المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب في بيان الشركة وأحكامها - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابٌ الْبَيْعَ]

- ‌[فَصْلٌ عِلَّةُ حُرْمَةِ طَعَامِ الرِّبَا]

- ‌(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ

- ‌[فَصْلٌ حُكْمَ بَيْعِ الْعِينَةِ]

- ‌(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْخِيَارِ

- ‌{فَصْلٌ فِي الْمُرَابَحَةِ

- ‌[فَصْلٌ فِي أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى شَيْءٍ يَتَنَاوَلُ غَيْرَهُ بِالتَّبَعِ]

- ‌ جَائِحَةُ الثِّمَارِ)

- ‌{فَصْلٌ} فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ

- ‌[بَاب السَّلَمُ وَشُرُوطُهُ]

- ‌{فَصْلٌ} فِي الْقَرْضِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْمُقَاصَّةِ]

- ‌بَابٌ فِي الرَّهْنِ

- ‌[مُبْطِلَات الرَّهْن]

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْفَلَسِ

- ‌[أَحْكَامِ الْحَجْرِ عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَابُ فِي بَيَانِ أَسْبَابِ الْحَجْرِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ) فِي أَقْسَامِ الصُّلْحِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌(بَابٌ) فِي شُرُوطِ الْحَوَالَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[بَابٌ فِي الضَّمَانِ وَأَحْكَامِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

- ‌[أَقْسَام الشَّرِكَة]

- ‌(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الْوَكَالَةِ)

- ‌[بَابٌ فِي الْإِقْرَارِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِلْحَاقِ]

- ‌(بَابٌ فِي الْإِيدَاعِ وَبَيَانِ أَحْكَامِ الْوَدِيعَةِ)

- ‌(بَابٌ فِي حُكْمِ الْعَارِيَّةِ

- ‌(بَابٌ) فِي الْغَصْبِ، وَأَحْكَامِهِ

- ‌[فَصَلِّ زَرْع غَاصِب الْأَرْض أَوْ لِمَنْفَعَتِهَا فَاسْتَحَقَّتْ الْأَرْض]

- ‌[بَاب الشُّفْعَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِسْمَةِ وَأَقْسَامِهَا وَأَحْكَامِهَا

- ‌(بَابٌ) فِي الْقِرَاضِ

- ‌[أَحْكَام الْقِرَاض]

- ‌(بَابٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُسَاقَاةِ

الفصل: ‌(باب في بيان الشركة وأحكامها

[دَرْسٌ]

‌(بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا

وَأَقْسَامِهَا) وَهِيَ بِكَسْرِ الشِّينِ وَفَتْحِهَا وَسُكُونِ الرَّاءِ فِيهِمَا وَكَسْرِهَا مَعَ فَتْحِ الشِّينِ وَالْأُولَى أَفْصَحُ، وَهِيَ لُغَةً: الِاخْتِلَاطُ، وَشَرْعًا: قَالَ الْمُصَنِّفُ (الشِّرْكَةُ إذْنٌ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ (فِي التَّصَرُّفِ) أَيْ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَالٍ (لَهُمَا) أَيْ لِلْمَأْذُونَيْنِ مَعًا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ فَقَوْلُهُ إذَنْ فِي التَّصَرُّفِ كَالْجِنْسِ يَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ وَقَوْلُهُ لَهُمَا كَالْفَصْلِ مُخْرِجٌ لِلْوَكَالَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ يُوَكِّلَ صَاحِبَهُ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مَتَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ إذْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ فِي التَّصَرُّفِ لَهُ وَلِصَاحِبِهِ بَلْ أَذِنَ كُلٌّ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ لِلْمُوَكِّلِ وَحْدَهُ. وَقَوْلُهُ (مَعَ أَنْفُسِهِمَا) فَصْلٌ ثَانٍ أَخْرَجَ بِهِ الْقِرَاضَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ لِلْعَامِلِ فَقَطْ دُونَ رَبِّ الْمَالِ (إنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) أَيْ مِمَّنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لَهُمَا بِأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَيَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ وَأَشَارَ لِلصِّيغَةِ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ) عَلَيْهَا (عُرْفًا)(كَاشْتِرَاكِنَا) أَيْ يَقُولُهُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ يَقُولُهُ أَحَدُهُمَا وَيَسْكُتُ الْآخَرُ رَاضِيًا بِهِ أَوْ شَارِكْنِي وَيَرْضَى الْآخَرُ وَلَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ فَلَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الْمُفَاصَلَةَ قَبْلَ الْخَلْطِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ لِلْمُمْتَنِعِ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ بَعْدَ الْعَمَلِ (بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَصِحُّ أَيْ بِذَهَبٍ مِنْ أَحَدِهِمَا وَذَهَبٍ مِنْ الْآخَرِ أَوْ وَرِقٍ كَذَلِكَ لَا بِذَهَبٍ مِنْ جَانِبٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

