الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلَا يَرْتَفِعُ وَوَجَبَ عَلَى الْمُشْتَرِي مَا وَجَبَ فِي غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ
[دَرْسٌ]
(فَصْلٌ) فِي بُيُوعِ الْآجَالِ
وَهِيَ بُيُوعٌ ظَاهِرُهَا الْجَوَازُ لَكِنَّهَا تُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ، وَلِذَا قَالَ (وَمَنَعَ) عِنْدَ مَالِكٍ وَمَنْ تَبِعَهُ (لِلتُّهْمَةِ) أَيْ لِأَجْلِ ظَنِّ قَصْدِ مَا مُنِعَ شَرْعًا سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ (مَا) أَيْ بَيْعٌ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ (كَثُرَ قَصْدُهُ) أَيْ قَصْدُ النَّاسِ لَهُ لِلتَّوَصُّلِ إلَى الرِّبَا الْمَمْنُوعِ وَذَلِكَ (كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) أَيْ كَبَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ يُؤَدِّي إلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ، فَإِنَّهُ يَمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصْدُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ الْمَمْنُوعِ كَأَنْ يَبِيعَ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي إحْدَاهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ سِلْعَةَ وَدِينَارًا نَقْدًا أَخَذَ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَالْآخَرُ عَنْ الدِّينَارِ وَهُوَ سَلَفٌ وَلَكِنْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ مَنْعَ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إذَا شَرَطَ الدُّخُولَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا الِاتِّهَامِ عَلَى ذَلِكَ، كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ مِنْ الْفُرُوعِ الْمَبْنِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ (وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ) أَيْ وَكَبَيْعٍ يُؤَدِّي إلَى ذَلِكَ كَبَيْعِهِ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ وَيَشْتَرِيهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا فَآلَ أَمْرُهُ لِدَفْعِ خَمْسَةٍ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً (لَا مَا قَلَّ) قَصْدُهُ فَلَا يَمْنَعُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَيْسَ مِنْ سَبَبِ الْمُشْتَرِي وَلَا بِقُدْرَتِهِ فَلَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ حَصَّلَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُفَوِّتَ السِّلْعَةَ عَلَى رَبِّهَا بِحَيْثُ لَا تُرَدُّ لَهُ فَلِذَا إذَا عَادَ السُّوقَ الْأَوَّلَ مَا زَالَ فَوَاتُهَا عَلَى رَبِّهَا بَاقِيًا؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ اللَّهِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَالصَّدَقَةِ وَالنَّقْلِ، فَإِنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِأَجْلِ فَوَاتِهَا عَلَى رَبِّهَا فَإِذَا حَصَلَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ حَكَمْنَا بِالْفَوَاتِ نَظَرًا لِظَاهِرِ الْحَالِ فَإِذَا زَالَ ذَلِكَ الْمُفِيتُ حَكَمْنَا بِزَوَالِ حُكْمِهِ وَعَدَمِ الرَّدِّ نَظَرًا لِلِاتِّهَامِ وَلَا يُقَالُ: إنَّ تَغَيُّرَ الذَّاتِ لَيْسَ مِنْ سَبَبِهِ لِأَنَّا نَقُولُ: قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ بِتَجْوِيعٍ أَوْ تَفْرِيطٍ فِي صَوْنِهِ وَحَمْلِ الْغَالِبِ عَلَى غَيْرِهِ طَرْدًا لِلْبَابِ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَرْتَفِعُ) أَيْ حُكْمُ الْمُفِيتِ الَّذِي هُوَ عَدَمُ الرَّدِّ بَلْ هُوَ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ.
(قَوْلُهُ: مَا وَجَبَ فِي غَيْرِ مِثْلِيٍّ وَعَقَارٍ) أَيْ وَهُوَ الْحَيَوَانُ وَالْعُرُوضُ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ وَالْعَقَارُ فَقَدْ مَرَّ أَنَّهُمَا لَا يَفُوتَانِ بِتَغَيُّرِ الْأَسْوَاقِ
[فَصْلٌ فِي بُيُوعِ الْآجَالِ]
(قَوْلُهُ: تُؤَدِّي إلَى مَمْنُوعٍ) أَيْ وَهُوَ اجْتِمَاعُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ أَوْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً أَوْ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ.
(قَوْلُهُ: وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ) إمَّا عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِنَاءً عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ السَّعْدُ فِي شَرْحِ تَصْرِيفِ الْغَزِّيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَنَّ الْفَصْلَ بِالتَّرْجَمَةِ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْعَطْفِ فَوُجُودُهُ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ جُمْلَةٌ مُعْتَرَضَةٌ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَوْ أَنَّ الْوَاوَ لِلِاسْتِئْنَافِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ مِنْ أَنَّ أَكْثَرَ مَا تَقَعُ وَاوُ الِاسْتِئْنَافِ فِي أَوَائِلِ الْفُصُولِ وَالْأَبْوَابِ وَمَطَالِعِ الْقَصَائِدِ.
(قَوْلُهُ مَا كَثُرَ إلَخْ) نَائِبُ فَاعِلِ مُنِعَ أَيْ مُنِعَ الْبَيْعُ الَّذِي كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ لِأَجْلِ التُّهْمَةِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ فَاعِلُهُ وَفِي الْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ لَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْأَمْرَ الْمَمْنُوعَ وَقَوْلُهُ: كَبَيْعِ إلَخْ مِثَالٌ لِمَا كَثُرَ قَصْدُهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَبَيْعٍ يُؤَدِّي لِبَيْعٍ وَسَلَفٍ.
(قَوْلُهُ: كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالدَّيْنَ بِالدَّيْنِ وَالْمُبَادَلَةُ الْمُتَأَخِّرَةُ فَالْبَيْعُ الْمُؤَدِّي لِشَيْءٍ مِمَّا ذُكِرَ مَمْنُوعٌ لِكَثْرَةِ قَصْدِ النَّاسِ إلَيْهِ لِلتَّوَصُّلِ لِلْمَمْنُوعِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ عَلَى أَنَّهُمَا قَصَدَا الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ الْمَمْنُوعَ) أَيْ لِأَنَّ التُّهْمَةَ عَلَى قَصْدِ ذَلِكَ تَنْزِلُ مَنْزِلَةَ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَالنَّصُّ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ.
(قَوْلُهُ: فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ سِلْعَةً وَدِينَارًا) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهَا مُلْغَاةٌ.
(قَوْلُهُ: كَذَا قِيلَ) قَائِلُهُ عبق قَالَ ح اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي مَنْعِ صَرِيحِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَكَذَلِكَ مَا أَدَّى إلَيْهِ وَهُوَ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِهِ لَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ فِي مَنْعِهِ صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ بَشِيرٍ وَتَابِعُوهُ وَغَيْرُهُمْ انْتَهَى فَقَوْلُ عبق وَمَا ذَكَرَهُ هُنَا ضَعِيفٌ إلَخْ غَيْرُ صَحِيحٍ لِمَا عَلِمْت وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا تَقَدَّمَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الصُّوَر ثَلَاثٌ: بَيْعٌ وَسَلَفٌ بِشَرْطٍ وَلَوْ بِجَرَيَانِ الْعُرْفِ وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَى مَنْعِهَا سَابِقًا، وَبَيْعٌ وَسَلَفٌ بِلَا شَرْطٍ لَا صَرَاحَةَ وَلَا حُكْمًا وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي أَجَازُوهَا وَقَدْ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِيمَا مَرَّ وَتُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَذَلِكَ حَيْثُ يَتَكَرَّرُ الْبَيْعُ وَهِيَ الَّتِي تَكَلَّمَ عَلَى مَنْعِهَا الْمُصَنِّفُ هُنَا فَمَا أَجَازُوهُ سَابِقًا غَيْرُ مَا مَنَعُوهُ هُنَا؛ لِأَنَّ مَا هُنَا فِيهِ التُّهْمَةُ بِالدُّخُولِ عَلَى شَرْطِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَسَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ) هَذَا مِثَالٌ ثَانٍ لِمَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ لِأَجْلِ التَّوَصُّلِ لِلْمَمْنُوعِ، فَإِنْ قُلْت: الْبَيْعُ إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ لِسَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا فَكَانَ يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ. قَوْلُهُ: وَسَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ قُلْت الشَّيْءُ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ كَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَقَدْ يَكُونُ وَسِيلَةً كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَبَيَّنَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ، فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ لَمْ يُعْلَمْ حُكْمَ كَثْرَةِ الْقَصْدِ لِمَا يَكُونُ وَسِيلَةً ضَرُورَةَ أَنَّ قَصْدَ الْمَقَاصِدِ أَقْوَى مِنْ قَصْدِ الْوَسَائِلِ.
(قَوْلُهُ: فَآلَ أَمْرُهُ لِدَفْعِ إلَخْ) أَيْ فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّ شَيْئَهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَةً.
(قَوْلُهُ: لَا مَا قَلَّ) أَيْ لَا يُمْنَعُ بَيْعٌ جَائِزٌ فِي الظَّاهِرِ قَلَّ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ لِلتَّوَصُّلِ إلَى مَمْنُوعٍ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ
(كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ كَبَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ يُؤَدِّي لِذَلِكَ كَبَيْعِ ثَوْبَيْنِ بِدِينَارٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِي مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ أَحَدُهُمَا بِدِينَارٍ فَيَجُوزُ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِهِ دَفَعَ لَهُ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ مُدَّةَ بَقَائِهِ عِنْدَهُ بِالْآخَرِ لِضَعْفِ تُهْمَةِ ذَلِكَ لِقِلَّةِ قَصْدِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْجَاهَ وَالْقَرْضَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهَا سُحْتٌ (أَوْ أَسْلِفْنِي) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ (وَأُسَلِّفُك) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَنَصْبِ الْفِعْلِ أَيْ وَكَبَيْعٍ أَدَّى إلَى ذَلِكَ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهِ مِنْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا وَدِينَارٍ إلَى شَهْرَيْنِ فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ أَنَّهُ دَفَعَ الْآنَ دِينَارًا سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ دِينَارِهِ وَالثَّانِي سَلَفٌ مِنْهُ يَدْفَعُ لَهُ مُقَابِلَهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الثَّانِي فَلَا يُمْنَعُ لِضَعْفِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْغَالِبِ لَا يَقْصِدُونَ إلَى السَّلَفِ إلَّا نَاجِزًا لَا بَعْدَ مُدَّةٍ.
وَلَمَّا كَانَ مَا تَقَدَّمَ فَاتِحَةٌ لِبُيُوعِ الْآجَالِ أَتْبَعَهُ بِالْكَلَامِ عَلَيْهَا فَمَا اشْتَمَلَ عَلَى إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ مَنَعَ وَمَا لَا فَلَا بِقَوْلِهِ (فَمَنْ بَاعَ) مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا (لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ) أَيْ اشْتَرَى الْبَائِعُ أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ مِنْ وَكِيلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقَوْلُهُ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ إلَخْ مِثَالٌ لِمَا قَلَّ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ كَبَيْعٍ جَائِزٍ مُؤَدٍّ لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ مَا إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ بِلَا مَحْذُوفٍ وَهُوَ الْمَوْصُولُ الِاسْمِيُّ وَحَذْفَهُ مَعَ بَقَاءِ صِلَتِهِ جَائِزٌ وَمَثَّلُوا لَهُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [العنكبوت: 46] أَيْ وَاَلَّذِي أُنْزِلَ إلَيْكُمْ لِاخْتِلَافِ الْمَنْزِلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) إطْلَاقُ الضَّمَانِ هُنَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْحِفْظُ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لِلضَّمَانِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ إطْلَاقَيْنِ أَخَصُّ وَهُوَ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَأَعَمُّ وَهُوَ الْحِفْظُ وَالصَّوْنُ الْمُوجِبُ تَرْكُهُ لِلْغُرْمِ وَمِنْهُ قَوْلُنَا: وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ وَمِنْهُ ضَمَانُ الرِّهَانِ وَضَمَانُ الْمَبِيعِ وَمِنْ هَذَا الْإِطْلَاقِ الضَّمَانُ هُنَا فَهُوَ حَقِيقَةٌ لَا مَجَازٌ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ وَلَا يُنْظَرُ إلَخْ) حَكَى ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ فِي الْبَيْعِ الْمُؤَدِّي لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ قَوْلَيْنِ مَشْهُورَيْنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَازُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَلِذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ لِيَحْفَظَ لَهُ أَحَدُهُمَا.
