الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَبْرَأَهُ مِمَّا عِنْدَهُ بَرِئَ مِنْهُمَا عِنْدَ الْمَازِرِيِّ وَمِنْ الْأَمَانَةِ فَقَطْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ.
(دَرْسٌ)(فَصْلٌ) وَفِي نُسْخَةٍ (بَابٌ) فِي الِاسْتِلْحَاقِ، وَهُوَ ادِّعَاءُ رَجُلٍ أَنَّهُ أَبٌ لِهَذَا فَيَخْرُجُ هَذَا أَبِي، أَوْ أَبُو فُلَانٍ وَلِذَا قَالَ (إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ) وَلَدًا (مَجْهُولَ النَّسَبِ) وَلَوْ كَذَّبَتْهُ أُمُّهُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلُحُوقِ النَّسَبِ لَا مَقْطُوعَهُ كَوَلَدِ الزِّنَا الْمَعْلُومِ أَنَّهُ مِنْ زِنًا وَلَا مَعْلُومَهُ وَحُدَّ مَنْ ادَّعَاهُ حَدَّ الْقَذْفِ (إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ لِصِغَرِهِ) أَيْ الْأَبِ (أَوْ الْعَادَةُ) كَاسْتِلْحَاقِهِ مَنْ وُلِدَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ (وَلَمْ يَكُنْ) الْمَجْهُولُ (رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ) أَيْ لِمَنْ كَذَّبَ الْأَبَ فِي اسْتِلْحَاقِهِ (أَوْ مَوْلًى) أَيْ عَتِيقًا لِمَنْ كَذَّبَهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقَبَةِ مِنْ رِقِّ مَالِكِهَا، أَوْ عَلَى إزَالَةِ الْوَلَاءِ عَمَّنْ أَعْتَقَهُ وَمَنْطُوقُهُ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ مَا إذَا صَدَّقَهُ السَّيِّدُ وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ رَقِيقًا وَلَا مَوْلًى
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ بَرِئَ) أَيْ بِقَوْلِهِ أَبْرَأْتُك مِمَّا مَعَك وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ مِنْ الدَّيْنِ، وَالْأَمَانَاتِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمَازِرِيِّ) أَيْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَهُوَ عُرْفُ مِصْرَ الْآنَ فَعَلَيَّ مِثْلُ عِنْدَ فِي عُرْفِ أَهْلِهَا.
[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]
(فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ)(قَوْلُهُ، وَهُوَ ادِّعَاءُ رَجُلٍ أَنَا أَبٌ لِهَذَا) هَذَا قَيْدٌ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ لَا يَكُونُ أَبًا لِنَفْسِهِ إنْ قُلْت إنَّ الِاسْتِلْحَاقَ طَلَبُ لُحُوقِ شَيْءٍ، وَالِادِّعَاءُ إخْبَارٌ بِقَوْلٍ يَحْتَاجُ لِدَلِيلٍ فَكَيْفَ يَصِحُّ تَفْسِيرُهُ بِهِ مَعَ أَنَّ الْإِخْبَارَ مُقَابِلٌ لِلطَّلَبِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا ذُكِرَ أَصْلُ الِاسْتِلْحَاقِ فِي اللُّغَةِ، ثُمَّ غُلِّبَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ) أَيْ لَا الْأُمُّ اتِّفَاقًا، وَالْمُرَادُ الْأَبُ دِنْيَةً فَلَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ مِنْ الْجَدِّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَسْتَلْحِقُ الْجَدُّ وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى مَا إذَا قَالَ أَبُو هَذَا وَلَدِي لَا إنْ قَالَ هَذَا ابْنُ وَلَدِي فَلَا يُصَدَّقُ وَسَيَأْتِي نَحْوُ هَذَا لِلشَّارِحِ فِي الْإِقْرَارِ بِوَارِثٍ غَيْرِ وَلَدٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَ الشَّخْصَيْنِ وَهَذَا أَنَّ الرَّجُلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي إلْحَاقِ وَلَدٍ بِفِرَاشِهِ لَا فِي إلْحَاقِهِ بِفِرَاشِ غَيْرِهِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ إنَّمَا حَصَرَ الِاسْتِلْحَاقَ فِي مَجْهُولِ النَّسَبِ وَلَمْ يَحْصُرْ الِاسْتِلْحَاقَ فِي الْأَبِ فَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ غَيْرَ الْأَبِ لَهُ أَنْ يَسْتَلْحِقَ غَيْرَ مَجْهُولِ النَّسَبِ، وَهُوَ فَاسِدٌ إذْ لَا يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ إلَّا مِنْ الْأَبِ فَكَانَ الْوَاجِبُ أَنْ يَحْصُرَ الِاسْتِلْحَاقَ فِي الْأَبِ بِحَيْثُ يَقُولُ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ الْأَبُ فَيُؤَخِّرُ الْأَبَ؛ لِأَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ بِإِنَّمَا يَجِبُ تَأْخِيرُهُ وَأُجِيبَ بِجَعْلِ الْمُؤَخَّرِ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى يَسْتَلْحِقُ فَيَتَعَلَّقُ بِهِ الْحَصْرُ لِعَطْفِهِ عَلَى مَدْخُولِ أَدَاةِ الْحَصْرِ أَيْ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ وَيُسْتَلْحَقُ وَلَدٌ مَجْهُولُ النَّسَبِ، أَوْ مَعْمُولًا لِمُقَدَّرٍ مُسْتَأْنَفٍ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَالَ إنَّمَا يَسْتَلْحِقُ الْأَبُ كَأَنَّهُ قِيلَ وَمَنْ الَّذِي يَسْتَلْحِقُهُ فَقَالَ مَجْهُولُ النَّسَبِ أَيْ يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولُ النَّسَبِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ الْغَالِبَ فِي إنَّمَا الْحَصْرُ فِي الْمُتَأَخِّرِ فَقَطْ وَقَدْ يَكُونُ فِيهِ وَفِيمَا قَبْلَهُ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي إنَّمَا يَجِبُ الْقَسْمُ لِلزَّوْجَاتِ فِي الْمَبِيتِ فَكَذَلِكَ هُنَا الْحَصْرُ فِي الْفَاعِلِ، وَالْمَفْعُولِ مَعًا لِتَأَخُّرِهِمَا عَنْ الْفِعْلِ (قَوْلُهُ مَجْهُولُ النَّسَبِ) أَيْ مَجْهُولُ الِانْتِسَابِ لِأَبٍ مُعَيَّنٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْهُ اللَّقِيطُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ بِوَجْهٍ كَمَجَاعَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ لَا يَعِيشُ لَهُ أَوْلَادٌ فَيَطْرَحُهُ لِأَجْلِ أَنْ يَعِيشَ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ أُمُّهُ) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعْلَمَ تَقَدُّمُ مِلْكِ أُمِّ هَذَا الْوَلَدِ، أَوْ نِكَاحِهَا لِهَذَا الْمُسْتَلْحَقِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَهُوَ قَوْلٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ أَنَّهُمْ اكْتَفَوْا فِي هَذَا الْبَابِ بِالْإِمْكَانِ فَقَطْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلُحُوقِ النَّسَبِ مَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى كَذِبِ الْمُقِرِّ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُكَذِّبْهُ الْعَقْلُ) هَذَا شَرْطٌ أَوَّلُ لِصِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا إلَخْ شَرْطٌ ثَانٍ وَمَنْطُوقُهُ صُورَتَانِ وَمَفْهُومُهُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ رِقًّا، أَوْ مَوْلَى لِمُكَذِّبِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ تَارَةً يَحْصُلُ اسْتِلْحَاقٌ غَيْرُ تَامٍّ وَتَارَةً لَا يَحْصُلُ أَصْلًا، وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لَكِنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِصِغَرِهِ) أَيْ لِصِغَرِ الْأَبِ الْمُسْتَلْحِقِ مَعَ كَوْنِ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ كَبِيرًا فَإِنَّ ذَلِكَ يُحِيلُهُ الْعَقْلُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقَدُّمِ الْمَعْلُولِ عَلَى عِلَّتِهِ (قَوْلُهُ كَاسْتِلْحَاقِهِ مِنْ وَلَدٍ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ إلَخْ) أَيْ وَكَاسْتِلْحَاقِ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ نِكَاحٌ وَلَا تَسَرٍّ أَصْلًا فَإِنَّ الْعَادَةَ لَا الْعَقْلُ تُحِيلُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْوَلَدِ إنَّمَا يَكُونُ بَيْنَ ذَكَرٍ وَأُنْثَى عَادِيٌّ لَا عَقْلِيٌّ وَلِذَا قِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى:{أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ} [الأنعام: 101] إنْ هَذِهِ حُجَّةٌ عُرْفِيَّةٌ لَا عَقْلِيَّةٌ (قَوْلُهُ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْهُ) فَإِنْ شَكَّ فِي دُخُولِهِ فَمُقْتَضَى ابْنِ يُونُسَ أَنَّهُ كَذَلِكَ وَمُقْتَضَى الْبَرَادِعِيِّ صِحَّةُ اسْتِلْحَاقَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إخْرَاجِ الرَّقَبَةِ إلَخْ) اعْتَرَضَهُ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ خُرُوجُ الرَّقَبَةِ مِنْ الرَّقَبَةِ إذْ قَدْ يَتَزَوَّجُ الْحُرُّ أَمَةً وَيُوَلِّدُهَا فَالْوَلَدُ لَاحِقٌ بِأَبِيهِ وَرَقِيقٌ لِسَيِّدِ أُمِّهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الظَّاهِرُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ قَوْلُ أَشْهَبَ بِاللُّحُوقِ، بَلْ وَقَعَ مِثْلُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى فَكَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ الْمَشْهُورِ، وَهُوَ عَدَمُ اللُّحُوقِ رَأَى أَنَّ السَّيِّدَ قَدْ تَلْحَقُهُ مَضَرَّةٌ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَوْ ثَبَتَ اللُّحُوقُ إذْ قَدْ يَعْتِقُ هَذَا الْعَبْدُ وَيَمُوتُ عَنْ مَالٍ فَتُقَدَّمُ عَصَبَةُ نَسَبِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَلِتِلْكَ الْمُضِرَّةِ قِيلَ بِعَدَمِ اللُّحُوقِ اهـ.