[بَابٌ فِي بَيَانِ الشِّرْكَةِ وَأَحْكَامِهَا]

بَابُ الشِّرْكَةِ) (قَوْلُهُ وَفَتْحُهَا) أَيْ فَهُوَ بِوَزْنِ نَعْمَةٍ وَرَحْمَةٍ وَنَبْقَةٍ (قَوْلُهُ وَالْأُولَى) وَهِيَ كَسْرُ الشِّينِ مَعَ سُكُونِ الرَّاءِ (قَوْلُهُ إذْنٌ إلَخْ) أَيْ أَنْ يَأْذَنَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ لِصَاحِبِهِ فِي أَنْ يَتَصَرَّفَ لِلْآذِنِ وَلِنَفْسِهِ فِي مَالٍ لَا أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ لِلْآذِنِ وَحْدَهُ وَإِلَّا كَانَ وَكَالَةً وَالْمُرَادُ إذْنُ كُلٍّ مِنْهُمَا لِلْآخَرِ فِي التَّصَرُّفِ وَلَوْ فِي ثَانٍ حَالٍّ أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ التَّعْرِيفُ شِرْكَةَ الْمُفَاوَضَةِ وَشِرْكَةَ الذِّمَمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِإِذْنٍ بَلْ مُتَعَلِّقُهُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِلْآخَرِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَإِنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ قَوْلَهُ لَهُمَا مُتَعَلِّقًا بِإِذْنٍ لَمْ يَلْزَمْ عَلَيْهِ مِنْ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ وَلِصِدْقِ التَّعْرِيفِ حِينَئِذٍ بِقَوْلِ مَنْ مَلَكَ شَيْئًا لِغَيْرِهِ أَذِنْت لَك فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ مَعِي وَقَوْلُ الْآخَرِ لَهُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ مَعَ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شِرْكَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ مِلْكُ أَحَدِهِمَا لَمْ يَضْمَنْهُ الْآخَرُ وَهُوَ لَازِمٌ لِلشِّرْكَةِ وَنَفْيُ اللَّازِمِ يَقْتَضِي نَفْيَ الْمَلْزُومِ (قَوْلُهُ يَشْمَلُ الْوَكَالَةَ وَالْقِرَاضَ) أَيْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ فِيهِمَا.

