الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَمْ أَسْتَوْجِبْهُ) تَشْبِيهٌ فِي مُجَرَّدِ الْخِلَافِ، وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ إذْ الْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الْمُسْلِمِ وَعَدَمِهَا وَفِي هَذَا فِي قَتْلِ الْقَائِلِ لِنِسْبَةِ الْبَارِي تَعَالَى لِلْجَوْرِ فَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِي السَّبِّ، وَفِي اسْتِتَابَتِهِ الْخِلَافُ الْمُتَقَدِّمُ وَعَدَمِ قَتْلِهِ بَلْ يُؤَدَّبُ وَيُشَدَّدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ قَصْدَهُ الشَّكْوَى.
[دَرْسٌ](بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا وَأَحْكَامَهُ وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبِالْمَدِّ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ وَالنِّسْبَةُ لِلْمَقْصُورِ زَنَوِيٌّ وَلِلْمَمْدُودِ زَنَّائِيٌّ، فَقَالَ (الزِّنَا) شَرْعًا وَهُوَ مَا فِيهِ الْحَدُّ الْآتِي بَيَانُهُ (وَطْءُ مُكَلَّفٍ) حُرًّا أَوْ عَبْدًا (مُسْلِمٍ) وَإِضَافَةُ وَطْءٍ لِمُكَلَّفٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَيُرَادُ بِالْفَاعِلِ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ الْفِعْلُ فَيَشْمَلُ الْوَاطِئَ وَالْمَوْطُوءَ فَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ التَّكْلِيفُ وَالْإِسْلَامُ فَلَا يُحَدُّ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا كَافِرٌ إذْ وَطْؤُهُمْ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا، وَالْوَطْءُ تَغْيِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا وَلَوْ بِحَائِلٍ خَفِيفٍ لَا يَمْنَعُ اللَّذَّةَ وَبِغَيْرِ انْتِشَارِ (فَرْجِ آدَمِيٍّ) قُبُلًا أَوْ دُبُرًا لَا غَيْرِ فَرْجٍ كَبَيْنِ فَخِذَيْنِ وَلَا فَرْجِ بَهِيمَةٍ وَلَا جِنِّيٍّ إنْ تَصَوَّرَ بِصُورَةِ غَيْرِ آدَمِيٍّ (لَا مِلْكَ لَهُ) أَيْ لِلْوَاطِئِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْفَرْجِ أَيْ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا فَالْمَمْلُوكُ الذَّكَرُ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَيْهِ شَرْعًا مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ (بِاتِّفَاقٍ) مِنْ الْأَئِمَّةِ لَا أَهْلِ الْمَذْهَبِ فَقَطْ فَخَرَجَ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى زِنًا، وَلَوْ قَالَ بَدَلَهُ بِلَا شُبْهَةٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِإِخْرَاجِ وَطْءِ حَلِيلَتِهِ بِدُبُرِهَا وَأَمَةِ الشَّرِكَةِ وَالْقِرَاضِ وَالْمُبَعَّضَةِ (تَعَمُّدًا) خَرَجَ بِهِ الْغَالِطُ وَالْجَاهِلُ وَالنَّاسِي كَمَنْ نَسِيَ طَلَاقَهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَرَضِ الَّذِي اُبْتُلِيَتْ بِهِ أَوْ اُبْتُلِيَ بِهِ فُلَانٌ مَا صَبَرَ اهـ قَالَ الْعَلَّامَةُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَةِ عبق وَفِيهِ أَنَّ هَذَا تَنْقِيصٌ بِمَرْتَبَةِ الْأَنْبِيَاءِ فَالظَّاهِرُ الْقَتْلُ فِي هَذَا مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: لِنِسْبَةِ الْبَارِي تَعَالَى لِلْجَوْرِ) أَيْ وَهُوَ كُفْرٌ وَقَدْ كَفَرَ إبْلِيسُ بِذَلِكَ حَيْثُ أَمَرَهُ اللَّهُ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ فَخَالَفَ وَقَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي اسْتِتَابَتِهِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُقْتَلُ خِلَافٌ وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا
[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]
(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الزِّنَا) .
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِالْقَصْرِ لُغَةُ أَهْلِ الْحِجَازِ) وَبِهِ جَاءَ الْقُرْآنُ وَعَلَيْهِ فَيُكْتَبُ بِالْيَاءِ لِانْقِلَابِ الْأَلْفِ عَنْهَا.
(قَوْلُهُ: وَبِالْمَدِّ لُغَةُ أَهْلِ نَجْدٍ) أَيْ وَهُمْ تَمِيمٌ وَعَلَيْهِ فَيُكْتَبُ بِالْأَلِفِ وَلِكَوْنِ الزِّنَا يُمَدُّ وَيُقْصَرُ جُعِلَ يَا ابْنَ الْمَقْصُورِ وَالْمَمْدُودِ مِنْ صِيَغِ الْقَذْفِ.
(قَوْلُهُ: الزِّنَا شَرْعًا) خَرَجَ الزِّنَا الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ كَالنِّكَاحِ بِدُونِ وَلِيٍّ وَمَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ وَوَطْءُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ فَإِنَّ كُلَّ هَذَا، وَإِنْ كَانَ زِنًا فِي اللُّغَةِ لَكِنْ لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَكُلُّ هَذِهِ خَارِجَةٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ الشُّرُوطِ وَحِينَ إذْ كَانَ لَا يُسَمَّى مَا ذَكَرْنَا شَرْعًا فَلَا يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِذِكْرِ الشُّرُوطِ بِحَيْثُ يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ ذَكَرَ أَمْرًا عَامًّا وَهُوَ الزِّنَا ثُمَّ بَيَّنَهُ بِخَاصٍّ.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَذْكُرْ أَمْرًا عَامًّا بَلْ خَاصًّا بِقَرِينَةِ ذِكْرِ الشُّرُوطِ فَذِكْرُهَا قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ أَلْ فِي الزِّنَا لِلْعَهْدِ الْعِلْمِيِّ أَيْ الزِّنَا الْمَعْهُودِ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا فِيهِ الْحَدُّ الْآتِي) أَيْ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ رَجْمًا أَوْ جَلْدًا.
(قَوْلُهُ: مُكَلَّفٍ) أَيْ وَلَوْ سَكْرَانَ حَيْثُ أَدْخَلَ السُّكْرَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَكَالْمَجْنُونِ (قَوْلُهُ: وَلَا كَافِرٌ) أَيْ سَوَاءٌ وَطِئَ كَافِرَةً أَوْ مُسْلِمَةً، وَإِنْ كَانَتْ الْمُسْلِمَةُ تُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا وَطْءُ مُسْلِمٍ كَمَا أَنَّهَا تُحَدُّ إذَا مَكَّنَتْ مَجْنُونًا أَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ فِي فَرْجِهَا، وَرَجْمُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِلْيَهُودِيَّيْنِ حُكْمٌ بَيْنَهُمْ بِمَا فِي التَّوْرَاةِ لِعَدَمِ دُخُولِهِمْ إذْ ذَاكَ تَحْتَ الذِّمَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَرْجِ آدَمِيٍّ) أَيْ غَيْرِ خُنْثَى مُشْكِلٍ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاطِئِهِ فِي قُبُلِهِ؛ لِأَنَّهُ كَثُقْبَةٍ، فَإِنْ وَطِئَ فِي دُبُرِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى فَيَكُونُ فِيهِ الْجَلْدُ كَإِتْيَانِ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ وَلَا يُقَدَّرُ ذَكَرًا مَلُوطًا بِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ فِيهِ الرَّجْمُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إنْ وَطِئَ هُوَ غَيْرَهُ لِلشُّبْهَةِ إذْ لَيْسَ ذَكَرًا مُحَقَّقًا، إلَّا أَنْ يُمْنِيَ فَلَا إشْكَالَ.
(قَوْلُهُ: قُبُلًا أَوْ دُبُرًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالزِّنَا هُنَا مَا يَعُمُّ اللِّوَاطَ (كَقَوْلِهِ كَبَيْنِ فَخِذَيْنِ) أَيْ أَوْ فِي هَوَى الْفَرْجِ وَكَمَا خَرَجَ مَا ذُكِرَ بِقَوْلِهِ فَرْجِ آدَمِيٍّ خَرَجَ أَيْضًا مَنْ لَاطَ بِنَفْسِهِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَوَجْهُ خُرُوجِهِ بِهِ أَنَّ " آدَمِيٍّ " نَكِرَةٌ " وَمُكَلَّفٍ " نَكِرَةٌ وَالنَّكِرَةُ بَعْدَ النَّكِرَةِ غَيْرُهَا.
(قَوْلُهُ: إنْ تُصُوِّرَ بِصُورَةِ غَيْرِ آدَمِيٍّ) أَيْ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يُتَصَوَّرْ بِصُورَةِ شَيْءٍ لِأَنَّ ذَلِكَ مُجَرَّدُ تَخَيُّلٍ، وَأَمَّا إذَا تُصُوِّرَ بِصُورَةِ الْآدَمِيِّ كَانَ وَطْؤُهُ زِنًا شَرْعًا وَيُحَدُّ الْوَاطِئُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي وَطْءِ الْجِنِّيِّ لِآدَمِيٍّ (قَوْلُهُ: شَرْعًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهَا خَرَجَ بِذَلِكَ مَنْ حَرُمَ وَطْؤُهَا لِعَارِضٍ كَحَيْضٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ وَطْأَهَا لَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا؛ لِأَنَّ هَذِهِ لِزَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا تَسَلُّطٌ عَلَيْهَا شَرْعًا مِنْ حَيْثُ ذَاتُهَا لَوْلَا الْعَارِضَ (قَوْلُهُ: لَا تَسَلُّطَ لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ الْوَطْءِ وَحِينَئِذٍ فَإِذَا وَطِئَ مَمْلُوكَهُ الذَّكَرَ حُدَّ حَدَّ اللِّوَاطِ لَا حَدَّ الزِّنَا.
(قَوْلُهُ: بِاتِّفَاقٍ) رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ أَيْ انْتَفَى تَسَلُّطُهُ عَلَيْهِ شَرْعًا بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ (قَوْلُهُ: فَخَرَجَ النِّكَاحُ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ) أَيْ كَبِلَا وَلِيٍّ فَإِذَا وَطِئَ فِيهِ فَلَا يُسَمَّى زِنًا شَرْعًا فَلَا حَدَّ فِيهِ وَخَرَجَ أَيْضًا وَطْءُ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَزَوْجَتَهُ بِدُبُرِهَا فَإِنَّ فِيهِ قَوْلًا بِالْإِبَاحَةِ، وَإِنْ كَانَ شَاذًّا أَوْ ضَعِيفًا فَلَا حَدَّ فِيهِ وَيُؤَدَّبُ.
(قَوْلُهُ: لَكَانَ أَحْسَنَ) أَيْ لِأَنَّهُ أَعَمُّ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَطْءِ حَلِيلَتِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ الْغَالِطُ) أَيْ وَهُوَ مَنْ قَصَدَ زَوْجَتَهُ فَوَقَعَ عَلَى غَيْرِهَا غَلَطًا (قَوْلُهُ: وَالْجَاهِلُ)
وَبَالَغَ عَلَى وَطْءِ الْمُكَلَّفِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ) كَانَ وَطْءُ الْمُكَلَّفِ الْمُسْلِمِ فَرْجَ الْآدَمِيِّ (لِوَاطًا) أَيْ إدْخَالَهُ الْحَشَفَةِ فِي دُبُرِ ذَكَرٍ فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَفِيهِ الْحَدُّ الْآتِي ذِكْرُهُ (أَوْ) كَانَ (إتْيَانَ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ) وَأَمَّا حَلِيلَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ فَلَا يُحَدُّ بَلْ يُؤَدَّبُ (أَوْ) كَانَ (إتْيَانَ مَيِّتَةٍ) فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا حَالَ كَوْنِهَا أَوْ كَوْنِهِ (غَيْرَ زَوْجٍ) فَيُحَدُّ بِخِلَافِ لَوْ كَانَتْ زَوْجًا، وَإِتْيَانُ النَّائِمَةِ أَوْ الْمَجْنُونَةِ أَوْلَى بِالْحَدِّ مِنْ الْمَيِّتَةِ (أَوْ) إتْيَانَ (صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا) عَادَةً لِوَاطِئِهَا فِي قُبُلِهَا أَوْ دُبُرِهَا فَيُحَدُّ الْوَاطِئُ لَهَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُكَلَّفَةٍ لِصِدْقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ دُونَهَا كَالنَّائِمَةِ وَالْمَجْنُونَةِ (أَوْ) إتْيَانَ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ (مُسْتَأْجَرَةٍ) أَجَّرَتْ نَفْسَهَا أَوْ أَجَّرَهَا وَلِيُّهَا أَوْ سَيِّدُهَا (لِوَطْءٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَخِدْمَةٍ فَيُحَدُّ وَاطِئُهَا الْمُسْتَأْجِرُ وَلَا يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ إلَّا إذَا أَجَّرَهَا سَيِّدُهَا لِلْوَطْءِ فَلَا يُحَدُّ نَظَرًا لِقَوْلِ عَطَاءٍ (أَوْ) إتْيَانَ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ بِشِرَاءٍ مَثَلًا (تُعْتَقُ) عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ فَيُحَدُّ إنْ عَلِمَ بِالتَّحْرِيمِ وَشَمِلَ قَوْلُهُ: تُعْتَقُ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ بِنَفْسِ الشِّرَاءِ (أَوْ) إتْيَانَ مَنْ (يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا) وَحُرْمَتَهَا عَلَيْهِ فَيُحَدُّ وَسَوَاءٌ عَلِمَ بِحُرِّيَّتِهَا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا أَوْ حَالَ اشْتِرَائِهَا، وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا وَهُوَ عَالِمٌ بِأَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ إذَا كَانَتْ عَالِمَةً بِحُرِّيَّتِهَا وَطَاعَتْ بِهِ (أَوْ) إتْيَانَ (مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ) بِنِكَاحٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ جَاهِلُ الْعَيْنِ وَجَاهِلُ الْحُكْمِ فَالْأَوَّلُ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، وَجَاهِلُ الْحُكْمِ مَنْ يَعْتَقِدُ وَطْءَ حِلِّ الْأَجَانِبِ لِكَوْنِهِ حَدِيثَ عَهْدٍ بِالْإِسْلَامِ وَهُوَ طَارِئٌ مِنْ بِلَادٍ بَعِيدَةٍ عَنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْغَالِطَ هُوَ عَيْنُ جَاهِلِ الْعَيْنِ فَأَحَدُهُمَا مُكَرَّرٌ مَعَ الْآخَرِ فَإِمَّا أَنْ يُقْصَرَ الْجَاهِلُ عَلَى جَاهِلِ الْحُكْمِ وَإِمَّا أَنْ يُحْمَلَ الْغَالِطُ عَلَى الشَّاكِّ لِمَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ مَنْ وَطِئَ امْرَأَةً شَاكًّا فِي كَوْنِهَا زَوْجَتَهُ فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَكَمَا خَرَجَ مَنْ ذَكَرَ بِقَوْلِهِ تَعَمُّدًا خَرَجَ أَيْضًا الْمُكْرَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَبَالِغٌ إلَخْ) قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ: لَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمُبَالَغَةَ كَانَ أَوْلَى لِأَنَّهَا تَقْتَضِي اشْتِرَاطَ الْإِسْلَامِ فِي حَدِّ اللِّوَاطِ الَّذِي هُوَ الرَّجْمُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَأْتِي وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ مُبَالَغَةٌ فِيمَا قَبْلَ قَوْلِهِ مُسْلِمٍ بَعِيدٌ اهـ بْن.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي حَدِّ اللِّوَاطِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِلِ تَكْلِيفُهُ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَفْعُولِ فَتَكْلِيفُهُ وَتَكْلِيفُ الْفَاعِلِ مَعًا وَأَمَّا الْإِسْلَامُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لِوَاطًا) أَيْ لِأَنَّ الْفَرْجَ يَشْمَلُ الدُّبُرَ.
