الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَلْحَقُهُ دَيْنٌ وَيَخْدُمُ إلَى الْأَجَلِ، فَإِنْ قَالَ مَا ذَكَرَ فِي مَرَضِهِ عَتَقَ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ مِنْ الثُّلُثِ وَخَدَمَ الْوَرَثَةَ حَتَّى يُتِمَّ الْأَجَلَ بِمَوْتِ فُلَانٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ بِشَهْرٍ عَمَّا إذَا قَالَ بَعْدَ مَوْتِي بِشَهْرٍ مَثَلًا، فَإِنَّهُ يَكُونُ وَصِيَّةً مَا لَمْ يُرِدْ بِهِ التَّدْبِيرَ أَوْ يُعَلِّقْهُ كَمَا تَقَدَّمَ
[دَرْسٌ]
{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ
، وَالْمُكَاتَبُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ بِمَعْنَى الْأَجَلِ الْمَضْرُوبِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {إِلا وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} [الحجر: 4] أَيْ أَجَلٌ أَوْ مِنْ الْكَتْبِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} [البقرة: 183] أَيْ أَلْزَمَكُمْ وقَوْله تَعَالَى {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [الأنعام: 54] أَيْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ وَالْعَبْدُ الْتَزَمَ لِسَيِّدِهِ أَدَاءَ النُّجُومِ وَهِيَ شَرْعًا عَرَّفَهَا ابْنُ عَرَفَةَ بِقَوْلِهِ عِتْقٌ عَلَى مَالٍ مُؤَجَّلٍ مِنْ الْعَبْدِ مَوْقُوفٌ عَلَى أَدَائِهِ فَخَرَجَ مَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ فَقَطَاعَةٌ وَمُؤَجَّلٌ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَمَا لَمْ يَكُنْ عَلَى مَالٍ أَصْلًا كَالْعِتْقِ الْمُبَتَّلِ وَاَلَّذِي لِأَجَلٍ وَالتَّدْبِيرُ وَلَمْ يُعَرِّفْهَا الْمُصَنِّفُ، وَإِنَّمَا بَيَّنَ حُكْمَهَا فَقَالَ (نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ) بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ كَالزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ أَيْ نُدِبَ لِأَهْلِ التَّبَرُّعِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَمُكَاتَبَةٌ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَمَحَلُّ النَّدْبِ إنْ طَلَبَ الرَّقِيقُ ذَلِكَ وَإِلَّا لَمْ تُنْدَبْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ غَيْرَ أَهْلِ التَّبَرُّعِ لَا تُنْدَبُ مُكَاتَبَتُهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ شَيْءٌ آخَرُ، فَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ سَفِيهًا كَانَتْ مُكَاتَبَتُهُ بَاطِلَةً، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً كَانَتْ صَحِيحَةً مَوْقُوفَةً عَلَى إجَازَةِ الْوَرَثَةِ وَالزَّوْجِ لَا بَاطِلَةً كَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّهَا هُنَا بِعِوَضٍ، وَبُطْلَانُهَا مِنْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ، وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَتَكُونُ صَحِيحَةً مُتَوَقِّفًا لُزُومُهَا عَلَى إجَازَةِ وَلِيِّهِمَا (وَ) نُدِبَ لِسَيِّدِهِ (حَطُّ جُزْءٍ) مِنْ أَجْزَائِهَا عَنْهُ وَنُدِبَ أَنْ يَكُونَ (آخِرًا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ مَا ذَكَرَ فِي مَرَضِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ فِي مَرَضِهِ لِعَبْدِهِ أَنْت حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِ فُلَانٍ ثُمَّ مَاتَ نُظِرَ هَلْ يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَهُ كَانَ كَالْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ فَيَسْتَمِرُّ يَخْدُمُ الْوَرَثَةَ إلَّا أَنْ يَمُوتَ فُلَانٌ فَيَعْتِقُ كُلُّهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ كَانَتْ الْوَرَثَةُ بِالْخِيَارِ فِي الْجُزْءِ الَّذِي لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ بَيْنَ اسْتِرْقَاقِهِ وَعِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بَتْلًا وَبَيْنَ عِتْقِ ذَلِكَ الْجُزْءِ، وَإِنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ فِي إنْفَاذِ الْوَصِيَّةِ وَعِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بَتْلًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ التَّدْبِيرُ أَوْ يُعَلِّقْهُ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ تَدْبِيرًا عَلَى مَا اخْتَارَهُ عج خِلَافًا لِلَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ.
[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ]
{بَابٌ فِي الْكِتَابَةِ} (قَوْلُهُ: وَالْعَبْدُ الْتَزَمَ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ مِنْ الْكُتُبِ بِمَعْنَى الْإِلْزَامِ أَيْ لِأَنَّ الْعَبْدَ إلَخْ وَكَانَ الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْعَبْدَ أَلْزَمَ نَفْسَهُ أَدَاءَ النُّجُومِ لِسَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَى مَالٍ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ صَوَابُهُ عَقْدٌ يُوجِبُ عِتْقًا عَلَى مَالٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ سَبَبٌ فِي الْعِتْقِ لَا نَفْسُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَقَطَاعَةٌ) أَيْ فَهِيَ مُغَايِرَةٌ لِلْكِتَابَةِ وَلِذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يَجُوزُ كِتَابَةُ أُمِّ الْوَلَدِ وَيَجُوزُ عِتْقُهَا عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ وَقَدْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ مُتَعَارَفَةً قَبْلَ الْإِسْلَامِ فَأَقَرَّهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَهُ قَالَهُ ابْنُ التِّينِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَقَوْلُ الرُّمَّانِيِّ الْكِتَابَةُ إسْلَامِيَّةٌ وَلَمْ تُعْرَفْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِلَافَ الصَّحِيحِ قِيلَ أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ أَبُو الْمُؤَمَّلِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «أَعِينُوا أَبَا الْمُؤَمَّلِ فَأُعِينَ فَقَضَى كِتَابَتَهُ وَفَضَلَتْ عِنْدَهُ فَضْلَةٌ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْفِقْهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» وَقِيلَ أَوَّلُ مَنْ كُوتِبَ فِي الْإِسْلَامِ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ ثُمَّ بَرِيرَةُ اُنْظُرْ الزَّرْقَانِيَّ عَلَى الْمُوَطَّإِ.