بْن
(لَكِنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ، أَوْ الْمَوْلَى (يُلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ حَيْثُ كَذَّبَهُ الْمَالِكُ، أَوْ الْحَائِزُ لِوَلَائِهِ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مِلْكًا، أَوْ مَوْلَى لِلْمُكَذِّبِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (وَفِيهَا أَيْضًا) أَيْ فِي مَحِلٍّ آخَرَ (يُصَدَّقُ) الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ إذَا بَاعَهُ، أَوْ بَاعَ أُمَّهُ حَامِلًا، أَوْ بَاعَهُ مَعَ أُمِّهِ (وَإِنْ أَعْتَقَهُ مُشْتَرِيهِ إنْ لَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَى كَذِبِهِ) بِمَا مَرَّ مِنْ عَقْلٍ، أَوْ عَادَةٍ وَيَنْزِعُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ لَهُ الثَّمَنَ وَيَصِيرُ أَبًا لَهُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا بَاعَ الْعَبْدَ مُسْتَلْحِقُهُ وَمَا قَبْلَهَا فِيمَا إذَا لَمْ يَبِعْهُ فَلَمْ يَكُنْ ذِكْرُهَا اسْتِشْكَالًا خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ وَيَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ.
(وَإِنْ كَبِرَ) الْوَلَد بِكَسْرِ الْبَاءِ (أَوْ مَاتَ وَوَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْأَبُ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ إذَا مَاتَ (إنْ وَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ (ابْنٌ) الْأَصْوَبُ وَلَدٌ كَمَا فِي اللِّعَانِ لِيَشْمَلَ الْأُنْثَى، وَأَنْ يَقُولَ إنْ كَانَ بِهِ وَلَدٌ أَيْ وَلَوْ لَمْ يَرِثْهُ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ) أَيْ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ نَسَبُهُ بِمَنْ اسْتَلْحَقَهُ (قَوْلُهُ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ عَلَى أُمِّهِ مِلْكٌ) أَيْ، وَأَمَّا إنْ اسْتَلْحَقَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ، أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ مِلْكٌ عَلَى أُمِّهِ فَإِنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ أَصْلًا لَا فِي الظَّاهِرِ وَلَا فِي الْبَاطِنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ، أَوْ مَوْلًى لِمُكَذِّبِهِ فَتَارَةً لَا يَحْصُلُ الِاسْتِلْحَاقُ أَصْلًا، وَذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمُسْتَلْحِقِ مِلْكٌ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحَقِ وَتَارَةً يَحْصُلُ الِاسْتِلْحَاقُ نَاقِصًا، وَذَلِكَ إذَا تَقَدَّمَ لَهُ مِلْكٌ عَلَى أُمِّهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ إشَارَةً لِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا إلَخْ، وَهُوَ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهُ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مِلْكًا) أَيْ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ ثُبُوتِ نَسَبِهِ وَبَقَائِهِ رِقًّا لِآخَرَ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَكُونُ رِقًّا نَسِيبًا كَمَنْ تَزَوَّجَ بِأَمَةِ آخَرَ، وَأَوْلَدَهَا فَذَلِكَ الْوَلَدُ نَسِيبٌ أَيْ ثَابِتُ النَّسَبِ وَرَقِيقٌ لِسَيِّدِ الْأُمِّ (قَوْلُهُ وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ إلَخْ) أَيْ إنَّ مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَحْدَهُ، أَوْ مَعَ أُمِّهِ وَبَقِيَ، أَوْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ الْبَائِعُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ، وَالْعِتْقُ وَيَنْزِعُهُ الْمُسْتَلْحِقُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرُدُّ لَهُ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ يُصَدَّقُ الْمُسْتَلْحِقُ) أَيْ الَّذِي كَذَّبَهُ الْمَالِكُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي أَيْ الَّذِي هُوَ مُكَذِّبٌ لِلْمُسْتَلْحِقِ. قَوْلُهُ (فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ قَوْلُهُ وَفِيهَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَمَا قَبْلَهَا أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ رِقًّا لِمُكَذِّبِهِ أَيْ فَإِنْ كَانَ رِقًّا لَهُ لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِلْحَاقُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَا إذَا تَقَدَّمَ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ وَمَا تَقَدَّمَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ عَلَيْهِ مِلْكٌ فَقَدْ اخْتَلَفَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْمَالِكُ مُكَذِّبًا لِلْمُسْتَلْحِقِ فِيهِمَا وَلِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ كَانَ الْحُكْمُ فِيهِمَا مُخْتَلِفًا فَقَدْ حُكِمَ فِي الْأَوَّلِ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاسْتِلْحَاقِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِصِحَّتِهِ، وَهَذَا التَّوْفِيقُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَالْعُوفِيِّ.
(قَوْلُهُ خِلَافًا لِبَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ حَيْثُ جَعَلَ هَذَا كُلَّهُ كَالْمُعَارِضِ لِلْأَوَّلِ أَيْ فَمَعْنَى قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْ وَفِيهَا قَوْلٌ آخَرُ مُعَارِضٌ لِلْأَوَّلِ، وَالْمَوْضُوعُ فِيهِمَا وَاحِدٌ، وَهُوَ عِلْمُ تَقَدُّمِ مِلْكِ الْمُسْتَلْحِقِ لَهُ، أَوْ لِأُمِّهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَسْتَمِرُّ مِلْكًا لِلْمُكَذِّبِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ، وَهَذَا حُكْمٌ بِأَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ يُصَدَّقُ وَيَنْزِعُهُ مِنْ الْمَالِكِ قَالَ بْن وَقَدْ حَصَلَ ح هُنَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إذَا اسْتَلْحَقَ مَنْ هُوَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ، أَوْ فِي وَلَائِهِ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ مِلْكُهُ لَهُ، أَوْ لَا هَلْ يُصَدَّقُ، أَوْ لَا قَوْلَانِ وَعَلَى تَصْدِيقِهِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى فِي مِلْكِ مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ لَهُ فَإِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَمْ يُعْتِقْهُ فَإِنْ أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي فَهَلْ يُنْقَضْ الْبَيْعُ، وَالْعِتْقُ، أَوْ لَا قَوْلَانِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِنَقْضِ الْبَيْعِ، وَالْعِتْقِ اهـ.
وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ كَمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَوْرِدَ هَذَا التَّقْسِيمِ هُوَ صُورَةُ التَّكْذِيبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ.
