الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتَرَاهُ بِغَبْنٍ كَثِيرٍ (وَمُخَالَفَتُهُ تَرَدُّدٌ) وَسَيَأْتِي لَهُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْعَارِيَّةِ مُفَصَّلَةً مُوَضَّحَةً فَلَوْ حَذَفَهَا مِنْ هُنَا لَسَلِمَ مِنْ الْإِبْهَامِ وَالْإِجْمَالِ وَالْإِبْهَامُ حَيْثُ عَبَّرَ بِتَرَدُّدِ مَكَانِ التَّأْوِيلِ وَمِنْ التَّكْرَارِ الْآتِي فِي مَحَلِّهِ عَلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ وَتَحِيَّتُهُ وَبَرَكَاتُهُ
[دَرْسٌ]
(فَصْلٌ) فِي الْمُزَارَعَةِ
وَهِيَ الشِّرْكَةُ فِي الزَّرْعِ وَعَقْدُهَا غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْبَذْرِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (لِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَعَاقِدَيْنِ عَلَى شِرْكَةِ زَرْعٍ (فُسِخَ) عَقْدُ (الْمُزَارَعَةِ) أَيْ الرُّجُوعُ وَالِانْفِصَالُ عَنْهُ (إنْ لَمْ يَبْذُرْ) أَيْ يَطْرَحْ الْحَبَّ وَمَا فِي مَعْنَاهُ عَلَى الْأَرْضِ فَلَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ وَلَا بِالْعَمَلِ قَبْلَ الْبَذْرِ وَلَوْ كَثُرَ كَحَرْثٍ وَتَسْوِيَةِ أَرْضٍ وَإِجْرَاءِ مَاءٍ عَلَيْهَا عَلَى الْأَرْجَحِ وَتَلْزَمُ بِالْبَذْرِ، وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ عَمَلٌ وَإِنَّمَا لَمْ تَلْزَمْ بِالْعَقْدِ كَشِرْكَةِ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِهَا فَضَعُفَ أَمْرُهَا فَاحْتِيجَ فِي لُزُومِهَا لِأَمْرٍ قَوِيٍّ وَهُوَ الْبَذْرُ وَهَلْ إذَا بَذَرَ الْبَعْضَ تَلْزَمُ فِي الْجَمِيعِ أَوْ فِيمَا بَذَرَ فَقَطْ أَوْ إنْ بَذَرَ الْأَكْثَرَ لَزِمَتْ فِي الْجَمِيعِ وَالْأَقَلِّ فَكَالْعَدِمِ وَإِنْ بَذَرَ النِّصْفَ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ
(وَصَحَّتْ) بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ سَلِمَا) أَيْ الْمُتَعَاقِدَانِ (مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ) بِأَنْ لَا تَقَعَ الْأَرْضُ أَوْ بَعْضُهَا فِي مُقَابَلَةِ بَذْرٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ مَا تُنْبِتُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
هَذَا لَيْسَ مُرْتَبِطًا بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ إعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَلْ مَحْذُوفٌ بَعْدَ قَوْلِهِ خَشَبَةً أَيْ وَعَرْصَتُهُ لِبِنَاءٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِيهَا إلَخْ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ أَعَارَ عَرْصَتَهُ لِجَارِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لِيَبْنِيَ أَوْ لِيَغْرِسَ فِيهَا وَلَمْ تَقَيَّدْ تِلْكَ الْعَارِيَّةُ بِأَجَلٍ فَلَمَّا فَعَلَ الْمُسْتَعِيرُ الْبِنَاءَ أَوْ الْغَرْسَ أَرَادَ الْمُعِيرُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ فِي الْإِعَارَةِ لِلْبِنَاءِ أَوْ الْغَرْسِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ الْمُعْتَادَةِ إلَّا إذَا دَفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ مَا أَنْفَقَهُ فِي الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ كَذَا ذُكِرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الْعَارِيَّةِ وَذُكِرَ فِيهَا فِي مَحَلٍّ آخَرَ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْمُعِيرُ لِلْمُسْتَعِيرِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ وَإِلَّا تُرِكَ لِمَا يَرَى النَّاسُ أَنَّهُ إعَارَةٌ لِمِثْلِهِ مِنْ الْأَمَدِ، وَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وِفَاقٌ أَوْ خِلَافٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّأْوِيلِ الثَّانِي مِنْ تَأْوِيلِ الْوِفَاقِ لَا يَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْطِيهِ قِيمَةَ مَا أَنْفَقَ يَوْمَ الْبِنَاءِ فَلَا يُرَاعَى قُرْبُ الزَّمَانِ أَوْ بُعْدُهُ إلَّا لَوْ كَانَ الْمَنْظُورُ لَهُ قِيمَةُ الْبِنَاءِ لَا قِيمَةُ الْمُؤَنِ مَعَ أَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ قِيمَةُ الْمُؤَنِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وخش وعبق وشب وَتَأَمَّلْ.
بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فِي الْعَارِيَّةِ وَلَزِمَتْ الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْعَارِيَّةِ الْغَيْرِ الْمُقَيَّدَةِ وَلَوْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ وَهَذَا يُخَالِفُ مَا هُنَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ ذَكَرَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا فَالْمُعْتَادُ مَخْصُوصٌ بِغَيْرِ الْمُعَارِ لِلْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ، وَأَمَّا مَا أُعِيرَ لَهُمَا فَلَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ لَسَلِمَ مِنْ الْإِبْهَامِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ الرُّجُوعُ أَيْ فِي إعَارَةِ الْجِدَارِ لِغَرْزِ الْخَشَبَةِ مَعَ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَسْأَلَةِ الْعَرْصَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَفِيهَا إنْ دَفَعَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا فِي مَسْأَلَةِ الْعَرْصَةِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ غَرْزِ الْخَشَبَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بَعْدَ الْإِذْنِ وَلَوْ قَبْلَ الْغَرْزِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا رَجَّحَهُ الْفَاكِهَانِيُّ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْغَرْزِ لَا بَعْدَهُ وَقَدْ حَكَى ابْنُ نَاجِيٍّ الْقَوْلَيْنِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِأَحَدِهِمَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ إعَارَةِ الْعَرْصَةِ لِلْبِنَاءِ حَيْثُ إنَّ لَهُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ إعَارَةِ الْجِدَارِ لِغَرْزِ الْخَشَبَةِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ إنْ أَعَارَهُ الْجِدَارَ لِغَرْزِ الْخَشَبَةِ قَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْقَضَاءِ بِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِجْمَالُ) مُرَادِفٌ لِمَا قَبْلَهُ وَهُوَ الْإِبْهَامُ بِالْمُوَحَّدَةِ
[فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ]
. (فَصْلٌ فِي الْمُزَارَعَةِ)(قَوْلُهُ وَعَقْدُهَا غَيْرُ لَازِمٍ قَبْلَ الْبَذْرِ) أَيْ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلَا تَلْزَمُ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ بِخِلَافِ شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ فِيهَا كَمَا مَرَّ اهـ وَقَدْ جَزَمَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٌ بِلُزُومِ الْمُزَارَعَةِ بِالْعَقْدِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَإِنَّمَا وَقَعَ هَذَا الِاخْتِلَافُ فِي الْمُزَارَعَةِ؛ لِأَنَّهَا شِرْكَةُ عَمَلٍ وَإِجَارَةٍ فَمَنْ غَلَّبَ الشِّرْكَةَ لَمْ يَرَهَا لَازِمَةً بِالْعَقْدِ لِمَا مَرَّ أَنَّ شِرْكَةَ الْعَمَلِ إنَّمَا تَلْزَمُ بِالْعَمَلِ وَلَا أَجَازَهَا إلَّا عَلَى التَّكَافُؤِ وَالِاعْتِدَالِ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُ أَحَدُهُمَا بِمَا لَا فَضْلَ لِكِرَائِهِ وَمَنْ غَلَّبَ الْإِجَارَةَ أَلْزَمَهَا بِالْعَقْدِ وَأَجَازَ التَّفَاضُلَ بَيْنَهُمَا اُنْظُرْ بْن وَقِيلَ إنَّهَا تَلْزَمُ بِالْعَقْدِ إذَا انْضَمَّ إلَيْهِ عَمَلٌ فَجُمْلَةُ الْأَقْوَالِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ وَمَا فِي مَعْنَاهُ) أَيْ كَشَتْلِ الْبَصَلِ وَالْخَسِّ (قَوْلُهُ وَلَا بِالْعَمَلِ) أَيْ وَلَا بِهِمَا مَعًا بِدُونِ بَذْرٍ.
(قَوْلُهُ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِهَا) أَيْ فِيمَا عَدَا صُورَةَ مَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ فَإِنَّهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ عبق؛ لِأَنَّهُ قَدْ قِيلَ بِمَنْعِهَا مُطْلَقًا صَوَابُهُ حَذْفُ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ عِنْدَنَا لِمَا عَلِمْت مِنْ الِاتِّفَاقِ فِي صُورَةِ التَّسَاوِي إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْقَائِلُ أَبُو حَنِيفَةَ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِمَنْعِهَا مُطْلَقًا، وَإِنْ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ قَالَ عِيَاضٌ وُجُوهُهَا ثَلَاثَةٌ إنْ اشْتَرَكَا فِي الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ وَالْآلَةِ وَالزَّرِيعَةِ جَازَتْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْبَذْرِ مِنْ عِنْدِهِ وَالْآخَرُ بِأَرْضٍ لَهَا بَالٌ وَاشْتَرَكَا فِي غَيْرِهِمَا تَسَاوَيَا أَوْ تَفَاوَتَا فَسَدَتْ اتِّفَاقًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إلَّا عَلَى قَوْلِ الدَّاوُدِيِّ وَالْأَصِيلِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى بِجَوَازِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَهُوَ خِلَافُ مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ وَمَا عَدَا هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَهَلْ إذَا بَذَرَ الْبَعْضُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا نَصَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَالَ طفى أَصْلُ هَذَا التَّوَقُّفِ لعج وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إنْ بَذَرَ الْبَعْضَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَقْدُ إلَّا فِيمَا بَذَرَ وَلِكُلٍّ الْفَسْخُ فِيمَا بَقِيَ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ بِشُرُوطٍ أَرْبَعَةٍ) جَعَلَهَا الشَّارِحُ أَرْبَعَةً مُجَارَاةً لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَسَيَأْتِي لَهُ أَنَّ الصَّوَابَ كَمَا لِابْنِ شَاسٍ
كَكِرَائِهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ حَيَوَانٍ فَإِنْ لَمْ يَسْلَمَا مِنْ ذَلِكَ مُنِعَتْ كَكِرَائِهَا بِطَعَامٍ وَلَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ كَعَسَلٍ أَوْ بِمَا أَنْبَتَتْهُ وَلَوْ غَيْرَ طَعَامٍ كَقُطْنٍ وَكَتَّانٍ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ ذَلِكَ الْخَشَبُ وَنَحْوُهُ فَيَجُوزُ كَمَا يَأْتِي فِي الْإِجَارَةِ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَقَابِلُهَا) أَيْ الْأَرْضِ (مُسَاوٍ) لِكِرَائِهَا غَيْرَ بَذْرٍ بِدَلِيلِ مَا قَبْلَهُ مِنْ عَمَلِ بَقَرٍ أَوْ يَدٍ وَالْمُرَادُ قَابِلُهَا مُسَاوٍ عَلَى قَدْرِ الرِّبْحِ الْوَاقِعِ بَيْنَهُمَا كَأَنْ تَكُونَ أُجْرَةُ الْأَرْضِ مِائَةً وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ خَمْسِينَ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ لِرَبِّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ وَلِرَبِّ الْبَقَرِ وَالْعَمَلِ الثُّلُثُ أَوْ يَكُونُ أُجْرَتُهُمَا مِائَةً كَالْأَرْضِ وَدَخَلَا عَلَى النِّصْفِ فَتَجُوزُ فِيهِمَا وَإِلَّا فَسَدَتْ فَمَعْنَى التَّسَاوِي أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُطَابِقًا لِلْمُخْرَجِ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَتَسَاوَيَا) فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَإِلَّا فَسَدَتْ وَلَا شَكَّ أَنَّ أَحَدَ الشَّرْطَيْنِ يُغْنِي عَنْ الْآخَرِ.