(قَوْلُهُ: فَيُسَمَّى زِنًا شَرْعًا وَفِيهِ الْحَدُّ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَيْسَ فِيهِ، إلَّا الْأَدَبُ كَالْمُسَاحَقَةِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَدَاوُد وَقَدْ أَفَادَ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ الرَّدَّ عَلَى مَنْ ذَكَرُوا أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ زِنًا لَكِنْ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَقَدْ يُقَابَلُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُحَدُّ بَلْ يُؤَدَّبُ) أَيْ لِأَنَّ لَهُ التَّسَلُّطَ عَلَى دُبُرِهَا شَرْعًا عِنْدَ بَعْضِهِمْ، وَإِنْ كَانَ قَوْلًا شَاذًّا.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ كَانَتْ زَوْجًا) أَيْ وَبِخِلَافِ إدْخَالِ امْرَأَةٍ ذَكَرَ مَيِّتٍ غَيْرِ زَوْجٍ فِي فَرْجِهَا فَلَا تُحَدُّ فِيمَا يَظْهَرُ لِعَدَمِ اللَّذَّةِ كَالصَّبِيِّ.
(قَوْلُهُ: يُمْكِنُ وَطْؤُهَا عَادَةً لِوَاطِئِهَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا مَا لَا يُمْكِنُ وَطْؤُهَا إذَا وَطِئَهَا الْمُكَلَّفُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَكُونُ الِاسْتِئْجَارُ شُبْهَةً إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِئْجَارُ مِنْ نَفْسِهَا حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ مِنْ وَلِيِّ الْحُرَّةِ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلْخِدْمَةِ أَوْ مِنْ سَيِّدِ الْأَمَةِ لِلْخِدْمَةِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَا حَدَّ فِي وَطْءِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلْوَطْءِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عِنْدَهُ عَقْدُ شُبْهَةٍ يَدْرَأُ الْحَدَّ، وَإِنْ حَرُمَ عِنْدَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى ذَلِكَ الْعَقْدِ وَبِذَلِكَ يَنْدَرِجُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ بِاتِّفَاقٍ، وَإِلَّا لَكَانَ خِلَافُ أَبِي حَنِيفَةَ شُبْهَةً تَدْرَأُ عَنْهُ الْحَدَّ.
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِقَوْلِ عَطَاءٍ) أَيْ بِجَوَازِ نِكَاحِ الْأَمَةِ الْمُحَلَّلَةِ أَيْ الَّتِي أَحَلَّ سَيِّدُهَا وَطْأَهَا لِلْوَاطِئِ وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بِعِوَضٍ وَبِدُونِهِ وَحِينَئِذٍ الْمُسْتَأْجَرَةُ مِنْ سَيِّدِهَا مُحَلَّلَةٌ فَلَا حَدَّ فِيهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ مَمْلُوكَةٍ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا يَرَى أَنَّ عِتْقَ الْقَرَابَةِ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحُكْمِ لَا بِنَفْسِ الْمِلْكِ أَوْ قَلَّدَ مَنْ يَرَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يُدْرَأْ عَنْهُ الْحَدُّ إذَا لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا وَلَا مُقَلِّدًا لِمَنْ يَرَى ذَلِكَ مُرَاعَاةً لِلْقَوْلِ بِذَلِكَ، وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَكَذَا الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ شَيْخِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا) أَيْ أَوْ إتْيَانَ أَمَةٍ بِمِلْكٍ لَا بِنِكَاحٍ مَنْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا وَحُرْمَتَهَا عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهَا مِمَّنْ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ أَقَارِبِهِ كَعَمَّتِهِ وَخَالَتِهِ أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ.
(قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ لِأَنَّهُ وَطِئَ مَنْ لَيْسَتْ زَوْجَةً وَلَا مَمْلُوكَةً.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَطِئَهَا) أَيْ وَكَذَا يُحَدُّ إنْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا مِلْكٌ لِلْغَيْرِ فَلَا يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّ سَيِّدَهَا وَكَّلَ مُزَوِّجَهَا فَزَوَّجَهَا فَيُدْرَأُ الْحَدُّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي حَدِّهَا هِيَ إلَخْ) أَيْ إذَا عَلِمَتْ بِحُرِّيَّةِ نَفْسِهَا دُونَ الْمُشْتَرِي عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ بِعَدَمِ حَدِّهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ قَدْ أَكْذِبُ إذَا قُلْت أَنَا حُرَّةٌ وَلَا بَيِّنَةَ لِي فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي تَمْكِينِهَا وَقِيلَ بِحَدِّهَا نَظَرًا إلَى أَنَّهُ قَدْ يُصَدِّقُهَا إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ وَالْأَوَّلُ لِلْأَبْهَرِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ بِنِكَاحٍ) أَيْ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَطْءُ الْمُحَرَّمَةِ بِنَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ بِنِكَاحٍ لِأَنَّهُمَا لَا يَكُونَانِ، إلَّا مُؤَبَّدَيْنِ بِخِلَافِ الصِّهْرِ فَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِمُؤَبِّدٍ وَأَمَّا لَوْ وَطِئَ الْمُحَرَّمَةَ بِالنَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ
كَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا أَوْ كَانَتْ زَوْجَةً لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ فَيُحَدُّ بِخِلَافِ لَوْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ وَهِيَ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يُحَدُّ كَمَا يَأْتِي (أَوْ) إتْيَانَ (خَامِسَةٍ) عَلِمَ بِتَحْرِيمِهَا وَلَا الْتِفَاتَ لِمَنْ زَعَمَ جَوَازَهَا مِنْ الْخَوَارِجِ (أَوْ مَرْهُونَةٍ) بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِهِ (أَوْ) إتْيَانَ أَمَةٍ (ذَاتِ مَغْنَمٍ) قَبْلَ الْقَسْمِ حِيزَتْ أَمْ لَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ الْغَنِيمَةَ إلَّا بِالْقَسْمِ (أَوْ حَرْبِيَّةٍ) بِبِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ دَخَلَتْ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ، وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ هُوَ بِهَا مِنْ بِلَادِ الْحَرْبِ أَوْ دَخَلَتْ عِنْدَنَا بِلَا أَمَانٍ فَحَازَهَا فَقَدْ مَلَكَهَا (أَوْ) إتْيَانَ (مَبْتُوتَةٍ) لَهُ (وَإِنْ) وَطِئَهَا (بِعِدَّةٍ) أَيْ فِي عِدَّتِهَا مِنْهُ بِنِكَاحٍ وَأَوْلَى بِلَا نِكَاحٍ أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ.
(وَهَلْ) يُحَدُّ مُطْلَقًا (وَإِنْ أَبَتْ فِي مَرَّةٍ) وَاحِدَةٍ كَقَوْلِهِ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا أَوْ أَلْبَتَّةَ وَلَا الْتِفَاتَ لِقَوْلِ مَنْ قَالَ بِلُزُومِ الْوَاحِدَةِ حِينَئِذٍ لِشُذُوذِهِ أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّاتٍ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ بِوَجْهٍ، وَأَمَّا لَوْ أَبَتَّهَا فِي مَرَّةٍ فَلَا يُحَدُّ نَظَرًا لِوُجُودِ الْخِلَافِ (تَأْوِيلَانِ أَوْ) إتْيَانَ (مُطَلَّقَةٍ) لَهُ (قَبْلَ الْبِنَاءِ) دُونَ الْغَايَةِ فَيُحَدُّ (أَوْ مُعْتَقَةٍ) لَهُ (بِلَا عَقْدٍ) فِيهِمَا، وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بَائِنًا دُونَ الْغَايَةِ فَيُحَدُّ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْغَايَةِ لَا فِيهَا (كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا) بِلَا عَقْدٍ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ لِلشُّبْهَةِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِدًا (أَوْ) يَطَأَهَا (مَجْنُونٌ) أَوْ كَافِرٌ (بِخِلَافِ الصَّبِيِّ) يَطَؤُهَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَوْ أَنْزَلَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْمِلْكِ فَلَا يُحَدُّ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ إذَا كَانَ عَالِمًا.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُحَرَّمَةَ بِسَبَبِ الرَّضَاعِ إنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ حُدَّ، وَإِنْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أُدِّبَ وَالْمُحَرَّمَةُ بِالنَّسَبِ إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ حُدَّ لِوَطْئِهَا بِالْمِلْكِ وَأَوْلَى بِالنِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَتْ لَا تُعْتَقُ بِالْمِلْكِ حُدَّ لِوَطْئِهَا بِالنِّكَاحِ لَا بِالْمِلْكِ فَيُؤَدَّبُ فَقَطْ وَأَمَّا الْمُحَرَّمَةُ بِسَبَبِ الصُّهَارَةِ، فَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُهَا مُؤَبَّدًا حُدَّ إنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ لَا بِمِلْكٍ فَيُؤَدَّبُ، وَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُهَا غَيْرَ مُؤَبَّدٍ فَلَا حَدَّ سَوَاءٌ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكٍ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ فَقَطْ إنْ وَطِئَهَا بِنِكَاحٍ.
(قَوْلُهُ: بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ) أَيْ مُؤَبِّدِ تَحْرِيمَهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي يَتَّصِفُ بِالتَّأْيِيدِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا إنَّمَا هُوَ التَّحْرِيمُ لَا الصُّهَارَةُ لِأَنَّهَا مَتَى حَصَلَتْ لَا تَكُونُ، إلَّا مُؤَبَّدَةً وَزَادَ " مُؤَبَّدٍ " لِأَنَّ تَحْرِيمَ الصِّهْرِ مِنْهُ مُؤَبَّدٌ وَمِنْهُ غَيْرُ مُؤَبَّدٍ فَالْأَوَّلُ كَالْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ فَإِنَّهُ يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَدَخَلَ بِهَا حُدَّ وَالثَّانِي كَالْعَقْدِ عَلَى الْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَ الْبِنْتِ فَلَهُ طَلَاقُ الْأُمِّ قَبْلَ مَسِّهَا وَالْعَقْدُ عَلَى الْبِنْتِ فَإِذَا عَقَدَ عَلَى الْبِنْتِ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ أَنْ عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَقَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا لَمْ يُحَدَّ وَبَعْدَ مَسِّهَا يُحَدُّ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ الْعَقْدِ عَلَى بِنْتِهَا) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ دَخَلَ بِالْبِنْتِ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ فِي النِّكَاحِ الثَّالِثِ؛ لِأَنَّهُ نَصَّ فِيهَا عَلَى الْحَدِّ وَأَطْلَقَ وَفَصَّلَ اللَّخْمِيُّ فِي بَابِ الْقَذْفِ فَقَالَ وَكَذَلِكَ إذَا تَزَوَّجَ بِأُمِّ زَوْجَتِهِ، فَإِنْ كَانَ دَخَلَ بِالْبِنْتِ حُدَّ، وَإِلَّا فَلَا لِاخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ هَلْ يُحَرِّمُ الْأُمَّ أَوْ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ لَا يُحَرِّمُهَا وَاعْتَمَدَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مُنَكِّتًا بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَشَارِحِيهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ لَوْ وَطِئَهَا بِمِلْكٍ وَهِيَ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ كَأُمِّ زَوْجَتِهِ الَّتِي هِيَ عَمَّتُهُ أَوْ خَالَتُهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةٌ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ خَامِسَةٍ) أَيْ أَوْ وَطْءَ خَامِسَةٍ بِنِكَاحٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا الْتِفَاتَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْقَوْلَ بِحِلِّ الْخَامِسَةِ بِعَقْدٍ ضَعِيفٍ جِدًّا لَا أَثَرَ لَهُ فَلَا يُجْعَلُ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ) أَيْ لِأَنَّهَا أَمَةٌ مُحَلَّلَةٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إتْيَانَ أَمَةٍ ذَاتِ مَغْنَمٍ) أَيْ أَوْ إتْيَانَ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ أَمَةٌ ذَاتُ مَغْنَمٍ.
