المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى.   (وَلَا ضَمَانَ عَلَى) مُلْتَقِطٍ (دَافِعٍ) لَهَا - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٤

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ

- ‌[أَرْكَان الْإِجَارَة]

- ‌[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا]

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ

- ‌(بَابٌ) (الْهِبَةُ)

- ‌[بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

- ‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]

- ‌(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]

- ‌(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)

- ‌[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

- ‌[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]

- ‌[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ)

- ‌(بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)

- ‌ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ

- ‌(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمُنَاسَخَةِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

الفصل: وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى.   (وَلَا ضَمَانَ عَلَى) مُلْتَقِطٍ (دَافِعٍ) لَهَا

وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى.

(وَلَا ضَمَانَ عَلَى) مُلْتَقِطٍ (دَافِعٍ) لَهَا (بِوَصْفٍ) أَيْ بِسَبَبِ وَصْفِهَا وَصْفًا يَسْتَحِقُّهَا بِهِ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ دَفَعَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ (وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ) بِأَنَّهَا (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ مَنْ أَخَذَهَا وَيَبْقَى الْكَلَامُ بَيْنَ الْمُدَّعِي الثَّانِي وَالْآخِذِ لَهَا وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا مَرَّ.

(وَاسْتُؤْنِيَ بِالْوَاحِدَةِ) أَيْ يَجِبُ التَّرَبُّصُ وَعَدَمُ الدَّفْعِ لِمَنْ أَتَى بِصِفَةٍ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ الْعِفَاصِ، أَوْ الْوِكَاءِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ (إنْ جَهِلَ) مَنْ ذَكَرَ الصِّفَةَ الْوَاحِدَةَ (غَيْرَهَا) لَعَلَّ غَيْرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأَثْبَتَ مِمَّا وَصَفَهَا هُوَ بِهِ فَيَأْخُذَهَا فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ، أَوْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ أَصْلًا اسْتَحَقَّهَا الْأَوَّلُ (لَا) إنْ (غَلَطَ) بِأَنْ ذَكَرَ الْعِفَاصَ، أَوْ الْوِكَاءَ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ادَّعَى الْغَلَطَ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ أَصْلًا (عَلَى الْأَظْهَرِ) لِظُهُورِ كَذِبِهِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ فَإِنَّهُ مَعْذُورٌ بِقَوْلِهِ لَا أَدْرِي أَوْ نَسِيتُهُ.

(وَلَمْ يَضُرَّ) أَيْ لَا يَضُرُّ مَنْ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءِ، أَوْ أَحَدَهُمَا (جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ عَدَدِ الشَّيْءِ الْمُلْتَقَطِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَخَذَ شَيْئًا مِنْهَا وَلَا يَعْلَمُ قَدْرَ مَا بَقِيَ،.

ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الِالْتِقَاطِ بِقَوْلِهِ (وَوَجَبَ)(أَخْذُهُ) أَيْ الْمَالِ الْمَعْصُومِ الَّذِي عُرِّضَ لِلضَّيَاعِ (لِخَوْفِ خَائِنٍ) لَوْ تَرَكَهُ مَعَ عِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ لِوُجُوبِ حِفْظِ مَالِ الْغَيْرِ حِينَئِذٍ (لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ هُوَ فَيَحْرُمُ) أَخْذُهُ وَلَوْ خَافَ خَائِنًا (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَخَفْ خَائِنًا (كُرِهَ) وَلَوْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ كَأَنْ خَافَ الْخَائِنَ وَشَكَّ فِي أَمَانَتِهِ هُوَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَالَ شَيْخُنَا لَمْ يُؤَرِّخَا السُّقُوطَ وَهُوَ تَابِعٌ فِي ذَلِكَ لِمَا كَتَبَهُ شَيْخُهُ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ صَاحِبُ الْمُؤَرِّخَةِ دُونَ الْأُخْرَى) أَيْ إنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ إذَا أَرَّخَتْ إحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى فَإِنَّ اللُّقَطَةَ تَكُونُ لِصَاحِبِ الْمُؤَرِّخَةِ، هَذَا إذَا تَكَافَأَتَا فِي الْعَدَالَةِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، أَوْ كَانَتْ الْمُؤَرِّخَةُ أَعْدَلَ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ الَّتِي لَمْ تُؤَرِّخْ أَعْدَلَ؛ لِأَنَّ ذَاتَ التَّارِيخِ تُقَدَّمُ عَلَى الزَّائِدَةِ فِي الْعَدَالَةِ عِنْدَ التَّعَارُضِ، كَذَا قَرَّرَهُ عج.

(قَوْلُهُ: بِوَصْفٍ) أَيْ بِجِنْسِ وَصْفِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ وَالْمُتَعَدِّدِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُدَّعِي لَهَا بَعْدَ أَخْذِهَا وَصَفَهَا وَصْفًا تُؤْخَذُ بِهِ بَلْ وَإِنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِهَا. (قَوْلُهُ: وَيَجْرِي الْحُكْمُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ وَصْفِ الثَّانِي وَصْفَ أَوَّلٍ وَلَمْ يَبِنْ بِهَا، أَوْ بَانَ وَمِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا.

. (قَوْلُهُ: وَعَدَمُ الدَّفْعِ) أَيْ عَاجِلًا. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ غَيْرَهَا) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْهُ بِأَنْ قَالَ حِينَ السُّؤَالِ عَنْهُ لَا أَدْرِي مَا هُوَ، أَوْ قَالَ كُنْت أَعْلَمُهُ وَنَسِيتُهُ وَلَا يُعَارِضُ الِاسْتِينَاءَ مَا مَرَّ عَنْ أَصْبَغَ مِنْ دَفْعِهَا لِوَاصِفِ الْعِفَاصِ دُونَ مَنْ عَرَفَ الْوَزْنَ وَالْعَدَدَ؛ لِأَنَّ دَفْعَهَا لَهُ لَا يُنَافِي الِاسْتِينَاءَ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ الْأَوَّلُ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ كَانَ وَصْفُ الْأَوَّلِ أَكْثَرَ إثْبَاتًا هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَأَمَّا إذَا تَسَاوَيَا فِي الْإِثْبَاتِ فَإِنَّهَا تُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ غَلَطَ) أَيْ إنَّهُ إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَغَلِطَ فِي الْوِكَاءِ بِأَنْ قَالَ الْوِكَاءُ كَذَا فَإِذَا هُوَ بِخِلَافِ ذَلِكَ، أَوْ عَرَفَ الْوِكَاءَ وَغَلِطَ فِي الْعِفَاصِ فَلَا تُدْفَعُ لَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِخِلَافِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَغَلِطَ فِي الصِّفَةِ فَقَطْ كَأَنْ قَالَ بَنَادِقَةٌ فَإِذَا هِيَ مَحَابِيبُ، أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ قَالَ هِيَ يَزِيدِيَّةٌ فَإِذَا هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ، أَوْ الْعَكْسُ فَإِنَّهَا لَا تُدْفَعُ لَهُ اتِّفَاقًا كَمَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَضُرَّ جَهْلُهُ بِقَدْرِهِ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا يَضُرُّ غَلَطُهُ وَإِخْبَارُهُ بِزِيَادَةٍ لِاحْتِمَالِ الِاغْتِيَالِ عَلَيْهِ فِيهَا وَأَمَّا غَلَطُهُ وَإِخْبَارُهُ بِنَقْصٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ فَقِيلَ تُدْفَعُ لَهُ لِاحْتِمَالِ عُذْرِهِ بِسَهْوٍ مَثَلًا وَقِيلَ لَا تُدْفَعُ لَهُ لِبُعْدِ احْتِمَالِ أَنَّ أَحَدًا زَادَهَا وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِأَقَلَّ مِنْ عَدَدِهَا وَمِثْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي جَرَيَانِ الْقَوْلَيْنِ مَا إذَا عَرَفَ الْعِفَاصَ وَالْوِكَاءَ، أَوْ أَحَدَهُمَا وَلَكِنْ جَهِلَ صِفَةَ الدَّنَانِيرِ بِأَنْ قَالَ لَا أَدْرِي هَلْ هِيَ مَحَابِيبُ، أَوْ بَنَادِقَةٌ وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْرِفْ شَيْئًا مِنْ الْعَلَامَاتِ الدَّالَّةِ عَلَيْهَا إلَّا السِّكَّةَ بِأَنْ قَالَ هِيَ مُحَمَّدِيَّةٌ أَوْ يَزِيدِيَّةٌ وَلَمْ يَعْرِفْ عِفَاصَهَا وَلَا وِكَاءَهَا وَلَا وَزْنَهَا وَلَا عَدَدَهَا فَقِيلَ لَا تُعْطَى لَهُ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَقَالَ يَحْيَى تُعْطَى لَهُ إذَا عَرَفَ السِّكَّةَ وَعَرَفَ نَقْصَ الدَّنَانِيرِ إنْ كَانَ فِيهَا نَقْصٌ وَأَصَابَ فِي ذَلِكَ.

[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

(قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ) الْحَقُّ كَمَا قَالَ بْن أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيمَا بَعْدَهُ عَلَى تَقْيِيدِ هَذَا بِعِلْمِهِ أَمَانَةَ نَفْسِهِ بَلْ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ " لَا إنْ عَلِمَ خِيَانَتَهُ " إدْرَاجُ الشَّكِّ فِيمَا قَبْلَهُ وَإِدْرَاجُ الشَّكِّ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ مِنْ تَصَرُّفَاتِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وَلَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ، وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَخْذُ بِشَرْطَيْنِ: إنْ خَافَ الْخَائِنَ وَلَمْ يَعْلَمْ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِأَنْ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ أَوْ شَكَّ فِيهَا فَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ حَرُمَ الْأَخْذُ خَافَ الْخَائِنَ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ كُرِهَ عَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا فَالْوُجُوبُ فِي صُورَتَيْنِ وَكَذَلِكَ الْحُرْمَةُ وَكَذَلِكَ الْكَرَاهَةُ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ) أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا بَلْ وَلَوْ خَافَ خَائِنًا فَيَحْرُمُ أَخْذُهُ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ كَذَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَذْهَبِ وَتَبِعَهُمْ الشَّارِحُ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَائِلًا إنَّ حُرْمَةَ أَخْذِهِ إذَا عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ وَلَمْ يَخَفْ خَائِنًا ظَاهِرَةٌ وَأَمَّا إذَا خَافَ خَائِنًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَلَا تَكُونَ خِيَانَةُ نَفْسِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا عَنْهُ وُجُوبَ حِفْظِهَا مِنْ الْخَائِنِ وَاسْتَظْهَرَ بَحْثَهُ الْحَطَّابُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ وُجُوبُ الْأَخْذِ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ: مَا إذَا خَافَ الْخَائِنَ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا، أَوْ عَلِمَ خِيَانَتَهَا

ص: 119

(عَلَى الْأَحْسَنِ) فَالْوُجُوبُ فِي صُورَةٍ وَالْحُرْمَةُ فِي صُورَتَيْنِ وَالْكَرَاهَةُ فِي ثَلَاثَةٍ.

(وَ) وَجَبَ (تَعْرِيفُهُ) أَيْ الْمُلْتَقَطِ (سَنَةً) كَامِلَةً مِنْ يَوْمِ الِالْتِقَاطِ فَإِنْ أَخَّرَهُ سَنَةً، ثُمَّ عَرَّفَهُ فَهَلَكَ ضَمِنَ (وَلَوْ) كَانَ الْمُلْتَقَطُ (كَدَلْوٍ) وَدِينَارٍ وَدَرَاهِمَ كَصَرْفِهِ فَأَقَلَّ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّافِهِ لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا، وَإِنْ كَانَتْ فَوْقَ التَّافِهِ إلَّا أَنَّهَا دُونَ الْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ بَالٌ فَتُعَرَّفُ أَيَّامًا عِنْدَ الْأَكْثَرِ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا لَا سَنَةً (لَا تَافِهًا) أَيْ لَا إنْ كَانَ تَافِهًا لَا تَلْتَفِتُ إلَيْهِ النُّفُوسُ كُلَّ الِالْتِفَاتِ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ الشَّرْعِيِّ، أَوْ مَا لَا تَلْتَفِتُ النَّفْسُ إلَيْهِ وَتَسْمَحُ غَالِبًا بِتَرْكِهِ كَعَصًا وَسَوْطٍ وَشَيْءٍ مِنْ تَمْرٍ، أَوْ زَبِيبٍ فَلَا يُعَرَّفُ وَلَهُ أَكْلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ رَبَّهُ، وَإِلَّا مُنِعَ وَضَمِنَ.

(بِمَظَانِّ طَلَبِهَا)(بِكَبَابِ مَسْجِدٍ) لَا دَاخِلَهُ (فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ) مَرَّةً (بِنَفْسِهِ، أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ بِأَمَانَتِهِ (أَوْ بِأُجْرَةٍ مِنْهَا) أَيْ مِنْ اللُّقَطَةِ إنْ لَمْ (يُعَرِّفْ مِثْلُهُ) بِأَنْ كَانَ الْمُلْتَقِطُ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ، وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا لَوْ تَرَاخَى فِي التَّعْرِيفِ حَتَّى هَلَكَتْ.