، كَلَامُهُ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ التَّصْدِيقِ فَيُلْحَقُ بِهِ جَزْمًا، ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُسْتَلْحَقُ لَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ فَهُوَ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعَ لَهُ نُقِضَ الْبَيْعُ، وَالْعِتْقُ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَبِرَ، أَوْ مَاتَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُهُ لِمُسْتَلْحِقِهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ شَاسٍ وَقَالَ ابْنُ خَرُوفٍ وَالْعُوفِيُّ بِاشْتِرَاطِهِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقٌ إنْ كَانَ فِي حَوْزِ مُسْتَلْحِقِهِ لَا إنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَبِرَ الْوَلَدُ، أَوْ مَاتَ) أَيْ وَسَوَاءً كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ صَحِيحًا، أَوْ مَرِيضًا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِكَسْرِ الْبَاءِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى طَعَنَ فِي السِّنِّ وَمُضَارِعُهُ بِالْفَتْحِ، وَأَمَّا كَبُرَ بِالضَّمِّ فَمَعْنَاهُ عَظُمَ فِي الْجِسْمِ، أَوْ الْمَعْنَى وَمُضَارِعُهُ حِينَئِذٍ بِالضَّمِّ أَيْضًا وَنَظَمَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
كَبِرْت بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي السِّنِّ وَاجِبٌ
…
مُضَارِعُهُ بِالْفَتْحِ لَا غَيْرُ يَا صَاحِ
وَفِي الْجِسْمِ وَالْمَعْنَى كَبُرْت بِضَمِّهَا
…
مُضَارِعُهُ بِالضَّمِّ جَاءَ بِإِيضَاحِ
لَكِنْ ذَكَرَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ نَقْلًا عَنْ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ جَوَازَ كُلٍّ مِنْ الضَّمِّ، وَالْكَسْرِ فِي الْمَعْنَيَيْنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ مُشْكِلًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الرَّقِيقَ، وَالْكَافِرَ لَا يَرِثَانِ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ عَدَمِهِمَا فَيُتَّهَمُ الْأَبُ فِي اسْتِلْحَاقِهِ لِأَجْلِ أَخْذِهِ الْمَالَ الْكَثِيرَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ وَارِثًا وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الشَّارِعَ مُتَشَوِّفٌ لِلُحُوقِ النَّسَبِ بِالسَّرَايَةِ
فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي بَابِ اللِّعَانِ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ وَجِيهًا وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ وَوَرِثَ الْمُسْتَلْحِقُ الْمَيِّتَ إنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ وَقَلَّ الْمَالُ، ثُمَّ هَذَا الشَّرْطُ إنْ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَكَذَا فِي مَرَضِهِ، وَأَمَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ حَيًّا صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَرِثُهُ مُطْلَقًا أَيْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ كَثُرَ الْمَالُ، ثُمَّ الشَّرْطُ فِي مُجَرَّدِ الْإِرْثِ، وَأَمَّا النَّسَبُ فَلَاحِقٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (أَوْ بَاعَهُ) عَطْفٌ عَلَى كَبِرَ أَيْ يَصِحُّ الِاسْتِلْحَاقُ، وَإِنْ بَاعَهُ الْمُسْتَلْحِقُ عَلَى أَنَّهُ عَبْدٌ (وَنُقِضَ) الْبَيْعُ وَلَوْ كَذَّبَهُ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّحْقِيقِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَتِمَّةِ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا يُصَدَّقُ إلَخْ (وَ) إذَا نُقِضَ الْبَيْعُ (رَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ الْمُسْتَلْحِقِ (بِنَفَقَتِهِ) عَلَيْهِ مُدَّةَ إقَامَتِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (خِدْمَةٌ عَلَى الْأَرْجَحِ) فَإِنْ كَانَ لَهُ خِدْمَةٌ بِأَنْ اسْتَخْدَمَهُ بِالْفِعْلِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ قُلْت قِيمَةُ الْخِدْمَةِ عَنْ النَّفَقَةِ أَوَّلًا كَمَا لَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ إنْ زَادَتْ عَلَى النَّفَقَةِ وَمُقَابِلُ الْأَرْجَحِ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا وَعَدَمُهُ مُطْلَقًا.
(وَإِنْ) بَاعَ أَمَةً بِلَا وَلَدٍ وَ (ادَّعَى اسْتِيلَادَهَا بِسَابِقٍ) أَيْ بِوَلَدٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَيْعِ (فَقَوْلَانِ) بِنَقْضِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ، وَالرَّاجِحُ الْأَوَّلُ وَمَحِلُّهُمَا إذَا لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِنَحْوِ مَحَبَّةٍ، وَإِلَّا فَلَا نَقْضَ اتِّفَاقًا، وَالْقَوْلَانِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَإِنْ بَاعَهَا) حَامِلًا غَيْرَ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (فَوَلَدَتْ) عِنْدَ الْمُشْتَرِي (فَاسْتَلْحَقَهُ) بَائِعُهَا (لَحِقَ) بِهِ مُطْلَقًا كَمَا يَأْتِي (وَلَمْ يُصَدَّقْ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَمَةِ فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ (إنْ اُتُّهِمَ) فِيهَا (بِمَحَبَّةٍ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ) عِنْدَ الْبَائِع فِيهِمْ عَلَى أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَبَضَ الثَّمَنَ مِنْ الْمُشْتَرِي أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ الْأَمَةَ وَوَلَدَهَا مِنْهُ بِدَعْوَى الِاسْتِلْحَاقِ وَلَا يُرَدُّ الثَّمَنُ لِعَدَمِهِ أَيْ عُسْرِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إذَا قَبَضَ الثَّمَنَ (أَوْ وَجَاهَةً) هِيَ الْعَظَمَةُ وَعُلُوُّ الْقَدْرِ قِيلَ، وَالْمُرَادُ بِهَا هُنَا الْجَمَالُ (وَرَدَّ) الْبَائِعُ (ثَمَنَهَا) لِلْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ لَكِنَّ مُفَادَ النَّقْلِ أَنَّهُ لَا يَرُدُّ الثَّمَنَ إلَّا إذَا رُدَّتْ إلَيْهِ الْأَمَةُ حَقِيقَةً بِأَنْ لَمْ يُتَّهَمْ، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ مَاتَتْ، أَوْ أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ وَسَيِّدُهَا يَدَّعِي أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ فَكَأَنَّهَا رُدَّتْ إلَيْهِ (وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ مُطْلَقًا) رُدَّتْ أُمُّهُ إلَيْهِ لِعَدَمِ الِاتِّهَامِ أَمْ لَا تَصَرَّفَ مُشْتَرِيهَا فِيهَا أَمْ لَا.
(وَإِنْ اشْتَرَى) الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ (مُسْتَلْحَقَهُ) بِالْفَتْحِ يَعْنِي مَلَكَهُ بِشِرَاءٍ، أَوْ إرْثٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ مَالِكِهِ الْمُكَذِّبِ لَهُ حِينَ الِاسْتِلْحَاقِ (وَالْمِلْكُ لِغَيْرِهِ) أَيْ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ، وَالْوَاوُ وَلِلْحَالِ أَيْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي الْأَوْلَادِ تَشَوُّفًا قَوِيًّا فَإِذَا وُجِدَتْ، أَوْلَادٌ فَقَدْ تَقَوَّى جَانِبُ الِاسْتِلْحَاقِ فَتَسَبَّبَ عَنْهُ الْمِيرَاثُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، أَوْلَادٌ كَانَ الِاسْتِلْحَاقُ ضَعِيفًا فَلَا مِيرَاثَ إلَّا إذَا قَلَّ الْمَالُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْقَلِيلَ كَالْعَدَمِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَتَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ لَهُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِم فِي بَابِ اللِّعَانِ ضَعِيفٌ) وَلَا يُقَالُ إنَّ مَا هُنَا فِي اسْتِلْحَاقِ وَلَدٍ لَمْ يُلَاعَنْ فِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وَلَدِهِ حُرِّيَّةٌ وَلَا إسْلَامٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي اللِّعَانِ فِي اسْتِلْحَاقِ مَنْ لُوعِنَ فِيهِ فَيُشْتَرَطُ فِي وَلَدِهِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْإِسْلَامُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ لَا فَرْقَ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ الْمَذْكُورُ أَعْنِي عَدَمَ اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهُ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَهُ، أَوْ لَا، ثُمَّ اسْتَلْحَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهُ وَنَقَضَ الْبَيْعَ إلَخْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ هَذَا، وَإِنْ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَفِيهَا أَيْضًا لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ وَرَجَعَ إلَخْ (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَيَّدَ النَّقْضَ بِالتَّصْدِيقِ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ عَلَى التَّحْقِيقِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يُنْقَضُ الْبَيْعُ حَيْثُ لَمْ يُعْتِقْهُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَعْتَقَهُ فَفِي نَقْضِ الْعِتْقِ قَوْلَانِ سَوَاءً صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَذَّبَهُ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ قَالَ هُوَ أَعْدَلُهَا (قَوْلُهُ الرُّجُوعُ مُطْلَقًا) أَيْ الرُّجُوعُ بِالنَّفَقَةِ مُطْلَقًا كَانَ لَهُ خِدْمَةٌ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ بِنَقْضِ الْبَيْعِ وَعَدَمِهِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِيعَتْ فِيهَا الْأَمَةُ مِنْ غَيْرِ وَلَدٍ مَعَهَا، وَإِلَّا فَهِيَ مَا بَعْدَهَا، وَالْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِيمَا إذَا بَاعَهَا سَيِّدُهَا سَوَاءً أَعْتَقَهَا الْمُشْتَرِي أَمْ لَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَيْ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِيهَا أَيْ فِي الْأَمَةِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ بَاعَهَا حَامِلًا) أَيْ بِحَسَبِ دَعْوَى الْبَائِعِ لَا أَنَّ الْحَمْلَ مَعْلُومٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ (قَوْلُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ يَوْمَ الْبَيْعِ لَحِقَ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ كَذَا فِي عج وَاعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ وَلَدَ الْأَمَةِ يَنْتَفِي بِغَيْرِ لِعَانٍ وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُلْحَقُ بِهِ إلَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ، وَأَجَابَ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا قَبْلَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً صَدَّقَهُ الْمُشْتَرِي، أَوْ كَذَّبَهُ تَصَرَّفَ فِيهَا الْمُشْتَرِي أَمْ لَا إنْ قُلْت هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ عَيْنُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَفِيهَا أَيْضًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْنَ الْمَحِلَّيْنِ وِفَاقًا كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ وَرَدَّ ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ الْمَوْضُوعِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ هُنَاكَ الْوَلَدُ، وَالْمَبِيعَ هُنَا الْأَمَةُ فَقَطْ قَالَهُ بْن وَمِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ قَصْرُ مَا تَقَدَّمَ عَلَى بَيْعِ الْوَلَدِ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ التَّكْرَارُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُصَدَّقْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ، وَإِنْ لَحِقَ بِهِ لَكِنَّ أُمَّهُ فِيهَا تَفْصِيلٌ فَإِنْ اُتُّهِمَ الْبَائِعُ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ، أَوْ عَدَمِ ثَمَنٍ، أَوْ وَجَاهَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ لِلْبَائِعِ وَلَزِمَهُ أَنْ يَرُدَّ الثَّمَنَ لِمُشْتَرِيهَا، وَإِنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهَا تُرَدُّ لَهُ أُمُّ وَلَدٍ كَمَا كَانَتْ، أَوْ لَا يَرُدُّ الثَّمَنَ لِمُشْتَرِيهَا (قَوْلُهُ أَيْ عُسْرُهُ) لَا يُقَالُ إنَّهُ لَيْسَ بِعَدِيمٍ؛ لِأَنَّهُ مَالِكٌ لِلْأَمَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هِيَ أُمُّ وَلَدٍ، وَهِيَ لَا تُبَاعُ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّ هَذَا إنَّمَا يَكُونُ إلَخْ) أَيْ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ لَمْ يُقْبِضْهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِيهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ الِاتِّهَامِ بِمَحَبَّةٍ، أَوْ وَجَاهَةٍ (قَوْلُهُ، أَوْ وَجَاهَةٍ) أَيْ وَجَاهَةِ الْأَمَةِ (قَوْلُهُ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ) إنَّمَا أَتَى بِهَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ أَوَّلًا لَحِقَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ اشْتَرَى مُسْتَلْحَقَهُ) أَيْ النَّاشِئَ عَنْ نِكَاحٍ، أَوْ مِلْكٍ بِأَنْ قَالَ هَذَا وَلَدِي
حَالَ كَوْنِهِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ مُسْتَلْحَقِهِ وَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ، وَهَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ قَوْلِهِ سَابِقًا لَكِنَّهُ يُلْحَقُ بِهِ (كَشَاهِدٍ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ) تَشْبِيهٌ فِي الْعِتْقِ أَيْ شَهِدَ بِعِتْقِ عَبْدٍ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ لِمُقْتَضٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ، أَوْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ لِاعْتِرَافِهِ بِحُرِّيَّتِهِ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لِلشَّاهِدِ.
(وَإِنْ اسْتَلْحَقَ) شَخْصٌ إنْسَانًا وَارِثًا (غَيْرَ وَلَدٍ) كَأَخٍ وَعَمٍّ وَيَدْخُلُ فِيهِ مَا إذَا اسْتَلْحَقَ أَبًا كَقَوْلِهِ هَذَا أَبِي وَفِي إطْلَاقِ الِاسْتِلْحَاقِ عَلَى هَذَا تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ (لَمْ يَرِثْهُ) أَيْ لَمْ يَرِثْ الْمُقَرُّ بِهِ الَّذِي هُوَ غَيْرُ الْوَلَدِ الْمُسْتَلْحِقَ بِالْكَسْرِ (إنْ كَانَ وَارِثٌ) كَذَا فِي النُّسَخ الصَّحِيحَةِ بِالشَّرْطِ الْمُثْبَتِ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ قِيلَ، وَاَلَّذِي بِخَطِّ الْمُصَنِّفِ إنْ يَكُنْ بِالْمُضَارِعِ الْمُثْبَتِ، وَهِيَ صَحِيحَةٌ مُوَافِقَةٌ لِلنَّقْلِ أَيْ إنْ وُجِدَ وَارِثٌ لِلْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ مِنْ الْأَقَارِبِ، أَوْ الْمَوَالِي يَوْمَ الْمَوْتِ لَا الْإِقْرَارِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ أَصْلًا، أَوْ وَارِثٌ غَيْرُ حَائِزٍ (فَخِلَافٌ) بِالْإِرْثِ وَعَدَمِهِ، وَالرَّاجِحُ الْإِرْثُ أَيْ إرْثُ الْمُقَرِّ بِهِ مِنْ الْمُقِرِّ جَمِيعَ الْمَالِ فِي الْأُولَى، وَالْبَاقِي فِي الثَّانِيَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَيْسَ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ، وَالضَّعِيفُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ كَالْوَارِثِ الْمَعْرُوفِ وَيَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي إرْثِ الْمُسْتَلْحِقِ بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْمُقِرُّ مِنْ الْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ حَيْثُ صَدَّقَهُ عَلَى اسْتِلْحَاقِهِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا حِينَئِذٍ مُقِرٌّ بِصَاحِبِهِ فَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَا إرْثَ، وَإِنْ سَكَتَ فَهَلْ هُوَ كَالتَّصْدِيقِ، أَوْ يَرِثُ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ فَقَطْ عَلَى تَفْصِيلِ الْمُصَنِّفِ؟ تَرَدُّدٌ (وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ) أَيْ خَصَّ اللَّخْمِيُّ الْخِلَافَ (بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ) بِالْإِخْوَةِ وَنَحْوِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ زَوْجَتِي فُلَانَةَ، أَوْ مِنْ أَمَتِي فُلَانَةَ وَقَوْلُهُ مُسْتَلْحَقَهُ أَيْ مَنْ كَانَ اسْتَلْحَقَهُ فِي حَالِ كَوْنِهِ فِي أَيَّامِ الِاسْتِلْحَاقِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ.
(قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِهِ) أَيْ حِينَ الِاسْتِلْحَاقِ (قَوْلُهُ عَتَقَ) لَوْ قَالَ لَحِقَ وَعَتَقَ كَمَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ كَانَ أَظْهَرَ فِي إفَادَةِ الْمُرَادِ لَكِنَّهُ اكْتَفَى بِلُزُومِ اللُّحُوقِ لِلْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِتْقِ هُنَا الْعِتْقُ بِالنَّسَبِ، وَاللُّحُوقُ لَازِمٌ لَهُ وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْنَهُمَا اخْتِصَارًا (قَوْلُهُ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى حُكْمٍ وَمَحِلُّ كَوْنِهِ يَلْحَقُ بِهِ وَيُعْتَقُ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يُكَذِّبْهُ عَقْلٌ، أَوْ عَادَةٌ، وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يُلْحَقْ بِهِ، ثُمَّ إذَا عَتَقَ الْمُسْتَلْحَقُ بِالْفَتْحِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ اشْتَرَى الْأُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ إنْ كَانَ الْوَلَدُ الْمُسْتَلْحَقُ نَاشِئًا عَنْ مِلْكٍ لَا عَنْ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ شَهِدَ بِعِتْقِ عَبْدٍ) أَيْ ادَّعَى أَنَّ سَيِّدَهُ أَعْتَقَهُ (قَوْلُهُ لِمُقْتَضٍ) أَيْ كَعَدَمِ تَمَامِ النِّصَابِ، أَوْ فِسْقٍ، أَوْ رِقٍّ (قَوْلُهُ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا) أَيْ الشَّاهِدُ بَعْدَ رَدِّ شَهَادَتِهِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ أَيْ بِحُكْمِ الْحَاكِمِ لَا بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ كَمَا فِي خش وَفِي عبق الْعِتْقُ عَلَيْهِ بِالْقَضَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَحَلٍّ وَفِي مَحَلٍّ آخَرَ مِنْهَا أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِحُكْمٍ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ حُرٌّ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ اشْتَرَى حُرًّا، وَالْحُرُّ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حُكْمٍ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْعِتْقِ بِلَا حُكْمٍ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا إذَا كَانَتْ أَمَةً كَمَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْبَيْعُ، أَوْ الرَّدُّ إلَى الْبَائِعِ أَمَّا عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ بِحُكْمٍ فَلِلْمُشْتَرِي مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَحْكُمْ الْقَاضِي بِالْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ) وَجْهُهُ أَنَّ الشَّاهِدَ لَمَّا شَهِدَ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ فَقَدْ ثَبَتَ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِ أَنَّ الْوَلَاءَ لِسَيِّدِهِ فَلَمَّا اشْتَرَاهُ بَقِيَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ وَارِثٌ) أَيْ إنْ كَانَ لِلْمُقِرِّ وَارِثٌ حَائِزٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَرِثْ الْمُقَرُّ بِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يُتَّهَمُ عَلَى خُرُوجِ الْإِرْثِ لِغَيْرِ مَنْ كَانَ يَرِثُ وَلَا يُعَكِّرُ عَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْوَارِثُ يَوْمَ الْمَوْتِ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ الشَّخْصَ قَدْ يَتَرَقَّبُ يَوْمَ مَوْتِهِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ بِالِاحْتِيَاطِ (قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ غَيْرُهُ) أَيْ، وَهُوَ الشَّرْطُ الْمَنْفِيُّ أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ (قَوْلُهُ مُوَافَقَةً لِلنَّقْلِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ صَحِيحَةٌ أَيْ إنَّ صِحَّتَهَا مِنْ جِهَةِ مُوَافَقَتِهَا لِلنَّقْلِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ نُسْخَةَ ابْنِ غَازِيٍّ أَصْوَبُ مِنْ جِهَةِ الصِّنَاعَةِ؛ لِأَنَّ حَذْفَ الْجَوَابِ يَكُونُ مَعَ مُضِيِّ الشَّرْطِ لَا مَعَ مُضَارِعِيَّتِهِ (قَوْلُهُ لَا الْإِقْرَارُ) أَيْ لَا يَوْمَ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ، أَوْ وَارِثٌ غَيْرُ حَائِزٍ) أَيْ كَمَا إذَا أَقَرَّ بِعَمٍّ مَعَ وُجُودِ بِنْتٍ، أَوْ أَخٍ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ) يُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَا إذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِمُعْتِقِهِ بِأَنْ قَالَ أَعْتَقَنِي فُلَانٌ فَإِنَّهُ كَالْإِقْرَارِ بِالْبُنُوَّةِ فَيَرِثُ الْمُقَرُّ بِهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ حَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى نَفْسِهِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمَعْتُوقَ يُورَثُ وَلَا يَرِثُ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ الْإِقْرَارِ بِالْأُخُوَّةِ إذْ هُوَ إقْرَارٌ عَلَى الْغَيْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ، وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ فِي الْمَعْنَى دَعْوَى (قَوْلُهُ، وَالرَّاجِحُ الْإِرْثُ) أَيْ سَوَاءً كَانَ الْإِقْرَارُ فِي حَالَةِ الصِّحَّةِ، أَوْ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ كَمَا فِي بْن وَعَلَى الْإِرْثِ فَهَلْ يَحْلِفُ الْمُقَرُّ بِهِ أَنَّ الْإِقْرَارَ حَقٌّ، أَوْ لَا يَحْلِفُ قَوْلَانِ فِي ح (قَوْلُهُ لَيْسَ كَالْوَارِثِ) أَيْ، بَلْ هُوَ حَائِزٌ يَحُوزُ الْمَالَ لِأَجْلِ صَرْفِهِ فِي مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَيَجْرِي إلَخْ) أَيْ فَيُقَالُ لَا يَرِثُ الْمُسْتَلْحِقُ بِالْكَسْرِ الْمُسْتَلْحَقَ بِالْفَتْحِ إنْ كَانَ لِلْمُسْتَلْحَقِ بِالْفَتْحِ وَارِثٌ حَائِزٌ لِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِلَّا فَخِلَافٌ (قَوْلُهُ فَلَوْ كَذَّبَهُ فَلَا إرْثَ) أَيْ فَلَا إرْثَ لِأَحَدِهِمَا مِنْ الْآخَرِ، كَانَ لَهُ وَارِثٌ حَائِزٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ كَالتَّصْدِيقِ) أَيْ فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَارِثٌ حَائِرٌ عَلَى الرَّاجِحِ فَإِنْ كَانَ وَارِثٌ حَائِزٌ فَلَا إرْثَ (قَوْلُهُ وَخَصَّهُ الْمُخْتَارُ) الضَّمِيرُ لِلْخِلَافِ وَكُلَّمَا وَقَعَ مِنْ الْمُصَنِّفِ لَفْظُ الْمُخْتَارِ فَهُوَ اسْمُ مَفْعُولٍ إلَّا هَذَا.
فَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ
وَأَمَّا إنْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ بِالسِّنِينَ كَالثَّلَاثَةِ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَرِثُهُ؛ لِأَنَّ الطُّولَ قَرِينَةُ الصِّدْقِ غَالِبًا.
(وَإِنْ قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ) ، وَهُمْ ثَلَاثَةٌ (أَحَدُهُمْ وَلَدِي) وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (عَتَقَ الْأَصْغَرُ) كُلُّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ وَلَدَهُ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ وَلَدَ غَيْرِهِ فَهُوَ وَلَدُ أُمِّ وَلَدٍ عَتَقَتْ بِمَوْتِ سَيِّدِهَا فَيَعْتِقُ مَعَهَا (وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ) ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرَيْنِ، وَهُمَا كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ، أَوْ الْأَكْبَرُ وَرَقِيقٌ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَصْغَرَ (وَثُلُثُ الْأَكْبَرِ) ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ بِتَقْدِيرٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَوْنُهُ الْمُقَرَّ بِهِ وَرَقِيقٌ بِتَقْدِيرَيْنِ، وَهُمَا كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوْسَطَ، أَوْ الْأَصْغَرَ (وَإِنْ أَفْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ) أَيْ الْأَوْلَادُ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُمٍّ (فَوَاحِدٌ) يَعْتِقُ (بِالْقُرْعَةِ) وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ أَمْ لَا.
(وَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ، وَأَمَةُ) رَجُلٍ (آخَرَ وَاخْتَلَطَا) أَيْ الْوَلَدَانِ (عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ) جَمْعُ قَائِفٍ كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ، وَهُوَ الَّذِي يَعْرِفُ الْأَنْسَابَ بِالشَّبَهِ، وَالشَّكْلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يَعْنِي أَنَّ اللَّخْمِيَّ قَالَ مَحِلُّ الْخِلَافِ السَّابِقِ إذَا لَمْ يَطُلْ زَمَنُ إقْرَارِ الْمُقِرِّ بِالْأُخُوَّةِ وَنَحْوِهَا فَإِنْ طَالَ فَإِنَّهُ يَرِثُهُ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّ قَرِينَةَ الْحَالِ دَلَّتْ عَلَى صِدْقِهِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ إنَّهُ عَلَى الْمُخْتَارِ يَتَوَارَثَانِ عِنْدَ الطُّولِ تَوَارُثَ ثَابِتِ النَّسَبِ بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْمُتَيْطِيُّ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْحَوفِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ اللَّخْمِيِّ فَعَلَى هَذَا إذَا أَقَرَّ بِأَخٍ وَكَانَ لَهُ أَخٌ وَطَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ شَارَكَ الْأَخُ الْمُقَرُّ بِهِ الْأَخَ الثَّابِتَ النَّسَبِ، وَأَمَّا تَنْظِيرُ خش فِي كَوْنِهِ يَرِثُ مِيرَاثَ ثَابِتِ النَّسَبِ، أَوْ إرْثَ الْمُقَرِّ بِهِ فَلَا يَرِثُ إنْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ حَائِزٌ غَيْرُهُ فَهُوَ قُصُورٌ كَمَا قَالَ بْن وَأُورِدَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ التَّعْبِيرَ بِصِيغَةِ الِاسْمِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَ التَّفْصِيلَ، وَهُوَ غَيْرُ الْإِطْلَاقِ فَهُوَ غَيْرُ الْقَوْلَيْنِ فَهُوَ مُخْتَارُهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَاخْتَارَ تَخْصِيصَهُ بِمَا إذَا لَمْ يَطُلْ الْإِقْرَارُ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُخْتَارَهُ هَذَا لَمَّا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْقَوْلَيْنِ لِمُوَافَقَتِهِ لِهَذَا تَارَةً وَلِهَذَا تَارَةً فَكَأَنَّهُ اخْتَارَهُ مِنْ خِلَافٍ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ طَالَ زَمَنُ الْإِقْرَارِ) أَيْ مِنْ كُلٌّ، أَوْ مِنْ جَانِبٍ مَعَ سُكُوتِ الْآخَرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَالتَّصْدِيقِ عَلَى مَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَالثَّلَاثَةِ) أَيْ، وَأَمَّا السَّنَةُ، وَالسَّنَتَانِ فَالْخِلَافُ جَارٍ فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ يَرِثُهُ) أَيْ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى عَدَمِ الْقَرَابَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِرْثِ وَفِي عبق وَانْظُرْ إذَا مَاتَ الْمُقَرُّ بِهِ وَلَهُ وَلَدٌ هَلْ يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ بِتَمَامِهَا أَمْ لَا اهـ.
قَالَ بْن فِيهِ قُصُورٌ فَقَدْ جَزَمَ الْمُتَيْطِيُّ بِأَنَّهُ لَا يَتَنَزَّلُ مَنْزِلَةَ أَبِيهِ فَلَا يَرِثُ شَيْئًا مِنْ الْمُقِرِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ خِلَافًا قَائِلًا أَفْتَى أَكْثَرُ أَهْلِ بَطْلَيُوسَ بِأَنَّ الْوَلَدَ يَرِثُ الْمُقِرَّ وَابْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عَتَّابٍ أَفْتَوْا بِأَنَّهُ لَا يَرِثُ نَقَلَهُ ح.