(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تُمْلَكُ إلَخْ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا يَمْلِكُهَا الْجَيْشُ، إلَّا بِالْقَسْمِ أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْغَنِيمَةَ يَمْلِكُهَا الْجَيْشُ بِمُجَرَّدِ حُصُولِهَا فَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَدُّ الْوَاطِئِ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ وَقَيَّدَهُ ابْنُ يُونُسَ بِالْجَيْشِ الْعَظِيمِ دُونَ السَّرِيَّةِ الْيَسِيرَةِ فَلَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي تَوْضِيحِهِ وَقَالَ الْقَلْشَانِيُّ تَبَعًا لِلَّخْمِيِّ الْأَظْهَرُ أَنَّ الْخِلَافَ فِي كَوْنِ الْغَنِيمَةِ تُمْلَكُ بِمُجَرَّدِ الْحُصُولِ أَوْ لَا تُمْلَكُ، إلَّا بِالْقَسْمِ جَارٍ فِي الْجَيْشِ الْكَثِيرِ وَالْيَسِيرِ وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا إذَا كَانَ الْوَاطِئُ لَهُ سَهْمٌ فِي الْغَنِيمَةِ وَأَمَّا مَنْ لَا سَهْمَ لَهُ فِيهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ اتِّفَاقًا مُطْلَقًا قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَبْتُوتَةٍ) أَيْ مُطَلَّقَةٍ بِلَفْظِ الْبَتِّ وَكَذَا بِلَفْظِ ثَلَاثًا فِي مَرَّةٍ أَوْ مَرَّاتٍ بِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ الْعِدَّةِ) أَيْ بِنِكَاحٍ أَوْ بِدُونِهِ
(قَوْلُهُ: وَهَلْ يُحَدُّ مُطْلَقًا) أَيْ هَذَا إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّاتٍ مُتَفَرِّقَاتٍ بِأَنْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ تَأْكِيدًا أَوْ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ ثُمَّ رَاجَعَ ثُمَّ طَلَّقَ بَلْ وَإِنْ أَبَتَّ فِي مَرَّةٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إنَّمَا يُحَدُّ إذَا أَبَتَّهَا فِي مَرَّاتٍ) أَيْ فَهَذِهِ الصُّورَةُ مَحَلُّ اتِّفَاقٍ وَسَوَاءٌ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ بِعَقْدٍ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ وَطِئَهَا بَعْدَهَا بِعَقْدِ نِكَاحٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ فِي الثَّلَاثِ صُوَرٍ حُرَّةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَهُمَا قَوْلَانِ فِي الْمَذْهَبِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ وَلِذَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا ثُمَّ بَيَّنَ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: دُونَ الْغَايَةِ) أَيْ دُونَ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ: بِلَا عَقْدٍ فِيهِمَا) أَيْ إذَا كَانَ وَطْؤُهُ غَيْرَ مُسْتَنِدٍ لِعَقْدٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ مَسْأَلَةِ وَطْءِ الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَوَطْءِ الْمُعْتَقَةِ وَمَحِلِّ الْحَدِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ كَمَا يَأْتِي وَلَيْسَ عَلَيْهِ لَهُمَا صَدَاقٌ مُؤْتَنَفٌ لِأَجْلِ الْوَطْءِ وَأَمَّا صَدَاقُهَا الَّذِي وَجَبَ نِصْفُهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنَّهُ يُكَمَّلُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: لَا فِيهَا) مَحَلُّ عَدَمِ حَدِّهِ فِي وَطْءِ الْبَائِنِ فِي الْعِدَّةِ إذَا كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ بِلَفْظِ الْخُلْعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ مُرَاعَاةً لِمَنْ يَقُولُ إنَّهُ رَجْعِيٌّ كَذَا فِي بْن نَقْلًا مِنْ كَبِيرِ خش ثُمَّ قَالَ وَهُوَ حَسَنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَطَؤُهَا مَجْنُونٌ أَوْ كَافِرٌ) أَيْ إذَا كَانَ بَالِغًا وَمِثْلُهُمَا مَا لَوْ أَدْخَلَتْ ذَكَرَ نَائِمٍ
لِأَنَّهَا لَا تَنَالُ مِنْهُ لَذَّةً كَالْمَجْنُونِ.
(إلَّا أَنْ)(يَجْهَلَ الْعَيْنَ) الْمَوْطُوءَةَ بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا حَلِيلَتُهُ فَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا (أَوْ) يَجْهَلَ (الْحُكْمَ) أَيْ التَّحْرِيمَ مَعَ عِلْمِهِ بِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ (إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) كَقَرِيبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ فَلَا يُحَدُّ لِعُذْرِهِ بِالْجَهْلِ (إلَّا) الزِّنَا (الْوَاضِحَ) فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلِ الْعَيْنِ كَإِتْيَانِهِ لِكَبِيرَةٍ ادَّعَى الْغَلَطَ بِهَا وَامْرَأَتُهُ صَغِيرَةٌ أَوْ الْعَكْسِ وَلَا بِجَهْلِ الْحُكْمِ كَمُرْتَهِنٍ أَوْ مُسْتَعِيرٍ ادَّعَى ظَنَّ الْجَوَازِ وَكَقَرِيبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ مُخَالِطٍ لِلْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ فَالْأَوْلَى حَذْفُهُ.
(لَا مُسَاحَقَةٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى " وَطْءٌ " أَيْ " الزِّنَا وَطْءٌ لَا مُسَاحَقَةٌ لِعَدَمِ الْإِيلَاجِ " وَهُوَ فِعْلُ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ بِبَعْضٍ فَلَا حَدَّ عَلَى فَاعِلِهِ مِنْهُنَّ (وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ الْحَاكِمِ (كَبَهِيمَةٍ) أَيْ كَوَاطِئِ بَهِيمَةٍ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَمُدْخِلَةِ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ بِفَرْجِهَا أَوْ مُمَكِّنَةِ صَبِيٍّ وَكَذَا الصَّبِيُّ الْمُمَيِّزُ يَلُوطُ أَوْ يَزْنِي أَوْ يُفْعَلُ فِيهِ فَيُؤَدَّبُ وَيَثْبُتُ الْجَمِيعُ بِعَدْلَيْنِ أَوْ بِإِقْرَارِ مُكَلَّفٍ (وَهِيَ) أَيْ الْبَهِيمَةُ الْمَوْطُوءَةُ (كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ وَالْأَكْلِ) فَلَا تَحْرُمُ وَلَا تُكْرَهُ.
(وَ) كَوَاطِئِ (مَنْ حَرُمَ) وَطْؤُهَا (عَلَيْهِ) مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أَمَةٍ (لِعَارِضٍ)(كَحَائِضٍ) وَنُفَسَاءَ وَمُحَرَّمَةٍ بِنُسُكٍ وَمُعْتَكِفَةٍ فَيُؤَدَّبُ بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ مُشْتَرَكَةٍ) فَيُؤَدَّبُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَسَيِّدُ الْمُبَعَّضَةِ وَالْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ (أَوْ) وَاطِئِ (مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (لَا تُعْتَقُ) عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ كَعَمَّةٍ وَخَالَةٍ وَبِنْتِ أَخٍ أَوْ أُخْتٍ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ صِهْرٍ فَيُؤَدَّبُ إنْ عَلِمَ بِالْحُرْمَةِ وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ (أَوْ) وَاطِئِ (مُعْتَدَّةٍ) مِنْ غَيْرِهِ فِي عِدَّتِهَا بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ يُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَلَا يُحَدُّ وَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا وَلَا تَحِلُّ أَبَدًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْخَامِسَةِ أَنَّ نِكَاحَ الْمُعْتَدَّةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ فَلَا تَحِلُّ لِأَصْلِهِ وَلَا لِفَرْعِهِ بِشُبْهَةِ النِّكَاحِ بِخِلَافِ الْخَامِسَةِ وَالْمَبْتُوتَةِ قَبْلَ زَوْجٍ فَهُوَ زِنًا مُحَصِّنٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يُحَدُّ لِصِدْقِ حَدِّ الزِّنَا عَلَيْهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بَالِغٍ فِي فَرْجِهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا لَا تَنَالُ إلَخْ) مِثْلُ الصَّبِيِّ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْحَدِّ لِلْمَرْأَةِ بِوَطْئِهِ إدْخَالُهَا ذَكَرَ مَيِّتٍ بِفَرْجِهَا لِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْعِلَّةِ
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمَ كَذَلِكَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ غَيْرِ الْمَرْهُونَةِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا ذُكِرَ مِنْ وُجُوبِ الْحَدِّ بِوَطْءِ النِّسَاءِ الْمُتَقَدِّمَاتِ مَحِلُّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ وَبِعَيْنِ الْمَوْطُوءَةِ وَأَمَّا إنْ جَهِلَ الْحُكْمَ أَوْ الْعَيْنَ فَلَا حَدَّ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: بِدَعْوَى جَهْلِهِ الْعَيْنَ أَوْ الْحُكْمَ بِشَرْطِ أَنْ يُظَنَّ بِهِ ذَلِكَ الْجَهْلُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الزِّنَا وَاضِحًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَظُنَّ أَنَّهَا حَلِيلَتُهُ) أَيْ زَوْجَتُهُ أَوْ أَمَتُهُ وَقَوْلُهُ: فَتَبَيَّنَ خِلَافُهَا أَيْ فَتَبَيَّنَ بَعْدَ وَطْئِهَا أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ وَمَفْهُومُ يَظُنُّ أَنَّهُ لَوْ قَدِمَ عَلَيْهَا وَهُوَ شَاكٌّ ثُمَّ تَبَيَّنَ بَعْدَ الْوَطْءِ أَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ مَعَ الْحُرْمَةِ عَلَيْهِ اُنْظُرْ عبق. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يَجْهَلُ الْحُكْمَ وَالْعَيْنَ.
(قَوْلُهُ: كَقَرِيبِ عَهْدٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْوَقْتُ لَيْلًا مُظْلِمًا وَالنِّسَاءُ مُخْتَلِطَاتٌ وَالْمَرْأَةُ الَّتِي وَطِئَهَا مُمَاثِلَةٌ لِحَلِيلَتِهِ فِي النَّحَافَةِ أَوْ السِّمَنِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا الزِّنَا الْوَاضِحَ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: كَإِتْيَانِهِ لِكَبِيرَةٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ كَانَتْ حَلِيلَتُهُ فِي غَايَةِ النَّحَافَةِ وَاَلَّتِي ادَّعَى أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهَا هِيَ فِي غَايَةِ السِّمَنِ أَوْ الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْذَرُ فِيهِ بِجَهْلٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحَدُّ.
(قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ إنْ جَهِلَ مِثْلُهُ يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَجْهَلْ مِثْلُهُ يُحَدُّ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْوَاضِحَ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ الْحُكْمِ لَا يَجْهَلُ مِثْلُهُ
(قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ فَاعِلُ الْمُسَاحَقَةِ وَلَوْ وَقَعَتْ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ أَوْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ اهـ أَمِيرٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ مُدَخِّلَةِ ذَكَرِ بَهِيمَةٍ بِفَرْجِهَا) أَيْ وَكَذَا مُدَخِّلَةُ ذَكَرِ مَيِّتٍ بَالِغٍ بِفَرْجِهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ مَا ذُكِرَ حَتَّى الْمُسَاحَقَةِ بِعَدْلَيْنِ لَا بِأَرْبَعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ زِنًا وَلَا بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ لَهُ.
(قَوْلُهُ: كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ) أَيْ فِي جَوَازِ الذَّبْحِ وَالْأَكْلِ وَلَا تُقْتَلُ وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ بِقَتْلِهَا بِغَيْرِ ذَبْحٍ وَتُحْرَقُ قِيلَ: لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُذَكِّرُ الْفَاحِشَةَ فَيُعَيَّرُ بِهَا وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تُنْتِجُ قَتْلَهَا بَلْ إزْهَاقَ رُوحِهَا وَلَوْ بِذَكَاةٍ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرُمُ) أَيْ أَكْلُهَا وَلَا يُكْرَهُ أَيْ حَيْثُ كَانَتْ مُبَاحَةً
(قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَسَيِّدُ الْمُبَعَّضَةِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا يُؤَدَّبْنَ، إلَّا أَنْ لَا يَقْدِرْنَ عَلَى الْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: أَوْ وَاطِئُ مَمْلُوكَةٍ لَهُ) أَيْ مِنْ مَحَارِمِهِ لَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ: أَوْ صِهْرٍ) أَيْ كَعَمَّةِ زَوْجَتِهِ وَخَالَتِهَا وَبِنْتِ أَخِيهَا وَبِنْتِ أُخْتِهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ) أَيْ وَتُبَاعُ عَلَيْهِ خَشْيَةَ أَنْ يَعُودَ لِوَطْئِهَا ثَانِيَةً وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ بِذَلِكَ الْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ شُبْهَةٍ.
(قَوْلُهُ: بِنِكَاحٍ أَوْ مِلْكٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمِلْكُ طَارِئًا أَوْ أَصْلِيًّا فَالْأَوَّلُ وَهُوَ وَطْؤُهَا بِنِكَاحٍ كَأَنْ يَتَزَوَّجَ مُعْتَدَّةً مِنْ غَيْرِهِ وَيَطَأَهَا زَمَنَ الْعِدَّةِ، وَالثَّانِي وَهُوَ مَا إذَا وَطِئَهَا بِمِلْكٍ طَارِئٍ كَمَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً مُعْتَدَّةً مِنْ طَلَاقٍ أَوْ وَفَاةٍ وَوَطِئَهَا فِي عِدَّتِهَا وَالثَّالِثُ وَهُوَ مَا إذَا وَطِئَهَا بِمِلْكٍ أَصْلِيٍّ كَمَا إذَا كَانَتْ مَمْلُوكَةً لَهُ فَزَوَّجَهَا ثُمَّ طَلُقَتْ أَوْ مَاتَ زَوْجُهَا فَلَمَّا شَرَعَتْ فِي الْعِدَّةِ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَمِثْلُ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَطْءُ أَمَتِهِ الْمُتَزَوِّجَةِ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ وَطْءَ الْمُعْتَدَّةِ فِيهِ شُبْهَةٌ فَلِذَا سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَانْتَشَرَتْ الْحُرْمَةُ وَوَطْءُ الْخَامِسَةِ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شُبْهَةٌ لَزِمَ الْحَدُّ وَلَمْ يَنْشُرْ حُرْمَةً لِكَوْنِهِ زِنًا مَحْضًا وَأَصْلُ الْمُعَارَضَةِ بَيْنَهَا لِلَّخْمِيِّ
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجٍ مُعْتَدَّةٍ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ غَيْرُ مَبْتُوتَةٍ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ.