(قَوْلُهُ مَعَ أَنْفُسِهِمَا) أَيْ مَعَ بَقَاءِ تَصَرُّفِ أَنْفُسِهِمَا أَيْ الْآذِنُ وَالْمَأْذُونُ وَهُمَا الْمُرَادُ بِالْمَأْذُونَيْنِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا آذِنٌ وَمَأْذُونٌ بِاعْتِبَارٍ وَحِينَئِذٍ فَيَصِحُّ جَعْلُ الضَّمِيرِ فِي لَهُمَا وَفِي أَنْفُسِهِمَا لِلْمَأْذُونَيْنِ وَلِلْآذِنَيْنِ وَلِلْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ لِمَا عَلِمْت مِنْ اتِّحَادِهِمَا بِالذَّاتِ وَاخْتِلَافِهِمَا إنَّمَا هُوَ بِالِاعْتِبَارِ فَقَطْ وَبِهَذَا سَقَطَ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ تَعَيُّنِ رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْآذِنِ وَالْمَأْذُونِ وَعَدَمِ صِحَّةِ رُجُوعِهِ لِلْآذِنِينَ أَوْ الْمَأْذُونِينَ إذْ لَوْ كَانَ رَاجِعًا لِلْمَأْذُونِينَ لَاقْتَضَى أَنَّ كُلًّا لَا يَتَصَرَّفُ إلَّا لِنَفْسِهِ، وَلَوْ كَانَ لِلْآذِنِينَ لَاقْتَضَى تَصَرُّفَ كُلَّ وَاحِدٍ لِشَرِيكِهِ فَقَطْ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْوَكَالَةُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ) أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ مِمَّنْ كَانَ مُتَأَهِّلًا لَأَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ وَيَتَوَكَّلَ لِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِدَيْنِ لِلشِّرْكَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ وَمُوَكِّلٌ لِصَاحِبِهِ فَمَنْ جَازَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَيَتَوَكَّلَ جَازَ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ وَمَنْ لَا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْحُرُّ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَصِحُّ شِرْكَةُ الرَّقِيقِ وَلَا الصَّبِيِّ وَلَا الْمَجْنُونِ وَلَا السَّفِيهِ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لِيَدْخُلَ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنَّ شَرِكَتَهُ صَحِيحَةٌ، وَلَوْ شَارَكَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلَوْ اشْتَرَكَ عَبْدٌ غَيْرُ مَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ مَعَ حُرٍّ ثُمَّ خَسِرَ الْمَالَ أَوْ تَلِفَ رَجَعَ سَيِّدُ الْعَبْدِ عَلَى الْحُرِّ بِرَأْسِ الْمَالِ إنْ اسْتَقَلَّ الْحُرُّ بِالْعَمَلِ لَا إنْ عَمِلَا مَعًا فَإِنْ عَمِلَ الْعَبْدُ وَحْدَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِلْحُرِّ إلَّا أَنْ يَغُرَّ الْعَبْدَ شَرِيكُهُ الْحُرُّ بِحُرِّيَّتِهِ فَتَكُونُ الْخَسَارَةُ فِي مَالِ الْحُرِّ جِنَايَةً فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ الَّذِي قَدْ عَمِلَ فَإِنْ كَانَا عَبْدَيْنِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا سَوَاءٌ عَمِلَا مَعًا أَوْ أَحَدُهُمَا كَمَا فِي ح وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ كَذَلِكَ إذَا اشْتَرَكَ صَبِيٌّ مَعَ بَالِغٍ أَوْ مَعَ صَبِيٍّ أَوْ اشْتَرَكَ سَفِيهٌ مَعَ مِثْلِهِ أَوْ مَعَ رَشِيدٍ إلَّا أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِي الصَّغِيرِ وَالسَّفِيهِ قَوْلُهُ فَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اُنْظُرْ عبق.

(قَوْلُهُ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا كَمَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَوْ فِعْلًا كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ وَالتَّجْرِ فِيهِمَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهَا تَلْزَمُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهِ عُرْفًا سَوَاءٌ كَانَ قَوْلَانِ فَقَطْ أَوْ فِعْلًا فَقَطْ وَأَوْلَى إذَا اجْتَمَعَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ لُزُومِهَا بِالْقَوْلِ هُوَ الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَعِيَاضٍ وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الشِّرْكَةُ عَقْدٌ يَلْزَمُ بِالْقَوْلِ كَسَائِرِ الْعُقُودِ وَالْمُعَاوَضَاتِ وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَذْهَبُ غَيْرِهِ أَنَّهَا لَا تَلْزَمُ إلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ انْضَمَّ لِذَلِكَ قَوْلٌ أَمْ لَا، ثُمَّ إنَّ الظَّاهِرَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ إلَخْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الشِّرْكَةُ شِرْكَةَ زَرْعٍ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ لَا تَلْزَمُ إلَّا بِالْعَمَلِ، وَالْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ لِزِيَادَةٍ) أَيْ كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ (قَوْلُهُ حَتَّى يَنِضَّ الْمَالُ) أَيْ حَتَّى يَظْهَرَ الْمَالُ بَعْدَ بَيْعِ السِّلَعِ

