الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِرَبِّهِ إنْ ادَّعَى الْوَفَاءَ وَتَقْطِيعَ الْحُجَّةِ وَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ عَدَمَهُ وَأَنَّ الْحُجَّةَ ضَاعَتْ مِنْهُ، وَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ أَنَّهُ وَفَّاهُ جَمِيعَ الدَّيْنِ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلَهُ وَلِرَبِّهَا رَدُّهَا إلَخْ لِوُجُودِ الْوَثِيقَةِ بِيَدِ الْمَدِينِ فِيهَا فَهِيَ مِنْ جُزْئِيَّاتِ قَوْلِهِمْ مَنْ ادَّعَى الْقَضَاءَ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَإِلَّا غَرِمَ وَهِيَ مَخْصُوصَةٌ بِهَذَا فَلْيُتَأَمَّلْ (وَلَمْ يَشْهَدْ) أَيْ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْهَدَ (شَاهِدُهَا) أَيْ الْوَثِيقَةِ، الَّذِي كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِيهَا (إلَّا بِهَا) أَيْ بِإِحْضَارِهَا يَعْنِي وَلَمْ يَكُنْ الشَّاهِدُ مُسْتَحْضِرًا لِلْقَضِيَّةِ فَطَلَبَ إحْضَارَ الْوَثِيقَةِ لِيَتَذَكَّرَهَا وَيَعْلَمَ حَقِيقَةَ مَا فِيهَا وَالْحَالُ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرٌ أَوْ ادَّعَى دَفْعَ الْجَمِيعِ وَرَبُّ الدَّيْنِ ادَّعَى دَفْعَ الْبَعْضِ
وَمِنْهَا الدَّيْنُ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِنْهَا الْجُنُونُ وَالصِّبَا وَالسَّفَهُ وَالْمَرَضُ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ رضي الله عنه (الْمَجْنُونُ) بِصَرْعٍ أَوْ اسْتِيلَاءِ وَسْوَاسٍ (مَحْجُورٌ) عَلَيْهِ مِنْ حِينِ جُنُونِهِ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ إنْ كَانَ وَجُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَيَمْتَدُّ الْحَجْرُ عَلَيْهِ (لِلْإِفَاقَةِ) مِنْ جُنُونِهِ ثُمَّ إنْ كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا حُجِرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِهِمَا وَإِلَّا فَلَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ وَلَا وِلَايَةَ لِلْأُمِّ مِنْ حَيْثُ الْحَجْرُ وَإِنَّمَا لَهَا الْحَضَانَةُ
(وَالصَّبِيُّ) مَحْجُورٌ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ أَحَدٍ فَقَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ قَدْ دَفَعْتُ لَك الدَّيْنَ وَقَطَّعْتَ الْوَثِيقَةَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْيَمِينُ أَنَّهُ وَفَّاهُ جَمِيعَ الدَّيْنِ وَذَلِكَ لِأَنَّ فَقْدَ الْوَثِيقَةِ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي وَهُوَ رَبُّ الدَّيْنِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدٍ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ (قَوْلُهُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ لِرَبِّهِ) أَيْ بِأَنَّهُ قَدْ دَفَعَ الدَّيْنَ لِرَبِّهِ.
(قَوْلُهُ وَلَيْسَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَدِينُ إلَّا الْيَمِينُ وَذَلِكَ لِأَنَّ فَقْدَ الْوَثِيقَةِ مِنْ يَدِ رَبِّ الدَّيْنِ شَاهِدٌ لِلْمَدِينِ فَيَحْلِفُ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِوُجُودِ الْوَثِيقَةِ بِيَدِ الْمَدِينِ فِيهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَلَمْ تُوجَدْ الْوَثِيقَةُ بِيَدِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ فَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَهِيَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَوَثِيقَةٍ زَعَمَ رَبُّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الْقَاعِدَةُ الَّتِي قَالُوهَا مَخْصُوصَةٌ بِهَذِهِ أَيْ مُخَرَّجٌ مِنْ عُمُومِهَا هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَشْهَدْ شَاهِدُهَا إلَّا بِهَا) جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا (قَوْلُهُ يَعْنِي وَلَمْ يَكُنْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ إلَخْ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَاهِدَ الْوَثِيقَةِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ بِمَا فِيهَا إلَّا بَعْدَ حُضُورِهَا مُقَيَّدٌ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ غَيْرَ مُتَذَكِّرٍ لِلْقَضِيَّةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مُتَذَكِّرًا لَهَا فَلَا تَتَوَقَّفُ شَهَادَتُهُ عَلَى حُضُورِهَا، وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُنْكِرًا لِلْحَقِّ مِنْ أَصْلِهِ أَوْ مُدَّعِيًا لِدَفْعِ جَمِيعِهِ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي دَفْعَ بَعْضِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْوَثِيقَةَ مُكْتَتَبَةٌ بِمَا دَفَعَ فَإِذَا كَانَ الشَّاهِدُ غَيْرَ مُسْتَحْضِرٍ لِمَا دَفَعَ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا بِهَا
[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]
(بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ) الْحَجْرُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ مَنْعَ مَوْصُوفِهَا مِنْ نُفُوذِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا زَادَ عَلَى قُوَّتِهِ أَوْ تَبَرُّعِهِ بِزَائِدٍ عَلَى ثُلُثِ مَالِهِ فَدَخَلَ بِالثَّانِي حَجْرُ الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ وَدَخَلَ بِالْأَوَّلِ حَجْرُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالسَّفِيهِ وَالْمُفْلِسِ وَالرَّقِيقِ فَيُمْنَعُونَ مِنْ التَّصَرُّفِ فِي الزَّائِدِ عَلَى الْقُوتِ وَلَوْ كَانَ التَّصَرُّفُ غَيْرَ تَبَرُّعٍ كَالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فَلَا يُمْنَعَانِ مِنْ التَّصَرُّفِ إذَا كَانَ غَيْرَ تَبَرُّعٍ أَوْ كَانَ تَبَرُّعًا وَكَانَ بِثُلُثِ مَالِهِمَا وَأَمَّا تَبَرُّعُهُمَا بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ فَيُمْنَعَانِ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْهَا الدَّيْنُ) أَيْ وَمِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ الدَّيْنُ وَأَرَادَ بِهِ الْفَلَسَ لِأَجْلِ الدَّيْنِ.
وَقَوْلُهُ وَالسَّفَهُ أَرَادَ بِهِ التَّبْذِيرَ وَعَدَمَ حُسْنِ التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ أَيْ وَمِنْهَا أَيْضًا الرِّقُّ وَالنِّكَاحُ بِالنِّسْبَةِ لِلزَّوْجَةِ فَأَسْبَابُ الْحَجْرِ سَبْعَةٌ وَلَيْسَ مِنْهَا الرِّدَّةُ لِأَنَّ الْمُرْتَدَّ لَيْسَ بِمَالِكٍ.
(قَوْلُهُ: الْمَجْنُونُ بِصَرْعٍ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْجِنِّيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ وَسْوَاسٍ وَهُوَ الَّذِي يُخَيَّلُ إلَيْهِ وَسَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُطْبَقًا أَوْ مُتَقَطِّعًا وَحَمَلَ الشَّارِحُ الْجُنُونَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا يَصْرَعُ أَوْ وَسْوَاسٍ لِأَنَّ مَا بِالطَّبْعِ أَيْ غَلَبَةُ السَّوْدَاءِ لَا يُفِيقُ مِنْهُ عَادَةً فَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ وَجُنَّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَبٌ وَلَا وَصِيٌّ أَوْ وُجِدَ أَحَدُهُمَا وَلَكِنَّهُ جُنَّ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَاَلَّذِي يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ كَانَ) أَيْ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ صَغِيرًا أَوْ كَانَ كَبِيرًا لَكِنَّهُ سَفِيهٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَيْسَ صَغِيرًا وَلَا سَفِيهًا بَلْ رَشِيدًا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِفَاقَةِ مِنْ الْجُنُونِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِلْإِفَاقَةِ أَيْ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْإِفَاقَةِ إذَا أَفَاقَ رَشِيدًا فَإِنَّ الْحَجْرَ يَنْفَكُّ عَنْهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِفَكِّهِ
. (قَوْلُهُ: وَالصَّبِيُّ) أَيْ الذَّكَرُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ لِلْبُلُوغِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ فَسَيَأْتِي
لِمَنْ ذَكَرَ (لِبُلُوغِهِ) فَإِذَا بَلَغَ الذَّكَرُ رَشِيدًا ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ فَسَادٌ أَوْ هَلَاكٌ فَيَمْنَعُهُ الْأَبُ أَوْ مَنْ ذَكَرَ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيَسْتَمِرُّ الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا إلَى سُقُوطِ حَضَانَتِهَا بِالْبِنَاءِ بِهَا ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ خَمْسَةً ثَلَاثَةٌ مِنْهَا مُشْتَرَكَةٌ وَاثْنَانِ مُخْتَصَّانِ بِالْأُنْثَى فَقَالَ (بِثَمَانِ عَشْرَةَ) سَنَةً أَيْ بِتَمَامِهَا وَقِيلَ بِالدُّخُولِ فِيهَا (أَوْ الْحُلُمِ) أَيْ الْإِنْزَالِ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ الْإِنْزَالَ فِي النَّوْمِ (أَوْ الْحَيْضُ أَوْ الْحَمْلُ) بِالنِّسْبَةِ لِلْأُنْثَى (أَوْ الْإِنْبَاتُ) أَيْ النَّبَاتُ الْخَشِنُ لَا الزَّغَبُ لِلْعَانَةِ لَا لِلْإِبْطِ أَوْ اللِّحْيَةِ أَوْ الشَّارِبِ فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ (وَهَلْ) النَّبَاتُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ صَلَاةٍ وَصَوْمٍ مِمَّا لَا يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ وَحَقِّ الْعِبَادِ مِنْ طَلَاقٍ وَقِصَاصٍ وَحَدٍّ مِمَّا يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ أَوْ هُوَ عَلَامَةٌ (إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي تَرْكِ الْوَاجِبَاتِ وَارْتِكَابِ الْمُحَرَّمَاتِ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي الْبَاطِلِ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا حَدٌّ وَإِنْ كَانَ الْحَاكِمُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَنْظُرُ فِيهِ وَيَحْكُمُ بِمَا ظَهَرَ لَهُ (تَرَدُّدٌ) وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا كَغَيْرِهِ وَبَقِيَ مِنْ عَلَامَاتِ الْبُلُوغِ نَتِنُ الْإِبْطِ وَفَرْقُ الْأَرْنَبَةِ وَغِلَظُ الصَّوْتِ (وَصُدِّقَ) الصَّبِيُّ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا كَمُطَلِّقٍ وَجَانٍّ ادَّعَى عَدَمَهُ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ وَكَمُدَّعٍ وُجُودَهُ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ فِي الْجِهَادِ أَوْ لِيَؤُمَّ النَّاسَ أَوْ لِيَكْمُلَ بِهِ عَدَدُ جَمَاعَةِ الْجُمُعَةِ وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ (إنْ لَمْ يُرَبْ) أَيْ يُشَكَّ فِي شَأْنِهِ فَإِنْ اُرْتِيبَ فِيهِ لَمْ يُصَدَّقْ لَكِنْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَمْوَالِ كَأَنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ لِيَأْخُذَ سَهْمَهُ أَوْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَتْلَفَ مَالًا اُؤْتُمِنَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ بَالِغٌ فَأَقَرَّ بِذَلِكَ وَخَالَفَهُ أَبُوهُ فِي بُلُوغِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَصَدَّقَهُ فِي الْجِنَايَةِ وَالطَّلَاقِ فَلَا يَقَعُ عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ لِدَرْءِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ وَاسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي قَوْلِهِ لِحِفْظِ مَالِ الْأَبِ بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ حَجْرُ الْحَضَانَةِ مِنْ تَدْبِيرِ نَفْسِهِ وَصِيَانَةِ مُهْجَتِهِ مِنْ الْهَلَاكِ أَوْ الْفَسَادِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: لِمَنْ ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْأَبِ وَوَصِيِّهِ وَالْحَاكِمِ وَجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ ذَهَبَ حَيْثُ شَاءَ) أَيْ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ لِانْفِكَاكِ الْحَجْرِ عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَاتِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى بَلَغَ عَاقِلًا زَالَ عَنْهُ وِلَايَةُ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْحَاكِمِ مِنْ حَيْثُ تَدْبِيرُ نَفْسِهِ وَصِيَانَةُ مُهْجَتِهِ إذْ يُؤْمَنُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مِنْ وُقُوعِ نَفْسِهِ فِي مَهْوَاةٍ أَوْ فِيمَا يُؤَدِّي لِقَتْلِهِ أَوْ عَطَبِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الذَّهَابِ حَيْثُ شَاءَ إلَّا أَنْ يُخَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادُ لِجَمَالِهِ مَثَلًا وَإِلَّا كَانَ لِأَبِيهِ أَوْ وَصِيِّهِ أَوْ النَّاسِ أَجْمَعِينَ مَنْعُهُ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهَا) أَيْ وَأَمَّا الْحَجْرُ عَلَيْهَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْإِنْزَالُ) أَيْ إنْزَالُ الْمَنِيِّ مُطْلَقًا فِي نَوْمٍ أَوْ يَقِظَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ لِلْحُلُمِ الْإِنْزَالَ فِي النَّوْمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْحَيْضُ) أَيْ الَّذِي لَمْ يَتَسَبَّبْ فِي جَلْبِهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً اهـ خش.
(قَوْلُهُ: أَيْ النَّبَاتُ الْخَشِنُ) أَيْ النَّبَاتُ لِلشَّعْرِ الْخَشِنِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ حَصَلَ فِي زَمَنٍ لَا يَنْبُتُ فِيهِ عَادَةً وَقَوْلُهُ لِلْعَانَةِ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ الْإِنْبَاتُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَتَأَخَّرُ) أَيْ فَإِنَّ نَبَاتَ الشَّعْرِ فِي الْإِبِطِ وَنَبَاتَ اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ يَتَأَخَّرُ عَنْ الْبُلُوغِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ عَلَامَةً عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَلَامَةِ مَا يَحْصُلُ الْبُلُوغُ عِنْدَهَا مِنْ غَيْرِ تَأَخُّرٍ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ فَلَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ.
(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) أَيْ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى لِلْمَازِرِيِّ وَالثَّانِيَةُ لِابْنِ رُشْدٍ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمَازِرِيَّ قَالَ إنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ عَلَى الْبُلُوغِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ إنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ لَهُ فَلِمَالِكٍ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَامَةً عَلَى الْبُلُوغِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْقَطْعِ وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْآدَمِيِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْخِلَافُ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَيْنَ الشَّخْصِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْآدَمِيِّينَ مِنْ قَذْفٍ وَقَطْعٍ وَقَتْلٍ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ مِنْ وُجُوبِ الصَّلَاةِ وَنَحْوِهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ هَذَا مُحَصِّلُ مَا فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّ مَا نَسَبَهُ لِابْنِ رُشْدٍ خِلَافُ مَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا فَالظَّاهِرُ أَنَّ لِابْنِ رُشْدٍ طَرِيقَةً أُخْرَى وَأَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِ ابْنِ رُشْدٍ لِقَوْلِهِ إنَّهُ عَلَامَةٌ مُطْلَقًا عَلَى مَا نَقَلَ عَنْهُ الْمَوَّاقُ وَلِقَوْلِهِ ثَانِيًا إنَّهُ لَيْسَ بِعَلَامَةٍ فِي حَقِّ اللَّهِ عَلَى مَا نَقَلَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ) أَيْ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا (قَوْلُهُ طَالِبًا أَوْ مَطْلُوبًا) أَيْ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: ادَّعَى عَدَمَهُ) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ مِنْهُ أَيْ فَيُصَدَّقُ لِأَنَّ إنْكَارَ الْبُلُوغِ شُبْهَةٌ وَالْحُدُودَ تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ بِالْإِنْزَالِ أَوْ الْحَيْضِ بَلْ وَلَوْ بِالْإِنْبَاتِ وَفِي عبق وخش إنْ ادَّعَاهُ بِالسِّنِّ لَا يُصَدَّقُ وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ ذَلِكَ وَفِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ وَيُصَدَّقُ فِي السِّنِّ إنْ ادَّعَى مَا يُشْبِهُهُ حَيْثُ يَجْهَلُ التَّارِيخَ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يُرَبْ) الْمَحْفُوظُ فِيهِ ضَمُّ الْيَاءِ وَفَتْحُ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فَالرِّيبَةُ وَاقِعَةٌ عَلَيْهِ لَا مِنْهُ أَيْ إنْ لَمْ يَقَعْ مِنَّا رِيبَةٌ فِيمَا قَالَهُ وَأَمَّا عَلَى قِرَاءَتِهِ بِكَسْرِ الرَّاءِ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ فَالْمَعْنَى إنْ لَمْ يُوقِعْ غَيْرَهُ فِي رِيبَةٍ (قَوْلُهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْبُلُوغَ لِوُجُودِ الشَّكِّ فِي صِدْقِهِ.
(قَوْلُهُ إنْ ادَّعَى عَدَمَ الْبُلُوغِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ ادَّعَى الْبُلُوغَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ دُونَ الْجِنَايَةِ لِلشُّبْهَةِ
فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ (وَلِلْوَلِيِّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (رَدُّ تَصَرُّفِ) شَخْصٍ (مُمَيِّزٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِمُعَاوَضَةٍ مِنْ غَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَأَمَّا بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَعِتْقٍ فَيَتَعَيَّنُ رَدُّهُ وَمُرَادُهُ بِالْمُمَيِّزِ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَكَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الصَّبِيَّ وَالْبَالِغَ السَّفِيهَ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي الْبَالِغِ وَجَازَ أَنْ يُرَادَ بِهِ خُصُوصُ الصَّبِيِّ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ الْآتِي كَالسَّفِيهِ تَشْبِيهًا تَامًّا ثُمَّ إذَا رَدَّ الْوَلِيُّ بَيْعَهُ فَالثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَهُ الْمُمَيِّزُ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ أَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يَسْتَغْنِي عَنْهَا وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَإِنْ أَنْفَقَهُ فِي شَهَوَاتِهِ الَّتِي يُسْتَغْنَى عَنْهَا فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُمَيِّزِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ وَلِيُّهُ بِتَصَرُّفِهِ أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ (إنْ رَشَدَ) لَكِنَّ جَعْلَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الصَّبِيَّ يُصَدَّقُ فِي شَأْنِ الْبُلُوغِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا إنْ لَمْ يُرَبْ وَلَمْ يُشَكَّ فِي صِدْقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ بِهِ فَإِنْ اُرْتِيبَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي الْأَمْوَالِ وَيُصَدَّقُ فِي غَيْرِهَا كَالطَّلَاقِ وَالْجِنَايَةِ إنْ ادَّعَى عَدَمَهُ فَإِنْ ادَّعَى وُجُودَهُ صُدِّقَ فِي الطَّلَاقِ فَقَطْ دُونَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ الرِّيبَةَ فِي قَوْلِهِ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيِّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُمَيِّزَ إذَا تَصَرَّفَ فِي مَالِهِ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ وَكَانَتْ تِلْكَ الْمُعَاوَضَةُ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ وَلِأَجْلِ إنْفَاقِهِ عَلَى نَفْسِهِ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَاسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي إجَازَتِهَا وَرَدِّهَا فَإِنَّهُ يَثْبُتُ لِوَلِيِّهِ إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهَا الْخِيَارُ بَيْنَ إجَازَتِهَا وَرَدِّهَا وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَبِيعِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ غَيْرُهُ قَالَ فِي الْبَيَانِ إذَا بَاعَ الْيَتِيمُ دُونَ إذْنِ وَصِيِّهِ أَوْ صَغِيرٌ بِدُونِ إذْنِ أَبِيهِ شَيْئًا مِنْ عَقَارِهِ أَوْ أُصُولِهِ بِوَجْهِ السَّدَادِ فِي نَفَقَتِهِ الَّتِي لَا بُدَّ لَهُ مِنْهَا وَكَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ الَّذِي بَاعَ أَوْ كَانَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَكِنَّ ذَلِكَ الْمَبِيعَ أَحَقُّ مَا يُبَاعُ مِنْ أُصُولِهِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ، الْقَوْلُ الثَّانِي يُرَدُّ الْبَيْعُ إنْ رَأَى الْوَلِيُّ أَنَّ الرَّدَّ هُوَ الْوَجْهُ وَالْمَصْلَحَةُ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ وَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ الَّذِي صَوْنُهُ بِذَلِكَ الثَّمَنِ فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ الْمَصُونُ وَتَجَدَّدَ لَهُ مَالٌ غَيْرُهُ فَلَا يَتْبَعُ الثَّمَنَ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ، الْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي وَلَا يُرَدُّ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ بَاعَ مَا غَيْرُهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يُخْتَلَفُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ يُرَدُّ وَلَا يَبْطُلُ الثَّمَنُ عَنْ الْيَتِيمِ لِإِدْخَالِهِ إيَّاهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُ) أَيْ وَهُوَ وَصِيُّهُ وَالْحَاكِمُ وَمُقَدِّمُهُ (قَوْلُهُ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ) أَيْ وَلَوْ فِي عَقَارِهِ وَلَوْ كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهُ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ إلَخْ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ وَهَذَا إذَا اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ فَإِنْ تَعَيَّنَتْ فِي أَحَدِهِمَا تَعَيَّنَ وَيَصِحُّ جَعْلُ اللَّامِ لِلِاخْتِصَاصِ وَالْمَعْنَى وَلِلْمَوْلَى لَا لِغَيْرِهِ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ الرَّدَّ مُتَعَيَّنٌ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ وَأَنَّ الْإِجَازَةَ كَذَلِكَ تَتَعَيَّنُ إذَا كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ بِأَنْ كَانَ الْبَيْعُ بِالْقِيمَةِ أَمَّا لَوْ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الْمِثْلِ تَحَتَّمَ الرَّدُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ لِأَجْلِ إنْفَاقِهِ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ وَإِلَّا تَحَتَّمَ الرَّدُّ وَلَا يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَحُمِلَ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى أَنَّهُ أَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ يُحْمَلُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ إنْفَاقُهُ عَلَى التَّبْذِيرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى الْمَحَاجِيرِ كَمَا فِي نَقْلِ ح وَابْنِ عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ: اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ) صَوَابُهُ لَمْ يُتْبَعْ فِي ذِمَّتِهِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِلْمُمَيِّزِ) أَيْ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ لِصِغَرٍ أَوْ سَفَهٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَسَكَتَ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ تَصَرُّفُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَاضٍ لَيْسَ لَهُ رَدُّهُ إذَا رَشَدَ لِأَنَّ سُكُوتَ الْوَلِيِّ مَعَ عِلْمِهِ إمْضَاءٌ لَهُ فَفِي الْمَوَّاقِ وَإِذَا تَصَرَّفَ الْمَحْجُورُ بِرُؤْيَا مِنْ وَصِيِّهِ وَطَالَ تَصَرُّفُهُ فَأَفْتَى ابْنُ الْحَاجِّ وَابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ رُشْدٍ أَنَّ مَا لَحِقَهُ مِنْ دَيْنٍ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ وَأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَاضٍ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي نَوَازِلِهِ وَبِهِ الْعَمَلُ.
