَرَرٌ يَسِيرٌ) أَيْ وَهُوَ مَا شَأْنُ النَّاسِ التَّسَامُحُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَأَسَاسِ الدَّارِ) أَيْ كَالْغَرَرِ بِالنِّسْبَةِ لِأَسَاسِ الدَّارِ الْمَبِيعَةِ وَإِلَّا فَالْأَسَاسُ لَيْسَ غَرَرًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ: وَكَجُبَّةٍ مَحْشُوَّةٍ أَوْ لِحَافٍ) أَيْ، وَأَمَّا حَشْوُ الطَّرَّاحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ نَظَرِهِ وَلَا يُغْتَفَرُ الْغَرَرُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ كَثِيرٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يُغْتَفَرُ إجْمَاعًا) أَيْ بَلْ يَفْسُدُ الْبَيْعُ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ الْحَمْلِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْصَدُ فِي الْبَيْعِ عَادَةً وَهُوَ غَرَرٌ إذْ يَحْتَمِلُ حُصُولُهُ وَعَدَمُ حُصُولِهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حُصُولِهِ فَهَلْ تَسْلَمُ أُمُّهُ عِنْدَ الْوِلَادَةِ أَوْ تَمُوتُ
(قَوْلُهُ: بِالتَّنْوِينِ) هَذَا غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ قِرَاءَتِهِ بِالْإِضَافَةِ وَتَكُونُ الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّبْنِ وَهُوَ الدَّفْعُ) مِنْ قَوْلِهِمْ نَاقَةٌ زَبُونٌ إذَا مُنِعَتْ مِنْ حِلَابِهَا وَالْمَنْعُ الدَّفْعُ وَمِنْهُ الزَّبَانِيَةُ لِدَفْعِهِمْ الْكُفَّارَ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ: مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ أَوْ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: رِبَوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَبَيْعِ إرْدَبِّ قَمْحٍ بِغِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ لَا يَدْرِي قَدْرَ مَا فِيهَا مِنْ الْقَمْحِ وَكَقِنْطَارٍ خَوْخًا بِقَفَصٍ مَمْلُوءٍ خَوْخًا لَا يُعْلَمُ وَزْنَ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِ مَجْهُولٍ بِمَجْهُولٍ) أَيْ كَبَيْعِ غِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ قَمْحًا بِغِرَارَةٍ مَمْلُوءَةٍ مِنْهُ وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا فِيهِمَا أَوْ بَيْعُ قَفَصِ خَوْخٍ بِمِثْلِهِ لَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ: فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ وَالْمَجْهُولُ بِالْمَجْهُولِ أَيْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لَهُمَا
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الرِّبَوِيُّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْهُ أَوْ بَيْعُ الْمَجْهُولَيْنِ مِنْهُ إذَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً بَيِّنَةً كَمَا لَا يَجُوزُ إذَا كَانَتْ الْكَثْرَةُ غَيْرُ بَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ) أَيْ كَبَيْعِ إرْدَبِّ أَرْزٍ بِصُبْرَةِ قَمْحٍ مَجْهُولَةِ الْقَدْرَ أَوْ صُبْرَتَيْنِ مِنْهُمَا مَجْهُولَتَيْ الْقَدْرِ (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ بِشَرْطِ الْمُنَاجَزَةِ كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: وَنُحَاسٌ) هُوَ مُثَلَّثُ النُّونِ أَيْ غَيْرُ مَصْنُوعٍ، وَقَوْلُهُ: بِتَوْرٍ هُوَ فِي اللُّغَةِ إنَاءٌ مِنْ نُحَاسٍ يُشْرَبُ فِيهِ وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا مُطْلَقُ نُحَاسٍ مَصْنُوعٍ سَوَاءٌ كَانَ تَوْرًا أَوْ حُلَّةً أَوْ إبْرِيقًا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ النُّحَاسِ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ بِالنُّحَاسِ الْمَصْنُوعِ وَهَذِهِ إحْدَى مَسَائِلُ أَرْبَعَةٌ الثَّانِيَةُ بَيْعُ النُّحَاسِ
وَسَوَاءٌ كَانَا جُزَافَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا، وَالْجَوَازُ إنْ بِيعَ نَقْدًا، وَكَذَا مُؤَجَّلًا وَقَدَّمَ النُّحَاسَ حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مِثْلُ الْمَصْنُوعِ الْمُؤَجَّلِ وَإِلَّا مُنِعَ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ أَوَانِي النُّحَاسِ بِالْفُلُوسِ؛ لِأَنَّهُمَا مَصْنُوعَانِ إنْ عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَوَزْنُ الْأَوَانِي أَوْ جُهِلَ الْوَزْنُ وَوُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا لَوْ جُهِلَ الْعَدَدُ وَالْوَزْنُ مَعًا، وَأَمَّا مَا تَكَسَّرَ مِنْهَا وَمَا بَطَلَ مِنْ الْفُلُوسِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُمَا بِفُلُوسٍ مُتَعَامِلٍ بِهَا وَهُمَا دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ (لَا فُلُوسَ) عَطْفٌ عَلَى تَوْرٍ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ نُحَاسٍ بِفُلُوسٍ لِعَدَمِ انْتِقَالِ الْفُلُوسِ بِصَنْعَتِهَا بِخِلَافِ صَنْعَةِ الْإِنَاءِ وَمَحِلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ جُهِلَ عَدَدُهَا سَوَاءٌ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ أَمْ لَا كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا أَوْ عُلِمَ عَدَدُهَا وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ حَيْثُ لَمْ يَتَبَيَّنْ فَضْلُ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا إذَا عُلِمَ عَدَدُهَا وَوَزْنُ النُّحَاسِ.
[دَرْسٌ](وَكَكَالِئٍ) أَيْ دَيْنٍ مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ الْحِفْظُ أَيْ بَيْعُ دَيْنٍ (بِمِثْلِهِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَبَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَابْتِدَاءُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ أَشَدُّهَا لِكَوْنِهِ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ بِقَوْلِهِ (فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ الْمَدِينِ (فِي مُؤَخَّرٍ) قَبَضَهُ عَنْ وَقْتِ الْفَسْخِ حَلَّ الدَّيْنُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْغَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِالْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا وَهَذِهِ هِيَ الْآتِيَةُ لِلْمُصَنِّفِ وَالثَّالِثَةُ بَيْعُ النُّحَاسِ الْمَصْنُوعِ بِالْفُلُوسِ، وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ أَوَانِي النُّحَاسِ بِالْفُلُوسِ إلَى آخِرِهِ وَالرَّابِعَةُ بَيْعُ الْفُلُوسِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِمِثْلِهَا وَسَنَذْكُرُهَا، وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُ النُّحَاسِ غَيْرَ الْمَصْنُوعِ بِالتَّوْرِ وَلَمْ يُمْنَعْ لِلْمُزَابَنَةِ لِانْتِقَالِهِ بِالصَّنْعَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ كَانَا جُزَافَيْنِ) أَيْ مَجْهُولَيْ الْوَزْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَجْهُولًا وَزْنُهُ وَالْآخَرُ مَعْلُومًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَا مَعْلُومَيْ الْوَزْنِ لَجَازَ مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَقِنْطَارِ نُحَاسٍ بِإِنَاءِ نِصْفِ قِنْطَارٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مُؤَجَّلًا وَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا عَلِمَ قَدْرَ كُلٍّ مِنْ النُّحَاسَيْنِ جَازَ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِنْ جَهِلَ قَدْرَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ أَحَدِهِمَا فَالْجَوَازُ إنْ كَانَ الْمَبِيعُ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ مُؤَجَّلًا فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ النُّحَاسَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ ذَلِكَ النُّحَاسُ تَوْرًا وَإِلَّا مُنِعَ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّمُ التَّوْرُ فَأَجِزْ مُطْلَقًا كَانَ الْأَجَلُ يُمْكِنُ أَنْ يُكْسَرَ التَّوْرُ فِيهِ وَيُعْمَلُ نُحَاسًا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْأَجَلُ قَرِيبًا بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُكْسَرَ التَّوْرُ فِيهِ وَيُعَادُ نُحَاسًا اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ) أَيْ فِي الْأَجَلِ لِقِصَرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَوَزْنُ النُّحَاسِ فَالْجَوَازُ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ عَدَدُ الْفُلُوسِ وَجُهِلَ وَزْنُ النُّحَاسِ، فَإِنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ جَازَ وَإِلَّا، فَإِنْ وُجِدَتْ شُرُوطُ الْجُزَافِ جَازَ أَيْضًا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ مُنِعَ كَمَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ عَدَدَ الْفُلُوسِ عُلِمَ وَزْنُ النُّحَاسِ أَوَّلًا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَوَانِي النُّحَاسِ (قَوْلُهُ: وَهُمَا دَاخِلَانِ تَحْتَ قَوْلِهِ لَا فُلُوسَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا يَجُوزُ بَيْعُ نُحَاسٍ غَيْرِ مَصْنُوعٍ بِفُلُوسٍ وَهَذَا صَادِقٌ بِكَوْنِ النُّحَاسِ مُكَسَّرًا أَوْ فُلُوسًا بَطَلَ التَّعَامُلُ بِهَا، وَقَوْلُهُ: بِفُلُوسٍ أَيْ مُتَعَامَلٍ بِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ حَيْثُ جُهِلَ عَدَدُهَا) أَيْ الْفُلُوسِ وَإِنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ، وَلَوْ مَعَ الْكَثْرَةِ الَّتِي تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ؛ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِكَوْنِ الْفُلُوسِ لَا تُبَاعُ جُزَافًا كَمَا سَبَقَ لَا لِمُجَرَّدِ الْمُزَابَنَةِ وَإِلَّا لَجَازَ فِي حَالِ الْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا عُلِمَ عَدَدُهَا وَوَزْنُ النُّحَاسِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ سَوَاءٌ كَثُرَ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ أَمْ لَا، فَعُلِمَ أَنَّ أَقْسَامَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ مَسْأَلَةُ بَيْعِ النُّحَاسِ بِالْفُلُوسِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمٌ يَمْتَنِعُ فِيهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَقِسْمٌ يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا، وَقِسْمٌ يَمْتَنِعُ فِيهِ الْبَيْعُ إنْ لَمْ يَكْثُرْ أَحَدُهُمَا كَثْرَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ وَإِلَّا جَازَ.
(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَنْ الْمَسْأَلَةِ الرَّابِعَةِ وَهِيَ بَيْعُ الْفُلُوسِ السَّحَاتِيتِ الْمُتَعَامَلِ بِهَا بِالْفُلُوسِ الدِّيوَانِيَّةِ فَعَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْفُلُوسَ غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ، فَإِنْ تَمَاثَلَا عَدَدًا فَأَجِزْ، وَإِنْ جَهِلَ عَدَدَ كُلٍّ، فَإِنْ زَادَ أَحَدُهُمَا زِيَادَةً تَنْفِي الْمُزَابَنَةَ فَأَجِزْ وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْفُلُوسَ رِبَوِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ الْبَيْعُ إلَّا إذَا تَمَاثَلَا وَزْنًا أَوْ عَدَدًا
(قَوْلُهُ: مِنْ الْكِلَاءَةِ بِكَسْرِ الْكَافِ وَهِيَ الْحِفْظُ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّ الدَّيْنَ مَكْلُوءٌ لَا كَالِئٌ وَالْكَالِئُ إنَّمَا هُوَ صَاحِبُهُ فَهُوَ الَّذِي يَحْفَظُ الْمَدِينَ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ مَجَازٌ فِي إسْنَادِ مَعْنَى الْفِعْلِ لِلْمُلَابَسَةِ فَحَقُّ الْكِلَاءَةِ وَهِيَ الْحِفْظُ أَنْ تُسْنَدَ لِلشَّخْصِ بِأَنْ يُقَالَ وَكَدَيْنِ كَالِئٍ صَاحِبُهُ فَأُسْنِدَتْ لِلدَّيْنِ لِلْمُلَابَسَةِ الَّتِي بَيْنَ الدَّيْنِ وَصَاحِبِهِ أَوْ أَنَّ كَالِئَ بِمَعْنَى مَكْلُوءٍ فَهُوَ مَجَازٌ مُرْسَلٌ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَإِرَادَةِ اسْمِ الْمَفْعُولِ لِعَلَاقَةِ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْحَافِظِ الْمَحْفُوظِ وَعَكْسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فِيهِ أَنَّ مِنْ جُمْلَتِهَا بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فَيَلْزَمُ تَقْسِيمُ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَإِلَى غَيْرِهِ وَهُوَ بَاطِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّ بَيْعَ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ يَشْمَلُ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ لُغَةً الَّتِي هِيَ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَبَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَتَأَخُّرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يُقَالُ لَهُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ لُغَةً إلَّا أَنَّ الْفُقَهَاءَ سَمَّوْا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِاسْمٍ يَخُصُّهُ (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ رِبَا الْجَاهِلِيَّةِ) أَيْ فَتَحْرِيمُهُ بِالْكِتَابِ بِخِلَافِ الْأَخِيرَيْنِ فَتَحْرِيمُهُمَا بِالسُّنَّةِ (قَوْلُهُ: فَسْخِ مَا فِي الذِّمَّةِ) هُوَ بِالْجَرِّ بَدَلٌ وَعَطْفُ بَيَانٍ أَوْ بِالنَّصْبِ مَفْعُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ (قَوْلُهُ: فِي مُؤَخَّرِ) أَيْ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ (قَوْلُهُ: حَلَّ الدَّيْنُ) أَيْ الْمَفْسُوخُ
أَمْ لَا إنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَغَائِبٍ) عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ بِيعَ الْعَقَارُ مُذَارَعَةً أَوْ جُزَافًا (وَ) أَمَةٍ (مُوَاضَعَةٍ) فِي حَالِ مُوَاضَعَتِهَا فَسَخَهَا الْمُشْتَرِي فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ شَأْنُهَا أَنْ تَتَوَاضَعَ فَلَا يَجُوزُ لِمَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ فِيهِ أَمَةً عِنْدَهُ رَائِعَةً أَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا (أَوْ) كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ (مَنَافِعُ عَيْنٍ) أَيْ ذَاتًا مُعَيَّنَةً كَرُكُوبِ دَابَّةٍ وَخِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنَيْنِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمَنَافِعَ وَإِنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فِي الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ مَثَلًا فَهِيَ كَالدَّيْنِ لِتَأَخُّرِ أَجْزَائِهَا، وَقَالَ أَشْهَبُ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا إذَا أُسْنِدَتْ لِمُعَيَّنٍ أَشْبَهَتْ الْمُعَيَّنَاتِ الْمَقْبُوضَةِ وَصَحَّحَ لَكِنَّ الرَّاجِحَ الْأَوَّلَ، وَأَمَّا الْمَنَافِعُ الْمَضْمُونَةُ كَرُكُوبِ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَسُكْنَى دَارٍ كَذَلِكَ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فِي مَنْعِهَا
وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَبَيْعُهُ) أَيْ الدَّيْنِ، وَلَوْ حَالًّا (بِدَيْنٍ) لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ عِمَارَةِ ذِمَّتَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا وَيُتَصَوَّرُ الْأَوَّلُ فِي أَرْبَعَةٍ كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى زَيْدٍ وَلِآخَرَ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَيَبِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا دَيْنَهُ بِدَيْنِ صَاحِبِهِ وَالثَّانِي فِي ثَلَاثَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمُؤَخَّرُ) أَيْ الَّذِي فُسِخَ فِيهِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَيْنًا فَفَسَخَهُ فِي طَعَامٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ دَرَاهِمَ فَفَسَخَهَا فِي دَنَانِيرَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ جِنْسِهِ بِأَكْثَرَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَفَسَخَهَا فِي خَمْسَةَ عَشَرَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَأَمَّا تَأْخِيرُ الدَّيْنِ أَجْلًا ثَانِيًا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ أَوْ مَعَ حَطِيطَةِ بَعْضِهِ فَهُوَ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ طَعَامًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ كَانَ نَقْدًا مِنْ بَيْعٍ أَوْ مِنْ قَرْضٍ خِلَافًا لعبق إذْ لَيْسَ هَذَا مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ بَلْ هُوَ سَلَفٌ أَوْ مَعَ حَطِيطَةٍ وَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ مَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ بَعْضَهُ لَيْسَ فَسْخًا؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْفَسْخِ الِانْتِقَالُ عَمَّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا قَالَهُ عج ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ أَيْ وَلَوْ اتِّهَامًا فَدَخَلَ فِيهِ حِينَئِذٍ مَا إذَا أَخَذَ مِنْهُ فِي الدَّيْنِ شَيْئًا ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ بِشَيْءٍ مُؤَخَّرٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الدَّيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسِهِ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا خَرَجَ مِنْ الْيَدِ وَعَادَ إلَيْهَا يُعَدُّ لَغْوًا وَدَخَلَ أَيْضًا مَا لَوْ قَضَاك دَيْنَك ثُمَّ رَدَدْتُهُ لَهُ سَلَمًا وَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ يَقَعَانِ بِمِصْرَ كَثِيرًا لِلتَّحَيُّلِ عَلَى التَّأْخِيرِ بِزِيَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَفْسُوخُ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ) أَيْ يَتَأَخَّرُ ضَمَانُهُ، وَإِنْ حَصَلَ قَبْضُ ذَلِكَ الْمُعَيَّنِ بِالْفِعْلِ كَمَا فِي الْأَمَةِ الَّتِي شَأْنُهَا أَنْ تَتَوَاضَعَ أَوْ الْمُرَادُ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَالْأَوَّلُ كَالْغَائِبِ وَالثَّانِي كَالْأَمَةِ الْمُتَوَاضِعَةِ إذْ لَا يَقْبِضُهَا شَرْعًا بِحَيْثُ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِرُؤْيَةِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: كَغَائِبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخْذُهُ لِذَلِكَ الْغَائِبِ فِي الدَّيْنِ عَلَى وَصْفٍ أَوْ رُؤْيَةٍ سَابِقَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَعَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ مَعَ بَقَاءِ الصِّفَةِ الْمُعَيَّنَةِ حِينَ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ: بَيْعُ الْعَقَارِ مُذَارَعَةً) كَمَا لَوْ طَلَبْت الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَأَعْطَاكَ دَارًا غَائِبَةً كُلُّ ذِرَاعٍ بِكَذَا وَقَوْلُهُ: أَوْ جُزَافًا أَيْ كَمَا لَوْ طَلَبْت الدَّيْنَ مِنْ الْمَدِينِ بَعْدَ حُلُولِهِ فَأَعْطَاك دَارًا غَائِبَةً فِي الدَّيْنِ جُزَافًا، فَإِنْ قُلْت الْعَقَارُ الْمَبِيعُ جُزَافًا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فَلَيْسَ فِيهِ بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ قُلْتُ هُوَ وَإِنْ كَانَ مَقْبُوضًا شَرْعًا لَكِنَّ قَبْضَهُ مُتَأَخِّرٌ حِسًّا وَمَتَى تَأَخَّرَ الْقَبْضُ شَرْعًا أَوْ حِسًّا فَالْمَنْعُ وَلَا يَحْصُلُ الْخَلَاصُ مِنْهُ إلَّا بِالْقَبْضَيْنِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَنْعِ فِي الْجُزَافِ كَالْمُذَارَعَةِ هُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ مُحْرِزٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي شب خِلَافًا لِمَا فِي خش مِنْ الْجَوَازِ فِي الْجُزَافِ تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ وَالشَّارِحِ بَهْرَامَ وَهُوَ تَأْوِيلُ فَضْلٍ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ رَائِعَةً أَوْ وَخْشًا (قَوْلُهُ: أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مُعَيَّنًا يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَفْسُوخُ فِيهِ مَنَافِعَ مَضْمُونَةً بَلْ، وَلَوْ كَانَ مَنَافِعَ عَيْنٍ أَيْ ذَاتٌ مُعَيَّنَةٌ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ فَسْخَ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مَنَافِعِ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ غَيْرُ مَمْنُوعٍ بَلْ هُوَ جَائِزٌ وَمِثْلُ الْفَسْخِ فِي مَنَافِعِ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ الْفَسْخُ فِي ثِمَارٍ يَتَأَخَّرُ جَذُّهَا أَوْ سِلْعَةٍ فِيهَا خِيَارٌ أَوْ رَقِيقٌ فِيهِ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ أَوْ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ.