فَإِنْ حُمِلَ مَا قَبْلِ هَذَا عَلَى الْمُقَابَلَةِ بِالنِّصْفِ أَفَادَ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ وَالْآخَرُ الثُّلُثَيْنِ فَسَدَتْ وَلَوْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ كُلٌّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْحَقُّ أَنَّ شَرْطَهَا شَيْئَانِ فَقَطْ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ لَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ فِي الْمُزَارَعَةِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَسْلَمَا مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَأَنْ يَعْتَدِلَا فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ انْتَهَى أَيْ يَعْتَدِلَا فِيمَا يَخْرُجُ مِنْ الرِّبْحِ عَلَى قَدْرِ مَا أَخْرَجَا.
وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِ (إلَّا لِتَبَرُّعٍ) مِنْ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ غَيْرِ وَعْدٍ وَلَا عَادَةٍ (بَعْدَ) لُزُومِ (الْعَقْدِ) بِالْبَذْرِ فَيَجُوزُ وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ كَانَ) الْمُرَادُ بِالْبَذْرِ الزَّرِيعَةُ فَيَشْمَلُ الْحَبَّ وَغَيْرَهُ كَالْقُطْنِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِمَا وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ أَيٌّ مِنْهُمَا مَعًا، فَإِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَتَأَتَّى خَلْطٌ أَيْ أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ خَلْطِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ) كَانَ الْخَلْطُ (بِإِخْرَاجِهِمَا) لَهُ بِأَنْ يَحْمِلَ كُلٌّ بَذْرَهُ إلَى الْأَرْضِ وَيَبْذُرَهُ بِهَا مِنْ غَيْرِ تَمَيُّزٍ لِأَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَتَصِحُّ الشِّرْكَةُ حَيْثُ دَخَلَا عَلَى التَّعَاوُنِ وَالشِّرْكَةِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، فَإِنْ تَمَيَّزَ بَذْرُ كُلٍّ بِجِهَةٍ فَلَا شِرْكَةَ بَيْنَهُمَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ حَبُّهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ وَيَتَقَاصَّانِ وَرُدَّ بِالْمُبَالَغَةِ الْقَوْلُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ الْمَذْكُورِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّ الشُّرُوطَ اثْنَانِ فَقَطْ السَّلَامَةُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ وَالتَّسَاوِي فِي الرِّبْحِ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَسَيَظْهَرُ لَك وَجْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَكِرَائِهَا بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْجَائِزِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَمْنُوعٍ (قَوْلُهُ، فَإِنْ لَمْ يُسْلِمَا مِنْ ذَلِكَ مُنِعَتْ) قَالَتْ الشَّافِعِيَّةُ مَحَلُّ مَنْعِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا إذَا اُشْتُرِطَ الْأَخْذُ مِنْ عَيْنِ مَا يَخْرُجُ مِنْ خُصُوصِ تِلْكَ الْبُقْعَةِ صَرِيحًا وَلَمْ يَكْتَفُوا بِالْجِنْسِ وَهِيَ فُسْحَةٌ وَفِي بْن جَوَازُ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا عِنْدَ الدَّاوُدِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَالْأَصِيلِيِّ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مُنِعَتْ أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَالْبُوصِ الْفَارِسِيِّ وَالْعُودِ الْقَاقُلَّى وَالصَّنْدَلِ وَالْحَلْفَاءِ وَالْحَشِيشِ وَالشَّبِّ وَالْكِبْرِيتِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الْمَعَادِنِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ دَخَلَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَسَدَتْ لِدُخُولِهِمَا عَلَى التَّفَاوُتِ فِيهَا (قَوْلُهُ مُطَابِقًا لِلْمَخْرَجِ) أَيْ مِنْهُمَا أَيْ، فَإِنْ كَانَ الْمَخْرَجُ مِنْهُمَا مُتَسَاوِيًا فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ مُنَاصَفَةً وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْخَارِجِ مِنْ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَإِلَّا فَسَدَتْ) أَيْ وَإِلَّا يَأْخُذُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ فَسَدَتْ كَمَا إذَا تَسَاوَيَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ وَشَرَطَا فِي عَقْدَ الشِّرْكَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ أَوْ كَانَ مَا أَخْرَجَاهُ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَشَرَطَا أَنَّ مَا يَحْصُلُ مِنْ الزَّرْعِ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً (قَوْلُهُ عَلَى الْمُقَابَلَةِ بِالنِّصْفِ) أَيْ بِأَنْ قِيلَ وَقَابَلَهَا مُسَاوٍ مِنْ بَقَرٍ وَعَمَلٍ بِأَنْ يَكُونَ أُجْرَتُهُمَا قَدْرَ أُجْرَةِ الْأَرْضِ وَتَسَاوَيَا فِي الرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ يَأْخُذَ نِصْفَهُ.
(قَوْلُهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا الثُّلُثَ) أَيْ أَخْرَجَ الثُّلُثَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَسَيَأْتِي مَا فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّ اشْتِرَاطَ خَلْطِ الْبَذْرِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ كَمَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ عَلَى أَنَّهُ لَا وَجْهَ لِجَعْلِ خَلْطِ الْبَذْرِ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِهَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا مَا كَانَ عَامًّا فِي جَمِيعِ صُوَرِهَا وَهَذَا خَاصٌّ بِبَعْضِ الصُّوَرِ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) لِبَيَانِ الْوَاقِعِ؛ لِأَنَّ التَّبَرُّعَ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْعَقْدِ إذْ مَا كَانَ فِيهِ لَمْ يَكُنْ تَبَرُّعًا وَلَوْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ فَهُوَ مُشْتَرَطٌ اهـ وَذَلِكَ بِأَنْ يُخْرِجَ كُلٌّ قَدْرَ مَا أَخْرَجَهُ الْآخَرُ وَعَقْدًا عَلَى التَّسَاوِي فِي الْخَارِجِ وَبَذْرًا ثُمَّ تَبَرَّعَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بِشَيْءٍ مِنْ حِصَّتِهِ.