(وَ) عَرَّفَهَا وُجُوبًا (بِالْبَلَدَيْنِ) مَعًا (إنْ وُجِدَتْ بَيْنَهُمَا) لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ مِنْ مَظَانِّ طَلَبِهَا.

(وَلَا يَذْكُرُ) الْمُعَرِّفُ وُجُوبًا (جِنْسَهَا)(عَلَى الْمُخْتَارِ) بَلْ يَذْكُرُهَا بِوَصْفٍ عَامٍّ كَمَالٍ، أَوْ شَيْءٍ، وَأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ النَّوْعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَالْحُرْمَةُ فِي صُورَةٍ هِيَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ الْخَائِنَ وَعَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ، وَالْكَرَاهَةُ فِي صُورَتَيْنِ وَهُمَا مَا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا وَشَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ أَوْ عَلِمَ أَمَانَتَهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَجْمُوعَ الصُّوَرِ سِتٌّ؛ لِأَنَّ مُرِيدَ الِالْتِقَاطِ إمَّا أَنْ يَعْلَمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ خِيَانَتَهَا، أَوْ شَكَّ فِيهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَخَافَ الْخَائِنَ لَوْ تَرَكَ الْأَخْذَ، أَوْ لَا وَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَهَا، ثُمَّ كُلٌّ مِنْ الْوُجُوبِ وَالْكَرَاهَةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْحَاكِمِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْهَا كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَحْسَنِ) فِيهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّ الْخِلَافَ وَالِاسْتِحْسَانَ فِي صُوَرِ الْكَرَاهَةِ كُلِّهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ أَنْ لَا يَخَافَ خَائِنًا وَيَعْلَمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِمَالِكٍ الِاسْتِحْبَابُ وَالْكَرَاهَةُ وَالِاسْتِحْبَابُ فِيمَا لَهُ بَالٌ وَالْكَرَاهَةُ فِي غَيْرِهِ وَاخْتَارَ التُّونُسِيُّ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْكَرَاهَةَ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَحْسَنِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَخَفْ خَائِنًا وَشَكَّ فِي أَمَانَةِ نَفْسِهِ فَيُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهُ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُلْتَقِطِ) هُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ إنْ جُعِلَتْ الْإِضَافَةُ فِي تَعْرِيفِهِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ وَجَبَ أَنْ يُعَرِّفَ الْمُلْتَقِطُ الشَّيْءَ الْمُلْتَقَطَ سَنَةً، أَوْ بِكَسْرِ الْقَافِ إنْ جُعِلَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ سَنَةً، ثُمَّ عَرَّفَهُ إلَخْ وَهَذِهِ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِالسَّنَةِ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ إذَا ضَاعَتْ حَالَ التَّعْرِيفِ إنَّمَا يَكُونُ إذَا أَخَّرَهُ سَنَةً وَأَمَّا إنْ أَخَّرَهُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ، ثُمَّ شَرَعَ فِيهِ فَضَاعَتْ فَلَا ضَمَانَ فَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَيَّدَ التَّأْخِيرُ بِالسَّنَةِ فِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَدَلْوٍ) دَخَلَ تَحْتَ الْكَافِ الْمِخْلَاةُ وَقَوْلُهُ: كَصَرْفِهِ أَيْ مُمَاثَلَةً لِصَرْفِ الدِّينَارِ فِي الْقَدْرِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ التَّافِهِ) أَيْ بَلْ هِيَ فَوْقَهُ. (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهَا) أَيْ الدَّلْوَ وَالدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ. (قَوْلُهُ: لَا سَنَةً) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَالَ الْمُلْتَقَطَ إمَّا تَافِهٌ، أَوْ فَوْقَ التَّافِهِ فَالْأَوَّلُ لَا يُعَرَّفُ أَصْلًا وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمَالَ الْمُلْتَقَطَ إمَّا تَافِهٌ وَهُوَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ وَإِمَّا كَثِيرٌ لَهُ بَالٌ وَهُوَ مَا فَوْقَ الدِّينَارِ وَإِمَّا فَوْقَ التَّافِهِ وَدُونَ الْكَثِيرِ الَّذِي لَهُ بَالٌ وَهُوَ الدِّينَارُ فَأَقَلُّ إلَى الدِّرْهَمِ فَالْأَوَّلُ لَا يُعَرَّفُ أَصْلًا وَالثَّانِي يُعَرَّفُ سَنَةً وَالثَّالِثُ يُعَرَّفُ أَيَّامًا حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّ صَاحِبَهُ تَرَكَهُ وَلِلْمُلْتَقِطِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بَعْدَ تِلْكَ الْأَيَّامِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا بَعْدَ سَنَةٍ، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَا تَافِهًا) بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ " كَدَلْوٍ "؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ لِ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ بَعْدَ لَوْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: كَعَصًا وَسَوْطٍ) أَيْ لَا كَبِيرَ قِيمَةٍ لَهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ أَكْلُهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ رَبُّهُ) أَيْ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: بِكَبَابِ مَسْجِدٍ) أَيْ وَسُوقٍ وَلَوْ دَاخِلَهُ. (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةٍ مَرَّةً إلَخْ) هَذَا فِي غَيْرِ أَوَّلِ زَمَانِ التَّعْرِيفِ أَمَّا فِي أَوَّلِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَفِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ يَوْمَيْنِ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَرَّةً، ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ مَرَّةً كَمَا ذَكَرَهُ شَارِحُ الْمُوَطَّإِ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِتَعْرِيفِهِ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِمَظَانِّ طَلَبِهَا كَذَلِكَ لِاخْتِلَافِ مَعْنَى الْجَارَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مِنْهُمَا بِمَعْنَى فِي وَالثَّانِيَ لِلْآلَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِمَنْ يَثِقُ بِهِ) أَيْ بِأَمَانَتِهِ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِهِ فِي الْأَمَانَةِ فَإِذَا ضَاعَتْ مِمَّنْ يَثِقُ بِهِ فَلَا ضَمَانَ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ضَمَانِ الْمُودَعِ إذَا أُودِعَ وَلَوْ أَمِينًا أَنَّ رَبَّهَا هُنَا لَمْ يُعَيِّنْهُ لِحِفْظِهَا بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ مِمَّنْ يُعَرِّفُ مِثْلُهُ وَاسْتَأْجَرَ مَنْ يُعَرِّفُهَا وَضَاعَتْ مِنْهُ ضَمِنَ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يُعَرِّفْ مِثْلُهُ هَذَا التَّقْيِيدُ تَبِعَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ ابْنَ الْحَاجِبِ التَّابِعَ لِابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ اللَّخْمِيِّ عَنْ ابْنِ شَعْبَانَ أَنَّ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يَدْفَعَهَا لِمَنْ يُعَرِّفُهَا بِأُجْرَةٍ مِنْهَا وَلَوْ كَانَ مِمَّنْ يَلِي تَعْرِيفَهَا بِنَفْسِهِ إذَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَذْكُرُ الْمُعَرِّفُ وُجُوبًا جِنْسَهَا) أَيْ مِثْلَ حَيَوَانٍ، أَوْ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُخْتَارِ) أَيْ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجُوزُ لِلْمُعَرِّفِ أَنْ يَذْكُرَ جِنْسَ اللُّقَطَةِ وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ: وَأَنْ لَا يَذْكُرَ جِنْسَهَا أَحْسَنُ أَيْ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ذِكْرِ جِنْسِهَا أَحْسَنُ مِنْ مُقَابِلِهِ. (قَوْلُهُ: كَمَالٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: يَا مَنْ ضَاعَ لَهُ مَالٌ أَوْ شَيْءٌ يَذْكُرُ أَمَارَتَهُ وَيَأْخُذُهُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى عَدَمُ ذِكْرِ النَّوْعِ) أَيْ مِثْلُ بَقَرَةٍ، أَوْ حِمَارَةٍ، أَوْ ذَهَبٍ

ص: 120

وَالصِّنْفِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْجِنْسِ يُؤَدِّي أَذْهَانَ بَعْضِ الْحُذَّاقِ إلَى مَعْرِفَةِ الْعِفَاصِ وَالْوِكَاءِ بِاعْتِبَارِ جَرْيِ الْعَادَةِ.

(وَدُفِعَتْ لِحِبْرٍ) بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا أَيْ عَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى عَالِمِ الْمُسْلِمِينَ (إنْ)(وُجِدَتْ بِقَرْيَةِ ذِمَّةٍ) أَيْ لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ.

(وَلَهُ حَبْسُهَا بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا السَّنَةَ، (أَوْ التَّصَدُّقُ بِهَا) عَنْ رَبِّهَا أَوْ نَفْسِهِ (أَوْ التَّمَلُّكُ) بِأَنْ يَنْوِيَ تَمَلُّكَهَا فَلِلْمُلْتَقِطِ هَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ (وَلَوْ) وُجِدَتْ (بِمَكَّةَ) خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا تُسْتَبَاحُ لُقَطَتُهَا بَعْدَ سَنَةٍ.

وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا أَبَدًا حَالَ كَوْنِهِ (ضَامِنًا) لَهَا إذَا جَاءَ رَبُّهَا (فِيهِمَا) أَيْ فِي التَّصَدُّقِ بِوَجْهَيْهِ وَالتَّمَلُّكِ (كَنِيَّةِ أَخْذِهَا) أَيْ كَمَا يَضْمَنُ إذَا أَخَذَهَا بِنِيَّةِ التَّمَلُّكِ (قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الْتِقَاطِهَا وَلَوْ قَالَ كَنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا قَبْلَهُ كَانَ أَوْضَحَ يَعْنِي أَنَّ الْمُلْتَقِطَ إذَا رَأَى اللُّقَطَةَ فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا، ثُمَّ أَخَذَهَا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا لِرَبِّهَا وَلَوْ تَلِفَتْ بِسَمَاوِيٍّ؛ لِأَنَّهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا صَارَ كَالْغَاصِبِ فَيَضْمَنُ كَمَا إذَا نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ بَعْدَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا (وَ) كَمَا يَضْمَنُ فِي (رَدِّهَا) لِمَوْضِعِهَا، أَوْ غَيْرِهِ (بَعْدَ أَخْذِهَا لِلْحِفْظِ) أَيْ لِلتَّعْرِيفِ (إلَّا) أَنْ يَرُدَّهَا لِمَوْضِعِهَا (بِقُرْبٍ) مِنْ أَخْذِهَا فَضَاعَتْ (فَتَأْوِيلَانِ) فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ أَخَذَهَا لِغَيْرِ الْحِفْظِ وَرَدَّهَا بِقُرْبٍ فَلَا ضَمَانَ قَطْعًا وَعَنْ بُعْدٍ ضَمِنَ أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ أَمْ لَا.

(وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ) أَيْ أَنَّ الرَّقِيقَ كَالْحُرِّ فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وُجُوبِ الِالْتِقَاطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ فِضَّةٍ. (قَوْلُهُ: وَالصِّنْفِ) مِثْلِ بَنَادِقَةٍ، أَوْ مَحَابِيبَ، أَوْ رِيَالَاتٍ.