(قَوْلُهُ: كَرُكُوبِ دَابَّةٍ) أَيْ كَأَنْ يَفْسَخُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ فِي رُكُوبِ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ جُمُعَةٍ أَوْ خِدْمَةِ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ شَهْرًا أَوْ سُكْنَى دَارٍ مُعَيَّنَةٍ سَنَةً (قَوْلُهُ: لِتَأَخُّرِ أَجْزَائِهَا) أَيْ فَقَبْضُ الْأَوَائِلِ لَيْسَ قَبْضًا لِلْأَوَاخِرِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِنْدَ أَشْهَبَ إنَّ قَبْضَ الْأَوَائِلِ قَبْضٌ لِلْأَوَاخِرِ (قَوْلُهُ: وَصَحَّحَ) قَدْ كَانَ عج يَعْمَلُ بِهِ فَكَانَتْ لَهُ حَانُوتٌ سَاكِنٌ فِيهَا مُجَلِّدٌ يُجَلِّدُ الْكُتُبَ فَكَانَ إذَا تَرَتَّبَ لَهُ أُجْرَةٌ فِي ذِمَّتِهِ يَسْتَأْجِرُهُ بِهَا عَلَى تَسْفِيرِ كُتُبٍ، وَكَانَ يَقُولُ: هَذَا قَوْلُ أَشْهَبَ وَصَحَّحَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُهُ لِمَنْ هُوَ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَالثَّانِي فِي ثَلَاثَةٍ) أَيْ وَلَا يُتَصَوَّرُ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ فِي أَقَلَّ
كَمَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى شَخْصٍ فَيَبِيعُهُ مِنْ ثَالِثٍ لِأَجَلٍ وَلَا يَمْتَنِعُ فِي هَذَا الْقِسْمِ بَيْعُهُ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَلَا بِمَنَافِعَ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ وَبَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ
وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ) أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَهُوَ عَيْنٌ لِمَا فِيهِ مِنْ ابْتِدَاءِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا أَشْغَلَ ذِمَّةَ صَاحِبِهِ بِدَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ أَخَفُّ مِنْ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ الْأَخَفِّ مِنْ فَسْخِهِ بِهِ
وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَنْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ ذَكَرَ بَيْعَهُ بِالنَّقْدِ وَلَا يَخْلُو مَنْ هُوَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا بِقَوْلِهِ (وَمَنْعُ بَيْعِ دَيْنِ مَيِّتٍ) أَيْ عَلَيْهِ (أَوْ) عَلَى (غَائِبٍ، وَلَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ) أَوْ عُلِمَ مِلَاؤُهُ (وَ) عَلَى (حَاضِرٍ) ، وَلَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) بِهِ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُبَاعُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا طَعَامَ مُعَاوَضَةٍ وَبِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ وَلَيْسَ ذَهَبًا بِفِضَّةٍ وَلَا عَكْسَهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ.
(وَكَبَيْعِ الْعُرْبَانِ) اسْمٌ مُفْرَدٌ وَيُقَالُ: أُرْبَانُ بِضَمِّ أَوَّلِ كُلٍّ وَعُرْبُونٌ وَأُرْبُونٌ بِضَمِّ أَوَّلِهِمَا وَفَتْحِهِ وَهُوَ (أَنْ) يَشْتَرِيَ أَوْ يَكْتَرِيَ السِّلْعَةَ وَ (يُعْطِيَهُ) أَيْ يُعْطِيَ الْمُشْتَرِي الْبَائِعَ (شَيْئًا) مِنْ الثَّمَنِ (عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي (إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ لَمْ يُعِدْ إلَيْهِ) مَا أَعْطَاهُ، وَإِنْ أَحَبَّهُ حَاسَبَهُ بِهِ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ تَرَكَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيُفْسَخُ، فَإِنْ فَاتَ مَضَى بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ كَرِهَ الْبَيْعَ أَخَذَهُ وَإِلَّا حَاسَبَ بِهِ جَازَ.
(وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ) أَيْ وَالِدَةٍ، وَلَوْ كَافِرَةً غَيْرَ حَرْبِيَّةٍ أَوْ مَجْنُونَةً (فَقَطْ) لَا أَبٌ وَلَا جَدَّةٌ (مِنْ وَلَدِهَا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ ثَلَاثَةٍ كَمَا أَنَّ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي اثْنَيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْتَنِعُ فِي هَذَا الْقِسْمِ بَيْعُهُ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ أَيْ فَإِذَا كَانَ لِزَيْدٍ دَيْنٌ عَلَى عَمْرٍو فَيَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ لِخَالِدٍ بِمُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ أَوْ بِمَنَافِعَ ذَاتٍ مُعَيَّنَةٍ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الدَّيْنَ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِمَا ذُكِرَ وَلَا يَجُوزُ فَسْخُهُ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْقِسْمَ أَوْسَعُ مِمَّا قَبْلَهُ إنْ قُلْت: سَيَأْتِي أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إلَّا إذَا كَانَ عَلَى حَاضِرٍ أَوْ كَانَ الشِّرَاءُ بِالنَّقْدِ وَالْمُعَيَّنُ الَّذِي يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَمَنَافِعُ الذَّاتِ الْمُعَيَّنَةِ لَيْسَتْ نَقْدًا قُلْت الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ مَا لَيْسَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمُعَيَّنَ وَمَنَافِعَهُ لَيْسَتْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ الْمُعَيَّنَاتِ فَهِيَ نَقْدٌ بِهَذَا الْمَعْنَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالنَّقْدِ الْمَقْبُوضَ بِالْفِعْلِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَيْنٌ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ غَيْرَ عَيْنٍ جَازَ تَأْخِيرُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ إنْ لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ كَمَا يَأْتِي
(قَوْلُهُ: عَلَى مَنْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ عَلَى مَنْعِ بَيْعِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: ذَكَرَ بَيْعَهُ أَيْ ذَكَرَ حُكْمَ بَيْعِهِ فَفِي كَلَامِهِ حَذْفُ مُضَافِينَ وَاحِدٌ فِي الْأَوَّلِ وَوَاحِدٌ فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَيْهِ) ظَاهِرُهُ، وَلَوْ عَلِمَ الْمُشْتَرِي تَرِكَتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي بِمَا يَحْصُلُ لَهُ مِنْهَا بِتَقْدِيرِ دَيْنٍ آخَرَ (قَوْلُهُ: أَوْ عُلِمَ مَلَاؤُهُ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَوَالَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُقِرَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا وَكَانَ الْمَدِينُ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ مَجْلِسَ الْبَيْعِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ وَكَانَتْ تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ وَبِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ بِجِنْسِهِ وَكَانَ مُسَاوِيًا لَا أَنْقَصَ وَإِلَّا كَانَ سَلَفًا بِزِيَادَةٍ وَلَا أَزْيَدَ وَإِلَّا كَانَ فِيهِ حَظُّ الضَّمَانِ وَأَزِيدُك وَلَيْسَ عَيْنًا بِعَيْنٍ وَلَيْسَ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالْمَدِينِ عَدَاوَةٌ وَأَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ مِمَّا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ قَبْلَ قَبْضِهِ احْتِرَازًا مِنْ طَعَامِ الْمُعَاوَضَةِ، فَإِنْ وُجِدَتْ تِلْكَ الشُّرُوطُ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا مُنِعَ الْبَيْعُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ حُضُورُهُ لِيُعْلَمَ حَالُهُ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى إذْ لَا بُدَّ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مِقْدَارِ عِوَضِ الدَّيْنِ بِاخْتِلَافِ حَالِ الْمَدِينِ مِنْ فَقْرٍ أَوْ غِنًى وَالْمَبِيعُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَجْهُولًا، وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دَيْنًا أَوْ وَهَبَ لَهُ وَكَانَ بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ لَمْ يَدْخُلْ فِيهِ الرَّهْنُ أَوْ الْحَمِيلُ إلَّا بِشَرْطِ دُخُولِهِمَا وَحُضُورِ الْحَمِيلِ وَإِقْرَارِهِ بِالْحَمَّالَةِ، وَإِنْ كُرِهَ التَّحَمُّلُ لِمَنْ مَلَكَهُ وَلِرَبِّ الرَّهْنِ إذَا شَرَطَ دُخُولَهُ وَكَرِهَ ذَلِكَ الثَّانِي وَهُوَ الْمُشْتَرِي لِلدَّيْنِ أَوْ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَضَعَهُ عِنْدَ أَمِينٍ وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ وَرِثَ دَيْنًا بِرَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ بِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ وَلِلرَّاهِنِ وَضْعُهُ عِنْدَ أَمِينٍ إذَا كَرِهَ وَضْعَهُ عِنْدَ الْوَارِثِ
(قَوْلُهُ: اسْمُ مُفْرَدٍ) أَيْ لَا جَمْعٍ وَلَا اسْمَ جَمْعٍ (قَوْلُهُ: وَفَتَحَهُ) إلَّا أَنَّهُ إذَا ضُمَّ أَوَّلُهُ سُكِّنَ ثَانِيهِ وَإِذَا فُتِحَ أَوَّلُهُ فُتِحَ ثَانِيهِ، كَذَا رَأَيْته فِي بَعْضِ التَّقَايِيدِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنْ يَشْتَرِيَ أَوْ يَكْتَرِيَ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مَنْعَ الْعُرْبَانِ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ لَا فِي الْبَيْعِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالظَّاهِرُ مَنْعُهُ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأُولَى مِنْهُ فِي الْمَنْعِ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ الْمُرَاهِنَةِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ عَوَامِّ النَّاسِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَرَكَهُ مَجَّانًا) كَقَوْلِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي لَا أَبِيعُك السِّلْعَةَ إلَّا إذَا أَعْطَيْتنِي دِينَارًا آخُذُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أَخَذْت السِّلْعَةَ أَوْ كَرِهَتْ أَخْذَهَا (قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ وَيَخْتِمُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ قَالَهُ الْمَوَّاقُ لِئَلَّا يَتَرَدَّدَ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ
(قَوْلُهُ: وَكَتَفْرِيقِ أُمٍّ) أَيْ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ وَالِدَةٍ وَوَلَدِهَا فَرَّقَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحِبَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» (قَوْلُهُ: أَيْ وَالِدَةُ) أَيْ وَأَمَّا الْأُمُّ مِنْ الرَّضَاعِ فَلَا تَحْرُمُ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ (قَوْلُهُ: غَيْرَ حَرْبِيَّةٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حَرْبِيَّةً بِأَنْ ظَفِرَ بِالْأُمِّ دُونَ وَلَدِهَا أَوْ بِالْعَكْسِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدُهُمَا مَنْ ظَفِرَ بِهِ وَيَبِيعُهُ، وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ (قَوْلُهُ: أَوْ مَجْنُونَةً) عُطِفَ عَلَى كَافِرَةٍ أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ عَاقِلَةً بَلْ، وَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً
وَأَنَّ مَنْ زَنَى (وَإِنْ) حَصَلَ التَّفْرِيقُ (بِقِسْمِهِ) فِي مِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا وَرِثَ جَمَاعَةٌ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا لَمْ يَجُزْ لَهُمْ قِسْمَتُهَا، وَلَوْ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ اشْتَرَطُوا عَدَمَ التَّفْرِقَةِ لِافْتِرَاقِهِمَا فِي الْمِلْكِ (أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا) الْأُمِّ أَوْ الْوَالِدِ (لِعَبْدِ سَيِّدِ الْآخَرِ) ، وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يُعْتِقَهُ سَيِّدُهُ وَلَا يُسْتَثْنَى مَالَهُ (مَا لَمْ يُثْغَرْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ نَبَاتٍ بَدَّلَ رَوَاضِعَهُ بَعْدَ سُقُوطِهَا إثْغَارًا (مُعْتَادًا) ، فَإِنْ تَعَجَّلَ الْإِثْغَارَ فَلَا تَفْرِيقَ (وَصَدَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ) مَعَ وَلَدِهَا فِي دَعْوَاهَا الْأُمُومَةَ فَلَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا اتَّحَدَ سَابِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ إلَّا لِقَرِينَةٍ عَلَى كَذِبِهَا (وَلَا تَوَارُثَ) بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ كَذِبِهَا وَلَا تَوَارُثَ مَعَ شَكٍّ أَمَّا هِيَ فَلَا تَرِثُهُ قَطْعًا، وَأَمَّا هُوَ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهَا وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ وَيَجْرِي هُنَا وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يُطِلْ الْإِقْرَارَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَرِثَهَا وَمَنَعَ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا (مَا لَمْ تَرْضَ) بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا، فَإِنْ رَضِيَتْ طَائِعَةً غَيْرَ مَخْدُوعَةٍ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ مَنْعَ التَّفْرِيقِ خَاصٌّ بِالْعَاقِلِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ عَنْ أُمِّهِ بِالرَّعْيِ وَعَلَيْهِ فَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ لَمْ يُفْسَخْ فَلَيْسَ كَتَفْرِيقِ الْعَاقِلِ (وَفَسْخُ) الْعَقْدِ الْمُتَضَمِّنِ لِلتَّفْرِقَةِ إذَا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ (إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ) وَاحِدٍ بِأَنْ أَبَى مُبْتَاعُ الْأُمِّ أَنْ يَشْتَرِيَ الْوَلَدَ أَوْ عَكْسُهُ، فَإِنْ جَمَعَاهُمَا صَحَّ الْبَيْعُ وَمَحَلُّ الْفَسْخِ أَيْضًا حَيْثُ لَمْ يُفْتِ الْمَبِيعُ وَإِلَّا لَمْ يَفْسَخْ وَجُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ، وَأَمَّا إجَارَةُ أَحَدِهِمَا أَوْ رَهْنُهُ فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَإِنْ بِقِسْمَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ التَّفْرِيقُ بِبَيْعٍ بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ بِقِسْمَةٍ أَوْ بِدَفْعِ أَحَدِهِمَا أُجْرَةً أَوْ صَدَاقًا خِلَافًا لِمَا فِي خش، وَإِنَّمَا تَجُوزُ التَّفْرِقَةُ فِي الْإِجَارَةِ وَالنِّكَاحِ بِإِجَارَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ نِكَاحِهِ لَا بِدَفْعِ أَحَدِهِمَا أُجْرَةً أَوْ صَدَاقًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَطُوا عَدَمَ التَّفْرِقَةِ) أَيْ فِي الْجَوَازِ بِأَنْ اشْتَرَطُوا جَمْعَهُمَا عِنْدَ وَاحِدٍ مِنْ الشُّرَكَاءِ بَعْدَ الْقَسْمِ (قَوْلُهُ: أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا إلَخْ) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ جِوَارُهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا مَلَكَ لِسَيِّدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِمَنْ مَلَكَ أُمًّا وَوَلَدَهَا أَنْ يَبِيعَ الْأُمَّ لِرَجُلٍ وَوَلَدَهَا لِعَبْدِ ذَلِكَ الرَّجُلِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُثْغَرْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ إثْغَارِهِ أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ إتْيَانِ زَمَنِ إثْغَارِهِ الْمُعْتَادِ، فَإِنْ جَاءَ زَمَنُ الْإِثْغَارِ الْمُعْتَادِ فَلَا تُمْنَعُ التَّفْرِقَةُ سَوَاءٌ حَصَلَ إثْغَارٌ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ شِدَّةَ احْتِيَاجِ الْوَلَدِ لِأُمِّهِ وَظُهُورِ آثَارِ الْمَحَبَّةِ تَنْتَهِي لِزَمَنِ الْإِثْغَارِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِزَمَنِ الْإِثْغَارِ زَمَنُ نَبَاتِ بَدَلِ الرَّوَاضِعِ كُلِّهَا لَا بَعْضِهَا، وَلَوْ الْمُعْظَمَ (قَوْلُهُ: بَدَلِ رَوَاضِعِهِ) أَيْ بَدَلِ أَسْنَانِهِ الَّتِي نَبَتَتْ فِي زَمَنِ الرَّضَاعِ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَتْ الْمَسْبِيَّةُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْبُنُوَّةَ الْمَانِعَةَ مِنْ التَّفْرِيقِ.
تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِإِقْرَارِ مَالِكِيهِمَا وَدَعْوَى الْأُمِّ مَعَ قَرِينَةِ صِدْقِهَا لَا مَعَ قَرِينَةِ كِذْبِهَا وَتَصْدِيقِ الْأُمِّ إنَّمَا يَنْفَعُ فِي مَنْعِ التَّفْرِيقِ لَا فِي غَيْرِهِ مِنْ أَحْكَامِ الْبُنُوَّةِ فَلَا يَخْتَلِي بِهَا وَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْبُنُوَّةِ وَإِقْرَارِ الْمَالِكَيْنِ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ يَنْفَعُ فِي مَنْعِ التَّفْرِقَةِ وَيَثْبُتُ بِهِ الْمِيرَاثُ وَجَوَازُ الْخَلْوَةِ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا) أَيْ فِي الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ: اتَّحَدَ سَابِيهِمَا أَوْ اخْتَلَفَ أَيْ صَدَّقَهَا السَّابِي أَوْ كَذَّبَهَا وَقَوْلُهُ: وَصُدِّقَتْ أَيْ بِيَمِينٍ إنْ اُتُّهِمَتْ وَإِلَّا صُدِّقَتْ بِدُونِهِ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَا يَرِثُهَا قَطْعًا إنْ كَانَ لَهَا إلَخْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ أَصْلًا أَوْ وَارِثٌ لَا يَحُوزُ جَمِيعَ الْمَالِ، فَإِنَّهُ يَرِثُهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَقِيلَ: لَا يَرِثُهَا وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَبْنَى الْقَوْلَيْنِ هَلْ بَيْتُ الْمَالِ وَارِثٌ أَوْ حَائِزٌ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَرِثُ وَعَلَى الثَّانِي يَرِثُ وَخَصَّ اللَّخْمِيَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ إقْرَارُهَا بِأُمُومَتِهِ وَإِلَّا وَرِثَهَا قَوْلًا وَاحِدًا وَالطُّولُ بِمُضِيِّ ثَلَاثِ سِنِينَ فَأَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي هُنَا وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ إلَخْ) أَيْ وَخَصَّ اللَّخْمِيَّ الْخِلَافَ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ، وَأَمَّا إذَا طَالَ الْإِقْرَارُ وَرِثَهَا اتِّفَاقًا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ هَذَا مِنْ هُنَا؛ لِأَنَّهُ مَتَى كَانَ لَهَا وَارِثٌ ثَابِتُ النَّسَبِ حَائِزٌ فَلَا يَرِثُهَا اتِّفَاقًا، وَلَوْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَارِثٌ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ وَرِثَهَا فَيَقُولُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهَا وَيَجْرِي هُنَا وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ رَضِيَتْ طَائِعَةً غَيْرَ مَخْدُوعَةٍ جَازَ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَنْعَ التَّفْرِيقِ حَقٌّ لِلْأُمِّ وَقِيلَ: إنَّهُ حَقٌّ لِلْوَلَدِ وَعَلَيْهِ فَيُمْنَعُ، وَلَوْ رَضِيَتْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِهِ فِي الْبَهَائِمِ) وَهُوَ رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ (قَوْلُهُ: فَلَوْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا بِالْبَيْعِ لَمْ يُفْسَخْ) أَيْ وَيُجْبَرَانِ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ عَقْدَ مُعَاوَضَةٍ) دَخَلَ فِيهِ هِبَةُ الثَّوَابِ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا صَدَاقًا وَالْمُخَالَعَةُ بِهِ وَدَفَعَ أَحَدُهُمَا عِوَضًا فِي إجَارَةٍ أَوْ بَيْعٍ فَتُرَدُّ الْهِبَةُ وَالْخُلْعُ وَيَلْزَمُهَا قِيمَتُهُ وَيَقَعُ الطَّلَاقُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ وَالْبَيْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ بِأَنْ أَبَى مُشْتَرِي الْوَلَدِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأُمَّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَمَعَاهُمَا) أَيْ بَعْدَ التَّفْرِقَةِ بِأَنْ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ أَوْ بَاعَا مَعًا لِغَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: صَحَّ الْبَيْعُ) الْأَوْلَى مُضِيُّ الْعَقْدِ أَيْ الَّذِي حَصَلَتْ بِهِ التَّفْرِقَةُ قَبْلَ جَمْعِهِمَا سَوَاءٌ كَانَ بَيْعًا أَوْ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إجَارَةُ أَحَدِهِمَا أَوْ رَهْنُهُ) أَيْ وَكَذَا تَزْوِيجُ الْأُمِّ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُوجِبُ الْفَسْخَ أَيْ لِعَدَمِ التَّفْرِقَةِ فِي الْمِلْكِ وَهَذَا مَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَاخْتَارَهُ خش وعبق وَقَالَ عج: إنَّهُ يُفْسَخُ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ شب
وَجُبِرَا عَلَى جَمْعِهِمَا فِي حَوْزِ وَاحِدٍ أَيْضًا (وَهَلْ) التَّفْرِقَةُ الْحَاصِلَةُ (بِغَيْرِ عِوَضٍ) كَهِبَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ التَّصَدُّقُ بِهِ أَوْ الْوَصِيَّةُ بِهِ أَوْ هِبَتُهُمَا لِشَخْصَيْنِ (كَذَلِكَ) أَيْ لَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَا يَفْسَخُ؛ لِأَنَّ مَا حَصَلَ بِلَا عِوَضٍ لَا فَسْخَ فِيهِ اتِّفَاقًا فَالتَّشْبِيهُ غَيْرُ تَامٍّ (أَوْ يَكْتَفِي) فِي جَمْعِهِمَا (بِحَوْزٍ) ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَمَّا ابْتَدَأَ بِالْمَعْرُوفِ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَنَاسَبَ التَّخْفِيفَ عَنْهُ (كَالْعِتْقِ) لِأَحَدِهِمَا، فَإِنَّهُ يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ اتِّفَاقًا لِعَدَمِ قَصْدِ الضَّرَرِ فَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ وَالرَّاجِحُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ
(وَجَازَ بَيْع نِصْفِهِمَا) مَثَلًا لِوَاحِدٍ أَوْ اثْنَيْنِ اتَّفَقَ الْجُزْءُ أَوْ اخْتَلَفَ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ بَيْعَ نِصْفِ أَحَدِهِمَا لَا يَجُوزُ وَهُوَ كَذَلِكَ.
(و) جَازَ (بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ) النَّاجِزِ وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ قِنًّا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَقَوْلُهُ لِلْعِتْقِ قُيِّدَ فِي الثَّانِيَةِ فَقَطْ.
(و) جَازَ بَيْعُ (الْوَلَدِ مَعَ) بَيْعِ (كِتَابَةِ أُمِّهِ) يَعْنِي إذَا بِيعَتْ كِتَابَةُ أُمِّهِ وَجَبَ بَيْعُهُ مَعَهَا فَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ، وَكَذَا يَجُوزُ بَيْعُ الْأُمِّ مَعَ كِتَابَةِ الْوَلَدِ فَلَوْ قَالَ وَأَحَدُهُمَا مَعَ كِتَابَةِ الْآخَرِ لَكَانَ أَشْمَلَ
(و) جَازَ (لَمُعَاهِدٍ) حَرْبِيٍّ نَزَلَ إلَيْنَا بِأَمَانٍ وَمَعَهُ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا (التَّفْرِقَةُ) بَيْنَهُمَا (وَكُرِهَ) لَنَا (الِاشْتِرَاءُ مِنْهُ) بِالتَّفْرِقَةِ وَالْكَرَاهَةِ مَحْمُولَةٌ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ وَلَا يُفْسَخُ؛ لِأَنَّهُ إذَا فُسِخَ رَجَعَ لِمِلْكِ الْمُعَاهِدِ
(وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ) مِنْ الْبَيْعِ أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ فَالْأَوَّلُ (كَأَنْ) يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَوْ هِبَتُهُمَا لِشَخْصَيْنِ) أَيْ بِأَنْ وَهَبَهُمَا مَالِكُهُمَا لِشَخْصَيْنِ، وَكَذَا لَوْ وَرِثَهُمَا شَخْصَانِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ كَالتَّفْرِقَةِ الْحَاصِلَةِ بِعِوَضٍ فَلَا بُدَّ مِنْ جَمْعِهِمَا فِي مِلْكٍ وَيُجْبَرَانِ عَلَى ذَلِكَ إنْ أَبَيَا (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ) أَيْ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الْكَافِ فَهُوَ تَشْبِيهٌ بِالتَّأْوِيلِ الثَّانِي وَلَمْ يَعْلَمْ مِنْ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حُكْمَ مَا يَجِبُ إذَا وُجِدَ الْوَلَدُ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَالْأُمُّ فِي مِلْكِ شَخْصٍ آخَرَ وَلَمْ يَعْلَمَ هَلْ صَارَ إلَيْهِمَا بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ بِغَيْرِهَا وَالْحُكْمُ فِي هَذَا وُجُوبُ جَمْعِهِمَا بِمِلْكٍ وَلَا يَكْفِي جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ كَمَا فِي عبق
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا) أَيْ لِاتِّحَادِ الْمَالِكِ وَسَوَاءٌ كَانَ مُشْتَرِي ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِلْعِتْقِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَوْ ثُلُثُهُمَا أَوْ نِصْفُ أَحَدِهِمَا وَرُبْعُ الْآخَرِ مَثَلًا وَبَقِيَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا مِنْ جُزْءِ الْآخَرِ فَنَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَنْعِهِ خِلَافًا لِأَبِي الْحَسَنِ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ) أَيْ وَإِبْقَاءُ الْآخَرِ قِنًّا وَيَجِبُ حِينَئِذٍ جَمْعُهُمَا فِي حَوْزٍ وَلَا يَجُوزُ تَفْرِقَتُهُمَا (قَوْلُهُ: النَّاجِزُ) أَيْ وَأَمَّا بَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ فَلَا يَجُوزُ وَكَذَلِكَ الْكِتَابَةُ وَالتَّدْبِيرُ بِالْأَوْلَى وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّحْبِيسُ كَالْعِتْقِ كَمَا فِي شب اهـ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ الْوَلَدِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ الْوَلَدَ يُقْرَأُ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى نِصْفِهِمَا لَا بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ نَائِبُ فَاعِلِ فِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَبَيْعُ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُحْذَفُ فِيهَا الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: الْإِذْنُ) أَيْ الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْوَلَدُ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ فَيَجِبُ أَنْ لَا يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا إذَا عَتَقَتْ الْأُمُّ إلَى وَقْتِ الْإِثْغَارِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى جَمْعِ أُمِّهِ مَعَهُ فِي حَوْزِهِ إنْ أَبَى
(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِمُعَاهَدٍ التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا فَلَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ وَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ خِلَافًا لِابْنِ مُحْرِزٍ الْقَائِلِ بِفَسْخِ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مُعَاهِدٌ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ لَهُ التَّفْرِقَةُ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَمْنُوعَةً فِي شَرِيعَتِهِمْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ الْبَائِعُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعَاهِدُ وَقَوْلُهُ: عَلَى الْجَمْعِ فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ أَيْ غَيْرِهِمَا أَوْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعَاهَدَ إذَا وَقَعَ وَنَزَلَ وَبَاعَ مُفَرِّقًا لَهُمَا.
، فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ لَكِنْ يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي وَالْمُعَاهَدُ عَلَى جَمْعِهِمَا فِي مِلْكِ مُسْلِمٍ
(قَوْلُهُ: وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَ الَّذِي يَحْصُلُ عِنْدَ الْبَيْعِ إمَّا أَنْ لَا يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ وَيُنَافِيَ الْمَقْصُودَ مِنْهُ أَوْ يُخِلَّ بِالثَّمَنِ أَوْ يَقْتَضِيَهُ الْعَقْدُ أَوْ لَا يَقْتَضِيَهُ وَلَا يُنَافِيهِ فَالْمُضِرُّ الْأَوَّلَانِ دُونَ الْأَخِيرَيْنِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ مِثَالَ الْأَوَّلَيْنِ، وَأَمَّا الثَّالِثُ كَشَرْطِ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَالْقِيَامِ بِالْعَيْبِ وَرَدِّ الْعِوَضِ عِنْدَ انْتِقَاضِ الْبَيْعِ فَهَذِهِ الْأُمُورُ لَازِمَةٌ دُونَ شَرْطٍ لِاقْتِضَاءِ الْعَقْدِ لَهَا فَشَرْطُهَا تَأْكِيدٌ وَالرَّابِعُ كَشَرْطِ الْأَجَلِ وَالْخِيَارِ وَالرَّهْنِ فَهَذِهِ أُمُورٌ لَا تُنَافِي الْعَقْدَ وَلَا يَقْتَضِيهَا بَلْ إنْ اُشْتُرِطَتْ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا، هَذَا تَفْصِيلُ الْإِمَامِ مَالِكٍ وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ إلَى تَحْرِيمِ الْبَيْعِ مَعَ الشَّرْطِ مُطْلَقًا لِمَا وَرَدَ مِنْ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعٍ وَشَرْطٍ» وَذَهَبَ ابْنُ شُبْرُمَةَ إلَى الْجَوَازِ مُطْلَقًا عَمَلًا بِمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ أَنَّ جَابِرًا بَاعَ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاشْتَرَطَ حِلَابَهَا وَظَهْرَهَا لِلْمَدِينَةِ وَذَهَبَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى إلَى بُطْلَانِ الشَّرْطِ مَعَ صِحَّةِ الْبَيْعِ مُطْلَقًا لِحَدِيثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا - «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أَشْتَرِيَ بَرِيرَةَ وَأَعْتِقَهَا، وَإِنْ اشْتَرَطَ أَهْلُهَا الْوَلَاءَ فَإِنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ» فَجَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَعَرَفَ مَالِكٌ الْأَحَادِيثَ كُلَّهَا فَاسْتَعْمَلَهَا فِي مَوَاضِعِهَا وَتَأَوَّلَهَا عَلَى وُجُوهِهَا وَلَمْ يُمْعِنْ غَيْرُهُ النَّظَرَ وَلَا أَحْسَنَ تَأْوِيلَ الْآثَارِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ
أَنْ (لَا يَبِيعَ) أَوْ لَا يَهَبَ أَوْ لَا يَتَّخِذُهَا أُمَّ وَلَدٍ أَوْ لَا يَخْرُجَ بِهَا مِنْ الْبَلَدِ أَوْ لَا يَرْكَبَهَا أَوْ لَا يَلْبَسَهَا أَوْ لَا يَسْكُنَهَا أَوْ لَا يُؤَاجِرَهَا أَوْ عَلَى أَنَّهُ إنْ بَاعَهَا فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ بِخِلَافِ مَا لَوْ طَلَبَ الْبَائِعُ الْإِقَالَةَ فَقَالَ لَهُ الْمُبْتَاعُ عَلَى شَرْطِ إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْإِقَالَةِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي غَيْرِهَا.
(إلَّا) شَرْطًا مُلْتَبِسًا (بِتَنْجِيزِ الْعِتْقِ) ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَمِثْلُ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ التَّحْبِيسُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَاحْتَرَزَ بِالتَّنْجِيزِ عَنْ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَاِتِّخَاذِ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ.
ثُمَّ أَشَارَ إلَى أَنَّ لِشَرْطِ تَنْجِيزِ الْعِتْقِ وُجُوهًا أَرْبَعَةً أَوَّلُهَا الْإِبْهَامُ وَأَشَارَ لَهُ مَعَ حُكْمِهِ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يُجْبَرْ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْعِتْقِ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ (إنْ أَبْهَمَ) الْبَائِعُ فِي شَرْطِهِ الْعِتْقَ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِأَنْ قَالَ: أَبِيعُك بِشَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ وَلَا خِيَارٍ، وَشَرْطُ النَّقْدِ فِي هَذَا يُفْسِدُهُ لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ.
وَثَانِيهَا التَّخْيِيرُ وَحُكْمُهُ كَالْأَوَّلِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَالْمُخَيَّرِ) عِنْدَ الشِّرَاءِ فِي الْعِتْقِ وَرَدِّ الْبَيْعِ أَيْ وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَثْبُتُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ إنْ أَبَى الْمُشْتَرِي الْعِتْقَ وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ أَيْضًا فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ.
وَثَالِثُهَا الْإِيجَابُ وَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِخِلَافِ الِاشْتِرَاءِ عَلَى) شَرْطِ (إيجَابِ الْعِتْقِ) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُك عَلَى شَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ لُزُومًا لَا تَخَلُّفَ لَكَ عَنْهُ فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي بِذَلِكَ، فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ، فَإِنْ أَبَى أَعْتَقَهُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ.
وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعِتْقِ لَا بِقَيْدِ الْجَبْرِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ حَاصِلٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ عِتْقٍ.
ثُمَّ عُطِفَ عَلَى مَا يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ قَوْلُهُ (أَوْ) شَرْطٌ (يُخِلُّ بِالثَّمَنِ) بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَى جَهْلٍ فِيهِ بِزِيَادَةٍ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ نَقْصٍ إنْ كَانَ مِنْ الْبَائِعِ (كَبَيْعٍ وَ) شَرْطِ (سَلَفٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَوْ الْمُثْمَنِ وَهُوَ مَجْهُولٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبِيعَ) أَيْ لِأَحَدٍ أَيْ أَصْلًا أَوْ إلَّا مِنْ نَفَرٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى شَرْطِ إنْ بِعْتهَا لِغَيْرِي فَأَنَا أَحَقُّ بِهَا بِالثَّمَنِ فَيَجُوزُ) أَيْ وَيَعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ إنْ بَاعَهَا بِالْقُرْبِ وَإِلَّا فَلَا
(قَوْلُهُ: إلَّا شَرْطًا إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ وَكَبَيْعٍ وَشَرْطٍ مُلْتَبِسٍ بِكُلِّ كَيْفِيَّةٍ إلَّا شَرْطًا مُلْتَبِسًا إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ) أَيْ فَإِنَّ اشْتِرَاطَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيُفْسِدُ الْبَيْعَ
(قَوْلُهُ: وُجُوهًا أَرْبَعَةً) أَيْ أَقْسَامًا أَرْبَعَةً الْبَيْعُ فِيهَا صَحِيحٌ، وَإِنَّمَا يُفْتَرَقُ الْجَوَابُ فِي صِفَةِ وُقُوعِ الْعِتْقِ مِنْ افْتِقَارِهِ لِصِفَةٍ وَعَدَمِ افْتِقَارِهِ لَهَا وَفِي الْجَبْرِ عَلَى الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ وَفِي شَرْطِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى عِتْقِهِ بَلْ إنْ شَاءَ أَعْتَقَهُ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ عِتْقَهُ وَإِذَا تَرَكَ عِتْقَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ ذَلِكَ بِإِيجَابٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ وَالْعِتْقُ لَازِمٌ لَك (قَوْلُهُ: وَلَا خِيَارَ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي: أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ) وَذَلِكَ لِتَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي فِي الْعِتْقِ فَيَتِمُّ الْبَيْعُ وَيَمْضِي وَفِي عَدَمِهِ فَيُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَفِي إمْضَائِهِ، فَإِنْ حَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ الْفَوَاتِ رَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي، وَإِنْ رَدَّ بَعْدَ الْفَوَاتِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي الْقِيمَةُ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يَرُدَّ الْبَيْعَ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِشَرْطِ أَنْ تُعْتِقَهُ أَوْ تَرُدَّهُ عَلَيَّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ بَلْ إمَّا أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُرَدَّ الْعَبْدُ لِبَائِعِهِ، فَإِنْ رَدَّهُ لَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَرَدِّهِ (قَوْلُهُ: وَشَرْطُ النَّقْدِ يُفْسِدُهُ أَيْضًا) أَيْ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ مُرَادُهُ التَّخْيِيرَ إلَخْ) أَيْ تَخْيِيرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الْعِتْقِ وَعَدَمِهِ بَلْ مُرَادُهُ تَخْيِيرُهُ بَيْنَ الْعِتْقِ وَرَدِّ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: عَلَى إيجَابِ الْعِتْقِ) أَيْ إلْزَامِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ) أَيْ فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ وَيُجْبَرُ عَلَى الْعِتْقِ أَيْ وَشَرْطُ النَّقْدِ فِيهِ لَا يُفْسِدُهُ وَالْعِتْقُ هُنَا يَتَوَقَّفُ عَلَى صِيغَةٍ بِخِلَافِ مَا بَعْدَهُ
(قَوْلُهُ: كَأَنَّهَا) أَيْ الرَّقَبَةَ حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ أَبِيعُك هَذَا الْعَبْدَ بِعَشَرَةٍ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يُفْسِدُهُ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى صِيغَةٍ لِحُصُولِهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ مِنْ الْمُشْتَرِي) أَيْ صَادِرًا مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ غَالٍ لِأَنَّهُ الْمُتَسَلِّفُ أَمَّا لَوْ كَانَ الشَّرْطُ صَادِرًا مِنْ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُهَا بِنَقْصٍ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مُتَسَلِّفٌ.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) مِثَالٌ لِلشَّرْطِ الَّذِي يُخِلُّ بِالثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِالسَّلَفِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَيْ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ صَادِرًا مِنْ الْبَائِعِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمُثَمِّنُ أَيْ إنْ كَانَ شَرْطُ السَّلَفِ صَادِرًا مِنْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ: وَهُوَ مَجْهُولٌ أَيْ وَالِانْتِفَاعُ بِالسَّلَفِ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُفَادَ هَذَا مُغَايِرٌ لَمُفَادِ قَوْلِهِ بِأَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْأَوَّلِ الْجَهْلُ بِالثَّمَنِ وَحَاصِلَ الثَّانِي الْجَهْلُ إمَّا بِالثَّمَنِ
أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَأَمَّا جَمْعُهُمَا مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَجَائِزٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(وَصَحَّ) الْبَيْعُ (إنْ حُذِفَ) شَرْطُ السَّلَفِ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ (أَوْ حُذِفَ شَرْطُ التَّدْبِيرِ) وَنَحْوُهُ مِنْ كُلِّ شَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ، وَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ حُذِفَ أَيْ الشَّرْطُ الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الصِّحَّةِ لَا بِقَيْدِ حَذْفِ الشَّرْطِ بَلْ بِقَيْدِ بَقَائِهِ وَلُزُومِهِ قَوْلُهُ (كَشَرْطِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ وَأَجَلٍ) مَعْلُومٍ وَخِيَارٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا يَقْتَضِيهَا الْعَقْدُ وَلَا يُنَافِيهَا بَلْ مِمَّا تَعُودُ عَلَى الْبَيْعِ بِمَصْلَحَةٍ وَهِيَ جَائِزَةٌ ثُمَّ بَالَغَ عَلَى صِحَّةِ الْبَيْعِ مَعَ إسْقَاطِ شَرْطِ السَّلَفِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ غَابَ) أَيْ الْمُتَسَلِّفُ مِنْهُمَا عَلَى السَّلَفِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَصَحَّ إنْ حُذِفَ، وَلَوْ ذَكَرَهُ عِنْدَهُ كَانَ أَوْلَى (وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ) وَهُوَ نَقْضُ الْبَيْعِ مَعَ الْغَيْبَةِ، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِتَمَامِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ.
ثُمَّ ذَكَرَ مَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ فِي الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ بِشَرْطٍ سَوَاءٌ أَسْقَطَ شَرْطَ السَّلَفِ أَمْ لَا بِقَوْلِهِ (وَفِيهِ) أَيْ الْبَيْعِ بِشَرْطِ السَّلَفِ (إنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ (أَكْثَرُ الثَّمَنِ) أَيْ يَلْزَمُ فِيهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ (وَالْقِيمَةِ) يَوْمَ الْقَبْضِ (إنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي) الْبَائِعَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْلَفَ أَخَذَهَا بِالنَّقْصِ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ السَّلَفُ مِنْ الْبَائِعِ (فَالْعَكْسُ) أَيْ يَكُونُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَقَلُّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَسْلَفَ لِيَزْدَادَ فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَتَعَرَّضَ الْمُصَنِّفُ لِمَا إذَا فَاتَ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّرْطُ الْمُخِلُّ بِالثَّمَنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ لِلْمَقْصُودِ، وَالْحُكْمُ أَنَّ لِلْبَائِعِ الْأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا يَوْمَ الْقَبْضِ أَوْ الثَّمَنِ لِوُقُوعِ الْبَيْعِ بِأَنْقَصَ مِنْ الثَّمَنِ الْمُعْتَادِ لِأَجْلِ الشَّرْطِ
[دَرْسٌ](وَكَالنَّجْشِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَسُكُونِ الْجِيمِ أَيْ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالنَّهْيُ يَتَعَلَّقُ بِالْبَائِعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ بِالْمُثْمَنِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ لِلْمُقْرِضِ لِأَنَّ الْمُقْتَرِضَ إنْ كَانَ هُوَ الْمُشْتَرِي صَارَ الْمُقْرِضُ لَهُ وَهُوَ الْبَائِعُ مُنْتَفِعًا بِزِيَادَةِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقْتَرِضُ هُوَ الْبَائِعُ صَارَ الْمُقْرِضُ لَهُ وَهُوَ الْمُشْتَرِي مُنْتَفِعًا بِنَقْصِ الثَّمَنِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ الْبَيْعُ إنْ حَذَفَ شَرْطَ السَّلَفِ) أَيْ وَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ بِهِ وَهَذَا مَعَ قِيَامِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ فَاتَ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ فَاتَ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْمُؤَثِّرُ فِي الْعَقْدِ خَلَلًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ رَهْنٍ وَحَمِيلٍ وَأَجَلٍ) أَيْ أَنَّ الْبَيْعَ يَصِحُّ مَعَ اشْتِرَاطِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُ السِّلْعَةَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ عَلَى شَرْطِ رَهْنٍ أَوْ حَمِيلٍ أَوْ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ لِلثَّمَنِ مِنْ غَيْرِ رَهْنٍ وَلَا حَمِيلٍ وَهَذِهِ الْأُمُورُ الْمُشْتَرَطَةُ يُقْضَى بِهَا مَعَ الشَّرْطِ وَلَا يُقْضَى بِهَا دُونَ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَغِبْ الْمُتَسَلِّفُ عَلَى الْعَيْنِ الَّتِي تَسَلَّفَهَا بَلْ، وَلَوْ غَابَ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ السَّلَفَ لِرَبِّهِ وَالسِّلْعَةُ قَائِمَةٌ صَحَّ الْعَقْدُ، وَلَوْ بَعْدَ غِيبَةِ الْمُتَسَلِّفِ عَلَى السَّلَفِ غِيبَةً يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَوْ غَابَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَتَأَوَّلَ الْأَكْثَرُ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَمُقَابِلَهُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ الْبَيْعَ يَنْقَضِ مَعَ الْغَيْبَةِ عَلَى السَّلَفِ، وَلَوْ أَسْقَطَ شَرْطَ السَّلَفِ لِوُجُودِ مُوجِبِ الرِّبَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ الِانْتِفَاعُ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ تَأَوُّلَ الْمُدَوَّنَةَ الْأَقَلُّونَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ، وَلَوْلَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلَافِهِ لَأَمْكَنَ رُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلَوْ غَابَ إلَى الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ أَيْ إنَّهُ يَصِحُّ اشْتِرَاطُ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ الْغَائِبَيْنِ، أَمَّا شَرْطُ الرَّهْنِ الْغَائِبِ فَفِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ وَتَوَقُّفُ السِّلْعَةِ حَتَّى يَقْبِضَ الرَّهْنَ الْغَائِبَ، وَأَمَّا شَرْطُ الْحَمِيلِ الْغَائِبِ فَفِيهَا أَنَّهُ جَائِزٌ إنْ قَرُبَتْ غِيبَتُهُ لَا إنْ بَعُدَتْ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الرَّهْنِ وَالْحَمِيلِ أَنَّ الْحَمِيلَ قَدْ يَرْضَى بِالْحَمَّالَةِ وَقَدْ لَا يَرْضَى فَلِذَلِكَ اُشْتُرِطَ فِيهِ الْقُرْبُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَاَلَّذِي حَكَى طفي تَشْهِيرَهُ الْقَوْلُ الثَّانِي فَفِي المج نَقْلًا عَنْهُ الْمَشْهُورُ أَنَّ حَذْفَ شَرْطِ السَّلَفِ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ لَا يَنْفَعُ
(قَوْلُهُ: وَفِيهِ إنْ فَاتَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بِشَرْطِ السَّلَفِ وَفَاتَتْ السِّلْعَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ الشَّرْطِ شَرْطَهُ أَوْ لَا، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَسْلَفَ الْبَائِعَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَإِذَا اشْتَرَاهَا بِعِشْرِينَ وَالْقِيمَةُ ثَلَاثُونَ أَوْ بِالْعَكْسِ لَزِمَهُ ثَلَاثُونَ، وَإِنْ كَانَ الْمُسَلِّفُ هُوَ الْبَائِعُ فَعَلَى الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ فَيَلْزَمُهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ عِشْرُونَ وَهَذَا التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لُزُومُ الْقِيمَةِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمُسَلِّفُ الْبَائِعَ أَوْ الْمُشْتَرِيَ، وَقِيلَ: إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الْمُشْتَرِي يَغْرَمُ الْأَقَلَّ إذَا تَسَلَّفَ مِنْ الْبَائِعِ إذَا لَمْ يَغِبْ عَلَى مَا تَسَلَّفَهُ وَانْتَفَعَ بِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ الْقِيمَةُ بَالِغَةً مَا بَالَغَتْ فَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا قَالَ طفي لَا تَقْيِيدَ لِلْأَوَّلِ خِلَافًا لخش (قَوْلُهُ: وَالْقِيمَةُ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا، فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا فَإِنَّمَا فِيهِ الْمِثْلُ لِأَنَّهُ كَعَيْنِهِ فَلَا كَلَامَ لِوَاحِدٍ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ كَانَ قَائِمًا وَرُدَّ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِحُكْمِ مَا وَقَعَ) أَيْ لِحُكْمِ مَا إذَا فَاتَ مَا وَقَعَ فِيهِ الشَّرْطُ الْمُنَاقِضُ سَوَاءٌ أَسْقَطَ ذَلِكَ الشَّرْطَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنُ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْوَاوِ لَا بِأَوْ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْبِيَاعَاتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا) أَيْ
أَيْضًا حَيْثُ عَلِمَ بِالنَّاجِشِ وَإِلَّا تَعَلَّقَ بِالنَّاجِشِ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي (يَزِيدُ) فِي السِّلْعَةِ عَلَى ثَمَنِهَا مِنْ غَيْرِ إرَادَتِهِ شِرَاءَهَا (لِيَغُرَّ) غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْتَدِيَ بِهِ، كَذَا فَسَّرَهُ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَالَ الْمَازِرِيُّ هُوَ الَّذِي يَزِيدُ فِي السِّلْعَةِ لِيَقْتَدِيَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ كَلَامَ الْمَازِرِيِّ مُسَاوٍ لِكَلَامِ الْإِمَامِ بِحَمْلِ الثَّمَنِ فِي كَلَامِ الْإِمَامِ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمُنَادَاةِ لَا الْقِيمَةِ وَقَوْلُ الْمَازِرِيِّ يَزِيدُ أَيْ عَلَى ثَمَنِ الْمُنَادَاةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِيَغُرَّ أَيْ لِيَئُولَ أَمْرُهُ لِلْغَرَرِ، وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَاللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ وَالْمَدَارُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الشِّرَاءَ (فَإِنْ عَلِمَ) الْبَائِعُ بِالنَّاجِشِ (فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ) أَيْ الْمَبِيعِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلَهُ التَّمَاسُكُ بِهِ (فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ) يَوْمَ الْقَبْضِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى ثَمَنَ النَّجْشِ
(وَجَازَ) لِحَاضِرِ سَوْمِ سِلْعَةٍ يُرِيدُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا (سُؤَالُ الْبَعْضِ) مِنْ الْحَاضِرِينَ (لِيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ) فِيهَا لِيَشْتَرِيَهَا السَّائِلُ بِرُخْصٍ، وَلَوْ بِعِوَضٍ كَكَفٍّ عَنْ الزِّيَادَةِ وَلَك دِرْهَمٌ وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ اشْتَرَاهَا أَمْ لَا وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِيمَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ أَوْ يَسْعَى فِي رِزْقِهِ أَوْ وَظِيفَةٍ، وَلَوْ قَالَ لَهُ: كُفَّ وَلَك بَعْضُهَا كَرُبْعِهَا، فَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَطَاءِ مَجَّانًا لَمْ يَجُزْ (لَا) يَجُوزُ سُؤَالُ (الْجَمِيعِ) أَوْ الْأَكْثَرِ أَوْ الْوَاحِدِ الَّذِي فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ كَشَيْخِ السُّوقِ، فَإِنْ وَقَعَ هَذَا وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي قِيَامِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِمَا فِي الْمُوَطَّإِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ النَّجْشِ» وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا إلَخْ تَعْلِيلٌ لِتَقْدِيرِ بَيْعِهِ أَيْ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا ذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا إلَخْ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّقْدِيرَ مَعَ الِالْتِفَاتِ لِقَوْلِهِ بَعْدَ " يَزِيدُ " لِيَغُرَّ يُؤْذِنُ بِأَنَّ النَّجْشَ مُرَادٌ بِهِ النَّاجِشُ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبَيْعِ الْمُقَدَّرَ الزِّيَادَةُ، وَلَوْ حُمِلَ النَّجْشُ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَعْنِي الزِّيَادَةَ وَرَجَعَ ضَمِيرُ " يَزِيدُ " لِلْفَاعِلِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الْحَدِيثِ كَانَ فِي غُنْيَةً عَنْ تَقْدِيرِ بَيْعٍ (قَوْلُهُ: أَيْضًا) أَيْ كَالنَّاجِشِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ عَلِمَ بِالنَّاجِشِ) أَيْ وَأَقَرَّهُ عَلَى فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى ثَمَنِهَا) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ
أَنْ تُبَاعَ بِهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ وَهُوَ الْقِيمَةُ، وَعَلَى هَذَا فَإِذَا بَلَغَهَا بِزِيَادَتِهِ قِيمَتَهَا فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ بَلْ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هُوَ مَنْدُوبٌ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثَّمَنِ) أَيْ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ تُبَاعَ بِهِ (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ الْعُمُومُ) أَيْ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي شَأْنُهُ أَنْ تُبَاعَ بِهِ أَوْ زَادَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ بَلَغَهَا الْقِيمَةُ بِزِيَادَتِهِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعُمُومِ حَمَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الَّذِي وَقَعَ فِي الْمُنَادَاةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ قِيمَتَهَا وَزَوَّدَ النَّاجِشُ عَلَيْهَا أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا وَبَلَّغَهَا النَّاجِشُ قِيمَتَهَا بِزِيَادَتِهِ أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا فَالْمَنْعُ اتِّفَاقًا وَإِذَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الْقِيمَةِ بَلْ سَاوَاهَا بِزِيَادَتِهِ أَوْ كَانَتْ زِيَادَتُهُ أَنْقَصَ مِنْهَا فَهُوَ مَمْنُوعٌ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَجَائِزٌ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَمَنْدُوبٌ عَلَى كَلَامِ ابْنِ الْعَرَبِيِّ وَعَلَى تَأْوِيلِ كَلَامِ الْإِمَامِ وَكَلَامِ الْمَازِرِيِّ فَهُوَ مَمْنُوعٌ كَالزِّيَادَةِ عَلَى الْقِيمَةِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَدَارُ) أَيْ فِي الْحُرْمَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الشِّرَاءَ) أَيْ سَوَاءٌ قَصَدَ أَنْ يُغْرِ غَيْرَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِالنَّاجِشِ) أَيْ وَسَكَتَ حَتَّى حَصَلَ الْبَيْعُ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ إلَخْ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا كَلَامَ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ وَالْإِثْمُ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ وَلَهُ التَّمَاسُكُ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَحِينَئِذٍ فَالْقِيمَةُ إذَا فَاتَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا يَوْمَ الْقَبْضِ وَفِي إيرَادِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَمْثِلَةِ الْفَاسِدِ شَيْءٌ وَمِثْلُهَا مَسْأَلَةُ التَّلَقِّي الْآتِيَةِ وَشَارِحُنَا تَبِعَ عج فِي قَوْلِهِ: الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: فَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ أَدَّى ثَمَنَ النَّجْشِ)، كَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إنْ شَاءَ يُرِيدُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: وَإِنْ شَاءَ أَدَّى الثَّمَنَ إذْ لَا يَشَاءُ أَحَدٌ أَنْ يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِمَّا عَلَيْهِ فَظَهَرَ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ وَالْقِيمَةُ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يُخَيَّرُ فِي حَالَةِ قِيَامِ الْمَبِيعِ وَحَالَةِ فَوَاتِهِ فَفِي حَالَةِ قِيَامِهِ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ أَوْ يَرُدَّهُ، فَإِنْ فَاتَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَقَلُّ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَهُمَا فِي حَالَةِ الْفَوَاتِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِوَضٍ) مُبَالَغَةٌ فِي سُؤَالِهِ عَنْ الْكَفِّ وَقَوْلُهُ: بِعِوَضٍ أَيْ مِنْ غَيْرِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْعِوَضُ اشْتَرَاهَا أَمْ لَا)، كَذَا لِابْنِ رُشْدٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ: كَانَ ابْنُ هِلَالٍ يَسْتَشْكِلُ ذَلِكَ وَيَقُولُ: إنَّهُ مَنْ أَكَلَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ رَبُّهَا لَمْ يَبِعْهُ، وَقَالَ الْعَبْدُوسِيُّ: لَا إشْكَالَ لِأَنَّهُ عِوَضٌ عَلَى تَرْكِهِ، وَقَدْ تَرَكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فِيمَنْ أَرَادَ تَزْوِيجَ امْرَأَةٍ) أَيْ فَيَجُوزُ سُؤَالُ الْبَعْضِ لَيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ فِيهَا، وَلَوْ بِعِوَضٍ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْعِوَضُ أَخَذَهَا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ بَلَدٍ كَانَ مُلْتَزِمًا بِهَا أَوْ عَنْ رِزْقِهِ أَوْ وَظِيفَةٍ وَانْحَلَّتْ عَنْهُ فَيَجُوزُ لِمَنْ سَعَى فِي أَخْذِهَا مِنْ نَائِبِ السُّلْطَانِ سُؤَالَ الْبَعْضِ لَيَكُفَّ عَنْ الزِّيَادَةِ فِي حُلْوَانِهَا لِيَأْخُذَهَا، وَلَوْ بِعِوَضٍ يَجْعَلُهُ لَهُمْ وَيَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْعِوَضُ أَخَذَهَا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الشَّرِكَةِ جَازَ) أَيْ بِحَيْثُ يَغْرَمُ ذَلِكَ الْمَسْئُولُ مِنْ الثَّمَنِ مَا يَنُوبُ الْبَعْضُ الَّذِي جَعَلَهُ لَهُ السَّائِلُ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَ هَذَا) أَيْ سُؤَالُ الْجَمِيعِ أَوْ الْأَكْثَرُ أَوْ الْوَاحِدُ الَّذِي فِي حُكْمِ الْجَمَاعَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ إقْرَارٌ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: فِي قِيَامِ)
السِّلْعَةِ بَيْنَ رَدِّهَا وَعَدَمِهِ، فَإِنْ فَاتَتْ فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنْ أَمْضَى فَلَهُمْ أَنْ يُشَارِكُوهُ فِيهَا وَلَهُ أَنْ يُلْزِمَهُمْ الشَّرِكَةَ إنْ أَبَوْا
(وَكَبَيْعِ حَاضِرٍ) سِلَعًا، وَلَوْ لِتِجَارَةٍ (لِعَمُودِيٍّ) قَدِمَ بِهَا الْحَاضِرَةَ وَلَا يَعْرِفُ ثَمَنَهَا بِالْحَاضِرَةِ وَكَانَ الْبَيْعُ لِحَاضِرٍ فَلَا يَجُوزُ لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ لِبَدْوِيٍّ مِثْلَهُ أَوْ كَانَ الْعَمُودِيُّ يَعْرِفُ ثَمَنَهَا فَيَجُوزُ تَوَلِّي بَيْعِهَا لَهُ هَذَا إذَا قَدِمَ بِهَا الْعَمُودِيُّ لِلْحَاضِرِ بَلْ (وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ) أَيْ الْعَمُودِيِّ (لَهُ) أَيْ لِلْحَاضِرِ السِّلْعَةُ لِيَبِيعَهَا لَهُ
(وَهَلْ) يُمْنَعُ بَيْعُ الْحَاضِرِ (لِقَرَوِيٍّ) أَيْ لِسَاكِنِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ سِلَعَهُ الَّتِي يَجْهَلُ سِعْرَهَا مِنْ حَاضِرٍ كَمَا يُمْنَعُ لِبَدْوِيٍّ (قَوْلَانِ) أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ (وَفُسِخَ) إنْ لَمْ يَفُتْ وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ (وَأَدَّبَ) كُلٌّ مِنْ الْمَالِكِ وَالْحَاضِرِ وَالْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ وَهَلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ قَوْلَانِ
(وَجَازَ) لِلْحَضَرَيَّ (الشِّرَاءُ لَهُ) أَيْ لِلْعَمُودِيِّ أَوْ الْقَرَوِيِّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ أَيْ بِالنَّقْدِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ رَدِّهَا أَيْ يُخَيَّرُ بَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَفَسْخِهِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) أَيْ عَلَى حُكْمِ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَمْضَى) أَيْ، فَإِنْ أَمْضَى الْبَائِعُ الْبَيْعَ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَقَوْلُهُ: فَلَهُمْ أَيْ لِمَنْ سَأَلَهُمْ الْكَفَّ أَنْ يُشَارِكُوهُ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا رِبْحٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الِاشْتِرَاكَ إنَّمَا هُوَ فِي حَالِ قِيَامِ السِّلْعَةِ وَإِجَازَةِ الْبَيْعِ، وَأَمَّا إنْ فَاتَتْ وَلَمْ يَحْصُلْ إمْضَاءٌ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ، فَإِنَّهُ لَا اشْتَرَاكَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ وَيَخْتَصُّ بِهَا الْمُشْتَرِي اهـ خش (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَنْ يَلْزَمَهُمْ الشَّرِكَةَ) أَيْ إنْ حَصَلَ فِيهَا تَلَفٌ أَوْ خُسْرٌ وَظَاهِرُهُ كَانَ الِاشْتِرَاءُ فِي سُوقِ السِّلْعَةِ أَمْ لَا أَرَادَهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِهَا كَانَ الْمُشْتَرِي مِنْ أَهْلِ تِلْكَ التِّجَارَةِ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلُوا هَذِهِ كَمَسْأَلَةِ شَرِكَةِ الْجَبْرِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا إنْ اشْتَرَى شَيْئًا بِسُوقِهِ لَا لِكَسْفَرٍ أَوْ قَنِيَّةٍ وَغَيْرِهِ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تِجَارَةٍ لِاسْتِوَاءِ الْجَمِيعِ هُنَا فِي الظُّلْمِ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ ظَالِمٌ بِسُؤَالِهِ الْجَمِيعَ، وَلَوْ حُكْمًا وَهُمْ ظَالِمُونَ بِإِجَابَتِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْجَبْرِ، فَإِنَّهُ لَا ظُلْمَ فِيهَا مِنْ أَحَدٍ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إلْزَامَ الْمَسْئُولِينَ الشَّرِكَةَ إنْ أَبَوْا قَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ لَا صِحَّةَ لَهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي سُؤَالِهِمْ إنَّمَا كَانَ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ قَدْ رَضِيَ حَيْثُ أَمْضَى الْبَيْعَ، وَأَمَّا الْمُشْتَرِي فَقَدْ سَلَّمُوا لَهُ لَمَّا سَأَلَهُمْ وَأَسْقَطُوا حَقَّهُمْ وَرَضِيَ هُوَ بِالشِّرَاءِ وَحْدَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الشَّرِكَةِ بِحَالٍ
(قَوْلُهُ: سِلَعًا) أَيْ كَسَمْنٍ وَعَسَلٍ وَفَحْمٍ وَحَنْظَلٍ وَبَابُونَجٍ وَشِيحٍ وَسَنَامَكِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لِتِجَارَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَّلَهَا بِغَيْرِ ثَمَنٍ بَلْ، وَلَوْ حَصَّلَهَا بِثَمَنٍ بِأَنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ خَصَّ الْمَنْعَ بِالسِّلَعِ الَّتِي حَصَلُوهَا بِلَا ثَمَنٍ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلنَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام «دَعُوا النَّاسَ فِي غَفَلَاتِهِمْ يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَوْلُهُ: عليه الصلاة والسلام أَيْضًا «لَا يَبِيعُ حَاضِرٌ لِبَادٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ بَاعَ) أَيْ الْحَاضِرُ لِبَدَوِيٍّ مِثْلَهُ أَيْ فَإِنَّهُ يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْبَدْوِيَّ لَا يَجْهَلُ أَسْعَارَ هَذِهِ السِّلَعِ فَلَا يَأْخُذُهَا إلَّا بِأَسْعَارِهَا سَوَاءٌ اشْتَرَاهَا مِنْ حَضَرِيٍّ أَوْ مِنْ بَدَوِيٍّ فَبَيْعُ الْحَضَرِيِّ لَهُ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ بَدْوِيٍّ لِبَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْعَمُودِيُّ يَعْرِفُ ثَمَنَهَا) وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّهْيَ لِأَجْلِ أَنْ يَبِيعُوا لِلنَّاسِ بِرُخَصٍ وَهَذِهِ الْعِلَّةُ إنَّمَا تُوجَدُ إذَا كَانُوا جَاهِلِينَ بِالْأَسْعَارِ فَإِذَا عَلِمُوا بِالْأَسْعَارِ فَلَا يَبِيعُونَ إلَّا بِقِيمَتِهَا كَمَا يَبِيعُ الْحَاضِرُ فَبَيْعُ الْحَاضِرِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِهِمْ وَمَا فِي خش مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْعَمُودِيُّ عَالِمًا بِالْأَسْعَارِ أَوْ جَاهِلًا لَهَا فَهُوَ ضَعِيفٌ، كَذَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَفِي بْن مَا يَقْتَضِي اعْتِمَادَ مَا فِي خش، فَإِنَّهُ أَيَّدَهُ بِالنَّقْلِ عَنْ الْبَاجِيَّ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ تَوَلِّي بَيْعِهَا لَهُ) أَيْ فَيَجُوزُ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهَا لَهُ فَلَهُ مُتَعَلِّقٌ بِيَجُوزُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِرْسَالِهِ) هَذَا مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ وَلَوْ بِإِرْسَالِ الْعَمُودِيِّ السِّلْعَةَ لِلْحَاضِرِ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِ الْغَرَضِ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى الْأَبْهَرِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ الْبَيْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ اُضْطُرَّ إلَيْهَا
(قَوْلُهُ: أَيْ لِسَاكِنِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَدَنِيَّ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لَهُ الْحَاضِرَ اتِّفَاقًا وَبِهِ قِيلَ وَقِيلَ: إنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرَوِيِّ مَا لَيْسَ بِعَمُودِيٍّ فَيَشْمَلُ الْمَدَنِيَّ وَحِينَئِذٍ فَيَجْرِي الْخِلَافُ فِي الْبَيْعِ لَهُ (قَوْلُهُ: أَظْهَرُهُمَا الْجَوَازُ) بَلْ جَعَلَهُ بَعْضُهُمْ هُوَ الْمَذْهَبُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَفَسْخٌ) أَيْ بَيْعُ الْحَاضِرِ لِمَنْ يَمْنَعُ الْبَيْعَ لَهُ وَهُوَ الْبَدْوِيُّ وَالْقَرَوِيُّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى بِالثَّمَنِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُعْذَرْ بِجَهْلٍ) أَيْ بِأَنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ، وَلَا أَدَبَ عَلَى الْجَاهِلِ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ وَقَوْلُهُ: وَهَلْ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدَّهُ أَيْ وَهَلْ الْأَدَبُ مُطْلَقًا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأَدَّبَ الْإِمَامُ لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ أَوْ إنْ اعْتَادَهُ قَوْلَانِ
(قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ وَهُوَ الْقَوْلُ بِمَنْعِ الْبَيْعِ لَهُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ لَهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ)
أَوْ بِالسِّلَعِ
(وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) عَلَى دُونِ سِتَّةِ أَمْيَالٍ عَلَى مَا رَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَقِيلَ عَلَى مِيلٍ وَقِيلَ فَرْسَخٍ أَيْ السِّلَعُ الَّتِي مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ (أَوْ) تَلَقِّي (صَاحِبِهَا) قَبْلَ وُصُولِهِ لِيَشْتَرِيَ مِنْهُ مَا وَصَلَ مِنْ السِّلَعِ قَبْلَهُ أَوْ سَيَصِلُ (كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ) مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ أَوْ الْقَادِمِ قَبْلَ وُصُولِهَا (بِصِفَةٍ) فَيُمْنَعُ، وَلَوْ طَعَامًا لِقُوتِهِ (وَلَا يُفْسَخُ) هَذَا الْبَيْعُ إنْ وَقَعَ بَلْ هُوَ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا أَوْ يَعْرِضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ فَيُشَارِكُهُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمْ قَوْلَانِ.
(وَجَازَ لِمَنْ) مَنْزِلُهُ أَوْ قَرْيَتُهُ (عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ) مِنْ الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ لَهَا السِّلَعُ (أَخْذُ) أَيْ شِرَاءُ (مُحْتَاجٍ إلَيْهِ) لِقُوتِهِ لَا لِلتِّجَارَةِ مِنْ السِّلَعِ الْمَارَّةِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ بِالْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ لَهَا وَإِلَّا أُخِذَ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَأَمَّا مَنْ عَلَى دُونِ السِّتَّةِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّلَقِّي وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ مَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا يَمْنَعُ تَلَقِّي الْبَلَدِيِّ مِنْهُ لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا، وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لَهَا سُوقٌ وَمَنْ كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ يُمْنَعُ التَّلَقِّي مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ أُخِذَ لِقُوتِهِ فَقَطْ وَإِلَّا أُخِذَ وَلَوْ لِلتِّجَارَةِ، وَأَمَّا الشِّرَاءُ بَعْدَ وُصُولِهَا الْبَلَدَ فَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ حَتَّى تَصِلَ إلَيْهِ وَإِلَّا جَازَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَ مِنْ الْبِيَاعَاتِ الَّتِي وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِمَا يُوجِبُ ضَمَانَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فِيهَا فَقَالَ [دَرْسٌ](وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ) مَبِيعِ الْبَيْعِ (الْفَاسِدِ) عَلَى الْبَتِّ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَى الْمُشْتَرِي (بِالْقَبْضِ) الْمُسْتَمِرِّ نَقْدُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ أَمْ لَا كَانَ الْمَبِيعُ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(أَوْ بِالسِّلَعِ) مُتَعَلِّقٌ بِالشِّرَاءِ لَهُ أَيْ جَازَ الشِّرَاءُ لَهُ بِالنَّقْدِ وَبِالسِّلَعِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ حَصَّلَهَا بِمَالٍ أَوْ بِغَيْرِ مَالٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَخَصَّ عبق السِّلَعَ بِاَلَّتِي حَصَّلَهَا بِمَالٍ، وَأَمَّا الَّتِي حَصَّلَهَا بِغَيْرِ مَالٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا سِلَعًا وَقَالَ بْن ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ أَنْ لَا يَجُوزَ الشِّرَاءُ لَهُ إلَّا بِالنَّقْدِ لَا بِالسِّلَعِ مُطْلَقًا وَإِلَّا كَانَ بَيْعًا لِسِلَعِهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُوَ وَجِيهٌ
(قَوْلُهُ: وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْهَى عَنْ تَلَقِّي السِّلَعِ الْوَارِدَةِ لِبَلَدٍ مَعَ صَاحِبِهَا قَبْلَ وُصُولِهَا لِلْبَلَدِ وَاخْتُلِفَ هَلْ النَّهْيُ عَنْ التَّلَقِّي مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَمْيَالٍ؟ فَإِذَا كَانَ عَلَى سِتَّةِ أَمْيَالٍ فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ هَذَا سَفَرٌ لَا تَلَقِّي، وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةِ فَرْسَخٍ أَيْ ثَلَاثَةَ أَمْيَالٍ فَلَا يَحْرُمُ التَّلَقِّي إذَا كَانَ عَلَى مَسَافَةٍ أَكْثَرَ مِنْهَا وَقِيلَ: إنَّ النَّهْيَ إذَا كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةِ مِيلٍ، فَإِنْ كَانَ التَّلَقِّي عَلَى مَسَافَةٍ أَزْيَدَ مِنْ الْمِيلِ فَلَا يَحْرُمُ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُهَا (قَوْلُهُ: كَأَخْذِهَا) أَيْ كَشِرَائِهَا عَلَى الصِّفَةِ مِنْ صَاحِبِهَا الْمُقِيمِ أَوْ الْقَادِمِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي الْبَلَدِ قَبْلَ وُصُولِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَعَامًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ، بَلْ وَلَوْ كَانَ مَا يَشْتَرِيهِ طَعَامًا لِقُوتِهِ وَهَذِهِ الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا وَلِقَوْلِهِ كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ مِنْ صَاحِبِهَا بِصِفَةٍ.