(قَوْلُهُ وَخَلْطُ بَذْرٍ) عَطْفٌ عَلَى سُلَّمًا أَيْ وَشَرْطُ صِحَّتِهَا خَلْطُ بَذْرٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى هَذَا إذَا قُرِئَ خَلْطٌ مَصْدَرًا، وَأَمَّا إنْ قُرِئَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَالْعَطْفُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ وَالْقَصَبِ وَنَحْوِهِمَا) أَيْ كَالْخَسِّ وَالْبَصَلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الْخُضَرِ الَّتِي تُنْقَلُ لَكِنْ فِيهِ أَنَّ الْقُطْنَ يُزْرَعُ حَبُّهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُبْذَرُ بَلْ يُدْفَنُ فِي الْأَرْضِ، فَإِنْ جُعِلَ قَوْلُهُ كَالْقُطْنِ رَاجِعًا لِلْحَبِّ وَمَا بَعْدَهُ رَاجِعًا لِغَيْرِهِ صَحَّ وَإِلَّا فَالْأَوْلَى حَذْفُ الْقُطْنِ (قَوْلُهُ أَيْ مِنْهُمَا) أَشَارَ الشَّارِحُ
وَاشْتِرَاطُ الْحِسِّيِّ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَرُجِّحَ وَلَهُمَا أَيْضًا قَوْلٌ مَعَ مَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حِسًّا وَلَا حُكْمًا فَلَوْ بَذَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي جِهَةٍ أَوْ فَدَّانٍ غَيْرَ الْآخَرِ صَحَّتْ عِنْدَهُمْ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ الْمُتَقَدِّمِ وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ عَلَى الْمُصَنِّفِ شَرْطٌ وَهُوَ تَمَاثُلُهُمَا جِنْسًا وَصِنْفًا فَلَوْ أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا قَمْحًا وَالْآخَرُ فُولًا أَوْ شَعِيرًا لَمْ تَصِحَّ وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مَا أَنْبَتَهُ بَذْرُهُ وَيَتَرَاجَعَانِ فِي الْأَكْرِيَةِ وَقِيلَ بِالصِّحَّةِ أَيْضًا وَفَرَّعَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ قَوْلُهُ.
(فَإِنْ يَنْبُتْ بَذْرُ أَحَدِهِمَا وَعَلِمَ) رَبُّهُ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ لِفَرَاغِهِ أَوْ سُوسِهِ أَوْ قِدَمِهِ وَبَعْضُ الْحَبِّ الَّذِي إذَا أَصَابَهُ الدُّخَانُ لَمْ يَنْبُتْ كَالْبِرْسِيمِ وَبَذْرُ الْكَتَّانِ وَالْمُلُوخِيَّةِ سَوَاءٌ تَمَيَّزَ الْبَذْرُ الْمَذْكُورُ فِي جِهَةٍ أَوْ اخْتَلَطَ (لَمْ يُحْتَسَبْ بِهِ) فِي الشِّرْكَةِ (إنْ غَرَّ) صَاحِبَهُ بِأَنْ عَلِمَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُ (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْغَارِّ لِشَرِيكِهِ إذْ الشِّرْكَةُ بَاقِيَةٌ بَيْنَهُمَا (مِثْلُ نِصْفِ) الْبَذْرِ (النَّابِتِ) فِي شِرْكَةِ الْمُنَاصَفَةِ وَمِثْلُ حِصَّتِهِ مِنْ النَّابِتِ فِي غَيْرِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِهَذِهِ الْعِبَارَةِ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَإِلَّا) يَغُرُّ بِأَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ يَنْبُتُ أَوْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ وَبَيَّنَ لِصَاحِبِهِ (فَعَلَى كُلٍّ) مِنْهُمَا لِشَرِيكِهِ (نِصْفُ بَذْرِ الْآخَرِ) فِي شِرْكَةِ الْمُنَاصَفَةِ (وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا) عَلَى كُلِّ حَالٍ فَعَلَى مَنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ غَرَّ أَمْ لَا وَعَلَى مَنْ نَبَتَ بَذْرُهُ مِثْلُ نِصْفِ غَيْرِ النَّابِتِ أَيْ قَدِيمًا أَوْ مُسَوِّسًا إنْ لَمْ يَغُرَّ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنْبُتْ بَذْرُهُ عَلِمَ وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ وَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَأَنَّ الْإِبَّانَ قَدْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِذَلِكَ إلَى إنْ كَانَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَاقِصَةٌ لَا أَنَّهَا تَامَّةٌ كَمَا قَالَ بَعْضٌ وَأَنَّ الْمَعْنَى وَخَلْطُ بَذْرٍ إنْ وُجِدَ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ فَلَا تَصِحُّ إلَّا بِخَلْطِ الزَّرِيعَةِ هَذَا إذَا حُمِلَ الْبَذْرُ عَلَى حَقِيقَتِهِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الزَّرِيعَةَ ضَاعَ مَفْهُومُ إنْ وُجِدَ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْمَنْطُوقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاطُ الْحِسِّيِّ) تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْقَوْلَيْنِ إذَا أَخْرَجَاهُ مَعًا وَبَذْرَاهُ وَصَارَ لَا يَتَمَيَّزُ بَذْرُ أَحَدِهِمَا مِنْ بَذْرِ الْآخَرِ فَيَصِحُّ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا عَلَى مَا رَدَّهُ بِلَوْ (قَوْلُهُ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ خَلْطِ الْبَذْرِ وَلَوْ حُكْمًا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ قَالَ طفى هَذَا الشَّرْطُ إنَّمَا يُعْرَفُ لِسَحْنُونٍ وَعَزَاهُ لَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَتَبِعَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ لَا حِسًّا وَلَا حُكْمًا بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي شِرْكَةِ الْأَمْوَالِ وَسَحْنُونٍ عَلَى أَصْلِهِ فِي اشْتِرَاطِ الْخَلْطِ هُنَاكَ فَكُلٌّ طَرْدُ أَصْلِهِ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ مَا نَصُّهُ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا هَلْ يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ فِي الصِّحَّةِ فَأَجَازَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الشِّرْكَةَ إذَا أَخْرَجَا قَمْحًا أَوْ شَعِيرًا، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهُ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمَا فِي الْعَيْنِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَإِنْ لَمْ يَخْلِطَاهَا وَاخْتَلَفَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فَقَالَ مَرَّةً بِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ مَرَّةً إنَّمَا تَصِحُّ الشِّرْكَةُ إذَا خَلَطَا الزَّرِيعَةَ أَوْ حَمَلَاهَا إلَى الْفَدَّانِ أَوْ جَمَعَاهَا فِي بَيْتٍ فَظَهَرَ لَك أَنَّ اشْتِرَاطَ الْخَلْطِ وَلَوْ حُكْمًا إنَّمَا هُوَ عِنْدَ سَحْنُونٍ فَقَطْ اهـ كَلَامُهُ.
