الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(إنْ عُلِمَ قَدْرُهُمَا) أَيْ الْمَالُ وَالْجُزْءُ كَرُبُعٍ أَوْ نِصْفٍ وَاشْتُرِطَ عِلْمُ قَدْرِ الْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الْجَهْلَ بِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ مَالًا غَيْرَ مَعْلُومِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ وَيَجُوزُ بِالنَّقْدِ الْمَوْصُوفِ بِمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ) كَانَ (مَغْشُوشًا) فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مُقَدَّرٍ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ وَذَكَرَ مَفْهُومَ مُسْلَمٍ، وَهُوَ ثَلَاثَةٌ الدَّيْنُ وَالرَّهْنُ الْوَدِيعَةُ وَبَدَأَ بِالدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ (لَا بِدَيْنٍ) لِرَبِّ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَخَّرَهُ بِهِ لِيَزِيدَهُ فِيهِ.
(وَ) إنْ وَقَعَ بِدَيْنٍ (اسْتَمَرَّ) دَيْنًا عَلَى الْعَامِلِ يَضْمَنُهُ لِرَبِّهِ وَلِلْعَامِلِ الرِّبْحُ وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ (مَا) أَيْ مُدَّةُ كَوْنِهِ (لَمْ يَقْبِضْ أَوْ) لَمْ (يُحْضِرْهُ) لِرَبِّهِ (وَيُشْهَدْ) أَيْ مَعَ الْإِشْهَادِ بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ أَقْبَضَهُ لِرَبِّهِ أَوْ أَحْضَرَهُ مَعَ الْإِشْهَادِ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى الْمَدِينِ وَأَنَّ ذِمَّتَهُ قَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهُ قِرَاضًا صَحَّ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ
(وَلَا) يَجُوزُ (بِرَهْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ وَلَوْ) كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْعَامِلِ لِشَبَهِهِمَا بِالدَّيْنِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ أَنْفَقَهَا فَصَارَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا، وَالْمَنْعُ إذَا كَانَ كَلٌّ فِي غَيْرِ يَدِ الْمُرْتَهَنِ وَالْمُودَعِ بِالْفَتْحِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ انْتَفَعَ بِتَخْلِيصِ الْعَامِلِ الرَّهْنَ أَوْ الْوَدِيعَةَ مِنْ الْأَمِينِ، وَهُوَ زِيَادَةٌ مَمْنُوعَةٌ فِي الْقِرَاضِ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحَقَّقٌ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ كُلٌّ بِيَدِ الْمُرْتَهَنِ أَوْ الْمُودَعِ بِالْفَتْحِ فَيُتَوَهَّمُ فِيهِ الْجَوَازُ لِعَدَمِ الِاحْتِيَاجِ إلَى تَخْلِيصٍ يَنْتَفِعُ بِهِ رَبُّ الْمَالِ.
وَعِلَّةُ خَوْفِ الْإِنْفَاقِ أَمْرٌ مُتَوَهَّمٌ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ وَلَوْ بِيَدِهِ فَالْمُبَالَغَةُ صَحِيحَةٌ، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ إذَا لَمْ يَقْبِضْ كُلٌّ مِنْهُمَا أَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ مَعَ الْإِشْهَادِ وَإِلَّا جَازَ بِالْأَوْلَى مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمَنْعِ، وَهُوَ وَاضِحٌ بَلْ قَالَ الْأُجْهُورِيُّ إنَّ إحْضَارَ الْوَدِيعَةِ وَلَوْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ كَافٍ؛ لِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانَةٍ ثُمَّ إنْ وَقَعَ عَمَلٌ فِي الْوَدِيعَةِ فَالرِّبْحُ لِرَبِّهَا وَعَلَيْهِ الْخُسْرُ كَمَا فِي النَّقْلِ وَمَا مَرَّ فِي الْوَدِيعَةِ مِنْ أَنَّ الْمُودِعَ إذَا اتَّجَرَ فِي الْوَدِيعَةِ فَالرِّبْحُ لَهُ فَذَلِكَ فِيمَا إذَا تَجَرَ فِيهَا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّهَا وَمَا هُنَا قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي الْعَمَلِ فِيهَا فَكَانَ الرِّبْحُ لِرَبِّهَا وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ مَضْرُوبٍ بِقَوْلِهِ.
(وَ) لَا يَجُوزُ (بِتِبْرٍ) وَنِقَارٍ وَحُلِيٍّ (لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ) أَيْ التِّبْرِ أَوْ النِّقَارُ أَيْ الْقِطَعُ مِنْ الْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ (بِبَلَدِهِ) أَيْ بَلَدِ الْقِرَاضِ أَوْ الْعَمَلِ فِيهِ فَإِنْ تُعُومِلَ بِهِ بِبَلَدِهِ جَازَ أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَسْكُوكٌ يُتَعَامَلُ بِهِ أَيْضًا فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ ثُمَّ إنْ وَقَعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَلَكَ عَشَرَةٌ إنْ كَانَ الرِّبْحُ مِائَةً فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَشَرَةِ (قَوْلُهُ إنْ عَلِمَ قَدْرَهُمَا) أَيْ وَقْتَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ يُؤَدِّي إلَى الْجَهْلِ بِالرِّبْحِ) إنْ أَرَادَ الْجَهْلَ بِمِقْدَارِهِ فَهَذَا لَازِمٌ لِكُلِّ قِرَاضٍ وَلَا يَضُرُّ، وَإِنْ أَرَادَ الْجَهْلَ بِالْجُزْءِ الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ رُبْعِ مَثَلًا فَلَا يُسَلَّمُ.
فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِأَنَّ فِيهِ خُرُوجًا عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ الَّذِي هُوَ رُخْصَةٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اُسْتُثْنِيَ لِلضَّرُورَةِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِمَجْهُولٍ وَمِنْ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ (قَوْلُهُ الْمَوْصُوفُ بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ مَضْرُوبًا مُتَعَامَلًا بِهِ (قَوْلُهُ مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ إلَخْ) صِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ مُبَالَغَةً فِي مُقَدَّرٍ مُسْتَقِلٍّ لَا مِنْ تَمَامِ التَّعْرِيفِ لِئَلَّا يَلْزَمَ أَخْذُ الْحُكْمِ فِي التَّعْرِيفِ، وَهُوَ دَوْرٌ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ عَبْدِ الْوَهَّابِ بِالْمَنْعِ كَذَا فِي بْن وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ) أَيْ فِي الْمَنْعِ لِوُرُودِ النَّصِّ فِيهِ، وَأَمَّا الرَّهْنُ الْوَدِيعَةُ فَالْمَنْعُ فِيهِمَا بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ عَلَى الدَّيْنِ (قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ إلَخْ) مُسْتَأْنَفٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا عَمَّا يُقَالُ قَدْ قُلْت إنَّ الْقِرَاضَ بِالدَّيْنِ لَا يَصِحُّ فَمَا حُكْمُهُ إذَا وَقَعَ؟ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ وَاسْتَمَرَّ إلَخْ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَقْبِضْ أَوْ يُحْضِرْهُ) إنْ قُلْت الْمَحَلُّ لِلْوَاوِ لَا لِأَوْ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مُقَيَّدٌ بِانْتِفَاءِ الْأَمْرَيْنِ مَعًا فَإِذَا انْتَفَى الْقَبْضُ وَالْإِحْضَارُ مَعَ الْإِشْهَادِ فَلَا يَجُوزُ وَإِذَا حَصَلَ أَحَدُهُمَا فَالْجَوَازُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ أَوْ بَعْدَ النَّفْيِ لِنَفْيِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا بُدَّ مِنْ انْتِفَائِهِمَا مَعًا حَتَّى يَتَحَقَّقَ انْتِفَاؤُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] (وَقَوْلُهُ أَوْ أَحْضَرَهُ) أَيْ فِي يَدِهِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ مَعَ الْإِشْهَادِ) أَيْ لِرَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَلَا يَكْفِي إشْهَادُ وَاحِدٍ وَيَمِينٌ لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِ هُنَا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُنْكِرِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَلَا نِزَاعَ هُنَا إنَّمَا هُوَ إشْهَادٌ عَلَى شَيْءٍ حَاضِرٍ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ دَفَعَهُ لَهُ قِرَاضًا) أَيْ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى، وَهِيَ مَا إذَا أَقْبَضَهُ لِرَبِّهِ أَوْ أَمَرَهُ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا أَحْضَرَهُ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ صَحَّ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِمُجَرَّدِ الْقَبْضِ يَصِحُّ الْقِرَاضُ وَلَوْ أَعَادَهُ لَهُ بِالْقُرْبِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَالْمَغْصُوبُ يَكْفِي فِي صِحَّةِ عَمَلِ الْغَاصِبِ فِيهِ قِرَاضًا إحْضَارُهُ لِرَبِّهِ كَالْوَدِيعَةِ
[أَحْكَام الْقِرَاض]
(قَوْلُهُ وَلَوْ بِيَدِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ بِيَدِ أَمِينٍ أَمَّا فِي الرَّهْنِ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْوَدِيعَةِ فَبِأَنْ أَوْدَعَهَا الْمُودِعُ لِعَوْرَةٍ حَدَثَتْ فِي مَنْزِلِهِ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بِيَدِ الْعَامِلِ أَيْ عِنْدَهُ وَفِي مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ الْمَنْعُ) أَيْ لِلْعِلَّةِ الَّتِي عَلَّلَ بِهَا ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ فَلِذَا بَالَغَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ مَعَ مَنْعِ الْقِرَاضِ بِالرَّهْنِ الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَا بِيَدِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ إشْهَادٍ كَافٍ) قَالَ بْن، وَهُوَ الصَّوَابُ وَمُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِأَنَّهَا مَحْضُ أَمَانَةٍ أَنَّ الرَّهْنَ لَيْسَ كَالْوَدِيعَةِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ مُجَرَّدُ الْإِحْضَارِ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُ مِنْ الْإِشْهَادِ (قَوْلُهُ وَالرَّهْنُ كَالْوَدِيعَةِ) أَيْ فَإِذَا وَقَعَ الْقِرَاضُ بِالرَّهْنِ فَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ إلَّا أُجْرَةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ أَيْ بَلَدُ الْقِرَاضِ) أَيْ بَلَدُ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ أَوْ الْعَمَلُ فِيهِ أَيْ أَوْ بَلَدُ الْعَمَلِ فِي الْقِرَاضِ، وَأَوْ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ فَالْأَوَّلُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَالثَّانِي لِلْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ مَسْكُوكٌ يُتَعَامَلُ بِهِ أَيْضًا) أَيْ.
وَأَمَّا إذَا وُجِدَ مَسْكُوكٌ
بِالْمَمْنُوعِ مَضَى بِالْعَمَلِ فِيهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَصْبَغُ: يَمْضِي وَلَوْ لَمْ يُعْمَلْ فِيهِ لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ وَذَكَرَ مَفْهُومَ نَقْدٍ بِقَوْلِهِ (كَفُلُوسٍ) لَا يَجُوزُ قِرَاضٌ بِهَا وَلَوْ تُعُومِلَ بِهَا عَلَى الْمَشْهُورِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي الْمُحَقَّرَاتِ الَّتِي الشَّأْنُ فِيهَا التَّعَامُلُ بِهَا (وَعَرَضٍ) لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ مَالِ قِرَاضٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي بِلَادٍ لَا يُوجَدُ فِيهَا التَّعَامُلُ بِالنَّقْدِ الْمَسْكُوكِ كَبِلَادِ السُّودَانِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ (إنْ تَوَلَّى) الْعَامِلُ (بَيْعَهُ) سَوَاءٌ كَانَ الْعَرَضُ نَفْسُهُ قِرَاضًا أَوْ ثَمَنُهُ فَإِنْ تَوَلَّى غَيْرُهُ بَيْعَهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ قِرَاضًا جَازَ (كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى) خَلَاصِ (دَيْنٍ) ثُمَّ يَعْمَلُ بِمَا خَلَّصَهُ قِرَاضًا فَيُمْنَعُ (أَوْ) وَكَّلَهُ (لِيَصْرِفَ) ذَهَبًا دَفَعَهُ لَهُ بِفِضَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ (ثُمَّ يَعْمَلَ) بِالْفِضَّةِ أَوْ الذَّهَبِ فَلَا يَجُوزُ فَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْفُلُوسُ وَمَا بَعْدَهَا (فَأَجْرُ مِثْلِهِ) أَيْ فَلِلْعَامِلِ أَجْرُ مِثْلِهِ (فِي تَوَلِّيهِ) ذَلِكَ مِنْ تَخْلِيصِ الدَّيْنِ أَوْ الصَّرْفِ أَوْ بَيْعِ الْعَرَضِ أَوْ الْفُلُوسِ فِي ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ (ثُمَّ) لَهُ (قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ الْمَالِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ حَتَّى إذَا لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ ثُمَّ شَبَّهَ بِمَا يُمْنَعُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ قَوْلُهُ (كَلَكَ) أَيْ كَقِرَاضٍ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ لَك (شِرْكٌ) فِي رِبْحِهِ
(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَا عَادَةَ) تُعَيِّنُ قَدْرَ الْجُزْءِ فِي الْقِرَاضِ الْمَقُولِ فِيهِ ذَلِكَ فَإِنَّ فِيهِ قِرَاضَ الْمِثْلِ فَإِنْ كَانَ لَهُمْ عَادَةٌ تُعَيِّنُ الْجُزْءَ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ عُمِلَ بِهَا.
وَأَمَّا لَوْ قَالَ وَالرِّبْحُ مُشْتَرَكٌ فَهُوَ يُفِيدُ التَّسَاوِي عُرْفًا فَلَا جَهْلَ فِيهِ بِخِلَافِ شِرْكٍ (أَوْ مُبْهَمٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ الْمُقَدَّرِ أَيْ أَوْ كَقِرَاضٍ مُبْهَمٍ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِ الْجُزْءِ أَصْلًا أَوْ قَالَ بِجُزْءٍ أَوْ بِشَيْءٍ فِي رِبْحِهِ وَلَمْ يُبَيِّنْهُ فَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ أَيْ وَلَا عَادَةَ أَيْضًا (أَوْ) قِرَاضٍ (أُجِّلَ) كَ اعْمَلْ بِهِ سَنَةً أَوْ سَنَةً مِنْ الْآنَ أَوْ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَاعْمَلْ بِهِ فِيهِ فَفَاسِدٌ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ الْخَارِجِ عَنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ (أَوْ) قِرَاضٍ (ضُمِّنَ) بِضَمِّ الضَّادِ وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُتَعَامَلُ بِهِ فَالْمَنْعُ وَلَوْ غَابَ التَّعَامُلُ بِهِ عَلَى التَّأَمُّلِ بِالْمَسْكُوكِ (قَوْلُهُ بِالْمَمْنُوعِ) أَيْ بِأَنْ وَقَعَ بِتِبْرٍ أَوْ بِنِقَارِ فِضَّةٍ أَوْ حُلِيٍّ لَمْ يُتَعَامَلْ بِهِ بِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ؛ لِأَنَّ التِّبْرَ إذَا كَانَ لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهِ إلَّا إذَا انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مَظِنَّةً لِلْكَسَادِ فَأَوْلَى الْفُلُوسُ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةٌ لِلْكَسَادِ فَلَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تَنْفَرِدَ بِالتَّعَامُلِ بِهَا وَإِلَّا جَازَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْمُحَقَّرَاتِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ يَعْمَلُ بِهَا فِي الْمُحَقَّرَاتِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ فِي بِلَادٍ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ لَك عَنْ بْن أَنَّ بَعْضَهُمْ أَجَازَ جَعْلَ الْعَرْضِ رَأْسَ مَالِ قِرَاضٍ إذَا انْفَرَدَ التَّعَامُلُ بِهِ (قَوْلُهُ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ) أَيْ مِنْ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ بِالْعَرْضِ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَرْضُ نَفْسُهُ قِرَاضًا) أَيْ بِأَنْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ عَرْضًا بِمِائَةٍ وَجَعَلَ لَهُ جُزْءًا مِنْ الرِّبْحِ إذَا بَاعَهُ وَرَبِحَ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنُهُ بِأَنْ دَفَعَ لَهُ عَرْضًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَيَجْعَلَ ثَمَنَهُ رَأْسَ مَالٍ وَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمَنْعَ فِي الثَّانِي بِمَا إذَا كَانَ لِبَيْعِهِ خَطْبٌ وَإِلَّا جَازَ وَتَقْيِيدُهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَجَعَلَ ثَمَنَهُ قِرَاضًا جَازَ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَعْلَ رَأْسِ الْمَالِ قِيمَةَ الْعَرْضِ أَوْ نَفْسَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ إنْ تَوَلَّى الْعَامِلُ بَيْعَهُ فِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَوَلَّى غَيْرُ الْعَامِلِ بَيْعَهُ فَإِنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ الثَّمَنَ الَّذِي بِيعَ بِهِ الْعَرْضُ جَازَ، وَإِنْ جَعَلَ رَأْسَ الْمَالِ قِيمَتَهُ الْآنَ أَوْ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ نَفْسَ الْعَرْضِ مُنِعَ (قَوْلُهُ كَأَنْ وَكَّلَهُ عَلَى خَلَاصِ دَيْنٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا مَلِيئًا تَأْخُذُهُ الْأَحْكَامُ.
وَأَمَّا تَقْيِيدُ اللَّخْمِيِّ الْمَنْعَ بِالْحَاضِرِ الْمُلِدِّ أَوْ الْغَائِبِ الَّذِي يَحْتَاجُ لِلْمُضِيِّ إلَيْهِ فَضَعِيفٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِيَصْرِفَ) سَوَاءٌ كَانَ لِلصَّرْفِ بَالٌ أَوْ لَا قَصْرًا لِلرُّخْصَةِ عَلَى مَوْرِدِهَا وَتَقْيِيدُ فَضْلِ الْمَنْعِ بِمَا إذَا كَانَ لَهُ بَالٌ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْفُلُوسُ وَمَا بَعْدَهَا إلَخْ) الَّذِي فِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فَأَجْرُ مِثْلِهِ رَاجِعٌ لِلتِّبْرِ وَمَا بَعْدَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ جَرَيَانَ قَوْلِهِ فَأَجْرُ مِثْلِهِ فِي التِّبْرِ وَالْفُلُوسِ وَلَوْ مُتَعَامِلًا بِهِمَا حَيْثُ بَاعَهُمَا وَاشْتَرَى بِثَمَنِهَا عُرُوضًا فَإِنْ جَعَلَهُمَا ثَمَنًا لِعُرُوضِ الْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ أَجْرُ تَوَلِّيهِ، وَإِنَّمَا لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ وَالْفَرْضُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفُلُوسِ وَالتِّبْرِ لَمْ يَنْفَرِدْ بِالتَّعَامُلِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْفَسَادِ.
وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ كُلٌّ بِالتَّعَامُلِ بِهِ فَالْقِرَاضُ صَحِيحٌ وَلَا يَكُونُ لِلْعَامِلِ إلَّا الْجُزْءُ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ (قَوْلُهُ فِي ذِمَّةِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَجْرُ مِثْلِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ ذَلِكَ الْأَجْرُ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ ثُمَّ لَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلُ الْمَالِ لَا مِثْلُ الْعَامِلِ
(قَوْلُهُ فَإِنَّ فِيهِ قِرَاضَ) أَيْ؛ لِأَنَّ لَفْظَ شِرْكٍ يُطْلَقُ عَلَى النِّصْفِ فَأَقَلَّ وَأَكْثَرَ فَيَكُونُ مَجْهُولًا (قَوْلُهُ فَلَا جَهْلَ فِيهِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ جَائِزًا (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ) الْأَوْلَى عَلَى صِفَةِ مَدْخُولِ الْكَافِ الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ بِجُزْءٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ حَمْلُهُ عَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ مَعَ قَوْلِهِ كَلَكَ شِرْكٌ فَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ نَظَرًا لِاخْتِلَافِ الْعُنْوَانِ لِمُغَايَرَةِ لَفْظِ جُزْءٍ لِلَفْظِ شِرْكٍ، وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى وَاحِدًا (قَوْلُهُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ بِهِ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ أَوْ فِي مَوْسِمِ الْعِيدِ فَقَطْ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا عُيِّنَ فِيهِ زَمَنُ الْعَمَلِ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي، وَذَلِكَ لِشِدَّةِ التَّحْجِيرِ فِي هَذَا دُونَ مَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ فِي هَذَا الْقِسْمِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْعَمَلِ بِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْوَقْتُ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَمَلِ فِيهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ لَهُ اعْمَلْ
أَيْ شَرَطَ فِيهِ الْعَامِلُ ضَمَانَ رَأْسِ الْمَالِ إنْ تَلِفَ بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ فِي تَلَفِهِ فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّةِ الْقِرَاضِ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ لَا يُعْمَلُ بِهِ (أَوْ) قِرَاضٍ قَالَ فِيهِ لِلْعَامِلِ (اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ اتَّجَرَ فِي ثَمَنِهِمَا) بَعْدَ بَيْعِهَا فَهُوَ أَجِيرٌ فِي شِرَائِهِ وَبَيْعِهِ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي ذَلِكَ وَلَهُ قِرَاضُ مِثْلِهِ فِي رِبْحِهِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِمَّا فِيهَا أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي تَوَلِّيهِ الشِّرَاءَ وَالْبَيْعَ لِلسَّلْعَةِ وَقِرَاضُ الْمِثْلِ فَكَانَ عَلَيْهِ ضَمُّهَا مَعَ الْأَرْبَعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِتَكُونَ الْمَسَائِلُ خَمْسَةً (أَوْ) قَالَ اشْتَرِ (بِدَيْنٍ) أَيْ شَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِهِ فَاشْتَرَى بِنَقْدٍ فَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ وَالْخَسَارَةِ عَلَى الْعَامِلِ فَإِنْ اشْتَرَى بِدَيْنٍ كَمَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَ اشْتِرَاطِهِ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِنَقْدٍ فَفِي الصُّورَتَيْنِ الرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ صَارَ قَرْضًا فِي ذِمَّتِهِ.
وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الشِّرَاءَ بِالنَّقْدِ فَاشْتَرَى بِهِ فَالْجَوَازُ ظَاهِرٌ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ (أَوْ) شَرَطَ عَلَيْهِ (مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ) بِأَنْ يُوجَدَ تَارَةً وَيُعْدَمَ أُخْرَى فَفَاسِدٌ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ فِي الرِّبْحِ إنْ عَمِلَ وَسَوَاءٌ خَالَفَهُ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ أَوْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.
وَأَمَّا مَا يُوجَدُ دَائِمًا إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ وُجُودُهُ فَصَحِيحٌ وَلَا ضَرَرَ فِي اشْتِرَاطِهِ (كَاخْتِلَافِهِمَا) بَعْدَ الْعَمَلِ (فِي) جُزْءِ (الرِّبْحِ وَادَّعَيَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ (مَا لَا يُشْبِهُ) كَأَنْ يَقُولَ الْعَامِلُ الثُّلُثَيْنِ وَرَبُّ الْمَالِ الثُّمُنَ فَاللَّازِمُ قِرَاضُ الْمِثْلِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ، وَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالْعَمَلِ وَسَيَأْتِي أَنَّ الِاخْتِلَافَ إذَا كَانَ قَبْلَ الْعَمَلِ فَالْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ أَشْبَهَ أَمْ لَا فَالتَّشْبِيهُ فِي الْمُصَنِّفِ فِي الرَّدِّ إلَى قِرَاضِ الْمِثْلِ فَقَطْ لَا فِي الْفَسَادِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي هَذِهِ صَحِيحٌ
(وَفِيمَا فَسَدَ غَيْرُهُ) أَيْ وَفِي الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ (أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ ذِمَّةِ رَبِّ الْمَالِ سَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ الَّتِي فِيهَا قِرَاضُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الرِّبْحِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ عَلَى رَبِّهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إذَا عُثِرَ عَلَيْهِ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ لَا يُفْسَخُ بَلْ يُتَمَادَى فِيهِ كَالْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ مَا وَجَبَ فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ مَتَى عُثِرَ عَلَيْهِ وَلَهُ أُجْرَةٌ فِيمَا عَمِلَهُ ثُمَّ أَخَذَ فِي بَيَانِ مَا يُرَدُّ الْعَامِلُ فِيهِ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ بِقَوْلِهِ (كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ) مَعَ الْعَامِلِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِرَاضِ فَفَاسِدٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ عَلَيْهِ وَيُرَدُّ فِيهِ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ (أَوْ مُرَاجَعَتِهِ) أَيْ مُشَاوَرَتِهِ عِنْدَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فِيهِ إلَّا بِإِذْنِهِ (أَوْ) اشْتَرَطَ (أَمِينًا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ وَإِنَّمَا رُدَّ إلَى أُجْرَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِيهِ سَنَةً مِنْ الْآنَ أَوْ اعْمَلْ فِيهِ سَنَةً فَإِنَّ الْمَالَ بِيَدِهِ لَيْسَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ بِهِ.
وَأَمَّا صُورَةُ إذَا جَاءَ الْوَقْتُ الْفُلَانِيُّ فَاعْمَلْ بِهِ فَإِنَّهُ، وَإِنْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْعَمَلِ بِيَدِهِ حَتَّى يَأْتِيَ الزَّمَانُ الَّذِي عَيَّنَهُ رَبُّهُ فَهُوَ مُطْلَقُ التَّصَرُّفِ بَعْدَهُ فَهُوَ أَخَفُّ مِمَّا يَعْمَلُ فِيهِ فِي الصَّيْفِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَيْ شُرِطَ فِيهِ عَلَى الْعَامِلِ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ تَطَوَّعَ الْعَامِلُ بِالضَّمَانِ فَفِي صِحَّةِ ذَلِكَ الْقِرَاضِ وَعَدَمِهَا خِلَافٌ اُنْظُرْ بْن فَإِنْ دَفَعَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ الْمَالَ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهُ بِضَامِنٍ يَضْمَنُهُ فِيمَا يَتْلَفُ بِتَعَدِّيهِ فَلَا يَفْسُدُ بِذَلِكَ، وَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِضَامِنٍ يَضْمَنُهُ مُطْلَقًا أَيْ لَا بِقَيْدٍ كَانَ الْقِرَاضُ فَاسِدًا.
