الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ لَا إنْ تَابَ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (أَوْ تَرَكَ مَا هُوَ عَلَيْهِ) مِنْ الْحِرَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ الْإِمَامَ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ غُرْمُ مَا أَخَذَهُ مُطْلَقًا أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ بَقِيَ مَا أَخَذَهُ أَمْ لَا كَمَا قَدَّمَهُ
[دَرْسٌ]{بَابٌ} ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ ذَكَرَ فِيهِ حَدَّ الشَّارِبِ وَشُرُوطَهُ وَأَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ وَدَفْعَ الصَّائِلِ فَقَالَ (بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ) أَيْ يَجِبُ بِسَبَبِ شُرْبِ الْمُسْلِمِ الْحُرِّ (الْمُكَلَّفِ) وَالشُّرْبُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْفَمِ إذَا وَصَلَ لِحَلْقِهِ وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ لَا الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَوْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ وَبِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَأُدِّبَ صَبِيٌّ لِلزَّجْرِ وَذِمِّيٌّ إنْ أَظْهَرَهُ (مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) ، وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ لِقِلَّتِهِ مَثَلًا لَا مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ، وَإِنْ اعْتَقَدَهُ مُسْكِرًا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ (طَوْعًا) لَا إنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِهِ فَلَا يُحَدُّ وَالْمُكْرَهُ لَيْسَ بِمُكَلَّفٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الطَّوْعِ (بِلَا عُذْرٍ) فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ غَلَطًا بِأَنْ ظَنَّهُ غَيْرًا كَمَا يَأْتِي (وَ) بِلَا (ضَرُورَةٍ) لَا إنْ شَرِبَهُ لِإِسَاغَةِ غَصِّهِ إذَا لَمْ يَجِدْ مَاءً وَنَحْوَهُ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَى قَوْلٍ وَالرَّاجِحُ عَدَمُهَا وَالْأَوْلَى حَذْفُ بِلَا عُذْرٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ أَوْ بِقَوْلِهِ (وَ) بِلَا (ظَنِّهِ) أَيْ الْمُسْكِرِ جِنْسُهُ (غَيْرًا) أَيْ غَيْرَ مُسْكِرٍ بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا فَشَرِبَهُ فَإِذَا هُوَ خَمْرٌ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِعُذْرِهِ كَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ وَصَدَقَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا لَا يُتَّهَمُ وَيَجِبُ الْحَدُّ عَلَى شَارِبِ الْمُسْكِرِ (وَإِنْ قَلَّ) جِدًّا بَلْ قَدْ قِيلَ لَوْ غَمَسَ إبْرَةً فِي خَمْرٍ وَوَضَعَهَا عَلَى لِسَانِهِ أَيْ وَابْتَلَعَ رِيقَهُ حُدَّ، فَإِنْ لَمْ يَبْتَلِعْهُ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يُسَمَّى شُرْبًا (أَوْ جَهِلَ وُجُوبَ الْحَدِّ) مَعَ عِلْمِهِ الْحُرْمَةَ (أَوْ) جَهِلَ (الْحُرْمَةَ لِقُرْبِ عَهْدِ) بِإِسْلَامٍ فَيُحَدُّ (وَلَوْ) كَانَ الشَّارِبُ (حَنَفِيًّا يَشْرَبُ النَّبِيذَ) أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِهِ إذَا لَمْ يُسْكِرْ الْقَلِيلُ مِنْهُ وَيُسْكِرُ كَثِيرُهُ وَشَرِبَ مِنْهُ الْقَدْرَ الَّذِي لَا يُسْكِرُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَدٌّ لِلْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا) أَيْ مُلْقِيًا سِلَاحَهُ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ تَوْبَتُهُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ إقْرَارَهُ بِأَنَّهُ يَأْتِي طَائِعًا وَيَتْرُكُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْحِرَابَةِ أَيْ وَعَدَّهُ بِذَلِكَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ حَدُّهَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ. . . إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَسَقَطَ حَدُّهَا بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ أَوْ تَرْكِ مَا هُوَ عَلَيْهِ
[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]
{بَابٌ ذُكِرَ فِيهِ حَدُّ الشَّارِبِ} (قَوْلُهُ بِشُرْبِ الْمُسْلِمِ إلَخْ) لَفْظُ شَرِبَ يُفِيدُ أَنَّ الْحَدَّ مُخْتَصٌّ بِالْمَائِعَاتِ أَمَّا الْيَابِسَاتُ الَّتِي تُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ كَمَا أَنَّهَا لَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا الْقَدْرُ الَّذِي يُؤَثِّرُ فِي الْعَقْلِ لَا مَا قَلَّ كَمَا أَنَّهَا طَاهِرَةٌ قَلِيلُهَا وَكَثِيرُهَا بِخِلَافِ الْخَمْرِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَصِلْ لِجَوْفِهِ) أَيْ بِأَنْ رَدَّهُ بَعْدَ وُصُولِهِ لِحَلْقِهِ (قَوْلُهُ: لَا الْأَنْفِ) أَيْ إنْ وَصَلَ مِنْ الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ كَالْأُذُنِ وَالْعَيْنِ هَذَا إذَا وَصَلَ لِحَلْقِهِ مِمَّا ذَكَرَ بَلْ وَلَوْ وَصَلَ لِجَوْفِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَسْكَرَ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُسْلِمِ الْكَافِرُ) أَيْ فَلَا يُحَدُّ وَلَوْ كَانَ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ: إنْ أَظْهَرَهُ) أَيْ إنْ أَظْهَرَ شُرْبَ الْمُسْكِرِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَقَامِ (قَوْلُهُ: لَا مَا لَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ) أَيْ فَإِذَا شَرِبَ شَيْئًا يَعْتَقِدُ أَنَّهُ خَمْرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ غَيْرُ خَمْرٍ فَلَا يُحَدُّ وَعَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ (قَوْلُهُ: طَوْعًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ الْمَصْدَرِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ طَائِعًا (قَوْلُهُ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِ الطَّوْعِ) أَيْ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالْمُكَلَّفِ (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ عَلَى مَنْ شَرِبَهُ غَلَطًا) هَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ الْغَلَطُ أَيْ مَعَ خُلُوِّ الذِّهْنِ عَنْ ظَنِّهِ غَيْرًا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ مَا يَأْتِي وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْعُذْرَ غَيْرُ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا إزَالَةُ الْغُصَّةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُسْتَغْنَى عَنْ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ بِقَوْلِهِ بَعْدُ وَبِلَا ضَرُورَةٍ وَلَا ظَنِّهِ غَيْرًا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ بِلَا عُذْرٍ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ فِيهِ نَظَرٌ نَعَمْ الِاسْتِغْنَاءُ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُذْرِ إزَالَةُ الْغُصَّةِ وَأَنَّ الضَّرُورَةَ كَذَلِكَ كَمَا حَلَّ بِهِ عبق (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَرُمَ) أَيْ شُرْبُهُ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ وَهُوَ لِابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ) عَدَمُهَا أَيْ عَدَمُ حُرْمَةِ شُرْبِهِ لِإِسَاغَةِ الْغُصَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ظَنَّهُ خَلًّا مَثَلًا) أَيْ أَوْ لَبَنًا أَوْ مَاءً أَوْ عَسَلًا وَقَوْلُهُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْ وَلَوْ سَكِرَ مِنْهُ قَالَ عبق وَالظَّاهِرُ كَرَاهَةُ قُدُومِهِ عَلَى شُرْبِهِ مَعَ ظَنِّهِ غَيْرًا، وَأَمَّا مَعَ شَكِّهِ فِي كَوْنِهِ غَيْرًا فَيَحْرُمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ لِدَرْئِهِ بِشُبْهَةِ الشَّكِّ.
(قَوْلُهُ: كَمَنْ وَطِئَ) أَيْ كَعُذْرِ مَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً (قَوْلُهُ: وَيُصَدَّقُ) أَيْ شَارِبُ الْخَمْرِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ غَيْرٌ وَكَذَا يُصَدَّقُ وَاطِئُ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ ظَنَّهَا زَوْجَتَهُ إنْ كَانَ يَتَأَتَّى الِاشْتِبَاهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الزِّنَا بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ زَوْجَتِهِ وَالْأَجْنَبِيَّةِ رَفِيعَةً أَوْ سَمِينَةً لَا إنْ اخْتَلَفَا (قَوْلُهُ: بَلْ قَدْ قِيلَ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ ذَكَرَهُ ح فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَارْتَضَاهُ عج وَقَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ: إنَّهُ لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُسَمَّى شُرْبًا وَالْقَوْلُ بِحَدِّهِ مِنْ التَّعَمُّقِ فِي الدِّينِ (قَوْلُهُ أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِهِ) أَيْ يَرَى حِلَّ شُرْبِ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَسْكَرُ مِنْهُ وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ الْخَمْرَ وَهُوَ مَا اُتُّخِذَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ شُرْبُهُ مِنْ الْكَبَائِرِ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلِرَدِّ الشَّهَادَةِ إجْمَاعًا لَا فَرْقَ بَيْنَ شُرْبِ كَثِيرِهِ وَقَلِيلِهِ الَّذِي لَا يُسْكِرُ، وَأَمَّا النَّبِيذُ وَهُوَ مَا اتَّخَذَ مِنْ مَاءِ الزَّبِيبِ أَوْ الْبَلَحِ وَدَخَلَتْهُ الشِّدَّةُ الْمُطْرِبَةُ فَشُرْبُ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ مِنْهُ كَبِيرَةٌ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ إجْمَاعًا وَأَمَّا شُرْبُ الْقَدْرِ الَّذِي لَا يَسْكَرُ مِنْهُ لِقِلَّتِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ كَبِيرَةٌ وَمُوجِبٌ لِلْحَدِّ وَلِرَدِّ الشَّهَادَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: إنَّهُ
فَيُحَدُّ إذَا رُفِعَ لِمَالِكِيٍّ.