(أَوْ) وَاطِئِ (بِنْتٍ) بِنِكَاحٍ (عَلَى أُمٍّ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا) فَيُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ وَأَمَّا عَكْسُهُ فَيُحَدُّ كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُ: أَوْ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ فَلَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى بِنْتِهَا وَوَطِئَهَا حُدَّ (أَوْ) وَطِئَ (أُخْتًا) تَزَوَّجَهَا (عَلَى أُخْتِهَا) فَلَا حَدَّ وَأُدِّبَ اجْتِهَادًا (وَهَلْ) عَدَمُ الْحَدِّ مُطْلَقًا كَانَتْ الْأُخْتُ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الرَّضَاعِ أَوْ (إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ) أَيْ أُخْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ نَسَبِهَا فَيُحَدُّ فِيهَا (لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ) بِخِلَافِ أُخْتِهَا مِنْ الرَّضَاعِ فَتَحْرِيمُهَا بِالسُّنَّةِ (تَأْوِيلَانِ) حَقُّهُ قَوْلَانِ إذْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ) أَيْ وَكَوَاطِئِ أَمَةٍ حَلَّلَهَا لَهُ سَيِّدُهَا بِأَنْ قَالَ لَهُ أَبَحْت لَك وَطْأَهَا أَوْ أَذِنْت لَك أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَلَا يُحَدُّ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ عَطَاءٍ بِجَوَازِ التَّحْلِيلِ بِخِلَافِ وَاطِئِ أَمَةِ زَوْجَتِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِهَا لَهُ فِي وَطْئِهَا فَيُحَدُّ (وَقُوِّمَتْ) الْمُحَلَّلَةُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ وَطْئِهِ يَوْمَ وَطِئَ حَمَلَتْ أَمْ لَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْجَوَابُ بِالْفَرْقِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ يُونُسَ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ نَشْرَ التَّحْرِيمِ فِي وَطْءِ الْمُعْتَدَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ثُبُوتِ الشُّبْهَةِ الْمُسْقِطَةِ لِلْحَدِّ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْسُنُ التَّفْرِيقُ بِذَلِكَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ فِيهِ رَائِحَةَ مُصَادَرَةٍ وَلَعَلَّ الْأَحْسَنَ فِي الْفَرْقِ أَنَّ تَحْرِيمَ الْخَامِسَةِ أَشْهَرُ مِنْ تَحْرِيمِ الْمُعْتَدَّةِ فَلِذَا كَانَ وَطْءُ الْأُولَى زِنًا مُوجِبًا لِلْحَدِّ دُونَ الثَّانِيَةِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْمُعْتَدَّةِ مِنْهُ) حَاصِلُ مَا مَرَّ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ مَبْتُوتَةً وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَانَ الْوَطْءُ بِنِكَاحٍ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْتُوتَةٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا أَوْ بَائِنًا بِدُونِ الثَّلَاثِ.
(قَوْلُهُ: فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ أَوْ زَوْجِ مُعْتَدَّةٍ) فِيهِ أَنَّ هَذَا هُوَ عَيْنُ الْحَمْلِ الْأَوَّلِ الْمُعْتَرَضِ عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَالْوَجْهُ حَمْلُهُ عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ أَوْ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ غَيْرُ مَبْتُوتَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَلَى ذَاتِ سَيِّدٍ) أَيْ بِأَنْ وَطِئَ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُعْتَدَّةَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مُعْتَدَّةٍ مِنْهُ وَهِيَ غَيْرُ مَبْتُوتَةٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً أَوْ بَائِنًا وَوَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ وَلَمْ يَنْوِ بِوَطْئِهِ الرَّجْعِيَّةَ الرَّجْعَةَ وَكَانَ وَطْؤُهُ لِلْبَائِنِ بِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُؤَدَّبُ فَقَطْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ مِنْهُ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً وَنَوَى بِوَطْئِهِ لَهَا الرَّجْعَةَ أَوْ غَيْرَ رَجْعِيَّةٍ وَنَكَحَهَا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ فَلَا حَدَّ وَلَا أَدَبَ وَلَا حَرَجَ، وَإِنْ وَطِئَ الرَّجْعِيَّةَ أَوْ الْبَائِنِ وَلَمْ يَنْوِ الرَّجْعَةَ فِي الرَّجْعِيَّةِ وَبِغَيْرِ عَقْدٍ جَدِيدٍ فِي الْبَائِنِ فَفِي الرَّجْعِيَّةِ الْأَدَبُ وَكَذَا فِي الْبَائِنِ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ وَطِئَهَا فِي الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بَاقِيَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، كَذَا فِي عبق وَالصَّوَابُ أَنَّ عَدَمَ الْحَدِّ إنْ كَانَ وَطْؤُهُ فِي الْعِدَّةِ وَأَمَّا إنْ وَطِئَ بَعْدَهَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ كَمَا فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ لِشَارِحِنَا حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا الْمُطَلَّقَةُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بَائِنًا دُونَ الْغَايَةِ فَيُحَدُّ إنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ لَا فِيهَا، اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَكْسُهُ) أَيْ وَهُوَ وَطْؤُهُ الْأُمَّ مَعَ كَوْنِهِ قَدْ عَقَدَ عَلَى بِنْتِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَقَوْلُهُ: فَيُحَدُّ أَيْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَجَعَلَ اللَّخْمِيُّ أَنَّ هَذَا الْعَكْسَ لَا حَدَّ فِيهِ كَذَلِكَ لِوُجُودِ الْخِلَافِ فِي كَوْنِ مُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الْبِنْتِ يُؤَبِّدُ تَحْرِيمَ الْأُمِّ أَوْ هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ فَلَا يُؤَبِّدُ، إلَّا إذَا انْضَمَّ لَهُ دُخُولٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ بْن أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ اعْتَمَدَ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ تَضْعِيفِهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ دَخَلَ بِالْأُمِّ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى بِنْتِهَا وَوَطِئَهَا حُدَّ) أَيْ اتِّفَاقًا، وَكَذَا عَكْسُهُ وَهُوَ مَا إذَا دَخَلَ بِالْبِنْتِ ثُمَّ عَقَدَ عَلَى أُمِّهَا وَدَخَلَ بِهَا فَيُحَدُّ اتِّفَاقًا وَلَا يَجْرِي فِيهِ خِلَافُ اللَّخْمِيِّ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ مَا إذَا عَقَدَ عَلَى الْأُمِّ وَدَخَلَ بِهَا بَعْدَ عَقْدِهِ عَلَى الْبِنْتِ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ وَطِئَ أُخْتًا عَلَى أُخْتِهَا) أَيْ وَكَذَا امْرَأَةٌ عَلَى عَمَّتِهَا أَوْ عَلَى خَالَتِهَا اتِّفَاقًا نَسَبًا أَوْ رَضَاعًا فَلَا حَدَّ فِيهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الْأَدَبُ حَيْثُ كَانَ الْوَطْءُ بِالنِّكَاحِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ بِالْمِلْكِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الْأُولَى كَمَا مَرَّ فِي بَابِ النِّكَاحِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أُخْتَ النَّسَبِ) أَيْ أَوْ عُدِمَ الْحَدُّ، إلَّا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأُخْتُ الَّتِي وَطِئَهَا أُخْتَ زَوْجَتِهِ مِنْ النَّسَبِ وَحِينَئِذٍ فَيُحَدُّ.
(قَوْلُهُ: لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ) أَيْ وَهُوَ {وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ} [النساء: 23](قَوْلُهُ: فَتَحْرِيمُهَا بِالسُّنَّةِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: عليه السلام: «يَحْرُمُ مِنْ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنْ النَّسَبِ» . أَيْ وَالتَّحْرِيمُ بِالْكِتَابِ أَقْوَى مِنْ التَّحْرِيمِ الثَّابِتِ بِالسُّنَّةِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23] فَمَعْنَاهُ أُخْتُ الشَّخْصِ نَفْسِهِ رَضَاعًا وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي أُخْتِ الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: إذْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ) أَيْ وَهِيَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ بِاعْتِبَارِ الْحَدِّ وَعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَتْ فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا الَّذِي يُؤَوَّلُ.
(قَوْلُهُ: وَكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْأَمَةُ قِنًّا أَوْ كَانَ فِيهَا شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُدَبَّرَةٍ وَمُعْتَقَةٍ لِأَجَلٍ، وَقَوْلُهُ: حَلَّلَهَا سَيِّدُهَا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ الْمُحَلِّلَ زَوْجَةَ الْوَاطِئِ أَوْ قَرِيبَهُ أَوْ أَجْنَبِيًّا (قَوْلُهُ: فَيُؤَدَّبُ اجْتِهَادًا وَلَا يُحَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَاطِئُ يَعْلَمُ تَحْرِيمَهَا عَلَى مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالتَّحْلِيلِ أَوْ جَاهِلًا بِهِ كَمَا لَوْ وَطِئَ أَمَةً زِنًا فَظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَنَّ سَيِّدَهَا كَانَ حَلَّلَهَا لَهُ قَبْلَ الزِّنَا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: يَوْمَ الْوَطْءِ) أَيْ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْوَطْءِ لِأَجْلِ أَنْ تَتِمَّ لَهُ الشُّبْهَةُ
(وَإِنْ أَبَيَا) أَيْ امْتَنَعَ كُلٌّ مِنْ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ مِنْ التَّقْوِيمِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِهِ مِنْ صِحَّةِ مَا قَصَدَاهُ مِنْ إعَارَةِ الْفُرُوجِ وَتُؤْخَذُ الْقِيمَةُ مِنْ الْوَاطِئِ إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا بِيعَتْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ تَحْمِلْ وَلَهُ الْفَضْلُ وَعَلَيْهِ النَّقْصُ، فَإِنْ حَمَلَتْ فَالْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ وَالْوَلَدُ حُرٌّ لَا حَقَّ بِهِ وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ.
(أَوْ) امْرَأَةٍ (مُكْرَهَةٍ) أَيْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا أَدَبَ أَيْضًا وَلَا يَضُرُّهُ الْعَطْفُ عَلَى مَا فِيهِ الْأَدَبُ؛ لِأَنَّهُ قَصَدَ الْعَطْفَ مِنْ حَيْثُ نَفْيُ الْحَدِّ (أَوْ) وَطِئَ زَوْجَةً حُرَّةً أَوْ أَمَةً (مَبِيعَةً) بَاعَهَا زَوْجُهَا عَلَى أَنَّهَا أَمَةً (بِغَلَاءٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَوْ لِأَجْلِهٍ فَوَطِئَهَا الْمُشْتَرِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا وَلَا أَدَبَ لِعُذْرِهَا بِالْجُوعِ وَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا بِمُجَرَّدِ الْبَيْعِ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِهِ وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ إنْ وَجَدَهُ وَإِلَّا فَعَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا، فَإِنْ بَاعَهَا لَا لِمَجَاعَةٍ حُدَّتْ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهَا وَقِيلَ: لَا تُحَدُّ نَظَرًا لِلشِّرَاءِ وَاسْتُظْهِرَ وَفِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ شَبَهٌ فِي عَدَمِ الْحَدِّ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحُّ قَوْلُهُ: (وَالْأَظْهَرُ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ (وَالْأَصَحُّ) عِنْدَ غَيْرِهِ.
(كَأَنْ ادَّعَى) أَيْ كَمَا لَا حَدَّ عَلَى وَاطِئٍ ادَّعَى (شِرَاءَ أَمَةٍ) وَأَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا لِكَوْنِهِ اشْتَرَاهَا مِنْ مَالِكِهَا فَأَنْكَرَ الْمَالِكُ الْبَيْعَ (وَنَكَلَ الْبَائِعُ) عَنْ الْيَمِينِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ حِينَ أَنْكَرَ الْبَيْعَ (وَحَلَفَ الْوَاطِئُ) أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْهُ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِنُكُولِ الْبَائِعِ، فَإِنْ نَكَلَ الْوَاطِئُ حُدَّ كَمَا لَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَلَا يَتَأَتَّى حَلِفُ الْوَاطِئِ حِينَئِذٍ لِثُبُوتِ قَوْلِ الْبَائِعِ بِحَلِفِهِ فَالْحَدُّ فِي نُكُولِهِمَا وَفِي حَلِفِ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَالْأَصَحِّ (وَالْمُخْتَارُ أَنَّ) الرَّجُلَ (الْمُكْرَهَ) بِالْفَتْحِ عَلَى الْوَطْءِ (كَذَلِكَ) أَيْ لَا يُحَدُّ وَلَا يُؤَدَّبُ لِعُذْرِهِ بِالْإِكْرَاهِ كَالْمَرْأَةِ (وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ) وَأَنَّهُ يُحَدُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.
(وَيَثْبُتُ) الزِّنَا بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ (بِإِقْرَارٍ) وَلَوْ (مَرَّةً) وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُقِرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) عَنْ إقْرَارِهِ (مُطْلَقًا) حَالَ الْحَدِّ أَوْ قَبْلَهُ رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ كَذَبْت عَلَى نَفْسِي أَوْ وَطِئْت زَوْجَتِي وَهِيَ مُحْرِمَةٌ فَظَنَنْت أَنَّهُ زِنًا، وَمِثْلُ الرُّجُوعِ مَا إذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ فَلَا يُحَدُّ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يَهْرُبَ) بِضَمِّ الرَّاءِ (وَإِنْ فِي الْحَدِّ) الْأَوْلَى حَذْفُ وَإِنْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَيُقَدَّرُ أَنَّهُ وَطِئَ مِلْكَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَبَيَا) مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ أَيْ وَيَلْزَمُ التَّقْوِيمُ وَإِنْ أَبَيَا. (قَوْلُهُ: وَلَهُ الْفَضْلُ) أَيْ مَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ عَلَى الْقِيمَةِ الَّتِي قُوِّمَتْ بِهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ فَلَّسَ الْمُحَلَّلُ لَهُ الْوَاطِئَ لَهَا قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ كَانَ رَبُّهَا أَحَقَّ بِهَا وَبِيعَتْ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَعُودَ لِتَحْلِيلِهَا، وَإِنْ مَاتَ ذَلِكَ الْوَاطِئُ قَبْلَ أَدَاءِ قِيمَتِهَا فَصَاحِبُهَا الَّذِي حَلَّلَهَا أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ.
(قَوْلُهُ: وَتَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ) أَيْ وَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ أُمِّ الْوَلَدِ لَا بِوَلَدٍ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ
(قَوْلُهُ: وَقَدْ بَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا) أَيْ الْبَائِعِ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْبَيْعِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحَدِّ وَعَدَمِ الْأَدَبِ إذَا كَانَ ذَلِكَ لِجُوعٍ وَالْبَيْنُونَةُ مِنْ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى زَوْجِهَا الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ) أَيْ وَكَذَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الزَّوْجُ الَّذِي يَتَزَوَّجُهَا بِالصَّدَاقِ إنْ وَجَدَهُ، وَإِلَّا رَجَعَ بِهِ عَلَيْهَا، إلَّا رُبْعَ دِينَارٍ فَيُتْرَكُ لَهَا لِئَلَّا يَخْلُوَ الْبُضْعُ عَنْ عِوَضٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا غَرَّتْهُ قَوْلًا وَفِعْلًا) أَيْ لِأَنَّهَا قَالَتْ: أَنَا أَمَةٌ وَمَكَّنَتْ الْمُشْتَرِيَ أَوْ الْمُتَزَوِّجَ لَهَا مِنْ نَفْسِهَا.
(قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلشِّرَاءِ) أَيْ نَظَرًا لِكَوْنِ الْمُشْتَرِي تَمَلَّكَهَا بِشِرَائِهِ كَالْأَمَةِ فَتَكُونُ مُكْرَهَةً فِي وَطْئِهِ لَهَا إذْ لَوْ امْتَنَعَتْ لَأَكْرَهَهَا (قَوْلُهُ: وَاسْتَظْهَرَ) أَيْ اسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ هَذَا الْقَوْلَ وَوَجَّهَهُ بِمَا ذَكَرَ وَتَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِأَنَّ كَوْنَ أَصْلِ فِعْلِهَا فِي الْبَيْعِ طَوْعًا يَنْفِي عَنْهَا كَوْنَهَا مُكْرَهَةً وَأَجَابَ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِأَنَّ أَصْلَ الْبَيْعِ، وَإِنْ كَانَ طَوْعًا لَكِنْ بَعْدَ انْعِقَادِهِ صَارَتْ مُكْرَهَةً.
(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ وَالْأَصَحُّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ لِأَشْهَبَ إنْ كَانَتْ الْأَمَةُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِ الْبَائِعِ حُدَّ اهـ عَدَوِيٌّ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ الْوَاطِئُ) أَيْ كَمَا نَكَلَ الْبَائِعُ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ) أَيْ كَمَا يُحَدُّ لَوْ حَلَفَ الْبَائِعُ، وَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ إذْ حَلَفَ الْبَائِعُ.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمِهِ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ وَعَدَمِ الْحَدِّ فِي صُورَةِ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ مَا إذَا نَكَلَ الْبَائِعُ وَحَلَفَ الْوَاطِئُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَيَّنَ بِحَلِفِهِ مَعَ نُكُولِ الْبَائِعِ أَنَّهُ إنَّمَا وَطِئَهَا وَهِيَ عَلَى مِلْكِهِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا حَلِفُهُمَا لِأَنَّهُ مَتَى حَلَفَ الْبَائِعُ ثَبَتَ قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى الْوَاطِئِ يَمِينٌ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَالْمُخْتَارُ) أَيْ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُحَقِّقِينَ كَابْنِ الْعَرَبِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي خش.
(قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرُ عَلَى خِلَافِهِ وَأَنَّهُ يُحَدُّ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْتَشَرَ أَمْ لَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالشَّامِلِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُحَدُّ عَلَى قَوْلِ الْأَكْثَرِ وَلَوْ كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ عَلَى الزِّنَا بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ، إلَّا أَنَّهُ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ هِيَ الْمُكْرِهَةُ لَهُ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُهَا غَرِمَ لَهَا الصَّدَاقَ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى مُكْرِهِهِ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ إذَا أَكْرَهَهُ عَلَى الزِّنَا بِهَا وَكَانَتْ طَائِعَةً وَلَا زَوْجَ لَهَا وَلَا سَيِّدَ، وَإِلَّا حُدَّ اتِّفَاقًا نَظَرًا لِحَقِّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَإِلَى أَنَّهَا مِسْكِينَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْدَمَ عَلَيْهَا وَلَوْ بِسَفْكِ دَمِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ لَكِنْ الَّذِي بِهِ الْفَتْوَى مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ فِي النَّظَرِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ
(قَوْلُهُ: بِإِقْرَارٍ مَرَّةً) لَمْ يَأْتِ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِأَنَّهُ يُشِيرُ بِهَا لِلْخِلَافِ الْمَذْهَبِيِّ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ بَلْ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ لِأَبِي حَنِيفَةَ وَالْإِمَامِ أَحْمَدَ حَيْثُ قَالَا لَا يَثْبُتُ الزِّنَا بِالْإِقْرَارِ، إلَّا إذَا أَقَرَّ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ فَإِذَا أَقَرَّ بِهِ حُدَّ، إلَّا إلَخْ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِشُبْهَةٍ أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ رُجُوعُهُ لِتَكْذِيبٍ مَحْضٍ فَإِذَا قَالَ كَذَبْتُ وَلَمْ يُبْدِ
يَعْنِي أَنَّ هُرُوبَهُ فِي حَالِ الْحَدِّ يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ أَيْ تَمَامَهُ وَلَا يُعَادُ عَلَيْهِ لِتَكْمِيلِهِ بِخِلَافِ هُرُوبِهِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ فَيُتْبَعُ لِيُقَامَ الْحَدُّ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَرْجِعْ عَنْ إقْرَارِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَمَنْ تَبِعَهُ وَرُدَّ بِأَنَّ الْمَنْقُولَ عَدَمُ الْحَدِّ مُطْلَقًا كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.
(وَ) يَثْبُتُ (بِالْبَيِّنَةِ) الْعَادِلَةِ أَرْبَعَةُ رِجَالٍ يَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ بِرُؤْيَا وَزَمَنٍ اتَّحَدَا كَمَا مَرَّ وَإِذَا ثَبَتَ بِهَا (فَلَا يَسْقُطُ) الْحَدُّ عَنْ امْرَأَةٍ بَعْدَ الثُّبُوتِ عَلَيْهَا (بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا) أَوْ بِأَنَّهَا رَتْقَاءُ تَقْدِيمًا لِشَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ.
(وَ) يَثْبُتُ (بِحَمْلٍ) أَيْ بِظُهُورِهِ (فِي) امْرَأَةٍ (غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ وَ) غَيْرِ (ذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ) أَيْ بِوَطْئِهَا بِأَنْ أَنْكَرَ وَطْأَهَا فَتُحَدُّ وَخَرَجَ ظُهُورُهُ بِمُتَزَوِّجَةٍ وَذَاتِ سَيِّدٍ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَالْمُرَادُ بِالزَّوْجِ زَوْجٌ يَلْحَقُ بِهِ الْحَمْلُ فَخَرَجَ الصَّغِيرُ وَالْمَجْبُوبُ أَوْ أَتَتْ بِهِ كَامِلًا لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَتُحَدُّ (وَلَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا) أَيْ مَنْ ظَهَرَ بِهَا الْحَمْلُ (الْغَصْبَ بِلَا قَرِينَةٍ) تُصَدِّقُهَا فَتُحَدُّ، وَأَمَّا مَعَ قَرِينَةٍ تُصَدِّقُهَا فَيُقْبَلُ دَعْوَاهَا وَلَا تُحَدُّ كَتَعَلُّقِهَا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَلَى مَا مَرَّ عِنْدَ قَوْلِهِ، وَإِنْ ادَّعَتْ اسْتَكْرَاهَا عَلَى غَيْرِ لَائِقٍ بِلَا تَعَلُّقٍ حُدَّتْ لَهُ وَأَوْلَى إنْ شَهِدَتْ لَهَا بَيِّنَةٌ بِالْإِكْرَاهِ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بِهَا الثُّبُوتُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ رَجْمٌ وَجَلْدٌ بِلَا تَغْرِيبٍ وَجَلْدٌ بِتَغْرِيبٍ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عُذْرًا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَرَأَوْا أَنَّ ذَلِكَ شُبْهَةٌ لِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ ثَانِيًا وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُعْذَرُ، إلَّا إذَا رَجَعَ لِشُبْهَةٍ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ اُنْظُرْ بْن وَاعْلَمْ أَنَّ رُجُوعَهُ عَنْ الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا إنَّمَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الْحَدِّ لَا بِالنِّسْبَةِ لِعَدَمِ لُزُومِ الصَّدَاقِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَهْرُ الْمَغْصُوبَةِ الَّتِي أَقَرَّ بِوَطْئِهَا بِرُجُوعِهِ (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ هُرُوبَهُ فِي حَالِ الْحَدِّ يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَدَّ) اعْلَمْ أَنَّ سُقُوطَ الْحَدِّ بِالْهُرُوبِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ ثُبُوتُ الزِّنَا عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ، أَمَّا لَوْ كَانَ ثُبُوتُهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ حَمْلٍ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ بِهُرُوبِهِ مُطْلَقًا بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمَا بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ تَبِعَهُ) أَيْ وَهُوَ عج وعبق وَالشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ.
(قَوْلُهُ: عَدَمُ الْحَدِّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ هُرُوبُهُ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُبَالَغَةُ عَلَى حَقِيقَتِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ فِرَارَهُ فِي الْحَدِّ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَمِ لَا رُجُوعًا مِنْهُ عَنْ الْإِقْرَارِ كَمَا قَرَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالْحَقُّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: عليه السلام فِي حَدِيثِ «مَاعِزِ بْنِ مَالِكٍ لَمَّا هَرَبَ فِي أَثْنَاءِ الْحَدِّ فَاتَّبَعُوهُ فَقَالَ رُدُّونِي إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَرُدُّوهُ وَرَجَمُوهُ حَتَّى مَاتَ ثُمَّ أَخْبَرُوا النَّبِيَّ بِقَوْلِهِ فَقَالَ هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ لَعَلَّهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ» . إنَّ الْهَارِبَ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الْحَدِّ أَوْ فِي أَثْنَائِهِ يُسْتَفْسَرُ، فَإِنْ كَذَّبَ إقْرَارَهُ تُرِكَ لَا إنْ كَانَ لِمُجَرَّدِ الْخَوْفِ أَوْ الْأَلَمِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: بِرُؤْيَا) أَيْ يَشْهَدُونَ لَهُ بِرُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا ثَبَتَ بِهَا) أَيْ وَإِذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ الْمَذْكُورَةِ وَادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّهَا بِكْرٌ أَوْ رَتْقَاءُ وَنَظَرَ إلَيْهَا أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَصَدَّقَتْهَا عَلَى ذَلِكَ فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ الْأَرْبَعِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْحَدُّ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا) بَلْ وَلَا بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ رِجَالٍ بِهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ لِاحْتِمَالِ دُخُولِ الْبَكَارَةِ فَلَا تَمْنَعُ مِنْ تَغْيِيبِ الْحَشَفَةِ وَلِلرِّجَالِ النَّظَرُ إلَيْهَا كَمَا يُقَيِّدُهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَسْقَطَ اللَّخْمِيُّ الْحَدَّ بِشَهَادَةِ الرِّجَالِ وَشَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالْبَكَارَةِ؛ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ شُبْهَةٌ كَمَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ بِالرِّجَالِ أَسْقَطَهُ بِالنِّسَاءِ وَمَنْ لَمْ يَعْتَبِرْ شَهَادَةَ النِّسَاءِ وَقَالَ بِالْحَدِّ لَمْ يَعْتَبِرْ شَهَادَةَ الرِّجَالِ فَمَا فِي عبق وخش مِنْ اعْتِبَارِ شَهَادَةِ الرِّجَالِ بِالْبَكَارَةِ وَسُقُوطُ الْحَدِّ دُونَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ فَهُوَ تَلْفِيقٌ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ.
(قَوْلُهُ: تَقْدِيمًا لِشَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى النِّسَاءِ) فِيهِ أَنَّهُ حَيْثُ عَلَّلَ عَدَمَ قَبُولِ شَهَادَةِ النِّسَاءِ بِالْعُذْرَةِ بِضَعْفِ شَهَادَتِهِنَّ فَلَا تُقَاوِمُ شَهَادَةَ الرِّجَالِ يُقَالُ عَلَيْهِ شَهَادَتُهُنَّ، وَإِنْ لَمْ تُقَاوِمْ شَهَادَةَ الرِّجَالِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَكُونَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ تَأَمَّلْ فَالْأَوْلَى التَّعْلِيلُ بِمَا قُلْنَاهُ مِنْ احْتِمَالِ دُخُولِ الْبَكَارَةِ فَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ الشَّهَادَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ بِظُهُورِهِ فِي امْرَأَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً، وَقَوْلُهُ: غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ أَيْ لَا يُعْرَفُ لَهَا مِنْ زَوْجٍ يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ بِأَنْ لَا يُعْرَفَ لَهَا زَوْجٌ أَصْلًا أَوْ يُعْرَفَ لَهَا زَوْجٌ لَكِنْ لَا يَلْحَقُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَغَيْرِ ذَاتِ سَيِّدٍ إلَخْ) أَيْ وَفِي أَمَةِ غَيْرِ ذَاتِ سَيِّدٍ مُقِرٍّ بِهِ.
(قَوْلُهُ: لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) أَيْ بِكَثِيرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقْبَلْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهَا زَوْجٌ أَوْ كَانَتْ أَمَةً وَكَانَ سَيِّدُهَا مُنْكِرًا لِوَطْئِهَا فَإِنَّهَا تُحَدُّ وَلَا يُقْبَلُ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ عَلَى ذَلِكَ بِلَا قَرِينَةٍ تَشْهَدُ لَهَا بِذَلِكَ وَلَا دَعْوَاهَا أَنَّ هَذَا الْحَمْلَ مِنْ مَنِيٍّ شَرِبَهُ فَرْجُهَا فِي الْحَمَّامِ وَلَا مِنْ وَطْءِ جِنِّيٍّ، إلَّا لِقَرِينَةٍ مِثْلَ كَوْنِهَا عَذْرَاءَ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الْعِفَّةِ.
(قَوْلُهُ: كَتَعَلُّقِهَا بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ صَالِحًا أَوْ مَجْهُولَ الْحَالِ أَوْ فَاسِقًا وَالْمُرَادُ بِالتَّعَلُّقِ أَنْ تَأْتِيَ مُسْتَغِيثَةً مِنْهُ أَوْ تَأْتِيَ الْبِكْرُ تُدْمِيَ عَقِبَ الْوَطْءِ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَغِثْ وَتَقُولُ أَكْرَهَنِي فُلَانٌ
(قَوْلُهُ: أَنْوَاعِ الْحَدِّ) أَيْ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الثُّبُوتِ.