(قَوْلُهُ: رَدُّ تَصَرُّفِ نَفْسِهِ إنْ رَشَدَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِمَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ كَالْمُعَاوَضَةِ أَوْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّهُ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَأَمَّا وَارِثُ الْمَحْجُورِ الْبَائِعِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لَهُ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ مِنْ رَدِّ التَّصَرُّفِ أَمْ لَا قَوْلَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَحْجُورَ إذَا تَصَرُّف بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهَلْ لِوَارِثِهِ أَنْ يَرُدَّهُ مِنْ بَعْدِهِ كَمَا كَانَ يَرُدُّهُ هُوَ لَوْ كَانَ حَيًّا أَوْ لَا يَرُدُّهُ؟ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: إنْ رَشَدَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ هُوَ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَلَمْ يَحْكِ فِيهِ خِلَافًا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ سَلْمُونٍ وَابْنُ عَتَّابٍ فَقَالَا إنَّ الْوَلِيَّ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِالنِّكَاحِ وَلَا بِالْبَيْعِ حَتَّى رَشَدَ الْمَحْجُورُ فَإِنْ ذَلِكَ يَمْضِي اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ
الرَّاجِحِ (وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ) أَيْ وَلَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا لَوْ حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ بِعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَا يَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ بَلَغَ فَفَعَلَهُ فَلَهُ رَدُّ ذَلِكَ وَإِمْضَاؤُهُ فَالْمُرَادُ بِالْحِنْثِ فِعْلُ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ أَيْ الْحِنْثُ اللُّغَوِيُّ لَا حَقِيقَةُ الْحِنْثِ إذْ الصَّبِيُّ لَا تَنْعَقِدُ عَلَيْهِ يَمِينٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ عَلَّقَ الْيَمِينَ فِي صِغَرِهِ وَفَعَلَ بَعْدَ بُلُوغِهِ نَقِيضَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ مِمَّا يُوجِبُ الْحِنْثَ أَنْ لَوْ كَانَ بَالِغًا حِينَ التَّعْلِيقِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا قَوْلُهُ وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ حَالَ النُّفُوذِ أَيْ لَا حَالَ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ فِي يَمِينٍ انْعَقَدَتْ وَهِيَ هُنَا لَمْ تَنْعَقِدْ لِعَدَمِ بُلُوغِهِ لِقَوْلِهِ الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ وَالصَّبِيُّ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (أَوْ وَقَعَ الْمُوقِعُ) عَطْفٌ عَلَى حَنِثَ أَيْ وَلَهُ بَعْدَ رُشْدِهِ الْخِيَارُ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ وَإِمْضَائِهِ وَلَوْ وَقَعَ تَصَرُّفُهُ الْمُوقِعُ أَيْ الصَّوَابُ وَهَذَا إذَا تَغَيَّرَ الْحَالُ بِزِيَادَةٍ فِيمَا بَاعَهُ أَوْ نَقْصٍ فِيمَا اشْتَرَاهُ فَإِنْ اسْتَمَرَّ فَلَا رَدَّ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ رُشْدٍ وَالتَّحْقِيقُ الْإِطْلَاقُ كَمَا يُفِيدُهُ الْمُصَنِّفُ وَالْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ فِيمَا بَيْنَ تَصَرُّفِهِ وَرَدِّهِ كَانَ الرَّدُّ مِنْهُ أَوْ مِنْ الْوَلِيِّ لِلْمُشْتَرِي إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَوْلًى عَلَيْهِ وَإِلَّا رَدَّ الْغَلَّةَ أَيْضًا بِخِلَافِ بَيْعِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ فَتُرَدُّ الْغَلَّةُ مُطْلَقًا عَلِمَ الْمُشْتَرِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِبُطْلَانِ بَيْعِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْآتِيَ جَارٍ فِي كُلٍّ مِنْ الصَّغِيرِ الْمُهْمَلِ وَالسَّفِيهِ الْمُهْمَلِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي السَّفِيهِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الْمُهْمَلُ فَلَا خِلَافَ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ وَحِينَئِذٍ فَجَعْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ شَامِلًا لِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ وَلِيٌّ لِلْمَحْجُورِ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِلْبِنَاءِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوحِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِيهِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ) مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ تَصَرُّفُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ أَوْ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهِ قَبْلَ بُلُوغِهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ تَصَرُّفُهُ بِيَمِينٍ حَنِثَ فِيهَا بَعْدَ بُلُوغِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَفْعَلُ كَذَا) أَيْ لَا يَدْخُلُ دَارَ زَيْدٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فَلَهُ رَدُّ ذَلِكَ أَيْ الَّذِي حَلَفَ بِهِ وَهُوَ الْعِتْقُ وَالصَّدَقَةُ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ الْقَائِلِ إذَا حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ لَزِمَهُ مَا حَلَفَ بِهِ مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ فِي الْمَتْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحِنْثُ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ فَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَقَبْلَ الرُّشْدِ كَانَ كَمَا لَوْ حَلَفَ فِي حَالِ صِغَرِهِ وَحَنِثَ فِي حَالِ صِغَرِهِ فَإِنْ دَخَلَهَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ رُشْدِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ مَا حَلَفَ بِهِ اتِّفَاقًا فِي الصُّورَتَيْنِ وَلِذَا قَالَ ح لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ حَنِثَ بَعْدَ رُشْدِهِ لَكَانَ أَبْيَنَ وَأَوْضَحَ وَأَمَّا لَوْ حَلَفَ السَّفِيهُ فِي حَالِ سَفَهِهِ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَرْكِهِ بَعْدَ رُشْدِهِ فَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِالطَّلَاقِ لَزِمَهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ كَانَ الْحَلِفُ بِمَالٍ كَعِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُقَدِّمَاتِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ.
(قَوْلُهُ: وَاعْتُبِرَ فِي وِلَايَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَحَلِّ الطَّلَاقِ حَالَ النُّفُوذِ لَا حَالَ التَّعْلِيقِ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت طَالِقٌ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ لَمْ يَلْزَمْهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا لِمَحَلِّ الطَّلَاقِ وَهُوَ الْعِصْمَةُ حَالَ نُفُوذِ الطَّلَاقِ وَلَوْ اُعْتُبِرَ حَالَ التَّعْلِيقِ لَوَقَعَ الطَّلَاقُ لِمِلْكِهِ لِمَحَلِّهِ حِينَئِذٍ وَتَقْرِيرُ الْمُخَالَفَةِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا مَرَّ أَنَّ مَا مَرَّ يَقْتَضِي اعْتِبَارَ حَالِ النُّفُوذِ لَا حَالِ التَّعْلِيقِ أَيْ وَقَدْ اُعْتُبِرَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَالُ التَّعْلِيقِ لَا حَالُ النُّفُوذِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَقَعَ إلَخْ) هَذَا مُبَالَغَةٌ أَيْضًا فِي أَنَّ لَهُ الْإِمْضَاءَ وَالرَّدَّ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَرُشْدِهِ أَيْ وَلَوْ صَدَرَ مِنْهُ ذَلِكَ التَّصَرُّفُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ وَالسَّدَادِ فَلَا يَلْزَمُهُ إمْضَاؤُهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَا رَدَّ لَهُ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَالْإِمْضَاءَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ الْحَالُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ أَوْ تَغَيَّرَ بِزِيَادَةٍ فِيمَا بَاعَ أَوْ نَقْصٍ فِيمَا اشْتَرَى.
(قَوْلُهُ: وَالتَّحْقِيقُ الْإِطْلَاقُ) أَيْ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَرَجَّحَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَدَّ الْغَلَّةَ أَيْضًا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ عَلِمَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي أَنَّ هَذَا الْبَائِعَ مَوْلًى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يَرُدُّ الْغَلَّةَ كَمَا يَرُدُّ الْمَبِيعَ وَلَوْ كَانَ أَمَةً زَوَّجَهَا الْمُشْتَرِي لِغَيْرِهِ فَوَلَدَتْ مِنْهُ فَتُرَدُّ هِيَ وَوَلَدُهَا فَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الْمُشْتَرِي رَدَّهَا مَعَ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتُرَدُّ الْغَنَمُ بِنَسْلِهَا وَالْأَرْضُ وَلَوْ بُنِيَتْ وَلَهُ قِيمَةُ بِنَائِهِ مَقْلُوعًا لِأَنَّهُ كَالْغَاصِبِ.
(قَوْلُهُ: فَتُرَدُّ الْغَلَّةُ مُطْلَقًا إلَخْ) هَذَا مَا اعْتَمَدَهُ عبق وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ السَّنْهُورِيُّ يَفُوزُ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِالْغَلَّةِ مُطْلَقًا عَلِمَ أَنَّهُ مَوْلًى عَلَيْهِ أَمْ لَا لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَفُوزُ بِالْغَلَّةِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِيَوْمِ الْحُكْمِ بِالرَّدِّ.
(قَوْلُهُ: هَذَا هُوَ الصَّوَابُ) نَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَكَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَمَنْ أَوْدَعْته وَدِيعَةً فَاسْتَهْلَكَهَا ابْنُهُ الصَّغِيرُ فَذَلِكَ فِي مَالِ الِابْنِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَفِي ذِمَّتِهِ اهـ وظَاهِرُهُ كَانَ إتْلَافُهُ بِأَكْلِهِ أَوْ بِطَرْحِهِ فِي الْبَحْرِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ صَانَ بِهِ مَالَهُ أَمْ لَا وَأَمَّا قَوْلُ عبق تَبَعًا لعج وَلَا يَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ فَغَيْرُ صَوَابٍ وَاسْتِدْلَالُ عج بِقَوْلِ الرَّجْرَاجِيِّ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ بِالثَّمَنِ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ طفى إنَّهُ وَهْمٌ لِأَنَّ كَلَامَ الرَّجْرَاجِيِّ الْمَذْكُورَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ الصَّبِيُّ فِيمَا بَاعَهُ وَأَنْفَقَهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَتْبَعُ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح فِي التَّنْبِيهِ الثَّانِي
(وَضَمِنَ) الصَّبِيُّ وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ (مَا أَفْسَدَ) أَيْ مَا أَتْلَفَهُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِالْقِيمَةِ فِي ذِمَّتِهِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا ابْنَ شَهْرٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَجْمَاءِ وَمَحَلُّ ضَمَانِ الصَّبِيِّ (إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَالِ الَّذِي أَفْسَدَهُ فَإِنْ أُمِنَ أَيْ اُسْتُحْفِظَ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا أَنْ يَصُونَ بِهِ مَالَهُ بِأَنْ يُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِمَّا أُمِنَ عَلَيْهِ فِي أَكْلٍ أَوْ كِسْوَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَضْمَنُ فِي الْمَالِ الَّذِي صَانَهُ أَيْ حَفِظَهُ خَاصَّةً فَإِنْ تَلِفَ وَأَفَادَ غَيْرَهُ لَمْ يَضْمَنْ وَإِذَا بَاعَ مَا أُمِنَ عَلَيْهِ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ فِي نَفَقَتِهِ فَلَا يَضْمَنُ مِنْ مَالِهِ إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ إلَّا أَنَّ رَبَّ السِّلْعَةِ يَرْجِعُ عَلَى مُشْتَرِيهَا بِهَا أَوْ بِقِيمَتِهَا وَالْمُشْتَرِي يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرَ وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يُتَصَوَّرُ تَأْمِينُهُ وَفِيمَا أَتْلَفَهُ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ وَقِيلَ كِلَاهُمَا هَدَرٌ
(وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ الْمُمَيِّزِ (كَالسَّفِيهِ) تَشْبِيهٌ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ أَوْ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ إلَى هُنَا إنْ أُرِيدَ الصَّبِيُّ (إنْ لَمْ يَخْلِطْ) مَنْ ذَكَرَ فِي وَصِيَّتِهِ بِأَنْ لَا يَتَنَاقَضَ أَوْ بِأَنْ يُوصِيَ بِقُرْبَةٍ تَأْوِيلَانِ كَمَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ (إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ) وَإِنْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَبِحِفْظِهِ لِمَالِهِ بِأَنْ لَا يَصْرِفَهُ فِي شَهَوَاتِهِ النَّفْسِيَّةِ مَعَ الْبُلُوغِ يَثْبُتُ رُشْدُهُ
(و) إلَى (فَكِّ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ) مِنْ قَاضٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ ذَا الْأَبِ لَا يَحْتَاجُ إلَى فَكٍّ مِنْ أَبِيهِ بِخِلَافِ ذِي الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَيَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَحْتَاجُ الْفَكُّ مِنْهُمَا إلَى إذْنِ الْقَاضِي وَصُورَةُ الْفَكِّ أَنْ يَقُولَ لِلْعُدُولِ اشْهَدُوا إنِّي فَكَكْت الْحَجْرَ عَنْ فُلَانٍ مَحْجُورِي وَأَطْلَقَتْ لَهُ التَّصَرُّفَ وَمَلَّكْت لَهُ أَمْرَهُ لِمَا قَامَ عِنْدِي مِنْ رُشْدِهِ وَحِفْظِهِ لِمَالِهِ وَإِنَّمَا احْتَاجَ ذُو الْوَصِيِّ إلَى الْفَكِّ بِخِلَافِ ذِي الْأَبِ مَعَ أَنَّهُ الْأَصْلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَضَمِنَ الصَّبِيُّ) مِثْلُهُ السَّفِيهُ فَمَا قِيلَ فِي الصَّبِيِّ مِنْ الضَّمَانِ إلَّا أَنْ يُؤْمَنَ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ مَا لَمْ يَصُنْ بِهِ مَالَهُ يُقَالُ فِي السَّفِيهِ فِي إتْلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ) نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَنْ أَوْدَعَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا أَوْ أَقْرَضَهُ فَأَتْلَفَهَا لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ أَهْلُهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَإِنَّمَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّ صَاحِبَ السِّلْعَةِ قَدْ سَلَّطَهُ عَلَيْهَا وَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ لَبَطَلَتْ فَائِدَةُ الْحَجْرِ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ إلَّا أَنْ يَصْرِفَا ذَلِكَ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ وَلَهُمَا مَالٌ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَتْلَفَا وَمَا صَانَاهُ مِنْ مَالِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ لِأَنَّ رَبَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَهُ عَلَى إتْلَافِهِ وَلَوْ كَانَ إتْلَافُهُ لَهُ بِأَكْلِهِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ) أَيْ صَانَهُ فَإِذَا كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنَّهُ كُلَّ يَوْمٍ يَتَغَذَّى بِنِصْفِ فِضَّةٍ فَبَاعَ مَا أَمِنَ عَلَيْهِ وَصَارَ يَتَغَذَّى كُلَّ يَوْمٍ بِخَمْسَةِ أَنْصَافٍ فَلَا يَضْمَنُ فِي مَالِهِ إلَّا النِّصْفَ الْفِضَّةَ لَا مَا زَادَ اهـ.
وَقَوْلُهُ إلَّا قَدْرَ مَا صَانَ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ مِمَّا أَنْفَقَهُ وَمَا صَانَهُ مِنْ مَالِهِ فَإِذَا كَانَ مَا صَانَهُ أَقَلَّ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ ضَمِنَهُ وَإِذَا كَانَ مَا صَرَفَهُ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ أَقَلَّ لَزِمَهُ الْقَدْرُ الَّذِي صَرَفَهُ وَصَانَ بِهِ مَالَهُ.
(تَنْبِيهٌ) عَكْسُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا لَوْ أَوْدَعَ الْمُمَيِّزُ شَيْئًا عِنْدَ آخَرَ فَأَتْلَفَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزِ التَّصَرُّفِ.
(قَوْلُهُ: يَرْجِعُ عَلَى الصَّبِيِّ بِمَا ذَكَرَ) أَيْ بِمَا صَانَ بِهِ مَالَهُ (قَوْلُهُ إنَّ الْمَالَ فِي مَالِهِ) أَيْ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا فَفِي ذِمَّتِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ وَدِيَةُ جِنَايَتِهِ عَلَى نَفْسٍ أَوْ عَلَى عُضْوٍ عَلَى عَاقِلَتِهِ إذَا كَانَتْ دِيَةُ ذَلِكَ قَدْرَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَأَكْثَرَ فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ فَفِي مَالِهِ فَهُوَ كَالْمُمَيِّزِ فِي ذَلِكَ اهـ وَهَذَا الْقَوْلُ الْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ تَبَعًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ الَّذِي لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّكْلِيفُ بَلْ وَلَا التَّمْيِيزُ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَالُ هَدَرٌ) أَيْ وَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
. (قَوْلُهُ وَصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ) أَيْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ فِي حَالِ مَرَضِهِ.
(قَوْلُهُ: تَشْبِيهُ فِي صِحَّةِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ مُطْلَقُ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ الشَّامِلُ لِلسَّفِيهِ وَقَوْلُهُ أَوْ فِي جَمِيعِ إلَخْ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُمَيِّزِ فِيمَا مَرَّ خُصُوصُ الصَّغِيرِ.
(قَوْلُهُ: مَنْ ذَكَرَ) أَيْ الْمُمَيِّزُ وَالسَّفِيهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلِمَا قَبْلَهَا عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَنْ ذَكَرَ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَتَنَاقَضَ) أَيْ فِيهَا فَمَتَى لَمْ يَتَنَاقَضْ فِيهَا كَانَتْ صَحِيحَةً سَوَاءٌ كَانَ لِفَقِيرٍ أَوْ غَنِيٍّ كَانَ الْمُوصَى لَهُ صَالِحًا أَوْ فَاسِقًا إمَّا إنْ تَنَاقَضَ كَأَنْ يَقُولَ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارٍ أَوْصَيْت لِزَيْدٍ بِدِينَارَيْنِ كَانَتْ بَاطِلَةً وَلَوْ كَانَ الْمُوصَى لَهُ فَقِيرًا.