وَلَوْ كَانَ الضَّمَانُ بِالْوَجْهِ وَلَا يَلْزَمُ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ أَوْ قِرَاضٌ قَالَ فِيهِ لِلْعَامِلِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَعْطَاهُ دَرَاهِمَ مُعَيَّنَةً وَقَالَ لَهُ اشْتَرِ بِهَا سِلْعَةَ فُلَانٍ ثُمَّ بِعْهَا وَاتَّجِرْ بِثَمَنِهَا وَلَك ثُلُثُ الرِّبْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ) أَيْ بِصُورَةِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ اشْتِرَاطُ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ كَاشْتِرَاطِ الشِّرَاءِ بِهِ فَيَفْسُدُ الْقِرَاضُ وَفِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ كَمَا فِي تت وَقَالَ الْمَوَّاقُ: فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَعَلَى الْأَوَّلِ حَمَلَ عِيَاضٌ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الثَّانِي حَمَلَهَا ابْنُ يُونُسَ (قَوْلُهُ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ مَا يَقِلُّ وُجُودُهُ) أَيْ التَّجْرُ فِيمَا يَقِلُّ وُجُودُهُ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُوجَدَ تَارَةً) أَيْ كَالْبَلَحِ الْأَحْمَرِ وَالْبِطِّيخِ (قَوْلُهُ إنْ عَمِلَ) أَيْ وَحَصَلَ رِبْحٌ فَإِنْ حَصَلَ خُسْرٌ فَهُوَ عَلَيْهِمَا مَعًا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِعَدَمِ الْفَسَادِ إذَا اشْتَرَى مَا اُشْتُرِطَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مَا لَا يُشْبِهُ) أَيْ جُزْءًا لَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ جُزْءَ قِرَاضٍ (قَوْلُهُ فَاللَّازِمُ قِرَاضُ الْمِثْلِ) أَيْ جُزْءُ قِرَاضِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَالتَّشْبِيهُ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ وَلِأَجْلِ اخْتِلَافِ هَذَا مَعَ مَا قَبْلَهُ فِي الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ عَدَلَ الْمُصَنِّفُ عَنْ عَطْفِ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِلتَّشْبِيهِ
(قَوْلُهُ وَفِيمَا فَسَدَ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا مَوْصُولَةٌ صِلَتُهَا جُمْلَةُ فَسَدَ وَغَيْرَهُ حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ فِي الصِّلَةِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَسَتَأْتِي أَمْثِلَتُهُ فِي قَوْلِهِ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ مَا فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ وَأُجْرَةُ الْمِثْلِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا فَرَّقَ بِمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ بِأَنَّ مَا وَجَبَ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ) أَيْ كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمُتَقَدِّمَةِ (قَوْلُهُ بَلْ يَتَمَادَى فِيهِ) أَيْ حَتَّى يَبِيعَ مَا اشْتَرَاهُ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَتَمَادَى وَلَوْ بَعْدَ نُضُوضِ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَفْسَخُ مَتَى عَثَرَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يُمَكَّنُ الْعَامِلُ مِنْ التَّمَادِي عَلَى الْعَمَلِ (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ مَا يُرَدُّ) أَيْ فِي بَيَانِ الْمَسَائِلِ الَّتِي يُرَدُّ إلَخْ (قَوْلُهُ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ) أَيْ كَأَنْ يَشْتَرِطَ رَبُّ الْمَالِ يَدَهُ مَعَ الْعَامِلِ أَوْ يَشْتَرِطَ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ عَمَلَ يَدِهِ مَعَ الْعَامِلِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ أَيْ مُشَاوَرَتُهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ لَا يَعْمَلُ عَمَلًا فِيهِ) أَيْ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا وَيُرَدُّ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَلَا يُعْطَى الْجُزْءَ الَّذِي سُمِّيَ لَهُ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ أَوْ أَمِينًا) هُوَ بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى مَحَلِّ مُرَاجَعَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ
مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ أَشْبَهَ الْأَجِيرَ (بِخِلَافِ) اشْتِرَاطِ رَبِّ الْمَالِ عَمَلَ (غُلَامٍ غَيْرِ عَيْنٍ) أَيْ غَيْرِ رَقِيبٍ عَلَى الْعَامِلِ (بِنَصِيبٍ لَهُ) أَيْ لِلْغُلَامِ مِنْ الرِّبْحِ فَيَجُوزُ وَأَوْلَى بِغَيْرِ نَصِيبٍ أَصْلًا احْتِرَازًا مِنْ جَعْلِ النَّصِيبِ لِلسَّيِّدِ أَيْ أَنَّهُ إنْ كَانَ نَصِيبٌ فَلِلْغُلَامِ لَا لِسَيِّدِهِ وَإِلَّا فَسَدَ وَرُدَّ لِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَالشَّرْطُ أَنْ لَا يَكُونَ الْغُلَامُ رَقِيبًا وَأَنْ لَا يَكُونَ بِنَصِيبٍ لِلسَّيِّدِ (وَكَأَنْ) يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ أَنْ (يَخِيطَ) ثِيَابَ التِّجَارَةِ (أَوْ يُخَرِّزَ) جُلُودَهَا أَيْ الْجُلُودَ الْمُشْتَرَاةَ لَهَا (أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ (يُشَارِكَ) غَيْرَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ (أَوْ يَخْلِطَ) الْمَالَ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ وَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَطَ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ أَنْ (يُبْضِعَ) بِمَالِ الْقِرَاضِ أَيْ يُرْسِلَهُ أَوْ بَعْضَهُ مَعَ غَيْرِهِ لِيَشْتَرِيَ بِهِ مَا يَتَّجِرُ الْعَامِلُ بِهِ فَيُمْنَعُ وَفِيهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِبْضَاعُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَإِلَّا ضَمِنَ
(أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ (يَزْرَعَ) بِمَالِ الْقِرَاضِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ زِيَادَةٌ زَادَهَا رَبُّ الْمَالِ عَلَيْهِ، وَهُوَ عَمَلُهُ فِي الزَّرْعِ.
وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَهُ فِي الزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَعْمَلَ بِيَدِهِ فَلَا يُمْنَعُ (أَوْ) يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ (لَا يَشْتَرِيَ) بِالْمَالِ شَيْئًا (إلَى) بُلُوغِ (بَلَدِ كَذَا) وَبَعْدَ بُلُوغِهِ يَكُونُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي أَيِّ مَحَلٍّ فَفَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ إنْ عَمِلَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّحْجِيرِ (أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ إنْ أَخْبَرَهُ فَقَرْضٌ) أَيْ فَاسِدٌ وَفِي نُسْخَةٍ بِالْوَاوِ بَدَلَ أَوْ وَهِيَ الصَّوَابُ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ مَسَائِلِ الْقِرَاضِ الْفَاسِدِ الَّذِي يُرَدُّ فِيهِ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ كَمَا فِيمَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَكَانَ حَقُّهَا التَّأْخِيرَ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ وَذِكْرُ الْوَاوِ الَّتِي لِلِاسْتِئْنَافِ وَمَعْنَاهَا أَنَّ الشَّخْصَ إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً لِنَفْسِهِ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ نَقْدًا فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى نَقْدِهِ فَقَالَ لِآخَرَ قَدْ اشْتَرَيْت سِلْعَةَ كَذَا بِكَذَا فَادْفَعْ لِي الثَّمَنَ لِأَنْقُدَهُ لِرَبِّهَا عَلَى أَنَّ رِبْحَهَا بَيْنَنَا مُنَاصَفَةً مَثَلًا فَدَفَعَهُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَيُمْنَعُ وَلَا يَكُونُ مِنْ الْقِرَاضِ بَلْ هُوَ قَرْضٌ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الْقَرْضِ الْمَعْرُوفِ فَيَلْزَمُهُ رَدُّهُ عَلَى الْفَوْرِ فَإِنْ أَخَذَ بِهِ السِّلْعَةَ فَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَالْخُسْرُ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ إنْ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُخْبِرْهُ بِالشِّرَاءِ بَلْ قَالَ لَهُ ادْفَعْ لِي عَشَرَةً مَثَلًا وَيَكُونُ قِرَاضًا بَيْنَنَا فَقِرَاضٌ صَحِيحٌ وَلَكِنَّهُ يُكْرَهُ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ الظَّرْفِ سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَادْفَعْ لِي فَقَدْ وَجَدْت رَخِيصًا اشْتَرِيهِ (أَوْ)(عَيَّنَ) رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ (شَخْصًا) لِلشِّرَاءِ مِنْهُ أَوْ الْبَيْعِ لَهُ بِأَنْ قَالَ لَهُ لَا تَشْتَرِ إلَّا مِنْ فُلَانٍ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا مِنْ فُلَانٍ فَقِرَاضٌ فَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ (أَوْ) عَيَّنَ (زَمَنًا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
اشْتَرَطَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَمَّا لَمْ يَأْتَمِنْ عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ وَجَعَلَ عَلَيْهِ أَمِينًا صَارَ الْعَامِلُ شَبِيهًا بِالْأَجِيرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غُلَامٍ إلَخْ) أَيْ فَيَجُوزُ بِالشَّرْطَيْنِ الْآتِيَيْنِ (قَوْلُهُ غَيْرِ رَقِيبٍ) أَيْ غَيْرِ جَاسُوسٍ يَتَطَلَّعُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِهِ رَبَّهُ (قَوْلُهُ فَالشَّرْطُ إلَخْ) قَالَ بَعْضُهُمْ: وَبَقِيَ لِلْجَوَازِ شَرْطٌ ثَالِثٌ، وَهُوَ أَنْ لَا يَقْصِدَ رَبُّ الْمَالِ بِذَلِكَ تَعْلِيمَ الْغُلَامِ وَإِلَّا فَسَدَ الْقِرَاضُ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذَا الشَّرْطَ فَلَمْ يَذْكُرْهُ أَوْ أَنَّهُ اعْتَبَرَهُ وَأَدْخَلَهُ فِي مَسَائِلِ اشْتِرَاطِ زِيَادَةٍ عَلَى الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ تَعْلِيمَ الْغُلَامِ زِيَادَةُ عَمَلٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنْ يَخِيطَ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاشْتِرَاطِ يَدِهِ فَيَكُونُ الْقِرَاضُ فَاسِدًا وَيُرَدُّ الْعَامِلُ لِأُجْرَةِ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ أَوْ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنْ يُشَارِكَ إلَخْ) أَيْ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْعَقْدِ.
وَأَمَّا وُقُوعُ ذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَجَائِزٌ كَمَا سَيَأْتِي أَنَّ لَهُ أَنْ يُشَارِكَ بِالْإِذْنِ (قَوْلُهُ أَوْ يَخْلِطَ) أَيْ أَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ أَنْ يَخْلِطَ الْمَالَ بِمَالِهِ فَإِنْ وَقَعَ وَخَسِرَ الْمَالَانِ فُضَّ الْخُسْرُ عَلَيْهِمَا بِقَدْرِ كُلٍّ وَلِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ فِيمَا عَمِلَهُ فِي مَالِ الْقِرَاضِ سَوَاءٌ حَصَلَ رِبْحٌ أَوْ خُسْرٌ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْخُسْرِ وَالتَّلَفِ وَفِي قَدْرِ مَا تَلِفَ بِيَمِينِهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ عج (قَوْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ رَبِّ الْمَالِ) أَيْ بَعْدَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ خُسْرَهُ وَتَلَفَهُ فَإِنْ أَبْضَعَ بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ وَرَبِحَ فَإِنْ كَانَ الْإِبْضَاعُ بِأُجْرَةٍ لِلْمُبْضَعِ مَعَهُ فَهِيَ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ، وَإِنْ كَانَتْ الْأُجْرَةُ أَكْثَرَ مِنْ حَظِّ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ حُسِبَ لِلْعَامِلِ حَظٌّ مِنْ الرِّبْحِ يَدْفَعُهُ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ الْأُجْرَةِ وَغَرِمَ الْعَامِلُ الزَّائِدَ، وَإِنْ كَانَتْ أُجْرَةُ الْمُبْضَعِ مَعَهُ أَقَلَّ مِنْ حَظِّ الْعَامِلِ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّ الْمَالِ غَيْرُ أُجْرَةِ الْمُبْضِعِ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَعْمَلْ شَيْئًا، وَإِنْ عَمِلَ الْمُبْضِعُ مَعَهُ بِغَيْرِ أُجْرَةٍ فَلِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ الْأَقَلُّ مِنْ حَظِّهِ وَأُجْرَةُ مِثْلِ الْمُبْضِعِ مَعَهُ أَنْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَطَوَّعْ إلَّا لِلْعَامِلِ وَذُو الْمَالِ رَضِيَ أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ
(قَوْلُهُ أَنْ يَزْرَعَ) أَيْ يُكْرِيَ الْأَرْضَ وَالْبَقَرَ وَيَشْتَرِيَ الْبَذْرَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ وَيَعْمَلَ بِيَدِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَهُ فِي الزَّرْعِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ تَعْيِينَ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ مَا يَتَّجِرُ فِيهِ مِنْ عَرْضٍ أَوْ رَقِيقٍ أَوْ غَيْرِهِمَا غَيْرُ مُضِرٍّ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي بَهْرَامَ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْنَعُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَامِلُ لَهُ وَجَاهَةٌ يُرَاعِيه النَّاسُ لِوَجَاهَتِهِ وَيَعْمَلُونَ لَهُ فِي الزَّرْعِ بِلَا أَجْرٍ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ أَوْ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ) أَيْ، وَإِنْ سَأَلَ الْعَامِلُ رَجُلًا بَعْدَ اشْتِرَائِهِ سِلْعَةً مَالًا يَنْقُدُهُ فِيهَا فَذَلِكَ قَرْضٌ فَاسِدٌ إنْ أَخْبَرَ السَّائِلُ الْمَسْئُولَ بِشِرَائِهِ السِّلْعَةَ لِأَجْلِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ ثَمَنَهَا وَيَكُونَ رِبْحُهَا بَيْنَهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَذِكْرَ الْوَاوِ) مَصْدَرٌ عُطِفَ عَلَى التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَجْهِ الْقِرَاضِ الْمَعْرُوفِ) أَيْ بَلْ دَخَلَ رَبُّهُ عَلَى سَلَفٍ جَرَّ لَهُ نَفْعًا (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ) أَيْ فَيَلْزَمُ الْمَدْفُوعُ لَهُ رَدُّ الثَّمَنِ إلَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ ادْفَعْ لِي عَشَرَةً مَثَلًا) أَيْ اشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً
لَهُمَا وَلَوْ تَعَدَّدَ كَلَا تَشْتَرِ أَوْ لَا تَبِعْ إلَّا فِي الشِّتَاءِ أَوْ اشْتَرِ فِي الصَّيْفِ وَبِعْ فِي الشِّتَاءِ (أَوْ مَحَلًّا) لِلتَّجْرِ لَا يَتَعَدَّاهُ لِغَيْرِهِ كَسُوقٍ أَوْ حَانُوتٍ فَفَاسِدٌ لِلتَّحْجِيرِ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَالرِّبْحُ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ فِي الْجَمِيعِ (كَأَنْ أَخَذَ) الْعَامِلُ مِنْ شَخْصٍ (مَالًا لِيَخْرُجَ) أَيْ عَلَى أَنْ يَخْرُجَ (بِهِ لِبَلَدٍ) مُعَيَّنٍ (فَيَشْتَرِي) مِنْهُ سِلَعًا ثُمَّ يَجْلِبُهُ لِبَلَدِ الْقِرَاضِ لِلْبَيْعِ فَفَاسِدٌ وَفِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ
(وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ يَتَوَلَّاهُ (كَالنَّشْرِ وَالطَّيِّ الْخَفِيفَيْنِ وَ) عَلَيْهِ (الْأَجْرُ) فِي مَالِهِ (إنْ اسْتَأْجَرَ) عَلَى ذَلِكَ لَا فِي مَالِ الْقِرَاضِ وَلَا فِي رِبْحِهِ (وَجَازَ) لِلْعَامِلِ (جُزْءٌ) مِنْ الرِّبْحِ (قَلَّ أَوْ كَثُرَ) كَالْمُسَاوِي بِشَرْطِ عِلْمِهِ لَهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ وَلَوْ كَدِينَارٍ مِنْ مِائَةٍ أَوْ مِائَةٍ مِنْ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ.
(وَ) جَازَ (رِضَاهُمَا) أَيْ الْمُتَقَارِضَيْنِ (بَعْدَ) أَيْ بَعْدَ الْعَمَلِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْعَقْدِ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى جُزْءٍ مَعْلُومٍ لَهُمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ غَيْرِ الْجُزْءِ الَّذِي دَخَلَا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ لَمَّا كَانَ غَيْرَ مُحَقَّقٍ اُغْتُفِرَ فِيهِ ذَلِكَ
(وَ) جَازَ (زَكَاتُهُ) أَيْ الرِّبْحِ الْمَعْلُومِ أَيْ اشْتِرَاطُ زَكَاتِهِ (عَلَى أَحَدِهِمَا) رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ، وَأَمَّا رَأْسُ الْمَالِ فَزَكَاتُهُ عَلَى رَبِّهِ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُهُ عَلَى الْعَامِلِ (وَهُوَ) أَيْ الْجُزْءُ الْمُشْتَرَطُ (لِلْمُشْتَرِطِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ) زَكَاتُهُ لِمَانِعٍ كَقُصُورِ الْمَالِ عَنْ النِّصَابِ أَوْ تَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِمَّنْ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ لِرِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ كُفْرٍ فَإِنْ كَانَ لِلْعَامِلِ نِصْفُ الرِّبْحِ وَكَانَ أَرْبَعِينَ وَاشْتُرِطَتْ الزَّكَاةُ عَلَى الْعَامِلِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يُخْرِجُ رُبُعَ الْعُشْرِ، وَهُوَ دِينَارٌ وَاحِدٌ مِنْ الْأَرْبَعِينَ يُعْطِيه لِرَبِّ الْمَالِ فَيَكُونُ لِلْعَامِلِ تِسْعَةَ عَشَرَ دِينَارًا وَلِرَبِّ الْمَالِ أَحَدٌ وَعِشْرُونَ دِينَارًا حَيْثُ لَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ لِمَا مَرَّ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي الْمُبَالَغَةِ بِأَنَّهُ إنْ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ كَانَ الْجُزْءُ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْمُشْتَرِطِ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مُشْكِلٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ وَهِيَ سَاقِطَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَبِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي، وَهُوَ عَائِدٌ عَلَى جُزْءِ الزَّكَاةِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَنَفْعُ جُزْءِ الزَّكَاةِ لِلْمُشْتَرِطِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ دُفِعَ الْجُزْءُ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ لِلْفُقَرَاءِ فَانْتَفَعَ الْمُشْتَرِطُ بِتَوْفِيرِ حِصَّتِهِ بِعَدَمِ أَخْذِ الْجُزْءِ مِنْهَا وَإِخْرَاجِهِ مِنْ حِصَّةِ الْمُشْتَرَطِ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ تَجِبْ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِطُ لِنَفْسِهِ كَمَا قَدَّمْنَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ لَهُمَا) أَيْ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ أَيْ الزَّمَنُ (قَوْلُهُ كَسُوقٍ أَوْ حَانُوتٍ) أَيْ بِمَحَلِّ كَذَا وَالْحَالُ أَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يَكُنْ جَالِسًا بِهِ مِنْ قَبْلُ وَإِلَّا جَازَ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَخَذَ مَالًا إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ قَوْلِهِ أَوْ لَا تَشْتَرِ إلَى بَلَدِ كَذَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَشْتَرِي حَتَّى يَبْلُغَ مَوْضِعَ كَذَا فَإِذَا بَلَغَهُ اشْتَرَى مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي الشِّرَاءِ قَبْلَ وُصُولِهِ وَلَمْ يَحْجُرْ عَلَيْهِ فِي الشِّرَاءِ مِنْ غَيْرِهِ بَعْدَ وُصُولِهِ، وَأَمَّا هَذِهِ فَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوُصُولِ لِلْبَلَدِ وَبَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهِ وَأَيْضًا فِي هَذِهِ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَخْرُجَ لِبَلَدِ كَذَا فَيَشْتَرِيَ مِنْهُ ثُمَّ يَعُودَ فَيَبِيعَهُ فِي بَلَدِ الْعَقْدِ فَحَجَرَ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ الشِّرَاءِ وَفِي مَحَلِّ التَّجْرِ وَالسَّابِقَةُ حَجَرَ عَلَيْهِ فِي ابْتِدَاءِ التَّجْرِ فَقَطْ
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ كَالنَّشْرِ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ (قَوْلُهُ الْخَفِيفَيْنِ) أَيْ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْخَفِيفِ وَمَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ وَهُوَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْمَالِ فَلَهُ أَجْرُهُ إذَا عَمِلَهُ بِنَفْسِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ عَمِلَ لِيَرْجِعَ بِأَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ عِنْدَ سُكُوتِ رَبِّ الْمَالِ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَهُ رَبُّ الْمَالِ وَقَالَ بَلْ عَمِلْتَ ذَلِكَ تَبَرُّعًا مِنْك فَلَهُ الْأُجْرَةُ بِيَمِينٍ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى مَعْرُوفٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي تَوَجُّهِ الْيَمِينِ فِي دَعْوَى الْمَعْرُوفِ وَقِيلَ بِلَا يَمِينٍ.
(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الْأَجْرُ إنْ اسْتَأْجَرَ) أَيْ وَمِثْلُ النَّشْرِ وَالطَّيِّ النَّقْلُ الْخَفِيفُ فَيَلْزَمُهُ، وَإِنْ اسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ فَمِنْ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِلْعَامِلِ جُزْءٌ مِنْ الرِّبْحِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ) ذَكَرَهُ لِأَجْلِ التَّعْمِيمِ صَرِيحًا فِي قَوْلِهِ سَابِقًا بِجُزْءٍ؛ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ فَلَا تُفِيدُ الْعُمُومَ فَلَمَّا كَانَتْ تِلْكَ النَّكِرَةُ لَا تُفِيدُ الْعُمُومَ أَتَى بِهِ هُنَا صَرَاحَةً (قَوْلُهُ عِلْمِهِ لَهُمَا) أَيْ لِلْجُزْءِ الْقَلِيلِ أَوْ الْكَثِيرِ حَالَ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَدِينَارٍ) بِأَنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ جَعَلْت لَك مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تَحْصُلُ رِبْحًا دِينَارًا أَوْ جَعَلْتُ لَك مِنْ كُلِّ مِائَةٍ وَوَاحِدٍ مِائَةً (قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَ الْعَمَلِ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ فِي مَنْعِهِ الزِّيَادَةَ بَعْدَ الْعَمَلِ، وَأَمَّا بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْعَمَلِ فَلَا يُتَوَهَّمُ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ غَيْرُ لَازِمٍ فَكَأَنَّهُمَا ابْتَدَآ الْآنَ عَقْدًا
(قَوْلُهُ الْمَعْلُومُ) أَيْ مِنْ الْمَقَامِ أَوْ مِنْ جُزْءٍ؛ لِأَنَّ الْجُزْءَ بَعْضُ الرِّبْحِ وَالْجُزْءُ يُفْهَمُ مِنْهُ كُلُّهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ الْعَامِلِ) أَيْ وَلَا يُؤَدِّي اشْتِرَاطُ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَيْهِ إلَى الْقِرَاضِ بِجُزْءٍ مَجْهُولٍ؛ لِأَنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ مَعْلُومٌ، وَهُوَ رُبْعُ عُشْرِ الرِّبْحِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَالَ لِلْعَامِلِ لَك مِنْ الرِّبْحِ نِصْفُهُ مَثَلًا إلَّا رُبْعَ عُشْرِ الرِّبْحِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ اشْتِرَاطِ زَكَاةِ الرِّبْحِ عَلَى أَحَدِهِمَا هُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي الْأَسَدِيَّةِ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ، وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ كَقُصُورِ الْمَالِ) يَعْنِي رَأْسَ الْمَالِ وَرِبْحِهِ عَنْ النِّصَابِ كَمَا لَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَرِبْحُهُ خَمْسَةٌ بَيْنَهُمَا وَشَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ جُزْءَ الزَّكَاةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ رُبْعَ نِصْفٍ وَاحِدٍ فِي حِصَّتِهِ (قَوْلُهُ وَكَانَ) أَيْ الرِّبْحُ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ تَفَاصَلَا قَبْلَ الْحَوْلِ أَوْ كَانَ الْعَامِلُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لِرِقٍّ أَوْ دَيْنٍ أَوْ كُفْرٍ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ وَالْمَعْنَى، وَهُوَ لِلْمُشْتَرِطِ لَا لِلْقِرَاضِ فِي حَالِ كَوْنِ الزَّكَاةِ
(وَ) جَازَ (الرِّبْحُ) أَيْ جَعْلُهُ كُلِّهِ (لِأَحَدِهِمَا) رَبِّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلِ (أَوْ لِغَيْرِهِمَا) أَيْ لِأَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاضًا حَقِيقَةً
(وَضَمِنَهُ) أَيْ ضَمِنَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ (فِي) اشْتِرَاطِ (الرِّبْحِ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ بِأَنْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ وَلَك رِبْحُهُ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالْقَرْضِ انْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ إلَى الذِّمَّةِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ لَمْ يَنْفِهِ) الْعَامِلُ عَنْ نَفْسِهِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ وَسَكَتَ فَإِنْ نَفَاهُ بِأَنْ قَالَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيَّ أَوْ قَالَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ اعْمَلْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْك لَمْ يَضْمَنْ (وَلَمْ يُسَمِّ قِرَاضًا) فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ اعْمَلْ فِيهِ قِرَاضًا وَالرِّبْحُ لَك فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ لَكِنَّهُ مَعَ اشْتِرَاطِ الضَّمَانِ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا.