(قَوْلُهُ: وَدُفِعَتْ لِحِبْرٍ) بَحَثَ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ بِإِمْكَانِ أَنْ تَكُونَ لِمُسْلِمٍ فَالِاحْتِيَاطُ أَنَّهَا لَا تُدْفَعُ لِلْحِبْرِ إلَّا بَعْدَ تَعْرِيفِهَا اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْحَاءِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا) أَيْ كَمَا قَالَ الْجَوْهَرِيُّ، وَصَدَّرَ عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ بِالْفَتْحِ وَقَالَ إنَّهُ رِوَايَةُ الْمُحَدِّثِينَ. (قَوْلُهُ: أَيْ عَالِمِ أَهْلِ الذِّمَّةِ) سُمِّيَ حِبْرًا بِكَسْرِ الْحَاءِ تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ الْحِبْرِ الَّذِي يُكْتَبُ بِهِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا إذَا وُجِدَتْ فِي الْقَرْيَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا إلَّا أَهْلُ الذِّمَّةِ تُدْفَعُ لِلْحِبْرِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحِبْرُ مِنْ الْمَحَلِّ الَّذِي وُجِدَتْ فِيهِ اللُّقَطَةُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الدَّفْعَ لَهُ مَنْدُوبٌ؛ إذْ لِلْمُلْتَقِطِ أَنْ يُعَرِّفَهَا بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ التَّعْرِيفُ لِئَلَّا يَكُونَ فِيهِ خِدْمَةٌ لِأَهْلِ الذَّمَّةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِبْرٌ فَانْظُرْ هَلْ تُدْفَعُ لِرَاهِبِهِمْ أَيْ عَابِدِهِمْ أَوْ لِلسُّلْطَانِ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقِلَّةِ اشْتِغَالِ الرَّاهِبِ بِالنِّسْبَةِ لِلسُّلْطَانِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ حَبْسُهَا) أَيْ حَتَّى يَظْهَرَ رَبُّهَا (قَوْلُهُ: فَلِلْمُلْتَقِطِ هَذِهِ الْأُمُورُ الثَّلَاثَةُ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَخْيِيرِ الْمُلْتَقِطِ بَيْنَ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ الْإِمَامِ وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا حَبْسُهَا أَوْ بَيْعُهَا لِصَاحِبِهَا وَوَضْعُ ثَمَنِهَا فِي بَيْتِ الْمَالِ وَلَيْسَ لَهُ التَّصَدُّقُ بِهَا وَلَا تَمَلُّكُهَا لِمَشَقَّةِ خَلَاصِ مَا فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ) أَيْ وَهُوَ الْبَاجِيَّ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ وَقَوْلُهُ: وَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا أَبَدًا أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ مِنْ حَاجٍّ وَلَا يَتَيَسَّرُ لَهُ الْعَوْدُ فِي السَّنَةِ وَاسْتَدَلَّ الْبَاجِيَّ بِحَدِيثِ «لَا تَحِلُّ لُقَطَتُهَا» وَأَجَابَ الْمَشْهُورُ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَا تَحِلُّ قَبْلَ السَّنَةِ وَإِنَّمَا نَبَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى ذَلِكَ فِي مَكَّةَ مَعَ أَنَّ عَدَمَ حِلِّهَا قَبْلَ السَّنَةِ عَامٌّ فِي مَكَّةَ وَغَيْرِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ عَدَمُ تَعْرِيفِ لُقَطَتِهَا بِانْصِرَافِ الْحُجَّاجِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: أَيْ فِي التَّصَدُّقِ بِوَجْهَيْهِ) أَيْ عَنْ رَبِّهَا، أَوْ عَنْ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: كَنِيَّةِ أَخْذِهَا) أَيْ تَمَلُّكِهَا وَقَوْلُهُ: أَيْ قَبْلَ الْتِقَاطِهَا أَيْ قَبْلَ أَخْذِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ كَنِيَّةِ تَمَلُّكِهَا قَبْلَهُ) أَيْ ثُمَّ أَخَذَهَا. (قَوْلُهُ: فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا) أَيْ فَقَبْلَ أَنْ يَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا نَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا، ثُمَّ أَخَذَهَا، وَحَازَ فَتَلِفَتْ مِنْهُ، أَوْ غُصِبَتْ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ مَعَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا) أَيْ مَعَ فِعْلِ الْوَضْعِ حِينَ نِيَّتِهِ وَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مُجَرَّدَ نِيَّةِ الِاغْتِيَالِ لَا تُعْتَبَرُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ. (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا نَوَى التَّمَلُّكَ قَبْلَ السَّنَةِ بَعْدَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا) أَيْ لِلتَّعْرِيفِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ هُنَا لَمْ تَتَجَرَّدْ بَلْ قَارَنَهَا الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ وَقَدْ جَعَلَ ح ضَمِيرَ قَبْلَهَا لِلسَّنَةِ وَحُمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ مُرْتَضِيًا بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ الضَّمَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ الْأُولَى مَا إذَا رَآهَا مَطْرُوحَةً فَنَوَى أَخْذَهَا تَمَلُّكًا، ثُمَّ تَرَكَهَا وَلَمْ يَأْخُذْهَا فَتَلِفَتْ الثَّانِيَةُ مَا إذَا نَوَى تَمَلُّكَهَا وَأَخَذَهَا فَتَلِفَتْ الثَّالِثَةُ مَا إذَا أَخَذَهَا لِلتَّعْرِيفِ، ثُمَّ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فَفِي الصُّورَةِ الْأُولَى لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ وَحْدَهَا لَا تُعْتَبَرُ وَفِي الثَّانِيَةِ الضَّمَانُ قَطْعًا لِمُصَاحَبَةِ فِعْلِهِ وَهُوَ أَخْذُهَا لِنِيَّةِ الِاغْتِيَالِ وَفِي الثَّالِثَةِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ نَظَرًا إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ مُجَرَّدَةٌ عَنْ مُصَاحَبَةِ فِعْلٍ؛ إذْ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ النِّيَّةَ تَبَدَّلَتْ مَعَ بَقَاءِ الْيَدِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بِالضَّمَانِ نَظَرًا إلَى أَنَّ نِيَّةَ الِاغْتِيَالِ قَدْ صَاحَبَهَا فِعْلٌ وَهُوَ الْكَفُّ عَنْ التَّعْرِيفِ وَارْتَضَاهُ ح وَحُمِلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَشَارِحُنَا تَبَعًا لِغَيْرِهِ حَمَلَهُ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: وَكَمَا يَضْمَنُ فِي رَدِّهَا لِمَوْضِعِهَا، أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بَعْدَ بُعْدٍ مِنْ أَخْذِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا ضَاعَتْ بَعْدَ الرَّدِّ، وَاعْلَمْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي أَخْذِهَا الْمَكْرُوهِ وَهُوَ مَا إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَيْهَا مِنْ خَائِنٍ وَعَلِمَ أَمَانَةَ نَفْسِهِ، أَوْ شَكَّ فِيهَا لَا فِي الْوَاجِبِ لِضَمَانِهِ بِرَدِّهَا مُطْلَقًا مِنْ قُرْبٍ، أَوْ بُعْدٍ اتِّفَاقًا لِتَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ قَوْلُهُ: إلَّا بِقُرْبٍ فَتَأْوِيلَانِ وَلَا فِي الْحَرَمِ لِضَمَانِهِ بِأَخْذِهَا إنْ لَمْ يَرُدَّهَا مَكَانَهَا؛ لِأَنَّ رَدَّهَا فِيهِ وَاجِبٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَخَذَهَا لِغَيْرِ الْحِفْظِ) أَيْ لِغَيْرِ التَّعْرِيفِ الْحَقِيقِيِّ بِأَنْ أَخَذَهَا لِسُؤَالِ جَمَاعَةٍ هَلْ هِيَ لَهُمْ

ص: 121

وَعَدَمِهِ وَالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ (وَ) إنْ ضَاعَتْ مِنْهُ (قَبْلَ السَّنَةِ) بِتَفْرِيطٍ أَوْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكٍ فَجِنَايَةٌ (فِي رَقَبَتِهِ) فَيُبَاعُ فِيهَا مَا لَمْ يَفْدِهِ سَيِّدُهُ وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا عَنْهُ وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ فَفِي ذِمَّتِهِ يُتَّبَعُ بِهَا إذَا عَتَقَ وَلَا يُبَاعُ فِيهَا.

(وَلَهُ) أَيْ لِلْمُلْتَقِطِ حُرًّا، أَوْ عَبْدًا (أَكْلُ مَا يَفْسُدُ) لَوْ بَقِيَ كَفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ وَخُضَرٍ وَلَا يَضْمَنُ (وَلَوْ) وُجِدَ (بِقَرْيَةٍ) أَيْ عَامِرٍ كَمَا لَوْ وُجِدَ بِغَامِرٍ وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ لَكِنْ يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ بِهِ قَلِيلًا وَأَمَّا مَا لَا يَفْسُدُ كَالتَّمْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ ضَمِنَ إنْ كَانَ لَهُ ثَمَنٌ.

(وَ) لَهُ أَكْلُ (شَاةٍ) وَجَدَهَا (بِفَيْفَاءَ) وَلَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ وَلَا ضَمَانَ فَإِنْ حَمَلَهَا لَلْعُمْرَانِ وَلَوْ مَذْبُوحَةً فَرَبُّهَا أَحَقُّ بِهَا إنْ عَلِمَ وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَوَجَبَ تَعْرِيفُهَا إنْ حَمَلَهَا حَيَّةً كَمَا لَوْ وَجَدَهَا بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ، أَوْ اخْتَلَطَتْ بِغَنَمِهِ فِي الْمَرْعَى (كَبَقَرٍ بِمَحَلِّ خَوْفٍ) مِنْ سِبَاعٍ، أَوْ جُوعٍ أَوْ عَطَشٍ، أَوْ مِنْ النَّاسِ بِفَيْفَاءَ وَعَسُرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ فَلَهُ أَكْلُهَا وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ أَمْنٍ بِالْفَيْفَاءِ (تُرِكَتْ) فَإِنْ أَخَذَهَا عُرِّفَتْ كَمَا لَوْ كَانَتْ بِالْعُمْرَانِ فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ (كَإِبِلٍ) فَإِنَّهَا تُتْرَكُ وَلَوْ بِمَحَلِّ خَوْفٍ إلَّا خَوْفَ خَائِنٍ.

(وَإِنْ أُخِذَتْ) الْإِبِلُ تَعَدِّيًا (عُرِّفَتْ) سَنَةً (ثُمَّ) بَعْدَ السَّنَةِ (تُرِكَتْ بِمَحْمِلِهَا) الَّذِي أُخِذَتْ مِنْهُ فَقَوْلُهُمْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَمْ لَا فَقَالُوا لَا، وَيُقَالُ لِهَذَا تَعْرِيفٌ حُكْمِيٌّ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِغَيْرِ الْحِفْظِ الِاغْتِيَالَ؛ لِأَنَّ الرَّدَّ فِي هَذَا وَاجِبٌ فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ: وَعَنْ بُعْدٍ ضَمِنَ إلَخْ وَقَوْلُهُ: أَخَذَهَا لِلْحِفْظِ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ عَنْ الْمَوْضُوعِ.

(قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ) أَيْ وَعَدَمِ وُجُوبِ الِالْتِقَاطِ وَهُوَ حُرْمَتُهُ وَكَرَاهَتُهُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الِالْتِقَاطِ؛ لِأَنَّهُ يُعَرِّفُهَا حَالَ خِدْمَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ إسْقَاطُهَا) أَيْ إسْقَاطُ ضَمَانِهَا عَنْهُ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا بَعْدَ السَّنَةِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا ضَاعَتْ بَعْدَ السَّنَةِ بِتَفْرِيطٍ أَوْ تَصَدُّقٍ، أَوْ تَمَلَّكَهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَضْمَنُ وَلَوْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا وُجِدَ بِغَامِرٍ أَيْ خَرَابٍ بَلْ وَلَوْ وُجِدَ بِقَرْيَةٍ وَمَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا كَانَ أَكَلَ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِرَبِّهِ حِينَ الِالْتِقَاطِ وَإِلَّا ضَمِنَ لَهُ قِيمَتَهُ، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الشَّارِحِ أَنَّ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ الَّذِي لَا يَعْلَمُ بِرَبِّهِ لَا ضَمَانَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ إذَا أَكَلَهُ سَوَاءٌ كَانَ تَافِهًا، أَوْ لَهُ ثَمَنٌ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ طفى وَاَلَّذِي فِي ح وَتَبِعَهُ عبق أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ فِيمَا إذَا أَكَلَ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ - مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ تَافِهًا لَا ثَمَنَ لَهُ وَإِلَّا ضَمِنَ قِيمَتَهُ لِرَبِّهِ إذَا جَاءَ وَحِينَئِذٍ فَلَا فَرْقَ فِيمَا لَهُ ثَمَنٌ بَيْنَ مَا يَفْسُدُ بِالتَّأْخِيرِ وَمَا لَا يَفْسُدُ إلَّا جَوَازُ الْقُدُومِ عَلَى الْأَكْلِ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ فِيمَا يَفْسُدُ وَمَنْعُهُ فِي غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَيْهِ تَعْرِيفُهُ) أَيْ بَلْ يَأْكُلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ مِنْ التَّعْرِيفِ فَهُوَ ضَعِيفٌ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: لَكِنْ يَنْبَغِي الِاسْتِينَاءُ إلَخْ) الَّذِي لِابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ لَا يُطْلَبُ الِاسْتِينَاءُ قَالَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهُ) أَيْ ابْتِدَاءً مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَهَذَا إذَا كَانَ لَهُ ثَمَنٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ تَافِهًا جَازَ لَهُ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا جَاءَ صَاحِبُهُ وَهَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِصَاحِبِهِ حِينَ وَجَدَهُ فَإِنْ عَلِمَ بِهِ لَمْ يَجُزْ أَكْلُهُ فَإِنْ أَكَلَهُ ضَمِنَ ثَمَنَهُ كَمَا مَرَّ لِلشَّارِحِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا وَلَا سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ فَإِنْ تَيَسَّرَ حَمْلُهَا لَلْعُمْرَانِ، أَوْ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ حُمِلَتْ، أَوْ سِيقَتْ وَعَرَّفَهَا وَلَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَهَا فَإِنْ حَمَلَهَا وَلَوْ مَذْبُوحَةً وَعَلِمَ رَبُّهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ حَمْلِهَا وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ جَوَازَ الْأَكْلِ بِمَا إذَا لَمْ يَتَيَسَّرْ حَمْلُهَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمَا فِي عبق مِنْ جَوَازِ الْأَكْلِ مُطْلَقًا تَيَسَّرَ حَمْلُهَا، أَوْ لَمْ يَتَيَسَّرْ فَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا يَسْلَمُ، قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ) أَيْ سَوَاءٌ ذَبَحَهَا وَأَكَلَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ أَكَلَهَا فِي الْعُمْرَانِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ ذَبَحَهَا حِينَ الِالْتِقَاطِ فِي الصَّحْرَاءِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الضَّمَانِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ سَحْنُونٌ إذَا وَجَدَهَا فِي الْفَلَاةِ وَأَكَلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا إذَا عَلِمَ بِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ غَيْرَ عَالِمٍ بِرَبِّهَا حِينَ وَجَدَهَا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَكْلُهَا فَإِنْ كَانَ أَكَلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ وَجَدَهَا بِقُرْبِ الْعُمْرَانِ) أَيْ فَيَجِبُ تَعْرِيفُهَا وَلَا يَجُوزُ أَكْلُهَا فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ. (قَوْلُهُ: وَعَسُرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ) أَيْ فَإِنْ كَانَتْ بِمَحَلِّ خَوْفٍ بِفَيْفَاءَ وَتَيَسَّرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ لَمْ يَأْكُلْهَا وَعَرَّفَهَا فَإِنْ أَكَلَهَا ضَمِنَ قِيمَتَهَا لِرَبِّهَا إذَا عَلِمَ. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ الْعُمْرَانِ وَلَوْ مَخُوفًا تَكُونُ لُقَطَةً فَلَا تُؤْكَلُ وَإِذَا أَخَذَهَا عَرَّفَهَا. (قَوْلُهُ: كَإِبِلٍ) ظَاهِرُهُ وَجَدَهَا فِي الصَّحْرَاءِ، أَوْ فِي الْعُمْرَانِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَهُوَ أَسْعَدُ بِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: إلَّا خَوْفَ خَائِنٍ) أَيْ إلَّا إذَا خِيفَ عَلَيْهَا مِنْ أَخْذِ الْخَائِنِ فَإِنَّهَا تُؤْخَذُ وَتُعَرَّفُ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ عبق وَالْخَرَشِيَّ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج وَفِي بْن الْمُعْتَمَدُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ تَرْكُهَا مُطْلَقًا قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ عَدَمَ الْتِقَاطِ الْإِبِلِ قِيلَ إنَّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ الزَّمَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ وَقِيلَ هُوَ خَاصٌّ بِزَمَنِ الْعَدْلِ وَصَلَاحِ النَّاسِ وَأَمَّا فِي الزَّمَنِ الَّذِي فَسَدَ فَالْحُكْمُ فِيهِ أَنْ تُؤْخَذَ وَتُعَرَّفَ فَإِنْ لَمْ تُعَرَّفْ بِيعَتْ وَوُقِفَ ثَمَنُهَا لِرَبِّهَا فَإِذَا أَيِسَ مِنْهُ تَصَدَّقَ بِهِ كَمَا فَعَلَ عُثْمَانُ لَمَّا دَخَلَ النَّاسَ فِي زَمَنِهِ الْفَسَادُ وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا اهـ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَصَمِيمُ مَذْهَبِ مَالِكٍ عَدَمُ الْتِقَاطِهَا مُطْلَقًا كَذَا فِي بْن لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ

الْمَصْلَحَةَ الْعَامَّةَ

تَقْتَضِي

ص: 122

لَا يُرَاعَى فِيهَا خَوْفٌ أَيْ خَوْفُ جُوعٍ، أَوْ عَطَشٍ، أَوْ سِبَاعٍ وَأَمَّا خَوْفُ الْخَائِنِ فَمُوجِبٌ لِلِالْتِقَاطِ.

(وَ) لَهُ (كِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا) كَخَيْلٍ وَحُمُرٍ (فِي عَلَفِهَا) بِفَتْحِ اللَّامِ مَا تُعْلَفُ بِهِ مِنْ نَحْوِ فُولٍ وَأَمَّا بِالسُّكُونِ فَاسْمٌ لِلْفِعْلِ (كِرَاءً مَضْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ مُيَاوَمَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً أَوْ وَجِيبَةً فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ ضِدَّ الْمُعَيَّنِ (وَ) لَهُ (رُكُوبُ دَابَّةٍ) مِنْ مَوْضِعِ الِالْتِقَاطِ (لِمَوْضِعِهِ) وَإِنْ لَمْ يَتَعَسَّرْ قَوْدُهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ أَكْرَاهَا فِي أَزْيَدَ مِنْ عَلَفِهَا أَوْ غَيْرِ مَأْمُونٍ، أَوْ رَكِبَهَا لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ (ضَمِنَ) الْقِيمَةَ - إنْ هَلَكَتْ - وَمَا زَادَ عَلَى عَلَفِهَا وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ إنْ لَمْ تَهْلِكْ.

(وَ) لَهُ (غَلَّاتُهَا) مِنْ لَبَنٍ وَسَمْنٍ، وَإِنْ زَادَ عَلَى عَلَفِهَا (دُونَ نَسْلِهَا) وَصُوفِهَا وَشَعْرِهَا وَوَبَرِهَا وَدُونَ كِرَائِهَا لِغَيْرِ الْعَلَفِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) إنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ مِنْ عِنْدِهِ (خُيِّرَ رَبُّهَا) إذَا جَاءَ (بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ) لِأَنَّهُ قَامَ عَنْهُ بِوَاجِبٍ (أَوْ إسْلَامِهَا) لِمُلْتَقِطِهَا فِي نَظِيرِهَا فَإِنْ أَسْلَمَهَا، ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِالْوَاوِ بَدَلَ " أَوْ ".

(وَإِنْ)(بَاعَهَا) الْمُلْتَقِطُ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ السَّنَةِ الَّتِي عَرَّفَهَا بِهَا (فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَالْبَيْعُ مَاضٍ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ عَدِيمًا لَا عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ مَلِيئًا (بِخِلَافِ مَا لَوْ)(وَجَدَهَا) رَبُّهَا (بِيَدِ الْمِسْكِينِ) الْمُتَصَدَّقِ بِهَا عَلَيْهِ (أَوْ) بِيَدِ (مُبْتَاعٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمِسْكِينِ (فَلَهُ) أَيْ لِرَبِّهَا (أَخْذُهَا) مِنْ الْمِسْكِينِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَرَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الْمِسْكِينِ إنْ وَجَدَ عِنْدَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْآنَ مَا صَنَعَ عُثْمَانُ كَمَا لَوْ قَالَ فِي تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ فَلِذَا اخْتَارَ شَيْخُنَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: لَا يُرَاعَى فِيهَا) أَيْ فِي ضَالَّةِ الْإِبِلِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ كِرَاءُ بَقَرٍ وَنَحْوِهَا فِي عَلَفِهَا) أَيْ وَلَهُ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي مَنَافِعِهِ بِقَدْرِ عَلَفِهَا إنْ كَانَ عَلَفُهَا مِنْ عِنْدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي بَقَرٍ لَيْسَ لَهُ أَكْلُهَا وَهِيَ الَّتِي وَجَدَهَا فِي الْعُمْرَانِ، أَوْ فِي الْفَيْفَاءِ وَتَيَسَّرَ سَوْقُهَا لَلْعُمْرَانِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَأْمُونًا) أَيْ مَأْمُونًا عَاقِبَتُهُ. (قَوْلُهُ: مُيَاوَمَةً) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ مُيَاوَمَةً إلَخْ أَوْ مُشَاهَرَةً، أَوْ وَجِيبَةً وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ كِرَاؤُهَا فِي عَلَفِهَا مَعَ أَنَّ رَبَّهَا لَمْ يُوَكِّلْهُ فِيهِ؛ لِأَنَّهَا لَا بُدَّ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ عَلَيْهَا فَكَانَ ذَلِكَ أَصْلَحَ لِرَبِّهَا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَكْرَاهَا كِرَاءً مَأْمُونًا وَجِيبَةً ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا قَبْلَ تَمَامِهِ فَلَيْسَ لَهُ فَسْخُهُ لِوُقُوعِ ذَلِكَ الْعَقْدِ بِوَجْهٍ جَائِزٍ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَضْمُونِ ضِدَّ الْمُعَيَّنِ) أَيْ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْمَضْمُونُ عَاقِبَتُهُ وَهُوَ الْمَأْمُونُ الَّذِي لَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ مَضْمُونًا بِمَأْمُونًا وَوَجْهُ تَصْوِيبِهِ أَنَّ الْمَضْمُونَ هُوَ كِرَاءُ دَابَّةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ وَالْفَرْضُ هُنَا أَنَّهَا مُعَيَّنَةٌ. (قَوْلُهُ: لِمَوْضِعِهِ) أَيْ مَحَلِّ إقَامَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا ضَمِنَ الْقِيمَةَ إنْ هَلَكَتْ إلَخْ) أَيْ وَيُقَدَّمُ فِي الضَّمَانِ الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْكِرَاءِ غَيْرِ الْمَأْمُونِ - لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ - عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ. (قَوْلُهُ: وَمَا زَادَ عَلَى عَلَفِهَا) فَإِذَا أُكْرِيَتْ لِأَجْلِ الْعَلَفِ وَزَادَ مِنْ كِرَائِهَا شَيْءٌ عَلَى الْعَلَفِ لَمْ يَكُنْ لِلْمُلْتَقِطِ أَخْذُهُ لِنَفْسِهِ بَلْ يَغْرَمُهُ لِرَبِّهَا إذَا جَاءَ. (قَوْلُهُ: وَقِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ الرُّكُوبُ لِغَيْرِ مَوْضِعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ غَلَّاتُهَا) أَيْ فِي مُقَابَلَةِ نَفَقَتِهَا إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ يُكْرِهَا فِي عَلَفِهَا وَلَمْ يَسْتَعْمِلْهَا فِي مَنَافِعِهِ وَضَمِيرُ غَلَّاتِهَا عَائِدٌ عَلَى الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الشَّاةِ وَمَا بَعْدَهَا، ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ الْغَلَّةَ وَلَوْ زَادَتْ عَلَى قَدْرِ عَلَفِهَا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِرِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ، وَظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ وَسَمَاعِ الْقَرِينَيْنِ أَنَّهُ إنَّمَا لَهُ مِنْ الْغَلَّةِ بِقَدْرِ عَلَفِهِ لَهَا وَالزَّائِدُ عَلَيْهِ لُقَطَةٌ مَعَهَا قَالَ شَيْخُنَا وَفِي كَلَامِ عج مَيْلٌ لِتَرْجِيحِ مَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَصُوفِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ تَامًّا أَوْ غَيْرَ تَامٍّ فَهُوَ لِرَبِّهَا مِثْلُ النَّسْلِ وَمَا مَعَهُ وَلَا يَأْخُذُهُ الْمُلْتَقِطُ لِنَفْسِهِ بَلْ عَلَى أَنَّهُ لُقَطَةٌ مَعَهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْفَقَ الْمُلْتَقِطُ عَلَى اللُّقَطَةِ مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ كُلَّ النَّفَقَةِ، أَوْ بَعْضَهَا وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَكْرَاهَا فَنَقَصَ الْكِرَاءُ عَنْ نَفَقَتِهَا وَكَمَّلَ الْمُلْتَقِطُ نَفَقَتَهَا مِنْ عِنْدِهِ فَيُخَيَّرُ رَبُّهَا بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ اللُّقَطَةَ فِي نَفَقَتِهِ أَوْ يَفْتَدِيَهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ بِدَفْعِ مَا لَهُ مِنْ النَّفَقَةِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ فِي ذَاتِ اللُّقَطَةِ لَا فِي ذِمَّةِ رَبِّهَا كَالْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ إذَا سَلَّمَهُ الْمَالِكُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِنْ أَرَادَ أَخْذَ شَيْئِهِ غَرِمَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ فَكِّهَا بِالنَّفَقَةِ) أَيْ بِمِثْلِ النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهَا) أَيْ وَدَفَعَ مِثْلَ النَّفَقَةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ أَيْ لِأَنَّهُ مَلَّكَهَا لِلْمُلْتَقِطِ بِرِضَاهُ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّ عَكْسَهُ كَذَلِكَ أَيْ إذَا دَفَعَ لَهُ النَّفَقَةَ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ النَّفَقَةَ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ بَيْنَ إنَّمَا تُضَافُ لِمُتَعَدِّدٍ؛ لِأَنَّ الْبَيْنِيَّةَ إنَّمَا تَتَحَقَّقُ فِي الْمُتَعَدِّدِ، " وَأَوْ " لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، أَوْ الْأَشْيَاءِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَاعَهَا الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، أَوْ بِغَيْرِ أَمْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَمَا لِرَبِّهَا إلَّا الثَّمَنُ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ بَاعَهَا بَعْدَ أَنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا بَعْدَ السَّنَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِنِيَّةِ التَّمَلُّكِ صَارَ ضَامِنًا قِيمَتَهَا اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدَهَا أَنَّهُ لَوْ بَاعَهَا قَبْلَ السَّنَةِ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالْحُكْمُ أَنَّ رَبَّهَا مُخَيَّرٌ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً وَإِنْ فَاتَتْ فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ قِيمَتُهَا فِي ذِمَّتِهِ إنْ كَانَ حُرًّا وَإِلَّا فَفِي رَقَبَتِهِ كَالْجِنَايَةِ فَإِنْ شَاءَ سَيِّدُهُ فَدَاهُ بِقِيمَتِهَا وَإِنْ شَاءَ سَلَّمَهُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: وَالْبَيْعُ مَاضٍ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْمُلْتَقِطِ نَقْضُهُ وَأَخْذُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً. (قَوْلُهُ: يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ وَيَرْجِعُ

ص: 123

وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا عَلَيْهِ، قَوْلُهُ فَلَهُ أَخْذُهَا أَيْ أَوْ تَضْمِينُ الْمُلْتَقِطِ الْقِيمَةَ إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا، أَوْ عَنْ رَبِّهَا وَتَعَيَّبَتْ فَإِنْ بَقِيَتْ بِحَالِهَا تَعَيَّنَ أَخْذُهَا، وَإِنْ فَاتَتْ تَعَيَّنَتْ الْقِيمَةُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ.

(وَلِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمِسْكِينِ بِنَفْسِ اللُّقَطَةِ (إنْ أَخَذَ) رَبُّهَا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ (قِيمَتَهَا) وَذَلِكَ حَيْثُ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَتَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ أَيْ وُجِدَتْ عِنْدَهُ مَعِيبَةً؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً بِحَالِهَا فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُهَا كَمَا مَرَّ.

وَإِنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمِسْكِينِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهَا) الْمُلْتَقِطُ (عَنْ نَفْسِهِ) فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمِسْكِينِ بِشَيْءٍ لَا بِهَا وَلَا بِالْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَهَا لِرَبِّهَا كَمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ.

(وَإِنْ)(نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا) بَعْدَ تَعْرِيفِهَا السَّنَةَ (فَلِرَبِّهَا أَخْذُهَا) وَلَا أَرْشَ لَهُ فِي النَّقْصِ (أَوْ) أَخْذُ (قِيمَتِهَا) يَوْمَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا فَإِنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ فَكَالْغَاصِبِ وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا فَلَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ فَالْقِيمَةُ.

(وَوَجَبَ)(لَقْطُ طِفْلٍ) أَيْ صَغِيرٍ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْقِيَامِ بِمَصَالِحِ نَفْسِهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَغِذَاءٍ (نُبِذَ) صِفَةٌ لِطِفْلٍ أَيْ طِفْلٍ مَنْبُوذٍ وَهُوَ قَاصِرٌ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ بِقَصْدِ النَّبْذِ فَلَا يَشْمَلُ مَنْ ضَلَّ عَنْ أَهْلِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بَدَلَهُ بِمَضْيَعَةٍ (كِفَايَةً) أَيْ وُجُوبُ كِفَايَةٍ وَقَدْ عَرَّفَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّقِيطَ بِقَوْلِهِ: صَغِيرٌ آدَمِيٌّ لَمْ يُعْلَمْ أَبَوَاهُ وَلَا رِقُّهُ فَخَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ، وَمَنْ عُلِمَ رِقُّهُ لُقَطَةٌ لَا لَقِيطٌ وَقَوْلُهُ فَخَرَجَ وَلَدُ الزَّانِيَةِ أَيْ لِأَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ وَهُوَ الْأُمُّ فَعَلَيْهَا الْقِيَامُ بِهِ.

(وَ) وَجَبَ (حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ) عَلَى مُلْتَقِطِهِ حَتَّى يَبْلُغَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ أَيْضًا بِالْمُحَابَاةِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فَإِنْ أَعْدَمَ فِي مَسْأَلَةِ الْمُحَابَاةِ رَجَعَ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا حَابَى بِهِ فَقَطْ لَا بِأَصْلِ الثَّمَنِ؛ إذْ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِهِ بَلْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَلَوْ عَدِيمًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُحَابَاةِ يُرْجَعُ بِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا أَعْدَمَ الْبَائِعُ وَبَيْنَ الثَّمَنِ لَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي بَلْ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ مُعْدِمًا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا شَارَكَ الْبَائِعَ فِي الْعَدَاءِ بِالْمُحَابَاةِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِهَا عِنْدَ عُدْمِ بَائِعِهِ وَلَا كَذَلِكَ الثَّمَنُ فَلِذَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِهِ عِنْدَ عُدْمِ الْبَائِعِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَعَلَى الْمُلْتَقِطِ الْمُتَصَدِّقِ بِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي سَلَّطَ الْمِسْكِينَ عَلَيْهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَرْجِعَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالْأَقَلِّ مِنْ ثَمَنِهَا، أَوْ قِيمَتِهَا يَوْمَ تَصَدَّقَ بِهَا وَيَرْجِعَ الْمُلْتَقِطُ بِتَمَامِ الثَّمَنِ عَلَى الْمِسْكِينِ؛ لِأَنَّهُ الْبَائِعُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ مُطْلَقًا) يَعْنِي التَّخْيِيرَ الْمُتَقَدِّمَ، وَهُوَ تَخْيِيرُ رَبِّهَا بَيْنَ أَخْذِهَا مِنْ يَدِ الْمِسْكِينِ، أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ وَبَيْنَ تَضْمِينِ الْمُلْتَقِطِ الْقِيمَةَ إذَا كَانَ الْمُلْتَقِطُ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ نَفْسِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ قَائِمَةً، أَوْ تَعَيَّبَتْ أَوْ كَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَتَعَيَّبَتْ بِاسْتِعْمَالٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ قَدْ تَصَدَّقَ بِهَا عَنْ رَبِّهَا وَجَاءَ رَبُّهَا فَوَجَدَهَا قَائِمَةً، أَوْ تَعَيَّبَتْ بِسَمَاوِيٍّ فِي يَدِ الْمِسْكِينِ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ تَعَيَّنَ أَخْذُهَا وَإِنْ وَجَدَهَا قَدْ فَاتَتْ بِهَلَاكٍ سَوَاءٌ تَصَدَّقَ بِهَا الْمُلْتَقِطُ عَنْ رَبِّهَا أَوْ عَنْ نَفْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا قِيمَتُهَا مِنْ الْمُلْتَقِطِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعَيَّبَتْ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمِسْكِينِ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّمَا لَهُ أَخْذُهَا كَمَا مَرَّ) أَيْ لَا أَخْذُ قِيمَتِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى رُجُوعُ الْمُلْتَقِطِ عَلَى الْمِسْكِينِ.

(قَوْلُهُ: وَلَمْ تُوجَدْ بِيَدِ الْمِسْكِينِ) أَيْ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُلْتَقِطُ بِمَا غَرِمَهُ مِنْ قِيمَتِهَا لِرَبِّهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ بَعْدَ نِيَّةِ تَمَلُّكِهَا) أَيْ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِ الْمُلْتَقِطِ لَهَا وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ بِسَمَاوِيٍّ فَلَيْسَ لِرَبِّهَا إلَّا أَخْذُهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ بَاقِيَةً بِحَالِهَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَوَى تَمَلُّكَهَا قَبْلَ السَّنَةِ) أَيْ وَنَقَصَتْ. (قَوْلُهُ: فَكَالْغَاصِبِ) أَيْ يَضْمَنُ أَرْشَ النَّقْصِ وَلَوْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ نَقَصَتْ قَبْلَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ) أَيْ قَبْلَ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا وَقَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أَخْذُهَا ظَاهِرُهُ وَلَوْ نَقَصَتْ بِسَبَبِ اسْتِعْمَالِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ اهـ عبق.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ نِيَّةِ التَّمَلُّكِ) أَيْ وَبَعْدَ أَنْ عَرَّفَهَا سَنَةً وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ نَقَصَتْ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَوَجَبَ لَقْطُ طِفْلٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ عَلَى امْرَأَةٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ وَقْتَ إرَادَتِهَا الْأَخْذَ، أَوْ أَذِنَ لَهَا فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ لَهُ مَنْعَهَا فَإِنْ أَخَذَتْهُ بِغَيْرِ إذْنِ الزَّوْجِ كَانَ لَهُ رَدُّهُ لِمَحَلٍّ مَأْمُونٍ يُمْكِنُ أَخْذُهُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ وَكَانَ لَهَا مَالٌ أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ مِنْهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهَا فِي أَخْذِهِ فَالنَّفَقَةُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ لَهَا مَالٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بِإِذْنِهِ صَارَ كَأَنَّهُ الْمُلْتَقِطُ. (قَوْلُهُ: أَيْ صَغِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: نُبِذَ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى اتِّحَادِ مَعْنَى اللَّقِيطِ وَالْمَنْبُوذِ كَمَا عِنْدَ الْجَوْهَرِيِّ وَالْمُتَقَدِّمِينَ وَقِيلَ اللَّقِيطُ مَا اُلْتُقِطَ صَغِيرًا فِي الشَّدَائِدِ وَالْبَلَاءِ وَشِبْهِ ذَلِكَ، وَالْمَنْبُوذُ بِخِلَافِهِ وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَا دَامَ مَطْرُوحًا، وَلَا يُسَمَّى لَقِيطًا إلَّا بَعْدَ أَخْذِهِ وَقِيلَ الْمَنْبُوذُ مَا وُجِدَ بِفَوْرِ وِلَادَتِهِ وَاللَّقِيطُ بِخِلَافِهِ. (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِمَضْيَعَةٍ) أَيْ وُجِدَ بِمَضْيَعَةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ مَنْ نُبِذَ قَصْدًا وَمَنْ ضَلَّ عَنْ أَهْلِهِ وَيُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يُوجَدَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ؛ إذْ مَنْ أَخَذَهُ مِنْ الْحِرْزِ سَارِقٌ. (قَوْلُهُ: كِفَايَةً) مَحَلُّ الْكِفَايَةِ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ وَإِلَّا وَجَبَ عَيْنًا كَمَا فِي الْإِرْشَادِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْوُجُوبُ وَلَوْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ بِدَعْوَى رِقِّيَّتِهِ مَثَلًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِالْتِقَاطُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ، وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ بِالْخِيَانَةِ عُذْرًا يُسْقِطُ عَنْهُ الْوُجُوبَ. (قَوْلُهُ: وَلَا رِقُّهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ رِقُّهُ بَلْ عُلِمَتْ حُرِّيَّتُهُ أَوْ شُكَّ فِيهَا وَفِي رِقِّيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ بِدَلِيلِ قَوْلِ الشَّارِحِ وَقَوْلُهُ: فَخَرَجَ إلَخْ أَيْ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ فَخَرَجَ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْلُغَ إلَخْ) هَذَا

ص: 124

وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ بِالْتِقَاطِهِ أَلْزَمَ نَفْسَهُ ذَلِكَ وَهَذَا (إنْ لَمْ يُعْطَ) مَا يَكْفِيهِ (مِنْ الْفَيْءِ) فَإِنْ أُعْطِيَ مِنْهُ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْمُلْتَقِطِ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ وُجُوبِ النَّفَقَةِ إنْ لَمْ يُعْطَ إلَخْ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ كَهِبَةٍ) مِنْ صَدَقَةٍ، أَوْ حُبْسٍ فَنَفَقَتُهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَحُوزُهُ لَهُ الْمُلْتَقِطُ؛ لِأَنَّهُ كَأَبِيهِ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ مَا يُمَلَّكُهُ، ثُمَّ الْفَيْءُ، ثُمَّ الْحَاضِنُ (أَوْ يُوجَدَ مَعَهُ) مَالٌ مَرْبُوطٌ بِثَوْبِهِ (أَوْ مَدْفُونٌ) وَفِي نُسْخَةٍ " مَدْفُونًا " بِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (تَحْتَهُ إنْ كَانَتْ مَعَهُ رُقْعَةٌ) أَيْ وَرَقَةٌ مَثَلًا مَكْتُوبٌ فِيهَا أَنَّ الْمَالَ الْمَدْفُونَ تَحْتَ الطِّفْلِ لِلطِّفْلِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رُقْعَةٌ فَالْمَالُ لُقَطَةٌ.

(وَ) وَجَبَ (رُجُوعُهُ) أَيْ الْمُلْتَقِطِ الْمُنْفِقِ عَلَى اللَّقِيطِ (عَلَى أَبِيهِ) بِمَا أَنْفَقَ عَلَى اللَّقِيطِ (إنْ) كَانَ أَبُوهُ (طَرَحَهُ عَمْدًا) وَثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ لَا بِدَعْوَى الْمُلْتَقِطِ مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَبِ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا حِينَ الْإِنْفَاقِ وَأَنْ يَحْلِفَ الْمُنْفِقُ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ لَا حِسْبَةً فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ السَّرَفِ وَمَفْهُومُ طَرَحَهُ أَنَّهُ لَوْ ضَلَّ عَنْ أَبِيهِ، أَوْ هَرَبَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ لَمْ يَرْجِعْ الْمُنْفِقُ عَلَى الْأَبِ الْمُوسِرِ لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ حِينَئِذٍ مَحْمُولٌ عَلَى التَّبَرُّعِ وَمَعْنَى الْوُجُوبِ فِي هَذَا الْفَرْعِ الثُّبُوتُ (وَالْقَوْلُ) إنْ اخْتَلَفَا فِي الْإِنْفَاقِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُلْتَقِطِ بِالْكَسْرِ (أَنَّهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً) أَيْ تَبَرُّعًا بَلْ لِيَرْجِعَ بِيَمِينِهِ لَا قَوْلُ الْأَبِ إنَّهُ حِسْبَةٌ.