(قَوْلُهُ: نُدِبَ مُكَاتَبَةُ أَهْلِ التَّبَرُّعِ بِكُلِّ مَالِهِ إلَخْ) أَيْ نُدِبَ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَأَنْ يَتَبَرَّعَ بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِبَعْضِهِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ فَالْأَوَّلُ هُوَ الرَّشِيدُ غَيْرُ الزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ وَالثَّانِي الزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا تُنْدَبُ) أَيْ مُكَاتَبَتُهُ بَلْ تُبَاحُ فَقَطْ، فَإِنْ قُلْت ظَاهِرٌ قَوْله تَعَالَى:{وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} [النور: 33] . يَقْتَضِي وُجُوبَهَا إذَا طَلَبَهَا الرَّقِيقُ قُلْت الْأَمْرُ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إمَّا بَيْعٌ أَوْ عِتْقٌ وَكِلَاهُمَا لَا يَجِبُ وَالْأَمْرُ جَاءَ فِي الْقُرْآنِ لِغَيْرِ الْوُجُوبِ قَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] . وَالصَّيْدُ بَعْدَ الْإِحْلَالِ لَا يَجِبُ إجْمَاعًا وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10] . وَالِانْتِشَارُ وَالِابْتِغَاءُ لَا يَجِبَانِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الصَّلَاةِ إجْمَاعًا فَالْأَمْرُ فِيهِمَا لِلْإِبَاحَةِ وَكَذَا قَوْلُهُ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدُ غَرَرٍ فَالْأَصْلُ أَنْ لَا تَجُوزَ فَلَمَّا أَذِنَ الْمَوْلَى فِيهَا لِلنَّاسِ بِقَوْلِهِ {فَكَاتِبُوهُمْ} [النور: 33] إلَخْ كَانَ أَمْرًا بَعْدَ مَنْعٍ وَالْأَمْرُ بَعْدَ الْمَنْعِ لِلْإِبَاحَةِ وَلَا يَرِدُ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ؛ لِأَنَّ اسْتِحْبَابَهَا ثَبَتَ بِأَدِلَّةٍ أُخْرَى كَعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77] .
(قَوْلُهُ: لَا تُنْدَبُ مُكَاتَبَتُهُ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَ الرَّقِيقُ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمَا وَرَاءَ ذَلِكَ) أَيْ هَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ أَوْ بَاطِلَةٌ شَيْءٌ آخَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ زَوْجَةٌ) أَيْ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: كَالْعِتْقِ) تَشْبِيهٌ فِي الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ فَتَكُونُ صَحِيحَةً) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَصِحُّ مِنْ السَّكْرَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَبْطُلُ مِنْهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِ الْبَيْعِ فَالسَّكْرَانُ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ الصَّبِيِّ وَالسَّفِيهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ مُسَاوَاةِ السَّفِيهِ لِلصَّبِيِّ هُوَ الْمَعْمُولُ عَلَيْهِ كَمَا لِشَيْخِنَا وَبِنَّ خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ أَنْ يَكُونَ آخِرًا) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ آخِرًا خَبَرٌ لِكَانَ الْمَحْذُوفَةِ مَعَ اسْمِهَا وَالْأَصْلُ وَحَطُّ جُزْءٍ يَكُونُ آخِرًا وَيَصِحُّ جَعْلُهُ حَالًا مِنْ جُزْءٍ، وَإِنْ كَانَ مَجِيءُ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ بِلَا مُسَوِّغٍ قَلِيلًا أَوْ تَمْيِيزًا مَحْمُولًا عَنْ الْمَفْعُولِ مُفَسِّرًا
مِنْ نُجُومِهَا لِيَحْصُلَ بِهِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَآخِرًا بِالْوَاوِ لِيُفِيدَ أَنَّهُ مَنْدُوبٌ آخَرُ (وَلَمْ يُجْبَرْ الْعَبْدُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَيْ عَلَى قَبُولِ كِتَابَةِ سَيِّدِهِ لَهُ (وَالْمَأْخُوذُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (الْجَبْرُ) وَقِيلَ إذَا جَعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مِثْلَ خَرَاجِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَأَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ؛ لِأَنَّهُ كَمَا أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَهُ وَكَلَامُهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ
وَأَرْكَانُ الْكِتَابَةِ أَرْبَعَةٌ سَيِّدٌ مُكَاتِبٌ بِالْكَسْرِ وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَرَقِيقٌ مُكَاتَبٌ بِالْفَتْحِ وَقَدْ أَفَادَهُمَا بِقَوْلِهِ نُدِبَ إلَخْ وَصِيغَةٌ وَأَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (بِكَاتَبْتُك وَنَحْوِهِ) كَأَنْتَ مُكَاتَبٌ وَمُكَاتَبٌ بِهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (بِكَذَا) أَوْ بِعْتُك نَفْسَك بِكَذَا أَوْ مُعْتَقٌ عَلَى كَذَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ تَنْجِيمِهِ فَقِيلَ يَلْزَمُ تَنْجِيمُهُ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَتُنَجَّمُ لُزُومًا وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ الصَّحِيحُ جَوَازُهَا حَالَةً وَلَا يَجِبُ التَّنْجِيمُ لَكِنَّهَا إنْ وَقَعَتْ حَالَةً فَقَطَاعَةٌ وَإِلَى هَذَا الْخِلَافِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصَحَّحَ خِلَافَهُ) وَاعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّنْجِيمَ شَرْطُ صِحَّةٍ، فَإِذَا لَمْ يُنَجَّمْ فَسَدَتْ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ قَطْعًا وَيُصَارُ إلَى التَّنْجِيمِ وُجُوبًا فَكَانَ عَلَيْهِ إبْدَالُ اشْتِرَاطٍ بِلُزُومٍ بِأَنْ يَقُولَ وَظَاهِرُهَا لُزُومُ التَّنْجِيمِ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَالْمُرَادُ بِالتَّنْجِيمِ التَّأْخِيرُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ وَلَوْ نَجْمًا وَاحِدًا لَا جَعْلُهَا نُجُومًا مُتَعَدِّدَةً ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ وَإِلَّا فَلَا
(وَجَازَ) عَقْدُ الْكِتَابَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِإِجْمَالِ نِسْبَةِ حَطٍّ إلَى جُزْءٍ أَيْ وَحَطُّ السَّيِّدِ آخِرَ جُزْءٍ.