وَأَمَّا الْخَمْرُ وَهُوَ الْمُتَّخَذُ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ فَيُحَدُّ فِيهِ عِنْدَهُ وَلَوْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ وَكَذَا إذَا شَرِبَ الْقَدْرَ الْمُسْكِرَ مِنْ النَّبِيذِ فَيُحَدُّ عِنْدَهُ أَيْضًا وَقِيلَ لَا حَدَّ فِيمَا لَا يُسْكِرُ مِنْهُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصَحَّحَ نَفْيَهُ) أَيْ الْحَدِّ (ثَمَانُونَ) جَلْدَةً عَلَى الْحُرِّ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَهَذَا فَاعِلُ الْفِعْلِ الْمَحْذُوفِ الْمُتَعَلِّقِ بِهِ بِشَرِبَ تَقْدِيرُهُ يَجِبُ كَمَا تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ (بَعْدَ صَحْوِهِ) ، فَإِنْ جُلِدَ قَبْلَهُ اعْتَدَّ بِهِ إنْ كَانَ عِنْدَهُ تَمْيِيزٌ وَإِلَّا أُعِيدَ عَلَيْهِ (وَتَشَطَّرَ بِالرِّقِّ وَإِنْ قَلَّ) الرِّقُّ بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى فَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ
ثُمَّ أَشَارَ إلَى شَرْطِ الْحَدِّ عَلَى مَنْ اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ بِقَوْلِهِ (إنْ أَقَرَّ) بِالشُّرْبِ (أَوْ شَهِدَا) أَيْ شَهِدَ عَدْلَانِ (بِشُرْبٍ أَوْ شَمٍّ) لِرَائِحَتِهِ فِي فَمِهِ وَعُلِمَتْ رَائِحَتُهُ إذْ قَدْ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا مَنْ لَا يَشْرَبُهَا وَكَذَا لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ بِرُؤْيَةِ الشُّرْبِ وَآخَرُ بِرَائِحَتِهَا أَوْ بتقايؤها فَيُحَدُّ، فَإِنْ رَجَعَ بَعْدَ إقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ شُبْهَةٍ قُبِلَ (وَإِنْ خُولِفَا) أَيْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعُدُولِ بِأَنْ قَالَا: لَيْسَ رَائِحَتُهُ رَائِحَةَ خَمْرٍ بَلْ خَلٍّ مَثَلًا فَلَا تُعْتَبَرُ الْمُخَالَفَةُ وَيُحَدُّ؛ لِأَنَّ الْمُثْبِتَ يُقَدَّمُ عَلَى النَّافِي (وَجَازَ) شُرْبُهَا (لِإِكْرَاهٍ) عَلَى الشُّرْبِ وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ إذْ الْمُكْرَهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَلَا يُوصَفُ بِجَوَازٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ الْخَمْسَةِ إلَّا أَفْعَالَ الْمُكَلَّفِينَ، وَالْإِكْرَاهُ يَكُونُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِضَرْبٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ وَكَذَا بِإِتْلَافِ عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ أَوْ بِضَرْبٍ يُؤَدِّي إلَيْهِ أَيْ بِقَيْدٍ أَوْ سِجْنٍ شَدِيدَيْنِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ لِسَحْنُونٍ (وَإِسَاغَةٍ) لِغُصَّةٍ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ مِنْهَا وَلَمْ يَجِدْ مَا يُزِيلُهَا بِهِ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ وَالْجَوَازُ فِي الْإِسَاغَةِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، وَالْمُرَادُ بِهِ نَفْيُ الْحُرْمَةِ الصَّادِقَةِ بِالْوُجُوبِ (لَا) يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْخَمْرِ لِأَجْلِ (دَوَاءٍ) وَلَوْ لِخَوْفِ الْمَوْتِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَغِيرَةٌ فَلَا يُوجِبُ حَدًّا وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ لَا إثْمَ فِي شُرْبِهِ بَلْ هُوَ جَائِزٌ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، فَإِذَا كَانَ لَا يُسْكِرُ الشَّخْصَ إلَّا أَرْبَعَةُ أَقْدَاحٍ فَلَا يَحْرُمُ عِنْدَهُ إلَّا الْقَدَحُ الرَّابِعُ وَقَيَّدَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازَ بِمَا إذَا كَانَ الشُّرْبُ لِلتَّقَوِّي عَلَى الْجِهَادِ وَنَحْوِهِ لَا لِمُجَرَّدِ اللَّهْوِ (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ إذَا رُفِعَ لِمَالِكِيٍّ) وَذَلِكَ لِضَعْفِ مُدْرِكِ حِلِّهِ (قَوْلُهُ فَيُحَدُّ فِيهِ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ يُحَدُّ عِنْدَنَا (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا حَدَّ إلَخْ) أَيْ عِنْدَنَا وَإِنْ كَانَ حَرَامًا فَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا مُوَافِقٌ لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى الْحُرِّ) أَيْ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ كَمَا مَرَّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُزَادُ مَعَ الْحَدِّ سِجْنٌ وَلَا غَيْرُهُ كَحَلْقِ رَأْسٍ أَوْ لِحْيَةٍ أَوْ طَوَافٍ بِهِ فِي السُّوقِ ابْنُ نَاجِيٍّ وَبِهِ الْعَمَلُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّهُ لَا يُزَادُ مَعَ الضَّرْبِ غَيْرُهُ إلَّا الْمُدْمِنُ الْمُعْتَادُ الْمَشْهُورُ بِالْفِسْقِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُنَادَى بِهِ وَيُشْهَرَ وَاسْتَحَبَّ مَالِكٌ أَنْ يُلْزَمَ السِّجْنَ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أُعِيدَ عَلَيْهِ) أَيْ الْحَدُّ مِنْ أَوَّلِهِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ إحْسَاسٌ حَالَ الضَّرْبِ أَصْلًا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحُسَّ فِي أَوَّلِهِ وَأَحَسَّ فِي أَثْنَائِهِ حُسِبَ لَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا أَحَسَّ كَذَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ لِأَبِي الْحَسَنِ وَظَاهِرُ التَّوْضِيحِ أَنَّ تَفْصِيلَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ لِلْمَذْهَبِ لَا أَنَّهُ مُقَابِلٌ لَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عِبَارَاتِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ إنْ حُدَّ طَافِحًا أُعِيدَ عَلَيْهِ الْحَدُّ فَظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقُ فَقَيَّدَهَا اللَّخْمِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إحْسَاسٌ حَالَ الضَّرْبِ أَصْلًا (قَوْلُهُ وَتَشْطُرُ) أَيْ حَدَّ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَلَّ الرِّقُّ بِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) أَيْ فَحَدُّ الرَّقِيقِ فِي الشُّرْبِ أَرْبَعُونَ جَلْدَةً سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى
(قَوْلُهُ: إذْ قَدْ يَعْرِفُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ: إنَّهُ لَا يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا إلَّا مَنْ شَرِبَهَا وَمَنْ شَرِبَهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتُبْ كَانَ فَاسِقًا وَإِنْ تَابَ وَحُدَّ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِيمَا حُدَّ فِيهِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ لَا يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا إلَّا مَنْ شَرِبَهَا بَلْ قَدْ يَعْرِفُ رَائِحَتَهَا مَنْ لَمْ يَكُنْ شَرِبَهَا فَقَطْ كَمَنْ رَآهَا مُرَاقَةً مَعَ عِلْمِهِ بِهَا أَوْ رَأَى إنْسَانًا يَشْرَبُهَا مَعَ عِلْمِهِ بِهَا فَشَمَّ رَائِحَتَهَا وَعَلِمَهَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ خُولِفَا) أَيْ وَكَذَا إنْ خَالَفَهُمَا الشَّارِبُ وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مَا شَرِبَهَا فَيُحَدُّ وَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ أَنَّهُ مَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: أَيْ خَالَفَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ الْعُدُولِ) أَيْ فِيمَا شَرِبَهُ بِأَنْ قَالَا: شَرِبَ خَلًّا لَا خَمْرًا أَوْ فِي رَائِحَةِ فَمِهِ بِأَنْ قَالَا: رَائِحَتُهُ رَائِحَةُ خَلٍّ لَا خَمْرٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ خُولِفَا رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ أَعْنِي الشَّهَادَةَ بِالشُّرْبِ وَالشَّهَادَةَ بِالرَّائِحَةِ لَا لِلثَّانِيَةِ فَقَطْ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِالْجَوَازِ فِي هَذَا لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ) أَيْ فَكَأَنَّهُ قَالَ: لَا حَدَّ فِي إكْرَاهٍ فَعَبَّرَ بِالْمَلْزُومِ وَهُوَ جَوَازُ الشُّرْبِ وَأَرَادَ لَازِمَهُ وَهُوَ عَدَمُ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: وَالْإِكْرَاهُ يَكُونُ بِالْقَتْلِ) أَيْ بِخَوْفِهِ وَخَوْفِ مَا بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ بِالْخَوْفِ مِمَّا ذَكَرَ ظَنُّ حُصُولِهِ أَوْ الْجَزْمُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَإِسَاغَةٍ لِغُصَّةٍ) إنَّمَا جَازَ شُرْبُ الْخَمْرِ لِذَلِكَ وَلَمْ يَجُزْ شُرْبُهُ لِخَوْفِ مَوْتٍ بِجُوعٍ أَوْ عَطَشٍ لِزَوَالِ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ تَحْقِيقًا أَوْ ظَنًّا قَوِيًّا بِخِلَافِ الْجُوعِ وَالْعَطَشِ، فَإِنَّهُمَا لَا يُزَالَانِ بِهِ بَلْ يَزِيدَانِ لِمَا فِي طَبْعِهِ مِنْ الْحَرَارَةِ وَالْهَضْمِ (قَوْلُهُ: فِي عَدَمِ الْجَوَازِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا حَدَّ عِنْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ إسَاغَةَ الْغُصَّةِ بِالْخَمْرِ وَاجِبَةٌ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ الْهَلَاكَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ تَقَدَّمَ الْإِسَاغَةُ بِالنَّجَسِ عَلَى الْإِسَاغَةِ بِالْخَمْرِ لِحُرْمَةِ اسْتِعْمَالِهِ دَوَاءً لِلضَّرُورَةِ وَحُدَّ شَارِبُهُ بِخِلَافِ النَّجَسِ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ اسْتِعْمَالُ الْخَمْرِ لِأَجْلِ دَوَاءٍ وَلَوْ لِخَوْفِ الْمَوْتِ) أَيْ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ وَتَدَاوَى بِهِ شُرْبًا حُدَّ ابْنُ الْعَرَبِيِّ تَرَدَّدَ عُلَمَاؤُنَا فِي دَوَاءٍ فِيهِ خَمْرٌ وَالصَّحِيحُ الْمَنْعُ وَالْحَدُّ اهـ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدِّ
(وَلَوْ طِلَاءً) بِهِ فِي جَسَدِهِ وَلَوْ خُلِطَ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ الْجَائِزِ وَيُحَدُّ إنْ شَرِبَهُ لَا إنْ طُلِيَ بِهِ.