(قَوْلُهُ: بِالْآخِرِ) أَيْ بِالثَّوْبِ الْآخِرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الضَّمَانُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ أَوْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ فَالْأَوَّلُ ظَاهِرٌ وَذَلِكَ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْك دَيْنٌ لِإِنْسَانٍ فَيَضْمَنُكَ شَخْصٌ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ وَالثَّانِي كَأَنْ تُسَلِّفَهُ اثْنَيْ عَشْرَ عَلَى شَرْطِ أَنْ يَرُدَّ لَكَ عَشَرَةً كَمَا فِي الصُّوَرِ الْآتِيَةِ.
(قَوْلُهُ: سُحْتٌ) فَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ كَسْبُ مَا لَا يَحِلُّ.
(قَوْلُهُ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ) إنَّمَا فُتِحَتْ الْهَمْزَةُ فِي الْأَوَّلِ وَضُمَّتْ فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ، وَبَابُ الْأَفْعَالِ تُفْتَحُ هَمْزَةُ أَمْرِهِ وَتُضَمُّ هَمْزَةُ مُضَارِعِهِ نَحْوَ أَكْرِمْنِي وَأُكْرِمُك.
(قَوْلُهُ: وَنُصِبَ الْفِعْلُ) أَيْ بِأَنْ مُضْمَرَةٍ بَعْدَ وَاوِ الْمَعِيَّةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ أَيْ لِيَكُنْ مِنِّي مَعَ سَلَفٍ مِنْك أَيْ لِيَكُنْ مِنْ كُلٍّ مِنْهُمَا سَلَفٌ لِلْآخَرِ.
(قَوْلُهُ: فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ السِّلْعَةَ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ وَعَادَتْ إلَيْهَا مُلْغَاةٌ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ لَهَا بَيْعٌ أَصْلًا.
(قَوْلُهُ: سَلَفٌ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ وَقَوْلُهُ: يَدْفَعُ أَيْ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مُقَابِلَهُ.
(قَوْلُهُ: لَا يَقْصِدُونَ إلَى السَّلَفِ إلَخْ) أَيْ إنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُمْ يَقْصِدُونَ السَّلَفَ حَالًا بِمَا يَدْفَعُونَهُ.
(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ مُدَّةٍ) أَيْ وَلَا يَقْصِدُونَ أَنَّ مَا يَدْفَعُونَهُ قَدْ يَئُولُ أَمْرُهُ إلَى كَوْنِهِ سَلَفًا كَمَا فِي دَفْعِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الدِّينَارَيْنِ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ مَا تَقَدَّمَ فَاتِحَةً لِبُيُوعِ الْآجَالِ) أَيْ إنَّ مَا تَقَدَّمَ قَاعِدَتَانِ لِبُيُوعِ الْآجَالِ يَتَفَرَّعُ عَلَيْهَا جَمِيعُ مَسَائِلِ الْبَابِ الْآتِيَةِ فَقَوْلُهُ: يَمْنَعُ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْبَابِ الْمَمْنُوعَةِ وَقَوْلُهُ: لَأَقَلَّ يَشْمَلُ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْبَابِ الْجَائِزَةِ فَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي مُفَصَّلَةٌ لِلْقَاعِدَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ إجْمَالًا.
(قَوْلُهُ: فَمَا اشْتَمَلَ عَلَى إحْدَى الْعِلَّتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْنِ) أَيْ وَهُمَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَسَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ إلَخْ) أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا إلَى أَنَّ شُرُوطَ بُيُوعِ الْآجَالِ الْمُتَطَرِّقِ إلَيْهَا التُّهْمَةُ خَمْسَةٌ أَنْ تَكُونَ الْبَيْعَةُ الْأُولَى لِأَجَلٍ فَلَوْ كَانَتْ نَقْدًا كَانَتْ الثَّانِيَةُ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ فَلَيْسَتَا مِنْ هَذَا الْبَابِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرَى ثَانِيًا هُوَ الْمَبِيعُ أَوَّلًا وَأَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ ثَانِيًا هُوَ الْمُشْتَرِي أَوَّلًا أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ، وَالْبَائِعُ أَوَّلًا هُوَ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ وَالْمُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ كُلِّ وَاحِدٍ وَكِيلَهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَكِيلُ بِبَيْعِ الْآخَرِ أَوْ شِرَائِهِ أَوْ جَهِلَهُ وَأَنْ يَكُونَ صِنْفُ ثَمَنِ الشِّرَاءِ الثَّانِي مِنْ صِنْفِ ثَمَنِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي بَاعَ بِهِ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا) اعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي الْمُقَوَّمِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمِثْلِيِّ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمِثْلِيُّ قَدْرًا أَوْ صِفَةً بِمِثْلِهِ فَمَنْ عَمَّمَ هُنَا فَقَدْ أَخْطَأَ، كَذَا قَالَ ح.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اشْتَرَاهُ) لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ ثُمَّ التَّرَاخِيَ أَوْ أَنَّهُ نَصَّ عَلَى التَّرَاخِي؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ جَوَازُهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَفَاعِلُ اشْتَرَاهُ هُوَ فَاعِلُ بَاعَ وَالضَّمِيرُ الْمَنْصُوبُ عَائِدٌ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمَحْذُوفِ أَيْ بَاعَ شَيْئًا وَحَذَفَهُ لِلْعُمُومِ وَقَوْلُهُ: اشْتَرَاهُ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ كَمَحْجُورِهِ مَثَلًا فَهُوَ
أَوْ مَأْذُونِهِ عَيَّنَ مَا بَاعَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مَنْ تَنَزَّلَ مَنْزِلَتَهُ (بِجِنْسِ ثَمَنِهِ) الَّذِي بَاعَهُ بِهِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ عَيْنٍ) مُتَّفَقٌ فِي الْبَيْعَتَيْنِ صِنْفًا وَصِفَةً كَمُحَمَّدِيَّتَيْنِ أَوْ يَزِيدِيَّتَيْنِ وَسَيَذْكُرُ اخْتِلَافَ السِّكَّةِ فِي قَوْلِهِ وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ (وَطَعَامٍ) ، وَلَوْ اخْتَلَفَتْ صِفَتُهُ مَعَ اتِّفَاقِ صِنْفِهِ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ (وَعَرَضٍ) وَالْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى أَوْ (فَإِمَّا) أَنْ يَشْتَرِيَهُ (نَقْدًا أَوْ لِلْأَجْلِ) الْأَوَّلِ (أَوْ) لِأَجْلِ (أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَجَلِ وَفِي كُلٍّ مِنْهَا إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَهُ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) الْأَوَّلِ (أَوْ أَقَلَّ) مِنْهُ (أَوْ أَكْثَرَ) يَحْصُلُ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً (يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ) بِأَنْ يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ وَأَبْعَدَ مِنْهُ وَعِلَّةُ الْمَنْعِ تُهْمَةُ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلَيْنِ مِنْ الْبَائِعِ وَفِي الْأَخِيرَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا التِّسْعُ صُوَرٍ الْبَاقِيَةِ فَجَائِزَةٌ وَالضَّابِطُ أَنَّهُ إنْ تَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ الثَّمَنَانِ فَالْجَوَازُ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ أَوْ الثَّمَنَانِ فَانْظُرْ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ بِالْعَطَاءِ، فَإِنْ دَفَعَتْ قَلِيلًا عَادَ إلَيْهَا كَثِيرًا فَالْمَنْعُ وَإِلَّا فَالْجَوَازُ
وَلَمَّا ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلُّهُ أَوْ تَأْجِيلَهُ كُلُّهُ وَكَانَتْ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ ذَكَرَ أَحْوَالَ تَعْجِيلِ بَعْضِهِ فِي كُلِّ الصُّوَرِ وَتَأْجِيلِ الْبَعْضِ الْبَاقِي إلَى أَجَلٍ دُونَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ مِثْلِهِ أَوْ أَبْعَدَ وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَضْرُوبَةٌ فِي أَحْوَالِ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّلَاثَةِ فَالْمَجْمُوعُ تِسْعٌ وَتَسْقُطُ صُوَرُ النَّقْدِ الثَّلَاثِ مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ فَقَالَ (وَكَذَا لَوْ أَجَّلَ) مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي (بَعْضُهُ) وَعَجَّلَ بَعْضَهُ (مُمْتَنِعٌ) مِنْ الصُّوَرِ التِّسْعِ (مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَقَوْلُهُ: فَإِمَّا نَقْدًا عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ هُوَ الْجَوَابُ وَالتَّقْدِيرُ فَفِي شِرَائِهِ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ أَيِّ وَاحِدٍ مِمَّا ذَكَرَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ إمَّا نَقْدًا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَأْذُونِهِ) أَيْ عَبْدِهِ الَّذِي أَذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَتَّجِرُ لِسَيِّدِهِ أَمَّا إنْ اشْتَرَى لِنَفْسِهِ جَازَ مُطْلَقًا وَقِيلَ يُكْرَهُ وَقِيلَ يُمْنَعُ كَالْوَكِيلِ.
(قَوْلُهُ: وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ وَعَرَضٌ) أَيْ وَالْمُرَادُ عَرَضٌ مُتَّفَقُ الصِّنْفِيَّةِ فِي الْبَيْعَتَيْنِ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ صِفَتُهُمَا أَوْ اخْتَلَفَتْ، وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ وَالطَّعَامَ فَيَشْمَلُ الْحَيَوَانَ.
(قَوْلُهُ: يَحْصُلُ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً) أَيْ مِنْ ضَرْبَ ثَلَاثَةِ أَحْوَالِ الثَّمَنِ الثَّانِي وَهُوَ كَوْنُهُ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فِي أَرْبَعِ أَحْوَالِ الشِّرَاءِ الثَّانِي مِنْ كَوْنِهِ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْهُ، وَإِنْ شِئْت قُلْت وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ الْعُقْدَةُ الثَّانِيَةُ فِي مَجْلِسِ الْعُقْدَةِ الْأُولَى أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ السِّلْعَةُ قَدْ قَبَضَهَا الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ مَضْرُوبَةٌ فِي اثْنَيْ عَشَرَ تَكُونُ الصُّوَرُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ صُورَةً، وَإِنْ شِئْت قُلْتَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ طَعَامًا أَوْ حَيَوَانًا لَكِنْ الْمُصَنِّفُ فَرَضَ الْكَلَامَ فِي الْعَيْنِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِي الطَّعَامِ وَالْعَرَضِ وَالْحَيَوَانِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِأَقَلَّ إلَخْ) كَأَنْ يَشْتَرِي مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشْرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ ثَمَانِيَةً فِي الْأَوَّلِيَّيْنِ الْآنَ أَوْ بَعْدَ نِصْفِ شَهْرٍ وَيَرْجِعُ لَهُ بَدَلَهَا عَشَرَةً بَعْدَ شَهْرٍ وَالْبَائِعُ الثَّانِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ فِي الْأَخِيرَةِ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ شَهْرَيْنِ اثْنَيْ عَشْرَ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهُ) أَيْ دَفْعَ الْقَلِيلِ فِي الْكَثِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا التِّسْعُ صُوَرٍ الْبَاقِيَةُ) أَيْ وَهِيَ شِرَاؤُهُ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَشِرَاؤُهُ بِثَمَانِيَةٍ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَشِرَاؤُهُ بِاثْنَيْ عَشْرَ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الثَّمَنَانِ) أَيْ أَوْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ فَأَجِزْ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْأَجَلَانِ وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ وَذَلِكَ بِأَنْ بَاعَ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: إنْ تَسَاوَى الْأَجَلَانِ إلَخْ أَيْ فَأَجِزْ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الثَّمَنَانِ وَهَذَا صَادِقٌ بِثَلَاثِ صُوَرٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ.
(قَوْلُهُ: فَالْمَنْعُ) أَيْ وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ بِأَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشْرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْجَوَازُ) وَذَلِكَ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: أَنْ يَشْتَرِيَ مَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلِ بِاثْنَيْ عَشْرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: وَكَانَتْ) أَيْ أَحْوَالُ تَأْجِيلِ الثَّمَنِ الثَّانِي كُلِّهِ أَوْ تَعْجِيلُ كُلِّهِ أَرْبَعَةً: وَهِيَ تَأْجِيلُهُ إلَى الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَلَاثٌ تُضَمُّ لِتَعْجِيلِهِ كُلِّهِ فَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَقَوْلُهُ: فِي ثَلَاثَةٍ أَيْ كَوْنِ الثَّمَنِ الثَّانِي قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ الصُّوَرِ) أَيْ كَانَ هَذَا الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: مَضْرُوبَةٌ فِي أَحْوَالِ قَدْرِ الثَّمَنِ) أَيْ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّانِي وَهِيَ كَوْنُهُ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ أَجَّلَ بَعْضَهُ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ فِيمَا مَضَى مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كَذَلِكَ لَوْ أَجَّلَ مِنْ الثَّمَنِ الثَّانِي بَعْضَهُ يَمْتَنِعُ فِي صُورَةِ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ.