(قَوْلُهُ: بِقُرْبَةٍ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَوْصَى بِغَيْرِهَا كَإِيصَائِهِ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي أَوْ لِلْأَغْنِيَاءِ كَانَتْ بَاطِلَةً.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي عِمْرَانَ وَالثَّانِي لِلَّخْمِيِّ.
(قَوْلُهُ: إلَى حِفْظِ) أَيْ مَعَ حِفْظِ إلَخْ أَيْ مَعَ صَيْرُورَةِ ذِي الْأَبِ حَافِظًا لِمَالِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَى الصَّبِيِّ بِالنِّسْبَةِ لِنَفْسِهِ لِبُلُوغِهِ فَقَطْ ذَكَرَ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَالِهِ يَكُونُ لِبُلُوغِهِ مَعَ صَيْرُورَتِهِ حَافِظًا لِمَالِهِ بَعْدَهُ فَقَطْ إنْ كَانَ ذَا أَبٍ أَوْ مَعَ فَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمُ إنْ كَانَ ذَا وَصِيٍّ أَوْ مُقَدَّمٌ فَذُو الْأَبِ بِمُجَرَّدِ صَيْرُورَتِهِ حَافِظًا لِلْمَالِ بَعْدَ بُلُوغِهِ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ لَمْ يَفُكَّهُ أَبُوهُ عَنْهُ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ يُسْتَثْنَى مِنْهُ إذَا حَجَرَ الْأَبُ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ عِنْوَانُ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ وَإِنْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ إلَّا لِفَكِّ الْأَبِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ سَهْلٍ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ
(قَوْلُهُ مَعَ أَنَّهُ) أَيْ الْأَبَ الْأَصْلُ أَيْ وَالْوَصِيُّ فَرْعٌ أَيْ وَمُقْتَضَاهُ أَنْ يَكُونَ حَجْرُ الْأَبِ أَقْوَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ وَحِينَئِذٍ
لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ وَلَدَهُ فِي وِلَايَةِ الْوَصِيِّ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ صَارَ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقَدَّمِ فَإِنْ مَاتَ الْوَصِيُّ قَبْلَ الْفَكِّ وَلَمْ يُوصِ عَلَيْهِ فَأَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ فَكِّ حَاكِمٍ وَلَا يُقَالُ صَارَ مُهْمَلًا يَأْتِي فِيهِ الْخِلَافُ الْآتِي بَيْنَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَى حِفْظِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ لِبُلُوغِهِ وَإِلَى بِمَعْنَى مَعَ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ بِالْبُلُوغِ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ لَفْظَ بَعْدَهُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ قَوْلُهُ (إلَّا كَدِرْهَمِ لِعَيْشِهِ) وَعَيْشِ وَلَدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَرَقِيقِهِ مِنْ لَحْمٍ وَبَقْلٍ وَخُبْزٍ وَغَسْلِ ثِيَابِ وَمَا يَحْلِقُ بِهِ رَأْسَهُ وَأُجْرَةِ حَمَّامٍ بِالْمَعْرُوفِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا يَرُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَاتِ الْمَعَاشِ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِيهِ أَيْضًا (لِإِطْلَاقِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى تَصَرُّفِ أَيْ فَلَا يُرَدُّ بَلْ يَلْزَمُهُ (وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ وَنَفْيِهِ) أَيْ النَّسَبُ بِلِعَانٍ فَلَا يُرَدُّ (وَعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ) وَتَبِعَهَا مَالُهَا وَلَوْ كَثُرَ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَقِصَاصٍ) لِجِنَايَةٍ مِنْهُ عَلَى غَيْرِهِ فِي نَفْسٍ أَوْ جُرْحٍ (وَنَفْيِهِ) أَيْ الْقِصَاصِ أَيْ إسْقَاطِهِ بِالْعَفْوِ عَنْ جَانٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّهِ عَمْدًا وَأَمَّا الْخَطَأُ فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ (وَإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ) كَقَوْلِهِ قَطَعْت يَدَ زَيْدٍ أَوْ قَذَفْته (وَتَصَرُّفُهُ) أَيْ السَّفِيهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْمُهْمَلِ الْمُحَقَّقِ السَّفَهِ (قَبْلَ الْحَجْرِ) عَلَيْهِ مَحْمُولٌ (عَلَى الْإِجَازَةِ) فَلَا يُرَدُّ وَلَوْ تَصَرَّفَ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَعِتْقٍ (عِنْدَ مَالِكٍ) وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ كَابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ نَافِعٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي رَدِّ تَصَرُّفِهِ الْحَجْرُ وَلَمْ يُوجَدْ (لَا عِنْدَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَيَحْتَاجُ لِلْفَكِّ بِالْأُولَى مِنْ حَجْرِ الْوَصِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَبَ لَمَّا أَدْخَلَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ حَجْرَ الْأَبِ لَمَّا كَانَ حَجْرَ أَصَالَةٍ مِنْ غَيْرِ جَعْلٍ وَلَا إدْخَالِ أَحَدٍ كَانَ لِلْوَلَدِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُخْرِجَهُ أَحَدٌ وَحَجْرُ الْوَصِيِّ بِالْجَعْلِ وَالْإِدْخَالِ فَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَّا بِإِخْرَاجِ الْوَصِيِّ أَلَا تَرَى أَنَّ الْوَلَدَ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ أَبُوهُ لِلسَّفَهِ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِأَنْ قَالَ الْأَبُ اشْهَدُوا أَنِّي حَجَرْت عَلَى ابْنِي فَإِنَّ الْوَلَدَ لَا يَزَالُ بَاقِيًا فِي حَجْرِهِ وَلَوْ صَارَ يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ وَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهُ إلَّا إذَا قَالَ أَبُوهُ فَكَكْت الْحَجْرَ لَا عَنْهُ أَوْ يَحْكُمُ حَاكِمٌ بِإِطْلَاقِهِ.
(قَوْلُهُ مَا لَوْ حَجَرَ عَلَيْهِ) أَيْ لِسَفَهِ بِأَنْ قَالَ اشْهَدُوا أَنِّي حَجَرْت عَلَى وَلَدِي وَهَلْ لَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلسَّفَهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَوْ وَلَوْ قَبْلَهُ خِلَافٌ ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ وَقَوْلُهُ لَا يَنْتَقِلُ أَيْ ذَلِكَ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ وَهَذَا أَقْوَى طَرِيقَتَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَإِنَّمَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ الْأَبُ لِسَفَهِهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ إذَا كَانَ بِقُرْبِهِ كَالْعَامِ فَإِنْ زَادَ فَلَا بُدَّ مِنْ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْحَجْرِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمُقَدَّمِ) أَيْ أَنَّهُ لَمَّا أَدْخَلَ الْوَلَدُ الْحَاكِمَ الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْأَبِ فِي وِلَايَتِهِ صَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ وَمَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ لَا يَنْتَقِلُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا بِإِطْلَاقِهِ.
(قَوْلُهُ فَأَفْعَالُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْحَجْرِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتَصَرُّفُهُ بَعْدَ مَوْتِ الْوَصِيِّ كَتَصَرُّفِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَالَ ح وَهَذَا هُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَنْ مَاتَ وَصِيُّهُ قَبْلَ فَكِّهِ الْحَجْرَ عَنْهُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ وَالْخِلَاف الْآتِي مَوْضُوعُهُ السَّفِيهُ الْمُهْمَلُ.
(قَوْلُهُ وَإِلَى بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ فَالْغَايَةُ هُنَا مُنْضَمَّةٌ لِلْغَايَةِ السَّابِقَةِ فَيَكُونُ غَايَةُ الْحَجْرِ مَجْمُوعَ الْغَايَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْيَتِيمَ الْمُهْمَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ) أَيْ حَجْرِ الصِّغَرِ وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ إنْ طَرَأَ لَهُ سَفَهٌ حِينَ الْبُلُوغِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِالْبُلُوغِ أَيْ إذَا كَانَ ذَكَرًا وَأَمَّا الْأُنْثَى فَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَا تَخْرُجُ مِنْ الْحَجْرِ إلَّا إذَا عَنَّسَتْ أَوْ مَضَى لَهَا عَامٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا.
(قَوْلُهُ إلَّا كَدِرْهَمٍ) أَيْ إلَّا تَصَرُّفُهُ بِكَدِرْهَمٍ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ بَلْ يَكُونُ مَاضِيًا وَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَانْظُرْ لَوْ وُهِبَ لَهُ مَالٌ بِشَرْطِ أَنْ يَتَصَرَّفَ هُوَ فِيهِ هَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَوْ لَا.
وَفِي بْن أَنَّ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لِوُجُوبِ حِفْظِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: لِإِطْلَاقِهِ) هَذَا إخْرَاجٌ لِمَا يَخُصُّ السَّفِيهَ الْبَالِغَ.
(قَوْلُهُ: وَاسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ) أَيْ كَاسْتِلْحَاقِهِ لِوَلَدٍ سَوَاءٌ كَانَ لَاعَنَ فِيهِ أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَتَبِعَهَا مَالُهَا) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ اسْتَثْنَاهُ حِينَ الْعِتْقِ وَإِلَّا لَمْ يَتْبَعْهَا.
(قَوْلُهُ: عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَرُدَّ ذَلِكَ وَيَدْفَعَهُ عَنْهُ (قَوْلُهُ بِالْعَفْوِ عَنْ جَانٍ) فَإِذَا جَنَى شَخْصٌ جِنَايَةً عَمْدًا عَلَى مَحْجُورٍ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى وَلِيِّ ذَلِكَ الْمَحْجُورِ فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّ عَفْوِهِ عَنْهُ بَلْ يَمْضِي ذَلِكَ الْعَفْوُ.
(قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ) لِأَنَّهُ مَالٌ فَلَوْ عَفَا عَنْهُ كَانَ لِلْوَلِيِّ رَدُّهُ وَلَهُ أَيْضًا رَدُّهُ إنْ رَشَدَ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ وَتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ سَفَهُهُ أَصْلِيًّا غَيْرَ طَارِئٍ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ رَشِيدًا فَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ جَارٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ خِلَافًا لعبق حَيْثُ جَعَلَ مَوْضُوعَ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ الصُّورَةَ الْأُولَى وَجَعَلَ فِي الثَّانِيَةِ قَوْلَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْأَسْمِعَةِ وَأَمَّا الْيَتِيمُ الَّذِي لَمْ يُوصِ بِهِ أَبُوهُ لِأَحَدٍ وَلَا أَقَامَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ وَلِيًّا وَلَا نَاظِرًا فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ أَفْعَالَهُ كُلَّهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ جَائِزَةٌ نَافِذَةٌ رَشِيدًا كَانَ أَوْ سَفِيهًا مُعْلِنًا بِالسَّفَهِ أَوْ غَيْرَ مُعْلِنٍ اتَّصَلَ سَفَهُهُ مِنْ حِينِ بُلُوغِهِ أَوْ سَفِهَ بَعْدَ حُصُولِ الرُّشْدِ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَكُبَرَاءِ أَصْحَابِهِ ثُمَّ قَالَ الرَّابِعُ أَنْ يَنْظُرَ إلَى حَالِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ وَابْتِيَاعِهِ وَمَا قَضَى بِهِ فِي مَالِهِ فَإِنْ كَانَ رَشِيدًا فِي أَحْوَالِهِ جَازَتْ أَفْعَالُهُ كُلُّهَا وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا لَمْ يَجُزْ مِنْهَا شَيْءٌ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّصِلَ سَفَهُهُ أَوْ لَا يَتَّصِلَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاتَّفَقَ جَمِيعُهُمْ أَنَّ أَفْعَالَهُ جَائِزَةٌ لَمْ يُرَدَّ مِنْهَا شَيْءٌ إذَا جَهِلَتْ حَالَتُهُ وَلَمْ يُعْلَمْ بِرُشْدٍ وَلَا سَفَهٍ وَانْظُرْ بَقِيَّةَ
الْإِمَامِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ) ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ السَّفَهُ وَهُوَ مَوْجُودٌ وَالْمُرَادُ بِالْمُهْمَلِ مَنْ لَا وَلِيَّ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِنَا: الذَّكَرُ الْبَالِغُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى تُرَدُّ تَصَرُّفَاتُهُمَا وَمَفْهُومُ مُحَقَّقِ السَّفَهِ أَنَّ مَجْهُولَهُ مَاضٍ تَصَرُّفُهُ اتِّفَاقًا (و) يَنْبَنِي (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إذَا رَشَدَ) بِحِفْظِ الْمَالِ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ بِفَكِّهِ فَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَلَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ عِنْدَهُ وَهُوَ الْحَجْرُ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَمْضِي لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ عِنْدَهُ وَهِيَ السَّفَهُ (وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى) الْمَحْجُورَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِفْظِ الْمَالِ فِي ذَاتِ الْأَبِ وَفَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ (دُخُولُ زَوْجٍ) بِهَا (وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ) اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ (عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا) أَيْ حُسْنُ تَصَرُّفِهَا فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ فَهِيَ عَلَى الْحَجْرِ وَلَوْ شَهِدَ بِرُشْدِهَا وَمُجَرَّدُ الدُّخُولِ كَافٍ فِي ذَاتِ الْأَبِ (وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا) عَلَيْهَا وَلَا عِبْرَةَ بِتَجْدِيدِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) صَوَابُهُ عَلَى الْأَظْهَرِ وَمَعَ ذَلِكَ فَابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُرَتَّبْ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بَلْ عَلَى مُقَابِلِهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا الْحَجْرُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ الدُّخُولِ وَقِيلَ سِتَّةُ أَعْوَامٍ وَقِيلَ سَبْعَةٌ فَإِذَا مَضَى مَا ذَكَرَ انْفَكَّ عَنْهَا الْحَجْرُ وَلَوْ كَانَ أَبُوهَا جَدَّدَ عَلَيْهَا حَجْرًا بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ بِلَا احْتِيَاجٍ إلَى فَكٍّ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ إلَّا إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَلَا بُدَّ مِنْ فَكٍّ بَعْدَ الدُّخُولِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ إذْ الْمَوْضُوعُ زِيَادَةُ أَمْرَيْنِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ الدُّخُولُ وَالشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ أَوْ مُضِيُّ عَامٍ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا الْمُهْمَلَةُ فَأَفْعَالُهَا مَرْدُودَةٌ حَتَّى يَمْضِيَ لَهَا عَامٌ بَعْدَ الدُّخُولِ وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلْيُحْفَظْ هَذَا الْمَقَامُ فَكَثِيرًا مَا يَقَعُ السُّؤَالُ فِي تَصَرُّفَاتِ النِّسَاءِ بَعْدَ الدُّخُولِ وَكَثِيرًا مَا يَقُولُ الْمُفْتِي إنْ كَانَتْ حَسَنَةَ التَّصَرُّفِ فَأَفْعَالُهَا مَاضِيَةٌ وَإِلَّا فَلَا وَهُوَ خَطَأٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَذِكْرِ مَا هُوَ كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى إلَخْ فَقَالَ (وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا) إذَا بَلَغَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأَقْوَالِ فِي ح اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ) أَيْ الْمِصْرِيُّ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ مَالِكٍ لَا الْمَدَنِيُّ شَيْخُ الْإِمَامِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْأُنْثَى) أَيْ الْمُهْمَلَيْنِ وَقَوْلُهُ تُرَدُّ تَصَرُّفَاهُمَا أَيْ اتِّفَاقًا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ وَإِلَى أَنْ تُعَنِّسَ الْأُنْثَى وَتَقْعُدَ عَنْ الْمَحِيضِ أَوْ تَمْضِيَ سَنَةٌ بَعْدَ دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى الْمَحْجُورَةِ) أَيْ ذَاتِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ أَيْ زِيدَ فِي خُرُوجِ الْأُنْثَى الْبِكْرِ مِنْ حَجْرِ الْأَوْلِيَاءِ الثَّلَاثَةِ شَرْطَانِ دُخُولُ الزَّوْجِ بِهَا وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا وَعَلَى هَذَا فَذَاتُ الْأَبِ لَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا بِأُمُورٍ أَرْبَعَةٍ بُلُوغِهَا وَحُسْنِ تَصَرُّفِهَا وَشَهَادَةِ الْعُدُولِ بِذَلِكَ وَدُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا وَأَمَّا ذَاتُ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا بِأُمُورٍ خَمْسَةٍ الْبُلُوغِ وَحُسْنِ تَصَرُّفِهَا وَشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ وَدُخُولِ زَوْجٍ بِهَا وَفَكِّ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُقَدَّمِ فَإِنْ لَمْ يَفُكَّا الْحَجْرَ عَنْهَا كَانَ تَصَرُّفُهَا مَرْدُودًا وَلَوْ عَنَّسَتْ أَوْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَتْ إقَامَتُهَا عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ: مِنْ حِفْظِ الْمَالِ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهَا.
(قَوْلُهُ: وَفَكِّ الْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ) أَيْ بَعْدَ الْبُلُوغِ.
(قَوْلُهُ: وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا) أَيْ شَهَادَتُهُمْ بِذَلِكَ بَعْدَ الدُّخُولِ (قَوْلُهُ وَمُجَرَّدُ الدُّخُولِ كَافٍ فِي ذَاتِ الْأَبِ) أَيْ فِي فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهَا يَعْنِي مَعَ الشَّهَادَةِ بِرُشْدِهَا وَلَا يَحْتَاجُ لِفَكٍّ مِنْ الْأَبِ وَلَا لِمُضِيِّ مُدَّةٍ قَدْرُهَا سَنَةٌ أَوْ أَكْثَرُ عَلَى مَا قِيلَ وَقَوْلُهُ وَمُجَرَّدُ إلَخْ دُخُولٌ عَلَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُرَتَّبْ هَذَا عَلَى الْقَوْلِ بِالشَّهَادَةِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ بِخُرُوجِهَا مِنْ الْحَجْرِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا بَعْدَ الدُّخُولِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَنْفَكُّ عَنْهَا الْحَجْرُ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ سَنَةٍ مِنْ الدُّخُولِ) أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى صَلَاحِ حَالِهَا بَعْدَهَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَزِيدَ فِي الْأُنْثَى مُضِيُّ سَنَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ وَشَهَادَةُ الْعُدُولِ بِصَلَاحِ حَالِهَا لَكَانَ مَاشِيًا عَلَى مَا بِهِ الْعَمَلُ وَيَكُونُ قَوْلُهُ بَعْدُ وَلَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْرًا عَلَى الْأَظْهَرِ وَاقِعًا فِي مَحَلِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ) أَيْ دَعْوَاهُ أَنَّهَا سَفِيهَةٌ أَيْ دَعْوَاهُ أَنَّهُ إنَّمَا جَدَّدَ الْحَجْرَ لِسَفَهِهَا فَلَا يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا إلَّا إذَا فَكَّهُ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ فَكٍّ بَعْدَ الدُّخُولِ) هَذَا هُوَ الْمُتَعَيَّنُ لِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَنَقَلَهُ ح وَالتَّوْضِيحُ مِنْ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَعْمُولَ بِهِ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَاتَ الْوَصِيِّ أَوْ الْمُقَدَّمِ لَا تَخْرُجُ مِنْ الْوِلَايَةِ مَا لَمْ تُطْلَقْ مِنْ الْحَجْرِ وَإِنْ عَنَّسَتْ أَوْ دَخَلَ بِهَا الزَّوْجُ وَطَالَ زَمَانُهَا وَحَسُنَ حَالُهَا وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا كَذَاتِ الْأَبِ لَا يَتَوَقَّفُ فَكُّ الْحَجْرِ عَنْهَا عَلَى إطْلَاقِهَا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ.
(قَوْلُهُ: الدُّخُولِ) أَيْ مُجَرَّدِ الدُّخُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَالشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُضِيِّ عَامٍ) أَيْ بَعْدَ الدُّخُولِ وَقَوْلُهُ أَوْ أَكْثَرَ أَيْ سِتَّةِ أَعْوَامٍ أَوْ سَبْعَةٍ وَهَذَا عَلَى مُقَابِلِ الْمُعْتَمَدِ.
(قَوْلُهُ: فَأَفْعَالُهَا مَرْدُودَةٌ) أَيْ اتِّفَاقًا حَيْثُ عُلِمَ سَفَهُهَا فَإِنْ عُلِمَ رُشْدُهَا فَفِي بْن مُضِيُّ أَفْعَالِهَا وَفِي عج عَنْ النَّاصِرِ رَدُّهَا حِينَ يَنْفَكُّ الْحَجْرُ عَنْهَا بِمُضِيِّ سَنَةٍ بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا أَوْ تُعَنِّسُ وَتَقْعُدُ عَنْ الْمَحِيضِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَزِيدَ أَيْ فِي الْأُنْثَى الْمَحْجُورَةِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي الذَّكَرِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ حِفْظُ مَالِ ذِي الْأَبِ وَفَكُّ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ.