(قَوْلُهُ وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا غَابَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ اُنْتُظِرَ وَحُكْمُهُمْ حِينَ الِانْتِظَارِ حَتَّى يُقَدَّمَ عَلَى الرِّقِّ فَتَجْرِي عَلَيْهِمْ أَحْكَامُهُ (قَوْلُهُ عَتَقَ الْأَصْغَرُ) أَيْ وَكَذَا تَعْتِقُ أُمُّهُمْ؛ لِأَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ وَلَدُهَا مِنْ سَيِّدِهَا فَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْعِتْقُ الْحَاصِلُ لَهَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ، أَوْلَادِهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَا مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ) أَيْ سَوَاءً كَانَ وَلَدَهُ فِي الْوَاقِعِ، أَوْ وَلَدًا لِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ وَلَدَ غَيْرِهِ فَهُوَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ هَذَا الْأَصْغَرَ إنَّمَا وُجِدَ بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِالْأَوْسَطِ، أَوْ الْأَكْبَرِ وَمَا حَدَثَ لِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا يَكُونُ بِمَنْزِلَتِهَا يَعْتِقُ مَعَهَا مِنْ رَأْسِ مَالِ سَيِّدِهَا، وَأَمَّا مَا حَدَثَ لَهَا مِنْ الْأَوْلَادِ مِنْ سَيِّدِهَا فَهُوَ حُرٌّ مُتَخَلِّقٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ إذَا كَانَ سَيِّدُهَا حُرًّا (قَوْلُهُ، أَوْ الْأَكْبَرُ) أَيْ، أَوْ كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ هُوَ الْأَكْبَرَ فَيَكُونُ الْأَوْسَطُ حَدَثَ لَهَا بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْأَكْبَرِ وَمَا حَدَثَ لِأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ الْأَوْلَادِ بَعْدَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِمَنْزِلَتِهَا يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ مَالِ السَّيِّدِ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ، وَهُمَا كَوْنُ الْمُقَرِّ بِهِ الْأَوْسَطَ، أَوْ الْأَصْغَرَ) ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ وُجُودَ الْأَكْبَرِ كَانَ قَبْلَ صَيْرُورَتِهَا أُمَّ وَلَدٍ بِهَذَا الْأَوْسَطِ، أَوْ الْأَصْغَرِ فَيَكُونُ رَقِيقًا (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أُمٍّ) أَيْ وَقَالَ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَلَمْ يُعَيِّنْهُ (قَوْلُهُ فَوَاحِدٌ بِالْقُرْعَةِ) أَيْ عَلَى الرُّءُوسِ وَلَا يُنْظَرُ لِلْقَيِّمِ خِلَافًا لخش كَمَا حَقَّقَهُ طفى وَأُمُّهُ أُمُّ وَلَدٍ كَمَا فِي عبق خِلَافًا لِمَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ ثَبَتَ الْعِتْقُ الْكَامِلُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَأَوْلَى الْأُمُومَةُ (قَوْلُهُ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ) أَيْ لِعَدَمِ تَحَقُّقِ سَبَبِهِ، وَهُوَ النَّسَبُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَقَوْلُهُ وَلَا إرْثَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَيْ لَا مِنْ السَّيِّدِ وَلَا مِنْ الْأَخَوَيْنِ وَقَوْلُهُ افْتَرَقَتْ أُمَّهَاتُهُمْ أَيْ كَمَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ كَمَا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ) سَوَاءً كَانَتْ حُرَّةً، أَوْ أَمَةً وَقَوْلُهُ، وَأَمَةُ رَجُلٍ آخَرَ أَيْ وَلَدَتْ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ بِغَيْرِ نِكَاحٍ (قَوْلُهُ وَاخْتَلَطَا) أَيْ الْوَلَدَانِ أَيْ وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ أَبَوَيْهِمَا لَا أَدْرِي وَلَدِي مِنْ هَذَيْنِ، أَوْ تَدَاعَيَا وَاحِدًا أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَنَفَيَا الْآخَرَ وَقَوْلُهُ عَيَّنَتْهُ الْقَافَةُ
وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ فِي نِكَاحَيْنِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ فِي مِلْكَيْنِ، أَوْ نِكَاحٍ وَمِلْكٍ (وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ وَجَدَتْ مَعَ ابْنَتِهَا أُخْرَى لَا تَلْحَقُ بِهِ) أَيْ بِزَوْجِهَا (وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا) لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْبِنْتِ الْأُخْرَى مِنْ نِكَاحٍ، وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ فِي نِكَاحَيْنِ لَكِنْ رُجِّحَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَدْخُلُ فِي نِكَاحٍ وَمَجْهُولٍ كَمَا فِي هَذَا الْفَرْعِ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ فِي النِّكَاحَيْنِ أَيْضًا وَعَلَيْهِ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَةُ آخَرَ فَفَرْعُ ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَإِنَّمَا تَعْتَمِدُ الْقَافَةُ) فِي مَعْرِفَتهَا الْأَنْسَابَ بِالشَّبَهِ (عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ) أَيْ بِأَنْ عَرَفَتْهُ قَبْلَ مَوْتِهِ سَوَاءً عَرَفَتْهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُ وَيَكْفِي قَائِفٌ وَاحِدٌ عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهُ مُخْبِرٌ.
(وَإِنْ)(أَقَرَّ عَدْلَانِ) ابْنَانِ، أَوْ أَخَوَانِ، أَوْ عَمَّيْنٍ (بِثَالِثٍ)(ثَبَتَ النَّسَبُ) لِلْمُقَرِّ بِهِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَلِلْمُقِرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُمَا كَإِقْرَارِ عَدْلٍ وَاحِدٍ كَمَا يَأْتِي وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ وَقَوْلُهُ بِثَالِثٍ يُشْعِرُ بِأَنَّهُمَا مِنْ النَّسَبِ وَلَكِنْ مِثْلُهُمَا الْأَجْنَبِيَّانِ فِي ثُبُوتِ النَّسَبِ، بَلْ، أَوْلَى وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ بِالظَّنِّ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَالَةٌ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ إلَّا بَتًّا وَيُشْتَرَطُ فِيهَا الْعَدَالَةُ.
(وَ) إنْ أَقَرَّ (عَدْلٌ) بِآخَرَ (يَحْلِفُ) الْمُقَرُّ بِهِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْمُقِرِّ أَيْ مَعَ إقْرَارِ الْمُقِرِّ (وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ) أَيْ لَا يَثْبُتُ بِذَلِكَ نَسَبٌ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْمُقِرُّ عَدْلًا (فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ) غَيْرِ الْعَدْلِ (كَالْمَالِ) أَيْ كَأَنَّهَا هِيَ الْمَالُ الْمَتْرُوكُ فَإِذَا كَانَا وَلَدَيْنِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِثَالِثٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ وَلَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ فِي الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَنْ يَصْطَلِحَا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ وَلَدًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ الْأَبَوَانِ فِي تَعْيِينِهِ بِأَنْ أَخَذَ كُلٌّ وَاحِدًا بِعَيْنِهِ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ قَافَةٍ اهـ.