(قَوْلُهُ: مُمْتَنِعٌ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَمَا تَعَجَّلَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُمْتَنِعٌ مُبْتَدَأٌ وَمَا بَعْدَهُ فَاعِلٌ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ لَا يَشْتَرِطُ فِي وُقُوعِ الْوَصْفِ مُبْتَدَأَ الِاعْتِمَادِ، وَكَذَا مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ مُؤَكَّدٌ عَامِلُهُ مُمْتَنِعٌ أَيْ مُمْتَنِعٌ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ كَالِامْتِنَاعِ السَّابِقِ
أَيْ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ أَوْ بَعْضِهِ فَتَحْتُهُ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٌ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٌ لِدُونِ الْأَجَلِ وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ بِاثْنَيْ عَشَرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَعَجَّلَ الْأَقَلَّ وَهُوَ الْعَشَرَةُ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ وَهُوَ السَّبْعَةُ الَّتِي لِأَبْعَدَ فَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً خَمْسَةً مِنْهَا عَنْ الْخَمْسَةِ الْأُولَى وَخَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةً.
(أَوْ) مَا تَعَجَّلَ فِيهِ (بَعْضَهُ) أَيْ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ أَوْ بَعْضَهُ فَتَحْتُهُ صُورَتَانِ أَيْضًا الْأُولَى أَنْ يَبِيعَهَا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِلْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ تَقَعُ الْمُقَاصَّةُ فِي أَرْبَعَةٍ عِنْدَ الشَّهْرِ وَيَأْخُذُ سِتَّةً عَنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي نَقَدَهَا أَوَّلًا فَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٍ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٍ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً سِتَّةً عَنْ الْأَرْبَعَةِ الْأُولَى وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ، وَأَرْبَعَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعَةً، فَالْمَمْنُوعُ أَرْبَعَةٌ وَالْجَائِزُ خَمْسَةٌ.
وَلَمَّا كَانَ مِنْ ضَابِطِ الْجَوَازِ أَنْ يَسْتَوِيَ الْأَجَلَانِ وَمِنْ ضَابِطِ الْمَنْعِ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الْيَدِ السَّابِقَةِ أَكْثَرَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهَا نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يُعْرَضُ الْمَنْعُ لِلْجَائِزِ فِي الْأَصْلِ وَالْجَوَازُ لِلْمُمْتَنِعِ فِي الْأَصْلِ بِقَوْلِهِ مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ (كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ) كَبَيْعِهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ شِرَائِهَا إلَيْهِ (إنْ شَرَطَا) حِينَ الشِّرَاءِ (نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ) وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ) أَيْ لِابْتِدَائِهِ بِهِ بِسَبَبِ عِمَارَةِ ذِمَّةِ كُلٍّ لِلْآخَرِ، وَمَفْهُومٌ أَنَّ شَرْطَ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ أَنَّهُمَا إنْ لَمْ يُشْتَرَطَا نَفْيُهَا بِأَنْ اشْتَرَطَاهَا أَوْ سَكَتَا عَنْهَا جَازَ وَهُوَ كَذَلِكَ (وَلِذَلِكَ) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ لِلشَّرْطِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمُقَاصَّةِ تَأْثِيرًا سَوَاءٌ تَعَلَّقَ بِثُبُوتِهَا أَوْ نَفْيِهَا (صَحَّ فِي أَكْثَرِ) مِنْ الثَّمَنِ الْمَبِيعِ بِهِ كَبَيْعِهَا بِعَشَرَةٍ لِشَهْرِ وَشِرَائِهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ (لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ (إذَا شَرَطَاهَا) أَيْ الْمُقَاصَّةَ لِلسَّلَامَةِ مِنْ دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، وَلَوْ سَكَتَا عَنْ شَرْطِهَا بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي عِلَّتِهِ وَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
(قَوْلُهُ: أَيْ كُلُّهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ) أَيْ تَعَجَّلَ فِيهِ كُلَّ الْأَقَلِّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَعْضُهُ أَيْ أَوْ تَعَجَّلَ فِيهِ كُلَّ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ.
(قَوْلُهُ: الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا تَعَجَّلَ كُلَّ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِيهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٌ نَقْدًا وَأَرْبَعَةٌ لِدُونِ الْأَجَلِ) أَيْ فَقَدْ دَفَعَ قَلِيلًا فِي كَثِيرٍ فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ السِّلْعَةَ لَمَّا خَرَجَتْ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ ثُمَّ عَادَتْ إلَيْهِ صَارَتْ مُلْغَاةً فَآلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْ يَدِهِ ثَمَانِيَةٌ بَعْضُهَا نَقْدًا وَبَعْضُهَا مُؤَجَّلًا يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي عَشَرَةً فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا تَعَجَّلَ كُلٌّ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ) أَيْ بَيْعُهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْبَائِعَ) أَيْ الثَّانِيَ وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَلَوْ قَالَ: لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ؛ كَانَ أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ: وَخَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعَةً) أَيْ وَهَذَا سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ
(قَوْلُهُ: الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا عَجَّلَ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ.
(قَوْلُهُ: وَالثَّانِيَةُ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا عَجَّلَ بَعْضُ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ وَقَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا بِثَمَانِيَةٍ أَرْبَعَةٌ نَقْدًا إلَخْ هَذِهِ الصُّورَةُ لَا يَصِحُّ التَّمْثِيلُ بِهَا لِمَا تَعَجَّلَ فِيهِ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى بَعْضِ الْأَكْثَرِ كَمَا ذَكَرَهُ بَلْ هِيَ مِمَّا تَعَجَّلَ فِيهِ بَعْضَ الْأَقَلِّ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ بَعْضُهُ الْمُرَادُ بِهِ أَوْ تَعَجَّلَ بَعْضَهُ عَلَى كُلِّ الْأَكْثَرِ وَهُوَ يَشْمَلُ الصُّورَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ وَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى بَعْضِهِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَشْتَرِيَهَا) أَيْ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ.
(قَوْلُهُ: فَالْمَمْنُوعُ) أَيْ مِنْ الصُّوَرِ التِّسْعِ. وَقَوْلُهُ: وَالْجَائِزُ خَمْسَةُ أَيْ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ بِعَشَرَةٍ خَمْسَةٌ مِنْهَا نَقْدًا وَخَمْسَةٌ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ يَشْتَرِيهَا بِاثْنَيْ عَشْرَ خَمْسَةٍ نَقْدًا وَسَبْعَةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ، وَحَاصِلُ هَذِهِ الصُّوَرِ التِّسْعِ أَنْ تَقُولَ: إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الْبَعْضُ الْمُؤَجَّلُ أَجَلَهُ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ دُونَهُ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ جَازَ مُطْلَقًا فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مُنِعَتْ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْبَعْضُ مُؤَجَّلًا لِأَبْعَدَ
(قَوْلُهُ: مُشَبَّهًا فِي الْمَنْعِ) هُوَ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ نَبَّهَ.
(قَوْلُهُ: كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَا) كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إنْ شَرَطَ كَانَ الشَّرْطُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا فَالتَّثْنِيَةُ لَيْسَتْ شَرْطًا.
(قَوْلُهُ: جَازَ) أَيْ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمُقَاصَّةُ؛ لِأَنَّهُ يَقْضِي بِهَا عِنْدَ تَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْمُتَمَاثِلَانِ فَلَمْ يَبْقَ إذَا كَانَ الثَّمَنُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ غَيْرَ الزَّائِدِ فِي إحْدَى الذِّمَّتَيْنِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا تَعْمِيرُ ذِمَّةٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ) أَيْ الْبَيْعُ فِي مَسْأَلَةِ شِرَائِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَبْعَدِ مِنْ الْأَجَلِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذْ بَاقِي الصُّوَرِ الْمَمْنُوعَةِ كَذَلِكَ وَهِيَ شِرَاؤُهَا ثَانِيًا بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ كَمَا فِي ح وَحِينَئِذٍ فَاقْتِصَارُ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَكْثَرِ فَرْضُ مِثَالٍ.
(قَوْلُهُ: بَقِيَ الْمَنْعُ عَلَى أَصْلِهِ) أَيْ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ وَهِيَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا فَظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ الصُّوَرِ الَّتِي أَصْلُهَا الْمَنْعُ وَاَلَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّتِي أَصْلُهَا الْجَوَازُ لَا يُفْسِدُهَا إلَّا شَرْطُ نَفْيِ الْمُقَاصَّةِ لَا السُّكُوتُ لِأَنَّ التُّهْمَة فِيهَا
(وَالرَّدَاءَةُ) مِنْ جَانِبٍ (وَالْجَوْدَةُ) مِنْ جَانِبٍ آخَرَ مُعْتَبَرَتَانِ فِي الثَّمَنَيْنِ (كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) فَالرَّدِيءُ كَالْقَلِيلِ وَالْجَيِّدُ كَالْكَثِيرِ فَحَيْثُ يُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ يُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الرَّدِيءُ وَحَيْثُ جَازَ يَجُوزُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَهُوَ يُفِيدُ الْجَوَازَ فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْأَجَلَانِ أَوْ دَفَعَتْ الْيَدُ السَّابِقَةُ أَجْوَدَ فَعَادَ إلَيْهَا أَرْدَأَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ مِنْ مَنْعِ صُوَرِ الْأَجَلِ كُلِّهَا وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الثَّمَنِ الثَّانِي مُعَجَّلًا نَقْدًا وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ فِي اتِّحَادِ الْقَدْرِ وَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ فَقَطْ يَجُوزُ مِنْهَا صُورَةٌ فَقَطْ وَهِيَ مَا نُقِدَ فِيهَا الْأَجْوَدُ وَيُمْنَعُ الْبَاقِي فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْآتِيَةِ.
ثُمَّ صَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ قَوْلِهِ: بِجِنْسِ ثَمَنِهِ بِقَوْلِهِ (وَمُنِعَ) بَيْعُ سِلْعَةٍ (بِذَهَبٍ وَ) شِرَاؤُهَا (بِفِضَّةٍ) أَوْ عَكْسُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ضَعِيفَةٌ فَإِذَا شَرَطَ نَفْيَهَا تَحَقَّقَتْ التُّهْمَةُ، وَأَمَّا مَا أَصْلُهَا الْمَنْعُ فَتَجُوزُ إذَا شَرَطَاهَا؛ لِأَنَّ التُّهْمَةَ فِيهَا قَوِيَّةٌ فَإِذَا شَرَطَاهَا بَعُدَتْ التُّهْمَةُ فَلِذَا قِيلَ بِالْمَنْعِ إذَا سَكَتَ عَنْ اشْتِرَاطِهَا.
(قَوْلُهُ: وَالرَّدَاءَةُ وَالْجَوْدَةُ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ أَنَّ الصُّوَرَ اثْنَا عَشْرَ بِأَنْ تَقُولَ إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ أَوْ بِالْعَكْسِ فَلِذَلِكَ الشِّرَاءُ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِأَقَلَّ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِجَيِّدٍ وَيَشْتَرِيَ بِرَدِيءِ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً، وَإِنَّ الصُّوَرَ الَّتِي تَمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَيُمْنَعُ تَعْجِيلُ الْأَرْدَإِ فِيهَا وَإِذَا اشْتَرَى بِأَرْدَأَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَجْوَدَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ هَذَا مُقْتَضَى التَّشْبِيهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّ صُّوَرَ الْأَجَلِ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: فَحَيْثُ يُمْنَعُ إلَخْ) أَيْ فَالصُّوَرُ الثَّلَاثُ الَّتِي يُمْنَعُ فِيهَا تَعْجِيلُ الْأَقَلِّ يُمْنَعُ فِيهَا تَعْجِيلُ الرَّدِيءِ فَحَيْثُ ظَرْفُ مَكَان مَجَازًا.