(قَوْلُهُ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ) وَنَحْوُهُ فِي عبق قَالَ بْن وهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ لِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلَيْنِ كَسَحْنُونٍ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ يُونُسَ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَلَهُ قَوْلٌ آخَرُ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حِسًّا وَلَا حُكْمًا تَأَمَّلْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ تَمَاثُلُهُمَا) أَيْ تَمَاثُلُ مَا أَخْرَجَاهُ مِنْ الْبَذْرِ إنْ كَانَ الْبَذْرُ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ كِفَايَةِ إخْرَاجِهِمَا لِلْبَذْرِ إلَى الْفَدَّانِ وَبَذْرِ كُلِّ وَاحِدٍ وَفِيهِ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، فَإِنْ لَمْ يَنْبُتْ إلَخْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ أَصْلًا وَلَا يَصِحُّ تَفْرِيعُهُ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ؛ لِأَنَّ التَّمْيِيزَ عِنْدَهُ يُوجِبُ بُطْلَانَ الشِّرْكَةِ مُطْلَقًا نَبَتَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمْ لَا فَتَعَيَّنَ أَنْ يُرَادَ بِالْخَلْطِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُجَرَّدُ الْمُعَاوَنَةِ تَسَاهُلًا حَتَّى يَصِحَّ التَّفْرِيعُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْبَذْرَ إذَا كَانَ مِنْهُمَا فَيُشْتَرَطُ تَعَاوُنُهُمَا وَلَوْ بِإِخْرَاجِهِمَا بِأَنْ يَخْرُجَا بِالْبَذْرِ مَعًا وَيَبْذُرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَذْرَهُ كَانَ بَذْرُ كُلِّ وَاحِدٍ مُتَمَيِّزًا عَنْ بَذْرِ الْآخَرِ أَوَّلًا وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ، وَالْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ قَوْلُ سَحْنُونٍ الْآخَرُ لَا يَكْفِي إخْرَاجُهُمَا عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَصِيرَ الْبَذْرَانِ بِحَيْثُ لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَنْ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْخَلْطُ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَحِينَئِذٍ فَحَمْلُ شَارِحِنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ الْإِخْرَاجَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي غَيْرُ مُنَاسِبٍ لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّفْرِيعِ وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا مُحَصَّلُ كَلَامِ ح.
وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ وَرَدَ بِالْمُبَالَغَةِ، الْقَوْلُ بِاشْتِرَاطِ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ لَا يَصِحُّ إذْ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ اشْتِرَاطُ الْخَلْطِ الْحِسِّيِّ فِي الْبَذْرِ وَعَدَمِ كِفَايَةِ الْخَلْطِ الْحُكْمِيِّ؛ لِأَنَّ الْخَلْطَ الْحُكْمِيَّ بِمَعْنَى عَدَمِ التَّمْيِيزِ مُتَّفَقٌ عَلَى الْجَوَازِ فِيهِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي التَّعَاوُنِ مَعَ التَّمْيِيزِ كَمَا عَلِمْت اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ عَلِمَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ مِثْلُ نِصْفِ النَّابِتِ) أَيْ وَعَلَيْهِ أَيْضًا نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ مَا لَمْ يَنْبُتْ وَنِصْفُ قِيمَةِ الْعَمَلِ فِيهِ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا اُنْظُرْ اهـ بْن.
(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ عج أَنَّ مَنْ اشْتَرَى حَبًّا وَبَيَّنَ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ لِلزِّرَاعَةِ وَلَمْ يَنْبُتْ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ يَعْلَم أَنَّهُ لَا يَنْبُتُ أَوْ كَانَ شَاكًّا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَبِأُجْرَةِ الْأَرْضِ وَالْعَمَلِ إنْ فَاتَ الْإِبَّانُ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَرَّهُ وَالشِّرَاءُ فِي زَمَنِ الزِّرَاعَةِ بِثَمَنِ مَا يُزْرَعُ كَالشَّرْطِ، وَإِنْ اشْتَرَى لِلْأَكْلِ فَزَرَعَهُ فَلَمْ يَنْبُتْ لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ.