وَقَوْلُهُ، وَأَمَةُ آخَرَ، وَأَمَّا وَلَدُ زَوْجَتِهِ، وَأَمَتِهِ الْمَوْطُوءَةِ لَهُ إذَا وَلَدَتَا فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ وَاخْتَلَطَ وَلَدَاهُمَا وَلَمْ يُعْلَمْ وَلَدُ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا قَافَةَ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَلَدَيْنِ لَاحِقٌ بِهِ وَنَسَبُهُ ثَابِتٌ وَيَرِثَانِهِ وَلَا قَافَةَ بَيْنَ الْأُمَّهَاتِ كَذَا فِي عبق وَنَحْوُهُ لطفى مُعْتَرِضًا عَلَى تت وخش التَّابِعِينَ لِلْبِسَاطِيِّ مِنْ دُخُولِ الْقَافَةِ قَائِلًا إنَّمَا تُدْعَى الْقَافَةُ لِتُلْحِقَ بِالْآبَاءِ لَا بِالْأُمَّهَاتِ لَكِنَّ فِي بْن عَنْ ابْنِ مُيَسَّرٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّ الْقَافَةَ تُدْعَى لِتُلْحِقَ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَدَهَا وَمَحِلُّ هَذَا الْخِلَافِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ أَحَدُهُمَا وَلَدِي، وَالْآخَرُ زَنَتْ بِهِ جَارِيَتِي فَإِنْ قَالَ الْأَبُ ذَلِكَ وَاخْتَلَطَا فَالْقَافَةُ فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ بِهِ فَهُوَ وَلَدُهُ وَكَانَ الْآخَرُ غَيْرَ وَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ، وَالْقَافَةُ لَا تَكُونُ فِي نِكَاحَيْنِ) فَإِذَا وَلَدَتْ زَوْجَةُ رَجُلٍ وَزَوْجَةُ آخَرَ وَاخْتَلَطَ الْوَلَدَانِ فَلَا يُلْحَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَحَدٍ مِنْ الرَّجُلَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ (قَوْلُهُ، ثُمَّ الْمَذْهَبُ أَنَّ الْقَافَةَ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقَافَةَ تَكُونُ فِي مِلْكَيْنِ وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ اتِّفَاقًا، وَهَلْ تَكُونُ فِي النِّكَاحَيْنِ، أَوْ لَا قَوْلَانِ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَكُونُ فِيهِمَا، وَهَلْ تَكُونُ فِي نِكَاحٍ وَمَجْهُولٍ، أَوْ لَا؟ قَوْلَانِ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ عَلَى أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ) أَيْ عَلَى مَعْرِفَةِ أَبٍ لَمْ يُدْفَنْ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْمَوْتِ، أَوْ قَبْلَهُ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُدْفَنْ، وَأَمَّا لَوْ عَرَّفَتْهُ بَعْدَ الدَّفْنِ فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَعْتَمِدَ فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ عَلَى الشَّبَهِ بِهِ حِينَئِذٍ لِتَغَيُّرِهِ عَنْ حَالَتِهِ الْأُولَى وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا دُفِنَ وَكَانَتْ الْقَافَةُ تَعْرِفُهُ مَعْرِفَةً تَامَّةً قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهَا لَا تَعْتَمِدُ عَلَى تِلْكَ الْمَعْرِفَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَبٍ لَمْ تُجْهَلْ صِفَتُهُ لَكَانَ أَشْمَلَ.
(قَوْلُهُ بِثَالِثٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لَهُمَا، وَإِلَّا فَهُوَ قَدْ يَكُونُ رَابِعًا، أَوْ خَامِسًا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ) أَيْ فَيَأْخُذُ مِنْ التَّرِكَةِ كَوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ نِكَاحُ أُمِّ الْمَيِّتِ وَابْنَتِهِ إنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ ابْنًا، أَوْ أَخًا لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ فَلِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ إقْرَارُهُمَا) لَعَلَّ الْأَحْسَنَ مَا نَقَصَاهُ بِإِقْرَارِهِمَا فَإِذَا كَانَ الْمَيِّتُ خَلَّفَ ثَلَاثَةَ، أَوْلَادٍ أَقَرَّ اثْنَانِ مِنْهُمْ بِثَالِثٍ، وَأَنْكَرَهُ الثَّالِثُ يُقْسَمُ الْمَالُ عَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ ثَلَاثَةٌ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ أَرْبَعَةٌ وَمُسَطَّحُهُمَا اثْنَا عَشَرَ لِتَبَايُنِهِمَا فَاقْسِمْهَا عَلَى الْإِنْكَارِ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ أَرْبَعَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ يَخُصُّ كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةٌ فَاَلَّذِي نَقَصَهُ إقْرَارُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقِرِّينَ وَاحِدٌ فَيُعْطَى الِاثْنَانِ لِلْمُقَرِّ بِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ) أَيْ فَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ إذَا كَانَ ابْنًا، أَوْ أَخًا لِلْمَيِّتِ تَزَوُّجُ بِنْتِهِ، أَوْ أُمِّهِ وَقَوْلُهُ وَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ أَيْ لِإِجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِغَيْرِ عُدُولٍ وَلَوْ كَانُوا حَائِزِينَ لِلْمِيرَاثِ كَمَا لِابْنِ يُونُسَ وَلِلْمَازِرِيِّ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ ثُبُوتُهُ بِإِقْرَارِ غَيْرِ الْعُدُولِ إذَا كَانُوا ذُكُورًا وَحَازُوا الْمِيرَاثَ كُلَّهُ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ مِثْلُهُمَا الْأَجْنَبِيَّانِ) فَإِذَا شَهِدَ عَدْلَانِ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّ زَيْدًا ابْنٌ ثَالِثٌ لِلْمَيِّتِ، أَوْ أَخٌ ثَالِثٌ لَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ (قَوْلُهُ وَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْإِقْرَارِ الشَّهَادَةُ) أَيْ بِقَرِينَةِ قَوْلِهِ عَدْلَانِ وَقَوْلُهُ ثَبَتَ النَّسَبُ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا حَقِيقَةُ الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَثْبُتُ بِالْإِقْرَارِ، بَلْ بِالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْإِقْرَارُ قَدْ يَكُونُ بِالظَّنِّ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُقِرَّ بِمَا ظَنَّهُ بِدُونِ تَحْقِيقٍ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْإِقْرَارِ عَدَالَةٌ (قَوْلُهُ إلَّا بَتًّا) أَيْ إلَّا بِالْبَتِّ، وَالْجَزْمِ الَّذِي هُوَ الْعِلْمُ.
(قَوْلُهُ وَعَدْلٌ يَحْلِفُ مَعَهُ وَيَرِثُ وَلَا نَسَبَ) أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ وَارِثٌ عَدْلٌ كَأَخٍ بِأَخٍ ثَالِثٍ، وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّانِي حَلَفَ الْمُقَرُّ بِهِ وَوَرِثَ أَيْ أَخَذَ ثُلُثًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَثْبُتَ نَسَبُهُ فَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُمِّ الْمَيِّتِ وَبِنْتِهِ وَأُخْتِهِ كَمَا لِلْبَاجِيِّ وَالطُّرْطُوشِيِّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَالذَّخِيرَةِ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُقَرِّ بِهِ إلَّا مَا نَقَصَهُ الْمُقِرُّ بِسَبَبِ إقْرَارِهِ كَانَ الْمُقِرُّ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُقَرِّ بِهِ مُطْلَقًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ رَشِيدًا فَإِنْ كَانَ
فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ لِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهَا، وَهُوَ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ، وَالسُّدُسُ الْآخَرُ ظَلَمَهُ بِهِ الْمُنْكِرُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ، وَالْمَذْهَبُ أَنَّ لِلْمُقَرِّ بِهِ مَا نَقَصَهُ الْإِقْرَارُ مِنْ حِصَّةِ الْمُقِرِّ سَوَاءً كَانَ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَلَا يَمِينَ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَيَرِثُ أَنَّهُ إنْ أَقَرَّ بِمَنْ يَحْجُبُهُ كَإِقْرَارِ أَخٍ بِابْنٍ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ (وَ) لَوْ قَالَ ابْنُ الْمَيِّتِ مَثَلًا لِأَحَدِ شَخْصَيْنِ مُعَيَّنَيْنِ (هَذَا أَخِي) ، ثُمَّ قَالَ (بَلْ) هَذَا أَخِي (فَلِلْأَوَّلِ نِصْفُ إرْثِ أَبِيهِ) أَيْ لَهُ نِصْفُ التَّرِكَةِ لِاعْتِرَافِهِ لَهُ بِذَلِكَ، وَإِضْرَابُهُ عَنْهُ لَا يُسْقِطُ ذَلِكَ (وَلِلثَّانِي نِصْفُ مَا بَقِيَ) بِيَدِ الْمُقِرِّ، وَهُوَ رُبُعُ التَّرِكَةِ فَلَوْ قَالَ لِثَالِثٍ، بَلْ هَذَا أَخِي لَكَانَ لَهُ نِصْفُ الْبَاقِي، وَهُوَ الثُّمُنُ وَسَوَاءً أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِتَرَاخٍ، أَوْ بِفَوْرٍ وَاحِدٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ، بَلْ لِلْإِضْرَابِ لَا لِلتَّشْرِيكِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ.