(قَوْلُهُ: وَجَلْدٌ بِلَا تَغْرِيبٍ) هَذَا خَاصّ بِالنِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ (قَوْلُهُ: وَجَلْدٌ بِتَغْرِيبٍ) أَيْ وَهَذَا خَاصٌّ بِالْبِكْرِ الْحُرِّ الذَّكَرِ
(يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ إنْ أَصَابَ) أَيْ وَطِئَ (بَعْدَهُنَّ) أَيْ بَعْدَ الْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهَا (بِنِكَاحٍ) مُتَعَلِّقٍ بِأَصَابَ وَالْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ أَيْ مَنْ وَطِئَ زَوْجَتَهُ بِسَبَبِ عَقْدٍ (لَازِمٍ) ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا فَخَرَجَ مَنْ أَصَابَ بِمِلْكٍ أَوْ زِنًا وَخَرَجَ نِكَاحٌ غَيْرُ لَازِمٍ كَنِكَاحِ عَبْدٍ حُرَّةً بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ وَمَعِيبٍ وَفَاسِدٍ يُفْسَخُ أَبَدًا أَوْ بَعْدَ طُولٍ وَفَسْخٍ قَبْلَ الطُّولِ (صَحَّ) أَيْ حَلَّ الْوَطْءُ خَرَجَ مَا إذَا وَطِئَهَا بَعْدَ عَقْدٍ لَازِمٍ وَهِيَ حَائِضٌ مَثَلًا فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا فَإِذَا زَنَى بَعْدَ جَلْدِهِ وَالْمُصَنِّفُ أَشَارَ بِمَا ذَكَرَهُ لِشُرُوطِ الْإِحْصَانِ الْعَشَرَةِ فَكَأَنَّهُ قَالَ يُرْجَمُ الْمُحْصَنُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ إلَخْ وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِهِ الِانْتِشَارُ وَعَدَمُ الْمُنَاكَرَةِ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ بِانْتِشَارٍ بِلَا مُنَاكَرَةٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ الْإِحْصَانِ عَشَرَةٌ إذَا تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْهَا لَمْ يُرْجَمْ وَهِيَ بُلُوغٌ وَعَقْلٌ وَحُرِّيَّةٌ وَإِسْلَامٌ وَإِصَابَةٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَوَطْءٌ مُبَاحٌ بِانْتِشَارٍ وَعَدَمِ مُنَاكَرَةٍ (بِحِجَارَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِرَجْمٍ (مُعْتَدِلَةٍ) بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ (وَلَمْ يَعْرِفْ) الْإِمَامُ مَالِكٌ رضي الله عنه (بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ) بِالرَّجْمِ (ثُمَّ) مِنْ بَعْدِهِمْ (الْإِمَامُ) أَيْ الْحَاكِمُ ثُمَّ النَّاسُ عَقِبَهُ وَالْحَدِيثُ الدَّالُ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ تَمَسَّك بِهِ أَبُو حَنِيفَةَ لَمْ يَصِحَّ عِنْدَ الْإِمَامِ (كَلَائِطٍ) وَمَلُوطٍ بِهِ فَيُرْجَمَانِ (مُطْلَقًا) أَحْصَنَا أَمْ لَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ) أَيْ يَرْجُمُهُ الْإِمَامُ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُرْجَمَ نَفْسَهُ لِأَنَّ مَنْ فَعَلَ مُوجِبَ الْقَتْلِ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَقْتُلَ نَفْسَهُ بَلْ ذَلِكَ لِلْإِمَامِ وَالْأَوْلَى لَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا يُقِرَّ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْأَوْصَافَ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ غَيْرُ الْحُرِّيَّةِ فِي تَعْرِيفِ الزِّنَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ إنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ وَقَوْلُهُ: يُرْجَمُ بِمُثَنَّاةٍ تَحْتِيَّةٍ عَلَى أَنَّ الْجُمْلَةَ مُسْتَأْنَفَةٌ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ قِرَاءَتَهُ بِبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ وَهِيَ مُتَعَلِّقَةٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ بَابِ الزِّنَا وَهِيَ لِلْمُصَاحِبَةِ أَيْ الزِّنَا مَصْحُوبٌ بِرَجْمِ الْمُكَلَّفِ وَجَلْدِ الْبِكْرِ وَتَغْرِيبِ الْحُرِّ الذَّكَرِ أَيْ هَذَا الْحُكْمُ مَصْحُوبٌ بِهَذَا الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ وَطِئَ) أَيْ إنْ حَصَلَ مِنْهُ قَبْلَ الزِّنَا وَبَعْدَ اتِّصَافِهِ بِالْأَوْصَافِ الْمَذْكُورَةِ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ الَّتِي عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدًا لَازِمًا وَكَانَ ذَلِكَ الْوَطْءُ مُبَاحًا وَعَبَّرَ بِأَصَابَ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْصَانِ كَمَالُ الْوَطْءِ لِلزَّوْجَةِ بَلْ يَكْفِي مَغِيبُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ مَقْطُوعِهَا.
(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً أَوْ دَوَامًا) هَكَذَا بِأَوْ عَلَى الصَّوَابِ لَا بِالْوَاوِ لِأَجْلِ أَنْ يَشْمَلَ الْفَاسِدَ الَّذِي يَمْضِي بِالدُّخُولِ فَفِي الْمَوَّاقِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ مَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ لَا يُحْصِنُ وَطْؤُهُ بِخِلَافِ الَّذِي لَا يُفْسَخُ بَعْدَ الْبِنَاءِ فَإِنَّ الْوَطْءَ فِيهِ إحْصَانٌ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: فَخَرَجَ) أَيْ بِقَوْلِهِ بِنِكَاحِ مَنْ أَصَابَ أَيْ قَبْلَ الزِّنَا بِمِلْكٍ أَوْ بِزِنًا أَيْ قَبْلَ زِنَاهُ ثَانِيًا وَقَوْلُهُ: وَخَرَجَ نِكَاحٌ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ لَازِمٌ مَنْ أَصَابَ زَوْجَتَهُ قَبْلَ الزِّنَا بِنِكَاحٍ غَيْرِ لَازِمٍ.
(قَوْلُهُ: كَنِكَاحِ عَبْدٍ) أَيْ فَلَا تَكُونُ زَوْجَتُهُ مُحْصَنَةً بِوَطْئِهِ لَهَا فَإِذَا زَنَتْ لَمْ تُرْجَمْ، أَمَّا إذَا كَانَ نِكَاحُ الْعَبْدِ لِتِلْكَ الْحُرَّةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ أَجَازَهُ السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا بَعْدَ إجَازَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ النِّكَاحَ يَكُونُ مُحَصِّنًا لِمَوْطُوءَتِهِ الْحُرَّةِ وَالْعَبْدُ لَا يُرْجَمُ إذَا زَنَى عَلَى كُلِّ حَالٍ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ نَفْسَهُ لَا يَكُونُ مُحْصَنًا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الْإِحْصَانِ الْحُرِّيَّةَ.
(قَوْلُهُ: وَمَعِيبٍ) عَطْفٌ عَلَى عَبْدٍ أَيْ كَنِكَاحِ عَبْدٍ وَنِكَاحِ شَخْصٍ مَعِيبٍ (قَوْلُهُ: وَفَاسِدٌ يُفْسَخُ أَبَدًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرُ لَازِمٍ أَيْ خَرَجَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَنِكَاحٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ أَبَدًا أَيْ فَلَا يَكُونُ الْوَطْءُ الْمُسْتَنِدُ لِذَلِكَ النِّكَاحِ مُحَصِّنًا لِوَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بَعْدَ طُولٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى أَوْ قَبْلَ طُولٍ.
(قَوْلُهُ: صَحَّ) فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى النِّكَاحِ بِمَعْنَى الْوَطْءِ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا زَنَى بَعْدَهُ جَلَدَهُ) أَيْ وَلَا يُرْجَمُ لِعَدَمِ حِلِّيَّةٌ الْوَطْءِ الْوَاقِعِ بَعْدَ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ اللَّازِمِ.
(قَوْلُهُ: وَبَقِيَ مِنْ شُرُوطِهِ الِانْتِشَارُ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلشَّاذِلِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْإِحْصَانِ مِنْ الِانْتِشَارِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي الْإِحْلَالِ بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِصَابَةٌ) أَيْ وَوَطْءٌ بَعْدَ هَذِهِ الْأَوْصَافِ. (قَوْلُهُ: وَوَطْءٌ مُبَاحٌ) أَيْ وَكَوْنُ ذَلِكَ الْوَطْءِ مُبَاحًا.
(قَوْلُهُ: وَعَدَمُ مُنَاكَرَةٍ) أَيْ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ فِي الْوَطْءِ بِأَنْ يَعْتَرِفَا بِحُصُولِهِ لَا إنْ أَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِحُصُولِهِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ. (قَوْلُهُ: مُعْتَدِلَةٍ بَيْنَ الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ) أَيْ لَا بِحِجَارَةٍ عِظَامٍ خَشْيَةَ التَّشْوِيهِ وَلَا بِحَصَيَاتٍ صِغَارٍ خَشْيَةَ التَّعْذِيبِ بَلْ بِقَدْرِ مَا يَحْمِلُ الرَّامِي بِلَا كُلْفَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ لِسُرْعَةِ الْإِجْهَازِ عَلَيْهِ وَيُخَصُّ بِالرَّجْمِ الْمَوَاضِعُ الَّتِي هِيَ مَقَاتِلُ مِنْ الظَّهْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ السُّرَّةِ إلَى فَوْقُ وَيُتَّقَى الْوَجْهُ وَالْفَرْجُ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يُحْفَرُ لِلْمَرْجُومِ حُفْرَةً وَقِيلَ يُحْفَرُ لِلْمَرْأَةِ فَقَطْ وَقِيلَ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ دُونَ الْمُقِرِّ؛ لِأَنَّهُ يُتْرَكُ إنْ هَرَبَ وَيُجَرَّدُ أَعْلَى الرَّجُلِ دُونَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّهُ عَوْرَةٌ وَلَا يُرْبَطُ الْمَرْجُومُ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ جَمَاعَةٍ قِيلَ نَدْبًا وَقِيلَ وُجُوبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 2] فَإِنَّهُ فِي مُطْلَقِ الزَّانِي وَأَقَلُّ الطَّائِفَةِ أَرْبَعَةٌ عَلَى أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ قِيلَ لِيَشْتَهِرَ الزَّجْرُ وَقِيلَ لِيَدْعُوَا لَهُمَا بِالرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَقِيلَ لِيَشْهَدُوا بِزَوَالِ الْعِفَّةِ لِئَلَّا يُقْذَفَ الزَّانِي بَعْدُ (قَوْلُهُ: بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ بِالرَّجْمِ) أَيْ يَرْجُمُ الزَّانِي قَبْلَ الْحَاكِمِ وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ وَلَا سُنَّةٍ مَعْمُولٍ بِهَا.
(قَوْلُهُ: كَلَائِطٍ)
(وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) كَالْحُرَّيْنِ الْمُسْلِمَيْنِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى لَائِطٍ ذَا لِوَاطٍ مِنْ بَابِ النَّسَبِ كَتَامِرٍ أَيْ ذِي تَمْرٍ فَيَشْمَلُ الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ لَا اسْمَ فَاعِلٍ مِنْ لَاطَ حَتَّى يَحْتَاجُ إلَى تَقْدِيرِ مَعْطُوفٍ مَعَ عَاطِفِهِ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا وَيُزَادُ فِي الْمَفْعُولِ طَوْعُهُ وَكَوْنُ الْفَاعِلِ بِهِ بَالِغًا وَإِلَّا لَمْ يُرْجَمْ وَأُدِّبَ الْمُمَيِّزُ الطَّائِعُ أَدَبًا شَدِيدًا وَلَا يَسْقُطُ عَنْ كَافِرٍ بِإِسْلَامِهِ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ.
وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَجُلِدَ) الْمُكَلَّفُ (الْبِكْرُ الْحُرُّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (مِائَةً وَتَشَطَّرَ) الْجَلْدُ (بِالرِّقِّ، وَإِنْ قَلَّ) كَمُبَعَّضٍ وَكَذَا مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ أَمَّا الْأُنْثَى فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] وَأَمَّا الذَّكَرُ فَبِالْقِيَاسِ عَلَيْهَا إذْ لَا فَرْقَ (وَتَحَصَّنَ كُلٌّ) مِنْ الزَّوْجَيْنِ الرَّقِيقَيْنِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (دُونَ صَاحِبِهِ بِالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ بَعْدَهُ) بِشُرُوطِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِذَا عَتَقَ وَزَوْجَتُهُ مُطِيقَةٌ غَيْرُ بَالِغٍ أَوْ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ وَأَصَابَهَا تَحَصَّنَ دُونَهَا، فَإِنْ عَتَقَتْ فَقَطْ تَحَصَّنَتْ دُونَهُ إنْ أَصَابَهَا وَهِيَ بَالِغَةٌ مُسْلِمَةٌ عَاقِلَةٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الذَّكَرَ الْمُكَلَّفَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ يَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ الْمُطِيقَةِ وَلَوْ صَغِيرَةً أَوْ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً أَوْ مَجْنُونَةً وَالْأُنْثَى تَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجِهَا إنْ كَانَ بَالِغًا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ مَجْنُونًا فَعُلِمَ أَنَّ شَرْطَ تَحْصِينِ الذَّكَرِ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ إطَاقَةُ مَوْطُوءَتِهِ وَشَرْطَ تَحْصِينٍ الْأُنْثَى بُلُوغُ وَاطِئِهَا فَقَطْ زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ وَلَا يُقَالُ وَإِسْلَامُهُ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ لَا يَصِحُّ نِكَاحُهُ الْمُسْلِمَةَ فَهُوَ خَارِجٌ بِالنِّكَاحِ لِلصَّحِيحِ.
وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَغُرِّبَ) الْبِكْرُ (الْحُرُّ الذَّكَرُ فَقَطْ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَشْبِيهٌ فِي الرَّجْمِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْمُحْصَنَيْنِ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ بَلْ وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهَذَا مَعَ دُخُولِهِ تَحْتَ الْإِطْلَاقِ لِلرَّدِّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ الْعَبْدَ اللَّائِطَ يُجْلَدُ خَمْسِينَ وَإِنَّ الْكَافِرَ يُرَدُّ إلَى حُكَّامِ مِلَّتِهِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَحْتَاجَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ لَائِطَ اسْمُ فَاعِلٍ قَاصِرٌ عَلَى الْفَاعِلِ فَيَحْتَاجُ لِتَقْدِيرٍ وَمَلُوطٍ بِهِ لِأَجْلِ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ التَّكْلِيفُ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَدْخُلُ فِي الْإِطْلَاقِ بَالِغَيْنِ أَوْ غَيْرَ بَالِغَيْنِ طَائِعَيْنِ أَوْ مُكْرَهَيْنِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي رَجْمِ الْفَاعِلِ كَوْنُهُ مُكَلَّفًا فَمَتَى كَانَ مُكَلَّفًا رُجِمَ سَوَاءٌ كَانَ الْمَفْعُولُ بِهِ مُكَلَّفًا أَمْ لَا وَيُشْتَرَطُ فِي رَجْمِ الْمَفْعُولِ تَكْلِيفُهُ وَطَوْعُهُ وَكَوْنُ وَاطِئِهِ بَالِغًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَيُزَادُ فِي الْمَفْعُولِ طَوْعُهُ) أَيْ وَأَمَّا الْفَاعِلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ بَلْ مَتَى كَانَ مُكَلَّفًا رُجِمَ وَلَوْ مُكْرَهًا بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ الْمُتَقَدِّمِ لَا عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ الْمُمَيِّزُ الطَّائِعُ) أَيْ اللَّائِطُ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا (قَوْلُهُ: كَحَدِّ الْفِرْيَةِ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ فَاعِلٍ يَسْقُطُ أَيْ وَلَا يَسْقُطُ عَنْ الْكَافِرِ بِإِسْلَامِهِ حَدُّ الْفِرْيَةِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَتْلِ وَمَا مَاثَلَهَا فِي كَوْنِهِ حَقًّا لِمَخْلُوقٍ؛ لِأَنَّهَا لَازِمَةٌ لَهُ كَالدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: بِخِلَافِ حَدِّ الزِّنَا وَالشُّرْبِ أَيْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ بِإِسْلَامِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَأَرَادَ بِالزِّنَا الْمَعْنَى الْأَعَمَّ الشَّامِلَ لِلِّوَاطِ وَبِالْحَدِّ مَا يَشْمَلُ الْأَدَبَ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ إذَا شَرِبَ أَوْ زَنَى زِنًا غَيْرَ لِوَاطٍ إنَّمَا يُؤَدَّبُ وَلَا يُحَدُّ، وَلَوْ حَذَفَ الشَّارِحُ الْكَافَ مِنْ قَوْلِهِ كَحَدِّ الْفِرْيَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ لِإِيهَامِ عِبَارَتِهِ أَنَّ فَاعِلَ يَسْقُطُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى الرَّجْمِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا يَدُلُّ لَهُ عِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ الَّتِي نَقَلَهَا عبق
(قَوْلُهُ: الْبِكْرُ) الْمُرَادُ بِهِ غَيْرُ الْمُحْصَنِ وَهُوَ مَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ مُبَاحٌ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ بِأَنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ وَطْءٌ أَصْلًا أَوْ تَقَدَّمَ لَهُ وَطْءٌ فِي أَمَتِهِ أَوْ فِي زَوْجَتِهِ لَكِنْ فِي حَيْضِهَا أَوْ فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ لَمْ يَفُتْ وَفُسِخَ.