(قَوْلُهُ: لِيَحْصُلَ بِهِ) أَيِّ بِحَطِّ الْجُزْءِ الْأَخِيرِ الِاسْتِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ أَيْ؛ لِأَنَّ بِهِ يَخْرُجُ حُرًّا بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ مِنْ النُّجُومِ، فَإِنَّهُ قَدْ يَعْجَزُ بَعْدَ حَطِّهِ فَيَرِقُّ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَنُدِبَ إلَخْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33] . فَقَدْ أَمَرَ الْمَوْلَى سبحانه وتعالى الْمَوَالِيَ أَنْ يَبْذُلُوا لَهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ قَالَ مَالِكٌ سَمِعْت مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ ذَلِكَ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَحُطُّ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا يُسَمَّى، وَالْأَمْرُ لِلنَّدَبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي مَعْنَى صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَالْإِعَانَةِ عَلَى الْعِتْقِ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ لَا يَجِبُ وَالْوُجُوبُ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُجْبَرْ إلَخْ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَبِهِ الْقَضَاءُ كَمَا فِي بْن وَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ وَلَا يُجْبَرُ بِلَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْمَوْضِعُ لِلَمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْفَقِيهَ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ عَلَى الْأَحْكَامِ الْمُسْتَقْبَلَةِ لَا الْمَاضِيَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ عَبَّرَ بِلَمْ نَظَرًا لِسَابِقِ تَقَرُّرِ الْأَحْكَامِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إذَا جَعَلَ إلَخْ) أَيْ وَقِيلَ يُجْبَرُ عَلَى الْكِتَابَةِ إذَا جَعَلَ إلَخْ وَهَذَا قَوْلٌ ثَالِثٌ لِلَّخْمِيِّ غَيْرُ مَأْخُوذٍ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ مِنْهَا الْجَبْرُ مُطْلَقًا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق (قَوْلُهُ: إذَا جَعَلَ عَلَيْهِ سَيِّدُهُ مِثْلَ خَرَاجِهِ) أَيْ مِثْلَ أُجْرَتِهِ الَّتِي يَقْدِرُ عَلَى تَحْصِيلِهَا فِي أَجَلِ الْكِتَابَةِ كَمَا لَوْ كَاتَبَهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا شَهْرًا وَكَانَ الْعَبْدُ يَقْدِرُ عَلَى الْخِدْمَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ بِدِينَارٍ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ عَلَيْهِ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَكَلَّفُ مَشَقَّةَ ذَلِكَ ثُمَّ يَعْجَزُ فَيَذْهَبُ سَعْيُهُ بَاطِلًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ كَمَا أَخَذَ مِنْهَا إلَخْ) وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ هُوَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ وَاَلَّذِي أَخَذَ مِنْهَا عَدَمَ الْجَبْرِ هُوَ ابْنُ رُشْدٍ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْعَبْدُ غَائِبًا كُوتِبَ مَعَ حَاضِرٍ وَإِلَّا لَزِمَتْ الْغَائِبُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى عَبْدٍ لِلسَّيِّدِ غَائِبٌ لَزِمَ الْعَبْدُ الْغَائِبُ، وَإِنْ كَرِهَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْحَاضِرَ يُؤَدِّي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُهُ يُفِيدُ الْحَصْرَ) أَيْ لِأَنَّ تَعْرِيفَ الْمُبْتَدَأِ فَاللَّامُ الْجِنْسِ يُفِيدُ انْحِصَارَهُ فِي الْخَبَرِ فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا إنَّمَا هُوَ الْجَبْرُ قَالَ خش وَلَعَلَّ أَخْذَ ابْنِ رُشْدٍ عَدَمَ الْجَبْرِ مِنْهَا لَمْ يَقْوَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا كَانَ يَقُولُ: أَخَذَ مِنْهَا الْجَبْرَ حَتَّى لَا يُنَافِيَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهَا أَيْضًا عَدَمَهُ
(قَوْلُهُ: بِكَذَا) اُنْظُرْ لَوْ تَرَكَ قَوْلَهُ بِكَذَا هَلْ تَبْطُلُ الْكِتَابَةُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا بَيْعٌ وَهُوَ يَبْطُلُ بِجَهْلِ الثَّمَنِ أَوْ تَصِحُّ وَيَكُونُ عَلَى الْعَبْدِ كِتَابَةُ مِثْلِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا عِتْقٌ وَالْعِتْقُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ تَسْمِيَةُ عِوَضٍ وَلَا يُقَالُ لِمَ لَمْ يَجْزِمْ بِالْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ بِهِ رُكْنٌ مِنْ أَرْكَانِهَا وَالْمَاهِيَّةُ تَنْعَدِمُ بِانْعِدَامِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُمْكِنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِرُكْنِيَّتِهِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عَدَمُهُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ أَوْ يَسْكُتَ عَنْ ذِكْرِهِ كَرُكْنِيَّةِ الصَّدَاقِ مَعَ صِحَّةِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ لَا أَنْ يَشْتَرِطَ ذِكْرَهُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ تَنْجِيمِهِ) أَيْ وَعَدَمِ لُزُومِ تَنْجِيمِهِ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْعِوَضِ الْمُكَاتَبِ بِهِ وَالْمُرَادُ بِلُزُومِهِ وُجُوبُهُ وَتَنْجِيمُهُ تَأْجِيلُهُ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي وُجُوبِ تَأْجِيلِ الْعِوَضِ لِأَجَلٍ مُعَيَّنٍ وَعَدَمِ وُجُوبِ تَأْجِيلِهِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا وَقَعَتْ الْكِتَابَةُ بِغَيْرِ تَنَجُّمٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ سَكَتَ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ عَنْ بَيَانِ حُلُولِ الْعِوَضِ وَتَأْجِيلِهِ.