(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ صَحِيحٌ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَيُنْهَى الْمُتَلَقِّي عَنْ تَلَقِّيهِ، فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ شَيْءٌ لِعَدَمِ فَسَادِ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ يَخْتَصُّ بِهَا) أَيْ وَهَلْ يَخْتَصُّ الْمُتَلَقِّي بِالسِّلْعَةِ الَّتِي تَلَقَّاهَا أَوْ تَلَقَّى صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَعْرِضُهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ) أَيْ أَوْ يُجْبَرُ عَلَى عَرْضِهَا عَلَى أَهْلِ السُّوقِ إنْ كَانَ لَهَا سُوقٌ وَإِلَّا فَعَلَى أَهْلِ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ مِنْهُمَا شَهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَالثَّانِي شَهَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَأَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَتَلَقِّي السِّلَعِ جَوَازَ تَلَقِّي جِمَالِ السَّائِقِينَ مِنْ الْبَحْرِ وَالْخُبْزِ مِنْ الْفُرْنِ وَكَذَلِكَ تَلَقِّي الثِّمَارِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق
(قَوْلُهُ: مِنْ السِّلَعِ) أَيْ وَلَيْسَ هَذَا مِنْ التَّلَقِّي الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَلَقِّيَ يَخْرُجُ مِنْ الْبَلَدِ الَّتِي يُجْلَبُ إلَيْهَا وَهَذَا مَرَّتْ عَلَيْهِ وَهُوَ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ قَرْيَتِهِ السَّاكِنِ بِهَا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لِقُوتِهِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ كَانَ لِلسِّلْعَةِ الْمَجْلُوبَةِ سُوقٌ فِي الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا أَوْ كَانَ لَا سُوقَ لَهَا بَلْ تُبَاعُ فِي الْبُيُوتِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ سِرَاجٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: لَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا سُوقٌ فِي الْبَلَدِ الْمَجْلُوبِ إلَيْهَا أَمْ لَا كَانَ الشِّرَاءُ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقُوتِ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَخَذَ لِقُوتِهِ) أَيْ مِمَّا مَرَّ عَلَيْهِ مِنْ السِّلَعِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ كَانَ الشِّرَاءُ لِلْقُوتِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا جَازَ بِمُجَرَّدِ الْوُصُولِ) أَيْ كَانَ الْأَخْذُ لِلْقُوتِ أَوْ لِلتِّجَارَةِ
(قَوْلُهُ: مُتَّفَقًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْفَسَادِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِالْقَبْضِ) أَيْ لَا بِتَمْكِينِ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَلَا بِإِقْبَاضِهِ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ: إنَّ الضَّمَانَ يَنْتَقِلُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُنْتَقِلَ بِالْقَبْضِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَمَانُ أَصَالَةٍ لَا ضَمَانَ الرِّهَانِ الْمُفَصَّلِ فِيهِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَغَيْرُهُ وَبَيْنَ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَعَدَمِ قِيَامِهَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ: إنَّهُ لَا يَضْمَنُ الْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى هَلَاكِهِ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَقْبِضْهُ إلَّا لِحَقِّ نَفْسِهِ عَلَى نَحْوِ مَا يَقْبِضُهُ الْمَالِكُ لَا تَوْثِقَةً كَالرِّهَانِ وَلَا لِلِانْتِفَاعِ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ كَالْعَوَارِيِّ وَلَا دَخْلَ عَلَى احْتِمَالِ رَدِّهِ كَالْخِيَارِ قَالَ بْن وَلَا يَتَوَقَّفُ الْقَبْضُ عَلَى الْحَصَادِ وَجَذِّ الثَّمَرَةِ حَيْثُ كَانَ
بِالْعَقْدِ أَوْ بِالْقَبْضِ وَتَقْيِيدِ الْقَبْضِ بِالْمُسْتَمِرِّ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا لَوْ رَدَّ الْمُشْتَرِي السِّلْعَةَ لِبَائِعِهَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ أَوْ غَيْرِهَا كَمَا لَوْ اسْتَثْنَى رُكُوبَهَا مُدَّةً وَأَخَذَهَا بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهَا فَاسِدًا فَهَلَكَتْ فَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ (وَرُدَّ) الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا لِرَبِّهِ إنْ لَمْ يَفُتْ وُجُوبًا وَيَحْرُمُ انْتِفَاعُ الْمُشْتَرِي بِهِ مَا دَامَ قَائِمًا (وَلَا غَلَّةَ) تَصْحَبُهُ فِي رَدِّهِ بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي ضَمَانِهِ وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ الْغَلَّةُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، فَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ رَجَعَ بِهَا، وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ لَا تَفِي بِالنَّفَقَةِ رَجَعَ بِزَائِدِ النَّفَقَةِ (فَإِنْ فَاتَ) الْمَبِيعُ فَاسِدًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي (مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ) وَلَوْ خَارِجَ الْمَذْهَبِ (بِالثَّمَنِ) الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُخْتَلَفًا فِيهِ بَلْ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ (ضَمِنَ) الْمُشْتَرِي (قِيمَتَهُ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْقَبْضِ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْقَبْضِ (و) ضَمِنَ (مِثْلَ الْمِثْلِيِّ) إذَا بِيعَ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا وَعَلِمَ كَيْلَهُ أَوْ وَزْنَهُ وَلَمْ يَتَعَذَّرْ وُجُودُهُ إلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ بِالرَّدِّ وَمَحَلُّ لُزُومِ الْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْبَيْعُ بَعْدَ اسْتِحْقَاقِهِمَا فَقَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ أَيْ، وَأَمَّا مِلْكُهُ فَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي بِالْفَوَاتِ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ انْتِقَالِ ضَمَانِ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمَبِيعُ الْفَاسِدُ مُنْتَفَعًا بِهِ شَرْعًا فَخَرَجَ شِرَاءُ الْمَيْتَةِ وَالزِّبْلِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ بَائِعِهِ، وَلَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ، وَأَمَّا نَحْوُ كَلْبِ الصَّيْدِ وَجِلْدِ الْأُضْحِيَّةِ فَالْقِيمَةُ بِإِتْلَافِهِ لِلتَّعَدِّي لَا لِلْقَبْضِ حَتَّى لَوْ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ: بِالْعَقْدِ) أَيْ وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ أَيْ لَا يُكَالُ وَلَا يُوزَنُ وَلَا يُعَدُّ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْقَبْضِ) أَيْ وَهُوَ مَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ بِأَنْ كَانَ يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ كَالطَّعَامِ وَكَالْغَائِبِ وَمَا فِيهِ مُوَاضَعَةٌ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهَا) أَيْ الْبَائِعُ لِيَسْتَوْفِيَ الرُّكُوبَ الْمُدَّةَ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا (قَوْلُهُ: فَاسِدًا) أَيْ شِرَاء فَاسِدًا (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي لِعَدَمِ انْتِقَالِ الضَّمَانِ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا قَبْضًا مُسْتَمِرًّا (قَوْلُهُ: وَرَدَّ إلَخْ) أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِحُكْمٍ بِرَدِّهِ إنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَسْخِ الْحَاكِمِ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ كَالْمُحَكَّمِ، وَالْعُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ عِنْدَ تَعَذُّرِهِ إمَّا لِعَدَمِ أَمَانَتِهِ أَوْ لِعَدَمِ اعْتِنَائِهِ بِالْأُمُورِ، فَإِنْ غَابَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَفَعَ الْآخَرُ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ أَوْ لِلْعُدُولِ وَفَسَخَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا غَلَّةَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ مَوْقُوفًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَاسْتَغَلَّهُ عَالِمًا بِوَقْفِيَّتِهِ فَيَرُدُّ الْغَلَّةَ، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَعَلِمَ بِوَقْفِيَّتِهِ عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِبَيْعِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا ظَهَرَ أَنَّهُ وَقْفٌ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ رَاضِيًا بِبَيْعِهِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ، وَلَوْ عَلِمَ أَنَّهُ وَقْفٌ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ رِضَا الرَّشِيدِ دُونَ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ يَفُوزُ بِهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ إلَى حِينِ الْحُكْمِ بِرَدِّ الْمَبِيعِ لِكَوْنِهِ فِي ضَمَانِهِ إلَى ذَلِكَ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّ الْخَرَاجَ بِالضَّمَانِ، وَلَوْ عَلِمَ بِالْفَسَادِ؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِالْفَسَادِ وَبِوُجُوبِ الرَّدِّ لَا يَنْفِي عَنْهُ الضَّمَانَ، وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَلَوْ فِي بَيْعِ الثَّنِيَّا الْمَمْنُوعَةِ عَلَى الرَّاجِحِ وَبَيْعِ الثَّنِيَّا هُوَ الْمَعْرُوفُ بِمِصْرَ بِبَيْعِ الْمُعَادِ بِأَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَتَى أَتَى لَهُ بِالثَّمَنِ رَدَّ الْمَبِيعَ لَهُ، فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ الشَّرْطُ حِينَ الْعَقْدِ أَوْ تَوَاطَآ عَلَيْهِ قَبْلَهُ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا، وَلَوْ أَسْقَطَ الشَّرْطَ لِتَرَدُّدِ الثَّمَنِ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِمَّا مَرَّ مِنْ أَنَّ إسْقَاطَ الشَّرْطِ الْمُوجِبِ لِخَلَلِ الْمَبِيعِ يُصَحِّحُهُ وَإِذَا قَبَضَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْمَبِيعَ وَاسْتَغَلَّهُ قَبْلَ الرَّدِّ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ عَلَى مَا قَالَهُ ح وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ، خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الْقَائِلِ: إنَّهَا لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهُ بَلْ بَقِيَ عِنْدَ الْبَائِعِ فَالْغَلَّةُ لَهُ لَا الْمُشْتَرِي، وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي أَبْقَاهُ عِنْدَ الْبَائِعِ بِأُجْرَةٍ كَمَا يَقَعُ بِمِصْرَ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ وَلَمْ يَقْبِضْهُ، وَأَمَّا إذَا تَبَرَّعَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ بِذَلِكَ بَعْدَ الْبَيْعِ بِأَنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ الْتِزَامِ الْبَيْعِ مَتَى رَدَدْت إلَيَّ الثَّمَنَ دَفَعْت لَك الْمَبِيعَ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ الْوَعْدِ بَلْ يُسْتَحَبُّ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِالنَّفَقَةِ) أَيْ حَيْثُ كَانَتْ قَدْرَ الْغَلَّةِ أَوْ كَانَتْ الْغَلَّةُ أَزْيَدَ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ اتَّفَقَ عَلَى مَا لَا غَلَّةَ لَهُ) أَيْ كَسَقْيٍ وَعِلَاجٍ فِي زَرْعٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَحَصَلَ الرَّدُّ قَبْلَ بَدْوِ صَلَاحِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ عَلَى مَالِهِ غَلَّةً لَا تَفِي إلَخْ) الَّذِي فِي الْمَوَّاقِ فِي الْخِيَارِ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَى مَا لَهُ غَلَّةٌ فَالنَّفَقَةُ فِي الْغَلَّةِ رَأْسًا بِرَأْسٍ كَانَتْ النَّفَقَةُ قَدْرَ الْغَلَّةِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهَا أَوْ أَنْقَصَ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ فِي المج.
(قَوْلُهُ: مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ) هَذِهِ قَاعِدَةٌ أَغْلَبِيَّةٌ إذْ قَدْ يَأْتِي مَا هُوَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَكِنَّهُ يَمْضِي إذَا فَاتَ بِالْقِيمَةِ فَقَوْلُهُ: مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالثَّمَنِ أَيْ إلَّا مَا اسْتَثْنَى كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، فَإِنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَمَعَ ذَلِكَ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ) هَذَا إشَارَةٌ لِقَاعِدَةٍ وَهِيَ كُلُّ فَاسِدٍ مُتَّفَقٌ عَلَى فَسَادِهِ إذَا فَاتَ، فَإِنَّهُ يَمْضِي بِالْقِيمَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَبْضِ وَهَذِهِ أَغْلَبِيَّةٌ أَيْضًا لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا فِي مَسْأَلَةٍ، وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَتَأْوِيلَانِ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ بِيعَ جُزَافًا أَوْ بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدٍّ وَلَكِنْ نَسِيَ ذَلِكَ
فِي الْجُزَافِ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ مَكِيلَتُهُ بَعْدُ وَإِلَّا وَجَبَ رَدُّ الْمِثْلِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ بِقَوْلِهِ: وَالْفَوَاتُ (بِتَغَيُّرِ سُوقٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ و) غَيْرِ (عَقَارٍ) كَحَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ فَلَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ عَلَى الْمَشْهُورِ.
(وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ) ، وَلَوْ لَمْ يَتَغَيَّرُ سُوقُهُ وَلَا ذَاتُهُ (وَفِيهَا شَهْرٌ) يُعَدُّ طُولًا (وَ) فِيهَا أَيْضًا (شَهْرَانِ) بَلْ وَثَلَاثَةٌ لَيْسَتْ بِطُولٍ، وَلَوْ قَالَ وَفِيهَا الشَّهْرُ طُولٌ وَالثَّلَاثَةُ لَيْسَتْ بِطُولٍ لَكَانَ أَصْوَبَ (وَاخْتَارَ) اللَّخْمِيُّ (أَنَّهُ خِلَافٌ) مَعْنَوِيٌّ (وَقَالَ) الْمَازِرِيُّ عَلَى مَا فَهِمَ الْمُصَنِّفُ (بَلْ) هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ (فِي شَهَادَةٍ) أَيْ مُشَاهَدَةٌ أَيْ مُعَايَنَةٌ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ رضي الله عنه رَأَى مَرَّةً أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ يُفِيتُهُ الشَّهْرُ بِمَظِنَّةِ تَغَيُّرِهِ فِيهِ لِصِغَرٍ وَنَحْوِهِ فَحَكَمَ بِأَنَّ الشَّهْرَ فِيهِ طُولٌ وَرَأَى مَرَّةً أَنَّ بَعْضَ الْحَيَوَانَاتِ لَا يُفِيتُهُ الشَّهْرَانِ وَالثَّلَاثَةُ لِعَدَمِ مَظِنَّةِ تَغَيُّرِهِ فِي ذَلِكَ فَحَكَمَ فِيهِ بِعَدَمِ طُولِ مَا ذَكَرَ، وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَائِلٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ حَقِيقِيٌّ كَاللَّخْمِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّخْمِيِّ بِمَا لَا وَجْهَ لَهُ فَظَنَّ الْمُصَنِّفُ رحمه الله مِنْ أَوَّلِ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ قَائِلٌ بِأَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ، فَرَاجِعْهُ فِي التَّتَّائِيِّ أَوْ الشَّبْرَخِيتِيِّ تَفْهَمَ الْمَقْصُودَ.
(وَ) يَفُوتُ (بِنَقْلِ عَرَضٍ) كَثِيَابٍ (وَمِثْلِيٍّ) كَقَمْحٍ مِنْ بَلَدِ الْعَقْدِ (لِبَلَدٍ) آخَرَ أَوْ الْعَكْسُ، وَكَذَا لِمَحَلٍّ آخَرَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِبَلَدٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ (بِكُلْفَةٍ) فِي الْوَاقِعِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ هُوَ كُلْفَةٌ كَحَمْلِهِ لَهُ عَلَى دَوَابِّهِ وَخَدَمِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقْتَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ أَوْ عَلِمَ ذَلِكَ فِي الْوَقْتِ الْمَذْكُورِ وَلَكِنْ تَعَذَّرَ وُجُودُهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ وَقَوْلُهُ: ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ أَيْ وَلَا يَنْتَظِرُ لِوَقْتِ وُجُودِهِ إذَا تَعَذَّرَ رَدُّهُ بِخِلَافِ الْغَاصِبِ، فَإِنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ وُجُودُ الْمِثْلِيِّ.