(قَوْلُهُ: وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لَهَا رَشَّدْتُك وَرَفَعْت الْحَجْرَ عَنْك فَإِذَا قَالَ لَهَا ذَلِكَ ارْتَفَعَ الْحَجْرُ عَنْهَا وَصَارَتْ تَصَرُّفَاتُهَا مَاضِيَةً قَالَ لَهَا ذَلِكَ قَبْلَ دُخُولِهَا أَوْ بَعْدَهُ شَهِدَتْ الْعُدُولُ بِصَلَاحِ حَالِهَا أَوْ لَا فَمَحَلُّ
وَكَذَا بَعْدَهُ (كَالْوَصِيِّ) لَكِنْ بَعْدَهُ لَا قَبْلَهُ (وَلَوْ لَمْ يُعْرَفْ رُشْدُهَا) مِنْ غَيْرِهِمَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَصَرُّفَهَا مَاضٍ وَلَا يُرَدُّ كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَزْوِيجُهَا إلَّا بِإِذْنِهَا كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ (وَفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلَافٌ) هَلْ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَالرَّاجِحُ لَا فَلَوْ قَالَ وَلِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا مُطْلَقًا وَلَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهَا كَالْوَصِيِّ بَعْدَهُ لَا الْمُقَدَّمِ لَطَابَقَ الْمُعْتَمَدَ بِسُهُولَةٍ
وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ الْوَلِيِّ تَكَلَّمَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالْوَلِيُّ) عَلَى الْمَحْجُورِ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ لَمْ يَطْرَأْ عَلَيْهِ السَّفَهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ (الْأَبُ) الرَّشِيدُ لَا الْجَدُّ وَالْأَخُ وَالْعَمُّ إلَّا بِإِيصَاءٍ مِنْ الْأَبِ (وَلَهُ الْبَيْعُ) لِمَالِ وَلَدِهِ الْمَحْجُورِ لَهُ (مُطْلَقًا) رُبُعًا أَوْ غَيْرَهُ (وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ) أَيْ الْبَيْعِ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي لِحَمْلِهِ عَلَى السَّدَادِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ (ثُمَّ) يَلِي الْأَبَ (وَصِيُّهُ) فَوَصِيُّ الْوَصِيِّ (وَإِنْ بَعُدَ وَهَلْ) هُوَ (كَالْأَبِ) لَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقًا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ السَّبَبَ وَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنْ سَبَبٍ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ الْبَيَانُ مُطْلَقًا (أَوْ) لَا يَلْزَمُهُ بَيَانُهُ (إلَّا الرُّبُعَ) أَيْ الْمُنَزَّلَ وَالْمُرَادُ الْعَقَارُ مُطْلَقًا إذَا بَاعَهُ (فَبِبَيَانِ السَّبَبِ) الْآتِي ذِكْرُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَوَقُّفِ فَكِّ حَجْرِ ذَاتِ الْأَبِ عَلَى الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ إذَا لَمْ يُرَشِّدْهَا أَبُوهَا وَكَذَا يُقَالُ فِي ذَاتِ الْوَصِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا بَعْدَهُ) أَيْ وَكَذَا لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ وَبِمُجَرَّدِ تَرْشِيدِهَا انْفَكَّ الْحَجْرُ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ: كَالْوَصِيِّ) اعْلَمْ أَنَّ الْوَصِيَّ قِيلَ إنَّهُ كَالْأَبِ فَلَهُ أَنْ يُرَشِّدَ الْبِكْرَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا زَوْجُهَا وَعَلَى كُلٍّ فَهَلْ الْوَصِيُّ مُصَدَّقٌ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْبَيِّنَةُ رُشْدَهَا وَبِهِ قِيلَ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ رُشْدِهَا وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَنَحْوِهِ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ تَرْشِيدُهَا إلَّا بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِذَا دَخَلَتْ كَانَ لَهُ تَرْشِيدُهَا وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ تَرْشِيدَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِهِمَا) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ رُشْدَهَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ وَنَحْوُهُ لتت وَاعْتَرَضَهُ طفى فَقَالَ الصَّوَابُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالثَّانِيَةِ إذْ هِيَ الَّتِي فِيهَا الْخِلَافُ الْمُشَارُ لَهُ بِلَوْ وَأَمَّا الْأُولَى فَلَا خِلَافَ فِيهَا وَبِهَذَا قَرَّرَ ح اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَصَرُّفَهَا) أَيْ تَصَرُّفَ الْمُرْشَدَةِ الَّتِي رَشَدَهَا أَبُوهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَاضٍ أَيْ وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لخش وعبق حَيْثُ قَالَا بِرَدِّهِ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُزَوَّجُ إلَّا بِرِضَاهَا قَالَ بْن وَهُوَ خُرُوجٌ عَنْ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ التَّرْشِيدَ لَا يَتَبَعَّضُ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ لَا) أَيْ وَالرَّاجِحُ أَنَّ مُقَدَّمَ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُ تَرْشِيدُهَا بَعْدَ الدُّخُولِ بَلْ كَذَا قَبْلَهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ رُشْدَهَا بِالْبَيِّنَةِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ تَرْشِيدُهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْلُومَةَ الرُّشْدِ يَجُوزُ تَرْشِيدُهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَعْلُومَةَ الرُّشْدِ يَجُوزُ تَرْشِيدُهَا مُطْلَقًا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُقَدَّمِ وَمَجْهُولَةُ الرُّشْدِ يَجُوزُ لِلْأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ وَلِلْوَصِيِّ بَعْدَ الدُّخُولِ لَا قَبْلَهُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمُقَدَّمِ تَرْشِيدُهَا لَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَا بَعْدَهُ وَمَعْلُومَةُ السَّفَهِ تَرْشِيدُهَا لَغْوٌ مُطْلَقًا
. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ الرُّشْدَ مِنْ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَطْرَأْ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَالْحَجْرُ عَلَيْهِ لِلْحَاكِمِ لَا لِلْأَبِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: الْأَبُ الرَّشِيدُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ سَفِيهًا فَلَا كَلَامَ لَهُ وَلَا لِوَلِيِّهِ إلَّا بِتَقْدِيمٍ عَلَى الِابْنِ خَاصٍّ مُغَايِرٍ لِلتَّقْدِيمِ عَلَى أَبِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سَبَبٌ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ إلَخْ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ النَّفْيَ اشْتِرَاطُهُ وُجُودُ سَبَبٍ مِمَّا يَأْتِي وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ سَبَبٍ أَيِّ سَبَبٍ كَانَ وَهُوَ كَذَلِكَ إذْ لَا يَحِلُّ لِلْأَبِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَنْ يَبِيعَ بِدُونِ سَبَبٍ أَصْلًا اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) أَيْ كَابْنِ سَلْمُونٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تَصَرُّفُ الْأَبِ يُحْمَلُ عَلَى غَيْرِ السَّدَادِ حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا بَاعَ الْأَبُ مَتَاعَ وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ لِغَيْرِهِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى السَّدَادِ وَالنَّظَرِ اتِّفَاقًا حَتَّى يَثْبُتَ خِلَافُهُ إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ لِحَمْلِهِ عَلَى السَّدَادِ وَلَوْ بَاعَ مَتَاعَ وَلَدِهِ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَبْيَنَ لِلْمُرَادِ وَإِذَا كَانَ بَيْعُ الْأَبِ مَتَاعَ وَلَدِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ مَحْمُولًا عَلَى النَّظَرِ وَالسَّدَادِ اتِّفَاقًا فَلَا اعْتِرَاضَ لِلِابْنِ بَعْدَ رُشْدِهِ فِيمَا بَاعَهُ عَلَيْهِ أَبُوهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَمْضِي بَيْعُهُ وَإِنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ ثُمَّ رَجَعَ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ بَاعَ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَتَحَقَّقَ ذَلِكَ فُسِخَ اهـ وَأَطْلَقَ فِي الْفَسْخِ فَظَاهِرُهُ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنِ رُشْدٍ حُكْمُ مَا بَاعَهُ الْأَبُ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ الصَّغِيرِ فِي مَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ حَابَى بِهِ يُرَدُّ مَعَ الْقِيَامِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ مَعَ الْفَوَاتِ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الْمَبِيعُ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: فَبِبَيَانِ السَّبَبِ) الْمُرَادُ بِبَيَانِهِ إثْبَاتُهُ بِالْبَيِّنَةِ لَا مُجَرَّدُ ذِكْرِهِ بِاللِّسَانِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ إلَّا مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يُعْلَمْ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَالتَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَشْيَاخَ اخْتَلَفُوا فِيمَا إذَا بَاعَ الْوَصِيُّ عَقَارَ الْيَتِيمِ هَلْ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ أَنَّهُ بَاعَهُ لِذَلِكَ السَّبَبِ وَلَا يَلْزَمُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا يُصَدَّقُ وَيَلْزَمُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ قَوْلَانِ بِخِلَافِ الْأَبِ إذَا بَاعَ عَقَارَ ابْنِهِ الَّذِي فِي حِجْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَ الْوَجْهِ الَّذِي بَاعَ لِأَجْلِهِ بَلْ
(خِلَافٌ وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ لِلْوَصِيِّ (هِبَةٌ) مِنْ مَالِ مَحْجُورِهِ (لِلثَّوَابِ) ؛ لِأَنَّ الْهِبَةَ إذَا فَاتَتْ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا الْقِيمَةُ وَالْوَصِيُّ كَالْحَاكِمِ لَا يَبِيعُ بِالْقِيمَةِ بِخِلَافِ الْأَبِ (ثُمَّ) يَلِي الْوَصِيَّ (حَاكِمٌ) أَوْ مَنْ يُقِيمُهُ (وَبَاعَ) الْحَاكِمُ مَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ إلَى بَيْعِهِ مِنْ مَالِ الْيَتِيمِ (بِثُبُوتِ يُتْمِهِ وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى) بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ (وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ) بِأَنْ يَقُولُوا لِلْحَاكِمِ أَوْ لِمَنْ وَجَّهَهُ الْحَاكِمُ مَعَهُمْ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ وَأَطْلَعْنَاكُمْ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا أَوْ شَهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلْيَتِيمِ خَشْيَةَ أَنْ يُقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا بِيعَ لَيْسَ هُوَ مَا شُهِدَ بِأَنَّهُ مِلْكُ الْيَتِيمِ فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَنَّهُ بَيْتٌ فِي الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ صِفَتُهُ كَذَا وَكَذَا وَتَنْتَهِي حُدُودُهُ إلَى كَذَا وَكَذَا كَفَتْ عَنْ بَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ (وَالتَّسَوُّقُ) بِالْمَبِيعِ أَيْ إظْهَارُهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُنَادَاةُ عَلَيْهِ (و) ثُبُوتُ (عَدَمِ إلْغَاءِ) أَيْ وُجُودِ (زَائِدٍ) عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي أَعْطَى فِيهِ (وَالسَّدَادُ فِي الثَّمَنِ) الْمُعْطَى بِأَنْ يَكُونَ ثَمَنَ الْمِثْلِ فَأَكْثَرَ وَأَنْ يَكُونَ عَيْنًا حَالًّا لَا عَرَضًا وَلَا مُؤَجَّلًا خَوْفَ الرُّخْصِ وَالْعَدَمِ (وَفِي) لُزُومِ (تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ) الشَّاهِدِينَ بِذَلِكَ (قَوْلَانِ) مَحَلُّهُمَا فِي الْحَاكِمِ الْعَدْلِ الضَّابِطِ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمْ وَإِلَّا نَقَضَ حُكْمُهُ وَأَمَّا الْغَائِبُ فَلَا بُدَّ مِنْ التَّصْرِيحِ بِهِمْ وَإِلَّا نَقَضَ حُكْمُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ وَالشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ شُرُوطٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ (لَا حَاضِنٍ) أَيْ كَافِلٍ (كَجَدٍّ) وَأُمٍّ وَعَمٍّ فَلَيْسَ بِوَلِيٍّ عَلَى الْيَتِيمِ فَلَا يَبِيعُ مَتَاعَهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَصِيًّا بِالنَّصِّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِعْلُهُ ذَلِكَ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ.
(قَوْلُهُ: خِلَافٌ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ تَشْهِيرُ الْقَوْلَيْنِ مَعًا أَمَّا الْأَوَّلُ فَقَدْ شَهَرَهُ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ وَأَمَّا الثَّانِي فَقَدْ فَهِمَ أَبُو عِمْرَانَ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَهَذَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَالْوَصِيُّ كَالْحَاكِمِ لَا يَبِيعُ بِالْقِيمَةِ إلَخْ) هُوَ ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْبَيْعُ لِغَيْرِ حَاجَةٍ أَمَّا إذَا كَانَ لِحَاجَةٍ فَلِلْوَصِيِّ أَنْ يَبِيعَ بِالْقِيمَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُتَيْطِيُّ وَحِينَئِذٍ يُقَالُ لِمَ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي هَذَا الْغَرَضِ أَنْ يَهَبَ هِبَةَ الثَّوَابِ وَأَجَابَ الشَّيْخُ الْمِسَناوِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ هِبَةَ الثَّوَابِ إنَّمَا يُقْضَى فِيهَا بِالْقِيمَةِ بَعْدَ الْفَوَاتِ لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ لَهُ قَبْلَ الْفَوَاتِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الرَّدِّ وَإِعْطَاءِ الْقِيمَةِ وَالْقِيمَةُ الَّتِي يُقْضَى بِهَا بَعْدَ الْفَوَاتِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ تَنْقُصَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفَوَاتِ عَنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْهِبَةِ وَهَذَا ضَرَرٌ بِالْيَتِيمِ فَلِذَا لَمْ تَجُزْ لِلْوَصِيِّ هِبَةُ الثَّوَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ بِالْعَقْدِ يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي يَوْمَ الْبَيْعِ فَإِذَا حَصَلَ نَقْصٌ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْيَتِيمِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَإِهْمَالِهِ) أَيْ مِنْ وَصِيٍّ وَمُقَدَّمٍ.
(قَوْلُهُ: وَمِلْكِهِ لِمَا بِيعَ) أَيْ لِمَا قَصَدَ بَيْعَهُ.
(قَوْلُهُ: وَحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ) أَيْ وَاطِّلَاعُ الشُّهُودِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ عَقَارًا بِأَنْ يُرْسِلَ الْقَاضِي جَمَاعَةً يَطَّلِعُونَ عَلَيْهِ وَيَطُوفُونَ بِهِ مِنْ دَاخِلٍ وَمِنْ خَارِجٍ ثُمَّ يَقُولُونَ لِلْحَاكِمِ هَذَا الَّذِي حُزْنَاهُ وَاطَّلَعْنَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي شَهِدَ عِنْدَك بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِلصَّغِيرِ أَوْ يُرْسِلَ الْقَاضِي مَعَهُمْ أَحَدًا مِنْ طَرَفِهِ فَيَقُولُونَ لَهُ بَعْدَ الطَّوَافِ بِهِ هَذَا الْبَيْتُ الَّذِي حُزْنَاهُ وَاطَّلَعْنَا عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي شَهِدَ بِهِ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّهُ مِلْكٌ لِلْيَتِيمِ.
(قَوْلُهُ: هُوَ الَّذِي شَهِدْنَا إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ بَيِّنَةُ الْحِيَازَةِ هِيَ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ إلَخْ إذَا كَانَتْ غَيْرَهَا.
(قَوْلُهُ: خَشْيَةَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاحْتِيَاجِ لِبَيِّنَةِ الْحِيَازَةِ.
(قَوْلُهُ وَالتَّسَوُّقِ) أَيْ وَثُبُوتُ التَّسَوُّقِ لِلْمَبِيعِ أَيْ لِلشَّيْءِ الَّذِي أُرِيدَ بَيْعُهُ وَقَوْلُهُ أَيْ إظْهَارُهُ لِلْبَيْعِ وَالْمُنَادَاةُ عَلَيْهِ أَيْ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ إلْغَاءِ زَائِدٍ) أَيْ وَعَدَمُ وُجُودِ مَنْ يَدْفَعُ زَائِدًا عَلَى مَا أَعْطَى فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ.
(قَوْلُهُ وَالسَّدَادُ إلَخْ) لَا يُقَالُ الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ إلَّا لِغِبْطَةٍ بِأَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ زَائِدًا عَلَى الْقِيمَةِ بِقَدْرِ الثُّلُثِ وَالْوَصِيُّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْحَاكِمِ فَهُوَ أَقْوَى مِنْهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْحَاكِمَ لَا يَبِيعُ بِالسَّدَادِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ الْوَصِيُّ يَبِيعُ لِغِبْطَةٍ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَسْبَابِ الْآتِيَةِ وَالْحَاكِمُ لَا يَبِيعُ إلَّا لِحَاجَةٍ فَصَارَ الْوَصِيُّ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ أَقْوَى اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَفِي لُزُومِ) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِهِ أَيْ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ ثَبَتَ عِنْدِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ الْوَلَدَ الْفُلَانِيَّ يَتِيمٌ مُهْمَلٌ وَأَنَّهُ يَمْلِكُ مَحَلًّا فِي جِهَةِ كَذَا إلَخْ (قَوْلُهُ تَصْرِيحِهِ) أَيْ فِي السِّجِلِّ الَّذِي يَكْتُبُ فِيهِ الْوَقَائِعَ الَّتِي حَكَمَ فِيهَا.
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالْأُمُورِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ يَكْتُبَ فِي السِّجِلِّ ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ يُتْمُهُ وَبِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ إهْمَالُهُ وَبِشَهَادَةِ فُلَانٍ وَفُلَانٍ مِلْكُهُ لِمَحَلٍّ فِي جِهَةِ كَذَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) صَوَابُهُ تَرَدُّدٌ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ وَعَلَى الْقَوْلِ بِلُزُومِ التَّصْرِيحِ بِأَسْمَائِهِمْ فَإِذَا تَرَكَ التَّصْرِيحَ نَقَضَ حُكْمَهُ عَلَى الظَّاهِرِ قِيَاسًا عَلَى مَا إذَا تَرَكَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ عَلَى الْغَائِبِ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْغَائِبُ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَالِهِ لِأَجْلِ دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ لِأَجْلِ نَفَقَةِ زَوْجَتِهِ وَأَوْلَادِهِ فَلَا بُدَّ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَيْ كَافِلٌ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحَاضِنِ الْكَافِلُ الَّذِي يَكْفُلُ الْيَتِيمَ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَبِيعُ مَتَاعَهُ إلَخْ) حَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَافِلَ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِتَوَلِّيهِ أَمْرَ الْيَتِيمِ وَالنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ كَانَ تَصَرُّفُهُ صَحِيحًا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ لِحَاجَةٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرِفَ بِذَلِكَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَمْضِي تَصَرُّفُهُ لَا فِي الْقَلِيلِ وَلَا فِي الْكَثِيرِ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مُضِيُّ التَّصَرُّفِ فِي الْقَلِيلِ دُونَ الْكَثِيرِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ فِي الْكَثِيرِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْكَافِلِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى قَرِيبًا أَوْ أَجْنَبِيًّا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ تَعْبِيرُ
وَاسْتُحْسِنَ أَنَّ الْعُرْفَ كَالنَّصِّ كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا لِأَهْلِ الْبَوَادِي وَغَيْرِهِمْ أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ وَلَا يُوصِي عَلَى أَوْلَادِهِ اعْتِمَادًا عَلَى أَخٍ أَوْ عَمٍّ أَوْ جَدٍّ وَيَكْفُلُ الصِّغَارَ مَنْ ذَكَرَ فَلَهُمْ الْبَيْعُ بِشُرُوطِهِ وَيَمْضِي وَلَا يَنْقُضُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَنْ عُرِفَ بِالشَّفَقَةِ وَحُسْنِ التَّرْبِيَةِ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (وَعُمِلَ بِإِمْضَاءِ) تَصَرُّفِ الْحَاضِنِ فِي الشَّيْءِ (الْيَسِيرِ) حَيْثُ لَا شَرْطَ وَلَا عُرْفَ (وَفِي حَدِّهِ) أَيْ الْيَسِيرِ بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ أَوْ عِشْرِينَ أَوْ ثَلَاثِينَ (تَرَدُّدٌ) وَالظَّاهِرُ الرُّجُوعُ لِلْعُرْفِ وَهُوَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْمَكَانِ وَالزَّمَانِ (وَلِلْوَلِيِّ) أَبًا أَوْ غَيْرَهُ (تَرْكُ التَّشَفُّعِ) أَيْ الْأَخْذِ لِمَحْجُورِهِ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَ نَظَرًا (و) تَرْكُ (الْقِصَاصِ) الْوَاجِبِ لِلصَّغِيرِ خَاصَّةً وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَنْظُرُ لِنَفْسِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَقِصَاصٍ وَإِذَا تَرَكَا بِالنَّظَرِ (فَيَسْقُطَانِ) فَلَا قِيَامَ لِلْمَحْجُورِ بِهِمَا إذَا بَلَغَ وَرَشَدَ بِخِلَافِ تَرْكِهِمَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ فَلَهُ الْقِيَامُ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ (وَلَا يَعْفُو) فِي عَمْدٍ أَوْ خَطَإٍ مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا لِعُسْرٍ كَمَا يَأْتِي فِي الْجِرَاحِ (وَمَضَى عِتْقُهُ) أَيْ الْوَلِيِّ لِعَبْدِ مَحْجُورِهِ بَلْ يَجُوزُ ابْتِدَاءً (بِعِوَضٍ) مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ (كَأَبِيهِ) أَيْ أَبِي الْمَحْجُورِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ وَإِنْ بِلَا عِوَضٍ فَفَرَّقَ بَيْنَ عِتْقِ رَقِيقِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ أَبَاهُ لَكِنَّ مَحَلَّ مُضِيِّ عِتْقِ أَبِيهِ (إنْ أَيْسَرَ) الْأَبُ يَوْمَ الْعِتْقِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ النَّظَرِ فِيهِ وَغَرِمَ مِنْ مَالِهِ ثَمَنَهُ فَإِنْ أَعْسَرَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَرُدَّ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِطْرَادِ وَالْأَنْسَبُ ذِكْرُهَا بِبَابِ الْقَضَاءِ فَقَالَ (وَإِنَّمَا يَحْكُمُ) أَيْ إنَّمَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً أَنْ يَحْكُمَ (فِي الرُّشْدِ و) فِي ضِدِّهِ وَهُوَ السَّفَهُ اللَّذَيْنِ تَقَدَّمَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُصَنِّفِ بِحَاضِنٍ مِنْ اخْتِصَاصِ ذَلِكَ بِالْقَرِيبِ.