(قَوْلُهُ: فَهِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ مَعَ الْإِثْمِ وَقَوْلُهُ وَتُنَجَّمُ أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ لُزُومًا؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ فِيهَا كَوْنُهَا مُؤَجَّلَةً (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ التَّنْجِيمُ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (قَوْلُهُ: فَقَطَاعَةٌ) أَيْ فَيُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ فَالْقَطَاعَةُ عِنْدَهُ مِنْ أَفْرَادِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ هِيَ صَحِيحَةٌ) أَيْ إذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَجَّمَةٍ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لِابْنِ رُشْدٍ) ذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِبَعْضِ الْأَصْحَابِ وَصَحَّحَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ وَغَيْرُهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَعْبِيرِهِ بِصَحَّحَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَا جَعْلُهَا نُجُومًا إلَخْ) أَيْ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يَجُوز أَنْ يُجْعَلَ نَجْمًا وَاحِدًا مَعَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ مَحَلُّ لُزُومِ التَّنْجِيمِ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الرَّاجِحِ إذَا وَقَعَتْ بِغَيْرِ تَنْجِيمٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ
(بِغَرَرٍ) إنْ لَمْ يَشْتَدَّ الْغَرَرُ بِأَنْ يَقْدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهِ فِي الْجُمْلَةِ قِيَاسًا عَلَى الْخُلْعِ لَا النِّكَاحِ إذْ الْأَصْلُ فِي الْعِتْقِ أَنْ يَكُونَ مَجَّانًا فَلَا يَضُرُّ كَوْنُهُ عَلَى شَيْءٍ مُتَرَقَّبِ الْوُجُودِ (كَآبِقٍ) وَبَعِيرٍ شَارِدٍ وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ (وَجَنِينٍ) لِحَيَوَانٍ نَاطِقٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَعَبْدِ فُلَانٍ) وَهُوَ غَيْرُ آبِقٍ وَإِلَّا فَلَا لِاشْتِدَادِ الْغَرَرِ (لَا لُؤْلُؤٍ) جَمْعُ لُؤْلُؤَةٍ (لَمْ يُوصَفْ) فَلَا يَجُوزُ وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ لِشِدَّةِ الْغَرَرِ لِعَدَمِ الْإِحَاطَةِ بِصِفَةِ اللُّؤْلُؤِ (أَوْ كَخَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَوَّلٍ فَلَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِهِ (وَرَجَعَ) إنْ وَقَعَتْ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ (لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ) .
وَأَمَّا بِاللُّؤْلُؤِ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ فَبَاطِلَةٌ وَلَا يَرْجِعُ فِيهِ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ (وَ) جَازَ لِسَيِّدِهِ (فَسْخُ مَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (فِي مُؤَخَّرٍ) أَيْ فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَمَنَافِعِ دَارٍ أَوْ دَابَّةٍ يَسْتَوْفِي النُّجُومَ مِنْ أُجْرَتِهَا لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (أَوْ كَذَهَبٍ) يُؤْخَذُ (عَنْ وَرَقٍ) كُوتِبَ بِهِ (وَعَكْسِهِ) مُؤَجَّلًا لِلتَّشَوُّفِ الْمَذْكُورِ وَكَذَا يَجُوزُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبَيْعُ طَعَامٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ قَبْلَ قَبْضِهِ (وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ وَلِيٍّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَا) أَيْ رَقِيقًا (لِمَحْجُورِهِ) صَبِيٍّ أَوْ سَفِيهٍ أَوْ مَجْنُونٍ (بِالْمَصْلَحَةِ) وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ مُكَاتَبَةً إنْ عَتَقَهُ عَلَى مَالٍ مُعَجَّلٍ لَمْ يَجُزْ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ إذْ لَوْ شَاءَ لَانْتَزَعَهُ لَهُ
(وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (مُكَاتَبَةُ أَمَةٍ) بَالِغَةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَإِلَّا مَا بِأَنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ مُرَادَ السَّيِّدِ الْقَطَاعَةُ فَلَا يَلْزَمُ تَنْجِيمُهَا إذَا وَقَعَتْ حَالَةً وَتَكُونُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قَطَاعَةً لَا كِتَابَةً وَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ مَعْنَوِيٌّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءً وَاجِبٌ وَأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بِدُونِهِ لَزِمَ تَنْجِيمُهَا بَعْدَ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَطَاعَةِ وَالثَّانِي يَرَى أَنَّ التَّنْجِيمَ ابْتِدَاءٌ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَإِذَا وَقَعَتْ غَيْرَ مُنَجَّمَةٍ لَمْ يَلْزَمْ تَنْجِيمُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَالُ لَهَا قَطَاعَةٌ كَمَا يُقَالُ لَهَا كِتَابَةٌ وَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ مُغَايَرَتِهِمَا فَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ
(قَوْلُهُ: بِغَرَرٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِعِوَضٍ ذِي غَرَرٍ أَيْ مُحْتَمِلٌ لَأَنْ يَتِمَّ أَوْ لَا يَتِمَّ (قَوْلُهُ: وَثَمَرٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ إلَخْ) لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الْآبِقِ وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ الْبَعِيرُ وَالثَّمَرُ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَعْتِقُ الْمُكَاتَبُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ السَّيِّدِ لَمَّا ذَكَرَ مِنْ الْآبِقِ وَمَا مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَجَنِينٍ) أَيْ أُمُّهُ فِي مِلْكِ الْمُكَاتَبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ جَنِينٍ أَنَّهُ سَبَقَ لَهُ وُجُودٌ قَبْلَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ وُجُودِهِ لَا يُسَمَّى جَنِينًا فَلَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَا تَحْمِلُ بِهِ أَمَتُهُ لَمُنِعَ وَانْظُرْ هَلْ الْجَنِينُ لَا يَحْصُلُ الْعِتْقُ إلَّا بِقَبْضِ السَّيِّدِ لَهُ أَوْ يُقَالُ: إنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ بِالْعَقْدِ فَضَمَانُهُ مِنْهُ وَلَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ وَلَمْ يَصِحَّ وَإِذَا كَانَ غَيْرَ آبِقٍ فَعَلَى الْمُكَاتَبِ تَحْصِيلُهُ مِنْ فُلَانٍ وَلَا يَعْتِقُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ السَّيِّدِ لَهُ (قَوْلُهُ: لَا لُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْهُ فِي عَدَمِ الْجَوَازِ كِتَابَتُهُ عَلَى مَا فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلَمَ هَلْ هُوَ مُتَمَوِّلٌ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي هَذَا أَشَدُّ مِنْ الْغَرَرِ فِي اللُّؤْلُؤِ الَّذِي لَمْ يُوصَفْ وَلَا وَجْهَ لِتَنْظِيرِ عبق فِي ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ) أَيْ فَإِذَا وَقَعَ وَنَزَلَ فُسِخَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ لَا تَجُوزُ الْكِتَابَةُ بِلُؤْلُؤٍ لَمْ يُوصَفْ وَإِذَا وَقَعَتْ بِهِ مَضَتْ بِكِتَابَةِ الْمِثْلِ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَرَجَعَ إلَخْ لَيْسَ رَاجِعًا لِهَذِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَخَمْرٍ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْخَمْرُ مِمَّا يَمْتَلِكُهُ الْعَاقِدُ إنْ عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ كَمُكَاتَبَةِ ذِمِّيٍّ عَبْدَهُ الذِّمِّيِّ بِخَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا أَوْ كَانَ لَا يَتَمَلَّكُهُ الْعَاقِدَانِ كَكَوْنِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا مُسْلِمًا عِنْدَ عَقْدِهَا (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ لِكِتَابَةِ مِثْلِهِ) مَحَلُّ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ بِالْخَمْرِ مِنْ كَافِرَيْنِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، وَأَمَّا إنْ وَقَعَتْ بِالْخَمْرِ وَأَحَدُهُمَا مُسْلِمٌ أَوْ هُمَا بَطَلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا وَقَعَتْ عَلَى خَمْرٍ مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ بَطَلَتْ بِالْكُلِّيَّةِ وَلَا يَرْجِعُ لِكِتَابَةِ الْمِثْلِ لَكِنْ عَزَا بَعْضُهُمْ لِأَبِي الْحَسَنِ أَنَّهُ يَخْرُجُ حُرًّا فِي هَذِهِ وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ وَانْظُرْهُ وَمَحَلُّهُ أَيْضًا إذَا كَانَ الْعَبْدُ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا مِنْ الْخَمْرِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَأَمَّا إنْ أَدَّى بَعْضَهُ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا، فَإِنَّ السَّيِّدَ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِنِصْفِ كِتَابَةِ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَدَّاهُ كُلَّهُ قَبْلَ إسْلَامِ أَحَدِهِمَا ثُمَّ أَسْلَمَا أَوْ أَحَدُهُمَا خَرَجَ حُرًّا وَلَا يُتَّبَعُ بِشَيْءٍ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِأَشْهَبَ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ لِسَيِّدِهِ فَسْخُ مَا عَلَيْهِ فِي مُؤَخَّرٍ) أَيْ فَلَيْسَتْ الْكِتَابَةُ كَغَيْرِهَا مِنْ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ فَسْخُهَا فِي شَيْءٍ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِلْفَرْقِ بِقَوْلِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: مُؤَجَّلًا) أَيْ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ السَّيِّدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ حَالًا فِي نَظِيرِ مَا عَلَيْهِ مِنْ الْمُؤَجَّلِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكِتَابَةِ وَغَيْرِهَا فِي الْجَوَازِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا يَجُوزُ ضَعْ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يَتَعَجَّلَ مَا عَلَى الْعَبْدِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنْ يَضَعَ عَنْهُ بَعْضَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبَيْعِ طَعَامٍ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَبِيعَ السَّيِّدُ الطَّعَامَ الَّذِي كَاتَبَهُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ مِنْهُ وَكَمَا يَجُوزُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابَةِ يَجُوزُ فِيهَا أَيْضًا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا لِلْمُقْرِضِ كَأَنْ يُسَلِّفَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا لِسَيِّدِهِ لِأَجْلِ أَنْ يُسْقِطَ عَنْهُ شَيْئًا مِنْ الْكِتَابَةِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالشَّارِحِ جَوَازُ مَا ذَكَرَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ السَّيِّدُ الْعِتْقَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِمَّا ذَكَرَ إلَّا إذَا عَجَّلَ عِتْقَهُ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَوَصِيٍّ وَمُقَدِّمِ قَاضٍ (قَوْلُهُ: مَا لِمَحْجُورِهِ) أُتِيَ بِمَا الَّتِي لِغَيْرِ الْعَاقِلِ تَنْزِيلًا لِلرَّقِيقِ مَنْزِلَةَ مَا لَا يَعْقِلُ لِعَدَمِ تَمَامِ تَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ بِالْمَصْلَحَةِ) أَيْ الْمُسْتَوِيَةِ فِي الْكِتَابَةِ وَعَدَمِهَا، فَإِنْ انْفَرَدَتْ الْمَصْلَحَةُ فِي أَحَدِهِمَا وَجَبَ
بِرِضَاهَا (وَ) مُكَاتَبَةُ (صَغِيرٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ يُجْبَرُ الْعَبْدُ عَلَى الْكِتَابَةِ لَا عَلَى عَدَمِهِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ، وَرِضَا الصَّغِيرِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ أَشَارَ لَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ (وَإِنْ بِلَا مَالٍ) لَهُمَا (وَ) لَا (كَسْبٍ) لَهُمَا لَكِنْ لَا بُدَّ مِنْ قُدْرَتِهِمَا عَلَى الْكَسْبِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ
(وَ) جَازَ لِلسَّيِّدِ (بَيْعُ كِتَابَةٍ أَوْ جُزْءٍ) مِنْهَا مُعَيَّنٍ كَرُبُعِهَا وَهِيَ مَعْلُومَةٌ أَوْ نَجْمٍ مَعْلُومٍ فَيُبَاعُ النَّقْدُ بِعَرَضٍ حَالٍّ وَالْعَرَضُ بِعَرَضٍ مُخَالِفٍ أَوْ بِعَيْنٍ حَالٍّ لَا لِأَجَلٍ لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ أَيْ إنْ بَاعَهَا لِغَيْرِ الْعَبْدِ.