(قَوْلُهُ: الْحُرُّ) أَيْ الْكَائِنُ مِنْ أَفْرَادِ جِنْسِ الْحُرِّ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَالْمُرَادُ الْحُرُّ الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ.
(قَوْلُهُ: بِالرِّقِّ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ الرَّقِيقُ أَوْ أُنْثَى فَيَلْزَمُ كُلًّا مِنْهُمَا خَمْسُونَ جَلْدَةً إذَا زَنَى. (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ) أَيْ الرِّقُّ فِي تِلْكَ الرَّقَبَةِ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا عَتَقَ) أَيْ الزَّوْجُ الذَّكَرُ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ مُطِيقَةٌ) أَيْ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ مُطِيقَةٌ. (قَوْلُهُ: وَأَصَابَهَا) أَيْ بَعْدَ عِتْقِهِ.
(قَوْلُهُ: تُحَصَّنُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ مَجْنُونَةً وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَتَقَتْ أَيْ الزَّوْجَةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُكَلَّفَةُ وَقَوْلُهُ: تَحَصَّنَتْ دُونَهُ إنْ أَصَابَهَا أَيْ بَعْدَ عِتْقِهَا وَلَوْ كَانَ مَجْنُونًا فَوَطْءُ الْمَجْنُونِ يُحَصِّنُ الزَّوْجَةَ الْعَاقِلَةَ كَمَا أَنَّهُ يُحِلُّهَا لِمُبِتِّهَا وَوَطْءُ الْمَجْنُونَةِ يُحَصِّنُ زَوْجَهَا الْعَاقِلَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُحِلُّهَا لِمُبِتَّهَا؛ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الْإِحْلَالِ عِلْمُ الزَّوْجَةِ بِالْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ) أَيْ حَاصِلُ مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَمِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: يَتَحَصَّنُ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ) أَيْ وَطْئًا مُبَاحًا بِانْتِشَارٍ فِي نِكَاحٍ لَازِمٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ.
(قَوْلُهُ: وَالْأُنْثَى) أَيْ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ الْمُكَلَّفَةُ (قَوْلُهُ: إطَاقَةُ مَوْطُوءَتِهِ) قَدْ يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ اشْتِرَاطُ كَوْنِ الْوَطْءِ مُبَاحًا إذْ وَطْءُ غَيْرِ الْمُطِيقَةِ لَيْسَ مُبَاحًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: زِيَادَةً عَلَى الْعَشَرَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْبُلُوغُ الْمَذْكُورُ فِي الْعَشَرَةِ فَبُلُوغُ مَنْ اُعْتُبِرَ تَحْصِينُهُ كَالْمَرْأَةِ فَعَلَى هَذَا لَا بُدَّ فِي تَحْصِينِهَا مِنْ بُلُوغِهَا وَبُلُوغِ وَاطِئِهَا هَذَا وَقَدْ يُقَالُ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ بُلُوغَ وَاطِئِهَا زَائِدٌ عَلَى الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْبُلُوغِ الْمُتَقَدِّمَ فِي الشُّرُوطِ مَا يَشْمَلُ بُلُوغَ مَنْ اُعْتُبِرَ تَحْصِينُهُ وَبُلُوغَ غَيْرِهِ فَبِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِينِ الرَّجُلِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُهُ فَقَطْ وَبِالنِّسْبَةِ لِتَحْصِينِ الْمَرْأَةِ يُعْتَبَرُ بُلُوغُ كُلٍّ مِنْهُمَا تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَغُرِّبَ الْحُرُّ الذَّكَرُ) أَيْ بَعْدَ الْجَلْدِ مِائَةً وَإِنَّمَا غُرِّبَ عُقُوبَةً لَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَنْقَطِعَ عَنْ أَهْلِهِ وَوَلَدِهِ
دُونَ الْعَبْدِ وَلَوْ رَضِيَ سَيِّدُهُ وَدُونَ الْأُنْثَى وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا (عَامًا) كَامِلًا مِنْ يَوْمِ سَجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّتِي غُرِّبَ إلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سَجْنِهِ بِهَا وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحُ بِهِ بِأَنْ يَقُولَ يُسْجَنُ بِهَا عَامًا وَيَكْتَفِي بِهِ عَمَّا سَيَأْتِي لَهُ (وَأَجْرُهُ عَلَيْهِ) أَيْ أُجْرَةُ حَمْلِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَمُؤْنَتِهِ بِمَوْضِعِ سَجْنِهِ وَأُجْرَةُ الْمَوْضِعِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَعَلُّقَاتِ الْجِنَايَةِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ) إنْ كَانَ وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ (كَفَدَكَ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى خَيْبَرَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ يَوْمَانِ وَقِيلَ ثَلَاثَةُ مَرَاحِلَ (وَخَيْبَرُ) بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ (مِنْ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم نَفَى مِنْ الْمَدِينَةِ إلَيْهَا (فَيُسْجَنُ سَنَةً) مِنْ حِينِ سَجْنِهِ كَمَا مَرَّ (وَإِنْ)(عَادَ) الَّذِي غُرِّبَ إلَى وَطَنِهِ قَبْلَ مُضِيِّ السَّنَةِ (أُخْرِجَ) مَرَّةً (ثَانِيَةً) إلَى الْمَوْضِعِ الْأَوَّلِ أَوْ غَيْرِهِ لِإِكْمَالِ السَّنَةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمَعْنَى، وَإِنْ عَادَ لِلزِّنَا بَعْدَ تَغْرِيبِهِ وَرُجُوعِهِ لِوَطَنِهِ أُخْرِجَ بَعْدَ جَلْدِهِ مَرَّةً ثَانِيَةً إلَى الْبَلَدِ الَّتِي نُفِيَ إلَيْهَا أَوْ إلَى غَيْرِهَا، وَأَمَّا إنْ زَنَى فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ أَوْ زَنَى غَرِيبٌ بِغَيْرِ بَلَدِهِ فَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ تَأَنَّسَ بِأَهْلِ السِّجْنِ لِطُولِ الْإِقَامَةِ مَعَهُمْ وَتَأَنَّسَ الْغَرِيبُ بِأَهْلِ تِلْكَ الْبَلَدِ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ بَعْدَ الْجَلْدِ وَإِلَّا كَفَى السَّجْنُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَيُسْتَأْنَفُ لِمَنْ زَنَى فِي السِّجْنِ عَامًا وَيُلْغَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ.
(وَتُؤَخَّرُ) الزَّانِيَةُ ذَاتُ الْحَيْضِ (الْمُتَزَوِّجَةُ) أَوْ السُّرِّيَّةُ بِالرَّجْمِ أَوْ الْجَلْدِ (لِحَيْضَةٍ) فَقَطْ بَعْدَ الزِّنَا خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ مِنْ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا، فَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أُخِّرَتْ لِوَضْعِهِ وَوُجُودِ مَنْ يُرْضِعُ الطِّفْلَ وَغَيْرُ ذَاتِ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ لَا تُؤَخَّرُ إلَّا إذَا ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ فَلِوَضْعِهِ وَوُجُودِ مُرْضِعٍ أَوْ مُكْثِ مَاءِ الزِّنَا فِي رَحِمِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَمْ تَرَ حَيْضًا فَتُؤَخَّرُ لِحَيْضَةٍ لِئَلَّا تَكُونَ حَمَلَتْ مِنْ الزِّنَا وَلَا تُؤَخَّرُ الْآيِسَةُ.
(وَ) اُنْتُظِرَ (بِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ) بِالْمَدِّ فَلَا يُجْلَدُ فِي بَرْدٍ أَوْ حَرٍّ مُفْرِطَيْنِ خَوْفَ الْهَلَاكِ (وَأَقَامَهُ) أَيْ حَدَّ الزِّنَا رَجْمًا أَوْ جَلْدًا (الْحَاكِمُ) دُونَ غَيْرِهِ (وَ) كَذَا (السَّيِّد) فِي رَقِيقِهِ (إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ) رَقِيقُهُ الذَّكَرُ أَوْ الْأُنْثَى (بِغَيْرِ مِلْكِهِ) بِأَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ أَصْلًا أَوْ تَزَوَّجَ بِمِلْكِهِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِأَنْ تَزَوَّجَ بِحُرِّ أَوْ بِمَمْلُوكِ غَيْرِ السَّيِّدِ لَمْ يُقِمْهُ إلَّا الْحَاكِمُ وَمَحِلُّ إقَامَةِ الْحَاكِمِ أَوْ السَّيِّدِ الْحَدَّ إنْ ثَبَتَ الزِّنَا (بِغَيْرِ عِلْمِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَمَعَاشِهِ وَتَلْحَقُهُ الذِّلَّةُ وَمَحِلُّ تَغْرِيبِ الْحُرِّ الذَّكَرِ إذَا كَانَ مُتَوَطِّنًا فِي الْبَلَدِ الَّتِي زَنَى فِيهَا وَأَمَّا الْغَرِيبُ الَّذِي زَنَى بِفَوْرِ نُزُولِهِ بِبَلَدٍ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ وَيُسْجَنُ بِهَا؛ لِأَنَّ سَجْنَهُ فِي الْمَكَانِ الَّذِي زَنَى فِيهِ تَغْرِيبٌ لَهُ، وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: غُرِّبَ أَنَّهُ لَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَا يَكْفِي؛ لِأَنَّ تَغْرِيبَهُ نَفْسَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ شَهَوَاتِهِ فَلَا يَكُونُ زَجْرًا لَهُ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْعَبْدِ وَالْأُنْثَى) أَيْ فَلَا يُغَرَّبَانِ وَلَا يُسْجَنُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِبَلَدِ الزِّنَا؛ لِأَنَّ السَّجْنَ تَبَعٌ لِلتَّغْرِيبِ وَهُمَا لَمْ يُغَرَّبَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ رَضِيَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا) أَيْ لِمَا يُخْشَى عَلَيْهَا مِنْ الزِّنَا بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّغْرِيبِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهَا لَا تُغَرَّبُ وَلَوْ مَعَ مَحْرَمٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ تُنْفَى الْمَرْأَةُ إذَا كَانَ لَهَا وَلِيٌّ أَوْ تُسَافِرُ مَعَ جَمَاعَةِ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ كَخُرُوجِ الْحَجِّ، فَإِنْ عُدِمَ جَمِيعُ ذَلِكَ سُجِنَتْ بِمَوْضِعِهَا عَامًا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَعَذَّرَ التَّغْرِيبُ لَمْ يَسْقُطْ السَّجْنُ هَذَا كَلَامُهُ وَقَدْ عَلِمْت ضَعْفَهُ.
(قَوْلُهُ: عَامًا كَامِلًا مِنْ يَوْمِ سَجْنِهِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الدَّيْنَ يُؤْخَذُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَهُوَ مُعْسِرٌ يُنْظَرُ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(قَوْلُهُ: وَمُؤْنَتُهُ) أَيْ وَثَمَنُ مُؤْنَتِهِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَفِي هَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ اسْتَعْمَلَ الْأُجْرَةَ فِيمَا يَشْمَلُ ثَمَنَ الْمَأْكَلِ وَالْمَشْرَبِ مِنْ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ أَوْ مِنْ عُمُومِ الْمَجَازِ.
(قَوْلُهُ: فَيُسْجَنُ) أَيْ بَعْدَ الْجَلْدِ سَنَةً مِنْ حِينِ سَجْنِهِ فِي الْبَلَدِ الَّذِي نُفِيَ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ فَذِكْرُ الْعَامِّ فِيمَا مَرَّ لَا فَائِدَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ سَجْنَهُ قَدْ يَتَأَخَّرُ بَعْدَ دُخُولِ بَلَدِ التَّغْرِيبِ فَيَكُونُ التَّغْرِيبُ حِينَئِذٍ أَكْثَرَ مِنْ عَامٍّ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا هُنَا أَوْ ذَكَرَ السَّجْنَ فِيمَا تَقَدَّمَ وَحَذَفَ مَا هُنَا كَانَ أَنْسَبَ.