(وَ) جَازَ (شَرْطُهُ) أَيْ الْعَامِلِ عَلَى رَبِّ الْمَالِ (عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ) أَوْ هُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ (فِي) الْمَالِ (الْكَثِيرِ) مَجَّانًا وَالْمُشْتَرِطُ هُنَا الْعَامِلُ وَمَا تَقَدَّمَ رَبُّ الْمَالِ فَلَا تَكْرَارَ.
(وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (خَلْطُهُ) مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ، وَإِلَّا فَسَدَ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ) كَانَ الْخَلْطُ (بِمَالِهِ) إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَفِيهِ مَصْلَحَةٌ لِأَحَدِ الْمَالَيْنِ غَيْرُ مُتَيَقَّنَةٍ وَكَانَ الْخَلْطُ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ أَوْ بَعْدَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا وَتَعَيَّنَ لِمَصْلَحَةٍ مُتَيَقَّنَةٍ (وَهُوَ) أَيْ الْخَلْطُ (الصَّوَابُ إنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا رُخْصًا) فَيَجِبُ إنْ كَانَ الْمَالَانِ لِغَيْرِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَمْ تَجِبْ لِمَانِعٍ لِكَوْنِهِ اشْتَرَطَ الزَّكَاةَ وَلَمْ تُوجَدْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ زَكَاةَ الرِّبْحِ إذَا اُشْتُرِطَتْ عَلَى أَحَدِهِمَا وَلَمْ تَجِبْ الزَّكَاةُ فِي الرِّبْحِ لِمَانِعٍ فَإِنَّ جُزْءَ الزَّكَاةِ مِنْ الرِّبْحِ بِتَمَامِهِ يَكُونُ لِمُشْتَرِطِهِ وَلَا يَكُونُ لِلْقِرَاضِ لِكَوْنِهِ اشْتَرَطَ الزَّكَاةَ وَلَمْ تُوجَدْ لَا زَكَاةَ حِصَّةِ الْمُشْتَرِطِ فَقَطْ كَمَا تَوَهَّمَ.
(قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ رَبُّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ اعْمَلْ فِي هَذَا الْمَالِ وَالرِّبْحُ الْحَاصِلُ كُلُّهُ لِي أَوْ لَك أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ خَرَجَ) أَيْ وَحِينَ إذْ جَعَلَ الرِّبْحَ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا خَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ قِرَاضًا إلَى كَوْنِهِ هِبَةً وَإِطْلَاقُ الْقِرَاضِ عَلَيْهِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ مَجَازٌ لِمَا عَلِمْت أَنَّ حَقِيقَةَ الْقِرَاضِ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ بِنَقْدٍ مَضْرُوبٍ مُسْلَمٍ بِجُزْءٍ مِنْ رِبْحِهِ وَإِذَا عَلِمْت أَنَّهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ يَكُونُ هِبَةً فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهَا فَإِذَا اشْتَرَطَ الرِّبْحُ بِغَيْرِهِمَا وَكَانَ مُعَيَّنًا قُضِيَ لَهُ بِهِ إنْ قَبِلَهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ لِلْمُشْتَرِطِ كَمَا فِي جُزْءِ الزَّكَاةِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ بْن وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ وَجَبَ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَإِنْ اشْتَرَطَ لِمَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ فَقَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ إنَّهُ يَجِبُ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ كَالْفُقَرَاءِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِينَ وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إنَّهُ يُقْضَى بِهِ كَالْفَقِيرِ الْمُعَيَّنِ، وَإِنْ اشْتَرَطَ لِلْعَامِلِ لَمْ تَبْطُلْ بِمَوْتِ رَبِّهِ أَوْ فَلَسِهِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ كُلَّهُ بِيَدِهِ فَكَانَ الرِّبْحُ هِبَةً مَقْبُوضَةً، وَإِنْ اشْتَرَطَ لِرَبِّهِ فَهَلْ تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْعَامِلِ أَوْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ أَجِيرٌ لِرَبِّ الْمَالِ فَكَأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حَائِزٌ لَهُ قَوْلَانِ
(قَوْلُهُ وَضَمِنَهُ فِي الرِّبْحِ لَهُ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْعَامِلِ فِي اشْتِرَاطِ الرِّبْحِ لِرَبِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ لِبَقَاءِ الْمَالِ عَلَى الْأَمَانَةِ وَكَذَا إذَا شَرَطَ لِغَيْرِهِمَا اهـ.
شب (قَوْلُهُ انْتَقَلَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ انْتَقَلَ مِنْ الْأَمَانَةِ لِلذِّمَّةِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَنْفَعْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَنْفِ الْعَامِلُ الضَّمَانَ عَنْ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ الضَّمَانَ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ الضَّمَانَ (قَوْلُهُ يَكُونُ قِرَاضًا فَاسِدًا) وَهَلْ يَكُونُ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ عَمَلًا بِمَا شَرَطَاهُ أَوْ فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ لِكَوْنِهِ قِرَاضًا فَاسِدًا اُنْظُرْهُ اهـ.
عبق (قَوْلُهُ أَوْ هُمَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَمُقَابِلُهُ لَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ عَمَلِهِمَا مَعًا لِأَشْهَبَ وَقَوْلُهُ عَمَلُ غُلَامِ رَبِّهِ أَوْ دَابَّتِهِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فِي الْمَالِ الْكَثِيرِ) قِيلَ هَذَا فَرْضُ مَسْأَلَةٍ لَا قَيْدٌ وَلِذَا لَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وإنَّمَا هُوَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ زَرْقُونٍ اهـ.
بْن وَعَلَى اعْتِبَارِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ مُعْتَبَرَتَانِ بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ مَجَّانًا) أَيْ أَوْ بِجُزْءٍ لِلْغُلَامِ لَا لِسَيِّدِهِ وَلَعَلَّ مُرَادَ ابْنِ فَرْحُونٍ بِمَجَّانًا التَّابِعُ لَهُ الشَّارِحُ فِي التَّعْبِيرِ بِهَا أَنْ لَا يَكُونَ بِجُزْءٍ لِرَبِّهِ فَيُوَافِقُ مَا مَرَّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ اشْتِرَاطَ عَمَلِ غُلَامِ رَبِّهِ مَعَ الْعَامِلِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ الْمُشْتَرِطُ لِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ أَوْ الْعَامِلُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ بِجُزْءٍ لِرَبِّهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا أَوْ بِجُزْءٍ لِلْغُلَامِ وَيُشْتَرَطُ شَرْطٌ ثَانٍ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِطُ رَبُّ الْمَالِ، وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ ذَلِكَ الْغُلَامُ عَيْنًا يَطَّلِعُ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ الْعَامِلُ فِي الْمَالِ وَيُخْبِرُ بِهِ رَبَّهُ وَإِلَّا مُنِعَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَخَلَطَهُ) أَيْ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِمَالِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْخَلْطُ بِمَالِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ الْمَالُ الْمَخْلُوطُ وَالْمَخْلُوطُ بِهِ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ وَكَانَ الْخَلْطُ قَبْلَ شَغْلِ أَحَدِهِمَا) قَالَ بْن لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ هَذَا الشَّرْطَ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ خِلَافُهُ (قَوْلُهُ فَيُمْنَعُ خَلْطُ مُقَوَّمٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُتَمَاثِلًا وَنَصَّ التَّوْضِيحُ عَلَى جَوَازِ خَلْطِهِ بِمِثْلِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ جَوَازَ خَلْطِ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ قَيَّدَهُ الشَّارِحُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ شَرْطَيْنِ مِنْهُمَا غَيْرُ مُسَلَّمَيْنِ (قَوْلُهُ أَيْ الْخَلْطُ) أَيْ خَلْطُ مَالِ الْقِرَاضِ بِمَالِهِ أَوْ بِمَالِ قِرَاضٍ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ إنْ خَافَ) أَيْ الْعَامِلُ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الْبَيْعِ رُخْصًا فِي ثَمَنِ الثَّانِي أَيْ أَوْ خَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الشِّرَاءِ غُلُوَّ الثَّمَنِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ فَيَجِبُ إلَخْ) أَيْ فَيَكُونُ مَعْنَى الصَّوَابِ الْوُجُوبَ لَا النَّدْبَ، وَهُوَ أَحَدُ
وَيَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ مَالِهِ رُخْصُ مَالِ الْقِرَاضِ لِوُجُوبِ تَنْمِيَتِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ خَافَ بِتَقْدِيمِ مَالِ الْقِرَاضِ رُخْصَ مَالِهِ لَمْ يَجِبْ إذْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْمِيَةُ مَالِهِ وَمِثْلُ الرُّخْصِ أَيْ فِي الْبَيْعِ الْغَلَاءُ فِي الشِّرَاءِ وَقِيلَ مَعْنَى الصَّوَابِ النَّدْبُ وَعَلَى الْوُجُوبِ يَضْمَنُ الْخُسْرَ إذَا لَمْ يَخْلِطْ وَعَلَى النَّدْبِ لَا يَضْمَنُ
(وَشَارَكَ) الْعَامِلُ رَبَّ الْمَالِ (إنْ زَادَ) عَلَى مَالِ الْقِرَاضِ مَالًا (مُؤَجَّلًا) فِي ذِمَّتِهِ كَأَنْ يَشْتَرِيَ سِلْعَةً بِمَالِ الْقِرَاضِ وَبِمُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّتِهِ لِنَفْسِهِ فَيَصِيرُ شَرِيكًا لِرَبِّ الْمَالِ بِمَا زَادَهُ عَنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَيَخْتَصُّ بِرِبْحِ الزِّيَادَةِ وَخُسْرِهَا وَتُعْتَبَرُ الزِّيَادَةُ (بِقِيمَتِهِ) أَيْ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ، وَإِنْ كَانَ عَيْنًا فَتُقَوَّمُ بِسِلْعَةِ يَوْمِ الشِّرَاءِ ثُمَّ تُقَوَّمُ السِّلْعَةُ بِنَقْدٍ فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً فَاشْتَرَى سِلْعَةً بِمِائَتَيْنِ مِائَةٌ هِيَ مَالُ الْقِرَاضِ وَمِائَةٌ مُؤَجَّلَةٌ فَتُقَوَّمُ الْمُؤَجَّلَةُ بِعَرَضٍ ثُمَّ الْعَرَضُ بِنَقْدٍ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ كَانَ شَرِيكًا بِالثُّلُثِ فَيَخْتَصُّ بِرِبْحِهِ وَخُسْرِهِ وَمَا بَقِيَ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ وَقَوْلُنَا لِنَفْسِهِ فَإِنْ اشْتَرَى بِهِ لِلْقِرَاضِ فَالْحُكْمُ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ فِي قَبُولِهِ وَيَدْفَعُ لَهُ قِيمَتَهُ فَيَكُونُ كُلُّهُ قِرَاضًا وَعَدَمِ قَبُولِهِ فَيُشَارِكُ الْعَامِلَ بِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمَفْهُومُ " مُؤَجَّلًا " أَنَّهُ لَوْ زَادَ حَالًا شَارَكَ بِعَدَدِهِ وَاخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، وَهَذَا إنْ زَادَ بِالْحَالِ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا إنْ زَادَ بِهِ لِلْقِرَاضِ فَرَبُّ الْمَالِ يُخَيَّرُ بَيْنَ دَفْعِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ وَعَدَمِهِ فَيُشَارِكُ بِالنِّصْفِ ثُمَّ حُكْمُ الزِّيَادَةِ مُطْلَقًا الْمَنْعُ
(وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (سَفَرُهُ) بِمَالِ الْقِرَاضِ (إنْ لَمْ يَحْجُرْ) رَبُّ الْمَالِ (عَلَيْهِ قَبْلَ شَغْلِهِ) أَيْ إنْ لَمْ يَحْصُلْ حَجْرٌ قَبْلَ الشَّغْلِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ حَجْرٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ بَعْدَ شَغْلِهِ فَإِنْ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ السَّفَرُ فَإِنْ سَافَرَ ضَمِنَ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ مَنْعُهُ بَعْدَ الشَّغْلِ فَإِنْ مَنَعَهُ وَسَافَرَ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ لَمْ يَضْمَنْ.
(وَ) جَازَ لِشَخْصٍ أَنْ يَقُولَ لِآخَرَ (ادْفَعْ لِي) مَالًا أَعْمَلُ فِيهِ قِرَاضًا لَك (فَقَدْ وَجَدْتُ) شَيْئًا (رَخِيصًا أَشْتَرِيه) ، وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ أَوْ بَعْدَ شِرَائِهِ. . . إلَخْ وَتَقَدَّمَتْ، وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ السِّلْعَةَ وَلَا الْبَائِعَ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا.
(وَ) جَازَ لِلْعَامِلِ (بَيْعُهُ) سِلَعَ التِّجَارَةِ (بِعَرَضٍ) ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ إلَّا إذَا ظَنَّ كَسَادَهُ (وَ) جَازَ لَهُ (رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ مَا اشْتَرَاهُ (بِعَيْبٍ) قَدِيمٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلَيْنِ وَالْآخَرُ النَّدْبُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ ابْنِ نَاجِيٍّ وَالثَّانِي قَوْلُ بَعْضِ شُيُوخِهِ (قَوْلُهُ وَيَلْزَمُ مِنْ تَقْدِيمِ مَالِهِ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لَهُ (قَوْلُهُ لِوُجُوبِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِوُجُوبِ الْخَلْطِ (قَوْلُهُ الْغَلَاءُ فِي الشِّرَاءِ) أَيْ كَأَنْ يَخَافَ بِتَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا فِي الشِّرَاءِ الْغُلُوَّ فِي ثَمَنِ الثَّانِي (قَوْلُهُ يَضْمَنُ) أَيْ الْعَامِلُ الْخُسْرَ إذَا خَافَ وَلَمْ يَخْلِطْ
(قَوْلُهُ فَتُقَوَّمُ) أَيْ تِلْكَ الْعَيْنُ الْمُؤَجَّلَةُ بِسِلْعَةٍ ثُمَّ تُقَوَّمُ تِلْكَ السِّلْعَةُ بِنَقْدٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ بِقِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ وَلَوْ عَيْنًا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي أَصْلَحَهَا عَلَيْهِ وَمُقَابِلُهُ، وَهُوَ الَّذِي كَانَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ الْإِصْلَاحِ أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ بِمَا زَادَتْهُ قِيمَةُ مَا اشْتَرَاهُ بِحَالٍّ وَمُؤَجَّلٍ عَلَى الْحَالِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ بِرِبْحِهِ) أَيْ بِرِبْحِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ وَمَا بَقِيَ) أَيْ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ عَلَى حُكْمِ الْقِرَاضِ أَيْ فَلِلْعَامِلِ مِنْهُ الْجُزْءُ الْمَجْعُولُ لَهُ وَالْبَاقِي لِرَبِّ الْمَالِ، وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ يُشَارِكُ بِقِيمَةِ مَا زَادَ.
وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَتُقَوَّمُ تِلْكَ السِّلْعَةُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بِالْمِائَتَيْنِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً وَعِشْرِينَ كَانَ شَرِيكًا بِالسُّدُسِ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) أَيْ فَإِنَّ قَوْلَهُ وَشَارَكَ إنْ زَادَ مُؤَجَّلًا ظَاهِرُهُ كَانَ شِرَاؤُهُ بِالزَّائِدِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فِي قَبُولِهِ) أَيْ فِي قَبُولِهِ لِمَا زَادَهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَعَدَمُ قَبُولِهِ) أَيْ وَعَدَمُ قَبُولِهِ لِمَا زَادَهُ الْعَامِلُ لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ فَالْمَالُ كُلُّهُ لَهُ) أَيْ وَيَكُونُ كُلُّهُ رَأْسَ مَالِ الْقِرَاضِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ مُؤَجَّلًا أَوْ حَالًّا وَاشْتَرَى فِيهِمَا لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ صُورَةُ الْمُصَنِّفِ وَمَفْهُومُهَا ثَلَاثَةٌ قَدْ عُلِمَتْ مِنْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الشَّغْلِ) أَيْ قَبْلَ شَغْلِ مَالِ الْقِرَاضِ بِشِرَائِهِ بِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سِلَعًا (قَوْلُهُ أَيْ إنْ لَمْ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ قَبْلَ شَغْلِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ يَحْجُرُ (قَوْلُهُ أَوْ حَصَلَ بَعْدَ شَغْلِهِ) أَيْ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ مَنْعُهُ بَعْدَ الشَّغْلِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا وَسَوَاءٌ كَانَ السَّفَرُ بَعِيدًا أَوْ قَرِيبًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعَامِلُ مِنْ شَأْنِهِ السَّفَرُ أَوْ لَا خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ لَا يُسَافِرُ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ بَعِيدًا وَلَوْ بِالْقَلِيلِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِمَنْعِ السَّفَرِ بَعْدَ الْحَجْرِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) أَيْ وَإِلَّا فَلَوْ سَمَّاهُمَا كَأَنْ قَالَ وَجَدْت السِّلْعَةَ كَذَا تُبَاعُ رَخِيصَةً مَعَ فُلَانٍ أَوْ سَمَّى أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ وَكَانَ قِرَاضًا فَاسِدًا قَالَ عبق.
وَانْظُرْ هَلْ تَكُونُ السِّلْعَةُ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَلَيْهِ لِلْمُشْتَرِي أُجْرَةُ تَوْلِيَةِ الشِّرَاءِ أَوْ تَكُونُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ إنْ عَيَّنَ الْبَائِعُ فَكَمَسْأَلَةِ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ فَلَهُ قِرَاضُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَيَّنَ السِّلْعَةَ فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ بِعَرْضٍ) أَيْ، وَأَمَّا بَيْعُهُ سِلَعَ التِّجَارَةِ بِدَيْنٍ فَلَا يَجُوزُ
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ) أَيْ وَالشَّرِيكُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ بِالْعَرْضِ فَإِنْ قُلْت مُقْتَضَى تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ الْقِرَاضَ بِأَنَّهُ تَوْكِيلٌ عَلَى تَجْرٍ بِنَقْدٍ إلَخْ أَنَّ الْعَامِلَ وَكِيلٌ مَخْصُوصٌ وَالْوَكِيلُ الْمَخْصُوصُ يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ بِالْعَرْضِ قُلْتُ: وَهُوَ إنْ كَانَ وَكِيلًا مَخْصُوصًا لَكِنْ جَازَ بَيْعُهُ بِالْعَرْضِ لِتَقَوِّي جَانِبِهِ بِكَوْنِهِ شَرِيكًا (قَوْلُهُ وَجَازَ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ رَدُّهُ بِعَيْبٍ قَدِيمٍ أَيْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ وَلَوْ أَبَى رَبُّ الْمَالِ مِنْ رَدِّهِ وَأَرَادَ بَقَاءَهُ لِلْقِرَاضِ وَظَاهِرُهُ
(وَلِلْمَالِكِ قَبُولُهُ) أَيْ الْمَعِيبِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ كَانَ) الْمَعِيبُ (الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ (وَالثَّمَنُ) أَيْ ثَمَنُ الْمَعِيبِ (عَيْنٌ) ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يَقُولَ لَوْ رَدَدْته لَنَضَّ الْمَالُ وَلِي أَخْذُهُ فَإِنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَعِيبِ عَرَضًا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَبُولُهُ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ يَرْجُو رِبْحَهُ إذَا عَادَ إلَيْهِ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَالثَّمَنُ لِلْحَالِ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمَعِيبَ الْمَرْدُودَ عَيْنٌ.
(وَ) جَازَ لِمَالِكٍ (مُقَارَضَةُ عَبْدِهِ وَ) مُقَارَضَةُ (أَجِيرِهِ) أَيْ أَجِيرٌ لِخِدْمَةٍ عِنْدَهُ مُدَّةً مَعْلُومَةً كَسَنَةٍ مَثَلًا بِكَذَا وَسَوَاءٌ بَقِيَ عَلَى خِدْمَتِهِ أَمْ لَا وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ مَا تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ
(وَ) جَازَ لِمَالِكٍ (دَفْعُ مَالَيْنِ) لِعَامِلٍ كَمِائَةِ دِينَارٍ وَأَلْفِ دِرْهَمٍ (مَعًا) أَيْ فِي آنٍ وَاحِدٍ (أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ) فِي عَقْدَيْنِ وَدَفَعَ الثَّانِي (قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ) بِجُزْأَيْنِ مُتَّفِقَيْنِ بَلْ (وَإِنْ) كَانَا (بِمُخْتَلِفَيْنِ) فِي جُزْءِ الرِّبْحِ كَأَنْ يَكُونَ لَهُ فِي هَذَا نِصْفُ الرِّبْحِ وَفِي الْآخَرِ ثُلُثُهُ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِي الْمَالَيْنِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ اتَّفَقَا فِي الْجُزْءِ أَوْ اخْتَلَفَا (إنْ شَرَطَا خَلْطًا) لِلْمَالَيْنِ قَبْلَ الْعَمَلِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطَاهُ بِأَنْ سَكَتَا أَوْ شَرَطَا عَدَمَهُ مُنِعَ فِي مُخْتَلِفَيْ الْجُزْءِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى الْعَمَلِ فِي أَحَدِ الْمَالَيْنِ دُونَ الْآخَرِ وَجَازَ فِي الْمُتَّفِقِ لِعَدَمِ التُّهْمَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ بِالْمَنْعِ أَيْضًا وَرُجِّحَ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ إنْ شَرَطَا إلَخْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا وَعَلَى الْأَوَّلِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَهَا فَقَطْ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الظَّرْفِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) دَفَعَ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ (شَغَلَهُ) أَيْ الْأَوَّلُ وَلَمْ يُنِضَّ فَيَجُوزُ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) أَيْ الْخَلْطَ بِأَنْ شَرَطَ عَدَمَهُ أَوْ سَكَتَا فَإِنْ شَرَطَاهُ مُنِعَ.
وَلَوْ اتَّفَقَ الْجُزْءُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ خُسْرٌ فِي الثَّانِي فَيَجْبُرُهُ بِرِبْحِ الْأَوَّلِ (كَنَضُوضِ الْأَوَّلِ) تَشْبِيهٌ فِي الْجَوَازِ أَيْ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ إذَا نَضَّ مَا بِيَدِ عَامِلِهِ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ مَالًا آخَرَ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ مَعَ الْأَوَّلِ بِشَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (إنْ سَاوَى) أَيْ نَضَّ الْأَوَّلُ مُسَاوِيًا لِأَصْلِهِ مِنْ غَيْرِ رِبْحٍ وَلَا خُسْرٍ وَالثَّانِي قَوْلُهُ (وَاتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا) بِأَنْ يَكُونَ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ فِي الثَّانِي كَالْأَوَّلِ وَظَاهِرُهُ شَرَطَا الْخَلْطَ أَوْ لَا وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَضَّ بِرِبْحٍ قَدْ يُضِيعُ عَلَى الْعَامِلِ رِبْحَهُ، وَإِنْ خَسِرَ قَدْ يَجْبُرُ الثَّانِي خُسْرَ الْأَوَّلِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الثَّانِي الْمَنْعُ إذَا اخْتَلَفَ الْجُزْءُ مَعَ نُضُوضِ الْأَوَّلِ مُسَاوِيًا حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ الْخَلْطُ وَإِلَّا جَازَ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ شَرَطَا خَلْطًا وَإِلَّا مُنِعَ مُطْلَقًا عَلَى الرَّاجِحِ الْمُتَقَدِّمِ فَلَا مَفْهُومَ لِهَذَا الشَّرْطِ الثَّانِي فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ حَذْفُهُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَيْبُ قَلِيلًا وَالشِّرَاءُ فُرْصَةً اهـ.
عبق (قَوْلُهُ وَلِلْمَالِكِ) أَيْ، وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ قَبُولُهُ أَيْ لِنَفْسِهِ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاصَلَةِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَذَهُ لِيَبِيعَهُ لِلْقِرَاضِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ الْمَعِيبُ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَنُ الْمَعِيبِ الْمَرْدُودِ جَمِيعَ مَالِ الْقِرَاضِ وَالْحَالُ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ذَلِكَ الْمَعِيبَ عَيْنٌ (قَوْلُهُ وَلِي أَخْذُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا نَضَّ الْمَالُ كَانَ لِرَبِّهِ أَخْذُهُ وَلَا كَلَامَ لِلْعَامِلِ وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلُهُمْ عَقْدُ الْقِرَاضِ لَازِمٌ بَعْدَ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا قَبْلَ النُّضُوضِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ بَقِيَ إلَخْ) هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَالْجَوَازُ عِنْدَهُ مُطْلَقٌ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ إذَا شَغَلَ الْقِرَاضُ الْأَجِيرَ عَنْ الْخِدْمَةِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا سَقَطَ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحَسَبِ الشَّغْلِ (قَوْلُهُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ) أَيْ إذَا لَمْ يَبْقَ عَلَى عَمَلِهِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ إلَخْ) قَالَ عج وَلَعَلَّ جَوَابَهُ أَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ نَاسِخٌ لِلْعَقْدِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ وَدَفَعَ مَالَيْنِ إلَخْ) حَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ الصُّوَرِ عَلَى الرَّاجِحِ أَنَّ الْمَالَيْنِ إمَّا أَنْ يُدْفَعَا لِلْعَامِلِ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَّفِقَ الْجُزْءَانِ الْمَجْعُولَانِ لِلْعَامِلِ فِي الْمَالَيْنِ أَوْ لَا، فَفِي الْأَوَّلَيْنِ بِقِسْمَيْهِمَا يَجُوزُ إنْ شُرِطَ الْخَلْطُ وَإِلَّا مُنِعَ وَفِي الْأَخِيرِ بِقِسْمَيْهِ يَجُوزُ إنْ لَمْ يُشْتَرَطْ الْخَلْطُ وَإِلَّا مُنِعَ، هَذَا كُلُّهُ إنْ لَمْ يُنِضَّ الْمَالُ الْأَوَّلُ.