(وَإِنْ تَرَكَ) مَيِّتٌ (أُمًّا، وَأَخًا فَأَقَرَّتْ) الْأُمُّ (بِأَخٍ) آخَرَ مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، وَأَنْكَرَهُ الْأَخُ الثَّابِتُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ (مِنْهَا السُّدُسُ) لِحَجْبِهَا بِهِمَا مِنْ الثُّلُثِ إلَيَّ السُّدُسِ وَلَيْسَ لِلْأَخِ الثَّابِتِ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ شَقِيقًا، وَالْمُقَرُّ بِهِ لِلْأَبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ، وَالْأَخُ الثَّابِتُ مُنْكِرٌ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْهُ شَيْئًا وَفِيهِ بَحْثٌ إذْ لَا وَجْهَ لِاسْتِحْقَاقِ الْأَخِ لِلْأَبِ لَهُ، بَلْ الْوَجْهُ أَنْ يُوقَفَ حَتَّى يَظْهَرَ الْحَالُ بِإِقْرَارِ الشَّقِيقِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فَلِبَيْتِ الْمَالِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْأَخُ الثَّابِتُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُقَرِّ بِهِ شَيْءٌ إذْ لَا تَنْقُصُ الْأُمُّ عَنْ السُّدُسِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ مَيِّتٌ) أَيْ عِنْدَ مَوْتِهِ (بِأَنَّ فُلَانَةَ جَارِيَتَهُ وَلَدَتْ مِنْهُ فُلَانَةَ وَلَهَا ابْنَتَانِ أَيْضًا) مِنْ غَيْرِهِ (وَنَسِيَتْهَا الْوَرَثَةُ، وَالْبَيِّنَةُ) أَيْ نَسُوا اسْمَهَا الَّذِي سَمَّاهُ لَهُمْ (فَإِنْ أَقَرَّ بِذَلِكَ الْوَرَثَةُ) أَيْ اعْتَرَفُوا بِإِقْرَارِهِ مَعَ نِسْيَانِهِمْ اسْمَهَا (فَهُنَّ) أَيْ بَنَاتُ الْجَارِيَةِ الثَّلَاثَةُ (أَحْرَارٌ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) يُقْسَمُ بَيْنَهُنَّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
سَفِيهًا لَمْ يُؤْخَذْ مِنْ حِصَّتِهِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ فَحِصَّةُ الْمُقِرِّ هِيَ النِّصْفُ إلَخْ) ، وَذَلِكَ أَنَّك تَقْسِمُ الْمَالَ الْمَتْرُوكَ عَلَى الْإِنْكَارِ وَعَلَى الْإِقْرَارِ فَمَسْأَلَةُ الْإِنْكَارِ اثْنَانِ وَمَسْأَلَةُ الْإِقْرَارِ ثَلَاثٌ وَمُسَطَّحُهُمَا سِتَّةٌ لِلتَّبَايُنِ فَإِذَا قُسِمَتْ السِّتَّةُ عَلَى الْإِنْكَارِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْمُقِرِّ، وَالْمُنْكِرِ ثَلَاثَةٌ وَعَلَى الْإِقْرَارِ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ فَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ بِهِ مَا نَقَصَهُ الْمُقِرُّ بِإِقْرَارِهِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَيَأْخُذُ الْمُقِرُّ اثْنَيْنِ وَيَأْخُذُ الْمُنْكِرُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ لِلْمُقَرِّ بِهِ ثُلُثُهَا) أَيْ وَلِلْمُقِرِّ ثُلُثَاهَا، وَهُوَ ثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ مِنْ التَّفْصِيلِ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِ الْمُقِرِّ عَدْلًا، أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ (قَوْلُهُ أَخَذَ جَمِيعَ الْمَالِ) أَيْ الَّذِي كَانَ يَأْخُذُهُ الْمُقِرُّ فَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخَوَانِ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِابْنٍ، وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ أَخَذَ الِابْنُ الْمُقَرُّ بِهِ نِصْفَ الْمَالِ، وَأَخَذَ الْأَخُ الْمُنْكِرُ نِصْفَهُ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ أَخٌ وَاحِدٌ، وَأَقَرَّ بِابْنٍ أَخَذَ الِابْنُ جَمِيعَ الْمَالِ، وَإِذَا أَقَرَّ أَحَدُ الْوَرَثَةِ بِدَيْنٍ عَلَى مُوَرِّثِهِمْ، وَأَنْكَرَهُ الْبَاقُونَ أَخَذَ مِنْ نَصِيبِ الْمُقِرِّ بِقَدْرِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا كَانَ نَصِيبُهُ نِصْفَ التَّرِكَةِ أَخَذَ مِنْهُ نِصْفَ الدَّيْنِ الْمُقَرِّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ نَصِيبُهُ ثُلُثَ التَّرِكَةِ أَخَذَ مِنْهُ ثُلُثَ الدَّيْنِ، وَهَكَذَا وَيَكُونُ هَذَا الْوَارِثُ الْمُقِرُّ شَاهِدًا بِالدَّيْنِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُنْكِرِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ الْمُقَرُّ لَهُ وَيَأْخُذُ مِنْ الْمُنْكِرِ مَا يَخُصُّهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُؤْخَذُ جَمِيعُ نَصِيبِ الْمُقِرِّ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ بَعْضُهُ لَا يَفِي بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا إرْثَ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ، بَلْ لِلْإِضْرَابِ لَا لِلتَّشْرِيكِ) أَيْ وَمَتَى كَانَ الْعَاطِفُ لِلْإِضْرَابِ كَمَا هُنَا فَلَا فَرْقَ فِيمَا ذُكِرَ بَيْنَ الْمُهْلَةِ، وَالْفَوْرِيَّةِ، وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الْمُهْلَةِ، وَالْفَوْرِيَّةِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْعَاطِفُ لِلتَّشْرِيكِ كَالْوَاوِ فِي مِثْلِ هَذَا أَخِي، وَهَذَا أَخِي، أَوْ لَمْ يَكُنْ عَطْفٌ أَصْلًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ الشُّرَّاحِ) أَيْ، وَهُوَ عبق حَيْثُ قَالَ إذَا أَقَرَّ لِلثَّانِي بَعْدَ الْأَوَّلِ بِتَرَاخٍ أَمَّا لَوْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِفَوْرٍ وَاحِدٍ فَالْمَالُ بَيْنَهُمَا يَعْنِي مَعَ الْمُقِرِّ عَلَى قَاعِدَةِ الْإِرْثِ فَيَكُونُ أَثْلَاثًا.
(قَوْلُهُ فَلَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ حِصَّتِهَا الَّتِي أَخَذَتْهَا، وَهِيَ الثُّلُثُ السُّدُسُ (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ السُّدُسِ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُقَرُّ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلْأَخِ الثَّابِتِ ثُلُثَاهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْأَخِ الْمُقَرِّ بِهِ السُّدُسُ الْبَاقِي وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ) أَيْ الْأَخُ الثَّابِتُ النَّسَبِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُقَرَّ بِهِ إنَّمَا يَأْخُذُ السُّدُسَ بِالْإِقْرَارِ لَا بِالنَّسَبِ (قَوْلُهُ، وَالْأَخُ الثَّابِتُ مُنْكِرٌ) أَيْ لِلْمُقَرِّ بِهِ فَهُوَ مُعْتَرِفٌ بِأَنَّ الْأُمَّ تَرِثُ مَعَهُ الثُّلُثَ، وَأَنَّهُ لَا يَرِثُ غَيْرَ الثُّلُثَيْنِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَسْتَحِقُّ مِنْ ذَلِكَ السُّدُسِ شَيْئًا وَعَلَى هَذَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ أَخٌ لِأَبٍ أَخَذَ مِنْ الْمِيرَاثِ مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَخْذِ الْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسَ بِالْإِقْرَارِ مَعَ وُجُودِ الْأَخِ الشَّقِيقِ مِثْلُهُ فِي خش وعبق (قَوْلُهُ إذْ لَا وَجْهَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مَعَ وُجُودِ الشَّقِيقِ، وَالْأُمُّ لَمْ تُقِرَّ لِلْأَخِ لِلْأَبِ بِالسُّدُسِ، وَإِنَّمَا أَقَرَّتْ بِأَنَّهُ أَخٌ لِأَبٍ، وَهَذَا الْإِقْرَارُ لَا يُوجِبُ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْإِرْثِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يَرِثُ شَيْئًا مَعَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ بِإِقْرَارِ الشَّقِيقِ، أَوْ بِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُهُ الْأَخُ الشَّقِيقُ.
(قَوْلُهُ أَيْ اعْتَرَفُوا بِإِقْرَارِهِ) أَيْ اعْتَرَفُوا بِأَنَّهُ أَقَرَّ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَارِيَةَ مَعْلُومٌ كَوْنُهَا لَهُ وَمَعْلُومٌ أَنَّ لَهَا ثَلَاثَ بَنَاتٍ، ثُمَّ قَالَ قَبْلَ مَوْتِهِ فُلَانَةُ هَذِهِ بِنْتِي مِنْ جَارِيَتِي، وَالْأُخْرَيَانِ وَلَدَاهَا مِنْ غَيْرِي، ثُمَّ إنَّ الْبَيِّنَةَ، وَالْوَرَثَةَ نَسُوا عَيْنَ تِلْكَ الْبِنْتِ الَّتِي سَمَّاهَا الْمَيِّتُ لَهُمْ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَعْتَرِفَ الْوَرَثَةُ بِأَنَّ الْمَيِّتَ فَدِّ أَقَرَّ مَعَ نِسْيَانِهِمْ لِعَيْنِهَا، وَإِمَّا أَنْ لَا يَعْتَرِفُوا بِمَقَالَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَلَهُنَّ مِيرَاثُ بِنْتٍ) إنْ قُلْت مَا الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَيْثُ حَكَمَ فِيهَا بِثُبُوتِ بِنْتٍ لَهُنَّ وَبَيْنَ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ مَا إذَا قَالَ لِأَوْلَادِ أَمَتِهِ أَحَدُهُمْ وَلَدِي وَمَاتَ وَلَمْ يُعَيِّنْهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُعْتَقُ الْأَصْغَرُ وَثُلُثَا الْأَوْسَطِ