(قَوْلُهُ: وَحَيْثُ جَازَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ ضَمِيرَ جَازَ رَاجِعٌ لِتَعْجِيلِ الْأَقَلِّ مَعَ أَنَّ تَعْجِيلَ الْأَقَلِّ دَائِمًا مَمْنُوعٌ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا مُقَاصَّةٌ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ضَمِيرَ جَازَ رَاجِعٌ لِلتَّعْجِيلِ لَا بِقَيْدِ الْأَقَلِّ أَوْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْعَقْدِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا اسْتَوَى الْأَجَلَانِ) أَيْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَجْوَدَ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَرَادَ مِنْهُ كَانَ الثَّانِي أَقَلَّ عَدَدًا مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: فَعَادَ إلَيْهَا أَرْدَأُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَرْدَأُ الَّذِي عَادَ إلَيْهِ أَزْيَدَ عَدَدًا مِمَّا دَفَعَهُ أَوْ مُسَاوِيًا فِي الْعَدَدِ لِمَا دَفَعَهُ أَوَّلًا وَأَقَلَّ مِنْهُ فِي الْعَدَدِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا سَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ مَنْعِ صُوَرَ الْأَجَلِ كُلِّهَا) أَيْ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ الثَّانِيَ إمَّا دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُسَاوِيًا لِلْأَوَّلِ فِي الْقَدْرِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِجَيِّدٍ وَالشِّرَاءُ بِرَدِيءٍ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ صُورَةً كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ وَلَا يَتَأَتَّى هُنَا الْمُقَاصَّةُ لِاخْتِلَافِ الصِّفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَيُجَابُ بِأَنَّ التَّشْبِيهَ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِوُقُوعِ الثَّمَنِ الثَّانِي مُعَجَّلًا) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: وَالْجَوْدَةُ وَالرِّدَاءُ فِي الْجَوَازِ وَالْمَنْعِ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا أَيْ وَالْفَرْضُ اتِّحَادُ الثَّمَنَيْنِ فِي الْقَدْرِ وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْمُؤَجَّلِ جَازَ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مُنِعَ فَكَذَا هُنَا إنْ كَانَ الْمُعَجَّلَ الْأَجْوَدَ جَازَ، وَإِنْ كَانَ الْأَرْدَأَ مُنِعَ وَقَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ إلَخْ أَيْ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الْمَنْعَ فِي اخْتِلَافِ السِّكَّتَيْنِ حَيْثُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا مُطْلَقًا وَاخْتِلَافُ السِّكَّتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ الِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الثَّمَنَانِ غَيْرَ مُتَّحِدَيْ الْقَدْرِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَزْيَدَ مِنْ الْآخَرِ كَانَ هُنَاكَ قِلَّةٌ وَكَثْرَةٌ حَقِيقَةً فَلَا يَصِحُّ التَّشْبِيهُ.
(قَوْلُهُ: فِي اتِّحَادِ الْقَدْرِ) أَيْ قَدْرِ الثَّمَنِ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ أَيْ أَنَّهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي الْقَدْرِ وَالْعَدَدِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَيِّدًا أَوْ الْآخَرُ رَدِيئًا.
(قَوْلُهُ: وَصُوَرُهَا ثَمَانِيَةٌ) أَيْ وَصُوَرُ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنَانِ مُتَّحِدَيْ الْقَدْرِ وَبَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ أَوْ الْعَكْسُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ أَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ بِجَيِّدٍ وَاشْتَرَى بِرَدِيءٍ وَأَرْبَعَةٌ فِيمَا إذَا بَاعَ بِرَدِيءٍ وَاشْتَرَى بِجَيِّدٍ فَمَتَى كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ مُنِعَ لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلِلْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي مُعَجَّلًا، فَإِنْ عَجَّلَ الْأَرْدَأ مُنِعَ السَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ، وَإِنْ عَجَّلَ الْأَجْوَدَ جَازَ لِانْتِفَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَالْبَدَلِ الْمُؤَخَّرِ وَالسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ أَخَصُّ مِنْ الْآتِيَةِ) أَيْ أَنَّ مَسْأَلَةَ الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ أَخَصُّ مِنْ مَسْأَلَةِ السِّكَّتَيْنِ لِفَرْضِ هَذِهِ فِي اتِّحَادِ الثَّمَنَيْنِ قَدْرًا، وَأَمَّا
فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشَرَ فِي تَقْدِيمِ الذَّهَبِ وَمِثْلُهَا فِي تَقْدِيمِ الْفِضَّةِ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ أَيْ الِاتِّهَامِ عَلَيْهِ، وَلِذَا لَوْ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ جَازَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا) بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ يَزِيدُ عَلَى الْمُؤَخَّرِ بِقَدْرِ نِصْفِ الْمُؤَخَّر كَبَيْعِ ثَوْبٍ بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِسِتِّينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ.
(و) مُنِعَ الْبَيْعُ ثُمَّ الشِّرَاءُ (بِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) سَوَاءٌ اتَّفَقَ الْأَجَلَانِ أَوْ اخْتَلَفَا وَسَوَاءٌ اتَّفَقَا فِي الْعَدَدِ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ أَمْ لَا (كَشِرَائِهِ لِلْأَجَلِ) الْأَوَّلِ وَأَوْلَى لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ (بِمُحَمَّدِيَّةٍ) نِسْبَةً لِمُحَمَّدٍ السَّفَّاحِ أَوَّلِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ وَهِيَ الْجَيِّدَةُ (مَا) أَيْ شَيْئًا (بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ) نِسْبَةً لِيَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ وَهِيَ الرَّدِيئَةُ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُقَاصَّةِ هُنَا إذْ شَرْطُهَا تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ
(وَإِنْ اشْتَرَى) مَا بَاعَهُ (بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ) أَيْ ثَمَنِ الْمَبِيعِ بِأَنْ بَاعَ السِّلْعَةَ بِدِينَارٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاشْتَرَاهَا بِشَاةٍ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَقَلَّ أَوْ لِأَكْثَرَ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَرْبَعِ إمَّا قِيمَتُهَا قَدْرَ قِيمَةِ السِّلْعَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْآتِيَةُ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْ اتِّحَادِهِمَا قَدْرًا أَوْ كَوْنُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ) حَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِفِضَّةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِذَهَبٍ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الذَّهَبُ قِيمَةَ الْفِضَّةِ أَوْ أَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً وَمِثْلُهَا يُقَالُ فِيمَا إذَا بَاعَ أَوَّلًا بِذَهَبٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِفِضَّةٍ فَالصُّوَرُ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِتُهْمَةِ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ، فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ الْمَذْكُورَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرُ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ عَجَّلَ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا كَأَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِسِتِّينَ دِرْهَمًا لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِدِينَارَيْنِ نَقْدًا وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ هَلْ هُوَ جَائِزٌ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تُهْمَةَ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ مُنْتَفِيَةٌ بِالْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْمُحْتَاجَ قَدْ يَأْخُذُ الْقَلِيلَ لِحَاجَتِهِ وَيَدْفَعُ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَثِيرَ جِدًّا فَفِيهِ دَفْعُ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، كَذَا نَظَرَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ قَالَ بْن وَهُوَ قُصُورٌ فَقَدْ نَصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمَنْعِ وَذَكَرَ نَصَّهَا فَانْظُرْهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ وَالْمُسَاوَاةَ هُنَا أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بِاعْتِبَارِ صَرْفِ الْمِثْلِ لَا بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ الْقِلَّةَ وَالْمُسَاوَاةَ وَالْكَثْرَةَ بِاعْتِبَارِ الذَّاتِ إنَّمَا تَتَأَتَّى فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ
(قَوْلُهُ: وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ بِسِكَّةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى بِسِكَّةٍ أُخْرَى لِأَجَلٍ فَإِمَّا أَنْ يَتَسَاوَى الْأَجَلَانِ أَوْ يَكُونَ الْأَجَلُ الثَّانِي أَقَلَّ مِنْ الْأَوَّلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَتَسَاوَى الثَّمَنَانِ فِي الْقَدْرِ أَوْ يَكُونُ الثَّانِي أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَبِيعَ بِسِكَّةٍ جَيِّدَةٍ وَيَشْتَرِي بِرَدِيئَةٍ أَوْ الْعَكْسُ فَهَذِهِ ثَمَانَ عَشَرَةَ صُورَةً مَمْنُوعَةً لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ لِاشْتِغَالِ الذِّمَّتَيْنِ كُلُّ هَذَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي مُؤَجَّلًا كَالْأَوَّلِ، أَمَّا إنْ كَانَ نَقْدًا فَصُوَرُهُ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِيَ إمَّا قَدْرُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ، وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ بِالْأَجْوَدِ أَوْ الْأَرْدَإِ يَجُوزُ مِنْهَا اثْنَتَانِ مَا إذَا اشْتَرَى بِأَجْوَدَ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوِيًا وَالْأَرْبَعَةُ مَمْنُوعَةٌ وَالْمَفْهُومُ إذَا كَانَ فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَعْتَرِضُ بِهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الِاخْتِلَافَ بِالسِّكَّتَيْنِ كَالِاخْتِلَافِ بِالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَأُخِذَ مِمَّا هُنَا الْمَنْعُ فِي صُوَرِ الْأَجَلِ كُلِّهَا وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشْرَ كَمَا عَلِمْت وَأُخِذَ مِمَّا تَقَدَّمَ التَّفْصِيلَ فِي صُوَرِ النَّقْدِ وَهِيَ سِتَّةٌ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَخْ) أَيْ وَأَوْلَى عَكْسُهُ فَقَدْ نَبَّهَ بِالْمِثَالِ الْأَخَفِّ تُهْمَةً عَلَى مَنْعِ الْأَشَدِّ تُهْمَةً.
(قَوْلُهُ: تَسَاوِي الدَّيْنَيْنِ) أَيْ فِي الْقَدْرِ وَالصِّفَةِ
(قَوْلُهُ: بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنُهُ) الضَّمِيرُ فِي مُخَالِفٍ رَاجِعٌ لِعَرَضٍ؛ لِأَنَّهُ نَعْتٌ لَهُ وَضَمِيرُ ثَمَنِهِ لِلْمَبِيعِ فَهُوَ مَنْصُوبٌ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ بِمُخَالِفٍ أَيْ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ ذَلِكَ الْعَرَضَ الثَّمَنُ الَّذِي بِيعَ بِهِ أَوَّلًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِيعَ أَوَّلًا بِعَرَضٍ أَوْ بِعَيْنٍ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَضِ مَا قَابَلَ الْعَيْنَ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَالْحَيَوَانَ، وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ لِصِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَانَ أَظْهَرَ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مُخَالِفٌ ثَمَنَهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَاهُ بِعَرَضٍ مُوَافِقٍ لِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ فِي الصِّنْفِيَّةِ كَمَا لَوْ بَاعَ سِلْعَةً بِثَوْبٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِثَوْبٍ فَالشِّرَاءُ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً يُمْنَعُ مِنْهَا مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ اتِّفَاقًا وَذَلِكَ ثَلَاثُ صُوَرٍ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِيَةِ أَقَلَّ وَكَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى وَكَانَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَمَا عَدَاهَا فَالْجَوَازُ اتِّفَاقًا فِي الْجَمِيعِ وَذَلِكَ إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْأُولَى كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوَّلَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ الْأُولَى وَكَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوَّلِهِ أَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِيَةِ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الْأُولَى وَكَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَأَمَّا قَوْلُ عبق إذَا عَجَّلَ الْأَكْثَرَ فَفِي جَوَازِهِ وَمَنْعِهِ قَوْلَانِ فَقَدْ رَدَّهُ بْن بِأَنَّ هَذَا جَائِزٌ اتِّفَاقًا
(جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ) وَمُنِعَتْ التِّسْعَةُ الْبَاقِيَةُ وَهِيَ مَا أُجِّلَ فِيهِ الثَّمَنَانِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ.
(وَ) الْمَبِيعُ (الْمِثْلِيُّ) مِنْ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ وَمَعْدُودٍ الْمُوَافِقُ لِمَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ (صِفَةً وَقَدْرًا كَمِثْلِهِ) أَيْ كَعَيْنِهِ أَيْ كَعَيْنِ مَا بَاعَهُ وَمِنْ اشْتَرَى عَيْنَ مَا بَاعَهُ فَفِيهِ الِاثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً فَمَنْ بَاعَ إرْدَبًّا لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ وَالثَّمَنُ إمَّا مُسَاوٍ لِلْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (فَيُمْنَعُ) مِنْهَا الثَّلَاثُ الَّتِي عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ وَصُورَتَانِ أَيْضًا هُمَا بَقِيَّةُ صُوَرِ الْأَقَلِّ وَهُمَا شِرَاؤُهُ مِثْلَهُ (بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ) مِنْهُ لَكِنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ فِيهِمَا (إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ) أَيْ عَلَيْهِ غَيْبَةٌ يُمْكِنُهُ الِانْتِفَاعُ بِهِ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ؛ لِأَنَّهُمْ يَعُدُّونَ الْغَيْبَةَ عَلَى الْمِثْلِيِّ لِكَوْنِهِ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ سَلَفًا فَيَصِيرُ الْمَمْنُوعُ خَمْسًا وَهِيَ شِرَاؤُهُ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ وَقَدْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا أَوْ لِنِصْفِ الشَّهْرِ أَوْ لِلشَّهْرِ أَوْ لِشَهْرَيْنِ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِشَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ يَصِيرُ لَهُ دِرْهَمَانِ تَرَكَهُمَا لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ فِي نَظِيرِ غَيْبَتِهِ عَلَى الْمِثْلِيِّ وَهِيَ تُعَدُّ سَلَفًا فَآلَ إلَى سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ، وَمَفْهُومُ " صِفَةً " أَمْرَانِ: الْمُبَايِنَةُ جِنْسًا كَقَمْحٍ وَفُولٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا
وَالْمُبَايَنَةُ نَوْعًا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ) الْمُوَافِقِ لَهُ جِنْسًا (كَقَمْحٍ) بَاعَهُ لِأَجَلٍ، ثُمَّ اشْتَرَى مِنْ الْمُشْتَرِي مِثْلَهُ صِنْفًا آخَرَ مِنْ جِنْسِهِ كَسُلْتٍ (وَشَعِيرٍ مُخَالِفٍ) بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ بَاعَهُ عَبْدًا فَاشْتَرَى مِنْهُ ثَوْبًا فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا (أَوْ لَا) يَكُونُ مُخَالِفًا لِاتِّحَادِ جِنْسِهِمَا فَيُمْنَعُ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَهِيَ ثَلَاثٌ إنْ لَمْ يَغِبْ وَخَمْسٌ إنْ غَابَ (تَرَدُّدٌ) .
(وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا) كَعَبْدٍ بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَى عَبْدًا مِثْلَهُ (فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ) فِي الْجِنْسِيَّةِ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا (كَتَغَيُّرِهَا) أَيْ السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ الْمُقَوَّمَةِ تَغَيُّرًا (كَثِيرًا) حَالَ شِرَائِهَا بِزِيَادَةٍ كَسِمَنٍ أَوْ نَقْصٍ كَهُزَالٍ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا بِخِلَافِ طُولِ الزَّمَانِ فَلَا يُعْتَبَرُ هُنَا لِوُجُودِ التُّهْمَةِ.
وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا كَانَ الرَّاجِعُ لِلْيَدِ الْأُولَى هُوَ مَا خَرَجَ مِنْهَا أَوْ مِثْلُهُ شَرَعَ فِيمَا إذَا عَادَ إلَيْهَا بَعْضُهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اشْتَرَى) الْبَائِعُ لِثَوْبَيْنِ مَثَلًا لِأَجَلٍ (أَحَدَ ثَوْبَيْهِ)، وَلَوْ قَالَ: وَإِنْ اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَ كَانَ أَشْمَلَ (لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ (مُطْلَقًا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِثَمَنٍ (أَقَلَّ) مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (نَقْدًا) يُرِيدُ أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (امْتَنَعَ) فِي الصُّوَرِ الْخَمْسِ لِمَا فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَيْسَ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ لِأَنَّ هَذَا الْمَفْهُومَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ غَيْرِ طَعَامٍ وَعَرَضٍ وَحِينَئِذٍ فَمَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ مِنْ الصُّوَرِ مَمْنُوعٌ اتِّفَاقًا وَمَا عَدَا ذَلِكَ جَائِزٌ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ) أَيْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْعَرَضُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ ثَانِيًا نَقْدًا سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أُجِّلَ فِيهِ الثَّمَنَانِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَجَلُ الثَّمَنِ الثَّانِي لِأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لِأَزْيَدَ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَرَضِ الْمُشْتَرَى بِهِ ثَانِيًا قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ قَدْرَ قِيمَتِهِ أَوْ أَقَلّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ تِسْعَةٌ كُلُّهَا مَمْنُوعَةٌ لِابْتِدَاءِ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ
(قَوْلُهُ: وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً) هَذَا مَفْهُومُ الضَّمِيرِ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا ثُمَّ اشْتَرَاهُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: الَّتِي عُجِّلَ فِيهَا الْأَقَلُّ) أَيْ وَهِيَ شِرَاؤُهُ ثَانِيًا بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: إنْ غَابَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ جَازَتْ هَاتَانِ الصُّورَتَانِ فَتَكُونُ صُوَرُ الْجَوَازِ تِسْعَةً: وَهِيَ الشِّرَاءُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَبِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ وَبِأَقَلَّ لِلْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ.
(قَوْلُهُ: لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ) عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ فِي الصُّوَرِ الْخَمْسَةِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يَظْهَرُ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ، الْأَوَّلُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ وَأَمَّا الْخَامِسَةُ فَوَجْهُ وُجُودِ السَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ فِيهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْأَوَّلَ دَفَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ قَلِيلًا يَعُودُ إلَيْهِ عِنْدَ الْأَجَلِ الثَّانِي كَثِيرًا.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ أَعْنِي مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الثَّانِي مُسَاوِيَةً لِقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ وَقَعَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ
(قَوْلُهُ: تَرَدُّدٌ) الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَالثَّانِي لِغَيْرِهِ وَيَدْخُلُ فِي التَّرَدُّدِ كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ وَغَيْرِهِمَا الْمُخَالِفُ فِي الصِّفَةِ كَالسَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا حَالَ شِرَائِهَا) أَيْ عَنْ حَالِهَا وَقْتَ بَيْعِهِ لَهَا.
(قَوْلُهُ: لِوُجُودِ التُّهْمَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُمْنَعُ مِنْ الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ ثَلَاثٌ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ وَيَجُوزُ الْبَاقِي
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اشْتَرَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَهُ فَفِيهِ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ ذَلِكَ الْبَعْضَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَفِي كُلٍّ إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ، الْمُمْتَنِعُ مِنْهَا خَمْسُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ أَوْ بِأَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَالْجَائِزُ سَبْعُ صُوَرٍ وَهِيَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ لِلْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي الْمُسَاوِي وَالْأَكْثَرِ) أَيْ الْأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) أَيْ وَالْمُسَلِّفُ هُوَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَدْفَعُ بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَأْخُذُهَا بِعَيْنِهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ الثَّانِي وَمَعَهُ زِيَادَةُ الثَّوْبِ هَذَا إذَا اشْتَرَى
وَلَمَّا فِي الْأَقَلِّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ (لَا بِمِثْلِهِ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (أَوْ) بِثَمَنٍ (أَكْثَرَ) كَذَلِكَ فَيَجُوزُ فِي الْأَرْبَعِ صُوَرٍ كَصُوَرِ الْأَجَلِ الثَّلَاثَةِ فَالْجَوَازُ فِي سَبْعٍ.
(وَامْتَنَعَ) شِرَاءُ أَحَدِ ثَوْبَيْهِ (بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِذَهَبٍ أَوْ بِمُحَمَّدِيَّةٍ لِشَهْرٍ فَاشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِفِضَّةٍ أَوْ بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ عَكْسُهُ (إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ) فِي شِرَاءِ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ كَثْرَةً تُبْعِدُ تُهْمَةَ الصَّرْفِ مِثْلَ أَنْ يَبِيعَهُمَا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ وَصَرْفُ الدِّينَارِ عِشْرُونَ دِرْهَمًا ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا وَلَا يَرْجِعُ الِاسْتِثْنَاءُ لِصُورَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْيَزِيدِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِيهَا الْمَنْعُ مُطْلَقًا.
وَلَمَّا ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ ثَانِيًا بَعْضَ الْأَوَّلِ ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ مَعَ الْمَبِيعِ الْأَوَّلِ سِلْعَةٌ أُخْرَى بِقَوْلِهِ (وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْمَبِيعُ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ (بِعَشَرَةٍ) لِأَجَلٍ (ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ) أُخْرَى (نَقْدًا) يُرِيدُ أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ (مُطْلَقًا) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ فَهَذِهِ سِتٌّ (أَوْ لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ (بِأَكْثَرَ) مِنْ الثَّمَنِ امْتَنَعَ فِي السَّبْعِ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ فِي شِرَائِهِ بِمِثْلٍ أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فِي شِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْمِثْلِ لِأَبْعَدَ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ فَيَدْفَعُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ شَهْرٍ عَشَرَةً يَأْخُذُ عَنْهَا اثْنَيْ عَشَرَ وَمَعَهُ الثَّوْبُ الثَّانِي زِيَادَةً.
(قَوْلُهُ: وَلِمَا فِي الْأَقَلِّ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ) أَمَّا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يَدْفَعُ الْآنَ خَمْسَةً سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ رَدَّ إلَيْهِ عَشَرَةً خَمْسَةً فِي نَظِيرِ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَخَذَهَا وَهِيَ سَلَفٌ وَخَمْسَةً ثَمَنُ الثَّوْبِ، وَأَمَّا فِي الْأَبْعَدِ فَلِأَنَّهُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ يَدْفَعُ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ عَشَرَةً خَمْسَةً ثَمَنُ السِّلْعَةِ وَخَمْسَةً سَلَفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الثَّانِي دَفَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ خَمْسَةً بَدَلَ الْخَمْسَةِ الَّتِي أَخَذَهَا سَلَفًا
(قَوْلُهُ: وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ إلَخْ) هَذَا فِيمَا إذَا اشْتَرَى بَعْضَ مَا بَاعَهُ وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ فِيمَا إذَا اشْتَرَى كُلَّ مَا بَاعَهُ فَلَا تَكْرَارَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَكْسُهُ إلَخْ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَقَلَّ مِنْهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي قِيمَةَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا أَوْ أَكْثَرَ، وَعِلَّةُ الْمَنْعِ فِيمَا إذَا بَاعَ بِذَهَبٍ وَاشْتَرَى بِفِضَّةٍ أَوْ الْعَكْسُ تُهْمَةُ الصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ، وَفِيمَا إذَا بَاعَ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَاشْتَرَى بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ الْعَكْسِ الْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمُعَجَّلُ زَائِدًا عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِرُبْعِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْآتِي أَوْ بِأَكْثَرَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْمُعَجَّلُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ وَلِمَا إذَا اشْتَرَى الْبَائِعُ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ فَقَدْ عَجَّلَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الْأَكْثَرَ اهـ خش وَرَدَّهُ شَيْخُنَا بِأَنَّ الصَّوَابَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُعَجَّلِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ مَا كَانَ نَقْدًا فِي الْحَالِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى صُورَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا قَرَّرَهُ بِهِ شب وَنَصَّ عَلَيْهِ اللَّخْمِيُّ، وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ شَارِحِنَا ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ يَشْتَرِي أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا نَقْدًا) أَيْ فَهَذَا جَائِزٌ لِبُعْدِ تُهْمَةِ الصَّرْفِ حِينَئِذٍ بِزِيَادَةِ ذَلِكَ الْمُعَجَّلِ عَلَى جَمِيعِ الثَّمَنِ بِالرُّبْعِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَذْهَبَ فِيهَا الْمَنْعُ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَوَّنَةَ أَطْلَقَتْ الْمَنْعَ فِي شِرَاءِ بَعْضِ الْمَبِيعِ بِغَيْرِ صِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ الشَّامِلِ لِلْبَيْعِ بِذَهَبٍ وَالشِّرَاءِ بِفِضَّةٍ وَعَكْسِهِ وَلِلْبَيْعِ بِمُحَمَّدِيَّةٍ وَالشِّرَاءِ بِيَزِيدِيَّةٍ وَعَكْسِهِ فَقَيَّدَ اللَّخْمِيُّ الْمُدَوَّنَةَ بِمَا إذَا لَمْ يُكْثِرْ الْمُعَجَّلَ وَإِلَّا جَازَ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَارْتَضَاهُ الْمُصَنِّفُ وَحِينَئِذٍ فَالْقَيْدُ جَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْمُحَمَّدِيَّةِ وَالْيَزِيدِيَّةِ وَفِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ مَا يُفِيدُ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: ذَكَرَ مَا إذَا كَانَ مَعَ الْمَبِيعِ إلَخْ) أَيْ ذَكَرَ مَا إذَا اشْتَرَى الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الْمَبِيعَ الْأَوَّلَ مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا اشْتَرَى مَا بَاعَهُ مَعَ سِلْعَةٍ أُخْرَى مِنْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَتَصَوَّرُ فِيهَا اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ فِي الشِّرَاءِ الثَّانِي إمَّا مِثْلُ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ يَمْتَنِعُ مِنْهَا سَبْعٌ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ كَانَ الثَّمَنُ فِي السِّلْعَتَيْنِ مِثْلَ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَالسَّابِعَةُ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ الثَّانِي أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَالْجَائِزُ مِنْ تِلْكَ الصُّوَرِ الِاثْنَيْ عَشْرَ خَمْسَةُ صُوَرِ الْأَجَلِ الثَّلَاثِ أَيْ إذَا اشْتَرَى لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ اشْتَرَى مَبِيعَهُ مَعَ السِّلْعَةِ الْأُخْرَى بِمِثْلِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ لِأَبْعَدَ.