(وَالْحُدُودُ) لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ تَكُونُ (بِسَوْطٍ) جِلْدٍ لَهُ رَأْسٌ لَيِّنٌ لَا رَأْسَانِ لَا بِقَضِيبٍ وَشِرَاكٍ وَدِرَّةٍ وَدِرَّةُ عُمَرَ رضي الله عنه إنَّمَا كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ وَيَقْبِضُ الضَّارِبُ بِهِ عَلَيْهِ بِالْخِنْصَرِ وَالْبِنْصِرِ وَالْوُسْطَى دُونَ السَّبَّابَةِ وَالْإِبْهَامِ بَلْ يَقْبِضُهُمَا فَوْقَ السَّوْطِ فَارِغِينَ وَيَخْرُجُ السَّوْطُ مِنْ بَيْنِ السَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى (وَضَرْبٍ مُعْتَدِلَيْنِ) أَيْ مُتَوَسِّطَيْنِ لَا شَدِيدَيْنِ وَلَا خَفِيفَيْنِ فَاعْتِدَالُ السَّوْطِ بِمَا مَرَّ مِنْ كَوْنِهِ لَيِّنًا لَهُ رَأْسٌ لَا رَأْسَانِ وَاعْتِدَالُ الضَّرْبِ بِكَوْنِهِ ضَرْبًا بَيْنَ ضَرْبَيْنِ لَيْسَ بِالْمُبَرِّحِ وَلَا بِالْخَفِيفِ حَالَ كَوْنِ الْمَضْرُوبِ (قَاعِدًا) فَلَا يُمَدُّ عَلَى ظَهْرِهِ وَلَا بَطْنِهِ (بِلَا رَبْطٍ) إلَّا أَنْ يَضْطَرِبَ الْمَضْرُوبُ اضْطِرَابًا لَا يَصِلُ الضَّرْبُ لَهُ فِي مَوْضِعِهِ فَيُرْبَطُ (وَ) بِلَا (شَدٍّ) أَيْ رَبْطِ (يَدٍ) وَيَكُونُ الضَّرْبُ (بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) أَيْ عَلَيْهَا لَا عَلَى غَيْرِهَا (وَجُرِّدَ الرَّجُلُ) مَا عَدَا مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَتَيْنِ (وَالْمَرْأَةُ) تُجَرَّدُ (مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ) أَيْ أَلَمَهُ مِنْ الثِّيَابِ الْغَلِيظَةِ بِأَنْ تَلْبَسَ ثَوْبًا وَاحِدًا رَقِيقًا (وَنُدِبَ جَعْلُهَا) حَالَ الضَّرْبِ (فِي قُفَّةٍ) فِيهَا تُرَابٌ يُبَلُّ بِمَاءٍ لِلسَّتْرِ وَيُوَالِي الضَّرْبَ عَلَيْهَا وَلَا يُفَرَّقُ إلَّا لِخَوْفِ الْهَلَاكِ عَلَيْهَا فَيُفَرَّقُ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْحُدُودِ الَّتِي جَعَلَ الشَّارِعُ فِيهَا شَيْئًا مَعْلُومًا لِكُلِّ أَحَدٍ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُقُوبَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَذَوَاتِهِمْ وَأَقْدَارِهِمْ فَقَالَ (وَعَزَّرَ الْإِمَامُ) أَوْ نَائِبُهُ مِمَّنْ لَهُ ذَلِكَ (لِمَعْصِيَةِ اللَّهِ) وَهِيَ مَا لَيْسَ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ كَالْأَكْلِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ وَطَرْحِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهَا فِي طَرِيقِ الْعَامَّةِ إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا (أَوْ لِحَقِّ آدَمِيٍّ) وَهُوَ مَا لَهُ إسْقَاطُهُ كَالسَّبِّ وَالضَّرْبِ وَالْإِيذَاءِ بِوَجْهٍ مَا، وَإِنْ كَانَ فِيهِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّهُ مَا مِنْ حَقٍّ لِآدَمِيٍّ إلَّا وَلِلَّهِ فِيهِ حَقٌّ إذْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ تَرْكُ أَذِيَّةِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَعْصُومِينَ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ تَأْدِيبُ أَحَدٍ إلَّا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ أَوْ السَّيِّدُ فِي رَقِيقِهِ فِي مُخَالَفَتِهِ لِلَّهِ أَوْ لَهُ أَوْ الزَّوْجُ لِلنُّشُوزِ أَوْ تَرْكِهَا نَحْوَ الصَّلَاةِ إذَا لَمْ تُرْفَعْ لِلْإِمَامِ أَوْ الْوَالِدَ لِوَلَدِهِ الصَّغِيرِ أَوْ مُعَلِّمًا وَلَا يَجُوزُ لِإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ لَعْنٌ وَلَا قَذْفٌ وَلَا سَبٌّ فَاحِشٌ وَلَا سَبُّ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَلَا تَعَمُّدُ كَسْرِ عَظْمٍ وَإِتْلَافِ عُضْوٍ أَوْ تَمْثِيلٍ أَوْ ضَرْبِ وَجْهٍ وَذَكَرَ أَنْوَاعَ التَّعْزِيرِ الَّتِي يُرْجَعُ فِيهَا لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ بِاعْتِبَارِ الْقَائِلِ وَالْمَقُولِ لَهُ وَالْقَوْلُ وَالْفِعْلُ بِقَوْلِهِ (حَبْسًا) بِمَا فِيهِ ظَنُّ الْأَدَبِ وَرَدْعُ النَّفْسِ (وَلَوْ مَا) أَيْ تَوْبِيخًا بِالْكَلَامِ مَنْصُوبَانِ بِنَزْعِ الْخَافِضِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَبِالْإِقَامَةِ) مِنْ الْمَجْلِسِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إذَا سَكِرَ بِالْفِعْلِ وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ وَلَا يَرِدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَا يُسْكِرُ جِنْسُهُ وَإِنْ لَمْ يُسْكِرْ بِالْفِعْلِ، فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي حَدَّهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ الْمَخْلُوطِ بِدَوَاءٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طِلَاءً) أَيْ هَذَا إذَا تَدَاوَى بِهِ شُرْبًا بَلْ وَلَوْ تَدَاوَى بِهِ طِلَاءً وَلَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا تَدَاوَى بِهِ طِلَاءً بِخِلَافِ مَا إذَا تَدَاوَى بِهِ شُرْبًا، فَإِنَّهُ يُحَدُّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ خُلِطَ بِشَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ الْجَائِزِ) أَيْ هَذَا إذَا طَلَى بِهِ مُنْفَرِدًا بَلْ وَلَوْ طَلَى بِهِ مَخْلُوطًا بِشَيْءٍ مِنْ الدَّوَاءِ الْجَائِزِ وَمَحَلُّ مَنْعِ الطِّلَاءِ بِهِ مُنْفَرِدًا أَوْ مُخْتَلِطًا بِدَوَاءٍ جَائِزٌ مَا لَمْ يَخَفْ الْمَوْتَ بِتَرْكِهِ وَإِلَّا جَازَ كَمَا فِي عبق
(قَوْلُهُ لِلزِّنَا) أَيْ الْكَائِنَةِ لِلزِّنَا وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَهُوَ مِنْ مُقَابَلَةِ الْجَمْعِ بِالْجَمْعِ فَيُفِيدُ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدًّا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: لَا بِقَضِيبٍ) أَيْ وَلَا يَكُونُ بِقَضِيبٍ وَهُوَ الْغُصْنُ الْمَقْضُوبُ مِنْ الشَّجَرِ أَيْ الْمَقْطُوعِ مِنْهُ كَالنَّبُّوتِ وَالشِّرَاكِ أَيْ السَّيْرِ مِنْ الْجِلْدِ وَالدِّرَّةُ سَوْطٌ رَفِيعٌ مَجْدُولٌ مِنْ الْجِلْدِ، فَإِنْ وَقَعَ وَضَرَبَ فِي الْحَدِّ بِقَضِيبٍ أَوْ شِرَاكٍ أَوْ دِرَّةٍ لَمْ يَكْفِ وَأُعِيدَ (قَوْلُهُ: إنَّمَا كَانَتْ لِلتَّأْدِيبِ) أَيْ وَكَانَتْ مِنْ جِلْدٍ مُرَكَّبٍ بَعْضُهُ فَوْقَ بَعْضٍ (قَوْلُهُ بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ) أَيْ بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُوَكِّلَ مَحَلَّهُ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى غَيْرِهِمَا) أَيْ فَلَوْ جَلَدَ عَلَى أَلْيَتَيْهِ أَوْ عَلَى رِجْلَيْهِ لَمْ يَكْفِ وَالْحَدُّ بَاقٍ يُعَادُ ثَانِيًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْجَلْدُ بِظَهْرِهِ وَكَتِفَيْهِ لِمَرَضٍ وَنَحْوَهُ أُخِّرَ وَلَوْ فَعَلَ بِهِمَا شَيْئًا فَشَيْئًا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فِعْلُهُ بِهِمَا دَفْعَةً وَاحِدَةً سَقَطَ وَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ، فَإِنَّهُ يُعَادُ وَلَا يَسْقُطُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ وَجُرِّدَ الرَّجُلُ) أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فَلَا يَبْقَى عَلَيْهِ شَيْءٌ، فَإِنْ لَمْ يُجَرَّدْ الرَّجُلُ مُطْلَقًا وَلَا الْمَرْأَةُ مِمَّا يَقِي الضَّرْبَ فَانْظُرْ هَلْ يَجْتَزِي بِذَلِكَ حَيْثُ أَحَسَّ بِهِ أَوْ إنْ أَحَسَّ بِهِ كَمَا يَحُسُّ الْمُجَرَّدُ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ اُعْتُبِرَ وَإِلَّا فَلَا قَالَهُ عبق وَالظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الثَّانِي