(قَوْلُهُ وَاسْتُحْسِنَ أَنَّ الْعُرْفَ كَالنَّصِّ) أَيْ أَنَّ الْعُرْفَ الْجَارِيَ بِتَوَلِّيهِ أَمْرَ الْيَتِيمِ وَالنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ كَالنَّصِّ عَلَى وِصَايَتِهِ وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ رِوَايَةً عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْكَافِلَ بِمَنْزِلَةِ الْوَصِيِّ بِدُونِ هَذَا الْعُرْفِ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ صَالِحٌ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ جَيِّدَةٌ لِأَهْلِ الْبَوَادِي لِأَنَّهُمْ يُهْمِلُونَ الْإِيصَاءَ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ) أَيْ كَأَهْلِ الْقُرَى الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ الْإِيصَاءَ عَلَى أَوْلَادِهِمْ الصِّغَارِ وَكُلُّ مَنْ مَاتَ عَنْ صِغَارٍ يُعْتَمَدُ فِي تَرْبِيَتِهِمْ عَلَى أَخٍ لَهُمْ كَبِيرٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ عَمٍّ (قَوْلُهُ بِشُرُوطِهِ) أَيْ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ لِوَاحِدٍ مِنْ الْأُمُورِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ) ابْنُ هِلَالٍ فِي بَيْعِ الْحَاضِنِ عَلَى مَحْضُونِهِ الْيَتِيمِ الصَّغِيرِ اضْطِرَابٌ كَثِيرٌ وَاَلَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ مَا لِأَصْبَغَ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَيَجُوزُ فِي التَّافِهِ الْيَسِيرِ ثُمَّ قَالَ فَعَلَى مَا جَرَى بِهِ الْعَمَلُ لَا يَبِيعُ إلَّا بِشُرُوطٍ وَهِيَ مَعْرِفَةُ الْحَضَانَةِ وَصِغَرُ الْمَحْضُونِ وَالْحَاجَةُ الْمُوجِبَةُ لِلْبَيْعِ وَتَفَاهَةُ الْمَبِيعِ وَأَنَّهُ أَحَقُّ بِالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِهِ وَمَعْرِفَةُ السَّدَادِ فِي الثَّمَنِ وَتَشْهَدُ بِهَذِهِ الشُّرُوطِ كُلِّهَا بَيِّنَةٌ مُعْتَبَرَةٌ شَرْعًا فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ كَانَ لِلْمَحْضُونِ إذَا كَبُرَ الْخِيَارُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَإِمْضَائِهِ وَقَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا وَنَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَيْ الْأَخْذُ لِمَحْجُورِهِ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحْجُورُ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا.
(قَوْلُهُ: وَتَرْكُ الْقِصَاصِ) أَيْ وَلِلْوَلِيِّ سَوَاءٌ كَانَ أَبًا أَوْ غَيْرَهُ تَرْكُ الْقِصَاصِ الْوَاجِبِ لِلصَّغِيرِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ عَلَى أَطْرَافِهِ أَوْ عَلَى أُمِّهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ التَّرْكُ نَظَرًا وَمَصْلَحَةً لِلْمَحْجُورِ وَتَرْكُ الْقِصَاصِ بِالْعَفْوِ عَنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا السَّفِيهُ فَيَنْظُرُ لِنَفْسِهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى لِوَلِيِّهِ أَنْ يَتْرُكَ مَا وَجَبَ لَهُ وَإِذَا نَظَرَ فِيمَا وَجَبَ لَهُ مِنْ ذَلِكَ وَعَفَا عَنْ الْجَانِي فَلَيْسَ لِوَلِيِّهِ رَدُّ ذَلِكَ الْعَفْوِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَنَفْيِهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَقِصَاصُ الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَنَفْيُهُ أَوْ يَزِيدُ قَوْلُهُ إلَخْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَقِصَاصٌ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى مُغَايِرَةٌ لِهَذِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَسْقُطَانِ) جَوَابُ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ وَإِذَا حَصَلَ تَرْكُ مَا ذَكَرَ مِنْ التَّشَفُّعِ وَالْقِصَاصِ بِالنَّظَرِ فَيَسْقُطَانِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَعْفُو) أَيْ وَلَا يَجُوزُ لِلْوَلِيِّ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجِنَايَةِ خَطَأً مَجَّانًا أَوْ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ وَأَمَّا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَالْقِصَاصُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ عَنْ عَمْدٍ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ وَقَوْلُهُ إلَّا لِعُسْرٍ أَيْ مِنْ الْجَانِي وَيَحْتَمِلُ إلَّا لِعُسْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَاحْتِيَاجِهِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ) يَعْنِي أَنَّ وَلِيَّ الْمَحْجُورِ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبٍ وَأَعْتَقَ رَقِيقَ الْمَحْجُورِ سَوَاءٌ كَانَ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا فَإِنَّ عِتْقَهُ يَمْضِي أَيْ إذَا كَانَ الْعِتْقُ بِعِوَضٍ مُعَيَّنٍ حِينَ الْعِتْقِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِغَيْرِ عِوَضٍ رُدَّ الْعِتْقُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ أَبًا لِلْمَحْجُورِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَمَا فِي خش مِمَّا يُخَالِفُ هَذَا فَغَيْرُ صَوَابٍ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مَالِ الْعَبْدِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَ الْعِوَضُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يُرَدُّ إذْ لَا مَصْلَحَةَ فِيهِ لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ (وَقَوْلُهُ أَيْ أَبِي الْمَحْجُورِ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ كَمَا يَمْضِي عِتْقُ الْوَلِيِّ إذَا كَانَ أَبًا لِلْمَحْجُورِ صَغِيرًا أَوْ سَفِيهًا وَإِنْ بِلَا عِوَضٍ مُعَيَّنٍ حِينَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ غَيْرَ أَبِيهِ) أَيْ إذَا كَانَ الْوَلِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ غَيْرَ أَبِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَبَيْنَ مَا إذَا كَانَ) أَيْ الْوَلِيُّ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَبَاهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ غَيْرُ تَامٍّ.
(قَوْلُهُ: وَغَرِمَ) أَيْ الْأَبُ وَالْمُرَادُ بِثَمَنِهِ قِيمَتُهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُحْكَمُ فِي الرُّشْدِ إلَخْ) أَيْ إذَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ بِأَنْ حَصَلَ
بَيَانُهُمَا (و) فِي شَأْنِ (الْوَصِيَّةِ) مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ وَمِنْ كَوْنِ الْمُوصَى لَهُ إذَا تَعَدَّدَ يَحْصُلُ الِاشْتِرَاكُ أَوْ يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَمِنْ صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ (و) فِي (الْحَبْسِ الْمُعْقِبِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقِ بِمَوْجُودٍ وَمَعْدُومٍ كَحَبْسٍ عَلَى زَيْدٍ وَعَقِبِهِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى غَائِبٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَقِّبِ كَعَلَى زَيْدٍ فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُضَاةِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ فِيهِ عَلَى غَيْرِ غَائِبٍ (و) فِي (أَمْرِ الْغَائِبِ) فِيمَا يُبَاعُ عَلَيْهِ لِنَفَقَةِ زَوْجَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ دَيْنِهِ (و) فِي (النَّسَبِ) مِنْ لُحُوقٍ وَعَدَمِهِ (و) فِي (الْوَلَاءِ) كَكَوْنِ فُلَانٍ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى فُلَانٍ (و) فِي (حَدٍّ) لِحُرٍّ أَوْ رَقِيقٍ مُتَزَوِّجٍ بِغَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ (وَقِصَاصٍ) فِي نَفْسٍ أَوْ طَرَفٍ (وَمَالِ يَتِيمٍ) الْأَوْلَى وَأَمْرُ يَتِيمٍ لِيَشْمَلَ تَرْشِيدَهُ وَضِدَّهُ وَتَقْدِيمَ مُقَدَّمٍ عَلَيْهِ وَتَعَدُّدَهُ وَانْفِرَادَهُ وَغَيْرَ ذَلِكَ (الْقُضَاةُ) فَاعِلُ يَحْكُمُ لِخَطَرِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ أَوْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ أَوْ حَقِّ مَنْ لَيْسَ مَوْجُودًا بِهَا فَإِنْ حَكَمَ فِيهَا غَيْرُهُمْ مَضَى إنْ حَكَمَ صَوَابًا وَأُدِّبَ وَالْمُرَادُ الْقُضَاةُ أَوْ نُوَّابُهُمْ وَأَوْلَى السُّلْطَانُ بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ وَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ وَنَحْوِهِمْ وَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ السَّبَبِ الَّذِي يُبَاعُ لَهُ عَقَارُ الْيَتِيمِ فِي قَوْلِهِ أَوْ إلَّا الرُّبُعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ شَرَعَ فِي تَعْدَادِ وُجُوهِهِ وَهِيَ أَحَدَ عَشَرَ ذَكَرَ مِنْهَا عَشَرَةً وَأَسْقَطَ الْخَوْفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ لِعِلْمِهِ بِالْأُولَى أَوْ لِدُخُولِهِ فِي أَوَّلِهَا فَقَالَ (وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَنَازُعٌ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْحُكْمِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَقْدِيمِ وَصِيٍّ) أَيْ عَلَى الْوَارِثِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ وَتَعَاطِي أُمُورِ تَرِكَتِهِ وَوَفَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ مِنْهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَمِنْ صِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا) أَيْ فَلَا يَحْكُمُ بِأَنَّ هَذِهِ الْوَصِيَّةَ صَحِيحَةٌ أَوْ فَاسِدَةٌ إلَّا الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْحَبْسِ الْمُعْقِبِ) أَيْ صِحَّةً وَبُطْلَانًا وَأَصْلًا فَلَا يَحْكُمُ بِصِحَّةِ الْحَبْسِ الْمُعْقِبِ أَوْ بُطْلَانِهِ أَوْ بِأَنَّ هَذَا الْحَبْسَ مُعْقِبٌ أَوْ غَيْرُ مُعْقِبٍ أَوْ أَنَّ هَذَا يَسْتَحِقُّ قَبْلَ هَذَا أَوْ هَذَا يُشَارِكُ هَذَا إلَّا الْقَاضِيَ وَأَمَّا الْحَبْسُ غَيْرُ الْمُعْقِبِ كَحَبْسٍ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ مَثَلًا فَلَا يَتَقَيَّدُ بِالْقُضَاةِ لِكَوْنِ الْحُكْمِ عَلَى غَيْرِ غَائِبٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ الْمُعْقِبِ الْحَبْسَ عَلَى الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا لَا يَنْقَطِعُونَ صَارَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ بِمَنْزِلَةِ الْمُعْقِبِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْكُمُ فِي شَأْنِهِ إلَّا الْقُضَاةُ.
(قَوْلُهُ وَأَمْرِ الْغَائِبِ) أَيْ غَيْرِ الْمَفْقُودِ لِأَنَّ لِزَوْجَتِهِ الرَّفْعَ لِلْقَاضِي وَالْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ أَوْ يُقَالُ مُرَادُهُ بِالْغَائِبِ مَا يُسَمَّى غَائِبًا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ وَالْمَفْقُودُ لَا يُسَمَّى غَائِبًا فِي اصْطِلَاحِهِمْ لِأَنَّ الْغَائِبَ فِي اصْطِلَاحِهِمْ مَنْ عُلِمَ مَوْضِعُهُ وَالْمَفْقُودُ مَنْ لَمْ يُعْلَمْ مَوْضِعُهُ (تَنْبِيهٌ) مِنْ جُمْلَةِ أَمْرِ الْغَائِبِ فَسْخُ نِكَاحِهِ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ أَوْ لِتَضَرُّرِ الزَّوْجَةِ بِخُلُوِّ الْفِرَاشِ فَلَا يَفْسَخُ نِكَاحَهُ إلَّا الْقَاضِي مَا لَمْ يَتَعَذَّرْ الْوُصُولُ إلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ يَأْخُذُ دَرَاهِمَ عَلَى الْفَسْخِ وَإِلَّا قَامَ مَقَامَهُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: وَالنَّسَبِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَحْكُمُ فِي النَّسَبِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا إلَّا الْقُضَاةُ فَلَا يَحْكُمُ بِأَنَّ فُلَانًا مِنْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ أَوْ لَيْسَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إلَّا الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: كَكَوْنِ فُلَانٍ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَى فُلَانٍ إلَخْ) فَإِذَا أَقَمْت بَيِّنَةً عَلَى أَنَّ زَيْدًا عَتِيقٌ لِأَبِي أَوْ لِجَدِّي وَأَنَّ لِي الْوَلَاءَ عَلَيْهِ وَأَرِثُهُ إذَا مَاتَ وَحَصَلَ تَنَازُعٌ فَاَلَّذِي يَحْكُمُ بِأَنَّ لِي الْوَلَاءَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ مُتَزَوِّجٍ بِغَيْرِ مِلْكِ سَيِّدِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِحُرَّةٍ أَوْ بِأَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ وَأَمَّا الرَّقِيقُ الْمُتَزَوِّجُ بِمِلْكِ سَيِّدِهِ وَكَذَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَزَوِّجٍ أَصْلًا فَيُقِيمُ الْحَدَّ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ إذَا ثَبَتَ مُوجِبُ الْحَدِّ بِغَيْرِ عِلْمِهِ.
(قَوْلُهُ الْأَوْلَى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنَّ التَّسْفِيهَ وَالتَّرْشِيدَ هُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ وَأَمَّا مَا بَعْدَهُمَا فَكُلُّهُ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَمَالِ يَتِيمٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّصْوِيبِ.
(قَوْلُهُ: الْقُضَاةُ) أَيْ أَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ الْعَشَرَةَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إذَا اُحْتِيجَ لِلْحُكْمِ إلَّا الْقُضَاةُ وَزِيدَ عَلَى هَذِهِ الْعَشَرَةِ الْعِتْقُ وَالطَّلَاقُ وَاللِّعَانُ فَإِنْ حَكَمَ غَيْرُ الْقَاضِي فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مَضَى حُكْمُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا وَأُدِّبَ وَأَمَّا التَّقْرِيرُ فِي الْأَطْيَانِ الْمُرْصَدَةِ عَلَى الْبِرِّ فَإِنَّمَا يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ أَوْ الْبَاشَا لَا لِلْقُضَاةِ فَهُمْ مَعْزُولُونَ عَنْ التَّقْرِيرِ فِيهَا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي الْحَاشِيَةِ نَقْلًا عَنْ عج وَمَحَلُّ كَوْنِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةَ عَشْرَةَ لَا يَحْكُمُ فِيهَا إلَّا الْقَاضِي إنْ كَانَ وَلَا يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ لَا يَأْخُذُ دَرَاهِمَ عَلَى حُكْمِهِ وَإِلَّا قَامَ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ مَقَامَهُ فِيمَا ذَكَرَ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: لِخَطَرِ هَذِهِ الْعَشَرَةِ) أَيْ لِعِظَمِهَا أَيْ لِخَطَرِ بَعْضِهَا كَالْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ أَوْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ اللَّهِ أَيْ بِالنَّظَرِ لِلنَّسَبِ وَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ فَيَجْتَمِعُ حَقُّ اللَّهِ وَالْخَطَرُ فِي الْحُدُودِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ حَقِّ مَنْ لَيْسَ مَوْجُودًا) أَيْ كَالْغَائِبِ وَالْحَبْسِ الْمُعْقِبِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْحَصْرَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إضَافِيٌّ أَيْ أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَالِي وَوَالِي الْمَاءِ وَالْمُحَكَّمِ فَلَا يُنَافِي أَنَّ نَائِبَ الْقَاضِي وَالسُّلْطَانِ مِثْلُ الْقَاضِي.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُحَكَّمِ وَالْوَالِي إلَخْ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُحَكَّمُوا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَذْكُورَةِ ابْتِدَاءً فَإِنْ حُكِّمُوا مَضَى حُكْمُهُمْ إنْ كَانَ صَوَابًا وَأُدِّبُوا.
(قَوْلُهُ: الْخَوْفَ عَلَيْهِ مِنْ ظَالِمٍ) أَيْ يَأْخُذُهُ غَصْبًا
أَيْ الْيَتِيمِ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ وَبَاعَ الْحَاكِمُ بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ (لِحَاجَةٍ) كَنَفَقَةٍ أَوْ وَفَاءِ دَيْنٍ لَا قَضَاءَ لَهُ إلَّا مِنْ ثَمَنِهِ (أَوْ غِبْطَةٍ) بِأَنْ زِيدَ فِي ثَمَنِ مِثْلِهِ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ مِنْ مَالٍ حَلَالٍ (أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفًا) أَيْ عَلَيْهِ خَرَاجٌ أَيْ حِكْرٌ فَيُبَاعُ وَيُبَدَّلُ بِمَا لَا حِكْرَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُوَظَّفُ أَكْثَرَ نَفْعًا فَلَا يُبَاعُ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (حِصَّةً) فَيُسْتَبْدَلُ بِهِ غَيْرُهُ كَامِلًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ (أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ) وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ (فَيُسْتَبْدَلُ) أَيْ فَيُبَاعُ لِيُسْتَبْدَلَ لَهُ (خِلَافُهُ) وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا عَدَا الْبَيْعَ لِحَاجَةٍ حَتَّى مَا يُبَاعَ لِغِبْطَةٍ وَرَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهُ أَيْضًا مَا عَدَا مَسْأَلَةً أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا (أَوْ) لِكَوْنِهِ أَيْ مَسْكَنِهِ (بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ) وَإِنْ قَلُّوا فَيُسْتَبْدَلُ لَهُ مَسْكَنٌ بَيْنَ مُسْلِمَيْنِ لَا عَقَارُهُ الَّذِي لِلتَّجْرِ أَوْ الْكِرَاءِ لِغُلُوِّهِ غَالِبًا بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ (أَوْ) لِكَوْنِهِ بَيْنَ (جِيرَانِ سُوءٍ) يُخْشَى مِنْهُمْ الضَّرَرُ فِي الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا فَيَشْمَلُ أَهْلَ الْبِدَعِ فَيُسْتَبْدَلُ لَهُ مَنْزِلٌ بَيْنَ أَهْلِ السَّنَةِ (أَوْ لِإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعًا) فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ (وَلَا مَالَ لَهُ) يَشْتَرِي لَهُ بِهِ حِصَّةَ الشَّرِيكِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَبْدِلْ خِلَافَهُ كَمَا مَرَّ (أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ) عَنْهُ فَيَصِيرُ مُنْفَرِدًا عَنْهَا (أَوْ) خَشْيَةَ (الْخَرَابِ وَلَا مَالَ لَهُ) يُعَمِّرُ بِهِ (أَوْ لَهُ) مَالٌ (وَالْبَيْعُ أَوْلَى) مِنْ الْعِمَارَةِ لِغَرَضٍ مِنْ الْأَغْرَاضِ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْمَحَاجِيرِ الثَّلَاثَةِ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَالْمَجْنُونِ شَرَعَ فِي الْمَحْجُورِ الرَّابِعِ فَقَالَ (وَحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ) يَعْنِي أَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ شَرْعًا لِسَيِّدِهِ فِي نَفْسِهِ وَمَالِهِ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا وَلَوْ كَانَ حَافِظًا لِلْمَالِ بِمُعَاوَضَةٍ وَغَيْرِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُعْتَقًا لِأَجَلٍ وَأَمَّا الْمُبَعَّضُ فَهُوَ فِي يَوْمِ نَفْسِهِ كَالْحُرِّ وَفِي يَوْمِ سَيِّدِهِ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ (إلَّا بِإِذْنٍ) لَهُ فِي التِّجَارَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: أَيْ الْيَتِيمُ الَّذِي لَا وَصِيَّ لَهُ) وَبَاعَ الْحَاكِمُ أَوْ لَهُ وَصِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عج وَأَصْلُهُ لِشَيْخِهِ الشَّيْخِ سَالِمٍ وَاعْتَرَضَهُ طفى قَائِلًا الْبَيْعُ لِهَذِهِ الْوُجُوهِ إنَّمَا هُوَ فِي الْيَتِيمِ ذِي الْوَصِيِّ خَاصَّةً كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْيَتِيمُ الْمُهْمَلُ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْحَاكِمَ يَتَوَلَّى أَمْرَهُ وَأَنَّهُ إنَّمَا يَبِيعُ لِحَاجَتِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الشَّيْخِ سَالِمٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ.
وَقَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ الْآخَرَ يَقُولُ إنَّ الْوَصِيَّ لَهُ أَنْ يَبِيعَ لِغَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْوَصِيُّ لَا يَبِيعُ عَقَارَ الْيَتِيمِ إلَّا لِوَجْهٍ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ اتِّفَاقًا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي كَوْنِهِ يُكَلَّفُ إثْبَاتَ الْوَجْهِ الَّذِي يَبِيعُ لِأَجْلِهِ أَوْ لَا يُكَلَّفُ إثْبَاتَهُ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّ الْبَيْعَ لِهَذَا الْوَجْهِ اُنْظُرْ بْن (تَنْبِيهٌ) قَوْلُهُ أَيْ الْيَتِيمِ أَيْ وَأَمَّا الصَّغِيرُ الَّذِي لَهُ أَبٌ فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْأَبَ يَبِيعُ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ الَّذِي فِي حَجْرِهِ الرُّبُعَ وَغَيْرَهُ لِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ وَلِغَيْرِهَا وَفِعْلُهُ فِي رُبُعِ وَلَدِهِ كَغَيْرِهِ مِنْ السِّلَعِ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّلَاحِ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِأَحَدِ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْوَصِيُّ وَحْدَهُ ثُمَّ نَقَلَ نَحْوَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ مِنْ ثُبُوتِ يُتْمِهِ وَإِهْمَالِهِ وَمِلْكِهِ لِمَا قَصَدَ بَيْعَهُ وَأَنَّهُ الْأَوْلَى إلَى آخِرِ مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ هُوَ كَالْأَبِ أَوْ إلَّا الرُّبُعَ فَبَيَانُ السَّبَبِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ مِنْ مَالٍ حَلَالٍ) التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ وَقَعَ فِي كَلَامِ سَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ وَيَكُونُ مَالُ الْمُبْتَاعِ حَلَالًا طَيِّبًا كَذَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ فَتُّوحٍ اهـ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْحَلَالَ وُجُودُهُ مُتَعَذِّرٌ لِأَنَّا نَقُولُ الْحَلَالُ مَا جُهِلَ أَصْلُهُ لَا مَا عُلِمَ أَصْلُهُ وَأَصْلُ أَصْلِهِ حَتَّى يَتَعَذَّرَ.
(قَوْلُهُ: أَكْثَرَ نَفْعًا) أَيْ مِنْ الْخَالِي عَنْ التَّوْظِيفِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ نَفْعُ الْمُوَظَّفِ مِثْلَ نَفْعِ الْخَالِي فَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ حُلُولُو التَّمَسُّكُ بِالْأَصْلِ وَعَدَمُ بَيْعِهِ إلَّا لِمَانِعٍ آخَرَ اُنْظُرْ شب.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِكَوْنِهِ حِصَّةً) أَيْ أَمْكَنَ قَسْمُهَا أَمْ لَا أَرَادَ شَرِيكُهُ الْبَيْعَ أَمْ لَا وَالْحَالُ أَنَّ لِلْيَتِيمِ مَالًا (قَوْلُهُ أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ) أَيْ فَيُبَاعُ وَيُسْتَبْدَلُ لَهُ مَالُهُ غَلَّةً كَثِيرَةً.
(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ) أَيْ فَيُبَاعُ وَيُسْتَبْدَلُ لَهُ عَقَارٌ لَهُ غَلَّةٌ (قَوْلُهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلَافُهُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْخِلَافُ غَيْرَ عَقَارٍ لَكِنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ سَالِمٍ السَّنْهُورِيِّ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالْعَقَارِ اهـ خش.
(قَوْلُهُ: حَتَّى مَا يُبَاعُ لِغِبْطَةٍ) أَيْ فَيَجِبُ الِاسْتِبْدَالُ فِيهَا عَلَى مَا قَالَهُ الْغَرْنَاطِيُّ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الِاسْتِبْدَالِ فِيهَا كَالْبَيْعِ لِحَاجَةٍ.
(قَوْلُهُ: لِغُلُوِّهِ غَالِبًا) أَيْ لِغُلُوِّ كِرَائِهِ فَالْمَصْلَحَةُ حِينَئِذٍ فِي إبْقَائِهِ.
(قَوْلُهُ: يَخْشَى مِنْهُمْ الضَّرَرَ فِي الدِّينِ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا خَوَارِجَ يَخْشَى عَلَى الْوَلَدِ أَنْ يَعْتَقِدَ اعْتِقَادَهُمْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الدُّنْيَا) أَيْ أَوْ يَخْشَى مِنْهُمْ عَلَى الْوَلَدِ فِي دُنْيَاهُ بِأَنْ يَسْرِقُوا مَتَاعَهُ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) أَيْ وَإِلَّا قُسِمَ لِلْيَتِيمِ حِصَّتُهُ وَلَا تُبَاعُ حِينَئِذٍ
(قَوْلُهُ وَحَجْرٌ عَلَى الرَّقِيقِ) أَيْ حَجْرًا أَصْلِيًّا كَالْحَجْرِ عَلَى الصَّغِيرِ وَحِينَئِذٍ فَتَصَرُّفَاتُهُ مَرْدُودَةٌ وَإِنْ لَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ السَّيِّدُ.
(قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ) وَذَلِكَ لِمَا ثَبَتَ لِلسَّيِّدِ مِنْ الْحَقِّ فِي زِيَادَةِ قِيمَتِهِ بِسَبَبِ الْمَالِ لِأَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي لَهُ مَالٌ قِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ مَا لَا مَالَ لَهُ.
(قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ فَلَهُ رَدُّ تَصَرُّفَاتِهِ كَانَتْ بِمُعَاوَضَةٍ أَوْ غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا أَذِنَ لَهُ) أَيْ سَيِّدُهُ فِي التَّصَرُّفِ فِي يَوْمِهِ وَإِلَّا كَانَ تَصَرُّفُهُ فِيهِ مَاضِيًا.
(قَوْلُهُ: إلَّا بِإِذْنٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُلْتَبِسًا بِالْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ فِي كُلِّ نَوْعٍ بَلْ وَلَوْ فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ وَحُكْمُهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَنَّهُ كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ لَا أَنَّهُ وَكِيلٌ فَإِذَا تَصَرَّفَ
وَلَوْ ضِمْنًا كَكِتَابَتِهِ فَإِنَّهَا إذْنٌ حُكْمًا لِإِحْرَازِهِ بِهَا نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَكَشِرَائِهِ لَهُ بِضَاعَةً وَوَضْعِهَا بِحَانُوتٍ مَثَلًا وَأَمْرِهِ بِجُلُوسِهِ لِلتِّجَارَةِ بِهِ وَالْمَأْذُونُ مَنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ أَنْ يَتَّجِرَ فِي مَالِ نَفْسِهِ وَلَوْ كَانَ الرِّبْحُ لِلسَّيِّدِ أَوْ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَبْدِ وَأَمَّا لِلسَّيِّدِ فَوَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ (وَلَوْ) أَذِنَ لَهُ (فِي نَوْعٍ) خَاصٍّ كَالْبَزِّ (فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ) فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ بَاقِي الْأَنْوَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَقْعَدَهُ لِلنَّاسِ وَلَا يَدْرُونَ فِي أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَقْعَدَهُ فَهُوَ تَفْرِيعٌ عَلَى مَا تَضَمَّنَهُ مَا قَبْلَهُ أَيْ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ وَلَوْ فِي نَوْعٍ فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ فِي سَائِرِ الْأَنْوَاعِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ سَوَاءٌ مَنَعَهُ مِنْ غَيْرِهِ أَمْ لَا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَعَدَّى مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَإِنْ مَضَى مَا فَعَلَهُ عَلَى وَجْهِ التَّعَدِّي وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ مَنْعُهُ مِنْ التَّعَدِّي فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَأَمَّا مُضِيُّهُ فَرُبَّمَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ كَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ (وَلَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ الْمَأْذُونِ (أَنْ يَضَعَ) عَنْ بَعْضِ غُرَمَائِهِ مِنْ دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ (و) لَهُ أَنْ (يُؤَخِّرَ) غَرِيمًا بِمَا حَلَّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَبْعُدْ التَّأْخِيرُ (وَيُضِيفَ) بِطَعَامٍ يَدْعُو لَهُ النَّاسَ وَلَهُ الْإِعَارَةُ (إنْ اسْتَأْلَفَ) فِي الْجَمِيعِ أَيْ فَعَلَهُ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ (و) لَهُ أَنْ (يَأْخُذَ قِرَاضًا) مِنْ غَيْرِهِ وَرِبْحُهُ كَخَرَاجِهِ لَا يَقْضِي مِنْهُ دَيْنَهُ وَلَا يَتَّبِعُهُ إنْ عَتَقَ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ بِهِ مَنَافِعَ نَفْسِهِ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي الْإِجَارَةِ (و) أَنْ (يَدْفَعَهُ) لِمَنْ يَعْمَلُ فِيهِ (وَيَتَصَرَّفَ فِيهِ كَهِبَةٍ) لَهُ وَوَصِيَّةٍ وَصَدَقَةٍ أُعْطِيت لَهُ بِالْمُعَاوَضَةِ وَلَوْ بِهِبَةِ ثَوَابٍ لَا بِصَدَقَةٍ وَهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَضَى تَصَرُّفُهُ إنْ كَانَ صَوَابًا وَإِلَّا فَلَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ضِمْنًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْإِذْنُ صَرِيحًا كَأَذَنْتُكَ فِي التِّجَارَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ الْإِذْنُ ضِمْنًا.
(قَوْلُهُ وَكَشِرَائِهِ) أَيْ وَكَشِرَاءِ السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ بِضَاعَةً وَوَضْعِهَا إلَخْ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَلَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَجْعَلَ مِنْ الْإِذْنِ الْحُكْمِيِّ تَرْشِيدَ السَّيِّدِ لَهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ رَشَّدْتُك.
(قَوْلُهُ: وَالْمَأْذُونُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعَبْدَ الْمَأْذُونَ لَهُ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ يَكُونُ الْعَبْدُ وَكِيلًا فِي صُورَةٍ وَكَالْوَكِيلِ فِي صُورَتَيْنِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِمَا مَضَى تَصَرُّفُهُ إنْ كَانَ نَظَرًا وَإِلَّا فَلَا إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ أَمْضَيْت تَصَرُّفَك كَانَ نَظَرًا أَمْ لَا وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا وَكِيلًا فَتَصَرُّفُهُ مَاضٍ لَا يُرَدُّ أَصْلًا وَلَوْ غَيْرَ صَوَابٍ.
(قَوْلُهُ: فَوَكِيلٌ لَا مَأْذُونٌ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي غَيْرِ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ) أَيْ هَذَا إذَا أَذِنَ لَهُ فِي نَوْعٍ بَلْ وَلَوْ فِي نَوْعٍ خَاصٍّ.
(قَوْلُهُ: فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَهِرْ أَنَّ إذْنَهُ فِي النَّوْعِ الْفُلَانِيِّ خَاصَّةً وَأُعْلِنَ ذَلِكَ فَإِنْ أَشْهَرَ ذَلِكَ وَأَعْلَنَهُ اخْتَصَّ بِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَهُوَ خِلَافُ النَّقْلِ وَالنَّقْلُ الْإِطْلَاقُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ النَّوْعِ الَّذِي أَذِنَ فِيهِ كَانَ تَصَرُّفُهُ مَاضِيًا بَلْ وَجَائِزًا ابْتِدَاءً خِلَافًا لِمَا فِي عبق وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ مِنْ مُضِيِّهِ بَعْدَ الْوُقُوعِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ جَائِزٍ ابْتِدَاءً اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي غَيْرِ مَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَلَوْ اُشْتُهِرَ مَنْعُهُ مِنْهُ خِلَافًا وَالْمُعْتَمَدُ الْجَوَازُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: فِي أَيِّ الْأَنْوَاعِ أَقْعَدَهُ) فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى النَّوْعِ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَقَطْ كَانَ ذَلِكَ غَرَرًا لِلنَّاسِ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَعْرُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَضَعَ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ مَحَلَّ جَوَازِ الْوَضِيعَةِ مِنْ الدَّيْنِ إذَا كَانَ مَا يَضَعُهُ قَلِيلًا فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا مُنِعَتْ الْوَضِيعَةُ وَالْقِلَّةُ وَالْكَثْرَةُ مُعْتَبَرَانِ بِالْعُرْفِ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبْعُدْ التَّأْخِيرُ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ وَالْبُعْدُ أَيْضًا مُعْتَبَرٌ بِالْعُرْفِ كَمَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَلَمْ يَعُدُّوا تَأْخِيرَ الدَّيْنِ لِلِاسْتِئْلَافِ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً لِعَدَمِ تَحَقُّقِ النَّفْعِ كَمَنْ يُؤَخِّرُ دَيْنَهُ لِحُبِّ الثَّنَاءِ عَلَيْهِ وَالْمَحْمَدَةِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْإِعَارَةُ إنْ اسْتَأْلَفَ) فِيهِ نَظَرٌ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ لِلْعَبْدِ أَنْ يُعِيرَ مِنْ مَالِهِ عَارِيَّةً مَأْذُونًا كَانَ أَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ وَكَذَلِكَ الْعَطِيَّةُ اهـ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيهَا لَا يُعِيرُ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ الصَّقَلِّيِّ عَنْ مُحَمَّدٍ لَا بَأْسَ أَنْ يُعِيرَ دَابَّتَهُ لِلْمَكَانِ الْقَرِيبِ اهـ وَالْمَنْعُ مِنْهَا وَلَوْ لِلِاسْتِئْلَافِ هُوَ الصَّوَابُ اهـ بْن (قَوْلُهُ اسْتِئْلَافًا لِلتِّجَارَةِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَعُقَّ عَنْ وَلَدِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ اسْتِئْلَافٍ وَلَوْ قَلَّ الْمَالُ إذَا عُلِمَ أَنَّ سَيِّدَهُ لَا يَكْرَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن فَإِنْ عُلِمَ كَرَاهَةُ السَّيِّدِ لِذَلِكَ مُنِعَتْ وَكُلُّ مَنْ أَكَلَ مِنْهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ لِلسَّيِّدِ كَمَا فِي عبق.
(قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ قِرَاضًا وَيَدْفَعُهُ) ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي اسْتِلْزَامِ الْإِذْنِ فِي التَّجَرِ أَخْذُ الْقِرَاضِ وَإِعْطَاؤُهُ نَقَلَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ تَجْرٌ أَوْ إجَارَةٌ وَإِيدَاعٌ لِلْغَيْرِ اهـ بْن فَمَنْ قَالَ إنَّ الْعَمَلَ فِي الْقِرَاضِ مِنْ قَبِيلِ التِّجَارَةِ أَجَازَ لِلْمَأْذُونِ أَخْذَ الْمَالِ مِنْ غَيْرِهِ وَدَفْعَهُ قِرَاضًا لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَمَنْ قَالَ إنَّ عَمَلَهُ فِي مَالِ الْغَيْرِ قِرَاضًا مِنْ قَبِيلِ الْإِجَارَةِ وَدَفْعُهُ الْمَالِ لِغَيْرِهِ قِرَاضًا مِنْ قَبِيلِ الْوَدِيعَةِ مُنِعَ مِنْ دَفْعِهِ الْمَالَ لِغَيْرِهِ وَأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِهِ قِرَاضًا لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَ شَيْئًا مِنْ مَالِهِ وَلَا يُؤَاجِرَ نَفْسَهُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ (تَنْبِيهٌ) كَمَا يَجُوزُ لِلْمَأْذُونِ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَجُوزُ لَهُ أَيْضًا التَّسَرِّي وَهِبَةُ الثَّوَابِ وَقَبُولُ الْوَدِيعَةِ وَأَخْذُ اللُّقَطَةِ لَا اللَّقِيطِ وَالتَّوْكِيلُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ.
(قَوْلُهُ: وَرِبْحُهُ) أَيْ الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ كَخَرَاجِهِ أَيْ أُجْرَةِ خِدْمَتِهِ وَقَوْلُهُ فَأَشْبَهَ مَا لَوْ اسْتَعْمَلَ نَفْسَهُ فِي الْإِجَارَةِ أَيْ وَمَا تَحَصَّلَ مِنْ إجَارَتِهِ فَهُوَ لِسَيِّدِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَتَصَرَّفُ فِي كَهِبَةٍ بِالْمُعَاوَضَةِ) أَيْ وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ عَلَى إذْنِ السَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ: لَا بِصَدَقَةٍ) أَيْ وَلَا يَتَصَرَّفُ فِيمَا ذَكَرَ بِصَدَقَةٍ وَلَا بِهِبَةٍ لِغَيْرِ ثَوَابٍ وَلَا بِنَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا لَيْسَ بِمُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ وَإِنَّمَا
(وَأُقِيمَ مِنْهَا) أَيْ أَخَذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (عَدَمُ مَنْعِهِ) أَيْ الْمَأْذُونِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْهِبَةِ أَيْ مِنْ قَبُولِهَا أَيْ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُ عَبْدِهِ مِنْ قَبُولِهَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ قِيلَ إنَّ لَهُ الْمَنْعَ لَكَانَ حَسَنًا لِلْمَالِيَّةِ الَّتِي تَلْحَقُ السَّيِّدَ (وَلِغَيْرِ مَنْ أَذِنَ لَهُ الْقَبُولُ) لِلْهِبَةِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ فِيهِ فَأَوْلَى الْمَأْذُونُ وَمَنْ اسْتَقَلَّ بِالْقَبُولِ اسْتَقَلَّ بِالرَّدِّ ثُمَّ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمُصَنِّفِ هُنَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي النِّكَاحِ فَأُخِذَ مِنْهُ جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا (وَالْحَجْرُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَأْذُونِ فِي قِيَامِ غُرَمَائِهِ عَلَيْهِ (كَالْحُرِّ) مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي يَتَوَلَّى ذَلِكَ لَا الْغُرَمَاءُ وَالسَّيِّدُ وَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا بَعْدَهُ وَيُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ الْمَالِيِّ بَعْدَ التَّفْلِيسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ (وَأَخْذُ) الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ (مِمَّا) أَيْ مِنْ الْمَالِ الَّذِي (بِيَدِهِ) أَيْ مِمَّا لَهُ سُلْطَةٌ عَلَيْهِ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ فِيهِ أَمْ لَا حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا (وَإِنْ) كَانَ مَا بِيَدِهِ (مُسْتَوْلَدَتَهُ) أَوْلَدَهَا قَبْلَ الْإِذْنِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ بَعْدَهُ إنْ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ أَوْ رِبْحِهِ وَأَمَّا وَلَدُهَا فَهُوَ لِلسَّيِّدِ فَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ فَلَوْ اشْتَرَاهَا مِنْ خَرَاجِهِ وَكَسْبِهِ فَهِيَ وَوَلَدُهَا لِلسَّيِّدِ قَطْعًا (كَعَطِيَّتِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ أَيْ كَإِعْطَاءِ الْغَيْرِ لَهُ عَطِيَّةً تُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ (وَهَلْ إنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ) أَيْ لِأَجْلِ قَضَائِهِ وَإِلَّا فَكَخَرَاجِهِ تَكُونُ لِلسَّيِّدِ (أَوْ) يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْهَا (مُطْلَقًا تَأْوِيلَانِ) وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ وَأَخْذُ مِمَّا بِيَدِهِ قَوْلُهُ (لَا غَلَّتِهِ) الْحَاصِلَةِ بَعْدَ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهُ فَتُؤْخَذُ لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ ضِمْنًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
نَصَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى جَوَازِ تَصَرُّفِهِ فِي الْهِبَةِ وَنَحْوِهَا بِالْمُعَاوَضَةِ وَإِنْ كَانَ دَاخِلًا فِيمَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ لِأَنَّ الْمَالَ الْمَوْهُوبَ لَمَّا كَانَ طَارِئًا بَعْدَ الْإِذْنِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْإِذْنِ.