(قَوْلُهُ: فِي شِرَائِهِ بِمَثَلٍ أَوْ أَقَلَّ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ ثَوْبُهُ قَدْ رَجَعَتْ إلَيْهِ وَقَدْ دَفَعَ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ عَشَرَةً أَوْ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً وَزَادَهُ الْمُشْتَرِي أَيْضًا ثَوْبًا أَوْ شَاةً وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَلِّفَ هُنَا الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الْمُشْتَرِي ثَانِيًا وَانْتِفَاعُهُ بِالسِّلْعَةِ الثَّانِيَةِ فَقَطْ إنْ كَانَ الشِّرَاءُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ بِهَا وَبِزِيَادَةِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ قَدْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ.
(قَوْلُهُ: فِي شِرَائِهِ بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ رَجَعَتْ لَهُ سِلْعَتُهُ فَكَأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ يَدِهِ وَخَرَجَ مِنْ يَدِهِ عَشَرَةً خَمْسَةٌ مِنْهَا فِي مُقَابِلَةِ السِّلْعَةِ الثَّانِيَةِ وَخَمْسَةٌ
أَوْ لِأَبْعَدَ (أَوْ) اشْتَرَاهُ بَعْدَ بَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ (بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ) نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ (امْتَنَعَ) لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ، وَأَمَّا لِلْأَجَلِ فَجَائِزٌ فَقَوْلُهُ أَوْ بِخَمْسَةٍ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعَ سِلْعَةٍ، وَقَوْلُهُ امْتَنَعَ جَوَابٌ عَنْ السَّبْعِ فِيمَا قَبْلَهَا وَعَنْ الثَّلَاثِ أَوْ التِّسْعِ فِيهَا وَوَجْهُ كَوْنِهَا تِسْعًا أَنَّ قِيمَةَ السِّلْعَةِ الَّتِي مَعَ الْخَمْسَةِ إمَّا أَنْ تُفْرَضُ خَمْسَةٌ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ فَهَذِهِ ثَلَاثَةٌ مَضْرُوبَةٌ فِي الثَّلَاثِ الْأُوَلِ وَالْكُلُّ مَمْنُوعٌ (لَا) إنْ اشْتَرَاهُ (بِعَشَرَةٍ) أَوْ أَكْثَرَ (وَسِلْعَةٍ) فَيَجُوزُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِلْأَجَلِ لَا لِأَبْعَدَ وَيَجِبُ تَعْجِيلُ السِّلْعَةِ فِي صُوَرِ الْجَوَازِ مِنْ صُوَرِ خَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ وَسِلْعَةٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ بَيْعُ مُعَيَّنٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً وَابْتِدَاءً لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ إنْ كَانَتْ مَضْمُونَةً (و) لَا (بِمِثْلٍ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ) مِنْ الْأَجَلِ فَيَجُوزُ وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ فَهُوَ مِنْ تَتِمَّتِهِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِمَا هُوَ بِلَصْقِهِ وَآخِرُهُ هُنَا لِلْمُشَارَكَةِ فِي الْجَوَازِ فَهَاتَانِ الصُّورَتَانِ وَثَلَاثُ صُوَرِ الْأَجَلِ جَائِزَةٌ وَتَقَدَّمَتْ سَبْعٌ مُمْتَنِعَةٌ فَصُوَرُهَا اثْنَتَا عَشْرَةَ
(وَلَوْ اشْتَرَى) ثَانِيًا (بِأَقَلَّ) مِمَّا بَاعَ بِهِ (لِأَجَلِهِ) أَوْ لِأَبْعَدَ وَقُلْنَا بِالْجَوَازِ (ثُمَّ رَضِيَ) الْمُشْتَرِي الثَّانِي (بِالتَّعْجِيلِ) لِلْأَقَلِّ فَفِيهِ (قَوْلَانِ) بِالْجَوَازِ نَظَرًا لِحَالِ الْعَقْدِ وَالْمَنْعِ نَظَرًا لِمَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ مِنْ أَنَّ السِّلْعَةَ رَجَعَتْ لِصَاحِبِهَا وَدَفَعَ الْآنَ ثَمَانِيَةً يَأْخُذُ عَنْهَا عِنْدَ الشَّهْرِ عَشْرَةً وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ نَظَرًا لِهَذِهِ الْعِلَّةِ ثُمَّ شَبَّهَ فِي الْقَوْلَيْنِ قَوْلَهُ (كَتَمْكِينِ بَائِعٍ) بِالتَّنْوِينِ (مُتْلِفٍ) صِفَتُهُ وَمَفْعُولُهُ قَوْلُهُ (مَا) أَيْ مَبِيعًا (قِيمَتُهُ) وَقْتَ إتْلَافِهِ (أَقَلُّ) مِنْ ثَمَنِهِ كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَقِيمَتُهَا وَقْتَ الْإِتْلَافِ ثَمَانِيَةٌ وَغَرِمَهَا عَاجِلًا (مِنْ) أَخْذِ (الزِّيَادَةِ) أَيْ الزَّائِدِ عَلَى الْقِيمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
سَلَفًا فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ رَدَّ الْمُشْتَرِي لَهُ الْخَمْسَةَ الَّتِي أَخَذَهَا سَلَفًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَبْعَدَ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ الْبَائِعَ قَدْ رَجَعَتْ لَهُ سِلْعَتُهُ وَالْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ قَدْ دَفَعَ لَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ عَشَرَةً فَهِيَ سَلَفٌ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الثَّانِي دَفَعَ لَهُ الْبَائِعُ بَدَلَهَا اثْنَيْ عَشَرَ عَشَرَةً عِوَضًا عَنْ السَّلَفِ وَاثْنَيْنِ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ الْأُخْرَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسَلِّفَ هُنَا الْمُشْتَرِي وَفِيمَا قَبْلَهُ الْبَائِعُ.
(قَوْلُهُ: لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ) بَيَانُهُ أَنَّهُ آلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ خَمْسَةٌ وَسِلْعَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ يَأْخُذُ عِنْدَ الْأَجَلِ عَشَرَةً خَمْسَةً فِي مُقَابَلَةِ الْخَمْسَةِ وَهِيَ سَلَفٌ وَخَمْسَةً فِي مُقَابَلَةِ السِّلْعَةِ وَهِيَ الثَّمَنُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَالْمُسَلِّفُ نَفْسُ الْمُشْتَرِي وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ يَدْفَعُ عَشَرَةً لِلْبَائِعِ خَمْسَةً عِوَضًا عَنْ السِّلْعَةِ وَهِيَ بَيْعٌ وَخَمْسَةً أَسَلَفَهَا لِلْبَائِعِ يَقْبِضُهَا مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: مَعْطُوفٌ عَلَى مَعَ سِلْعَةٍ) أَيْ لَكِنَّ السِّلْعَةَ فِيمَا مَرَّ مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ وَهُنَا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَوَجْهُ كَوْنِهَا تِسْعًا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا وَجْهُ كَوْنِهَا ثَلَاثًا أَنَّ الشِّرَاءَ الثَّانِي إمَّا نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: إمَّا أَنْ تُقْرَضَ إلَخْ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ قِيمَةَ السِّلْعَةِ مَعَ الْخَمْسَةِ إمَّا أَنْ تَكُونَ مِثْلَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَالْحَاصِلُ أَنَّك إذَا بِعْت سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَيْتهَا بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ السِّلْعَةِ مَعَ الْخَمْسَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهِيَ اثْنَتَا عَشَرَةَ صُورَةً يَجُوزُ مِنْهَا صُوَرُ الْأَجَلِ الثَّلَاثَةِ وَيَمْتَنِعُ مِنْهَا الْبَاقِي وَهُوَ تِسْعَةٌ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ.
(قَوْلُهُ: لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ مُقَابِلُ خَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَنٍ آخَرَ مَعَ سِلْعَةٍ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ قَدْرَ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَنْ كَانَ عَشَرَةً أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهُ كَاثْنَيْ عَشْرَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ يَجُوزُ فِي سِتَّةٍ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لَهُ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ وَيَمْتَنِعُ فِي اثْنَتَيْنِ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي مَعَ السِّلْعَةِ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ وَوَجْهُ الْجَوَازِ فِي السِّتَّةِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّ الْبَائِعَ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ شَاةً وَعَشَرَةَ دَنَانِيرَ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْهَا عَشَرَةَ دَنَانِيرَ إلَى شَهْرٍ وَلَا تُهْمَةَ فِيهِ، وَأَمَّا فِي صُورَةِ الْأَجَلِ فَالْجَوَازُ لِوُقُوعِ الْمُقَاصَّةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَا نَفْيَهَا، وَأَمَّا لِأَبْعَدَ فَالْمَنْعُ عَمَلًا بِقَوْلِهِ أَوَّلًا يَمْتَنِعُ مَا تَعَجَّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ.
(قَوْلُهُ: لِلْأَجَلِ) أَيْ مَا إذَا كَانَ الشِّرَاءُ الثَّانِي لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِثَمَانِيَةٍ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ ثُمَّ رَضِيَ بِتَعْجِيلِ الثَّمَنِ فَهَلْ يَسْتَمِرُّ الْجَوَازُ عَلَى حَالِهِ لَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ مِنْ حَقِّ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ يَمْنَعُ مِنْ التَّعْجِيلِ؛ لِأَنَّهَا مِنْهُمَا عَلَى السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ قَوْلَانِ، قَالَ ابْنُ وَهْبَانَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ هُوَ الرَّاجِحُ لِعِلَّتِهِ الْمَذْكُورَةِ وَكَذَلِكَ الْخِلَافُ إذَا اشْتَرَى بِأَكْثَرَ لِلْأَجَلِ ثُمَّ تَرَاضَيَا عَلَى التَّأْخِيرِ أَوْ اشْتَرَى بِأَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ ثُمَّ رَضِيَا بِالتَّأْخِيرِ لِأَبْعَدَ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَفِيمَا آلَ لَلْمَنْعِ، وَقَدْ وَقَعَ جَائِزًا قَوْلَانِ لِشَمْلِ جَمِيعِ مَا ذُكِرَ.
(قَوْلُهُ: كَتَمْكِينٍ) أَيْ أَنَّ مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ أَتْلَفَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَكَانَتْ قِيمَتُهَا حِينَ الْإِتْلَافِ ثَمَانِيَةً وَدَفَعَ لَهُ قِيمَتَهَا حِينَ الْإِتْلَافِ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ هَلْ يُمَكَّنُ الْبَائِعُ مِنْ أَخْذِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي مَا زَادَ الثَّمَنُ عَلَى الْقِيمَةِ وَهُوَ الدِّرْهَمَانِ فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهَا أَوْ لَا يُمَكَّنُ وَإِنَّمَا يَأْخُذُ الثَّمَانِيَةَ الَّتِي دَفَعَهَا وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي الدِّرْهَمَانِ قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: مُتْلِفٌ) بِأَنْ أَحْرَقَ الثَّوْبَ أَوْ ذَبَحَ الْحَيَوَانَ فَالْحُكْمُ جَارٍ فِيمَا يَنْتَفِعُ بِهِ بَعْدَ الْإِتْلَافِ وَفِيمَا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي إذْ كَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ الزَّائِدَ قَوْلًا وَاحِدًا إلَّا إنَّهُمْ أَجْرَوْا الْبَابَ عَلَى سُنَنِ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ الزَّائِدُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الزِّيَادَةَ مَعْنَى مِنْ الْمَعَانِي فَلَا يَتَعَلَّقُ الْأَخْذُ بِهَا فَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَزِيدِ كَانَ أَوْلَى وَحَاصِلُ
(عِنْدَ الْأَجَلِ) أَيْ هَلْ يُمَكَّنُ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنْ أَخْذ الدِّرْهَمَيْنِ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ فَيَأْخُذُ الْعَشَرَةَ بِتَمَامِهَا لِبُعْدِ التُّهْمَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ لَا يُمَكَّنُ إلَّا مِنْ قَدْرِ مَا دَفَعَ وَهُوَ الثَّمَانِيَةُ وَيَسْقُطُ عَنْ الْمُشْتَرِي الزَّائِدُ لِلِاتِّهَامِ عَلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ وَلَا وَجْهَ لَهُ قَوْلَانِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: مُتْلِفٌ أَنَّهُ تَعَمَّدَ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَ مِنْهُ خَطَأً مُكِّنَ قَوْلًا وَاحِدًا.
(وَإِنْ أَسْلَمَ) شَخْصٌ (فَرَسًا) مَثَلًا (فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ) مَثَلًا (ثُمَّ بَعْدَ) الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ (اسْتَرَدَّ) فَرَسًا (مِثْلَهُ مَعَ) زِيَادَةِ (خَمْسَةٍ) مِنْ الْعَشَرَةِ الْأَثْوَابِ وَأَبْرَأَهُ مِنْ الْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ (مُنِعَ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَتْ الْخَمْسَةُ الْمَزِيدَةُ مَعَ الْفَرَسِ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً لِلْأَجَلِ أَوْ دُونَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ فَرَسًا رُدَّ لَهُ مِثْلُهُ وَهُوَ عَيْنُ السَّلَفِ وَزَادَهُ الْأَثْوَابَ فَهُوَ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ (كَمَا) يُمْنَعُ (وَلَوْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ، وَأَمَّا لِلْأَجَلِ فَيَجُوزُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ تَبْقَى الْخَمْسَةُ) الْأَثْوَابُ الْمَزِيدَةُ (لِأَجَلِهَا) عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ لَا أَدْنَى وَلَا أَجْوَدَ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْحِمَارِ، وَإِنَّمَا مُنِعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْجَوَابِ أَنَّ الزِّيَادَةَ بِمَعْنَى الْمَزِيدَةِ أَوْ أَنَّهَا تُعُورِفَتْ فِي الْمَزِيدِ فَلَا اعْتِرَاضَ.
(قَوْلُهُ: لِبُعْدِ التُّهْمَةِ) أَيْ لِاسْتِحْقَاقِهِ تِلْكَ الزِّيَادَةَ قَبْلَ الْإِتْلَافِ.
(قَوْلُهُ: لِلِاتِّهَامِ عَلَى سَلَفٍ بِزِيَادَةٍ) أَيْ فَالْبَائِعُ قَدْ سَلَّفَ الْمُشْتَرِيَ ثَمَانِيَةً وَأَخَذَ مِنْهُ عِنْدَ الْأَجَلِ عِوَضَهَا عَشَرَةً
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَسْأَلَتَا الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ لَيْسَتَا مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ وَلَكِنَّهُمَا شَبِيهَتَانِ بِهَا لِبِنَائِهِمَا عَلَى سَدِّ الذَّرَائِعِ وَقَدْ ذَكَرَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْبَابِ اهـ وَبَحَثَ فِيهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ بَيْعَ الْأَجَلِ حَقِيقَةً بَيْعُ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ لِأَجَلٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْفَرَسِ وَالْحِمَارِ بَيْعٌ بِالْأَثْوَابِ لِأَجَلٍ وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ رَأْسِ الْمَالِ مَبِيعًا لِنَصِّهِمْ عَلَى أَنَّ كُلًّا مِنْ الْعِوَضَيْنِ مَبِيعٌ بِالْآخِرِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ مُجَرَّدُ التَّمْثِيلِ فَلَا مَفْهُومَ لِفَرَسٍ وَلَا لِعَشَرَةٍ وَلَا لِأَثْوَابٍ وَلَا لِخَمْسَةٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ أَسْلَمَ مُقَوَّمًا فَرَسًا أَوْ غَيْرَهُ فِي مُقَوَّمٍ كَانَ ذَلِكَ الْمُسَلَّمُ فِيهِ ثِيَابًا أَوْ غَيْرَهَا كَانَتْ الثِّيَابُ عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ كَانَ الْمَرْدُودُ خَمْسَةَ أَثْوَابٍ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَرَدَّ) أَيْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: مَعَ خَمْسَةٍ) لَيْسَ الْمُرَادُ مَعَ تَعْجِيلِ خَمْسَةٍ وَإِلَّا نَافَى بَعْضَ صُوَرِ الْإِطْلَاقِ بَلْ الْمُرَادُ مَعَ الْمُوَافَقَةِ عَلَى رَدِّ خَمْسَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ مَعَ خَمْسَةٍ أَمْرَانِ: الْأَوَّلُ مَا لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ فَقَطْ فَتَجُوزُ الصُّوَرُ الِاثْنَتَا عَشَرَةَ الْمُتَقَدِّمَةُ وَهِيَ مَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْمِثْلِ الْمَرْدُودِ مُسَاوِيَةً لَقِيمَةِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ سَوَاءٌ كَانَ رَدُّ الْمِثْلِ نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ دُونَ الْأَوَّلِ أَوْ لِمِثْلِهِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْنَافُ بَيْعٍ غَيْرَ الْأَوَّلِ وَهَذَا عَيْنُ قَوْلِهِ سَابِقًا، وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا فَمِثْلُهُ كَغَيْرِهِ وَالثَّانِي مَا لَوْ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ غَيْرِ جِنْسِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَشَاةٍ فَتُمْنَعُ الصُّوَرُ كُلُّهَا كَالْمَنْطُوقِ لِمَا فِيهِ مِنْ سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ رَدَّ مِثْلِ الْفَرَسِ مَعَ غَيْرِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ كَرَدِّ مَثَلِهَا مَعَ بَعْضِ الْمُسَلَّمِ فِيهِ فِي أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُمْنَعُ لِلسَّلَفِ بِزِيَادَةٍ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُهُ أَيْ الْمُسَلَّمِ إلَى أَنَّهُ أَسْلَفَهُ أَيْ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ) أَيْ كَمَا يُمْنَعُ لَوْ اسْتَرَدَّهُ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ وَقَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ خَمْسَةِ أَثْوَابٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ لِأَجَلِ اجْتِمَاعِ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ كَمَا بَيَّنَهُ الشَّارِحُ بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لِلْأَجَلِ فَيَجُوزُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا رَدَّ قَبْلَ الْأَجَلِ فَرَسًا مُمَاثَلَةً لِمَا أَسْلَمَهُ مَعَ خَمْسَةٍ فَالْمَنْعُ فِي الْأَحْوَالِ الْأَرْبَعَةِ، وَأَمَّا لَوْ رَدَّ الْفَرَسَ بِذَاتِهَا قَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ خَمْسَةٍ فَالْمَنْعُ فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ وَالْجَوَازُ فِي حَالَةٍ إنْ قُلْت: إذَا كَانَتْ الْأَثْوَابُ الْخَمْسَةُ مُؤَجَّلَةً لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ مَا وَجْهُ الْجَوَازُ إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ عَيْنَ الْفَرَسِ
فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ (الْمُعَجَّلُ لِمَا فِي الذِّمَّةِ) كَمَا فِي الصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ الدَّافِعُ الْفَرَسَ مِنْ الْأَثْوَابِ عَمَّا فِي ذِمَّتِهِ لِلْمُسَلَّمِ (أَوْ الْمُؤَخَّرِ) عَنْ الْأَجَلِ كَمَا فِي الثَّالِثَةِ وَهُوَ الْمُسْلَمُ (مُسَلِّفٌ) وَقَدْ اجْتَمَعَ السَّلَفُ مَعَ بَيْعٍ فَعِلَّةُ الْمَنْعِ بَيْعٌ وَسَلَفٌ بَيَانُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ الْخَمْسَةَ الْمُعَجَّلَةَ سَلَفٌ مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ يَقْبِضُهَا مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ وَفِي الثَّانِي أَنَّ تَأْخِيرَهَا عَنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ مِنْ الْمُسْلِمِ يَقْبِضُهَا مِنْ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ إذْ ذَاكَ وَالْفَرَسُ الْمَرْدُودَةُ مَبِيعَةٌ بِالْخَمْسَةِ الْأَثْوَابِ الْبَاقِيَةِ فَقَدْ اجْتَمَعَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ (وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا) مَثَلًا (بِعَشْرَةٍ) مِنْ الْعَيْنِ (لِأَجَلٍ) كَشَهْرٍ (ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ) مِنْ الْمُشْتَرِي بِالْإِقَالَةِ (وَدِينَارًا) مِنْ الْمُشْتَرِي (نَقْدًا) مُنِعَ مُطْلَقًا كَانَ الدِّينَارُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ الْحِمَارَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ إذْ الْمُشْتَرِي تَرَتَّبَ فِي ذِمَّتِهِ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ دَفَعَ عَنْهَا مُعَجَّلًا الْحِمَارَ الْمُشْتَرَى مَعَ دِينَارٍ لِيَأْخُذَ مِنْ نَفْسِهِ عِنْدَ الْأَجَلِ تِسْعَةً عِوَضُ الْحِمَارِ وَهُوَ بَيْعٌ وَدِينَارًا عَنْ الدِّينَارِ السَّابِقِ وَهُوَ سَلَفٌ وَقَوْلُنَا مِنْ الْعَيْنِ، وَأَمَّا مِنْ الْعَرَضِ كَمَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ لِشَهْرٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا فَيَنْبَغِي الْجَوَازُ؛ لِأَنَّ الْحِمَارَ وَالدِّينَارَ مَبِيعَانِ بِالْأَثْوَابِ (أَوْ) زَادَهُ مَعَ الْحِمَارِ دِينَارًا (مُؤَجَّلًا) مُنِعَ أَيْضًا (مُطْلَقًا) كَانَ لِلْأَجَلِ أَوْ لِدُونِهِ أَوْ أَبْعَدَ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلُ (فِي) أَيْ مِنْ (جِنْسِ الثَّمَنِ) أَيْ صِفَتِهِ بِأَنْ يُوَافِقَهُ سِكَّةً وَجَوْهَرِيَّةً، وَكَذَا وَزْنًا (لِلْأَجَلِ) لَا لِدُونِهِ وَلَا لِأَبْعَدَ فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ آلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ وَأَبْقَى دِينَارَ الْأَجَلِ وَلَا مَحْظُورَ فِيهِ (وَإِنْ زِيدَ) مَعَ الْحِمَارِ الْمَرْدُودِ (غَيْرُ مُعَيَّنٍ) كَثَوْبٍ أَوْ شَاةٍ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ مَا فِي الذِّمَّةِ بِعَرَضٍ وَحِمَارٍ مُعَجَّلَيْنِ وَلَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخَّرَهُ لِفَسْخِ الدَّيْنِ فِي مُؤَخَّرٍ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْمَنْعُ إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ مِثْلَهَا قُلْت إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ مِثْلَهَا عُلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا السَّلَفَ بِالسِّلْعَةِ الْمَدْفُوعَةِ أَوْ لَا وَسَمَّوْهُ سَلَمًا تَحَيُّلًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَرْدُودُ عَيْنَهَا فَكَأَنَّهُمَا اشْتَرَطَا رَدَّ الْعَيْنِ فَخَرَجَا عَنْ حَقِيقَةِ السَّلَفِ إذْ الشَّأْنُ فِيهِ عَدَمُ رَدِّ الْعَيْنِ فَلِذَا جَرَى السَّلَفُ بِزِيَادَةٍ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فِي الثَّلَاثَةِ الَّتِي قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ) أَيْ مَا إذَا رَدَّ الْفَرَسَ بِعَيْنِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ خَمْسَةٍ مُعَجَّلَةٍ أَوْ مُؤَجَّلَةٍ لِدُونِ الْأَجَلِ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَجَّلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَجَّلَ خَمْسَةَ الْأَثْوَابِ أَوْ أَخَّرَهَا لِدُونِ الْأَجَلِ فَيُقَالُ: إنَّهُ تَرَتَّبَ لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ أَثْوَابٍ لِلْأَجَلِ عَجَّلَ مِنْهَا خَمْسَةً مَعَ الْفَرَسِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي عَجَّلَهَا سَلَفٌ أَسْلَفَهَا لِلْبَائِعِ يَقْبِضُهَا مِنْ نَفْسِهِ لِنَفْسِهِ عِنْدَ تَمَامِ الْأَجَلِ وَالْخَمْسَةُ الْأَثْوَابُ الْأُخْرَى الَّتِي أَسْقَطَهَا عَنْهُ الْبَائِعُ مَبِيعَةٌ بِالْفَرَسِ فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، وَأَمَّا إذَا أَخَّرَ تِلْكَ الْخَمْسَةَ بَعْدَ الْأَجَلِ فَيُقَالُ: إنَّ الْبَائِعَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي عَشَرَةُ أَثْوَابٍ أَسْقَطَ عَنْهُ مِنْهَا خَمْسَةً فِي مُقَابَلَةِ الْفَرَسِ وَهُوَ بَيْعٌ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ وَأَخَّرَهُ بِالْخَمْسَةِ الثَّانِيَةِ كَانَ ذَلِكَ سَلَفًا مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ اجْتَمَعَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ الْمُعَجَّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي) وَهُوَ أَنَّ الْمُؤَخَّرَ عَلَى الْأَجَلِ يُعَدُّ مُسَلِّفًا.