(قَوْلُهُ: لِكُلِّ أَحَدٍ) أَيْ فَلَا يُنْظَرُ فِي الْحُدُودِ لِشَرَفٍ وَلَا لِغَيْرِهِ وَمَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً كَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا وَمَنْ يَشْرَبُ كَأْسًا كَمَنْ شَرِبَ قِنْطَارًا تَعَبُّدًا (قَوْلُهُ بَلْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ) أَيْ الْمُسْتَحِقِّينَ لَهَا وَقَوْلُهُ وَأَقْوَالِهِمْ إلَخْ الْأَوْلَى مِنْ جِهَةِ أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ الْمُوجِبَةِ لِلْعُقُوبَةِ وَقَوْلُهُ وَذَوَاتِهِمْ أَيْ قُوَّةً وَضَعْفًا وَقَوْلُهُ وَأَقْدَارِهِمْ أَيْ وَمِنْ جِهَةِ أَقْدَارِهِمْ وَسَفَالَتِهِمْ (قَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ) أَيْ أَوْ السَّيِّدِ بِالنِّسْبَةِ لِعَبْدِهِ وَوَالِدِ الصَّغِيرِ وَمُعَلِّمِهِ، وَقَوْلُهُ: أَوْ نَائِبِهِ أَيْ وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَيَدْخُلُ مَشَايِخُ الْحِرَفِ كَمَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ (قَوْلُهُ: وَتَأْخِيرِ الصَّلَاةِ) أَيْ عَنْ وَقْتِهَا وَلَوْ اخْتِيَارِيًّا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَجِيءَ تَائِبًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ التَّعْزِيرَ الْمُتَمَحِّضَ لِحَقِّ اللَّهِ يَسْقُطُ عَنْ مُسْتَحِقِّهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا بِخِلَافِ التَّعْزِيرِ لِحَقِّ الْآدَمِيِّ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ بِذَلِكَ نَعَمْ يَسْقُطُ لِعَفْوِ صَاحِبِ الْحَقِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ السَّبِّ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ مِمَّنْ لَهُ التَّأْدِيبُ وَقَوْلُهُ: لَعْنُ أَيْ التَّعْزِيرُ بِاللَّعْنِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا) أَيْ بِمُدَّةٍ أَيْ فِي مُدَّةٍ يَظُنُّ حُصُولَ الْأَدَبِ لَهُ بِهِ فِيهَا (قَوْلُهُ وَبِالْإِقَامَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ) يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِقَامَةِ مِنْ الْمَجْلِسِ إيقَافُهُ فِيهِ أَيْ أَمْرُ الْحَاكِمِ لَهُ بِوُقُوفِهِ عَلَى قَدَمَيْهِ ثُمَّ يُقْعِدُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَمْرُهُ بِالذَّهَابِ مِنْ الْمَجْلِسِ
(وَنَزْعِ الْعِمَامَةِ) مِنْ رَأْسِهِ (وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَقَضِيبٍ وَدِرَّةٍ وَصَفْعٍ بِالْقَفَا وَقَدْ يَكُونُ بِالنَّفْيِ كَالْمُزَوِّرِينَ وَقَدْ يَكُونُ بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَارَةِ كَأَهْلِ الْفُسُوقِ الْمُضِرِّينَ بِالْجِيرَانِ وَقَدْ يَكُونُ بِالتَّصَدُّقِ عَلَيْهِ بِمَا بَاعَ بِهِ مَا غَشَّهُ وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْمَوَاطِنِ الَّتِي لِلْحُكَّامِ النَّظَرُ فِيهَا
(وَإِنْ)(زَادَ عَلَى الْحَدِّ) بِالْجَلْدِ كَأَنْ يَزِيدَ عَنْ الْمِائَةِ سَوْطٌ (أَوْ أَتَى عَلَى النَّفْسِ) بِأَنْ أَدَّى لِلْمَوْتِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَلَا دِيَةَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ التَّشْدِيدَ فِيمَا يَقْتَضِي التَّشْدِيدَ كَسَبِّ الصَّحَابَةِ أَوْ آلِ الْبَيْتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَأَدَّى إلَى الْهَلَاكِ، فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ مُنِعَ (وَضَمِنَ) فِي الشَّكِّ (مَا سَرَى) عَلَى نَفْسٍ أَوْ عُضْوٍ أَوْ جُرْحٍ أَيْ ضَمِنَ دِيَةَ مَا سَرَى لَكِنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ.
وَأَمَّا لَوْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ وَأَوْلَى إنْ جَزَمَ فَالْقَوَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ فَخَابَ ظَنُّهُ فَهَدَرٌ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهَا فَالْقِصَاصُ، وَإِنْ شَكَّ فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَسَوَاءٌ فِي الثَّلَاثَةِ الْأَقْسَامِ شَهِدَ الْعُرْفُ بِالتَّلَفِ مِنْهُ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَيُعْلَمُ الظَّنُّ وَالشَّكُّ مِنْ إقْرَارِهِ وَمِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ
ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى بَعْضِ أَشْيَاءَ تُوجِبُ الضَّمَانَ فَقَالَ (كَطَبِيبٍ جَهِلَ) التَّشْبِيهَ فِي الضَّمَانِ أَيْ أَنَّ الطَّبِيبَ فِي زَعْمِهِ إذَا جَهِلَ عِلْمَ الطِّبِّ فِي الْوَاقِعِ (أَوْ) عَلِمَ وَ (قَصَّرَ) فِي الْمُعَالَجَةِ حَتَّى مَاتَ الْمَرِيضُ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَالضَّمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إلَّا فِيمَا دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ كَمَا فِي النَّقْلِ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ وَمَفْهُومُ الْوَصْفَيْنِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُقَصِّرْ وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بَلْ هَدَرٌ (أَوْ) دَاوَى (بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ) بِأَنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ أَصْلًا أَوْ بِإِذْنٍ غَيْرِ مُعْتَبَرٍ شَرْعًا كَأَنْ دَاوَى صَبِيًّا بِإِذْنِهِ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَوْ عَلِمَ وَلَمْ يُقَصِّرْ (وَلَوْ)(إذْنَ عَبْدٍ بِفَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ خِتَانٍ) فَيَضْمَنُ مَا سَرَى؛ لِأَنَّ إذْنَهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ (وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) أَيْ شَدِيدِ الرِّيحِ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَضَرْبٍ بِسَوْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْحَدِّ، فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالسَّوْطِ، فَإِنْ حُدَّ بِغَيْرِ السَّوْطِ، فَإِنَّهُ لَا يَجْزِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ) أَيْ التَّعْزِيرُ (قَوْلُهُ: بِالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحَارَةِ) أَيْ وَبَيْعِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَقَدْ يَكُونُ بِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَإِتْلَافِهِ لِمَا يَمْلِكُهُ كَإِرَاقَةِ اللَّبَنِ عَلَى مَنْ غَشَّهُ حَيْثُ كَانَ يَسِيرًا وَلَا يَجُوزُ التَّعْزِيرُ بِأَخْذِ الْمَالِ إجْمَاعًا وَمَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَبِي يُوسُفَ صَاحِبِ أَبِي حَنِيفَةَ مِنْ أَنَّهُ جَوَّزَ لِلسُّلْطَانِ التَّعْزِيرَ بِأَخْذِ الْمَالِ فَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ الْبَزَّازِيُّ مِنْ أَئِمَّةِ الْحَنَفِيَّةِ أَنْ يَمْسِكَ الْمَالَ عِنْدَهُ مُدَّةً لِيَنْزَجِرَ ثُمَّ يُعِيدَهُ إلَيْهِ لَا أَنَّهُ يَأْخُذُهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا يَتَوَهَّمُهُ الظَّلَمَةُ إذْ لَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِ مُسْلِمٍ بِغَيْرِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ أَيْ كَشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ
(قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الْحَدّ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ زَادَ الضَّرْبُ بِالسَّوْطِ عَلَى الْحَدِّ الْمُصَوَّرِ بِالْجَلْدِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا أَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى أَنْ يُعَزِّرَهُ بِمَا يَزِيدُ عَلَى الْحَدِّ وَلَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ كَمِائَتَيْ سَوْطٍ أَوْ بِمَا يَأْتِي عَلَى هَلَاكِهِ كَأَلْفِ كُرْبَاجٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَفْعَلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ الْقُدُومُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا مَاتَ حَيْثُ لَمْ يَظُنَّ الْهَلَاكَ ابْتِدَاءً بَلْ ظَنَّ سَلَامَتَهُ أَوْ جَزَمَ بِهَا، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَظُنَّهَا وَلَمْ يَجْزِمْ بِهَا، فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّأْدِيبِ بِمَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ، فَإِنْ فَعَلَ ضَمِنَ النَّفْسَ قَوَدًا إنْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا أَوْ ظَنَّ عَدَمَهَا وَإِنْ شَكَّ فِي السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ السَّلَامَةِ أَوْ شَكَّ مَنْعَ) أَيْ تَأْدِيبَهُ بِمَا يَأْتِي عَلَى النَّفْسِ (قَوْلُهُ: إنَّهُ إنْ ظَنَّ السَّلَامَةَ) أَيْ ابْتِدَاءً وَقَوْلُهُ فَخَابَ ظَنُّهُ أَيْ بِأَنْ مَاتَ وَقَوْلُهُ وَإِذَا ظَنَّ عَدَمَهَا أَيْ ابْتِدَاءً وَأَوْلَى إنْ جَزَمَ بِعَدَمِهَا ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: شَهِدَ الْعُرْفُ بِالتَّلَفِ) أَيْ بِأَنْ قَالَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ: إنَّ هَذَا الْفِعْلَ يَنْشَأُ عَنْهُ التَّلَفُ وَلَا تَنَافِيَ بَيْنَ ظَنِّ الْإِمَامِ السَّلَامَةَ مَعَ قَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إنَّهُ يَنْشَأُ عَنْهُ تَلَفٌ أَوْ عَيْبٌ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخِيبُ ظَنُّهُ
(قَوْلُهُ: فِي زَعْمِهِ) أَشَارَ بِهَذَا الدَّفْعِ إلَى مَا يُقَالُ: إنَّ فِي كَلَامَهُ تَنَافِيًا إذْ مُقْتَضَى كَوْنِهِ طَبِيبًا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِالطِّبِّ لَا جَاهِلًا بِهِ (قَوْلُهُ: إذَا جَهِلَ عِلْمَ الطِّبِّ فِي الْوَاقِعِ) أَيْ وَعَالَجَ مَرِيضًا فَمَاتَ بِسَبَبِ مُعَالَجَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ قَصَّرَ فِي الْمُعَالَجَةِ) أَيْ كَأَنْ أَرَادَ قَلْعَ سِنٍّ فَقَلَعَ غَيْرَهَا خَطَأً أَوْ تَجَاوَزَ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ الْحَدَّ الْمَعْلُومَ فِي الطِّبِّ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَأَنْ زَلَّتْ أَوْ تَرَامَتْ يَدُ خَاتِنٍ أَوْ سَقَى عَلِيلًا دَوَاءً غَيْرَ مُنَاسِبٍ لِلدَّاءِ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ يُنَاسِبُهُ وَقَدْ أَخْطَأَ فِي اعْتِقَادِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ) إنَّمَا لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَاهِلِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا وَإِنَّمَا قَصَدَ نَفْعَ الْعَلِيلِ أَوْ رَجَا ذَلِكَ وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ ضَرَرَهُ، فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْعَدَاءِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي النَّقْلِ) فِيهِ أَنَّ الَّذِي يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ الْجَاهِلِ وَالْمُقَصِّرِ قَوْلَيْنِ قِيلَ: الضَّمَانُ عَلَيْهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقِيلَ: إنَّ الضَّمَانَ عَلَى الْعَاقِلَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يُقَصِّرْ وَهُوَ عَالِمٌ) أَيْ بِأَنَّ فِعْلَ مَا يُنَاسِبُ الْمَرَضَ فِي الطِّبِّ وَلَكِنْ نَشَأَ عَنْهُ عَيْبٌ أَوْ تَلَفٌ (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ بِلَا إذْنٍ أَصْلًا) كَمَا لَوْ خَتَنَ صَغِيرًا قَهْرًا عَنْهُ أَوْ كَبِيرًا وَهُوَ نَائِمٌ أَوْ أَطْعَمَ مَرِيضًا دَوَاءً قَهْرًا عَنْهُ فَنَشَأَ عَنْ ذَلِكَ تَلَفٌ.
{تَنْبِيهٌ} مِثْلُ الْمُدَاوَاةِ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ فِي الضَّمَانِ أَذِنَ الرَّشِيدُ فِي قَتْلِهِ لِانْتِقَالِ الْحَقِّ لِوَلِيِّهِ لَا إنْ أَذِنَ فِي جُرْحِهِ أَوْ إتْلَافِ مَالِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا الْوَدِيعَةُ إذَا أَذِنَ رَبُّهَا مَنْ هِيَ عِنْدَهُ فِي إتْلَافِهَا، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ إذَا أَتْلَفَهَا لِالْتِزَامِهِ حِفْظَهَا بِالْقَبُولِ (قَوْلُهُ: أَوْ خِتَانٍ) أَيْ فَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ أَوْ تَلَفٌ (قَوْلُهُ وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ) أَيْ إشْعَالِهَا (قَوْلُهُ: شَدِيدِ الرِّيحِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ إسْنَادَ الْعَصْفِ لِلْيَوْمِ مِنْ قَبِيلِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ؛ لِأَنَّ الْعَصْفَ عِبَارَةٌ عَنْ الْهُبُوبِ وَالتَّصْوِيتِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَّصِفُ بِهِ الرِّيحُ لَا الْيَوْمُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ " عَاصِفٍ " صِفَةً لِمُضَافٍ إلَى يَوْمٍ مُقَدَّرٍ أَيْ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَجُوزُ فِي الْإِسْنَادِ
فَيَضْمَنُ الْمَالَ فِي مَالِهِ وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مَكَان بَعِيدٍ لَا يَظُنُّ فِيهِ الْوُصُولَ إلَى الْمَحْرُوقِ عَادَةً فَلَا ضَمَانَ (وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ) عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ فَيَضْمَنُ صَاحِبُهُ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (مَالَ) بَعْد أَنْ كَانَ مُسْتَقِيمًا (وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ) بِأَنْ قِيلَ لَهُ: أَصْلِحْ جِدَارَك وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ بِذَلِكَ عِنْدَ حَاكِمٍ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ مَعَ إمْكَانِ حَاكِمٍ كَمَا لِلْجِيزِيِّ (وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ) بِأَنْ يَتَّسِعَ الزَّمَانُ الَّذِي يُمْكِنُ الْإِصْلَاحُ فِيهِ وَلَمْ يُصْلِحْ فَيَضْمَنُ الْمَالَ وَالدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَمَفْهُومُ مَالَ أَنَّهُ لَوْ بَنَاهُ مَائِلًا ابْتِدَاءً فَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ أَتْلَفَهُ لَضَمِنَ بِلَا تَفْصِيلٍ، وَمَفْهُومُ أَنْذَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْذِرْ أَيْ مَعَ الْإِشْهَادِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ مَعَ تَفْرِيطِهِ فَيَضْمَنَ، وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ صَاحِبَهُ الْمُرْتَهِنُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُسْتَأْجِرُ فَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ الْإِنْذَارُ إذْ لَيْسَ لَهُمْ هَدْمٌ وَمَفْهُومُ أَمْكَنَ تَدَارُكُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُمْكِنْ بِأَنْ سَقَطَ قَبْلَ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَارُكُ لَمْ يَضْمَنْ (أَوْ)(عَضَّهُ فَسَلَّ يَدَهُ فَقَلَعَ أَسْنَانَهُ) فَيَضْمَنُ الدِّيَةَ فِي مَالِهِ وَهَذَا إنْ قَصَدَ بِسَلِّ يَدِهِ قَلْعَهَا.