وَأَمَّا لَهُ فَجَائِزٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ وَلَا يَكْفِي قُرْبُ غَيْبَتِهِ كَمَا فِي الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ رَقَبَتَهُ مَبِيعَةٌ عَلَى تَقْدِيرِ عَجْزِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مَعْرِفَتِهَا (لَا) بَيْعُ (نَجْمٍ) مِنْ نُجُومِهَا فَلَا يَجُوزُ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ عُلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ، فَإِنْ عَلِمَ قَدْرَهُ وَنِسْبَتَهُ لِبَاقِيهَا جَازَ بَيْعُهُ؛ لِأَنَّ الشِّرَاءَ وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ مَعْلُومٍ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ آنِفًا وَحَيْثُ جَازَ بَيْعُ كُلِّ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْئِهَا (فَإِنْ وَفَّى) ذَلِكَ لِلْمُشْتَرِي وَخَرَجَ حُرًّا (فَالْوَلَاءُ لِلْأَوَّلِ) وَهُوَ الْبَائِعُ لِانْعِقَادِهِ لَهُ وَالْمُشْتَرِي قَدْ اسْتَوْفَى مَا اشْتَرَاهُ (وَإِلَّا) يُوَفِّ (رَقَّ لِلْمُشْتَرِي) إنْ اشْتَرَى الْكِتَابَةَ كُلَّهَا وَقَدْرَ مَا يُقَابِلُ مَا اشْتَرَى إنْ اشْتَرَى بَعْضَهَا وَلَوْ النَّجْمَ الْأَخِيرَ، فَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ وَعَجَزَ رَقَّ لِسَيِّدِهِ
(وَ) جَازَ (إقْرَارُ مَرِيضٍ) كَاتَبَ عَبْدَهُ فِي صِحَّتِهِ (بِقَبْضِهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ مِنْ مُكَاتِبِهِ فَيَخْرُجُ حُرًّا (إنْ وَرِثَ) الْمُقِرُّ حَالَ كَوْنِهِ (غَيْرَ كَلَالَةٍ) بِأَنْ وَرِثَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: بِرِضَاهَا) التَّقْيِيدُ بِذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ الْمَشْهُورِ مِنْ عَدَمِ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَيْهَا أَمَّا عَلَى الْجَبْرِ فَلَا يُشْتَرَطُ رِضَاهَا (قَوْلُهُ: وَمُكَاتَبَةُ صَغِيرٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَشْرَ سِنِينَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَقْلِ الْبَاجِيَّ عَنْهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُمْنَعُ مُكَاتَبَةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ كَذَا فِي بْن نَقْلًا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى عَدَمِهِ) أَيْ وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَجُوزُ مُكَاتَبَتُهُ عَلَى الْقَوْلِ بَعْدَ جَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ فَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِ كِتَابَةِ الصَّغِيرِ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ الْقَوْلُ بِجَبْرِ الْعَبْدِ عَلَى الْكِتَابَةِ
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مَعْلُومَةٌ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي كَمَا لَوْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ أَرْبَعِينَ وَاشْتَرَى الشَّخْصُ رُبُعَهَا حَالَةَ كَوْنِهِ عَالِمًا بِقَدْرِهَا (قَوْلُهُ: لَا لِأَجَلٍ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ النَّقْدِ بِعَرَضٍ لِأَجَلٍ وَلَا بَيْعُ الْعَرَضِ بِعَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَلْزَمَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ) أَيْ بَيْعُ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ) أَيْ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْكِتَابَةِ أَوْ جُزْءٍ مِنْهَا لِأَجْنَبِيٍّ مِنْ حُضُورِ الْمُكَاتَبِ إلَخْ أَيْ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يُشْتَرَطُ حُضُورُهُ وَإِقْرَارُهُ؛ لِأَنَّ الْغَرَرَ فِي الْكِتَابَةِ مُغْتَفَرٌ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الِاغْتِفَارَ إنَّمَا هُوَ فِي عَقْدِهَا؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْعِتْقِ لَا فِي بَيْعِهَا (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الدَّيْنِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِي جَوَازِ بَيْعِهِ حُضُورُ الْمَدِينِ أَوْ قُرْبُ غَيْبَتِهِ.