(قَوْلُهُ: وَأُقِيمَ مِنْهَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِذَا وُهِبَ لِلْمَأْذُونِ مَالٌ وَقَدْ اغْتَرَقَهُ دَيْنٌ فَغُرَمَاؤُهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ شَيْءٌ وَلَا مِنْ خَرَاجِهِ وَأَرْشِ جِرَاحِهِ وَإِنَّمَا يَكُونُ وَفَاءُ الدَّيْنِ مِنْ مَالٍ وُهِبَ لِلْعَبْدِ أَوْ تُصَدِّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أُوصِيَ لَهُ بِهِ فَقَبِلَهُ الْعَبْدُ اهـ فَقَالَ عِيَاضٌ هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ السَّيِّدَ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ قَبُولِهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا يُجْبِرُونَهُ عَلَى الْقَبُولِ.
(قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي تَوْضِيحِهِ (قَوْلُهُ وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلَا إذْنٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَصَرَّفُ فِي تِلْكَ الْعَطِيَّةِ إلَّا بِإِذْنٍ.
(قَوْلُهُ: فَأَوْلَى الْمَأْذُونُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِالْأَوْلَى.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ اسْتَقَلَّ بِالْقَبُولِ اسْتَقَلَّ بِالرَّدِّ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكُلٌّ مِنْ الْمَأْذُونِ وَغَيْرِهِ لَهُ قَبُولُ الْهِبَةِ وَلَهُ رَدُّهَا مِنْ غَيْرِ إذْنٍ لَهُ فِي ذَلِكَ فَإِذَا رَدَّهَا فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى قَبُولِهَا وَإِذَا قَبِلَهَا فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَى رَدِّهَا.
(قَوْلُهُ: جَبْرُ الْعَبْدِ عَلَى الْهِبَةِ) أَيْ عَلَى قَبُولِهَا إذَا رَدَّهَا وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَنْ يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهَا إذَا قَبِلَهَا.
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ مَا هُنَا) أَيْ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى قَبُولِهَا إذَا رَدَّهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى رَدِّهَا إذَا قَبِلَهَا.
(قَوْلُهُ: مِنْ كَوْنِ الْقَاضِي إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الْحَجْرَ بِمَعْنَى خَلْعِ الْمَالِ لِلْغُرَمَاءِ لَا يَكُونُ إلَّا لِلْحَاكِمِ بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا بِطَلَبِهِ دَيْنًا حَلَّ أَيْ إذَا طَلَبَ الْغُرَمَاءُ تَفْلِيسَهُ لِأَجْلِ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِ دَيْنٍ حَالٍّ.
(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَهُ) أَيْ فَلَا يُقْبَلُ فِي الْمَالِ الَّذِي خَلَعَ لِلْغُرَمَاءِ وَإِنْ لَزِمَهُ فِيمَا تَجَدَّدَ فَيُحَاصِصْ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: إسْقَاطُهُ) أَيْ الدَّيْنِ أَيْ عَنْ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَأْذُونِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُفْلِسُ وَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ وَلِلسَّيِّدِ إسْقَاطُ الدَّيْنِ عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ أَسْقَطْت الدَّيْنَ عَنْك فَيَسْقُطُ وَلَا يُتْبَعُ بِهِ وَلَوْ عَتَقَ.
(قَوْلُهُ: وَأَخْذُ الدَّيْنِ الثَّابِتِ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ فَلَّسَ وَحُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ مِمَّا لَهُ سَلَاطَةٌ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَحُوزًا بِيَدِهِ حِيَازَةً حِسِّيَّةً أَوْ لَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ) أَيْ فَتُبَاعُ لِأَنَّهَا مَالُهُ وَلَا حُرِّيَّةَ فِيهَا وَإِلَّا كَانَتْ أَشْرَفَ مِنْ سَيِّدِهَا وَكَذَا لَهُ بَيْعُهَا لِغَيْرِ دَيْنٍ عَلَيْهِ لَكِنْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَا بِغَيْرِ إذْنِهِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إنْ عَتَقَ فَإِنْ بَاعَهَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ مَضَى بَيْعُهَا وَمِثْلُ مُسْتَوْلَدَتِهِ فِي الْبَيْعِ لِلدَّيْنِ مَنْ بِيَدِهِ مِنْ أَقَارِبِهِ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَى الْحُرِّ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لَمْ يَبِعْ أَحَدًا مِنْهُمْ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَتَهُ أَيْ الَّتِي اشْتَرَاهَا مِنْ غَيْرِ خَرَاجٍ وَكَسْبٍ بَلْ مِنْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ مِنْ مَالِ تِجَارَةٍ أَوْ رِبْحِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ مَالًا لَهُ بَلْ لِلسَّيِّدِ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى عِتْقِهِ عَلَيْهِ إنْ عَتَقَ وَلَوْ كَانَ مَالًا لَتَبِعَهُ إنْ عَتَقَ وَاسْتَمَرَّ عَلَى الرِّقِّيَّةِ حَتَّى يَكُونَ مَالًا فَلَوْ بَاعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ رُدَّ بَيْعُهُ وَإِذَا عَلِمَتْ أَنَّ مَا فِي بَطْنِهَا لِسَيِّدِهِ فَلَا تُبَاعُ فِي دَيْنِهِ إلَّا بَعْدَ وَضْعِهَا وَتُبَاعُ حِينَئِذٍ بِوَلَدِهَا وَيَقُومُ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ قَبْلَ الْبَيْعِ لِيَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا بِيعَ بِهِ مِلْكُهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: كَعَطِيَّتِهِ) إنَّمَا ذَكَرَهَا وَإِنْ دَخَلَتْ فِيمَا بِيَدِهِ لِبَيَانِ مَا فِيهَا مِنْ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ وَهَلْ إنْ مُنِحَ) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ أَخْذِ الْعَطِيَّةِ فِي الدَّيْنِ إنْ مُنِحَ لِأَجْلِ وَفَائِهِ وَإِلَّا فَلَا تُؤْخَذُ فِيهِ بَلْ تَكُونُ لِلسَّيِّدِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَقْضِي دَيْنَهُ مِنْهَا مُطْلَقًا) أَيْ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتِهِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِلْقَابِسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ قَالَ عبق وخش هُمَا جَارِيَانِ فِيمَا مُنِحَ بَعْدَ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَأَمَّا مَا مُنِحَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ فَهُوَ لِلسَّيِّدِ قَالَ بْن قَدْ تَبِعَا فِي هَذَا الْقَيْدِ تت قَالَ طفى وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَلَا سَلَفَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَعْنَى لَهُ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا مُنِحَ قَبْلَ قِيَامِهِمْ وَبَعْدَهُ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْأَئِمَّةِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: لِدُخُولِهَا فِي الْمَالِ الْمَأْذُونِ) أَيْ الَّذِي
(وَرَقَبَتِهِ) ؛ لِأَنَّ دَيْنَ الْغُرَمَاءِ تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ لَا بِرَقَبَتِهِ (وَإِنْ)(لَمْ يَكُنْ) لِلْمَأْذُونِ (غَرِيمٌ) فَكَغَيْرِهِ أَيْ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَأْذُونِ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ وَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ (وَلَا يُمَكَّنُ) عِنْدَ (ذِمِّيٍّ) أَيْ يَحْرُمُ عَلَى سَيِّدِهِ تَمْكِينُهُ (مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ) وَخِنْزِيرٍ مِمَّا لَا يُبَاحُ تَمَلُّكُهُ (إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) ؛ لِأَنَّ تِجَارَتَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ تِجَارَةِ السَّيِّدِ وَلَا مَفْهُومَ لِذِمِّيٍّ بَلْ عَبْدُهُ الْمُسْلِمُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّمِّيِّ لِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَلَا لِتَجْرٍ بَلْ غَيْرِهِ كَالتَّوْكِيلِ عَلَى التَّقَاضِي وَالسَّلَمِ وَنَحْوِهِ كَذَلِكَ (وَأَلَّا) يَتَّجِرَ لِسَيِّدِهِ بَلْ لِنَفْسِهِ بِمَالِهِ (فَقَوْلَانِ) فِي تَمْكِينِهِ وَعَلَيْهِ فَيَحِلُّ لِلسَّيِّدِ تَنَاوُلُهُ وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ
ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ الْخَامِسَ مِنْ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَهُوَ الْمَرَضُ الْمَخُوفُ فَقَالَ (وَعَلَى مَرِيضٍ) أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ لِلْقِسْمَيْنِ (حَكَمَ الطِّبُّ) أَيْ أَهْلُهُ الْعَارِفُونَ بِهِ (بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ (كَسِلٍّ) بِكَسْرِ السِّينِ مَرَضٌ يَنْحَلُّ بِهِ الْبَدَنُ فَكَأَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ مَعَهُ قَلِيلًا قَلِيلًا (وَقُولَنْجِ) بِضَمِّ الْقَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ اللَّامِ وَتُكْسَرُ مَرَضٌ مِعَوِيٌّ مُؤْلِمٌ يَعْسَرُ مَعَهُ خُرُوجُ الْغَائِطِ وَالرِّيحِ وَقَوْلُهُ مِعَوِيٌّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِ الْعَيْنِ نِسْبَةً لِلْمِعَى (وَحُمَّى قَوِيَّةٍ) حَارَّةٍ تُجَاوِزُ الْعَادَةَ فِي الْحَرَارَةِ مَعَ إزْعَاجِ الْبَدَنِ وَالْمُدَاوَمَةِ (وَحَامِلِ سِتَّةٍ) أَيْ أَتَمَّتْهَا وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ (وَمَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ) ثَبَتَ عَلَيْهِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الِاعْتِرَافِ وَأَمَّا الْحَبْسُ لِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِيَسْتَبْرِئَ أَمْرَهُ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ (أَوْ) مُقَرَّبٍ (لِقَطْعٍ) لَا مَحْبُوسٍ لَهُ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ (إنْ خِيفَ الْمَوْتُ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَذِنَ لَهُ فِي التَّجْرِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَقَبَتُهُ) مِثْلُ رَقَبَتِهِ فِي كَوْنِ الْغُرَمَاءِ لَا يَأْخُذُونَ دَيْنَهُمْ مِنْ ثَمَنِهَا أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ فَلَا يُؤْخَذُ فِي دَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ: تَعَلَّقَ بِذِمَّتِهِ) أَيْ وَلِهَذَا إذَا فَضَلَ مِنْ دَيْنِ الْغُرَمَاءِ فَضْلَةٌ فَإِنَّهُمْ يَتْبَعُونَ بِهَا ذِمَّتَهُ إذَا عَتَقَ يَوْمًا مَا.
(قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيمٌ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ غَرِيمٌ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَنْتَزِعَ إلَّا مَا فَضَلَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ شَيْءٌ فَلَا يَنْتَزِعُ شَيْئًا.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حَاكِمٍ) . نَحْوُهُ لعج وَهُوَ غَيْرُ صَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ وَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْجَوَاهِرِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ كَالْحُرِّ سَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَمْ لَا فَالْأَوْلَى تَقْرِيرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا بِالِانْتِزَاعِ فَقَطْ كَمَا فَعَلَهُ تت اُنْظُرْ طفى اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّقِيقَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ بِالْأَصَالَةِ لِسَيِّدِهِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ انْفَكَّ ذَلِكَ الْحَجْرُ عَنْهُ فَإِنْ أُرِيدَ الْحَجْرُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ لِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ أَوْ لَا فَلَا يَحْجُرُ عَلَيْهِ إلَّا الْحَاكِمُ.
(قَوْلُهُ: إنْ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِمَالِ السَّيِّدِ أَوْ بِمَالِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تِجَارَتَهُ لَهُ بِمَنْزِلَةِ تِجَارَةِ السَّيِّدِ) أَيْ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُ فَإِنْ مَكَّنَهُ السَّيِّدُ مِنْ ذَلِكَ وَبَاعَ مَا ذَكَرَ لِذِمِّيٍّ أَوْ مُسْلِمٍ تَصَدَّقَ بِالثَّمَنِ أَدَبًا لِلسَّيِّدِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْعَبْدُ الْبَائِعُ الثَّمَنَ أَمْ لَا عَلَى الْمُعَوَّلِ عَلَيْهِ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ وَلَا لِتَجْرٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِذِمِّيٍّ أَيْ لَا مَفْهُومَ لِذِمِّيٍّ وَلَا لِتَجْرٍ.
(قَوْلُهُ: كَالتَّوْكِيلِ عَلَى التَّقَاضِي وَالسَّلَمِ) أَيْ فَإِذَا وَكَّلَ عَبْدَهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الْكَافِرَ عَلَى قَبْضِ مَالِهِ مِنْ الدَّيْنِ أَوْ عَلَى سَلَمِ دَرَاهِمَ فِي سِلَعٍ فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ الْخَمْرَ أَوْ الْخِنْزِيرَ قَضَاءً عَنْ الدَّيْنِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ السَّلَمِ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ: بِمَالِهِ) أَيْ لَا بِمَالِ السَّيِّدِ وَإِلَّا مُنِعَ اتِّفَاقًا هَذَا ظَاهِرُهُ وَاَلَّذِي فِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا جَرَيَانُ الْقَوْلَيْنِ فِيمَا إذَا اتَّجَرَ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ السَّيِّدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ.
(قَوْلُهُ: فِي تَمْكِينِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ خِطَابِ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَيَدُلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي وَلَا يَمْنَعُ الْمُسْلِمُ عَبْدَهُ النَّصْرَانِيَّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَأَكْلِ الْخِنْزِيرِ أَوْ بَيْعِهِمَا أَوْ شِرَائِهِمَا أَوْ يَأْتِي الْكَنِيسَةَ لِأَنَّ ذَلِكَ دِينَهُمْ اهـ عِيَاضٌ قِيلَ مُرَادُهُ بِعَبْدِهِ هُنَا مُكَاتَبُهُ إذْ لَا تَحْجِيرَ لَهُ عَلَيْهِ وَقِيلَ هُوَ فِي مَأْذُونٍ يَتَّجِرُ بِمَالِ نَفْسِهِ وَقِيلَ فِيمَا تَرَكَهُ لَهُ سَيِّدَهُ تَوْسِعَةً لَهُ اهـ وَإِذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ مَا حَمَلَ عَلَيْهِ طفى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ التَّمْكِينِ مَنْعُ أَخْذِ السَّيِّدِ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَبِالتَّمْكِينِ جَوَازُهُ لَا حَقِيقَةُ التَّمْكِينِ إذْ لَا يَجُوزُ لَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ التَّجْرِ مُطْلَقًا فِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: تَنَاوُلُهُ) أَيْ أَخْذُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ إذَا أَرَادَ انْتِزَاعَ مَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ تَمْكِينِهِ) أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحِلُّ لِلسَّيِّدِ أَخْذُ مَا أَتَى بِهِ مِنْ الثَّمَنِ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ) أَيْ كَحَامِلِ سِتَّةٍ وَالْمَحْبُوسِ لِلْقَتْلِ وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَغْلِبْ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ الْمَوْتُ بِهِ غَالِبًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى كَثْرَةِ الْمَوْتِ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمَوْتُ مِنْهُ شَهِيرًا لَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ مِنْهُ غَلَبَةُ الْمَوْتِ بِهِ فَيُقَالُ فِي الشَّيْءِ أَنَّهُ كَثِيرٌ إذَا كَانَ وُجُودُهُ مُسَاوِيًا لِعَدَمِهِ وَالْغَلَبَةُ أَخَصُّ مِنْ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّ الرُّوحَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ ذَلِكَ الْمَرَضَ يَنْحَلُّ بِهِ الْبَدَنُ وَيُضْعِفُهُ وَيَتَرَاءَى مِنْهُ أَنَّ الرُّوحَ تَنْسَلُّ إلَخْ (قَوْلُهُ مَرَضٌ مِعَوِيٌّ إلَخْ) كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ دَاوُد الْحَكِيمُ فِي النُّزْهَةِ أَنَّهُ رِيحٌ غَلِيظٌ يَحْتَبِسُ فِي الْمِعَى.
(قَوْلُهُ نِسْبَةً لِلْمِعَى) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاحِدُ الْأَمْعَاءِ أَيْ الْمَصَارِينِ بِحُلُولِهِ فِيهَا لَا فِي الْمَعِدَةِ.
(قَوْلُهُ وَحُمَّى قَوِيَّةٍ) أَيْ وَهِيَ الْحُمَّى الْمُطْبِقَةُ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَيُسَمِّيهَا أَهْلُ مِصْرَ بِالنَّوْشَةِ.
(قَوْلُهُ وَدَخَلَتْ فِي السَّابِعِ وَلَوْ بِيَوْمٍ) أَيْ فَلَوْ تَبَرَّعَتْ بَعْدَ السِّتَّةِ وَقَبْلَ تَمَامِ الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ مِنْ السَّابِعِ بِأَنْ كَانَ فِي أَثْنَائِهِ كَانَ تَبَرُّعُهَا مَاضِيًا خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهَا بِمُجَرَّدِ تَمَامِ السِّتَّةِ تُمْنَعُ مِنْ التَّصَرُّفِ وَلَوْ لَمْ تَدْخُلُ فِي السَّابِعِ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَحَامِلِ سِتَّةٍ مَعْنَاهُ حَامِلٌ مَنْسُوبٌ لِلسِّتَّةِ وَمَتَى أَتَتْ عَلَى جَمِيعِهَا تُنْسَبُ إلَيْهَا وَيَكْفِي فِي الْعِلْمِ بِبُلُوغِهَا السِّتَّةَ أَشْهُرٍ إخْبَارُهَا بِذَلِكَ وَلَا يُسْأَلُ النِّسَاءَ.