وَأَمَّا إنْ قَصَدَ تَخْلِيصَ يَدِهِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ فَلَا ضَمَانَ وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ)(نَظَرَ لَهُ مِنْ كَوَّةٍ) أَوْ غَيْرِهَا كَبَابٍ (فَقَصَدَ عَيْنَهُ) أَيْ رَمَاهَا بِحَجَرٍ وَنَحْوِهَا فَفَقَأَهَا ضَمِنَ يَعْنِي اقْتَصَّ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا ضَمِنَ الدِّيَةَ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى عَطْفِهِ عَلَى مَا قَبْلَهُ (وَإِلَّا) يَقْصِدُ بِالرَّمْيِ عَيْنَهُ بَلْ قَصَدَ زَجْرَهُ (فَلَا) ضَمَانَ بِمَعْنَى لَا قَوَدَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ عَلَيْهِ الدِّيَةَ لَكِنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (كَسُقُوطِ مِيزَابٍ) مُتَّخَذٌ لِلْمَطَرِ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى رَبِّهِ أَصْلًا مُطْلَقًا بَلْ هَدَرٌ وَمِثْلُهُ الظُّلَّةُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ عَدَمَ الضَّمَانِ بِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ (أَوْ بَغَتْ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ فِعْلٌ مَاضٍ وَ (رِيحٌ) فَاعِلُهُ أَيْ فَجَأَ وَيَجُوزُ إسْكَانُهَا عَلَى أَنَّهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الْمَالَ) أَيْ الَّذِي أَحْرَقَتْهُ النَّارُ وَقَوْلُهُ وَالدِّيَةُ أَيْ دِيَةُ مَنْ مَاتَ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ تَأْجِيجُ النَّارِ وَقَوْلُهُ لَا يَظُنُّ فِيهِ الْوُصُولَ أَيْ وُصُولَ النَّارِ لِلشَّيْءِ الْمَحْرُوقِ فَتَخَلَّفَ الظَّنُّ وَوَصَلَتْ إلَيْهِ فَأَحْرَقَتْهُ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ صَاحِبَهُ) أَيْ الْمَالِ وَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَعْدُ وَهَذَا رِوَايَةُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَرِوَايَةُ زوزان عَنْ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمَلُ مِنْ ذَلِكَ مَا بَلَغَ الثُّلُثَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَرَوَاهُ عَنْهُ أَشْهَبُ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ أَبُو الْقَاسِمِ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ (قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ ضَمَانِ صَاحِبِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ: لَا يَضْمَنُ صَاحِبُ الْجِدَارِ إلَّا إذَا قَضَى عَلَيْهِ الْحَاكِمُ بِالْهَدْمِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ وَهْبٍ وَقِيلَ: إنْ بَلَغَ حَدًّا كَانَ يَجِبُ عَلَيْهِ عَدَمُهُ لِشِدَّةِ مَيَلَانِهِ فَتَرَكَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إشْهَادٌ وَلَا حُكْمٌ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ اُنْظُرْ ح وَالتَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ) الْمُرَادُ بِهِ مَالِكَهُ الْمُكَلَّفَ أَوْ وَكِيلَهُ الْخَاصَّ أَوْ الْعَامَّ، وَالْوَكِيلُ الْعَامُّ هُوَ الْحَاكِمُ إذْ كَانَ رَبُّ الْجِدَارِ غَائِبًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَكِيلٌ خَاصٌّ وَمِنْ الْوَكِيلِ الْخَاصِّ نَاظِرُ الْوَقْفِ وَوَصِيُّ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، فَإِذَا سَقَطَ الْجِدَارُ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ ضَمِنَ وَصِيُّ غَيْرِ الْمُكَلَّفِ فِي مَالِهِ وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الْمُكَلَّفِ مَالٌ وَضَمِنَ نَاظِرُ وَقْفٍ وَوَكِيلٌ خَاصٌّ مَعَ غَيْبَةِ صَاحِبِهِ حَيْثُ كَانَ لَهُ مَالٌ يَصْلُحُ مِنْهُ لِتَقْصِيرِهِمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَأَمْكَنَهُمَا السَّلَفُ عَلَى ذِمَّتِهِ وَهُوَ مَلِيءٌ وَتَرَكَا حَتَّى سَقَطَ ضِمْنًا فِيمَا يَظْهَرُ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالْإِنْذَارِ (قَوْلُهُ كَمَا لِلْجِيزِيِّ) قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ وَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ لَا بُدَّ فِي ضَمَانِهِ مِنْ الْإِشْهَادِ بِالْإِنْذَارِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَأَمَّا الْإِشْهَادُ بِالْإِنْذَارِ عِنْدَ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ إمْكَانِ الْحَاكِمِ فَلَا يَكْفِي فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُ أَنْذَرَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُنْذِرْ) الْأَوْضَحُ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْإِنْذَارُ وَالْإِشْهَادُ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْمَيَلَانِ فَمَا ذَكَرَ مِنْ قَيْدِ الْإِنْذَارِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ مُنْكِرًا لِلْمَيَلَانِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقِرًّا بِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ الدِّيَةَ) أَيْ فَيَضْمَنُ الْمَعْضُوضُ دِيَةَ أَسْنَانِ الْعَاضِّ (قَوْلُهُ: قَلْعَهَا) أَيْ قَلْعَ أَسْنَانِ الْعَاضِّ لَهُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَحْمَلُ الْحَدِيثِ) وَهُوَ أَنَّ «رَجُلًا عَضَّ آخَرَ فَنَزَعَ الْمَعْضُوضُ يَدَهُ فَقَلَعَ سِنَّهُ فَقَالَ عليه الصلاة والسلام أَيَعَضُّ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ كَمَا يَعَضُّ الْفَحْلُ لَا دِيَةَ لَهُ» (قَوْلُهُ: فَقَصَدَ عَيْنَهُ) أَيْ فَقَصَدَ الْمَنْظُورُ إلَيْهِ رَمْيَ عَيْنِ النَّاظِرِ فَفَقَأَهَا وَقَوْلُهُ اقْتَصَّ مِنْهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَيْ خِلَافًا لِبَهْرَامَ وتت حَيْثُ قَالَا بِلُزُومِ الدِّيَةِ إنْ قَصَدَ بِالرَّمْيِ فَقْءَ عَيْنِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الزَّجْرَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَخْذًا بِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ عَلَى الْعَاقِلَةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ ح، فَإِنْ ادَّعَى الْمَرْمِيُّ أَنَّ الرَّامِيَ قَصَدَ عَيْنَهُ وَادَّعَى الرَّامِي عَدَمَ قَصْدِهَا وَلَا بَيِّنَةَ وَلَا قَرِينَةَ تُصَدِّقُ الرَّامِيَ، فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِدَعْوَاهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ وَلِأَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ الظُّلَّةُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْبِئْرُ وَالسَّرَبُ لِلْمَاءِ فِي دَارِهِ أَوْ أَرْضِهِ، فَإِذَا سَقَطَتْ الظُّلَّةُ أَوْ سَقَطَ الْبِئْرُ أَوْ السَّرَبُ أَيْ مَحَلُّ جَرَيَانِ الْمَاءِ عَلَى مَنْ يَحْفِرُهُمَا مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِ الظُّلَّةِ وَلَا عَلَى مَنْ اسْتَأْجَرَ لِحَفْرِ الْبِئْرِ أَوْ السَّرَبِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْمُصَنِّفُ) أَيْ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ يَنْبَغِي عَدَمُ الضَّمَانِ أَيْ فِي مَسْأَلَةِ سُقُوطِ الْمِيزَابِ (قَوْلُهُ: بِمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ) أَيْ بِمَا إذَا انْتَفَى بَعْضُ الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الضَّمَانِ فِي مَسْأَلَةِ الْجِدَارِ بِأَنْ يُقَالَ عَدَمُ الضَّمَانِ هُنَا حَيْثُ انْتَفَى مَيَلَانُ الْمِيزَابِ أَوْ أَنَّهُ مَالَ وَلَمْ يَحْصُلْ إنْذَارٌ لِصَاحِبِهِ
مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ وَرِيحٍ مُضَافٌ إلَيْهِ (لِنَارٍ) أَوْقَدَهَا إنْسَانٌ فِي وَقْتٍ لَا رِيحَ فِيهِ فَأَصَابَهَا الرِّيحُ بَغْتَةً فَرَفَعَهَا إلَى شَيْءٍ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ (كَحَرْقِهَا) أَيْ النَّارُ شَخْصًا (قَائِمًا لِطَفْئِهَا) خَوْفًا عَلَى زَرْعٍ أَوْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ فَهَدَرٌ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ فَاعِلُهَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْ كَمَا إذَا أَجَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرُ حِلِّ الْبِسَاطِيِّ
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ دَفْعِ الصَّائِلِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ)(دَفْعُ صَائِلٍ) عَلَى نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ (بَعْدَ الْإِنْذَارِ) نَدْبًا كَمَا فِي الْمُحَارِبِ (لِلْفَاهِمِ) أَيْ الْإِنْسَانِ الْعَاقِلِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: نَاشَدْتُك اللَّهَ إلَّا مَا تَرَكْتَنِي وَنَحْوَ ذَلِكَ أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُحَارِبِ، فَإِنْ لَمْ يَنْكَفْ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ وَغَيْرِهِ
(وَإِنْ) كَانَ الدَّفْعُ (عَنْ مَالٍ) وَبَالَغَ عَلَيْهِ لِئَلَّا يَتَوَهَّمَ أَنَّ قَتْلَ الْمَعْصُومِ لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا كَانَ الدَّفْعُ عَنْ نَفْسٍ أَوْ حَرِيمٍ لِسُهُولَةِ الْمَالِ بِالنِّسْبَةِ لِقَتْلِ الْمَعْصُومِ وَمَفْهُومُ الْفَاهِمِ أَنَّ الصَّائِلَ إذَا كَانَ غَيْرَ فَاهِمٍ بِأَنْ كَانَ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةً، فَإِنَّهُ يُعَاجِلُ بِالدَّفْعِ لِعَدَمِ فَائِدَةِ الْإِنْذَارِ
(وَ) جَازَ (قَصْدُ قَتْلِهِ) ابْتِدَاءً (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الصَّائِلَ (لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ) وَيَثْبُتُ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِ الْمَصُولِ عَلَيْهِ إلَّا إذَا لَمْ يُحْضِرْهُ أَحَدٌ فَيُقْبَلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ (لَا) يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ (جُرْحٌ) لِلصَّائِلِ فَضْلًا عَنْ قَتْلِهِ (إنْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الصَّائِلِ بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَالِهِ (بِلَا مَشَقَّةٍ) ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْهَرَبُ لَكِنْ بِمَشَقَّةٍ جَازَ لَهُ مَا ذَكَرَ (وَمَا أَتْلَفَتْهُ الْبَهَائِمُ) مَأْكُولَةُ اللَّحْمِ أَمْ لَا مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَإِشْهَادٌ عَلَيْهِ بِذَلِكَ أَوْ مَالٍ وَحَصَلَ الْإِنْذَارُ لَكِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَدَارُكُ إصْلَاحِهِ بِأَنْ سَقَطَ قَبْلَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ التَّدَارُكُ وَأَمَّا لَوْ مَالَ وَأَنْذَرَ صَاحِبَهُ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِالْإِنْذَارِ وَأَمْكَنَ تَدَارُكُ إصْلَاحِهِ لِاتِّسَاعِ الزَّمَانِ فَلَمْ يَصْلُحْ وَسَقَطَ عَلَى شَيْءٍ فَأَتْلَفَهُ، فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الدِّيَةَ وَالْمَالَ (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ مَجْرُورٌ) أَيْ عَطْفًا عَلَى سُقُوطِ مِيزَابٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ إلَخْ) أَيْ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ هَدَرٌ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهَا بِنَفْسِهِ قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَالظَّاهِرُ الضَّمَانُ إذَا كَانَ هَيَّجَهَا فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ
(قَوْلُهُ: وَجَازَ دَفْعُ صَائِلٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُكَلَّفًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ بَهِيمَةً وَالْمُرَادُ بِالصَّائِلِ مُرِيدُ الصَّوْلِ.
