الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَتَوْكِيلِهِ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (أَوْ جُعْلٍ) بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ قَدْرَهُ أَوْ عَيَّنَهُ وَلَكِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُقُوعُهَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ (فَكَّهُمَا) فَفِي الْإِجَارَةِ تَلْزَمُهُمَا بِالْعَقْدِ وَفِي الْجَعَالَةِ تَلْزَمُ الْجَاعِلَ فَقَطْ بِالشُّرُوعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ وَقَعَتْ بِغَيْرِ عِوَضٍ (لَمْ تَلْزَمْ) وَهَذَا مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي (تَرَدُّدٌ) ثُمَّ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْ إنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّ مَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ قَبْلَ قَوْلِهِ
(يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ) أَيْ حَالَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ احْتِرَازًا مِنْ الصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالسَّفِيهِ، وَالْمُكْرَهِ فَلَا يَلْزَمُهُمْ إقْرَارٌ وَكَذَا السَّكْرَانُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ، وَالرَّقِيقُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، وَالْمُكَاتَبُ فَيَلْزَمُهُمْ لِعَدَمِ الْحَجْرِ وَكَذَا الْمَرِيضُ، وَالزَّوْجَةُ، وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهِمَا فِي زَائِدِ الثُّلُثِ فَمَخْصُوصٌ بِالتَّبَرُّعَاتِ (بِإِقْرَارِهِ) أَيْ اعْتِرَافِهِ (لِأَهْلٍ) أَيْ لِمُتَأَهِّلٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ كَتَوْكِيلِهِ عَلَى عَمَلٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ أَوْ عَمَلٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فِي زَمَانٍ مُعَيَّنٍ كَتَوْكِيلِهِ عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ سِلْعَةً فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ وَلَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ كَذَا بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ بَاعَ أَوْ لَا، وَأَمَّا تَعْيِينُ الْعَمَلِ وَالزَّمَانِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْإِجَارَةَ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى تَقَاضِي دَيْنِهِ) اعْلَمْ أَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى اقْتِضَاءِ الدَّيْنِ تَارَةً يَكُونُ إجَارَةً وَتَارَةً يَكُونُ جَعَالَةً فَفِي الْإِجَارَةِ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ الْقَدْرِ الْمُوَكَّلِ عَلَى اقْتِضَائِهِ وَأَنْ يُبَيِّنَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ لِيَعْلَمَ حِينَ الْعَقْدِ هَلْ هُوَ مُعْسِرٌ أَوْ مُوسِرٌ أَوْ مُمَاطِلٌ أَوْ لَا كَوَكَالَتِك عَلَى اقْتِضَاءِ كَذَا مِنْ فُلَانٍ وَلَك كَذَا أُجْرَةٌ، وَأَمَّا فِي الْجَعَالَةِ فَالْوَاجِبُ بَيَانُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا الْقَدْرُ أَوْ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وُقُوعُهَا بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بِلَفْظِهِمَا كَقَوْلِهِ آجَرْتُك بِكَذَا عَلَى أَنْ تَتَوَكَّلَ لِي عَلَى كَذَا أَوْ جَاعَلْتُكَ بِكَذَا عَلَى أَنْ تَتَوَكَّلَ لِي عَلَى كَذَا كَانَتْ مِنْهُمَا حَقِيقَةً فَيَصِيرُ التَّشْبِيهُ فِي قَوْلِهِ فَكَّهُمَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَشْبِيهِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ أَيْ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الْعَقْدَ وَقَعَ عَلَى صُورَةِ الْإِجَارَةِ بِأَنْ عَيَّنَ الزَّمَانَ أَوْ الْعَمَلَ أَوْ عَلَى صُورَةِ الْجَعَالَةِ بِأَنْ لَمْ يُعَيِّنْ الزَّمَانَ وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ وَلَمْ يَقُلْ أَوْ إنْ كَانَتْ إجَارَةً أَوْ جَعْلًا.
(قَوْلُهُ فَفِي الْإِجَارَةِ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْوَكَالَةِ إذَا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ تَلْزَمُ كُلًّا مِنْ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ وَفِي الْجَعَالَةِ أَيْ وَفِي الْوَكَالَةِ الْوَاقِعَةِ عَلَى وَجْهِ الْجَعَالَةِ لَا تَلْزَمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا قَبْلَ الشُّرُوعِ وَتَلْزَمُ الْجَاعِلَ وَهُوَ الْمُوَكِّلُ بِالشُّرُوعِ، وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ وَهُوَ الْوَكِيلُ فَلَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ مِنْ تَتِمَّةِ الْقَوْلِ الثَّانِي) أَيْ وَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَهَلْ تَلْزَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ فِي الْوَكَالَةِ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فِيهِ فَهِيَ لَازِمَةٌ مُطْلَقًا وَقَعَتْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ لَا إذَا قَاعَدَ الْوَكِيلُ الْخَصْمَ كَثَلَاثٍ وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ تَلْزَمْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مُطْلَقًا وَعَلَى الثَّانِي حَيْثُ لَمْ تَقَعْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعْلٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ بِيَمِينِهِ وَهَذَا أَحَدُ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ ذَكَرَهَا ح وَصَدَرَ بِهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَثَالِثُهَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُوَكِّلُ قَدْ أَقْبَضَهُ الثَّمَنَ وَإِلَّا فَذَلِكَ الشَّيْءُ لِلْمُوَكِّلِ
[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]
ِ اعْلَمْ أَنَّ الْإِقْرَارَ خَبَرٌ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا يُتَوَهَّمُ مِنْ إيجَابِهِ حُكْمًا عَلَى الْمُقِرِّ أَنَّهُ إنْشَاءٌ كَبِعْتُ، بَلْ هُوَ خَبَرٌ كَالدَّعْوَى، وَالشَّهَادَةِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ حُكْمُهُ قَاصِرًا عَلَى قَائِلِهِ فَهُوَ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يُقْصَرْ عَلَى قَائِلِهِ فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ فِيهِ نَفْعٌ، وَهُوَ الشَّهَادَةُ، أَوْ يَكُونَ، وَهُوَ الدَّعْوَى اهـ.
بْن (قَوْلُهُ، وَالسَّفِيهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الرَّقِيقُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا لَكِنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ، وَالْمُكْرَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا السَّكْرَانُ) أَيْ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا إلَّا أَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي الْمَالِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن وَشَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَكَمَا لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ لَا تَلْزَمُهُ سَائِرُ عُقُودِهِ مِنْ بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ، وَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ وَحَبْسٍ بِخِلَافِ جِنَايَاتِهِ فَإِنَّهَا تَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ) أَيْ فِي الْمُكَلَّفِ الْمُلْتَبِسِ بِعَدَمِ الْحَجْرِ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ فَيَصِحُّ إقْرَارُهُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ تَصَرُّفِ السَّفِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ الْحَجْرُ، وَأَمَّا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْمَانِعُ السَّفَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْمَرِيضُ، وَالزَّوْجَةُ) أَيْ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ مِنْهُمَا وَلَوْ بِأَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِهِمَا حَيْثُ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْرَ مُتَّهَمٍ عَلَيْهِ، وَإِلَّا مُنِعَ إقْرَارُهُمَا لَهُ وَلَوْ فِي الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ فَمَخْصُوصٌ بِالتَّبَرُّعَاتِ) أَيْ، وَالْإِقْرَارُ بِمَا فِي الذِّمَّةِ لَيْسَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ حَتَّى يُحْجَرَ عَلَيْهِ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ وَحِينَئِذٍ فَمَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُؤْخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ مَعْنَاهُ الْمَوْصُوفُ بِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ فَدَخَلَ فِي كَلَامِهِ مَنْ ذُكِرَ إذْ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْمَرِيضِ لَا يُحْجَرْ عَلَيْهِ فِي الْمُعَاوَضَاتِ، وَإِنْ حُجِرَ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ)
وَقَابِلٌ أَنْ يُمَلَّكَ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ كَالْحَمْلِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إصْلَاحٍ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ كَالْوَقْفِ، وَالْمَسْجِدِ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُمَا وَخَرَجَ عَنْ الْأَهْلِ نَحْوُ الدَّابَّةِ، وَالْحَجَرِ (لَمْ يُكَذِّبْهُ) نَعْتٌ لِأَهْلٍ أَيْ لِأَهْلٍ غَيْرِ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ تَحْقِيقًا نَحْوَ لَيْسَ لِي عَلَيْك شَيْءٌ، أَوْ احْتِمَالًا نَحْوَ لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ بَطَلَ الْإِقْرَارُ إنْ اسْتَمَرَّ التَّكْذِيبُ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ التَّكْذِيبُ مِنْ الرَّشِيدِ فَتَكْذِيبُ الصَّبِيِّ، وَالسَّفِيهِ لَغْوٌ (وَلَمْ يُتَّهَمْ) الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ لَا لِلْعَطْفِ لِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ إذْ فَاعِلُ يُكَذِّبُ يَعُودُ عَلَى أَهْلٍ وَفَاعِلُ يُتَّهَمُ يَعُودُ عَلَى الْمُقِرِّ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُ وَقَيْدُ عَدَمِ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْمَرِيضِ وَنَحْوِهِ، وَالصَّحِيحِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ الَّذِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ.
، ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ مَنْ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِمَنْ يُتَوَهَّمُ عَدَمُهُ بِقَوْلِهِ (كَالْعَبْدِ) أَيْ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ (فِي غَيْرِ الْمَالِ) كَجُرْحٍ، أَوْ قَتْلِ عَمْدٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا فِيهِ الْقِصَاصُ وَكَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ، وَأَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ وَلَوْ حُكْمًا كَالْمُكَاتَبِ فَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ لَا فِي غَلَّتِهِ وَرَقَبَتِهِ لِكَوْنِهِمَا لِلسَّيِّدِ وَمَا زَادَ عَنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ وَيَلْزَمُهُ الْقَطْعُ فِي السَّرِقَةِ وَيَدْفَعُ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَ قَائِمًا، أَوْ قِيمَتَهُ إنْ أَتْلَفَهُ وَكَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ، أَوْ فَلَا يَأْخُذُ مَا أَقَرَّ بِسَرِقَتِهِ الْمَسْرُوقَ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَلَوْ كَانَ قَائِمًا، بَلْ حَتَّى يُثْبِتَهُ، وَأَمَّا قَطْعُهُ فَيَلْزَمُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْمَالَ الْمُقَرَّ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا حَيْثُ لَمْ يَقُلْ بِإِقْرَارِهِ بِمَالٍ مَعْلُومٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَابِلٌ أَنْ يُمْلَكَ) أَيْ الشَّيْءُ الْمُقَرُّ بِهِ هَذَا إذَا كَانَ قَابِلًا لِمِلْكِهِ فِي الْحَالِ وَلَوْ كَانَ قَابِلًا لِمِلْكِهِ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ أَيْ الزَّمَانِ الْمُسْتَقْبَلِ بِالنِّسْبَةِ لِزَمَنِ الْإِقْرَارِ هَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُتَأَهِّلًا وَقَابِلًا لِلْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ ذَاتِهِ، بَلْ وَلَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ إصْلَاحٍ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ، أَوْ لِاسْتِحْقَاقِهِ (قَوْلُهُ كَالْحَمْلِ) أَيْ يُقِرُّ لَهُ بِأَنَّ لَهُ عِنْدَهُ شَيْئًا مِنْ مِيرَاثِ أَبِيهِ، أَوْ مِنْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ فَالْإِقْرَارُ بِذَلِكَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ قَابِلٌ لِمِلْكِ ذَلِكَ بِاعْتِبَارِ الْمَآلِ (قَوْلُهُ مِنْ إصْلَاحٍ) بَيَانٌ لِمَا يَتَعَلَّقُ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُمَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمَسْجِدَ قَابِلٌ لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ الْإِصْلَاحِ لِأَجْلِ بَقَاءِ عَيْنِهِ، وَالْوَقْفُ قَابِلٌ لِمِلْكِ الْمُقَرِّ بِهِ بِاعْتِبَارِ إصْلَاحِهِ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهُ الْغَلَّةَ، أَوْ لِأَجْلِ سُكْنَاهُمْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ عَنْ الْأَهْلِ نَحْوُ الدَّابَّةِ، وَالْحَجَرِ) أَيْ فَلَا يُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهُمَا، بَلْ هُوَ بَاطِلٌ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقِرَّ لِأَجْلِ إصْلَاحِ الْحَجَرِ فِي كَسَبِيلٍ، أَوْ لِعَلَفِ الدَّابَّةِ فِي جِهَادٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَيْ لِأَهْلِ غَيْرِ مُكَذِّبٍ لِلْمُقِرِّ فِي إقْرَارِهِ لَهُ) أَيْ، بَلْ مُصَدِّقٌ لَهُ، وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ تَصْدِيقُ الْمُقَرِّ لَهُ لِلْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَالُ الْغَيْرِ فِي مِلْكِ أَحَدٍ جَبْرًا فِيمَا عَدَا الْمِيرَاثَ (قَوْلُهُ إنْ اسْتَمَرَّ التَّكْذِيبُ) أَيْ فِيهِمَا فَإِنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الْأُولَى فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ فَهَلْ يَصِحُّ إقْرَارُهُ، أَوْ يَبْطُلُ قَوْلَانِ الثَّانِي مِنْهُمَا.
هُوَ الَّذِي فِي النَّوَادِرِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي عَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ كَلَامَهُ فِي ح اهـ.
بْن، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ إلَى تَصْدِيقِ الْمُقِرِّ فِي الثَّانِيَةِ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ عَقِبَ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ صَحَّ الْإِقْرَارُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِ الْمُقِرِّ بَعْدَ ذَلِكَ، وَأَوْلَى إنْ رَجَعَ الْمُقَرُّ لَهُ لِتَصْدِيقِ الْمُقِرِّ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْمُقِرِّ إنْكَارٌ (قَوْلُهُ لَغْوٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لَهُمَا، وَإِنْ كَذَّبَاهُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ الْمُقِرُّ فِي إقْرَارِهِ) أَيْ فَإِنْ اُتُّهِمَ بِإِقْرَارِهِ لِمُلَاطَفَةٍ وَنَحْوِهِ بَطَلَ (قَوْلُهُ، وَالْوَاوُ لِلْحَالِ) أَيْ وَصَاحِبُ الْحَالِ هُوَ الْمُكَلَّفُ (قَوْلُهُ، وَالْعَطْفُ يَقْتَضِي اتِّحَادَهُ) فِيهِ إنَّ هَذَا مُسَلَّمٌ فِي مُجَرَّدِ عَطْفِ الْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ عَطْفَ مُفْرَدَاتٍ نَحْوَ أَكْلُ وَشُرْبُ زَيْدٍ لَا فِي عَطْفِ الْجُمْلَةِ عَلَى الْجُمْلَةِ نَحْوِ ضَرَبَ زَيْدٌ وَقَامَ عَمْرٌو وَمَا.
هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِثْلُ حَامِلٍ مُقْرِبٍ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ، أَوْ قَطْعٍ (قَوْلُهُ، وَالصَّحِيحُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُفْلِسُ وَاعْتَرَضَهُ بْن بِأَنَّ إقْرَارَ الْمُفْلِسِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ لَازِمٌ يُتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ لَا يُحَاصَصُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ كَلَامُهُ مِنْ بُطْلَانِ الْإِقْرَارِ فَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الِاتِّهَامِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ فَقَطْ فَإِنْ أَقَرَّ الصَّحِيحُ لِمَنْ يُتَّهَمُ كَانَ إقْرَارُهُ لَهُ لَازِمًا.