{تَنْبِيهٌ} لَوْ اطَّلَعَ مُشْتَرِي الْكِتَابَةِ عَلَى عَيْبٍ فِي الْمُكَاتَبِ نُظِرَ، فَإِنْ أَدَّى فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَ لَهُ مَا اشْتَرَاهُ، وَإِنْ عَجَزَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَيَرُدُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ كَالْغَلَّةِ هَذَا مَا اخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ وَقِيلَ لَا يَرُدُّ ذَلِكَ بَلْ يَفُوزُ بِهِ كَالْغَلَّةِ (قَوْلُهُ لَا بَيْعُ نَجْمٍ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ شَخْصٌ لِسَيِّدِ الْمُكَاتَبِ أَشْتَرِي مِنْك النَّجْمَ الَّذِي يَدْفَعُهُ الْعَبْدُ فِي شَهْرِ كَذَا أَوْ النَّجْمَ الْأَوَّلَ أَوْ الْوَسَطَ أَوْ الْأَخِيرَ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ) أَيْ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَنْ اقْتِضَاءِ ذَلِكَ النَّجْمِ أَخَذَ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ وَإِذَا كَانَ النَّجْمُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ أَوْ جُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لَمْ يُعْلَمْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُهُ) أَيْ لِكَوْنِ النُّجُومِ مُخْتَلِفَةَ الْقَدْرِ أَوْ مُتَّفِقَتَهُ لَكِنْ جَهِلَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ النُّجُومِ مِنْهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِقَدْرِهَا (قَوْلُهُ: أَوْ عَلِمَ وَجُهِلَتْ نِسْبَتُهُ لِبَاقِي النُّجُومِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّ ذَلِكَ النَّجْمَ الَّذِي اشْتَرَاهُ رُبُعُ الْكِتَابَةِ أَوْ ثُلُثُهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَى مُعَيَّنٍ) أَيْ وَهُوَ النَّجْمُ أَوْ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا يُوَفِّ) أَيْ بِأَنْ عَجَزَ قَبْلَ أَنْ يُوَفِّيَ الْمُشْتَرِي مَا اشْتَرَاهُ (قَوْلُهُ: وَقُدِّرَ مَا يُقَابِلُ إلَخْ) أَيْ وَرَقَّ قَدْرَ مَا يُقَابِلُ إلَخْ فَهُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي رَقَّ أَيْ رَقَّ هُوَ أَيْ كُلُّهُ وَقُدِّرَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَعَجَزَ) أَيْ عَنْ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهَا بِهِ، وَأَمَّا إنْ وَفَّاهُ لِسَيِّدِهِ خَرَجَ حُرًّا وَكَانَ الْوَلَاءُ لِسَيِّدِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِقْرَارُ مَرِيضٍ بِقَبْضِهَا) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَاتَبَ فِي صِحَّتِهِ وَأَقَرَّ فِي مَرَضِهِ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ وَلَمْ يُتَّهَمْ إنْ تَرَكَ وَلَدًا، وَإِنْ كَانَتْ وَرَثَتُهُ كَلَالَةً أَيْ غَيْرَ وَلَدٍ وَالثُّلُثُ لَا يَحْمِلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ صُدِّقَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ جَازَ عِتْقُهُ وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ مَعَهُ وَالْمُحَابَاةِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَمْ لَا قَالَ الْعَوْفِيُّ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ إذَا اُتُّهِمَ بِالْمَيْلِ لَهُ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَابْنُ الْقَاسِمِ يَرَاهُ كَأَنَّهُ الْآنَ أَوْصَى لَهُ بِالثُّلُثِ وَهُوَ مِمَّنْ تَجُوزُ لَهُ الْوَصِيَّةُ فَلِذَا قَالَ يُصَدَّقُ وَغَيْرُهُ يَرَى أَنَّ إقْرَارَهُ بِقَبْضِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى وَجْهِ الْوَصِيَّةِ بَلْ إنَّمَا هُوَ عَلَى مَعْنَى إخْرَاجِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ فَلَا يَكُونُ مِنْ الثُّلُثِ إلَّا مَا أُرِيدَ بِهِ الثُّلُثُ فَلِذَا قَالَ: إنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَقَدْ اتَّفَقَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ فِيمَا إذَا اُتُّهِمَ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي إقْرَارِهِ وَلَا يَجُوزُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ وَيَبْطُلُ إقْرَارُهُ وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ هَكَذَا فَسَّرَ التُّونُسِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَهُ الطِّخِّيخِيُّ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَفِي ثُلُثِهِ يَحْتَمِلُ عَوْدَهُ لِلْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ
وَلَدٌ وَلَوْ أُنْثَى لِعَدَمِ التُّهْمَةِ حِينَئِذٍ فَالْكَلَالَةُ مَا لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ وَلَوْ كَانَ فِيهَا أَبٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَغَيْرِهَا مَا فِيهَا وَلَدٌ، فَإِنْ وَرِثَهُ كَلَالَةٌ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُهُ صُدِّقَ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْتِقَهُ حِينَئِذٍ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ فَلَا يَعْتِقُ حَتَّى يُؤَدِّيَ النُّجُومَ لِلْوَرَثَةِ أَوْ تَشْهَدَ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْأَدَاءِ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ كَانَ كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ الْجَمِيعَ
(وَ) جَازَ (مُكَاتَبَتُهُ) أَيْ الْمَرِيضِ لِعَبْدِهِ (بِلَا مُحَابَاةٍ) فِي كِتَابَتِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَاتَبَهُ بِمُحَابَاةٍ أَيْ رَخَّصَ بِأَنْ كَانَتْ كِتَابَتُهُ فِي الْوَاقِعِ عِشْرِينَ فَكَاتَبَهُ بِعَشْرَةٍ فَقَدْ حَابَاهُ بِعَشْرَةٍ (فَفِي ثُلُثِهِ) ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ تِلْكَ الْمُحَابَاةَ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مَحْمَلُهُ، فَإِذَا كَانَتْ الْمُحَابَاةُ بِعَشْرَةٍ وَتَرَكَ الْمَيِّتُ عِشْرِينَ فَالْمَجْمُوعُ ثَلَاثُونَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كُلُّهُ وَلَوْ تَرَكَ خَمْسَةً كَانَ الْمَجْمُوعُ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا قَابَلَ خَمْسَةً هُوَ رُبُعُ الْعَبْدِ زِيَادَةً عَلَى نِصْفِهِ الَّذِي فِي مُقَابَلَةِ الْعَشَرَةِ الَّتِي وَقَعَ عَلَيْهَا الْكِتَابَةُ وَأَدَّاهَا فَيَعْتِقُ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَيَرِقُّ رُبُعُهُ لِلْوَرَثَةِ، فَقَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِصُورَةِ الْمُحَابَاةِ فَقَطْ لَا لَهَا وَلِصُورَةِ الْمَرِيضِ إذَا وَرِثَ كَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِيهَا لَمْ يَعْتِقْ إلَّا إذَا أَدَّى جَمِيعَ النُّجُومِ لِلْوَرَثَةِ كَمَا تَقَدَّمَ