وَأَمَّا إنْ دَفَعَ الثَّانِي بَعْد مَا نَضَّ الْأَوَّلُ فَإِنْ نَضَّ مُسَاوِيًا لِرَأْسِ مَالِهِ وَاتَّفَقَ جُزْءَاهُمَا جَازَ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ إنْ شَرَطَا خَلْطًا لِلْمَالَيْنِ قَبْلَ الْعَمَلِ) إنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّهُ وَلَوْ مَعَ اخْتِلَافِ الْجُزْءِ يَرْجِعُ لِجُزْءٍ مَعْلُومٍ، بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ دَفَعَ مِائَتَيْنِ مِائَةً عَلَى الثُّلُثِ لِلْعَامِلِ وَمِائَةً عَلَى النِّصْفِ عَلَى أَنْ يَخْلِطَهُمَا فَحِسَابُهُ أَنْ تَنْظُرَ لِأَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ ثُلُثٌ وَنِصْفٌ صَحِيحٌ تَجِدُ ذَلِكَ سِتَّةً وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ لِلْعَامِلِ مِنْ رِبْحِ إحْدَى الْمِائَتَيْنِ الثُّلُثَ وَمِنْ رِبْحِ الْمِائَةِ الْأُخْرَى النِّصْفَ فَخُذْ لَهُ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَهَا وَذَلِكَ خَمْسَةٌ وَلِرَبِّ الْمَالِ نِصْفَ رِبْحِ مِائَةٍ وَثُلُثَا رِبْحِ الْمِائَةِ الْأُخْرَى فَخُذْ لَهُ نِصْفَ السِّتَّةِ وَثُلُثَيْهَا وَذَلِكَ سَبْعَةٌ اجْمَعْهَا مَعَ الْخَمْسَةِ الَّتِي صَحَّتْ لِلْعَامِلِ يَكُونُ الْمَجْمُوعُ اثْنَا عَشَرَ، اقْسِمْ الرِّبْحَ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ جُزْءًا لِلْعَامِلِ خَمْسَةُ أَجْزَاءٍ وَذَلِكَ رُبْعُ الرِّبْحِ وَسُدُسُهُ وَلِرَبِّ الْمَالِ سَبْعَةُ أَجْزَاءٍ، وَذَلِكَ ثُلُثُ الرِّبْحِ وَرُبْعُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الرُّبْعَيْنِ وَالثُّلُثَ وَالسُّدُسَ مَجْمُوعُ الرِّبْحِ.
(قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْجَوَازُ فِي الْمُتَّفِقِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَرَطَاهُ) أَيْ أَوْ حَصَلَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ مُسَاوِيًا لِأَصْلِهِ) أَيْ لِرَأْسِ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا نَضَّ الْأَوَّلُ بِرِبْحٍ أَوْ خُسْرٍ (قَوْلُهُ قَدْ يَضِيعُ عَلَى الْعَامِلِ رِبْحُهُ) أَيْ بِأَنْ يُجْبَرَ بِهِ الثَّانِي (قَوْلُهُ قَدْ يُجْبَرُ الثَّانِي خُسْرَ الْأَوَّلِ) أَيْ فَهُوَ فِي الْحَالَتَيْنِ كَاشْتِرَاطِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْعَامِلِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَذَلِكَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ وَالْحَقُّ أَنَّهُ يَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ وَالْحَقُّ أَنَّهُ إذَا نَضَّ الْأَوَّلُ بِمُسَاوٍ جَازَ الدَّفْعُ مُطْلَقًا اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ إنْ شَرَطَا الْخَلْطَ وَإِلَّا مُنِعَ مُطْلَقًا اتَّفَقَ جُزْؤُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَ
(وَ) جَازَ (اشْتِرَاءُ رَبِّهِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْعَامِلِ شَيْئًا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (إنْ صَحَّ) الْقَصْدُ بِأَنْ لَا يَتَوَصَّلَ بِهِ إلَى أَخْذِ شَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ كَمَا يَشْتَرِي مِنْ النَّاسِ بِغَيْرِ مُحَابَاةٍ (وَ) جَازَ (اشْتِرَاطُهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ (أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا أَوْ) لَا (يَمْشِيَ بِلَيْلٍ أَوْ) يُسَافِرَ (بِبَحْرٍ أَوْ) لَا (يَبْتَاعَ سِلْعَةً) عَيَّنَهَا لَهُ (وَضَمِنَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (إنْ خَالَفَ) غَيْرَ الْخُسْرِ إلَّا الرَّابِعَةَ فَيَضْمَنُ فِيهَا حَتَّى الْخُسْرِ (كَأَنْ زَرَعَ) الْعَامِلُ (أَوْ سَاقَى) أَيْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ مُسَاقَاةً (بِمَوْضِعِ جَوْرٍ لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جَوْرًا لِغَيْرِهِ (أَوْ حَرَّكَهُ) الْعَامِلُ (بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ رَبِّهِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ حَالَ كَوْنِ الْمَالِ (عَيْنًا) فَيَضْمَنُ لَا إنْ حَرَّكَهُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِمَوْتِهِ فَخَسِرَ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ
(أَوْ شَارَكَ) الْعَامِلُ غَيْرَهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ بِلَا إذْنٍ فَيَضْمَنُ (وَإِنْ) شَارَكَ (عَامِلًا) آخَرَ لِرَبِّ الْقِرَاضِ أَوْ غَيْرِهِ (أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ أَوْ قَارَضَ) أَيْ دَفَعَهُ لِعَامِلٍ آخَرَ قِرَاضًا (بِلَا إذْنٍ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ إلَّا أَنَّ الْإِذْنَ فِي الْأُولَى مِنْ الْوَرَثَةِ (وَغَرِمَ) الْعَامِلُ الْأَوَّلُ (لِلْعَامِلِ الثَّانِي) الزَّائِدَ (إنْ دَخَلَ) أَيْ عَقَدَ مَعَهُ (عَلَى أَكْثَرَ) مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى الْأَقَلِّ فَالزَّائِدُ لِرَبِّ الْمَالِ (كَخُسْرِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَجَازَ) أَيْ سَوَاءٌ اشْتَرَى مِنْهُ بِنَقْدٍ أَوْ بِمُؤَجَّلٍ (قَوْلُهُ إنْ صَحَّ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يُشْتَرَطْ ذَلِكَ عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ (قَوْلُهُ أَنْ لَا يَنْزِلَ وَادِيًا) أَيْ مَحَلًّا مُنْخَفِضًا كَتُرْعَةٍ (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَبْتَاعَ سِلْعَةً عَيَّنَهَا لَهُ) أَيْ لِقِلَّةِ رِبْحِهَا أَوْ لِوَضِيعَةٍ أَيْ خُسْرٍ فِيهَا.
(قَوْلُهُ وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ) أَيْ وَكَانَ يُمْكِنُ الْمَشْيُ بِغَيْرِ الْوَادِي وَالْمَشْيُ بِالنَّهَارِ وَالسَّفَرُ بِغَيْرِ الْبَحْرِ وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ اهـ.
عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ غَيْرَ الْخُسْرِ) أَيْ كَالنَّهْبِ وَالْغَرَقِ وَالسَّمَاوِيِّ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ فَقَطْ وَلَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ وَالنَّهْبَ بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ كَمَا لَا يَضْمَنُ الْخُسْرَ، وَهَذَا فِي الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ بِخِلَافِ الرَّابِعَةِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ فِيهَا السَّمَاوِيَّ وَالْخُسْرَ، وَإِذَا تَنَازَعَ الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ فِي أَنَّ التَّلَفَ وَقَعَ زَمَنَ الْمُخَالَفَةِ أَوْ بَعْدَهَا صُدِّقَ الْعَامِلُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ وَقَعَ بَعْدَ زَمَنِهَا كَمَا فِي ح عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ كَأَنْ زَرَعَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ إذَا اشْتَرَى بِالْمَالِ طَعَامًا وَآلَةً لِلْحَرْثِ أَوْ اكْتَرَى آلَةً وَآجَرَ أَوْ زَرَعَ بِمَحَلِّ جَوْرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَوْ عَمِلَ بِالْمَالِ فِي حَائِطِ غَيْرِهِ مُسَاقَاةً بِمَحَلِّ جَوْرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ بِأَنْ كَانَ لَا حُرْمَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا جَاهَ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنًا لِلْمَالِ إذَا تَلِفَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ بِنَهْبٍ أَوْ سَارِقٍ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ لِلْعَامِلِ حُرْمَةٌ وَجَاهٌ وَنُهِبَ الزَّرْعُ أَوْ الثَّمَرُ أَوْ سُرِقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ كَانَ الْمَحَلُّ جَوْرًا بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ عَيْنًا) حَالٌ مِنْ الْهَاءِ فِي حَرَّكَهُ أَيْ أَوْ حَرَّكَ الْعَامِلُ مَالَ الْقِرَاضِ حَالَةَ كَوْنِهِ عَيْنًا بَعْدَ مَوْتِ رَبِّ الْمَالِ وَعِلْمِهِ بِمَوْتِهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَوْ حَرَّكَهُ أَنَّهُ يَضْمَنُ بِالتَّحْرِيكِ بَعْدَ عِلْمِهِ بِمَوْتِ رَبِّهِ سَوَاءٌ حَرَّكَهُ بِبَلَدِ رَبِّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ، وَقَيَّدَ ابْنُ يُونُسَ الضَّمَانَ بِالْأَوَّلِ،، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَلَهُ تَحْرِيكُهُ وَلَوْ عَلِمَ بِمَوْتِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّ السَّفَرَ عَمَلٌ كَشَغْلِ الْمَالِ وَلَمْ يَعْتَمِدْ الْمُصَنِّفُ تَقْيِيدَهُ وَظَاهِرُ كَلَامِ بَهْرَامَ اعْتِمَادُ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَيَضْمَنُ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّجَرَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِلْقِرَاضِ وَالرِّبْحُ لَهُ فِي الْأُولَى.
وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَالرِّبْحُ كُلُّهُ لِلْوَرَثَةِ وَلَا شَيْءَ فِيهِ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ شُبْهَةً وَقِيلَ يَضْمَنُ لِخَطَئِهِ عَلَى مَالِ الْوَارِثِ وَالْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ) أَيْ مَالُ الْقِرَاضِ غَيْرَ عَيْنٍ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ بِتَحْرِيكِهِ وَلَيْسَ لِلْوَرَثَةِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ كَمَا أَنْ مُوَرِّثَهُمْ كَذَلِكَ
(قَوْلُهُ أَوْ شَارَكَ الْعَامِلُ غَيْرَهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ بِلَا إذْنٍ فَيَضْمَنُ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَسْتَأْمِنْ غَيْرَهُ وَمَحَلُّ الضَّمَانِ إذَا شَارَكَ بِلَا إذْنٍ إذَا غَابَ شَرِيكُ الْعَامِلِ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الْمَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ صَاحِبَ مَالٍ أَوْ كَانَ عَامِلًا.
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَضْمَنْ إذَا تَلِفَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْتَمَدَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ شَارَكَ عَامِلًا آخَرَ) أَيْ هَذَا إذَا شَارَكَ عَامِلُ الْقِرَاضِ صَاحِبَ مَالٍ آخَرَ بَلْ، وَإِنْ شَارَكَ عَامِلًا آخَرَ لِرَبِّ الْقِرَاضِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ) أَيْ بِنَسِيئَةٍ فَيَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَهُ لِلضَّيَاعِ فَالرِّبْحُ لَهُمَا وَالْخَسَارَةُ عَلَى الْعَامِلِ عَلَى الْمَشْهُورِ اهـ.
خش.
(قَوْلُهُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ أَوْ حَرَّكَهُ بَعْدَ مَوْتِهِ عَيْنًا إلَى هُنَا وَلَا يَتَأَتَّى رُجُوعُهُ لِلزَّرْعِ وَالْمُسَاقَاةِ بِمَحَلِّ جَوْرٍ لَهُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَأْذَنُ فِي تَلَفِ مَالِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَقَدْ يُقَالُ رَبُّ الْمَالِ قَدْ رَضِيَ بِالْمُخَاطَرَةِ فَلَا يَضْمَنُ الْعَامِلُ لِعَدَمِ تَعَدِّيه وَلِذَا أَرْجَعَ هَذَا الْقَيْدَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ بَابًا لِلزَّرْعِ وَالْمُسَاقَاةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَغَرِمَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ) حَاصِلُهُ أَنَّ عَامِلَ الْقِرَاضِ إذَا دَفَعَ الْمَالَ لِعَامِلٍ آخَرَ قِرَاضًا بِغَيْرِ إذْنِ رَبِّ الْمَالِ فَإِنْ حَصَلَ تَلَفٌ أَوْ خُسْرٌ فَالضَّمَانُ مِنْ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَارَضَ بِلَا إذْنٍ، وَإِنْ حَصَلَ رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ وَإِنَّمَا الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَرَبِّ الْمَالِ كَمَا سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا ثُمَّ إنْ دَخَلَ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مَعَ الثَّانِي عَلَى مِثْلِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْأَوَّلُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَظَاهِرُهُ، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَكْثَرَ مِمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مَعَ رَبِّ الْمَالِ فَإِنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَغْرَمُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي الزِّيَادَةَ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ مِنْ الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الْقِرَاضَ جُعْلٌ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَالْعَامِلُ الْأَوَّلُ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا رِبْحَ لَهُ، وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى أَقَلَّ فَالزَّائِدُ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ رِبْحًا فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْعَامِلِ الثَّانِي رِبْحٌ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَا يَلْزَمُ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِذَلِكَ الثَّانِي شَيْءٌ أَصْلًا كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ
تَشْبِيهٌ فِي غُرْمِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ يَعْنِي أَنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ إذَا تَاجَرَ فِي الْمَالِ فَخَسِرَ ثُمَّ دَفَعَهُ لِآخَرَ يَعْمَلُ فِيهِ بِلَا إذْنٍ مِنْ رَبِّهِ فَرَبِحَ فِيهِ فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَرْجِعُ عَلَى الثَّانِي بِرَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ ثَمَانِينَ فَخَسِرَ الْأَوَّلُ أَرْبَعِينَ ثُمَّ دَفَعَ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةَ لِشَخْصٍ يَعْمَلُ فِيهِ عَلَى النِّصْفِ فِي الرِّبْحِ فَصَارَ مِائَةً فَإِنَّ رَبَّ الْمَالِ يَأْخُذُ مِنْهُ ثَمَانِينَ رَأْسَ الْمَالِ وَعَشَرَةً رِبْحَهُ وَالْعَامِلُ عَشَرَةً رِبْحَهُ وَالْعَامِلُ عَشَرَةً ثُمَّ يَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى الْأَوَّلِ بِعِشْرِينَ تَمَامَ الثَّلَاثِينَ وَلَا رُجُوعَ لِرَبِّ الْمَالِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ خُسْرَهُ قَدْ جَبَرَ هَذَا إنْ حَصَلَ الْخُسْرُ بَعْدَ عَمَلِهِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ عَمَلِ الْأَوَّلِ كَمَا لَوْ ضَاعَتْ الْأَرْبَعُونَ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ قَبْلَ عَمَلِ الْأَوَّلِ وَقَبْلَ دَفْعِ الْأَرْبَعِينَ الْبَاقِيَةِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي وَإِطْلَاقُ الْخُسْرِ عَلَى مَا قَبْلَ الْعَمَلِ مَجَازٌ فَالْمُرَادُ النَّقْصُ (وَالرِّبْحُ لَهُمَا) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ الْأَوَّلِ لِتَعَدِّيهِ وَعَدَمِ عَمَلِهِ وَشَبَّهَ بِمَا تَضَمَّنَهُ قَوْلَهُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا مِنْ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ قَوْلُهُ (كَكُلِّ آخِذِ مَالٍ لِلتَّنْمِيَةِ) لِرَبِّهِ غَيْرَ الْقِرَاضِ كَوَكِيلٍ عَلَى بَيْعِ شَيْءٍ وَمُبْضِعٍ مَعَهُ (فَتَعَدَّى) فَلَا رِبْحَ لَهُ بَلْ لِرَبِّ الْمَالِ كَأَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِعَشَرَةٍ فَبَاعَهَا بِأَكْثَرَ فَالزَّائِدُ لِرَبِّهَا لَا لِلْوَكِيلِ وَكَأَنْ يُبْضِعَ مَعَهُ عَشَرَةً لِيَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا عَبْدًا أَوْ طَعَامًا مَا مِنْ مَحَلِّ كَذَا فَاشْتَرَاهُ بِثَمَانِيَةٍ فَالزَّائِدُ وَهُوَ الِاثْنَانِ لِرَبِّ الْمَالِ لَا لِلْمُشْتَرِي هَذَا مَعْنَاهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُشْكِلٌ إذْ مِثْلُ هَذَا لَا يُقَالُ فِيهِ مُتَعَدٍّ وَالتَّنْمِيَةُ هُنَا غَيْرُ لَازِمَةٍ إذْ قَدْ يَكُونُ ذَلِكَ لِلتَّنْمِيَةِ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.
وَأَمَّا إذَا بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ كَمَا أَمَرَهُ فَاتَّجَرَ فِي الْعَشَرَةِ حَتَّى يَحْصُلَ فِيهَا رِبْحٌ أَوْ أَنَّ الْمُبْضِعَ مَعَهُ اشْتَرَى بِالْعَشَرَةِ سِلْعَةً غَيْرَ مَا أَمَرَهُ بِإِبْضَاعِهَا فَرَبِحَ فِيهَا فَالرِّبْحُ لِلْوَكِيلِ فِيهِمَا كَالْمُودِعِ يَتَّجِرُ فِي الْوَدِيعَةِ وَالْغَاصِبِ وَالْوَصِيِّ وَالسَّارِقِ إذَا حَرَّكُوا الْمَالَ فَرَبِحُوا فَالرِّبْحُ لَهُمْ كَمَا أَنَّ الْخَسَارَةَ عَلَيْهِمْ (لَا إنْ نَهَاهُ) أَيْ لَا إنْ نَهَى رَبَّ الْمَالِ عَامِلُهُ (عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْعَمَلِ وَانْحَلَّ عَقْدُ الْقِرَاضِ حِينَئِذٍ فَإِنْ تَعَدَّى وَعَمِلَ فَالرِّبْحُ لَهُ فَقَطْ كَمَا أَنَّ الْخَسَارَةَ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّ الْعَامِلَ لَا شَيْءَ لَهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ رِبْحٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ فِي غُرْمِ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ) أَيْ تَشْبِيهٌ تَامٌّ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ الْأَوَّلَ يَغْرَمُ فِي الْمَحَلَّيْنِ لِلْعَامِلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَخَسِرَ) أَيْ أَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ضَيَاعِ بَعْضِهِ أَوَنَقْصِهِ بِتَعَدٍّ فَلَا مَفْهُومَ لِلْخُسْرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الثَّانِي عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) قَالَ بْن مَحَلُّ غُرْمِ الْأَوَّلِ لِلثَّانِيَّ مَا خَصَّهُ مِنْ الرِّبْحِ الَّذِي أَخَذَهُ رَبُّ الْمَالِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْعَامِلُ الثَّانِي بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ أَوْ خُسْرِهِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ فَخَسِرَ الْأَوَّلُ) أَيْ أَوْ نَقَصَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ ضَيَاعٍ أَوْ تَعَدٍّ (قَوْلُهُ فَالْمُرَادُ النَّقْصُ) أَيْ فَالْمُرَادُ أَنَّهُ نَقَصَ قَبْلَ عِلْمِهِ بِضَيَاعٍ أَوْ تَعَدٍّ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ إذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ) أَيْ.
وَأَمَّا التَّعَدِّي بِالْمُشَارَكَةِ أَوْ الْبَيْعِ بِدَيْنٍ فَلَهُ الرِّبْحُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ وَالتَّلَفُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ كَكُلِّ آخِذِ مَالٍ لِلتَّنْمِيَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا رِبْحَ لَهُ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ فِي الْأَوَّلِ فِي الْمُشَبَّهِ لَا رِبْحَ لَهُ (قَوْلُهُ لَا يُقَالُ فِيهِ مُتَعَدٍّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَعَدِّيَ مَنْ فَعَلَ فِي شَيْءِ غَيْرِهِ مَا يَضُرُّ بِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ الْمُصَنِّفُ بِالتَّعَدِّي مُطْلَقَ الْمُخَالَفَةِ.
(قَوْلُهُ وَالتَّنْمِيَةُ هُنَا غَيْرُ لَازِمَةٍ) هَذَا إشَارَةٌ إلَى اعْتِرَاضٍ ثَانٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ كَوْنَ الْوَكِيلِ وَالْمُبْضَعِ مَعَهُ آخِذًا لِلْمَالِيِّ عَلَى وَجْهِ التَّنْمِيَةِ لَا يَظْهَرُ إذْ قَدْ يَكُونُ التَّوْكِيلُ وَالْإِبْضَاعُ لِلتَّنْمِيَةِ وَقَدْ لَا يَكُونَانِ لِلتَّنْمِيَةِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّنْمِيَةِ مَا يَشْمَلُ فِعْلَ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ كَذَا قِيلَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَالرِّبْحُ لِلْوَكِيلِ فِيهِمَا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ إذَا حَصَلَ خُسْرٌ فَهُوَ عَلَيْهِ وَحْدَهُ قَالَ شَيْخُنَا: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا تَعَدَّى لَا رِبْحَ لَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَعَدِّيهِ فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا أَمَرَ بِالْبَيْعِ بِهِ أَوْ كَانَ تَعَدِّيهِ بِالتَّجْرِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْمُبْضَعُ مَعَهُ لَا رِبْحَ لَهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَدَّى بِالتَّجْرِ فِي الْمَالِ الَّذِي دُفِعَ لَهُ لِيَشْتَرِيَ بِهِ سِلْعَةً كَذَا أَوْ كَانَ تَعَدِّيهِ بِاشْتِرَائِهِ السِّلْعَةَ بِأَقَلَّ مِمَّا مَرَّ بِهِ فَلَا فَرْقَ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ التَّفْرِقَةِ قَدْ تَبِعَ فِيهِ تت، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ الْغَاصِبُ وَالْمُودِعُ وَالْوَصِيُّ إذَا حَرَّكُوا فَلَهُمْ الرِّبْحُ، وَعَلَيْهِمْ الْخُسْرُ وَالْمُبْضَعُ مَعَهُ وَالْوَكِيلُ إذَا خَالَفُوا فَلَا شَيْءَ لَهُمْ مِنْ الرِّبْحِ وَعَامِلُ الْقِرَاضِ إذَا شَارَكَ أَوْ بَاعَ بِدَيْنٍ فَعَلَيْهِ الْخُسْرُ وَالرِّبْحُ لَهُ مَعَ رَبِّ الْمَالِ، وَإِذَا قَارَضَ بِلَا إذْنٍ فَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَالرِّبْحُ لِلْعَامِلِ الثَّانِي مَعَ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ) لَا عَاطِفَةٌ لِمُقَدَّرٍ عَلَى مَحْذُوفٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَتَعَدَّى مَعْلُومٌ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ، وَالْأَصْلُ وَالرِّبْحُ لَهُمَا أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ إنْ لَمْ يَنْهَهُ عَنْ الْعَمَلِ قَبْلَهُ لَا الرِّبْحُ لَهُمَا إنْ نَهَاهُ وَإِنَّمَا جُعِلَ الْمَعْطُوفُ مَحْذُوفًا؛ لِأَنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا الرِّبْحَ لَهُمَا مَعَ التَّصْرِيحِ بِهِ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ لَهُمَا الْمَذْكُورَ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي، وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ وَصُورَتُهُ أَعْطَى الْعَامِلَ مَالًا لِيَعْمَلَ فِيهِ قِرَاضًا ثُمَّ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ بِهِ قَالَ لَهُ يَا فُلَانُ لَا تَعْمَلْ فَحِينَئِذٍ يَنْحَلُّ عَقْدُ الْقِرَاضِ وَيَصِيرُ الْمَالُ كَالْوَدِيعَةِ فَإِذَا عَمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَ الرِّبْحُ لِلْعَامِلِ وَحْدَهُ وَظَاهِرُهُ.
وَلَوْ أَقَرَّ الْعَامِلُ أَنَّهُ اشْتَرَى الْقِرَاضَ بَعْدَ مَا نَهَاهُ، وَهُوَ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ اشْتَرَى بَعْدَ مَا نَهَاهُ لِلْقِرَاضِ فَالرِّبْحُ لَهُمَا لِالْتِزَامِهِ لِرَبِّ الْمَالِ نَصِيبَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ (قَوْلُهُ وَانْحَلَّ عَقْدُ الْقِرَاضِ حِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْمَلَ فِيهِ
فَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا إنْ نَهَاهُ إلَخْ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَالرِّبْحُ لَهُمَا الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ بَلْ لِمَا يُفْهَمُ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ إذْ عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الرِّبْحَ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ.
وَأَمَّا الْمَذْكُورُ قَبْلَهُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُمَا لِرَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ الثَّانِي فَالضَّمِيرُ فِي نَهَاهُ لِلْعَامِلِ لَا بِقَيْدِ الثَّانِي وَلَا شَكَّ فِي إجْمَالِ كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -
(أَوْ جَنَى كُلٌّ) مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْعَامِلِ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ بَدَلَ أَوْ لِعَدَمِ ظُهُورِ الْعَطْفِ أَيْ وَلَوْ جَنَى كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى بَعْضِ مَالِ الْقِرَاضِ (أَوْ أَخَذَ) أَحَدُهُمَا (شَيْئًا) مِنْهُ قَرْضًا (فَكَأَجْنَبِيٍّ) فَيُتْبَعُ بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ بِالرِّبْحِ وَرَأْسُ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ الْجِنَايَةِ وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ رَبَّهُ إنْ كَانَ هُوَ الْجَانِي فَقَدْ رَضِيَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ اُتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ كَالْأَجْنَبِيِّ وَلَا رِبْحَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الْأَخْذِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ
(وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ) أَيْ الْعَامِلِ (مِنْ رَبِّهِ) أَيْ الْمَالِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى جَعْلِ رَأْسِ الْمَالِ عَرَضًا؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ رَجَعَ إلَى رَبِّهِ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِظَاهِرِهِ.