ص: 348

وَوَرِقٍ مِنْ الْآخَرِ (اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) وَوَزْنُهُمَا وَجَوْدَتُهُمَا أَوْ رَدَاءَتُهُمَا وَهَذَا إشَارَةٌ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الْمَحَلُّ أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالثَّلَاثَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ الْعَاقِدَانِ، وَالصِّيغَةُ وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِي شِرْكَةِ النَّقْدِ الِاتِّفَاقُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِتَرَكُّبِهَا مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَكَالَةِ فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي وَاحِدٍ مِنْهَا فَسَدَتْ الشِّرْكَةُ وَعِلَّتُهُ فِي اخْتِلَافِ صَرْفِهِمَا شَرْطُ التَّفَاوُتِ إنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ الزَّائِدِ، وَيَأْتِي أَنَّهَا تَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ، وَفِي اخْتِلَافِ وَزْنِهِمَا بَيْعُ نَقْدٍ بِمِثْلِهِ مُتَفَاضِلًا وَفِي اخْتِلَافِهِمَا جَوْدَةً وَرَدَاءَةً دُخُولُهُمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشِّرْكَةِ حَيْثُ عَمِلَا عَلَى الْوَزْنِ لَا الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّدِيءِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْقِيمَةِ فَقَدْ صَرَفَا النَّقْدَ لِلْقِيمَةِ وَذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّقْدِ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ الشَّرْعِيِّ مِنْ الْوَزْنِ فِي بَيْعِهِ بِجِنْسِهِ

(و) تَصِحُّ (بِهِمَا) أَيْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ كُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ وَتُعْتَبَرُ مُسَاوَاةُ ذَهَبِ كُلٍّ وَفِضَّتِهِ لِمَا لِلْآخَرِ فِي الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ (وَبِعَيْنٍ) مِنْ جَانِبٍ (وَبِعَرْضٍ) مِنْ آخَرَ (وَبِعَرْضَيْنِ) مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ عَرْضٌ (مُطْلَقًا) اتَّفَقَا جِنْسًا أَوْ اخْتَلَفَا وَدَخَلَ فِيهِ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا وَالْآخَرُ طَعَامًا (و) اُعْتُبِرَ (كُلٌّ) مِنْ الْعَرْضِ الْوَاقِعِ فِي الشِّرْكَةِ مِنْ جَانِبٍ أَوْ جَانِبَيْنِ (بِالْقِيمَةِ) فَالشِّرْكَةُ فِي الْأُولَى بِالْعَيْنِ وَقِيمَةِ الْعَرْضِ وَفِي الثَّانِيَةِ بِقِيمَةِ الْعَرْضَيْنِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ كُلِّ عَشَرَةٍ فَالشِّرْكَةُ بِالنِّصْفِ وَإِذَا كَانَ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَالْآخَرُ عِشْرِينَ فَبِالثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ. وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (يَوْمَ أَحْضَرَ) الْعَرْضَ لِلِاشْتِرَاكِ

وَالْمُرَادُ بِهِ يَوْمُ عَقْدِ الشِّرْكَةِ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بِالْفِعْلِ، وَهَذَا فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ كَذِي التَّوْفِيَةِ وَالْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ دُخُولِهِ فِي ضَمَانِهِ فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا قُلْنَا فِي الْبَيْعِ لَا فِي الشِّرْكَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهَا إنَّمَا يَكُونُ بِالْخَلْطِ (لَا فَاتَ) أَيْ لَا يَكُونُ التَّقْوِيمُ يَوْمَ الْفَوَاتِ بِبَيْعٍ أَوْ حَوَالَةِ سُوقٍ أَوْ هَلَاكٍ وَهَذَا كُلُّهُ (إنْ صَحَّتْ) شَرِكَتُهُمَا فَإِنْ فَسَدَتْ كَمَا لَوْ وَقَعَتْ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ فَلَا تَقْوِيمَ وَرَأْسُ مَالٍ كُلِّ مَا بِيعَ بِهِ عَرْضُهُ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَرْضَ فِي الْفَاسِدَةِ لَمْ يَزَلْ عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ وَفِي ضَمَانِهِ إلَى وَقْتِ الْبَيْعِ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ قِيمَةُ عَرْضِهِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَالْحُكْمُ فِي الطَّعَامَيْنِ كَذَلِكَ إنْ لَمْ يَحْصُلْ خَلْطٌ قَبْلَ ذَلِكَ وَإِلَّا فَرَأْسُ الْمَالِ قِيمَةُ الطَّعَامِ يَوْمَ الْخَلْطِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الطَّعَامَيْنِ يُفِيتُهُمَا لِعَدَمِ تَمْيِيزِ كُلٍّ بِخِلَافِ خَلْطِ الْعَرْضَيْنِ لِتَمْيِيزِ كُلِّ عَرْضٍ بَعْدَهُ (إنْ خَلَطَا) إنْ جُعِلَ شَرْطًا فِي اللُّزُومِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ أَيْ وَلَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا إنْ خَلَطَا وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا حَصَلَ خَلْطٌ أَمْ لَا وَإِنْ جُعِلَ شَرْطًا فِي الصِّحَّةِ عَارَضَهُ قَوْلُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا) أَيْ الذَّهَبَيْنِ وَالْوَرِقَيْنِ أَيْ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا وَقْتَ الْعَقْدِ فَلَا يَضُرُّ الِاخْتِلَافُ فِي الصَّرْفِ بَعْدَ الْعَقْدِ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ اتِّحَادِ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْفِضَّتَيْنِ فِي السِّكَّةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَا يَضُرُّ كَوْنُ أَحَدِ الذَّهَبَيْنِ سِكَّتُهُ مُحَمَّدِيَّةٌ وَالْآخَرُ سِكَّتُهُ يَزِيدِيَّةٌ مَعَ فَرْضِ اتِّفَاقِهِمَا فِي الْجَوْدَةِ وَإِنْ كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الْمُحَمَّدِيَّةَ أَجْوَدُ مِنْ الْيَزِيدِيَّةِ.

(قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ) وَهِيَ الِاتِّفَاقُ فِي الصَّرْفِ وَالْوَزْنِ وَالْجَوْدَةِ أَوْ الرَّدَاءَةِ (قَوْلُهُ لِتَرَكُّبِهَا إلَخْ) الْمُنَاسِبُ لِمَا بَعْدَهُ أَنْ يَقُولَ لِئَلَّا يَلْزَمَ التَّفَاوُتُ فِي الشِّرْكَةِ أَوْ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَعِلَّتُهُ فِي اخْتِلَافِ صَرْفِهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا اخْتَلَفَا صَرْفًا مَعَ اتِّحَادِهِمَا وَزْنًا وَاتِّفَاقِهِمَا جَوْدَةً أَوْ رَدَاءَةً فَإِنْ دَخَلَا عَلَى إلْغَاءِ مَا زَادَ أَدَّى ذَلِكَ إلَى الدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ فِي الشِّرْكَةِ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى عَدَمِ إلْغَائِهِ فَقَدْ صَرَفَا الشِّرْكَةَ لِغَيْرِ الْوَزْنِ فَيُؤَدِّي إلَى إلْغَاءِ الْوَزْنِ فِي بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ.

(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَيِّدِ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةِ الرَّدِيءِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ دَخَلَا عَلَى تَرْكِ مَا فَضَّلَتْهُ قِيمَةُ الْجَيِّدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ دَخَلَا عَلَى الْقِيمَةِ) أَيْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْ الرِّبْحِ وَيَعْمَلُ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ عَيْنِهِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى بَيْعِ النَّقْدِ بِغَيْرِ مِعْيَارِهِ إلَخْ) أَيْ وَبَيْعِ النَّقْدِ بِنَوْعِهِ بِالْقِيمَةِ وَإِلْغَاءُ الْوَزْنِ لَا يَجُوزُ

(قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا عَرْضًا إلَخْ) أَيْ أَوْ أَحَدُهُمَا عَيْنًا وَالْآخَرُ طَعَامًا وَهَذَا وَإِنْ لَزِمَ عَلَيْهِ بِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ إلَّا أَنَّهُ غَلَبَ جَانِبُ الْعَيْنِ أَوْ الْعَرْضِ وَلَا يَمْتَنِعُ إلَّا الصُّورَتَانِ الْآتِيَتَانِ فِي الْمُصَنَّفِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ قِيمَةِ الْعَرْضِ يَوْمَ عَقْدِ الشِّرْكَةِ (قَوْلُهُ فِيمَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ فِي الْبَيْعِ) وَهُوَ مَا لَيْسَ فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَلَا مُوَاضَعَةٍ وَلَا خِيَارَ وَلَا غَائِبَ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِهِ بِالْعَقْدِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ بِالْقَبْضِ (قَوْلُهُ كَذِي التَّوْفِيَةِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَا يُكَالُ أَوْ يُعَدُّ أَوْ يُوزَنُ مِنْ غَيْرِ الْعَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَرْضِ الْمُقَابِلِ لِلْعَيْنِ (قَوْلُهُ لَا فَاتَ) قَالَ طفى اُنْظُرْ مَا فَائِدَةُ هَذَا مَعَ أَنَّ عَادَةَ الْمُصَنِّفِ إذَا نَفَى شَيْئًا فَإِنَّمَا يُنَكِّتُ عَلَى مَنْ قَالَ بِهِ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ فِي الشِّرْكَةِ الصَّحِيحَةِ يَوْمَ الْفَوَاتِ مَعَ مَا تُوهِمُهُ عِبَارَتُهُ أَنَّ الْقِيمَةَ فِي الْفَاسِدَةِ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْفَوَاتِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ غَازِيٍّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ عَلَى تَفَاضُلِ الرِّبْحِ أَوْ الْعَمَلِ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ الْمَالَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَدْرِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ) أَيْ لِكَوْنِ الْعَرْضَيْنِ قَدْ خُلِطَا وَلَمْ يَعْلَمْ مَا بِيعَ بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ لِبَيْعِهِمَا صَفْقَةً مَثَلًا (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ يَكُونُ رَأْسُ مَالِ كُلِّ مَا بِيعَ بِهِ طَعَامُهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ خَلْطَ الطَّعَامَيْنِ) هَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الطَّعَامَيْنِ وَالْعَرْضَيْنِ إذَا خُلِطَا وَلَمْ يَعْرِفْ مَا بِيعَ بِهِ كُلٌّ فَفِي الْعَرْضَيْنِ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ كُلٍّ يَوْمَ الْبَيْعِ وَفِي الطَّعَامَيْنِ يَوْمَ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَيْهِ أَنَّ الْمَذْهَبَ إلَخْ) أَيْ وَرُدَّ

ص: 349

وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ فَبَيْنَهُمَا فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي الصِّحَّةِ مَعَ انْتِفَاءِ الْخَلْطِ فَلْيَكُنْ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ الْمَفْهُومِ مِنْ اللُّزُومِ أَيْ وَضَمَانُ الْمَالَيْنِ مِنْهُمَا إنْ خُلِطَا هُمَا حِسًّا بِأَنْ لَمْ يَتَمَيَّزْ أَحَدُهُمَا مِنْ الْآخَرِ بَلْ (وَلَوْ حُكْمًا) بِأَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْمَالَيْنِ فِي صُرَّةٍ مُنْفَرِدَةٍ وَجُعِلَا فِي حَوْزِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَحَدِهِمَا فَقَطْ فَضَاعَتْ وَاحِدَةٌ فَمِنْهُمَا (وَإِلَّا) يَحْصُلُ خَلْطٌ حِسِّيٌّ وَلَا حُكْمِيٌّ (فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ) وَحْدَهُ (وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ التَّالِفِ (فَبَيْنَهُمَا) عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ لِلُزُومِ الشِّرْكَةِ بِالْعَقْدِ (وَعَلَى الْمُتْلِفِ) بِالْكَسْرِ اسْمُ فَاعِلٍ أَيْ الَّذِي تَلِفَ مَتَاعُهُ أَوْ بِالْفَتْحِ مَفْعُولٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ صَاحِبِ الْمَالِ الْمُتْلَفِ (نِصْفُ الثَّمَنِ) أَيْ ثَمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِالسَّالِمِ إنْ كَانَتْ الشِّرْكَةُ عَلَى النِّصْفِ وَإِلَّا فَثَمَنُ حِصَّتِهِ فَقَطْ (وَهَلْ) مَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِ التَّالِفِ بَيْنَهُمَا (إلَّا أَنْ يُعْلَمَ) ذُو السَّالِمِ (بِالتَّلَفِ) وَيَشْتَرِي بِالسَّالِمِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِهِ (فَلَهُ) أَيْ لِذِي السَّالِمِ الرِّبْحُ وَحْدَهُ (وَعَلَيْهِ) الْخُسْرُ.