(قَوْلُهُ وَأَنَّ الْإِبَّانَ) أَيْ وَمَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْإِبَّانَ إلَخْ
فَاتَ وَإِلَّا فَعَلَى مَنْ لَمْ يَنْبُتْ زَرْعُهُ الْإِتْيَانُ بِبَدَلِ بَذْرِهِ جَيِّدًا فَيَزْرَعُهُ ثُمَّ مَثَّلَ الْمُصَنِّفُ لِمَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الصِّحَّةِ بِخَمْسِ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ تَسَاوَيَا) أَوْ تَسَاوَوْا (فِي الْجَمِيعِ) أَرْضًا وَعَمَلًا وَبَذْرًا وَبَقَرًا وَآلَةً (أَوْ قَابَلَ بَذْرُ أَحَدِهِمَا عَمَلٌ) وَالْأَرْضُ بَيْنَهُمَا بِمِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ أَوْ كَانَتْ مُبَاحَةً (أَوْ) قَابَلَ (أَرْضَهُ) أَيْ أَرْضَ أَحَدِهِمَا (وَبَذْرَهُ) عَمَلٌ مِنْ الْآخَرِ بِيَدٍ وَبَقَرٍ وَآلَةٍ أَوْ بَقَرٍ فَقَطْ، وَأَمَّا عَمَلُ يَدٍ فَقَطْ فَسَتَأْتِي مَعَ قَيْدِهَا (أَوْ) قَابَلَ الْأَرْضَ و (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الْبَذْرِ عَمَلٌ مِنْ الْآخَرِ مَعَ بَعْضِ الْبَذْرِ فَالْمَعْنَى أَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَالْآخَرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَشَرْطُ صِحَّةِ هَذِهِ (إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ) أَيْ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الرِّبْحِ (عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ) بِأَنْ زَادَ أَوْ سَاوَى مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَثُلُثَيْ الْبَذْرِ وَالثَّانِي الْعَمَلُ وَثُلُثُ الْبَذْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ كُلٌّ نِصْفَ الرِّبْحِ فَقَدْ أَخَذَ الْعَامِلُ أَزْيَدَ مِنْ نِسْبَةِ مَالِهِ مِنْ الْبَذْرِ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْأَرْضِ الثُّلُثَيْنِ مِنْ الرِّبْحِ وَالْعَامِلُ الثُّلُثُ.
فَإِنْ نَقَصَ الْعَامِلُ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ مُنِعَ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ مَعَ عَمَلِهِ نِصْفَ الْبَذْرِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الرِّبْحِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا الْجَمِيعُ) الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْبَقَرُ (إلَّا الْعَمَلُ) بِالْيَدِ فَقَطْ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ فَتَصِحُّ
(إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ) عَلَى أَنَّ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ كَالرُّبْعِ أَوْ الْخُمُسِ (لَا) إنْ عَقَدَا بِلَفْظِ (الْإِجَارَةِ أَوْ أَطْلَقَا) ؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَارَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشِّرْكَةِ فَأَجَازَهَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اخْتَارَ أَنَّهَا إجَارَةٌ فَاسِدَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ وَشُبِّهَ فِي الْفَسَادِ الْمُسْتَفَادِ مِنْ قَوْلِهِ لَا الْإِجَارَةُ قَوْلُهُ (كَإِلْغَاءِ أَرْضٍ) لَهَا بَالٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (وَتَسَاوَيَا غَيْرُهُمَا) مِنْ بَذْرٍ وَعَمَلٍ لِفَقْدِ التَّسَاوِي عِنْدَ إلْغَاءِ الْأَرْضِ، فَإِنْ دَفَعَ لَهُ صَاحِبُهُ نِصْفَ كِرَائِهَا جَازَ، وَأَمَّا الَّتِي لَا بَالَ لَهَا فَإِلْغَاؤُهَا جَائِزٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ لِأَحَدِهِمَا أَرْضٌ رَخِيصَةٌ) لَا بَالَ لَهَا (وَعَمِلَ) وَلِلْآخَرِ الْبَذْرُ فَتَفْسُدُ (عَلَى الْأَصَحِّ) عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَالْأَوْلَى الْأَرْجَحُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ كَأَنْ تَسَاوَيَا) أَيْ وَذَلِكَ كَأَنْ تَسَاوَيَا إلَخْ أَيْ وَذَلِكَ الْمُسْتَوْفِي لِلشُّرُوطِ كَتَسَاوِيهِمَا فِي جَمِيعِ مَا أَخْرَجَاهُ فَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّشْبِيهِ وَأَنْ مَصْدَرِيَّةٌ لَا شَرْطِيَّةٌ وَقَوْلُهُ كَأَنْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ أَيْ وَدَخَلَا عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَأْخُذُ مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَهُ وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ كَمَا مَرَّ لِلدُّخُولِ عَلَى التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ وَبَذْرُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ لَهَا بَالٌ (قَوْلُهُ أَوْ بَقَرٌ فَقَطْ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ عَمَلِ الْيَدِ فَقَطْ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَسْأَلَةِ الْخُمَاسِ الْآتِيَةِ وَمَا قَالَهُ مِنْ الْجَوَازِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ بِمَنْعِهَا (قَوْلُهُ إلَّا الْعَمَلُ) الْمُرَادُ بِهِ الْحَرْثُ لَا الْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ؛ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ فَمَتَى شَرَطَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ الْحَرْثِ فَسَدَتْ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ إلَّا أُجْرَةُ عَمَلِهِ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ، وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ بِزَائِدٍ عَنْ الْحَرْثِ بَعْدَ الْعَقْدِ كَالْحِرَاثَةِ وَالسَّقْيِ وَالتَّنْقِيَةِ وَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ اهـ خش وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ اشْتِرَاطِ الْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَمَا مَعَهُمَا هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالتُّونُسِيُّ وَابْنُ يُونُسَ وَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَمَلِ الْحَرْثُ وَالْحَصَادُ وَالدِّرَاسُ فَيَجُوزُ اشْتِرَاطُهَا عَلَى الْعَامِلِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ لَا إنْ عَقَدَا إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ الْمَسَائِلِ الْفَاسِدَةِ وَهِيَ خَمْسَةٌ أَيْضًا (قَوْلُهُ أَوْ أَطْلَقَا) أَيْ أَوْ عَقَدَا بِالْإِطْلَاقِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْإِجَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَعْنَى فَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ عَطْفُ الْفِعْلِ عَلَى الِاسْمِ الْغَيْرِ الْمُشَابِهِ لِلْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقُ مَحْمُولٌ عَلَى الْإِجَارَةِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فَتَكُونُ مَمْنُوعَةً؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ بِجُزْءٍ مَجْهُولِ الْقَدْرِ وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشِّرْكَةِ فَأَجَازَهَا وَالنَّقْلُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَنْ سَحْنُونٍ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَغَيْرُهُ وَعَكْسُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَتَبِعَهُ الْأَبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَالْمَوَّاقِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصَّ الْمُوَافِقُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هَذِهِ مَسْأَلَةُ الْخُمَاسِ بِبَلَدِنَا، وَقَالَ فِيهَا ابْنُ رُشْدٍ إنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ جَازَ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَقَدَاهَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ لَمْ تَجُزْ اتِّفَاقًا، وَإِنْ عَرِيَ الْعَقْدُ عَنْ اللَّفْظَيْنِ فَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ ابْنُ عَرَفَةَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَهَا وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ وَهْمٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ حَمَلَهُ أَيْ الْإِطْلَاقُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَلَى الْإِجَارَةِ فَلَمْ يُجْزِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ وَحَمَلَهُ سَحْنُونٌ عَلَى الشِّرْكَةِ فَأَجَازَهُ هَذَا تَفْصِيلُ الْمَسْأَلَةِ وَالْعَجَبُ مِنْ الْمَوَّاقِ كَيْفَ خَالَفَ هَذَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَا قَالَهُ سَحْنُونٌ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ إلَخْ) الْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ كَانَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ قَالَ الْمُوَافِقُ لِأَقْوَالِ الْمَذْهَبِ أَنَّهَا إجَارَةٌ وَلَوْ وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ وَأَنَّهَا فَاسِدَةٌ أَمَّا كَوْنُهَا إجَارَةً لَا شِرْكَةً؛ لِأَنَّ مِنْ خَوَاصِّ الشِّرْكَةِ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مَالًا وَهَذِهِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ، وَأَمَّا كَوْنُهَا فَاسِدَةً فَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ كَوْنُ عِوَضِهَا مَعْلُومًا وَهُنَا غَيْرُ مَعْلُومٍ.