وَأَمَّا اشْتِرَاؤُهُ مِنْهُ لِنَفْسِهِ فَجَائِزٌ (أَوْ) اشْتِرَاؤُهُ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ (بِنَسِيئَةٍ) أَيْ دَيْنٍ فَيُمْنَعُ (وَإِنْ أَذِنَ) رَبُّهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ وَالرِّبْحُ لَهُ وَحْدَهُ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِرَبِّ الْمَالِ إذْ لَا رِبْحَ لِمَنْ لَا يَضْمَنُ (أَوْ) اشْتِرَاؤُهُ لِلْقِرَاضِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ مَالِهِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ قِيمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ فَلَيْسَ قَوْلُهُ إلَخْ) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى ذِكْرِ انْحِلَالِ الْعَقْدِ فِي الْحَلِّ السَّابِقِ إذْ الْعَقْدُ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ إذْ عُلِمَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ أَوَّلِ الْكَلَامِ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الثَّانِي) أَيْ بَلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَامِلٌ
(قَوْلُهُ أَوْ جَنَى كُلٌّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَامِلَ وَرَبَّ الْمَالِ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ أَوْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا شَيْئًا مِنْهُ قَرْضًا فَإِنَّ حُكْمَهُ كَجِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَيْ فَيَكُونُ الْبَاقِي بَعْدَ الْأَخْذِ أَوْ الْجِنَايَةِ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ لِذَلِكَ الْبَاقِي.
وَأَمَّا مَا ذَهَبَ بِالْجِنَايَةِ أَوْ بِالْأَخْذِ قَرْضًا فَيُتْبَعُ بِهِ الْجَانِي أَوْ الْآخِذُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ الْآخِذُ أَوْ الْجَانِي هُوَ الْعَامِلُ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْآخِذُ أَوْ الْجَانِي رَبَّ الْمَالِ فَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَارَضَ بِمَا بَقِيَ فَيَكُونُ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ خَاصَّةً وَيَكُونُ الرِّبْحُ لَهُ (قَوْلُهُ وَالْمُنَاسِبُ التَّعْبِيرُ بِلَوْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَدْخُولَ أَوْ عَطْفٌ عَلَى الشَّرْطِ وَجَوَابِهِ بِالنِّسْبَةِ لِهَذَيْنِ قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ وَفِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَيْسَ لَهُمَا فَيَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ فِي هَذَيْنِ لِإِخْرَاجِهِمَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُمَا مِمَّا الرِّبْحُ فِيهِ لَهُمَا مَعَ أَنَّ الرِّبْحَ فِي هَذَيْنِ لَهُمَا (قَوْلُهُ فَكَأَجْنَبِيٍّ) أَيْ فَحُكْمُهُ حُكْمُ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ فَيُتْبَعُ) أَيْ الْآخِذُ وَالْجَانِي بِمَا أَخَذَهُ وَمَا أَتْلَفَهُ بِجِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ جِنَايَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَجِنَايَةِ الْعَامِلِ أَوْ أَخْذِهِ بَعْضَهُ قَرْضًا (قَوْلُهُ وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ) أَيْ الْمَأْخُوذُ قَرْضًا أَوْ التَّالِفُ بِالْجِنَايَةِ بِالرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ إنَّمَا يَجْبُرُ الْخُسْرَ وَالتَّلَفَ.
وَأَمَّا الْجِنَايَةُ وَالْأَخْذُ مِنْهُ قَرْضًا فَلَا يُجْبَرَانِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ يُتْبَعُ بِمَا جَنَى عَلَيْهِ وَالْآخِذُ قَرْضًا يُتْبَعُ بِمَا أَخَذَهُ (قَوْلُهُ وَالرِّبْحُ لَهُ خَاصَّةً) أَيْ؛ لِأَنَّهُ رَأْسُ الْمَالِ وَالرِّبْحُ إنَّمَا هُوَ لِرَأْسِ الْمَالِ وَلَا يُعْقَلُ رِبْحٌ لِلْمَأْخُوذِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُحَرِّكْ (قَوْلُهُ فَقَدْ رَضِيَ بِهِ) أَيْ بِأَنَّ الْبَاقِيَ رَأْسُ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ فِي الْجِنَايَةِ أَوْ الْأَخْذِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ فِي كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ هُوَ الْبَاقِي وَلَا يُجْبَرُ ذَلِكَ بِالرِّبْحِ، وَيُتْبَعُ الْآخِذُ بِمَا أَخَذَهُ وَالْجَانِي بِمَا جَنَى عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا قَالَ طفى.
وَأَمَّا قَوْلُ خش وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَكِنْ إنْ كَانَتْ قَبْلَهُ يَكُونُ الْبَاقِي رَأْسَ الْمَالِ.
وَأَمَّا بَعْدَهُ فَرَأْسُ الْمَالِ عَلَى أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَجْبُرُهُ وَلَا يَجْبُرُهُ إذَا حَصَلَ مَا ذُكِرَ قَبْلَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَقْتَسِمَانِ مِنْ الرِّبْحِ إلَّا مَا زَادَ عَلَى مَا يَجْبُرُ رَأْسَ الْمَالِ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْجَانِيَ وَالْآخِذَ يُتْبَعُ بِمَا أَخَذَهُ وَبِمَا جَنَى عَلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ فَالْأَوْلَى مَا قَالَهُ الشَّارِحُ
(قَوْلُهُ وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاؤُهُ مِنْ رَبِّهِ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ) أَيْ، وَأَمَّا شِرَاؤُهُ مِنْهُ سِلَعًا لِنَفْسِهِ فَهُوَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْكَرَاهَةُ) أَيْ لِئَلَّا يُتَحَيَّلَ عَلَى الْقِرَاضِ بِعَرْضٍ لِرُجُوعِ رَأْسِ الْمَالِ لِرَبِّهِ (قَوْلُهُ أَوْ اشْتِرَاؤُهُ سِلَعًا لِلْقِرَاضِ بِنَسِيئَةٍ) إنَّمَا مُنِعَ ذَلِكَ لِأَكْلِ رَبِّ الْمَالِ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ، وَقَدْ نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام فَلَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ بِالنَّسِيئَةِ لِنَفْسِهِ لَجَازَ لِلْخُلُوصِ مِنْ النَّهْيِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ إنَّ الْمَنْعَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْعَامِلُ غَيْرَ مُدِيرٍ، وَأَمَّا الْمُدِيرُ فَلَهُ الشِّرَاءُ لِلْقِرَاضِ بِالدَّيْنِ كَمَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَجِبُ أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِكَوْنِ الدَّيْنِ الَّذِي يَشْتَرِي بِهِ يَفِي مَالَ الْقِرَاضِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِهِ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَذِنَ رَبُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ بَيْعِهِ بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ وَإِلَّا جَازَ وَلَا يُقَالُ إنَّ إتْلَافَ الْمَالِ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ التَّلَفَ هُنَا غَيْرُ مُحَقَّقٍ عَلَى أَنَّ إتْلَافَ الْمَالِ الْمَمْنُوعِ أَنْ يَرْمِيَهُ فِي بَحْرٍ أَوْ نَارٍ مَثَلًا بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ أَصْلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ) أَيْ فَإِنْ فَعَلَ الْعَامِلُ وَاشْتَرَى بِنَسِيئَةٍ ضَمِنَ ذَلِكَ الْعَامِلُ مَا اشْتَرَاهُ بِالنَّسِيئَةِ وَكَانَ لَهُ رِبْحُهُ (قَوْلُهُ وَاشْتِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ) أَيْ لِأَدَائِهِ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا إذَا نَقَدَ وَأَكَلَ رِبْحَ مَا لَمْ يَضْمَنْ إذَا لَمْ يَنْقُدْ (قَوْلُهُ فَإِنْ فَعَلَ كَانَ شَرِيكًا) أَيْ إذَا لَمْ يَرْضَ رَبُّ الْمَالِ بِمَا فَعَلَهُ أَمَّا لَوْ رَضِيَ بِهِ دَفَعَ لَهُ رَبُّ الْمَالِ قِيمَةَ الْمُؤَجَّلِ وَعَدَدَ الْحَالِّ وَصَارَ الْكُلُّ رَأْسَ الْمَالِ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ بِنِسْبَةِ قِيمَةِ مَا زَادَ أَيْ إذَا كَانَ
مَا زَادَ أَوْ بِعَدَدِهِ فِي النَّقْدِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الرَّاجِحِ
(وَلَا) يَجُوزُ (أَخْذُهُ) أَيْ الْعَامِلِ قِرَاضًا آخَرَ (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ رَبِّ الْمَالِ (إنْ كَانَ) الثَّانِي (يَشْغَلُهُ) أَيْ الْعَامِلُ (عَنْ الْأَوَّلِ) وَإِلَّا جَازَ وَمَفْهُومُ مِنْ غَيْرِهِ جَوَازُهُ مِنْهُ، وَإِنْ شَغَلَهُ عَنْ الْأَوَّلِ.
(وَ) لَا يَجُوزُ (بَيْعُ رَبِّهِ سِلْعَةً) مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْعَامِلِ فَإِنْ بَاعَ فَلِلْعَامِلِ رَدُّهُ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يُحَرِّكُهُ وَيُنَمِّيه وَلَهُ حَقٌّ فِيمَا يَرْجُوهُ مِنْ الرِّبْحِ (وَجُبِرَ خُسْرُهُ) جُبِرَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَخُسْرُهُ نَائِبُ الْفَاعِلِ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَفَاعِلُهُ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الرِّبْحِ الْمُتَقَدِّمِ فِي كَلَامِهِ يَعْنِي أَنَّ رِبْحَ الْمَالِ يُجْبَرُ خُسْرُهُ إنْ كَانَ حَصَلَ فِيهِ خُسْرٌ.
(وَ) يُجْبَرُ أَيْضًا (مَا تَلِفَ) مِنْهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ أَخَذَ لِصٌّ أَوْ عَشَّارٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلْحَاقًا لِأَخْذِهِمَا بِالسَّمَاوِيِّ لَا بِالْجِنَايَةِ وَمَعْنَى جَبْرُ الْمَالِ بِالرِّبْحِ الَّذِي فِي الْبَاقِي أَنَّهُ يُكْمَلُ مِنْهُ أَصْلُ الْمَالِ ثُمَّ إنْ زَادَ شَيْءٌ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شُرِطَ، هَذَا إنْ حَصَلَ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَمَلِ بَلْ (وَإِنْ) حَصَلَ تَلَفُ بَعْضِهِ (قَبْلَ عَمَلِهِ) فِي الْمَالِ فَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِلتَّلَفِ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَكُونُ قَبْلُ تَارَةً وَبَعْدُ أُخْرَى (إلَّا أَنْ يَقْبِضَ) الْمَالَ أَيْ يَقْبِضَهُ رَبُّهُ مِنْ الْعَامِلِ أَيْ ثُمَّ يُعِيدَهُ لَهُ فَلَا يُجْبَرُ بِالرِّبْحِ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ قِرَاضًا مُؤْتَنَفًا وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْجَبْرَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا بَقِيَ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ فَأَتَاهُ رَبُّهُ بَدَلَهُ فَرَبِحَ الثَّانِي فَلَا يَجْبُرُ رِبْحُهُ الْأَوَّلَ، وَهُوَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ قِرَاضٌ ثَانٍ (وَلَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ التَّالِفِ بِيَدِ الْعَامِلِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (الْخَلَفُ) لِمَا تَلِفَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا (فَإِنْ تَلِفَ جَمِيعُهُ لَمْ يَلْزَمْ الْخَلَفُ) أَيْ لَمْ يَلْزَمْ الْعَامِلَ قَبُولُهُ، وَأَمَّا إنْ تَلِفَ بَعْضُهُ فَيَلْزَمُهُ قَبُولُهُ إنْ تَلِفَ الْبَعْضُ بَعْدَ الْعَمَلِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ.
(وَ) إذَا اشْتَرَى الْعَامِلُ سِلْعَةً لِلْقِرَاضِ فَذَهَبَ لِيَأْتِيَ لِبَائِعِهَا بِثَمَنِهَا فَوَجَدَ الْمَالَ قَدْ ضَاعَ وَأَبَى رَبُّهُ مِنْ خَلَفِهِ (لَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ) الَّتِي اشْتَرَاهَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ عَلَيْهِ وَرِبْحُهَا لَهُ وَخُسْرُهَا عَلَيْهِ
(وَإِنْ تَعَدَّدَ الْعَامِلُ) بِأَنْ أَخَذَ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ذَلِكَ الْأَكْثَرُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا بِنِسْبَةِ ذَلِكَ أَيْ بِنِسْبَةِ قِيمَتِهِ أَوْ عَدَدِهِ لِمَالِ الْقِرَاضِ
(قَوْلُهُ إنْ كَانَ الثَّانِي يَشْغَلُهُ عَنْ الْأَوَّلِ) إنَّمَا مُنِعَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ قَدْ اسْتَحَقَّ مَنْفَعَةَ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ جَوَازُهُ مِنْهُ) أَيْ وَيَجْرِي فِيهِ مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ مِنْ دَفْعِ الْمَالَيْنِ لَهُ مَعًا أَوْ مُتَعَاقِبَيْنِ قَبْلَ شَغْلِ الْأَوَّلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَيُجْبَرُ أَيْضًا مَا تَلِفَ إلَخْ) التَّلَفُ هُوَ النَّقْصُ الْحَاصِلُ لَا عَنْ تَحْرِيكٍ.
وَأَمَّا الْخُسْرُ فَهُوَ مَا نَشَأَ عَنْ تَحْرِيكٍ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَبْرِ الْخُسْرِ وَالتَّلَفِ بِالرِّبْحِ فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَكَذَلِكَ الْفَاسِدِ الَّذِي فِيهِ قِرَاضُ الْمِثْلِ.
وَأَمَّا الَّذِي فِيهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ جَبْرٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ وَرِبْحَهُ كُلَّهُ لِرَبِّ الْمَالِ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْخُسْرَ وَالتَّلَفَ يُجْبَرَانِ بِالرِّبْحِ.
وَلَوْ شَرَطَا خِلَافَهُ بِأَنْ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْبَاقِي بَعْدَ الْخُسْرِ أَوْ التَّلَفِ هُوَ رَأْسُ الْمَالِ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَحَكَى بَهْرَامُ مُقَابِلَهُ عَنْ جَمْعٍ فَقَالُوا: مَحَلُّ الْجَبْرِ مَا لَمْ يَشْتَرِطَا خِلَافَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، قَالَ بَهْرَامُ وَاخْتَارَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَهُوَ الْأَقْرَبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ إعْمَالُ الشُّرُوطِ لِخَبَرِ:«الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ» مَا لَمْ يُعَارِضْهُ نَصٌّ (قَوْلُهُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ، وَأَمَّا مَا تَلِفَ بِجِنَايَةٍ فَلَا يَجْبُرُهُ الرِّبْحُ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِهِ الْجَانِي سَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي أَجْنَبِيًّا أَوْ كَانَ هُوَ الْعَامِلُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَخْذِ لِصٍّ أَوْ عَشَّارٍ) أَيْ.
وَلَوْ عَلِمَا وَقَدَرَ عَلَى الِانْتِصَافِ مِنْهُمَا كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ الَّذِي فِي الْبَاقِي) أَيْ فِيمَا بَقِيَ بَعْدَ التَّلَفِ أَوْ الْخُسْرِ (قَوْلُهُ لِلتَّلَفِ فَقَطْ) أَيْ لَا لَهُ وَلِلْخُسْرِ؛ لِأَنَّ الْخُسْرَ إنَّمَا يَنْشَأُ بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ الْمَالَ) أَيْ بَعْدَ الْخُسْرِ أَوْ التَّلَفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ يُعِيدَهُ لَهُ) أَيْ فَيَتَّجِرَ فِيهِ فَيَحْصُلَ رِبْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُجْبَرَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ لَا يُجْبَرَ الْخُسْرُ أَوْ التَّلَفُ الْحَاصِلُ قَبْلَ قَبْضِ الْمَالِ بِالرِّبْحِ الْحَاصِلِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَهُ الْخَلَفُ) أَيْ وَلَهُ عَدَمُ الْخَلَفِ لِلْكُلِّ أَوْ الْبَعْضِ، كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ، وَإِذَا أَخْلَفَ التَّالِفُ فَفِي لُزُومِ قَبُولِ الْعَمَلِ لِذَلِكَ الْخَلَفِ تَفْصِيلٌ أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ تَلِفَ إلَخْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَلْزَمُهُ الْخَلَفُ تَلِفَ الْكُلُّ أَوْ الْبَعْضُ كَانَ التَّلَفُ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ فَإِنْ أَخْلَفَ لَزِمَ الْعَامِلَ الْقَبُولُ فِي تَلَفِ الْبَعْضِ لَا الْكُلِّ إنْ كَانَ التَّلَفُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ الْخَلَفُ) أَيْ وَلَا يُجْبَرُ التَّالِفُ بِرِبْحِ الْخَلَفِ سَوَاءٌ كَانَ التَّالِفُ كُلَّ الْمَالِ أَوْ بَعْضَهُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَرَفَةَ عَنْ التُّونُسِيِّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ الْبَعْضُ وَأَخْلَفَهُ رَبُّهُ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ تَلَفُ الْأَوَّلِ بِرِبْحِ الثَّانِي وَنَصَّ اللَّخْمِيُّ فِيمَنْ دَفَعَ لِلْعَامِلِ مِائَةً فَضَاعَ مِنْهَا خَمْسُونَ فَخَلَفَهَا صَاحِبُ الْمَالِ فَاشْتَرَى بِالْمِائَةِ سِلْعَةً فَبَاعَهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَكَانَ الْقِرَاضُ بِالنِّصْفِ أَنَّهُ يَكُونُ لِلْعَامِلِ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّ نِصْفَ السِّلْعَةِ عَلَى الْقِرَاضِ الْأَوَّلِ وَرَأْسُ مَالِهِ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ فِيهِ وَنِصْفُهَا عَلَى الْقِرَاضِ الثَّانِي وَرَأْسُ مَالِهِ خَمْسُونَ وَلَهُ نِصْفُ رِبْحِهَا وَلَا يُجْبَرُ الْأَوَّلُ بِشَيْءٍ مِنْ الرِّبْحِ الثَّانِي اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) أَيْ قَبْلَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ لَزِمَتْهُ السِّلْعَةُ) أَيْ فَلَهُ رِبْحُهَا وَعَلَيْهِ خُسْرُهَا وَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ عَلِمَ الْبَائِعُ أَنَّ الشِّرَاءَ لِلْقِرَاضِ أَمْ لَا، وَقَيَّدَهُ
مَالًا قِرَاضًا (فَالرِّبْحُ كَالْعَمَلِ) أَيْ يُنِضُّ الرِّبْحُ عَلَيْهِمَا أَوْ عَلَيْهِمْ عَلَى الْعَمَلِ كَشُرَكَاءِ الْأَبَدَانِ فَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَمَلِ وَيَخْتَلِفَا فِي الرِّبْحِ وَبِالْعَكْسِ (وَأَنْفَقَ) الْعَامِلُ أَيْ جَازَ لَهُ الْإِنْفَاقُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ عَلَى نَفْسِهِ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ بِشُرُوطٍ أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ (إنْ سَافَرَ) أَيْ شَرَعَ فِي السَّفَر أَوْ احْتَاجَ لِمَا يَشْرَعُ بِهِ فِيهِ لِتَنْمِيَةِ الْمَال وَلَوْ دُون مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَرُكُوبٍ وَمَسْكَنٍ وَحَمَّامٍ وَحِجَامَةٍ وَغُسْلٍ وَثَوْبٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ حَتَّى يَعُودَ لِوَطَنِهِ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْحَضَرِ، قَالَ اللَّخْمِيُّ: مَا لَمْ يَشْغَلْهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ، وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) الَّتِي تَزَوَّجَ بِهَا فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا لِتَنْمِيَةِ الْمَالِ فَإِنْ بَنِي سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْحَاضِرِ فَإِنْ بَنِي بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَاحْتَمَلَ الْمَالَ) الْإِنْفَاقَ بِأَنْ يَكُونَ كَثِيرًا عُرْفًا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْيَسِيرِ كَالْأَرْبَعِينَ، وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (لِغَيْرِ أَهْلِ وَحَجٍّ وَغَزْوٍ) فَإِنْ سَافَرَ لِوَاحِدٍ مِنْهَا فَلَا نَفَقَةَ لَهُ وَالْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ الْمَدْخُولُ بِهَا لَا الْأَقَارِبُ فَهُمْ كَالْأَجَانِبِ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِالسَّفَرِ لَهُمْ صِلَةَ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ كَالْحَجِّ، ثُمَّ إنْ سَافَرَ لِقُرْبَةِ كَالْحَجِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ حَتَّى فِي رُجُوعِهِ بِخِلَافِ مِنْ سَافَرَ لِأَهْلِهِ فَلَهُ النَّفَقَةُ فِي رُجُوعِهِ لِبَلَدٍ لَيْسَ لَهُ بِهَا أَهْلٌ (بِالْمَعْرُوفِ) مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْفَقَ وَالْمُرَادُ بِالْمَعْرُوفِ مَا يُنَاسِبُ (فِي الْمَالِ) أَيْ حَالَ كَوْنِ الْإِنْفَاقِ بِالْمَعْرُوفِ كَائِنًا فِي مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهِ فَلَوْ أَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ رَجَعَ بِهِ فِي مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ تَلِفَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ وَكَذَا لَوْ زَادَتْ النَّفَقَةُ عَلَى جَمِيعِ الْمَالِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى رَبِّهِ بِالزَّائِدِ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ لِلْمَالِ آفَةٌ
(وَاسْتَخْدَمَ) الْعَامِلُ أَيْ اتَّخَذَ لَهُ خَادِمًا مِنْ الْمَالِ فِي حَالِ سَفَرِهِ (إنْ تَأَهَّلَ) أَيْ كَانَ أَهْلًا لَأَنْ يُخْدَمَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَبُو الْحَسَنِ بِالثَّانِي، وَأَمَّا الْأَوَّلُ فَلَا تَلْزَمُهُ وَكَلَامُ الطَّنْجِيِّ فِي طُرَرِ التَّهْذِيبِ يَقْتَضِي عَدَمَ ارْتِضَاءِ الْقَيْدِ الْمَذْكُورِ وَأَنَّ الْمُعْتَمَدَ إبْقَاءُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْإِطْلَاقِ
(قَوْلُهُ مَالًا قِرَاضًا) أَيْ وَجُعِلَ لَهُمَا نِصْفُ الرِّبْحِ فَالرِّبْحُ الَّذِي لَهُمَا يُفَضُّ عَلَيْهِمَا عَلَى حَسَبِ عَمَلِهِمَا إذَا تَفَاوَتَا فِي الْعَمَلِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَلَا يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ اثْنَانِ مَالًا وَاحِدًا وَجُعِلَ لِوَاحِدٍ نِصْفُ الرِّبْحِ وَلِلْآخِرِ ثُلُثُهُ فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ قَدْرَ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الرِّبْحِ وَلَا يَكُونُ الْعَمَلُ عَلَيْهِمَا سَوِيَّةً (قَوْلُهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُ بِقَدْرِ عَمَلِهِ) فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ فَالْقَوْلُ لِمَنْ وَضَعَ الْمَالَ عِنْدَهُ فَإِنْ وَضَعَهُ رَبُّهُ عِنْدَهُمَا رُدَّ أَمْرُ مَا اخْتَلَفَا فِيهِ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ لِرَبِّ الْمَالِ إنْ لَمْ يَتَّفِقَا.
(قَوْلُهُ وَأَنْفَقَ إنْ سَافَرَ) أَيْ فِي زَمَنِ سَفَرِهِ وَإِقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ وَفِي حَالِ رُجُوعِهِ حَتَّى يَصِلَ لِوَطَنِهِ (قَوْلُهُ وَيُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ عِنْدَ الْمُنَازَعَةِ (قَوْلُهُ مِنْ طَعَامٍ) مِنْ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقٌ بِ أَنْفَقَ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَشْغَلْهُ) أَيْ الْعَمَلُ فِي الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ عَنْ الْوُجُوهِ الَّتِي يَقْتَاتُ مِنْهَا) كَمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ صَنْعَةٌ يُنْفِقُ مِنْهَا فَعَطَّلَهَا لِأَجْلِ عَمَلِ الْقِرَاضِ فَلَهُ الْإِنْفَاقُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ، وَهُوَ قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ) أَيْ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ بِعَدَمِ اعْتِبَارِهِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَتِهِ) أَيْ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَالْمُرَادُ بِالْبِنَاءِ الدُّخُولُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ بِهَا، قَالَ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ إنْ تَزَوَّجَ فِي بَلَدٍ لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهُ حَتَّى يَدْخُلَ فَحِينَئِذٍ تَصِيرُ بَلَدَهُ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالدَّعْوَى لِلدُّخُولِ لَيْسَتْ مِثْلَهُ فِي إسْقَاطِ النَّفَقَةِ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ فَإِنْ بَنَى سَقَطَتْ نَفَقَتُهُ) أَيْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ فَإِنْ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ بِهَا طَلَاقًا بَائِنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ تَعُودُ لَهُ النَّفَقَةُ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لِلزَّوْجَةِ، كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ تَبَعًا، لشب (قَوْلُهُ فَإِنْ بَنَى بِهَا فِي طَرِيقِهِ الَّتِي سَافَرَ فِيهَا لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ كَمَا لَوْ سَافَرَ بِهَا فَيُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الدَّوَامَ لَيْسَ كَالِابْتِدَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ فِي الْيَسِيرِ) فَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْعَامِلِ مَالَانِ يَسِيرَانِ لِرَجُلَيْنِ وَيَحْمِلَانِ بِاجْتِمَاعِهِمَا النَّفَقَةَ وَلَا يَحْمِلَانِهَا عِنْدَ انْفِرَادِهِمَا فَرَوَى اللَّخْمِيُّ أَنَّ لَهُ النَّفَقَةَ وَالْقِيَاسُ سُقُوطُهَا لِحُجَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ مَا لَا تَجِبُ فِيهِ النَّفَقَةُ اهـ.
، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِغَيْرِهِ وَلَمْ أَجِدْهَا فِي النَّوَادِرِ، وَهِيَ خِلَافُ أَصْلِ الْمَذْهَبِ فِيمَنْ جَنَى جِنَايَةً عَلَى رَجُلَيْنِ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا لَا تَبْلُغُ ثُلُثَ الدِّيَةِ وَفِي مَجْمُوعِهِمَا مَا يَبْلُغُهُ أَنَّ ذَلِكَ فِي مَالِهِ لَا عَلَى الْعَاقِلَةِ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ لِغَيْرِ أَهْلٍ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ تَنْمِيَةِ الْمَالِ أَمَّا لَوْ كَانَ سَفَرُهُ لِأَجْلِ وَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لَا فِي حَالِ ذَهَابِهِ وَلَا فِي حَالِ إقَامَتِهِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا مُطْلَقًا.
وَأَمَّا فِي حَالِ رُجُوعِهِ فَإِنْ رَجَعَ مِنْ قُرْبَةٍ فَلَا نَفَقَةَ لَهُ، وَلَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ الَّتِي رَجَعَ إلَيْهَا لَيْسَ بِهَا قُرْبَةٌ.
وَأَمَّا إنْ رَجَعَ مِنْ عِنْدِ أَهْلٍ لِبَلَدٍ لَيْسَ بِهَا أَهْلٌ فَلَهُ النَّفَقَةُ؛ لِأَنَّ سَفَرَ الْقُرْبَةِ وَالرُّجُوعَ مِنْهُ لِلَّهِ وَلَا كَذَلِكَ الرُّجُوعُ مِنْ عِنْدِ الْأَهْلِ (قَوْلُهُ الْمَدْخُولُ بِهَا) أَيْ قَدِيمًا.
وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمَةُ فَقَدْ بَنَى بِهَا حَالَ سَفَرِهِ لِلتِّجَارَةِ (قَوْلُهُ كَالْأَجَانِبِ) يَعْنِي وُجُودَهُمْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ (قَوْلُهُ بِالْمَعْرُوفِ) فَلَوْ أَنْفَقَ سَرَفًا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن
بِالشُّرُوطِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ إنْ سَافَرَ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ وَإِلَّا فَأُجْرَةُ خَادِمِهِ عَلَيْهِ كَنَفَقَةٍ (لَا دَوَاءٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ أُنْفِقَ فِي أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا لَا فِي دَوَاءٍ لِمَرَضٍ، وَلَيْسَ مِنْ الدَّوَاءِ الْحِجَامَةُ وَالْحَمَّامُ وَحَلْقُ الرَّأْسِ بَلْ مِنْ النَّفَقَةِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَاكْتَسَى إنْ بَعُدَ) أَيْ إنْ طَالَ سَفَرُهُ حَتَّى اُمْتُهِنَ مَا عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَتْ الْبَلَدُ الَّتِي أَقَامَ بِهَا غَيْرَ بَعِيدَةٍ فَالْمَدَارُ عَلَى الطُّولِ بِبَلَدِ التَّجْرِ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ وَقَوْلُهُ إنْ بَعُدَ أَيْ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ (وَوُزِّعَ) الْإِنْفَاقُ (إنْ خَرَجَ) الْعَامِلُ (لِحَاجَةٍ) غَيْرِ الْأَهْلِ وَالْقُرْبَةِ كَالْحَجِّ مَعَ خُرُوجِهِ لِلْقِرَاضِ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ وَالْقِرَاضِ فَإِذَا كَانَ مَا يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي حَاجَتِهِ مِائَةً وَمَا يُنْفِقُهُ فِي عَمَلِ الْقِرَاضِ مِائَةً فَأَنْفَقَ مِائَةً كَانَتْ الْمِائَةُ مُوَزَّعَةً نِصْفُهَا عَلَيْهِ وَنِصْفُهَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ.
وَلَوْ كَانَ الشَّأْنُ أَنَّ الَّذِي يُنْفِقُهُ عَلَى نَفْسِهِ فِي اشْتِغَالِهِ بِالْقِرَاضِ مِائَتَانِ وُزِّعَ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَقِيلَ الْمَعْنَى إنَّهُ إنْ كَانَ يُنْفِقُ عَلَى نَفْسِهِ لِلْحَاجَةِ مِائَةً وَمَالُ الْقِرَاضِ فِي ذَاتِهِ مِائَةً كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَى النِّصْفِ هَذَا إنْ أَخَذَ الْقِرَاضَ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ أَوْ التَّزَوُّدِ لِلْحَاجَةِ بَلْ (وَإِنْ) أَخَذَهُ مِنْ رَبِّهِ (بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ) لِلْخُرُوجِ لِحَاجَتِهِ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِسُقُوطِ النَّفَقَةِ مِنْ الْقِرَاضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَاَلَّذِي خَرَجَ لِأَهْلِهِ قَالَ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا
(وَإِنْ اشْتَرَى) الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (مَنْ يُعْتَقُ عَلَى رَبِّهِ عَالِمًا) بِالْقَرَابَةِ كَالْبُنُوَّةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعَامِلِ بِالشِّرَاءِ لِتَعَدِّيهِ وَلَا يُحْتَاجُ لِحَكَمٍ (إنْ أَيْسَرَ) الْعَامِلُ وَيَغْرَمُ لِرَبِّهِ ثَمَنَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ بِالشُّرُوطِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ اعْتِبَارِ الشُّرُوطِ فِي الِاسْتِخْدَامِ تَبِعَ فِيهِ الشَّيْخَ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيَّ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بْن بِدَلِيلِ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخِدْمَةُ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَكُلُّ مَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ شُرِطَ فِي الْأَخَصِّ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إنَّ عَدَمَ الْبِنَاءِ بِالزَّوْجَةِ وَكَوْنَهُ لِغَيْرِ حَجٍّ وَغَزْوٍ وَقُرْبَةٍ لَا يُعْتَبَرُ فِي الِاسْتِخْدَامِ فَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(قَوْلُهُ، وَهِيَ إنْ سَافَرَ) فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا لَا يَسْتَخْدِمُ، وَإِنْ تَأَهَّلَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِخْدَامَ مِنْ جُمْلَةِ الْإِنْفَاقِ، وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ فِي السَّفَرِ لِلتَّجْرِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ) أَيْ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا فَإِنْ بَنَى بِزَوْجَةٍ بِهَا سَقَطَ أُجْرَةُ الْخَادِمِ مِنْ الْقِرَاضِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ وَكَانَ سَفَرُهُ لِلْمَالِ لَا لِأَهْلٍ أَوْ قُرْبَةٍ كَحَجٍّ أَوْ غَزْوٍ فَإِنْ سَافَرَ لِغَيْرِ الْمَالِ كَانَتْ أُجْرَةُ الْخَادِمِ عَلَيْهِ لَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ (قَوْلُهُ وَاحْتَمَلَ الْمَالَ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْتَمِلْ لَمْ يَسْتَخْدِمْ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ إنْ طَالَ سَفَرُهُ) أَيْ بِالطَّرِيقِ أَوْ طَالَتْ إقَامَتُهُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْبِضَاعَةِ كَالْقِرَاضِ فِي النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ وَسُقُوطِهِمَا فِيهَا ثَالِثُهَا الْكَرَاهَةُ لِسَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ وَرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَصَوَّبَ، وَهُوَ اللَّخْمِيُّ وَالصَّقَلِّيُّ الثَّانِيَ ثُمَّ قَالَ عَنْ اللَّخْمِيِّ الْعَادَةُ الْيَوْمَ لَا نَفَقَةَ وَلَا كِسْوَةَ فِيهَا بَلْ إمَّا أَنْ يَعْمَلَ مُكَارَمَةً فَلَا نَفَقَةَ لَهُ أَوْ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُهَا اهـ.
بْن (قَوْلُهُ فَالْمَدَارُ عَلَى الطُّولِ بِبَلَدِ التَّجْرِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْمَدَارُ عَلَى طُولِ السَّفَرِ (قَوْلُهُ أَيْ مَعَ الشُّرُوطِ السَّابِقَةِ) أَيْ فَلَا بُدَّ فِي الْكِسْوَةِ مِنْ شُرُوطٍ خَمْسَةٍ: السَّفَرُ، وَطُولُ الْغَيْبَةِ، فِيهِ وَاحْتِمَالُ الْمَالِ لَهَا، وَلَمْ يَبْنِ بِزَوْجَةٍ، وَكَوْنُ السَّفَرِ لِلْمَالِ (قَوْلُهُ وَالطُّولُ بِالْعُرْفِ) أَيْ وَجَعَلَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ الشَّهْرَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ طُولًا مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا احْتَاجَ لِلْكِسْوَةِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ وَسَكَتَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ اشْتِرَاطِهَا (قَوْلُهُ لِوُضُوحِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْكِسْوَةَ أَخَصُّ مِنْ النَّفَقَةِ وَمَا كَانَ شَرْطًا فِي الْأَعَمِّ فَهُوَ شَرْطٌ فِي الْأَخَصِّ (قَوْلُهُ وَوُزِّعَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا سَافَرَ لِلْقِرَاضِ وَقَصَدَ مَعَهُ حَاجَةً لِنَفْسِهِ فَلَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهُ وَوُزِّعَ مَا أَنْفَقَ عَلَى الْحَاجَةِ وَالْقِرَاضِ وَقَدْ ذَكَرَ الشَّارِحُ طَرِيقَتَيْنِ فِي التَّوْزِيعِ.
وَحَاصِلُ الْأُولَى أَنَّ مَا أَنْفَقَهُ يُوَزَّعُ عَلَى النَّفَقَتَيْنِ أَيْ عَلَى مَنْ شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْقِرَاضِ وَعَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْحَاجَةِ، وَهَذَا مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْعُوفِيُّ، وَحَاصِلُ الثَّانِيَةِ أَنَّ التَّوْزِيعَ يَكُونُ عَلَى مَا شَأْنُهُ أَنْ يُنْفَقَ فِي الْحَاجَةِ وَمَبْلَغِ مَالِ الْقِرَاضِ، وَهَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَنَحْوُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَكِنْ نَظَرَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّوْزِيعِ (قَوْلُهُ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُعَارِضُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَخَذَ الْقِرَاضَ قَبْلَ الِاكْتِرَاءِ وَالتَّزَوُّدِ كَانَ خُرُوجُهُ لِلْقِرَاضِ لَا لِلْحَاجَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ إنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ أَيْ إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ لَهَا (قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ) أَعْنِي مَا إذَا أَخَذَ مَالَ الْقِرَاضِ بَعْدَ أَنْ اكْتَرَى وَتَزَوَّدَ لِخُرُوجِهِ لِحَاجَتِهِ (قَوْلُهُ وَارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ وَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ خِلَافُ نَصِّهَا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بَلْ تَعَقَّبَهُ عَلَيْهِ نَصَّهُ الصَّقَلِّيُّ فِيهَا لِمَالِكٍ إنْ خَرَجَ فِي حَاجَةٍ لِنَفْسِهِ فَأَعْطَاهُ رَجُلٌ قِرَاضًا فَلَهُ أَنْ يَفُضَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَبْلَغِ قِيمَةِ نَفَقَتِهِ وَمَبْلَغِ الْقِرَاضِ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَخَذَ قِرَاضًا وَكَانَ خَارِجًا لِحَاجَتِهِ فَمَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ لَا شَيْءَ لَهُ كَمَنْ خَرَجَ إلَى أَهْلِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ قَدْ جَعَلَ مَعْرُوفَ الْمَذْهَبِ خِلَافَ نَصِّهَا اهـ.
اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحُكْمِ) أَيْ الَّذِي هُوَ عِتْقُهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ إذَا مَلَكَهُ (قَوْلُهُ وَيَغْرَمُ لِرَبِّهِ ثَمَنَهُ) أَيْ
مَا عَدَا رِبْحَهُ إنْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً بَاعَهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَاشْتَرَى بِهَا ابْنُ رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِهِ عَتَقَ عَلَيْهِ وَدَفَعَ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ إنْ كَانَا عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَلَا يَلْزَمُ رَدُّهَا لِلْعَامِلِ قِرَاضًا وَلَا الْعَامِلَ قَبُولُهَا (وَإِلَّا) يَكُنْ الْعَامِلُ مُوسِرًا (بِيعَ) مِنْهُ (بِقَدْرِ ثَمَنِهِ) أَيْ بِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ.
(وَ) قَدْرِ (رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ رَبِّ الْمَالِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ شِرَاءِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ فَيُبَاعُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ (وَعَتَقَ بَاقِيه) قَلَّ أَوْ كَثُرَ، وَالْوَلَاءُ لِرَبِّ الْمَالِ فَفِي الصُّورَتَيْنِ.
(وَ) إنْ اشْتَرَاهُ الْعَامِلُ (غَيْرَ عَالَمٍ) بِالْقَرَابَةِ (فَعَلَى رَبِّهِ) يُعْتَقُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ لَا عَلَى الْعَامِلِ لِعُذْرِهِ بِعَدَمِ عِلْمِهِ (وَ) عَلَى رَبِّهِ (لِلْعَامِلِ رِبْحُهُ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَالِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ لَا فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ فِي الْمِثَالِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ خَمْسِينَ نَظَرًا لِرِبْحِ الْعَبْدِ، وَهَذَا إذَا كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُوسِرًا وَإِلَّا بَقِيَ حَظُّ الْعَامِلِ رِقًّا لَهُ.
(وَ) إنْ اشْتَرَى الْعَامِلُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَعَلِمَ) بِالْقَرَابَةِ كَبُنُوَّتِهِ (عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَامِلِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ شَرِيكٌ وَتَبِعَهُ رَبُّ الْمَالِ (بِالْأَكْثَرِ مِنْ قِيمَتِهِ وَثَمَنِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَكْثَرِ الْمَذْكُورِ وَعِتْقُهُ عَلَى الْعَامِلِ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَيَغْرَمُ الْعَامِلُ لِرَبِّهِ ثَمَنَ الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (قَوْلُهُ مَا عَدَا رِبْحِهِ) أَيْ رِبْحِ الْعَامِلِ الْكَائِنِ فِي الْمَالِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ، وَهَذَا إذَا أُرِيدَ الْمُفَاصَلَةُ فَإِنْ أُرِيدَ إبْقَاءُ الْقِرَاضِ فَإِنَّ الْعَامِلَ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ ثَمَنَهُ كُلَّهُ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ) أَيْ، وَأَمَّا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَعْدَ الشِّرَاءِ فَهُوَ هَدَرٌ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ كَانَ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ عَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ ثَمَنَهُ بِتَمَامِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهُ مِائَةً يَعْمَلُ فِيهَا قِرَاضًا بِالنِّصْفِ فَاشْتَرَى بِهَا ابْنَ رَبِّ الْمَالِ عَالِمًا بِأَنَّهُ ابْنُهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَيَدْفَعُ لِرَبِّ الْمَالِ الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا فَقَطْ.
وَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ (قَوْلُهُ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الرِّبْحَ الْحَاصِلَ بَعْدَ الشِّرَاءِ هَدَرٌ (قَوْلُهُ وَلَا الْعَامِلَ قَبُولُهَا) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ الْعَامِلَ قَبُولُهَا لَوْ رَدَّهَا عَلَيْهِ رَبُّ الْمَالِ لِيَعْمَلَ فِيهَا قِرَاضًا (قَوْلُهُ وَإِلَّا بِيعَ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ وَرِبْحِهِ) هَذَا إذَا وُجِدَ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا مَنْ يَشْتَرِي كُلَّهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَحَظُّ رَبِّهِ مِنْ الرِّبْحِ بِيعَ كُلُّهُ فِي الْأَوَّلِ وَأَكْثَرُهُ فِي الثَّانِي وَيَأْخُذُ الْعَامِلُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَحِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ فِيهِ وَكَذَا رَبُّ الْمَالِ وَقَوْلُهُمْ لَا يَرْبَحُ الشَّخْصُ فِيمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ حَيْثُ عَتَقَ وَأَخَذَ حَظَّهُ مِنْ الرِّبْحِ.
وَأَمَّا إنْ بِيعَ كَمَا هُنَا فَيُرْجَعُ فِيهِ (قَوْلُهُ وَرِبْحُهُ قَبْلَهُ) أَيْ وَرِبْحُهُ الْحَاصِلُ قَبْلَهُ لَا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ هَدَرٌ فَلَوْ كَانَ أَصْلُ الْقِرَاضِ مِائَةً فَاتَّجَرَ بِهَا الْعَامِلُ فَرَبِحَ مِائَةً وَاشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ ابْنَ رَبِّ الْمَالِ وَكَانَ هَذَا الِابْنُ يُسَاوِي ثَلَثَمِائَةٍ وَقْتَ الشِّرَاءِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ مِنْهُ النِّصْفُ مِائَةُ رَأْسِ الْمَالِ وَخَمْسُونَ حِصَّةُ رَبِّ الْمَالِ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَيُعْتَقُ مِنْهُ النِّصْفُ؛ لِأَنَّ حِصَّةَ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ خَمْسُونَ أَفْسَدَهَا عَلَى نَفْسِهِ بِعَمَلِهِ وَالْمِائَةُ الرِّبْحُ فِي نَفْسِ الْعَبْدِ هَدَرٌ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ) أَيْ رِبْحٌ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ.
وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ رِبْحٌ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ الْقِرَاضِ قَبْلَ أَنْ يَحْصُلَ فِيهِ رِبْحٌ بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثَمَنِهِ فَقَطْ (قَوْلُهُ فِي الصُّورَتَيْنِ) أَيْ مَا إذَا عَتَقَ كُلُّهُ لِكَوْنِ الْعَامِلِ مُوسِرًا وَمَا إذَا عَتَقَ بَعْضُهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا وَإِنَّمَا كَانَ الْوَلَاءُ لِرَبِّهِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَمَّا عَلِمَ بِالْقَرَابَةِ وَاشْتَرَاهُ صَارَ كَأَنَّهُ الْتَزَمَ عِتْقَهُ عَنْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ خَمْسِينَ نَظَرًا لِرِبْحِ الْعَبْدِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَغْرَمُ لَهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فَقَطْ الَّتِي هِيَ حِصَّتُهُ مِنْ رِبْحِ الْمَالِ الْحَاصِلِ قَبْلَ شِرَاءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا بَقِيَ حَظُّ الْعَامِلِ رِقًّا لَهُ) أَيْ فَلَهُ بَيْعُهُ وَلَا تَقُومُ الْحِصَّةُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ إذَا تَنَازَعَا فِي الْعِلْمِ بِالْقَرَابَةِ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ) أَيْ بِالْحُكْمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ نَظَرًا لِكَوْنِهِ أَجِيرًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا نُظِرَ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا فَعِتْقُ الْعَبْدِ عَلَى الْعَامِلِ، وَإِنْ نُظِرَ لِكَوْنِهِ أَجِيرًا يَتَوَقَّفُ الْعِتْقُ عَلَى الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا كَمَا فِي بْن فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ تَبِعَهُ بِهَا؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَخَذَهُ لِيُنَمِّيَهُ لِصَاحِبِهِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِرِبْحِهِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ تَبِعَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتْلَفَهُ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِقَرْضِهِ فِي قَرِيبِهِ (قَوْلُهُ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الْأَكْثَرِ إلَخْ) فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً رَأْسَ مَالٍ فَرَبِحَ فِيهَا خَمْسِينَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَلَدَ نَفْسِهِ عَالِمًا بِأَنَّهُ وَلَدُهُ عَتَقَ عَلَيْهِ ثُمَّ إنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ وَالْحَالُ أَنَّهُ يُسَاوِي مِائَةً يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ الثَّمَنَ، وَهُوَ الْمِائَةُ وَالْخَمْسُونَ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي الثَّمَنِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ أَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ وَالْحَالُ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ قِيمَتَهُ، وَهِيَ الْمِائَتَانِ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ فِي ثَمَنِهِ، وَهِيَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَمَا عَدَا حِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ فِيهِ وَهِيَ أَيْضًا خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ فِي الْمَالِ) أَيْ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ كَالْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ مِائَةً فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً بَاعَهَا
بَلْ (وَلَوْ)(لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ) الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ (فَضْلٌ) أَيْ رِبْحٌ بِأَنْ اشْتَرَاهُ بِرَأْسِ الْمَالِ أَوْ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ قَبْضِهِ الْمَالَ تَعَلَّقَ لَهُ بِهِ حَقٌّ فَصَارَ شَرِيكًا (وَإِلَّا) يَعْلَمْ بِالْقَرَابَةِ (فَبِقِيمَتِهِ) يُعْتَقْ يَوْمَ الْحُكْمِ وَلَوْ كَانَتْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ أَيْ مَا عَدَا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ مِنْهَا فَلَا يَغْرَمُهَا فَإِذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً اشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْقَرَابَةِ وَكَانَتْ قِيمَته يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةً وَخَمْسِينَ غَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسَةً وَعِشْرِينَ حَيْثُ كَانَ الرِّبْحُ عَلَى الْمُنَاصَفَةِ وَمَحَلُّ عِتْقِهِ بِالْقِيمَةِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ رَقِيقًا لِرَبِّ الْمَالِ بِخِلَافِ حَالَةِ الْعِلْمِ فَلَا يُرَاعَى فِيهَا الْفَضْلُ وَلِذَا أَخَّرَ حَالَةَ عَدَمِ الْعِلْمِ عَنْ الْمُبَالَغَةِ (إنْ أَيْسَرَ) الْعَامِلُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي صُورَتَيْ الْعِلْمِ وَعَدَمِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ مُوسِرًا فِيهِمَا (بِيعَ) مِنْهُ (بِمَا وَجَبَ) عَلَى الْعَامِلِ مِمَّا تَقَدَّمَ لِرَبِّ الْمَالِ وَعَتَقَ الْبَاقِي وَاَلَّذِي وَجَبَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ الْأَكْثَرُ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ حَالَ الْعِلْمِ وَالْقِيمَةُ فَقَطْ حَالَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِغَيْرِ رِبْحِ الْعَامِلِ فِي الْحَالَيْنِ (وَإِنْ أَعْتَقَ) الْعَامِلُ عَبْدًا (مُشْتَرًى لِلْعِتْقِ) أَيْ اشْتَرَاهُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ لِلْعِتْقِ وَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ عَتَقَ عَلَيْهِ وَ (غَرِمَ ثَمَنَهُ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (وَرِبْحَهُ) أَيْ الرِّبْحُ الْحَاصِلُ قَبْلَ الشِّرَاءِ.
وَأَمَّا الرِّبْحُ الْحَاصِلُ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ غُرْمَهُ.