(قَوْلُهُ بِمَنْ يَتَوَهَّمُ) أَيْ مُمَثِّلًا لِمَنْ يَتَوَهَّمُ عَدَمَ صِحَّةِ إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْمَالِ) أَيْ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ فِي الْمَالِ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لِسَيِّدِهِ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِلَا حَجْرٍ (قَوْلُهُ وَكَسَرِقَةٍ بِالنِّسْبَةِ أَيْ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ دُونَ الْمَالِ الْمَسْرُوقِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَتُهُ إنْ تَلِفَ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ) إنْ كَانَ قَائِمًا (قَوْلُهُ وَمَا زَادَ) أَيْ مِنْ الْمَالِ الْمُقَرِّ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَأْخُذُ إلَخْ) أَيْ، بَلْ هُوَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ حَتَّى يُثْبِتَهُ) أَيْ مُدَّعِيهِ بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءً أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، أَوْ ثَبَتَتْ بِبَيِّنَةٍ
(وَأَخْرَسَ) يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ كَمَا تَكْفِي إشَارَةُ النَّاطِقِ (وَمَرِيضٍ) مَرَضًا مَخُوفًا (إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ) بِنْتٌ، أَوْ ابْنٌ، أَوْ ابْنُهُ فَيَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ إنْ أَقَرَّ (لِأَبْعَدَ) كَعَمٍّ وَلَا مَفْهُومَ لِلْوَلَدِ فِي هَذَا الْفَرْعِ، بَلْ الشَّرْطُ أَنْ يَرِثَهُ أَقْرَبُ مَعَ وُجُودِ أَبْعَدَ كَأَخٍ مَعَ ابْنِ عَمٍّ وَكَابْنِ عَمٍّ قَرِيبٍ مَعَ بَعِيدٍ سَوَاءً اسْتَغْرَقَ الْأَقْرَبُ الْمِيرَاثَ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ بَعْدَهُ فَيُشْتَرَطُ الْوَلَدُ كَمَا فِي الْمُصَنِّفِ (أَوْ لِمُلَاطِفِهِ، أَوْ) أَقَرَّ (لِمَنْ) أَيْ لِقَرِيبٍ (لَمْ يَرِثْهُ) كَخَالٍ فَيَصِحُّ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ، وَأَمَّا لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا وَمَفْهُومُ مَرِيضٍ أَنَّ الصَّحِيحَ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِلَا قَيْدٍ (أَوْ) أَقَرَّ الْمَرِيضُ (لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) قَرِيبٍ، أَوْ مُلَاطِفٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ فَيَصِحُّ إنْ وَرِثَهُ وَلَدٌ وَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ مَا دَامَ مَجْهُولًا حَالُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ بِمَا تَبَيَّنَ وَقِيلَ يَصِحُّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ بِإِقْرَارِ السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ وَأَخْرَسَ) لَمَّا كَانَ يُتَوَهَّمُ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِكَوْنِهِ مَسْلُوبَ الْعِبَارَةِ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْهُ فَهُوَ تَمْثِيلٌ بِالْخَفِيِّ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ إقْرَارُهُ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ إشَارَةَ الْأَخْرَسِ تُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعِبَارَةِ فَلَوْ انْطَلَقَ لِسَانُهُ وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ رُجُوعُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ لَاعَنَ زَوْجَتَهُ بِالْإِشَارَةِ، ثُمَّ انْطَلَقَ لِسَانُهُ وَادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يُلَاعِنْ لَمْ يُعْتَبَرْ رُجُوعُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا يَكْفِي إشَارَةُ النَّاطِقِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَقِبَ قَوْلِهِ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ بِإِشَارَةِ نَاطِقٍ لَأَفَادَ ذَلِكَ وَسَلِمَ مِمَّا يَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُهُ هُنَا مِنْ أَنَّ إشَارَةَ النَّاطِقِ لَا تُعْتَبَرُ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ وَمَرِيضٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَقَرَّ إمَّا أَنْ يُقِرَّ لِوَارِثٍ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ، أَوْ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ أَصْلًا، أَوْ لِصِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ لَا يُدْرَى هَلْ هُوَ قَرِيبٌ، أَوْ مُلَاطِفٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ، أَوْ يُقِرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ صِدِّيقٍ فَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ قَرِيبٍ مَعَ وُجُودِ الْأَبْعَدِ، أَوْ الْمُسَاوِي كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ بَعِيدٍ كَانَ صَحِيحًا إنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ أَقْرَبُ مِنْهُ سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ حَائِزًا لِلْمَالِ أَمْ لَا وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْأَقْرَبُ وَلَدًا، وَإِنْ أَقَرَّ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ كَالْخَالِ، أَوْ لِصِدِّيقٍ مُلَاطِفٍ، أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ صَحَّ الْإِقْرَارُ إنْ كَانَ لِذَلِكَ الْمُقِرِّ وَلَدٌ، أَوْ وَلَدُ وَلَدٍ، وَإِلَّا فَلَا، وَأَمَّا لَوْ أَقَرَّ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ صِدِّيقٍ كَانَ الْإِقْرَارُ لَازِمًا كَانَ لَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ إنْ أَقَرَّ لِأَبْعَدَ) أَيْ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ (قَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ) أَيْ، وَهُوَ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِوَارِثٍ أَبْعَدَ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَعَ ابْنِ عَمٍّ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَوْلُهُ بَعِيدٍ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ لِلْمُقِرِّ وَلَدٌ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ بِلَا قَيْدٍ) أَيْ سَوَاءً أَقَرَّ لِوَارِثٍ بَعِيدٍ، أَوْ قَرِيبٍ، أَوْ لِمُلَاطِفٍ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ، أَوْ لِقَرِيبٍ غَيْرِ وَارِثٍ، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ غَيْرِ مُلَاطِفٍ سَوَاءً قَامَ الْمُقَرُّ لَهُ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ، أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الِاتِّهَامَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي إقْرَارِ الْمَرِيضِ وَلِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ فِي الْكَافِي وَكُلُّ مَنْ أَقَرَّ لِوَارِثٍ، أَوْ لِغَيْرِ وَارِثٍ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَالِ، أَوْ الدَّيْنِ، أَوْ الْبَرَاءَةِ، أَوْ قَبْضِ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ فَإِقْرَارُهُ عَلَيْهِ جَائِزٌ لَا تَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ أَيْ إدْخَالُ شَيْءٍ بِالْكَذِبِ، وَالْأَجْنَبِيُّ، وَالْوَارِثُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ وَكَذَا الْقَرِيبُ، وَالْبَعِيدُ، وَالْعَدُوُّ، وَالصِّدِّيقُ فِي الْإِقْرَارِ فِي الصِّحَّةِ سَوَاءٌ وَلَا يَحْتَاجُ مَنْ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ فِي الصِّحَّةِ بِبَيْعِ شَيْءٍ وَقَبْضِ ثَمَنِهِ إلَى مُعَايَنَةِ قَبْضِ الثَّمَنِ اهـ.
وَلَوْ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ بِالتَّوْلِيجِ فَلَا عِبْرَةَ بِهِ كَمَا فِي ح فَإِذَا قَامَ بَقِيَّةُ، أَوْلَادِ مَنْ مَرِضَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ فِي صِحَّتِهِ بِالْبَيْعِ لِبَعْضِ، أَوْلَادِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُمْ إنْ كَتَبَ الْمُوَثِّقُ أَنَّ الْأَبَ قَبَضَ مِنْ وَلَدِهِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكْتُبْ قِيلَ يَحْلِفُ الْوَلَدُ مُطْلَقًا وَقِيلَ لَا يَحْلِفُ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ اُتُّهِمَ الْأَبُ بِالْمَيْلِ لَهُ حُلِّفَ، وَإِلَّا فَلَا وَاقْتَصَرَ فِي التُّحْفَةِ عَلَى الْأَخِيرِ حَيْثُ قَالَ: وَمَعْ ثُبُوتِ مَيْلِ بَائِعٍ لِمَنْ مِنْهُ اشْتَرَى يَحْلِفُ فِي قَبْضِ الثَّمَنْ اهـ.
وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْكَافِي مِنْ أَنَّ إقْرَارَ الصَّحِيحِ عَلَى قَبْضِ أَثْمَانِ الْمَبِيعَاتِ جَائِزٌ وَلَا يَلْحَقُهُ فِيهِ تُهْمَةٌ وَلَا يُظَنُّ فِيهِ تَوْلِيجٌ لَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ يُظَنُّ بِهِ الْمَال، وَإِلَّا فَفِي عج وَغَيْرِهِ لَوْ أَقَرَّ أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ مَثَلًا وَعَلِمْنَاهُ أَنَّهُ لَا مَالَ لِلْوَلَدِ بِوَجْهٍ فَذَلِكَ تَرِكَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ حَتَّى يُجَوِّزَهُ لَهُ فَهُوَ تَوْلِيجٌ فَتَأَمَّلْ وَفِي بْن إذَا صَيَّرَ الْأَبُ لِابْنِهِ دُورًا، أَوْ عَرُوضًا فِي دَيْنٍ أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنْ كَانَ يُعْرَفُ سَبَبُ ذَلِكَ الدَّيْنِ بِأَنْ بَاعَ لَهُ شَيْئًا، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا جَازَ ذَلِكَ التَّصْيِيرُ كَانَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ جَرَى عَلَى تَفْصِيلِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي الصِّحَّةِ كَانَ مَاضِيًا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَبِهِ الْعَمَلُ كَمَا فِي الْمُتَيْطِيِّ وَقِيلَ إنَّهُ غَيْرُ نَافِذٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْمَدَنِيِّينَ (قَوْلُهُ، أَوْ لِمَجْهُولٍ حَالُهُ) كَقَوْلِهِ لِعَلِيٍّ، أَوْ لِعَمْرٍو الَّذِي بِمَكَّةَ عِنْدِي كَذَا وَلَمْ يُعْلَمْ حَالُهُ أَصَدِيقٌ مُلَاطِفٌ، أَوْ قَرِيبٌ، أَوْ أَجْنَبِيٌّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِذَلِكَ الْمَرِيضِ الْمُقِرِّ وَلَدٌ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ) أَيْ، وَإِلَّا يَدُمْ جَهْلُ الْحَالِ، بَلْ تَبَيَّنَ عُمِلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَصِحُّ) أَيْ
وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا (كَزَوْجٍ) مَرِيضٍ أَقَرَّ لِزَوْجَتِهِ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ، أَوْ أَنَّهُ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْهَا إذَا (عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا) فَيُؤَاخَذُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ وَلَدٌ، أَوْ انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَذَا إقْرَارُهَا، وَهِيَ مَرِيضَةٌ لَهُ بِمَا مَرَّ مَعَ عِلْمِ بُغْضِهَا لَهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ فَيَصِحُّ مُطْلَقًا (أَوْ جُهِلَ) حَالُ الزَّوْجِ مَعَهَا مِنْ حُبٍّ، أَوْ بُغْضٍ (وَ) قَدْ (وَرِثَهُ) حَالَ جَهْلِ الْحَالِ (ابْنٌ) وَاحِدٌ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا صَغِيرًا، أَوْ كَبِيرًا (أَوْ بَنُونَ) مُتَعَدِّدُونَ كَذَلِكَ فَيُؤَاخَذُ بِإِقْرَارِهِ لَهَا (إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ) الزَّوْجَةُ الَّتِي جُهِلَ حَالُهُ مَعَهَا (الصَّغِيرُ) فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا وَسَوَاءً كَانَ مَعَهُ كَبِيرٌ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ لَا فَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ رَاجِعٌ لَهُمَا لَا لِلْمُتَعَدِّدِ فَقَطْ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ وَمِثْلُ الِانْفِرَادِ بِالصَّغِيرِ الذَّكَرِ الِانْفِرَادُ بِالصَّغِيرَةِ (وَ) فِي جَوَازِ إقْرَارِهِ لَهَا (مَعَ) وُجُودِ (الْإِنَاثِ) الْكِبَارِ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ الصِّغَارِ مِنْ غَيْرِهَا (وَالْعَصَبَةُ) نَظَرًا إلَى أَنَّهَا أَبْعَدُ مِنْ الْبِنْتِ وَمَنْعُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ (قَوْلَانِ) فَإِنْ انْفَرَدَتْ بِالصِّغَارِ مُنِعَ قَطْعًا، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ فُرُوعًا بِقَوْلِهِ (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ الْمَرِيضِ (لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ) وَمَعَ وُجُودِ بَارٍّ وَلَوْ اخْتَلَفَا ذُكُورَةً وَأُنُوثَةً فَقِيلَ يَصِحُّ نَظَرًا لِعُقُوقِهِ وَقِيلَ لَا.
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقِيلَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقِرِّ وَلَدٌ كَانَ الْمَالُ الْمُقَرُّ بِهِ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ الْمَالُ يَسِيرًا) أَيْ وَقِيلَ يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لِمَجْهُولِ الْحَالِ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمُقَرُّ لَهُ بِهِ يَسِيرًا لَا إنْ كَانَ كَثِيرًا، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقِرِّ الْمَرِيضِ وَلَدٌ (قَوْلُهُ كَزَوْجٍ) مِنْ فُرُوعِ إقْرَارِ الزَّوْجِ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَحْتَ يَدِهَا مِلْكٌ فَإِنْ كَانَ مَرِيضًا جَرَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي الزَّوْجَةِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا كَانَ إقْرَارُهُ لَازِمًا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ كَوْنِهِ عَلِمَ بُغْضَهَا، أَوْ لَا وَلِلْوَارِثِ تَحْلِيفُهَا إنْ ادَّعَى تَجَدُّدَ شَيْءٍ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ إذَا عُلِمَ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ مِيلُهُ لَهَا كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا، وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَرَثَةُ كَانَ أَبْتِدَاءَ عَطِيَّةٍ مِنْهُمْ لَهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالنَّاصِرِ وَغَيْرِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ الْحَاجِبِ الْقَائِلِ مَحَلُّ صِحَّةِ إقْرَارِ الزَّوْجِ الْمَرِيضِ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا إذَا لَمْ تَنْفَرِدْ بِالصَّغِيرِ، وَإِلَّا كَانَ بَاطِلًا لِلتُّهْمَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ) هَذَا مُحْتَرَزُ تَقْيِيدِ الزَّوْجِ بِالْمَرِيضِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا، أَوْ عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا انْفَرَدَتْ بِالصَّغِيرِ أَوْ لَا، وَرِثَهُ ابْنٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ، أَوْ جُهِلَ حَالُ الزَّوْجِ) أَيْ الْمَرِيضِ (قَوْلُهُ وَوَرِثَهُ ابْنٌ) هَذَا شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهَا إذَا جُهِلَ حَالُهُ فَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرِثْهُ ابْنٌ وَلَا بَنُونَ بِأَنْ كَانَ لَا، أَوْلَادَ لَهُ أَصْلًا كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَاحِدٌ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا إلَخْ) أَيْ فَصُوَرُ الِابْنِ أَرْبَعٌ (قَوْلُهُ، أَوْ بَنُونَ) أَيْ وَرِثَهُ بَنُونَ ذُكُورٌ وَحْدَهُمْ، أَوْ مَعَ الْإِنَاثِ، وَأَمَّا إنْ وَرِثَهُ إنَاثٌ فَقَطْ فَهُوَ قَوْلُهُ وَمَعَ الْإِنَاثِ، وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ يَشْمَلُ بَيْتَ الْمَالِ وَغَيْرَهُ كَذَا قَرَّرَ طفى وح فَقَوْلُهُ، أَوْ بَنُونَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانُوا ذُكُورًا فَقَطْ، أَوْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا سَوَاءً كَانُوا كُلُّهُمْ صِغَارًا، أَوْ كِبَارًا، أَوْ بَعْضُهُمْ صِغَارًا وَبَعْضُهُمْ كِبَارًا كَانَ الْجَمِيعُ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَوْ الْبَعْضُ مِنْهَا، وَالْبَعْضُ مِنْ غَيْرِهَا فَهَذِهِ ثَمَانِي عَشْرَةَ صُورَةً دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ، أَوْ بَنُونَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ إلَخْ) جَعَلَهُ عج اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ وَرِثَهُ بَنُونَ فَقَطْ وَنَصُّهُ إنَّمَا أَتَى بِقَوْلِهِ، أَوْ بَنُونَ لِيَسْتَثْنِيَ مِنْهُ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ لَهُ وَلَدًا صَغِيرًا مِنْهَا، وَأَقَرَّ لَهَا كَانَ الْإِقْرَارُ صَحِيحًا وَجَعَلَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ اسْتِثْنَاءً مِنْ قَوْلِهِ وَوَرِثَهُ ابْنٌ، أَوْ بَنُونَ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْإِقْرَارُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بَاطِلًا فَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا.
هُوَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَا ذَكَرَهُ عج غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَالْحَقُّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ اللَّقَانِيُّ وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِقَوْلِهِ، أَوْ بَنُونَ فَقَطْ إذْ لَا وَجْهَ لِلتَّفْرِقَةِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ بِانْفِرَادِهَا بِالصَّغِيرِ أَنْ يُقْصَرَ جِنْسُ الْوَلَدِ الصَّغِيرِ عَلَيْهَا سَوَاءً كَانَ وَاحِدًا، أَوْ مُتَعَدِّدًا سَوَاءً كَانَ لَهَا وَلَدٌ كَبِيرٌ أَيْضًا، أَوْ لَا، كَانَ ذَلِكَ الصَّغِيرُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ غَيْرُهَا فَأَلِ فِي الصَّغِيرِ لِلْجِنْسِ.
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لَهُمَا) أَيْ لِلِابْنِ، وَالْبَنُونَ فَبِرُجُوعِهِ لِلِابْنِ تَخْرُجُ صُورَةٌ مِنْ صُوَرِهِ الْأَرْبَعِ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الِابْنُ صَغِيرًا مِنْهَا وَبِرُجُوعِهِ لِلْبَنِينَ يَخْرُجُ مَا إذَا كَانَ، أَوْلَادُهُ كُلُّهُمْ صِغَارًا مِنْهَا، أَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ صَغِيرًا، وَالْبَعْضُ كَبِيرًا، أَوْ الصِّغَارُ مِنْهَا، وَالْكِبَارُ مِنْ غَيْرِهَا فَقَطْ، أَوْ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا وَسَوَاءً كَانَ الْجَمِيعُ ذُكُورًا، أَوْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا فَهَذِهِ سِتُّ صُوَرٍ تَخْرُجُ مِنْ صُوَرِ الْبَنِينَ الثَّمَانِيَةَ عَشْرَةَ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَالْإِقْرَارُ فِيهَا بَاطِلٌ (قَوْلُهُ قَالَ الزَّرْقَانِيُّ) الْمُرَادُ بِهِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ الِانْفِرَادُ بِالصَّغِيرَةِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ أَيْ بِالْوَلَدِ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِابْنَ الصَّغِيرَ (قَوْلُهُ وَفِي جَوَازِ إقْرَارِهِ) أَيْ مَجْهُولِ الْحَالِ (قَوْلُهُ، وَالْعَصَبَةُ) الْمُرَادُ جِنْسُ الْعَصَبَةِ أَيْ غَيْرُ الِابْنِ بِدَلِيلِ تَقَدُّمِهِ فِي قَوْلِهِ إنْ وَرِثَهُ ابْنٌ وَمَفْهُومُ الْعَصَبَةِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهَا مَعَ الْإِنَاثِ فَقَطْ سَوَاءً كَانَتْ بِنْتًا، أَوْ بَنَاتٍ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرَةِ فَالْإِنَاثُ كَالذُّكُورِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ جُهِلَ وَوَرِثَهُ وَلَدٌ، أَوْ، أَوْلَادٌ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالصَّغِيرِ كَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدَتْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ وَرِثَهُ مَعَ الْعَصَبَةِ إنَاثٌ صِغَارٌ مِنْهَا لَمْ يَصِحَّ إقْرَارُهُ لَهَا اتِّفَاقًا سَوَاءً كَانَتْ الْكِبَارُ مِنْهَا وَمِنْ غَيْرِهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِعُقُوقِهِ) أَيْ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لِأَبْعَدَ مَعَ وُجُودِ أَقْرَبَ.
نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ (أَوْ) إقْرَارُهُ (لِأُمِّهِ) أَيْ أُمِّ الْعَاقِّ قِيلَ يَصِحُّ نَظَرًا لِمُسَاوَاةِ وَلَدِهَا لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ نَظَرًا إلَى أَنَّ وُجُودَ الْعَاقِّ كَالْعَدَمِ فَكَأَنَّهُ أَقَرَّ لَهَا وَلَيْسَ لَهَا وَلَدٌ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ جُهِلَ بُغْضُهُ لَهَا فَهَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ إقْرَارِهِ لَهَا مَعَ جَهْلِ بُغْضِهِ لَهَا إذَا كَانَ لَهُ ابْنٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ عَاقًّا فَفِيهِ قَوْلَانِ لَكِنَّ الْخِلَافَ فِي الزَّوْجَةِ مَعَ الْعَاقِّ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ أُمَّهُ فَلَوْ قَالَ، أَوْ لِزَوْجَةٍ مَعَهُ كَانَ أَشْمَلَ (أَوْ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ) بَعْضُهُ (أَبْعَدُ وَ) بَعْضُهُ (أَقْرَبُ) مِمَّنْ أَقَرَّ لَهُ كَأُخْتٍ مَعَ وُجُودِ أُمٍّ وَعَمٍّ فَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهَا نَظَرًا لِكَوْنِ الْعَمِّ أَبْعَدَ مِنْهَا وَقِيلَ يَصِحُّ نَظَرًا لِكَوْنِ الْأُمِّ أَقْرَبَ مِنْهَا وَكَذَا إقْرَارُهُ لِأُمٍّ مَعَ وُجُودِ بِنْتٍ، وَأَخٍ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا فِيمَا إذَا كَانَ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَقْرَبَ وَمُسَاوِيًا كَإِقْرَارِهِ لِأَحَدِ أَخَوَيْهِ مَعَ وُجُودِ أُمِّهِ (لَا الْمُسَاوِي) فَقَطْ فَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهُ مَعَ مُسَاوِيهِ كَأَحَدِ الْأَخَوَيْنِ، أَوْ الِابْنَيْنِ (وَ) لَا (الْأَقْرَبُ) كَأُمٍّ مَعَ وُجُودِ أُخْتٍ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لَهَا بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُسَاوِي، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَتْمِيمًا لِلْأَقْسَامِ وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ قَوْلُهُ (كَأَخِّرْنِي سَنَةً، وَأَنَا أُقِرُّ) بِمَا تَدْعِيهِ عَلَيَّ فَلَا يَكُونُ إقْرَارًا أَخَّرَهُ، أَوْ لَا (وَرَجَعَ) الْمُدَّعِي (لِلْخُصُومَةِ) الْآنَ، أَوْ بَعْدَ السَّنَةِ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ مَا أَرَادَ بِمَا صَدَرَ مِنْهُ الْإِقْرَارَ.