(وَهُوَ) أَيْ اللَّقِيطُ (حُرٌّ) لِأَنَّهَا الْأَصْلُ فِي النَّاسِ (وَوَلَاؤُهُ)(لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ أَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ فَمَحَلُّ مَالِهِ إذَا مَاتَ بَيْتُ الْمَالِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ الْمُلْتَقِطُ بَلْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.

(وَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِ) أَيْ اللَّقِيطِ إنْ وُجِدَ (فِي) قَرْيَةٍ مِنْ (قُرَى الْمُسْلِمِينَ) لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَالْغَالِبُ، وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الْكُفَّارِ وَلَوْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

إذَا كَانَ اللَّقِيطُ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِلَى دُخُولِ الزَّوْجِ بِهَا بَعْدَ إطَاقَتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَيَعْلَمُ بِهِ الْمُلْتَقِطُ حَالَ إنْفَاقِهِ وَإِلَّا رَجَعَ عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ كَمَا مَرَّ فِي النَّفَقَاتِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْفَيْءِ) مُرَادُهُ بِهِ بَيْتُ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ) بِالتَّشْدِيدِ. (قَوْلُهُ: وَيَحُوزُهُ لَهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِدُونِ نَظَرِ حَاكِمٍ وَهَذَا ظَاهِرٌ إنْ كَانَتْ الْهِبَةُ وَنَحْوُهَا مِنْ غَيْرِهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ مِنْهُ كَمَا فِي سَمَاعِ زُونَانَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي فِي سَمَاعِ يَحْيَى لَا يَحُوزُ لَهُ إنْ كَانَتْ مِنْهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْوَلِيِّ لِمَنْ فِي حِجْرِهِ وَالْمُلْتَقِطُ لَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ إلَخْ) أَيْ عُلِمَ مِنْ عُدُولِهِ عَنْ قَوْلِهِ، أَوْ يُمَلَّكُ بِالْعَطْفِ عَلَى يُعْطَى الْمُوهِمِ لِمُسَاوَاةِ مَالِهِ لِلْفَيْءِ فِي وُجُوبِ الْإِنْفَاقِ لِقَوْلِهِ " إلَّا أَنْ يُمَلَّكَ كَهِبَةٍ " الْمُفِيدِ لِتَقْدِيمِ مَالِهِ، ثُمَّ الْفَيْءِ، ثُمَّ الْمُلْتَقِطِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَدْفُونٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى نَائِبِ فَاعِلِ " يُوجَدَ " وَهُوَ الضَّمِيرُ الْمُسْتَتِرُ الْعَائِدُ عَلَى الْمَالِ الْمَفْهُومِ مِنْ السِّيَاقِ لِدَلَالَةِ " يُمَلَّكَ " عَلَيْهِ وَفِي الْكَلَامِ تَقْدِيرُ الصِّفَةِ أَيْ مَالٌ ظَاهِرٌ، أَوْ مَدْفُونٌ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَتْ مَعَهُ رُقْعَةٌ) قَيْدٌ فِي الْأَخِيرَةِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.

(قَوْلُهُ: إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا) اُنْظُرْ هَلْ مِنْ الطَّرْحِ عَمْدًا طَرْحُهُ لِوَجْهٍ أَمْ لَا وَجَعَلَهُ الْبِسَاطِيُّ خَارِجًا بِقَوْلِهِ عَمْدًا وَسَلَّمَهُ ح قَالَ بْن وَكَلَامُ الْبِسَاطِيِّ فِيهِ نَظَرٌ - وَإِنْ سَلَّمَهُ الْحَطَّابُ بَلْ الْحَقُّ أَنَّهُ مِنْ الْعَمْدِ وَاقْتَصَرَ عَلَى ذَلِكَ فِي المج. (قَوْلُهُ: مَعَ مُخَالَفَةِ الْأَبِ) أَيْ لِأَنَّ الظَّاهِرَ قَبُولُ قَوْلِ الْأَبِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ كَانَ مُوسِرًا. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَحْلِفَ إلَخْ) أَيْ كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يُنْفِقُ لِيَرْجِعَ وَإِلَّا فَلَا حَلِفَ وَإِذَا تَنَازَعَا فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهَا وَإِلَّا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْأَبِ بِيَمِينٍ؛ لِأَنَّهُ غَارِمٌ وَيَجْرِي فِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَأَنْ اخْتَلَفَا فِي يُسْرِ الْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ. (قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ بِغَيْرِ السَّرَفِ) أَيْ وَهُوَ نَفَقَةُ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: وَمَعْنَى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ يَجِبُ لِلْمُلْتَقِطِ الرُّجُوعُ عَلَى أَبِي اللَّقِيطِ بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَى اللَّقِيطِ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّرْكُ وَعَدَمُ الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: فِي هَذَا الْفَرْعِ) وَأَمَّا فِي الْفَرْعِ الْأَوَّلِ فَالْمُرَادُ بِهِ الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ وَهُوَ طَلَبُ الْفِعْلِ طَلَبًا جَازِمًا. (قَوْلُهُ: بَلْ لِيَرْجِعَ) أَيْ أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ لَمْ يُنْفِقْ حِسْبَةً يَصْدُقُ بِعَدَمِ النِّيَّةِ فَإِنْ نَوَى الْمُلْتَقِطُ حِسْبَةً لَمْ يَرْجِعْ وَلَوْ طَرَحَهُ أَبُوهُ عَمْدًا نَظَرًا لِنِيَّةِ الْمُنْفِقِ لَكِنْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ مُقْتَضَى الْمُدَوَّنَةِ رُجُوعُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَظَرًا لِحَالَةِ الْأَبِ وَهُوَ التَّعَمُّدُ فَكَانَ أَوْلَى بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ حُرٌّ) أَيْ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ شَرْعًا فَلَوْ أَقَرَّ اللَّقِيطُ بِرِقِّيَّتِهِ لِأَحَدٍ أُلْغِيَ إقْرَارُهُ؛ إذْ لَا يَثْبُتُ رِقُّ الشَّخْصِ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ وَسَوَاءٌ الْتَقَطَهُ حُرٌّ، أَوْ عَبْدٌ، أَوْ كَافِرٌ فَهُوَ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا الْأَصْلُ) أَيْ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ الْأَصْلُ فِي النَّاسِ أَيْ الَّذِينَ لَمْ يَتَقَرَّرْ عَلَيْهِمْ مِلْكٌ. (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ الْمَحْكُومِ بِكُفْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْكُومَ بِكُفْرِهِ لَا يَرِثُهُ الْمُسْلِمُونَ كَذَا قِيلَ وَقَدْ يُقَالُ لَا مَانِعَ مِنْ وَضْعِ مَالِ الْكَافِرِ فِي بَيْتِ الْمَالِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعَاهَدَ إذَا مَاتَ عِنْدَنَا وَلَيْسَ مَعَهُ وَارِثُهُ فَإِنَّ مَالَهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَيْ أَنَّهُمْ يَرِثُونَهُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَاءِ الْمَالُ لَا الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ الْمُخْتَصِّ بِمَنْ أُعْتِقَ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: لَا يَرِثُهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْإِمَامُ إرْثَهُ وَإِلَّا وَرِثَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْأُمُورِ الْعَامَّةِ الَّتِي النَّظَرُ فِيهَا لِلْإِمَامِ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ قَوْلِ عُمَرَ: لَك وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ.

ص: 125

(كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا) أَيْ فِي الْقَرْيَةِ لَا بِقَيْدِ الْمُسْلِمِينَ (إلَّا بَيْتَانِ) لِلْمُسْلِمِينَ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ أَيْضًا (إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ) تَغْلِيبًا لِلْإِسْلَامِ فَإِنْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ فَلَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ وَمِثْلُ الْبَيْتَيْنِ الْبَيْتُ كَالثَّلَاثَةِ وَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ فَيُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ، وَإِنْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ.

(وَإِنْ) وُجِدَ (فِي) قَرْيَةٍ مِنْ (قُرَى الشِّرْكِ) الَّتِي لَيْسَ فِيهَا بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْمُسْلِمِينَ (فَ) هُوَ (مُشْرِكٌ) ، وَإِنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ تَغْلِيبًا لِلدَّارِ.

(وَلَمْ يَلْحَقْ) اللَّقِيطُ شَرْعًا (بِمُلْتَقِطِهِ وَلَا غَيْرِهِ) إنْ ادَّعَاهُ (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لَهُ بِأَنَّهُ ابْنُهُ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهَا ذَهَبَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ طُرِحَ فَإِنْ أَقَامَهَا لَحِقَ بِهِ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ أَوْ كُفْرِهِ (أَوْ بِوَجْهٍ) كَمَنْ عُرِفَ أَنَّهُ لَا يَعِيشُ لَهُ وَلَدٌ فَزَعَمَ أَنَّهُ طَرَحَهُ لَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ إذَا طُرِحَ الْجَنِينُ عَاشَ، أَوْ لِغَلَاءٍ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فَيَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْوَجْهِ الْمُدَّعَى.

(وَلَا يَرُدُّهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ رَدُّهُ لِمَوْضِعِهِ (بَعْدَ أَخْذِهِ) لِأَنَّهُ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ حِفْظُهُ بِالْتِقَاطِهِ إذْ فَرْضُ الْكِفَايَةِ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ (إلَّا أَنْ يَأْخُذَهُ) لَا لِنِيَّةِ تَرْبِيَتِهِ بَلْ (لِيَرْفَعَهُ لِلْحَاكِمِ) فَرَفَعَهُ لَهُ (فَلَمْ يَقْبَلْهُ وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ) لِلنَّاسِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُ فَلَهُ رَدُّهُ حِينَئِذٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا بِأَنْ لَمْ يُوقِنْ بِأَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ فَإِنْ تَحَقَّقَ عَدَمُ أَخْذِهِ حَتَّى مَاتَ اُقْتُصَّ مِنْهُ، وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ وَمِثْلُ أَخْذِهِ لِيَرْفَعَهُ لِحَاكِمٍ أَخْذُهُ لِيَسْأَلَ مُعَيَّنًا هَلْ هُوَ وَلَدُهُ أَمْ لَا.

(وَ) لَوْ تَسَابَقَ جَمَاعَةٌ، أَوْ اثْنَانِ عَلَى لَقِيطٍ، أَوْ لُقَطَةٍ وَكُلٌّ أَمِينٌ وَأَهْلٌ لِكِفَايَتِهِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) وَهُوَ مَنْ وَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَلَوْ زَاحَمَهُ عَنْهُ الْآخَرُ وَأَخَذَهُ (ثُمَّ) إنْ اسْتَوَيَا فِي وَضْعِ الْيَدِ قُدِّمَ (الْأَوْلَى) أَيْ الْأَصْلَحُ لِحِفْظِهِ وَالْقِيَامِ بِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ أَوْلَى بِأَنْ اسْتَوَيَا (فَالْقُرْعَةُ) .

(وَيَنْبَغِي) لِلْمُلْتَقِطِ (الْإِشْهَادُ) عِنْدَ الِالْتِقَاطِ عَلَى أَنَّهُ الْتَقَطَهُ، خَوْفَ طُولِ الزَّمَانِ فَيَدَّعِي الْوَلَدِيَّةَ أَوْ الِاسْتِرْقَاقَ (وَلَيْسَ بِمُكَاتَبٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ فَأَوْلَى الْقِنُّ

(الْتِقَاطٌ) .

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا إلَّا بَيْتَانِ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ) ظَاهِرُهُ الْحُكْمُ بِإِسْلَامِهِ حَيْثُ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ وَلَوْ سُئِلَ أَهْلُ الْبَيْتَيْنِ فَجَزَمُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُمْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى إسْلَامِ الْمَسْبِيِّ تَبَعًا لِإِسْلَامِ سَابِيهِ وَلِأَنَّهُمَا قَدْ يُنْكِرَانِ لِنَبْذِهِمَا إيَّاهُ وَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّهُ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا اهـ عبق. (قَوْلُهُ: وَالْبَيْتُ كَالْبَيْتَيْنِ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ح مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ وَلَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ كَالْمُصَنِّفِ كَمَا فِي بْن.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ قُرَى الشِّرْكِ) أَيْ وَإِنْ كَانَتْ بَيْنَ قُرَى الْمُسْلِمِينَ وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُشْرِكٌ وَإِنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ نَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَفِي الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ إنْ الْتَقَطَهُ مُسْلِمٌ يَكُونُ عَلَى دِينِهِ وَإِنْ الْتَقَطَهُ كَافِرٌ كَانَ عَلَى دِينِهِ قَالَ بْن وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا بِبَيِّنَةٍ لَهُ) أَيْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَقَامَهَا لَحِقَ بِهِ كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ كُفْرِهِ) سَوَاءٌ كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ لَهُ - الَّذِي شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ - الْمُلْتَقِطَ أَوْ غَيْرَهُ، كَانَ الْمُلْتَقِطُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْمُسْتَلْحِقَ لِلَّقِيطِ إمَّا مُلْتَقِطُهُ، أَوْ غَيْرُهُ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْمُسْتَلْحِقُ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ بِكُفْرِهِ فَفِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ إنْ أَقَامَ الْمُسْتَلْحِقُ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّ هَذَا اللَّقِيطَ وَلَدُهُ لَحِقَ بِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْحَقُ بِصَاحِبِ الْوَجْهِ الْمُدَّعَى) اُنْظُرْ هَلْ لُحُوقُهُ بِهِ فِي الثَّمَانِ صُوَرٍ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وتت وَالشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْأُجْهُورِيُّ، أَوْ فِي أَرْبَعٍ مِنْهَا فَقَطْ وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَلْحِقُ مُسْلِمًا كَانَ هُوَ الْمُلْتَقِطَ، أَوْ غَيْرُهُ، كَانَ اللَّقِيطُ مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ، أَوْ بِكُفْرِهِ وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ بَعْضُهُمْ وَنَحْوُهُ فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ قَائِلًا وَأَمَّا إذَا اسْتَلْحَقَهُ ذِمِّيٌّ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنْ قِيلَ مُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الِاسْتِلْحَاقِ - مِنْ أَنَّ الْأَبَ يَسْتَلْحِقُ مَجْهُولَ النَّسَبِ - عَدَمُ تَوَقُّفِ الِاسْتِلْحَاقِ هُنَا عَلَى الْبَيِّنَةِ أَوْ الْوَجْهِ.