(قَوْلُهُ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ) لَا يُقَالُ إنَّ عَطْفَ الْعَامِلِ
يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَرُبَ أَنْ تُقْطَعَ يَدُهُ أَوْ رِجْلُهُ وَخِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ (وَحَاضِرِ صَفِّ الْقِتَالِ) وَإِنْ لَمْ يُصَبْ بِجُرْحٍ (لَا) خَفِيفِ مَرَضٍ (كَجَرَبٍ) وَرَمَدٍ أَوْ ضِرْسٍ أَوْ حُمَّى يَوْمٍ بَعْدَ يَوْمٍ مِنْ كُلِّ مَا لَا يَنْشَأُ عَنْهُ مَوْتٌ عَادَةً (و) حُجِرَ عَلَى (مُلَجِّجٍ) أَيْ سَائِرٍ فِي اللُّجَّةِ (بِبَحْرٍ) مِلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ عَائِمًا أَحْسَنَ الْعَوْمِ (وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) أَيْ الْفَزَعُ بِشِدَّةِ الرِّيحِ أَوْ غَيْرِهَا وَالْحَجْرُ عَلَى الْمَرِيضِ الْمُخَوَّفِ (فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وَتَدَاوِيهِ) لَا فِيهِمَا؛ لِأَنَّ بِهِمَا قِوَامَ بَدَنِهِ (و) غَيْرِ (مُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ) لَا مَالِيَّةٍ كَقِرَاضٍ وَمُسَاقَاةٍ وَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا فِيهِ تَنْمِيَةٌ لِمَالِهِ فَإِنْ حَابَى فِي الْمَالِيَّةِ فَمِنْ ثُلُثِهِ إنْ مَاتَ وَكَانَتْ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَإِلَّا بَطَلَتْ (وَوُقِفَ تَبَرُّعُهُ) إنْ تَبَرَّعَ وَلَوْ بِثُلُثِهِ وَلَا يَنْفُذُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهُ (لِمَالٍ) أَيْ مِنْ مَالٍ (مَأْمُونٍ) أَيْ لَا يُخْشَى تَغَيُّرُهُ (وَهُوَ الْعَقَارُ) كَدَارٍ وَأَرْضٍ وَشَجَرٍ فَلَا يُوقَفُ بَلْ يَنْفُذُ الْآنَ حَيْثُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ بِأَنْ يَأْخُذَهُ الْمُتَبَرِّعُ لَهُ بِهِ وَلَا يَنْتَظِرُ بِهِ الْمَوْتَ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ نَفَذَ ذَلِكَ الْبَعْضُ عَاجِلًا فَإِنْ مَاتَ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ مَا نَفَذَ وَإِنْ صَحَّ نَفَذَ الْجَمِيعُ (فَإِنْ مَاتَ) مَنْ وُقِفَ تَبَرُّعُهُ لِعَدَمِ أَمْنِ مَالِهِ (فَمِنْ الثُّلُثِ) يَوْمَ التَّنْفِيذِ إنْ حَمَلَهُ وَإِلَّا فَمَا حَمَلَهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ صَنَعَهُ فِي مَرَضِهِ (وَإِلَّا) يَمُتْ بِأَنْ صَحَّ (مَضَى) تَبَرُّعُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ وَلَيْسَتْ الْوَصِيَّةُ مِنْ التَّبَرُّعِ الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ؛ لِأَنَّهَا تُوقَفُ مُطْلَقًا وَلَهُ فِيهَا الرُّجُوعُ
ثُمَّ ذَكَرَ السَّبَبَ السَّادِسَ لِلْحَجْرِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ وَعَقَّبَهُ بِالْخَامِسِ لِمُشَارَكَتِهِمَا فِي أَنَّ الْحَجْرَ فِيهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ مِنْ أَنْوَاعِ التَّبَرُّعَاتِ فَقَالَ (و) حُجِرَ (عَلَى الزَّوْجَةِ) الْحُرَّةِ الرَّشِيدَةِ بِدَلِيلِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ حَجْرِ السَّيِّدِ عَلَى رَقِيقِهِ وَالْوَلِيِّ عَلَى السَّفِيهِ (لِزَوْجِهَا) الْبَالِغِ الرَّشِيدِ أَوْ وَلِيِّ السَّفِيهِ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (عَبْدًا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَحْذُوفِ الَّذِي بَقِيَ مَعْمُولُهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ الْوَاوِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ: وَهِيَ انْفَرَدَتْ
بِعِطْفِ عَامِلٍ مُزَالٍ قَدْ بَقِيَ
مَعْمُولُهُ لِأَنَّا نَقُولُ ذَكَرَ غَيْرُ ابْنِ مَالِكٍ أَنَّ أَوْ مِثْلُ الْوَاوِ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَخِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ) فِيهِ أَنَّهُ مَتَى خِيفَ بِالْقَطْعِ مَوْتُهُ تُرِكَ الْقَطْعُ فَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الشَّرْطِ مُشْكِلٌ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ يُفْرَضُ فِي الْمَقْطُوعِ لِلْحِرَابَةِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُقْطَعَ وَلَوْ خِيفَ مَوْتُهُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ فَإِذَا قَرُبَ لِلْقَطْعِ وَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ الْقَطْعِ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: صَفَّ الْقِتَالِ) أَيْ حَضَرَ صَفَّ الْقِتَالِ فَهُوَ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفِ أَوْ هُوَ مَجْرُورٌ بِإِضَافَتِهِ لِحَاضِرِ وَاحْتُرِزَ بِصَفِّ الْقِتَالِ عَمَّنْ حَضَرَ صَفَّ النِّظَارَةِ بِكَسْرِ النُّونِ وَتَخْفِيفِ الظَّاءِ أَوْ صَفِّ الرَّدِّ فَإِنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَصَفُّ النِّظَارَةِ هُمْ الَّذِينَ يَنْظُرُونَ الْمَغْلُوبَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُجَاهِدِينَ فَيَنْصُرُونَهُ وَصَفُّ الرَّدِّ هُمْ الَّذِينَ يَرُدُّونَ مَنْ فَرَّ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَرُدُّونَ أَسْلِحَتَهُمْ إلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: مُلَجِّجٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ الْأُولَى مُشَدَّدَةً اسْمُ فَاعِلٍ.
(قَوْلُهُ أَحْسَنَ الْعَوْمِ) أَيْ وَأَمَّا مَنْ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ فَإِنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِغَيْرِ سَفِينَةٍ لَا إنْ كَانَ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ) رُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ بِالْحَجْرِ عِنْدَ حُصُولِ الْهَوْلِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَرِيضِ الْمَخُوفِ) أَيْ الْمَخُوفِ عَلَيْهِ الْمَوْتُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ وَقَوْلُهُ عَلَى مَرِيضٍ أَيْ وَمَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَحْضُرُ عَلَيْهِ فِي تَدَاوِيهِ وَمُؤْنَتِهِ وَلَا فِي الْمُعَاوَضَةِ الْمَالِيَّةِ وَلَوْ بِكُلِّ مَالِهِ وَأَمَّا التَّبَرُّعَاتُ فَيُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهَا إذَا كَانَتْ بِزَائِدٍ عَنْ الثُّلُثِ وَأَمَّا تَبَرُّعُهُ بِالثُّلُثِ فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ وَمِنْ قَبِيلِ التَّبَرُّعَاتِ النِّكَاحُ وَالْخُلْعُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ كَمَنْعِ التَّبَرُّعَاتِ وَكَذَلِكَ صُلْحُ الْقِصَاصِ فَإِذَا جَنَى جِنَايَةً وَمَرِضَ وَأَرَادَ أَنْ يُصَالِحَ بِالدِّيَةِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ أَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ وَيُمَكَّنُ أَرْبَابُ الْجِنَايَةِ مِنْ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فَمِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ فَتَنْفُذُ تِلْكَ الْمُحَابَاةُ مِنْ ثُلُثِهِ فَإِنْ وَسِعَهَا مَضَتْ بِتَمَامِهَا وَإِنْ لَمْ يَسَعْهَا نَفَذَ مِنْهَا مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَقَطْ وَتُعْتَبَرُ الْمُحَابَاةُ يَوْمَ فِعْلِهَا لَا يَوْمَ الْحُكْمِ فَحَوَالَةُ السُّوقِ بَعْدَ فِعْلِهَا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ لَغْوٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَتْ) أَيْ وَلَوْ حَمَلَهَا الثُّلُثُ لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لِوَارِثٍ فِي الْمَرَضِ.
(قَوْلُهُ: وَوَقَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ مَرَضًا مَخُوفًا إذَا تَبَرَّعَ فِي مَرَضِهِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ بِأَنْ أَعْتَقَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ وَقَفَ فَإِنْ ذَلِكَ يُوقَفُ فَإِنْ مَاتَ قَوْمٌ بَعْدَ مَوْتِهِ وَيَخْرُجُ كُلُّهُ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ وَسِعَهُ كُلَّهُ وَإِلَّا أَخْرَجَ مَا وَسِعَهُ الثُّلُثُ فَقَطْ وَإِنْ صَحَّ وَلَمْ يَمُتْ مَضَى جَمِيعُ تَبَرُّعِهِ هَذَا إذَا كَانَ مَالُهُ الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ غَيْرَ مَأْمُونٍ كَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَالُهُ الْبَاقِي بَعْدَ التَّبَرُّعِ مَأْمُونًا وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ فَإِنَّ مَا بَتَلَهُ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ لَمْ يُوقَفْ وَيَنْفُذُ مَا حَمَلَهُ ثُلُثُهُ عَاجِلًا وَوَقَفَ مِنْهُ مَا زَادَ ثُمَّ إنْ صَحَّ نَفَذَ الْجَمِيعُ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَمْضِ غَيْرُ مَا نَفَذَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ إلَخْ) أَيْ وَكُلُّ مَعْرُوفٍ صُنِعَ فِي الْمَرَضِ فَإِنَّهُ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَضَى تَبَرُّعُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ زَائِدًا عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِيهِ أَيْ لِأَنَّهُ بَتَلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ وَصِيَّةً.
(قَوْلُهُ: الَّذِي فِيهِ التَّفْصِيلُ) أَيْ بَيْنَ كَوْنِهِ تَارَةً يُوقَفُ لِمَوْتِهِ أَوْ صِحَّتِهِ وَتَارَةً لَا يُوقَفُ وَيَنْفُذُ حَالًا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا) أَيْ الْوَصِيَّةَ تُوقَفُ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْمُوصِي مَأْمُونًا أَوْ غَيْرَ مَأْمُونٍ
. (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ بِالْخَامِسِ) أَيْ وَذَكَرَهُ عَقِبَ الْخَامِسِ وَهُوَ الْمَرَضُ.
(قَوْلُهُ وَحُجِرَ عَلَى الزَّوْجَةِ) أَيْ وَحَجَرَ الشَّرْعُ عَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا لَا لِأَبِيهَا وَنَحْوِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ وَلِيِّ السَّفِيهِ) أَيْ أَوْ لِوَلِيِّ الزَّوْجِ السَّفِيهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ عَبْدًا) أَيْ فَالْحَجْرُ لَهُ لَا لِسَيِّدِهِ بِخِلَافِ الزَّوْجِ السَّفِيهِ وَكَذَلِكَ الصَّغِيرُ فَإِنَّ الْحَجْرَ عَلَى زَوْجَتِهِ لِوَلِيِّهِ لَا لَهُ
لِأَنَّ الْغَرَضَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّلُ بِهِ وَالزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا لَهُ حَقٌّ فِي التَّجَمُّلِ مِنْ مَالِهَا دُونَ سَيِّدِهِ (فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا) وَلَوْ بِعِتْقٍ حَلَفَتْ بِهِ وَحَنِثَتْ فَلَهُ رَدُّهُ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ (وَإِنْ) كَانَ تَبَرُّعُهَا حَاصِلًا (بِكَفَالَةٍ) أَيْ ضَمَانٍ مِنْهَا لِأَجْنَبِيٍّ لَا لِزَوْجِهَا فَيَلْزَمُهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ قَالَتْ أَكْرَهَنِي لَمْ تُصَدَّقْ وَهَذَا فِي غَيْرِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ فَلَهُ مَنْعُهَا مُطْلَقًا بَلَغَتْ الثُّلُثَ أَوْ لَا (وَفِي) جَوَازِ (إقْرَاضِهَا) أَيْ دَفْعِهَا مَالًا قَرْضًا لِأَجْنَبِيٍّ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا لِرَدِّهِ لَهَا فَهُوَ كَبَيْعِهَا أَوْ مَنْعِهِ؛ لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ كَالْهِبَةِ وَلِأَنَّهَا قَدْ تَخْرُجُ لِمُطَالَبَتِهَا بِهِ (قَوْلَانِ) الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ وَأَمَّا دَفْعُهَا مَالًا قِرَاضًا لِعَامِلٍ فَلَيْسَ فِيهِ قَوْلَانِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التِّجَارَةِ (وَهُوَ) أَيْ تَبَرُّعُهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ (جَائِزٌ) أَيْ مَاضٍ (حَتَّى يَرُدَّ) أَيْ حَتَّى يَرُدَّ الزَّوْجُ جَمِيعَهُ أَوْ مَا شَاءَ مِنْهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمُقَابِلُهُ مَرْدُودٌ حَتَّى يُجِيزَهُ (فَمَضَى) جَمِيعُ مَا تَبَرَّعَتْ بِهِ (إنْ لَمْ يَعْلَمْ) الزَّوْجُ بِتَبَرُّعِهَا (حَتَّى تَأَيَّمَتْ) بِطَلَاقٍ وَأَوْلَى إنْ عَلِمَ وَسَكَتَ (أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا) وَلَوْ قَالَ أَوْ مَاتَتْ لَكَفَى دُخُولُ مَوْتِهِ تَحْتَ تَأَيَّمَتْ (كَعِتْقِ الْعَبْدِ) رَقِيقَهُ وَلَمْ يُعْلِمْ سَيِّدَهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ فَيَمْضِي إذَا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ (و) كَتَبَرُّعِ مَدِينٍ بِشَيْءٍ قَبْلَ (وَفَاءِ الدَّيْنِ) وَلَوْ يَعْلَمُ غَرِيمُهُ بِهِ حَتَّى وَفَّى دَيْنَهُ فَتَبَرُّعُهُ مَاضٍ لَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّهُ (وَلَهُ) أَيْ لِلزَّوْجِ (رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) عَلَى ثُلُثِهَا وَلَهُ إمْضَاؤُهُ وَلَهُ رَدُّ الزَّائِدِ فَقَطْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَبَرُّعُهَا بِعِتْقٍ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَرَضَ) أَيْ الْمَقْصُودَ مِنْ مَالِهَا التَّجَمُّلُ بِهِ أَيْ لِزَوْجِهَا وَالزَّوْجُ وَلَوْ عَبْدًا لَهُ حَقٌّ فِي التَّجَمُّلِ بِمَالِهَا دُونَ السَّيِّدِ إنْ قِيلَ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ سَفِيهًا أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ لَهُ فِي الْحَجْرِ دُونَ وَلِيِّهِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ لِوَلِيِّهِ فَجَوَابُهُ أَنَّ السَّفِيهَ قَدْ تَمُوتُ زَوْجَتُهُ فَيَرِثُهَا فَلِذَا كَانَ الْحَجْرُ وَالنَّظَرُ فِي تَبَرُّعِهَا لِلْوَلِيِّ بِخِلَافِ الْعَبْدِ فَإِنَّ زَوْجَتَهُ إذَا مَاتَتْ لَا يَرِثُهَا وَإِنَّمَا لَهُ التَّجَمُّلُ حَالَ حَيَاتِهَا فَلِذَا كَانَ الْحَجْرُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي تَبَرُّعٍ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْوَاجِبَاتِ عَلَيْهَا مِنْ نَفَقَةِ أَبَوَيْهَا فَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهَا فِيهِ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَتْ بِالثُّلُثِ فَأَقَلَّ وَلَوْ قَصَدْت بِذَلِكَ ضَرَرَ الزَّوْجِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ رَدِّ الثُّلُثِ إذَا قَصَدْت بِهِ ضَرَرَ الزَّوْجِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَحَلُّ الْحَجْرِ عَلَيْهَا فِي تَبَرُّعِهَا بِزَائِدِ الثُّلُثِ إذَا كَانَ التَّبَرُّعُ لِغَيْرِ زَوْجِهَا وَأَمَّا لَهُ فَلَهَا أَنْ تَهَبَ جَمِيعَ مَالِهَا لَهُ وَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ لِأَحَدٍ اُنْظُرْ شب.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِعِتْقٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ تَبَرُّعُهَا بِأَزْيَدَ مِنْ الثُّلُثِ بِعِتْقٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يَحْجُرُ عَلَى نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ) أَيْ فَإِذَا ضَمِنَتْ مَا يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِهَا فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ غَيْرَ الزَّوْجِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا كَانَ لِلزَّوْجِ رَدُّ الضَّمَانِ مِنْ أَصْلِهِ وَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ زَوْجَهَا كَانَ الضَّمَانُ لَازِمًا وَلَيْسَ لِلزَّوْجِ رَدُّ ضَمَانِهَا لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الضَّمَانِ مِنْ أَنَّ ضَمَانَهَا لِزَوْجِهَا كَضَمَانِهَا لِأَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ فَلِلزَّوْجِ أَنْ يَرُدَّ كَفَالَتَهَا لَهُ بِمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا كَمَا يَرُدُّ كَفَالَتَهَا لِأَجْنَبِيٍّ إذَا كَفَلَتْهُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَهُوَ ضَعِيفٌ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَتْ) أَيْ الزَّوْجَةُ أَكْرَهَنِي أَيْ الزَّوْجُ عَلَى ضَمَانِهِ لَمْ تُصَدَّقْ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كَوْنِ الْمَضْمُونِ زَوْجَهَا أَوْ غَيْرَهُ وَكَوْنِ مَا ضَمِنَتْهُ قَدْرَ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ ضَمَانِ الْوَجْهِ وَالطَّلَبِ) أَيْ وَهُوَ ضَمَانُ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ مَنْعُهَا) أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَلَهُ مَنْعُهَا مِنْهُمَا لِأَنَّهُمَا يُؤَدِّيَانِ لِلْخُرُوجِ وَالزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ وَقَدْ تُحْبَسُ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لِلزَّوْجِ أَوْ الْأَجْنَبِيِّ.
(قَوْلُهُ: وَفِي جَوَازِ إقْرَاضِهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِزَوْجِهَا رَدُّهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَنْعِهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلِزَوْجِهَا الْحُرِّ أَوْ الْعَبْدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهَا فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) قَالَ بَعْضُهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ إقْرَاضُ الْمَرِيضِ مَرَضًا مَخُوفًا كَإِقْرَاضِ الزَّوْجَةِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فَلَيْسَ فِيهِ إلَخْ) أَيْ بَلْ هُوَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ وَهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُرَدَّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ تَصَرُّفَ الزَّوْجَةِ وَالْعَبْدِ وَالْمَدِينِ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يُرَدَّ وَحِينَئِذٍ فَيَمْضِي تَبَرُّعُ الزَّوْجَةِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الزَّوْجُ حَتَّى زَالَتْ الزَّوْجِيَّةُ بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَكَذَا يَمْضِي تَبَرُّعُ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ السَّيِّدُ إلَّا بَعْدَ عِتْقِهِ وَكَذَا يَمْضِي تَبَرُّعُ الْمَدِينِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْغُرَمَاءُ إلَّا بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ.
(قَوْلُهُ: فَمَضَى إلَخْ) هَذَا مِنْ ثَمَرَاتِ مَا قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ: وَسَكَتَ) أَيْ لَمْ يَرُدَّ وَلَمْ يَمْضِ حَتَّى تَأَيَّمَتْ وَقَوْلُهُ حَتَّى تَأَيَّمَتْ بِطَلَاقٍ أَيْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ وَانْقَضَتْ الْعِدَّةُ لَا إنْ لَمْ تَنْقَضِ لِأَنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوْجَةٌ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ اهـ شب.
(قَوْلُهُ: كَعِتْقِ الْعَبْدِ رَقِيقَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عِتْقَ مَصْدَرٌ مُتَعَدٍّ مَعَ أَنَّهُ مَصْدَرُ عَتَقَ الثُّلَاثِيِّ وَهُوَ لَازِمٌ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ إنَّمَا هُوَ أَعْتَقَ الرُّبَاعِيُّ وَمَصْدَرُهُ الْإِعْتَاقُ وَكَأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ عِتْقِ اسْمَ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ بِمَعْنَى إعْتَاقٍ فَيُضَافُ لِلْمَفْعُولِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْعَلَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَإِنَّهُ لَازِمٌ لَا يَطْلُبُ مَفْعُولًا أَيْ كَأَنْ يَقَعَ الْعِتْقُ عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ أَنْ تَبَرَّعَ بِتَبَرُّعَاتِ مَنْ عَتَقَ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ بِهَا فَإِنَّهَا تَمْضِي وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ كَمَا يَمْضِي تَبَرُّعُ الْعَبْدِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ حَتَّى عَتَقَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: فَيَمْضِي إلَخْ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَفْعَالَ الْعَبْدِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْإِجَازَةِ حَتَّى يَرُدَّهَا السَّيِّدُ.
(قَوْلُهُ: كَتَبَرُّعِ مَدِينٍ) أَيْ بِصَدَقَةٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ وَقْفٍ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى وَفَّى دَيْنَهُ) أَيْ فَلَوْ عَلِمَ الْغُرَمَاءُ بِتَبَرُّعَاتِ الْمَدِينِ وَرَدُّوهَا وَبَقِيَتْ بِيَدِهِ حَتَّى أَوْفَاهُمْ دُيُونَهُمْ فَإِنَّ تِلْكَ التَّبَرُّعَاتِ تَكُونُ مَاضِيَةً لِأَنَّ رَدَّ الْغُرَمَاءِ رَدُّ إيقَافٍ لَا إبْطَالٍ وَأَمَّا لَوْ تَلْفِت بِيَدِهِ قَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فَلَا يَلْزَمُ بَدَلُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ) هَذَا مُبَيِّنٌ لِإِجْمَالِ قَوْلِهِ وَعَلَى الزَّوْجَةِ إلَخْ فَلَا مُعَارَضَةَ اهـ شب