(قَوْلُهُ: فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ) أَيْ لِأَنَّ دَفْعَ الصَّائِلِ وَاجِبٌ كَمَا فِي بَهْرَامَ وتت وَالتَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ قَدْ يُقَالُ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ هُنَا وَاجِبًا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَصَّلُ بِهِ إلَى نَجَاةِ نَفْسِهِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ الصَّائِلُ غَيْرَ آدَمِيٍّ اهـ وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ وَابْنُ الْغَرْسِ فِي الْوُجُوبِ قَوْلَيْنِ قَالَا: وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَصَحُّ وَابْنُ الْعَرَبِيِّ صَرَّحَ بِأَنَّ الدَّفْعَ جَائِزٌ لَا وَاجِبٌ، فَإِنْ شَاءَ أَسْلَمَ نَفْسَهُ وَإِنْ شَاءَ دَفَعَ عَنْهَا وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ وَالْقَرَافِيُّ قَائِلًا السَّاكِتُ عَنْ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى يُقْتَلَ لَا يُعَدُّ آثِمًا وَلَا قَاتِلًا لِنَفْسِهِ اُنْظُرْ طفى وَفِي بْن الْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ أَظْهَرُ الْقَوْلَيْنِ، وَالْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي دَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ أَوْ عَلَى الْحَرِيمِ وَأَمَّا عَلَى الْمَالِ، فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَى أَخْذِهِ هَلَاكٌ أَوْ شِدَّةُ أَذًى كَانَ كَدَفْعِ الصَّائِلِ عَلَى النَّفْسِ فِيهِ الْخِلَافُ وَإِلَّا لَمْ يَجِبْ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُمْ: حِفْظُ الْمَالِ وَاجِبٌ أَيْ عَنْ إتْلَافِهِ بِلَا انْتِفَاعِ أَحَدٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْإِنْذَارِ) أَيْ التَّخْوِيفِ بِوَعْظِهِ وَزَجْرِهِ وَإِنْشَادِ اللَّهِ عَلَيْهِ لَعَلَّهُ يَنْكَفُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّائِلَ إذَا كَانَ مِمَّنْ يَفْهَمُ، فَإِنَّهُ يُنَاشِدُهُ أَوَّلًا ثُمَّ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ يَدْفَعُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ يَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَبَى إلَّا الصَّوْلَ قَتَلَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ كَالْبَهِيمَةِ، فَإِنَّهُ يُعَالِجُهُ بِالدَّفْعِ مِنْ غَيْرِ إنْذَارٍ وَيَدْفَعُهُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ، فَإِنْ أَبَى إلَّا الصَّوْلَ قَتَلَهُ وَكَانَ هَدَرًا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُحَارِبِ) أَيْ كَمَا فِي مُنَاشَدَةِ الْمُحَارِبِ، فَإِنَّهَا مَنْدُوبَةٌ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ أَمْكَنَ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا يُنْدَبُ إنْذَارُ الْفَاهِمِ إنْ أَمْكَنَ إنْذَارُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَنْكَفَّ) أَيْ بِالْإِنْذَارِ وَأَبَى إلَّا الصَّوْلَ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُمْكِنْ) أَيْ إنْذَارُهُ لِمُبَادَرَتِهِ بِالصَّوْلِ وَالْحَرْبِ (قَوْلُهُ: جَازَ دَفْعُهُ بِالْقَتْلِ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَنْ مَالٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ دَفْعُ الصَّائِلِ عَنْ نَفْسِهِ أَوْ حَرِيمٍ بَلْ وَإِنْ عَنْ مَالٍ
(قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) أَيْ بِدُونِ إنْذَارٍ وَمُدَافَعَةٍ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ عَلِمَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَنَّ الصَّائِلَ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ وَظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِأَنْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ أَوْ يَنْدَفِعُ بِغَيْرِهِ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ ابْتِدَاءً مَعَ أَنَّ الْمُنَاشَدَةَ أَوَّلًا عِنْدَ إمْكَانِهَا، وَالْمُدَافَعَةُ أَوَّلًا بِالْأَخَفِّ مَنْدُوبَةٌ وَأَصْلُ الْمَسْأَلَةِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ غَيْرَ أَنَّهُ إنَّمَا عَبَّرَ بِيَنْبَغِي كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنِ شَاسٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ الصَّائِلِ لَا يَنْدَفِعُ إلَّا بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذْ لَمْ يَحْضُرْهُ أَحَدٌ إلَخْ) فَإِذَا صَالَ جَمَلٌ مَثَلًا عَلَى أَحَدٍ فَخَافَ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ فَقَتَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ قَامَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ لَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ ضَمِنَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّهُ صَالَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْدَفِعْ عَنْهُ إلَّا بِقَتْلِهِ إلَّا إذَا كَانَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِحَضْرَةِ النَّاسِ، فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ جُرْحٌ لِلصَّائِلِ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ ذَلِكَ الصَّائِلُ غَيْرَ مُحَارِبٍ وَإِلَّا جَازَ لِلْمَصُولِ عَلَيْهِ جُرْحُهُ وَقَتْلُهُ وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْهَرَبِ مِنْ غَيْرِ مَشَقَّةٍ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: جَازَ لَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْجُرْحِ وَالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: مِنْ الزَّرْعِ وَالْحَوَائِطِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَتْلَفَتْ غَيْرَهُمَا كَآدَمِيٍّ أَوْ عُضْوٍ مِنْهُ أَوْ مَالٍ كَدَمَتْهُ بِفَمِهَا، أَوْ رَمَتْهُ بِرِجْلِهَا، فَإِنْ كَانَتْ عَادِيَةً ضَمِنَ رَبُّهَا مَا أَتْلَفَتْهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا حَيْثُ فَرَّطَ فِي حِفْظِهَا وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ عَادِيَةٍ فَلَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِذَنَبِهَا أَوْ قَرْنِهَا أَوْ بِرِجْلِهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا وَلَوْ لَمْ يَرْبِطهَا أَوْ يَغْلِقْ عَلَيْهَا بَابًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ وَاحِدٍ مَعَهَا وَإِلَّا ضَمِنَ كَمَا يَضْمَنُ السَّاقِطُ مِنْ فَوْقِهَا الْمَالَ فِي مَالِهِ
وَهِيَ غَيْرُ مَعْرُوفَةٍ بِالْعَدَاءِ وَلَمْ تُرْبَطْ وَلَمْ يُقْفَلْ عَلَيْهَا بِمَا يَمْنَعُهَا (لَيْلًا)(فَعَلَى رَبِّهَا، وَإِنْ زَادَ) مَا أَتْلَفَتْهُ مِنْ زَرْعٍ وَنَحْوِهِ (عَلَى قِيمَتِهَا) مُعْتَبَرًا (بِقِيمَتِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ) أَيْ يَقُومُ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً عَلَى فَرْضِ تَمَامِهِ وَمَرَّةً عَلَى فَرْضِ عَدَمِ تَمَامِهِ وَيُجْعَلُ لَهُ قِيمَةٌ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ عَلَى فَرْضِ تَمَامِهِ فَإِذَا قِيلَ عَشْرَةٌ قِيلَ وَمَا قِيمَتُهُ عَلَى فَرْضِ عَدَمِ تَمَامِهِ، فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ فَاللَّازِمُ سَبْعَةٌ وَنِصْفٌ؛ لِأَنَّك تَضُمُّ الْخَمْسَةَ إلَى الْعَشَرَةِ تَكُونُ خَمْسَةَ عَشَرَ نِصْفُهَا مَا ذَكَرَ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُقَوَّمُ تَقْوِيمًا وَاحِدًا عَلَى تَقْدِيرِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ الْآنَ عَلَى فَرْضِ جَوَازِ بَيْعِهِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ سَالِمًا وَعَلَى تَقْدِيرِ جَائِحَتِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا فَلَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ حَتَّى عَادَ الزَّرْعُ لِهَيْئَتِهِ سَقَطَتْ الْقِيمَةُ وَهَذَا إذَا