قُلْت: قَالَ ابْنُ يُونُسَ إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَدْ خَالَفَ هُنَا أَصْلَهُ؛ إذْ مُقْتَضَى أَصْلِهِ أَنَّ الِاسْتِلْحَاقَ هُنَا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى بَيِّنَةٍ، أَوْ وَجْهٍ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: لِمَوْضِعِهِ) أَيْ وَلَا لِمَوْضِعٍ آخَرَ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ) بِنِيَّةِ حِفْظِهِ، أَوْ بِلَا نِيَّةِ حِفْظِهِ وَلَا رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضِعُ مَطْرُوقٌ لِلنَّاسِ) أَيْ بِحَيْثُ لَا يُخْشَى هَلَاكُهُ فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ لِعَدَمِ أَخْذِهِ لِلْحِفْظِ فَلَمْ يَشْرَعْ فِي فَرْضِ كِفَايَةٍ حَتَّى يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَوْضِعُ مَطْرُوقًا بِأَنْ لَمْ يُوقِنْ بِأَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ) فِي الْكَلَامِ نَقْصٌ أَيْ حَرُمَ رَدُّهُ فَإِنْ رَدَّهُ وَمَاتَ فَإِنْ تَحَقَّقَ إلَخْ. (قَوْلُهُ وَإِنْ شَكَّ) أَيْ فِي أَخْذِهِ أَيْ فِي أَنْ يَأْخُذَهُ أَحَدٌ، أَوْ لَا يَأْخُذَهُ فَالدِّيَةُ وَانْظُرْ هَلْ دِيَةُ خَطَأٍ، أَوْ عَمْدٍ وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا أَنَّهَا دِيَةُ عَمْدٍ. (قَوْلُهُ: لِيَسْأَلَ مُعَيَّنًا هَلْ هُوَ وَلَدُهُ أَمْ لَا) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ لَيْسَ وَلَدِي جَازَ لَهُ رَدُّهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ زَاحَمَهُ عَنْهُ الْآخَرُ وَأَخَذَهُ) أَيْ فَيُنْزَعُ مِنْ ذَلِكَ الْمُزَاحِمِ وَيُدْفَعُ لِلْأَسْبَقِ. (قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَوْلَى) أَيْ فَلَوْ أَخَذَهُ غَيْرُهُ نُزِعَ مِنْهُ وَدُفِعَ لِلْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَكُنْ أَوْلَى بِأَنْ اسْتَوَيَا) أَيْ فِي الْأَصْلَحِيَّةِ وَوَضْعِ الْيَدِ.

(قَوْلُهُ: خَوْفَ طُولِ الزَّمَانِ) عِلَّةٌ وَهِيَ بِمَعْنَى الشَّرْطِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَنْبَغِي الْإِشْهَادُ أَيْ إذَا كَانَ يَخَافُ أَنَّهُ عِنْدَ طُولِ الزَّمَانِ يَدَّعِي مَا ذُكِرَ فَإِنْ تَحَقَّقَ، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ دَعْوَى ذَلِكَ وَجَبَ الْإِشْهَادُ وَاللُّقَطَةُ كَاللَّقِيطِ فِي الْحَالَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ

ص: 126

(بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ رُبَّمَا أَدَّى لِعَجْزِهِ لِاشْتِغَالِهِ بِتَرْبِيَتِهِ وَلِأَنَّ حَضَانَتَهُ مِنْ التَّبَرُّعِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فَقَوْلُهُ الْتِقَاطٌ أَيْ أَخْذُ لَقِيطٍ وَأَمَّا أَخْذُ اللُّقَطَةِ فَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَذُو الرِّقِّ كَذَلِكَ أَيْ فَلَهُ أَخْذُهَا وَتَعْرِيفُهَا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَلَوْ قِنًّا إذْ تَعْرِيفُهَا لَا يَشْغَلُهُ عَنْ خِدْمَةِ السَّيِّدِ.

(وَنُزِعَ) لَقِيطٌ (مَحْكُومٌ بِإِسْلَامِهِ) شَرْعًا (مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ الْكَافِرُ إذَا الْتَقَطَهُ.

(وَنُدِبَ)(أَخْذُ) عَبْدٍ (آبِقٍ لِمَنْ يَعْرِفُ) رَبَّهُ فَيَعْرِفُ بِفَتْحِ حَرْفِ الْمُضَارَعَةِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مِنْ عَرَفَ يَتَعَدَّى لِوَاحِدٍ أَيْ يُنْدَبُ لِمَنْ وَجَدَ آبِقًا وَعَرَفَ رَبَّهُ أَنْ يَأْخُذَهُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ وَكَلَامُهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَخْشَ ضَيَاعَهُ، وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ لَهُ (وَإِلَّا) يَعْرِفْ رَبَّهُ (فَلَا يَأْخُذُهُ) أَيْ يُكْرَهُ أَخْذُهُ (فَإِنْ أَخَذَهُ رَفَعَهُ لِلْإِمَامِ) لِرَجَاءِ مَنْ يَطْلُبُهُ مِنْهُ (وَوُقِفَ) عِنْدَ الْإِمَامِ (سَنَةً) فَإِنْ أَرْسَلَهُ فِيهَا ضَمِنَ (ثُمَّ) إذَا مَضَتْ السَّنَةُ وَلَمْ يَجِئْ رَبُّهُ (بِيعَ) أَيْ بَاعَهُ الْإِمَامُ (وَلَا يُهْمِلُ) أَمْرَهُ بَلْ يَكْتُبُ اسْمَهُ وَحِلْيَتَهُ مَعَ بَيَانِ التَّارِيخِ وَالْبَلَدِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُحْتَاجُ لِتَسْجِيلِهِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ وَيَجْعَلُ ثَمَنَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَتَّى يَعْلَمَ رَبَّهُ (وَأَخَذَ نَفَقَتَهُ) الَّتِي أَنْفَقَهَا عَلَيْهِ فِي السَّنَةِ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ رَبُّهُ وَكَذَا أُجْرَةُ الدَّلَّالِ (وَمَضَى بَيْعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ لِلْعَبْدِ وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً بَعْدَ سَنَةٍ كَمَا هُوَ صَرِيحُ قَوْلِهِ، ثُمَّ بِيعَ (وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ كُنْت أَعْتَقْته) سَابِقًا قَبْلَ الْإِبَاقِ، أَوْ بَعْدَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ لِاتِّهَامِهِ عَلَى نَقْضِ بَيْعِ الْإِمَامِ بِالْوُجُوهِ الْجَائِزَةِ، وَمَفْهُومُ قَالَ أَنَّهُ إنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ عُمِلَ بِهَا وَنُقِضَ الْبَيْعُ.

(وَلَهُ) أَيْ لِرَبِّ الْآبِقِ (عِتْقُهُ) حَالَ إبَاقِهِ وَالتَّصَدُّقُ بِهِ وَالْإِيصَاءُ بِهِ لِلْغَيْرِ (وَهِبَتُهُ لِغَيْرِ ثَوَابٍ) لَا لَهُ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَبَيْعُهُ لَا يَجُوزُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ) أَيْ وَأَمَّا بِإِذْنِهِ فَيَجُوزُ وَيَلْزَمُ السَّيِّدَ حَضَانَتُهُ وَنَفَقَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَذِنَ فِي أَخْذِهِ صَارَ كَأَنَّهُ هُوَ الْمُلْتَقِطُ فَلَوْ الْتَقَطَ لَقِيطًا بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَلِسَيِّدِهِ إجَازَتُهُ وَرَدُّهُ لِمَوْضِعِ الْتِقَاطِهِ إنْ كَانَ مَطْرُوقًا وَأَيْقَنَ أَنَّ غَيْرَهُ يَأْخُذُهُ كَمَا مَرَّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَةَ لَيْسَتْ كَالْمُكَاتَبِ فِي جَوَازِ الِالْتِقَاطِ بَلْ يُمْنَعُ الْتِقَاطُهَا بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا وَهِيَ أَوْلَى مِنْهُ فِي مَنْعِ أَخْذِ اللَّقِيطِ بِغَيْرِ إذْنٍ؛ لِأَنَّ لِزَوْجِهَا مَنْعَهَا مِمَّا يَشْغَلُهَا عَنْهُ وَالْمُكَاتَبُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْتِقَاطَهُ رُبَّمَا أَدَّى إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ أَخْذِهِ اللَّقِيطَ، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ تَعْلِيلٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ يُمْنَعُ أَيْضًا مِنْ أَخْذِهِ اللُّقَطَةَ إذَا كَانَتْ عَبْدًا صَغِيرًا وَانْظُرْهُ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَنُزِعَ لَقِيطٌ) أَيْ وَأُقِرَّ تَحْتَ يَدِ شَخْصٍ مُسْلِمٍ وَجُبِرَ عَلَى الْإِسْلَامِ فَإِنْ نُزِعَ بَعْدَ الْبُلُوغِ وَأَبَى الْإِسْلَامَ فَمُرْتَدٌّ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ. (قَوْلُهُ: شَرْعًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ وَإِنْ لَمْ يَحْكُمْ حَاكِمٌ بِإِسْلَامِهِ وَذَلِكَ كَالْمَوْجُودِ فِي قَرْيَةِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى مَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: أَخْذُ آبِقٍ) هُوَ مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا بِلَا سَبَبٍ وَالْهَارِبُ مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا لِسَبَبٍ كَذَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّ هَذَا فَرْقٌ بِحَسَبِ الْأَصْلِ وَإِلَّا فَالْعُرْفُ الْآنَ أَنَّ مَنْ ذَهَبَ مُخْتَفِيًا مُطْلَقًا أَيْ لِسَبَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ يُقَالُ لَهُ آبِقٌ وَهَارِبٌ. (قَوْلُهُ: لِمَنْ يَعْرِفُ) مُتَعَلِّقٌ بِ نُدِبَ وَلَا يُقَالُ إنَّ فِيهِ فَصْلًا بَيْنَ الْعَامِلِ وَالْمَعْمُولِ؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ الْفَصْلُ بَيْنَهُمَا بِالْأَجْنَبِيِّ لَا بِغَيْرِهِ خُصُوصًا نَائِبَ الْفَاعِلِ فَإِنَّ رُتْبَتَهُ التَّقْدِيمُ وَيَجُوزُ تَعَلُّقُهُ بِآبِقٍ عَلَى أَنَّهُ ظَرْفٌ لَغْوٌ، وَاللَّامَ بِمَعْنَى مِنْ أَيْ عَبْدٍ آبِقٍ مِمَّنْ يَعْرِفُهُ الْآخِذُ أَيْ مِنْ سَيِّدٍ يَعْرِفُهُ الْآخِذُ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ حِفْظِ الْأَمْوَالِ) فِيهِ أَنَّ التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ وَإِنَّمَا اُشْتُرِطَ مَعْرِفَةُ سَيِّدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُخْبِرَهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إنْشَادٍ وَتَعْرِيفٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وَجَبَ أَخْذُهُ لَهُ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ خِيَانَةَ نَفْسِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ أَخْذُهُ وَتَرْكُ الْخِيَانَةِ وَلَا يَكُونُ عِلْمُهُ بِخِيَانَتِهِ عُذْرًا مُسْقِطًا لِلْوُجُوبِ، نَعَمْ مَحَلُّ الْوُجُوبِ إذَا خَشِيَ ضَيَاعَهُ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ ضَرَرًا مِنْ السُّلْطَانِ إذَا أَخَذَهُ لِيُخْبِرَ صَاحِبَهُ بِهِ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا يَأْخُذُهُ) صَرَّحَ بِهَذَا الْمَفْهُومِ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومٌ غَيْرُ شَرْطٍ وَلِأَنَّ عَدَمَ نَدْبِ أَخْذِهِ لَا يَقْتَضِي النَّهْيَ مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ الْكَرَاهَةُ وَلِيُفَرِّعَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَإِنْ أَخَذَهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لَهُ أَخْذُهُ) أَيْ لِاحْتِيَاجِهِ لِلْإِنْشَادِ وَالتَّعْرِيفِ فَيُخْشَى أَنْ يَصِلَ لِعِلْمِ السُّلْطَانِ فَيَأْخُذَهُ. (قَوْلُهُ: وَوُقِفَ سَنَةً) أَيْ وَيُنْفِقُ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ فِيهَا.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ بِيعَ) أَيْ بَعْدَهَا مَا لَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ قَبْلَهَا وَإِلَّا بِيعَ قَبْلَهَا كَمَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَوُقِفَ عِنْدَ الْإِمَامِ سَنَةً، ثُمَّ يَبِيعُهُ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى جَمِيعِ مَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَعْلَمَ رَبَّهُ) أَيْ فَإِذَا جَاءَ مَنْ يَطْلُبُهُ قَابَلَ مَا عِنْدَهُ مِنْ الْأَوْصَافِ عَلَى مَا كُتِبَ فِي السِّجِلِّ فَإِنْ وَافَقَ دَفَعَ لَهُ الثَّمَنَ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ نَفَقَتَهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ وَأَخَذَ الْإِمَامُ نَفَقَتَهُ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ إلَى أَنْ يَحْضُرَ رَبُّهُ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ أَخَذَهُ لِكَوْنِهِ يَعْرِفُ رَبَّهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الصَّبْرُ بِنَفَقَتِهِ حَتَّى يَحْضُرَ رَبُّهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ بَيْعُهُ وَأَخْذُ نَفَقَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ قَبْلَ مَجِيءِ رَبِّهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ لُزُومِ الْإِمَامِ الصَّبْرَ إلَى أَنْ يَحْضُرَ رَبُّهُ ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَتْ النَّفَقَةُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لِلْأَحْرَارِ وَمَصَالِحِهِمْ، وَالْعَبْدُ غَنِيٌّ بِسَيِّدِهِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَتِهِ أُلْزِمَ بِبَيْعِهِ مِمَّنْ يُنْفِقُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَ رَبُّهُ) أَيْ عِنْدَ حُضُورِهِ بَعْدَ بَيْعِهِ وَقَوْلُهُ: كُنْت أَعْتَقْته أَيْ نَاجِزًا أَوْ مُؤَجِّلًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ) أَيْ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهُ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج وَكَذَا لَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ كُنْت أَوَلَدْتهَا إلَّا أَنْ يُحْضِرَ الْوَلَدَ الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ أَوْلَدَهُ لَهَا وَيَقُولَ هَذَا وَلَدُهَا فَتُرَدَّ إلَيْهِ إنْ لَمْ يُتَّهَمْ فِيهَا بِمَحَبَّةٍ وَنَحْوِهَا وَإِلَّا فَلَا تُرَدُّ إلَيْهِ

ص: 127

(وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جَلْدٍ إذَا فَعَلَ مَا يَقْتَضِيهَا وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهَا لَا تُقَامُ عَلَيْهِ لِغَيْبَةِ سَيِّدِهِ.

(وَضَمِنَهُ) الْمُلْتَقِطُ (إنْ أَرْسَلَهُ) بَعْدَ أَخْذِهِ وَلَوْ خَوْفًا مِنْ شِدَّةِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَيْ ضَمِنَ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِرْسَالِ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ إنْ هَلَكَ الْعَبْدُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ أَرْسَلَهُ (لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يُؤْذِيَهُ فِي نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ فَلَا يَضْمَنُ وَيُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ إنَّمَا أَرْسَلَهُ لِلْخَوْفِ مِنْهُ بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ وَشُبِّهَ فِي الضَّمَانِ قَوْلُهُ (كَمَنْ اسْتَأْجَرَهُ) أَيْ الْآبِقَ مِنْ نَفْسِهِ، أَوْ مِنْ مُلْتَقِطِهِ (فِيمَا) أَيْ فِي عَمَلٍ (يَعْطَبُ فِيهِ) وَعَطِبَ فَإِنْ سَلِمَ ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْمُسْتَأْجِرُ أَنَّهُ أَبَقَ أَمْ لَا.

وَعَطَفَ عَلَى أَرْسَلَهُ قَوْلَهُ (لَا) يَضْمَنُ الْمُلْتَقِطُ (إنْ أَبَقَ) الْعَبْدُ بِفَتْحِ الْبَاءِ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُلْتَقِطِ (وَإِنْ) كَانَ الْعَبْدُ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ آبِقًا (مُرْتَهَنًا) بِالْفَتْحِ أَيْ فِي دَيْنٍ فَأَبَقَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ بِالْكَسْرِ (وَحَلَفَ) الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَبَقَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ مِنِّي، وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ؛ لِأَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى الْآبِقِ فِي رَقَبَتِهِ فَلَا يُتَّهَمُ بِالتَّفْرِيطِ لِضَيَاعِ نَفَقَتِهِ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمُرْتَهِنِ فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ.

(وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ) مِنْ يَدِ الْمُلْتَقِطِ (بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ) بِغَيْرِ اسْتِينَاءٍ وَأَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ (وَأَخَذَهُ) مُدَّعِيهِ حَوْزًا لَا مِلْكًا (إنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا دَعْوَاهُ) أَنَّهُ عَبْدِي (إنْ صَدَّقَهُ) الْعَبْدُ عَلَى دَعْوَاهُ وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالِاسْتِينَاءِ فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا جَاءَ بِهِ أَخَذَهُ مِنْهُ وَلِذَا قَالَ وَأَخَذَهُ الْمُفِيدُ لِلْحَوْزِ وَقَالَ فِيمَا قَبْلَهُ وَاسْتَحَقَّهُ الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ وَمَفْهُومُ صَدَّقَهُ أَنَّهُ إنْ كَذَّبَهُ أَخَذَهُ أَيْضًا إنْ وَصَفَهُ وَلَمْ يُقِرَّ الْعَبْدُ بِأَنَّهُ لِفُلَانٍ، أَوْ أَقَرَّ وَكَذَّبَهُ الْمُقَرُّ لَهُ فَإِنْ صَدَّقَهُ أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ.

(وَلْيَرْفَعْ) مُلْتَقِطُ الْعَبْدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَيُعْطَى ثَمَنَهَا.

(قَوْلُهُ: وَتُقَامُ عَلَيْهِ الْحُدُودُ) أَيْ يُقِيمُهَا عَلَيْهِ السُّلْطَانُ وُجُوبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جَلْدٍ) أَيْ أَوْ رَجْمٍ لِلِوَاطٍ فَاعِلًا كَانَ، أَوْ مَفْعُولًا وَانْظُرْ إذَا حَصَلَ مِنْهُ مُوجِبُ الْقَتْلِ وَقُتِلَ هَلْ تَضِيعُ النَّفَقَةُ عَلَى مَنْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ مِنْ إمَامٍ وَمُلْتَقِطٍ لِتَعَلُّقِهَا بِرَقَبَتِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ لَا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَرْسَلَهُ بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ سَوَاءٌ أَرْسَلَهُ قَبْلَ السَّنَةِ، أَوْ بَعْدَهَا. (قَوْلُهُ: إلَّا لِخَوْفٍ مِنْهُ) أَيْ أَوْ خَوْفٍ مِنْ السُّلْطَانِ بِسَبَبِ أَخْذِهِ أَنْ يَقْتُلَهُ، أَوْ يَأْخُذَ مَالَهُ، أَوْ يَضْرِبَهُ وَلَوْ كَانَ الضَّرْبُ ضَعِيفًا لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ فِيمَا يَظْهَرُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَدَمَ الضَّمَانِ إذَا أَرْسَلَهُ لِخَوْفٍ مِنْهُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ رَفْعُهُ لِلْإِمَامِ وَإِلَّا رَفَعَهُ إلَيْهِ وَلَا يُرْسِلُهُ فَإِنْ أَرْسَلَهُ مَعَ إمْكَانِ رَفْعِهِ إلَيْهِ ضَمِنَ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ بِحِيلَةٍ، أَوْ بِحَارِسٍ وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُرْسِلُهُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ وَالظَّاهِرُ رُجُوعُهُ بِالْأُجْرَةِ كَالنَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ تَعَلُّقَاتِ حِفْظِهِ. (قَوْلُهُ: فِيمَا يَعْطَبُ فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى عَمَلٍ خَفِيفٍ مِثْلِ سَقْيِ دَابَّةٍ فَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ فِي نَظِيرِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَطِبَ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمُسْتَأْجِرُ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْإِيجَارِ. (قَوْلُهُ: ضَمِنَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ) أَيْ ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَيَرْجِعُ الْمُسْتَأْجِرُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِمَا اسْتَأْجَرَ بِهِ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ وَعَلَى الْعَبْدِ إنْ كَانَ دَفَعَ لَهُ وَكَانَتْ الْأُجْرَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لَهُ قَائِمَةً وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ.

. (قَوْلُهُ: لَا إنْ أَبَقَ مِنْهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ آبِقًا، ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهِ أَبَقَ مِنْ عِنْدِهِ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ عِنْدَهُ، أَوْ تَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لِرَبِّهِ إذَا حَضَرَ حَيْثُ لَمْ يُفَرِّطْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ أَمَّا إذَا فَرَّطَ كَمَا لَوْ أَرْسَلَهُ فِي حَاجَةٍ يَأْبَقُ فِي مِثْلِهَا فَأَبَقَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ. (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْبَاءِ) أَيْ وَهُوَ أَفْصَحُ مِنْ كَسْرِهَا قَالَ تَعَالَى: {إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ} [الصافات: 140] . وَفِي مُضَارِعِهِ الْفَتْحُ وَالْكَسْرُ وَالضَّمُّ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَمَنَعَ وَدَخَلَ. (قَوْلُهُ: لَا بِقَيْدِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ اسْتِخْدَامًا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ كَانَ فِي عَبْدٍ آبِقٍ أَخَذَهُ إنْسَانٌ، ثُمَّ إنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ وَانْتَقَلَ مِنْهُ لِعَبْدٍ غَيْرِ آبِقٍ أَخَذَهُ إنْسَانٌ رَهْنًا فِي دَيْنٍ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ أَبَقَ مِنْهُ وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى وَإِنْ كَانَ الْآبِقُ مُرْتَهَنًا بِفَتْحِ الْهَاءِ أَيْ مُرْتَهَنًا قَبْلَ إبَاقِهِ وَعَلَى هَذَا فَلَا اسْتِخْدَامَ. (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْمُرْتَهِنِ) أَيْ لِأَنَّ الرَّهْنَ الْمَذْكُورَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقْبَلُ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ تَلَفَهُ، أَوْ ضَيَاعَهُ بِيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ عَلَى الْمُلْتَقِطِ) أَيْ بَلْ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ أَبَقَ عِنْدِي مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ نَفَقَتَهُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُتَّهَمُ الْمُرْتَهِنُ فِي إضَاعَتِهِ وَيَرْجِعُ بِنَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَحَقَّهُ سَيِّدُهُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ الْتَقَطَ عَبْدًا لَمْ يَعْرِفْ سَيِّدَهُ فَحَضَرَ إنْسَانٌ ادَّعَى أَنَّهُ سَيِّدُهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّهُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْ الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ فِي اسْتِحْقَاقِهِ بِهِمَا الشَّاهِدَانِ؛ يَسْتَحِقُّهُ بِشَهَادَتِهِمَا مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ. (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ مُدَّعِيهِ حَوْزًا لَا مِلْكًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ بَيْعِهِ وَلَا مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَإِنْ جَازَ لَهُ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إذَا كَانَ صَادِقًا. (قَوْلُهُ: إنْ صَدَّقَ الْعَبْدُ عَلَى دَعْوَاهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَفَ السَّيِّدُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَمْ لَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بَعْدَ أَنْ صَدَّقَ أَنَّهُ لِمُدَّعِيهِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ ثَانِيًا لِغَيْرِ مَنْ صَدَّقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ بَعْدَ الرَّفْعِ لِلْحَاكِمِ وَالِاسْتِينَاءِ) أَيْ الْإِمْهَالِ فِي الدَّفْعِ لَهُ، وَالِاسْتِينَاءُ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَانْظُرْ مَا فَائِدَةُ ذَلِكَ الِاسْتِينَاءِ مَعَ كَوْنِ الدَّفْعِ لَهُ حَوْزًا لَا مِلْكًا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ إلَخْ) هَذَا ثَمَرَةُ كَوْنِ الْأَخْذِ حَوْزًا لَا مِلْكًا. (قَوْلُهُ: الْمُقْتَضِي لِلْمِلْكِ) أَيْ وَلِكَوْنِ الْأَخْذِ مَعَ الشَّاهِدِ عَلَى وَجْهِ الْمِلْكِ حُلِّفَ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ وَلَمَّا كَانَ الْأَخْذُ هُنَا حَوْزًا سَقَطَتْ عَنْهُ الْيَمِينُ كَذَا قَالَ عبق. (قَوْلُهُ: أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ سَوَاءٌ وَصَفَ ذَلِكَ.

ص: 128