الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ (وَإِلَّا) تُقِرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ مَعَ نِسْيَانِ الْبَيِّنَةِ اسْمَهَا (لَمْ يَعْتِقْ) مِنْهُنَّ (شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهَا حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ إذْ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ بَعْضُهَا بَطَلَ كُلُّهَا، وَأَمَّا إذَا لَمْ تَنْسَ الْبَيِّنَةُ اسْمَهَا فَهِيَ حُرَّةٌ وَلَهَا الْمِيرَاثُ أَنْكَرَتْ الْوَرَثَةُ، أَوْ اعْتَرَفَتْ.
(وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) رَجُلٌ (وَلَدًا) وَلَحِقَ بِهِ شَرْعًا (ثُمَّ أَنْكَرَهُ، ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ) بَعْدَ الْإِنْكَارِ (فَلَا يَرِثُهُ) أَبُوهُ الْمُنْكِرُ؛ لِأَنَّهُ نَفَاهُ (وَوُقِفَ مَالُهُ فَإِنْ مَاتَ) الْأَبُ (فَلِوَرَثَتِهِ) ؛ لِأَنَّ إنْكَارَهُ لَا يَقْطَعُ حَقَّهُمْ (وَقُضِيَ بِهِ دَيْنُهُ) أَيْ دَيْنُ الْأَبِ إنْ كَانَ (وَإِنْ قَامَ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْأَبِ (وَهُوَ حَيٌّ أَخَذُوهُ) فِي دَيْنِهِمْ وَوُقِفَ الْبَاقِي إنْ كَانَ فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا وَرِثَهُ الْوَلَدُ وَلَا يَضُرُّهُ الْإِنْكَارُ
(دَرْسٌ)
(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)
(الْإِيدَاعُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ) أَيْ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى دَاخِلَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ، فَخَرَجَتْ الْمُوَاضَعَةُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَيْضِهَا لَا الْحِفْظِ، وَالْإِيصَاءِ، وَالْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى الْحِفْظِ، وَالتَّصَرُّفِ، وَإِيدَاعِ الْأَبِ وَلَدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِيدَاعَ مَا ذُكِرَ عُلِمَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ مَالٌ وُكِّلَ عَلَى مُجَرَّدِ حِفْظِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ إيجَابٌ وَقَبُولٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَمَنْ وَضَعَ مَالًا عَنْدَ شَخْصٍ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ احْفَظْهُ، أَوْ نَحْوَهُ فَفَرَّطَ فِيهِ كَأَنْ تَرَكَهُ، وَذَهَبَ فَضَاعَ الْمَالُ ضَمِنَ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ حِينَ وَضْعِهِ يَدُلُّ عَلَى قَبُولِ حِفْظِهِ.
وَلَمَّا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ أَمَانَةً، وَالْأَمِينُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ مَا لَمْ يُفَرِّطْ أَشَارَ إلَى أَنْوَاعِ التَّفْرِيطِ الَّذِي بِهِ الضَّمَانُ بِقَوْلِهِ (تُضْمَنُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَلَا نَسَبَ مَعَ أَنَّ الْوَلَدِيَّةَ مُتَحَقِّقَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِشَخْصٍ قُلْت الْفَرْقُ أَنَّ الْإِبْهَامَ فِي مَسْأَلَتِنَا هُنَا عَارِضٌ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَذَا قِيلَ وَقَالَ بْن التَّحْقِيقُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ، وَإِنَّمَا الْمَسْأَلَةُ خِلَافِيَّةٌ هُنَا وَهُنَاكَ وَمَا قِيلَ فِي كُلٍّ يَجْرِي فِي الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَلَا نَسَبَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ) مُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَجُوزُ لِابْنِ الْمَيِّتِ وَلِأَخِيهِ نِكَاحُ أَيِّ وَاحِدَةٍ، أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْهُنَّ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ إذْ الشَّهَادَةُ إذَا بَطَلَ إلَخْ) فَالْبَيِّنَةُ شَهِدَتْ عَلَى أَنَّ إحْدَى الثَّلَاثِ بِنْتُهُ، وَأَنَّهَا فُلَانَةُ وَقَدْ حَصَلَ النِّسْيَانُ لِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ الْمَشْهُودِ بِهِمَا وَنِسْيَانُ بَعْضِ الْمَشْهُودِ بِهِ مُبْطِلٌ لِلشَّهَادَةِ بِكُلِّهَا.
(قَوْلُهُ وَوُقِفَ مَالُهُ) أَيْ مَالُ ذَلِكَ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَلِوَرَثَتِهِ) أَيْ فَيُدْفَعُ مَالُ الْوَلَدِ الْمَوْقُوفِ لِوَرَثَةِ أَبِيهِ (قَوْلُهُ وَوُقِفَ الْبَاقِي) أَيْ حَتَّى يَمُوتَ الْأَبُ فَتَأْخُذَهُ وَرَثَتُهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ مَاتَ الْأَبُ أَوَّلًا وَرِثَهُ الْوَلَدُ) فَإِنْ مَاتَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ وَرِثَهُ عَصَبَتُهُ مِنْ قِبَلِ أَبِيهِ الْمُسْتَلْحِقِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ وَرِثَهُ الْوَلَدُ) أَيْ بِالِاسْتِلْحَاقِ الْحَاصِلِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّهُ الْإِنْكَارُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْقُطُ نَسَبُهُ بِإِنْكَارٍ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ يُلْغَزُ بِهَا مِنْ أَرْبَعَةٍ، أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ ابْنٌ يَرِثُ أَبَاهُ وَلَا عَكْسَ وَلَيْسَ بِالْأَبِ مَانِعٌ، الثَّانِي مَالٌ يَرِثُهُ الْوَارِثُ وَلَمْ يَمْلِكْهُ مُورَثُهُ، الثَّالِثُ مَالٌ يُوقَفُ لِوَارِثِ الْوَارِثِ دُونَ الْوَارِثِ، الرَّابِعُ مَالٌ يُقْضَى مِنْهُ دَيْنٌ الشَّخْصِ وَلَا يَأْخُذُهُ هُوَ.
[بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ]
بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ تَوْكِيلٌ بِحِفْظِ مَالٍ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْإِيدَاعَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ التَّوْكِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى خُصُوصِ حِفْظِ الْمَالِ فَالتَّوْكِيلُ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ، أَوْ الِاقْتِضَاءِ، أَوْ الطَّلَاقِ، أَوْ النِّكَاحِ، أَوْ الْخُصُومَةِ لَا يُسَمَّى إيدَاعًا، وَإِذَا عُلِمَ أَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ خَاصٌّ تَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَهُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الرَّشِيدُ جَازَ لَهُ أَنْ يُودِعَ وَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يَقْبَلَ الْوَدِيعَةَ،، وَاَلَّذِي يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَوَكَّلَ هُوَ الْمُمَيِّزُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الِاتِّفَاقَ وَخَالَفَهُ اللَّخْمِيُّ وَقَالَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَالِغًا رَشِيدًا وَوَافَقَهُ الْقَرَافِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَلَيْهِ عَمَلُ أَهْلِ بَلَدِنَا (قَوْلُهُ دَاخِلَةٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ، وَالْقَرِينَةُ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ أَنَّ الِاقْتِصَارَ فِي مَقَامِ الْبَيَانِ يَقْتَضِي الْحَصْرَ (قَوْلُهُ فَخَرَجَتْ الْمُوَاضَعَةُ) أَيْ فَخَرَجَ التَّوْكِيلُ عَلَى الْأَمَةِ الْمُوَاضَعَةِ وَخَرَجَ أَيْضًا التَّوْكِيلُ عَلَى النِّكَاحِ، وَالطَّلَاقِ وَاقْتَضَاهُ الدَّيْنُ، وَالْمُخَاصَمَةُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ تَوْكِيلًا عَلَى حِفْظِ مَالٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ التَّوْكِيلِ عَلَيْهَا إخْبَارُ الْأَمِينِ بِحَيْضِهَا وَلَيْسَ الْقَصْدُ مِنْهُ حِفْظُ الْجَارِيَةِ إلَى أَنْ يَأْتِيَهَا الْحَيْضُ (قَوْلُهُ، وَالْوَكَالَةُ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ، أَوْ الشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا عَلَى الْحِفْظِ) أَيْ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَوْكِيلٌ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى مُجَرَّدِ الْحِفْظِ، بَلْ عَلَيْهِ مَعَ النَّظَرِ، وَالتَّصَرُّفِ (قَوْلُهُ مَالٌ وُكِّلَ إلَخْ) دَخَلَ فِي التَّعْرِيفِ ذِكْرُ الْحُقُوقِ؛ لِأَنَّ الْوَثِيقَةَ مُتَمَوَّلٌ يُرَادُ حِفْظُهُ لِأَجْلِ مَا فِيهِ وَشَمِلَ أَيْضًا الْعَقَارَ إذَا وُكِّلَ عَلَى حِفْظِهِ فَيُسَمَّى وَدِيعَةً، وَهُوَ مَا ارْتَضَاهُ الْوَانُّوغِيُّ وَح قَائِلًا لَمْ أَرَ أَحَدًا أَخْرَجَ الْعَقَارَ عَنْ أَنْ يَكُونَ وَدِيعَةً لَكِنْ ابْنُ عَرَفَةَ شَرَطَ فِي الْوَدِيعَةِ أَنْ تَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ نَقْلُهُ وَحِينَئِذٍ فَيَخْرُجُ الْعَقَارُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ سَبَقَ عِنْدَ قَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُك أَنَّ التَّوْكِيلَ يَفْتَقِرُ إلَى صِيغَةٍ فَكَذَلِكَ الْإِيدَاعُ؛ لِأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ وَصُورَةُ السُّكُوتِ الَّتِي ذَكَرَهَا لَا نُسَلِّمُ خُلُوَّهَا عَنْ الصِّيغَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ قَائِمٌ مَقَامَهَا كَالْمُعَاطَاةِ فِي الْبَيْعِ اهـ.
بْن، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَكْفِي فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ الرِّضَا بِالسُّكُوتِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُهَا وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ إلَّا لِتَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ كَمَا يَقَعُ فِي أَيَّامِ النَّهْبِ مِنْ إيدَاعِ النَّاسِ عِنْدَ ذَوِي الْبُيُوتِ الْمُحْتَرَمَةِ وَيَحْرُمُ قَبُولُهَا مِنْ مُسْتَغْرَقِ الذِّمَمِ وَمَنْ رَدَّهَا لَهُ ضَمِنَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ فَمَنْ وَضَعَ مَالًا عِنْدَ شَخْصٍ)
(بِسُقُوطِ شَيْءٍ) مِنْ يَدِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (عَلَيْهَا) فَتَتْلَفُ وَلَوْ خَطَأً؛ لِأَنَّهُ كَالْعَمْدِ فِي الْأَمْوَالِ (لَا) يُضَمَّنُ (إنْ انْكَسَرَتْ) الْوَدِيعَةُ مِنْ الْمُودَعِ بِلَا تَفْرِيطٍ (فِي نَقْلِ مِثْلِهَا) الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ وَنَقْلُ مِثْلِهَا هُوَ الَّذِي يَرَى النَّاسُ فِيهِ أَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ، أَوْ احْتَاجَ وَلَكِنْ نَقَلَهَا نَقْلَ غَيْرِ مِثْلِهَا ضَمِنَ.
(وَ) ضَمِنَ (بِخَلْطِهَا) بِغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، أَوْ تَعَسَّرَ (إلَّا كَقَمْحٍ) خَلَطَهُ (بِمِثْلِهِ) جِنْسًا وَصِفَةً فَلَا يُضْمَنُ فَإِنْ خَلَطَ سَمْرَاءَ بِمَحْمُولَةٍ ضَمِنَ (أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ) لِتَيَسُّرِ التَّمْيِيزِ وَفِي نُسْخَةٍ، أَوْ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا (لِلْإِحْرَازِ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ أَيْ لَا ضَمَانَ فِي خَلْطِهِ الْقَمْحَ بِمِثْلِهِ، أَوْ الدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْإِحْرَازِ أَيْ الْحِفْظِ، أَوْ الرِّفْقِ، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ إذَا بَقِيَ كُلٌّ عَلَى حِدَتِهِ أَنْ يَضِيعَ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ (ثُمَّ إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ) بَعْدَ الْخَلْطِ لِلْإِحْرَازِ (فَبَيْنَكُمَا) عَلَى حَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ فَإِذَا تَلِفَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِأَحَدِهِمَا وَاحِدٌ وَلِصَاحِبِهِ اثْنَانِ فَعَلَى صَاحِبِ الْوَاحِدِ ثُلُثُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ (إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ) ` التَّالِفُ كَمَا فِي الدَّنَانِيرِ، وَالدَّرَاهِمِ فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ خَاصَّةً.
(وَ) تُضْمَنُ (بِانْتِفَاعِهِ بِهَا) بِلَا إذْنِ رَبِّهَا فَتَلِفَتْ، أَوْ تَعَيَّنَتْ كَرُكُوبِهِ الدَّابَّةَ فَعَطِبَتْ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ إنْ كَانَتْ تَعْطَبُ بِمِثْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ عَالِمٌ بِذَلِكَ الْمَالِ
(قَوْلُهُ بِسُقُوطِ شَيْءٍ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ الْمَفْهُومَةِ مِنْ الْإِيدَاعِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ خَطَأً أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السُّقُوطُ عَمْدًا، بَلْ وَلَوْ كَانَ خَطَأً كَمَنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ شَيْءٍ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَكَسَرَ غَيْرَهُ فَلَا يَضْمَنُ السَّاقِطَ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِيهِ وَيَضْمَنُ الْأَسْفَلَ بِجِنَايَتِهِ عَلَيْهِ خَطَأً، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ وَفِي ح لَا يَجُوزُ لِلْمُودَعِ إتْلَافُ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ رَبُّهَا فِي إتْلَافِهَا فَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَهَا لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فِي نَقْلِ مِثْلِهَا) نَقْلُ الْمِثْلِ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْيَاءِ فَبَعْضُ الْأَشْيَاءِ شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى جَمَلٍ وَبَعْضُهَا شَأْنُهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى حِمَارٍ وَبَعْضُهَا يُحْمَلُ عَلَى الرِّجَالِ وَبَعْضُهَا يُنَاسِبُهُ الْمَشْيُ بِسُرْعَةٍ وَبَعْضُهَا عَلَى مَهَلٍ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُحْتَجْ لَهُ) أَيْ لِنَقْلِهَا أَصْلًا وَنُقِلَتْ نَقْلَ أَمْثَالِهَا، أَوْ غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا وَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ إنْ انْكَسَرَتْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ لَا ضَمَانَ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ، وَهِيَ مَا إذَا احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا نَقْلَ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ، وَالضَّمَانُ فِيمَا عَدَاهَا، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ مَا إذَا لَمْ تَحْتَجْ لِنَقْلٍ وَنُقِلَتْ نَقْلَ أَمْثَالِهَا، أَوْ نَقْلَ غَيْرِ أَمْثَالِهَا، أَوْ احْتَاجَتْ لِلنَّقْلِ وَنَقَلَهَا غَيْرَ نَقْلِ أَمْثَالِهَا فَانْكَسَرَتْ.
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ بِخَلْطِهَا بِغَيْرِهَا) أَيْ وَتَرَتَّبَتْ فِي ذِمَّتِهِ بِمُجَرَّدِ خَلْطِهَا بِغَيْرِهَا، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا تَلَفٌ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ، أَوْ تَعَسَّرَ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ اللَّخْمِيِّ وَقَبِلَهُ الْمَوَّاقُ وَح خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ حَيْثُ قَيَّدَ الضَّمَانَ بِالْخَلْطِ إذَا حَصَلَ فِيهَا تَلَفٌ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّمْيِيزُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ سَمْنًا وَخَلَطَهَا بِدُهْنٍ، أَوْ زَيْتٍ، أَوْ عَسَلٍ (وَقَوْلُهُ، أَوْ تَعَسَّرَ) كَمَا لَوْ كَانَتْ فُولًا فَخَلَطَهَا بِشَعِيرٍ (قَوْلُهُ إلَّا كَقَمْحٍ) لَوْ قَالَ إلَّا مِثْلِيًّا بِمِثْلِهِ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ، أَوْ دَنَانِيرَ بِمِثْلِهَا) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ وَكَذَا خَلْطُ دَرَاهِمَ بِمِثْلِهَا كِلْتَاهُمَا دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِهِ إلَّا كَقَمْحٍ بِمِثْلِهِ فَنُسْخَةُ، أَوْ دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ، أَوْلَى (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ غَازِيٍّ فِي إرْجَاعِهِ هَذَا الْقَيْدَ لِلْأُولَى خَاصَّةً قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَطْ، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ الْإِحْرَازِ وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَبَا عِمْرَانَ، وَأَبَا الْحَسَنِ قَيَّدَا الثَّانِيَةَ أَيْضًا بِذَلِكَ كَذَا فِي عبق وَرُدَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ تَقْيِيدَهُمَا إنَّمَا وَقَعَ لِمَسْأَلَةِ خَلْطِ الدَّرَاهِمِ بِمِثْلِهَا، وَالدَّنَانِيرِ بِمِثْلِهَا، وَهُوَ مِمَّا أَدْخَلَتْهُ الْكَافُ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا خَلْطُ الدَّنَانِيرِ بِالدَّرَاهِمِ فَلَمْ يَقَعْ مِنْ أَحَدٍ تَقْيِيدُهَا بِذَلِكَ اُنْظُرْ بْن فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْحَقَّ مَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَلَا ضَمَانَ فِيهَا مُطْلَقًا فَعَلَهُ لِلْإِحْرَازِ، أَوْ لِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ الْأَنْصِبَاءِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ مَا تَلِفَ يَكُونُ بَيْنَهُمَا عَلَى حَسَبِ الدَّعَاوَى فَصَاحِبُ الْوَاحِدِ يَقُولُ سَلِّمْ وَاحِدِي، وَذَلِكَ يَقُولُ هُوَ الْهَالِكُ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ الْهَالِكُ عَلَيْهِمَا مُنَاصَفَةً عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُهُ فَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ قَطْعًا مِنْ الْبَاقِيَيْنِ وَتَنَازَعَا فِي وَاحِدٍ يَنْقَسِمُ بَيْنَهُمَا فَلِصَاحِبِ الْوَاحِدِ مِمَّا بَقِيَ نِصْفُهُ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ وَاحِدٌ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ وَعَلَى صَاحِبِ الِاثْنَيْنِ ثُلُثَاهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لِصَاحِبِ الْوَاحِدِ مِمَّا بَقِيَ ثُلُثَا إرْدَبٍّ وَلِصَاحِبِ الِاثْنَيْنِ إرْدَبٌّ وَثُلُثُ إرْدَبٍّ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَمَيَّزَ التَّالِفُ) أَيْ بِأَنْ يُعْرَفَ أَنَّهُ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ مِنْهُمَا فَمُصِيبَتُهُ مِنْ رَبِّهِ خَاصَّةً قَالَ شَيْخُنَا يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمَرْكَبَ إذَا وُسِقَتْ بِطَعَامٍ لِجَمَاعَةٍ غَيْرِ شُرَكَاءَ، وَأَخَذَ ظَالِمٌ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مَخْلُوطًا بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ فَمَا أَخَذَ مُصِيبَتَهُ مِنْ الْجَمِيعِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمْ عَلَى حَسَبِ أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَّا إذَا كَانَ غَيْرَ مُخْتَلِطٍ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ، بَلْ كَانَ طَعَامُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا عَلَى حِدَةٍ فَمَا أَخَذَ مُصِيبَتَهُ مِنْ رَبِّهِ، وَأَمَّا مَا جُعِلَ ظُلْمًا عَلَى الْمَرْكَبِ بِتَمَامِهَا فَيُوَزَّعُ عَلَى جَمِيعِ مَا فِيهَا كَانَ هُنَاكَ اخْتِلَاطًا أَمْ لَا كَالْمَجْعُولِ عَلَى الْقَافِلَةِ.
(قَوْلُهُ وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ تَعَدَّى عَلَيْهَا أَجْنَبِيٌّ، وَأَتْلَفَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ وَيَتْبَعُ رَبُّهَا مَنْ أَتْلَفَهَا (قَوْلُهُ كَرُكُوبِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَكْلِهِ لِلْحِنْطَةِ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فِي رُكُوبِ الدَّابَّةِ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا رَكِبَ الدَّابَّةَ وَعَطِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا كَانَتْ الْمَسَافَةُ شَأْنُ الدَّوَابِّ أَنْ تَعْطَبَ بِمِثْلِهَا سَوَاءً كَانَ عَطَبُهَا مِنْ رُكُوبِهَا، أَوْ مِنْ سَمَاوِيٍّ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْمَسَافَةُ الشَّأْنُ
وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ فِي السَّمَاوِيِّ وَكَذَا لُبْسُهُ الثَّوْبَ فَضَاعَ، (أَوْ أَبْلَاهُ، أَوْ سَفَرُهُ) بِهَا أَيْ الْوَدِيعَةِ (إنْ قَدَرَ عَلَى) إيدَاعِهَا عِنْدَ (أَمِينٍ) ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ (إلَّا أَنْ تُرَدَّ) مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا، أَوْ مِنْ السَّفَرِ بِهَا (سَالِمَةً) لِمَوْضِعِ إيدَاعِهَا، ثُمَّ تَلِفَتْ بَعْدُ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ.
(وَحَرُمَ) عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (سَلَفٌ) أَيْ تَسَلُّفُ (مُقَوَّمٍ) بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ فَلَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ (وَ) حَرُمَ تَسَلُّفُ (مُعْدَمٍ) أَيْ فَقِيرٍ وَلَوْ لِمِثْلِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ عَدَمِ الْوَفَاءِ (وَكُرِهَ النَّقْدُ، وَالْمِثْلِيُّ) لِلْمَلِيءِ، وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ مِنْ الْمِثْلِيِّ وَلَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّ الْمَلِيءَ الْغَيْرَ الْمُمَاطِلِ مَظِنَّةُ الْوَفَاءِ مَعَ كَوْنِ مِثْلِ الْمِثْلِيِّ كَعَيْنِهِ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ كَلَا تَصَرُّفٍ، وَهَذَا فِي مِثْلِيٍّ يَكْثُرُ وُجُودُهُ وَلَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ، وَإِمَّا نَادِرُ الْوُجُودِ، أَوْ مَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ كَاللُّؤْلُؤِ، وَالْمَرْجَانِ فَلَا يَجُوزُ تَسَلُّفُهُ (كَالتِّجَارَةِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ عَلَى الْأَظْهَرِ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوَّمِ وَعَلَى الْمَعْدُومِ وَتُكْرَهُ فِي الْمِثْلِيِّ لِلْعِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَقِيلَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ (وَالرِّبْحُ) الْحَاصِلُ مِنْ التِّجَارَةِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ نَقْدًا، أَوْ مِثْلِيًّا فَلِرَبِّهَا الْمِثْلُ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا وَفَاتَ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً فَرَبُّهَا مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِ سِلْعَتِهِ وَرَدِّ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنْ لَا تَعْطَبَ الدَّوَابُّ بِمِثْلِهَا وَعَطِبَتْ فَإِنْ كَانَ عَطَبُهَا بِسَمَاوِيٍّ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ رُكُوبِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ، وَاَلَّذِي فِي عبق وشب أَنَّهُ إذَا انْتَفَعَ بِالدَّابَّةِ انْتِفَاعًا لَا تَعْطَبُ بِهِ عَادَةً وَتَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ تَسَاوَى الْأَمْرَانِ الْعَطَبُ وَعَدَمُهُ فَالْأَظْهَرُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِ ابْنِ نَاجِيٍّ الضَّمَانُ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ وَكَذَا إنْ جُهِلَ الْحَالُ لِلِاحْتِيَاطِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَمَانِيَةٌ فَإِذَا رَكِبَهَا لِمَحِلٍّ تَعْطَبُ فِي مِثْلِهِ غَالِبًا، أَوْ جُهِلَ الْحَالُ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ وَتَلِفَتْ ضَمِنَ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِتَعَدِّيهِ، وَإِنْ رَكِبَهَا بِمَحِلٍّ لَا تَعْطَبُ فِيهِ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ إذَا عَطِبَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ الْقَائِلِ بِالضَّمَانِ وَلَوْ كَانَ الْعَطَبُ بِسَمَاوِيٍّ وَعَزَا شب مَا قَالَهُ شَارِحُنَا لِبَعْضِ التَّقَارِيرِ.
(قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ) أَيْ، وَإِلَّا يَقْدِرْ عَلَى إيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ وَخَافَ عَلَيْهَا إنْ تُرِكَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا صَحِبَهَا مَعَهُ فَتَلِفَتْ وَلَا فَرْقَ فِي السَّفَرِ الَّذِي فِيهِ الضَّمَانُ، وَاَلَّذِي لَا ضَمَانَ فِيهِ بَيْنَ السَّفَرِ النَّقْلَةِ بِالْأَهْلِ وَسَفَرِ التِّجَارَةِ، وَالزِّيَارَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً إلَخْ) ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ أَنَّهَا رُدَّتْ سَالِمَةً عِنْدَ تَنَازُعِهِ مَعَ الْوَدِيعِ، وَإِذَا رُدَّتْ سَالِمَةً بَعْدَ انْتِفَاعِهِ بِهَا فَلِرَبِّهَا أُجْرَتُهَا إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَأْخُذُ ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ ح فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ اهـ.
عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَحَرُمَ سَلَفُ مُقَوَّمٍ إلَخْ) أَيْ وَحَرُمَ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ سَوَاءً كَانَ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا تَسَلُّفُ الشَّيْءِ الْمُودَعُ إذَا كَانَ مُقَوَّمًا وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إمَّا مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ، أَوْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُودَعُ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمُقَوَّمَاتِ حَرُمَ تَسْلِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا مُطْلَقًا كَانَ الْمُودَعُ الْمُتَسَلِّفُ لَهَا مَلِيئًا، أَوْ مُعْدِمًا، وَإِنْ كَانَتْ مِنْ الْمِثْلِيَّاتِ حَرُمَ عَلَيْهِ تَسَلُّفُهَا إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَكُرِهَ إنْ كَانَ مَلِيئًا، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَرَاهَةِ تَسَلُّفِ الْمُودَعِ الْمَلِيءِ لِلْمِثْلِيِّ حَيْثُ لَمْ يُبِحْ لَهُ رَبُّهُ ذَلِكَ، أَوْ يَمْنَعْهُ بِأَنْ جُهِلَ الْحَالُ، وَإِلَّا أُبِيحَ فِي الْأَوَّلِ وَمُنِعَ فِي الثَّانِي وَمَنْعُهُ لَهُ إمَّا بِالْمَقَالِ، أَوْ بِقِيَامِ الْقَرَائِنِ عَلَى كَرَاهَةِ الْمُودِعِ تَسَلُّفَ الْمُودَعِ لَهَا قَالَ عبق وَمِنْ تَقْرِيرِ عج أَنَّ مِثْلَ الْمُودَعِ فِي تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَجَابِيَةٌ فَلَا يَجُوزُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا تَسَلُّفُ مَالِ الْوَقْفِ إنْ كَانَ مُعْدَمًا وَيُكْرَهُ لَهُ إنْ كَانَ مَلِيئًا، وَإِذَا تَسَلَّفَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَالَ الْوَقْفِ وَاتَّجَرَ فِيهِ سَوَاءً كَانَ السَّلَفُ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا وَحَصَلَ رِبْحٌ فَالرِّبْحُ لَهُ دُونَ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمِثْلِيِّ) مِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ بَعْضِ الْمِثْلِيِّ (قَوْلُهُ فَالتَّصَرُّفُ الْوَاقِعُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمِثْلِيِّ مِنْ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ فَتَحْرُمُ فِي الْمُقَوَّمِ) أَيْ فَيَحْرُمُ النَّحْرُ بِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا إذَا كَانَتْ مُقَوَّمًا كَانَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا، أَوْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ مِثْلِيًّا، وَالْمُودَعُ مُعْدَمًا وَقَوْلُهُ وَتُكْرَهُ فِي الْمِثْلِيّ أَيْ إذَا كَانَ الْمُودَعُ مَلِيئًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ تَشْبِيهٌ فِي الْكَرَاهَةِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ) هَذَا ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ، وَالرِّبْحُ لَهُ) أَيْ، وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ مِنْ التِّجَارَةِ بَعْدَ الْبَيْعِ لَهُ، وَهَذَا وَاضِحٌ إذَا كَانَتْ الْوَدِيعَةُ الْمُتَّجَرُ فِيهَا دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَرُدُّ لِصَاحِبِهَا مِثْلَهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ الْوَدِيعَةُ) أَيْ الْمُتَّجَرُ فِيهَا (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا الْمِثْلُ) أَيْ وَلِلْمُودَعِ مَا حَصَلَ مِنْ الرِّبْحِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ عَرَضًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءً بَاعَهَا بِعَرَضٍ، أَوْ بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا كَانَتْ عَرَضًا وَبَاعَهَا الْمُودَعُ لِيَتَّجِرَ فِيهَا سَوَاءً بَاعَهَا بِنَقْدٍ، أَوْ بِعَرَضٍ فَإِنَّ رَبَّهَا يُخَيَّرُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهَا وَرَدِّ الْبَيْعِ وَبَيْنَ إمْضَائِهِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ، وَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي خُيِّرَ رَبُّهَا بَيْنَ رَدِّ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ قِيمَتِهَا مِنْ الْمُودَعِ وَبَيْنَ إمْضَاءِ الْبَيْعِ، وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ فُضُولِيٍّ فَإِنْ رَدَّ صَاحِبُهَا الْبَيْعَ، وَأَخَذَهَا فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ رِبْحٌ لِلْمُودَعِ، وَإِنْ أَجَازَهُ، وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ، أَوْ أَخَذَ قِيمَتَهَا فَقَدْ يَكُونُ لَهُ رِبْحٌ إذَا اتَّجَرَ ثَمَنَهَا قَبْلَ قِيَامِ رَبِّهَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش إذَا كَانَتْ عَرَضًا وَبِيعَتْ بِعَرَضٍ، وَهَلُمَّ جَرًّا فَلَا رِبْحَ لَهُ وَلَهُ الْأُجْرَةُ، وَإِنْ بَاعَهَا بِدَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ فَإِنْ فَاتَتْ فَلِرَبِّهَا قِيمَتُهَا إلَى آخِرِ مَا قَالَ الشَّارِحُ فَقَدْ رَدَّهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش بِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لِهَذَا التَّفْصِيلِ وَلَا نَقْلَ يُسَاعِدُهُ.
(قَوْلُهُ وَفَاتَ) أَيْ ذَلِكَ الْعَرَضُ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهِ قِيمَتُهُ) أَيْ وَلَهُ إجَازَةُ.
(وَبَرِئَ) مُتَسَلِّفُ الْوَدِيعَةِ (إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) ، وَهُوَ الْمَكْرُوهُ كَالنَّقْدِ، وَالْمِثْلِيِّ لِلْمَلِيءِ إلَى مَكَانِهِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فَضَاعَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي الرَّدِّ بِيَمِينِهِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى رَدِّهِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَدَّ عَيْنَهُ، أَوْ صِنْفَهُ فَإِنْ ادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ غَيْرَ صِنْفِهِ كَمَا لَوْ رَدَّ عَنْ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ، أَوْ عَكْسَهُ، أَوْ عَنْ الْقَمْحِ شَعِيرًا لَمْ يَبْرَأْ كَمَا لَوْ رَدَّ الْمُحَرَّمَ، وَهُوَ الْمُقَوَّمُ وَلَا يُبَرِّئُهُ إلَّا رَدُّ مِثْلِهِ لِرَبِّهِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى رَدِّهِ لِمَحِلِّ الْوَدِيعَةِ فَلَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ الْقِيمَةَ لَزِمَتْهُ بِمُجَرَّدِ هَلَاكِهِ فَإِنْ كَانَ الْمُحَرَّمُ مِثْلِيًّا كَالْمُعْدِمِ يَتَسَلَّفُ بَرِئَ بِرَدِّهِ لِمَحِلِّهِ كَالْمَكْرُوهِ فَفِي مَفْهُومِ الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ وَيُؤَيِّدُهُ نُسْخَةُ الْمَوَّاقِ فَإِنَّ نُسْخَتَهُ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُقَوَّمِ لَكِنْ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ وَلَمَّا كَانَ غَيْرُ الْمُحَرَّمِ شَامِلًا لِلْمَكْرُوهِ، وَالْجَائِزِ، وَالْمُرَادُ هُوَ الْأَوَّلُ، وَأَمَّا الْجَائِزُ كَالْمَأْخُوذِ بِإِذْنِ رَبِّهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي رَدِّهِ اسْتَثْنَاهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا بِإِذْنٍ) فِي تَسَلُّفِهَا بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَذِنْت لَك فِي تَسَلُّفِهَا، أَوْ التَّسَلُّفُ مِنْهَا (أَوْ يَقُولُ لَهُ إنْ احْتَجْت فَخُذْ) فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّ مَا أَخَذَهُ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ تَسَلُّفَهُ حِينَئِذٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ رَبِّهَا فَانْتَقَلَ مِنْ أَمَانَتِهِ لِذِمَّتِهِ فَصَارَ كَسَائِرِ الدُّيُونِ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِأَقْسَامِ السَّلَفِ، وَالتِّجَارَةِ وَلِقَوْلِهِ وَبَرِئَ إلَخْ أَيْ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ وَلَا يَبْرَأُ.
(وَ) إذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ بِإِذْنٍ، أَوْ بِلَا إذْنٍ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا (ضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ) عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَضْمَنُ غَيْرَ الْمَأْخُوذِ رَدَّ إلَيْهِ مَا أَخَذَهُ أَمْ لَا (أَوْ بِقَفْلٍ) أَيْ يَضْمَنُ بِسَبَبِ قَفْلٍ (بِنَهْيٍ) أَيْ مَعَ نَهْيِهِ عَنْهُ فَسُرِقَتْ بِأَنْ قَالَ لَهُ ضَعْهَا فِي صُنْدُوقِك مَثَلًا وَلَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا لَا إنْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ حَرْقٍ بِلَا تَفْرِيطٍ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتْلَفْ بِالْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ الْخَوْفُ مِنْهُ (أَوْ بِوَضْعٍ بِنُحَاسٍ فِي أَمْرِهِ) بِوَضْعِهَا (بِفَخَّارٍ) فَسُرِقَتْ فَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ إنْ وَضَعَهُ بِمَحِلٍّ يُؤْمَنُ عَادَةً (لَا إنْ زَادَ قُفْلًا) عَلَى قُفْلٍ أَمَرَهُ بِهِ إلَّا إذَا كَانَ فِيهِ إغْرَاءٌ لِلِصٍّ (أَوْ عَكَسَ) الْأَمْرَ (فِي الْفَخَّارِ) بِأَنْ قَالَ لَهُ اجْعَلْهَا فِي نُحَاسٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْبَيْعِ، وَأَخْذُ مَا بِيعَ بِهِ (قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ) يَعْنِي إنْ ادَّعَى رَدَّهُ لِمَحِلِّهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ مَا تَسَلَّفَهُ لِمَحِلِّهِ، ثُمَّ ضَاعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ صَاحِبُهَا فَإِنَّ الْمُودَعَ يَبْرَأُ مِنْهَا وَيُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الرَّدِّ بِيَمِينٍ إذَا كَانَ تَسَلُّفُهُ مَكْرُوهًا بِأَنْ كَانَ مَلِيئًا وَتَسَلَّفَ نَقْدًا، أَوْ مِثْلِيًّا سَوَاءً أَخَذَ الْوَدِيعَةَ مِنْ رَبِّهَا بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا، وَأَمَّا التَّسَلُّفُ الْحَرَامُ بِأَنْ كَانَ لِمُقَوَّمٍ فَإِنَّهُ إذَا تَسَلَّفَهُ مَلِيءٌ، أَوْ غَيْرُهُ، وَأَذْهَبَ عَيْنَهُ وَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّ مِثْلَهُ لِمَوْضِعِهِ فَإِنَّهُ لَا يَبْرَأُ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى الرَّدِّ لِرَبِّهِ وَلَا يَكْفِي الشَّهَادَةُ عَلَى الرَّدِّ لِمَحِلِّ الْوَدِيعَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ تَسَلُّفَ مِثْلِيٍّ لِمُعْدَمٍ فَإِنَّهُ يُبَرِّئُهُ رَدُّهُ لِمَحِلِّهِ وَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ بِيَمِينٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهِ كَالتَّسَلُّفِ الْمَكْرُوهِ.
(قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ رَدَّ عَيْنَهُ، أَوْ صِفَتَهُ) لَعَلَّ، أَوْ بِمَعْنَى الْوَاوِ، وَالْعَطْفُ تَفْسِيرِيٌّ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ تَسَلَّفَ الْوَدِيعَةَ وَشَأْنُ الْمُتَسَلِّفِ أَنْ لَا يَرُدَّ الْعَيْنَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْتَفَعَ بِهِ، وَإِلَّا فَأَيْنَ الِانْتِفَاعُ (قَوْلُهُ تَفْصِيلٌ) بِأَنْ يُقَالُ قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ أَيْ الْمَكْرُوهَ كَالْمِثْلِيِّ لِمَلِيءٍ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ فِيهِ تَفْصِيلٌ تَارَةً لَا يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا مُطْلَقًا وَتَارَةً يَبْرَأُ بِرَدِّهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا لِمُعْدَمٍ (قَوْلُهُ تَرَدَّدَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إبْرَاءِ الْمُعْدَمِ إذَا تَسَلَّفَ الْمِثْلِيَّ وَرَدَّهُ لِمَحِلِّهِ، وَالْحَقُّ الْإِبْرَاءُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُعْدَمَ إنَّمَا مُنِعَ مِنْ تَسَلُّفِهَا خَشْيَةَ أَنْ لَا يَرُدَّهَا فَإِذَا رَدَّهَا فَقَدْ انْتَفَتْ الْعِلَّةُ الَّتِي مُنِعَ لِأَجْلِهَا مِنْ تَسَلُّفِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ يَقُولُ إنْ احْتَجْت إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا مِنْ إفْرَادِ الْإِذْنِ وَعَطْفُ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ لَا يَجُوزُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ إلَّا بِإِذْنٍ مُطْلَقٍ، أَوْ مُقَيَّدٍ كَأَنْ يَقُولَ: إنْ احْتَجْت. . . إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَبْرَأُ. . . إلَخْ) فَلَوْ رَدَّ مَا أَخَذَهُ، ثُمَّ ضَاعَتْ لَمْ يَبْرَأْ مِمَّا تَسَلَّفَهُ (قَوْلُهُ، وَالْأَحْسَنُ رُجُوعُ إلَخْ) أَيْ فَالْمَعْنَى وَحَرُمَ سَلَفُ مُقَوَّمٍ وَمُعْدَمٍ وَكُرِهَ النَّقْدُ، وَالْمِثْلِيُّ كَالتِّجَارَةِ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَحْرُمُ وَلَا يُكْرَهُ وَبَرِئَ إنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ إلَّا بِإِذْنٍ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِرَدِّ مَا أَخَذَهُ مِنْهَا لِرَبِّهِ وَخِلَافُ الْأَحْسَنِ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِخُصُوصِ قَوْلِهِ وَبَرِئَ بِرَدِّ غَيْرِ الْمُحَرَّمِ كَمَا قُرِّرَ أَوَّلًا، وَإِنَّمَا كَانَ مَا ذَكَرَهُ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّهُ أَكْثَرُ فَائِدَةً.
(قَوْلُهُ، وَإِذَا أَخَذَ بَعْضَ الْوَدِيعَةِ) أَيْ سَلَفًا، أَوْ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ حَرَامًا) أَيْ كَانَ الْأَخْذُ بِغَيْرِ إذْنٍ حَرَامًا، أَوْ مَكْرُوهًا (قَوْلُهُ ضَمِنَ الْمَأْخُوذَ فَقَطْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهِ بِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ رَبِّهِ؛ وَلِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسَلَّفَهُ حَالَةَ الْإِذْنِ (قَوْلُهُ عَلَى التَّفْصِيلِ إلَخْ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْبَعْضُ أَخَذَهُ بِإِذْنٍ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنٍ وَكَانَ الْأَخْذُ حَرَامًا سَوَاءً رَدَّهُ لِمَحِلِّهِ فِيهِمَا أَمْ لَا، أَوْ كَانَ مَكْرُوهًا وَلَمْ يَرُدَّهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مَكْرُوهًا وَرَدَّهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِمَا أَخَذَهُ وَلَا لِمَا لَمْ يَأْخُذْهُ (قَوْلُهُ، أَوْ بِقَفْلِ) بِفَتْحِ الْقَافِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ كَمَا يَقْتَضِيهِ مَزْجُ الشَّارِحِ لَا بِالضَّمِّ بِمَعْنَى الْآلَةِ، وَإِنْ صَحَّ أَيْضًا مِنْ جِهَةِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ وَلَا تَقْفِلْ عَلَيْهَا) أَيْ فَخَالَفَ وَوَضَعَهَا فِيهِ وَقَفَلَهُ عَلَيْهَا فَسُرِقَتْ فَيَضْمَنُ لِطَمَعِ السَّارِقِ فِي الصُّنْدُوقِ بِسَبَبِ قَفْلِهِ وَلَا يَضْمَنُ غَيْرَ السَّرِقَةِ كَالْحَرْقِ، وَالسَّمَاوِيِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِقَوْلِهِ لَا يُضْمَنُ إلَّا إذَا تَلِفَتْ بِالْوَجْهِ الَّذِي قُصِدَ الِاحْتِرَازُ مِنْ أَجْلِهِ فَإِنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ السَّرِقَةِ لَمْ يَضْمَنْ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِنَهْيٍ أَنَّهُ لَوْ قَفَلَ عَلَيْهَا حَيْثُ لَمْ يَنْهَهُ فَلَا ضَمَانَ، وَأَنَّهُ لَوْ تَرَكَ الْقَفْلَ عَلَيْهَا مَعَ عَدَمِ النَّهْيِ وَعَدَمِ الْأَمْرِ فَلَا ضَمَانَ، وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَهَا فِي بَيْتِهِ مِنْ غَيْرِ قَفْلٍ وَلَهُ أَهْلٌ عَلِمَ خِيَانَتَهُمْ أَنَّهُ يَضْمَنُ لِمُخَالَفَتِهِ الْعُرْفَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ رَبُّهَا بِخِيَانَتِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْمُودَعِ حِفْظُهَا وَلَوْ شَرَطَ رَبُّهَا خِلَافَهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِحَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ لَا إنْ زَادَ قُفْلًا) بِضَمِّ الْقَافِ بِمَعْنَى
فَوَضَعَهَا فِي فُخَّارٍ فَلَا ضَمَانَ.
(أَوْ أَمَرَ بِرَبْطٍ) لَهَا (بِكُمٍّ فَأَخَذَهَا بِالْيَدِ) فَلَا ضَمَانَ إنْ غُصِبَتْ، أَوْ سَقَطَتْ؛ لِأَنَّ الْيَدَ أَحْرَزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إخْفَاءَهَا عَنْ عَيْنِ الْغَاصِبِ (كَجَيْبِهِ) أَيْ كَوَضْعِهَا بِهِ إذَا أَمَرَهُ بِرَبْطِهَا بِكُمٍّ فَضَاعَتْ بِغَصْبٍ وَنَحْوِهِ فَلَا ضَمَانَ (عَلَى الْمُخْتَارِ) اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُ السُّرَّاقِ قَصْدَ الْجُيُوبِ.
(وَ) ضَمِنَ (بِنِسْيَانِهَا فِي مَوْضِعِ إيدَاعِهَا) ، وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ (وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا) فَضَاعَتْ (وَبِخُرُوجِهِ بِهَا) مِنْ مَنْزِلِهِ (يَظُنُّهَا لَهُ فَتَلِفَتْ) ؛ لِأَنَّهُ جِنَايَةٌ، وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ.
(لَا) يَضْمَنُ (إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ) حَيْثُ أَمَرَهُ بِوَضْعِهَا فِيهِ (فَوَقَعَتْ) مِنْهُ (وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) فِيمَا لَا ضَمَانَ فِيهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إخْرَاجِهَا عَنْ حَقِيقَتِهَا الشَّرْعِيَّةِ.
(وَ) ضَمِنَ (بِإِيدَاعِهَا) عِنْدَ أَمِينٍ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا لَمْ يَأْتَمِنْ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْمُلْتَقَطِ فَلَهُ الْإِيدَاعُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِنْ بِسَفَرٍ) أَيْ يَضْمَنُ بِإِيدَاعِهَا وَلَوْ فِي حَالِ سَفَرِهِ وَقَدْ أَخَذَهَا فِي السَّفَرِ قَالَ فِيهَا إنْ أُودِعَتْ لِمُسَافِرٍ مَالًا فَأَوْدَعَهُ فِي سَفَرِهِ ضَمِنَ انْتَهَى، وَإِنَّمَا بَالَغَ عَلَى السَّفَرِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ لَمَّا قَبِلَهَا فِيهِ كَانَ مَظِنَّةَ الْإِذْنِ فِي الْإِيدَاعِ وَمَحِلُّ الضَّمَانِ إذَا، أَوْدَعَهَا (لِغَيْرِ زَوْجَةٍ، وَأَمَةٍ أَعْتِيدَ بِذَلِكَ) وَمِثْلُهُمَا الْعَبْدُ، وَالْأَجِيرُ فِي عِيَالِهِ، وَالِابْنُ الْمُعْتَادُونَ لِذَلِكَ بِالتَّجْرِبَةِ مَعَ طُولِ الزَّمَانِ، وَإِلَّا ضَمِنَ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَبِإِيدَاعِهَا، وَإِنْ بِسَفَرٍ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُودِعَ (لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ) لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ الْعُذْرُ كَهَدْمِ الدَّارِ وَجَارِ السُّوءِ (أَوْ لِسَفَرٍ) أَيْ لِإِرَادَةِ سَفَرٍ طَرَأَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْآلَةِ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) وَكَذَا لَوْ وَضَعَهَا فِي مِثْلِ مَا أُمِرَ بِهِ فِي الْإِحْرَازِ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ رَبُّهَا اجْعَلْهَا فِي هَذَا الصُّنْدُوقِ، أَوْ فِي هَذَا السَّطْلِ فَخَالَفَ وَجَعَلَهَا فِي مِثْلِهِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ اللَّخْمِيِّ.
(قَوْلُهُ، أَوْ أُمِرَ بِرَبْطِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى مَا زَادَ قُفْلًا، وَحَاصِلُهُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا لَقِيَ الْمُودَعُ فِي غَيْرِ بَيْتِهِ فَدَفَعَ الْوَدِيعَةَ لَهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْبِطَهَا فِي كُمِّهِ حَتَّى يَذْهَبَ بِهَا إلَى بَيْتِهِ فَأَخَذَهَا فِي يَدِهِ، أَوْ وَضَعَهَا فِي جَيْبِهِ فَضَاعَتْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهَا عَلَى الْمُخْتَارِ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَصَدَ إخْفَاءَهَا عَنْ عَيْنِ الْغَاصِبِ) قَالَ عبق اُنْظُرْ هَلْ يُقْبَلُ قَوْلُ رَبِّهَا إنَّهُ أَرَادَ ذَلِكَ بِمُجَرَّدِهِ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ فِي ذَلِكَ قَالَ شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَرِينَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) وَظَاهِرُهُ كَانَ الْجَيْبُ بِصَدْرِهِ، أَوْ بِجَنْبِهِ، وَهُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ بَهْرَامَ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا قَصْرَهُ عَلَى الْأَوَّلِ، وَأَنَّهُ يَضْمَنُ بِوَضْعِهَا فِي جَيْبِهِ إذَا كَانَ بِجَنْبِهِ وَلَوْ جَعَلَهَا فِي وَسَطِهِ وَقَدْ أَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي عِمَامَتِهِ لَمْ يَضْمَنْ وَضَمِنَ فِي الْعَكْسِ أَيْ مَا إذَا أَمَرَهُ بِجَعْلِهَا فِي وَسَطِهِ فَخَالَفَ وَجَعَلَهَا فِي عِمَامَتِهِ وَكَذَا فِي جَيْبِهِ، أَوْ كُمِّهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي الزَّاهِيِّ لِابْنِ شَعْبَانَ مِنْ الضَّمَانِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُبَدِّلَ قَوْلَهُ عَلَى الْمُخْتَارِ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي رَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا اللَّخْمِيُّ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ، وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ حَمَلَ مَالًا لِإِنْسَانٍ لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهِ بِضَاعَةً مِنْ بَلَدٍ أُخْرَى حَتَّى أَتَى لِمَوْضِعِ خَوْفٍ فَأَخَذَ ذَلِكَ الْمَالَ فِي يَدِهِ خَوْفًا عَلَيْهِ وَنَزَلَ لِيَبُولَ فَوَضَعَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ قَامَ وَنَسِيَهُ فَضَاعَ وَلَمْ يَدْرِ مَحَلَّ وَضْعِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ عَصْرَيْهِ؛ لِأَنَّ نِسْيَانَهُ جِنَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ الْمُودِعِ خِلَافًا لِفَتْوَى الْبَاجِيَّ وَابْنِ عَبْدُوسٍ بِعَدَمِ الضَّمَانِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَأَوْلَى فِي غَيْرِهِ كَأَنَّ وَجْهَ الْأَوْلَوِيَّةِ أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ بِنَقْلِهَا (قَوْلُهُ وَبِدُخُولِهِ الْحَمَّامَ بِهَا) أَيْ، أَوْ دُخُولُهُ الْمِيضَأَةَ بِهَا لِرَفْعِ حَدَثٍ أَصْغَرَ، أَوْ أَكْبَرَ فَضَاعَتْ لَكِنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ فِيهِمَا حَيْثُ كَانَ يُمْكِنُ وَضْعُهَا فِي مَحِلِّهِ، أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ وَلَوْ كَانَ الْمُودَعُ غَرِيبًا فِي الْبَلَدِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى سُؤَالِهِ فِيهَا عَنْ أَمِينٍ يَجْعَلُهَا عِنْدَهُ حَتَّى يَرْفَعَ حَدَثَهُ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ وَاعْلَمْ أَنَّ قَبُولَهُ لَهَا، وَهُوَ ذَاهِبٌ لِلسُّوقِ كَقَبُولِهِ لَهَا، وَهُوَ يُرِيدُ الْحَمَّامَ فَإِذَا قَبِلَهَا وَضَاعَتْ فِي السُّوقِ ضَمِنَهَا إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ وَضْعُهَا عِنْدَ أَمِينٍ وَمَحِلُّ الضَّمَانِ أَيْضًا مَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا عِنْدَ الْإِيدَاعِ أَنَّ الْمُودَعَ ذَاهِبٌ لِلسُّوقِ، أَوْ لِلْحَمَّامِ فَإِنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ إذَا ضَاعَتْ فِي الْحَمَّامِ، أَوْ السُّوقِ عَلَى الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا، أَوْدَعَهُ، وَهُوَ عَالِمٌ بِعَوْرَةِ مَنْزِلِهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ فِي مِصْرَ إذَا لَمْ يَجِدْ أَحَدًا يَضَعُهَا عِنْدَهُ وَدَخَلَ الْحَمَّامَ بِهَا؛ لِأَنَّ عُرْفَ مِصْرَ أَنَّ الدَّاخِلَ يُودِعُ مَا مَعَهُ عِنْدَ رَئِيسِ الْحَمَّامِ (قَوْلُهُ وَبِخُرُوجِهِ بِهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يَدْفَعُهَا لِمَنْ يَظُنُّهُ رَبَّهَا.
(قَوْلُهُ وَلَا يَضْمَنُ إنْ نَسِيَهَا فِي كُمِّهِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَنْشُورَةٍ، وَإِلَّا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِحِرْزٍ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ إلَخْ) أَيْ فَلَا ضَمَانَ إذَا تَلِفَتْ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ) أَيْ لِمَا فِي شَرْطِ ضَمَانِهَا.
(قَوْلُهُ وَبِإِيدَاعِهَا عِنْدَ أَمِينٍ) أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا فَتَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ (قَوْلُهُ وَقَدْ أَخَذَهَا) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ أَخَذَهَا مِنْ رَبِّهَا فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا بَالَغَ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ، وَإِنْ بِسَفَرٍ مَعْنَاهُ، وَإِنْ قَبِلَهَا فِي سَفَرٍ أَيْ وَضَمِنَ إنْ، أَوْدَعَهَا فِي حَضَرٍ، أَوْ سَفَرٍ هَذَا إذَا قَبِلَهَا فِي الْحَضَرِ، بَلْ، وَإِنْ قَبِلَهَا فِي سَفَرٍ (قَوْلُهُ لِغَيْرِ زَوْجَةٍ، وَأَمَةٍ إلَخْ) مَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا، أَوْدَعَهَا لِأَجْنَبِيٍّ، أَوْ لِزَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ ابْنٍ، أَوْ أَجِيرٍ لَمْ يُعْتَادُوا بِذَلِكَ بِأَنْ جَعَلَهَا عِنْدَ الزَّوْجَةِ بِإِثْرِ تَزَوُّجِهِ، أَوْ عِنْدَ الْأَمَةِ، أَوْ الْعَبْدِ بِإِثْرِ شِرَائِهِ، أَوْ عِنْدَ الْأَجِيرِ بِإِثْرِ اسْتِئْجَارِهِ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهُوَ إيدَاعُ الْمُودِعِ لَهَا لِزَوْجَةٍ، أَوْ أَمَةٍ، أَوْ ابْنٍ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ أَجِيرٍ اُعْتِيدُوا لِذَلِكَ بِأَنْ طَالَتْ إقَامَتُهُمْ عِنْدَهُ وَوَثِقَ بِهِمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ
(عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ) لِرَبِّهَا غَائِبًا، أَوْ مَسْجُونًا مَثَلًا فَيَجُوزُ لَهُ إيدَاعُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ حَدَثَتْ عَمَّا إذَا كَانَتْ قَبْلَ الْإِيدَاعِ وَعَلِمَ رَبُّهَا بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْإِيدَاعُ، وَإِلَّا ضَمِنَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهَا بِهَا فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ قَبُولُهَا فَإِنْ قَبِلَهَا وَضَاعَتْ ضَمِنَ مُطْلَقًا، أَوْدَعَهَا أَمْ لَا (وَإِنْ أُودِعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ (بِسَفَرٍ) أَيْ فِيهِ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ فِي جَوَازِ الْإِيدَاعِ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ، أَوْ لِسَفَرٍ بِقَيْدِهِ وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَمَّا أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي السَّفَرِ لَا يَجُوزُ لَهُ إيدَاعُهَا عِنْدَ إرَادَتِهِ السَّفَرَ، أَوْ حُدُوثِ الْعَوْرَةِ، وَإِنْ وُجِدَ مُسَوِّغُ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا رَضِيَ أَنْ تَكُونَ مَعَهُ فِي السَّفَرِ (وَوَجَبَ) عَلَيْهِ (الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ) ، وَهُوَ الْعَوْرَةُ، أَوْ السَّفَرُ وَلَا يُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا أَوْدَعَ لِلْعُذْرِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَلَا بُدَّ مِنْ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِلْعُذْرِ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ اشْهَدُوا أَنِّي أَوْدَعْتهَا لِعُذْرٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرَاهُ وَلَوْ شَهِدَتْ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَهَا كَفَتْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ.
(وَبَرِئَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ إذَا، أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ (إنْ رَجَعَتْ) لَهُ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ (سَالِمَةً) ، ثُمَّ تَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ (وَعَلَيْهِ) وُجُوبًا إذَا زَالَ الْعُذْرُ الْمُسَوِّغُ لِإِيدَاعِهَا (اسْتِرْجَاعُهَا) مِمَّنْ، أَوْدَعَهَا عِنْدَهُ (إنْ نَوَى الْإِيَابَ) مِنْ سَفَرِهِ، ثُمَّ عَادَ فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا ضَمِنَ وَكَذَا إذَا زَالَتْ الْعَوْرَةُ فَلَوْ قَالَ إنْ نَوَى الْإِيَابَ، أَوْ زَالَ الْمَانِعُ كَانَ أَشْمَلَ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ بِأَنْ نَوَى عَدَمَهُ، أَوْ لَا نِيَّةَ لَهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا إنْ عَادَ وَلَكِنْ يُسْتَحَبُّ لَهُ.
(وَ) ضَمِنَ (بِبَعْثِهِ بِهَا) لِرَبِّهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ مِنْ الرَّسُولِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ ضَاعَتْ عِنْدَ مَنْ ذُكِرَ وَصُدِّقَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ فِي دَفْعِهَا لِأَهْلِهِ وَحَلَفَ إنْ أَنْكَرَتْ الزَّوْجَةُ دَفْعَهُ إلَيْهَا إنْ اُتُّهِمَ وَقِيلَ مُطْلَقًا فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ تَحْلِيفُ أَهْلِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مُعْسِرًا فَلَهُ لِغَيْرِ تَحْلِيفُهُمْ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ زَوْجَةٌ، وَأَمَةٌ الزَّوْجُ فَتَضْمَنُ الزَّوْجَةُ إذَا وَضَعَتْ الْوَدِيعَةَ الَّتِي تَحْتَ يَدِهَا عِنْدَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ وَعَزَاهُ ح لِظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ عِنْدَ عَجْزِ الرَّدِّ) كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وطفى اهـ.
بْن (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ) أَيْ عِنْدَ الْمُودَعِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَلَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الْإِيدَاعُ) ، بَلْ يُبْقِيهَا عِنْدَهُ فَإِنْ ضَاعَتْ عِنْدَهُ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ، وَهَذَا مُبَالَغَةٌ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى فَإِنْ حَدَّثَتْ لَهُ عَوْرَةٌ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، أَوْ طَرَأَ لَهُ سَفَرٌ بَعْدَهُ وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا جَازَ لَهُ إيدَاعُهَا، وَإِنْ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فِي سَفَرِهِ (قَوْلُهُ بِقَيْدِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْعَجْزُ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا (قَوْلُهُ وَوَجَبَ الْإِشْهَادُ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا حَدَّثَتْ لَهُ عَوْرَةٌ، أَوْ أَرَادَ سَفَرًا وَعَجَزَ عَنْ رَدِّهَا لِرَبِّهَا، وَأَرَادَ إيدَاعَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ بِالْعُذْرِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ عَنْهُ الضَّمَانُ إنْ، أَوْدَعَهَا وَتَلِفَتْ (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تَرَاهُ) أَيْ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ أَنْ يُرِيَهُمْ إيَّاهُ إذَا كَانَ عَوْرَةً حَدَّثَتْ فِي الْبَيْتِ، أَوْ يَقُولَ لَهُمْ مُرَادِي السَّفَرُ، وَأَنْ أَضَعَ الْوَدِيعَةَ عِنْدَ فُلَانٍ وَيَشْرَعُ فِي السَّفَرِ بِحَضْرَتِهِمْ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ قَوْلِهِ وَوَجَبَ إلَخْ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْعُذْرِ كَانَ أَحْسَنَ.
(قَوْلُهُ وَبَرِئَ إنْ رَجَعَتْ سَالِمَةً) لَيْسَتْ هَذِهِ مُكَرَّرَةً مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا إلَّا أَنْ تُرَدَّ سَالِمَةً مِنْ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَحْمُولٌ عَلَى رَدِّهَا سَالِمَةً مِنْ سَفَرِهِ بِهَا وَمَا هُنَا رَجَعَتْ سَالِمَةً مِنْ عِنْدِ الْمُودَعِ الثَّانِي لَا مِنْ سَفَرِهِ فَلَا تَكْرَارَ (قَوْلُهُ إذَا زَالَ الْعُذْرُ الْمُسَوِّغُ لِإِيدَاعِهَا) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِيمَنْ، أَوْدَعَهَا لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ، أَوْ طُرُوُّ عَوْرَةٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ أَمَّا مَنْ، أَوْدَعَهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا مُطْلَقًا نَوَى الْإِيَابَ أَمْ لَا اهـ.
عبق وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ إذَا، أَوْدَعَهَا لِعَوْرَةٍ حَدَّثَتْ، أَوْ طُرُوِّ سَفَرٍ وَجَبَ عَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهَا مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ، أَوْ زَالَتْ الْعَوْرَةُ بِأَنْ بَنِي جِدَارَهُ الَّذِي سَقَطَ وَمَحِلُّ وُجُوبِ اسْتِرْجَاعِهَا إذَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ إنْ كَانَ قَدْ نَوَى عِنْدَ سَفَرِهِ الْإِيَابَ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَنْوِ الْإِيَابَ عِنْدَ سَفَرِهِ نُدِبَ لَهُ تَرْجِيعُهَا فَقَطْ إذَا رَجَعَ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ نَوَاهُ فَلَا يَضْمَنُ إذَا لَمْ يُرْجِعْهَا، وَهَلَكَتْ إلَّا أَنْ يُغَلَّبَ الْإِيَابُ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.
(قَوْلُهُ إنْ نَوَى الْإِيَابَ) أَيْ إنْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ وَقَدْ كَانَ نَوَى الْإِيَابَ عِنْدَ سَفَرِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَسْتَرْجِعْهَا ضَمِنَ إلَخْ) فَلَوْ طَلَبَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ مِمَّنْ هِيَ عِنْدَهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ فَيَنْبَغِي الْقَضَاءُ عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا لَهُ فَإِنْ حَصَلَ تَنَازُعٌ فِي نِيَّةِ الْإِيَابِ وَعَدَمِهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ إلَى سَفَرِهِ فَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ الْإِيَابُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُودَعِ الْأَوَّلِ فَيُقْضَى بِدَفْعِهَا لَهُ، وَإِنْ كَانَ الْغَالِبُ فِيهِ عَدَمُ الْإِيَابِ، أَوْ اسْتَوَى الْأَمْرَانِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُودَعِ الثَّانِي فَلَا يُقْضَى بِدَفْعِهَا لِلْأَوَّلِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَضْمَنُ الْأَوَّلُ تَلَفَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاَلَّذِي تَعَلَّقَ ضَمَانُهَا بِهِ الثَّانِي اهـ.
عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَبِبَعْثِهِ بِهَا) يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ مَنْ أُودِعَتْ مَعَهُ وَدِيعَةً يُوصِلُهَا الْبَلَدَ فَعَرَضَتْ لَهُ إقَامَةٌ طَوِيلَةٌ فِي الطَّرِيقِ كَالسَّنَةِ فَلَهُ أَنْ يَبْعَثَهَا مَعَ غَيْرِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا تَلِفَتْ، أَوْ أَخَذَهَا اللِّصُّ، بَلْ بَعْثُهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَاجِبٌ وَيَضْمَنُ إنْ حَبَسَهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ الَّتِي عَرَضَتْ لَهُ قَصِيرَةٌ كَالْأَيَّامِ فَالْوَاجِبُ إبْقَاؤُهَا مَعَهُ فَإِنْ بَعَثَهَا ضَمِنَهَا إنْ تَلِفَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْإِقَامَةُ مُتَوَسِّطَةً كَالشَّهْرَيْنِ خُيِّرَ فِي إرْسَالِهَا وَفِي إبْقَائِهَا فَلَا ضَمَانَ إنْ أَرْسَلَهَا وَتَلِفَتْ، أَوْ حَبَسَهَا هَذَا مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ) أَيْ، أَوْ أَخَذَهَا اللُّصُوصُ
وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِرَبِّهَا بِلَا إذْنِهِ فَضَاعَتْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.
(وَ) ضَمِنَ (بِإِنْزَائِهِ) أَيْ بِطَلْقِ الْفَحْلِ (عَلَيْهَا) بِلَا إذْنِ رَبِّهَا (فَمُتْنَ) مِنْ الْإِنْزَاءِ، بَلْ (وَإِنْ مِنْ الْوِلَادَةِ) بِخِلَافِ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ حُكْمًا وَجَمَعَ الضَّمِيرَ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى وَلَوْ قَالَ فَمَاتَتْ كَانَ أَحْسَنَ (كَأَمَةٍ زَوَّجَهَا) الْمُودَعُ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا (فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) ، وَأَوْلَى مِنْ الْوَطْءِ فَلَوْ حَذَفَ مِنْ الْوِلَادَةِ لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعَ الِاخْتِصَارِ.
(وَ) ضَمِنَ (بِجَحْدِهَا) بِأَنْ قَالَ لِرَبِّهَا مَا، أَوْدَعْتنِي شَيْئًا، ثُمَّ اعْتَرَفَ، أَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْإِيدَاعِ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (ثُمَّ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ) مِنْ الْمُودَعِ لِرَبِّهَا (خِلَافٌ) هَلْ تُقْبَلُ لِأَنَّهُ أَمِينٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَهَا بِجَحْدِهِ أَصْلَ الْوَدِيعَةِ وَقَدْ جَزَمَ الْمُصَنِّفُ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ بَعْدَ الْجَحْدِ وَسَيَأْتِي فِي عَامِلِ الْقِرَاضِ يَجْحَدُهُ، ثُمَّ يُقِيمُ بَيِّنَةَ الرَّدِّ أَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُهَا.
(وَ) ضَمِنَ (بِمَوْتِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ بِهَا لِرَبِّهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا لَوْ ذَهَبَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِهَا لِرَبِّهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ وَمِثْلُ بَعْثِ الْمُودَعِ بِهَا فِي الضَّمَانِ وَصَّى رَبُّ الْمَالِ لِلْوَرَثَةِ، أَوْ يُسَافِرُ هُوَ بِهِ إلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ إذْنِهِمْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا ضَاعَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمَا فِي كَبِيرِ خش مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ وَكَذَا الْقَاضِي يَبْعَثُ الْمَالَ لِمُسْتَحِقِّهِ مِنْ وَرَثَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمْ بِغَيْرِ إذْنِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ أَصْبَغَ بِعَدَمِ ضَمَانِهِ، وَإِنْ مَشَى عَلَيْهِ غَيْرُ وَاحِدٍ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ فَضَاعَتْ) أَيْ، أَوْ تَلِفَتْ، أَوْ أَخَذَهَا مِنْهُ اللُّصُوصُ.
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ) أَيْ الْمُودَعُ بِإِنْزَائِهِ إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا مِثْلُ الْمُودَعِ فِي ذَلِكَ الشَّرِيكُ فَإِذَا أَنْزَى عَلَى الْحَيَوَانِ بِغَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمَوْتُ مِنْ الْوِلَادَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ أَنَّ الشَّرِيكَ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ شَرِيكِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ نُوقًا، أَوْ شِيَاهًا (قَوْلُهُ بِلَا إذْنِ رَبِّهَا) أَيْ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهَا فِي عَدَمِ الْإِذْنِ بِيَمِينٍ إذَا تَنَازَعَا فِي الْإِذْنِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الرَّاعِي فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ إذَا أَنْزَى عَلَيْهَا فَمَاتَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ، أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ عَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الْإِجَارَةِ ضَمَانُ الرَّاعِي وَعَزَاهُ بَهْرَامُ فِي كَبِيرِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ شَيْخُنَا وَالظَّاهِرُ النَّظَرُ لِلْعُرْفِ، وَالشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَجَمَعَ الضَّمِيرَ) أَيْ فِي قَوْلِهِ فَمُتْنَ وَقَوْلُهُ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَدِيعَةَ تَصْدُقُ بِمُتَعَدِّدٍ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهَا نَظَرًا لِلَّفْظِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ وَدِيعَةٍ مُفْرَدٌ (قَوْلُهُ فَمَاتَتْ مِنْ الْوِلَادَةِ) ، وَأَوْلَى مِنْ الْوَطْءِ أَيْ فَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُودَعُ الَّذِي تَعَدَّى وَزَوَّجَهَا كَمَا يَضْمَنُ الزَّوْجُ إذَا عَلِمَ بِتَعَدِّي الْمُودَعِ الَّذِي زَوَّجَهَا لَهُ وَيُخَيَّرُ رَبُّهَا فِي اتِّبَاعِ أَيُّهُمَا شَاءَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدِّيهِ بَدَأَ بِالْمُودَعِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهَا فَإِنْ أُعْدِمَ الْمُودَعُ أُتْبِعَ الزَّوْجُ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ اعْتَرَفَ) أَيْ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ وَادَّعَى تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا، أَوْ أَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِالْإِيدَاعِ فَادَّعَى تَلَفَهَا، أَوْ أَنَّهُ رَدَّهَا فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ الرَّدَّ، أَوْ التَّلَفَ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا يَعْتَرِفْ بِهَا وَلَمْ تَشْهَدْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْإِيدَاعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ، ثُمَّ فِي قَبُولِ إلَخْ) أَيْ إنْ أَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا حِينَ جَحَدَهَا، وَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً بِرَدِّهَا كَانَ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ خِلَافٌ مَشْهُورٌ كَذَا قَرَّرَ عبق فَقَدْ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ أَنَّ رَبَّهَا أَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً حِينَ جَحَدَهَا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بَعْدَ الْجَحْدِ، ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّدِّ أَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِقْرَارِ، وَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَتَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَنَقَلَهُ ح، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ بَيِّنَةُ الرَّدِّ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَنْكَرَ الْإِيدَاعَ مِنْ أَصْلِهِ فَأَقَامَ رَبُّهَا عَلَيْهِ بَيِّنَةً بِهَا فَأَشْهَدَ بَيِّنَةً بِتَلَفِهَا لَا تُقْبَلُ اتِّفَاقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْخِلَافُ مَوْجُودٌ فِي كُلٍّ مِنْ بَيِّنَةِ الرَّدِّ وَبَيِّنَةِ التَّلَفِ كَمَا قَالَهُ جَدّ عج، وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاسْتَصْوَبَهُ شَيْخُنَا، ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ قَبُولِ بَيِّنَةِ الرَّدِّ، وَالتَّلَفِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج.
(قَوْلُهُ وَقَدْ جَزَمَ إلَخْ) حَيْثُ قَالَ، وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبُ الْمُعَامَلَةِ فَالْبَيِّنَةُ، ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ أَيْ، ثُمَّ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ لَا تُقْبَلُ إلَخْ، وَإِنَّمَا جَزَمَ فِي الدَّيْنِ بِعَدَمِ الْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ فِي الذِّمَّةِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ مَا فِيهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ فَإِنَّهَا أَمَانَةٌ وَلَمَّا جَحَدَهَا وَظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالرَّدِّ صَارَ لِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ طَرَفَانِ مُرَجِّحَانِ طَرَفُ الْأَمَانَةِ مُرَجِّحٌ لِقَبُولِهَا، وَطَرَفُ الْجَحْدِ مُرَجِّحٌ لِعَدَمِهِ، فَلِذَا جَرَى الْخِلَافُ فِي الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الرَّاجِحَ قَبُولُهَا) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا فِي الْقِرَاضِ مَرْجُوحٌ بِخِلَافِ الْقَوْلِ هُنَا بِعَدَمِ قَبُولِهَا فَإِنَّهُ مَشْهُورٌ وَاَلَّذِي يَقْتَضِيهِ نَقْلُ ح فِي بَابِ الْوَكَالَةِ كَمَا قَالَ بْن اسْتِوَاءُ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْبِضَاعَةِ فِي وُجُودِ الْخِلَافِ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّ مَنْ قَالَ بِقَبُولِ الْبَيِّنَةِ قَالَهُ فِي الْجَمِيعِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ قَبُولِهَا قَالَهُ فِي الْجَمِيعِ، وَإِنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ قَبُولِهَا فِي الْجَمِيعِ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ وَبِمَوْتِهِ إلَخْ) مِثْلُ الْوَدِيعَةِ مَنْ تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِثِيَابٍ، أَوْ غَيْرِهَا وَارَاهَا لِلشُّهُودِ وَحَازَهَا لِلْوَلَدِ تَحْتَ يَدِهِ، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ فَيُقْضَى لَهُ بِقِيمَتِهَا مِنْ التَّرِكَةِ إلَّا لِكَعَشْرِ
(وَلَمْ يُوصِ) بِهَا (وَلَمْ تُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا (إلَّا) أَنْ يَطُولَ الزَّمَنُ مِنْ يَوْمِ الْإِيدَاعِ (لِكَعَشْرِ سِنِينَ) فَلَا ضَمَانَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهَا لِرَبِّهَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ وَمَحِلُّ كَوْنِ الْعَشْرِ سِنِينَ طُولًا إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوْثِيقِ، وَإِلَّا فَلَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ وَلَوْ زَادَ عَلَى الْعَشْرِ (وَأَخَذَهَا) رَبُّهَا (إنْ ثَبَتَ بِكِتَابَةٍ عَلَيْهَا أَنَّهَا لَهُ) أَيْ لِمَالِكِهَا الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَخَذَ وَعَلَيْهَا نَعْتُ كِتَابَةٍ، وَأَنَّهَا لَهُ مَعْمُولُ كِتَابَةٍ وَقَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ جُمْلَةً مُعْتَرِضَةً بَيْنَ الْعَامِلِ، وَالْمَعْمُولِ وَقَوْلُهُ (أَنْ ذَلِكَ خَطُّهُ) أَيْ الْمَالِكِ (أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ) فَاعِلُ ثَبَتَ أَيْ يَأْخُذُهَا بِسَبَبِ كِتَابَةٍ كَائِنَةٍ عَلَيْهَا بِأَنَّهَا لِفُلَانٍ إنْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ هَذِهِ الْكِتَابَةَ خَطُّ رَبِّهَا، أَوْ خَطُّ الْمَيِّتِ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِسَعْيِهِ) أَيْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (بِهَا لِمُصَادِرٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ لِظَالِمٍ صَادَرَهُ لِيَأْخُذَهَا وَكَذَا إنْ دَلَّهُ عَلَيْهَا كَمَنْ دَلَّ لِصًّا عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ) الْوَدِيعَةُ (لِبَلَدٍ) لِيُوصِلَهَا لِرَبِّهَا بِإِذْنِهِ أَيْ يَضْمَنُهَا الرَّسُولُ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ قِرَاضٍ (إنْ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْبَلَدِ فَإِنْ وَصَلَ وَلَمْ تُوجَدْ فِي تَرِكَتِهِ بِعَيْنِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
هَذَا.
هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ سَهْلٍ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُوصِ بِهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ، أَوْصَى بِهَا لَمْ يَضْمَنْهَا فَإِنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَخَذَهَا رَبُّهَا، وَإِنْ تَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ وَيَدْخُلُ فِي إيصَائِهِ بِهَا مَا لَوْ قَالَ هِيَ بِوَضْعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فَلَا يَضْمَنُهَا كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَتُحْمَلُ عَلَى الضَّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ بِقَوْلِهِ هِيَ بِمَوْضِعِ كَذَا كَأَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمْ يَتَسَلَّفْهَا، وَهُوَ مُصَدَّقٌ لِأَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ عِوَضُهَا، وَهُوَ قِيمَتُهَا، أَوْ مِثْلُهَا مِنْ التَّرِكَةِ وَيُحَاصَصُ صَاحِبُهَا بِذَلِكَ مَعَ الْغُرَمَاءِ، وَهَذَا مَعْنَى ضَمَانِ الْمَيِّتِ لَهَا لَا أَنَّهُ يُتْبَعُ بِمِثْلِهَا، أَوْ بِقِيمَتِهَا فِي ذِمَّتِهِ كَمَا قِيلَ، وَفَائِدَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُحَاصَصُ بِهَا مَعَ الْغُرَمَاءِ، بَلْ إنْ فَضَلَ بَعْدَهُمْ شَيْءٌ كَانَ لِلْوَدِيعَةِ، وَإِلَّا فَلَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يُوصِ بِهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا، وَهَلْ تَكُونُ مُتَعَلِّقَةً بِتَرِكَتِهِ، أَوْ بِذِمَّتِهِ خِلَافٌ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَقَدْ عَلِمْت فَائِدَةَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ تَسَلَّفَهَا) أَيْ، وَهُوَ الْأَقْرَبُ، وَأَمَّا احْتِمَالُ ضَيَاعِهَا فَهُوَ بَعِيدٌ إذْ لَوْ ضَاعَتْ لَتَحَدَّثَ بِضَيَاعِهَا قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَالْأَوْلَى حَذْفُ الْكَافِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تُدْخِلْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الْعَشَرَةَ طُولٌ فَمَا زَادَ عَلَيْهَا، أَوْلَى (قَوْلُهُ إذَا لَمْ تَكُنْ الْوَدِيعَةُ بِبَيِّنَةٍ إلَخْ) أَيْ إذَا لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ، بَلْ بِإِقْرَارِ الْمُودَعِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَتْ ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ وَمِثْلُهَا الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِهَا بَعْدَ جَحْدِهِ لَهَا فَلَا تَسْقُطُ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَأَخْذُهَا إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ مَاتَ وَعِنْدَهُ وَدِيعَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا هَذِهِ وَدِيعَةٌ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَإِنَّ صَاحِبَهَا يَأْخُذُهَا بِشُرُوطٍ أَنْ يَثْبُتَ بِالْبَيِّنَةِ أَنَّ الْكِتَابَةَ بِخَطِّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ بِخَطِّ الْمَيِّتِ وَلَوْ وُجِدَتْ أَنْقَصَ مِمَّا كُتِبَ عَلَيْهَا وَيَكُونُ النَّقْصُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ إنْ عُلِمَ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي الْوَدِيعَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ (قَوْلُهُ، وَأَخَذَهَا بِكِتَابَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَأَوْلَى بِبَيِّنَةٍ لَا بِأَمَارَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَآهَا (قَوْلُهُ مَعْمُولُ كِتَابَةٍ) أَيْ، أَوْ بَدَلٌ مِنْهَا، أَوْ بَيَانٌ إنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِمَعْنَى الْمَكْتُوبِ (قَوْلُهُ جُمْلَةً) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، بَلْ جُزْءُ جُمْلَةٍ لِمَا سَيَذْكُرُهُ أَنَّ قَوْلَهُ أَنَّ ذَلِكَ خَطُّهُ فَاعِلُ ثَبَتَ.
(قَوْلُهُ بِكَسْرِ الدَّالِ) أَيْ لِظَالِمٍ صَادَرَهُ وَضَايَقَهُ لِيَأْخُذَهَا مِنْهُ وَيَصِحُّ فَتْحُ الدَّالِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ رَبَّ الْوَدِيعَةِ إذَا صَادَرَهُ وَضَايَقَهُ ظَالِمٌ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ مِنْهُ وَحِينَ الْمُصَادَرَةِ ذَهَبَ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ وَدَفَعَهَا لِلْمُودَعِ بِالْكَسْرِ بِحَضْرَةِ الظَّالِمِ عَالِمًا بِذَلِكَ فَأَخَذَهَا الظَّالِمُ فَإِنَّ الْمُودَعَ بِالْفَتْحِ يَضْمَنُ بِسَبَبِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ إخْفَاؤُهَا عَنْ الظَّالِمِ وَحِفْظُهَا (تَنْبِيهٌ) لَوْ خَشِيَ الْمُودَعُ بِعَدَمِ السَّعْيِ بِهَا لِلْمُصَادِرِ اطِّلَاعَهُ عَلَيْهَا وَنَهْبَ مَتَاعِهِ مَعَهَا بِادِّعَاءِ أَنَّ الْجَمِيعَ لِلْمُصَادِرِ لَجَازَ لَهُ السَّعْيُ بِهَا لِلْمَصَادِرِ كَمَا قَرَّرَهُ بَعْضُهُمْ وَفِيهِ شَيْءٌ إذْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَصُونَ مَالَهُ بِمَالِ غَيْرِهِ كَذَا كَتَبَ بَعْضُ تَلَامِذَةِ عبق عَنْهُ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ دَلَّهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْوَدِيعَةِ وَقَوْلُهُ كَمَنْ دَلَّ لِصًّا عَلَى الْمَالِ أَيْ سَوَاءً كَانَ وَدِيعَةً، أَوْ غَيْرَهَا.
(قَوْلُهُ وَبِمَوْتِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ) أَيْ وَتُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ بِمَوْتِ الرَّسُولِ الَّذِي أُرْسِلَتْ مَعَهُ كَانَ مِنْ طَرَفِ رَبِّهَا، أَوْ مِنْ طَرَفِ الْمُودَعِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِ رَبِّهَا وَقَدْ ضَاعَتْ وَلَمْ تُوجَدْ مَعَهُ، وَالضَّامِنُ لَهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ الرَّسُولُ وَحِينَئِذٍ فَتُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَأَمَّا إنْ مَاتَ ذَلِكَ الرَّسُولُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِبَلَدِ رَبِّهَا وَلَمْ تُوجَدْ الْوَدِيعَةُ مَعَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ، وَالْمُصِيبَةُ عَلَى رَبِّهَا إنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَهُ وَعَلَى الْمُودَعِ أَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ رَسُولَهُ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِوُصُولِ الْمَالِ لِرَبِّهِ، أَوْ لِرَسُولِ رَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ.
(تَنْبِيهٌ) مَفْهُومُ مَوْتِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَمُتْ وَكَذَّبَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ ذَلِكَ الرَّسُولُ بِأَنْ ادَّعَى الرَّسُولُ أَنَّهُ، أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْمُرْسَلُ إلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ لَمْ يُصَدَّقْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَلَا يُعْمَلُ بِتَصْدِيقِ الْمُودَعِ لِذَلِكَ الرَّسُولِ عَلَى أَنَّهُ، أَوْصَلَهَا لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ وَيَضْمَنُ ذَلِكَ الْمُودَعُ أَيْضًا إنْ كَانَ قَدْ دَفَعَهَا لِلرَّسُولِ بِغَيْرِ إشْهَادٍ؛ لِأَنَّهُ لِمَا دَفَعَ لِغَيْرِ الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ كَانَ عَلَيْهِ الْإِشْهَادُ فَلَمَّا تَرَكَهُ صَارَ مُفَرِّطًا، وَإِمَّا إنْ دَفَعَ لَهُ بِإِشْهَادٍ فَقَدْ بَرِئَ وَيَرْجِعُ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ عَلَى الرَّسُولِ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْوَدِيعَةِ غَيْرُهَا مِنْ دَيْنٍ، أَوْ قِرَاضٍ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْوَدِيعَةِ يَجْرِي بِعَيْنِهِ فِي إرْسَالِ الْمَدِينِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ.
لَمْ يُضَمَّنْ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِرَبِّهَا.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرَّسُولَ إنْ كَانَ رَسُولَ رَبِّ الْمَالِ فَالدَّافِعُ لَهُ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ وَلَوْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ وَيَرْجِعُ الْكَلَامُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَوَرَثَةِ الرَّسُولِ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهُ لِرَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ الرَّسُولُ رَسُولَ مَنْ عِنْدَهُ الْمَالُ فَلَا يَبْرَأُ مَنْ أَرْسَلَهُ إلَّا بِوُصُولِهِ لِرَبِّهِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْوُصُولِ رَجَعَ مُرْسِلُهُ فِي تَرِكَتِهِ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ فَلَا رُجُوعَ، وَهِيَ مُصِيبَةٌ عَلَى الْمُرْسَلِ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِكَلُبْسِ الثَّوْبِ) لُبْسًا مُنْقِصًا (وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ) كَذَلِكَ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا وَبِانْتِفَاعِهِ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَالْقَوْلُ لَهُ) بِيَمِينِهِ (أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً إنْ أَقَرَّ بِالْفِعْلِ) أَيْ اللُّبْسِ وَنَحْوِهِ أَيْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ إلَّا مِنْ إقْرَارِهِ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ فَادَّعَى أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.
(وَإِنْ أَكْرَاهَا) أَيْ الْوَدِيعَةَ بِأَنْ كَانَتْ دَابَّةً، أَوْ عَبْدًا، أَوْ سَفِينَةً (لِمَكَّةَ) وَنَحْوِهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا (وَرَجَعَتْ) سَالِمَةً (بِحَالِهَا إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) بِأَنْ نَقَصَتْ قِيمَتَهَا وَلَوْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ (فَلَكَ) يَا رَبَّهَا إنْ شِئْت (قِيمَتُهَا يَوْمَ كِرَائِهِ) ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي (وَلَا كِرَاءَ) لَك مَعَ أَخْذِ الْقِيمَةِ (أَوْ أَخْذِهِ) أَيْ الْكِرَاءِ (، وَأَخْذُهَا) مِنْهُ وَيَنْبَغِي حِينَئِذٍ أَنَّ عَلَيْك نَفَقَتَهَا وَلَيْسَ لَهُ إنْ زَادَتْ عَلَى الْكِرَاءِ أَخْذُ الزَّائِدِ كَالْغَاصِبِ وَحُكْمُ الْمُسْتَعَارَةِ، وَالْمُكْتَرَاةِ يَتَعَدَّى بِهَا الْمَسَافَةَ الْمُشْتَرَطَةَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ رَجَعَتْ بِحَالِهَا أَنَّهَا إنْ تَلِفَتْ فَلِرَبِّهَا الْقِيمَةُ يَوْمَ الْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمُ التَّعَدِّي، وَإِنْ نَقَصَتْ خُيِّرَ كَالتَّخْيِيرِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ حَبَسَهَا عَنْ سَوْقِهَا أَمْ لَا وَمَفْهُومُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ بِحَالِهَا وَلَمْ يَتَغَيَّرْ السَّوْقُ بِنَقْصٍ خُيِّرَ بَيْنَ أَخْذِ مَا كُرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءِ الْمِثْلِ فَلَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِرَبِّهِ بِإِذْنِهِ وَفِي إرْسَالِ عَامِلِ الْقِرَاضِ رَأْسَ الْمَالِ لِرَبِّهِ مَعَ رَسُولٍ بِإِذْنِهِ فَيَمُوتُ ذَلِكَ الرَّسُولُ وَلَمْ يُوجَدْ الْمَالُ مَعَهُ فَيُقَالُ إمَّا أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ الْوُصُولِ لِمَحِلِّ رَبِّهِ، أَوْ بَعْدَهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الرَّسُولُ مِنْ طَرَفِ رَبِّ الْمَالِ، أَوْ مِنْ طَرَفِ مُرْسِلِهِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ ذَلِكَ الرَّسُولُ (قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ أَوْصَلَهَا لِرَبِّهَا) أَيْ وَلِلْمُنَازِعِ، وَهُوَ مَنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّسُولُ مِنْ طَرَفِهِ تَحْلِيفُ وَارِثِهِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ لِذَلِكَ الشَّيْءِ سَبِيلًا (قَوْلُهُ، وَإِنْ مَاتَ بَعْدَهُ إلَخْ) إذَا عَلِمْتَ هَذَا الْحَاصِلَ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى رَسُولِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ وَعَلَى رَسُولِ الْمُودَعِ؛ لِأَنَّ تَفْصِيلَهُ فِي ضَمَانِ الرَّسُولِ جَارٍ فِي رَسُولِ الْمُودَعِ، وَالْمُودِعِ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ فَإِنَّهُ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى رَسُولِ رَبِّ الْوَدِيعَةِ.
(قَوْلُهُ وَرُكُوبُ الدَّابَّةِ كَذَلِكَ) ، وَالضَّامِنُ لَهَا الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ إنْ كَانَ اللُّبْسُ، أَوْ الرُّكُوبُ حَاصِلًا مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِإِذْنِهِ، وَأَمَّا إنْ حَصَلَ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ كَغَاصِبٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُودَعِ، وَالضَّمَانُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُتَعَدِّي (قَوْلُهُ، وَالْقَوْلُ لَهُ أَنَّهُ رَدَّهَا سَالِمَةً) هَذَا لَا يُخَالِفُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَبَرِئَ أَنْ رَدَّ غَيْرَ الْمُحَرَّمِ أَيْ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِشَهَادَةٍ بَيِّنَةٍ بِرَدِّهِ لِرَبِّهِ لَا بِرَدِّهِ لِمَحِلِّ الْإِيدَاعِ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا انْتِفَاعٌ بِهَا حَالَ كَوْنِهَا وَدِيعَةً وَمَا تَقَدَّمَ انْتِفَاعٌ بِهَا بَعْدَ أَنْ تَسَلَّفَهَا فَمَا هُنَا بَاقِيَةٌ فِي أَمَانَتِهِ وَمَا تَقَدَّمَ خَرَجَتْ مِنْ أَمَانَتِهِ لِذِمَّتِهِ اهـ.
عبق (قَوْلُهُ سَالِمَةً) أَيْ، وَأَنَّهَا إنَّمَا تَلِفَتْ بَعْدَ الرَّدِّ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ) أَيْ إنْ كَانَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ شَأْنُهُ أَخْذُ الْكِرَاءِ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ هَذَا.
هُوَ الْحَقُّ خِلَافًا لِلشَّارِحِ مِنْ إطْلَاقِ لُزُومِ الْكِرَاءِ تَبَعًا للح فِي أَوَّلِ الْغَصْبِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ شَهِدَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالْفِعْلِ) أَيْ بَعْدَ إنْكَارِهِ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ بِحَالِهَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ فِي ذَاتِهَا وَلَوْ تَعَيَّبَتْ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا) أَيْ حَتَّى تَغَيَّرَتْ أَسْوَاقُهَا بِنَقْصٍ وَمِثْلُ تَغَيُّرِ سُوقِهَا مَا إذَا طَالَ الزَّمَانُ طُولًا مَظِنَّةً لِتَغَيُّرِ سُوقِهَا كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِأَنْ نَقَصَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا وَقْتَ كِرَائِهَا أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا وَقْتَ رُجُوعِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ تُرَادُ لِلْبَيْعِ، بَلْ، وَإِنْ كَانَتْ مُرَادَةً لِلْقَنِيَّةِ هَذَا.
هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي طفى خِلَافًا لِمَا قَالَهُ اللَّقَانِيُّ وَتَبِعَهُ خش مِنْ أَنَّ الْوَدِيعَةَ إذَا أَكْرَاهَا الْمُودَعَ وَرَجَعَتْ سَالِمَةً إلَّا أَنَّهُ تَغَيَّرَ سُوقُهَا فَإِنْ كَانَتْ لِلْقَنِيَّةِ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا كِرَاؤُهَا، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا عَلَى مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَحُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى خُصُوصِ الَّتِي لِلتِّجَارَةِ.
(قَوْلُهُ أَنْ عَلَيْك) أَيْ يَا رَبَّهَا حَيْثُ أَخَذْتهَا مَعَ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لَيْسَ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إذَا زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ رَبِّهَا زَائِدَ النَّفَقَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّفَقَةَ، وَالْكِرَاءَ إنْ تُسَاوَيَا، أَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ فَإِنَّ رَبَّهَا يَأْخُذُهَا وَلَا يَدْفَعُ شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ شَيْئًا مَعَهَا، وَأَمَّا إنْ زَادَ الْكِرَاءُ عَلَى النَّفَقَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهَا وَيَأْخُذُ زَائِدَ الْكِرَاءِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ إذَا رَجَعَتْ غَيْرَ سَالِمَةٍ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا إنْ شَاءَ أَخَذَهَا، وَأَخَذَ أُجْرَةَ الْمَسَافَةِ الَّتِي تَعَدَّى بِهَا وَعَلَيْهِ حِينَئِذٍ نَفَقَتُهَا فَإِنْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى الْكِرَاءِ لَمْ يُغَرَّمْ رَبُّهَا شَيْئًا وَلَا يَأْخُذُ مَعَهَا شَيْئًا، وَإِنَّمَا قُلْتُ إنْ رَجَعَتْ غَيْرَ سَالِمَةٍ؛ لِأَنَّهَا إذَا رَجَعَتْ سَالِمَةً لَيْسَ لَهُ إلَّا كِرَاءُ الزَّائِدِ كَمَا يَأْتِي فِي الْغَصْبِ (قَوْلُهُ إنْ تَلِفَتْ فَلِرَبِّهَا الْقِيمَةُ إلَخْ) أَيْ وَلَا كِرَاءَ لَهَا وَلَوْ كَانَ أَكْثَرَ الْقِيمَةِ وَلَوْ طَلَبَهُ رَبُّهَا مَا لَمْ يَرْضَ الْمُودَعُ بِدَفْعِهِ لَهُ إذَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ، وَإِنْ رَجَعَتْ نَاقِصَةً فِي ذَاتِهَا بِأَنْ رَجَعَتْ مَرِيضَةً، أَوْ هَزِيلَةً وَسَوَاءً حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّخْيِيرَ الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ يَجْرِي فِيمَا إذَا
الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا.
(وَ) تُضْمَنُ (بِدَفْعِهَا) لِشَخْصٍ (مُدَّعِيًا) حَالٌ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ الَّذِي هُوَ فَاعِلُ الدَّفْعِ أَيْ وَادَّعَى دَافِعُهَا (أَنَّك) يَا مُودِعُ بِالْكَسْرِ (أَمَرَتْهُ بِهِ) أَيْ بِالدَّفْعِ، وَأَنْكَرَ رَبُّهَا وَتَلِفَتْ، أَوْ ضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الْقَابِضِ لَهَا وَقَوْلُهُ مُدَّعِيًا إلَخْ أَيْ بِلَا وَاسِطَةٍ بِأَنْ يَقُولَ أَنْتَ أَمَرْتنِي بِدَفْعِهَا لَهُ بِنَفْسِك، أَوْ بِوَاسِطَةٍ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ جَاءَنِي كِتَابُك، أَوْ رَسُولُك، أَوْ أَمَارَتُك فَاشْتَمَلَ كَلَامُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ (وَحَلَفْت) أَنَّك لَمْ تَأْمُرْهُ أَيْ فَالضَّمَانُ إذَا أَنْكَرَ رَبُّهَا الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ حِينَئِذٍ عَلَى الْقَابِضِ قَطْعًا لِاعْتِرَافِهِ أَنَّ الْآمِرَ قَدْ ظَلَمَهُ فَلَا يَظْلِمُ هُوَ الْقَابِضَ (وَإِلَّا) تَحْلِفُ (حَلَفَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (وَبَرِئَ) مِنْ الضَّمَانِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَرَجَعَ بِهَا عَلَى الْقَابِضِ لِقَبْضِهِ مِنْ غَيْرِ مُسَوِّغٍ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَقُومُ لِلدَّافِعِ (عَلَى) رَبِّهَا (الْآمِرِ) بِالدَّفْعِ فَلَا يَضْمَنُ الدَّافِعُ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِدَفْعِهَا مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مُجَرَّدُ دَعْوَى، وَالْمُرَادُ بِالْبَيِّنَةِ مَا يَشْمَلُ الشَّاهِدَ، وَالْيَمِينَ وَقَوْلُهُ (وَرَجَعَ) الْآمِرُ (عَلَى الْقَابِضِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْآمِرِ فَفَاعِلُ رَجَعَ عَائِدٌ عَلَى الْآمِرِ لَا الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى الْآمِرِ بَرِئَ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْقَابِضِ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْقَابِضَ تَعَدَّى عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا.
(وَإِنْ بَعَثْت إلَيْهِ بِمَالٍ فَقَالَ) الْمَبْعُوثُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
رَجَعَتْ سَالِمَةً بِحَالِهَا وَفِيمَا إذَا رَجَعَتْ نَاقِصَةً إلَّا أَنَّهَا إنْ رَجَعَتْ نَاقِصَةً خُيِّرَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إذَا رَجَعَتْ بِحَالِهَا فَإِنَّمَا يُخَيَّرُ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ إذَا حَبَسَهَا عَنْ أَسْوَاقِهَا هَذَا هُوَ الصَّوَابُ.
(قَوْلُهُ وَبِدَفْعِهَا) أَيْ وَضَمِنَهَا الْمُودَعُ بِدَفْعِهَا (قَوْلُهُ، وَأَنْكَرَ رَبُّهَا) أَيْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ أَمْرُهُ بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ (تَنْبِيهٌ) مِثْلُ إنْكَارِ رَبِّهَا إنْكَارُ وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ فَفِي ح لَوْ مَاتَ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ فَادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ أَمَرَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ بِدَفْعِهَا لِفُلَانٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَا يُصَدَّقُ وَيَحْلِفُ وَرَثَةُ الْمُودِعِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ وَتَلِفَتْ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهَا قَدْ تَلِفَتْ عِنْدَ ذَلِكَ الشَّخْصِ الَّذِي دُفِعَتْ لَهُ، أَوْ ضَاعَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ عَلَى الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ) أَيْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ مُبَاشَرَةً، أَوْ بِوَاسِطَةِ كِتَابٍ يَعْنِي غَيْرَ مَطْبُوعٍ، أَوْ غَيْرَ خَطِّ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ، أَوْ بِوَاسِطَةِ رَسُولٍ، أَوْ أَمَارَةٍ (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ أَنْكَرَ رَبُّهَا الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ وَحَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ إلَخْ الِاعْتِرَافُ الْمَذْكُورُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ تَحَقُّقِ إذْنِهِ بِالدَّفْعِ لَهُ بِأَنْ أَمَرَهُ مُشَافَهَةً، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ إذْنُهُ بِالدَّفْعِ لَهُ بِأَنْ حَسَّنَ الظَّنَّ بِإِمَارَتِهِ، أَوْ بِرَسُولِهِ، أَوْ بِكِتَابِهِ غَيْرِ الْمَطْبُوعِ، أَوْ الَّذِي هُوَ غَيْرُ خَطِّهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ حَيْثُ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَهَا لَا إنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَذَلِكَ لِعِلْمِ الْمُودَعِ بِعَدَمِ تَعَدِّيهِ فِي الْقَبْضِ، وَهَذِهِ طَرِيقَةُ اللَّخْمِيِّ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ حَيْثُ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ، أَوْ أَتْلَفَهَا وَلَوْ صَدَّقَهُ عَلَى أَنَّهُ قَبَضَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ قَالَهُ شَيْخُنَا وَفِي بْن أَنَّ الْمُودَعَ حَيْثُ ضَمِنَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَنْكَرَ رَبُّهَا الْأَمْرَ وَحَلَفَ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْقَابِضِ وَلَوْ تَحَقَّقَ إذْنُ رَبِّهَا لَهُ فِي الدَّفْعِ بِأَنْ أَمَرَهُ مُشَافَهَةً، أَوْ عَرَفَ الْخَطَّ، وَالْأَمَارَةَ كَمَا فِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَا يَمْنَعُهُ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ تَصْدِيقُهُ فِيمَا أَتَى مِنْ الْأَمَارَةِ، وَالْخَطِّ وَنَحْوِهِ لِابْنِ سَهْلٍ وَقَوْلُ اللَّخْمِيِّ إنَّهُ لَا رُجُوعَ لِلْمُودَعِ عَلَى الْقَابِضِ إذَا اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ قَبَضَ بِوَجْهٍ صَحِيحٍ بِأَنْ تَحَقَّقَ إذْنُهُ لَهُ فِي الدَّفْعِ، وَأَنَّ الْمُودَعَ ظَالِمٌ اخْتِيَارًا لَهُ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ اهـ.
كَلَامُهُ، وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَلِذَا اقْتَصَرَ فِي المج عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ قَدْ ظَلَمَهُ) أَيْ بِإِنْكَارِهِ الْأَمْرَ بِالدَّفْعِ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُودِعُ) أَيْ إنَّك أَمَرْته بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ) أَيْ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ تَشْهَدُ بِأَنَّ رَبَّهَا أَمَرَ الْمُودَعَ بِدَفْعِهَا لِذَلِكَ الشَّخْصِ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ مُدَّعِيًا أَنَّك أَمَرْته بِهِ وَمِثْلُ الْبَيِّنَةِ الْكِتَابُ الْمَطْبُوعُ مَعَ الشَّهَادَةِ عَلَى أَنَّ الْخَطَّ خَطُّ صَاحِبِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ عَلَى رَبِّهَا الْآمِرِ) مُقْتَضَى حَلِّ الشَّارِحِ أَنَّ الْآمِرَ يُقْرَأُ بِالْمَدِّ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ، بَلْ يَصِحُّ سُكُونُ الْمِيمِ أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَبِّهَا بِالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِدَفْعِهَا) أَيْ وَضَمِنَ الْمُودَعُ بِدَفْعِهَا لِشَخْصٍ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَى رَبِّهَا بِالْأَمْرِ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلدَّافِعِ عَلَى أَنَّ رَبَّهَا أَمَرَهُ بِدَفْعِهَا لِفُلَانٍ وَقُلْتُمْ لَا ضَمَانَ عَلَى الدَّافِعِ حِينَئِذٍ فَإِنَّ رَبَّهَا يَرْجِعُ عَلَى الْقَابِضِ إنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَابِضِ كَمَا أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الدَّافِعِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ، وَهَذَا أَيْ رُجُوعُ الْآمِرِ عَلَى الْقَابِضِ إنْ ثَبَتَ تَعَدِّيهِ عَلَيْهَا أَيْ، أَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) أَيْ، وَأَمَّا الصُّوَرُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي قَبْلَ إلَّا فَلَا يَرْجِعُ الْمُودَعُ فِيهَا عَلَى الْقَابِضِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ وَيَصِحُّ أَنْ يُجْعَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَ إلَّا أَيْ وَحَيْثُ ضَمِنَ الْمُودَعُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ إلَّا وَغَرِمَ وَرَجَعَ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ مَاشِيًا عَلَى طَرِيقَةِ ابْنِ الْمَوَّازِ الْمُعْتَمَدَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ جَعَلَ قَوْلَهُ وَرَجَعَ إلَخْ رَاجِعًا لِمَا بَعْدَ إلَّا كَانَ الْمُصَنِّفُ سَاكِتًا عَنْ رُجُوعِ الْمُودَعِ عَلَى الْقَابِضِ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ الَّتِي قَبْلَ إلَّا وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِمَا قَبْلَ إلَّا كَانَ مُتَكَلِّمًا عَلَى ذَلِكَ وَسَاكِتًا عَنْ الرُّجُوعِ وَعَدَمِهِ فِيمَا بَعْدَ إلَّا.
(قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا يَثْبُتْ تَعَدِّيهِ بِأَنْ تَلِفَتْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْقَابِضِ كَمَا لَا رُجُوعَ
إلَيْهِ (تَصَدَّقْت بِهِ عَلَيَّ، وَأَنْكَرْت) الصَّدَقَةَ وَقُلْت، بَلْ هُوَ وَدِيعَةٌ، أَوْ قَرْضٌ (فَالرَّسُولُ شَاهِدٌ) عَلَى قَوْلِ الْبَاعِثِ فَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ أَخْذَهُ بِلَا يَمِينٍ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ مَعَ شَهَادَةِ الرَّسُولِ، وَإِنْ شَهِدَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَخْذَهُ عَلَى أَنَّهُ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ بِيَمِينٍ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ الرَّسُولُ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ لَكِنْ بِيَمِينٍ (وَهَلْ) تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (مُطْلَقًا) كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ أَمْ لَا مَلِيئًا، أَوْ مَعْدُومًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) إنَّمَا يَكُونُ شَاهِدًا (إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ بِيَدِ الرَّسُولِ، وَهُوَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إسْقَاطِ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَلَيْهِ تَأَوَّلَهَا ابْنُ أَبِي زَيْدٍ (تَأْوِيلَانِ) يَتَّفِقَانِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَتِهِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى الرَّدِّ) لَهَا مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ، أَوْ وَارِثِهِ (عَلَى وَارِثِك) أَيُّهَا الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لِغَيْرِ يَدِ الْمُؤْتَمِنِ وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّهُ رَدَّهَا إلَيْك (أَوْ) عَلَى (الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَهُ عَلَى الدَّافِعِ لِعَدَمِ تَعَدِّي الْقَابِضِ فِي قَبْضِهَا، وَالدَّافِعِ فِي دَفْعِهَا.
(قَوْلُهُ شَاهِدٌ عَلَى قَوْلِ الْبَاعِثِ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ أَرْسَلَ ذَلِكَ وَدِيعَةً، أَوْ صَدَقَةً وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَهُ مُصَدِّقٌ عَلَى الْقَبْضِ (قَوْلُهُ لِتَمَسُّكِهِ بِالْأَصْلِ) أَيْ، وَهُوَ عَدَمُ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ الشَّيْءِ عَنْ مِلْكِ رَبِّهِ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ، وَالْأَصْلُ كَالشَّاهِدِ فَلَمَّا انْضَمَّ الْأَصْلُ لِلشَّاهِدِ صَارَ الْبَاعِثُ كَأَنَّ مَعَهُ شَاهِدَيْنِ فَلِذَلِكَ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ لَكِنْ بِيَمِينٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ كَالشَّاهِدِ الْوَاحِدِ فَلِذَا حَلَفَ مَعَهُ (قَوْلُهُ أَمْ لَا) بِأَنْ كَانَ بَاقِيًا بِيَدِ الرَّسُولِ، أَوْ لَيْسَ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَقَوْلُهُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا أَيْ كَانَ الْمَبْعُوثُ لَهُ الْمَالُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَزِيدَ وَسَوَاءً شَهِدَ لِلرَّسُولِ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) ، وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَعَدِّي الرَّسُولِ بِالدَّفْعِ لِلْمَبْعُوثِ لَهُ بِسَبَبِ إقْرَارِ رَبِّهَا أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ لِمَنْ ذَكَرَ فَشَهَادَتُهُ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ إنَّ تَأْوِيلَ الْإِطْلَاقِ هُوَ ظَاهِرُهَا، وَهُوَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ جَعَلَهُ شَاهِدًا، وَأَطْلَقَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ أَشْهَبُ شَاهِدًا، وَأَطْلَقَ فَقِيلَ بَيْنَهُمَا خِلَافٌ، وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ مِنْ جَعْلِهِ شَاهِدًا مُطْلَقًا، وَهُوَ تَأْوِيلُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا وِفَاقٌ فَكَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَالُ بَاقِيًا، أَوْ عُدِمَ وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَكَلَامُ أَشْهَبَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بَاقِيًا، وَالْمَبْعُوثُ لَهُ مُعْدَمٌ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ، وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَمَذْهَبُ سَحْنُونٍ التَّفْصِيلُ عَلَى نَحْوِ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَالُ بِيَدِهِ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ بِيَدِهِ كَوْنُهُ قَائِمًا سَوَاءً كَانَ بِيَدِهِ، أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ أَيْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِمًا، بَلْ عُدِمَ وَكَانَ الْمَبْعُوثُ لَهُ مَلِيئًا، أَوْ مُعْدَمًا وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ (وَقَوْلُهُ لَا عِنْدَ عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ الْمَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَبْعُوثَ لَهُ مُعْدَمٌ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ لَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُرْسَلَ إلَيْهِ حَيْثُ كَانَ مُعْدَمًا وَلَمْ يَكُنْ الْمَالُ مَوْجُودًا وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُ وَلَوْ كَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُقِرًّا بِالْقَبْضِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الرَّسُولُ أَخَذَ الْمَالَ وَتَوَاطَأَ مَعَ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُعْدَمِ فَإِقْرَارُ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُعْدَمِ بِالْقَبْضِ لَا يَنْفَعُهُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ بِخِلَافِ الْإِشْهَادِ عَلَى الْقَبْضِ فَإِنَّهُ يَنْفَعُهُ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) مَحِلُّهُمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمَالُ بَاقِيًا بِيَدِهِ وَلَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْمَبْعُوثُ إلَيْهِ مُعْدَمٌ فَيَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ عَلَى قَوْلِ الْمُرْسِلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ يَتَّفِقَانِ عِنْدَ وُجُودِ الْمَالِ بِعَيْنِهِ) أَيْ بِيَدِ الرَّسُولِ، أَوْ بِيَدِ الْمَبْعُوثِ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يُوجَدْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مَلِيئًا، أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ لِلرَّسُولِ عَلَى الدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ، وَالْخِلَافُ بَيْنَ التَّأْوِيلَيْنِ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَالُ غَيْرَ مَوْجُودٍ أَصْلًا وَكَانَ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ مُعْدَمًا وَلَا بَيِّنَةَ لِلرَّسُولِ بِالدَّفْعِ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّسُولِ عَلَى قَوْلِ الْمُرْسَلِ لَا عَلَى الثَّانِي.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ دَفَعَ لِغَيْرِ يَدِ الْمُؤْتَمِنِ) أَيْ وَمَنْ ادَّعَى الدَّفْعَ لِغَيْرِ مَنْ ائْتَمَنَهُ فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَمَّا قَصَّرَ بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ ضَمِنَ (قَوْلُهُ وَكَذَا دَعْوَى وَارِثِ الْمُودَعِ أَنَّهَا رَدَّهَا إلَيْك) أَيْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ كَمَا فِي ح عَنْ الْجَوَاهِرِ وَكَذَا إذَا ادَّعَى وَارِثُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ أَنَّ مُورَثَهُ دَفَعَهَا قَبْلَ مَوْتِهِ لِوَارِثِك يَا مُودِعُ فَالضَّمَانُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، وَأَمَّا إنْ ادَّعَى وَرَثَةُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُودِعِ، أَوْ عَلَى الْمُودِعِ أَنَّ مُورَثَهُمْ قَدْ رَدَّهَا لِلْمُودَعِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَمَا أَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذَا ادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَدَّهَا لَهُ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ، أَوْ ادَّعَى الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ عَلَى وَرَثَةِ الْمُودِعِ بِالْكَسْرِ أَنَّهُ رَدَّهَا لِمُوَرِّثِهِمْ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صَاحِبَ الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ إذَا كَانَتْ دَعْوَى الدَّفْعِ مِنْهَا لِلْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَهَا فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُدَّعِي سَوَاءً كَانَتْ الدَّعْوَةُ صَادِرَةً مِنْ ذِي الْيَدِ الْمُؤْتَمَنَةِ، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ عَلَى ذِي الْيَدِ الَّتِي ائْتَمَنَتْهُ، أَوْ عَلَى وَارِثِهِ وَفِيمَا عَدَا ذَلِكَ الضَّمَانُ.
(قَوْلُهُ، أَوْ عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ) عَطْفٌ
أَوْ لَمْ يُعْلَمْ إقْرَارُهُ فَيَضْمَنُ الرَّسُولُ وَلَا يَبْرَأُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَالَ فِيهَا وَمَنْ بُعِثَ مَعَهُ بِمَالٍ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ صَدَقَةً، أَوْ صِلَةً، أَوْ سَلَفًا، أَوْ ثَمَنَ مَبِيعٍ، أَوْ يَبْتَاعَ لَك بِهِ سِلْعَةً فَقَالَ قَدْ دَفَعْته إلَيْهِ، وَأَكْذَبَهُ الرَّجُلُ لَمْ يَبْرَأْ الرَّسُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ. انْتَهَى (كَعَلَيْك) أَيْ كَدَعْوَى الْمُودَعِ الرَّدَّ عَلَيْك يَا رَبَّهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (إنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا فَفِيهِ الْتِفَاتٌ مِنْ الْخِطَابِ (بَيِّنَةٌ بِهِ) أَيْ بِالْإِيدَاعِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ ضَمِيرَ لَهُ لِلْإِيدَاعِ أَيْضًا فَلَا الْتِفَاتَ (مَقْصُودَةٌ) أَيْ لِلتَّوَثُّقِ بِأَنْ يَقْصِدَ بِهَا أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُودِعِ بِذَلِكَ فَلَا تَكْفِي بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ وَلَا غَيْرُ مَقْصُودَةٍ وَلَا مَقْصُودَةٌ لِشَيْءٍ آخَرَ غَيْرِ مَا قَدَّمْنَا فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ (لَا) تُضْمَنُ (بِدَعْوَى التَّلَفِ) ، أَوْ الضَّيَاعِ بِلَا تَفْرِيطٍ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلتَّوَثُّقِ (أَوْ) دَعْوَى (عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ) أَيْ لَا يَضْمَنُ إذَا قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ تَلِفَتْ بِحَرْقٍ، أَوْ نَحْوِهِ، أَوْ ضَاعَتْ بِنَحْوِ سَرِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ ادَّعَى أَحَدَ أَمْرَيْنِ هُوَ مُصَدَّقٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَوْ مَعَ بَيِّنَةِ التَّوَثُّقِ (وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) دُونَ غَيْرِهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ (وَلَمْ يُفِدْهُ شَرْطُ نَفْيِهَا) أَيْ إنْ شَرَطَ عِنْدَ أَخْذِهَا أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الرَّدِّ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُقَوِّي التُّهْمَةَ فَلِرَبِّهَا تَحْلِيفُهُ (فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ) يَا رَبَّهَا، وَأَلْزَمْتَهُ الْغُرْمَ فِي دَعْوَاكَ التَّحْقِيقَ بِأَنْ جَزَمْت بِكَذِبِهِ، وَأَمَّا فِي الِاتِّهَامِ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ (وَلَا) ضَمَانَ عَلَى الرَّسُولِ (إنْ شَرَطَ) عَلَى رَبِّ الْمَالِ (الدَّفْعَ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ بِلَا بَيِّنَةٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى وَارِثِك أَيْ وَتُضْمَنُ الْوَدِيعَةُ بِدَعْوَى الرَّدِّ عَلَى الْمُرْسَلِ إلَيْهِ الْمُنْكِرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُودَعَ إذَا أَرْسَلَ الْوَدِيعَةَ مَعَ رَسُولِهِ إلَى رَبِّهَا بِإِذْنِهِ فَأَنْكَرَ رَبُّهَا وُصُولَهَا إلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِقَبْضِهَا مِنْ الرَّسُولِ فَإِنَّ الرَّسُولَ يَضْمَنُهَا لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ إقْرَارُهُ) أَيْ بِقَبْضِهَا مِنْ الرَّسُولِ لِمَوْتِهِ فَيَضْمَنُهَا الرَّسُولُ لِوَرَثَتِهِ لِتَفْرِيطِهِ بِعَدَمِ الْإِشْهَادِ وَمَحِلُّ ضَمَانِ الرَّسُولِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْمُودَعِ عَدَمَ الْإِشْهَادِ عَلَى دَفْعِهَا لِرَبِّهَا فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَالضَّمَانُ عَلَى الْمُودَعِ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ائْتَمَنَهُ عَلَى حِفْظِهَا لَا عَلَى رَدِّهَا (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ أَخْذُ وَرِقَّةٍ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِخَطِّهِ كَمَا يَقَعُ الْآنَ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ضَمِيرَ لَهُ لِلْإِيدَاعِ) أَيْ، وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّ ضَمِيرَ بِهِ لِلْإِيدَاعِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقْصِدَ) أَيْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ وَقَوْلُهُ أَنْ لَا تُقْبَلَ دَعْوَى الرَّدِّ أَيْ مِنْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَيُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُودِعِ بِذَلِكَ) أَيْ بِتِلْكَ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْفِي) أَيْ فِي الضَّمَانِ بَيِّنَةُ الِاسْتِرْعَاءِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ مَعَهَا دَعْوَى الرَّدِّ.
(قَوْلُهُ وَلَا مَقْصُودَةٌ لِشَيْءٍ آخَرَ) كَمَا لَوْ أَشْهَدَهَا خَوْفًا مِنْ مَوْتِ الْمُودَعِ لِيَأْخُذَهَا مِنْ تَرِكَتِهِ، أَوْ يَقُولُ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ أَخَافُ أَنْ تَدَّعِيَ أَنَّهَا سَلَفٌ فَأَشْهِدْ لِي بَيِّنَةً أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَأَشْهَدَهَا فَيُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ كَمَا إذَا تَبَرَّعَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ بِالْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَبْضِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ عَبْدُ بْنُ زَرْبٍ وَنَحْوُهُ لِابْنِ يُونُسَ لَا يَبْرَأُ إلَّا بِالْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ أَلْزَمَ نَفْسَهُ حُكْمَ الْإِشْهَادِ وَبِمَا قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عُلِمَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ بَعْدَ مَقْصُودَةٍ قَيْدًا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَهُوَ لِلتَّوَثُّقِ لَانَ الْمَقْصُودَةَ أَعَمُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الْمَقْصُودَةِ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ لِأَنَّهُ أَمِينٌ عَلَى حِفْظِهَا (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَغَرَقٍ، وَأَكْلِ فَأْرٍ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي أَتَلِفَتْ بِحَرْقٍ أَمْ رَدَدْتهَا، أَوْ لَا أَدْرِي هَلْ ضَاعَتْ بِسَرِقَةٍ أَمْ رَدَدْتهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهِمَا إنْ قَبَضَهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى أَمْرَيْنِ غَيْرَ مُصَدَّقٍ فِي أَحَدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَيَحْلِفُ مُطْلَقًا سَوَاءً كَانَ مُتَّهَمًا، أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ حُقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَمْ لَا فِي صُورَةِ مَا إذَا قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ تَلِفَتْ، أَوْ رَدَدْتهَا، أَوْ ضَاعَتْ، أَوْ رَدَدْتهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ.
(قَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ) قِيلَ هُوَ مَنْ يُشَارُ إلَيْهِ بِالتَّسَاهُلِ فِي الْوَدِيعَةِ وَقِيلَ هُوَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاحِ (قَوْلُهُ فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ) أَيْ وَكَذَا فِي صُورَةِ دَعْوَى عَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ وَقَوْلُهُ وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ أَيْ سَوَاءً حَقَّقَ رَبُّ الْوَدِيعَةِ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، أَوْ اتَّهَمَهُ (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ دُونَ غَيْرِ الْمُتَّهَمِ فَلَا يَحْلِفُ إذَا لَمْ تُحَقَّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إذَا حُقِّقَتْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ دَعْوَى التَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ وَدَعْوَاهُ عَدَمَ الْعِلْمِ بِالتَّلَفِ، أَوْ الضَّيَاعِ، وَأَمَّا فِي دَعْوَى الرَّدِّ فَقَطْ وَفِي قَوْلِهِ لَا أَدْرِي هَلْ تَلِفَتْ، أَوْ رَدَدْتهَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ مَقْصُودَةٌ لِلتَّوَثُّقِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا حُقِّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَمْ لَا (قَوْلُهُ حَلَفْتَ يَا رَبَّهَا، وَأَلْزَمْتَهُ الْغُرْمَ فِي دَعْوَاكَ التَّحْقِيقَ) فَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ فِي التَّحْقِيقِ صُدِّقَ الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا فِي الِاتِّهَامِ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ لَا تَنْقَلِبُ كَذَا لعج فَحَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى خُصُوصِ دَعْوَى التَّحْقِيقِ وَنَحْوِهِ قَوْلُ الْمَوَّاقِ لَمْ يَقُلْ ابْنُ يُونُسَ فِي الْمُتَّهَمِ إذَا نَكَلَ إلَّا عَدَمَ رَدِّ الْيَمِينِ وَاَلَّذِي فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ رَاشِدٍ، وَأَصْلُهُ لِلْبَيَانِ أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تَنَقَّلَتْ هُنَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَأَنَّهُمْ شَهِدُوا هُنَا.
مُرَاعَاةً لِلْأَمَانَةِ وَحِينَئِذٍ فَيُحْمَلُ الْمُصَنِّفُ هُنَا عَلَى يَمِينِ التُّهْمَةِ وَغَيْرِهَا اهـ.
بْن (قَوْلُهُ وَلَا إنْ شَرَطَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إنْ شَرَطَ الرَّسُولُ عَلَى الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ إذْ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِ هَذَا تَقْيِيدًا لِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْمُرْسَلِ إلَيْهِ
فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَيَحْلِفُ أَنَّهُ دَفَعَ فَهَذِهِ مُقَيِّدَةٌ لِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْمُرْسَلُ إلَيْهِ الْمُنْكِرُ فَلَوْ قَالَ هُنَاكَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الدَّفْعَ بِلَا بَيِّنَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(وَ) تُضْمَنُ (بِقَوْلِهِ) لِرَبِّهَا (تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي بَعْدَ مَنْعِهِ دَفْعَهَا) لَهُ وَلَوْ لِعُذْرِ إقَامَةٍ كَاشْتِغَالِهِ بِالتَّوَجُّهِ لِحَاجَةٍ وَلَوْ أَثْبَتَ الْعُذْرَ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ بَيَانِ تَلَفِهَا دَلِيلٌ عَلَى بَقَائِهَا إلَى أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ إنَّمَا عَلِمَ بِالتَّلَفِ بَعْدَ أَنْ لَقِيَهُ فَلَا يَضْمَنُ وَيَحْلِفُ إنْ اُتُّهِمَ (كَقَوْلِهِ) تَلِفَتْ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اللُّقِيِّ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ (بِلَا عُذْرٍ) ثَابِتٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا فَإِنْ كَانَ الِامْتِنَاعُ لِعُذْرٍ ثَابِتٍ لَمْ يَضْمَنُ (لَا) يَضْمَنُ (إنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ) أَقَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي، أَوْ بَعْدَهُ؟ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ أَمْ لَا؟ وَيَحْلِفُ الْمُتَّهَمُ (وَ) يَضْمَنُ (بِمَنْعِهَا) مِنْ الدَّفْعِ لِرَبِّهَا (حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ) فَضَاعَتْ (إنْ لَمْ تَكُنْ) عَلَيْهِ (بَيِّنَةٌ) بِالتَّوَثُّقِ عِنْدَ إيدَاعِهَا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ، وَالْمُرَادُ الْحَاكِمُ الَّذِي لَا يُخْشَى مِنْهُ (لَا إنْ قَالَ) عِنْدَ طَلَبِهَا مِنْهُ (ضَاعَتْ مِنْ) مُدَّةِ (سِنِينَ) ، وَأَوْلَى أَقَلُّ (وَكُنْت أَرْجُوهَا) فَلَا ضَمَانَ (وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا) بِالْبَلَدِ وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِضَيَاعِهَا (كَالْقِرَاضِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَى هُنَا أَيْ إنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فِي قَوْلِهِ تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي إلَخْ لَكِنْ بَعْدَ نَضُوضِ الْمَالِ وَطَلَب رَبُّهُ أَخْذَهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَامْتِنَاعُهُ مِنْ الْقَسَمِ، أَوْ مِنْ إحْضَارِ الْمَالِ لَا يُوجِبُ ضَمَانًا؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ لَهُ فِي مَنْعِهِ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْمُودَعِ بِالْفَتْحِ (الْأَخْذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ (لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا) ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ مِنْهَا بِقَدْرِ حَقِّهِ إنْ أَمِنَ الْعُقُوبَةَ، وَالرَّذِيلَةَ وَرَبُّهَا مُلَدٌّ، أَوْ مُنْكِرٌ، أَوْ ظَالِمٌ وَيَشْهَدُ لَهُ {فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ} [البقرة: 194] إلَخْ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَمَنْ قَدَرَ عَلَى شَيْئِهِ فَلَهُ أَخْذُهُ إلَخْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ الْعَيْنِ، وَالْمِثْلِ، وَالْقِيمَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ.
(وَلَا أُجْرَةُ حِفْظِهَا) ؛ لِأَنَّ حِفْظَهَا نَوْعٌ مِنْ الْجَاهِ، وَهُوَ لَا يُؤْخَذُ عَلَيْهِ أُجْرَةٌ كَالْقَرْضِ، وَالضَّمَانِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهَا، أَوْ يَجْرِ بِهَا عُرْفٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُنْكِرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ تَضْمِينِهِ، وَأَمَّا الْمُرْسِلُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْمُرْسَلِ إلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُشْهِدْ الرَّسُولَ عَلَى الدَّفْعِ.
(قَوْلُهُ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنَّ الْمُودِعَ لَقِيَ الْمُودَعُ يَوْمَ السَّبْتِ فَطَلَبَ مِنْهُ الْوَدِيعَةَ فَامْتَنَعَ الْمُودَعُ مِنْ دَفْعِهَا لِعُذْرٍ اعْتَذَرَ بِهِ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ إنَّهُ لَقِيَهُ فِي ثَانِي يَوْمٍ فَطَلَبَهَا مِنْهُ فَقَالَ لَهُ إنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي أَمْسِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَنْ بَيَانِ تَلَفِهَا) أَيْ حِينَ لَقِيَهُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَامْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ امْتَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ حِينَ الْمُلَاقَاةِ أَوَّلًا بِلَا عُذْرٍ ثَابِتٍ بِأَنْ امْتَنَعَ لِغَيْرِ عُذْرٍ بِالْكَلِمَةِ، أَوْ لِعُذْرٍ مُحْتَمَلٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّهَا تَلِفَتْ قَبْلَ اللِّقَاءِ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ كَانَ هُنَاكَ عُذْرٌ) أَيْ مَنَعَ مِنْ دَفْعِهَا لَهُ حِينَ لَقِيَهُ أَوَّلًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ) أَيْ مِنْ سَفَرِهِ وَيَدْفَعَهَا لَهُ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ حَتَّى تَأْتِيَ الْبَيِّنَةُ وَيَدْفَعَهَا لَهُ بِحَضْرَتِهَا، وَأَمَّا إذَا مَنَعَتْ الْمَرْأَةُ الْوَدِيعَةَ حَتَّى يَقْضِيَ زَوْجُهَا حَاجَتَهُ فَتَلِفَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهَا كَمَا فِي ح.
(قَوْلُهُ فَضَاعَتْ) أَيْ قَبْلَ حُضُورِ الْقَاضِي، أَوْ الْبَيِّنَةِ، وَإِنَّمَا ضَمِنَ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ فَلَا يَحْتَاجُ لِدَفْعِهَا لِرَبِّهَا بِحَضْرَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ الْبَيِّنَةِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُتَسَبِّبٌ فِي ضَيَاعِهَا بِحَبْسِهِ لَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الْوَدِيعَةِ فِيمَا ذَكَرَ الرَّهْنُ فَإِذَا طَلَبَ رَبُّهُ فَكَاكَهُ وَامْتَنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ دَفْعِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ فَتَلِفَ قَبْلَ إتْيَانِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَهُ بِبَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ) أَيْ إذَا حَبَسَهَا لِمَجِيءِ الْقَاضِي، أَوْ الْبَيِّنَةِ فَضَاعَتْ، أَوْ تَلِفَتْ قَبْلَ حُضُورِ مَنْ ذَكَرَ (قَوْلُهُ وَكُنْت أَرْجُوهَا) كَتَبَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْبَغِي إنْ ذَكَرَ هَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي نَفْيِ الضَّمَانِ، وَأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَضَمِنَ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رَبَّهَا يَقُولُ لَهُ لَوْ أَعْلَمْتنِي بِضَيَاعِهَا كُنْت أُفَتِّشُ عَلَيْهَا فَتَرْكُ إعْلَامِك لِي تَفْرِيطٌ مِنْك (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ أَحَدًا (قَوْلُهُ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ صَاحِبُهَا غَائِبًا، بَلْ وَلَوْ حَضَرَ صَاحِبُهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يَضْمَنُ إنْ كَانَ صَاحِبُهَا حَاضِرًا بِالْبَلَدِ؛ لِأَنَّ تَرْكَ إعْلَامِهِ بِضَيَاعِهَا دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِهِ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ فِي قَوْلِهِ وَبِقَوْلِهِ تَلِفَتْ إلَخْ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ إذَا طَلَبَهُ رَبُّهُ فَمَنَعَهُ مِنْهُ وَلَوْ لِعُذْرٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ ضَاعَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَانِي، أَوْ بَعْدَ أَنْ لَقِيتنِي إنْ مَنَعَهُ أَوَّلًا لِغَيْرِ عُذْرٍ ثَابِتٍ وَلَا ضَمَانَ إذَا تَلِفَتْ وَقَالَ لَا أَدْرِي مَتَى تَلِفَتْ وَضَمِنَ بِمَنْعِهِ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْحَاكِمُ إذَا كَانَ لَيْسَ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لِلتَّوَثُّقِ لَا إنْ قَالَ ضَاعَ مِنْ سِنِينَ وَكُنْت أَرْجُوهُ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ نُضُوضِ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَنْ ظَلَمَهُ بِمِثْلِهَا) أَيْ مَمْلُوكَةٌ لِمَنْ ظَلَمَهُ وَقَوْلُهُ بِمِثْلِهَا مُتَعَلِّقٌ بِظَلَمَهُ، وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَبَعْدَهَا مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ بِأَخْذِ مِثْلِهَا وَتَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهَا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمَنْ ظَلَمَهُ بِسَبَبِ أَخْذِ مِثْلِهَا أَيْ فِي الْقَدْرِ، وَالْجِنْسِ، وَالصِّفَةِ (قَوْلُهُ إنْ أَمِنَ الْعُقُوبَةَ) أَيْ إنْ أَمِنَ عَلَى نَفْسِهِ الْعُقُوبَةَ بِالضَّرْبِ فَمَا فَوْقَهُ مِنْ حَبْسٍ، أَوْ قَطْعٍ، أَوْ قَتْلٍ (قَوْلُهُ، وَالرَّذِيلَةُ) أَيْ كَأَنْ يُنْسَبَ لِلْخِيَانَةِ؛ لِأَنَّ حِفْظَ الْعِرْضِ وَاجِبٌ كَالنَّفْسِ (قَوْلُهُ وَيَشْهَدُ لَهُ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا خَبَرُ «أَدِّ الْأَمَانَةَ لِمَنْ ائْتَمَنَك، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَك» فَأَجَابَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَعْنَى وَلَا تَخُنْ إلَخْ أَيْ لَا تَأْخُذْ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّك فَتَكُونَ خَائِنًا، وَأَمَّا مَنْ أَخَذَ حَقَّهُ فَلَيْسَ بِخَائِنٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا أُجْرَةُ حِفْظِهَا) عَطْفٌ عَلَى الْأَخْذِ مِنْهَا أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أُجْرَةُ حِفْظِهَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حِفْظَهَا نَوْعٌ مِنْ الْجَاهِ) هَذَا يَقْتَضِي مَعَ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ لَوْ اُشْتُرِطَتْ، أَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ وَلَا وَجْهَ لَهُ إذْ الْمَذْهَبُ جَوَازُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِرَاسَةِ كَمَا قَالَ
(بِخِلَافِ مَحِلِّهَا) فَلَهُ أُجْرَتُهُ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَأْخُذُ (وَلِكُلٍّ) مِنْ رَبِّهَا، وَالْمُودَعِ (تَرْكُهَا) مَتَى شَاءَ لِرَبِّهَا أَخْذُهَا وَلِلْمُودَعِ رَدُّهَا لَهُ إلَّا لِعَارِضٍ فَيَحْرُمُ وَقَدْ يَجِبُ.
(وَإِنْ، أَوْدَعَ) شَخْصٌ (صَبِيًّا، أَوْ) ، أَوْدَعَ (سَفِيهًا) وَدِيعَةً (أَوْ أَقْرَضَهُ، أَوْ بَاعَهُ فَأُتْلِفَ) ، أَوْ عِيبَ (لَمْ يَضْمَنْ) الصَّبِيُّ، أَوْ السَّفِيهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّ رَبَّهَا هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ عَلَيْهَا (وَإِنْ) كَانَ قَبُولُهُ لِمَا ذُكِرَ (بِإِذْنِ أَهْلِهِ) مَا لَمْ يُنَصِّبْهُ وَلِيُّهُ فِي حَانُوتِهِ مَثَلًا فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَصَّبَهُ لِلْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ، وَالْأَخْذِ، وَالْعَطَاءِ فَقَدْ أَطْلَقَ لَهُ التَّصَرُّفَ.
(وَتَعَلَّقَتْ) الْوَدِيعَةُ (بِذِمَّةِ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ (عَاجِلًا) قَبْلَ عِتْقِهِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ ذَلِكَ عَنْهُ وَلَا تُؤْخَذُ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ إنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ (وَ) تَعَلَّقَتْ (بِذِمَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ (إذَا عَتَقَ) لَا بِرَقَبَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ جِنَايَةً فَلَا يُبَاعُ فِيهَا (إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ) عَنْهُ فَإِنْ أَسْقُطهُ عَنْهُ لَمْ يُتْبَعْ (وَإِنْ قَالَ) الْمُودَعُ بِالْفَتْحِ لِشَخْصَيْنِ تَنَازَعَاهَا (هِيَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيتُهُ تَحَالَفَا وَقُسِمَتْ بَيْنَهُمَا) كَمَا لَوْ نَكَلَا، فَإِنْ نَكَلَ أَحَدُهُمَا أَخَذَهَا الْحَالِفُ وَحْدَهُ (وَإِنْ، أَوْدَعَ اثْنَيْنِ) وَغَابَ وَتَنَازَعَا فِيمَنْ تَكُونُ عِنْدَهُ (جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) ، وَالضَّمَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ إنْ فَرَّطَ فَإِنْ كَانَ رَبُّهَا حَاضِرًا فَالْكَلَامُ لَهُ فَإِنْ تُسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ قُسِمْت بَيْنَهُمَا إنْ قَبِلَتْ الْقَسْمَ، وَإِلَّا فَالْقُرْعَةُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّمَا مُنِعَ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَى الْحِفْظِ؛ لِأَنَّ عَادَةَ النَّاسِ أَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ لِحِفْظِ الْوَدَائِعِ أُجْرَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْرِقَةَ الْمُصَنِّفِ بَيْنَ الْحِفْظِ، وَالْمَحَلِّ فِيمَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ أَخْذَ أُجْرَةِ الْمَحِلِّ دُونَ الْحِفْظِ وَلَوْ انْعَكَسَ الْعُرْفُ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، أَوْ اسْتَوَى الْعُرْفُ اسْتَوَى الْحُكْمُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَحِلِّهَا) أَيْ الْكَائِنَةِ فِيهِ فَقَطْ مِنْ الْمَنْزِلِ، أَوْ الْحَانُوتِ كَانَ مِلْكًا لِلْمُودَعِ، أَوْ بِالْكِرَاءِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ أَيْ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُودِعُ بِالْكَسْرِ عَدَمَهُ، أَوْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا) أَيْ مِنْ عِنْدِ الْمُودَعِ وِتْرُك الْإِيدَاعِ وَقَوْلُهُ رَدَّهَا لَهُ أَيْ بَعْدَ الْإِيدَاعِ، بَلْ لَهُ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَبِالْجُمْلَةِ أَنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهَا لَا لِمَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ وُجُوبٍ، أَوْ حُرْمَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ فَالْوُجُوبُ كَمَالٍ فِي يَدِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُ تَلِفَ وَكَمَا يَقَعُ فِي زَمَنِ النَّهْبِ مِنْ الْإِيدَاعِ عِنْدَ ذَوِي الْبُيُوتِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَالْحُرْمَةُ كَقَبُولِهَا مِنْ غَاصِبٍ لِيَحْفَظَهَا، ثُمَّ تُرَدُّ لَهُ لَا لِرَبِّهَا.
(قَوْلُهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ) أَيْ دَفَعَ لَهُ مَالًا يَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُسَلِّطُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ ذَكَرَ مِنْ الصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى إتْلَافِهَا أَيْ عَلَى إتْلَافِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمَبِيعِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ مَنْ ذَكَرَهُ مِنْ الصَّغِيرِ، وَالسَّفِيهِ وَقَوْلُهُ لِمَا ذُكِرَ أَيْ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمَبِيعِ وَقَوْلُهُ بِإِذْنِ أَهْلِهِ أَيْ فِي قَبُولِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ الْقِرَاضِ، أَوْ الشِّرَاءِ وَاَلَّذِي حَرَّرَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ رُجُوعُ الْمُبَالَغَةِ لِلْوَدِيعَةِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْمَوَّاقِ، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَى بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، أَوْ قَبِلَ الْقِرَاضَ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ، وَأَتْلَفَ الْقِرَاضَ، أَوْ مَا اشْتَرَى فَضَمَانُهُ مِنْ وَلِيِّهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ) أَيْ وَلِيُّهُ النَّاصِبُ لَهُ لَا الصَّبِيُّ مَا أَتْلَفَهُ مِمَّا اشْتَرَاهُ، أَوْ دَفَعَ لَهُ قِرَاضًا، أَوْ وَدِيعَةً وَمَحِلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ أَيْضًا فِي الْوَدِيعَةِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْمَبِيعِ مَا لَمْ يَصُنْ الصَّبِيُّ، أَوْ السَّفِيهُ مَالَهُ بِمَا أَخَذَهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ مَا أَتْلَفَهُ فِي الْمَالِ الَّذِي صَوْنُهُ بِهِ أَيْ إنَّهُ يَضْمَنُ الْقَدْرَ الَّذِي صَوْنُهُ فَقَطْ مِمَّا كَانَ يُنْفَقُ مِثْلُهُ عَادَةً وَلَا يُعْتَبَرُ زِيَادَةُ التَّرَفُّهِ عَلَى أَكْلِهِ، أَوْ لُبْسِهِ فَإِذَا تَلِفَ الْمَالُ الَّذِي صَوْنُهُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ اسْتَفَادَ غَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَتْ الْوَدِيعَةُ بِذِمَّةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ) أَيْ إذَا أَتْلَفَهَا (قَوْلُهُ فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، أَوْ مِمَّا يَطْرَأُ لَهُ مِنْ الْمَالِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْآنَ عِوَضُهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ ذَلِكَ عَنْهُ) أَيْ إسْقَاطُ عِوَضِهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ أُخِذَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَتَعَلَّقَتْ بِذِمَّةِ غَيْرِهِ) أَيْ إذَا أَتْلَفَهَا وَظَاهِرُهُ تَعَلُّقُهَا بِذِمَّةِ الْعَبْدِ، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي قَبُولِهَا وَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ لَا بِرَقَبَتِهِ) أَيْ بِحَيْثُ تُدْفَعُ رَقَبَتُهُ لِرَبِّ الْوَدِيعَةِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُسْقِطْهُ السَّيِّدُ) ذَكَرَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ عِوَضِ الْوَدِيعَةِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَعْنَاهَا، وَإِنَّمَا كَانَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُ عِوَضِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ، وَهُوَ يَعِيبُ الْعَبْدَ؛ لِأَنَّهُ يُنْقِصُ مِنْ ثَمَنِهِ إذَا أَرَادَ بَيْعَهُ؛ لِأَنَّ مُشْتَرِيَهُ يُرِيدُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَهُ وَلَهُ مَالٌ وَلَا وَارِثَ لَهُ اسْتَبَدَّ بِمَالِهِ وَلَا يَأْخُذُهُ غُرَمَاؤُهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ هِيَ لِأَحَدِكُمَا) أَشْعَرَ ذَلِكَ إنَّهُ حَيٌّ أَمَّا لَوْ مَاتَ وَقَالَ الْوَارِثُ لَا أَدْرِي هِيَ لِمَنْ مِنْكُمَا إلَّا أَنَّ أَبِي كَانَ يَذْكُرُ أَنَّهَا وَدِيعَةٌ فَالْحُكْمُ أَنَّهَا تُوقَفُ أَبَدًا حَتَّى يَسْتَحِقَّهَا وَاحِدٌ مِنْهُمَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا بِالْبَيِّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْمُودَعَ لَمْ يُعَيِّنْهُمَا وَلَا غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ تَحَالَفَا إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الدَّيْنِ إذَا قَالَ الْمَدِينُ هُوَ لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيَتُهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ كَذَا قَالَ عبق، وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَدِيعَةِ، وَالدَّيْنِ خِلَافًا وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الدَّيْنِ كَالْوَدِيعَةِ أَوْ عَكْسِهِ ثَالِثُهَا التَّفْرِقَةُ الْمَذْكُورَةُ؛ لِأَنَّهُ يُشَدَّدُ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ أَكْثَرَ مِنْ الْأَمَانَةِ وَلَوْ قَالَ لِمَنْ تَنَازَعَاهَا لِأَحَدِكُمَا وَنَسِيتُهُ، ثُمَّ قَالَ هِيَ لَيْسَتْ لِوَاحِدٍ مِنْكُمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَكَانَتْ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِهِمَا (قَوْلُهُ جُعِلَتْ بِيَدِ الْأَعْدَلِ) أَيْ جَعَلَهَا الْحَاكِمُ بِيَدِ الْأَعْدَلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ تُسَاوَيَا فِي الْعَدَالَةِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَهَلْ تُوضَعُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا كَالْوَصِيَّيْنِ، أَوْ تَبْقَى بِأَيْدِيهِمَا؟ خِلَافٌ، وَالْأَوَّلُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَالثَّانِي جَزَمَ بِهِ عِيَاضٌ وَنَقَلَهُ عَنْ سَحْنُونٍ اهـ.
بْن.