وَحَاصِلُ الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالْفَسَادِ إذَا وَقَعَتْ بِلَفْظِ الشِّرْكَةِ خِلَافُ النَّقْلِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَحْنُونٍ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا إجَارَةٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخْرَجَ الْعَامِلُ الْعَمَلَ فَقَدْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ مَالٌ اهـ تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ لِفَقْدِ التَّسَاوِي) أَيْ فِي الرِّبْحِ عِنْدَ إلْغَاءِ الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَأْخُذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ عِلَّةَ الْفَسَادِ الدُّخُولُ عَلَى التَّفَاوُتِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ الْجَوَازَ لِسَحْنُونٍ وَالْمَنْعَ
لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ، وَأَمَّا السَّابِقَةُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَتَسَاوَيَا فِيمَا عَدَاهَا فَلَمْ يَقَعْ شَيْءٌ مِنْ الْبَذْرِ فِي مُقَابَلَةِ أَرْضٍ وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ مِنْ صُوَرِ الْفَسَادِ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَنْقُصْ مَا لِلْعَامِلِ عَنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ
وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُزَارَعَةَ الصَّحِيحَةَ وَشُرُوطَهَا وَعَلِمَ أَنَّ الْفَاسِدَةَ مَا اخْتَلَّ مِنْهَا شَرْطٌ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ فَسَدَتْ) وَعُثِرَ عَلَى ذَلِكَ قَبْلَ الْعَمَلِ فُسِخَتْ، وَإِنْ عَمِلَا (وَتَكَافَآ عَمَلًا) أَيْ وُجِدَ عَمَلٌ مِنْهُمَا سَوَاءٌ تَسَاوَيَا فِيهِ أَمْ لَا وَأَخْرَجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَالْآخَرُ الْبَذْرَ (فَبَيْنَهُمَا) الزَّرْعُ بِشَرْطِ أَنْ يَنْضَمَّ لِعَمَلِ يَدِ كُلٍّ مِنْهُمَا غَيْرُهُ مِنْ بَذْرٍ أَوْ أَرْضٍ أَوْ عَمَلِ بَقَرٍ أَوْ بَعْضِ ذَلِكَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ عَمَلِ يَدٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي عَمَلِهِ (وَتَرَادَّا غَيْرَهُ) أَيْ الْعَمَلَ مِنْ كِرَاءٍ وَبَذْرٍ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ مَكِيلَتِهِ وَعَلَى صَاحِبِ الْبَذْرِ نِصْفُ كِرَاءِ الْأَرْضِ وَفَسَادُهَا ظَاهِرٌ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِالْبَذْرِ (وَإِلَّا) يَعْمَلَا مَعًا بَلْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا بِعَمَلِ يَدِهِ وَلَا يَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ مَا إذَا عَمِلَا مَعًا وَلَمْ يَتَكَافَآ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ الشُّمُولُ لِمَا مَرَّ (فَلِلْعَامِلِ) الزَّرْعُ كُلُّهُ (وَعَلَيْهِ) لِلْآخَرِ (الْأُجْرَةُ) أَيْ أُجْرَةُ الْأَرْضِ أَوْ الْبَقَرِ الْمُنْفَرِدِ بِهَا الْآخَرُ.
فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ لَهُ الْبَذْرُ سَوَاءٌ (كَانَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ الْمُنْفَرِدِ بِالْعَمَلِ (بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) أَيْ عَمَلُهُ الْمَذْكُورُ وَالْأَرْضُ لِلْآخَرِ وَفَسَادُهَا لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ (أَوْ) كَانَ لَهُ (أَرْضٌ) مَعَ عَمَلِهِ وَالْبَذْرُ لِلْآخَرِ (أَوْ) كَانَ (كُلٌّ) مِنْ الْأَرْضِ وَالْبَذْرِ (لِكُلٍّ) مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالزَّرْعُ لِصَاحِبِ الْعَمَلِ وَاعْتُرِضَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ فَسَدَتْ إلَخْ بِأَنَّهُ لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ إذَا فَاتَتْ الْفَاسِدَةُ بِالْعَمَلِ الْأَوَّلِ أَنَّ الزَّرْعَ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ وَعَلَيْهِ لِأَصْحَابِهِ كِرَاءُ مَا أَخْرَجُوهُ الثَّانِي الزَّرْعُ لِصَاحِبِ عَمَلِ الْيَدِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلُ يَدٍ الرَّابِعُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ أَرْبَعَةٍ أَرْضٌ وَبَقَرٌ وَعَمَلُ يَدٍ وَبَذْرٌ الْخَامِسُ أَنَّهُ لِلْبَاذِرِ إنْ كَانَ فَسَادُهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِابْنِ عَبْدُوسٍ وَابْنِ يُونُسَ قَالَ وَالْمَنْعُ هُوَ الصَّوَابُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَعَلَّ قَوْلَهُ عَلَى الْأَصَحِّ مُصَحَّفٌ عَنْ الْأَرْجَحِ اهـ وَذَكَرَ أَبُو عَلِيٍّ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُصَحِّحَ لِلْقَوْلِ بِالْمَنْعِ ابْنُ عَبْدُوسٍ لَا ابْنُ يُونُسَ وَحِينَئِذٍ فَتَصْحِيحُ الْمُؤَلِّفِ فِي مَحَلِّهِ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَانْظُرْهُ فِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْأَرْضِ لِلْبَذْرِ إلَخْ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَصَوَابُهُ لِمُقَابَلَةِ جُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ لِلْأَرْضِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا السَّابِقَةُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَأَمَّا الَّتِي لَا بَالَ لَهَا فَإِلْغَاؤُهَا جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَتْ الصُّورَةُ الْخَامِسَةُ إلَخْ) أَيْ وَهِيَ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا الْأَرْضَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَيُخْرِجَ الْآخَرُ الْعَمَلَ وَبَعْضَ الْبَذْرِ وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ مِنْ الرِّبْحِ أَنْقَصَ مِنْ نِسْبَةِ بَذْرِهِ لِكَامِلِ الْبَذْرِ وَبَقِيَ مِنْ صُوَرِ الْمَنْعِ مَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَذْرِ وَالْأَرْضِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا وَالْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَمَنَعَهَا لِلتَّفَاوُتِ، وَكَذَا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَأَسْلَفَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ الْبَذْرَ فَيُمْنَعُ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ أَوْ تَسَاوَيَا فِي الْجَمِيعِ وَلَمْ يَأْخُذْ أَحَدُهُمَا مِنْ الرِّبْحِ بِقَدْرِ مَا أَخْرَجَ وَمَنَعَهَا لِلتَّفَاوُتِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَمَلِ عَمَلُ الْيَدِ وَالْبَقَرِ) أَيْ الْحَرْثِ مَعَ إخْرَاجِ الْبَقَرِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ
(قَوْلُهُ أَيْ وُجِدَ عَمَلٌ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ تَمَاثُلُهُمَا فِي صُدُورِ الْعَمَلِ مِنْهُمَا لَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَبَيْنَهُمَا) أَيْ عَلَى قَدْرِ عَمَلِهِمَا (قَوْلُهُ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا إلَّا مُجَرَّدُ عَمَلِ يَدٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهَا فَاسِدَةٌ بِأَنْ عَقَدَا بِلَفْظِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْإِطْلَاقِ.
(قَوْلُهُ فَعَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَالْبَذْرُ مِنْ الْآخَرِ وَحَصَلَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِتَكَافُئِهِمَا فِي الْعَمَلِ تَمَاثُلُهُمَا فِي صُدُورِهِ مِنْهُمَا لَا تَسَاوِيهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ فَلِلْعَامِلِ الزَّرْعُ) أَيْ إذَا انْضَمَّ لِعَمَلِهِ شَيْءٌ مِمَّا سَيَذْكُرُهُ بِقَوْلِهِ كَانَ لَهُ إلَخْ فَهُوَ كَالتَّقْيِيدِ لِإِطْلَاقِهِ هُنَا وَإِلَّا كَانَ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ الْمُنْفَرِدُ بِهَا الْآخَرُ) بِأَنْ كَانَتْ الْأَرْضُ فَقَطْ لِأَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الْبَذْرُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ أَوْ كَانَ الْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ وَلِلْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْبَذْرُ وَالْعَمَلُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ كَانَتْ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُورُ الْمَذْكُورَةُ وَهِيَ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ مِنْ عِنْدِ الْعَامِلِ بِأَنْ كَانَ الْبَذْرُ فَقَطْ مِنْ عِنْدِ أَحَدِهِمَا وَلِلْآخَرِ الْأَرْضُ وَالْبَقَرُ وَالْعَمَلُ (قَوْلُهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ وَقَوْلُهُ لَهُ أَيْ لَلشَّرِيكِ الْمُخْرِجِ لِلْبَذْرِ (قَوْلُهُ بَذْرٌ مَعَ عَمَلٍ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ فَرْضُ الْكَلَامِ مَعَ الْعَامِلِ مُغْنٍ عَنْ قَوْلِهِ مَعَ عَمَلٍ.
(قَوْلُهُ أَيْ عَمَلُهُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ التَّنْوِينَ فِي عَمَلٍ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ لِمُقَابَلَةِ الْأَرْضِ بِجُزْءٍ مِنْ الْبَذْرِ) صَوَابُهُ لِمُقَابَلَةِ الْبَذْرِ جُزْءًا مِنْ الْأَرْضِ انْتَهَى بْن (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَنَّهَا إنْ فَسَدَتْ، فَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْهُمَا فَالزَّرْعُ بَيْنَهُمَا وَتَرَادَّا غَيْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الْعَمَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ آخَرُ كَأَرْضٍ أَوْ بَذْرٍ فَالزَّرْعُ لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْأَجْرُ حِينَئِذٍ أَوْ الْبَذْرُ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ شَيْءٌ آخَرُ كَانَ الزَّرْعُ لِغَيْرِهِ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَهَذَا لَا يُوَافِقُ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ السِّتَّةِ الْمَنْصُوصَةِ فِي فَسَادِ الْمُزَارَعَةِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِلْقَوْلِ السَّادِسِ الْمُرْتَضَى وَانْظُرْهُ فَإِنَّك عِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا تَجِدُهُ مُوَافِقًا وَسَيَظْهَرُ لَك (قَوْلُهُ الثَّالِثُ أَنَّهُ لِمَنْ اجْتَمَعَ لَهُ شَيْئَانِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً وَاجْتَمَعَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ شَيْئَانِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَانْفَرَدَ كُلُّ وَاحِدٍ بِشَيْءٍ مِنْهَا كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا، وَإِنْ اجْتَمَعَ لِوَاحِدٍ