، فَإِنَّهُ يَصْبِرُ عَلَيْهِ لِوَقْتِ الْوُجُودِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ الْمِثْلُ لَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْقَضَاءِ بِالرَّدِّ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْبَيْعِ
(قَوْلُهُ: وَالْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ سُوقِ إلَخْ) هَذَا حِلُّ مَعْنَى لَا حِلُّ إعْرَابٍ فَلَا يُنَافِي أَنَّ قَوْلَهُ بِتَغَيُّرِ سُوقٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ فَاتَ لَا أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ تَقْدِيرَ الْعَامِلِ أَوْلَى لِئَلَّا يَلْزَمَ الْفَصْلُ بَيْنَ الْعَامِلِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُفِيتُهُمَا تَغَيُّرُ السُّوقِ) أَيْ لِأَنَّ غَالِبَ مَا يُرَادُ لَهُ الْعَقَارُ الْقِنْيَةُ فَلَا يُنْظَرُ فِيهِ لِكَثْرَةِ الثَّمَنِ وَلَا لِقِلَّتِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ تَغَيُّرُ الْأَسْوَاقِ فِيهِ فَوْتًا وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي ذَوَاتِ الْأَمْثَالِ الْقَضَاءُ بِالْمِثْلِ وَالْقَضَاءُ فِيهِمَا بِالْقِيمَةِ كَمَا لَوْ عَدِمَ الْمِثْلِيَّ كَالْفَرْعِ فَلَا يَعْدِلُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ الْأَصْلِ، ثُمَّ إنَّ كَوْنَ الْمِثْلِيِّ لَا يُفِيتُهُ حَوَالَةَ السُّوقِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَبِعْ جُزَافًا وَإِلَّا فَاتَ بِحَوَالَةِ السُّوقِ وَغَيْرِهَا كَمَا فِي النَّوَادِرِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: وَبِطُولِ زَمَانِ حَيَوَانٍ) يَعْنِي أَنَّ مُجَرَّدَ طُولِ إقَامَةِ الْحَيَوَانِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ ضَمِيمَةِ نَقْلٍ وَلَا تَغَيُّرَ فِي ذَاتٍ أَوْ سُوقٍ مُفِيتٌ لَهُ؛ لِأَنَّ الطُّولَ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ فِي الذَّاتِ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ وَإِذَا كَانَ التَّغَيُّرُ مَعَ الْمَظِنَّةِ مُفِيتًا فَالتَّغَيُّرُ مَعَ التَّحَقُّقِ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَفِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ وَقَوْلُهُ: وَفِيهَا أَيْضًا أَيْ فِي كِتَابِ السَّلَمِ شَهْرَانِ أَيْ لَيْسَ بِطُولٍ هَذَا مُرَادُهُ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ فَائِدَةٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ أَنَّهُ خِلَافٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَفِي حَدِّ الطُّولِ قَوْلَانِ فَيَنْبَغِي لِلْقَارِئِ أَنْ يَسْكُتَ سَكْتَةً لَطِيفَةً عَلَى قَوْلِهِ شَهْرٌ ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ وَشَهْرَانِ وَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَشَهْرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ أَوْ يَقْتَصِرَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَيُسْتَفَادُ الشَّهْرَانِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى إذْ مَا ذَكَرَهُ يُفِيدُ أَنَّ الثَّلَاثَةَ طُولٌ بِاتِّفَاقِ الْمَحَلَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: إنَّهُ خِلَافٌ مَعْنَوِيٌّ) أَيْ إنَّ مَا وَقَعَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ رَاجِعٌ لِلْمَعْنَى؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ طُولٌ ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا كَانَ الْحَيَوَانُ كَبِيرًا أَوْ صَغِيرًا وَالْمَحَلُّ الثَّانِي الَّذِي حُكِمَ فِيهِ بِأَنَّ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ طُولًا ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: بَلْ هُوَ خِلَافٌ لَفْظِيٌّ فِي شَهَادَةٍ) أَيْ أَنَّ مَا حَكَمَ بِهِ الْإِمَامُ أَوَّلًا مِنْ أَنَّ الشَّهْرَ طُولٌ بِالنَّظَرِ لِمُشَاهَدَةٍ وَمُعَايَنَةٍ أَيْ بِالنَّظَرِ لِحَيَوَانٍ صَغِيرٍ حَضَرَ عِنْدَهُ وَعَايَنَهُ وَشَاهَدَهُ كَغَنَمٍ فَإِنَّ الشَّهْرَ فِيهِ مَظِنَّةُ التَّغَيُّرِ وَحُكْمُهُ ثَانِيًا بِأَنَّ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ لَيْسَتْ طُولًا بِالنَّظَرِ لَمَّا حَضَرَ عِنْدَهُ وَشَاهَدَهُ مِنْ حَيَوَانٍ كَبِيرٍ كَبَقَرٍ وَإِبِلٍ فَإِنَّ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فِيهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْحُكْمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ لِاخْتِلَافِ مَحَلُّهُمَا لَيْسَا مُخْتَلِفَيْنِ حَقِيقَةً إنَّمَا الْخِلَافُ الْحَقِيقِيُّ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَحِلِّ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَابَلَ الْخِلَافَ الْحَقِيقِيَّ بِالشَّهَادَةِ يَعْلَمُ أَنَّهُ أَرَادَ بِهَا الْخِلَافَ اللَّفْظِيَّ وَيُوَجِّهُ بِمَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَائِلُ إلَخْ) نَصُّ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ بَعْدَ مَا ذَكَرَ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ اعْتَقَدَ بَعْضُ أَشْيَاخِي يَعْنِي اللَّخْمِيَّ أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ اخْتِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ بِعَادَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَشَارَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَى أَنَّ الْمِقْدَارَ مِنْ الزَّمَانِ الَّذِي لَا يَمْضِي إلَّا وَقَدْ تَغَيَّرَ الْحَيَوَانُ بِتَغَيُّرِهِ فِي ذَاتِهِ أَوْ سُوقِهِ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى التَّخَيُّرِ اهـ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي رَدِّهِ عَلَى اللَّخْمِيِّ تَعَسُّفٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ حَاصِلَ كَلَامِهِ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ لِمَنْ تَأَمَّلَهُ وَأَنْصَفَ اهـ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمَازِرِيَّ اعْتَرَضَ عَلَى اللَّخْمِيِّ مِنْ جِهَةِ أَنَّ كَلَامَهُ يَقْتَضِي أَنَّ
أَوْ فِي سَفِينَةٍ فَيُرَدُّ قِيمَةَ الْعَرَضِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ فِي مَحَلِّهِمَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا لَيْسَ فِي نَقْلِهِ كُلْفَةٌ كَعَبْدٍ وَحَيَوَانٍ يَنْتَقِلُ بِنَفْسِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ بِفَوْتٍ فَيُرَدُّ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الطَّرِيقِ خَوْفٌ أَوْ مَكْسٌ فَالْقِيمَةُ
(وَبِالْوَطْءِ) لِأَمَةٍ، وَلَوْ وَخْشًا ثَيِّبًا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ بَالِغًا وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ تَكُونَ بِكْرًا وَيَفْتَضُّهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَغَيُّرِ الذَّاتِ.
(وَبِتَغَيُّرِ ذَاتِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ) مِنْ عَقَارٍ وَعَرَضٍ وَحَيَوَانٍ ومِنْهُ تَغَيُّرُ الدَّابَّةِ بِالسِّمَنِ أَوْ الْهُزَالِ وَالْأَمَةِ بِالْهُزَالِ فَقَطْ، وَأَمَّا تَغَيُّرُ ذَاتِ الْمِثْلِيِّ لَا تُفِيتُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرُدُّهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يَرُدُّ مِثْلَهُ حِينَئِذٍ فَلَوْ حُذِفَ غَيْرُ مِثْلِيٍّ كَانَ أَحْسَنَ
(وَخُرُوجٍ) لِلْمَبِيعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ، وَلَوْ وَجَدَ التَّغَيُّرَ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ عِنْدَ وُجُودِ التَّغَيُّرِ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي قَدْرِ الزَّمَانِ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الْخِلَافَ وَلَوْ وُجِدَ التَّغَيُّرُ بِالْفِعْلِ قَالَ بْن: وَالصَّوَابُ اتِّفَاقُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ وَاللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ الْوَاقِعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّ مَا هُوَ مَظِنَّةٌ لِتَغَيُّرِ الْحَيَوَانِ فَوْتٌ قَطْعًا وَعَلَى أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ فِي الشَّهْرِ إلَى الثَّلَاثَةِ هَلْ هُوَ مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ فَيَكُونُ فَوْتًا أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ فَوْتًا وَلَيْسَ الْخِلَافُ الَّذِي فِيهَا لَفْظِيًّا وَهُوَ الْخِلَافُ فِي حَالٍ وَيَتَبَيَّنُ ذَلِكَ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْخِلَافِ فِي حَالٍ وَالْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ فَإِنَّ الْأَوَّلَ يُقَالُ حَيْثُ يَكُونُ لِلشَّيْءِ حَالَانِ فَيَقُولُ الْقَائِلُ بِجَوَازِهِ بِاعْتِبَارِ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ وَهِيَ الْحَاضِرَةُ فِي ذِهْنِهِ حِينَ الْقَوْلِ وَيَقُولُ الْآخَرُ بِمَنْعِهِ بِاعْتِبَارِ الْحَالَةِ الْأُخْرَى لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي حَضَرَتْ فِي ذِهْنِهِ حِينَ الْقَوْلِ، وَلَوْ حَضَرَ فِي ذِهْنِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْقَائِلَيْنِ مَا حَضَرَ فِي ذِهْنِ الْآخَرِ لَوَافَقَهُ فَهَذَا لَيْسَ خِلَافًا فِي الْحَقِيقَةِ، وَأَمَّا الْخِلَافُ فِي شَهَادَةٍ فَيُقَالُ حَيْثُ يَكُونُ الْقَوْلُ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا مُرَتَّبًا عَلَى أَحَدِ الْحَالَيْنِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَنْفِي الْآخَرَ بِأَنْ يَقُولَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَثَلًا الْمُشَاهَدَةُ تَقْضِي بِكَذَا وَيَنْفِي غَيْرُهُ فَهُوَ خِلَافٌ حَقِيقِيٌّ. مَثَلًا الْخِلَافُ فِي مَاءٍ جُعِلَ فِي الْفَمِ هَلْ يَصِحُّ التَّطْهِيرُ بِهِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَاءَ قَدْ يُضَافُ بِالرِّيقِ فَمَنْ مَنَعَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالَةِ الْإِضَافَةِ وَمَنْ أَجَازَ تَكَلَّمَ عَلَى حَالَةِ عَدَمِهَا وَكُلٌّ يُسَلِّمُ وُقُوعَ الْحَالَيْنِ فَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الْخِلَافُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْقَائِلَ بِالْمَنْعِ يَرَى أَنَّهُ يُضَافُ وَلَا بُدَّ وَلَا يُمْكِنُ عَادَةً عَدَمُ إضَافَتِهِ، وَالْقَائِلُ بِالْجَوَازِ يَرَى نَقِيضَ هَذَا فَهُوَ خِلَافٌ فِي شَهَادَةٍ وَالْخِلَافُ فِي مَسْأَلَتِنَا مِنْ هَذَا الثَّانِي؛ لِأَنَّ مَنْ قَالَ: إنَّ الثَّلَاثَةَ وَمَا دُونَهَا فَوْتٌ، يَرَى أَنَّهَا مَظِنَّةٌ لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ. وَمِنْ قَالَ: إنَّهَا لَيْسَتْ بِفَوْتٍ، يَرَى أَنَّهَا لَيْسَتْ مَظِنَّةً لِلتَّغَيُّرِ وَلَا بُدَّ وَهَذَا مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا يُفِيدُهُ مَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا قَوْلُ شَارِحِنَا أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ رَأَى إلَخْ فَتَوْفِيقٌ لَمْ يَقُلْهُ الْمَازِرِيُّ وَلَا هُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ مَا بَيَّنَ بِهِ الْخِلَافَ مَعْنَى الْخِلَافِ فِي حَالٍ لَا مَعْنَى الْخِلَافِ فِي شَهَادَةٍ اهـ كَلَامُ بْن ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ وَاعْتَرَضَ الصَّقَلِّيُّ عَلَى اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُمَا فِي الْمُعَارَضَةِ بَيْنَ كَلَامَيْ الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّ قَوْلَهَا الثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَيْسَتْ فَوْتًا إنَّمَا هُوَ فِي الْإِقَالَةِ مِنْ السَّلَم إذَا كَانَ طَعَامًا وَرَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانٌ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ عَلَى عَيْنِ رَأْسِ مَالِهِ جَازَ، وَإِنْ تَغَيَّرَ بِمُفَوِّتٍ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ بِيعَ الطَّعَامُ قَبْلَ قَبْضِهِ قَالَ فِيهَا وَالثَّلَاثَةُ أَشْهُرٍ لَا تُفِيتُهُ حَيْثُ لَمْ يَتَغَيَّرْ فِي ذَاتِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهَا لَا تُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ حَتَّى يَتَعَارَضَ الْمَوْضِعَانِ؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ مَعْرُوفٌ يُخَفَّفُ فِيهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُمْ عَدُّوا حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ فِيهَا غَيْرُ مُفِيتَةٍ مَعَ الْقَطْعِ هُنَا بِأَنَّهَا مُفِيتَةٌ وَهَذَا اعْتِرَاضٌ ظَاهِرٌ اهـ كَلَامُهُ
(قَوْلُهُ: فِي مَحَلِّهِمَا) أَيْ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُمَا فِيهِ فَلَوْ كَانَ النَّقْلُ غَيْرَ مُفَوِّتٍ لِرَدِّ الْعَرَضِ بِذَاتِهِ وَدَفَعَ الْمِثْلِيَّ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي نُقِلَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: فَيُرَدُّ) أَيْ وَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ لَكِنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي حَتَّى يُسَلِّمَهُ الْبَائِعُ
(قَوْلُهُ: وَبِالْوَطْءِ) أَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَبِوَطْئِهِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ قَوْلِهِ وَبِوَطْءٍ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا وَطِئَهَا الْغَيْرُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي وَهُوَ لَا يُفِيتُهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: وَبِالْوَطْءِ أَنَّ الْمُقَدَّمَاتِ لَا تُفِيتُ، وَأَمَّا الْخَلْوَةُ بِهَا، فَإِنْ ادَّعَى وَطْأَهَا صُدِّقَ عَلِيَّةً أَوْ وَخْشًا صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ فَتَفُوتُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعِ صُوَرٍ، فَإِنْ ادَّعَى عَدَمَهُ صُدِّقَ فِي الْوَخْشِ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ أَوْ كَذَّبَهُ وَتُرَدُّ وَلَا اسْتِبْرَاءَ كَعَلِيَّةٍ إنْ صَدَّقَهُ الْبَائِعُ فَتُرَدُّ وَلَكِنْ تُسْتَبْرَأُ، فَإِنْ كَذَّبَهُ فَاتَتْ.
(قَوْلُهُ: لِأَمَةٍ) أَيْ لَا لِمَمْلُوكٍ ذَكَرِ فَلَا يَكُونُ فَوْتًا وَقَوْلُهُ: لِأَمَةٍ أَيْ وَلَوْ بِدُبُرِهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَالِغًا بَلْ صَغِيرًا فَلَا يَكُونُ وَطْؤُهُ فَوْتًا.
(قَوْلُهُ: وَيَفْتَضُّهَا) أَيْ غَيْرُ الْبَالِغِ
(قَوْلُهُ: فَلَوْ حَذَفَ غَيْرَ مِثْلِيٍّ كَانَ أَحْسَنُ) أَيْ لِأَنَّ رَدَّ الْمِثْلِ اعْتِرَافٌ بِفَوَاتِهِ نَعَمْ التَّقْيِيدُ بِغَيْرِ الْمِثْلِيِّ يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْمِثْلِيَّ مَعَ الْفَوَاتِ يُضْمَنُ بِالْقِيمَةِ فَإِذَا
(عَنْ يَدٍ) بِبَيْعٍ صَحِيحٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ تَحْبِيسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ نَفْسِهِ لَا بِبَيْعٍ فَاسِدٍ فَلَا يُفِيتُ، وَبِيعَ بَعْضُ مَا لَا يَنْقَسِمُ وَلَوْ قَلَّ كَبَيْعِ الْكُلِّ كَبَيْعِ أَكْثَرِ مَا يَنْقَسِمُ وَإِلَّا فَاتَ مَا بِيعَ فَقَطْ.
(وَتَعَلُّقُ حَقٍّ) بِالْمَبِيعِ فَاسِدًا لِغَيْرِ الْمُشْتَرِي (كَرِهْنَهُ) وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَلَاصِهِ لِعُسْرِ الرَّاهِنِ فَلَوْ قَدَرَ لِمُلَائِهِ لَمْ يَكُنْ فَوْتًا (وَإِجَارَتِهِ) اللَّازِمَةِ بِأَنْ كَانَتْ وَجِيبَةً أَوْ نَقْدِ كِرَاءِ أَيَّامٍ مَعْلُومَةٍ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى فَسْخِهَا بِتَرَاضٍ وَهَذَا فِي رَهْنٍ وَإِجَارَةِ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَخْ.
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ مُفِيتٌ وَشَمَلَ ذَلِكَ الْأَرْضَ وَكَانَ فِيهَا تَفْصِيلٌ وَخَفَاءٌ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (وَ) بِتَغَيُّرِ (أَرْضٍ بِبِئْرٍ) حُفِرَتْ فِيهَا لِغَيْرِ مَاشِيَةٍ (وَعَيْنٍ) فُتِقَتْ فِيهَا، وَلَوْ لِمَاشِيَةٍ أَوْ أُجْرِيَتْ إلَيْهَا وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَكَذَا فِي قَوْلِهِ (و) بِإِنْشَاءِ (غَرْسٍ وَبِنَاءٍ عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ) صِفَةٌ لِغَرْسٍ وَبِنَاءٍ وَلَا يَرْجِعُ لِبِئْرٍ وَعَيْنٍ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُمَا ذَلِكَ وَمِثْلُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ الْقَلْعُ وَالْهَدْمُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا أَحَاطَ الْغَرْسَ أَوْ الْبِنَاءَ بِهَا وَلَمْ يَعُمَّ الْأَرْضَ وَلَا مُعْظَمَهَا وَإِلَّا فَاتَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ لِحَمْلِهِ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ عَمَّ مَا دُونَ الْجُلِّ فَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَفَاتَتْ بِهِمَا) أَوْ بِأَحَدِهِمَا (جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ) أَوْ الثُّلُثُ أَوْ النِّصْفُ عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: جِهَةٌ أَيْ لَا الْجَمِيعُ فَلَمْ يُحْتَرَزْ بِهِ عَنْ الثُّلُثِ أَوْ النِّصْفِ (لَا أَقَلُّ) مِنْ الرُّبْعِ فَلَا يُفِيتُ شَيْئًا مِنْهَا، وَلَوْ عَظُمَتْ الْمُؤْنَةُ وَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الْجِهَةِ الرُّبُعَ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ بِالْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَانَ تَغَيُّرُ الذَّاتِ لَا يُفِيتُهُ فَالْوَاجِبُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَدُّ مِثْلِهِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَالْخِلَافُ مَذْكُورٌ فِي طفي وَنَصَّهُ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ فِي تَوْضِيحِهِ الَّذِي لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ. وَابْنُ بَشِيرٍ أَنَّ الْمِثْلِيَّ لَا يَفُوتُ بِتَغَيُّرِ الذَّاتِ لِأَنَّ مِثْلَهُ يَقُومُ مَقَامَهُ لَكِنَّهُ غَيْرُ مُلْتَئِمٍ مَعَ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ وَمِثْلَ الْمِثْلِيَّ إذْ الْمِثْلُ هُوَ الْمُرَتَّبُ عَلَى الْفَوَاتِ عِنْدَهُ وَتِلْكَ طَرِيقَةُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ هُنَاكَ وَأَصْلُهَا لِابْنِ يُونُسَ فَهُمَا طَرِيقَتَانِ إحْدَاهُمَا لِابْنِ يُونُسَ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّ اللَّازِمَ فِي الْفَوَاتِ الْقِيمَةُ فِي الْمُقَوِّمِ وَالْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ إلَّا أَنْ يُعْدَمَ كَثَمَرٍ فِي غَيْرِهِ إبَّانَهُ فَقِيمَتُهُ، وَعَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَشَى الْمُصَنِّفُ سَابِقًا فِي قَوْلِهِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ بَشِيرٍ وَاللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيُّ أَنَّ اللَّازِمَ مَعَ الْفَوَاتِ هُوَ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا فِي الْمُقَوَّمِ وَالْمِثْلِيِّ وَاخْتَارَهَا ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَعَلَيْهِمَا يَأْتِي التَّفْرِيعُ وَالْخِلَافُ فِي حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَالنَّقْلِ وَالتَّغَيُّرُ هَلْ يُفِيتُ الْمِثْلِيَّ أَمْ لَا فَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْمِثْلَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ قَالَ بِعَدَمِ الْفَوَاتِ وَمَنْ أَوْجَبَ فِيهِ الْقِيمَةَ قَالَ بِالْفَوَاتِ، وَأَمَّا رَدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ كَمَا تَوَهَّمَهُ عج فَلَا قَائِلَ بِهِ اهـ
(قَوْلُهُ: عَنْ يَدٍ) أَيْ عَنْ يَدِ مُشْتَرِيه.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَحْبِيسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي عَنْ نَفْسِهِ) لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَبَسَهُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ هَذَا حَبْسٌ عَنْ نَفْسِي بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ حَبْسٌ مُتَعَلِّقٌ بِنَفْسِهِ كَأَنْ حَبَسَ دَارًا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَوْصَى الْمَيِّتُ بِشِرَاءِ دَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ وَأَنْ يَحْبِسَ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْوَصِيُّ شِرَاءً فَاسِدًا وَحَبَسَهُ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ وَلَا يَكُونُ التَّحْبِيسُ مُفِيتًا لَهُ.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعِ الْكُلِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ فَوْتًا وَقَوْلُهُ: كَبَيْعِ أَكْثَرَ مَا يَنْقَسِمُ أَيْ، فَإِنَّهُ فَوْتٌ وَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ مَا زَادَ عَلَى النِّصْفِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ بَاعَ بَعْضَ مَا يَنْقَسِمُ فَاتَ مَا بِيعَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَأَرْضٌ بِبِئْرٍ وَعَيْنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبِئْرِ وَالْعَيْنِ بِدُونِ رُبْعِ الْأَرْضِ.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مَاشِيَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ حُفِرَ لِلزِّرَاعَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَأْنَهُمَا ذَلِكَ) أَيْ عِظَمَ الْمُؤْنَةِ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ وَجْهُ خُرُوجِ بِئْرِ الْمَاشِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنَهُ عِظَمَ الْمُؤْنَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ بِالْفِعْلِ كَانَ مُفِيتًا كَالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الزَّرْعُ فَلَا يُفِيتُ كَمَا قَالَهُ مُحَمَّدٌ فَيُفْسَخُ الْبَيْعُ ثُمَّ إنْ كَانَ الْفَسْخُ فِي الْإِبَّانِ أَيْ زَمَنِ زِرَاعَةِ الْأَرْضِ فَعَلَى الْمُشْتَرِي كِرَاءُ الْمِثْلِيِّ وَلَا يُقْلِعُ زَرْعَهُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ فَوَاتِهِ فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَفَازَ بِذَلِكَ الزَّرْعِ لِأَنَّهُ غَلَّةٌ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ الْقَلْعُ وَالْهَدْمُ) أَيْ فِي كَوْنِهِمَا مُفَوِّتِينَ إذَا كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَظِيمَ الْمُؤْنَةِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فِيمَا أَحَاطَ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ بِهَا) أَيْ كَالسُّوَرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا إنْ أَحَاطَا بِهَا كَالسُّوَرِ، فَإِنْ كَانَا عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ أَفَاتَا وَإِلَّا فَلَا يُفِيتَانِ شَيْئًا، وَإِنْ عَمَّا الْأَرْضَ كُلَّهَا أَوْ مُعْظَمَهَا، فَإِنَّهُمَا يُفِيتَانِ الْأَرْضَ بِتَمَامِهَا سَوَاءٌ كَانَا عَظِيمَيْ الْمُؤْنَةِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ أَبِي الْحَسَنِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنْ غَرَسَ النِّصْفَ وَعَمَّهُ بِالْغَرْسِ كَانَ مُفِيتًا لِلْأَرْضِ بِتَمَامِهَا كَمَا لَوْ عَمَّ كُلَّهَا أَوْ مُعْظَمَهَا وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ مَشَى ابْنُ عَرَفَةَ فَحَدُّ الْيَسِيرِ عِنْدَهُ الثُّلُثُ فَمَا زَادَهُ عَلَيْهِ كَثِيرٌ مُفِيتٌ لَهَا بِتَمَامِهَا، وَمِثْلُ مَا لِأَبِي الْحَسَنِ لِابْنِ رُشْدٍ إذْ كَلَامُهُ يُفِيدُ أَنَّ النِّصْفَ كَالرُّبْعِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: وَإِذَا كَانَ الْغَرْسُ بِنَاحِيَةٍ فِيهَا وَجَلَّهَا لَا غَرْسَ فِيهِ وَجَبَ أَنْ يَفُوتَ مِنْهَا مَا غَرَسَ وَيُفْسَخُ الْبَيْعُ فِي سَائِرِهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْبَائِعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ الْمَغْرُوسُ مِنْ الْأَرْضِ يَسِيرًا كَمَا لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَلَزِمَهُ الْبَيْعُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ فَأَنْتَ تَرَاهُ أَحَالَ الْقَدْرَ الَّذِي يَفُوتُ بِالْغَرْسِ دُونَ مَا لَمْ يُغْرَسْ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي لَوْ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ لَزِمَهُ الْبَاقِي، وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَرَدَّ بَعْضَ الْمَبِيعِ بِحِصَّتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَكْثَرُ ثُمَّ قَالَ وَتَلِفَ بَعْضُهُ وَاسْتِحْقَاقُهُ كَعَيْبٍ بِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: بِالْقِيمَةِ) أَيْ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ
يَوْمَ الْقَبْضِ لَا بِالْمِسَاحَةِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرْسُ أَوْ الْبِنَاءُ مُفِيتًا إمَّا لِنَقْصِ مَحَلِّهِمَا عَنْ الرُّبُعِ أَوْ لِعَدَمِ عِظَمِ الْمُؤْنَةِ فِيمَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْعَظْمُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِبَائِعِ الْأَرْضِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (الْقِيمَةُ) يَوْمَ الْحُكْمِ أَيْ قِيمَةُ مَا غَرَسَهُ أَوْ بَنَاهُ (قَائِمًا) لَا مَقْلُوعًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ بِوَجْهِ شَبَهٍ عَلَى التَّأْبِيدِ (عَلَى الْمَقُولِ) عِنْدَ الْمَازِرِيِّ (وَالْمُصَحَّحِ) عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ
(وَفِي بَيْعِهِ) أَيْ بَيْعِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَى شِرَاءً فَاسِدًا بَيْعًا صَحِيحًا وَقَعَ مِنْ مُشْتَرِيهِ أَوْ مِنْ بَائِعِهِ (قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْلَ قَبْضِ أَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا بِأَنْ يَبِيعَهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ بِيَدِ بَائِعِهِ أَوْ يَبِيعَهُ بَائِعُهُ وَهُوَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَقْبِضَهُ مِنْهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يَفُوتُ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ أَمْ لَا مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَمْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَلَا يَصِحُّ تَفْسِيرُ الْإِطْلَاقِ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي صَحِيحًا أَمْ لَا إذْ لَا يَحْصُلُ الْفَوَاتِ بِالْبَيْعِ الْفَاسِدِ اتِّفَاقًا (تَأْوِيلَانِ) بِالْفَوْتِ وَعَدَمِهِ وَعَلَى الْفَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْبَائِعِ لَزِمَهُ قِيمَتُهُ لِلْبَائِعِ يَوْمَ بَيْعِهِ أَيْ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْبَائِعَ وَهُوَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ أَخْذِهِ مِنْهُ، فَإِنَّهُ يَمْضِي وَيَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ مِنْ أَصْلِهِ وَيَرُدُّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ. وَعَلَى عَدَمِ الْفَوْتِ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْمُشْتَرِي رُدَّ لِبَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ لَهُ الْبَائِعَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا بَاعَهُ بَيْعًا فَاسِدًا وَقَبَضَهُ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ بَائِعِهِ فِيهِ بَيْعٌ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَاسْتَظْهَرَ الْحَطَّابُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ مُشْتَرِيهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ الْإِمْضَاءُ قِيَاسًا عَلَى الْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالصَّدَقَةِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عِتْقُ الْمُشْتَرِي بِأَنْوَاعِهِ وَهِبَتُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ فَوْتٌ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي مَلِيًّا بِالثَّمَنِ وَإِلَّا رُدَّ عِتْقُهُ وَرُدَّ لِبَائِعِهِ (لَا إنْ قَصَدَ) الْمُشْتَرِي (بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ) فَلَا يُفِيتُهُ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ.
(و) لَوْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَاسِدًا وَوَجَبَتْ فِي الْمُقَوَّمِ أَوْ الْمِثْلُ فِي الْمِثْلِيِّ ثُمَّ زَالَ الْمُفِيتُ (ارْتَفَعَ الْمُفِيتُ) أَيْ حُكْمُهُ وَهُوَ عَدَمُ رَدِّهِ لِبَائِعِهِ (إنْ عَادَ) الْمَبِيعُ لِحَالَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ ضَرُورِيًّا كَإِرْثٍ وَصَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ مُفَوِّتٌ وَرُدَّ إلَى بَائِعِهِ مَا لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْفَوَاتُ (بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) ثُمَّ يَعُودُ السُّوقُ الْأَوَّلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
تِلْكَ الْجِهَةِ وَمَا قِيمَةُ الْجِهَةِ الْبَاقِيَةِ، فَإِنْ قِيلَ قِيمَةُ الْجِهَةِ الْمَغْرُوسَةِ مِائَةٌ وَقِيمَةُ الْجِهَةِ الْأُخْرَى مِائَتَانِ أَوْ ثَلَثُمِائَةٍ فَاتَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ وَرَدَّ الْبَاقِيَ وَحَاصَ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ مِنْ الثَّمَنِ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْقِيمَةُ) أَيْ لَا الرُّجُوعُ بِمَا أَنْفَقَ كَمَا خَرَّجَهُ بَعْضُهُمْ وَنَسَبَهُ لِلْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: قَائِمًا أَيْ لَا مَقْلُوعًا يَوْمَ جَاءَ بِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُصَحَّحُ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَتَحْصُلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ، قِيلَ: يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بِمَا أَنْفَقَ وَقِيلَ بِقِيمَةِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ قَائِمًا، وَقِيلَ مَقْلُوعًا يَوْمَ جَاءَ بِهِ الْمُشْتَرِي
(قَوْلُهُ: بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) أَيْ وَهُوَ الْعُرُوض وَالْحَيَوَانُ.
(قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ وَهُوَ الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَجَمَاعَةٍ وَالثَّانِي لِلْفَضْلِ وَابْنِ الْكَاتِبِ.
(قَوْلُهُ: لَزِمَهُ قِيمَتُهُ) أَيْ مَضَى الْبَيْعُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلَ قِيمَتُهُ لِلْبَائِعِ يَوْمَ بَيْعِ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي لَهُ وَلَا يُقَالُ: هَذَا يُخَالِفُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَضْمَنُ قِيمَةَ الْمَبِيعِ فَاسِدًا إذَا فَاتَ يَوْمَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: بَيْعُ الْمُشْتَرِي لِلسِّلْعَةِ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ قَبْضِهَا. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْقَبْضِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ نَقْضًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ) أَيْ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ تَسَمُّحًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ مُضِيِّ بَيْعِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَوْتًا لِلْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَإِنَّمَا هُوَ نَقْضٌ وَفُسِخَ لَهُ فَكَانَ الْمُرَادُ بِالْفَوْتِ فِي هَذَا فَوْتَ الْمَبِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي تَفْسِيرٌ مُرَادٌ.
(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ) أَيْ ذَلِكَ الْبَائِعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي أَيْ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ قَبَضَهُ) أَيْ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَائِعُ قَبَضَهُ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ ثَانِيًا.
(قَوْلُهُ: رُدَّ) أَيْ ذَلِكَ الْمَبِيعُ وَكَانَ الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: بَقِيٍّ بِيَدِ بَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَقْبِضْهُ مِنْ ذَلِكَ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ: رَدَّهُ الْمُشْتَرِي الثَّانِي إنْ كَانَ قَبَضَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ بَاعَهُ لَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْ بَائِعِهِ.
(قَوْلُهُ: لِبَائِعِهِ الْأَصْلِيِّ) أَيْ وَنُقِضَ ذَلِكَ الْبَيْعُ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ بَائِعِهِ فِيهِ بَيْعٌ) هَذَا مَحَطُّ الْكَأَنِيَّةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُرَدُّ ذَلِكَ الْبَيْعُ الثَّانِي وَضَمَانُهُ إنْ حَصَلَ فِيهِ مَا يُوجِبُ الضَّمَانَ مِنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: لَا إنْ قَصَدَ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا عَلِمَ بِالْفَسَادِ فَبَاعَهُ بَيْعًا صَحِيحًا قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَصَدَ بِالْبَيْعِ الْإِفَاتَةَ فَإِنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ الْفَاسِدَ لَا يَمْضِي وَلَا يُفِيتُهُ الْبَيْعُ الثَّانِي اتِّفَاقًا وَلَا مَفْهُومَ لِلْبَيْعِ بَلْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ كَذَلِكَ لَا الْعِتْقُ، فَإِنَّهُ فُوِّتَ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِالْبَيْعِ) أَيْ بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ مِنْ بَائِعِهِ.
(قَوْلُهُ: الْإِفَاتَةُ) أَيْ لِشِرَائِهِ الْفَاسِدَ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَدَمُ رَدِّهِ لِبَائِعِهِ) أَيْ وَيَثْبُتُ رَدُّهُ لِبَائِعِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ عَادَ الْمَبِيعُ) أَيْ فِيمَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ كَالسَّمْنِ وَالْهُزَالِ وَنَقْلِ الْعَرَضِ وَالْمِثْلِيِّ لَا مَا لَا يُمْكِنُ عَوْدُهُ كَالْوَطْءِ وَالْعِتْقِ وَطُولِ الزَّمَانِ وَالْمَوْتِ وَذَهَابِ الْعَيْنِ.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ اخْتِيَارِيًّا) أَيْ بِالشِّرَاءِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً شِرَاء فَاسِدًا وَبَاعَهَا بَيْعًا صَحِيحًا ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْ هَذَا الَّذِي بَاعَهَا لَهُ أَوْ أَنَّ مَنْ بَاعَهَا وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ أَوْ بَاعَهَا لِوَارِثِهِ ثُمَّ وَرِثَهَا مِنْهُ وَقَوْلُهُ: ضَرُورِيًّا أَيْ كَالْإِرْثِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِعَدَمِ الرَّدِّ) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يُرَدُّ قَطْعًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) أَيْ لِأَنَّ تَغَيُّرَ السُّوقِ الَّذِي أَوْجَبَ الْفَوَاتَ