(وَلَزِمَ) الْإِقْرَارُ (لِحَمْلٍ إنْ وُطِئَتْ) أُمُّ هَذَا الْحَمْلِ بِأَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا بِحَيْثُ يُنْسَبُ الْوَلَدُ لَهُ بِأَنْ لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ عَنْهَا مِنْ غَيْبَةٍ، أَوْ سِجْنٍ (وَوُضِعَ) الْحَمْلُ (لِأَقَلِّهِ) أَيْ لِدُونِ أَقَلِّهِ أَيْ الْحَمْلُ يَعْنِي وَضَعَتْهُ حَيًّا كَامِلًا فِي مُدَّةٍ أَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ بِأَنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ يَوْمٍ، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ شَهْرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ نَقْصٌ كُلَّ شَهْرٍ وَلَوْ جَاءَ بَعْضُهَا كَامِلًا فِي الْوَاقِعِ فَيَسْتَحِقُّ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ لِلْعِلْمِ بِوُجُودِهِ حَالَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ وَضَعَتْهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ لَهُ الْمُقَرُّ بِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ، وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَ خَفِيًّا، وَإِلَّا فَقَدْ يَكُونُ حَالَ الْإِقْرَارِ ظَاهِرًا ظُهُورًا لَا خَفَاءَ بِهِ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ وَضْعُهُ أَكْثَرَ مِنْ سِتَّةٍ فَيَلْزَمُ الْإِقْرَارُ مُطْلَقًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ تُوطَأْ أَيْ لَمْ يَكُنْ مُرْسَلًا عَلَيْهَا لِغَيْبَةٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ سِجْنٍ حَالَ الْإِقْرَارِ (فَلِأَكْثَرِهِ) أَيْ فَالْإِقْرَارُ لَازِمٌ لِمَنْ وَضَعَتْهُ لِأَكْثَرِ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ الْإِرْسَالِ عَلَيْهَا، وَهُوَ تَارَةً يَكُونُ يَوْمَ الْإِقْرَارِ وَتَارَةً يَكُونُ قَبْلَهُ بِقَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ فَإِنْ نَزَلَ الْحَمْلُ مَيِّتًا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ الْمُقَرُّ شَيْئًا بَطَلَ الْإِقْرَارُ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِ قَصَدَ الْهِبَةَ، وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِنْ دَيْنِ أَبِيهِ، أَوْ وَدِيعَتِهِ كَانَ لِمَنْ يَرِثُ أَبَاهُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ نَظَرًا لِمُسَاوَاتِهِ لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ) أَيْ، وَالْإِقْرَارُ لِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ الْوَارِثَيْنِ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ نَظَرًا لِمُسَاوَاةِ وَلَدِهَا لِغَيْرِهِ فِي الْوَلَدِيَّةِ) أَيْ فَقَدْ وُجِدَ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ لَهَا، وَهُوَ إرْثُ ابْنٍ (قَوْلُهُ، أَوْ؛ لِأَنَّ إلَخْ) أَيْ، أَوْ أَقَرَّ لِشَخْصٍ مَقُولٍ فِي شَأْنِهِ إنَّ مَنْ لَمْ يُقِرَّ لَهُ أَبْعَدُ مِنْهُ، وَأَقْرَبُ مِنْهُ فَهُوَ عَطْفٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى قَوْلِهِ لِلْوَلَدِ الْعَاقِّ، أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى كَإِقْرَارِهِ لِلْوَلَدِ، أَوْ لِلْمُتَوَسِّطِ قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَا الْأَقْرَبُ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ لَا إلَى أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ لَا أَنَّهَا عَلَى حَالِهَا، وَأَنَّ الْمَعْنَى لَا إنْ كَانَ مَنْ لَمْ يُقَرَّ لَهُ مُسَاوِيًا وَأَقْرَبَ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَيَجْرِي الْخِلَافُ أَيْضًا إلَخْ إذْ عَدَمُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَحَدُ قَوْلَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ فَالِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى مَا يَنْبَغِي عَلَى أَنَّ بَعْضَهُمْ اعْتَمَدَ صِحَّةَ الِاقْتِصَارِ (قَوْلُهُ كَأَخِّرْنِي سَنَةً) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إقْرَارُ الْمَرِيضِ لِلْمُسَاوِي، أَوْ الْأَقْرَبِ لَا يَلْزَمُ أَيْضًا إذَا وَعَدَ بِالْإِقْرَارِ إنْ أَخَّرَهُ، وَأَخَّرَهُ هَذَا وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ غَازِي عَنْ الِاسْتِغْنَاءِ هُوَ التَّعْبِيرُ بِالْمَاضِي كَأَنْ يَقُولَ إنْ أَخَّرْتنِي لِسَنَةٍ أَقْرَرْت لَك بِمَا تَدْعِيهِ عَلَيَّ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِهِ لَفُهِمَ عَدَمُ اللُّزُومِ فِي الْمُضَارِعِ بِالْأَوْلَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَرَجَعَ) أَيْ، وَإِذَا رَجَعَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ وَلَزِمَ حَمْلٌ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ لِحَمْلٍ بِأَنْ قَالَ فِي ذِمَّتِي كَذَا لِحَمْلِ فُلَانَةَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأُمِّ الْحَمْلِ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا حِينَ الْإِقْرَارِ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَ لَهَا زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا حِينَ الْإِقْرَارِ لَزِمَ الْإِقْرَارُ لِلْمُقَرِّ إنْ وَلَدَتْهُ حَيًّا لِدُونِ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ يَوْمَ الْإِقْرَارِ، وَإِنْ وَلَدَتْهُ لِأَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ، وَأَوْلَى لِأَكْثَرَ مِنْ أَقَلِّ أَمَدِهِ كَانَ الْإِقْرَارُ بَاطِلًا لِاحْتِمَالِ وُجُودِهِ بَعْدَ الْإِقْرَارِ وَعَدَمُ وُجُودِهِ حِينَئِذٍ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْحَمْلُ حِينَ الْإِقْرَارِ خَفِيًّا فَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا حِينَهُ لَزِمَ الْإِقْرَارُ وَلَوْ أَتَتْ بِهِ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ أُمُّ الْحَمْلِ لَيْسَ لَهَا حِينَ الْإِقْرَارِ زَوْجٌ، أَوْ سَيِّدٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا كَانَ الْإِقْرَارُ لَازِمًا إنْ وَلَدَتْهُ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ فَدُونَ مِنْ يَوْمِ انْقِطَاعِ الِاسْتِرْسَالِ عَلَيْهَا فَإِنْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ أَكْثَرَ أَمَدِ الْحَمْلِ بَطَلَ الْإِقْرَارُ.
(قَوْلُهُ إنْ وُطِئَتْ) أَيْ إنْ كَانَ وَطْؤُهَا مُمْكِنًا وَقَوْلُهُ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا الْمُرَادُ أَنَّهُ لَيْسَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ وَطْئِهَا بِأَنْ كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ مَسْجُونٍ (قَوْلُهُ لِدُونِ أَقَلِّهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا، وَالْأَصْلُ وَوُضِعَ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّهِ، أَوْ لِدُونِ أَقَلِّهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ فَأَكْثَرَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ سِتَّةُ أَشْهُرٍ فَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِهِ، وَذَلِكَ كَسِتَّةِ أَشْهُرٍ إلَّا أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، أَوْ إلَّا ثَلَاثَةً، أَوْ إلَّا يَوْمَيْنِ، أَوْ سِتَّةٌ كَوَامِلُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلِأَكْثَرِهِ) أَيْ، وَهُوَ أَرْبَعُ سِنِينَ عَلَى الْمَنْصُوصِ هُنَا فَإِنْ جَاوَزَ الْأَكْثَرَ لَمْ يَلْزَمْهُ اهـ.
خش وَاَلَّذِي فِي عبق أَنَّ الْخِلَافَ فِي أَكْثَرِهِ مِنْ كَوْنِهِ أَرْبَعًا، أَوْ خَمْسًا مِنْ السِّنِينَ جَارٍ هُنَا (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمٍ) أَيْ، وَالْأَكْثَرُ مُعْتَبَرٌ مِنْ يَوْمٍ إلَخْ.
(وَسَوَّى) فِي قَسْمِ الْمُقَرِّ بِهِ (بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى (إلَّا لِبَيَانِ الْفَضْلِ) مِنْ الْمُقِرِّ بِأَنْ يَقُولَ أَعْطُوا الذَّكَرَ مِثْلَيْ الْأُنْثَى، أَوْ عَكْسَهُ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ هُوَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا وَتَرِثُ الْأُمُّ مِنْهُ حِينَئِذٍ الثُّمُنَ، وَأَشَارَ لِصِيغَتِهِ، وَهِيَ أَحَدُ أَرْكَانِهِ الْأَرْبَعَةِ بِقَوْلِهِ (بِعَلَيَّ، أَوْ فِي ذِمَّتِي، أَوْ عِنْدِي، أَوْ أَخَذْت مِنْك وَلَوْ زَادَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ) زَادَ إنْ (قَضَى) اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ عَلِمْنَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى شَاءَ، أَوْ قَضَى؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ لَا يُفِيدُ فِي غَيْرِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَوْ شَاءَ (أَوْ) يَقُولُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي بِشَيْءِ أَنْت (وَهَبْته لِي، أَوْ بِعْته) فَإِقْرَارٌ مِنْهُ وَعَلَيْهِ إثْبَاتُ الْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ، أَوْ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ حَلَفَ الْمُدَّعِي فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ مَا بَاعَ اتِّفَاقًا وَفِي حَلِفِهِ فِي الْهِبَةِ خِلَافٌ (أَوْ) قَالَ (وَفَّيْته) لَك أَيُّهَا الْمُدَّعِي فَإِنَّهُ إقْرَارٌ وَعَلَيْهِ الْبَيَانُ بِالْوَفَاءِ (أَوْ) قَالَ لِشَخْصٍ (أَقْرَضْتنِي) كَذَا فَإِقْرَارٌ مِنْهُ بِمُجَرَّدِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (أَمَا أَقْرَضْتنِي) مِائَةً (أَوْ أَلَمْ تُقْرِضْنِي) أَلْفًا مَثَلًا فَإِقْرَارٌ إنْ أَجَابَهُ بِقَوْلِ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ وَلَا يَنْفَعُهُ الْجَحْدُ بَعْدَ ذَلِكَ (أَوْ) قَالَ لِمُدَّعٍ بِحَقٍّ (سَاهِلْنِي) أَيْ لَاطِفْنِي فِي الطَّلَبِ فَإِقْرَارٌ (أَوْ اتَّزِنْهَا مِنِّي) بِخِلَافِ اتَّزِنْ، أَوْ اتَّزِنْهَا وَلَمْ يَقُلْ مِنِّي فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ كَمَا يَأْتِي (أَوْ) قَالَ (لَا قَضَيْتُك الْيَوْمَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَنْفِيٌّ بِلَا فَهُوَ إقْرَارٌ إنْ قُيِّدَ بِالْيَوْمِ كَمَا قَالَ فَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِهِ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَأَمَّا لَأَقْضِيَنك بِالْمُضَارِعِ الْمُؤَكَّدِ بِالنُّونِ فَإِقْرَارٌ مُطْلَقًا قَيَّدَ أَمْ لَا (أَوْ) قَالَ (نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ جَوَابًا لِأَلَيْسَ لِي عِنْدَك) كَذَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَسِوَى إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا أَقَرَّ لِحَمْلٍ سِوَى إلَخْ (قَوْلُهُ بَيْنَ تَوْأَمَيْهِ) أَيْ إنْ وُضِعَا حَيَّيْنِ، وَإِلَّا فَلِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَلَا شَيْءَ لِمَنْ وُضِعَ مَيِّتًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ (قَوْلُهُ وَتَرِثُ الْأُمُّ) أَيْ أُمُّ التَّوْأَمَيْنِ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ قَالَ هُوَ دَيْنٌ لِأَبِيهِمَا (قَوْلُهُ الثُّمُنُ) أَيْ إنْ كَانَتْ زَوْجَةً لِلْأَبِ وَارِثَةً احْتِرَازًا عَمَّا إذَا حَمَلَتْ مِنْهُ، وَأَبَانَهَا فِي حَالِ صِحَّتِهِ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدُ وَحَصَلَ الْإِقْرَارُ قَبْلَ الْوَضْعِ (قَوْلُهُ بِعَلَيَّ) أَيْ كَعَلَيَّ أَلْفٌ لِفُلَانٍ، أَوْ فِي ذِمَّتِي لَهُ أَلْفٌ، أَوْ لَهُ عِنْدِي أَلْفٌ، أَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْهُ أَلْفًا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَخَذْت مِنْ فُنْدُقِ فُلَانٍ مِائَةً، أَوْ مِنْ حَمَّامِهِ، أَوْ مِنْ مَسْجِدِهِ فَلَيْسَ ذَلِكَ إقْرَارًا لِفُلَانٍ صَاحِبِ الْفُنْدُقِ، أَوْ الْحَمَّامِ، أَوْ الْمَسْجِدِ وَلَوْ كَتَبَ فِي الْأَرْضِ إنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِي كَذَا وَقَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِذَلِكَ لَزِمَهُ فَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَمْ يَلْزَمْهُ، وَأَمَّا لَوْ كَتَبَ فِي صَحِيفَةٍ، أَوْ لَوْحٍ، أَوْ خِرْقَةٍ، أَوْ نَقْشٍ فِي حَجَرٍ لَزِمَهُ مُطْلَقًا أَشْهَدَ أَمْ لَا وَلَوْ كَتَبَ فِي الْمَاءِ، أَوْ الْهَوَاءِ فَلَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ أَشْهَدَ حَيْثُ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِقْرَارِهِ اهـ.
شب (قَوْلُهُ وَلَوْ زَادَ) رَدَّ بِلَوْ قَوْلَ ابْنِ الْمَوَّازِ إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ إذَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ قَضَى اللَّهُ، أَوْ إنْ أَرَادَ اللَّهُ، أَوْ إنْ يَسَّرَ اللَّهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ) أَيْ لَمَّا نَطَقَ بِالْإِقْرَارِ (قَوْلَاهُ؛ وَلِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ بِالْمَشِيئَةِ فَمُرَادُهُ اللُّغَوِيُّ، وَهُوَ الْإِخْرَاجُ، وَأَدَاةُ الشَّرْطِ مُخْرِجَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ إنْ شَاءَ فُلَانٌ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَالَ فُلَانٌ شِئْتُ ذَلِكَ أَيْ؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ قَالَ ذَلِكَ كَانَ مُجَوَّزًا أَنْ يَشَاءَ، وَأَنْ لَا يَشَاءَ وَقَدْ يَقُولُ ظَنَنْتُ أَنَّهُ لَا يَشَاءُ (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُقَرُّ لَهُ (قَوْلُهُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ فِي دَعْوَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْبَيْعَ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) هُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي الْيَمِينِ هَلْ تَتَوَجَّهُ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ أَمْ لَا وَظَاهِرُهُ جَرَيَانُ الْخِلَافِ سَوَاءً كَانَ الشَّيْءُ الَّذِي أَدُعِيَتْ فِيهِ الْهِبَةُ فِي يَدِ الْمُقِرِّ أَمْ لَا، وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ تَوَجُّهُ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي إنْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَائِزًا، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ صَاحِبُ التُّحْفَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحِلَّ كَوْنِ دَعْوَى الْهِبَةِ، أَوْ الْبَيْعِ إقْرَارًا بِالشَّيْءِ إذَا لَمْ تَحْصُلْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ شَرْعًا فَإِنْ مَضَتْ الْحِيَازَةُ الْمُعْتَبَرَةُ وَقَالَ الْمُدَّعِي إنَّهُ بَاعَ لِي، أَوْ وَهَبَ لِي فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ وَلَا يَكُونُ هَذَا إقْرَارًا بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي فَفِي ح آخِرِ الشَّهَادَاتِ مَا نَصُّهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إذَا حَازَ الرَّجُلُ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ مُدَّةً تَكُونُ الْحِيَازَةُ فِيهَا حَاصِلَةً وَادَّعَاهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ بِابْتِيَاعٍ، أَوْ هِبَةٍ، أَوْ صَدَقَةٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ بِيَمِينِهِ قَالَ ح عَقِبَهُ وَسَوَاءً ادَّعَى صَيْرُورَةَ ذَلِكَ مِلْكًا مِنْ غَيْرِ الْمُدَّعِي، أَوْ ادَّعَى أَنَّهُ إلَيْهِ مِلْكًا مِنْ الْمُدَّعِي أَمَّا فِي الْبَيْعِ فَلَا أَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَأَمَّا فِي الْهِبَةِ، وَالصَّدَقَةِ فَفِيهِ خِلَافٌ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ وَفَّيْته لَك) أَيْ، أَوْ قَالَ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ وَفَّيْته لَك (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ) مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي وَعَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَيَانُ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَقْرَضْتنِي) أَيْ، أَوْ قَالَ لَهُ عِنْدَك كَذَا فَقَالَ أَقْرَضْتنِي إيَّاهُ فَهُوَ إقْرَارٌ بِمُجَرَّدِهِ (قَوْلُهُ إنْ أَجَابَهُ) أَيْ الْآخَرُ فِيهِمَا بِنَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ) أَيْ الْمُقِرَّ الْجَحْدُ بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ جَوَابِ الْآخَرِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ الَّذِي هُوَ إجَابَةُ الْآخَرِ إنَّمَا يُحْتَاجُ لَهُ إذَا وَقَعَ هَذَا اللَّفْظُ مِنْ الْمُقِرِّ أَبْتِدَاءً، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ قَوْلُهُ أَقْرَضْتنِي وَمَا بَعْدَهُ جَوَابًا لِقَوْلِ الطَّالِبِ لِي عِنْدَك كَذَا فَلَا يَحْتَاجُ لِإِجَابَةٍ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إقْرَارٌ مُطْلَقًا قَالَ نَعَمْ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْسُبْهُ لِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ نَفْيُ الْقَضَاءِ لِنَفْيِ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ نَعَمْ، أَوْ بَلَى، أَوْ أَجَلْ إلَخْ) ، وَذَلِكَ لِاتِّفَاقِ مَعْنَاهَا فِي الْعُرْفِ مِنْ أَنَّهَا إذَا أُجِيبَ بِهَا النَّفْيُ فَإِنَّهَا تُصَيِّرُهُ إيجَابًا الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ مَعْنَاهَا لُغَةً؛ لِأَنَّ بَلَى يُجَابُ بِهَا النَّفْيُ فَتُصَيِّرُهُ مُوجَبًا أَيْ إنَّهَا تُوجِبُ الْكَلَامَ الْمَنْفِيَّ أَيْ تُصَيِّرُهُ مُوجَبًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مَنْفِيًّا، وَأَمَّا نَعَمْ فَإِنَّهَا تُقَرِّرُ مَا قَبْلَهَا مِنْ إيجَابٍ، أَوْ نَفْيٍ وَكَذَا أَجَلْ (قَوْلُهُ جَوَابًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ السِّتَّةِ
وَهُوَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ، بَلْ لِلسِّتَّةِ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ طَالَبَهُ بِحَقٍّ (لَيْسَ لِي مَيْسَرَةٌ) كَأَنَّهُ قَالَ نَعَمْ وَسَأَلَهُ الصَّبْرَ وَمِثْلُهُ أَنَا مُعْسِرٌ، أَوْ أَنْظِرْنِي (لَا) بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي (أُقِرُّ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، بَلْ هُوَ وَعْدٌ بِهِ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ قَالَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ مَثَلًا (عَلَيَّ، أَوْ عَلَى فُلَانٍ) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ (أَوْ) قَالَ لَهُ فِي الْجَوَابِ (مِنْ أَيِّ ضَرْبٍ تَأْخُذُهَا مَا أُبْعِدُك مِنْهَا) فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ (وَفِي) قَوْلِهِ لِلطَّالِبِ (حَتَّى يَأْتِيَ وَكِيلِي وَشِبْهُهُ) كَحَتَّى يَقْدُمَ غُلَامِي، أَوْ اسْأَلْ مَنْ ذَكَرَ (أَوْ اتَّزِنْ، أَوْ خُذْ قَوْلَانِ) فِي كَوْنِهِ إقْرَارًا، أَوْ لَا وَمَحِلُّهُمَا مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقْرَارُ، أَوْ عَدَمُهُ كَالِاسْتِهْزَاءِ وَشَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلُهُ (كَلَكَ عَلَيَّ أَلْفٌ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ أَظُنُّ، أَوْ عِلْمِي) وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا أَظُنُّ، أَوْ ظَنِّي، وَأَمَّا فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ عِلْمِي فَإِقْرَارٌ قَطْعًا.
(وَلَزِمَ) الْإِقْرَارُ (إنْ نُوكِرَ فِي) قَوْلِهِ لَك عَلَيَّ (أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ) وَنَحْوَهُ مِمَّا لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ فَقَالَ الْمُدَّعِي، بَلْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ مَثَلًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَقَرَّ بِالْأَلْفِ أَقَرَّ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ فَتَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِقْرَارُ كَمَا إذَا لَمْ يُنَاكِرْ (أَوْ) قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ ثَمَنِ (عَبْدٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) مِنْك وَقَالَ الْبَائِعُ، بَلْ قَبَضْته مِنِّي فَيَلْزَمُهُ الْمُقِرُّ بِهِ وَيُعَدُّ قَوْلُهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا (كَدَعْوَاهُ الرِّبَا) بَعْدَ إقْرَارِهِ بِأَنْ قَالَ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ رِبًا وَقَالَ الْمُدَّعَى، بَلْ مِنْ بَيْعٍ (وَأَقَامَ) الْمُقِرُّ (بَيِّنَةً) تَشْهَدُ لَهُ (أَنَّهُ) أَيْ إنَّ الْمُقَرَّ لَهُ (رَابَاهُ) أَيْ رَابَى الْمُقِرَّ (فِي أَلْفٍ) فَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ رَابَاهُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمُعَامَلَةِ (لَا إنْ أَقَامَهَا عَلَى إقْرَارٍ الْمُدَّعِي) أَيْ الْمُقَرِّ لَهُ (أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بَيْنَهُمَا إلَّا الرِّبَا) فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَهِيَ قَوْلُهُ سَاهِلْنِي وَمَا بَعْدَهُ جَوَابًا لِأَلَيْسَ لِي عِنْدَك كَذَا (قَوْلُهُ، وَهُوَ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ قَوْلُهُ أَلَيْسَ لِي عِنْدَك كَذَا رَاجِعٌ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ أَنْظِرْنِي) أَيْ، أَوْ لَسْت مُنْكِرًا لَهَا، أَوْ أَرْسِلْ رَسُولَك يَأْخُذُهَا (قَوْلُهُ بِقَوْلِهِ لِلْمُدَّعِي أُقِرُّ إلَخْ) فَإِذَا قَالَ لَهُ لِي عِنْدَك كَذَا فَقَالَ أُقِرُّ لَك بِهَا فَهُوَ وَعْدٌ بِالْإِقْرَارِ لَا إقْرَارٌ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَا أُقِرُّ بِهَا فَلَيْسَ إقْرَارًا قَطْعًا وَلَا وَعْدًا بِهِ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك مِائَةٌ فَسَكَتَ فَقَدْ ذَكَرَ ح الْخِلَافَ فِي كَوْنِ السُّكُوتِ إقْرَارًا، أَوْ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَأَنَّ الْأَظْهَرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَذَكَرَ ح أَنَّ مِمَّا لَيْسَ إقْرَارًا إذَا قَالَ لَهُ لِي عِنْدَك عَشْرَةٌ فَقَالَ، وَأَنَا الْآخَرُ لِي عِنْدَك عَشْرَةٌ، وَهُوَ مُسْتَغْرَبٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ مَعْنَاهُ، وَأَنَا أَكْذِبُ عَلَيْك بِأَنَّ لِي عِنْدَك عَشْرَةً كَمَا كَذَبْت عَلَيَّ بِمِثْلِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ وَيَحْلِفُ وَسَوَاءً كَانَ فُلَانٌ كَبِيرًا، أَوْ صَغِيرًا إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ شَهْرٍ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْعَدَمِ، وَهُوَ كَالْعَجْمَاءِ فِي فِعْلِهِ فَيُؤَاخَذُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى هَذَا الْحَجَرِ، أَوْ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى هَذِهِ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ) أَيْ إنْ جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى ثَانِيهِمَا وَكَذَا عَلَى أَوَّلِهِمَا إنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْإِقْرَارَ بِذَلِكَ، بَلْ الْإِنْكَارَ، وَالتَّهَكُّمَ (قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِهِ) أَيْ جَوَابًا لِلطَّالِبِ الَّذِي قَالَ لَهُ اقْضِنِي الْعَشَرَةَ الَّتِي عِنْدَك (قَوْلُهُ، أَوْ اسْأَلْ مَنْ ذَكَرَ) أَيْ، أَوْ حَتَّى تَأْتِيَتِي فَائِدَةٌ أَوْ رِبْحٌ.
(قَوْلُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مُرَادَهُ الْإِقْرَارُ، أَوْ عَدَمُهُ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ إقْرَارًا اتِّفَاقًا فِي الْأَوَّلِ وَغَيْرَ إقْرَارٍ اتِّفَاقًا فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ فَإِقْرَارٌ قَطْعًا) أَيْ، وَأَمَّا أَشُكُّ، أَوْ أُتَوَهَّمُ، أَوْ فِي شَكِّي، أَوْ، وَهْمِي فَلَا يَلْزَمُهُ إقْرَارٌ اتِّفَاقًا وَعَلَى مَا أَفَادَهُ النَّقْلُ تَكُونُ الْأَقْسَامُ ثَلَاثَةً قِسْمٌ يَكُونُ إقْرَارًا قَطْعًا، وَهُوَ فِيمَا أَعْلَمُ وَفِي عِلْمِي وَقِسْمٌ لَيْسَ إقْرَارًا قَطْعًا، وَهُوَ فِيمَا أَشُكُّ، أَوْ أُتَوَهَّمُ، أَوْ فِي شَكِّي، أَوْ، وَهْمِي وَقِسْمٌ فِيهِ الْخِلَافُ، وَهُوَ فِيمَا أَظُنُّ، أَوْ فِي ظَنِّي هَذَا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وعج مِنْ أَنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيمَا أَعْلَمُ، أَوْ فِي عِلْمِي فَقَدْ رَدَّهُ طفى بِأَنَّ التَّعْلِيقَ بِالْعِلْمِ فِيهِ شَائِبَةُ الشَّكِّ وَلِذَا لَا يُكْتَفَى بِهِ فِي أَيْمَانِ الْبَتِّ وَحِينَئِذٍ فَالْخِلَافُ مُطْلَقٌ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ إنْ نُوكِرَ) أَيْ الْمُقِرُّ (قَوْلُهُ فَقَالَ لِلْمُدَّعِي، بَلْ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ) أَيْ مُنْكِرًا أَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ (قَوْلُهُ أَقَرَّ بِعِمَارَةِ ذِمَّتِهِ) أَيْ فَيُعَدُّ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ نَدَمًا وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى حَالُ الْمُقِرِّ مِنْ كَوْنِهِ يَتَعَاطَى الْخَمْرَ أَمْ لَا بِحَيْثُ يُقَالُ إنْ كَانَ يَتَعَاطَى الْخَمْرَ صُدِّقَ وَلَا يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَتَعَاطَاهُ فَلَا يُصَدَّقُ، بَلْ مَتَى نُوكِرَ لَزِمَ الْإِقْرَارُ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ خَمْرٍ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ إذَا نَاكَرَ سَوَاءً كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ ذِمِّيًّا أَنَّهَا لَيْسَتْ ثَمَنَ خَمْرٍ وَيَأْخُذُ الْأَلْفَ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ لَمْ يَلْزَمْ الْإِقْرَارُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرَّ لَهُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ قِيمَةُ الْخَمْرِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا لَمْ يُنَاكِرْ) أَيْ كَمَا لَا يَلْزَمُ الْإِقْرَارُ إذَا لَمْ يُنَاكِرْ الْمُقَرُّ لَهُ الْمُقِرَّ، بَلْ صَدَّقَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ ذِمِّيًّا كَانَ لَهُ قِيمَةُ الْخَمْرِ مِثْلُ مَا إذَا نَاكِر وَنَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَيُعَدُّ قَوْلُهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا) إنْ قِيلَ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الْمُثَمَّنِ فَالْأَصْلُ بَقَاؤُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ وَلَمْ أَقْبِضْهُ نَدَمًا قُلْت إنَّ الْإِقْرَارَ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْأَشْهَادِ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَقَدْ سَبَقَ لِلْمُصَنِّفِ، وَإِشْهَادُ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ مُقْتَضٍ لِقَبْضِ مُثَمَّنِهِ (قَوْلُهُ كَدَعْوَاهُ الرِّبَا) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْإِقْرَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَلْفٍ فَأَقَرَّ بِهَا وَقَالَ عَقِبَ إقْرَارِهِ هِيَ مِنْ رِبًا، وَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ الْمُدَّعِيَ رَابَاهُ فِي أَلْفٍ فَلَا تُفِيدُهُ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ شَيْئًا وَيَلْزَمُهُ الْأَلْفُ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا (قَوْلُهُ وَلَا تَنْفَعُهُ الْبَيِّنَةُ) أَيْ لِعَدَمِ تَعْيِينِهَا الْمَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْقَدْرُ الزَّائِدُ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ وَيَلْزَمُهُ رَأْسُ الْمَالِ فَقَطْ أَخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ.
(أَوْ) قَالَ فِي إقْرَارِهِ (أَشْتَرَيْت) مِنْك (خَمْرًا بِأَلْفٍ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِشَيْءٍ فِي ذِمَّتِهِ (أَوْ) قَالَ (اشْتَرَيْت) مِنْك (عَبْدًا بِأَلْفٍ وَلَمْ أَقْبِضْهُ) فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ فَلَا يُعْتَبَرُ الْقَبْضُ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ فِي عَبْدٍ غَائِبٍ لِيَكُونَ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْبَائِعِ فَتَأَمَّلْهُ (أَوْ) قَالَ لِمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِشَيْءٍ (أَقْرَرْت بِكَذَا، وَأَنَا صَبِيٌّ) وَقَالَهُ نَسَقًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يُثْبِتَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَهُوَ بَالِغٌ (كَأَنَا مُبَرْسَمٌ) أَيْ قَالَ أَقْرَرْت لَك بِهِ، وَأَنَا مُبَرْسَمٌ لَمْ يَلْزَمْهُ (إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْبِرْسَامُ لَهُ، وَهُوَ ضَرْبٌ مِنْ الْجُنُونِ (أَوْ أَقَرَّ اعْتِذَارًا) لِمَنْ سَأَلَهُ إعَارَتَهُ، أَوْ شِرَاءَهُ وَكَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ كَكَوْنِهِ ذَا وَجَاهَةٍ فَلَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ إنْ ادَّعَاهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِهِ (أَوْ) أَقَرَّ (بِقَرْضٍ شُكْرًا) كَقَوْلِهِ جَزَى اللَّهُ فُلَانًا خَيْرًا أَقْرَضَنِي مِائَةً وَقَضَيْتهَا لَهُ (عَلَى الْأَصَحِّ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، أَوْ بِقَرْضٍ شُكْرًا، أَوْ ذَمًّا عَلَى الْأَرْجَحِ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ الشُّكْرِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا خِلَافَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي مَسْأَلَةِ الذَّمِّ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ مِنْهُ عَدَمَ لُزُومِ الْإِقْرَارِ وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالذَّمِّ عَلَى الْأَرْجَحِ لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ.
(وَقِيلَ) عِنْدَ التَّنَازُعِ فِي حُلُولِ الدَّيْنِ وَتَأْجِيلِهِ (أَجَلُ مِثْلِهِ) ، وَهُوَ الْأَجَلُ الْقَرِيبُ الَّذِي لَا يُتَّهَمُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ عَادَةً فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ (فِي بَيْعٍ) فَاتَتْ فِيهِ السِّلْعَةُ، وَإِلَّا تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ لِشُبَهٍ فَإِنْ اُتُّهِمَ فَالْقَوْلُ لِلْبَائِعِ بِيَمِينٍ (لَا) فِي (قَرْضٍ) ، بَلْ الْقَوْلُ لِلْمُقْرِضِ أَنَّهُ عَلَى الْحُلُولِ بِيَمِينِهِ حَصَلَ فَوْتٌ أَمْ لَا حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا عُرْفَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا قَدَّمَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك خَمْرًا بِأَلْفٍ) أَيْ، أَوْ قَالَ لِمَنْ طَلَب مِنْهُ حَقًّا عَلَيْهِ اشْتَرَيْت مِنْك خَمْرًا بِأَلْفٍ، أَوْ عَبْدًا وَلَمْ أَقْبِضْهُ (قَوْلُهُ وَفِيهِ بَحْثٌ) هَذَا الْبَحْثُ لِلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُمْ فِي التَّعْلِيلِ الشِّرَاءُ لَا يُوجِبُ عِمَارَةَ الذِّمَّةِ إلَّا بِالْقَبْضِ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ فَذِمَّتُهُ تَتَعَمَّرُ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ وَلَا تَتَوَقَّفُ عِمَارَتُهَا عَلَى الْقَبْضِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ أَقْرَرْت بِكَذَا، وَأَنَا صَبِيٌّ) أَيْ، أَوْ نَائِمٌ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ حَيْثُ قَالَهُ نَسَقًا وَلَمْ تُكَذِّبْهُ الْبَيِّنَةُ وَكَذَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت بِكَذَا قَبْلَ أَنْ أَحْلِفَ حَيْثُ قَالَهُ نَسَقًا؛ لِأَنَّ هَذَا خَارِجٌ مَخْرَجَ الِاسْتِهْزَاءِ فَلَوْ قَالَ أَقْرَرْت بِأَلْفٍ وَلَمْ أَدْرِ أَكُنْت صَبِيًّا، أَوْ بَالِغًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ حَتَّى يَثْبُتَ أَنَّهُ بَالِغٌ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْبُلُوغِ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَا أَدْرِي أَكُنْت عَاقِلًا أَمْ لَا فَيَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعَقْلُ حَتَّى يَثْبُتَ انْتِفَاؤُهُ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ ح (قَوْلُهُ، أَوْ أَقَرَّ) أَيْ بِأَنَّ الْكِتَابَ لِفُلَانٍ اعْتِذَارًا لِمَنْ سَأَلَهُ إعَارَتَهُ، أَوْ شِرَاءَهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ كَكَوْنِهِ ذَا وَجَاهَةٍ) أَيْ يُسْتَحْيَا مِنْهُ، أَوْ يُخَافُ مِنْهُ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ اعْتِذَارًا فَإِنَّ الْمُقَرَّ لَهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِمِلْكِهِ قَبْلَ الْإِقْرَارِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يُعْتَذَرُ لَهُ لِرَذَالَتِهِ فَإِنْ الْمُقَرَّ لَهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي هَذَا الْقَيْدِ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ الَّذِي فِي السَّمَاعِ وَابْنِ رُشْدٍ الْإِطْلَاقُ فَمَتَى أَقَرَّ اعْتِذَارًا فَلَا يَأْخُذُهُ الْمُقَرُّ لَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ كَانَ السَّائِلُ مِمَّنْ يُعْتَذَرُ لَهُ أَمْ لَا وَلَا يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى ثُبُوتِ الِاعْتِذَارِ فَلَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدَعْهُ بِأَنْ مَاتَ كَمَا يُفِيدُهُ نَقْلُ الْمَوَّاقِ اهـ.
بْن قَالَ عج وَقَدْ يَقُولُ الرَّجُلُ لِلسُّلْطَانِ هَذِهِ الْأَمَةُ وَلَدَتْ مِنِّي، وَهَذَا الْعَبْدُ مُدَبَّرٌ لِئَلَّا يَأْخُذَهُمَا فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا شَهَادَةَ فِيهِ وَمِثْلُهُ مَا يَقُولُ الْإِنْسَانُ حِمَايَةً كَأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ سَفِينَةٍ، أَوْ فَرَسٍ عِنْدَ إرَادَةِ ذِي شَوْكَةٍ أَخْذَهَا أَنَّهَا لِفُلَانٍ وَيُرِيدُ شَخْصًا يَحْمِي مَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إقْرَارًا لَهُ (قَوْلُهُ، أَوْ ذَمًّا) أَيْ مِثْلُ قَبَّحَ اللَّهُ فُلَانًا أَقْرَضَنِي مِائَةً وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى وَفَّيْته، أَوْ أَقْرَضَنِي فُلَانٌ مِائَةً وَضَيَّقَ عَلَيَّ حَتَّى قَضَيْته لَا جَزَاهُ اللَّهُ عَنِّي خَيْرًا (قَوْلُهُ وَصَوَّبَ ابْنُ يُونُسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمَ لُزُومِ الْإِقْرَارِ أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ قَوْلَهُ فِي الذَّمِّ حَتَّى قَضَيْته يُعَدُّ نَدَمًا وَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ (قَوْلُهُ لَجَرَى عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَكْثَرِيَّةِ) أَيْ مِنْ رُجُوعِ الْقَيْدِ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَإِنْ أَقَرَّ بِقَرْضٍ لَا عَلَى وَجْهِ الشُّكْرِ وَلَا عَلَى وَجْهِ الذَّمِّ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ بَيْنَ الْقُرْبِ، وَالْبُعْدِ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ تَسَلَّفَ مِنْ فُلَانٍ الْمَيِّتِ مَالًا وَقَضَاهُ إيَّاهُ فَإِنْ لَمْ يَطُلْ الزَّمَانُ مِنْ يَوْمِ الْمُعَامَلَةِ لِيَوْمِ الْمَوْتِ لَمْ يَنْفَعْهُ قَوْلُهُ قَضَيْته إلَّا أَنْ تَقُومَ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ كَانَ زَمَانُ ذَلِكَ طَوِيلًا حَلَفَ الْمُقِرُّ وَبَرِئَ.
(قَوْلُهُ وَقَبْلَ أَجَلِ مِثْلِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ بَيْعٍ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ، وَأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ فَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ، وَالْعَادَةُ جَارِيَةً بِالتَّأْجِيلِ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ عَدَمَ التَّأْجِيلِ أَصْلًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ بِشَيْءٍ فَإِنْ ادَّعَى الْمُقِرُّ أَجَلًا قَرِيبًا يُشْبِهُ أَنْ تُبَاعَ السِّلْعَةُ لَهُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ ادَّعَى أَجَلًا بَعِيدًا مُسْتَنْكَرًا فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ، وَهَذَا إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَإِنْ كَانَتْ قَائِمَةً تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا وَلَا يُنْظَرُ لِشَبَهٍ وَلَا لِعَدَمِهِ هَذَا مُحَصَّلُ الْفِقْهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِلْعُرْفِ، وَأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الْمُقِرُّ أَجَلًا يُشْبِهُ أَنْ تُبَاعَ السِّلْعَةُ لِمِثْلِهِ بِالدَّيْنِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ وَلَوْ كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَ التَّأْجِيلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْعَمَلُ بِالْعُرْفِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ الْمَذْهَبِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ أَجَلُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلُ ذَلِكَ الدَّيْنِ الَّذِي ادَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اُتُّهِمَ الْمُبْتَاعُ) أَيْ فِي الْأَجَلِ الَّذِي ادَّعَاهُ بِأَنْ كَانَ بَعِيدًا مُسْتَنْكَرًا (قَوْلُهُ لَا فِي قَرْضٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِمَالٍ حَالٍّ مِنْ قَرْضٍ فَأَجَابَ بِالِاعْتِرَافِ، وَأَنَّهُ مُؤَجَّلٌ
وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ، بَلْ قَبُولُهُ فِي الْقَرْضِ أَقْرَبُ، وَأَحْرَى مِنْ قَبُولِهِ فِي الْمُعَاوَضَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمُعَاوَضَةِ الْحُلُولُ وَفِي الْقَرْضِ التَّأْجِيلُ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ الْحَطَّابُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَا شَكَّ فِيهِ وَرُدَّ بِأَنَّ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (و) قَبْلَ (تَفْسِيرِ أَلْفٍ) مَثَلًا (فِي كَأَلْفٍ وَدِرْهَمٍ) وَلَا يَكُونُ ذِكْرُ الدِّرْهَمِ مُقْتَضِيًا لِكَوْنِ الْأَلْفِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلِخَصْمِهِ تَحْلِيفُهُ عَلَى مَا فَسَّرَ بِهِ إنْ اتَّهَمَهُ، أَوْ خَالَفَهُ وَيُلَاحَظُ دُخُولُ الْكَافِ عَلَى دِرْهَمٍ أَيْضًا.
(وَ) قُبِلَ قَوْلُهُ لَهُ عِنْدِي (خَاتَمٌ فَصُّهُ لِي) ، أَوْ أَمَةٌ وَلَدُهَا لِي، أَوْ جُبَّةٌ بِطَانَتُهَا لِي وَكَذَا بَابٌ مِسْمَارُهُ لِي وَجُبَّةٌ لُحْمَتُهَا لِي مِمَّا صَدَقَ الِاسْمُ فِيهِ عَلَى الْمَجْمُوعِ إذَا قَالَ ذَلِكَ (نَسَقًا) بِلَا فَصْلٍ (إلَّا فِي غَصْبٍ) كَغَصَبْتُ مِنْهُ هَذَا الْخَاتَمَ وَفَصُّهُ لِي (فَقَوْلَانِ) الرَّاجِحُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فَلَوْ قَالَ وَلَوْ فِي غَصْبٍ لَمَشَى عَلَى الرَّاجِحِ (لَا) يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (بِجِذْعٍ وَبَابٍ فِي) قَوْلِهِ (لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ) شَيْءٌ، أَوْ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ (أَوْ) مِنْ هَذِهِ (الْأَرْضِ كَفَى) أَيْ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ إذَا قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ إلَخْ (عَلَى الْأَحْسَنِ) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِمَّا ذُكِرَ سَوَاءً كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِالْجِذْعِ وَنَحْوِهِ فِي دُونِ مِنْ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَفِي لِلظَّرْفِيَّةِ.
(وَ) لَزِمَهُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي (مَالٌ) وَسَوَاءً قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا (نِصَابٌ) أَيْ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا، وَالْمُرَادُ نِصَابُ زَكَاةٍ لَا سَرِقَةٍ (، وَالْأَحْسَنُ تَفْسِيرُهُ) أَيْ الْمَالِ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ، أَوْ حَبَّةٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ وَشُبِّهَ فِي التَّفْسِيرِ أَيْ فِي قَبُولِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بَيْنَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْقَرْضِ الْحُلُولُ وَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْمُقِرِّ إنَّهُ مُؤَجَّلٌ وَلَوْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْقَرْضِ) أَيْ فِي قَبُولِ قَوْلِ الْمُقِرِّ بِيَمِينِهِ إنْ ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا (قَوْلُهُ، بَلْ قَبُولُهُ) أَيْ قَوْلِ الْمُقِرِّ إذَا ادَّعَى أَجَلًا قَرِيبًا فِي الْقَرْضِ أَقْرَبَ إلَخْ (قَوْلُهُ هُوَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُجَرَّدُ بَحْثٍ، وَإِنْ ارْتَضَاهُ ح (قَوْلُهُ وَقَبْلَ تَفْسِيرِ أَلْفٍ) أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفٌ وَدِرْهَمٌ، أَوْ لَهُ أَلْفٌ وَعَبْدٌ، أَوْ أَلْفٌ وَثَوْبٌ وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَأَبْهَمَ فِي الْأَلْفِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الْأَلْفِ بِأَيِّ شَيْءٍ ذَكَرَهُ سَوَاءً فَسَّرَهُ بِأَلْفِ دِينَارٍ، أَوْ دِرْهَمٍ، أَوْ حَدِيدٍ، أَوْ ثَوْبٍ، أَوْ حِمَارٍ وَلَا يَكُونُ الْمَعْطُوفُ مُفَسِّرًا لِلْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ إذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا) أَيْ فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا قُبِلَ قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْخَاتَمُ دُونَ الْفَصِّ، وَأَمَّا إذَا قَالَ فَصُّهُ لِي، أَوْ وَلَدُهَا لِي بَعْدَ مُهْلَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْفَصَّ، أَوْ الْوَلَدَ لَهُ وَيَأْخُذُ الْمُقَرُّ لَهُ الْخَاتَمَ بِفَصِّهِ، وَالْجَارِيَةَ مَعَ وَلَدِهَا (قَوْلُهُ كَغَصَبْتُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ وَفَصُّهُ لِي) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ نَسَقًا (قَوْلُهُ فَقَوْلَانِ) أَيْ فِي تَصْدِيقِهِ فِي الْغَصْبِ وَعَدَمِ تَصْدِيقِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ قَبُولُهُ) أَيْ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي أَنَّ الْفَصَّ لَهُ (قَوْلُهُ لَا بِجِذْعٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِفُلَانٍ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ هَذَا الدَّارِ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ، أَوْ فِيهَا، ثُمَّ فَسَّرَ ذَلِكَ الْحَقَّ، أَوْ الْقَدْرَ بِجِذْعٍ، أَوْ بِبَابٍ مِنْهَا فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ التَّفْسِيرُ مِنْهُ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ مِنْ الدَّارِ، أَوْ الْأَرْضِ كَالرُّبُعِ، أَوْ الثُّمُنِ، أَوْ النِّصْفِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مِنْ وَفِي عَلَى الْأَحْسَنِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ كَمَا هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ يُقْبَلُ التَّفْسِيرُ بِالْجِذْعِ، وَالْبَابِ عِنْدَ التَّعْبِيرِ بِفِي؛ لِأَنَّهَا لِلظَّرْفِيَّةِ وَلَا يُقْبَلُ عِنْدَ التَّعْبِيرِ بِمِنْ وَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ بِجُزْءٍ؛ لِأَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ (قَوْلُهُ، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْأَرْضِ) يَعْنِي شَيْءٌ، أَوْ حَقٌّ، أَوْ قَدْرٌ (قَوْلُهُ أَيْ كَمَا لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ) أَيْ لِلشَّيْءِ، وَالْحَقِّ، وَالْقَدْرِ فِي الدَّارِ، وَالْأَرْضِ بِالْجِذْعِ، وَالْبَابِ إذَا قَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ إذَا قَالَ لَهُ فِي هَذِهِ إلَخْ) أَيْ لَهُ فِي هَذِهِ الدَّارِ، أَوْ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ حَقٌّ، أَوْ شَيْءٌ، أَوْ قَدْرٌ (قَوْلُهُ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الدَّارِ، أَوْ مِنْ الْأَرْضِ.
(قَوْلُهُ وَسَوَاءً قَالَ عَظِيمٌ أَمْ لَا) نَحْوُهُ لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَفِي ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذْ قَالَ عِنْدِي مَالٌ عَظِيمٌ فِيهِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ نِصَابُ الزَّكَاةِ نِصَابُ السَّرِقَةِ يَلْزَمُهُ زِيَادَةٌ عَلَى النِّصَابِ اللَّازِمِ لَهُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْمَالِ الْمُطْلَقِ الَّذِي لَمْ يُقَيَّدْ بِعَظِيمٍ وَيُرْجَعُ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ لِتَفْسِيرِهِ تَلْزَمُهُ الدِّيَةُ، وَالْخَامِسُ يُؤْمَرُ بِتَفْسِيرِهِ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَ بِهِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْ مَالِ الْمُقِرِّ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِمَالِ أَهْلِ الْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَ التَّحَالُفِ فَإِنْ كَانَ الْمُقِرُّ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْ الذَّهَبِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفِضَّةِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَاشِيَةِ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهَا، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْحَبِّ لَزِمَهُ نِصَابٌ مِنْهُ فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ الذَّهَبُ، وَالْفِضَّةُ، وَالْإِبِلُ، وَالْبَقَرُ، وَالْغَنَمُ، وَالْحَبُّ، أَوْ ثَلَاثَةٌ مَثَلًا مِنْ ذَلِكَ لَزِمَهُ أَقَلُّ الْأَنْصِبَاءِ قِيمَةً؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ وَلِذَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ نِصَابٌ لَزِمَهُ نِصَابُ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِنِصَابِ الزَّكَاةِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّصَابِ نِصَابُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَطْلَقَ الْمَالَ عَلَى نِصَابِ الزَّكَاةِ فَقَالَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] فَعَنَى بِالْأَمْوَالِ النِّصَابَاتِ، وَالْقَوْلُ بِلُزُومِ نِصَابِ الزَّكَاةِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ يَلْزَمُ الْمُقِرَّ بِالْمَالِ نِصَابُ السَّرِقَةِ، وَهُوَ رُبُعُ دِينَارٍ، أَوْ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ، أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ مِنْ الْعُرُوضِ وَخِلَافًا لِمَنْ قَالَ يُلْزَمُ بِتَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ، وَالْأَحْسَنُ) أَيْ عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ تَفْسِيرُهُ فَإِنْ فَسَّرَهُ فَلَا كَلَامَ وَيَلْزَمُهُ مَا فَسَّرَ بِهِ مِنْ قَلِيلٍ، أَوْ كَثِيرٍ فَإِنْ أَبَى سُجِنَ حَتَّى يُفَسِّرَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِقِيرَاطٍ، أَوْ حَبَّةٍ، أَوْ دِرْهَمٍ) فَإِنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ حَلَفَ الْمُقِرُّ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ هَذَا كُلُّهُ عَلَى الْقَوْلِ
مَشْهُورًا بِقَوْلِهِ (كَشَيْءٍ وَكَذَا) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي، أَوْ فِي ذِمَّتِي شَيْءٌ، أَوْ لَهُ كَذَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرُهُ بِيَمِينٍ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ كَامِلٍ بِأَنْ قَالَ هُوَ نِصْفُ دِرْهَمٍ مَثَلًا (وَسُجِنَ لَهُ) أَيْ لِلتَّفْسِيرِ أَيْ لِأَجْلِهِ إذَا لَمْ يُفَسِّرْ (وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ) يُقْبَلُ تَفْسِيرُ النَّيِّفِ بِيَمِينٍ وَلَوْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ، وَالنَّيِّفُ يُشَدَّدُ وَيُخَفَّفُ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ حَتَّى يَبْلُغَ الْعَقْدَ الثَّانِيَ، وَأَمَّا الْبِضْعُ بِالْكَسْرِ فَمِنْ ثَلَاثَةٍ إلَى تِسْعَةٍ (وَسَقَطَ) شَيْءٌ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي (فِي) قَوْلِهِ عِنْدِي (كَمِائَةٍ وَشَيْءٍ) وَكَذَا إذَا قُدِّمَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ مَعَ مَعْلُومٍ بِخِلَافِهِ مُفْرَدًا كَمَا مَرَّ وَقَيَّدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ السُّقُوطَ بِمَا إذَا مَاتَ الْمُقِرُّ، أَوْ تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ.
(وَ) إنْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (كَذَا دِرْهَمًا) بِالنَّصْبِ لَزِمَهُ (عِشْرُونَ) ؛ لِأَنَّ الْعَدَدَ غَيْرَ الْمَرْكَبِ مِنْ عِشْرِينَ إلَى تِسْعِينَ إنَّمَا يُمَيَّزُ بِالْوَاحِدِ الْمَنْصُوبِ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ، وَهُوَ أَقَلُّهُ وَيَلْغَى الْمَشْكُوكُ فَإِنْ رَفَعَهُ، أَوْ وَقَفَ بِسُكُونِ الْمِيمِ لَزِمَهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إذْ الْمَعْنَى هُوَ دِرْهَمٌ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ، أَوْ بَيَانٌ لِكَذَا، أَوْ خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَلَوْ خَفَضَهُ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَلَوْ جَمَعَهُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ نَحْوِيًّا، وَإِلَّا طُلِبَ مِنْهُ التَّفْسِيرُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ الْفُصْحَى وَلِذَا قَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ هَذَا، بَلْ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ (وَ) لَزِمَهُ فِي (كَذَا وَكَذَا) بِالْعَطْفِ (أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) كَرَّرَ؛ لِأَنَّ الْمَعْطُوفَ فِي الْعَدَدِ مِنْ أُحْدَى وَعِشْرِينَ إلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ، وَهُوَ مَبْدَؤُهَا (وَ) فِي (كَذَا وَكَذَا) بِلَا عَطْفٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِلُزُومِ تَفْسِيرِهِ الْمَالَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ ضَعِيفٌ فَإِنْ تَعَذَّرَ التَّفْسِيرُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنْ مَاتَ الْمُقِرُّ قَبْلَهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينٍ.
(قَوْلُهُ مَشْهُورًا) أَيْ قَوْلًا مَشْهُورًا وَمُقَابِلُهُ بُطْلَانُ الْإِقْرَارِ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ) كَذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ فِي التَّوْضِيحِ لَا يُفَسَّرُ إلَّا بِوَاحِدٍ كَامِلٍ فَأَكْثَرَ وَمَحِلُّ حَلِفِ الْمُقِرِّ إنْ ادَّعَى الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِمَّا فُسِّرَ بِهِ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ وَاسْتَحَقَّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِلتَّفْسِيرِ) أَيْ لِتَفْسِيرِ الشَّيْءِ وَكَذَا بِدُونِ مُمَيِّزٍ، وَإِذَا حُبِسَ لِلتَّفْسِيرِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ السِّجْنِ حَتَّى يُفَسِّرَ (قَوْلُهُ وَكَعَشْرَةٍ وَنَيِّفٍ) أَيْ فَإِذَا قَالَ عَلَيَّ عَشْرَةٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَنَيِّفٌ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ النَّيِّفَ وَقَوْلُهُ وَلَوْ بِوَاحِدٍ فَقَطْ أَيْ، أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ وَاحِدٍ، أَوْ بِأَكْثَرَ مِنْهُ وَمِثْلُ مَا إذَا عَطَفَ النَّيِّفَ كَالْمِثَالِ مَا إذَا أَفْرَدَهُ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ نَيِّفٌ مِنْ الدَّرَاهِمِ فَيَلْزَمُهُ تَفْسِيرُهُ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لَهُ بِدِرْهَمٍ كَامِلٍ وَبِأَقَلَّ وَبِأَكْثَرَ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ فِي تَفْسِيرِ النَّيِّفَ الْكَسْرُ مُطْلَقًا سَوَاءً أَفْرَدَ، أَوْ عَطَفَ (قَوْلُهُ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ) أَيْ مِنْ جِنْسِ الْكَامِلِ كَمَا قِيلَ وَقِيلَ إنَّهُ مُطْلَقٌ مَا زَادَ عَلَى الْعَقْدِ وَلَوْ كَسْرًا وَعَلَى هَذَا فَيُقْبَلُ مِنْهُ تَفْسِيرُ النَّيِّفِ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْوَاحِدِ الْكَامِلِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بِالْكَسْرِ) أَيْ بِكَسْرِ الْبَاءِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَ شَيْءٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ وَشَيْءٌ، أَوْ مِائَةٌ وَشَيْءٌ، أَوْ أَلْفٌ وَشَيْءٌ فَإِنَّ الشَّيْءَ الزَّائِدَ عَلَى الْجُمْلَةِ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ (قَوْلُهُ بِقَرِينَةِ مَا يَأْتِي) أَيْ إنَّ مَا يَأْتِي قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ فَاعِلَ سَقَطَ ضَمِيرُ الشَّيْءِ لَا ضَمِيرُ الْإِقْرَارِ.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قُدِّمَ شَيْءٌ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي شَيْءٌ وَمِائَةٌ وَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا قَوْلُ بْن وَجْهُ السُّقُوطِ فِي لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَشَيْءٌ مَثَلًا كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالتَّوْضِيحُ أَنَّ الْعُرْفَ إنَّمَا يُقَالُ مِائَةٌ وَشَيْءٌ إذَا أُرِيدَ تَحْقِيقُ الْمِائَةِ أَيْ إنَّهَا مِائَةٌ كَامِلَةٌ كَمَا يُقَالُ فُلَانٌ رَجُلٌ وَنِصْفُ أَيْ كَامِلٌ فِي الرُّجُولِيَّةِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عُرِفَ بِذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ وَوَجَبَ تَفْسِيرُهُ اهـ.
وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى إلَّا فِي تَأْخِيرِ شَيْءٍ لَا فِي تَقْدِيمِهِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِخِلَافِهِ مُفْرَدًا) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ مُفْرَدًا فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ تَفْسِيرُهُ كَمَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا شَيْئًا اُعْتُبِرَ الشَّيْءُ وَطُولِبَ بِتَفْسِيرِهِ (قَوْلُهُ وَقَيَّدَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ السُّقُوطَ) أَيْ سُقُوطَ الشَّيْءِ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَعَذَّرْ سُؤَالُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ تَفْسِيرِهِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ مِنْ السُّقُوطِ مُطْلَقًا وَلَوْ وُجِدَ الْمُقِرُّ، وَأَمْكَنَ تَفْسِيرُهُ، وَإِنَّ كَلَامَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ مُقَابِلٌ لَا تَقْيِيدٌ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ عِشْرُونَ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا أَعْرِفُ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهَا أَيْ كَذَا سَوَاءً كَانَتْ مُفْرَدَةً وَنُصِبَ تَمْيِيزُهَا، أَوْ رُفِعَ، أَوْ خُفِضَ، أَوْ كُرِّرَتْ بِدُونِ عَطْفٍ، أَوْ مَعَ عَطْفٍ، وَهُوَ أَلْيَقُ بِأُصُولِ الْمَذْهَبِ لِبِنَاءِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْعُرْفِ، وَأَكْثَرُ النَّاسِ لَا يَعْرِفُ مَا ذُكِرَ اهـ.
بْن.
(قَوْلُهُ وَيُلْغَى الشُّكُوكُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ مِنْهُ لَكِنْ يَحْلِفُ عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الْمُقَرَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ الْعِشْرِينَ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ مِائَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ كَذَا كِنَايَةٌ عَنْ عَدَدٍ، وَأَقَلُّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْمُفْرَدِ الْمَجْرُورِ الْمِائَةُ لَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا لُزُومُ وَاحِدٍ؛ لِأَنَّهُ الْجَارِي عَلَى عُرْفِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِنْ خَالَفَ مُقْتَضَى اللُّغَةِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إنْ وَافَقَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَذَاكَ، وَإِنْ تَخَالَفَا فَإِنْ فَسَّرَ الْمُقِرُّ كَلَامَهُ بِمَا يُوَافِقُ الْعُرْفَ قُبِلَ مِنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يُقْبَلْ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ يُمَيَّزُ بِالْجَمْعِ مَجْرُورًا الثَّلَاثَةُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ لُزُومُ الْعِشْرِينَ إذَا نَصَبَ الدِّرْهَمَ الْمُمَيِّزَ لِكَذَا وَلُزُومُ الْوَاحِدِ إذَا رَفَعَهُ، أَوْ وَقَفَ بِسُكُونِ الْمِيمِ وَلُزُومُ الْمِائَةِ إذَا خَفَضَهُ وَلُزُومُ الثَّلَاثَةِ إذَا جَمَعَهُ وَقَوْلُهُ إذَا كَانَ أَيْ الْمُقِرُّ نَحْوِيًّا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى قَانُونِ اللُّغَةِ) أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ قَالَ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْجَرِّ الْعُرْفُ يُلْزِمُهُ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَمُقْتَضَى اللُّغَةِ يُلْزِمُهُ مِائَةً (قَوْلُهُ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ) فَلَوْ
(أَحَدَ عَشَرَ) ؛ لِأَنَّهُ الْمُحَقَّقُ إذْ الْعَدَدُ الْمُرَكَّبُ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ إلَى تِسْعَةَ عَشْرَ فَيَلْغَى الْمَشْكُوكُ (وَ) فِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (بِضْعٌ، أَوْ دَرَاهِمُ ثَلَاثَةٌ) وَلَوْ قَالَ بِضْعَةَ عَشَرَ لَزِمَهُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (كَثِيرَةٌ) لَزِمَهُ أَرْبَعَةٌ؛ لِأَنَّ الرَّابِعَ أَوَّلُ مَبَادِئِ كَثْرَةِ الْجَمْعِ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ (لَا كَثِيرَةٌ وَلَا قَلِيلَةٌ) ، أَوْ عَكْسَهُ لَزِمَهُ (أَرْبَعَةٌ) لِحَمْلِ الْكَثْرَةِ الْمَنْفِيَّةِ عَلَى ثَانِي مَرَاتِبِهَا، وَهُوَ الْخَمْسَةُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ (وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ (دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ (الْمُتَعَارَفُ) بَيْنَ النَّاسِ وَلَوْ نُحَاسًا كَمَا فِي عُرْفِ مِصْرَ (وَإِلَّا) يَكُنْ عُرْفٌ بِشَيْءٍ (فَالشَّرْعِيُّ) يَلْزَمُهُ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ مَغْشُوشٌ، أَوْ نَاقِصٌ (قَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ) فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ، أَوْ كَامِلٌ (إنْ وَصَلَ) ذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ وَلَا يَضُرُّ فَصْلٌ بِعَارِضٍ كَعُطَاسٍ بِخِلَافِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ، أَوْ رَدَّهُ فَيَضُرُّ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي (دِرْهَمٌ) مَثَلًا (مَعَ دِرْهَمٍ، أَوْ تَحْتَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَوْقَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ عَلَيْهِ) دِرْهَمٌ، أَوْ (قَبْلَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ بَعْدَهُ) دِرْهَمٌ (أَوْ) دِرْهَمٌ (فَدِرْهَمٌ، أَوْ، ثُمَّ دِرْهَمٌ) لَزِمَهُ (دِرْهَمَانِ) فِي كُلِّ صُورَةٍ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ (وَسَقَطَ) الدِّرْهَمُ الْمُقَرُّ بِهِ أَوَّلًا، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، بَلْ (فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (لَا، بَلْ دِينَارَانِ) ، أَوْ دِينَارٌ، أَوْ دِرْهَمَانِ وَكَانَ الْأَوْلَى النَّصُّ عَلَى هَذِهِ الْأَخِيرَةِ لِفَهْمِ مَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ حَذَفَ لَا وَاقْتَصَرَ عَلَى، بَلْ (وَدِرْهَمُ دِرْهَمٍ) بِالْإِضَافَةِ وَيُحْتَمَلُ رَفْعُهُمَا (أَوْ بِدِرْهَمٍ) لَزِمَهُ (دِرْهَمٌ) لِحَمْلِ الْإِضَافَةِ فِي الْأُولَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَرَّرَ كَذَا ثَالِثَةً فَاسْتَظْهَرَ التَّأْكِيدَ (قَوْلُهُ أَحَدَ عَشَرَ) فَإِنْ جَرَّ التَّمْيِيزَ فَثَلَثُمِائَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ مُعْطِي وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ أَصْلَ سَحْنُونٍ التَّفْسِيرُ فِي جَمِيعِ مَا ذُكِرَ، وَهُوَ أَلْيَقُ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ وَفِي قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ بِضْعٌ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبِضْعَ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِتِسْعَةٍ فَيَلْزَمُهُ الْمُحَقَّقُ (قَوْلُهُ، أَوْ دَرَاهِمَ) أَيْ لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ لَزِمَهُ ثَلَاثَةٌ؛ لِأَنَّ دَرَاهِمَ، وَإِنْ كَانَ جَمْعَ كَثْرَةٍ إلَّا أَنَّ الصَّحِيحَ مُسَاوَاتُهُ لِجَمْعِ الْقِلَّةِ فِي الْمَبْدَأِ، وَالذِّمَّةُ لَا تُلْزَمُ إلَّا بِمُحَقَّقٍ، وَالْمُحَقَّقُ مِنْ الْجَمْعِ ثَلَاثَةٌ، وَأَيْضًا مَحَلُّ افْتِرَاقِ مَبْدَئِهِمَا عَلَى الْقَوْلِ بِهِ حَيْثُ كَانَ لِكُلِّ صِيغَةٍ، وَإِلَّا اُسْتُعْمِلَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَكَثِيرَةٌ) أَيْ إذَا قَالَ لَهُ عِنْدِي دَرَاهِمُ كَثِيرَةٌ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ تِسْعَةٌ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ تَضْعِيفٌ لِأَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ نِصَابُ الزَّكَاةِ (قَوْلُهُ عَلَى ثَانِي مَرَاتِبِهَا) ، وَهُوَ الْخَمْسَةُ أَيْ لَا عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِهَا، وَهُوَ الْأَرْبَعَةُ، وَإِلَّا لَزِمَ التَّنَاقُضُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ نَافِيًا لَهَا بِقَوْلِهِ لَا كَثِيرَةٌ وَمُثْبِتًا لَهَا ثَانِيًا بِقَوْلِهِ وَلَا قَلِيلَةً؛ لِأَنَّ وَلَا قَلِيلَةً تُحْمَلُ عَلَى أَوَّلِ مَرَاتِبِ الْقِلَّةِ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْكَثْرَةِ بِالْأَرْبَعَةِ فَلَوْ جُعِلَ نَافِيًا لَهَا لَزِمَ التَّنَاقُضُ، وَأَفْعَالُ الْعُقَلَاءِ تُصَانُ عَنْ مِثْلِ هَذَا (قَوْلُهُ كَمَا فِي عُرْفِ مِصْرَ) أَيْ فَإِنَّ الْمُتَعَارَفَ فِيهَا أَنَّ الدِّرْهَمَ اسْمٌ لِلْجُدُدِ النُّحَاسِ وَعُرْفُ الشَّامِ أَنَّ الدِّرْهَمَ مِنْ الْفِضَّةِ مَا يَعْدِلُهُ سِتَّةُ جُدُدٍ مِنْ الْفُلُوسِ النُّحَاسِ.
(قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالشَّرْعِيُّ يَلْزَمُهُ) أَيْ، وَهُوَ مِنْ الْفِضَّةِ وَزْنُ خَمْسِينَ وَخُمُسَيْ حَبَّةٍ مِنْ الشَّعِيرِ الْمُتَوَسِّطِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الشَّرْعِيِّ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ تَبَعًا لِوَجِيزِ الْغَزَالِيِّ وَلَا أَعْرِفُهُ لِأَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْوَاجِبَ مَا فَسَّرَ بِهِ الْمُقِرُّ مَعَ يَمِينِهِ إنْ خَالَفَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى أَكْثَرَ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَابْنَ غَازِيٍّ اهـ.
بْن.
(قَوْلُهُ قَبْلَ غِشِّهِ وَنَقْصِهِ) أَيْ قَبْلَ قَوْلِهِ مَغْشُوشٌ وَنَاقِصٌ سَوَاءً جَمَعَهُمَا، أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا فَلَا يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ خَالِصٌ، أَوْ كَامِلٌ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ فِي قَدْرِ النَّقْصِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلدِّرْهَمِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي الشَّرْعِيِّ وَكَذَا فِي الْمُتَعَارَفِ إنْ كَانَ النَّقْصُ، وَالْغِشُّ يَجْرِيَانِ فِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمُقَرِّ بِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ دِرْهَمًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ إنْ وَصَلَ ذَلِكَ) أَيْ قَوْلُهُ نَاقِصٌ، أَوْ مَغْشُوشٌ وَقَوْلُهُ بِإِقْرَارِهِ أَيْ بِقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ كَعُطَاسٍ) أَيْ، أَوْ تَثَاؤُبٍ، أَوْ انْقِطَاعِ نَفَسٍ، أَوْ إغْمَاءٍ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ فَصْلٍ بِسَلَامٍ) أَيْ، وَأَوْلَى لَوْ فَصَلَهُ لَا بِشَيْءٍ أَصْلًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَغْشُوشٌ وَلَا نَاقِصٌ، وَهَذَا فِي إقْرَارٍ بِغَيْرِ أَمَانَاتٍ، وَأَمَّا بِهَا فَإِنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَاهُ الْغِشَّ، وَالنَّقْصَ، وَإِنْ لَمْ يَصِلْ عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا قَالَ النَّاصِرُ نَحْوَ لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَدِيعَةً وَوَقَفَ، ثُمَّ قَالَ مَغْشُوشٌ، أَوْ نَاقِصٌ؛ لِأَنَّ الْمُودَعَ أَمِينٌ.
(قَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ) كَأَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ دِرْهَمٌ تَحْتَ دِرْهَمٍ مَعْنَاهُ دِرْهَمٌ فِي مُقَابَلَةِ دِرْهَمٍ أَخَذْته مِنْك، وَإِلَّا كَانَ اللَّازِمُ دِرْهَمًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ، بَلْ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ عَلَى لَفْظِ، بَلْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ لَا، بَلْ دِينَارَانِ فَإِنَّ الدِّرْهَمَ يَسْقُطُ وَيَلْزَمُهُ الدِّينَارَانِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ، بَلْ نَقَلَتْ حُكْمَ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي وَلَا لِلتَّأْكِيدِ عَلَى مَذْهَبِ جُمْهُورِ النُّحَاةِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ مَالِكٍ وَعِنْدَ غَيْرِهِمْ أَنْ لَا لِنَفْيِ مَا قَبْلَهَا وَبَلْ لِإِثْبَاتِ مَا بَعْدَهَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا أَضْرَبَ لِأَزْيَدَ مِنْ الْمُقَرِّ بِهِ، أَوْ لَا كَالْمِثَالِ سَقَطَ الْمُقَرُّ بِهِ، أَوْ لَا مُطْلَقًا سَوَاءً وَصَلَ الْإِضْرَابَ بِالْمُقَرِّ بِهِ، أَوَّلًا أَوْ لَا، وَأَمَّا إذَا أَضْرَبَ لِأَقَلَّ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ، بَلْ دِرْهَمٌ، أَوْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ، بَلْ نِصْفُهُ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْأَوَّلُ إلَّا إذَا وَصَلَ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ سَحْنُونٍ، وَأَمَّا إذَا أَضْرَبَ لِمُسَاوٍ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دِينَارٌ، بَلْ دِينَارٌ فَانْظُرْ هَلْ يَلْزَمُهُ أَحَدُ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فَقَطْ لِحَمْلِ الصِّيغَةِ عَلَى شَبَهِ التَّكْرَارِ اللَّفْظِيِّ لِعَدَمِ وُجُودِ حَقِيقَةِ الْإِضْرَابِ فِيهِمَا، أَوْ يَلْزَمُهُ الْمُتَعَاطِفَانِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ؛ لِأَنَّ، بَلْ حَيْثُ أَضْرَبَ بِهَا لِمُسَاوٍ كَالْفَاءِ، وَالْوَاوِ فِي كَوْنِهَا لِمُجَرَّدِ
عَلَى أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ، وَالرَّفْعُ عَلَى التَّوْكِيدِ وَلِحَمْلِ الْبَاءِ فِي الثَّانِيَةِ عَلَى السَّبَبِيَّةِ، أَوْ الظَّرْفِيَّةِ أَيْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ بِسَبَبِ دِرْهَمٍ، أَوْ فِي نَظِيرِ دِرْهَمٍ عَامَلَنِي بِهِ (وَحَلَفَ) فِي الصُّورَتَيْنِ (مَا أَرَادَهُمَا) لِاحْتِمَالِ حَذْفِ حَرْفِ الْعَطْفِ فِي الْأُولَى وَكَوْنِ الْبَاءِ لِلْمَعِيَّةِ فِي الثَّانِيَةِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ قَوْلُهُ (كَإِشْهَادٍ فِي ذُكْرٍ) بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ أَيْ وَثِيقَةٍ (بِمِائَةٍ وَفِي) ذُكْرٍ (آخَرَ بِمِائَةٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُمَا، أَوْ اتَّحَدَ سَبَبُهُمَا مَعَ اتِّفَاقِهَا قَدْرًا وَنَوْعًا فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَحَلَفَ الْمُقِرُّ إنْ ادَّعَاهُمَا الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا سَبَبًا، أَوْ قَدْرًا، أَوْ نَوْعًا لَزِمَهُ الْمِائَتَانِ مَعًا وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ عَلَى أَنَّ الْأَذْكَارَ أَمْوَالٌ إذَا كَتَبَهُمَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهِمَا مَعَ الْإِشْهَادِ فِيهِمَا، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْكَتْبِ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ، وَأَقَرَّ ثَانِيًا عِنْدَ آخَرِينَ فَمَالٌ وَاحِدٌ عِنْدَ أَصْبَغَ، وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.
(وَعِ) إنْ أَقَرَّ (بِمِائَةٍ وَ) أَقَرَّ ثَانِيًا (بِمِائَتَيْنِ) بِلَا كِتَابَةٍ فِيهِمَا لَزِمَهُ (الْأَكْثَرُ) فَقَطْ، وَهُوَ الْمِائَتَانِ سَوَاءً تَقَدَّمَ الْأَكْثَرُ، أَوْ تَأَخَّرَ وَقِيلَ إنْ قَدَّمَ الْأَكْثَرَ لَزِمَهُ الْجَمِيعُ، وَإِنْ قَدَّمَ الْأَقَلَّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ لِدُخُولِ الْأَقَلِّ فِيهِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ الْجَمِيعُ مُطْلَقًا، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْمَسْأَلَةُ مَنْصُوصَةٌ لِابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَسْمِعَةِ (وَ) فِي لَهُ عَلَيَّ (جُلُّ الْمِائَةِ) مَثَلًا (أَوْ قُرْبُهَا، أَوْ نَحْوُهَا) ، أَوْ أَكْثَرُهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْعَطْفِ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ إضْرَابٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا بَيَانِيَّةٌ) اعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ شَرْطَهَا اخْتِلَافُ اللَّفْظَيْنِ إذْ مَتَى اتَّحَدَ لَفْظُ الْمُضَافِ، وَالْمُضَافِ إلَيْهِ مُنِعَتْ بِاتِّفَاقِ الْبَصْرِيِّينَ، وَالْكُوفِيِّينَ فَالصَّوَابُ أَنَّ الْإِضَافَةَ لِلسَّبَبِ أَيْ إنَّهَا مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ، وَهُمَا عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ وَدِرْهَمٌ بِدِرْهَمٍ وَقَوْلُهُ مَا أَرَادَهُمَا أَيْ مَا أَرَادَ الدِّرْهَمَيْنِ (قَوْلُهُ كَأَشْهَادٍ) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ فِي ذُكْرٍ بِخَطِّهِ، أَوْ أَمْرٍ بِكِتَابَتِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا كَتَبَ وَثِيقَةً بِخَطِّهِ أَنَّ لِفُلَانٍ عِنْدِيّ مِائَةَ دِينَارٍ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِي تِلْكَ الْوَثِيقَةِ، ثُمَّ كَتَبَ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَةِ أُخْرَى بِمِائَةِ دِينَارٍ، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهَا الشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ، أَوْ غَيْرَهُمَا فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْمُقِرَّ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ وَتُعَدُّ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدًا لِلْأُولَى وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَا أَرَادَهُمَا، وَهَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُمَا كَمَا صَوَّرْنَا، أَوْ ذَكَرَهُ وَكَانَ مُتَّحِدًا كَمَا إذَا كَتَبَ فِي كُلٍّ مِنْ الْوَرَقَتَيْنِ لَهُ عِنْدِي مِائَةٌ مِنْ بَيْعٍ، أَوْ مِنْ قَرْضٍ، وَالْمَوْضُوعُ اتِّحَادُ الْمَكْتُوبِ فِي الْوَثِيقَتَيْنِ قَدْرًا وَنَوْعًا كَمِائَةِ رِيَالٍ، أَوْ مَحْبُوبٍ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ وَتُعَدُّ الثَّانِيَةُ تَوْكِيدًا لِلْأُولَى (قَوْلُهُ فَإِنْ اخْتَلَفَا سَبَبًا) بِأَنْ كَتَبَ فِي وَاحِدَةٍ لَهُ عِنْدِي مِائَةُ رِيَالٍ مِنْ بَيْعٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةُ رِيَالٍ مِنْ قَرْضٍ (قَوْلُهُ، أَوْ قَدْرًا) كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي وَثِيقَةٍ مِائَةُ رِيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَتَا رِيَالٍ (قَوْلُهُ، أَوْ نَوْعًا) كَمَا لَوْ كَتَبَ فِي وَثِيقَةٍ مِائَةُ رِيَالٍ وَفِي الثَّانِيَةِ مِائَةُ مَحْبُوبٍ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمِائَتَانِ) الْأَوْلَى لَزِمَهُ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّهُ فِي مَسْأَلَةِ اخْتِلَافِ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ قَدْرًا اللَّازِمُ لَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِائَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَشْهَدَ عَلَى ذُكْرٍ بِمِائَةٍ وَعَلَى ذُكْرٍ آخَرَ بِمِائَةٍ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ، وَالْمَذْهَبُ لُزُومُ الْمِائَتَيْنِ) يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْمَذْهَبِ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الذِّكْرَيْنِ كَتَبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهِ بِأَنْ أَقَرَّ الْمُقِرُّ بِمِائَةٍ وَلَمْ يَكْتُبْهَا وَلَمْ يَأْمُرْ بِكَتْبِهَا فِي مَجْلِسٍ، ثُمَّ كَذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ ثَانٍ فَكَتَبَ الْمُقَرُّ لَهُ وَثِيقَتَيْنِ وَقَالَ لِلْحَاضِرَيْنِ فِي الْمَجْلِسِ اُكْتُبُوا شَهَادَتَكُمْ فِي هَذِهِ الْوَثِيقَةِ عَلَى مَا سَمِعْتُمْ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَرَّرَ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ قَالَ كَإِشْهَادٍ مِنْ الْمُقَرّ لَهُ فِي ذُكْرٍ أَيْ وَثِيقَةٍ كَتَبَهَا لِنَفْسِهِ بِمِائَةٍ وَفِي ذِكْرٍ آخَرَ بِمِائَةٍ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ أَيْضًا فَيَلْزَمُ الْمُقِرَّ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ أَمْوَالٌ) أَيْ لَا مَالٌ وَاحِدٌ وَمَنْ أَقَرَّ بِمِائَتَيْنِ لِشَخْصٍ لَزِمَاهُ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّ عِنْدَ قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ بِمِائَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا وَلَمْ يَكْتُبْ وَلَمْ يَأْمُرْ بِالْكَتْبِ، ثُمَّ أَقَرَّ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ بِمِائَةٍ كَذَلِكَ مِنْ غَيْرِ كَتْبٍ وَلَا أَمْرٍ بِهِ لَزِمَهُ مِائَةٌ وَاحِدَةٌ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ، وَالْمَقْرِ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ
(قَوْلُهُ بِمِائَةٍ وَبِمِائَتَيْنِ) أَيْ وَكَإِشْهَادٍ فِي ذِكْرٍ بِمِائَةٍ وَفِي ذِكْرٍ آخَرَ بِمِائَتَيْنِ وَكِلَاهُمَا بِخَطِّ الْمُقِرِّ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ، وَأَنْكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ ذَلِكَ قَائِلًا مَا لِابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ لُزُومِ مِائَةٍ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَالْأَكْثَرُ فِي الثَّانِيَةِ لَا أَعْرِفُهُ فِي الْمَذْهَبِ، وَالْمَعْرُوفُ لُزُومُ مِائَتَيْنِ فِي الْأُولَى وَثَلَثُمِائَةٍ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكَتْبِهَا أَمْوَالٌ بِاتِّفَاقِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ وَقَدْ حَمَلَ الشَّيْخُ عبق كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الذِّكْرَيْنِ بِخَطِّ الْمُقَرِّ لَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَ الْمُقِرُّ بِكَتْبِهِمَا وَشَارِحُنَا هُنَا حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْإِقْرَارِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْكِتَابَةِ لِأَجْلِ التَّخَلُّصِ مِنْ اعْتِرَاضِ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ بِلَا كِتَابَةٍ فِيهِمَا) أَيْ مِنْ الْمُقِرِّ وَلَا بِأَمْرٍ مِنْهُ بِالْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ تَقَدَّمَ الْإِقْرَارُ بِالْأَقَلِّ، أَوْ بِالْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ الْقَوْلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابَتِهَا تَكُونُ مَالًا وَاحِدًا، وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِائَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ الْأَكْثَرُ (قَوْلُهُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ) مُقَابِلٌ لِلْمُعْتَمَدِ أَيْ الَّذِي وَافَقَهُ أَصْبَغُ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ الْأَذْكَارَ إذَا كَتَبَهَا الْمُقِرُّ، أَوْ أَمَرَ بِكِتَابِهَا أَمْوَالٌ لَا مَالٌ وَاحِدٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُقِرَّ إذَا كَتَبَ الْوَثِيقَتَيْنِ، أَوْ أَمَرَ بِكُتُبِهِمَا، وَأَشْهَدَ عَلَى مَا فِيهِمَا وَلَمْ يُبَيِّنْ السَّبَبَ، أَوْ بَيَّنَهُ؛ فِيهِمَا وَكَانَ مُتَّحِدًا فَالْمُعْتَمَدُ
لَزِمَهُ (الثُّلُثَانِ) مِنْهَا (فَأَكْثَرُ) زِيَادَةً عَلَى الثُّلُثَيْنِ (بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ فَالِاجْتِهَادُ إنَّمَا هُوَ فِي الزِّيَادَةِ خَاصَّةً وَمَحِلُّ لُزُومِ الثُّلُثَيْنِ، وَالزِّيَادَةِ بِالِاجْتِهَادِ إذَا تَعَذَّرَ سُؤَالُهُ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْبَةٍ، وَإِلَّا سُئِلَ عَنْ مُرَادِهِ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ فَسَّرَ بِأَكْثَرَ مِنْ نِصْفِهَا لَا بِهِ، أَوْ بِأَقَلَّ (وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِي) قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (عَشْرَةٌ فِي عَشْرَةٍ عِشْرُونَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ كَمَا يَتَبَادَرُ مِنْ عُرْفِ الْعَامَّةِ وَفِي نُسْخَةٍ بَدَلَ عِشْرُونَ عَشْرَةٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ السَّبَبِيَّةِ أَيْ بِسَبَبِ أَنَّهُ عَامَلَنِي بِعَشْرَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَهُوَ الصَّوَابُ (أَوْ) يَلْزَمُهُ (مِائَةٌ) أَيْ عَشْرَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي عَشْرَةٍ وَلَا يَمِينَ حِينَئِذٍ (قَوْلَانِ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَنْقُولُ أَنَّهُ هَلْ تَلْزَمُهُ عَشْرَةٌ، أَوْ مِائَةٌ قَوْلَانِ وَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ عِشْرُونَ لَا أَعْرِفُهُ وَلَكِنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ التَّابِعُ لَهُ الْمُصَنِّفُ قَرِيبٌ لِعُرْفِ الْعَامَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ وَلُزُومُ الْعَشَرَةِ فَقَطْ بَعِيدٌ عُرْفًا وَلَا يَصِحُّ حِسَابًا، وَإِنْ جَازَ بِجَعْلِ فِي سَبَبِيَّةً كَمَا تَقَدَّمَ وَمَحِلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِرُّ، وَالْمُقَرُّ لَهُ عَارِفَيْنِ بِعِلْمِ الْحِسَابِ، وَإِلَّا لَزِمَهُ الْمِائَةُ اتِّفَاقًا.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي (ثَوْبٌ فِي صُنْدُوقٍ) بِضَمِّ الصَّادِ وَقَدْ تُفْتَحُ وَقَدْ تُبْدَلُ زَايًا وَسِيّنَا (وَزَيْتٌ فِي جَرَّةٍ) لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ (وَفِي لُزُومِ ظَرْفِهِ قَوْلَانِ) مَثَّلَ بِمِثَالَيْنِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ اسْتِقْلَالِهِ بِدُونِ ظَرْفٍ وَعَدَمِهِ (لَا) يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ فِي قَوْلِهِ لَهُ عِنْدِي (دَابَّةٌ فِي إصْطَبْلٍ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ.
(وَ) لَوْ عَلَّقَ إقْرَارَهُ عَلَى شَرْطٍ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ (أَلْفٌ إنْ اسْتَحَلَّ) ذَلِكَ فَقَالَ اسْتَحْلَلْت (أَوْ) إنْ (أَعَارَنِي) الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأَعَارَهُ لَهُ (لَمْ يَلْزَمْ) الْإِقْرَارُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَسْتَحِلُّهُ، أَوْ لَا يُعِيرُ (كَأَنْ) قَالَ لَهُ عِنْدِي كَذَا إنْ (حَلَفَ) فَحَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ (فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) ؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ ظَنَنْت أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ بَاطِلًا فَإِنْ كَانَ حَلِفُهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَلَبٍ مِنْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ لَزِمَهُ (أَوْ) قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ (شَهِدَ) بِهِ (فُلَانٌ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا فِي الْوَثِيقَتَيْنِ سَوَاءً اتَّحَدَ الْقَدْرُ، أَوْ اخْتَلَفَ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ الْمُجَرَّدُ عَنْ الْكِتَابَةِ، أَوْ الْمُصَاحِبُ لِكِتَابَةِ الْمُقَرِّ لَهُ إذَا تَعَدَّدَ فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ أَوَّلًا وَثَانِيًا مُتَّحِدَ الْقَدْرِ لَزِمَهُ أَحَدُ الْإِقْرَارَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلِفَ الْقَدْرِ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِنْهُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ الثُّلُثَانِ مِنْهَا فَأَكْثَرُ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ إنَّمَا يَلْزَمُهُ الثُّلُثَانِ مِنْهَا فَقَطْ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ فِي تِلْكَ الزِّيَادَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِعُسْرِ الْمُقِرِّ وَيُسْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَصُدِّقَ بِيَمِينِهِ) أَيْ صُدِّقَ فِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ إنْ نَازَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَادَّعَى أَكْثَرَ مِمَّا فَسَّرَ بِهِ بِيَمِينِهِ وَمَحِلُّ حَلِفِهِ إنْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَأَمَّا إنْ اتَّهَمَهُ فَفِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ (قَوْلُهُ إنْ فَسَّرَ بِأَكْثَرَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّ هَذَا مُرَادُهُ إنْ فَسَّرَ بِأَكْثَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ) أَيْ الْقَوْلُ بِلُزُومِ عَشَرَةٍ لَكِنْ بِيَمِينٍ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَيْ، وَأَمَّا الْقَوْلُ بِلُزُومِ عِشْرِينَ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُهُ لَكِنَّهُ مُوَافِقٌ لِعُرْفِنَا الْآنَ بِالْمَعِيَّةِ (قَوْلُهُ، أَوْ يَلْزَمُهُ مِائَةٌ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ (قَوْلُهُ هَلْ تَلْزَمُهُ عَشَرَةٌ) أَيْ بِيَمِينٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ مِائَةٌ أَيْ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَلُزُومُ الْعَشَرَةِ فَقَطْ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ (قَوْلُهُ عَارِفِينَ بِعِلْمِ الْحِسَابِ) أَيْ بِأَنْ كَانَا مَعًا، أَوْ أَحَدُهُمَا لَا يَعْرِفُ عِلْمَ الْحِسَابِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَا مَعًا يَعْرِفَانِهِ لَزِمَهُ الْمِائَةُ اتِّفَاقًا وَبَحَثَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْحِسَابِ مُرَاعَاتُهُ إلَّا أَنْ يُقَيَّدَ كَلَامُ الشَّارِحِ بِمَا إذَا كَانَتْ مُحَاوَرَتُهُمَا مَبْنِيَّةً عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ قَبِيلِ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِمُشْتَقٍّ.
(قَوْلُهُ لَزِمَهُ الْمَظْرُوفُ) أَيْ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لِلثَّوْبِ، وَالزَّيْتِ.
(قَوْلُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْمَظْرُوفُ يَسْتَقِلُّ بِدُونِ ظَرْفِهِ كَالثَّوْبِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَسْتَقِلُّ بِدُونِ ظَرْفِهِ كَالزَّيْتِ فَإِنَّ الظَّرْفَ يَلْزَمُ اتِّفَاقًا كَالْمَظْرُوفِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي صُنْدُوقٌ وَعَيَّنَهُ بِالْإِشَارَةِ لِشَخْصِهِ، أَوْ بِوَصْفِهِ فَهَلْ يَكُونُ لَهُ مَا فِيهِ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ وَعَلَى الْأَوَّلِ إنْ قَالَ وَمَا فِيهِ لِي فَهُوَ كَمَسْأَلَةِ لَهُ عِنْدِي خَاتَمٌ وَفَصُّهُ لِي فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ إنْ كَانَ نَسَقًا وَلَوْ أَقَرَّ شَخْصٌ بِأَرْضٍ تَنَاوَلَ الْإِقْرَارُ مَا فِيهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ، وَإِذَا أَقَرَّ بِمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ دَخَلَتْ الْأَرْضُ فَالْإِقْرَارُ كَالْبَيْعِ كَمَا يُفِيدُهُ تت، بَلْ رُبَّمَا يُقَالُ إنَّهُ، أَوْلَى مِنْ الْبَيْعِ بِهَذَا الْحُكْمِ، وَهُوَ التَّنَاوُلُ لِخُرُوجِهِ عَلَى غَيْرِ عِوَضٍ فَيُتَسَامَحُ فِيهِ (قَوْلُهُ لَا يَلْزَمُهُ الظَّرْفُ) أَيْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ، وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ الدَّابَّةُ وَيُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ لَهَا (قَوْلُهُ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْأَسْمَاءِ الَّتِي تَبْدَأُ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْخُلَاصَةِ:
وَفِي اسْمٍ اسْتٍ ابْنٍ ابْنُمِ سُمِعْ
…
وَاثْنَيْنِ وَامْرِئٍ وَتَأْنِيثٌ تَبِعْ.
(قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى) الْمُرَادُ بِالدَّعْوَى الطَّلَبُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ أَيْ كَأَنْ قَالَ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ طَلَبٍ لَهُ عِنْدِي كَذَا إنْ حَلَفَ فَحَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ حَلَّفَهُ بَعْدَ تَقَدُّمِ طَلَبٍ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ لِي عَلَيْك عَشْرَةٌ فَائْتِنِي بِهَا فَقَالَ لَهُ إنْ حَلَفْت عَلَيْهَا دَفَعْتهَا لَك فَإِذَا حَلَفَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ عَشْرَةً لَزِمَهُ دَفْعُهَا لَهُ وَمُطَالَبَةُ وَكِيلِ رَبِّ الْحَقِّ كَمُطَالَبَتِهِ، ثُمَّ إذَا قَالَ لَهُ احْلِفْ وَخُذْ فِي مَسْأَلَةِ الدَّعْوَى أَيْ تَقَدُّمِ الطَّلَبِ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ وَلَوْ قَبْلَ حَلِفِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُ كَمَا فِي تت عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ احْلِفْ عَلَى كَذَا وَخُذْهُ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ دَعْوَى أَيْ طَلَبٍ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ لَوْ حَلَفَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لَزِمَهُ) أَيْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي الصُّورَتَيْنِ وَمِثْلُهُ الضَّمَانُ احْلِفْ، وَأَنَا
لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ، وَأَمَّا الْعَمَلُ بِشَهَادَتِهِ فَيُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ عَدْلًا لَا إنْ شَهِدَ (غَيْرُ الْعَدْلِ) فَلَوْ حَذَفَ غَيْرَ الْعَدْلِ كَانَ حَسَنًا؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ.
(وَ) لَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي (هَذِهِ الشَّاةُ) مَثَلًا (أَوْ هَذِهِ النَّاقَةُ لَزِمَتْهُ الشَّاةُ وَحَلَفَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النَّاقَةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لَهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الْأَوَّلُ وَيَحْلِفُ عَلَى الثَّانِي.
(وَ) لَوْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ (غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ) ، ثُمَّ قَالَ (لَا، بَلْ مِنْ آخَرَ) سَمَّاهُ (فَهُوَ لِلْأَوَّلِ) يُقْضَى لَهُ بِهِ (وَقُضِيَ لِلثَّانِي بِقِيمَتِهِ) إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا.
(وَ) إنْ قَالَ لِشَخْصٍ (لَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ عَيَّنَ) الْمُقِرُّ فَإِنْ عَيَّنَ لَهُ الْأَدْنَى حَلَفَ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ (، وَإِلَّا) يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي قِيلَ لِلْمُقَرِّ لَهُ عَيِّنْ أَنْتَ (فَإِنْ عَيَّنَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَدْنَاهُمَا أَخَذَهُ بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ عَيَّنَ (أَجْوَدَهُمَا حَلَفَ) لِلتُّهْمَةِ، وَأَخَذَهُ (وَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي حَلَفَا) مَعًا (عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) وَيَبْدَأُ الْمُقِرُّ (وَاشْتَرَكَا) فِيهِمَا بِالنِّصْفِ (وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْأَبْوَابِ الَّتِي يُعْتَبَرُ فِيهَا الِاسْتِثْنَاءُ كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ بِشَرْطِهِ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً فَيَلْزَمُهُ وَاحِدٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ضَامِنٌ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لِمُجَرَّدِ ذَلِكَ الْقَوْلِ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ إقْرَارٍ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ، وَأَمَّا الشَّهَادَةُ فَيُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ فُلَانٌ عَدْلًا وَلَا يُعْمَلُ بِهَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ إقْرَارًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ لَا إنْ شَهِدَ فُلَانٌ إلَخْ إلَى أَنَّ غَيْرَ الْعَدْلِ مَنْصُوبٌ عَلَى الْحَالِ مِنْ مُقَدَّرٍ مَعَ عَامِلِهِ أَيْ لَا إنْ شَهِدَ فُلَانٌ غَيْرُ الْعَدْلِ وَلَا يَصِحُّ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ مَقُولِ الْمُقِرِّ وَلَا رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ صِفَةٌ لِفُلَانٍ؛ لِأَنَّ فُلَانًا يُكَنَّى بِهِ عَنْ الْمَعْرِفَةِ فَهُوَ مَعْرِفَةٌ وَغَيْرُ نَكِرَةٍ وَاتِّفَاقُ الصِّفَةِ، وَالْمَوْصُوفِ فِي التَّعْرِيفِ، وَالتَّنْكِيرِ وَاجِبٌ وَلَا عَلَى أَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ فُلَانٍ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَدْلًا كَانَ إقْرَارًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (تَنْبِيهٌ) قَدْ عُلِمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا إنْ شَهِدَ بِهِ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ إنْ حَكَمَ بِهِ فُلَانٌ فَتَحَاكَمَا إلَيْهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا حَكَمَ بِهِ سَوَاءً كَانَ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ عَلَى مُقْتَضَى الشَّرْعِ بِأَنْ كَانَ مُسْتَنِدًا لِبَيِّنَةٍ، أَوْ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ مَا ظَنَنْته يَحْكُمُ بَاطِلًا.
(قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ الشَّاةُ) أَيْ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَلَيْهَا) إنَّمَا حَلَفَ بَتًّا مَعَ وُجُودٍ، أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا لِلتَّشْكِيكِ لَا لِلشَّكِّ، أَوْ لِاحْتِمَالِ زَوَالِ شَكِّهِ وَلَوْ عَكَسَ بِأَنْ قَالَ لَهُ عِنْدِي هَذِهِ النَّاقَةُ، أَوْ هَذِهِ الشَّاةُ لَزِمَهُ النَّاقَةُ وَحَلَفَ عَلَى الشَّاةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ لِلْمُقَرِّ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكَذَا، أَوْ كَذَا لَزِمَهُ الْأَوَّلُ وَحَلَفَ عَلَى الثَّانِي أَيْ عَلَى نَفْيِهِ أَيْ نَفْيِ كَوْنِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ كَانَ أَشْمَلَ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ قَالَ لَا، بَلْ مِنْ آخَرَ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ أَسْقَطَ لَا بِأَنْ قَالَ غَصَبْته مِنْ فُلَانٍ، بَلْ مِنْ آخَرَ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْغَصْبِ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَيَوْمَ الْإِقْرَارِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُقَرِّ لَهُ أَوَّلًا وَثَانِيًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ عِيسَى إنْ ادَّعَاهُ الثَّانِي فَلَهُ تَحْلِيفُ الْأَوَّلِ فَإِنْ حَلَفَ الْأَوَّلُ فَكَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ يُقْضَى بِهِ لِلْأَوَّلِ وَبِقِيمَتِهِ لِلثَّانِي فَإِنْ نَكَلَ الْأَوَّلُ حَلَفَ الثَّانِي، وَأَخَذَ الْمُقَرَّ بِهِ وَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ عَلَى الْمُقِرِّ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُ عِيسَى تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِمَا، وَإِنْ نَكَلَ الثَّانِي فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ لَهُ بِسَبَبِ دَعْوَاهُ أَنَّ الَّذِي لَهُ نَفْسُ الشَّيْءِ الْمَغْصُوبِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُقَرُّ بِهِ شَرِكَةً بَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي كَمَا فِي عبق وخش لِتُسَاوِيهِمَا فِي النُّكُولِ وَتَعَقَّبَهُ بْن بِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِلْأَوَّلِ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ نُكُولَ الثَّانِي تَصْدِيقٌ لِلنَّاكِلِ الْأَوَّلِ الْمُبْدَأِ بِالْيَمِينِ.
(قَوْلُهُ أَحَدُ ثَوْبَيْنِ) أَيْ أَحَدُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ، أَوْ أَحَدُ هَذَيْنِ الْعَبْدَيْنِ (قَوْلُهُ حَلَفَ إنْ اتَّهَمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) فَإِنْ لَمْ يَتَّهِمْهُ فَلَا حَلِفَ فَإِنْ اتَّهَمَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَطَلَبَ يَمِينَهُ فَنَكَلَ حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ، وَأَخَذَ الْأَعْلَى وَبَقِيَ لِلْمُقِرِّ الْأَدْنَى فَإِنْ نَكَلَ أَيْضًا فَيَنْبَغِي أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يُعَيِّنْ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يُعَيِّنَ، أَوْ يَمُوتَ بِخِلَافِ الْمُقَرِّ لَهُ فَإِنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّعْيِينِ مَعَ مَعْرِفَتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُحْبَسُ، بَلْ يُعْطَى الْأَدْنَى وَقَوْلُهُ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي أَيَّ عَيْنٍ مَا لِلْمُقَرِّ لَهُ، وَإِنْ كُنْت أَعْلَمُ أَنَّ لَهُ أَحَدَهُمَا (قَوْلُهُ حَلَفَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَاشْتَرَكَا) وَكَذَا يَشْتَرِكَانِ فِيهِ إذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ كُلًّا قَالَ لَا أَدْرِي (قَوْلُهُ كَالْعِتْقِ، وَالطَّلَاقِ) أَيْ، وَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ، وَالنَّذْرِ (قَوْلُهُ بِشَرْطِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَصِحُّ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ أَنْ يَتَّصِلَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَالْفَصْلُ بَيْنَهُمَا مُضِرٌّ إلَّا لِأَمْرٍ عَارِضٍ كَسُعَالٍ وَعُطَاسٍ، وَأَنْ يَنْطِقَ بِهِ لَكِنْ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ يَكْفِي النُّطْقُ بِهِ وَلَوْ سِرًّا بِحَرَكَةِ لِسَانِهِ، وَأَمَّا.
هُنَا فَلَا بُدَّ أَنْ يُسْمِعَ بِهِ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ الِاسْتِثْنَاءَ أَيْ الْإِخْرَاجَ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَا مُسَاوِيًا لَهُ فَاسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ، أَوْ الْمُسَاوِي بَاطِلٌ وَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْأَكْثَرِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَإِبْقَاءُ أَقَلِّهِ نَحْوُ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا تِسْعَةً خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ، وَإِذَا تَعَدَّدَ الِاسْتِثْنَاءُ فَكُلُّ وَاحِدٍ مُخْرَجٌ مِمَّا قَبْلَهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ عَشْرَةٌ إلَّا أَرْبَعَةً إلَّا اثْنَيْنِ إلَّا وَاحِدًا فَالْوَاحِدُ مُسْتَثْنًى مِنْ الِاثْنَيْنِ يَبْقَى مِنْهُمَا وَاحِدٌ مُسْتَثْنًى مِنْ الْأَرْبَعَةِ يَبْقَى مِنْهَا ثَلَاثَةٌ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْعَشَرَةِ يَبْقَى سَبْعَةٌ هِيَ.
(وَصَحَّ) هُنَا الِاسْتِثْنَاءُ الْمَعْنَوِيُّ كَقَوْلِهِ (لَهُ الدَّارُ، وَالْبَيْتُ لِي) فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ لَهُ جَمِيعُ الدَّارِ إلَّا الْبَيْتَ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ جُرِيَ عَلَى قَوْلِهِ وَلَك أَحَدُ ثَوْبَيْنِ إلَخْ (وَ) صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ (بِغَيْرِ الْجِنْسِ كَأَلْفٍ) مِنْ الدَّرَاهِمِ مَثَلًا (إلَّا عَبْدًا)(وَسَقَطَتْ) مِنْ الْأَلْفِ (قِيمَتُهُ) أَيْ قِيمَةُ الْعَبْدِ وَلَزِمَهُ وَمَا بَقِيَ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَةَ الْمُقَرِّ بِهِ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ، وَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي عَبْدٌ إلَّا ثَوْبًا طُرِحَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ وَفِي لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا عَشْرَةَ دَنَانِيرَ طُرِحَ صَرْفُهَا مِنْهَا.
(وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا مِمَّا لَهُ قِبَلَهُ) أَيْ جِهَتَهُ (أَوْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، أَوْ أَبْرَأَهُ) ، وَأَطْلَقَ (بَرِئَ مُطْلَقًا) مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ مَعْلُومَةً، أَوْ مَجْهُولَةً وَدَائِعَ، أَوْ غَيْرَهَا (وَ) بَرِئَ أَيْضًا (مِنْ) الْبَدَنِيَّةِ مِثْلِ حَدِّ (الْقَذْفِ) مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ إلَّا أَنْ يُرِيدَ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ (وَ) بَرِئَ مِنْ مَالِ (السَّرِقَةِ) لَا الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ لَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ، وَإِذَا قُلْنَا بِالْبَرَاءَةِ مُطْلَقًا (فَلَا تُقْبَلُ) بَعْدَ ذَلِكَ (دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى الْمُبَرِّئِ بِحَقٍّ بِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ (، وَإِنْ بِصَكٍّ) أَيْ وَثِيقَةٍ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الْبَرَاءَةِ، أَوْ جُهِلَ الْحَالُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ (أَنَّهُ) أَيْ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ حَصَلَ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ (وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ) بِأَنْ قَالَ لَهُ أَبْرَأْتُك مِمَّا مَعَك (بَرِئَ مِنْ الْأَمَانَةِ) كَوَدِيعَةٍ وَقِرَاضٍ، وَأَبْضَاعٍ (لَا الدَّيْنِ) فَلَا يَبْرَأُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَيْهِ لَا مَعَهُ، وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ عَدَمُ تَنَاوُلِ مَعَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَسَاوِي مَعَ لِعِنْدَ وَعَلَى بَرِئَ مُطْلَقًا وَكَذَلِكَ يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ إذَا أَبْرَأَهُ مِمَّا مَعَهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ، بَلْ مُجَرَّدُ دَيْنٍ وَلَوْ أَبْرَأَهُ مِمَّا عَلَيْهِ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لَا الْأَمَانَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ عِنْدَهُ أَمَانَةٌ فَقَطْ فَيَبْرَأُ مِنْهَا، وَإِنْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُقَرُّ بِهَا (قَوْلُهُ وَصَحَّ لَهُ الدَّارُ) أَيْ الَّتِي بِيَدِي، أَوْ الدَّارُ الْفُلَانِيَّةُ، أَوْ هَذِهِ الدَّارُ (قَوْلُهُ، وَالْبَيْتُ لِي) أَيْ، وَالْبَيْتُ الْفُلَانِيُّ مِنْهَا لِي وَنَظِيرُ هَذَا الْمِثَالِ هَذَا الْخَاتَمُ لِفُلَانٍ وَفَصُّهُ لِي عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ بُيُوتُهَا وَلَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ الْبَيْتَ الَّذِي لَهُ بِأَنْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ وَلِي بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِهَا فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِتَعْيِينِهِ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ جَرَى عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَأَلْفٍ مِنْ الدَّرَاهِمِ إلَخْ) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ مِنْ الدَّنَانِيرِ، أَوْ الدَّرَاهِمِ إلَّا عَبْدًا وَكَذَا يَصِحُّ عَكْسُهُ نَحْوُ عَلَيَّ عَبْدٌ إلَّا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ فَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ وَتُسْقَطُ الْعَشَرَةُ مِنْ قِيمَتِهِ وَيُلْزَمُ الْبَاقِيَ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ يَوْمَ الِاسْتِثْنَاءِ وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ لِلْمُقِرِّ اُذْكُرْ صِفَةَ الْعَبْدِ فَإِذَا ذَكَرَهَا قُوِّمَ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا وَطُرِحَتْ قِيمَتُهُ مِنْ الْأَلْفِ فَمَا بَقِيَ فَهُوَ الْمُقَرُّ بِهِ اللَّازِمُ لِلْمُقِرِّ فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا فَيَنْبَغِي أَنْ تَسْقُطَ قِيمَةُ عَبْدٍ مِنْ أَعْلَى الْعَبِيدِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ إنَّمَا يُؤْخَذُ بِالْمُحَقَّقِ، وَهَذَا فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَكْسِهِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ أَدْنَى عَبْدٍ وَتَسْقُطُ الْعَشَرَةُ مَثَلًا مِنْهَا (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَغْرَقَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ الْأَلْفَ الْمُقَرَّ بِهَا وَقَوْلُهُ بَطَلَ الِاسْتِثْنَاءُ أَيْ وَلُزُومُ الْأَلْفِ الْمُقَرِّ بِهَا بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ طُرِحَ صَرْفُهَا) أَيْ صَرْفُ الدَّنَانِيرِ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَزِمَ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّرَاهِمِ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَ) أَيْ شَخْصٌ فُلَانًا، أَوْ كُلَّ رَجُلٍ وَتَبْطُلُ الْبَرَاءَةُ مَعَ إبْهَامِ الْمُقَرِّ لَهُ كَأَبْرَيْتُ رَجُلًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَبْرَأَ فُلَانًا أَيْ بِإِحْدَى صِيَغٍ ثَلَاثٍ كَمَا بَيَّنَهَا الْمُصَنِّفُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الْبَرَاءَةُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ مَالِيٍّ، أَوْ بَدَنِيٍّ إلَّا إذَا وَقَعَتْ بِصِيغَةٍ مِنْ الصِّيَغِ الثَّلَاثِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ، وَأَمَّا إنْ أَبْرَأَهُ بِغَيْرِهَا كَأَبْرَأْتُكَ مِمَّا عَلَيْك فَلَا يَبْرَأُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ كُلِّ حَقٍّ، بَلْ مِنْ الدَّيْنِ لَا مِنْ الْأَمَانَةِ، وَإِنْ قَالَ أَبْرَأْتُك مِمَّا مَعَك فَإِنَّهُ يَبْرَأُ مِنْ الْأَمَانَاتِ لَا مِنْ الدَّيْنِ، وَإِذَا قَالَ أَبْرَأْتُك مِمَّا عِنْدَك بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْأَمَانَةِ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَمِنْ الْأَمَانَةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَلَا يَبْرَأُ مِنْ الْحُقُوقِ الْبَدَنِيَّةِ إذَا وَقَعَتْ الْبَرَاءَةُ بِصِيغَةٍ مِنْ هَذِهِ الصِّيَغِ.
(قَوْلُهُ بَرِئَ مُطْلَقًا) ظَاهِرُهُ وَلَوْ أَقَرَّ الْمُبَرَّأُ بِالْفَتْحِ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ إنْكَارِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ح وَاَلَّذِي أَفْتَى بِهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ، وَأَخُوهُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْإِقْرَارَ الطَّارِئَ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ الْحَاصِلِ بَعْدَ الْإِنْكَارِ يُعْمَلُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ إقْرَارٍ جَدِيدٍ فَيُقَيَّدُ مَا هُنَا.
بِمَا إذَا لَمْ يُقِرَّ الْمُبَرَّأُ بَعْدَ الْإِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ بَرِئَ مُطْلَقًا ظَاهِرُهُ حَتَّى فِي الْآخِرَةِ أَيْضًا فَلَا يُؤَاخِذُهُ الْمَوْلَى بِحَقٍّ جَحَدَهُ، وَأَبْرَأَهُ صَاحِبُهُ مِنْهُ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ لَا تَسْقُطُ عَنْهُ مُطَالَبَةُ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ بِحَقِّ خَصْمِهِ (قَوْلُهُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ) كَدُيُونِ الْمُعَامَلَاتِ، وَالْقَرْضِ، وَالْقِرَاضِ، وَالْوَدَائِعِ، وَالرُّهُونِ، وَالْمِيرَاثِ وَدَخَلَ فِي الْحُقُوقِ الْمَالِيَّةِ الْمُعَيَّنَاتُ كَدَارٍ عَلَى الصَّوَابِ مِمَّا فِي ح فَيَسْقُطُ بِالْبَرَاءَةِ الطَّلَبُ بِقِيمَتِهَا إذَا فَاتَهَا الْمُبَرَّأُ، وَالطَّلَبُ بِرَفْعِ الْيَدِ عَنْهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَدَخَلَ فِيهَا أَيْضًا الْحَقُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَى الْإِتْلَافِ كَالْغُرْمِ لِلْمَالِ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ بِالْإِبْرَاءِ وَقَوْلُهُ مَعْلُومَةً أَيْ لِلْمُبَرِّئِ وَقْتَ الْإِبْرَاءِ، أَوْ كَانَتْ مَجْهُولَةً (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ) أَيْ فَإِنْ بَلَغَهُ فَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ إقَامَةِ الْحَدِّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ السَّتْرَ عَلَى نَفْسِهِ أَيْ فَإِذَا أَرَادَ ذَلِكَ كَانَ لَهُ إبْرَاؤُهُ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ لَا إنْ أَرَادَ الشَّفَقَةَ عَلَى الْقَاذِفِ فَلَا يَنْفَعُهُ إبْرَاؤُهُ وَلَا بُدَّ مِنْ حَدِّهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ بِنِسْيَانٍ، أَوْ جَهْلٍ) وَكَذَا لَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ أَنَّ الْإِبْرَاءَ إنَّمَا كَانَ مِمَّا كَانَ فِيهِ الْخُصُومَةُ فَقَطْ وَكَذَا إذَا قَالَ قَصْدِي عُمُومُ الْإِبْرَاءِ، بَلْ تَعَلُّقُهُ بِشَيْءٍ خَاصٍّ، وَهُوَ كَذَا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ بِحَقٍّ) مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَى وَقَوْلُهُ بِنِسْيَانٍ أَيْ بِسَبَبِ نِسْيَانٍ إلَخْ (قَوْلُهُ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ) أَيْ الْحَقُّ الَّذِي فِي الصَّكِّ (قَوْلُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ بَعْدَهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْحَقُّ الْمُدَّعَى بِهِ