فَإِنْ اشْتَرَى قَبْلَ عِلْمِهِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا مَرَّ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي (أَوْ) بَيْنَهُمَا (مُطْلَقًا) اشْتَرَى بَعْدَ عِلْمِهِ أَوْ قَبْلَهُ هَذَا ظَاهِرُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَنْقُولُ أَنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَهُوَ ابْنُ رُشْدٍ يَقُولُ إنْ اشْتَرَى رَبُّ السَّالِمِ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالتَّلَفِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ أَوْ يَدْخُلَ مَعَهُ رَبُّ التَّالِفِ وَبَعْدَ الْعِلْمِ اُخْتُصَّ بِهِ فَلَهُ وَعَلَيْهِ وَإِنَّ صَاحِبَ الْقَوْلِ الثَّانِي وَهُوَ ابْنُ يُونُسَ يَقُولُ: إنْ اشْتَرَى رَبُّ السَّالِمِ قَبْلَ الْعِلْمِ فَبَيْنَهُمَا وَبَعْدَهُ فَاَلَّذِي تَلِفَ مَالُهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ شَرِيكِهِ أَوْ يَدَعَ مَا اشْتَرَاهُ لَهُ، وَمَحَلُّ تَخْيِيرِهِ إنْ قَالَ الْمُشْتَرِي: اشْتَرَيْته عَلَى الشِّرْكَةِ، فَإِنْ قَالَ: اشْتَرَيْته لِنَفْسِي اُخْتُصَّ بِهِ وَصُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا أَنْ يَدَّعِيَ) رَبُّ السَّالِمِ (الْأَخْذَ لَهُ) أَيْ الشِّرَاءَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ بِأَنَّ لَهُ (تَرَدُّدٌ) حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الشِّرْكَةِ بِمَا سَبَقَ بِقَوْلِهِ.

(وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) وَشَرْطُ جَوَازِهَا مَعَ غَيْبَةِ نَقْدِ أَحَدِهِمَا كُلًّا أَوْ بَعْضًا أَمْرَانِ الْأَوَّلُ (إنْ لَمْ يَبْعُدْ) بِأَنْ قَرُبَ كَالْيَوْمَيْنِ (و) الثَّانِي إنْ (لَمْ يَتَّجِرْ) بِالْحَاضِرِ (لِحُضُورِهِ) أَيْ الْغَائِبِ وَالْمُرَادُ بِالْحُضُورِ الْقَبْضُ أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْحَاضِرِ قَبْلَ قَبْضِ الْغَائِبِ الْقَرِيبِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ إنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الْيَوْمَيْنِ امْتَنَعَتْ الشِّرْكَةُ وَإِنْ كَانَ لَا يَتَّجِرُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِهِ، وَكَذَا تُمْنَعُ إنْ قَرُبَتْ وَاتَّجَرَ قَبْلِ قَبْضِهِ فَإِنْ وَقَعَ فَالرِّبْحُ لِمَا حَصَلَ بِهِ التَّجْرُ كَمَا فِي بَعِيدِ الْغَيْبَةِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَوْ أَخْرَجَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي الْمَذْهَبِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لُزُومُهَا بِالْعَقْدِ أَيْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا عُرْفًا سَوَاءٌ كَانَ قَوْلًا كَاشْتِرَاكِنَا أَوْ فِعْلًا كَخَلْطِ الْمَالَيْنِ أَوْ هُمَا مَعًا وَأَمَّا الْقَوْلُ بِأَنَّ الْخَلْطَ شَرْطٌ فِي لُزُومِهَا فَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَدَرَجَ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْمَقْصِدِ الْمَحْمُودِ وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ إلَّا أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْمِلُ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَمَا اُبْتِيعَ بِغَيْرِهِ) أَيْ بِغَيْرِ التَّالِفِ فَبَيْنَهُمَا عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ لِلُزُومِ الشِّرْكَةِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ شَرْطًا فِي الضَّمَانِ) أَيْ أَنَّهَا بَعْدَ لُزُومِهَا بِالْعَقْدِ يَكُونُ ضَمَانُ كُلِّ مَالٍ مِنْ صَاحِبِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ فَإِنْ وَقَعَ الْخَلْطُ وَلَوْ حُكْمًا فَالضَّمَانُ مِنْهُمَا فَإِذَا اشْتَرَى أَحَدُهُمَا بِمَالِهِ قَبْلَ الْخَلْطِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا لَزِمَتْ وَمَا ضَاعَ فَهُوَ مِنْ صَاحِبِهِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخَلْطِ فِي الضَّمَانِ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهِ حَقُّ تَوْفِيَةٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخَلْطُ بَلْ مَتَى انْعَقَدَتْ الشِّرْكَةُ وَلَزِمَتْ كَانَ ضَمَانُ الْمَالَيْنِ مِنْهُمَا اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ وَلَوْ حُكْمًا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ فِيهَا لَا يَكُونُ الضَّمَانُ إلَّا بِخَلْطِ الْمَالَيْنِ جَسًّا، وَالْخَلْطُ الْحُكْمِيُّ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ كَوْنُ الْمَالَيْنِ فِي حَوْزِ وَاحِدٍ، وَلَوْ عِنْدَ أَحَدِهِمَا أَيْ هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَهُمَا بَلْ وَلَوْ كَانَ عِنْدَ أَحَدِهِمَا فَمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ كَمِثَالِ الشَّارِحِ وَمَا قَبْلَهَا كَأَنْ يَكُونَ الْمَالَانِ فِي صُرَّتَيْنِ بِمَحَلٍّ وَقَفَلَ عَلَيْهِ بِقُفْلَيْنِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِفْتَاحَ قُفْلٍ أَوْ قَفَلَ عَلَيْهِ بِقَفْلٍ وَاحِدٍ وَلَهُ مِفْتَاحَانِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِفْتَاحًا فَهَذَا مِنْ جُمْلَةِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ كَمَا اخْتَارَهُ بْن مُسْتَدِلًّا بِكَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُتَقَدِّمِ خِلَافًا لعج وَمَنْ تَبِعَهُ حَيْثُ لَمْ يَجْعَلْ هَذَا خَلْطًا حُكْمِيًّا وَلَا حِسِّيًّا.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الْمُتْلِفِ نِصْفُ الثَّمَنِ) أَيْ فَإِذَا اشْتَرَى بِالسَّالِمِ سِلْعَةً بِمِائَةٍ فَعَلَى الَّذِي تَلِفَ مَالُهُ نِصْفُ الْمِائَةِ وَهُوَ خَمْسُونَ (قَوْلُهُ وَهَلْ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ إنَّمَا هُوَ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ بِالسَّالِمِ بَعْدَ التَّلَفِ وَأَمَّا الشِّرَاءُ الْوَاقِعُ قَبْلَ التَّلَفِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا اتِّفَاقًا مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ عِلْمٍ وَعَدَمِهِ إذْ لَا يُعْقَلُ فِيهِ التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَهُوَ ذُو السَّالِمِ (قَوْلُهُ خَيْرٌ) أَيْ رَبُّ السَّالِمِ بَيْنَ أَنْ يَخْتَصَّ بِهِ إلَخْ أَيْ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَوْ عَلِمْت أَنَّ مَالَ شَرِيكِي تَلِفَ لَمْ أَشْتَرِ إلَّا لِنَفْسِي (قَوْلُهُ فَلَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ فَلَهُ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ (قَوْلُهُ حَقُّهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ كَمَا قَالَ ح الْأَوَّلُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالثَّانِي لِعَبْدِ الْحَقِّ وَابْنِ يُونُسَ وَهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي بَيَّنَهُ الشَّارِحُ لَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ وَبَالَغَ عَلَى جَوَازِ الشِّرْكَةِ بِمَا سَبَقَ) أَيْ مِنْ الذَّهَبَيْنِ أَوْ الْوَرِقَيْنِ أَوْ الْعَيْنِ وَالْعَرْضِ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ غَابَ نَقْدَاهُمَا مَعًا مُنِعَتْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ أَمْرَانِ) اعْلَمْ أَنَّ هَذَيْنِ الْقَيْدَيْنِ لِابْنِ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَمُقْتَضَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ عَدَمُ اعْتِبَارِهِمَا؛ لِأَنَّهُ نَفْيُ كَوْنِ الشِّرْكَةِ مُبَايَعَةً اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَيْ يُشْتَرَطُ أَنْ لَا يَتَّجِرَ بِالْحَاضِرِ) أَيْ أَنْ يَنْتَفِيَ التَّجْرُ بِالْحَاضِرِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْغَائِبُ

ص: 350