(قَوْلُهُ: غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ) أَيْ سَنَةً كَامِلَةً وَأُلْغِيَ مَا مَضَى مِنْ الْأُولَى فَلَا يُكَمَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُحْتَسَبُ مِنْهَا بِشَيْءِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيُسْتَأْنَفُ لِمَنْ زَنَى فِي السِّجْنِ أَيْ سَوَاءٌ غُرِّبَ لِمَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ لَمْ يُغَرَّبْ
(قَوْلُهُ: لِحَيْضَةٍ) أَيْ إنْ مَكَثَ مَاءُ الزِّنَا بِبَطْنِهَا أَرْبَعِينَ يَوْمًا هَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا قَبْلَ الزِّنَا بَلْ وَإِنْ كَانَ اسْتَبْرَأَهَا قَبْلَهُ وَسَوَاءٌ قَامَ بِحَقِّهِ مِنْ الْوَطْءِ بِأَنْ قَالَ يُمْكِنُ أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنِّي أَوْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ صُوَرٍ يَجِبُ فِيهَا تَأْخِيرُهَا لِلْحَيْضَةِ، وَكَذَا يَجِبُ تَأْخِيرُهَا لَهَا إذَا مَكَثَ مَاءُ الزِّنَا بِبَطْنِهَا أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا حَيْثُ لَنْ يَسْتَبْرِئَهَا قَبْلَ الزِّنَا وَقَامَ بِحَقِّهِ فِي الْوَطْءِ خَشْيَةَ أَنْ يَكُونَ بِهَا حَمْلٌ لَا إنْ اسْتَبْرَأَهَا أَوْ لَمْ يَسْتَبْرِئْهَا لَكِنْ لَمْ يَقُمْ بِحَقِّهِ فَلَا تُؤَخَّرُ إذَا لَمْ يَمْضِ لِمَائِهِ هُوَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا وَانْتَقَلَ طَوْرُهُ عَنْ النُّطْفَةِ، وَإِلَّا أُخِّرَتْ؛ لِأَنَّ اعْتِبَارَ مَائِهِ أَوْلَى مِنْ اعْتِبَارِ مَاءِ الزِّنَا وَيَقُومُ مَقَامَ الْحَيْضَةِ فِيمَنْ لَمْ تَحِضْ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ حَيْثُ لَمْ تَحِضْ فِيهَا وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ حَمْلُهَا
(قَوْلُهُ: اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ) أَيْ وَكَذَا زَوَالُ مَرَضٍ كَنِفَاسٍ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ تَزَوَّجَ) أَيْ الرَّقِيقُ بِحُرٍّ أَيْ بِشَخْصٍ حُرٍّ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِحُرَّةٍ أَوْ الْأَمَةُ بِحُرٍّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَمْلُوكٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ تَزَوَّجَ الرَّقِيقُ بِشَخْصٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ كَأَنْ تَزَوَّجَ الْعَبْدُ بِأَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ أَوْ تَزَوَّجَتْ الْأَمَةُ الزَّانِيَةُ بِعَبْدٍ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِ سَيِّدِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحِلُّ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ إقَامَةَ الْحَاكِمِ الْحَدَّ لَهُ شَرْطٌ وَاحِدٌ وَهُوَ ثُبُوتُ مُوجِبِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وَإِقَامَةُ السَّيِّدِ الْحَدَّ لَهُ شَرْطَانِ أَنْ لَا يَكُونَ الرَّقِيقُ مُتَزَوِّجًا بِغَيْرِ مِلْكِهِ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ مُوجِبُ الْحَدِّ ثَابِتًا بِعِلْمِهِ وَالْأَوَّلُ مِنْهُمَا قَيْدٌ فِي إقَامَةِ السَّيِّدِ فَقَطْ وَالثَّانِي قَيْدٌ فِيهِ وَفِي الْحَاكِمِ.
(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ عِلْمِهِ) أَيْ إذَا كَانَ مُوجِبُهُ وَهُوَ الزِّنَا ثَابِتًا بِغَيْرِ عِلْمِهِ
أَيْ عَلِمَ الْحَاكِمُ أَوْ السَّيِّدُ بِأَنْ ثَبَتَ بِإِقْرَارٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ أَوْ بِأَرْبَعَةِ عُدُولٍ لَيْسَ الْحَاكِمُ أَحَدَهُمْ إنْ أَقَامَهُ الْحَاكِمُ وَلَيْسَ السَّيِّدُ أَحَدَهُمْ إنْ أَقَامَهُ السَّيِّدُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَالْعَكْسُ وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَا فِي ذَلِكَ حَدُّ الْخَمْرِ وَالْقَذْفِ لَا السَّرِقَةِ فَلَا يُقِيمُهَا إلَّا الْحَاكِمُ، فَإِنْ قَطَعَهُ سَيِّدُهُ أُدِّبَ لِلِافْتِيَاتِ عَلَى الْحَاكِمِ ثُمَّ إنَّ السَّيِّدَ لَا يُقِيمُ عَلَى رَقِيقِهِ إلَّا الْجَلْدَ دُونَ الرَّجْمِ فَالضَّمِيرُ فِي أَقَامَهُ لِلْحَدِّ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاكِمِ وَبِقَيْدِ الْجَلْدِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّيِّدِ.
(وَإِنْ) زَنَتْ ذَاتُ زَوْجٍ وَ (أَنْكَرَتْ الْوَطْءَ) مِنْ زَوْجِهَا (بَعْدَ) إقَامَةِ (عِشْرِينَ سَنَةً) مَعَهُ (وَخَالَفَهَا الزَّوْجُ) وَادَّعَى وَطْأَهَا فِيهَا (فَالْحَدُّ) أَيْ الرَّجْمُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحَ بِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَاهَا عَدَمَ الْوَطْءِ وَأَنَّهَا بِكْرٌ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ تُكَذِّبُهَا (وَعَنْهُ) أَيْ الْإِمَامِ رضي الله عنه (فِي)(الرَّجُلِ) يُقِيمُ مَعَ زَوْجَتِهِ مُدَّةً طَوِيلَةً ثُمَّ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِالزِّنَا فَيُنْكِرُ الْوَطْءَ (يَسْقُطُ) الرَّجْمُ عَنْهُ وَيُجْلَدُ (مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ لِلْوَطْءِ (أَوْ) مَا لَمْ (يُولَدْ لَهُ) مِنْهَا أَوْ يَظْهَرُ حَمْلٌ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَوْ ظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ رُجِمَ وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ وَلَوْ بَعْدَ الْجَلْدِ وَلَا يُغْنِي جَلْدٌ عَنْ رَجْمٍ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ فِي الْمَحَلَّيْنِ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى الْخِلَافِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَأُوِّلَا) أَيْ الْمَحِلَّانِ (عَلَى الْخِلَافِ) إذْ قُبِلَ قَوْلُهُ: دُونَهَا وَمِنْهُمْ مَنْ وَفَّقَ بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ) إنَّمَا رُجِمَتْ الزَّوْجَةُ (لِخِلَافِ الزَّوْجِ) أَيْ لِمُخَالَفَتِهِ لَهَا لِأَنَّهُ ادَّعَى الْوَطْءَ (فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأُولَى فَقَطْ) فَقَدْ كَذَّبَهَا وَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا لَسَقَطَ عَنْهَا الرَّجْمُ كَمَا أَنَّهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لَوْ خَالَفَتْهُ وَقَالَتْ بَلْ وَطِئَ لَرُجِمَ (أَوْ) يُوَفَّقُ بِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الرَّجْمُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَهَا فِي الْأُولَى (لِأَنَّهُ يَسْكُتُ) أَيْ لِأَنَّ شَأْنَ الرَّجُلِ إذَا مَنَعَهُ مَانِعٌ مِنْ الْوَطْءِ أَنْ يَسْكُتَ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّ شَأْنَهَا عَدَمُ السُّكُوتِ فَسُكُوتُهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَطَؤُهَا فَلَمْ تُصَدَّقْ فِي إنْكَارِهَا فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهَا الرَّجْمُ أَوْ يُوَفَّقْ بِأَنَّهُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الرَّجْمُ (لِأَنَّ) الْمَسْأَلَةَ (الثَّانِيَةَ) وَهِيَ مَسْأَلَتُهُ (لَمْ تَبْلُغْ) مُدَّةُ إقَامَتِهِ مَعَهَا (عِشْرِينَ) سَنَةً فَلِذَا صَدَقَ وَلَمْ يُرْجَمْ وَلَوْ بَلَغَتْ الْمُدَّةُ عِشْرِينَ لَرُجِمَ وَلَمْ يُصَدَّقْ كَمَا أَنَّهَا رُجِمَتْ فِي مَسْأَلَتِهَا لِبُلُوغِهَا الْعِشْرِينَ وَلَوْ لَمْ تَبْلُغْهَا لَسَقَطَ عَنْهَا هَذِهِ (تَأْوِيلَاتٌ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: وَتَكْفِي إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الزِّنَا بِعِلْمِ السَّيِّدِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى الْعَبْدِ وَإِنَّمَا يُقِيمُهُ الْحَاكِمُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ السَّيِّدِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَكَذَا إذَا ثَبَتَ الزِّنَا عَلَى شَخْصٍ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ فَلَا يُقِيمُ الْحَاكِمُ الْحَدَّ عَلَى ذَلِكَ الزَّانِي بَلْ يَرْفَعُ الْأَمْرَ لِحَاكِمٍ آخَرَ أَوْ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ لِلسَّيِّدِ إذَا كَانَ لَهُ حَدُّهُ وَتَكْفِي شَهَادَةُ الْحَاكِمِ يَعْنِي مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الْعُدُولِ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ حَدِّ الزِّنَا فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي إقَامَةِ الْحَاكِمِ أَوْ السَّيِّدِ لَهُ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُقِيمُهَا، إلَّا الْحَاكِمُ) أَيْ لِئَلَّا يُمَثِّلَ النَّاسُ بِرَقِيقِهِمْ وَيَدَّعُونَ سَرِقَتَهُمْ وَهَذَا لَا يَتَأَتَّى فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ لِأَنَّ حَدَّ السَّرِقَةِ فِيهِ تَمْثِيلٌ بِالْقَطْعِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَنْكَرَتْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الثَّابِتَ زَوْجِيَّتُهَا إذَا أَقَامَتْ مَعَ زَوْجِهَا عِشْرِينَ سَنَةً ثُمَّ وُجِدَتْ تَزْنِي وَقَالَتْ مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَكَذَّبَهَا زَوْجُهَا وَقَالَ بَلْ وَطِئْتهَا فَإِنَّهَا تُرْجَمُ؛ لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ وَلَا عِبْرَةَ بِإِنْكَارِهَا الْوَطْءَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْإِمَامِ) صَوَابُهُ أَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الرَّجُلَ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَطَالَ مُكْثُهُ مَعَهَا ثُمَّ شَهِدَتْ الْعُدُولُ عَلَيْهِ بِالزِّنَا فَقَالَ مَا جَامَعْت زَوْجَتِي مُنْذُ تَزَوَّجْتهَا وَأَنَا الْآنَ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ: وَلَا يُرْجَمُ بَلْ يُحَدُّ حَدَّ الْبِكْرِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِوَطْئِهَا أَوْ يَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ. (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ) أَيْ مُدَّةَ كَوْنِهِ لَمْ يُقِرَّ بِوَطْءِ زَوْجَتِهِ بَلْ قَالَ عِنْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالزِّنَا لَمْ أَطَأْ زَوْجَتِي مُنْذُ تَزَوَّجْتهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعْدَ الْجَلْدِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ إقْرَارُهُ بِوَطْئِهَا أَوْ بِظُهُورِ حَمْلِهَا بَعْدَ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ: إذْ قُبِلَ قَوْلُهُ: دُونَهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ قَوْلَانِ مُتَقَابِلَانِ عَامَّانِ فِي الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ الْأَوَّلُ عَدَمُ قَبُولِ قَوْلِهِمَا وَالثَّانِي قَبُولُ قَوْلِهِمَا وَلَا يُرْجَمَانِ بَلْ يُجْلَدَانِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْخِلَافِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا رُجِمَتْ الزَّوْجَةُ فِي مَسْأَلَتِهَا لِضَعْفِ إنْكَارِهَا مُخَالَفَةَ الزَّوْجِ وَتَكْذِيبَهُ لَهَا لِأَنَّهَا تَقُولُ مَا جَامَعَنِي زَوْجِي فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ وَهُوَ يَقُولُ بَلْ جَامَعْتهَا وَلَمْ يُرْجَمْ الزَّوْجُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ لِعَدَمِ ضَعْفِ إنْكَارِهِ وَذَلِكَ لِعَدَمِ تَكْذِيبِ الزَّوْجَةِ لَهُ فَلَوْ لَمْ يُكَذِّبْهَا فِي مَسْأَلَتِهَا فَإِنَّهَا لَا تُرْجَمُ وَصَارَتْ مَسْأَلَةُ الْمَرْأَةِ مُوَافِقَةً لِمَسْأَلَةِ الرَّجُلِ فِي عَدَمِ الرَّجْمِ وَلَوْ كَذَّبَتْهُ الْمَرْأَةُ فِي مَسْأَلَتِهِ فَإِنَّهُ يُرْجَمُ وَتَصِيرُ مَسْأَلَةُ الرَّجُلِ مُوَافِقَةً لِمَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ فِي الرَّجْمِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّهُ يَسْكُتُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا قُبِلَ قَوْلُ الزَّوْجِ فِي مَسْأَلَتِهِ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الزَّوْجَةِ فِي مَسْأَلَتِهَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَا يَمْنَعُ الْجِمَاعَ لِزَوْجَتِهِ الشَّأْنُ أَنَّهُ يَسْكُتُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ إذَا حَصَلَ لَهَا عَدَمُ الْوَطْءِ مِنْ زَوْجِهَا فَالْعَادَةُ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ عَنْهُ بَلْ تُظْهِرُ ذَلِكَ وَتُبْدِيه فَسُكُوتُهَا وَعَدَمُ إبْدَائِهَا إلَى الْآنَ دَلِيلٌ عَلَى تَكْذِيبِهَا وَالْأَنْسَبُ بِالتَّأْوِيلِ قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ أَوْ لِأَنَّهَا لَا تَسْكُتُ أَيْ أَنَّهَا إنَّمَا رُجِمَتْ الْمَرْأَةُ فِي مَسْأَلَتِهَا لِمُخَالَفَةِ الزَّوْجِ لَهَا أَوْ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّهَا لَا تَسْكُتُ هَذِهِ الْمُدَّةَ عَنْ إبْدَاءِ عَدَمِ وَطْئِهَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَقَعَ فِيهِ تَكْذِيبٌ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِصَاحِبِهِ لَكِنْ حَكَمَ الْإِمَامُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّ الْمُدَّةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ سَنَةً وَحَكَمَ بِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ الْمَرْأَةِ فِي مَسْأَلَةِ زِنَاهَا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهَا أَنَّ مُدَّةَ إقَامَتِهَا تَحْتَ زَوْجِهَا عِشْرُونَ سَنَةً فَلَوْ كَانَتْ الْمُدَّةُ فِي مَسْأَلَةِ الرَّجُلِ عِشْرِينَ أَوْ فِي مَسْأَلَةِ الْمَرْأَةِ أَقَلَّ لَاتَّفَقَ الْمَسْأَلَتَانِ فِي الْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: تَأْوِيلَاتٌ) قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