كَانَ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ، فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهُ ضَمِنَ قِيمَةَ الْمُتْلَفِ عَلَى الْبَتِّ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ زَادَ إلَخْ أَنَّهُ لَيْسَ لِرَبِّ الْمَاشِيَةِ أَنْ يُسَلِّمَهَا فِي قِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ بِخِلَافِ الْعَبْدِ الْجَانِي، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ مُكَلَّفٌ فَهُوَ الْجَانِي حَقِيقَةً بِخِلَافِ الدَّابَّةِ (لَا) مَا أَتْلَفَتْهُ غَيْرُ الْعَادِيَةِ (نَهَارًا) فَلَيْسَ عَلَى رَبِّهَا بِشَرْطَيْنِ ذَكَرَهُمَا بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَاعٍ) أَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهَا (وَسَرَحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ) بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَذْهَبُ لِلزَّرْعِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ أَوْ سَرَّحَهَا رَبُّهَا قُرْبَ الْمَزَارِعِ (فَعَلَى الرَّاعِي) فِي الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِهَا كَانَتْ بِقُرْبِ الْمَزَارِعِ أَوْ لَا وَعَلَى رَبِّهَا فِي الثَّانِي وَقَدْ حَذَفَهُ الْمُصَنِّفُ لِظُهُورِهِ وَكَذَا إنْ كَانَتْ عَادِيَةً فَعَلَى رَبِّهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا إلَّا مَعَ رَاعٍ قَادِرٍ عَلَى مَنْعِهَا فَعَلَيْهِ، فَإِنْ رُبِطَتْ رَبْطًا مُحْكَمًا أَوْ قُفِلَ عَلَيْهَا قَفْلًا مُحْكَمًا فَاتَّفَقَ انْفِلَاتُهَا فَلَيْسَ عَلَى رَبِّهَا ضَمَانٌ مُطْلَقًا عَادِيَةً أَمْ لَا فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ كَمَا لَوْ سَرَحَتْ بُعْدَ الْمَزَارِعِ بِلَا رَاعٍ وَبُعْدَ بِضَمِّ الْبَاءِ أَيْ بَعِيدًا أَيْ فِي مَكَان بَعِيدٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَادَ قِطَارًا فَهُوَ ضَامِنٌ لِمَا وَطِئَ الْبَعِيرُ فِي أَوَّلِ الْقِطَارِ أَوْ فِي آخِرِهِ وَإِنْ نَفَحَتْ رَجُلًا أَيْ ضَرَبْتَهُ بِيَدِهَا أَوْ رِجْلِهَا لَمْ يَضْمَنْ الْقَائِدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهَا وَقَوْلُ الرِّسَالَةِ وَالسَّائِقُ وَالْقَائِدُ وَالرَّاكِبُ ضَامِنُونَ لِمَا وَطِئَتْ الدَّابَّةُ أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ ضَامِنٌ مَعْنَاهُ إنْ جَاءَ الْعَطَبُ مِنْ فِعْلِ الْمَذْكُورِ فَوَافَقَ مَا مَرَّ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ التَّلَفِ مِنْ فِعْلِ الدَّابَّةِ أَوْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَعَهَا مِمَّنْ ذُكِرَ فَالتَّالِفُ هَدَرٌ كَمَا فِي المج.
وَمِثْلُ مَا أَتْلَفَتْهُ بِوَطْئِهَا فِي كَوْنِ ضَمَانِهِ عَلَى مَنْ مَعَهَا مِمَّنْ ذُكِرَ إذَا جَاءَ الْعَطَبُ مِنْ فِعْلِهِ مَا أَتْلَفَتْهُ بِحَجَرٍ أَطَارَتْهُ حَالَ سَيْرِهَا فَيَضْمَنُهُ الْقَائِدُ أَوْ السَّائِقُ أَوْ الرَّاكِبُ وَلَوْ أَنْذَرَ لِعَدَمِ لُزُومِ التَّنَحِّي إذْ مَنْ سَبَقَ لِمُبَاحٍ كَطَرِيقٍ لَا يَلْزَمُهُ التَّنَحِّي لِغَيْرِهِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الثَّلَاثَةُ قُدِّمَ السَّائِقُ، وَإِنْ اجْتَمَعَ السَّائِقُ أَوْ الْقَائِدُ مَعَ الرَّاكِبِ قُدِّمَ الْأَوَّلَانِ حَيْثُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الرَّاكِبِ فِعْلٌ كَنَخْسٍ وَإِلَّا فَالضَّمَانُ مِنْهُ فَقَطْ إنْ لَمْ يُعَيِّنَاهُ وَإِلَّا شَارَكَاهُ فِي الضَّمَانِ، فَإِنْ رَكِبَهَا اثْنَانِ، فَإِنْ كَانَا عَلَى ظَهْرِهَا فَالضَّمَانُ مِنْ الْمُتَقَدِّمِ، وَإِنْ كَانَا عَلَى جَنْبِهَا اشْتَرَكَا فِي الضَّمَانِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْفِلْ عَلَيْهَا بِمَا يَمْنَعُهَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُ لَا كَطَيْرٍ وَنَحْلٍ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَ إلَخْ) رَدَّ بِهَذِهِ الْمُبَالَغَةِ عَلَى يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْقَائِلِ إنَّمَا يَلْزَمُ رَبَّهَا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهَا وَقِيمَةِ مَا أَفْسَدَتْ (قَوْلُهُ: مُعْتَبَرًا) أَيْ مَا أَتْلَفَتْهُ (قَوْلُهُ أَيْ يُقَوَّمُ مَرَّتَيْنِ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: عَلَى فَرْضِ عَدَمِ تَمَامِهِ) أَيْ بِأَنْ رُعِيَ مِنْ الْآنِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا صَحَّ إلَخْ) هَذَا التَّقْرِيرُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ بَابَا وَأَيَّدَهُ عج قَالَ بْن وَهُوَ الصَّوَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ إذْ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَالَ: مَا قِيمَةُ هَذَا الزَّرْعِ عَلَى فَرْضِ جَوَازِ بَيْعِهِ عَلَى تَقْدِيرِ تَمَامِهِ سَالِمًا وَعَدَمُ تَمَامِهِ بِأَنْ يُجَاحَ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا نَظَرٌ تَنْقُصُ الْقِيمَةُ بِسَبَبِهِ وَهَكَذَا عِبَارَةُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ غَيْرُ صَوَابٍ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي وُجُوبِ تَقْوِيمِهِ إذَا أَيِسَ مِنْ عَوْدِهِ لِهَيْئَتِهِ، وَأَمَّا إنْ رُعِيَ صَغِيرٌ وَرُجِيَ عَوْدُهُ لِهَيْئَتِهِ فَاخْتُلِفَ هَلْ يُسْتَأْنَى بِهِ أَمْ لَا فَقَالَ مُطَرِّفٌ: إنَّهُ يُقَوَّمُ وَلَا يُسْتَأْنَى بِهِ وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ يُسْتَأْنَى بِهِ وَاخْتُلِفَ إنْ حَكَمَ بِالْقِيمَةِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَقَالَ مُطَرِّفٌ مَضَتْ الْقِيمَةُ لِرَبِّ الزَّرْعِ وَقِيلَ تُرَدُّ وَالرَّاجِحُ قَوْلُ مُطَرِّفٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِهَا) أَيْ أَوْ كَانَ مَعَهَا رَاعٍ وَعَجَزَ عَنْ دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: وَسَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ) أَيْ بِأَنْ أَخْرَجَهَا لِمَكَانٍ بَعِيدٍ عَنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهَا لَا تَرْجِعُ مِنْهُ لِلزَّرْعِ (قَوْلُهُ: قُرْبَ الْمَزَارِعِ) أَيْ فِي مَكَان قَرِيبٍ مِنْ الزَّرْعِ بِحَيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ رُجُوعُهَا مِنْهُ إلَى الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: فَعَلَى الرَّاعِي) أَيْ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَتْ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى مَنْعِهَا) أَيْ وَفَرَّطَ فِي حِفْظِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ الرَّاعِي مُكَلَّفًا أَوْ صَبِيًّا.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى رَبِّهَا) أَيْ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَتْ (قَوْلُهُ: فِي الثَّانِي) أَيْ وَهُوَ مَا إذَا سَرَّحَهَا قُرْبَ الْمَزَارِعِ بِلَا رَاعٍ مَعَهَا (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَرَحَتْ بَعْدَ الْمَزَارِعِ إلَخْ) كُلُّ هَذَا إذَا كَانَتْ الْبَهِيمَةُ مِمَّا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهَا وَلَا الْحِرَاسَةُ مِنْهُ كَحَمَامٍ وَنَحْلٍ وَدَجَاجٍ يَطِيرُ فَفِي مَنْعِ أَرْبَابِهَا مِنْ اتِّخَاذِهَا إنْ آذَى النَّاسَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَرِوَايَةُ مُطَرِّفٍ عَنْ مَالِكٍ وَعَدَمُ مَنْعِهِمْ مِنْ اتِّخَاذِهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَتْلَفَهُ مِنْ الزَّرْعِ وَعَلَى أَرْبَابِ الزَّرْعِ وَالشَّجَرِ حِفْظُهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ وَأَصْبَغَ قَوْلَانِ وَصَوَابُ ابْنِ عَرَفَةَ الْأَوَّلُ لِإِمْكَانِ اسْتِغْنَاءِ رَبِّهَا عَنْهَا وَضَرُورَةِ النَّاسِ لِلزَّرْعِ وَالشَّجَرِ وَيُؤَيِّدُهُ قَاعِدَةُ ارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ عِنْدَ التَّقَابُلِ وَلَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج