الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْوَصِيِّ إنْ لَمْ يَصْرِفْهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا، وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ هُنَا ذَهَابُ الْعَيْنِ، أَوْ تَغَيُّرُ الصِّفَةِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَمَا لَوْ دَبَّرَ) الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ، وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ (أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ) عِنْدَهُ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ الثَّمَنِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا فَكَالْغَاصِبِ فَلَهُ أَخْذُهُ، أَوْ الثَّمَنِ وَلَوْ أَعْتَقَهُ، أَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ، أَوْلَدَهَا فَلَهُ أَخْذُهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ فَلِذَا قَالَ فَكَالْغَاصِبِ
[دَرْسٌ](بَابٌ) فِي الشُّفْعَةِ، وَأَحْكَامِهَا وَمَا تَثْبُتُ فِيهِ وَمَا لَا تَثْبُتُ فِيهِ
(الشُّفْعَةُ) بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ (أَخْذُ شَرِيكٍ) أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ الْأَخْذَ أَخَذَ بِالْفِعْلِ أَمْ لَمْ يَأْخُذْ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَالْأَخْذُ كَضِدِّهِ أَيْ التَّرْكِ عَارِضٌ لَهَا، وَالْعَارِضُ لِشَيْءٍ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ فَالْأَخْذُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ جِنْسًا، وَإِضَافَتُهُ لِلشَّرِيكِ خَرَجَ بِهِ اسْتِحْقَاقُ أَخْذِ الدَّائِنِ دَيْنَهُ، وَالْمُودِعِ وَدِيعَتَهُ، وَالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَنَابَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ وَنَحْوِهِمْ (وَلَوْ) كَانَ الشَّرِيكُ (ذِمِّيًّا بَاعَ) شَرِيكُهُ (الْمُسْلِمُ) شِقْصَهُ (لِذِمِّيٍّ) ، أَوْ لِمُسْلِمٍ فَلِلذِّمِّيِّ الْأَخْذُ مِنْ الْمُشْتَرِي الذِّمِّيِّ، أَوْ الْمُسْلِمِ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ؛ لِأَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ لِذِمِّيٍّ كَانَتْ الْمُخَاصَمَةُ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ فَيُتَوَهَّمُ أَنْ لَا نَتَعَرَّضَ لَهُمَا وَعَلَى هَذَا فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خَمْسُ صُوَرٍ؛ لِأَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إمَّا مُسْلِمَانِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، وَإِمَّا ذِمِّيَّانِ بَاعَ أَحَدُهُمَا لِمُسْلِمٍ، وَإِمَّا مُسْلِمٌ وَذِمِّيٌّ بَاعَ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ وَصُورَةُ الْمُبَالَغَةِ سَادِسَةٌ.
وَالسَّابِعَةُ قَوْلُهُ (كَذِمِّيِّينَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ الَّذِي هُوَ شَرِيكُ الْبَائِعِ ذِمِّيًّا فَلَا نَقْضِي لِلشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا بِخِلَافِ الصُّوَرِ السِّتِّ الَّتِي قَبْلَهَا فَثَابِتَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُسَامَحَةٌ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ، لَكِنْ حَمَلَهُ عَلَى الْجَمْعِ الْإِشَارَةُ إلَى أَنَّهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْبَائِعُ وَصِيًّا، أَوْ غَيْرَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَصِيُّ صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ شَرْعًا.
وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يُعْرَفْ بِالْحُرِّيَّةِ وَكَذَلِكَ الْمَشْهُودُ بِمَوْتِهِ لَمْ تُعْذَرْ بَيِّنَتُهُ فَإِنَّ سَيِّدَ الْأَوَّلِ وَنَفْسَ الثَّانِي يُخَيَّرُ فِي أَخْذِ مَا وُجِدَ قَائِمًا بِيَدِ الْمُشْتَرِي مَجَّانًا بِلَا ثَمَنٍ وَفِي أَخْذِ ثَمَنِهِ الَّذِي بِيعَ بِهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلَوْ كَانَ وَصِيًّا صَرَفَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَا وَجَدَهُ قَائِمًا فَاتَ، أَوْ لَمْ يَفُتْ (قَوْلُهُ، وَالْمُرَادُ بِالْفَوَاتِ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَعْرُوفِ بِالْحُرِّيَّةِ، وَالْمَشْهُودِ بِمَوْتِهِ وَعُذِرَتْ بَيِّنَتُهُ وَقَوْلُهُ ذَهَابُ الْعَيْنِ، أَوْ تَغَيُّرُ الصِّفَةِ أَيْ لَا حَوَالَةُ السُّوقِ فَهُوَ غَيْرُ فَوْتٍ هُنَا (قَوْلُهُ، وَأَوْلَى إنْ أَعْتَقَهُ) أَيْ، أَوْ كَاتَبَهُ، أَوْ، أَوْلَدَ الْأَمَةَ فَيَتَعَيَّنُ أَخْذُ ثَمَنِهَا وَقِيمَةِ وَلَدِهَا؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ عُرِفَ بِالْحُرِّيَّةِ وَعُذِرَتْ الْبَيِّنَةُ (قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهَا وَقِيمَةِ الْوَلَدِ) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ ثَمَنَهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ. .
[بَاب الشُّفْعَةِ]
(بَابٌ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ فِي بَيَانِ حَقِيقَتِهَا (قَوْلُهُ الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ) أَيْ بِجُزْءٍ شَائِعٍ لَا بِأَذْرُعٍ مُعَيَّنَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَلَا بِغَيْرِ مُعَيَّنَةٍ عِنْدَ مَالِكٍ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَأَفْتَى بِهِ، وَلِأَشْهَبَ فِيهَا الشُّفْعَةُ.
فَإِنْ قُلْتَ كُلٌّ مِنْ الْجُزْءِ كَالثُّلُثِ، وَالْأَذْرُعِ غَيْرِ الْمُعَيَّنَةِ شَائِعٌ قُلْتُ شُيُوعُهُمَا مُخْتَلِفٌ إذْ الْجُزْءُ شَائِعٌ فِي كُلِّ جُزْءٍ وَلَوْ قَلَّ مِنْ أَجْزَاءِ الْكُلِّ وَلَا كَذَلِكَ الْأَذْرُعُ؛ لِأَنَّ الْأَذْرُعَ إذَا كَانَتْ خَمْسَةً إنَّمَا تَكُونُ شَائِعَةً فِي قَدْرِهَا أَيْ فِي كُلِّ خَمْسَةٍ مِنْ الْأَذْرُعِ لَا فِي أَقَلَّ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتِحْقَاقُهُ الْأَخْذَ إلَخْ) أَيْ فَفِي الْكَلَامِ مَجَازٌ بِالْحَذْفِ، أَوْ أَنَّهُ مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ، وَإِطْلَاقِ الْأَخْذِ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، وَإِنْ كَانَ مَجَازًا كَمَا عَلِمْتَ لَكِنَّهُ مَشْهُورٌ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمَجَازَاتِ يَجِبُ صَوْنُ التَّعَارِيفِ عَنْهَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالِاسْتِحْقَاقِ هُنَا صَيْرُورَةُ الشَّرِيكِ مُسْتَحِقًّا لِلْأَخْذِ، وَأَهْلًا لَهُ، أَوْ أَنَّهُ صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لَهُ صِحَّةَ الْأَخْذِ جَبْرًا فَالسِّينُ، وَالتَّاءُ لِلصَّيْرُورَةِ، أَوْ أَنَّهُمَا لِلطَّلَبِ أَيْ فَهُوَ طَلَبُ الشَّرِيكِ الْأَخْذَ كَمَا قَالَ عبق وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْمَعْنَى الْمُتَقَدِّمَ الَّذِي هُوَ رَفْعُ مِلْكِ شَيْءٍ بِثُبُوتِ مِلْكٍ قَبْلَهُ لِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا.
(قَوْلُهُ عَارِضٌ لَهَا) أَيْ طَارِئٌ بَعْدَهَا وَمُتَرَتِّبٌ عَلَيْهَا إذْ يُقَالُ أَخَذَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ، أَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ بِهَا (قَوْلُهُ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَعْرُوضِ) أَيْ بِالْبَدَاهَةِ، وَإِلَّا كَانَتْ الصِّفَةُ عَيْنَ مَوْصُوفِهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الشَّرِيكُ) أَيْ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ، أَوْ لِمُسْلِمٍ) هَذَا مُنْدَرِجٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مُسْلِمًا وَبَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ، أَوْ الذِّمِّيُّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، أَوْ كَانَ ذِمِّيًّا وَبَاعَ لِشَرِيكِهِ الذِّمِّيِّ لِمُسْلِمٍ، أَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِمُسْلِمٍ، بَلْ وَلَوْ بَاعَ شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ لِذِمِّيٍّ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يُتَعَرَّضُ لَهُمْ، وَحُجَّةُ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْبَائِعُ مُسْلِمًا كَانَ لِلْإِسْلَامِ مَدْخَلٌ فِي الْجُمْلَةِ فَيَكْفِي طَلَبُ الشَّفِيعِ وَيَجْبُرُ الذِّمِّيُّ الْمُشْتَرِيَ عَلَى الدَّفْعِ لَهُ وَلَوْ لَمْ يَتَرَافَعَا إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ) أَيْ وَخُصَّ الذِّمِّيُّ الثَّانِي بِالذِّكْرِ بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ دُونَ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَهَّمَ) الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَإِلَّا فَتَوَهُّمُ عَدَمِ أَخْذِ الذِّمِّيِّ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُشْتَرِي الْمُسْلِمِ أَكْثَرُ مِنْ تَوَهُّمِ عَدَمِ أَخْذِ الذِّمِّيِّ مِنْ الذِّمِّيِّ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خَمْسُ صُوَرٍ) الْأَوْلَى سِتُّ صُوَرٍ كَمَا عَلِمْت مِمَّا ذَكَرْنَا، وَصُورَةُ الْمُبَالَغَةِ سَابِعَةٌ وَقَوْلُهُ كَذِمِّيِّينَ ثَامِنَةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا دَخْلَ لَهُ) أَيْ لَا دَخْلَ لَهُ فِي التَّحَاكُمِ؛ لِأَنَّ التَّحَاكُمَ مِنْ خُصُوصِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَعْنِي الشَّفِيعَ
لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَى رِضَا الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ذِمِّيًّا (أَوْ) كَانَ الشَّفِيعُ (مُحْبِسًا) لِحِصَّتِهِ قَبْلَ بَيْعِ شَرِيكِهِ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (لِيَحْبِسَ) الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ أَيْضًا قَالَ فِيهَا دَارٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ حَبَسَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى رَجُلٍ وَوَلَدِهِ وَوَلَدِ وَلَدِهِ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فِي الدَّارِ نَصِيبَهُ فَلَيْسَ لِلَّذِي حَبَسَ وَلَا لِلْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ الْمُحْبَسَ فَيَجْعَلَهُ فِي مِثْلِ مَا جَعَلَ نَصِيبَهُ الْأَوَّلَ انْتَهَى.
وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ وَلَوْ لَمْ يَحْبِسْ كَأَنْ يُوقِفَ عَلَى عَشَرَةٍ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ، أَوْ يُوقِفَ مُدَّةً مُعَيَّنَةً فَلَهُ الْأَخْذُ مُطْلَقًا (كَسُلْطَانٍ) لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ قَالَ سَحْنُونٌ فِي الْمُرْتَدِّ بِقَتْلٍ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ أَنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَهَا إنْ شَاءَ لِبَيْتِ الْمَالِ وَكَذَا لَوْ وَرِثَتْ بِنْتٌ مَثَلًا مِنْ أَبِيهَا نِصْفَ دَارٍ، وَالنِّصْفُ الثَّانِي وَرِثَهُ السُّلْطَانُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَبَاعَتْ الْبِنْتُ نَصِيبَهَا فَلِلسُّلْطَانِ الْأَخْذُ لِبَيْتِ الْمَالِ (لَا مُحْبِسٍ عَلَيْهِ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ (وَلَوْ لِيَحْبِسَ) مِثْلَ مَا حَبَسَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرْجِعُ الْمُحْبِسِ لَهُ كَمَنْ حَبَسَ عَلَى جَمَاعَةٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَبْقَ فِيهِمْ إلَّا فُلَانٌ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ (وَجَارٍ) لَا شُفْعَةَ لَهُ (وَإِنْ مَلَكَ تَطَرَّقَا) أَيْ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى دَارِهِ فَبِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَكَذَا لَوْ مَلَكَ الطَّرِيقَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَمَمَرُّ قِسْمِ مَتْبُوعِهِ (وَنَاظِرِ وَقْفٍ) لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ (وَكِرَاءٍ) أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي كِرَاءٍ لَهُ، وَهُوَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ: الْأُولَى أَنْ يَكْتَرِيَ شَخْصَانِ دَارًا، ثُمَّ يُكْرِيَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ دَارٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَيُكْرِي أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ) أَيْ بِالشُّفْعَةِ عَلَى رِضَا الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي أَيْ بِحُكْمِنَا بَيْنَهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحُكْمَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى رِضَاهُمْ بِحُكْمِنَا إلَّا إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ الثَّلَاثَةِ ذِمِّيًّا فَإِذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ ذِمِّيًّا تَوَقَّفَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ بِالشُّفْعَةِ عَلَى رِضَاهُمْ بِحُكْمِنَا، وَإِنْ كَانَ التَّحَاكُمُ مِنْ خُصُوصِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَعْنِي الْمُشْتَرِيَ، وَالشَّفِيعَ (قَوْلُهُ، أَوْ كَانَ الشَّفِيعُ) أَيْ الشَّرِيكُ الطَّالِبُ لِلْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ لِيَحْبِسَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ وَاضِحٌ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى وَفِي بَهْرَامَ لِيَحْبِسَ فِي مِثْلِ مَا حُبِسَ فِيهِ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ لَهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الْآتِي وَقَوْلُهُ لِيَحْبِسَ الشِّقْصَ الْمَأْخُوذَ أَيْ.
وَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ لِلتَّمَلُّكِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُ مَا حَبَسَهُ أَوَّلًا لَهُ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَيَجْعَلُهُ) أَيْ فَيَجْعَلُهُ حَبْسًا فِي مِثْلِ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَرْجِعُهَا لَهُ إلَخْ) .
قَالَ عبق، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَرْجِعُ لِلْغَيْرِ مِلْكًا كَانَ لِذَلِكَ الْغَيْرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا حُكْمًا بِالْمَرْجِعِ الْمَجْعُولِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَهُ الْأَخْذُ إلَخْ) وَلِذَا قَالَ ح مَنْ أَعْمَرَ شَخْصًا جُزْءًا شَائِعًا فِي دَارٍ وَلَهُ فِيهَا شَرِيكٌ فَبَاعَ شَرِيكُهُ فَلِلْمُعَمِّرِ بِالْكَسْرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الْحِصَّةَ تَرْجِعُ لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُعَمَّرِ بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ مُدَّةَ حَيَاتِهِمْ) أَيْ، ثُمَّ بَعْدَ حَيَاتِهِمْ تَرْجِعُ لَهُ (قَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ) أَيْ فِي حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْبَائِعِ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ إنَّ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْخُذَ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَ الْأَخْذَ لَا يُقَالُ الْمُشْتَرِي مِنْ شَرِيكِ الْمُرْتَدِّ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ عَلَى مِلْكِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ تَجَدَّدَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُرْتَدِّ، وَالسُّلْطَانُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْأَخْذِ وَقَوْلُهُ وَقَدْ وَجَبَتْ لَهُ شُفْعَةٌ إلَخْ كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْمُرْتَدِّ وَغَيْرِهِ وَبَاعَ ذَلِكَ الْغَيْرُ حِصَّتَهُ قَبْلَ رِدَّةِ شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِيَحْبِسَ) أَيْ وَلَوْ أَرَادَ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ مِثْلَ مَا حُبِسَ عَلَيْهِ إذْ لَا أَصْلَ لَهُ فِي الشِّقْصِ الْمُحْبَسِ أَوَّلًا وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ عَلَى قَوْلِ مَنْ قَالَ إنَّ الْمُحْبَسَ عَلَيْهِ كَالْمُحْبِسِ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ إذَا أَخَذَ لِيَحْبِسَ لَكِنْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ مَا نَصُّهُ سَوَّى ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِ، وَالْمُحْبِسِ، وَأَنَّ أَحَدَهُمَا إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ لِنَفْسِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادَ إلْحَاقَ الْحِصَّةِ الَّتِي يُرِيدُ أَخْذَهَا بِالشُّفْعَةِ بِالْحَبْسِ فَلَهُ ذَلِكَ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ خَلِيلٍ اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ شَرِيكًا حُكْمًا بِالْمَرْجِعِ الْمَجْعُولِ لَهُ (قَوْلُهُ كَمَنْ حَبَسَ) أَيْ حِصَّةً فِي دَارٍ عَلَى جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ فَهِيَ لَهُ مِلْكٌ) أَيْ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ كَانَ لِفُلَانٍ هَذَا الَّذِي مَرْجِعُ الْحَبْسِ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ وَجَارٍ) إنَّمَا أَتَى بِهِ مَعَ خُرُوجِهِ بِقَوْلِهِ شَرِيكٌ؛ لِأَنَّ شَرِيكٌ وَصْفٌ، وَهُوَ لَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ وَلِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ أَيْ انْتِفَاعًا بِطَرِيقِ الدَّارِ) أَيْ بِطَرِيقٍ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَاقْتَسَمَاهَا وَجَعَلَا بَيْنَهُمَا حَائِطًا وَصَارَ أَحَدُهُمَا لَا يُمْكِنُهُ الْوُصُولُ لِدَارِهِ إلَّا مِنْ دَارِ الْآخَرِ وَاسْتَأْجَرَ طَرِيقًا يَمُرُّ مِنْهَا، أَوْ أَرْفَقَهُ جَارُهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَنْ لَهُ طَرِيقٌ فِي دَارٍ) أَيْ وَتِلْكَ الطَّرِيقُ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا بِإِجَارَةٍ، أَوْ إرْفَاقٍ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ مِلْكٌ فِي ذَاتِ الطَّرِيقِ (قَوْلُهُ فَبِيعَتْ تِلْكَ الدَّارُ) أَيْ الَّتِي فِيهَا الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ أَيْ لِلْجَارِ الْمَالِكِ لِلطَّرِيقِ.
(قَوْلُهُ وَنَاظِرِ وَقْفٍ) كَدَارٍ مُوقَفٍ نِصْفُهَا عَلَى جِهَةٍ وَلَهُ نَاظِرٌ فَإِذَا بَاعَ الشَّرِيكُ نِصْفَهُ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ لِيَحْبِسَ كَمَا قَالَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْأَخْذَ لِيَحْبِسَ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ كَمَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ، وَالشُّفْعَةُ إنَّمَا تَكُونُ لِلْمَالِكِ فَلَيْسَ النَّاظِرُ كَالْمُحْبِسِ وَاعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ غَازِيٍّ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِمَا ابْنِ رُشْدٍ لَوْ أَرَادَ أَجْنَبِيٌّ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِلْحَبْسِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ الْمُحْبِسِ، وَالْمُحْبَسِ عَلَيْهِ إذَا أَرَادَا ذَلِكَ لِإِلْحَاقِهِمَا بِالْحَبْسِ فَالنَّاظِرُ، أَوْلَى سَاقِطٌ؛ لِأَنَّهُ
فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ (وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ قَوْلَانِ) بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ لِبَيْتِ الْمَالِ وَعَدَمِهِ إنْ وَلِيَ عَلَى الْمَصَالِحِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِأَمْوَالِ بَيْتِ الْمَالِ مَعَ السُّكُوتِ عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَعَدَمِ أَخْذِهِ فَإِنْ جَعَلَ لَهُ السُّلْطَانُ الْأَخْذَ بِهَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ اتِّفَاقًا (مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ) مُتَعَلِّقٌ بِأَخَذَ أَيْ مِمَّنْ طَرَأَ مِلْكُهُ عَلَى الْآخِذِ أَيْ مُرِيدِ الْأَخْذِ فَلَوْ مَلَكَا الْعَقَارَ مَعًا بِمُعَاوَضَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إلَّا إذَا بَاعَ أَحَادُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَلِلْآخَرِ الْأَخْذُ حِينَئِذٍ (اللَّازِمُ) صِفَةٌ لِمِلْكٍ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ بِمِلْكٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ وَلُزُومِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ وَاحْتُرِزَ بِهِ أَيْضًا عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ (اخْتِيَارًا) اُحْتُرِزَ بِهِ عَمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِلَا اخْتِيَارٍ كَالْإِرْثِ فَلَا شُفْعَةَ (بِمُعَاوَضَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَالِيَّةٍ كَخُلْعٍ وَنِكَاحٍ فَإِنْ تَجَدَّدَ بِغَيْرِ مُعَاوَضَةٍ كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ.
(وَلَوْ) كَانَ تَجَدُّدُ الْمِلْكِ بِالْمُعَاوَضَةِ لِعَقَارٍ (مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ) أَيْ لِأَجْلِهِمْ أَيْ لِأَجْلِ تَفْرِقَةِ ثَمَنِهِ عَلَيْهِمْ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ لِلْوَرَثَةِ إذَا كَانَ شِقْصًا، أَوْصَى الْمَيِّتُ بِبَيْعِهِ مِنْ الثُّلُثِ لِيُفَرَّقَ ثَمَنُهُ (عَلَى الْأَصَحِّ، وَالْمُخْتَارِ) لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ، وَالْمَيِّتُ أَخَّرَ الْبَيْعَ لِوَقْتٍ لَمْ يَقَعْ فِيهِ الْبَيْعُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ، وَهُوَ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ (لَا) شُفْعَةَ لِوَارِثٍ مِنْ مُعَيَّنٍ (مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ) مِنْ دَارِ الْمَيِّتِ مِنْ ثُلُثِهِ، وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَيِّتَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَخْرِيجٌ لَا يُعَادِلُ نَصَّ سَحْنُونٍ، كَذَا وُجِدَ بِخَطِّ عبق.
(قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ) أَيْ فِي الْوَجْهَيْنِ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ ابْنُ نَاجِيٍّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَمُقَابِلُهُ أَنَّ فِي الْكِرَاءِ الشُّفْعَةَ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا يَنْقَسِمُ وَبِأَنْ يَزِيدَ الشَّرِيكُ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ، قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا عَلِمْت، لَكِنْ فِي بْن عَنْ الزَّقَّاقِ فِي لَامِيَّتِهِ وَغَيْرِهِ جَرَيَانُ الْعَمَلِ بِالشُّفْعَةِ فِي الْكِرَاءِ بِالْقَيْدِ الثَّانِي فَقَطْ، وَهُوَ أَنْ يَسْكُنَ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ) أَيْ، وَهُوَ أَمِينُ بَيْتِ الْمَالِ وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لِقِيَامِهِ مَقَامَ السُّلْطَانِ الَّذِي هُوَ النَّاظِرُ الْأَصْلِيُّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ وَلِيَ إلَخْ) هَذَا بَيَانٌ لِمَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ مَعَ السُّكُوتِ) أَيْ سُكُوتِ السُّلْطَانِ الَّذِي أَقَامَهُ نَاظِرًا (قَوْلُهُ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّنْ تَحَدَّدَ مِلْكُهُ بِمُعَاوَضَةٍ لَكِنْ بِمِلْكٍ غَيْرِ لَازِمٍ كَبَيْعِ الْخِيَارِ إلَخْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمِلْكَ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ لِلْبَائِعِ وَحِينَئِذٍ فَلَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُ الْمُشْتَرِي حِينَ الْبَيْعِ فَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ وَلَيْسَ خَارِجًا بِقَوْلِهِ اللَّازِمُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ إخْرَاجَهُ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ زَمَنَ الْخِيَارِ عَلَى مِلْكِ الْمُشْتَرِي فَيُصَدَّقُ أَنَّهُ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ إلَّا أَنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلِذَا أَخْرَجَهُ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ (قَوْلُهُ وَاحْتُرِزَ بِهِ أَيْضًا عَنْ بَيْعِ الْمَحْجُورِ بِلَا إذْنِ وَلِيِّهِ) أَيْ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِ الْمَحْجُورِ فِيمَا بَاعَهُ الْمَحْجُورُ بِلَا إذْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ، وَإِنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَكِنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا شُفْعَةَ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ، بَلْ حَتَّى يُجِيزَ وَلِيُّهُ وَمِثْلُ بَيْعِهِ شِرَاؤُهُ فَإِذَا اشْتَرَى هُوَ يَكُونُ قَدْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ لَكِنَّ ذَلِكَ الْمِلْكَ غَيْرُ لَازِمٍ فَلَا شُفْعَةَ بِمُجَرَّدِ بَيْعِهِ، أَوْ شِرَائِهِ، بَلْ حَتَّى يُجِيزَ وَلِيُّهُ (قَوْلُهُ اخْتِيَارًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْأَوَائِلَ قَدْ وَقَعَتْ فِي مَرَاكِزِهَا (قَوْلُهُ كَالْإِرْثِ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَرِيكَيْنِ وَمَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ وَارِثٍ أَخَذَ حِصَّتَهُ مِنْهَا فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ وَارِثِهِ بِالشُّفْعَةِ فَقَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ أَيْ لَلشَّرِيك مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِالْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ بِمُعَاوَضَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَالِيَّةً كَالْبَيْعِ، وَهِبَةِ الثَّوَابِ، وَالصُّلْحِ وَلَوْ عَنْ إنْكَارٍ، أَوْ غَيْرَ مَالِيَّةٍ كَالْمَهْرِ، وَالْخُلْعِ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) أَيْ لِلشَّرِيكِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ بِالْهِبَةِ، أَوْ الصَّدَقَةِ.
(قَوْلُهُ أَيْ لِأَجْلِهِمْ) أَيْ لِأَجْلِ تَفْرِقَةِ إلَخْ، أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِلْمَسَاكِينِ تَعْلِيلِيَّةٌ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ لَا أَنَّهَا صِلَةٌ لِبَيْعٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا، أَوْصَى بِبَيْعِ حِصَّةٍ لِلْمَسَاكِينِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ أَخْذٌ بِالشُّفْعَةِ اتِّفَاقًا.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا، أَوْصَى بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ لِأَجْلِ أَنْ يُفَرِّقَ ثَمَنَهُ عَلَى الْمَسَاكِينِ فَفَعَلَ فَإِنَّ الْوَرَثَةَ يُقْضَى لَهُمْ بِأَخْذِ ذَلِكَ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْأَصَحِّ عِنْدَ الْبَاجِيَّ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ قَالَ الْبَاجِيَّ؛ لِأَنَّ الْمُوصَى لَهُمْ بِثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ مُعَيَّنِينَ فَهُمْ شُرَكَاءُ لِلْوَرَثَةِ بَائِعُونَ بَعْدَ مِلْكِهِمْ بَقِيَّةَ الدَّارِ، وَقَدْ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَالَ بِهِ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَمُقَابِلُهُ مَا لِسَحْنُونٍ لَا شُفْعَةَ لِلْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَصِيِّ كَبَيْعِ الْمَيِّتِ فِي حَالِ حَيَاتِهِ، وَالْمَيِّتُ إذَا بَاعَ حِصَّةً فِي دَارِهِ لَيْسَ لِوَرَثَتِهِ أَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَجَدَّدْ مِلْكُهُ عَلَيْهِمْ، بَلْ مِلْكُهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِهِمْ كَمَا أَنَّ ذَلِكَ الْمُشْتَرِيَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْعَقَارُ كُلُّهُ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ أَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ،، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَارِثِهِ فَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ لَلشَّرِيك اتِّفَاقًا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (قَوْلُهُ لِدُخُولِ الضَّرَرِ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى الْوَرَثَةِ بِالْبَيْعِ لِغَيْرِهِمْ وَقَوْلُهُ، وَالْمَيِّتُ إلَخْ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الشَّرِكَةِ) أَيْ بَيْنَ الْوَرَثَةِ، وَالْمُوصَى لَهُمْ وَلِذَا كَانَ لِلْوَرَثَةِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِتَجَدُّدِ مِلْكِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ مِنْ مُعَيَّنٍ) أَيْ مِنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ، أَوْصَى لَهُ الْمَيِّتُ بِبَيْعِ جُزْءٍ مِنْ عَقَارِهِ يُحَمِّلُهُ الثُّلُثَ فَاشْتَرَى ذَلِكَ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ بِمُعَيَّنٍ تَبَعًا لتت يَقْتَضِي أَنَّ الْمُوصِيَ بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ لِلْوَارِثِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ
قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ وَيَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ، أَمَّا إذَا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَارِثِ لَوَجَبَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ لِكَوْنِهِ شَرِيكًا لَا وَارِثًا (عَقَارًا) مَفْعُولٌ لِأَخْذِ شَرِيكٍ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ، وَهُوَ بَيَانٌ لِلْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ، وَالْعَقَارُ هُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ وَشَجَرٍ فَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ، أَوْ عَرْضٍ إلَّا تَبَعًا كَمَا يَأْتِي (وَلَوْ) كَانَ الْعَقَارُ (مُنَاقَلًا بِهِ)، وَالْمُنَاقَلَةُ بَيْعُ الْعَقَارِ بِمِثْلِهِ: وَلَهُ صُوَرٌ مِنْهَا أَنْ يَكُونَ لِشَخْصٍ حِصَّةٌ مِنْ دَارٍ وَلِآخَرَ حِصَّةٌ مِنْ أُخْرَى فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ فَلِشَرِيكِ كُلٍّ مِنْهُمَا الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ نَاقَلَ شَرِيكَهُ وَيَخْرُجَانِ مَعًا مِنْ الدَّارَيْنِ،.
، ثُمَّ أَفَادَ أَنَّ شَرْطَ الْعَقَارِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ قَبُولُهُ الْقِسْمَةَ بِقَوْلِهِ (إنْ انْقَسَمَ) أَيْ قَبِلَ الْقِسْمَةَ لَا إنْ لَمْ يَقْبَلْهَا، أَوْ قَبِلَهَا بِفَسَادٍ كَالْحَمَّامِ، وَالْفُرْنِ (وَفِيهَا) أَيْ الْمُدَوَّنَةِ (الْإِطْلَاقُ) أَيْ إنَّهَا تَكُونُ فِيمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِ لِضَرَرٍ لِلشَّرِكَةِ الطَّارِئَةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُزِيدَ لَفْظَ أَيْضًا لِيُفِيدَ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهَا أَيْضًا (وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ حَكَمَ بَعْضُ الْقُضَاةِ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لَكِنْ فِي حَمَّامٍ كَانَ بَيْنَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْفَقِيهِ وَشَرِيكٍ لَهُ فِيهِ فَبَاعَ أَحْمَدُ الْفَقِيهُ حِصَّتَهُ فِيهِ لِمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فَرَفَعَهُ شَرِيكُهُ لِقَاضِي الْجَمَاعَةِ بِقُرْطُبَةَ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ فَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَشَاوَرَهُمْ فَأَفْتَوْا بِعَدَمِهَا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَذَهَبَ الشَّرِيكُ لِلْأَمِيرِ النَّاصِرِ لِدِينِ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ نَزَلَتْ بِي نَازِلَةٌ حُكِمَ عَلَيَّ فِيهَا بِغَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ فَأَرْسَلَ الْأَمِيرُ لِلْقَاضِي يَقُولُ لَهُ اُحْكُمْ لَهُ بِقَوْلِ مَالِكٍ فَأَحْضَرَ الْفُقَهَاءَ وَسَأَلَهُمْ عَنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَقَالُوا مَالِكٌ يَرَى الشُّفْعَةَ فَحُكِمَ لَهُ بِهِ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ هُوَ الْأَوَّلُ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ الشُّفْعَةُ بِمَا يَنْقَسِمُ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَنْقَسِمُ إذَا طَلَبَ الشَّرِيكُ فِيهِ الْبَيْعَ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ مَعَهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَانْتَفَى ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ، كَذَا عَلَّلُوا، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي شُرِعَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ الطَّارِئَةِ عَلَى مَنْ لَمْ يَبِعْ، وَالضَّرَرُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ إذَا لَمْ يَبِعْ شَرِيكُهُ مَعَهُ (بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَيْ يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَهُ بِهِ الْمُشْتَرِي إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (وَلَوْ) كَانَ الثَّمَنُ الْمَأْخُوذُ بِهِ (دَيْنًا) لِلْمُشْتَرِي فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ (أَوْ قِيمَتِهِ) إنْ كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا كَعَبْدٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ لَا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (بِرَهْنِهِ وَضَامِنِهِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِثَمَنِ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي بِرَهْنٍ، أَوْ ضَامِنٍ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا مَعَ رَهْنٍ مِثْلِ رَهْنِهِ يَدْفَعُهُ لِلْمُشْتَرِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَمَا جَزَمَ بِهِ عج، وَالتَّعْلِيلُ الْمَذْكُورُ يَقْتَضِي ذَلِكَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِلْوَارِثِ فِي الشِّقْصِ الَّذِي، أَوْصَى الْمَيِّتُ بِبَيْعِهِ لِمُعَيَّنٍ، أَوْ لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ عَلَى الصَّوَابِ (قَوْلُهُ قَصَدَ نَفْعَ الْمُوصَى لَهُ) أَيْ، وَأَخْذُ الْوَارِثِ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ يُبْطِلُ مَا قَصَدَهُ مُورِثُهُ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَتْ كُلُّهَا لِلْمَيِّتِ) أَيْ، وَأَوْصَى بِبَيْعِ ثُلُثِهَا لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ فَنَاقَلَ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ الْمُنَاقَلَةُ بِقَصْدِ الْإِرْفَاقِ بِكُلٍّ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاحَّةِ.
(قَوْلُهُ لِضَرَرٍ إلَخْ) أَيْ لِضَرَرِ الشَّرِيكِ الْقَدِيمِ بِشَرِكَةِ الطَّارِئِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الَّتِي هِيَ عِلَّةٌ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، وَأَمَّا عِلَّتُهَا عَلَى الْأَوَّلِ فَهِيَ دَفْعُ ضَرَرِ الْقِسْمَةِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا إنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ خُصَّتْ بِمَا يَنْقَسِمُ إذْ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا سَبَبُهَا دَفْعَ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَمَّتْ مَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرَهُ (قَوْلُهُ فَقَالَ) أَيْ الشَّرِيكُ لَهُ أَيْ لِلْأَمِيرِ النَّاصِرِ وَقَوْلُهُ حُكِمَ إلَخْ أَيْ أُفْتِيَ عَلَيَّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ، وَإِلَّا لَمَا سَاغَ نَقْضُ ذَلِكَ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ بِالْقَوْلِ الْآخَرِ بَعْدَهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ الْمُعَوَّلَ عَلَيْهِ) هُوَ (الْأَوَّلُ) أَيْ، وَهِيَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّانِي لِمَالِكٍ أَيْضًا، رَوَاهُ عَنْهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ، إنْ قُلْت إنَّ الْمُقَابِلَ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ عُمِلَ بِهِ وَقَدْ تَكَرَّرَ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَا بِهِ الْعَمَلُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ، قُلْتُ مَحَلُّ ذَلِكَ كَمَا كَتَبَ شَيْخُنَا عَنْ كَبِيرِ خش إذَا كَانَ الْعَمَلُ عَامًّا لَا كَعَمَلِ بَلْدَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَذُكِرَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ بَنَى عُمِلَ لِلْمَجْهُولِ مُبَالَغَةً فِي ضَعْفِهِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ أُجْبِرَ شَرِيكُهُ عَلَيْهِ مَعَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَنْتَفِيَ ضَرَرَ نَقْصِ الثَّمَنِ فَلِذَا لَمْ يَجِبْ فِيهِ شُفْعَةٌ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْبَيْعَ لَا يُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِجَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ مَعَهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَا يَنْقَسِمُ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْتِفْ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ فِيهِ لِعَدَمِ جَبْرِ الشَّرِيكِ عَلَى الْبَيْعِ فَلِذَا شُرِعَتْ الشُّفْعَةُ فِيهِ لِإِزَالَةِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ الَّذِي شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ الشُّفْعَةُ ضَرَرُ الشَّرِكَةِ) أَيْ، أَوْ ضَرَرُ الْمُقَاسَمَةِ بِنَاءً عَلَى عُمُومِهَا لِمَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرِهِ، أَوْ خُصُوصِهَا بِالْمُنْقَسِمِ (قَوْلُهُ، وَالضَّرَرُ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ) الْأَوْلَى حَذْفُ لَا وَقَوْلُهُ ضَرَرُ نَقْصِ الثَّمَنِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْلِيلُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ فَالْأَوْلَى مَا ذَكَرَهُ عج وبن وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَنَّنَا إنْ قُلْنَا إنَّ سَبَبَ الشُّفْعَةِ دَفْعُ ضَرَرِ الْمُقَاسَمَةِ خُصَّتْ بِمَا يَنْقَسِمُ إذْ لَا يُجَابُ لِقِسْمَةِ غَيْرِهِ، وَإِنْ قُلْنَا سَبَبُهَا دَفْعُ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَمَّتْ مَا يَنْقَسِمُ وَغَيْرَهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ) أَرَادَ بِالثَّمَنِ مَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ، وَإِنْ نُقِدَ خِلَافُهُ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالثَّمَنِ مَا نَقَدَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ عَقَدَ عَلَى غَيْرِهِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ خش اهـ.
شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا) أَيْ إنْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا مَعْلُومًا وَوَجَدَاهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ) أَيْ فَيَأْخُذُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا؛ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ بَابُهُ الْمِثْلُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ لَا يَأْخُذُهُ) أَيْ بِدَيْنٍ إلَّا مَعَ رَهْنٍ إلَخْ
أَوْ ضَامِنٍ مِثْلِ ضَامِنِهِ يَضْمَنُهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِمِثْلِ الرَّهْنِ، أَوْ الضَّامِنِ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِدَيْنٍ كَالْمُشْتَرِي كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ أَرَادَ أَخْذَهُ بِنَقْدٍ فَلَهُ ذَلِكَ (وَأُجْرَةِ دَلَّالٍ وَ) أُجْرَةِ (عَقْدِ شِرَاءٍ) أَيْ أُجْرَةِ كَاتِبِ الْوَثِيقَةِ (وَفِي) لُزُومِ غُرْمِ (الْمَكْسِ) بِأَنْ يَغْرَمَ لِلْمُشْتَرِي مَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا؛ لِأَنَّهُ مَدْخُولٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمْ يَتَوَصَّلْ لِشِرَاءِ الشِّقْصِ إلَّا بِهِ وَعُدِمَ لُزُومُهُ؛ لِأَنَّهُ ظُلْمٌ (تَرَدُّدٌ) الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ (أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ) بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ، وَهُوَ النَّصِيبُ الْمَشْفُوعُ فِيهِ، وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مِثْلِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِمِثْلِ الثَّمَنِ، أَوْ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ إنْ دُفِعَ (فِي كَخُلْعٍ) بِأَنْ دَفَعَتْهُ الزَّوْجَةُ لِزَوْجِهَا فِي نَظِيرِ خُلْعِهِ لَهَا، أَوْ دَفَعَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحٍ، أَوْ دَفَعَهُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ فِي عِتْقِهِ.
(وَ) فِي (صُلْحِ) جِنَايَةِ (عَمْدٍ) عَلَى نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْقَوَدُ بِخِلَافِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ بِالدِّيَةِ مِنْ إبِلٍ، أَوْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ تُنَجَّمُ كَالتَّنْجِيمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (وَ) يَأْخُذُ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِقِيمَتِهِ فِي (جُزَافِ نَقْدٍ) مَصُوغٍ، أَوْ مَسْكُوكٍ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا بِيعَ بِهِ الشِّقْصُ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَذَا أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ.
(وَ) أَخَذَ الشِّقْصَ الْمُشْتَرَى مَعَ غَيْرِهِ فِي صَفْقَةٍ (بِمَا يَخُصُّهُ) مِنْ الثَّمَنِ (إنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ) فَيُقَوَّمُ الشِّقْصُ مُنْفَرِدًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ عَلَى أَنَّهُ مَبِيعٌ مَعَ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَإِذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ وَحْدَهُ عَشَرَةً مَثَلًا وَقِيمَتُهُ مَعَ الْمُصَاحِبِ لَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ عُلِمَ أَنَّهُ يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ الثُّلُثَانِ فَيَأْخُذُهُ بِثُلُثَيْ الثَّمَنِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ أَيْ فَلَا يُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ التَّتَّائِيُّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَمْلَى مِنْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ أَرْجَحُ قَوْلَيْ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ، أَوْ ضَامِنٍ مِثْلِ ضَامِنِهِ) أَيْ مِثْلِ ضَامِنِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمَسْأَلَةِ) أَيْ وَلَيْسَ مَوْضُوعُهَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ أَخَذَهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ، وَهِيَ الْمُتَقَدِّمَةُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ دَيْنًا لِعَدَمِ رَهْنٍ، أَوْ ضَامِنٍ فِي الشِّقْصِ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّتِهِ فَكَانَ اللَّائِقُ تَأْخِيرَهَا عَنْ قَوْلِهِ، وَإِلَى أَجَلِهِ، كَذَا قَالَ عبق وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اشْتَرَاهُ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ دَيْنُ الْمُشْتَرِي الَّذِي عَلَى الْبَائِعِ بِرَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ، ثُمَّ لَمَّا اُشْتُرِيَ بِهِ الشِّقْصُ مِنْهُ سَقَطَ الرَّهْنُ، وَالضَّامِنُ فَإِذَا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِمِثْلِ الدَّيْنِ إلَى مِثْلِ الْأَجَلِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْطَى الْمُشْتَرِي مِثْلَ مَا كَانَ أَوَّلًا مِنْ رَهْنٍ، أَوْ حَمِيلٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَعَقْدِ شِرَاءٍ) وَكَذَا يَغْرَمُ الشَّفِيعُ ثَمَنَ مَا يُكْتَبُ فِيهِ وَمَا عَمَّرَ بِهِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ كَمَا فِي بْن وَبَيَّنَ مَا وَقَعَ فِي الْمَوَّاقِ مِنْ الْوَهْمِ فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ مَا أُخِذَ مِنْهُ ظُلْمًا) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّهُ جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَمَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَقَارًا يَدْفَعُ دِينَارًا مَكْسًا لِلْحَاكِمِ، أَوْ لِشَيْخِ الْحَارَةِ (قَوْلُهُ الْأَظْهَرُ الْأَوَّلُ) أَيْ، بَلْ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، أَوْ دَفَعَهُ الزَّوْجُ لِزَوْجَتِهِ فِي نِكَاحٍ) هَذَا إذَا دَفَعَهُ لَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَأَمَّا لَوْ دَفَعَهُ لَهَا فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بَعْدَ الدُّخُولِ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يَأْخُذُ ذَلِكَ الشِّقْصَ بِمَهْرِ الْمِثْلِ لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ، أَوْ دَفَعَهُ عَبْدٌ لِسَيِّدِهِ فِي عِتْقِهِ) أَيْ، أَوْ دَفَعَ صُلْحًا فِي دَمِ عَمْدٍ عَنْ إقْرَارٍ، أَوْ إنْكَارٍ، أَوْ الْمَدْفُوعُ قَطَاعَةٌ عَنْ مُكَاتَبٍ، أَوْ دَفَعَ صُلْحًا عَنْ عُمْرَى.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ بِالْكَافِ بَقِيَّةَ الْمَسَائِلِ السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا حَاجَةَ لِلتَّصْرِيحِ بِقَوْلِهِ وَصُلْحُ عَمْدٍ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ السَّبْعَةِ يَوْمَ عَقْدِ الْخُلْعِ، وَالنِّكَاحِ وَيَوْمَ عَقْدِ بَقِيَّتِهَا لَا يَوْمَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْخَطَأِ) أَيْ بِخِلَافِ الصُّلْحِ بِالشِّقْصِ عَنْ دَمِ الْخَطَأِ فَإِنَّ الشُّفْعَةَ فِيهِ بِالدِّيَةِ أَيْ الَّتِي أُخِذَ الشِّقْصُ عِوَضًا عَنْهَا، وَهَذَا إذَا كَانَ الصُّلْحُ عَنْ إقْرَارٍ أَمَّا لَوْ كَانَ عَنْ إنْكَارٍ فَكَالْمَأْخُوذِ عَنْ جُرْحٍ عَمْدٍ (قَوْلُهُ مِنْ إبِلٍ) أَيْ إذَا كَانَتْ عَاقِلَةُ الْجَانِي أَهْلَ إبِلٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ ذَهَبٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ ذَهَبٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ فَإِذَا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ إبِلٍ أَخَذَ الشَّفِيعُ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ، وَإِنْ كَانَتْ أَهْلَ ذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِذَهَبٍ، أَوْ وَرِقٍ قَدْرَ الدِّيَةِ وَيُنَجَّمُ ذَلِكَ عَلَى الشَّفِيعِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَتَنْجِيمِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ لَوْ أُخِذَتْ (قَوْلُهُ تُعُومِلَ بِهِ) أَيْ بِالنَّقْدِ (قَوْلُهُ لَكِنَّ الرَّاجِحَ فِي هَذَا) أَيْ الْفَرْعِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ أَيْ الشَّفِيعَ وَقَوْلُهُ لَا يَأْخُذُهُ أَيْ الشِّقْصَ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ أَيْ الَّذِي دَفَعَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ نَفْسِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ جَوَازُ بَيْعِ النَّقْدِ جُزَافًا إنْ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا لَا إنْ تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ النَّقْدَ إذْ تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا لَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَإِنْ تُعُومِلَ بِهِ وَزْنًا فَفِيهِ خِلَافٌ فَقِيلَ بِالْمَنْعِ وَقِيلَ بِالْجَوَازِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِمَا إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِجُزَافٍ نَقْدًا فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِقِيمَتِهِ عَلَى الْأَوَّلِ وَبِقِيمَةِ الْجُزَافِ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ إلَّا بِقِيمَةِ الْجُزَافِ) أَيْ بِقِيمَتِهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ فَإِنْ كَانَ ذَهَبًا قُوِّمَ بِفِضَّةٍ، وَإِنْ كَانَ فِضَّةً قُوِّمَ بِذَهَبٍ وَعَلَى هَذَا الرَّاجِحِ فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الشِّقْصَ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ فِي حَالَتَيْنِ مَا إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُقَوَّمًا، أَوْ نَقْدًا جُزَافًا.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ كَانَ ثَمَنُ الشِّقْصِ بَعْضُهُ نَقْدٌ مَعْلُومُ الْقَدْرِ وَبَعْضُهُ جُزَافٌ فَقَدْ لَزِمَ الشَّفِيعَ إذَا أَخَذَهُ دَفْعُ مِثْلِ الْمَعْلُومِ وَقِيمَةِ الْجُزَافِ (قَوْلُهُ بِمَا يَخُصُّهُ) أَيْ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهُ وَلَوْ قَالَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ مَعْرِفَةِ الثَّمَنِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَخْذُ كَمَا فِي ح عِنْدَ قَوْلِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ التَّتَّائِيُّ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ يُقَوَّمُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُنْفَرِدًا وَتُنْسَبُ قِيمَةُ الشِّقْصِ لِمَجْمُوعِ
وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَعَ التَّتَّائِيِّ فَتَدَبَّرْهُ (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) ، وَهُوَ الْغَيْرُ الْمُصَاحِبُ لِلشِّقْصِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ الشِّقْصِ (وَ) إذَا بِيعَ الشِّقْصُ مُؤَجَّلًا أَخَذَهُ الشَّفِيعُ (إلَى أَجَلِهِ) الَّذِي وَقَعَ تَأْجِيلُ الثَّمَنِ إلَيْهِ (إنْ أَيْسَرَ) الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ يَوْمَ الْأَخْذِ وَلَا يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (أَوْ) لَمْ يُوسِرْ وَلَكِنْ (ضَمِنَهُ مَلِيءٌ) ، أَوْ أَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ فَلَوْ لَمْ يَقَعْ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ ضَرْبَ أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ فَهَلْ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ، أَوْ لَا؟ خِلَافُ الرَّاجِحِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الشَّفِيعُ مُوسِرًا وَلَا ضَمِنَهُ مَلِيءٌ (عَجَّلَ) الشَّفِيعُ (الثَّمَنَ) لِلْمُشْتَرِي وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ فَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (إلَّا أَنْ يَتَسَاوَيَا) أَيْ الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي (عُدْمًا) فَلَا يَلْزَمُ الشَّفِيعَ حِينَئِذٍ الْإِتْيَانُ بِضَامِنٍ وَيَأْخُذُ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ (عَلَى الْمُخْتَارِ) فَلَوْ كَانَ الشَّفِيعُ أَشَدَّ عُدْمًا لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِحَمِيلٍ فَإِنْ أَبَى وَلَمْ يَأْتِ بِالدَّيْنِ أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ.
(وَلَا يَجُوزُ) لِلْمُشْتَرِي (إحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ) أَيْ بِالثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ إنَّمَا تَكُونُ بِدَيْنٍ حَالٍّ وَلِمَا فِيهِ مِنْ بَيْعِ دَيْنٍ بِدَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ تَرَتَّبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي دَيْنٌ بَاعَهُ بِدَيْنٍ عَلَى الشَّفِيعِ فَلَوْ لَمْ تَقَعْ الْحَوَالَةُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْمُحَالِ بِهِ جَازَتْ (كَأَنْ أَخَذَ) الشَّفِيعُ (مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا لِيَأْخُذَ) الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (وَيَرْبَحَ) الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ ابْتِدَاءً، أَوْ يَرْبَحَ فِي بَيْعِهِ لَهُ بِأَنْ يَبِيعَهُ لَهُ زِيَادَةً عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِيَهَبَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ إلَّا لِيَتَمَلَّكَ فَلَوْ قَالَ كَأَخْذِهِ لِغَيْرِهِ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَشْمَلَ فَإِنْ أَخَذَ لِغَيْرِهِ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ وَلِذَا قَالَ (ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ) بَعْدَ ذَلِكَ.
وَأَمَّا إنْ أَخَذَ لِيَبِيعَ فَقَوْلَانِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْقِيمَتَيْنِ وَيَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُقَالُ الْوَجْهُ مَعَ التَّتَّائِيِّ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَالَهُ يَرْجِعُ لِمَا قَالَهُ غَيْرُهُ فَلَا وَجْهَ لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَلِيلًا وَلَيْسَ لَهُ إلْزَامُ الشَّفِيعِ بِهِ وَلَا لِلشَّفِيعِ أَخْذُهُ جَبْرًا عَنْ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَهُوَ الْغَيْرُ) أَيْ غَيْرُ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ وَلَا يُلْتَفَتُ لِيُسْرِهِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي تَحَقُّقُ يُسْرِهِ يَوْمَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِنُزُولِ جَامَكِيَّةٍ، أَوْ مَعْلُومِ وَظِيفَةٍ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إذَا كَانَ يَوْمَ الْأَخْذِ مُعْسِرًا مُرَاعَاةً لِحَقِّ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ يَحْصُلُ لِلشَّفِيعِ بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ ضِيقٌ فَيَكُونُ ذَلِكَ وَسِيلَةً لِتَرْكِهِ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَلَا يُرَاعَى أَيْضًا خَوْفُ طُرُوُّ عُسْرِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ إلْغَاءً لِلطَّارِئِ لِوُجُودِ مُصَحِّحِ الْعَقْدِ يَوْمَ الْأَخْذِ، وَهُوَ الْيُسْرُ (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يُوسِرْ) أَيْ يَوْمَ الْأَخْذِ (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ) أَيْ.
وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ حَبِيبٍ وَصَوَّبَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ بْن لَكِنَّ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ عِنْدَنَا الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَصْبَغَ وَقَوْلُهُ الرَّاجِحُ الْأَوَّلُ أَيْ كَمَا أَنَّ الرَّاجِحَ فِيمَا إذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِدَيْنٍ فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ قَبْلَ حُلُولِ أَجَلِهِ وَلَمْ يَأْخُذْهُ الشَّفِيعُ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ وَطَلَبَ ضَرْبَ أَجَلٍ كَالْأَوَّلِ أَنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ كَمَا صَوَّبَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ خِلَافًا لِمَا فِي الْوَاضِحَةِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُجَابُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِبَيْعِ الشِّقْصِ) أَيْ، أَوْ بِتَسَلُّفٍ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ) أَيْ أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ إذَا وَجَدَ حَمِيلًا بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، ثُمَّ إذَا عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُعَجِّلَهُ لِلْبَائِعِ، بَلْ حَتَّى يَتِمَّ الْأَجَلُ الَّذِي اشْتَرَى لَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ) مُقَابِلُهُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الشَّفِيعُ مُعْدَمًا فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِضَامِنٍ وَلَوْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْمُشْتَرِي فِي الْعُدْمِ.
(قَوْلُهُ وَلِمَا فِيهِ إلَخْ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مِثْلِهَا؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ رُخْصَةٌ يُقْتَصَرُ فِيهَا عَلَى مَا وَرَدَ مِنْ الْحُلُولِ (قَوْلُهُ كَأَنْ أَخَذَ الشَّفِيعُ) أَيْ مُسْتَحِقُّ الشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ أَيْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي وَغَيْرِ الْبَائِعِ وَقَوْلُهُ مَالًا أَيْ كَالْجَعَالَةِ، وَذَلِكَ كَأَنْ يَقُولَ أَجْنَبِيٌّ لِلشَّفِيعِ أُعْطِيك دِينَارًا جَعَالَةً عَلَى أَنَّك تَأْخُذُ الشِّقْصَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَاهُ بِهِ، وَأَنَا أَشْتَرِيهِ مِنْك بِذَلِكَ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ) أَيْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فِي بَيْعِهِ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ عَلَى مَا أَخَذَهُ بِهِ) أَيْ كَمَا إذَا بِيعَ الشِّقْصُ بِعَشَرَةٍ فَيَقُولُ الْأَجْنَبِيُّ لِلشَّفِيعِ خُذْهُ بِالشُّفْعَةِ، وَأَنَا آخُذُهُ مِنْك بِاثْنَيْ عَشَرَ فَأُرْبِحُكَ فِيهِ اثْنَيْنِ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ تُخَالِفُ مَا قَبْلَهَا مِنْ جِهَةِ أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي دُفِعَ لِلشَّفِيعِ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ جَعَالَةٌ وَفِي الثَّانِيَةِ دُفِعَ لَهُ عَلَى أَنَّهُ رِبْحٌ وَزَادَ خش تَبَعًا لتت صُورَةً ثَالِثَةً غَيْرَ الصُّورَتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ هُنَا فِي الشَّرْحِ، وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالًا عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ لَيْسَ لِلْأَجْنَبِيِّ غَرَضٌ فِي دَفْعِ الْمَالِ إلَّا إنْكَاءَ الْمُشْتَرِي، وَإِضْرَارَهُ اهـ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَلَا يَأْتِي فِيهَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ لَا آخُذُ لَهُ وَقَالَ طفى أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ تَحْتَاجُ لِنَصٍّ عَلَيْهَا وَعَلَى أَنَّهُ لَا أَخْذَ لَهُ بِالشُّفْعَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ) فِيهِ أَنَّهُ كَالْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِذَلِكَ الْمَالِ مُعَلَّقٌ عَلَى إسْقَاطِ حَقٍّ يَحْصُلُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُعَلِّلَ الْمَنْعَ بِأَنَّهُ خِلَافُ مُورِدِ الشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِيَرْبَحَ اهـ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَكَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ لِيَهَبَ، أَوْ يَتَصَدَّقَ) أَيْ، أَوْ لِيُوَلِّيَهُ لِغَيْرِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لِيَرْبَحَ (قَوْلُهُ كَأَخْذِهِ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ لِغَيْرِهِ إعْرَاضٌ عَنْهَا لِنَفْسِهِ وَمَحَلُّ سُقُوطِهَا إذَا عُلِمَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ أَشْهَبَ وَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ ذَلِكَ.
بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ الْأَظْهَرُ الثَّانِي (أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ) بِالْفِعْلِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ وَلَكِنْ لَا تَسْقُطُ بِذَلِكَ شُفْعَتُهُ وَلِذَا أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ، ثُمَّ لَا أَخْذَ لَهُ (بِخِلَافِ أَخْذِ مَالٍ) مِنْ الْمُشْتَرِي (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الشِّرَاءِ (لِيُسْقِطَ) شُفْعَتَهُ فَيَجُوزُ.
، ثُمَّ شَبَّهَ بِقَوْلِهِ عَقَارًا قَوْلَهُ (كَشَجَرٍ) مُشْتَرَكٍ (وَبِنَاءٍ) مُشْتَرَكٍ (بِأَرْضٍ حُبِسَ) عَلَى الْبَائِعِ وَشَرِيكِهِ فِي الشَّجَرِ، أَوْ الْبِنَاءِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا (أَوْ) بِأَرْضِ شَخْصٍ (مُعِيرٍ) بَاعَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ مِنْ الشَّجَرِ، أَوْ الْبِنَاءِ الْكَائِنَيْنِ فِي تِلْكَ الْأَرْضِ فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ إحْدَى مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ الْأَرْبَعَةِ، وَالثَّانِيَةُ الشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ الْآتِيَةِ هُنَا، وَالثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ، وَالرَّابِعَةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِإِقْرَارِ الشَّفِيعِ، وَالْمُبْتَاعِ لَا بِإِقْرَارِ أَحَدِهِمَا اهـ.
بْن (قَوْلُهُ بِالْجَوَازِ وَعَدَمِهِ) الْأَوْلَى فَقَوْلَانِ فِي سُقُوطِ شُفْعَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بَعْدَ ذَلِكَ وَعَدَمِ سُقُوطِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ) أَيْ بَاعَ الشِّقْصَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَخْذَهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَجْنَبِيٍّ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالْفِعْلِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الشِّقْصِ قَبْلَ أَخْذِهِ إيَّاهُ بِالشُّفْعَةِ اهـ، وَإِنَّمَا حَمَلْنَا كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى بَيْعِ الشِّقْصِ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّ بَيْعَهُ لِلْمُشْتَرِي هُوَ الصُّورَةُ الْآتِيَةُ بَعْدُ وَجَعَلْنَا مَفْعُولَ بَاعَ الشِّقْصَ الَّذِي يُسْتَحَقُّ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَلَمْ نَجْعَلْهُ الشِّقْصَ الَّذِي تُسْتَحَقُّ الشُّفْعَةُ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا سَيَأْتِي الْمُصَنِّفُ بِذَكَرِهِ فِي مُسْقِطَاتِهَا حَيْثُ قَالَ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكَ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ لَا يُعَدُّ مَالِكًا (قَوْلُهُ أَخْذِ مَالٍ) أَيْ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَالًا مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ) أَيْ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّفِيعُ بِالْبَيْعِ لَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ لِيُسْقِطَ شُفْعَتَهُ) أَيْ لِيُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ) أَيْ وَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ إسْقَاطِ الشَّيْءِ بَعْدَ وُجُوبِهِ فَإِنْ تَقَايَلَا وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الْمَالِ كَانَ الشَّفِيعُ بَاقِيًا عَلَى شُفْعَتِهِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَهَا كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَتِمَّ.
(قَوْلُهُ، ثُمَّ شَبَّهَ إلَخْ) أَيْ مِنْ تَشْبِيهِ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ شَامِلٌ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ وَغَيْرِهِمَا كَالْأَرْضِ الْمُجَرَّدَةِ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَقَارَ اسْمٌ لِلْأَرْضِ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ، أَوْ شَجَرٍ وَيَكْفِي الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمُشَبَّهِ، وَالْمُشَبَّهِ بِهِ وَلَوْ بِالْعُمُومِ، وَالْخُصُوصِ (قَوْلُهُ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِمَا) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مُحْبَسَةً عَلَى جِهَةٍ فَاسْتَأْجَرَهَا اثْنَانِ وَبَنَيَا، أَوْ غَرَسَا فِيهَا، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ، قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ عَنْ شَيْخِهِ الْمَنُوفِيِّ يَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ عَلَى ثُبُوتِ الشُّفْعَةِ فِي الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِي الْأَرْضِ الْمُحْكَرَةِ عِنْدَنَا بِمِصْرَ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَنَا أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَا يُخْرِجُ صَاحِبَ الْبِنَاءِ أَصْلًا فَكَانَ صَاحِبُ الْبِنَاءِ بِمَنْزِلَةِ صَاحِبِ الْأَرْضِ اهـ.
أَيْ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لِمُسْتَحِقِّ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْتِزَامِ بَلَدٍ بِمِصْرَ لِأَحَدِهِمَا الشُّفْعَةُ إذَا بَاعَ الْآخَرُ حِصَّتَهُ فِيهَا وَبِهِ أَفْتَى عج، قَالَ شَيْخُنَا، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْحِصَّةُ الَّتِي فَرَغَ صَاحِبُهَا عَنْهَا غَيْرَ مَقْسُومَةٍ، وَإِلَّا فَلَا شُفْعَةَ قَالَ شَيْخُنَا أَيْضًا، وَالْأَرَاضِيُ الرِّزْقُ الَّتِي عَلَى الْبَرِّ، وَالصَّدَقَةُ فِيهَا الشُّفْعَةُ إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَقْسُومَةٍ فَإِذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ كَانَ لِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنْ كَانَتْ مَقْسُومَةً فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا كَمَا أَنَّ الرِّزْقَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَى الشَّعَائِرِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا مُطْلَقًا فَإِذَا كَانَ شَخْصَانِ مُقَرَّرَانِ فِي وَظِيفَةٍ لَهَا طِينٌ مُرْصَدٌ عَلَيْهَا وَفَرَغَ أَحَدُهُمَا عَنْ حِصَّتِهِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ فَلِشَرِيكِهِ الْآخَرِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ لَكِنْ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْمُعِيرُ كَمَا يَأْتِي فَمَا هُنَا مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ مَا يَأْتِي، أَوْ يُحْمَلُ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا كَانَتْ الْعَارِيَّةُ مُقَيَّدَةً وَلَمْ تَمْضِ الْمُدَّةُ وَبَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ عَلَى الْبَقَاءِ، أَوْ السُّكُوتِ فَلَا كَلَامَ حِينَئِذٍ لِلْمُعِيرِ، وَالشَّرِيكُ أَحَقُّ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ) أَيْ الَّتِي قَالَ مَالِكٌ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا إنَّهُ لِشَيْءٍ أَسْتَحْسِنُهُ وَمَا عَلِمْتَ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي (قَوْلُهُ الْآتِيَةِ هُنَا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَكَثَمَرَةٍ وَمَقْثَأَةٍ (قَوْلُهُ، وَالثَّالِثَةُ الْقِصَاصُ) أَيْ فِي الْجِرَاحِ (قَوْلُهُ، وَالرَّابِعَةُ إلَخْ) زَادَ بَعْضُهُمْ خَامِسَةً، وَهِيَ وِصَايَةُ الْأُمِّ عَلَى وَلَدِهَا إذَا تَرَكَتْ لَهُ مَالًا يَسِيرًا كَالسِّتِّينَ دِينَارًا وَجَمَعَ الْكُلَّ بَعْضُهُمْ بِقَوْلِهِ:
وَقَالَ مَالِكٌ بِالِاخْتِيَارِ
…
فِي شُفْعَةِ الْأَنْقَاضِ وَالثِّمَارِ
وَالْجَرْحُ مِثْلُ الْمَالِ فِي الْأَحْكَامِ
…
وَالْخَمْسُ فِي أُنْمُلَةِ الْإِبْهَامِ
وَفِي وَصِيِّ الْأُمِّ بِالْيَسِيرِ
…
مِنْهَا وَلَا وَلِيَّ لِلصَّغِيرِ
اهـ بْن.
فَإِنْ قُلْت كَيْفَ تَكُونُ مُسْتَحْسَنَاتُ الْإِمَامُ قَاصِرَةً عَلَى هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ مَعَ أَنَّ الِاسْتِحْسَانَ فِي مَسَائِلِ الْفِقْهِ أَغْلَبُ مِنْ الْقِيَاسِ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ وَقَالَ مَالِكٌ إنَّهُ تِسْعَةُ أَعْشَارِ الْعِلْمِ.
قُلْت
أَنَّ الْأُنْمُلَةَ مِنْ الْإِبْهَامِ فِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَسَيَأْتِيَانِ فِي الْجِرَاحِ (وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ) عَلَى الشَّفِيعِ فِي أَخْذِهِ لَا بِالشُّفْعَةِ، بَلْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ (بِنَقْضِهِ) أَيْ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا (أَوْ ثَمَنِهِ) الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا فَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ، وَهَذَا (إنْ مَضَى مَا) أَيْ زَمَنٌ (يُعَارُ لَهُ) ، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ مُطْلَقَةً وَمَضَى مَا تُعَارُ لَهُ عَادَةً، أَوْ مُقَيَّدَةً وَمَضَى مَا قُيِّدَتْ بِهِ (وَإِلَّا) يَمْضِ مَا تُعَارُ لَهُ عَادَةً، أَوْ الْأَجَلُ الْمَحْدُودُ (فَقَائِمًا) أَيْ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا أَيْ، أَوْ ثَمَنِهِ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُطْلَقَةِ،.
وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِزَمَنٍ لَمْ يَنْقَضِ وَقَدْ دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَقَاءِ، أَوْ السَّكْتِ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّرِيكِ دُونَ الْمُعِيرِ حَتَّى تَنْقَضِيَ مُدَّتُهَا فَيَأْخُذَهُ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهِ، أَوْ قِيمَتِهِ مَنْقُوضًا فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ عَلَى الْهَدْمِ قُدِّمَ الْمُعِيرُ بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا، أَوْ ثَمَنِهِ كَالْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ أَيْ مَا لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ فَإِنْ أُسْقِطَ حَقُّهُ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ (وَكَثَمَرَةٍ) بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْهَا فَلِلْآخَرِ أَخْذُهُ بِالشُّفْعَةِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ وَكَثَمَرَةٍ الْفُولَ الْأَخْضَرَ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِاَلَّذِي يُزْرَعُ لِيُؤْكَلَ أَخْضَرَ (وَمَقْثَأَةٍ) وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْعُ (وَبَاذِنْجَانٍ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا فِيهَا الشُّفْعَةُ (وَلَوْ) بِيعَتْ (مُفْرَدَةً) عَنْ الْأَصْلِ فِي الثَّمَرَةِ وَعَنْ الْأَرْضِ فِيمَا بَعْدَهَا (إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) الثَّمَرَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهَا وَكَذَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا، وَهِيَ يَابِسَةٌ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(وَ) لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْأُصُولَ وَعَلَيْهَا ثَمَرَةٌ قَدْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ وَقْتَ الْبَيْعِ وَاشْتَرَطَهَا الْمُشْتَرِي لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يَبِسَتْ وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ فِيهَا فَإِنْ أَخَذَ أَصْلَهَا بِالشُّفْعَةِ (حُطَّ) عَنْهُ (حِصَّتُهَا) أَيْ مَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ (إنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ) وَقْتَ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّ لَهَا حِصَّةً حِينَئِذٍ مِنْ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُ الْأَصْلَ بِمَا يَنُوبُهُ (وَفِيهَا) أَيْ أَيْضًا (أَخْذُهَا) بِالشُّفْعَةِ (مَا لَمْ تَيْبَسْ، أَوْ تُجَذَّ، وَهَلْ هُوَ) أَيْ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ (خِلَافٌ) ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا مَرَّةً إلَّا أَنْ تَيْبَسَ وَمَرَّةً مَا لَمْ تَيْبَسْ، أَوْ تُجَذَّ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ الْجُذَاذَ قَبْلَ الْيُبْسِ مَفُوتٌ كَالْيُبْسِ، أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا اشْتَرَاهَا مُفْرَدَةً عَنْ الْأَصْلِ فَالشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ فَإِنْ جُذَّتْ قَبْلَ الْيُبْسِ فَلَهُ أَخْذُهَا، وَالثَّانِي إذَا اشْتَرَاهَا مَعَ الْأَصْلِ فَالشُّفْعَةُ مَا لَمْ تَيْبَسْ، أَوْ تُجَذَّ وَلَوْ قَبْلَ الْيُبْسِ (تَأْوِيلَانِ) ، ثُمَّ ذَكَرَ قَسِيمَ قَوْلِهِ وَحُطَّ حِصَّتُهَا إنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اُشْتُرِيَ أَصْلُهَا فَقَطْ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
إنَّ الِاسْتِحْسَانَ الْوَاقِعَ مِنْ الْإِمَامِ لَيْسَ قَاصِرًا عَلَى هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ، بَلْ وَقَعَ مِنْهُ فِي غَيْرِهَا أَيْضًا لَكِنْ وَافَقَهُ فِي غَيْرِهِ، أَوْ كَانَ لَهُ سَلَفٌ فِيهِ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَإِنَّهُ اسْتَحْسَنَهَا مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَسْبِقْهُ غَيْرُهُ بِذَلِكَ لِقَوْلِهِ وَمَا عَلِمْت أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي (قَوْلُهُ أَنَّ الْأُنْمُلَةَ إلَخْ) .
حَاصِلُهُ أَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ دِيَتُهُ عَشَرٌ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُ مَا فِي الْأُصْبُعِ إلَّا الْأُنْمُلَةَ مِنْ الْإِبْهَامِ فَفِيهَا نِصْفُ مَا فِي الْأُصْبُعِ أَعْنِي خَمْسَةً مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْهُمَا) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْهَدْمِ، أَوْ السُّكُوتِ (قَوْلُهُ، وَهَذَا شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَتْ) أَيْ الْعَارِيَّةُ مُطْلَقَةً أَيْ لَمْ تُقَيَّدْ بِزَمَانٍ (قَوْلُهُ، وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي الْمُطْلَقَةِ) أَيْ سَوَاءٌ دَخَلَ الْبَائِعُ مَعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَقَاءِ، أَوْ السُّكُوتِ، أَوْ الْهَدْمِ (قَوْلُهُ عَلَى الْبَقَاءِ) أَيْ لِلْبِنَاءِ، وَالْغَرْسِ لِآخِرِ مُدَّةِ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ فَيَأْخُذُهُ) أَيْ الْمُعِيرُ مِنْ الشَّفِيعِ (قَوْلُهُ وَكَثَمَرَةٍ) أَيْ مَوْجُودَةٍ حِينَ الشِّرَاءِ بِشَرْطِ كَوْنِهَا مُؤَبَّرَةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَحَطُّ حِصَّتِهَا.
وَأَمَّا الْغَيْرُ الْمَوْجُودَةِ، أَوْ الْمَوْجُودَةُ غَيْرُ الْمُؤَبَّرَةِ فَأَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ، وَإِنْ اشْتَرَى إلَخْ (قَوْلُهُ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إلَخْ) أَيْ، وَالْأَصْلُ مَمْلُوكٌ لَهُمَا، أَوْ بِأَيْدِيهِمَا فِي مُسَاقَاةٍ، أَوْ حُبِسَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَمَقْثَأَةٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ ثَمَرَةٍ غَيْرِ مَقْثَأَةٍ بِالْإِضَافَةِ وَمَقْثَأَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَقْثَأَةَ لَيْسَتْ اسْمًا لِلْقِثَّاءِ، بَلْ لِلْأَصْلِ أَيْ الْعُرُوشِ الَّتِي فِيهَا الْقِثَّاءُ (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْقَرْعُ) أَيْ وَكَذَا كُلُّ مَا لَهُ أَصْلٌ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ وَيَبْقَى أَصْلُهُ كَالْقُطْنِ، وَالْبَامِيَةِ (قَوْلُهُ وَبَاذِنْجَانٍ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ، وَهُوَ الْمَقْثَأَةُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا كُلُّ أَصْلٍ تُجْنَى ثَمَرَتُهُ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ لِيَخْلُفَ غَيْرَهَا، وَهَذَا شَامِلٌ لِلْبَاذِنْجَانِ.
وَأَمَّا النِّيلَةُ، وَالْمُلُوخِيَّةُ وَكُرَّاثُ الْمَائِدَةِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تُجْنَى وَيَبْقَى أَصْلُهَا لِيَخْلُفَ غَيْرَهَا، وَإِنَّمَا تُحْصَدُ مِنْ أَصْلِهَا وَيُخْلَفُ غَيْرُهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِيعَتْ مُفْرَدَةً) هَذَا يَشْمَلُ ثَلَاثَ صُوَرٍ: الْأُولَى إذَا بَاعَا الْأَصْلَ دُونَ الثَّمَرَةِ، ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِيهَا، الثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ بَاقِيًا وَبَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ الثَّمَرَةِ الثَّالِثَةُ أَنْ يَشْتَرِيَا مَعًا الثَّمَرَةَ وَيَبِيعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْهَا، وَالْمُقَابِلُ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ بِلَوْ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ لَا شُفْعَةَ فِيهَا مُطْلَقًا وَقَوْلُ أَشْهَبَ لَا شُفْعَةَ فِيهَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْأَصْلُ لَهُمَا كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ فِي الثَّمَرَةِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّمَرَةِ وَقَوْلُهُ فِيمَا بَعْدَهَا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) الْمُرَادُ بِالْيُبْسِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَجِيءُ وَقْتِ جُذَاذِهَا لِلْيُبْسِ إنْ كَانَتْ تَيْبَسُ، أَوْ لِلْأَكْلِ إنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ اهـ بْن (قَوْلُهُ بَعْدَ الْعَقْدِ) أَيْ عَقْدِ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ الْأُصُولَ) أَيْ حِصَّتَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ وَقُلْنَا بِسُقُوطِ الشُّفْعَةِ حِينَئِذٍ فِيهَا) أَيْ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ حُطَّ عَنْهُ حِصَّتُهَا) أَيْ حِصَّةُ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ إنْ أَزْهَتْ) أَيْ إنْ كَانَتْ مُزْهِيَةً، أَوْ مَأْبُورَةً يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّفِيعُ حَتَّى يَبِسَتْ (قَوْلُهُ وَفِيهَا) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ تَيْبَسَ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيهَا مَرَّةً إلَّا أَنْ تَيْبَسَ) أَيْ وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يُفِيتُ الشُّفْعَةَ إلَّا يُبْسُهَا.
وَأَمَّا جَذُّهَا قَبْلَ يُبْسِهَا فَلَا يُفِيتُ الشُّفْعَةَ فِيهَا وَظَاهِرُهُ اُشْتُرِيَتْ مُفْرَدَةً، أَوْ مَعَ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ مَفُوتٌ كَالْيُبْسِ)
وَلَيْسَ فِيهَا وَقْتَ الشِّرَاءِ، أَوْ ثَمَرَةٌ لَمْ تُؤَبَّرْ (أُخِذَتْ) بِالشُّفْعَةِ مَعَ الْأُصُولِ إنْ لَمْ تُؤَبَّرْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، بَلْ (وَإِنْ أُبِّرَتْ) عِنْدَهُ مَا لَمْ تُيَبَّسْ عِنْدَهُ، أَوْ تُجَذَّ، وَإِلَّا فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ الْأُصُولَ بِالثَّمَنِ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ حِصَّتُهَا مِنْهُ (وَرَجَعَ) الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ (بِالْمَئُونَةِ) مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهَا.
(وَكَبِئْرٍ) أَيْ عَيْنٍ مُشْتَرَكَةٍ (لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا) أَيْ الْمُشْتَرَكَةُ الَّتِي تُسْقَى بِهَا وَتُزْرَعُ بِمَائِهَا إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ فِي الْبِئْرِ، أَوْ الْعَيْنِ خَاصَّةً، أَوْ مَعَ الْأَرْضِ فَالشُّفْعَةُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قُسِمَتْ أَرْضُهَا وَبَقِيَتْ الْبِئْرُ مُشْتَرَكَةً فَبَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْهَا (فَلَا) شُفْعَةَ؛ لِأَنَّ قَسْمَ الْأَرْضِ يَمْنَعُ الشُّفْعَةَ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي الْعُتْبِيَّةِ لَهُ الشُّفْعَةُ وَاخْتُلِفَ هَلْ مَا فِي الْكِتَابَيْنِ خِلَافٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهَا عَدَمُ الشُّفْعَةِ مَعَ الْقَسْمِ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْآبَارُ وَظَاهِرُ الْعُتْبِيَّةِ الشُّفْعَةُ وَلَوْ اتَّحَدَتْ الْبِئْرُ، أَوْ وِفَاقٌ بِحَمْلِ مَا فِيهَا عَلَى الْبِئْرِ الْوَاحِدَةِ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْمُتَعَدِّدَةِ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْكِتَابَيْنِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَوْضُوعِ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأُوِّلَتْ أَيْضًا بِالْمُتَّحِدَةِ) أَيْ حُمِلَتْ الْبِئْرُ الْمُتَّحِدَةُ أَيْ وَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ عَلَى الْمُتَعَدِّدَةِ فَلَا خِلَافَ، وَالْحَقُّ الْخِلَافُ وَعَلَيْهِ فَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ، وَهَلْ فِي الْمُتَّحِدَةِ تَأْوِيلَانِ.
. ثُمَّ أَخَذَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مُحْتَرَزَاتِ قَوْلِهِ عَقَارًا وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْقُيُودِ بِقَوْلِهِ (لَا عَرْضٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بِئْرٍ، وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ مُحْتَرَزُ عَقَارًا وَلَوْ نَصَبَهُ لَكَانَ أَنْسَبَ وَمُرَادُهُ بِهِ مَا قَابَلَ الْعَقَارَ فَيَشْمَلُ الطَّعَامَ وَنَحْوَهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ (وَكِتَابَةٍ) لِعَبْدٍ (وَدَيْنٍ) مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا بَاعَ أَحَدُهُمَا مَنَابَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ نَعَمْ قِيلَ إنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ بِمَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ لَا لِلشُّفْعَةِ (وَعُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ وَعَكْسِهِ) ؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ وَلَوْ حُذِفَ وَعَكْسُهُ كَانَ أَخْصَرَ، وَالْمَعْنَى لَا شُفْعَةَ فِي عُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ إذَا بِيعَ أَحَدُهُمَا.
(وَ) لَا (زَرْعٍ) مُشْتَرَكٍ وَمُرَادُهُ بِهِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْمَقَاثِي، وَالْقَرْعُ مِنْ الْمَقَاثِي كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَوْ) بِيعَ الزَّرْعُ (بِأَرْضِهِ) أَيْ مَعَهَا، وَالشُّفْعَةُ فِي الْأَرْضِ فَقَطْ بِمَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ وَسَوَاءٌ بِيعَ قَبْلَ يُبْسِهِ، أَوْ بَعْدَهُ (وَ) لَا فِي (بَقْلٍ) كَفُجْلٍ وَجَزَرٍ وَلُفْتٍ وَبَصَلٍ وَمُلُوخِيَّةٍ وَنَحْوِهَا إذْ مُرَادُهُ بِالْبَقْلِ مَا عَدَا الزَّرْعَ، وَالْمَقَاثِئَ لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفُولَ الْأَخْضَرَ فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَهُوَ مُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ لِكَوْنِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ اُشْتُرِيَتْ مُفْرَدَةً، أَوْ مَعَ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَلَيْسَ فِيهَا إلَخْ) أَيْ، وَأَثْمَرَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أُخِذَتْ الشُّفْعَةُ مَعَ الْأُصُولِ) فِيهِ أَنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ لَهَا إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ اسْتِحْقَاقِ الْغَلَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْمَوْجُودِ يَوْمَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ فَازَ بِهَا الْمُشْتَرِي) أَيْ؛ لِأَنَّهَا غَلَّةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَطُّ عَنْهُ حِصَّتُهَا) أَيْ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ حِصَّتُهَا وَبِهَذَا ظَهَرَ لَك صِحَّةُ قَوْلِ الشَّارِحِ، ثُمَّ ذُكِرَ قَسِيمُ قَوْلِهِ وَحَطُّ حِصَّتِهَا (قَوْلُهُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) أَيْ وَحَيْثُ أُخِذَتْ رَجَعَ إلَخْ حَيْثُ أُبِرَّتْ، وَأَزْهَتْ.
وَأَمَّا قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِالْمُؤْنَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْشَأْ عَنْ عَمَلِهِ شَيْءٌ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ بِالْمُؤْنَةِ) أَيْ بِأُجْرَتِهِ فِي خِدْمَتِهِ لِلْأُصُولِ، وَالثَّمَرَةِ مِنْ سَقْيٍ وَتَأْبِيرٍ وَعِلَاجٍ وَلَوْ زَادَتْ أُجْرَةُ الْمُؤْنَةِ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَرَةِ. (قَوْلُهُ مِنْ سَقْيٍ وَعِلَاجٍ) أَيْ حَصَلَا مِنْهُ عِنْدَ شِرَائِهَا قَبْلَ يُبْسِهَا، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيمَا أَنْفَقَ إنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ كَذِبُهُ
(قَوْلُهُ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا الْمُشْتَرَكَةُ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِأَرْضِهَا الْمَوْضِعَ الَّذِي حُفِرَتْ فِيهِ (قَوْلُهُ فَالشُّفْعَةُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ بِئْرًا وَاحِدَةً لَا فِنَاءَ لَهَا وَلَا أَرْضَ غَيْرَ الَّتِي تُزْرَعُ بِمَائِهَا (قَوْلُهُ لَهُ الشُّفْعَةُ) أَيْ لِقِيَاسِ مَا قُسِمَ أَرْضُهَا عَلَى الَّتِي لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا (قَوْلُهُ مَعَ الْقَسْمِ) أَيْ قَسْمِ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ الْوَاحِدَةِ) أَيْ الَّتِي لَا تَعَدُّدَ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ إلَخْ) أَيْ إلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، وَهَذَا تَأْوِيلُ سَحْنُونٍ بِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ عَلَى مُخَالَفَةِ الْعُتْبِيَّةِ.
(قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ) أَيْ فَإِذَا كَانَ عَرْضٌ، أَوْ طَعَامٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَمْضِي لِلْأَجْنَبِيِّ وَلَيْسَ لِلشَّرِيكِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ إذْ لَا شُفْعَةَ لَهُ (قَوْلُهُ مُشْتَرَكٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَالدَّيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ وَكِتَابَةٌ بَاعَهَا السَّيِّدُ وَدَيْنٌ بَاعَهُ صَاحِبُهُ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ بِمَعْنَى أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَكُونُ أَحَقَّ بِكِتَابَتِهِ وَلَا الْمَدِينَ أَحَقُّ بِدَيْنِهِ (قَوْلُهُ نَعَمْ قِيلَ إلَخْ) قَائِلُهُ عج.
وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ أَنَّ الْعَرْضَ، أَوْ الطَّعَامَ إذَا كَانَ مُشْتَرَكًا، وَأَرَادَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَبِيعَ حِصَّتَهُ وَوُقِفَتْ فِي السُّوقِ عَلَى ثَمَنٍ فَشَرِيكُهُ أَحَقُّ بِهَا لِدَفْعِ ضَرَرِ الشَّرِكَةِ لَا لِلشُّفْعَةِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ بَاعَ لِغَيْرِ الشَّرِيكِ مَضَى الْبَيْعُ مَا لَمْ يَحْكُمْ لِلشَّرِيكِ حَاكِمٌ بِالشُّفْعَةِ يَرَى ذَلِكَ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنَّ الشَّرِيكَ أَحَقُّ بِمَا بَاعَهُ شَرِيكُهُ أَيْ بِمَا أَرَادَ شَرِيكُهُ بَيْعَهُ (قَوْلُهُ لَا لِلشُّفْعَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا أَخْذٌ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَعُلُوٍّ عَلَى سُفْلٍ) أَيْ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ عُلُوٍّ فِي سُفْلٍ إذَا بَاعَهُ صَاحِبُهُ وَقَوْلُهُ وَعَكْسُهُ أَيْ لَا شُفْعَةَ لِصَاحِبِ سُفْلٍ فِي عُلُوٍّ إذَا بَاعَهُ صَاحِبُهُ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُمَا جَارَانِ) الْأَوْلَى لِشَبَهِهِمَا بِالْجَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْجَارَ حَقِيقَةً مَنْ هُوَ عَنْ يَمِينِك، أَوْ يَسَارِك، أَوْ أَمَامَك، أَوْ خَلْفَك، وَهَذَا فَوْقَهُ، أَوْ تَحْتَهُ فَإِطْلَاقُ الْجَارِ عَلَيْهِ مَجَازٌ وَلَمْ يَكْتَفِ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذِهِ بِقَوْلِهِ وَجَارٌ؛ لِأَنَّ شِدَّةَ الْتِصَاقِ الْعُلُوِّ بِالسُّفْلِ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ مِنْهُ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمَا، وَإِنَّ فِي ذَلِكَ الشُّفْعَةَ (قَوْلُهُ وَلَا زَرْعٍ) مُرَادُهُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْبَذْرَ (قَوْلُهُ وَلَوْ بِأَرْضِهِ) أَيْ هَذَا إذَا بِيعَ مُفْرَدًا، بَلْ وَلَوْ بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ إنَّ فِيهِ الشُّفْعَةَ إذَا بِيعَ مَعَ أَرْضِهِ تَبَعًا لِأَرْضِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالنِّيلَةِ.
(قَوْلُهُ إذْ مُرَادُهُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِتَمْثِيلِهِ لِلْبَقْلِ بِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ مَا عَدَا الزَّرْعَ إلَخْ) أَيْ
يُؤْخَذُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَأُلْحِقَ بِالثَّمَرَةِ كَالْمَقَاثِئِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْبَقْلَ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ شَيْءٌ قَالَهُ الْإِمَامُ وَلَمْ يُسْبَقْ بِهِ كَمَا قَالَ فَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ غَيْرُهُ إلَّا بِنَصٍّ مِنْهُ.
(وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (عَرْصَةٍ) ، وَهِيَ سَاحَةُ الدَّارِ الَّتِي بَيْنَ بُيُوتِهَا (وَ) لَا فِي (مَمَرٍّ) أَيْ طَرِيقٍ (قُسِمَ مَتْبُوعُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْعَرْصَةِ، وَالْمَمَرِّ فَلَوْ قَالَ مَتْبُوعُهُمَا كَانَ، أَوْضَحَ، وَالْمَتْبُوعُ هُوَ الْبُيُوتُ أَيْ وَبَقِيَتْ الْعَرْصَةُ، أَوْ الْمَمَرُّ مُشْتَرَكًا فَلَا شُفْعَةَ فِيهِمَا سَوَاءٌ بَاعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ مِنْهُمَا مَعَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الْبُيُوتِ، أَوْ بَاعَهَا وَحْدَهَا وَلَوْ أَمْكَنَ قَسْمُهَا؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً لِمَا لَا شُفْعَةَ فِيهِ، وَهِيَ الْبُيُوتُ الْمُنْقَسِمَةُ كَانَتْ لَا شُفْعَةَ فِيهَا (وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (حَيَوَانٍ إلَّا) حَيَوَانًا (فِي كَحَائِطٍ) أَيْ بُسْتَانٍ سُمِّيَ حَائِطًا؛ لِأَنَّهُ يُجْعَلُ عَلَيْهِ حَائِطٌ يَدُورُ بِهِ غَالِبًا، فَإِذَا كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا وَفِيهِ حَيَوَانٌ آدَمِيٌّ، أَوْ غَيْرُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ فَبَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ مِنْ الْحَائِطِ فَلِبَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ أَخْذُ الْحَيَوَانِ بِالشُّفْعَةِ تَبَعًا لِلْحَائِطِ فَإِنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا عَنْ الْحَائِطِ فَلَا شُفْعَةَ (وَ) لَا فِي (إرْثٍ) أَيْ مَوْرُوثٍ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ جَبْرًا.
(وَ) لَا فِي (هِبَةٍ بِلَا ثَوَابٍ) لِعَدَمِ الْمُعَاوَضَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ لِثَوَابٍ (فَبِهِ) أَيْ فَبِالثَّوَابِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ كُلُّ مَا يُجَزُّ أَصْلُهُ سَوَاءٌ أَخْلَفَ أَمْ لَا؟ كَمَا أَنَّ مُرَادَهُ بِالْمَقْثَأَةِ كُلُّ مَا يُجْبَى وَيَبْقَى أَصْلُهُ لِيَخْلُفَ غَيْرَهُ كَالْقُطْنِ، وَالْبَامِيَةِ، وَالْقَرْعِ، وَالْبِطِّيخِ، وَالْقِثَّاءِ، وَالْبَاذِنْجَانِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْبَقْلَ كَذَلِكَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْبَقْلَ، وَإِنْ أُخِذَ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَّا أَنَّهُ يُحْصَدُ مِنْ أَصْلِهِ وَيَخْلُفُ غَيْرَهُ بِخِلَافِ الْمَقَاثِي فَإِنَّهَا كَالثِّمَارِ تُجْنَى مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا، وَالْفُولُ كَذَلِكَ فَإِلْحَاقُ الْفُولِ الْأَخْضَرِ بِالثِّمَارِ دُونَ الْبُقُولِ ظَاهِرٌ لِعَدَمِ الْفَارِقِ فِي الْأَوَّلِ وَوُجُودِهِ فِي الثَّانِي (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الثَّمَرَةَ) أَيْ عَلَى أَنَّ ثُبُوتَ الشُّفْعَةِ فِي الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَ) أَيْ الْإِمَامُ لِقَوْلِهِ فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الِاسْتِحْسَانِ إنَّ هَذَا لِشَيْءٍ أَسْتَحْسِنُهُ وَمَا أَعْلَمُ أَحَدًا قَالَهُ قَبْلِي (قَوْلُهُ فَلَا يُقَاسُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إنَّمَا اسْتَحْسَنَ الشُّفْعَةَ فِي الثِّمَارِ، وَالْمَقْثَأَةِ لِكَوْنِهَا تُجْنَى مَعَ بَقَاءِ أَصْلِهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْفُولِ الْمَذْكُورِ فَإِلْحَاقُهُ بِالثِّمَارِ، وَالْمَقْثَأَةِ ظَاهِرٌ وَلَا يَحْتَاجُ الْقِيَاسُ لِنَصٍّ مِنْ الْإِمَامِ، وَإِلَّا كَانَ قِيَاسُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مَا لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ عَلَى مَا نَصَّ عَلَيْهِ غَيْرَ صَحِيحٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ، وَهِيَ سَاحَةُ الدَّارِ الَّتِي بَيْنَ بُيُوتِهَا) أَيْ الْمُسَمَّاةُ بِالْحَوْشِ وَسُمِّيَتْ الْفُسْحَةُ الْمَذْكُورَةُ عَرْصَةً لِتَعَرُّصِ الصِّبْيَانِ أَيْ تَفَسُّحِهِمْ فِيهَا (قَوْلُهُ، وَالْمَتْبُوعُ) أَيْ لِلْعَرْصَةِ، وَالْمَمَرِّ هُوَ الْبُيُوتُ وَقَدْ يَكُونُ الْمَمَرُّ لِجِنَانٍ فَيَكُونُ مَتْبُوعُهُ الْجِنَانَ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَهَا وَحْدَهَا) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ إذَا بَاعَ حِصَّةً مِنْهَا وَحْدَهَا وَجَبَتْ الشُّفْعَةُ كَمَا نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ اللَّخْمِيِّ قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ تَابِعَةً إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِي الْمَمَرِّ إذَا قُسِمَ مَتْبُوعُهُ كَوْنُهُ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَلْ لِغَيْرِهِ، وَهُوَ مَتْبُوعُهُ فَلَمَّا سَقَطَتْ فِي مَتْبُوعِهِ سَقَطَتْ فِيهِ.
وَأَمَّا تَعْلِيلُ بَعْضِهِمْ بِأَنَّهُ لَا يُمْلَكُ لِكَوْنِهِ وَقْفًا فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ إنَّمَا هُوَ الْمَمَرُّ الْعَامُّ.
وَأَمَّا مَمَرُّ جَمَاعَةٍ خَاصَّةٍ فَهُوَ مَمْلُوكٌ لَهُمْ قَطْعًا (قَوْلُهُ، وَهِيَ الْبُيُوتُ الْمُنْقَسِمَةُ) أَيْ لِصَيْرُورَةِ أَهْلِهَا جِيرَانًا (قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ) أَيْ آدَمِيٍّ وَغَيْرِهِ مُشْتَرَكٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْهُ، وَأَعَادَ هَذَا مَعَ فَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ لَا عُرِضَ لِأَجْلِ الِاسْتِثْنَاءِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ إلَّا فِي كَحَائِطٍ) يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ كَحَرْثٍ، أَوْ سَقْيٍ.
وَأَمَّا الَّذِي لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيهِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَقَوْلُهُ إلَّا فِي كَحَائِطٍ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الشُّفْعَةَ فِي دَابَّةِ الرَّحَا، وَالْمَعْصَرَةِ، وَالْمُجَبَّسَةِ فَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ الْكَافِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَأَجَابَ اللَّقَانِيُّ بِأَنَّ الْكَافَ اسْتِقْصَائِيَّةٌ أَيْ أَقْصَى مَا يُقَالُ فِيهِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْحَيَوَانِ حَيَوَانُ الْحَائِطِ لَا تَمْثِيلِيَّةٌ؛ لِأَنَّ حَيَوَانَ الرَّحَا، وَالْمَعْصَرَةِ، وَالْمَجْبَسَةِ لَا شُفْعَةَ فِيهِ، أَوْ يُقَالُ إنَّ الْكَافَ مُدْخِلَةٌ لِلْحَيَوَانِ الْمُعَدِّ لِلْعَمَلِ فِي الْحَائِطِ وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ وَلَا شُفْعَةَ فِي حَيَوَانٍ إلَّا فِي كَحَيَوَانِ حَائِطٍ أَيْ إلَّا فِي حَيَوَانِ حَائِطٍ وَمَا مَاثَلَهُ فَحَيَوَانُ الْحَائِطِ مَا يُعْمَلُ فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَالْمُمَاثِلُ لَهُ هُوَ الْمُعَدُّ لِلْعَمَلِ فِيهِ.
وَأَمَّا الَّذِي لَا يُحْتَاجُ لِلْعَمَلِ فِيهِ فَلَا يُنْسَبُ إلَيْهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ ظَرْفِيَّتِهِ فِي الْحَائِطِ (قَوْلُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الْحَائِطِ) أَيْ وَمِنْ الْحَيَوَانِ وَكَانَ الْأَوْلَى ذِكْرَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْحَائِطِ) أَيْ فَإِذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ فِي الْحَائِطِ بِمَا فِيهِ، ثُمَّ حَصَلَ فِيمَا فِيهِ هَلَاكٌ مِنْ اللَّهِ، ثُمَّ أَرَادَ الشَّرِيكُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ أَلْزَمَ الشَّفِيعَ بِجَمْعِ الثَّمَنِ وَلَا يَسْقُطُ لِمَا هَلَكَ شَيْءٌ اهـ.
عبق (قَوْلُهُ فَإِنْ بِيعَ مُنْفَرِدًا) أَيْ فَإِنْ بَاعَ حِصَّتَهُ مِنْ الْحَيَوَانِ مُنْفَرِدَةً عَنْ حِصَّتِهِ مِنْ الْحَائِطِ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ عِنْد ابْنِ رُشْدٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَمَا نَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مِنْ الشُّفْعَةِ فَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ وَلَا فِي إرْثٍ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ مَيِّتٍ عَلَى وَارِثٍ فِي إرْثٍ (قَوْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي مِلْكِ مَالِكِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ وَلَا فِي هِبَةٍ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكٍ فِي هِبَةٍ لِشِقْصٍ يُمَلِّكُهُ شَرِيكُهُ لِآخَرَ بِلَا ثَوَابٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فِيهِ) أَيْ، وَإِلَّا فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِهِ أَيْ بِالثَّوَابِ أَيْ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا، هَذَا وَكَلَامُ الشَّارِحِ يَقْتَضِي أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِيهِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِلَّا فِيهِ بِالْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ أَيْ، وَإِلَّا فِيهِ الشُّفْعَةُ.
(بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ لُزُومِهِ، وَذَلِكَ فِي الْمُعَيَّنِ بِتَعْيِينِهِ وَفِي غَيْرِهِ بِالدَّفْعِ، أَوْ الْقَضَاءِ بِهِ.
(وَ) لَا فِي بَيْعِ (خِيَارٍ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ) أَيْ الْبَيْعِ أَيْ لُزُومِهِ (وَوَجَبَتْ) الشُّفْعَةُ (لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ لِمُشْتَرِي الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ (إنْ بَاعَ) الْمَالِكُ دَارِهِ مَثَلًا (نِصْفَيْنِ) نِصْفًا (خِيَارًا) أَوَّلًا.
(ثُمَّ) النِّصْفَ الْآخَرَ (بَتْلًا) لِشَخْصٍ آخَرَ ثَانِيًا (فَأَمْضَى) بَيْعَ الْخِيَارِ الْأَوَّلِ أَيْ أَمْضَاهُ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ بَعْدَ بَيْعِ الْبَتْلِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى الْمُشْتَرِي بَتْلًا؛ لِأَنَّ الْإِمْضَاءَ حَقَّقَ مِلْكَهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ وَمُشْتَرِي الْبَتْلِ مُتَجَدِّدٌ عَلَيْهِ فَالشُّفْعَةُ لَهُ عَلَى ذِي الْبَتْلِ، وَهَذَا مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ وَكَثِيرًا مَا يُبْنَى الْمَشْهُورُ عَلَى ضَعِيفٍ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَالشُّفْعَةُ لِمُشْتَرِي الْبَتْلِ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ.
(وَ) لَا شُفْعَةَ فِي (بَيْعٍ فَسَدَ) وَلَوْ اُخْتُلِفَ فِي فَسَادِهِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ) الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ (فَبِالْقِيمَةِ) .
وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذَا فَاتَ فَيَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ، وَأَخْرَجَ مِنْ قَوْلِهِ فَبِالْقِيمَةِ قَوْلَهُ (إلَّا) أَنْ يَفُوتَ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ (بِبَيْعٍ صَحَّ) بَعْدَ الْفَاسِدِ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَوَاتُهُ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ مِنْ مُشْتَرِيهِ فَاسِدًا (فَبِالثَّمَنِ فِيهِ) أَيْ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ الْوَاقِعِ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ، وَهَذَا إنْ قَامَ الشَّفِيعُ قَبْلَ دَفْعِ الْمُشْتَرِي قِيمَتَهُ لِبَائِعِهِ، وَإِلَّا فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ، أَوْ الْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ كَثَمَنٍ سَابِقٍ عَلَى الْبَيْعِ الصَّحِيحِ (وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ) أَيْ إذَا ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ مِلْكَهُ سَابِقٌ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى صَاحِبِهِ إنْ حَلَفَا، أَوْ نَكَلَ فَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا وَسَقَطَتْ) الشُّفْعَةُ (إنْ قَاسَمَ) الْمُشْتَرِي الشَّفِيعَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ بَعْدَهُ) أَيْ لَكِنْ لَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِالثَّوَابِ إلَّا بَعْدَ لُزُومِهِ لَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ، وَذَلِكَ) أَيْ اللُّزُومُ فِي الثَّوَابِ الْمُعَيَّنِ بِتَعْيِينِهِ إلَخْ، فَمَتَى كَانَ الثَّوَابُ مُعَيَّنًا أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ بِمُجَرَّدِ تَعْيِينِهِ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا يَأْخُذُ بِهِ الشَّفِيعُ إلَّا إذَا رُفِعَ، أَوْ حُكِمَ بِهِ (قَوْلُهُ وَلَا فِي بَيْعِ خِيَارٍ) أَيْ وَلَا شُفْعَةَ فِي شِقْصٍ بِيعَ عَلَى الْخِيَارِ لِبَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ، أَوْ لَهُمَا، أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ (قَوْلُهُ أَيْ لُزُومِهِ) أَيْ بِمُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ، أَوْ بِبَتِّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنِ الْخِيَارِ، وَاخْتُلِفَ هَلْ الْخِيَارُ الْحُكْمِيُّ، وَهُوَ خِيَارُ النَّقِيصَةِ كَالشَّرْطِيِّ، أَوْ لَا، فَإِذَا رَدَّ الْمُشْتَرِي بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَلَهُ الشُّفْعَةُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ وَلَا شُفْعَةَ لَهُ عِنْدَ أَشْهَبَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضُ الْمَبِيعِ (قَوْلُهُ أَيْ لِمُشْتَرِي الْمَبِيعِ بِالْخِيَارِ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَقَامِ لَا لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ الْمُتَبَادَرِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ؛ لِأَنَّ الْخِيَارَ لَا يُشْتَرَى (قَوْلُهُ إنْ بَاعَ الْمَالِكُ دَارِهِ مَثَلًا نِصْفَيْنِ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ اتِّحَادُ بَائِعِ الْخِيَارِ، وَالْبَتْلِ وَمِثْلُهُ إذَا لَمْ يَتَّحِدَا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِالْخِيَارِ، ثُمَّ بَاعَ الشَّرِيكُ الثَّانِي حِصَّتَهُ بَتْلًا، وَأَمْضَى مَنْ لَهُ الْخِيَارُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ فِيمَا بِيعَ بَتْلًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ مُنْعَقِدٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ بَتْلًا تَجَدَّدَ مِلْكُهُ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَأَمْضَى بَيْعَ الْخِيَارِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ رُدَّ فَلَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِبَائِعِ الْخِيَارِ فِيمَا بِيعَ بَتْلًا حَيْثُ كَانَ بَائِعُ الْخِيَارِ غَيْرَ بَائِعِ الْبَتْلِ؛ لِأَنَّ بَائِعَ الْخِيَارِ مُنْحَلٌّ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَالْمَبِيعُ فِي زَمَنِ الْخِيَارِ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ بَائِعُ الْخِيَارِ هُوَ بَائِعُ الْبَتْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ فِيمَا بَاعَهُ بَتْلًا (قَوْلُهُ مُنْعَقِدٌ) أَيْ فَالْمِلْكُ لِلْمُشْتَرِي زَمَنَ الْخِيَارِ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ غَيْرُ لَازِمٍ، وَالْإِمْضَاءُ يُقَرِّرُهُ وَيُصَيِّرُهُ لَازِمًا
(قَوْلُهُ. وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ مُنْحَلٌّ) أَيْ فَالْمَبِيعُ عَلَى مِلْكِ الْبَائِعِ، وَالْإِمْضَاءِ ابْتِدَاءً لِلْبَيْعِ لَا تَقْرِيرَ لَهُ.
(قَوْلُهُ وَلَا شُفْعَةَ فِي بَيْعٍ فَسَدَ) يَعْنِي إذَا بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ بَيْعًا فَاسِدًا فَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِيهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ شَرْعًا فَالشِّقْصُ لَمْ يَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِ بَائِعِهِ فَلَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ وَعَلِمَ بِالْفَسَادِ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ بَيْعُ الشُّفْعَةِ، وَالْبَيْعُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْمَبْنِيَّ عَلَى الْفَاسِدِ فَاسِدٌ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ) أَيْ الْمَبِيعُ بَيْعًا فَاسِدًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ فَاتَ عِنْدَهُ كَانَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِمَا لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ، وَهُوَ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ الْفَسَادُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَالثَّمَنُ إنْ كَانَ الْفَسَادُ مُخْتَلَفًا فِيهِ، وَالْفَوَاتُ هُنَا بِغَيْرِ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ كَتَغَيُّرِ الذَّاتِ بِالْهَدْمِ وَكَالْبَيْعِ مِنْ غَيْرِ عِلْمِ الشَّفِيعِ، وَأَمَّا حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فَلَا تُفِيتُ الرِّبَاعَ وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمُتَّفَقُ عَلَى فَسَادِهِ أَيْ وَكَذَا الْمُخْتَلَفُ فِي فَسَادِهِ بِبَيْعٍ صَحِيحٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَأْخُذُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِقِيمَةِ الشِّقْصِ إذَا كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِ الْبَيْعِ وَفَاتَ عِنْدَهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ بِالثَّمَنِ إذَا كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ إذَا كَانَ الْفَوَاتُ بِغَيْرِ بَيْعٍ صَحِيحٍ فَإِنْ حَصَلَ مِنْ الْمُشْتَرِي شِرَاءٌ فَاسِدٌ، أَوْ بَيْعٌ صَحِيحٌ فَإِنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ، أَوْ مُخْتَلَفًا فِيهِ وَسَوَاءٌ وُجِدَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ مَفُوتٌ قَبْلَ ذَلِكَ الْبَيْعِ الصَّحِيحِ أَمْ لَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِلْفَوَاتِ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ) هَذَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ.
وَأَمَّا إذَا قَامَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الصَّحِيح أَمْ لَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِلْفَوَاتِ قَبْلَهُ.
(قَوْلُهُ فَالشَّفِيعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِالثَّمَنِ الصَّحِيحِ، وَالْقِيمَةِ فِي الْفَاسِدِ) هَذَا فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ.
وَأَمَّا إذَا قَامَ الشَّفِيعُ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ الثَّمَنَ فِي الْمُخْتَلَفِ فِيهِ خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ، أَوْ الثَّانِي اهـ.
عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ وَتَنَازُعٍ) عَطْفٌ عَلَى عَرْضٍ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ لَا شُفْعَةَ فِي عَرْضٍ وَلَا فِي عَقَارٍ
وَكَذَا إنْ طَلَبَهَا وَلَوْ لَمْ يُقَاسِمْ بِالْفِعْلِ عَلَى الْأَرْجَحِ (أَوْ اشْتَرَى) الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ (أَوْ سَاوَمَ) الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ؛ لِأَنَّ مُسَاوَمَتَهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ أَعْرَضَ عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ (أَوْ سَاقَى) بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقِيًا لِلْمُشْتَرِي فِيمَا لَهُ فِيهِ الشُّفْعَةُ (أَوْ اسْتَأْجَرَ) الشَّفِيعُ الْحِصَّةَ مِنْ الْمُشْتَرِي (أَوْ بَاعَ) الشَّفِيعُ (حِصَّتَهُ) فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِدَفْعِ الضَّرَرِ وَبِبَيْعِهَا انْتَفَى (أَوْ سَكَتَ) الشَّفِيعُ مَعَ عِلْمِهِ (بِهَدْمٍ) ، أَوْ بِنَاءٍ، أَوْ غَرْسٍ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ (أَوْ) سَكَتَ بِلَا مَانِعٍ (شَهْرَيْنِ إنْ حَضَرَ الْعَقْدُ) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي وَثِيقَةِ الْبَيْعِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ مِنْ وَقْتِ الْكَتْبِ.
وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْعَقْدَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَمِثْلُ كَتْبِ شَهَادَتِهِ الْأَمْرُ بِهِ، أَوْ الرِّضَا بِهِ وَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ ابْنَ رُشْدٍ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ بِلَا كَتْبٍ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَتَسْقُطُ بِحُضُورِهِ سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ (سَنَةً) مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهَا لَا تَسْقُطُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا قَارَبَهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
ذِي تَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكِهِ كَمَا لَوْ كَانَ يَمْلِكُ دَارًا فَبَاعَ نِصْفَهَا لِزَيْدٍ وَنِصْفَهَا لِعَمْرٍو وَتَنَازَعَا فَادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا سَبْقَ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِ الْآخَرِ يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَلَا شُفْعَةَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ إنْ حَلَفَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ، أَوْ نَكَلَا.
(قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ طَلَبَهَا) أَيْ إنْ طَلَبَ الشَّفِيعُ الْقِسْمَةَ وَلَمْ تَحْصُلْ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ) هَذَا قَوْلُ أَبِي الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيِّ وَمَنْ وَافَقَهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا يُسْقِطُهَا إلَّا مُقَاسَمَةُ الشَّفِيعِ لِلْمُشْتَرِي بِالْفِعْلِ، وَهُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح اهـ.
عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ شِرَاؤُهُ مِنْهُ جَهْلًا بِحُكْمِ الشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ كَمَا فِي ح عَنْ ابْنِ كَوْثَرٍ وَكَمَا فِي تت عَنْ الذَّخِيرَةِ.
إنْ قُلْت إنَّ الشَّفِيعَ الْمُشْتَرِيَ لِلشِّقْصِ قَدْ مَلَكَهُ بِالشِّرَاءِ كَمَا يَمْلِكُهُ بِالشُّفْعَةِ فَمَا مَعْنَى سُقُوطِهَا؟ قُلْت تَظْهَرُ فَائِدَةُ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ فِيمَا إذَا اخْتَلَفَ الثَّمَنُ الَّذِي أَخَذَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي أَخَذَ بِهِ الشَّفِيعُ قَدْرًا كَمَا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ اشْتَرَاهُ الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى بَائِعِهِ وَيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ بِالْمِائَةِ الَّتِي هِيَ ثَمَنُ الشُّفْعَةِ وَتَظْهَرُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اشْتَرَى الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي بِغَيْرِ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لَهُ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ، أَوْ سَاوَمَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ) أَيْ فِي الشِّقْصِ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ مَا لَمْ يُرِدْ بِالْمُسَاوَمَةِ الشِّرَاءَ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِ الشُّفْعَةِ، وَإِلَّا فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ بِالْمُسَاوَمَةِ وَيَحْلِفُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ جَعَلَ نَفْسَهُ مُسَاقِيًا إلَخْ) أَيْ فَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ لِدَلَالَةِ الْجُعَلِ الْمَذْكُورِ عَلَى رِضَاهُ بِتَرْكِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ،.
وَأَمَّا دَفْعُ الشَّفِيعِ حِصَّتَهُ مُسَاقَاةً لِلْمُشْتَرِي فَلَا يُسْقِطُ الشُّفْعَةَ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ عَلَى الرِّضَا بِالتَّرْكِ (قَوْلُهُ، أَوْ اسْتَأْجَرَ) أَيْ وَكَذَا إذَا دَعَا الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ لِاسْتِئْجَارِهَا مِنْهُ وَلَمْ يَحْصُلْ اسْتِئْجَارٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ بَاعَ الشَّفِيعُ حِصَّتَهُ) أَيْ الَّتِي يَشْفَعُ بِهَا فَتَسْقُطُ شُفْعَةُ الشَّفِيعِ وَيَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ سُقُوطُهَا بِبَيْعِ حِصَّتِهِ وَلَوْ فَاسِدًا وَقَدْ رُدَّ الْمَبِيعُ عَلَى الشَّفِيعِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ حِصَّتُهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ كَمَا لَهُ ذَلِكَ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ بِالْخِيَارِ وَرَدَّ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ الْبَيْعَ اُنْظُرْ بْن، ثُمَّ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ أَيْ كُلَّهَا فَإِنْ بَاعَ بَعْضَهَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ شُفْعَةٌ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، أَوْ لَهُ الْكَامِلُ وَاخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَغَيْرُهُ؟ ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، فَقَوْلُهُ الْآتِي، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ أَيْ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ لَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ وَمَحَلُّ هَذَا الْخِلَافِ إذَا تَعَدَّدَ الشُّرَكَاءُ كَثَلَاثَةِ شُرَكَاءَ فِي دَارٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهَا بَاعَ أَحَدُهُمْ نَصِيبَهُ، ثُمَّ بَاعَ الثَّانِي النِّصْفَ مِنْ نَصِيبِهِ فَيُخْتَلَفُ هَلْ يُشَفَّعُ هَذَا الثَّانِي فِيمَا بَاعَهُ الْأَوَّلُ بِقَدْرِ مَا بَاعَ وَمَا بَقِيَ لَهُ، أَوْ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ لَهُ فَقَطْ.
وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ شَرِيكٌ آخَرُ فَإِنَّهُ يُشَفَّعُ لِلْجَمِيعِ وَلَا يَظْهَرُ فِيهِ وَجْهٌ لِلْخِلَافِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ بِبَيْعِ حِصَّتِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِ شَرِيكِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَذُكِرَ فِي الْبَيَانِ مِنْ رِوَايَةِ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّمَا تَسْقُطُ إذَا بَاعَ عَالِمًا بِبَيْعِ شَرِيكِهِ فَإِنْ بَاعَ غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِهِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ قَالَ، وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ (قَوْلُهُ، أَوْ سَكَتَ) أَيْ عَنْ الْقِيَامِ بِالشُّفْعَةِ (قَوْلُهُ مَعَ عِلْمِهِ بِهَدْمٍ، أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَسِيرًا (قَوْلُهُ وَلَوْ لِإِصْلَاحٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْأُولَيَيْنِ لِإِصْلَاحٍ فَلَيْسَتْ كَمَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ فَإِنَّهُ لَا يُفِيتُ الْعَقَارَ عَلَى مَالِكِهِ إذَا سَكَتَ مُدَّتَهَا إلَّا الْهَدْمُ، وَالْبِنَاءُ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ (قَوْلُهُ أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ) أَيْ بِأَنَّ الْبَائِعَ بَاعَ لِلْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ) ، بَلْ يَقُولُ إذَا حَضَرَ الْعَقْدَ وَلَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ، بَلْ بِمُضِيِّ سَنَةٍ إذَا كَانَ حَاضِرًا فِي الْبَلَدِ فَلَمَّا كَانَ ابْنُ رُشْدٍ لَمْ يُعَوِّلْ عَلَى مُجَرَّدِ الْحُضُورِ، وَإِنَّمَا عَوَّلَ عَلَى كِتَابَةِ الشَّهَادَةِ اُحْتِيجَ لِلتَّأْوِيلِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِيُوَافِقَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكْتُبْ شَهَادَتَهُ) سَوَاءٌ حَضَرَ مَجْلِسَ الْعَقْدِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِحُضُورِهِ) أَيْ فِي الْبَلَدِ سَاكِتًا عَنْ الْقِيَامِ بِشُفْعَتِهِ وَقَوْلُهُ سَنَةً أَيْ
كَشَهْرٍ بَعْدَهَا مُطْلَقًا وَلَوْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الْوَثِيقَةِ (كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ) أَيْ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ بِعَقْدِ الْوَثِيقَةِ، وَإِلَّا فَسَنَةٌ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمُسْقِطَةِ (فَعِيقَ) أَيْ فَعَاقَهُ عَائِقٌ قَهْرِيٌّ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ إنْ شَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِعُذْرِهِ، أَوْ قَرِينَةٌ (وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ) قُدُومُهُ عَنْ الشَّهْرَيْنِ، أَوْ السَّنَةِ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ إلَى الْآنَ وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لَا يُسْقِطُهَا فِي الْحَاضِرِ إلَّا سَنَةٌ وَمَا قَارَبَهَا مُطْلَقًا وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُسَافِرُ إلَّا إنْ زَادَ عَنْ شَهْرَيْنِ بَعْدَ السَّنَةِ زِيَادَةً بَيِّنَةً سَوَاءٌ كَتَبَ شَهَادَتَهُ قَبْلَ سَفَرِهِ، أَوْ لَا، فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَهَا بِشَهْرٍ، أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ بِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ أَخَذَ بِلَا يَمِينٍ.
(وَصُدِّقَ) بِيَمِينِهِ (إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ) بَعْدَ قُدُومِهِ بِالْبَيْعِ وَنَازَعَهُ الْمُشْتَرِي بِأَنْ قَالَ لَهُ سَافَرْتَ بَعْدَ عِلْمِكَ مَا لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْعِلْمِ (لَا إنْ غَابَ) الشَّفِيعُ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ عِلْمِهِ بِالْبَيْعِ، وَأَوْلَى قَبْلَ الْبَيْعِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَلَوْ غَابَ سِنِينَ كَثِيرَةً فَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْحَاضِرِ الْعَالِمِ فَلَهُ سَنَةٌ وَمَا قَارَبَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ مَا لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَا يُشْتَرَطُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا فَمَتَى مَضَتْ السَّنَةُ، وَهُوَ حَاضِرٌ فِي الْبَلَدِ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ (قَوْلُهُ كَشَهْرٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الشَّهْرَيْنِ، وَالثَّلَاثَةَ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْهِنْدِيِّ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ صَرَّحَتْ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ إنَّمَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا فَاخْتُلِفَ فِيمَا قَارَبَهَا عَلَى أَقْوَالٍ فَقِيلَ شَهْرٌ وَقِيلَ شَهْرَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ سُقُوطِ الشُّفْعَةِ بِمُضِيِّ الْمُدَّتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ أَعْنِي الشَّهْرَيْنِ، أَوْ السَّنَةَ، أَوْ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا مُطْلَقًا مَحَلُّهُ إذَا كَانَ السُّكُوتُ مِنْ بَالِغٍ عَاقِلٍ رَشِيدٍ، أَوْ وَلِيِّ سَفِيهٍ، أَوْ صَغِيرٍ حَاضِرٍ فِي الْبَلَدِ عَالِمٍ بِالْبَيْعِ لَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ الْقِيَامِ مَانِعٌ،.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ سَفِيهٍ مُهْمِلٍ كَانَ لَهُ إذَا رَشِدَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ حَيْثُ كَانَ غَنِيًّا وَقْتَ الْقِيَامِ، وَهَلْ يُشْتَرَطُ كَوْنُهُ غَنِيًّا وَقْتَ الْبَيْعِ أَيْضًا، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ؟ فِيهِ خِلَافٌ، وَمِثْلُهُ الْغَائِبِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا إذَا قَدِمَ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ، بَلْ يُعْتَبَرُ لَهُ سَنَةً وَمَا قَارَبَهَا بَعْدَ قُدُومِهِ، وَعَلَى الِاشْتِرَاطِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ مَلَاؤُهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَقَطْ، أَوْ دَاخِلَ السَّنَةِ؟ قَوْلَانِ، فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ عَالِمٍ بِبَيْعِ الشَّرِيكِ، أَوْ حَاضِرًا عَالِمًا بِهِ لَكِنْ تَرَكَ الْقِيَامَ لِمَانِعٍ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ وَتُسْتَأْنَفْ لَهُ الْمُدَّةُ، وَهِيَ السَّنَةُ وَمَا قَارَبَهَا مُطْلَقًا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، أَوْ الشَّهْرَانِ، وَالسَّنَةُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وَقْتِ عِلْمِهِ وَمِنْ وَقْتِ زَوَالِ الْمَانِعِ لَهُ مِنْ الْقِيَامِ (قَوْلُهُ كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ) أَيْ فَكَالْحَاضِرِ فِي الْبَلَدِ فَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ بِمُضِيِّ شَهْرَيْنِ إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ، وَإِلَّا فَسَنَةٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنَّفِ مِنْ التَّفْصِيلِ،، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ كَالْحَاضِرِ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا، كَتَبَ شَهَادَتَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ) فَإِذَا قَدِمَ بَعْدَ الطُّولِ حَلَفَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ، وَأَخَذَ بِهَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ.
(قَوْلُهُ إنْ شَهِدَتْ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ عِيقَ قَهْرًا عَنْهُ إنْ شَهِدَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ مَعَ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِحُصُولِ عُذْرٍ لَهُ عَاقَهُ عَنْ الْحُضُورِ، أَوْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ، هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ رُجُوعِ قَوْلِهِ وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ لِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ فَعِيقَ لَمْ يَرْتَضِهِ ح؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ قَوْلَهُ إنْ بَعُدَ لَا مَعْنَى لَهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا غَابَ بَعْدَ الْبَيْعِ فَظَنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلُ فَعِيقَ، ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مُطْلَقًا كَانَ قُدُومُهُ بَعْدَهَا بِقُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ، وَاَلَّذِي ارْتَضَاهُ رُجُوعُهُ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ، وَإِلَّا سَنَةً أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَسْكُتْ سَنَةً، بَلْ قَامَ قَبْلَ السَّنَةِ وَلَكِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَ الْعَقْدِ وَقِيَامِهِ لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ، لَكِنْ لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا حَتَّى يَحْلِفَ، وَحَدُّ الْبُعْدِ فِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَنَحْوُهَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ، وَكَذَا إنْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ وَقَامَ بَعْدَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا لَا يُمَكَّنُ مِنْهَا حَتَّى يَحْلِفَ، وَيُؤْخَذَ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا غَابَ بَعْدَ الْبَيْعِ وَظَنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَ الْمُدَّةِ، ثُمَّ عِيقَ وَقَدِمَ بَعْدَهَا بِقُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ أَنَّهُ يَحْلِفُ بِالْأَوْلَى اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ فِي الْوَثِيقَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَحْلِفُ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْحَاضِرَ لَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ، فَكَذَلِكَ مَنْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَغَابَ فَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ إلَّا بِمُضِيِّ سَنَةٍ وَمَا زَادَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ فَعِيقَ، وَأَتَى بَعْدَ السَّنَةِ وَشَهْرَيْنِ بِأَيَّامٍ كَثِيرَةٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْلِفُ الْمُسَافِرُ) أَيْ الَّذِي عَلِمَ بِالْبَيْعِ فَغَابَ.
وَأَمَّا الْغَائِبُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَقَدْ عَلِمْتَ حُكْمَهُ، وَقَوْلُهُ إلَّا إذَا زَادَتْ أَيْ غَيْبَتُهُ وَقَوْلُهُ زِيَادَةً بَيِّنَةً أَيْ كَجُمُعَةٍ وَقَوْلُهُ فَإِنْ قَدِمَ بَعْدَهَا أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ (قَوْلُهُ بِأَيَّامٍ قَلِيلَةٍ) أَيْ كَالْيَوْمَيْنِ كَمَا فِي عبق (قَوْلُهُ إنْ أَنْكَرَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَنْكَرَ بَعْدَ قُدُومِهِ عِلْمَهُ بِالْبَيْعِ قَبْلَ سَفَرِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَهُ سَنَةٌ وَمَا قَارَبَهَا بَعْدَ الْعِلْمِ، وَقَوْلُهُ إنْ أَنْكَرَ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَادَّعَى جَهْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ فَلَا يُعْذَرُ وَتَسْقُطُ بِمُضِيِّ السَّنَةِ وَمَا قَارَبَهَا (قَوْلُهُ لَا إنْ غَابَ الشَّفِيعُ) أَيْ عَنْ مَحَلِّ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ وَلَوْ غَابَ سِنِينَ كَثِيرَةً) أَيْ وَلَوْ عَلِمَ بِالْبَيْعِ فِي غَيْبَتِهِ، وَظَاهِرُهُ قَرُبَ مَحَلُّ الْغَيْبِ، أَوْ بَعُدَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ
أَوْ يَحْصُلُ أَمْرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ (أَوْ أَسْقَطَ) شُفْعَتَهُ (لِكَذِبٍ) مِنْ بَائِعٍ، أَوْ مُشْتَرٍ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ كَسِمْسَارٍ (فِي الثَّمَنِ) بِزِيَادَةٍ فَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ (وَحَلَفَ) أَنَّهُ إنَّمَا أُسْقِطَ لِلْكَذِبِ (أَوْ) أُسْقِطَ لِكَذِبٍ (فِي) الشِّقْصِ (الْمُشْتَرَى) بِفَتْحِ الرَّاءِ بِأَنْ قِيلَ لَهُ إنَّ شَرِيكَك بَاعَ بَعْضَ نَصِيبِهِ فَأُسْقِطَ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ الْكُلَّ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ (أَوْ) فِي الشَّخْصِ (الْمُشْتَرِي) بِكَسْرِهَا (أَوْ انْفِرَادِهِ) أَيْ الْمُشْتَرِي بِالْكَسْرِ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُتَعَدِّدٌ فَلَهُ الْقِيَامُ بِشُفْعَتِهِ (أَوْ أُسْقِطَ وَصِيٌّ، أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ) أَيْ وَثَبَتَ أَنَّ فِعْلَ مَنْ ذُكِرَ لَمْ يَكُنْ لِنَظَرٍ فَلَا تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ فَلَهُ وَكَذَا لِلصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا الْأَخْذُ بِهَا فَإِنْ أُسْقِطَا لِنَظَرٍ سَقَطَتْ وَحُمِلَا عَلَيْهِ عِنْدَ الْجَهْلِ بِخِلَافِ الْحَاكِمِ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ عِنْدَهُ.
(وَشَفَعَ) الْوَلِيُّ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ (لِنَفْسِهِ) إذَا كَانَ شَرِيكًا لِلْمَحْجُورِ وَبَاعَ حِصَّةَ الْمَحْجُورِ لِمَصْلَحَةٍ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا يَكُونُ تَوَلِّيهِ الْبَيْعَ مَانِعًا مِنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ لِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ كَمَا إذَا اشْتَرَى لِنَفْسِهِ ابْتِدَاءً لِاحْتِمَالِ أَخْذِهِ بِرُخْصٍ وَكَمَا إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ، ثُمَّ شَفَعَ لِمَحْجُورِهِ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ بِغَلَاءٍ لِيَأْخُذَ لِمَحْجُورِهِ (أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ) مِنْ يَتِيمَيْنِ مُشْتَرِكَيْنِ فِي عَقَارٍ، وَهُمَا تَحْتَ حِجْرِهِ فَبَاعَ نَصِيبَ أَحَدِهِمَا لِأَجْنَبِيٍّ فَيَشْفَعُ لِلْآخَرِ وَلَا يَكُونُ تَوَلِّيهِ الْبَيْعَ مَانِعًا مِنْ ذَلِكَ (، أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وَحَلَفَ) أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ (وَأَقَرَّ بَائِعِهِ) بِأَنَّهُ بَاعَهُ لَهُ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ بِإِقْرَارِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ كَتْبَ شُفْعَتِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَدْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ.
(وَهِيَ) أَيْ الشُّفْعَةُ مَفْضُوضَةٌ عِنْدَ تَعَدُّدِ الشُّرَكَاءِ (عَلَى) قَدْرِ (الْأَنْصِبَاءِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ، أَوْ يَحْصُلُ أَمْرٌ مِمَّا تَقَدَّمَ) أَيْ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ إلَخْ (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ) مِثْلُ الْإِسْقَاطِ سُكُوتُهُ مِنْ غَيْرِ أَخْذٍ وَتَسْلِيمُهُ لِلْمُشْتَرِي لِمَا ذُكِرَ مِنْ الْكَذِبِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ) أَيْ لَهُ بِهِمَا عَلَقَةٌ كَالسِّمْسَارِ وَكَذَا أَجْنَبِيٌّ لَا عَلَقَةَ لَهُ بِهِمَا (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي الْمُشْتَرِي) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا أَخْبَرَ بِأَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ بَعْضَ حِصَّتِهِ فَأَجَازَ الشِّرَاءَ، وَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَ الْكُلَّ.
وَأَمَّا لَوْ أَخْبَرَ أَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ الْكُلَّ فَأَجَازَ الشِّرَاءَ، وَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ، ثُمَّ عَلَى أَنَّ شَرِيكَهُ بَاعَ نِصْفَ حِصَّتِهِ فَقَطْ فَأَرَادَ الْأَخْذَ وَقَالَ إنَّمَا سَلَّمْتَ لِعَدَمِ قُدْرَتِي عَلَى أَخْذِ الْجَمِيعِ فَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ الْأَخْذَ وَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ، لَكِنَّ الَّذِي نَقَلَهُ صَاحِبُ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْ أَشْهَبَ سُقُوطُ الشُّفْعَةِ فِي هَذَا، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلشَّرِيكِ الْأَخْذُ فِي تِلْكَ الصُّورَةِ؛ لِأَنَّ إسْلَامَ الْجَمِيعِ لَيْسَ كَإِسْلَامِ النِّصْفِ، وَنَقَلَهُ أَيْضًا فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ اهـ.
بْن (قَوْلُهُ، أَوْ فِي الشَّخْصِ) أَيْ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبِ الشَّخْصِ الْمُشْتَرِي بِأَنْ قِيلَ لَهُ إنَّ شَرِيكَك بَاعَ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ صَاحِبِك فَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَهَا لِعَمْرٍو وَعَدُوِّهِ (قَوْلُهُ، أَوْ انْفِرَادِهِ) أَيْ، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبٍ فِي انْفِرَادِهِ كَمَا لَوْ قِيلَ لَهُ إنَّ شَرِيكَك بَاعَ حِصَّتَهُ لِفُلَانٍ وَحْدَهُ فَأَسْقَطَ شُفْعَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ بَاعَهَا لِجَمَاعَةِ فُلَانٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ، أَوْ أَبٌ بِلَا نَظَرٍ) نَحْوُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ إذَا أَسْقَطَهَا الْأَبُ، أَوْ الْوَصِيُّ وَلَوْ كَانَ الْإِسْقَاطُ بِلَا نَظَرٍ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَبِهِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَسَبَبُ الْخِلَافِ هَلْ الشُّفْعَةُ اسْتِحْقَاقٌ، أَوْ بِمَنْزِلَةِ الشِّرَاءِ؟ فَعَلَى الْأَوَّلِ لَهُمَا الْأَخْذُ بَعْدَ إسْقَاطِهَا، وَعَلَى الثَّانِي لَا أَخْذَ لَهُمَا إذْ لَا يَلْزَمُ الْوَصِيَّ إلَّا حِفْظُ مَالِ الْمَحْجُورِ لَا تَنْمِيَتُهُ اُنْظُرْ ح اهـ.
بْن (قَوْلُهُ وَثَبَتَ أَنَّ فِعْلَ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ وَثَبَتَ أَنَّ إسْقَاطَ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ لَمْ يَكُنْ لِنَظَرٍ (قَوْلُهُ فَلَهُ) أَيْ لِمَنْ ذُكِرَ مِنْ الْأَبِ، وَالْوَصِيِّ الْحَاصِلِ مِنْهُمَا الْإِسْقَاطُ لِغَيْرِ نَظَرٍ أَنْ يَأْخُذَ بَعْدَ إسْقَاطِهِ بِالشُّفْعَةِ لِمَحْجُورِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّظَرِ وَقَوْلُهُ عِنْدَهُ أَيْ عِنْدَ الْجَهْلِ لِكَثْرَةِ اشْتِغَالِهِ لَا لِطَعْنٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ، أَوْ وَصِيٍّ) أَيْ، أَوْ مَقْدِمِ قَاضٍ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ أَنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى النَّظَرِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يُحْتَاجُ لِرَفْعِهِمَا، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ إنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى النَّظَرِ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَحْصُلْ إتْهَامٌ كَمَا هُنَا، وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى النَّظَرِ، قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَخْذِهِ بِرُخْصٍ) أَيْ لِاحْتِمَالِ بَيْعِهِ لِحِصَّةِ الْمَحْجُورِ بِرُخْصٍ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَهَا لِنَفْسِهِ بِرُخْصٍ فَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ لِلْحَاكِمِ رُدَّ الْبَيْعُ مِنْ أَصْلِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ أَنْكَرَ) عَطْفٌ عَلَى أَنَّ قَاسَمَ أَيْ، أَوْ أَنْكَرَ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ مُشْتَرٍ فَتَسْمِيَتُهُ مُشْتَرِيًا مَجَازٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا كَانَ عَقَارٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ بَاعَ حِصَّتَهُ لِزَيْدٍ الْأَجْنَبِيِّ وَادَّعَى ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ فَإِنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَلشَّرِيك إذَا حَلَفَ الْأَجْنَبِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَشْتَرِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْمُشْتَرِي، وَالْحَالُ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلشِّرَاءِ فَلَا شُفْعَةَ لِلشَّفِيعِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إقْرَارِ الْبَائِعِ بِالْبَيْعِ ثُبُوتُ الشِّرَاءِ لِإِنْكَارِ الْمُشْتَرِي لَهُ، وَالْقَوْلُ لِمُنْكِرِ الْعَقْدِ إجْمَاعٌ بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُشْتَرِي عَنْ الْيَمِينِ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْبَائِعَ مُقِرٌّ بِالْبَيْعِ حَلَفَ الْبَائِعُ وَثَبَتَ الْبَيْعُ، وَالشُّفْعَةُ فَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ أَيْضًا فَإِنَّهُمَا يَتَفَاسَخَانِ.
(قَوْلُهُ، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ) لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الشِّقْصِ الْمَشْفُوعِ فِيهِ يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمُوَطَّإِ وَمُقَابِلُ الْمَذْهَبِ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُمَا عَلَى الْأَنْصِبَاءِ فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَعَلَى الرُّءُوسِ فِيمَا لَا يَقْبَلُهَا، وَهُوَ
لَا عَلَى الرُّءُوسِ، فَإِذَا كَانَ الشُّرَكَاءُ ثَلَاثَةً لِأَحَدِهِمْ النِّصْفُ، وَلِلثَّانِي الثُّلُثُ، وَلِلثَّالِثِ السُّدُسُ، فَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ شَرِيكَيْهِ عَلَى خَمْسَةِ أَسْهُمٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ، وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ الثُّلُثِ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ صَاحِبَيْهِ عَلَى أَرْبَعَةٍ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ، وَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ فَحِصَّتُهُ بَيْنَ صَاحِبَيْهِ عَلَى ثَلَاثَةٍ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ.
(وَ) إذَا اشْتَرَى أَحَدُ الشُّرَكَاءِ (تُرِكَ لِلشَّرِيكِ) الْمُشْتَرِي وَفِي نُسْخَةٍ لِلشَّفِيعِ (حِصَّتُهُ) وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَمِيعُ فَإِذَا بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ لِصَاحِبِ السُّدُسِ أَخَذَ مِنْهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ سَهْمَيْنِ وَتَرَكَ لَهُ سَهْمًا (وَطُولِبَ) الشَّفِيعُ (بِالْأَخْذِ) بِالشُّفْعَةِ (بَعْدَ اشْتِرَائِهِ) أَيْ اشْتِرَاءِ الْمُشْتَرِي أَيْ أَنَّ لِلْمُشْتَرِي إذَا تَقَرَّرَ الْبَيْعُ أَنْ يُطَالِبَ الشَّفِيعَ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ يَسْقُطَ حَقُّهُ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِعَدَمِ تَصَرُّفِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ (لَا قَبْلَهُ) أَيْ الِاشْتِرَاءِ فَلَيْسَ لِمَنْ أَرَادَ الشِّرَاءَ مُطَالَبَةُ الشَّفِيعِ بِأَخْذٍ، أَوْ تَرْكٍ (وَ) لَوْ طَالَبَهُ قَبْلَ الشِّرَاءِ فَأَسْقَطَ حَقَّهُ (لَمْ يَلْزَمْهُ إسْقَاطُهُ) وَلَوْ عَلَى وَجْهِ التَّعْلِيقِ الصَّرِيحِ نَحْوَ إنْ اشْتَرَيْتَ فَقَدْ أَسْقَطْتُ شُفْعَتِي وَلَهُ الْقِيَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِشَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِلشَّفِيعِ (نَقْضُ وَقْفٍ) أَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَسْجِدًا (كَهِبَةٍ وَصَدَقَةٍ) لِلشَّفِيعِ نَقْضُهُمَا، وَالْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (وَالثَّمَنِ) الَّذِي يَأْخُذُهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الشَّفِيعِ (لِمُعْطَاهُ) أَيْ لِمُعْطَى الشِّقْصِ هِبَةً، أَوْ صَدَقَةً، وَهُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ لَا لِلْمُشْتَرِي (إنْ عَلِمَ) الْمُشْتَرِي (شَفِيعَهُ) أَيْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ بِهِ كَأَنَّهُ دَخَلَ عَلَى هِبَةِ الثَّمَنِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا فَالثَّمَنُ لَهُ دُونَ مُعْطَاهُ (لَا إنْ، وَهَبَ) الْمُشْتَرِي (دَارًا) اشْتَرَاهَا بِتَمَامِهَا (فَاسْتُحِقَّ) مِنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ (نِصْفُهَا) مَثَلًا بِمِلْكٍ سَابِقٍ عَلَى الْهِبَةِ، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّ ثَمَنَ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ وَلَا الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ، بَلْ لِلْوَاهِبِ الْمُشْتَرِي لِلدَّارِ، وَأَمَّا ثَمَنُ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ الَّذِي يَرْجِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى بَائِعِهِ فَهُوَ لِلْوَاهِبِ بِلَا إشْكَالٍ.
(وَمَلَكَ) الشِّقْصَ أَيْ مَلَكَهُ الشَّفِيعُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (بِحُكْمٍ) مِنْ حَاكِمٍ لَهُ بِهِ (أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ) مِنْ الشَّفِيعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
ضَعِيفٌ، هَذَا وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْأَنْصِبَاءِ يَوْمَ قِيَامِ الشَّفِيعِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَوْمَ شِرَاءِ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فِيمَا إذَا بَاعَ وَاحِدٌ مِنْ مُسْتَحِقِّي الشُّفْعَةِ بَعْضَ نَصِيبِهِ بَعْدَ وُقُوعِ الشِّرَاءِ وَقَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ كَمَا إذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ أَحَدُهُمْ حِصَّتَهُ بِتَمَامِهَا، ثُمَّ بَعْدَ بَيْعِهِ وَقَبْلَ قِيَامِ الشَّفِيعِ بَاعَ ثَانِيهِمْ نِصْفَ حِصَّتِهِ فَهَلْ يَشْتَرِكُ الثَّانِي، وَالثَّالِثُ فِي أَخْذِ الثُّلُثِ الْمَبِيعِ أَوَّلًا بِالشُّفْعَةِ نَظَرًا لِنَصِيبِ كُلٍّ يَوْمَ وَقَعَ التَّبَايُعُ فِي الثُّلُثِ الْمَبِيعِ، أَوْ لَا، وَهُوَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ، أَوْ أَنَّ مَنْ بَاعَ نِصْفَ نَصِيبِهِ لَهُ الثُّلُثُ بِالشُّفْعَةِ وَمَنْ لَمْ يَبِعْ لَهُ الثُّلُثَانِ نَظَرًا لِنَصِيبِ كُلٍّ يَوْمَ الْقِيَامِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ لَا عَلَى الرُّءُوسِ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهِ غَبْنًا عَلَى ذِي النَّصِيبِ الْكَثِيرِ بِمُسَاوَاةِ ذِي النَّصِيبِ الْيَسِيرِ لَهُ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ) أَيْ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ سَهْمٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ اثْنَانِ) أَيْ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ وَاحِدٌ وَحِينَئِذٍ فَيَصِيرُ بِيَدِ صَاحِبِ الثُّلُثِ مِنْ الْعَقَارِ ثُلُثَاهُ أَرْبَعَةُ أَسْدَاسٍ وَلِصَاحِبِ السُّدُسِ ثُلُثُ الْعَقَارِ سُدُسَانِ (قَوْلُهُ وَفِي نُسْخَةٍ لِلشَّفِيعِ) أَيْ وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ) أَيْ بِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَ مِنْهُ صَاحِبُ السُّدُسِ سَهْمًا وَتَرَكَ لَهُ سَهْمَيْنِ بِمَا يَخُصُّهُمَا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَإِنْ بَاعَ صَاحِبُ السُّدُسِ حِصَّتَهُ لِصَاحِبِ النِّصْفِ أَخَذَ مِنْهُ صَاحِبُ الثُّلُثِ سَهْمَيْنِ وَتَرَكَ لَهُ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ لِمَا يَخُصُّهَا مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ، وَإِنْ بَاعَ لِصَاحِبِ الثُّلُثِ أَبْقَى لَهُ صَاحِبُ النِّصْفِ سَهْمَيْنِ، وَأَخَذَ مِنْهُ ثَلَاثَةً (قَوْلُهُ وَتَرَكَ لَهُ سَهْمًا) أَيْ بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ (قَوْلُهُ وَطُولِبَ الشَّفِيعُ) أَيْ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَقَوْلُهُ بِالْأَخْذِ أَيْ، أَوْ بِالْإِسْقَاطِ فَإِنْ أَجَابَ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا أَسْقَطَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ إسْقَاطٌ لِشَيْءٍ قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ وَتَحَقُّقِهِ
(قَوْلُهُ وَلَهُ نَقْضُ وَقْفٍ أَحْدَثَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ فِي الشِّقْصِ، وَإِذَا نَقَضَهُ وَرَدَّ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي فَعَلَى الْمُشْتَرِي بِهِ مَا شَاءَ، وَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَلِمَ بِهِ دَخَلَ عَلَى أَنَّ الْوَقْفَ يَسْتَمِرُّ لِقِيَامِهِ فَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي بَعْدَ قِيَامِ الشَّفِيعِ، وَهَذَا الثَّانِي هُوَ مَا جَزَمَ بِهِ بْن فَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ شَفِيعَهُ) أَيْ شَفِيعَ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) إنْ قُلْتَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ أَنْ يَشْتَرِيَ شِقْصًا وَلَا يَعْلَمُ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا؟ قُلْتُ يُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ بَائِعَهُ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ قِسْمَةٌ، وَأَنَّهُ بَاعَ مَا حَصَلَ لَهُ بِهَا، أَوْ اعْتَقَدَ أَنَّ بَائِعَهُ يَمْلِكُ النِّصْفَ الْآخَرَ وَكَذَا يُتَصَوَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ لَا إنْ، وَهَبَ دَارًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا (قَوْلُهُ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْمُسْتَحِقُّ (قَوْلُهُ وَلَا الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ الْوَاهِبَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُحْتَرَزُ الْعِلْمِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ كَمَا هُوَ عَادَةُ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَطْفِ مُحْتَرَزَاتِ الْقُيُودِ عَلَيْهَا وَيَكُونُ صَرَّحَ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ لِخَفَاءِ تَصَوُّرِهِ (قَوْلُهُ بِلَا إشْكَالٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَوْهُوبِ ثَمَنُ النِّصْفِ الَّذِي هُوَ مِلْكٌ لِلْوَاهِبِ فَأَوْلَى أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ ثَمَنُ النِّصْفِ الَّذِي تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْوَاهِبِ.
(قَوْلُهُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ) أَيْ فَعَلَى هَذَا إذَا بَاعَ الشَّفِيعُ
لِلْمُشْتَرِي (أَوْ إشْهَادٍ) بِالْأَخْذِ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي (وَاسْتُعْجِلَ) الشَّفِيعُ أَيْ اسْتَعْجَلَهُ الْمُشْتَرِي بِالْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ لَا بِطَلَبِ الثَّمَنِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ (إنْ قَصَدَ) الشَّفِيعُ التَّأْخِيرَ (ارْتِيَاءً) أَيْ التَّرَوِّي فِي الْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ وَلَا يُمْهَلُ لِذَلِكَ (أَوْ) قَصَدَ (نَظَرًا لِلْمُشْتَرَى) بِالْفَتْحِ أَيْ قَصَدَ النَّظَرَ بِالْمُشَاهَدَةِ لِلشِّقْصِ الْمُشْتَرَى فَلَا يُمْهَلُ لِذَلِكَ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّفِيعِ وَمَحَلِّ الشِّقْصِ مَسَافَةٌ (كَسَاعَةٍ) ، وَالْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ لَا أَكْثَرَ فَلَا يُمْهَلُ، بَلْ يُسْتَعْجَلُ وَلَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِهِ لَهُ لِيَصِحَّ لَهُ الْأَخْذُ إذْ لَا بُدَّ عَنْ عِلْمِ الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَاهُ وَلَوْ بِالْوَصْفِ وَلَيْسَ مُرَادُهُ أَنْ تَكُونَ مُدَّةُ النَّظَرِ سَاعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَسَافَةُ أَقَلَّ مِنْ سَاعَةٍ أُمْهِلَ بِقَدْرِ ذَلِكَ فَقَطْ فِيمَا يَظْهَرُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ نَظَرًا فَقَطْ لَا لِمَا قَبْلَهُ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا طَلَبَهُ الْمُشْتَرِي، وَأَوْقَفَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَإِنْ، أَوْقَفَهُ عِنْدَ غَيْرِهِ فَهُوَ عَلَى مَنْفَعَتِهِ إذَا لَمْ يُسْقِطْهَا فَعُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُمْ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَلَوْ بَعْدَ سَنَةٍ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يَسْتَعْجِلْهُ عِنْدَ حَاكِمٍ وَلَمْ يُسْقِطْ الشَّفِيعُ حَقَّهُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ عَلَى شُفْعَتِهِ مَا لَمْ يَمْضِ شَهْرَانِ بَعْدَ سَنَةٍ مِنْ يَوْمِ الشِّرَاءِ، وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ وَمَا لَمْ يُوقِفْهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ.
(وَلَزِمَ) الشَّفِيعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ (إنْ أَخَذَ) أَيْ قَالَ أَخَذْتُ بِصِيغَةِ الْمَاضِي لَا الْمُضَارِعِ وَاسْمِ الْفَاعِلِ (وَعُرِفَ الثَّمَنُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ إنْ قَالَ أَخَذْتُ فِي حَالِ مَعْرِفَتِهِ الثَّمَنَ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الثَّمَنَ فَالْأَخْذُ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى الْمَشْهُورِ.
وَقِيلَ، بَلْ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ بِثَمَنٍ مَجْهُولٍ فَيُرَدُّ وَلَهُ الْأَخْذُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِذَا لَزِمَ فَإِنْ وَفَّى الثَّمَنُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ لَمْ يُوَفِّهِ بَاعَ الْحَاكِمُ لِلتَّوْفِيَةِ مِنْ مَالِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (فَبَيْعٌ) أَيْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ مِنْ مَالِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الشِّقْصَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَهُ بِوَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ الْمُشْتَرِي بِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ إشْهَادٍ بِالْأَخْذِ) أَيْ بِالشُّفْعَةِ، وَأَمَّا الْإِشْهَادُ بِأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ فَلَا يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ سَوَاءٌ أَشْهَدَ بِذَلِكَ خِفْيَةً، أَوْ جَهْرًا فَلَوْ أَشْهَدَ أَنَّهُ بَاقٍ عَلَى شُفْعَتِهِ، ثُمَّ سَكَتَ حَتَّى جَاوَزَ الْأَمَدَ الْمُسْقِطَ حَقَّ الْحَاضِرِ، ثُمَّ قَامَ يَطْلُبُهَا فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَتَسْقُطُ شُفْعَتُهُ كَمَا لِأَبِي عِمْرَانَ الْعَبْدُوسِيِّ (قَوْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْبَةِ الْمُشْتَرِي) أَيْ عِنْدَ ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَيَّدَ كَوْنَ الْإِشْهَادِ بِحَضْرَةِ الْمُشْتَرِي وَلَا يُعْرَفُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَلَعَلَّ هَذَا الْخِلَافَ مُخَرَّجٌ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الشُّفْعَةَ شِرَاءٌ، أَوْ اسْتِحْقَاقٌ فَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ عَلَى الثَّانِي وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَلَا يَمْلِكُ لِذَلِكَ) ، بَلْ إنْ لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ حَالًا، أَوْ يُسْقِطْهَا حَالًا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِهَا.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَفَعَ الْأَمْرَ لِلْحَاكِمِ، وَأَحْضَرَ الشَّفِيعَ وَقَالَ لَهُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ هَذَا الشِّقْصَ الَّذِي اشْتَرَيْتُهُ، أَوْ تُسْقِطَ شُفْعَتَكَ فَقَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَتَرَوَّى فِي الْأَخْذِ وَعَدَمِهِ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ وَيُسْتَعْجَلُ بِالْأَخْذِ حَالًا، أَوْ الْإِسْقَاطِ حَالًا فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ حَالًا، أَوْ يَتْرُكْ حَالًا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ قَصَدَ النَّظَرَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا طَلَبَ الشَّفِيعَ بِالْأَخْذِ، أَوْ التَّرْكِ فَقَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَنْظُرَ الشِّقْصَ الْمَبِيعَ فَإِنَّهُ لَا يُمْهَلُ، بَلْ يُسْتَعْجَلُ فَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ حَالًا، أَوْ يُسْقِطَ شُفْعَتَهُ حَالًا فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ حَالًا وَلَمْ يُسْقِطْهَا حَالًا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِإِسْقَاطِ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ إلَّا كَسَاعَةٍ) أَيْ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ حَتَّى يَنْظُرَ إلَيْهِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ (قَوْلُهُ السَّاعَةُ الْفَلَكِيَّةُ) أَيْ، وَهِيَ خَمْسَ عَشْرَةَ دَرَجَةً لَا الزَّمَانِيَّةُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ مِنْ مُسَاوَاةِ الْفَلَكِيَّةِ تَارَةً، أَوْ نَقْصٍ، أَوْ زِيَادَةٍ عَنْهَا تَارَةً أُخْرَى (قَوْلُهُ لَا أَكْثَرُ) أَيْ لَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّفِيعِ وَمَحَلِّ الشِّقْصِ أَكْثَرُ مِنْ سَاعَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ أَنَّ مُدَّةَ النَّظَرِ، وَالْإِحَاطَةِ بِمَعْرِفَتِهِ بَعْدَ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ، وَهِيَ السَّاعَةُ وَمُدَّةَ النَّظَرِ بِقَدْرِ حَالِ الْمَنْظُورِ فِيهِ فَلَا تُحَدُّ بِسَاعَةٍ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ) أَيْ بِقَدْرِ مُدَّةِ الْمَسَافَةِ وَمُدَّةِ النَّظَرِ لَا أَنَّهُ يُمْهَلُ سَاعَةً وَمُدَّةَ النَّظَرِ (قَوْلُهُ، وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ نَظَرًا فَقَطْ) أَيْ كَمَا قَالَ ح وَالْبِسَاطِيُّ وَقَوْلُهُ لَا لِمَا قَبْلَهُ أَيْ أَيْضًا كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ إذْ لَا إمْهَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَصْلًا (قَوْلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ اسْتِعْجَالُهُ إذَا طَلَبَ ارْتِيَاءً، أَوْ طَلَبَ النَّظَرَ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَلَزِمَ الشَّفِيعَ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ) أَيْ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ، وَهَذَا أَيْ لُزُومُ الْأَخْذِ دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ إشْهَادٌ وَصَرَّحَ بِهِ هُنَا لِبَيَانِ شَرْطِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَعَرَفَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ فِي قَوْلِهِ وَعَرَفَ الثَّمَنَ وَاوُ الْحَالِ، وَهِيَ قَيْدٌ فِي الْعَامِلِ وَبِالْجُمْلَةِ فَمَا تَقَدَّمَ مُجْمَلٌ وَمَا هُنَا مُنْفَصِلٌ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا قَالَ بَعْدَ شِرَاءِ الْمُشْتَرِي اشْهَدُوا أَنِّي أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْأَخْذُ وَلَا يَنْفَعُهُ رُجُوعُهُ إنْ كَانَ يَعْرِفُ الثَّمَنَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي الشِّقْصَ مِنْ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ فَالْأَخْذُ صَحِيحٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقٌ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ، بَلْ فَاسِدٌ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ شِرَاءٌ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ ابْتِدَاءً) أَيْ قَبْلَ مَعْرِفَتِهِ الثَّمَنَ وَقَوْلُهُ فَيُرَدُّ أَيْ فَيُجْبَرُ الشَّفِيعُ عَلَى رَدِّهِ لِلْمُشْتَرِي وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ الْأَخْذُ (قَوْلُهُ، وَإِذَا لَزِمَ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَبِيعَ إلَخْ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ أَيْ يَبِيعُ الْحَاكِمُ إلَى أَنَّ الْمَاضِيَ بِمَعْنَى الْمُضَارِعِ.
وَلَوْ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ (لِلثَّمَنِ) أَيْ لِأَجْلِ تَوْفِيَتِهِ لِلْمُشْتَرِي لَكِنْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَثْمَانِ وَيَبِيعُ مَا هُوَ الْأَوْلَى بِالْبَيْعِ كَذَا يَنْبَغِي.
(وَ) لَزِمَ (الْمُشْتَرِيَ) ذَلِكَ بِأَنْ يَلْزَمَهُ الدَّفْعُ لِلشَّفِيعِ (إنْ سَلَّمَ) بِأَنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْتُ، وَأَنَا سَلَّمْتُ لَكَ (فَإِنْ سَكَتَ) الْمُشْتَرِي أَيْ، أَوْ أَبَى بِأَنْ قَالَ لَا أُسَلِّمُ عِنْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْتُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (نَقْضُهُ) أَيْ نَقْضُ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ أَيْ إبْطَالُهُ أَيْ وَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى مُطَالَبَةِ الثَّمَنِ فَيُبَاعَ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ لَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فَإِنْ أَبْطَلَهُ فَإِنْ عَجَّلَ لَهُ الثَّمَنَ أَخَذَهُ مِنْهُ جَبْرًا عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ اسْتَعْجَلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ حَاكِمٍ لِيَبِيعَ لَهُ مِنْ مَالِهِ الثَّمَنَ مَعَ التَّأْجِيلِ بِالِاجْتِهَادِ عَلَى مَا مَرَّ، أَوْ يُبْطِلُ شُفْعَتَهُ فَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفَائِدَةُ السُّكُوتِ، وَالْمَنْعِ ابْتِدَاءً أَنَّ لَهُ النَّقْضَ مَا لَمْ يُعَجِّلْ لَهُ الثَّمَنَ (، وَإِنْ قَالَ) الشَّفِيعُ (أَنَا آخُذُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ، أَوْ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ أَنَا (أُجِّلَ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ (لِلنَّقْدِ) أَيْ لِإِحْضَارِهِ فَإِنْ أُتِيَ بِهِ (وَإِلَّا سَقَطَتْ) شُفْعَتُهُ وَلَا قِيَامَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ) أَيْ الْعُقْدَةُ وَاتَّحَدَ الْمُشْتَرِي بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ (وَتَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ) الْمُشْتَرَاةُ فِي أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ.
(وَ) تَعَدَّدَ (الْبَائِعُ) كَأَنْ يَكُونَ لِثَلَاثَةٍ شَرِكَةٌ مَعَ رَابِعٍ هَذَا فِي بُسْتَانٍ، وَهَذَا فِي دَارٍ، وَهَذَا فِي دَارٍ أُخْرَى فَبَاعَ الثَّلَاثَةُ أَنْصِبَاءَهُمْ لِأَجْنَبِيٍّ صِفَتُهُ وَاحِدَةٌ، وَأَرَادَ الرَّابِعُ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ (لَمْ تُبَعَّضْ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ أَيْ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا رَضِيَ فَلَهُ التَّبْعِيضُ فَقَوْلُهُ لَمْ تُبَعَّضْ أَيْ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّبْعِيضِ وَمَفْهُومُ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ أَنَّهَا إذَا تَعَدَّدَتْ فَلَهُ التَّبْعِيضُ وَمَفْهُومُ تَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ، وَالْبَائِعُ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِأَنَّ جَوَابَ الشَّرْطِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَقْبَلًا (قَوْلُهُ وَلَوْ الشِّقْصَ الْمَشْفُوعَ فِيهِ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَخْذَ الشِّقْصِ حَيْثُ لَزِمَ بَيْعُهُ لِلثَّمَنِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الْأَثْمَانِ) فِيهِ أَنَّ التَّأْجِيلَ لَيْسَ لِلِاسْتِقْصَاءِ فِي الثَّمَنِ، بَلْ لِإِحْضَارِ الثَّمَنِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لَكِنْ بَعْدَ التَّأْجِيلِ يَنْظُرُ الْحَاكِمُ لِإِحْضَارِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ مَا هُوَ الْأَوْلَى) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الشِّقْصُ، أَوْ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ ذَلِكَ) أَيْ شِرَاءُ الشَّفِيعِ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَزِمَ الْمُشْتَرِيَ تَسْلِيمُ الْحِصَّةِ لِلشَّفِيعِ إنْ سَلَّمَ الشَّفِيعُ الْأَخْذَ (قَوْلُهُ أَخَذْت) أَيْ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ، وَأَنَا سَلَّمْتُ أَيْ الشِّقْصَ لَك بِالشُّفْعَةِ.
وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّ الْمَسَائِلَ ثَلَاثٌ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ وَقَدْ عَرَفَ الثَّمَنَ وَسَلَّمَ الْمُشْتَرِي لَهُ الْأَخْذَ فَيَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ أَنْ يُسَلِّمَ الشِّقْصَ لِلشَّفِيعِ وَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، ثُمَّ إنْ أَتَى الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ، ثُمَّ يَبِيعُ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ. الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لِلثَّمَنِ وَيَسْكُتُ الْمُشْتَرِي فَإِنْ أَتَى الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّلُهُ بِاجْتِهَادِهِ فَإِنْ مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَبْقَى عَلَى طَلَبِ الثَّمَنِ فَيُبَاعَ لَهُ مِنْ مَالِ الشَّفِيعِ بِقَدْرِهِ وَلَهُ أَنْ يُبْطِلَ أَخْذَ الشَّفِيعِ وَيُبْقِيَ الشِّقْصَ لِنَفْسِهِ. الثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ أَخَذْتُ وَيَأْبَى الْمُشْتَرِي ذَلِكَ فَإِنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ أُجْبِرَ عَلَى أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ أَبْطَلَ الْحَاكِمُ شُفْعَتَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْجِيلٍ فِي هَذِهِ حَيْثُ أَرَادَ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ وَلَهُ أَنْ يَرْضَى بِاتِّبَاعِهِ بِالثَّمَنِ فَيُبَاعُ لَهُ وَلَوْ لِلشِّقْصِ (قَوْلُهُ فَإِنْ سَكَتَ فَلَهُ نَقْضُهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَأْتِ الشَّفِيعُ بِالثَّمَنِ بَعْدَ التَّأْجِيلِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَلَهُ الْبَقَاءُ عَلَى أَخْذِ الثَّمَنِ فَيُبَاعُ مِنْ مَالِهِ وَلَوْ الشِّقْصَ لِتَوْفِيَةِ الثَّمَنِ فَقَوْلُهُ فَيَبِيعُ لِلثَّمَنِ يَتَفَرَّعُ أَيْضًا عَلَى سُكُوتِ الْمُشْتَرِي كَمَا فَرَّعَهُ عَلَى تَسْلِيمِهِ وَتَقْدِيمُهُ عَلَى هَذَا يُوهِمُ أَنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ مَعَ أَنَّهَا كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ أَبْطَلَهُ) أَيْ فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي إبْطَالَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِأَنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِ الشَّفِيعِ أَخَذْتُ بِالشُّفْعَةِ لَا أُسَلِّمُ لَك فِيهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ عَجَّلَ) أَيْ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَنَ (قَوْلُهُ مَعَ التَّأْجِيلِ بِالِاجْتِهَادِ) هَذَا إنَّمَا يَظْهَرُ عِنْدَ سُكُوتِ الْمُشْتَرِي لَا عِنْدَ إبَائِهِ لِمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ لَا تَأْجِيلَ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَفَائِدَةُ السُّكُوتِ) أَيْ فَالْفَائِدَةُ الْمُتَرَتِّبَةُ عَلَى السُّكُوتِ وَعَلَى الْمَنْعِ ابْتِدَاءً أَيْ وَعَلَى مَنْعِ الْمُشْتَرِي لِلشَّفِيعِ فِي ابْتِدَاءِ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ وَقَوْلُهُ أَنَّ لَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي النَّقْضَ أَيْ نَقْضَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا أَسْلَمَ لَهُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُ شُفْعَتِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَالَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الشَّفِيعُ أَنَا آخُذُ بِالشُّفْعَةِ بِصِيغَةِ اسْمِ الْفَاعِلِ، أَوْ الْمُضَارِعِ فَإِنْ سَلَّمَ لَهُ الْمُشْتَرِي ذَلِكَ الْأَخْذَ فَالْحُكْمُ أَنَّهُ إنْ عَجَّلَ ذَلِكَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ فَلَا كَلَامَ فِي أَخْذِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَجِّلْهُ أُجِّلَ ثَلَاثًا لِإِحْضَارِ النَّقْدِ فَإِنْ أَتَى بِهِ فِيهَا، أَوْ بَعْدَهَا فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِلَّا سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ قَالَ إلَخْ أَيْ إنْ قَالَ أَنَا آخُذُ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ سَلَّمَ لَهُ الْأَخْذَ أُجِّلَ ثَلَاثًا أَيْ إنْ لَمْ يُعَجِّلْ.
وَأَمَّا إنْ سَكَتَ الْمُشْتَرِي، أَوْ أَبَى فَإِنْ عَجَّلَ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ أَخَذَهُ الْمُشْتَرِي جَبْرًا، وَإِلَّا بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ حَالًا فِيهِمَا وَرَجَعَ الشِّقْصُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ اتَّحَدَتْ الصَّفْقَةُ إلَخْ) مِنْ لَوَازِمِ اتِّحَادِهَا اتِّحَادُ الثَّمَنِ، وَإِلَّا لَمْ تَكُنْ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً (قَوْلُهُ وَاتَّحَدَ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَكَذَلِكَ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ أَيْ إذَا امْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ التَّبْعِيضِ، وَإِنَّمَا لَمْ
غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ نَصٌّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ فَالْمَدَارُ عَلَى اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ (كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ أَيْ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِجَمَاعَةٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَتَمَيَّزَ لِكُلٍّ مَا يَخُصُّهُ تَعَدَّدَ الْبَائِعُ، أَوْ اتَّحَدَ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ، بَلْ أَخْذُ الْجَمِيعِ، أَوْ تَرْكُ الْجَمِيعِ إلَّا أَنْ يَرْضَى مَنْ يُرِيدُ الْأَخْذَ مِنْهُ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَدَارَ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ عَلَى اتِّحَادِ الصَّفْقَةِ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي هَذِهِ صُحِّحَ أَيْضًا.
وَشُبِّهَ فِي عَدَمِ التَّبْعِيضِ عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ (وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ فَيُقَالُ لِلْبَاقِي إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَتْرُكَ الْجَمِيعَ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ حَقَّهُ فَقَطْ (أَوْ غَابَ) الْبَعْضُ قَبْلَ أَخْذِهِ فَلَيْسَ لِلْحَاضِرِ أَخْذُ حَقِّهِ فَقَطْ جَبْرًا، بَلْ إمَّا أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ يَتْرُكَ الْجَمِيعَ فَإِنْ قَالَ الْحَاضِرُ أَنَا آخُذُ حَقِّي فَقَطْ فَإِنْ قَدِمَ الْغَائِبُ وَلَمْ يَأْخُذْ حَقَّهُ أَخَذْتُهُ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، وَالصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ وَبُلُوغُهُ كَقُدُومِ الْغَائِبِ (أَوْ أَرَادَهُ) أَيْ التَّبْعِيضَ (الْمُشْتَرِي) ، وَأَبَاهُ الشَّفِيعُ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ فَعُلِمَ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ أَرَادَ عَدَمَهُ فَإِنْ رَضِيَا بِهِ جَازَ وَعُمِلَ بِهِ (وَلِمَنْ حَضَرَ) أَيْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ مِنْ الشُّفَعَاءِ، أَوْ بَلَغَ بَعْدَ أَخْذِ الْحَاضِرِ، أَوْ الْبَالِغِ الْجَمِيعَ (حِصَّتَهُ) عَلَى تَقْدِيرِ لَوْ كَانَ حَاضِرًا مَعَ الْآخِذِ فَقَطْ إلَّا حِصَّتُهُ عَلَى تَقْدِيرِ حُضُورِ الْجَمِيعِ فَلَا يَنْظُرُ لِنَصِيبِ مَنْ بَقِيَ غَائِبًا فَإِنْ حَضَرَ ثَالِثٌ أَخَذَ مِنْهُمَا عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلثَّلَاثَةِ وَيُقْطَعُ النَّظَرُ عَنْ غَائِبٍ رَابِعٍ فَإِذَا قَدِمَ أَخَذَ مِنْهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِأَرْبَعَةٍ، وَهَكَذَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
يَجِبْ الشَّفِيعُ لِلتَّبْعِيضِ إذَا طَلَبَهُ وَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ يَكُونُ غَرَضُهُ فِي الْجَمِيعِ وَمِنْهُ مَا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ، بَلْ لَوْ كَانَتْ الْحِصَّةُ وَاحِدَةً، وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَخْذَ بَعْضِهَا بِالشُّفْعَةِ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى التَّبْعِيضِ وَكَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدَتْ الْحِصَصُ وَكَانَ بَائِعُهَا وَاحِدًا كَمَا لَوْ كَانَتْ دَارٌ وَحَانُوتٌ وَبُسْتَانٌ شَرِكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَبَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ فِي الثَّلَاثَةِ لِأَجْنَبِيٍّ فَلَيْسَ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ الْبَعْضَ بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْبَعْضِ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي) أَيْ كَعَدَمِ التَّبْعِيضِ فِي حَالِ تَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ أَيْ إذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ لِجَمَاعَةٍ) كَمَا لَوْ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ نِصْفَ الدَّارِ مَثَلًا لِثَلَاثَةٍ كُلُّ وَاحِدٍ بَاعَ لَهُ سُدُسًا وَكَانَ الْبَيْعُ لِلثَّلَاثَةِ صَفْقَةً وَاحِدَةً بِمِائَةٍ (قَوْلُهُ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ) أَيْ، وَهُوَ الْقَوْلُ بِالتَّبْعِيضِ لِأَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ (قَوْلُهُ صُحِّحَ) أَيْ فَقَدْ اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ وَالتُّونُسِيُّ وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ إنَّهُ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْ يَدِهِ لَمْ تُبَعَّضْ عَلَيْهِ صَفْقَةٌ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا صُحِّحَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلِقُوَّةِ ذَلِكَ الْمُقَابِلِ اعْتَنَى الْمُصَنِّفُ بِالرَّدِّ عَلَيْهِ، وَأَشَارَ لِأَصْلِ صِحَّةِ ذَلِكَ الْمُقَابِلِ بِأَفْعَلِ التَّفْضِيلِ فَانْدَفَعَ اعْتِرَاضُ ابْن غَازِي حَيْثُ قَالَ إنَّهُ يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ عَلَى الْأَصَحِّ بِاقْتِصَارِهِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ أَيْ الشُّفَعَاءِ حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ) أَيْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقُونَ بِشُفْعَتِهِمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ الدَّارُ الْمُشْتَرَكَةُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا فَبَاعَ وَاحِدٌ حِصَّتَهُ لِأَجْنَبِيٍّ، وَأَسْقَطَ الثَّانِي حَقَّهُ مِنْ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الثَّالِثُ فَيُقَالُ لِلثَّالِثِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الثُّلُثَ الْمَبِيعَ بِتَمَامِهِ، أَوْ تَتْرُكَهُ لِلْمُشْتَرِي بِتَمَامِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ فَقَطْ إلَّا إذَا رَضِيَ الْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَيْ جَمِيعَ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ، أَوْ غَابَ الْبَعْضُ) أَيْ بَعْضُ الشُّفَعَاءِ قَبْلَ أَخْذِهِ أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْضُهُمْ حَاضِرًا وَبَعْضُهُمْ غَائِبًا، وَأَرَادَ الْحَاضِرُ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ بِالشُّفْعَةِ وَيَتْرُكَ الْبَاقِيَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ، أَوْ يَتْرُكَ جَمِيعَهُ لِلْمُشْتَرِي فَإِنْ قُلْتَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ سَابِقًا، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ إذَا أَسْقَطَ أَحَدُ الشُّفَعَاءِ شُفْعَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْبَاقِيَ كَانَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ بِالشُّفْعَةِ وَكَذَا إذَا غَابَ بَعْضُهُمْ فَلِمَنْ حَضَرَ أَنْ يَأْخُذَ قَدْرَ حِصَّتِهِ فَقَطْ قُلْتُ لَا مُنَافَاةَ؛ لِأَنَّهَا بِأَخَرَةِ الْأَمْرِ عَلَى أَنْصِبَائِهِمْ، وَإِمَّا؛ لِأَنَّ مَا مَرَّ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا حَضَرَ جَمِيعُ الشُّرَكَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ إسْقَاطٌ مِنْ أَحَدِهِمْ بِدَلِيلِ مَا هُنَا.
(قَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرْ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ) أَيْ، بَلْ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَتْرُكَ الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ، وَالصَّغِيرُ كَالْغَائِبِ) فَإِذَا كَانَتْ الدَّارُ لِثَلَاثَةٍ أَثْلَاثًا أَحَدُهُمْ صَغِيرٌ وَبَاعَ أَحَدُ الْكَبِيرَيْنِ حِصَّتَهُ، وَأَرَادَ الْكَبِيرُ مِنْ الشَّفِيعَيْنِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِالشُّفْعَةِ حِصَّتَهُ فِي الشِّقْصِ فَقَطْ فَلَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى ذَلِكَ، بَلْ لَهُ أَنْ يَقُولَ الشَّفِيعُ إمَّا أَنْ تَأْخُذَ الْجَمِيعَ، أَوْ تَتْرُكَ الْجَمِيعَ، وَإِذَا أَخَذَ الْجَمِيعَ كَانَ لِلصَّغِيرِ إذَا بَلَغَ أَخْذُ حِصَّتِهِ مِنْ مِلْكِ الشَّفِيعِ مِثْلَ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُ الشَّفِيعَيْنِ غَائِبًا، وَأَخَذَ الْحَاضِرُ جَمِيعَ الشِّقْصِ وَقَدِمَ شَرِيكُهُ الْغَائِبُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَرَادَهُ) كَمَا إذَا اشْتَرَى شِقْصًا شُفَعَاؤُهُ غُيَّبٌ إلَّا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَإِنَّهُ حَاضِرٌ فَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ جَمِيعَ الشِّقْصِ فَمَنَعَهُ الْمُشْتَرِي وَقَالَ لَهُ لَا تَأْخُذُ إلَّا بِقَدْرِ حِصَّتِكَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ ذَلِكَ الشَّفِيعِ الْحَاضِرِ فِي أَخْذِ جَمِيعِ الشِّقْصِ إلَى أَنْ يَقْدَمَ أَصْحَابُهُ (قَوْلُهُ أَيْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ) أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ وَلِمَنْ كَانَ حَاضِرًا لِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْجَمِيعَ كَمَا مَرَّ وَقَوْلُهُ حِصَّتُهُ أَيْ فِي الشِّقْصِ الْمَأْخُوذِ (قَوْلُهُ، وَهَكَذَا) فَإِذَا كَانَتْ دَارٌ لِأَرْبَعَةٍ لِوَاحِدٍ نِصْفُهَا اثْنَا عَشَرَ قِيرَاطًا وَلِآخَرَ رُبْعُهَا سِتَّةُ قَرَارِيطَ وَلِآخَرَ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ وَلِآخَرَ ثُمُنُهَا أَيْضًا ثَلَاثَةٌ.
(وَهَلْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الشَّفِيعِ الْآخِذِ لِجَمِيعِ الْحِصَّةِ عِنْدَ غَيْبَةِ الْقَادِمِ (أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي) الْمَأْخُوذِ مِنْهُ أَيْ هَلْ يُخَيَّرُ الْقَادِمُ فِي كِتَابَةِ الْعُهْدَةِ عَلَى الشَّفِيعِ، أَوْ الْمُشْتَرِي، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (أَوْ) يَتَعَيَّنُ كَتْبُهَا (عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ) ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَأَوْ الْأُولَى لِلتَّخْيِيرِ، وَالثَّانِيَةُ لِتَنْوِيعِ الْخِلَافِ تَأْوِيلَانِ كَمَا يَأْتِي (كَغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْغَائِبِ، وَهُوَ الْحَاضِرُ ابْتِدَاءً فَإِنَّهُ يَكْتُبُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ) فَإِنَّ إقَالَتَهُ لَا تُسْقِطُ الشُّفْعَةَ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءً بَيْعٌ مُلَاحَظًا فِيهَا إتْهَامُهَا بِالْإِقَالَةِ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَإِلَّا لَكَانَ لِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ فِي كَتْبِهَا عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهَا (إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ) الشَّفِيعُ شُفْعَتَهُ لِلْمُشْتَرِي أَيْ يَتْرُكَهَا لَهُ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَإِنْ سَلَّمَهَا قَبْلَهَا، ثُمَّ تَقَايَلَا فَلَهُ الشُّفْعَةُ، وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَإِنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّفِيعِ تَسْلِيمٌ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعَتِهِ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ (تَأْوِيلَانِ) رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ،.
، ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالتَّخْصِيصِ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَبَاعَ صَاحِبُ النِّصْفِ لِأَجْنَبِيٍّ مَعَ حُضُورِ صَاحِبِ الثُّمُنِ فَأَخَذَ صَاحِبُ الثُّمُنِ ذَلِكَ النِّصْفَ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ قَدِمَ صَاحِبُ الرُّبْعِ فَإِنَّ الْمَأْخُوذَ يُقْسَمُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ، لِصَاحِبِ الرُّبْعِ ثَمَانِيَةٌ، وَلِصَاحِبِ الثُّمُنِ أَرْبَعَةٌ، فَإِذَا قَدِمَ الشَّرِيكُ الثَّالِثُ، وَهُوَ صَاحِبُ الثُّمُنِ الثَّانِي أَخَذَ مِنْ صَاحِبِ الثَّمَانِيَةِ اثْنَيْنِ، وَمِنْ صَاحِبِ الْأَرْبَعَةِ وَاحِدًا (قَوْلُهُ، وَهَلْ الْعُهْدَةُ) الْمُرَادُ بِهَا هُنَا ضَمَانُ الثَّمَنِ أَيْ، وَهَلْ ضَمَانُ ثَمَنِ هَذَا الْقَادِمِ إذَا اُسْتُحِقَّ هَذَا الْمَبِيعُ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ يَكُونُ عَلَى الشَّفِيعِ الْأَوَّلِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ؟ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ، وَهَلْ كِتَابَةُ ضَمَانِ ثَمَنِ هَذَا الْقَادِمِ إذَا اُسْتُحِقَّ هَذَا الْمَبِيعُ عَلَيْهِ، وَالْمُرَادُ بِكِتَابَةِ ضَمَانِ الثَّمَنِ عَلَى الشَّفِيعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَكْتُبَ اشْتَرَى فُلَانٌ وَمِنْ لَوَازِمِ ذَلِكَ ضَمَانُهُ الثَّمَنَ عِنْدَ ظُهُورِ عَيْبِ الْمَبِيعِ، أَوْ اسْتِحْقَاقِهِ لَا أَنَّهُ يَكْتُبُ الضَّمَانَ مِنْ فُلَانٍ (قَوْلُهُ، أَوْ يَتَعَيَّنُ كَتْبُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ يَتَعَيَّنُ وَقَوْلُهُ فَقَطْ لِأَنَّ عَلَيْهَا يَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَصًّا فِي مُخَالَفَةِ أَشْهَبَ فَلَا يَتَأَتَّى التَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ (قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ فِي كَوْنِهِمَا مُتَوَافِقَيْنِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ بِالتَّخْيِيرِ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، يَكْتُبُ الْقَادِمُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ إنْ شَاءَ أَوْ مُتَخَالِفَيْنِ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يَكْتُبُ الْقَادِمُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي يَعْنِي فَقَطْ (قَوْلُهُ كَغَيْرِهِ) ذَكَرَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا؛ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْعُهْدَةَ عَلَى الْبَائِعِ، وَالْبَائِعُ لِلشَّفِيعِ هُوَ الْمُشْتَرِي لِأَجْلِ أَنْ يُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَالَهُ الْبَائِعُ) أَيْ وَلَوْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ الَّذِي فِيهِ الشُّفْعَةُ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ مَالِكٍ أَيْضًا إنَّ الشَّفِيعَ يُخَيَّرُ فِي مَسْأَلَةِ الْإِقَالَةِ فِي كَتْبِ الْعُهْدَةِ عَلَى الْبَائِعِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ يَكْتُبُهَا عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ) أَيْ لَا عَلَى أَنَّهَا نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّرِيكِ شُفْعَةٌ أَصْلًا إذْ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يُلَاحَظُ فِيهَا ذَلِكَ الْإِتْهَامُ (قَوْلُهُ لَكِنَّ لِلشَّفِيعِ الْخِيَارَ) أَيْ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الشِّقْصَ إذَا تَعَدَّدَ بَيْعُهُ فَإِنَّ الشَّفِيعَ يُخَيَّرُ فِي أَخْذِهِ بِثَمَنٍ أَيْ بَيْعٍ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ؟ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ بِنَاءً إلَخْ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ إنَّ أَخْذَ الشَّفِيعِ لِلشِّقْصِ بِالشُّفْعَةِ بَعْدَ الْإِقَالَةِ فِيهِ وَكِتَابَةَ الْعُهْدَةِ عَلَى الْمُشْتَرِي لَا يَنْبَنِي عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ، وَإِلَّا لَكَانَ لِلشَّفِيعِ الْأَخْذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِالثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ وَلَا عَلَى أَنَّ الْإِقَالَةَ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِلشَّفِيعِ شُفْعَةٌ إذْ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ بَيْعٌ، وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ اخْتِيَارُ الشِّقِّ الْأَوَّلِ وَإِنَّمَا لَمْ يُخَيَّرْ فِي الْأَخْذِ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ لِاتِّهَامِهَا بِالْإِقَالَةِ عَلَى إبْطَالِ حَقِّ الشَّفِيعِ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْإِقَالَةَ هُنَا كَالْعَدَمِ كَمَا هُوَ مُفَادُ حُكْمِ الْمَالِكِ عَلَيْهَا بِالْبُطْلَانِ وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُسَلِّمَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ مِنْ الْبَائِعِ لَهُ مَا لَمْ يَتْرُكْ الشَّفِيعُ الشُّفْعَةَ لِلْمُشْتَرِي قَبْلَ الْإِقَالَةِ فَإِنْ تَرَكَ لَهُ الشُّفْعَةَ، ثُمَّ حَصَلَتْ الْإِقَالَةُ فَإِنَّمَا لَهُ الْأَخْذُ مِنْ الْبَائِعِ وَيَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَيْهِ لَا عَلَى الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَلَهُ الشُّفْعَةُ وَالْعُهْدَةُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إسْقَاطِهِ شُفْعَتَهُ عَنْ الْمُشْتَرِي إسْقَاطُهَا عَنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَسْقَطَ الْأَخْذَ مِنْ الْمُشْتَرِي صَارَ شَرِيكًا فَإِذَا بَاعَ لِلْبَائِعِ فَلَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ لِأَنَّهُ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الشَّفِيعَ يَكْتُبُ الْعُهْدَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَقَالَ الْبَائِعُ الْمُشْتَرِيَ مِنْ الشِّقْصِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الشَّفِيعِ تَرْكٌ لِلشُّفْعَةِ قَبْلَ الْإِقَالَةِ مَحَلُّهُ إذَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ بِأَيِّ الْبَيْعَتَيْنِ شَاءَ) أَيْ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ بِزِيَادَةٍ، أَوْ نَقْصٍ بَيْعٌ قَطْعًا.
(قَوْلُهُ مَا هُوَ كَالتَّخْصِيصِ إلَخْ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَهِيَ مَفْضُوضَةٌ عَلَى الْأَنْصِبَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ مُشَارِكٌ فِي السَّهْمِ، وَإِلَّا قُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ
(وَقُدِّمَ) فِي الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (مُشَارِكُهُ) أَيْ الْبَائِعِ (فِي السَّهْمِ) مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ يُقَدَّمُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَعَمِّ فَلَوْ مَاتَ ذُو عَقَارٍ عَنْ جَدَّتَيْنِ وَزَوْجَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَاهُنَّ نَصِيبَهَا فَالشُّفْعَةُ لِمَنْ شَارَكَهَا فِي السَّهْمِ دُونَ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ (وَإِنْ) كَانَ الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ (كَأُخْتٍ لِأَبٍ) مَعَ شَقِيقَةٍ، أَوْ بِنْتِ ابْنٍ مَعَ بِنْتٍ (أَخَذَتْ سُدُسًا) تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَبَاعَتْ الشَّقِيقَةُ، أَوْ الْبِنْتُ فَلِلَّتِي لِلْأَبِ، أَوْ بِنْتِ الِابْنِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ دُونَ الْعَاصِبِ وَكَذَا لَوْ بَاعَتْ الَّتِي لِلْأَبِ فَالشُّفْعَةُ لِلشَّقِيقَةِ بِالْأَوْلَى وَلَيْسَ السُّدُسُ هُنَا فَرْضًا مُسْتَقِلًّا، بَلْ هُوَ تَكْمِلَةُ الثُّلُثَيْنِ (وَدَخَلَ) الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ (عَلَى غَيْرِهِ) كَمَيِّتٍ عَنْ ثَلَاثِ بَنَاتٍ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ عَنْ بِنْتَيْنِ فَبَاعَتْ إحْدَى أَخَوَاتِ الْمَيِّتَةِ فَأَوْلَادُ الْمَيِّتَةِ يَدْخُلْنَ عَلَى خَالَاتِهِنَّ إذْ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى أَخَصُّ، وَالْعُلْيَا أَعَمُّ، وَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى بِنْتَيْ الْمَيِّتَةِ فَالشُّفْعَةُ لِأُخْتِهَا وَلَا يَدْخُلُ مَعَهَا خَالَاتُهَا لِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ، وَكَمَيِّتٍ عَنْ ثَلَاثَةِ بَنِينَ مَاتَ أَحَدُهُمْ عَنْ ابْنَيْنِ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ اخْتَصَّ بِهِ أَخُوهُ دُونَ عَمَّيْهِ فَإِنْ بَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ دَخَلَا مَعَ عَمِّهِمَا (كَذِي سَهْمٍ) أَيْ كَدُخُولِ صَاحِبِ فَرْضٍ (عَلَى وَارِثٍ) غَيْرِ ذِي سَهْمٍ، بَلْ غَاصِبٌ كَمَيِّتٍ عَنْ ابْنَتَيْنِ وَعَمَّيْنِ بَاعَ أَحَدُ الْعَمَّيْنِ نَصِيبَهُ فَهُوَ لِلْجَمِيعِ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ الْعَمُّ فَالْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ كَمَا قِيلَ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَدَخَلَ أَيْ الْأَخَصُّ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ عَلَى الْأَعَمِّ، وَالْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَإِنَّهُ أَخَصُّ مِمَّنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَمَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَسْفَلَ فَإِنَّ مَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَعْلَى أَعَمُّ مِنْهُ.
(وَ) دَخَلَ (وَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ) بِعَقَارٍ بَاعَ أَحَدُهُمْ مَنَابَهُ فَيَدْخُلُ الْوَارِثُ مَعَ بَقِيَّةِ أَصْحَابِهِ فِي الشُّفْعَةِ فَوَارِثٌ عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَتِرِ فِي دَخَلَ وَيَجُوزُ الْجَرُّ بِالْعَطْفِ عَلَى ذِي سَهْمٍ وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ وَقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ) أَيْ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الشُّرَكَاءِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ صَاحِبَ سَهْمٍ آخَرَ كَأُخْتَيْنِ شَقِيقَتَيْنِ، أَوْ لِأَبٍ، وَأَخٍ لِأُمٍّ بَاعَتْ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ فَالشُّفْعَةُ لِلْأُخْتِ الْأُخْرَى دُونَ الْأَخِ لِلْأُمِّ، أَوْ كَانَ عَاصِبًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُشَارِكَ فِي السَّهْمِ) أَيْ فِي الْحَظِّ، وَالنَّصِيبِ، وَالْمُرَادُ بِهِ الْفَرْضُ وَقَوْلُهُ عَلَى الشَّرِيكِ الْأَعَمِّ أَيْ الْغَيْرِ الْمُشَارِكِ فِي الْفَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْأَعَمُّ صَاحِبَ سَهْمٍ آخَرَ، أَوْ عَاصِبًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَأُخْتٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يُشِيرَ لِرَدِّهِ بِلَوْ لَا بِإِنْ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَيْسَ السُّدُسُ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْأُخْتَ الَّتِي لِلْأَبِ لَيْسَتْ مُشَارِكَةً فِي السَّهْمِ إذْ فَرْضُ الشَّقِيقَةِ النِّصْفُ، وَالسُّدُسُ الَّتِي تَأْخُذُهُ الْأُخْتُ لِلْأَبِ فَرْضٌ آخَرُ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ السُّدُسَ إنَّمَا يَكُونُ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ كَمَا إذَا كَانَتْ تَسْتَحِقُّهُ الْجَدَّةُ، أَوْ أَكْثَرُ، أَوْ وَلَدُ الْأُمِّ.
وَأَمَّا إذَا كَانَ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يَكُونُ فَرْضًا مُسْتَقِلًّا بَلْ هُوَ تَكْمِلَةٌ لِلْفَرْضِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَلِذَا قَالَ لَا تُقَدَّمُ الَّتِي لِلْأَبِ إذَا بَاعَتْ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْعَاصِبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَدَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ) .
قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ دَخَلَ الْأَخَصُّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ أَيْ الْفُرُوضِ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَأَمَّا دُخُولُهُ عَلَى الْعَاصِبِ فَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ أَيْ عَاصِبٍ، وَبِهَذَا قَرَّرَ الشَّارِحُ أَوَّلًا، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَدَخَلَ الْأَخَصُّ عَلَى غَيْرِهِ عَلَى الْعُمُومِ بِحَيْثُ يَشْمَلُ دُخُولَ أَهْلِ الْوِرَاثَةِ السُّفْلَى عَلَى أَهْلِ الْعُلْيَا وَدُخُولَ ذِي السَّهْمِ عَلَى غَيْرِهِ مِنْ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ كَانُوا ذَوِي فَرْضٍ، أَوْ عَصَبَةٍ وَدُخُولَ الْوَرَثَةِ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَدُخُولَ الْجَمِيعِ عَلَى الْأَجَانِبِ وَيَكُونُ مَا بَعْدَهُ، وَهُوَ قَوْلُهُ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ مِثَالًا وَبِذَلِكَ قَرَّرَ الشَّارِحُ آخِرًا (قَوْلُهُ الْأَخَصُّ) أَيْ الْأَقْوَى، وَإِلَّا زِيدَ فِي الْقُرْبِ (قَوْلُهُ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ) أَيْ الْفُرُوضِ وَقَوْلُهُ عَلَى غَيْرِهِ أَيْ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ، وَهُوَ الْوَارِثُ الْأَعَمُّ، وَهُوَ غَيْرُ الْأَقْوَى فِي الْقَرَابَةِ (قَوْلُهُ إذْ الطَّبَقَةُ السُّفْلَى أَخَصُّ) أَيْ لِأَنَّهُنَّ أَقْرَبُ لِلْمَيِّتِ الثَّانِي وَفِيهِ أَنَّ دُخُولَ الْبَنَاتِ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْلِ تَنَزُّلِهِنَّ مَنْزِلَةَ أُمِّهِنَّ الْمَيِّتَةِ فَصَارَتْ الْبَنَاتُ كَأَنَّهُنَّ نَفْسُ أُمِّهِنَّ الْمَيِّتَةِ فَرُجِعَ فِي الْحَقِيقَةِ لِلشَّرِيكِ فِي السَّهْمِ.
وَأَمَّا الْأَخَصِّيَّةُ وَشِدَّةُ الْقُرْبِ فَبِاعْتِبَارِ بَعْضِ الْبَنَاتِ مَعَ بَعْضٍ وَحِينَئِذٍ فَهَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ مُنَاسِبٍ قَالَهُ شَيْخُنَا، وَعَلَى هَذَا فَالْأَوْلَى جَعْلُ فَاعِلِ دَخَلَ ضَمِيرَ الْمُشَارِكِ فِي السَّهْمِ (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ إلَخْ) فَإِنْ كَانَتْ الْأَخَوَاتُ لِأُمٍّ فَقَطْ كَانَ مِنْ بَابِ تَقْدِيمِ الْوَارِثِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ لِحَجْبِهِنَّ بِالْبَنَاتِ (قَوْلُهُ بِقَدْرِ حِصَصِهِمْ) أَيْ فَيُقْسَمُ ذَلِكَ النَّصِيبُ خَمْسَةَ أَسْهُمٍ لِكُلِّ بِنْتٍ سَهْمَانِ وَلِلْعَمِّ سَهْمٌ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّمْثِيلِ) أَيْ لِدُخُولِ الْأَخَصِّ مِنْ ذَوِي السِّهَامِ عَلَى غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَيْ وَعَلَى جَعْلِهِ تَمْثِيلًا وَقَوْلُهُ الْمُرَادُ بِالْأَخَصِّ أَيْ عَلَى جَعْلِ مَا هُنَا تَمْثِيلًا مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ، أَوْ بِوَارِثٍ أَسْفَلَ أَيْ أَنَّهُ يُفَسَّرُ بِمَعْنًى عَامٍّ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ أَخَصُّ) أَيْ أَقْوَى مِنْهُ بِتَقْدِيمِ ذَوِي الْفُرُوضِ، وَالْعَوْلِ لَهُمْ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْنِ لِلْفَرْضَيْنِ فَبِالْجُمْلَةِ لَمَّا قُدِّمَ أَصْحَابُ الْفُرُوضِ فِي الْإِرْثِ قُدِّمُوا فِي الشُّفْعَةِ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ وَمَنْ يَرِثُ بِوَارِثٍ أَسْفَلَ) أَيْ كَالْبَنَاتِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّهُنَّ قَدْ وَرِثْنَ بِوِرَاثَةِ الْمَيِّتِ الْأَسْفَلِ، وَهُوَ أُمُّهُنَّ وَقَدْ يَرْجِعُ هَذَا لِمَا قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ الْأَخَوَاتِ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّ مَنْ يَرِثُ بِوِرَاثَةِ أَعْلَى) أَيْ بِوِرَاثَةِ
أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَارِثِ إذَا بَاعَ وَارِثٌ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ
(ثُمَّ) قُدِّمَ (الْوَارِثُ) بِفَرْضٍ، أَوْ عُصُوبَةٍ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ فَالْمَرَاتِبُ أَرْبَعَةٌ، مُشَارِكٌ فِي السَّهْمِ، ثُمَّ وَارِثٌ وَلَوْ عَاصِبًا، ثُمَّ الْمُوصَى لَهُمْ، (ثُمَّ الْأَجْنَبِيُّ) ، فَإِذَا كَانَ الْعَقَارُ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَنْ زَوْجَتَيْنِ وَأُخْتَيْنِ وَعَمَّيْنِ فَإِذَا بَاعَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ اخْتَصَّتْ الْأُخْرَى بِنَصِيبِهَا فَإِنْ أَسْقَطَتْ حَقَّهَا فَالشُّفْعَةُ لِلْأُخْتَيْنِ، وَالْعَمَّيْنِ سَوَاءٌ فَإِنْ أَسْقَطُوا فَلِلْمُوصَى لَهُمْ فَإِنْ أَسْقَطُوا فَلِلْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ الْمَرَاتِبُ خَمْسَةٌ: الْمُشَارِكُ فِي السَّهْمِ، فَذُو الْفَرْضِ، فَالْغَاصِبُ، فَالْمُوصَى لَهُ، فَالْأَجْنَبِيُّ، فَإِذَا أَسْقَطَتْ إحْدَى الزَّوْجَتَيْنِ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِلْأُخْتَيْنِ فَإِنْ أَسْقَطَا فَلِلْعَمَّيْنِ فَإِنْ أَسْقَطَا فَلِلْمُوصَى لَهُ فَإِنْ أَسْقَطَ فَلِلْأَجْنَبِيِّ، وَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّاجِحُ.
(وَأَخَذَ) الشَّفِيعُ إذَا تَعَدَّدَ الْبَيْعُ فِي الشِّقْصِ (بِأَيِّ بَيْعٍ) شَاءَ (وَعُهْدَتُهُ) أَيْ دَرْكُ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ أَيْ يَكْتُبُهَا عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا لَمْ يَأْخُذْ إلَّا بِبَيْعِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَا إذَا كَثُرَتْ الْبِيَاعَاتِ مَعَ حُضُورِهِ عَالِمًا فَالْأَخْذُ بِالْأَخِيرِ فَقَطْ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ وَلَوْ أَخَذَ بِبَيْعِ غَيْرِهِ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ فَظَاهِرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ أَكْثَرَ كَعَشَرَةٍ، وَالثَّانِي كَخَمْسَةٍ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَدَفَعَ الْخَمْسَةَ الْأُخْرَى لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَيَرْجِعُ بِالْخَمْسَةِ الْأُخْرَى عَلَى بَائِعِهِ (وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ) أَيْ مَا بَعْدَ الْبَيْعِ الْمَأْخُوذِ بِهِ وَمَعْنَى نَقْضِهِ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ اتَّفَقَتْ الْأَثْمَانُ، أَوْ اخْتَلَفَتْ فَإِنْ أُخِذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ كُلُّهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (غَلَّتُهُ) إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ الْأَخْذِ بِهَا، وَالْغَلَّةُ بِالضَّمَانِ (وَفِي) جَوَازِ (فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ أَيْ إكْرَاءِ الْمُشْتَرِي قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ بِالشُّفْعَةِ إذَا كَانَتْ وَجِيبَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَيِّتِ الْأَعْلَى كَأَخَوَاتِ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ لَا يَدْخُلُ عَلَى الْوَارِثِ إذَا بَاعَ وَارِثٌ) أَيْ، بَلْ مَتَى بَاعَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ فَإِنَّ بَاقِيَهُمْ يُقَدَّمُ عَلَى الْمُوصَى لَهُمْ وَلَا دُخُولَ لِلْمُوصَى لَهُمْ مَعَ الْوَرَثَةِ كَالْعَصَبَةِ مَعَ ذَوِي الْفُرُوضِ.
(قَوْلُهُ أَيْ دَرْكُ الْمَبِيعِ) أَيْ ضَمَانُ الْمَبِيعِ أَيْ ضَمَانُ ثَمَنِ الشِّقْصِ الْمَبِيعِ إذَا ظَهَرَ فِي الْمَبِيعِ عَيْبٌ، أَوْ حَصَلَ فِيهِ اسْتِحْقَاقٌ (قَوْلُهُ أَيْ يَكْتُبُهَا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ وَكَتَبَ عُهْدَتُهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتُبُ أَنَّ ضَمَانَ ذَلِكَ الشِّقْصِ إذَا اُسْتُحِقَّ، أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ مِنْ فُلَانٍ، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِي وَثِيقَةِ الشِّرَاءِ اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ الشِّقْصَ الْكَائِنَ فِي مَحَلِّ كَذَا، وَمِنْ لَوَازِمِ الشِّرَاءِ مِنْهُ ضَمَانُهُ لِلثَّمَنِ إذَا اُسْتُحِقَّ أَوْ ظَهَرَ بِهِ عَيْبٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ، أَوْ عَلِمَ وَلَكِنْ كَانَ غَائِبًا، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، وَأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ وَكَتَبَ الْعُهْدَةَ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِثَمَنِهِ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الشَّفِيعِ يَأْخُذُ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ إذَا تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَعَدُّدِهَا أَوْ عَلِمَ، وَهُوَ غَائِبٌ.
وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِهَا وَكَانَ حَاضِرًا فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِشِرَاءِ الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِتَعَدُّدِ الْبَيْعِ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ بِشَرِكَةِ مَا عَدَا الْأَخِيرَ فَإِنَّهُ غَيْرُ رَاضٍ بِشَرِكَتِهِ فَلِذَا كَانَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْهُ لِتَجَدُّدِ مِلْكِهِ عَلَى مِلْكِهِ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ حُضُورَهُ وَعِلْمَهُ يُسْقِطُ شُفْعَتَهُ) أَيْ وَصَارَ شَرِيكًا لِلثَّانِي (قَوْلُهُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ) أَيْ وَيَدْفَعُ الشَّفِيعُ الثَّمَنَ لِمَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ وَقَوْلُهُ وَيَدْفَعُ إلَخْ مُرْتَبِطٌ بِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَإِنْ اتَّفَقَ الثَّمَنَانِ) أَيْ ثَمَنُ الْبَيْعِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ وَثَمَنُ مَنْ بِيَدِهِ الشِّقْصُ، وَهُوَ الْمُشْتَرِي الْأَخِيرُ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ أَخَذَ بِالثَّانِي دَفَعَ الْخَمْسَةَ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَ بِالْعَكْسِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْأَوَّلُ خَمْسَةً، وَالثَّانِي عَشَرَةً أَيْ، وَأَخَذَ بِالْأَوَّلِ دَفَعَ لِلثَّانِي خَمْسَةً وَيَرْجِعُ الثَّانِي بِالْخَمْسَةِ الْأُخْرَى عَلَى بَائِعِهِ فَيُكْمِلُ لَهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي اشْتَرَى بِهَا.
وَأَمَّا إنْ أَخَذَ بِالثَّانِي دَفَعَ الْعَشَرَةَ لِلثَّانِي وَلَا يَرْجِعُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بَائِعُهُ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ تَرَاجُعُ الْأَثْمَانِ) أَيْ فَكُلُّ مَنْ كَانَ شِرَاؤُهُ مَنْقُوضًا يَرْجِعُ بِثَمَنِهِ عَلَى بَائِعِهِ.
(قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ مَا قَبْلَهُ) أَيْ مِنْ الْبِيَاعَاتِ لِإِجَازَةِ الشَّفِيعِ لَهُ بِإِجَازَةِ الَّذِي أَخَذَ بِهِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ إذَا تَدَاوَلَ الشَّيْءَ الْمُسْتَحِقُّ الْأَمْلَاكَ فَإِنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا صَحَّ مَا بَعْدَهُ مِنْ الْبِيَاعَاتِ وَنَقَضَ مَا قَبْلَهُ مِنْهَا، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَجَازَ بَيْعًا أَخَذَ ثَمَنَهُ وَسَلَّمَ فِي الشَّيْءِ الْمُسْتَحِقِّ فَمَضَى مَا انْبَنَى عَلَى مَا أَجَازَهُ.
وَأَمَّا الشَّفِيعُ فَإِذَا اعْتَبَرَ بَيْعًا وَعَوَّلَ عَلَيْهِ أَخَذَ نَفْسَ الشِّقْصِ لِنَفْسِهِ وَدَفَعَ الثَّمَنَ فَلَا يَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيمَا أَخَذَ (قَوْلُهُ فَإِنْ أَخَذَ بِالْأَخِيرِ ثَبَتَتْ الْبِيَاعَاتِ) أَيْ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْأَوَّلِ نُقِضَ الْجَمِيعُ، وَإِنْ أَخَذَ بِالْوَسَطِ صَحَّ مَا قَبْلَهُ وَنُقِضَ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَهُ غَلَّتُهُ) أَيْ غَلَّةُ الشِّقْصِ الَّتِي اسْتَغَلَّهَا قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ بِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا، وَأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّهُ مُجَوِّزٌ لِعَدَمِ أَخْذِهِ فَهُوَ ذُو شُبْهَةٍ (قَوْلُهُ وَفِي فَسْخِ عَقْدِ كِرَائِهِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ اسْتِحْقَاقٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ دَارًا مَثَلًا فَوَجَدَهَا مُكْتَرَاةً كَانَ لَهُ أَخْذُهَا وَنَقْضُ الْكِرَاءِ وَيَرْجِعُ الْمُكْتَرِي بِأُجْرَتِهِ عَلَى الْمُكْرِي وَلَهُ إمْضَاءُ الْكِرَاءِ وَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي عِنْدَ إكْرَائِهِ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا (قَوْلُهُ وَانْتَقَدَ الْأُجْرَةَ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُشَاهَرَةً وَلَمْ يَنْتَقِدْ.
وَعَدَمِ الْجَوَازِ، بَلْ يَتَحَتَّمُ الْإِمْضَاءُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الثَّانِي، وَالْأُجْرَةُ وَلَوْ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْأُجْرَةُ بَعْدَهَا لِلشَّفِيعِ أَيْ إنْ أَمْضَاهَا (وَلَا يَضْمَنُ) الْمُشْتَرِي (نَقْصَهُ) بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ مَا نَقَصَهُ الشِّقْصُ عِنْدَهُ بِغَيْرِ فِعْلِهِ، بَلْ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ تَغَيُّرِ سُوقٍ، أَوْ بِفِعْلِهِ لِمَصْلَحَةٍ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ مِنْ غَيْرِ بِنَاءٍ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ وَسَوَاءٌ عُلِمَ أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لَا فَإِنْ هُدِمَ لَا لِمَصْلَحَةٍ ضَمِنَ (فَإِنْ هُدِمَ وَبُنِيَ فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا) عَلَى الشَّفِيعِ لِعَدَمِ تَعَدِّيهِ (وَلِلشَّفِيعِ النَّقْضُ) بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَنْقُوضُ مِنْ حَجَرٍ وَنَحْوِهِ إذَا لَمْ يُعِدْهُ فِي الْبِنَاءِ فَإِنْ أَعَادَهُ، أَوْ بَاعَهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِوَجْهٍ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ مَا قَابَلَ قِيمَتُهُ مِنْ الثَّمَنِ،، ثُمَّ أَجَابَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِخَمْسَةِ أَجْوِبَةٍ تَبَعًا لِلْأَشْيَاخِ عَنْ سُؤَالٍ، أَوْرَدَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ فَقَالَ كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مَعَ دَفْعِ قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا؛ لِأَنَّ الشَّفِيعَ إنْ عَلِمَ بِالْهَدْمِ، وَالْبِنَاءِ وَسَكَتَ فَقَدْ سَقَطَتْ شُفْعَتُهُ، وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي مُعْتَدٍ فَلَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا بِقَوْلِهِ (إمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ) غَيْرُ الْمُفَوَّضِ إذْ الْمُفَوَّضُ يَقُومُ مَقَامَ الْغَائِبِ وَشَمِلَ كَلَامُهُ جَوَابَيْنِ الْأَوَّلُ: غَابَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَوَكَّلَ إنْسَانًا فِي مُقَاسَمَةِ شَرِيكِهِ الْحَاضِرِ فَبَاعَ الْحَاضِرُ فَقَاسَمَ الْوَكِيلُ الْمُشْتَرِيَ وَلَمْ يَأْخُذْ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَتِهِ، الثَّانِي غَابَ الشَّفِيعُ وَلَهُ وَكِيلٌ حَاضِرٌ عَلَى أَمْوَالِهِ لَا فِي خُصُوصِ الشِّقْصِ فَبَاعَ شَرِيكُ الْغَائِبِ فَلَمْ يَرَ الْوَكِيلُ الْغَيْرُ الْمُفَوَّضِ الْأَخْذَ لِلْغَائِبِ بِالشُّفْعَةِ فَقَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ فَهَدَمَ وَبَنَى، وَأَشَارَ لِلْجَوَابِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) قَاسَمَ (قَاضٍ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْغَائِبِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
اُتُّفِقَ عَلَى الْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَعَدَمَ الْجَوَازِ، بَلْ يَتَحَتَّمُ الْإِمْضَاءُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَيْعٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى دَارًا مُكْتَرَاةً فَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهَا، وَالْأُجْرَةُ لِبَائِعِهَا وَلَا يَقْبِضُهَا الْمُشْتَرِي إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْكِرَاءِ لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي مِنْ أَمَدِ الْكِرَاءِ لَا يَزِيدُ عَلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَجُوزُ تَأْخِيرُهَا إلَيْهِ ابْتِدَاءً، وَهُوَ سَنَةٌ فَإِنْ زَادَ كَانَ لَهُ فَسْخُ الْكِرَاءِ، وَأَخْذُهَا، كَذَا قَالَ عبق، قَالَ بْن وَالتَّقْيِيدُ بِهَذَا أَحَدُ الطَّرِيقَتَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَتَحَتَّمُ إمْضَاؤُهُ وَلَوْ طَالَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمَدِ الْكِرَاءِ كَعَشَرَةِ أَعْوَامٍ وَعَلَيْهِ اُقْتُصِرَ فِي المج (قَوْلُهُ وَالْأُجْرَةُ وَلَوْ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لِلْمُشْتَرِي) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي الْمَبْنِيِّ عَلَى أَنَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ بَيْعٌ (قَوْلُهُ فَالْأُجْرَةُ بَعْدَهَا لِلشَّفِيعِ) أَيْ.
وَأَمَّا أُجْرَةُ الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي قَطْعًا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ (قَوْلُهُ، بَلْ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ بِأَنْ نَزَلَ عَلَيْهِ مَطَرٌ فَهَدَمَ شَيْئًا مِنْهُ، أَوْ سَقَطَ شَيْءٌ مِنْهُ بِزَلْزَلَةٍ (قَوْلُهُ كَهَدْمٍ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ بِأَنْ هَدَمَ لِيَبْنِيَ، أَوْ لِأَجْلِ تَوْسِعَةٍ فَإِنْ شَاءَ الشَّفِيعُ أَخَذَهُ مَهْدُومًا بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَهُ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ فَإِنْ هَدَمَ لَا لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ، بَلْ عَبَثًا وَقَوْلُهُ ضَمِنَ أَيْ فَيُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَتْهُ قِيمَةُ الشِّقْصِ بِالْهَدْمِ عَنْ قِيمَتِهِ سَلِيمًا سَوَاءٌ هَدَمَهُ عَالِمًا أَنَّ لَهُ شَفِيعًا أَمْ لَا، وَلَا يُقَالُ كَيْفَ يَضْمَنُ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَتَصَرَّفْ إلَّا فِي مِلْكِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا أَخَذَ الشَّفِيعُ بِشُفْعَتِهِ عَلِمَ بِأَخَرَةِ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَيْسَ مِلْكَهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ هَدَمَ) أَيْ الْمُشْتَرِي لِمَصْلَحَةٍ وَقَوْلُهُ وَبَنَى أَيْ بِغَيْرِ أَنْقَاضِهِ وَقَوْلُهُ فَلَهُ أَيْ لِلْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ أَيْ قِيمَةُ الْبِنَاءِ بِمَعْنَى الْأَنْقَاضِ وَقَوْلُهُ قَائِمًا أَيْ مَبْنِيَّةً أَيْ فَلَهُ قِيمَةُ الْأَنْقَاضِ مَبْنِيَّةً زِيَادَةً عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الشِّرَاءُ (قَوْلُهُ، أَوْ تَصَرَّفَ فِيهِ بِوَجْهٍ) أَيْ كَأَنْ أَهْلَكَهُ، أَوْ وَهَبَهُ (قَوْلُهُ سَقَطَ عَنْ الشَّفِيعِ إلَخْ) أَيْ فَيَغْرَمُ قِيمَةَ الْبِنَاءِ قَائِمًا مَعَ مَا قَابَلَ قِيمَةَ الْأَرْضِ مِنْ الثَّمَنِ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا قَابَلَ قِيمَةَ النَّقْضِ مِنْ الثَّمَنِ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْعَرْصَةِ بِلَا بِنَاءٍ وَمَا قِيمَةُ النَّقْضِ مَهْدُومًا وَيُفَضُّ الثَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَيْهِمَا فَمَا قَابَلَ الْعَرْصَةَ مِنْ ذَلِكَ دَفَعَهُ الشَّفِيعُ لِلْمُشْتَرِي زِيَادَةً عَلَى قِيمَةِ الْبِنَاءِ قَائِمًا وَمَا قَابَلَ النَّقْضَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ وَتُعْتَبَرُ قِيمَةُ النَّقْضِ يَوْمَ الشِّرَاءِ كَمَا فِي بْن عَنْ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ تَبَعًا لِلْأَشْيَاخِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ تِلْكَ الْأَجْوِبَةَ لَيْسَتْ لِابْنِ الْمَوَّازِ الْمَسْئُولِ، بَلْ لِبَعْضِ تَلَامِذَتِهِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْأَشْيَاخِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ جَوَابًا سَادِسًا، وَهُوَ أَنَّهُ يُمْكِنُ عَدَمُ عِلْمِ كُلٍّ مِنْ الْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ بِالْآخَرِ بِأَنْ يَظُنَّ الْمُشْتَرِي أَنَّ بَائِعَهُ يَمْلِكُ جَمِيعَ الدَّارِ وَلَمْ يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْهَدْمِ إلَّا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَلَا تَعَدِّيَ حِينَئِذٍ فَقَوْلُ السَّائِلِ، وَإِلَّا يَعْلَمْ الشَّفِيعُ بِالْبِنَاءِ، وَالْهَدْمِ فَالْمُشْتَرِي مُتَعَدٍّ فَلَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ، أَوْ رَدَّهُ بَعْضُهُمْ) ذَلِكَ الْبَعْضُ مِنْ الْمِصْرِيِّينَ أُورِدَ هَذَا السُّؤَالُ عَلَى ابْنِ الْمَوَّازِ حِينَ كَانَ يَقْرَأُ فِي جَامِعِ عَمْرٍو (قَوْلُهُ، وَإِمَّا لِغَيْبَةٍ إلَخْ) أَيْ فَلِلْمُشْتَرِي قِيمَةُ بِنَائِهِ قَائِمًا إمَّا لِأَجْلِ غَيْبَةِ شَفِيعِهِ أَيْ شَفِيعِ الْمُشْتَرِي أَيْ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْخُذُ مِنْهُ فَالْإِضَافَةُ لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ) وَكِيلُهُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ قَاسَمَ، وَالضَّمِيرُ لِلشَّفِيعِ، وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ الْمُشْتَرِيَ (قَوْلُهُ فَإِذَا قَدِمَ الْغَائِبُ) أَيْ بَعْدَ أَنْ هَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى بِغَيْرِ أَنْقَاضِهِ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِشُفْعَتِهِ) أَيْ وَيَدْفَعُ قِيمَةَ بِنَاءِ الْمُشْتَرِي قَائِمًا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (قَوْلُهُ عَلَى أَمْوَالِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِوَكِيلٍ أَيْ وَلَهُ وَكِيلٌ وَكَّلَهُ عَلَى أَمْوَالِهِ أَيْ عَلَى النَّظَرِ لَهَا وَالتَّصَرُّفِ فِيهَا (قَوْلُهُ فَهَدَمَ وَبَنَى) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَدْفَعُ
وَكَانَ لَا يَرَى أَنَّ الْقِسْمَةَ تُسْقِطُ شُفْعَةَ الْغَائِبِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ الْغَائِبَ تَثْبُتُ لَهُ شُفْعَةٌ، وَإِنَّمَا قَاسَمَ الْمُشْتَرِيَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ شَرِيكُ الْغَائِبِ فَظَنَّ الْمُشْتَرِي نَفَاذَهَا فَهَدَمَ وَبَنَى وَلِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ أَسْقَطَ) الشَّفِيعُ (لِكَذِبٍ) مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي (فِي الثَّمَنِ) وَكَذَا فِي الْمُشْتَرَى بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ وَلِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) اشْتَرَى الدَّارَ كُلَّهَا، ثُمَّ (اُسْتُحِقَّ) مِنْهُ (نِصْفُهَا) بَعْدَ أَنْ هَدَمَ وَبَنَى، وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ (وَحُطَّ) عَنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ (مَا حُطَّ) عَنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ (لِعَيْبٍ) ظَهَرَ فِي الشِّقْصِ (أَوْ لِهِبَةٍ) مِنْ الْبَائِعِ (إنْ حُطَّ) الْمَوْهُوبُ (عَادَةً، أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَطِّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ فَالثَّمَنُ بِالرَّفْعِ فَاعِلُ أَشْبَهَ وَيَجُوزُ نَصْبُهُ وَفَاعِلُ أَشْبَهَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْبَاقِي الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ، وَأَعَادَ اللَّامَ فِي لِهِبَةٍ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ لِمَا بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَ الْمَوْهُوبُ مِمَّا لَا يُحَطُّ مِثْلُهُ عَادَةً، أَوْ لَمْ يُشْبِهْ الْبَاقِيَ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الشَّفِيعِ شَيْءٌ.
(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ) الْمُعَيَّنُ مِنْ الْبَائِعِ أَيْ الَّذِي وَقَعَ الْبَيْعُ الْأَوَّلُ عَلَى عَيْنِهِ وَلَوْ مِثْلِيًّا (أَوْ رُدَّ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِعَيْبٍ) ظَهَرَ بِهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (رَجَعَ الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (بِقِيمَةِ شِقْصِهِ) لَا بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ الْمَرْدُودِ بِالْعَيْبِ (وَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ) الْمُعَيَّنُ (مِثْلِيًّا) كَطَعَامٍ وَحُلِيٍّ (إلَّا النَّقْدَ) الْمَسْكُوكَ (فَمِثْلُهُ) فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا لَا بِقِيمَةِ الشِّقْصِ (وَلَمْ يُنْتَقَضْ) الْبَيْعُ (مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي) ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الشُّفْعَةِ (وَإِنْ وَقَعَ) الِاسْتِحْقَاقُ، أَوْ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ (بَطَلَتْ) الشُّفْعَةُ أَيْ فَلَا شُفْعَةَ لَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ لَا يَرَى) أَيْ بِأَنْ كَانَ حَنَفِيًّا (قَوْلُهُ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَوْ عَلِمَ الْقَاضِي بِأَنَّ لِذَلِكَ الْغَائِبِ شُفْعَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَقْسِمَ عَلَيْهِ وَلَوْ قَسَمَ لَمْ يَتَقَرَّرُ لَهُ شُفْعَةٌ إذَا قَدِمَ (قَوْلُهُ نَفَاذَهَا) أَيْ الْقِسْمَةَ (قَوْلُهُ فَهَدَمَ وَبَنَى) أَيْ فَإِذَا قَدِمَ الشَّفِيعُ كَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ، أَوْ أَسْقَطَ الشَّفِيعُ لِكَذِبٍ) أَيْ فَهَدَمَ الْمُشْتَرِي وَبَنَى فَلَمَّا تَبَيَّنَ لِلشَّفِيعِ الْكَذِبُ، وَأَنَّ إسْقَاطَهُ لِشُفْعَتِهِ لِلْكَذِبِ لَا يُعْتَبَرُ أَرَادَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ فَلَهُ ذَلِكَ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي) أَيْ.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَسْقَطَ شُفْعَتَهُ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ إنَّ الْمُشْتَرِيَ هَدَمَ وَبَنَى فَإِنَّ الشَّفِيعَ إذَا عَلِمَ بِكَذِبِهِ، وَأَرَادَ الشَّفِيعُ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ مَنْقُوضًا (قَوْلُهُ النِّصْفَ الثَّانِيَ) أَيْ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ قِيمَةَ بِنَائِهِ قَائِمًا (قَوْلُهُ لِعَيْبٍ) أَيْ لِأَجْلِ عَيْبٍ اطَّلَعَ عَلَيْهِ الْمُشْتَرِي فِي الشِّقْصِ فَإِذَا اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ اضْطَلَعَ فِيهِ عَلَى عَيْبٍ فَحَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ لِأَجْلِهِ عَشَرَةً فَإِنَّهَا تُحَطُّ عَنْ الشَّفِيعِ وَيَدْفَعُ لِلْمُشْتَرِي تِسْعِينَ فَقَطْ (قَوْلُهُ، أَوْ لِهِبَةٍ مِنْ الْبَائِعِ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِحَطِيطَةِ ذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ الثَّمَنِ بَيْنَ النَّاسِ كَأَنْ تَجْرِي الْعَادَةُ أَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا بِمِائَةٍ يَهَبُ لِلْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ عَشَرَةً أَيْ يَحُطُّهَا عَنْهُ (قَوْلُهُ، أَوْ أَشْبَهَ إلَخْ) أَيْ، أَوْ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالْحَطِّ لَكِنْ أَشْبَهَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْحَطِّ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ كَمَا لَوْ اشْتَرَى الشِّقْصَ بِمِائَةٍ، ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ الْبَائِعُ عَشَرَةً وَلَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِحَطِّهَا لَكِنَّ الْبَاقِيَ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ فَإِنَّهُ يُحَطُّ ذَلِكَ عَنْ الشَّفِيعِ.
(قَوْلُهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الثَّمَنُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ إذَا بَاعَ الشِّقْصَ لِأَجْنَبِيٍّ بِثَمَنٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ أَخَذَهُ الشَّفِيعُ مِنْ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيِّ بِالشُّفْعَةِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ ذَلِكَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا مِنْ الْبَائِعِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْهُ بِقِيمَةِ الشِّقْصِ، كَانَ الثَّمَنُ الْمُعَيَّنُ مُقَوَّمًا، أَوْ مِثْلِيًّا إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقْدًا مَسْكُوكًا، وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ، هَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ مُعَيَّنًا.
وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاسْتُحِقَّ بَعْدَ الشُّفْعَةِ لَرَجَعَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ عَلَى مَنْ اشْتَرَى مِنْهُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا.
(قَوْلُهُ وَلَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ) أَيْ فِي حَالِ اسْتِحْقَاقِ الثَّمَنِ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، أَوْ رَدِّهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِعَيْبٍ (قَوْلُهُ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ وَالْمُشْتَرِي) أَيْ، وَإِنْ كَانَ قَدْ انْتَقَضَ مَا بَيْنَ الْبَائِعِ، وَالْمُشْتَرِي، إذْ لَوْ كَانَ لَمْ يُنْتَقَضْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا لَرَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ الْمُسْتَحَقِّ، أَوْ الْمَرْدُودِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَبِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ عَدَمُ الِانْتِقَاضِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي وَالشَّفِيعِ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الشِّقْصِ الَّتِي يَرْجِعُ بِهَا الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي تَزِيدُ عَلَى قِيمَةِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ الشَّفِيعُ زِيَادَةً كَثِيرَةً، أَوْ نَقَصَ عَنْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ طَرَأَ.
وَقِيلَ إنَّهُ يُنْتَقَضُ مَا بَيْنَهُمَا وَحِينَئِذٍ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الشَّفِيعِ بِمِثْلِ مَا دَفَعَهُ فِي قِيمَةِ الشِّقْصِ وَيَرْجِعُ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ وَيَتَقَاصَّانِ (قَوْلُهُ، بَلْ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي مَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّفِيعِ) أَيْ بِتَمَامِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ عبق وخش وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ الْعَيْبِ لِأَنَّهُ دَفَعَ لَهُ ثَمَنًا سَلِيمًا، وَهُوَ قَدْ دَفَعَ لِبَائِعِهِ ثَمَنًا مَعِيبًا فَغَيْرُ صَوَابٍ كَمَا قَالَ بْن؛ لِأَنَّ شِرَاءَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمَعِيبِ لَمْ يَمْضِ بَلْ رُدَّ لَهُ وَأُعْطِيَ قِيمَةُ الشِّقْصِ فَكَيْفَ يُتَصَوَّرُ رُجُوعٌ مِنْ الشَّفِيعِ؟ نَعَمْ يَظْهَرُ مَا قَالَاهُ إذَا رَضِيَ الْبَائِعُ بِعَيْبِ الثَّمَنِ وَلَمْ يَرُدَّهُ لِلْمُشْتَرِي تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ كَمَا هُوَ الْقَاعِدَةُ فِي الشُّفْعَةِ) أَيْ مِنْ دَفْعِ الشَّفِيعِ مِثْلَ الثَّمَنِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَقِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا (قَوْلُهُ وَإِنْ وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ) أَيْ لِلثَّمَنِ الْمُعَيَّنِ، أَوْ الرَّدِّ بِالْعَيْبِ قَبْلَهَا بَطَلَتْ مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الثَّمَنِ، أَوْ رَدَّهُ بِعَيْبٍ قَبْلَهَا
إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ نَقْدًا فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَمْ تَبْطُلْ بِاسْتِحْقَاقِهِ وَلَا رَدِّهِ بِالْعَيْبِ فَحُذِفَ إلَّا النَّقْدُ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الشَّفِيعُ، وَالْمُشْتَرِي (فِي) قَدْرِ (الثَّمَنِ) الْمَدْفُوعِ لِلْبَائِعِ (فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ) أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ أَشْبَهَ الشَّفِيعَ أَمْ لَا، وَإِنَّمَا يَحْلِفُ إذَا كَانَ مُتَّهَمًا، أَوْ حَقَّقَ عَلَيْهِ الشَّفِيعُ الدَّعْوَى كَأَنْ يَقُولَ كُنْتُ حَاضِرًا مَجْلِسَ الْعَقْدِ وَوَقَعَ الثَّمَنُ بِكَذَا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ وَشُبِّهَ فِي أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي قَوْلُهُ (كَكَبِيرٍ) أَمِيرٍ، أَوْ قَاضٍ (يَرْغَبُ فِي مُجَاوِرِهِ) أَيْ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي الْعَقَارِ الْمُجَاوِرِ لِدَارِهِ لِيَسْتَظِلُّوا بِظِلِّهِ وَيَدْخُلُوا فِي حِمَاهُ فَإِنَّ شَأْنَ الْبُيُوتِ الْمُجَاوِرَةِ لَهُ غُلُوُّ الثَّمَنِ فَإِذَا اشْتَرَى الْكَبِيرُ شِقْصًا بِجِوَارِهِ فَأُخِذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَادَّعَى ثَمَنًا غَالِيًا فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّ شَأْنَ جِوَارِهِ الْغُلُوُّ وَشَأْنَهُ هُوَ الدَّفْعُ الْكَثِيرُ إذَا أَتَى بِمَا يُشْبِهُ أَنْ يَزِيدَهُ بِجِوَارِهِ وَقِيلَ بِيَمِينٍ كَغَيْرِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ جُعِلَ تَشْبِيهًا، أَوْ تَمْثِيلًا، وَهُوَ الْأَرْجَحُ (وَإِلَّا) يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ (فَ) الْقَوْلُ (لِلشَّفِيعِ) إنْ أَشْبَهَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِنْ لَمْ يُشَبِّهَا حَلَفَا وَرُدَّ إلَى) الْقِيمَةِ (الْوَسَطِ) وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ.
(وَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (مُشْتَرٍ) فِيمَا إذَا تَنَازَعَ مَعَ الْبَائِعِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي بِعَشَرَةٍ وَقَالَ الْبَائِعٌ بِعْتُكَ إيَّاهُ بِعِشْرِينَ وَقُلْنَا بِتَوَجُّهِ الْيَمِينِ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ الْغَارِمُ فَنَكَلَ وَحَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى دَعْوَاهُ، وَأَخَذَ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الْعِشْرُونَ فِي الْمِثَالِ فَقَامَ الشَّفِيعُ عَلَى الْمُشْتَرِي لِيَأْخُذَ الشِّقْصَ بِالشُّفْعَةِ (فَفِي الْأَخْذِ بِمَا ادَّعَى) الْمُشْتَرِي، وَهُوَ الْعَشَرَةُ فِي الْمِثَالِ؛ لِأَنَّ دَعْوَاهُ تَتَضَمَّنُ أَنَّ الْبَائِعَ ظَلَمَهُ فِي الْعَشَرَةِ الثَّانِيَةِ (أَوْ) بِمَا (أَدَّى) لِلْبَائِعِ، وَهُوَ عِشْرُونَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ إنَّمَا مَلَكْتُ الشِّقْصَ بِهَا فَلَمْ يَتِمَّ لِي الشِّرَاءُ إلَّا بِهَا (قَوْلَانِ) فَهَذَا الْفَرْعُ مُسْتَقِلٌّ لَا تَعَلُّقَ لَهُ بِمَا قَبْلَهُ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَفِي الْأَخْذِ إلَخْ.
(وَإِنْ ابْتَاعَ) شَخْصٌ (أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُخَالِفُ رَدَّ الشِّقْصِ بِعَيْبٍ قَبْلَهَا فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلَانِ بِالْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءُ بَيْعٍ وَعَدَمُ الشُّفْعَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِهِ نَقْضُ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَ الثَّمَنُ) أَيْ الْمُسْتَحَقُّ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَ نَقْدًا لَمْ تَبْطُلْ إلَخْ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمِثْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ لَا يَتَعَيَّنُ أَيْ لَا يُرَادُ لِعَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ فِيمَا يُشْبِهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ ثَمَنًا لِلشِّقْصِ عِنْدَ النَّاسِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ، وَإِلَّا يُحَقِّقُ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي مُتَّهَمًا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ ذَلِكَ الْمُشْتَرِي بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ حَقَّقَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى أَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ مُتَّهَمًا فِيمَا ادَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ جِوَارِهِ الْغُلُوُّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِكَوْنِ الْقَوْلِ قَوْلَهُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ إذَا أَتَى إلَخْ) شَرْطٌ فِي قَبُولِ قَوْلِ ذَلِكَ الْكَبِيرِ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ بِجِوَارِهِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِيَمِينٍ) أَيْ إذَا حَقَّقَ الشَّفِيعُ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، أَوْ كَانَ مُتَّهَمًا، وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ جُعِلَ تَشْبِيهًا) أَيْ، وَأَنَّ الْمَعْنَى كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي جِوَارِهِ اشْتَرَى شِقْصًا بِجِوَارِ دَارِهِ لِتَوْسِعَتِهَا بِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الشَّفِيعُ لِيَأْخُذَ مِنْهُ بِالشُّفْعَةِ فَتَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ، أَوْ تَمْثِيلًا) أَيْ لِدَعْوَى الشَّبَهِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ فَالْمَعْنَى كَمُشْتَرٍ لِشِقْصٍ مُجَاوِرٍ لِكَبِيرٍ يَرْغَبُ النَّاسُ فِي مُجَاوَرَتِهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يَأْتِ الْمُشْتَرِي بِمَا يُشْبِهُ) أَيْ، أَوْ أَتَى بِمَا يُشْبِهُ وَلَكِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلشَّفِيعِ) أَيْ بِيَمِينٍ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِمَا قَالَهُ الْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ إلَى الْوَسَطِ) أَيْ وَهِيَ قِيمَةُ الشِّقْصِ يَوْمَ الْبَيْعِ قَالَ عبق مَا لَمْ تَزِدْ قِيمَتُهُ عَلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي مَا لَمْ تُنْقَصْ عَلَى دَعْوَى الشَّفِيعِ، كَذَا يَنْبَغِي وَمِثْلُهُ، فِي خش، وَالصَّوَابُ حَذْفُ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يُشَبِّهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَلَوْ زَادَتْ الْقِيمَةُ عَلَى دَعْوَى الْمُشْتَرِي لَكَانَ الْمُشْتَرِي مُشَبِّهًا وَيَأْخُذُ بِمَا ادَّعَى مَعَ أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ لَمْ يُشَبِّهْ، بَلْ زَادَ جِدًّا وَكَذَا إنْ نَقَصَتْ الْقِيمَةُ فِي دَعْوَى الشَّفِيعِ كَانَ الشَّفِيعُ مُشَبِّهًا نَعَمْ مَا قَالَاهُ يَظْهَرُ فِيمَا إذَا أَشْبَهَا وَنَكَلَا فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مِنْ حُجَّةِ الْمُشْتَرِي أَنْ يَقُولَ أَنَا، وَإِنْ اشْتَرَيْتُهُ بِعَشَرَةٍ لَكِنَّ الشِّقْصَ إنَّمَا خَلَصَ لِي بِالْعَشَرَةِ الْأُخْرَى فَصِرْتُ كَأَنِّي ابْتَدَأْتُ الشِّرَاءَ بِالْعِشْرِينِ (قَوْلُهُ فَهَذَا الْفَرْعُ) أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ (قَوْلُهُ وَقَعَ التَّنَازُعُ فِيهِ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالْبَائِعِ) أَيْ وَمَا تَقَدَّمَ قَدْ وَقَعَ فِيهِ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْمُشْتَرِي، وَالشَّفِيعِ لَا يُقَالُ إنَّ الْبَائِعَ، وَالْمُشْتَرِيَ إذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فَإِنَّهُمَا يَتَفَاسَخَانِ بَعْدَ حَلِفِهِمَا، وَهُنَا لَمْ يَتَفَاسَخَا.
قُلْتُ هُنَا لَمْ يَتَفَاسَخَا لِنُكُولِ الْمُشْتَرِي وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ يُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَفِي الْأَخْذِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّ هَذَا لَا يُتَصَوَّرُ فِي التَّنَازُعِ بَيْنَ الشَّفِيعِ، وَالْمُشْتَرِي لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا تَنَازَعَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا يُشْبِهْ، أَوْ يَحْلِفُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الشَّفِيعِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ فَإِنْ لَمْ يُشْبِهَا فَقِيمَةُ الشِّقْصِ يَوْمَ الْبَيْعِ.
(قَوْلُهُ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ) لَا مَفْهُومَ لِلزَّرْعِ، بَلْ مِثْلُهُ الْبَذْرُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الزَّرْعِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ مِنْ عَدَمِ الشُّفْعَةِ فِيهِ فَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا مَبْذُورَةً، ثُمَّ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْأَرْضِ فَقَطْ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الْآخَرَ مِنْهَا بِالشُّفْعَةِ بِمَا يَنْوِيهِ مِنْ الثَّمَنِ
(فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا) مِنْهُ (فَقَطْ) دُونَ الزَّرْعِ (وَاسْتَشْفَعَ) الْمُسْتَحِقُّ أَيْ أَخَذَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ (بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ) ، وَهُوَ الْكَائِنُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ (لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ) وَيَرْجِعُ لِلْبَائِعِ وَبَطَلَ أَيْضًا الْبَيْعُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِبَيَانِ أَنَّ الْبَائِعَ لَا يَمْلِكُهُ وَسَكَتَ عَنْهُ لِوُضُوحِهِ وَبَقِيَ نِصْفُ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُبْتَاعِ عَلَى الرَّاجِحِ.
وَقِيلَ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَيْضًا فَيَكُونُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ كَمَا أَنَّ الْأَرْضَ كُلَّهَا تَصِيرُ لِمُسْتَحِقِّ النِّصْفِ لَكِنَّ الْبُطْلَانَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاسْتِشْفَاعِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ الْمُصَنِّفُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ صَرَّحَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ إذَا اسْتَشْفَعَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي الزَّرْعِ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فَبَيَّنَ بِهِ أَنَّهُ يَبْطُلُ فِي النِّصْفِ خَاصَّةً كَمَا حُمِلَتْ عَلَيْهِ الْمُدَوَّنَةُ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، وَإِنْ اسْتَشْفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ كَانَ، أَوْلَى، وَشُبِّهَ فِي الْبُطْلَانِ قَوْلُهُ (كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيُتَوَصَّلَ لَهُ) أَيْ لِمَا اشْتَرَاهُ (مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ فَالْأَوْلَى مِنْ جِنَانِهِ أَيْ الْمُشْتَرِي.
(ثُمَّ اُسْتُحِقَّ جِنَانُ الْبَائِعِ) صَوَابُهُ الْمُشْتَرِي كَمَا فِي نُسْخَةٍ فَإِنَّ الْبَيْعَ يَبْطُلُ فِي الْقِطْعَةِ الْمُشْتَرَاةِ لِبَقَائِهَا بِلَا مَمَرٍّ يُتَوَصَّلُ لَهَا مِنْهُ وَلَوْ قَالَ لِيَصِلَ لَهَا مِنْ جِنَانِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَأَبْيَنَ، ثُمَّ تَمَّمَ مَسْأَلَةَ الْأَرْضِ الْمَبِيعَةِ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ بِقَوْلِهِ (وَرَدَّ الْبَائِعُ) عَلَى الْمُشْتَرِي (نِصْفَ الثَّمَنِ) ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهَا فَبَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَفِي نِصْفِ زَرْعِهَا (وَلَهُ) أَيْ لِلْبَائِعِ (نِصْفُ الزَّرْعِ) الَّذِي بِغَيْرِ أَرْضٍ (وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ) الْمُسْتَحِقُّ (أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ تَخْيِيرِ الْمُشْتَرِي (بَيْنَ أَنْ يُشَفَّعَ) أَيْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الْآخَرَ بِالشُّفْعَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِدُونِ بَذْرٍ.
وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ أَعْنِي الْقَوْلَ بِالشُّفْعَةِ فِي الزَّرْعِ، وَالْبَذْرِ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَيَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ مَبْذُورًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ، وَمَفْهُومُ الْأَخْضَرِ أَنَّهُ لَوْ ابْتَاعَ أَرْضًا بِزَرْعِهَا الْيَابِسِ فَاسْتَحَقَّ نِصْفَهَا، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ كَانَ الْبَيْعُ صَحِيحًا فِي الزَّرْعِ لِصِحَّةِ بَيْعِ الزَّرْعِ اسْتِقْلَالًا بَعْدَ يُبْسِهِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الِاسْتِحْقَاقُ حَتَّى يَبِسَ مَا ابْتَاعَهُ أَخْضَرَ مَعَ الْأَرْضِ (قَوْلُهُ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا) مَفْهُومُ نِصْفِهَا أَنَّهُ لَوْ اُسْتُحِقَّ جُلُّهَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ رَدُّ الْبَاقِي لِبَائِعِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِلْمُسْتَحِقِّ أَخْذُ ذَلِكَ الْبَاقِي فَالشُّفْعَةُ قَالَهُ عبق وَرَدَّهُ بْن بِأَنَّ حُرْمَةَ التَّمَسُّكِ بِالْأَقَلِّ إنَّمَا هُوَ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمُعَيَّنِ لَا الشَّائِعِ كَمَا هُنَا، إذْ فِيهِ يُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي كَمَا مَرَّ فِي الْخِيَارِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ هُنَا بَيْنَ اسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ وَالْأَكْثَرِ، فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا (قَوْلُهُ فِي النِّصْفِ) أَيْ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَيْعَ بَطَلَ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ وَفِي الزَّرْعِ الَّذِي فِيهِ (قَوْلُهُ لِبَقَائِهِ بِلَا أَرْضٍ) أَيْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الزَّرْعَ الْأَخْضَرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ مُنْفَرِدًا عَنْ الْأَرْضِ عَلَى التَّبْقِيَةِ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ) أَيْ نِصْفُ الزَّرْعِ الَّذِي بَطَلَ بَيْعُهُ لِبَائِعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ لِبَقَاءِ زَرْعِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ نِصْفُ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ لِلْمُبْتَاعِ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرَدُّ لِلْبَائِعِ، بَلْ يَبْقَى لِلْمُشْتَرِي عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا يَلْزَمُهُ كِرَاءُ نِصْفِ الْأَرْضِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ الَّذِي فِيهِ زَرْعُهُ؛ لِأَنَّهُ كَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَيْضًا) أَيْ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَإِنْ اقْتَضَاهُ تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ فَيَكُونُ الزَّرْعُ كُلُّهُ لِلْبَائِعِ) أَيْ فَعَلَيْهِ لِلْمُسْتَحِقِّ كِرَاءُ النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ مَا أُخِذَ بِالشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ لَا كِرَاءَ لَهُ، وَمَحَلُّ لُزُومِ كِرَاءِ النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالِاسْتِحْقَاقِ إذَا كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي إبَّانِ الزِّرَاعَةِ، وَإِلَّا فَلَا كِرَاءَ لَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْبُطْلَانَ) أَيْ بُطْلَانَ الْبَيْعِ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ الْكَائِنِ فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِالِاسْتِشْفَاعِ) أَيْ، بَلْ الْبَيْعُ فِيهِ بَاطِلٌ سَوَاءٌ أَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ خِلَافًا إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَاسْتَشْفَعَ بَطَلَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْبُطْلَانَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا اسْتَشْفَعَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ.
، ثُمَّ إنَّ هَذَا إنَّمَا يُرَدُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاسْتَشْفَعَ أَيْ أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ بِالْفِعْلِ أَمَّا إنْ قُلْنَا إنَّ مَعْنَاهُ وَاسْتَحَقَّ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ أَخَذَ بِهَا بِالْفِعْلِ أَوَّلًا فَلَا يَرِدُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ أَصْلًا (قَوْلُهُ كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالْإِضَافَةِ وَبِالتَّنْوِينِ وَقَوْلُهُ مِنْ جِنَانٍ أَيْ مِنْ جِنَانِ شَخْصٍ آخَرَ (قَوْلُهُ فَالْأَوْلَى مِنْ جِنَانِهِ) أَيْ مِنْ جِنَانِ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ صَوَابُهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ؛ لِأَنَّ جِنَانَ الْبَائِعِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ فَالْبُطْلَان لِذَاتِهِ لَا لِعَدَمِ الْمَمَرِّ الْمُوَصِّلِ لِمَا اُشْتُرِيَ (قَوْلُهُ وَرَدَّ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ نِصْفُ الْأَرْضِ بَطَلَ الْبَيْعُ فِيهِ وَفِي زَرْعِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ الْبَائِعَ أَنْ يَرُدَّ لِلْمُشْتَرِي نِصْفَ الثَّمَنِ وَخُيِّرَ الْمُسْتَحِقُّ أَوَّلًا إمَّا أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ الثَّانِيَ بِالشُّفْعَةِ، أَوْ لَا، فَإِنْ أَخَذَهُ بِالشُّفْعَةِ كَانَتْ الْأَرْضُ كُلُّهَا لَهُ وَكَانَ الزَّرْعُ الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ لِلْبَائِعِ فَيَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْأَرْضِ الَّتِي هُوَ فِيهَا وَالزَّرْعُ الَّذِي فِي النِّصْفِ الْمَأْخُوذِ بِالشُّفْعَةِ قِيلَ إنَّهُ لِلْمُشْتَرِي بِمَا يَخُصُّهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَدُّ لِلْبَائِعِ أَيْضًا وَعَلَى كُلٍّ لَا يَلْزَمُ أُجْرَةُ أَرْضِهِ لِلْمُسْتَحِقِّ، وَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالشُّفْعَةِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ، وَالزَّرْعِ لِلْبَائِعِ وَأَخْذِ بَقِيَّةِ ثَمَنِهِ.
وَأَمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِنِصْفِ الْأَرْضِ وَزَرْعِهَا فَلَا يَأْخُذُ بِقِيمَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ وَلَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِمَا عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ بَطَلَ الْبَيْعُ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ كَانَ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ الَّذِي بِغَيْرِ أَرْضٍ) أَيْ الَّذِي فِي نِصْفِ الْأَرْضِ الْمُسْتَحَقِّ (قَوْلُهُ وَخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلًا) .