(وَ) إنْ اشْتَرَاهُ (لِلْقِرَاضِ) فَأَعْتَقَهُ، وَهُوَ مُوسِرٌ غَرِمَ لِرَبِّهِ (قِيمَتَهُ يَوْمَئِذٍ) أَيْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَاشْتَرَى الْعَبْدَ بِالْمِائَةِ وَالْخَمْسِينَ
(قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ إلَخْ) رَدَّ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى الْمُغِيرَةِ الْقَائِلِ إنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ رِبْحٌ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ حَقُّهُ بِالْمَالِ وَلَا يَكُونُ شَرِيكًا إلَّا إذَا حَصَلَ رِبْحٌ فِيهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ رِبْحٌ لَمْ يَتَعَلَّقْ حَقُّهُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْعَامِلُ كَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي مِلْكِهِ حَتَّى يَعْتِقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِعِتْقِ الْعَبْدِ عَلَى الْعَامِلِ فِي الْحَالَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ فَضْلٌ وَلَوْ عَلَّلَ الشَّارِحُ بِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ شُدِّدَ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَلِأَنَّهُ بِسَبَبِ عِلْمِهِ كَأَنَّهُ تَسَلَّفَ الْمَالَ كَمَا لَبَن كَانَ أَنْسَبَ بِمَا يَأْتِي فِي السِّوَادَةِ الْآتِيَةِ مِنْ تَقْيِيدِ الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَبِقِيمَتِهِ يَعْتِقُ) أَيْ وَإِلَّا يَعْلَمْ بِقَرَابَتِهِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُقَابَلَةِ قِيمَتِهِ الَّتِي يَغْرَمُهَا لِرَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا عَدَا إلَخْ) خِلَافًا لِمَا يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ كُلَّ الْقِيمَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ حِصَّةِ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ كَائِنَةً مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ مِائَةً وَخَمْسِينَ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَتَيْنِ غَرِمَ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسِينَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) أَيْ إذَا كَانَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ زِيَادَةٌ عَلَى رَأْسِ الْمَالِ لِكَوْنِهِ حَصَلَ فِيهِ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ وَيَكُونُ رَقِيقًا لِرَبِّ الْمَالِ) كَذَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ فَلَا شَرِكَةَ فَلَا يُتَصَوَّرُ عِتْقٌ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ وَبِهَذَا التَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الشَّارِحِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً اشْتَرَى بِهَا قَرِيبَهُ إلَخْ فِيهِ تَسَامُحٌ وَالْأَوْلَى فَاشْتَرَى بِهَا سِلْعَةً بَاعَهَا بِمِائَةٍ وَعَشْرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِهِمَا قَرِيبَهُ إلَخْ وَإِلَّا كَانَ مُنَاقِضًا لِمَا فِي آخِرِ الْكَلَامِ مِنْ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فَلَا يُرَاعَى إلَخْ) أَيْ بَلْ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ فَضْلٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَتَقَ بِشِرَائِهِ عَالِمًا لِتَعَدِّيهِ (قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعَامِلَ إذَا عَلِمَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْأَكْثَرِ مِنْ الْقِيمَةِ وَالثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَتَقَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ فِي الْمَالِ فَضْلٌ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْعَامِلُ مُوسِرًا فِيهِمَا (قَوْلُهُ بِيعَ بِمَا وَجَبَ إلَخْ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ ثَمَنُهُ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ عَلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ فَإِنْ زَادَ بِيعَ لَهُ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحُكْمِ وَتَبِعَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ رِبْحِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِائَةً اتَّجَرَ فِيهَا فَرَبِحَتْ مِائَةً فَاشْتَرَى بِالْمِائَتَيْنِ قَرِيبَهُ وَالْحَالُ أَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَإِنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِالْقَرَابَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُعْسِرٌ بِيعَ مِنْهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي، وَهُوَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَتَبِعَ رَبُّ الْمَالِ الْعَامِلَ فِي ذِمَّتِهِ بِخَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ بِالْقَرَابَةِ لَمْ يَتْبَعْهُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُبَعْ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ رَأْسِ مَالِهِ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ خَمْسُونَ فِي حَالَةِ عِلْمِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَتَحَصَّلَ أَنَّ فِي كُلٍّ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ عَلَى رَبِّ الْمَالِ أَرْبَعُ صُوَرٍ: الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ يَضْرِبَانِ فِي الْيُسْرِ وَالْعُسْرِ فَإِنْ نَظَرْت فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَى الْعَامِلِ لِكَوْنِ الْمَالِ فِيهِ فَضْلٌ أَمْ لَا كَانَتْ صُوَرُهُ ثَمَانِيَةً وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ يَوْمُ الْحُكْمِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ لِلْعِتْقِ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَعْتِقَهُ (قَوْلُهُ غَرِمَ ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنَ رَبِّ الْمَالِ الَّذِي هُوَ رَأْسُ مَالِهِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْعَبْدَ وَقَوْلُهُ وَرِبْحَهُ أَيْ رِبْحَ الثَّمَنِ أَيْ غَرِمَ حِصَّتَهُ رَبُّ الْمَالِ مِنْ رِبْحِ الثَّمَنِ الْحَاصِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ إنْ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَلَّفٌ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ مِنْ الْمُصَنِّفِ غُرْمَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ وَرِبْحُهُ رَاجِعٌ لِلْعَبْدِ لَا لِلثَّمَنِ
يَوْمَ الْعِتْقِ وَقِيلَ يَوْمَ الشِّرَاءِ (إلَّا رِبْحَهُ) وَفِي نُسْخَةٍ لَا رِبْحُهُ، وَهِيَ أَصْوَبُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ وَرِبْحُهُ بِالْإِثْبَاتِ فَخَطَأٌ أَيْ حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْعَبْدِ فَلَا يَغْرَمُهَا (فَإِنْ أَعْسَرَ) الْعَامِلُ فِي حَالَتَيْ شِرَائِهِ لِلْعِتْقِ وَالْقِرَاضِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ (بِيعَ مِنْهُ بِمَا) يَجِبُ (لِرَبِّهِ) ، وَهُوَ الثَّمَنُ وَرِبْحُهُ فِي الْأُولَى وَقِيمَتُهُ فَقَطْ فِي الثَّانِيَةِ وَعَتَقَ عَلَى الْعَامِلِ مَا بَقِيَ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ
(وَإِنْ وَطِئَ) الْعَامِلُ (أَمَةً) مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ أَوْ الْقِرَاضِ (قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى) أَيْ فَرَبُّهَا، وَهُوَ رَبُّ الْمَالِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَتْرُكَهَا لِلْعَامِلِ بِقِيمَتِهَا أَوْ يُبْقِيَهَا لِلْقِرَاضِ (إنْ لَمْ تَحْمِلْ) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقِيلَ بَلْ تُتْرَكُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّهَا الْأَكْثَرُ مِنْ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُهُ وَسَوَاءٌ أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ لَكِنَّهُ إنْ أَعْسَرَ بِيعَتْ أَوْ بَعْضُهَا لِوَفَاءِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ ثَمَنٍ، وَأَمَّا إنْ حَمَلَتْ فَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ) حَمَلَتْ وَ (أَعْسَرَ) أَيْ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَقَدْ اشْتَرَاهَا لِلْقِرَاضِ فَيُعَمَّمُ فِيمَا إذَا لَمْ نَحْمِلْ مِنْ وَجْهَيْنِ الْعُسْرِ وَالْيُسْرِ وَالشِّرَاءِ لِلْقِرَاضِ أَوْ الْوَطْءِ وَيَخُصُّ مَا إذَا حَمَلَتْ بِالشِّرَاءِ لِلْقِرَاضِ وَبِمَا إذَا أَعْسَرَ كَمَا ذَكَرَهُ (أَتْبَعَهُ) رَبُّ الْمَالِ إنْ شَاءَ بِدَلِيلِ مُقَابِلِهِ (بِهَا) أَيْ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَوْمَ الْحَمْلِ وَتُجْعَلُ فِي الْقِرَاضِ (وَبِحِصَّةِ) رَبِّهَا مِنْ قِيمَةِ (الْوَلَدِ) الْحُرِّ (أَوْ بَاعَ) مِنْهَا (لَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ (بِقَدْرِ مَالِهِ) ، وَهُوَ جَمِيعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ رَأْسِ الْمَالِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ) هَذَا الْقَوْلُ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ يَوْمَ الشِّرَاءِ هَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ الْبِسَاطِيُّ وتت وَبَحَثَ فِيهِ شَيْخُنَا بِأَنَّهُ غَيْرُ وَاضِحٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ يَوْمَ عِتْقِهِ وَقِيمَةَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنَّمَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ إلَّا رِبْحَهُ) أَيْ رِبْحَ الْعَامِلِ أَيْ إلَّا حِصَّةَ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ حَتَّى فِي الْعَبْدِ فَإِنَّهَا تَحُطُّ مِنْ قِيمَتِهِ فَلَا يَغْرَمُهَا فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً فَاتَّجَرَ بِهَا فَرَبِحَتْ خَمْسِينَ ثُمَّ اشْتَرَى بِالْجَمِيعِ عَبْدًا لِلْقِرَاضِ يُسَاوِي مِائَتَيْنِ ثُمَّ أَعْتَقَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ لِرَبِّ الْمَالِ مِائَةً وَخَمْسِينَ، وَذَلِكَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْعِتْقِ مَا عَدَا حِصَّةِ الْعَامِلِ قَبْلَ الشِّرَاءِ، وَفِي الْعَبْدِ وَذَلِكَ خَمْسُونَ فَيَسْقُطُ ذَلِكَ عَنْ الْعَامِلِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَيْ حِصَّةُ الْعَامِلِ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ فِي الْعَبْدِ، الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِنْ الرِّبْحِ الْحَاصِلِ حَتَّى فِي الْعَبْدِ، كَمَا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ، وَهِيَ أَصْوَبُ) الْأَوْلَى وَكِلَاهُمَا صَوَابٌ كَمَا قَالَ عبق إذْ لَا وَجْهَ لِأَصْوَبِيَّةِ الثَّانِيَةِ عَنْ الْأُولَى (قَوْلُهُ فَخَطَأٌ) أَيْ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّ الْعَامِلَ يَغْرَمُ حِصَّتَهُ مِنْ الرِّبْحِ الْكَائِنِ فِي الْعَبْدِ مَعَ أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ وَلَا يَغْرَمُهُ (قَوْلُهُ أَيْ لَا حِصَّةَ الْعَامِلِ) تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا رِبْحَهُ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الثَّمَنُ وَرِبْحُهُ) أَيْ وَحِصَّةُ رَبِّهِ مِنْ رِبْحِهِ (قَوْلُهُ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ) أَيْ وَذَلِكَ إذَا كَانَ فِي الْعَبْدِ رِبْحٌ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ مِنْهُ شَيْءٌ وَبِيعَ كُلُّهُ
(قَوْلُهُ مُشْتَرَاةً لِلْوَطْءِ) أَيْ اشْتَرَاهَا بِمَالِ الْقِرَاضِ بِقَصْدِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ بِقِيمَتِهَا) أَيْ يَوْمَ الْوَطْءِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَامِلُ الْوَاطِئُ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا وَاخْتَارَ رَبُّ الْمَالِ قِيمَتَهَا، فَإِنَّهَا تُبَاعُ عَلَى الْعَامِلِ فِيمَا وَجَبَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ وَالْقَوْلُ بِتَخْيِيرِ رَبِّ الْمَالِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَيْ حَالَةِ عَدَمِ الْحَمْلِ بَيْنَ إبْقَائِهَا لِلْقِرَاضِ أَوْ تَقْوِيمِهَا عَلَى الْعَامِلِ ظَاهِرٌ لَا غُبَارَ عَلَيْهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ النَّوَادِرِ وَحَمَلَ ابْنُ عَبْدُوسٍ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَكَذَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالتَّوْضِيحِ حَمَلَا كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَيْهِ وَكَذَا بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ وتت حَمَلُوا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ بَلْ تُتْرَكُ لِلْعَامِلِ) أَيْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ، وَهِيَ حَالَةُ عَدَمِ الْحَمْلِ وَيُخَيَّرُ رَبُّ الْمَالِ فِي اتِّبَاعِهِ بِالثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ شَاسٍ وَالْمُتَيْطِيِّ وَابْنِ فَتْحُونٍ، وَحَمَلَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ فَقَالَ قَوَّمَ رَبُّهَا أَيْ تَبِعَهُ بِقِيمَتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ أَبْقَى أَيْ أَوْ أَبْقَاهَا لِلْوَاطِئِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ فَهِيَ تَبْقَى لِلْعَامِلِ فِي التَّخْيِيرَيْنِ وَالْمُقَابَلَةِ بَيْنَ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ تَرْجِيحُهُ) لَكِنْ بَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ لِرَبِّهَا رَدُّهَا لِلْقِرَاضِ، وَهُوَ بَعِيدٌ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا وَطِئَ أَمَةً بَيْنَهُمَا فَلِغَيْرِ الْوَاطِئِ إبْقَاؤُهَا لِلشَّرِكَةِ إذَا لَمْ تَحْمِلْ وَحَيْثُ صَحَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ فِي الْمُشْتَرَاةِ لِلشَّرِكَةِ أَنَّ لِغَيْرِ الْوَاطِئِ إبْقَاءَهَا لِلشَّرِكَةِ فَاَلَّتِي لِلْقِرَاضِ مِثْلُهَا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ مِنْ قِيمَةٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ أَوْ ثَمَنٍ أَيْ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا مَا اخْتَارَهُ مِنْ قِيمَةٍ أَوْ ثَمَنٍ اتَّبَعَهُ بِالْبَاقِي دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَعَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّ الْمَالِ فِي الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مُتَخَلِّقٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ.
وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ، وَهُوَ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْحَمْلِ فَلِرَبِّ الْمَالِ حِصَّتُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَعَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ.
(قَوْلُهُ وَتُجْعَلُ) أَيْ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي الْقِرَاضِ، وَأَمَّا الْأَمَةُ فَتَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْعَامِلِ (قَوْلُهُ أَوْ بَاعَ) أَيْ الْعَامِلُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْمَالِ فَضْلٌ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ رِبْحٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ بِأَنْ اشْتَرَاهَا بِرَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَبِقَدْرِ إلَخْ) فَإِذَا دَفَعَ لَهُ مِائَةً اتَّجَرَ بِهَا فَبَلَغَتْ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَاشْتَرَى بِهَا أَمَةً لِلْقِرَاضِ وَوَطِئَهَا وَحَمَلَتْ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَإِمَّا أَنْ يَتْبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا وَحِصَّتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وَتُجْعَلَ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي الْقِرَاضِ، وَإِمَّا أَنْ يُبَاعَ لِرَبِّ الْمَالِ مِنْ تِلْكَ الْأَمَةِ بِقَدْرِ مَالِهِ، وَهُوَ مِائَةٌ وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ
وَحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ وَلَوْ الْحَاصِلُ فِيهَا وَيَبْقَى الْبَاقِي مِنْهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ.
وَأَمَّا حِصَّةُ الْوَلَدِ فَيَتْبَعُهُ بِهَا وَلَا يُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَلَا يُبَاعُ مِنْ أُمِّهِ شَيْءٌ فِي قِيمَتِهِ، وَأَمَّا لَوْ أَيْسَرَ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا فَقَطْ يَوْمَ الْوَطْءِ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ إذْ يُقَدَّرُ أَنَّهُ مَلَكَهَا يَوْمَ الْوَطْءِ بِمُجَرَّدِ مَغِيبِ الْحَشَفَةِ لِيُسْرِهِ، وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ بِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إذَا اخْتَارَ اتِّبَاعُهُ بِقِيمَتِهَا ولَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إلَّا إذَا اخْتَارَ أَنْ يَبِيعَ لَهُ مِنْهَا بِقَدْرِ مَالِهِ وَهُوَ الشِّقُّ الثَّانِي مِنْ التَّخْيِيرِ فَكَانَ عَلَيْهِ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ عَنْهُ بِأَنْ يَقُولَ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ إلَخْ (وَإِنْ أَحْبَلَ) الْعَامِلُ (مُشْتَرَاةً) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (لِلْوَطْءِ) أَيْ اشْتَرَاهَا مِنْهُ لِيَطَأهَا (فَالثَّمَنُ) يَلْزَمُهُ عَاجِلًا إنْ أَيْسَرَ (وَاتُّبِعَ بِهِ إنْ أَعْسَرَ) وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا شَيْءٌ لِعَدَمِ اشْتِرَائِهَا لِلْقِرَاضِ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ خَيَّرَ بَيْنَ اتِّبَاعِهِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ أَوْ إبْقَائِهَا لَهُ بِالثَّمَنِ (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْمُتَقَارِضَيْنِ (فَسْخُهُ) أَيْ تَرْكُهُ وَالرُّجُوعُ عَنْهُ (قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ الشِّرَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّ عَقْدَ الْقِرَاضِ غَيْرُ لَازِمٍ (كَرَبِّهِ) لَهُ فَسْخُهُ فَقَطْ
(وَإِنْ تَزَوَّدَ) الْعَامِلُ (لِسَفَرٍ) مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ (وَلَمْ يَظْعَنْ) فِي السَّيْرِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّدَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَلَهُ فَسْخُهُ وَكَذَا رَبُّهُ إنْ دَفَعَ لِلْعَامِلِ عِوَضَهُ وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ تَزَوَّدَ سَاقِطَةٌ فِي نُسْخَةٍ، وَهِيَ الصَّوَابُ وَعَلَى ثُبُوتِهَا فَتَعَجَّلَ لِلْحَالِ لِيَصِحَّ الْكَلَامُ (وَإِلَّا) بِأَنْ عَمِلَ فِيهِ فِي الْحَضَرِ أَوْ ظَعَنَ (فَلِنَضُوضِهِ) أَيْ الْمَالِ وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا قَبْلَ النُّضُوضِ كَلَامٌ فَاللَّامُ بِمَعْنَى إلَى فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى الْفَسْخِ جَازَ وَالنُّضُوضُ خُلُوصُ الْمَالِ وَرُجُوعُهُ عَيْنًا كَمَا كَانَ وَبِهِ تَمَّ الْعَمَلُ فَلَيْسَ لِلْعَامِلِ تَحْرِيكُ الْمَالِ بَعْدَهُ فِي الْحَضَرِ إلَّا بِإِذْنٍ وَجَازَ فِي السَّفَرِ إلَى أَنْ يَصِلَ لِبَلَدِ الْقِرَاضِ إلَّا لِمَنْعٍ (وَإِنْ اسْتَنَضَّهُ) أَيْ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِيَّةِ أَيْ طَلَبُ رَبِّ الْمَالِ دُونَ الْعَامِلِ أَوْ عَكْسُهُ نُضُوضُهُ (فَالْحَاكِمُ) يَنْظُرُ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى نُضُوضِهِ جَازَ كَمَا لَوْ اتَّفَقَا عَلَى قِسْمَةِ الْعُرُوضِ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَعِشْرُونَ هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَتُهَا قَدْرَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ فَإِذَا كَانَتْ تُسَاوِي مِائَتَيْنِ بِيعَ لِرَبِّ الْمَالِ بِقَدْرِ مِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَالْبَاقِي مِنْهَا، وَهُوَ مَا يُسَاوِي خَمْسَةً وَعِشْرِينَ فِي الْأَوَّلِ، وَذَلِكَ سُدُسُهَا وَمَا يُسَاوِي خَمْسِينَ فِي الثَّانِي، وَذَلِكَ رُبُعُهَا بِحِسَابِ أُمِّ الْوَلَدِ أَيْ أَنَّهُ يَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِ الْعَامِلِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
(قَوْلُهُ وَحِصَّتِهِ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا حِصَّةُ الْوَلَدِ) أَيْ، وَأَمَّا حِصَّتُهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ فَيَتْبَعُهُ بِهَا أَيْ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ وَبِحِصَّةِ الْوَلَدِ مِنْ الثَّانِي لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَا يَتْبَعُهُ بِقِيمَةِ الْوَلَدِ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْقِيمَةَ تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْوَطْءِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّبَعَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ فَقَدْ تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَلَدَ تَخَلَّقَ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَتِهِ كَمَا لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمُتَيْطِيِّ (قَوْلُهُ فَكَانَ عَلَيْهِ إلَخْ) فَصَارَ حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا وَطِئَهَا وَحَمَلَتْ الْحَالَ أَنَّهَا مُشْتَرَاةٌ لِلْقِرَاضِ فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا اتَّبَعَهُ رَبُّ الْمَالِ بِقِيمَتِهَا حَالًّا وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ وإنْ كَانَ الْعَامِلُ الْوَاطِئُ مُعْسِرًا خُيِّرَ رَبُّ الْمَالِ إمَّا أَنْ يَتْبَعَهُ بِقِيمَتِهَا إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ وَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ، وَإِنْ شَاءَ بِيعَ لَهُ مِنْهَا حَالًّا بِقَدْرِ مَالِهِ وَتَبِعَهُ بِقِيمَةِ حِصَّتِهِ مِنْ الْوَلَدِ إذَا حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَقُولَ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ إلَخْ) أَيْ وَيَكُونُ مَسَاقُهُ هَكَذَا أَوْ بَاعَ لَهُ بِقَدْرِ مَالِهِ وَتَبِعَهُ بِحِصَّةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ إلَخْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا، وَإِنْ وَطِئَ أَمَةً قَوَّمَ رَبُّهَا أَوْ أَبْقَى شَامِلٌ لِمَا إذَا اشْتَرَاهَا لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْقِرَاضِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ (قَوْلُهُ أَوْ إبْقَائِهَا لَهُ) أَيْ لِلْعَامِلِ بِالثَّمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ تَرْكِهَا لَهُ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ إبْقَائِهَا لِلْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ) أَيْ فَسْخُ عَقْدِ الْقِرَاضِ وَقَوْلُهُ أَيْ تَرْكُهُ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْفَسْخَ فَرْعُ الْفَسَادِ، وَهُوَ غَيْرُ فَاسِدٍ حَتَّى يُفْسَخَ (قَوْلُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ) أَيْ وَقَبْلَ التَّزَوُّدِ لَهُ (قَوْلُهُ كَرَبِّهِ فَقَطْ) أَيْ دُونَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ التَّزَوُّدَ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلِ عَمَلٌ فَيَلْزَمُهُ تَمَامُهُ مَا لَمْ يَلْتَزِمْ غُرْمَ مَا اشْتَرَى بِهِ الزَّادَ لِرَبِّ الْمَالِ وَإِلَّا كَانَ لَهُ فَسْخُهُ وَرَدُّ الْمَالِ لِصَاحِبِهِ
(قَوْلُهُ وَلَمْ يَظْعَنْ فِي السَّيْرِ) أَيْ وَلَمْ يَشْرَعْ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ ظَعَنَ فَلَيْسَ لِرَبِّ الْمَالِ فَسْخُهُ وَيَلْزَمُهُ بَقَاءُ الْمَالِ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ إلَى نُضُوضِهِ (قَوْلُهُ، وَأَمَّا لَوْ تَزَوَّدَ) أَيْ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ لِلْعَامِلِ عِوَضَهُ) أَيْ عِوَضَ الْمَالِ الَّذِي تَزَوَّدَ بِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَزَوُّدَ الْعَامِلِ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ يَمْنَعُهُ مِنْ الِانْحِلَالِ مَا لَمْ يَدْفَعْ لِرَبِّ الْمَالِ عِوَضَهُ وَلَا يَمْنَعُ رَبَّ الْمَالِ مِنْ الِانْحِلَالِ وَتَزَوُّدَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا يَمْنَعُهُ مِنْ الِانْحِلَالِ وَيَمْنَعُ رَبَّ الْمَالِ مِنْهُ مَا لَمْ يَدْفَعْ لَهُ عِوَضَهُ، هَذَا مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق.
(قَوْلُهُ لِيَصِحَّ الْكَلَامُ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَعْلَهَا لِلْمُبَالَغَةِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ تَكْرَارُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ وَمُنَاقَضَتُهُ لَهُ لِاقْتِضَائِهَا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّدْ وَلَمْ يَظْعَنْ لِرَبِّهِ فَسْخُهُ دُونَ الْعَامِلِ كَمَا هُوَ بَعْدَ التَّزَوُّدِ، وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ فَسْخُهُ قَبْلَ عَمَلِهِ (قَوْلُهُ أَوْ ظَعَنَ) أَيْ بَعْدَ التَّزَوُّدِ (قَوْلُهُ فَلِنُضُوضِهِ) أَيْ فَيَبْقَى الْمَالُ تَحْتَ يَدِ الْعَامِلِ لِنُضُوضِهِ أَيْ خُلُوصِهِ بِبَيْعِ السِّلَعِ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَنْعٍ) أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ عَنْ التَّحْرِيكِ فِي السَّفَرِ بَعْدَ النُّضُوضِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْرِيكُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ يُنْظَرُ فِي الْأَصْلَحِ مِنْ تَعْجِيلٍ أَوْ تَأْخِيرٍ) أَيْ فَيُحْكَمُ بِهِ
وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ فِيمَا يَظْهَرُ (وَإِنْ مَاتَ) الْعَامِلُ قَبْلَ النُّضُوضِ (فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ) لَا غَيْرِهِ (أَنْ يُكْمِلَهُ) عَلَى حُكْمِ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْوَارِثُ أَمِينًا (أَتَى) أَيْ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ (بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ) فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ (وَإِلَّا) يَأْتِ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ (سَلَّمُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ الْمَالَ لِرَبِّهِ (هَدَرًا) أَيْ بِغَيْرِ شَيْءٍ مِنْ رِبْحٍ أَوْ أُجْرَةٍ (وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي) دَعْوَى (تَلَفِهِ) كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ رَضِيَهُ أَمِينًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَمِينًا فِي الْوَاقِعِ، وَهَذَا إذَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى كَذِبِهِ وَإِلَّا ضَمِنَ (وَ) فِي دَعْوَى (خُسْرِهِ) بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ.
(وَ) فِي دَعْوَى (رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ)(إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ) مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ بِيَمِينٍ وَلَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ اتِّفَاقًا فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ رَبُّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الدَّعْوَى هُنَا دَعْوَى تَحْقِيقٍ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَيَغْرَمُ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ؛ لِأَنَّهَا دَعْوَى اتِّهَامٍ فَلَوْ قُبِضَ بِبَيِّنَةٍ غَيْرِ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ فَكَمَا لَوْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ وَكَذَا إنْ أَشْهَدَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ قَبَضَ، وَأَمَّا الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ وَشُهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ وَالْقَبْضِ مَعًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَهَا فِي الرَّدِّ (أَوْ)
(قَالَ) الْعَامِلُ هُوَ (قِرَاضٌ) بِجُزْءٍ مِنْ الرِّبْحِ. (وَ) قَالَ (رَبُّهُ) هُوَ (بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ) فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينٍ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ الْمُوجِبِ لِلُزُومِ الْقِرَاضِ وَأَنْ يَكُونَ مِثْلُهُ يَعْمَلُ فِي قِرَاضٍ وَمِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ قِرَاضًا وَأَنْ يَزِيدَ جُزْءُ الرِّبْحِ عَلَى أُجْرَةِ الْبِضَاعَةِ (أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ قَالَ الْعَامِلُ بِضَاعَةٌ بِأَجْرٍ وَقَالَ رَبُّهُ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَلَوْ قَالَ قِرَاضٌ وَرَبُّهُ بِضَاعَةٌ بِلَا أَجْرٍ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَيَكْفِي مِنْهُمْ اثْنَانِ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ كِفَايَةَ وَاحِدٍ عَارِفٍ يَرْضَيَانِهِ (قَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَنْ يُكْمِلَهُ) أَيْ وَلَا يَنْفَسِخُ عَقْدُ الْقِرَاضِ بِمَوْتِ الْعَامِلِ كَالْجُعَلِ وَإِنَّمَا يَنْفَسِخُ كَالْإِجَارَةِ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَهُمَا ضَرَرُ الْوَرَثَةِ فِي الْفَسْخِ وَضَرَرُ رَبِّهِ فِي إبْقَائِهِ عِنْدَهُمْ وَلَا شَكَّ أَنَّ ضَرَرَ الْوَرَثَةِ بِالْفَسْخِ أَشَدُّ لِضَيَاعِ حَقِّهِمْ فِي عَمَلِ مُوَرِّثِهِمْ وَقَوْلُهُ فَلِوَارِثِهِ الْأَمِينِ أَيْ وَلَوْ كَانَ دُونَ أَمَانَةٍ مِنْ مُوَرِّثِهِمْ (قَوْلُهُ لَا غَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مُوَرِّثُهُ غَيْرَ أَمِينٍ لِرِضَا رَبِّ الْمَالِ بِهِ (قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ فِي الْأَمَانَةِ وَالثِّقَةِ) أَيْ بِخِلَافِ أَمَانَةِ الْوَارِثِ فَلَا يُشْتَرَطُ مُسَاوَاتُهَا لِأَمَانَةِ الْمُوَرِّثِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ يُحْتَاطُ فِي الْأَجْنَبِيِّ مَا لَا يُحْتَاطُ فِي الْوَارِثِ وَبَعْضُهُمْ اكْتَفَى بِمُطْلَقِ الْأَمَانَةِ فِي الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِثْلَ الْأَمَانَةِ فِي الْأَوَّلِ وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا عَلَى خش تَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا يَأْتِ) أَيْ وَارِثُ الْعَامِلِ بِأَمِينٍ كَالْأَوَّلِ أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ ذَلِكَ الْوَارِثَ غَيْرُ أَمِينٍ (قَوْلُهُ هَدَرًا) أَيْ تَسْلِيمًا هَدَرًا؛ لِأَنَّ عَمَلَ الْقِرَاضِ كَالْجُعَلِ لَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ فِيهِ شَيْئًا إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ فِي تَلَفِهِ) وَكَذَا الْقَوْلُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِمَالِ الْقِرَاضِ إلَى الْآنَ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ح قَالَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا اهـ.
بْن وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْعَامِلِ فِي التَّلَفِ وَالْخُسْرِ يَجْرِي فِي الْقِرَاضِ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ.
(تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ أَيْ بِيَمِينٍ وَقِيلَ بِغَيْرِ يَمِينٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَحْلِيفِهِ وَعَدَمِهِ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيْمَانِ التُّهْمَةِ وَفِيهَا أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ: قِيلَ تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَا تَتَوَجَّهُ مُطْلَقًا وَقِيلَ تَتَوَجَّهُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا عِنْدَ النَّاسِ وَإِلَّا فَلَا اهـ.
عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُكَذِّبُهُ) بِأَنَّ سَأَلَ تُجَّارَ بَلَدِ تِلْكَ السِّلَعِ هَلْ خَسِرَتْ فِي زَمَانِ كَذَا أَوْ لَا فَأَجَابُوا بِعَدَمِ الْخَسَارَةِ (قَوْلُهُ وَرَدِّهِ إلَى رَبِّهِ إنْ قُبِضَ بِلَا بَيِّنَةٍ مَقْصُودَةٍ لِلتَّوَثُّقِ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ادَّعَى الْعَامِلُ رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ وَجَمِيعِ الرِّبْحِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ رِبْحٌ فَإِنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ مُقِرًّا بِبَقَاءِ رِبْحِ جَمِيعِهِ بِيَدِهِ أَوْ بِبَقَاءِ رِبْحِ الْعَامِلِ فَقَطْ لَمْ يُقْبَلْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَقُبِلَ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَقَالَ الْقَابِسِيُّ يُقْبَلُ إنْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِهِ مَعَ رَدِّ حَظِّ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الرِّبْحِ.
وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى رَدَّ رَأْسِ الْمَالِ فَقَطْ مَعَ بَقَاءِ جَمِيعِ الرِّبْحِ بِيَدِهِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وِفَاقًا لِلْمُدَوَّنَةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ ظَاهِرُهَا عَدَمُ الْقَبُولِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَاللَّخْمِيُّ يَقُولُ بِالْقَبُولِ فِيهِمَا وَالْقَابِسِيُّ يَقُولُ بِالْقَبُولِ فِي وَاحِدَةٍ وَبِعَدَمِهِ فِي وَاحِدَةٍ وَذَكَرَ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَشَى ابْنُ الْمُنِيرِ فِي نَظْمِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى مَا لِلْقَابِسِيِّ.
(قَوْلُهُ فَكَمَا لَوْ قَبَضَ بِلَا بَيِّنَةٍ) أَيْ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ فِي دَعْوَى الرَّدِّ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ أَشْهَدَ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ رَبِّ الْمَالِ أَوْ أَشْهَدَ رَبُّ الْمَالِ عَلَى الْعَامِلِ عِنْدَ الدَّفْعِ لَهُ لَا لِخَوْفِ جُحُودِهِ بَلْ لِخَوْفِ إنْكَارِ وَارِثِهِ إذَا مَاتَ
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَقْصُودَةُ لِلتَّوَثُّقِ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي يُشْهِدُهَا رَبُّ الْمَالِ خَوْفًا مِنْ دَعْوَى الْعَامِلِ الرَّدَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ أَشْهَدَهَا خَوْفًا مِنْ دَعْوَى الرَّدِّ؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ تَصْرِيحُهُ لِلْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ وَشُهِدَتْ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ) أَيْ مِنْ رَبِّ الْمَالِ وَالْقَبْضِ مِنْ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ لَمْ يَقْبَلْ قَوْلُهُ وَلَوْ حَلَفَ كَمَا أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ وَنَكَلَ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ وَحَلَفَ رَبُّهُ وَدَفَعَ أُجْرَةَ الْبِضَاعَةِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ بَعْدَ الْعَمَلِ وَكَانَ مِثْلُ الْعَامِلِ يَشْتَرِي الْبِضَاعَةَ لِلنَّاسِ بِأَجْرٍ وَكَانَ مِثْلُ الْمَالِ يُدْفَعُ بِضَاعَةً وَأَنْ تَزِيدَ أُجْرَةُ الْبِضَاعَةِ عَلَى جُزْءِ الرِّبْحِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَإِنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الْعَامِلِ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَبِّ الْمَالِ يَرْجِعُ لِلِاخْتِلَافِ
وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ)(ادَّعَى) رَبُّ الْمَالِ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالُ (الْغَصْبِ) أَوْ السَّرِقَةِ وَقَالَ مَنْ بِيَدِهِ الْمَالُ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعَدَاءِ وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ مِثْلَهُ يَغْصِبُ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الثَّبَاتُ (أَوْ)(قَالَ) الْعَامِلُ (أَنْفَقْت) عَلَى نَفْسِي (مِنْ غَيْرِهِ) فَارْجِعْ بِهِ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ مِنْهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَيَرْجِعُ بِمَا ادَّعَى رَبِحَ الْمَالَ أَوْ خَسِرَ كَانَ يُمْكِنُهُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ لِكَوْنِهِ عَيْنًا أَمْ لَا إنْ أَشْبَهَ فَقَوْلُهُ الْآتِي إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا يُرْجَعُ لِهَذِهِ أَيْضًا
(وَ) الْقَوْلُ لِلْعَامِلِ بِيَمِينِهِ (فِي) قَدْرِ (جُزْءِ الرِّبْحِ) إذَا تَنَازَعَا بَعْدَ الْعَمَلِ بِشَرْطَيْنِ (إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا) أَشْبَهَ رَبَّهُ أَمْ لَا (وَالْمَالُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ الَّذِي يَدَّعِيه الصَّادِقُ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْمَالِ أَوْ رِبْحِهِ أَوْ خُصُوصِ الْحِصَّةِ الَّتِي يَدَّعِيهَا (بِيَدِهِ) أَيْ الْعَامِلِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ وَدِيعَةً) عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بَلْ (وَإِنْ لِرَبِّهِ) أَيْ عِنْدَ رَبِّهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ أَيْ وَأَقَرَّ رَبُّهُ بِأَنَّهُ عِنْدَهُ وَدِيعَةٌ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ وَقَوْلُهُ إنْ ادَّعَى مُشْبِهًا وَالْمَالُ بِيَدِهِ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ وَمَا بَعْدَهَا.
وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَامِلِ ذَكَرَ مَسَائِلَ يُقْبَلُ فِيهَا قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ فَقَالَ.
(وَ) الْقَوْلُ (لِرَبِّهِ) بِيَمِينِهِ (إنْ)(ادَّعَى) فِي قَدْرِ جُزْءِ الرِّبْحِ (الشَّبَهَ فَقَطْ) وَلَمْ يُشْبِهْ الْعَامِلَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ رَبَّهُ أَيْضًا فَقِرَاضُ الْمِثْلِ كَمَا قَدَّمَهُ (أَوْ قَالَ) رَبُّ الْمَالِ (قَرْضٌ فِي) قَوْلِ الْعَامِلِ (قِرَاضٌ أَوْ وَدِيعَةٌ) فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصْدِيقُ الْمَالِكِ فِي كَيْفِيَّةِ خُرُوجِ مَالِهِ مِنْ يَدِهِ (أَوْ) تَنَازَعَا (فِي) قَدْرِ (جُزْءٍ قَبْلَ الْعَمَلِ) الَّذِي يَحْصُلُ بِهِ لُزُومٌ لِكُلٍّ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِلَا يَمِينً (مُطْلَقًا) أَشْبَهَ أَمْ لَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى رَدِّ مَالِهِ (وَإِنْ قَالَ) رَبُّهُ هُوَ (وَدِيعَةً) عِنْدَك وَقَالَ الْعَامِلُ قِرَاضٌ (ضَمِنَهُ الْعَامِلُ إنْ عَمِلَ) وَتَلِفَ لِدَعْوَاهُ أَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي تَحْرِيكِهِ قِرَاضًا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ عَدَمُ الضَّمَانِ إنْ ضَاعَ قَبْلَ الْعَمَلِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَانَةً وَلَمَّا ذَكَرَ مَا يُصَدَّقُ فِيهِ الْعَامِلُ وَمَا يُصَدَّقُ فِيهِ رَبُّهُ ذَكَرَ مَا هُوَ أَعَمُّ بِقَوْلِهِ.
(وَ) الْقَوْلُ (لِمُدَّعِي الصِّحَّةِ) دُونَ مُدَّعِي الْفَسَادِ وَظَاهِرُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي جُزْءِ الرِّبْحِ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ الْعَامِلِ إذَا كَانَ اخْتِلَافُهُمَا بَعْدَ الْعَمَلِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ) أَيْ مِثْلِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلُ الْعَامِلِ يَأْخُذُ أُجْرَةً أَمْ لَا (قَوْلُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) قَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ لِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَإِلَّا فَلَا ثَمَرَةَ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ رَبِّهِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ ثَمَرَةَ كَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ عَدَمُ غَرَامَةِ جُزْءِ الْقِرَاضِ الَّذِي ادَّعَاهُ الْعَامِلُ حَيْثُ زَادَ وَوَجْهُ كَوْنِ الْعَامِلِ لَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَنَّ دَعْوَى رَبِّ الْمَالِ تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْعَامِلَ تَبَرَّعَ لَهُ بِالْعَمَلِ، وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ بِأُجْرَةٍ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ بِيَدِهِ مَالٌ) أَيْ لِرَبِّ الْمَالِ الْمُدَّعَى (قَوْلُهُ وَعَلَى رَبِّ الْمَالِ الْإِثْبَاتُ) أَيْ إثْبَاتُ مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْغَصْبِ أَوْ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ) أَيْ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ وَالْحَالُ أَنَّ الْمَالَ بِيَدِ ذَلِكَ الْعَامِلِ وَأَشْبَهَ فِي دَعْوَاهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ الْمُفَاصَلَةِ أَوْ لَمْ يُشَبِّهْ فِي دَعْوَاهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ لِكَوْنِهِ سِلَعًا اشْتَرَاهَا سَرِيعًا بِرَأْسِ الْمَالِ النَّقْدِ
(قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَمَلِ) أَيْ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا فَائِدَةَ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ لِرَبِّهِ فَسْخَهُ (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى مُشْبِهًا) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ انْفَرَدَ رَبُّ الْمَالِ بِالشَّبَهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَشْبَهَ رَبَّهُ) أَيْ فِيمَا يَدَّعِيه مِنْ الْجُزْءِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ الصَّادِقُ ذَلِكَ بِجَمِيعِ الْمَالِ) أَيْ الْأَصْلُ وَالرِّبْحُ وَقَوْلُهُ أَوْ رِبْحُهُ أَيْ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ وَالْمَالُ بِيَدِهِ) أَيْ حِسًّا أَوْ مَعْنًى كَكَوْنِهِ وَدِيعَةً عِنْدَ أَجْنَبِيٍّ بَلْ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ رَبِّهِ وَمَفْهُومٌ بِيَدِهِ أَنَّهُ لَوْ سَلَّمَهُ لِرَبِّهِ عَلَى وَجْهِ الْمُفَاصَلَةِ لَمْ يَكُنْ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ شَبَهِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ بَعُدَ قِيَامُهُ، وَإِنْ قَرُبَ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ (قَوْلُهُ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عِنْدَ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] (قَوْلُهُ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَهُ) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْعَامِلُ هُوَ بِيَدِك وَدِيعَةٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ قَبَضْته عَلَى الْمُفَاصَلَةِ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ) أَيْ بِيَمِينٍ يَعْنِي إنْ قَامَ عَنْ بُعْدٍ أَمَّا إنْ قَامَ عَنْ قُرْبٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّ الْعَامِلَ لَمْ يُشْبِهْ (قَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الرِّبْحِ وَادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهْ أَيْ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي جُزْءِ الرِّبْحِ الْمَجْعُولِ لِلْعَامِلِ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا ادَّعَيَا مَا لَا يُشْبِهْ وَمَحَلُّ لُزُومِ قِرَاضِ الْمِثْلِ إذَا حَلَفَا أَوْ نَكَلَا وَإِلَّا قُضِيَ لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ بِيَمِينِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَنَازُعُهُمَا قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَلَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ دَفَعْته لَك قِرَاضًا وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ قَرْضًا صُدِّقَ الْعَامِلُ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ هُنَا مُدَّعٍ لِلرِّبْحِ فَلَا يُصَدَّقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ مُدَّعِي الْقَرْضِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ تَصْدِيقُ إلَخْ) أَيْ؛ وَلِأَنَّ الْعَامِلَ يَدَّعِي عَدَمَ ضَمَانِ مَا وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ فِي وَضْعِ الْيَدِ عَلَى مَالِ الْغَيْرِ الضَّمَانُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ جَوَابُ إنْ مَحْذُوفٌ وَقَوْلُهُ ضَمِنَهُ الْعَامِلُ جَوَابُ شَرْطٍ مَحْذُوفُ الْأَصْلِ، وَإِنْ قَالَ وَدِيعَةً وَخَالَفَهُ الْعَامِلُ وَقَالَ قِرَاضٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ الْعَامِلُ حَرَّكَهُ ضَمِنَهُ وَقَوْلُهُ إنْ عَمِلَ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ وَعَكَسَ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ قَوْلُ رَبِّهِ قِرَاضٌ وَالْعَامِلُ وَدِيعَةً فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّهُ مُدَّعٍ عَلَى الْعَامِلِ الرِّبْحَ، وَهَذَا إذَا تَنَازَعَ بَعْدَ الْعَمَلِ وَإِلَّا فَقَوْلُ رَبِّهِ كَاخْتِلَافِهِمَا فِي الْجُزْءِ قَبْلَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ إذْنِهِ فِي تَحْرِيكِهِ قِرَاضًا (قَوْلُهُ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ أَمَانَةً) أَيْ؛ لِأَنَّ أَحَدَهُمَا يَدَّعِي أَنَّهُ أَمَانَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْوَدِيعَةِ وَالْآخَرَ يَدَّعِي أَنَّهُ أَمَانَةٌ عَلَى سَبِيلِ الْقِرَاضِ
وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ؛ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ كَمَا لَوْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ عَقَدْنَا عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ وَمِائَةٍ تَخُصُّنِي وَقَالَ الْعَامِلُ بَلْ عَلَى نِصْفِ الرِّبْحِ فَقَطْ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ وَفِي عَكْسِهِ الْقَوْلُ لِرَبِّ الْمَالِ
(وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ مَاتَ (وَقِبَلَهُ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ جِهَتَهُ (كَقِرَاضٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الْوَدِيعَةَ وَالْبِضَاعَةَ (أُخِذَ) مِنْ مَالِهِ (وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ) فِي تَرِكَتِهِ لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ أَوْ تَلَفِهِ بِتَفْرِيطِهِ فَإِنْ ادَّعَى الْوَارِثُ أَنَّ الْمَيِّتَ رَدَّهُ أَوْ تَلِفَ عِنْدَهُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ خَسِرَ فِيهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ قَوْلُ مُوَرِّثِهِمْ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ قُبِلَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مُوَرِّثِهِمْ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُمْ أَنَّ الرَّدَّ وَمِنْهُمْ تَقَدَّمَ فِي الْوَدِيعَةِ زِيَادَةُ بَيَانٍ (وَحَاصَّ) رَبُّ الْقِرَاضِ وَنَحْوُهُ (غُرَمَاءَهُ) فِي الْمَالِ الْمُخَلِّفِ عَنْهُ (وَتَعَيَّنَ) الْقِرَاضُ وَمِثْلُهُ الْوَدِيعَةُ وَالْبِضَاعَةُ (بِوَصِيَّةٍ) إنْ أَفْرَزَهُ وَشَخَّصَهُ بِهَا كَهَذَا قِرَاضُ فُلَانٍ أَوْ وَدِيعَتُهُ (وَقُدِّمَ صَاحِبُهُ) أَيْ صَاحِبِ الْقِرَاضِ وَنَحْوَهُ الْمُعَيَّنُ لَهُ الْغُرَمَاءُ الثَّابِتُ دَيْنُهُمْ (فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ) وَسَوَاءٌ ثَبَتَ دَيْنُهُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بَيِّنَةٍ فَقَوْلُهُ فِي الصِّحَّةِ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ الثَّابِتُ أَيْ قُدِّمَ عَلَى الدَّيْنِ الثَّابِتِ فِي الصِّحَّةِ وَالْمَرَضِ (وَلَا يَنْبَغِي) أَيْ يَحْرُمُ (لِعَامِلٍ) فِي مَالِ الْقِرَاضِ (هِبَةٌ) لِغَيْرِ ثَوَابٍ بِكَثِيرٍ وَلَوْ لِلِاسْتِئْلَافِ.
(وَ) لَا (تَوْلِيَةٌ) لِسِلْعَةٍ مِنْ الْقِرَاضِ بِأَنْ يُوَلِّيَهَا لِغَيْرِهِ بِمِثْلِ مَا اشْتَرَى، وَهَذَا مَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ وَإِلَّا جَازَ (وَوُسِّعَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ رُخِّصَ فِي الشَّرْعِ لِلْعَامِلِ وَيُحْتَمَلُ الْبِنَاءُ لِلْفَاعِلِ وَالْمُرَخِّصُ، وَهُوَ الْإِمَامُ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (أَنْ يَأْتِيَ) الْعَامِلُ (بِطَعَامٍ كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا يَأْتِي غَيْرُهُ بِطَعَامٍ يَشْتَرِكُونَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَلَوْ غَلَبَ الْفَسَادُ) أَيْ فَسَادُ الْقِرَاضِ فِي عُرْفِ بَلَدِهِمْ (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ) مُقَابِلُهُ قَوْلُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْفَسَادِ إنْ غَلَبَ وَاسْتَظْهَرَهُ بْن (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلْعَامِلِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعِي الصِّحَّةِ وَرَبَّ الْمَالِ مُدَّعِي الْفَسَادِ
(قَوْلُهُ وَمَنْ هَلَكَ) أَيْ أَوْ أُسِرَ وَفُقِدَ وَمَضَتْ عَلَيْهِ مُدَّةُ التَّعْمِيرِ (قَوْلُهُ وَقِبَلُهُ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالْكَافُ مِنْ قَوْلِهِ كَقِرَاضٍ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ أَيْ وَجِهَتُهُ مِثْلُ قِرَاضٍ أَيْ قِرَاضٌ وَمَا مَاثَلَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ مِنْ مَيِّتٍ (قَوْلُهُ أُخِذَ مِنْ مَالِهِ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ رَبِّهِ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهِ وَلَا قَبَضَ شَيْئًا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إنْفَاقِهِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْعَامِلَ أَنْفَقَهُ أَوْ ضَاعَ مِنْهُ بِتَفْرِيطِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَدَعْوَاهُمْ أَنَّهُ أَخَذَهُ ظَالِمٌ (قَوْلُهُ فَقَالَ الْعَوْفِيُّ: قُبِلَ مِنْهُمْ) أَيْ وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ (قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ إلَخْ) حَاصِلُ مَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَحَلَّ الضَّمَانِ وَالْمُحَاصَّةِ حَيْثُ لَمْ يُوصِ، وَلَمْ يُطِلْ الْأَمْرَ فَإِنْ أَوْصَى الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ بَلْ إنْ وَجَدَهَا أَخَذَهَا، وَإِنْ لَمْ تُوجَدْ فَلَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلِمَ مِنْ إيصَائِهِ بِهَا أَنَّهُ لَمْ يُتْلِفْهَا وَمِنْ الْوَصِيَّةِ بِهَا أَنْ يَقُولَ وَضَعْتهَا فِي مَوْضِعِ كَذَا وَلَمْ تُوجَدْ فِيهِ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ كَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ يَوْمِ أَخْذِ الْمَالِ مِنْ رَبِّهِ لِوَقْتِ الدَّعْوَى فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ رَدَّهُ لِرَبِّهِ وَلَا تُقْبَلُ دَعْوَى رَبِّهِ أَنَّهُ بَاقٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ كَرَبِّ الْبِضَاعَةِ الْوَدِيعَةِ (قَوْلُهُ غُرَمَاؤُهُ) أَيْ غُرَمَاءُ الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ وَتَعَيَّنَ بِوَصِيَّةٍ إنْ أَفْرَزَهُ بِهَا) أَيْ إنْ عَيَّنَهُ بِالْوَصِيَّةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ وَيَخْتَصُّ بِهِ عَنْ الْغُرَمَاءِ هَذَا إذَا وُجِدَ ذَلِكَ الْمَالُ الْمُفْرَزُ وَكَانَ الْمَيِّتُ الَّذِي عَيَّنَهُ غَيْرَ مُفْلِسٍ مُطْلَقًا كَانَ تَعْيِينُهُ فِي الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ أَمْ لَا وَلِذَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقُدِّمَ إلَخْ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ مُفْلِسًا قَبْلَ تَعْيِينِهِ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ سَوَاءٌ عُيِّنَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ أَوْ الْمَرَضِ، وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ بِأَصْلِهِ لَا يُقْبَلُ تَعْيِينُهُ كَانَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا كُلِّهِ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْبِضَاعَةِ عَلَى مَا هُوَ الصَّوَابُ.
وَأَمَّا إنْ عَيَّنَهُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الَّذِي عَيَّنَهُ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ بِخِلَافِ مَا أَوْصَى بِهِ وَلَمْ يُفْرِزْهُ فَإِنَّهُ إنْ وَجَدَهُ رَبُّهُ أَخَذَهُ وَإِلَّا حَاصَصَ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ اهـ.
وَفِي عج لَوْ أَقَرَّ الْعَامِلُ بِكِرَاءِ حَانُوتٍ أَوْ أُجْرَةِ أَجِيرٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ بِبَقِيَّةِ ثَمَنٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَلْزَمُ مَالُ الْقِرَاضِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ قَبْلَ الْمُفَاصَلَةِ لَا بَعْدَهَا فَفِي جُزْئِهِ مَا عَلَيْهِ فَقَطْ.
وَسُئِلَ عج عَنْ عَامِلِ قِرَاضٍ أَرْسَلَ سِلْعَةً لِأَبِيهِ فَأَخَذَهَا رَبُّ الْمَالِ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَ أَنَّهَا مِنْ سِلَعِ الْقِرَاضِ وَأُسِرَ الْعَامِلُ فَجَاءَ مِنْهُ كِتَابٌ بِأَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ عِنْدَهُ وَأَنَّ السِّلَعَ مِنْ غَيْرِهِ فَأَجَابَ بِأَنَّ الْعَامِلَ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يُنْظَرُ لِلتُّهْمَةِ وَإِقْرَارُ أَبِيهِ لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْإِنْسَانِ لَا يَسْرِي عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ أَمْ أَفْرَزَهُ) أَيْ وَإِلَّا حَاصَّ الْغُرَمَاءَ وَلَا يُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ وَشَخَّصَهُ بِهَا) أَيْ بِالْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ الْمُعَيَّنُ لَهُ عَلَى الْغُرَمَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَعْيِينُ الْقِرَاضِ وَنَحْوِهِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ ثَبَتَ أَصْلُهُ بِبَيِّنَةٍ أَمْ لَا (قَوْلُهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ) أَيْ كَمَا قَالَ طفى تَقْدِيرُهُ الثَّابِتُ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ: الظَّاهِرُ تَعَلُّقُهُ بِوَصِيَّةٍ (قَوْلُهُ أَيْ وَيَحْرُمُ) حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى التَّحْرِيمِ، وَإِنْ كَانَ لَفْظُهُ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ لِحَمْلِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ نَاجِيٍّ لَفْظَهَا عَلَى التَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ بِكَثِيرٍ) أَيْ.
وَأَمَّا هِبَةُ الْقَلِيلِ كَدَفْعِ لُقْمَةٍ لِسَائِلٍ وَنَحْوِهَا فَجَائِزٌ كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَهَبَ لِلثَّوَابِ؛ لِأَنَّهَا بَيْعٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّرِيكِ وَعَامِلِ الْقِرَاضِ حَيْثُ جَاز لِلْأَوَّلِ هِبَةُ الْكَثِيرِ لِلِاسْتِئْنَافِ دُونَ الثَّانِي أَنَّ الْعَامِلَ رَجَعَ فِيهِ أَنَّهُ أَجِيرٌ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ شَرِيكٌ مَرْجُوحٌ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرِيكُ أَقْوَى مِنْهُ (قَوْلُهُ وَلَا تَوْلِيَةٌ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ رَبِّ الْمَالِ بِالرِّبْحِ فِيهَا (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَخَفْ الْوَضِيعَةَ) أَيْ