(قَوْلُهُ: الْبَاقِيَةُ) الَّتِي أَبْرَأَهُ مِنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا فَالدِّينَارُ إمَّا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا لِدُونِ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ لَهُ أَوْ لِأَبْعَدَ مِنْهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ أَيْ مُوَافِقًا لَهُ فِي صِفَتِهِ أَوْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ مَمْنُوعَةٌ إلَّا إذَا كَانَ الدِّينَارُ مُوَافِقًا لِلثَّمَنِ فِي صِفَتِهِ وَكَانَ مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ الدِّينَارُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ) أَيْ مِنْ صِنْفِهِ بِأَنْ وَافَقَهُ سِكَّةً وَجَوْهَرِيَّةً وَوَزْنًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الدِّينَارُ الْمَرْدُودُ مُحَمَّدِيًّا وَكَانَ الْبَيْعُ بِيَزِيدِيَّةٍ أَوْ عَكْسِهِ أَوْ كَانَ الْبَيْعُ بِفِضَّةٍ وَالْمَرْدُودُ ذَهَبًا أَوْ الْعَكْسُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا لَجَازَ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: مَبِيعَانِ بِالْأَثْوَابِ) أَيْ لِأَنَّ الْبَائِعَ لِلْحِمَارِ قَدْ بَاعَ لِلْمُشْتَرِي مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الْأَثْوَابِ بِدِينَارٍ وَحِمَارٍ.
(قَوْلُهُ: لِفَسْخِ الدَّيْنِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ إلَّا لَوْ كَانَ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا مُؤَجَّلًا فَيُقَالُ: إنَّهُ قَدْ بَاعَ الْحِمَارَ بِتِسْعَةِ أَثْوَابٍ وَفَسَخَ الثَّوْبَ الْعَاشِرَ وَهُوَ مُؤَجَّلٌ فِي الدِّينَارِ الْمُؤَجَّلِ فَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ وَهُوَ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ فِي دَيْنٍ وَهُوَ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلِ مَعَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الْحِمَارَ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ مِنْ الْعَيْنِ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِاجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ كَمَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ؛ لِأَنَّ الدِّينَارَ الْمَزِيدَ إذَا لَمْ يَبْقَ لِأَجَلِهِ فَهُوَ مَحْضُ سَلَفٍ قَارَنَهُ بَيْعٌ.
(قَوْلُهُ: لِلْأَجَلِ) حَالٌ لَا اسْتِثْنَاءٌ وَالْحَالُ، وَإِنْ كَانَتْ قَيْدًا لِعَامِلِهَا إلَّا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَحَطَّةُ الْأَوَّلِ مُقَيَّدًا بِالثَّانِي وَلَيْسَ الثَّانِي مَقْصُودًا بِالذَّاتِ بَلْ بِالتَّبَعِ فَلَا يَلْزَمُ اسْتِثْنَاءُ شَيْئَيْنِ بِأَدَاةٍ وَاحِدَةٍ وَهُوَ غَيْرُ سَائِغٍ اهـ عَدَوِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ) أَيْ إذَا لَمْ يَشْتَرِطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ، كَذَا قَالَ عبق وَفِيهِ أَنَّ هَذَا الْقَيْدَ لَا مَعْنَى لَهُ هُنَا لِعَدَمِ تَأَتِّي الْمُقَاصَّةِ إذْ لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: إلَى أَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ) أَيْ مِنْ الدَّنَانِيرِ الَّتِي فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ زِيدَ مَعَ الْحِمَارِ الْمَرْدُودِ غَيْرُ عَيْنٍ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ بَاعَ الْحِمَارَ أَوَّلًا بِغَيْرِ عَرَضٍ بِأَنْ بَاعَهُ بِعَيْنٍ لِأَجَلٍ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ عَرَضٍ.
(قَوْلُهُ: لِفَسْخٍ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ فَلَا يَجُوزُ لِفَسْخٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِلْمَزِيدِ) مَثَلًا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ وَرَدَّهُ وَعَرَضًا مُؤَجَّلًا لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ
(وَبِيعَ) الْحِمَارُ (بِنَقْدٍ) أَيْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ حَالٍّ وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ إذْ هِيَ مَسْأَلَةٌ ثَانِيَةٌ (لَمْ يُقْبَضْ) أَيْ الثَّمَنُ النَّقْدُ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ، وَكَذَا إنْ بِيعَ بِمُؤَجَّلٍ وَلَمْ يَتَقَايَلَا إلَّا بَعْدَ حُلُولِهِ وَالْمَزِيدُ فِي هَذِهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهُ.
(جَازَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ) مَعَ الْحِمَارِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا حَيْثُ كَانَ الْمَزِيدُ فِضَّةً وَالثَّمَنُ ذَهَبًا أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ، فَإِنْ تَأَخَّرَ الْمَزِيدُ امْتَنَعَ؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ فَهُوَ تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ بِشَرْطٍ وَذَلِكَ سَلَفٌ مُقَارِنٌ لِلْمَبِيعِ وَهُوَ الْحِمَارُ الْمُشْتَرَى بِبَاقِي الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ، فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنٌ فَهُوَ صَرْفٌ مُؤَخَّرٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ فَهُوَ فَسْخٌ مَا فِي الذِّمَّةِ فِي مُؤَخَّرٍ وَمَفْهُومُ لَمْ يُقْبَضْ الْجَوَازُ مُطْلَقًا عُجِّلَ الْمَزِيدُ أَمْ لَا وَاحْتُرِزَ بِالنَّقْدِ عَنْ بَيْعِهِ بِعَرَضٍ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا كَغَيْرِهِ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ وَإِلَّا مُنِعَ وَهَذَا كُلُّهُ فِي زِيَادَةِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا
(وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ) وَلَزِمَ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ وَفَسَخَ الثَّانِيَ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَإِنْ فَاتَتْ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي فَأَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) مَبِيعُ الْبَيْعِ (الثَّانِي) بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَهُوَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ (فَيُفْسَخَانِ) مَعًا لِسَرَيَانِ الْفَسَادِ لِلْأَوَّلِ بِالْفَوَاتِ وَحِينَئِذٍ لَا مُطَالَبَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ فَاسِدٌ قَدْ رَجَعَ لِبَائِعِهِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ عَنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِرُجُوعِ الْمَبِيعِ لِبَائِعِهِ وَسَقَطَ الثَّمَنُ الثَّانِي عَنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي لِفَسَادِ شِرَائِهِ بِاتِّفَاقٍ
(وَهَلْ) فَسْخُ الْبَيْعَتَيْنِ فِي الْفَوَاتِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي الثَّانِي (مُطْلَقًا) كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَقَدْ فَسَخَ دِينَارًا مَثَلًا فِي الْعَرَضِ الْمُؤَخَّرِ وَبِيعَ الْحِمَارُ بِتِسْعَةٍ حِينَ رَدِّهِ اهـ
(قَوْلُهُ: وَبَيْعُ الْحِمَارِ بِنَقْدٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا بِيعَ الْحِمَارُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ عَلَى التَّعْجِيلِ وَلَمْ يُقْبَضْ ذَلِكَ الثَّمَنُ حَتَّى وَقَعَ التَّقَايُلُ بِزِيَادَةٍ مِنْ الْمُشْتَرِي كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا أَوْ حَيَوَانًا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ إنْ عَجَّلَ الْمَزِيدَ مَعَ الْحِمَارِ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيهَا وَلَا يَتَأَتَّى فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْمَزِيدَ فِيهَا غَيْرُ عَيْنٍ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ) أَيْ وَإِلَّا مُنِعَ لِلصَّرْفِ الْمُؤَخَّرِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَزِيدَ) أَيْ مَعَ الْحِمَارِ إنْ كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَبِيعَ بِنَقْدٍ وَقَوْلُهُ: تَأْخِيرٌ فِي بَعْضِ الثَّمَنِ أَيْ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: وَذَلِكَ سَلَفٌ أَيْ مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَّرَ مَا هُوَ مُعَجَّلٌ، وَتَوْضِيحُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَلَمْ تُقْبَضْ حَتَّى تَقَايَلَا عَلَى أَنْ يَدْفَعَ الْمُشْتَرِي دِينَارًا مُؤَجَّلًا لَكَانَ الْبَائِعُ قَدْ أَخَذَ الْحِمَارَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِتِسْعَةٍ وَقَدْ أَسْلَفَهُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ الْحَالَّ يَأْخُذُ مِنْهُ بَدَلُهُ الدِّينَارُ الْمُؤَجَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحِمَارُ الْمُشْتَرَى) أَيْ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ مِنْ الْمُشْتَرِي حِينَ الْإِقَالَةِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ) أَيْ الْمَزِيدُ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَيْنًا وَالثَّمَنُ عَيْنٌ، هَذَا أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: فَهُوَ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) فَإِذَا كَانَ الثَّمَنُ عَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَزَادَهُ عِشْرِينَ دِرْهَمًا فَقَدْ صَرَفَ الْبَائِعُ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ لِتِلْكَ الدَّرَاهِمِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَتَوْضِيحُهُ، أَنَّهُ إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ مَعَ عَرَضٍ لِأَجَلٍ كَانَ الْحِمَارُ مَأْخُوذًا عَنْ تِسْعَةٍ وَالْعَاشِرُ قَدْ فُسِخَ فِي الْعَرَضِ، وَكَذَا إذَا بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا وَتَقَايَلَا قَبْلَ الْقَبْضِ عَلَى زِيَادَةِ شَيْءٍ مَعَ الْحِمَارِ مُؤَجَّلٌ فَالْحِمَارُ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابَلَةِ تِسْعَةٍ، وَالْعَاشِرُ فُسِخَ فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّلِ الْمَزِيدِ مَعَ الْحِمَارِ.
(قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ لَمْ يَقْبِضْ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَ الْحِمَارَ بِعَشَرَةٍ وَقَبَضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ فَالْجَوَازُ مُطْلَقًا كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا كَانَ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ لَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَوْ أَجَّلَ؛ لِأَنَّهَا بَيْعَةٌ ثَانِيَةٌ لَا تَعَلُّقَ لَهَا بِالْأُولَى.
(قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالنَّقْدِ) أَيْ بِمَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا وَهُوَ حَالٌّ وَقَوْلُهُ: عَنْ بَيْعِهِ بِعَرَضٍ أَيْ حَالٍّ وَتَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِهِ.
(قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَ الْمَزِيدُ عَيْنًا أَوْ غَيْرَهَا عَجَّلَ الْمَزِيدَ أَوْ أَجَّلَ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْإِطْلَاقِ بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا) أَيْ عَرَضًا مُعَيَّنًا.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا مُنِعَ) أَيْ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إنْ كَانَ الْمَزِيدُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ وَفُسِخَ الدَّيْنُ فِي الدَّيْنِ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ بَيَانُهُ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ الْحِمَارَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ حَالَّةً غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ ثُمَّ تَقَايَلَا قَبْلَ قَبْضِهَا عَلَى أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْحِمَارِ ثَوْبًا لِأَجَلٍ فَالْحِمَارُ مَأْخُوذٌ فِي مُقَابَلَةِ تِسْعَةٍ وَهَذَا بَيْعٌ وَالثَّوْبُ الْعَاشِرُ سَلَفٌ مِنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي وَيَأْخُذُهَا مِنْهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَإِنْ رَدَّ مَعَ الْحِمَارِ شَاةً فَقَدْ فُسِخَ الثَّوْبُ الْعَاشِرُ فِي الشَّاةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَجَائِزَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً وَالْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ أَنَّ الْبَيْعَ الْأَوَّلَ بِحَالٍ لَمْ يَقْبِضْ حَتَّى تَقَايَلَا بِزِيَادَةٍ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْمَزِيدُ مُؤَجَّلًا وَهُوَ مِنْ صِنْفِ الْمَبِيعِ فَيَمْتَنِعُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: وَصَحَّ أَوَّلُ) هُوَ بِغَيْرِ تَنْوِينٍ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى أَسْبَقَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الصَّرْفِ لِلْوَصْفِيَّةِ وَوَزْنِ الْفِعْلِ بِخِلَافِ أَوَّلِ بِمَعْنَى وَاحِدٍ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ صِحَّةِ الْأَوَّلِ فَقَطْ هُوَ الْأَصَحُّ وَخَالَفَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَالَ يُفْسَخَانِ مَعًا وَهَذَا الْخِلَافُ عِنْدَ قِيَامِ السِّلْعَةِ.
(قَوْلُهُ: بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْفَاسِدِ) ظَاهِرُهُ أَيُّ مُفَوِّتٍ كَانَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُفَوَّتُ هُنَا إلَّا الْعُيُوبُ الْمُفْسِدَةُ وَنَصَّ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَاخْتَلَفُوا بِمَ تَفُوتُ بِهِ السِّلْعَةُ فَقِيلَ: إنَّهَا تَفُوتُ بِحَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ فَأَعْلَى وَهُوَ مَذْهَبُ سَحْنُونٍ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا لَا تَفُوتُ إلَّا بِالْعُيُوبِ الْمُفْسِدَةِ إذْ هُوَ لَيْسَ بَيْعٌ