(وَ) جَازَتْ (مُكَاتَبَةُ جَمَاعَةٍ) مِنْ عَبِيدٍ (لِمَالِكٍ) وَاحِدٍ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ، فَإِذَا وَقَعَ (فَتَوَزَّعَ عَلَى) قَدْرِ (قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ) وَتُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ (يَوْمَ الْعَقْدِ) لِكِتَابَتِهِمْ لَا بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ، وَإِنْ تَغَيَّرَ الْحَالُّ الْأَوَّلُ وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى قِيمَتِهِمْ فَلَوْ انْعَقَدَتْ عَلَيْهِمْ وَمَعَهُمْ صَغِيرٌ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى الْأَدَاءِ لَمْ يُتْبَعْ بِشَيْءٍ وَلَوْ قَدَرَ بَعْدُ قَبْلَ انْقِضَائِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
خَاصَّةً وَيَكُونُ مَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي الْأُولَى لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَيَكُونُ مَشَى عَلَى قَوْلِ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَعُودَ إلَى الْمَسْأَلَتَيْنِ لَكِنَّ عَوْدَهُ لِلْأُولَى فِيمَا إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَفِي الثَّانِيَةِ حَمَلَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ؛ لِأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ وَغَيْرَهُ يَتَّفِقَانِ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِي الْأُولَى لَا يَجُوزُ إقْرَارُهُ وَيَخْتَلِفَانِ فِيمَا إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ كَمَا عَلِمْته مِنْ كَلَامِ الْعَوْفِيِّ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَاتَبَهُ فِي الصِّحَّةِ وَأَقَرَّ فِي الْمَرَضِ أَنَّهُ قَبَضَهَا مِنْهُ، وَأَمَّا إذَا كَاتَبَهُ فِي الْمَرَضِ وَأَقَرَّ بِقَبْضِهَا فِيهِ، فَإِنَّهُ فِي الثُّلُثِ مُطْلَقًا وَرِثَهُ وَلَدٌ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ سَوَاءٌ وَرِثَ كَلَالَةً أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ وَرَثَتُهُ إمَّا أَنْ يُمْضُوا كِتَابَتَهُ وَإِمَّا أَنْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَحْمَلَ الثُّلُثِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ التُّهْمَةِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُحْرِمُ أَوْلَادَهُ لِأَجْلِ عَبْدِهِ (قَوْلُهُ: مَا لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ) أَيْ الْفَرِيضَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا وَلَدٌ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا مَا فِيهَا وَلَدٌ) أَيْ الْفَرِيضَةُ الَّتِي فِيهَا وَلَدٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْتِقَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ مَجَّانًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُحْجَرُ عَلَى الْمَرِيضِ فِي تَبَرُّعِهِ فِي الثُّلُثِ
(قَوْلُهُ وَمُكَاتَبَتُهُ بِلَا مُحَابَاةٍ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا قَبَضَ الْكِتَابَةَ كَمَا فَرَضَهَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَاتَبَهُ فِي مَرَضِهِ وَقَبَضَ الْكِتَابَةَ ثُمَّ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يُحَابِ فَقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْكِتَابَةَ مِثْلُ الْبَيْعِ فَيَكُونُ حُرًّا وَلَا كَلَامَ لِلْوَرَثَةِ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي أَنَّهَا كَالْعِتْقِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ مَضَى، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثِ الْمَيِّتِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُمْضُوا الْكِتَابَةَ أَوْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا، وَأَمَّا إذَا حَابَاهُ وَقَبَضَهَا فَقَالَ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ تُجْعَلُ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ كُلِّهَا فِي الثُّلُثِ، فَإِنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ جَازَ ذَلِكَ وَخَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُهَا خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ رَدِّهِمْ النُّجُومَ الْمَقْبُوضَةَ إلَى يَدِ الْعَبْدِ ثُمَّ أَعْتَقَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ مِنْ رَقَبَتِهِ بِمَالِهِ بَتْلًا وَبَيْنَ إجَازَةِ مَا فَعَلَهُ الْمَرِيضُ، وَأَمَّا إذَا مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ فِي ثُلُثِهِ مُطْلَقًا كَانَ فِيهَا مُحَابَاةٌ أَمْ لَا، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ مَضَى عَقْدُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ إمْضَاءِ كِتَابَتِهِ أَوْ عِتْقِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ بَتْلًا فَقَدْ عَلِمْت الْأَقْسَامَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِكِتَابَةِ الْمَرِيضِ وَهِيَ إمَّا أَنْ تَكُونَ بِمُحَابَاةٍ أَوْ بِدُونِهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَمُوتَ السَّيِّدُ بَعْدَ قَبْضِ الْكِتَابَةِ أَوْ قَبْلَ قَبْضِهَا اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ فَتِلْكَ الْمُحَابَاةُ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي يَكُونُ فِي ثُلُثِهِ مُحَابَاتُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ عَلِمْت مِمَّا سَبَقَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ أَنَّ الَّذِي فِي ثُلُثِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قِيمَةُ رَقَبَتِهِ لَا مُحَابَاتُهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَمْ يَعْتِقْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ فِيهَا، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ لَكِنَّ رُجُوعَهُ لِلْأُولَى فِيمَا إذَا حَمَلَهُ كُلَّهُ الثُّلُثُ وَلِلثَّانِيَةِ حَمَلَهُ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ فَتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: لِمَالِكٍ وَاحِدٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ تَعَدَّدَ الْمَالِكُ لِلْجَمَاعَةِ مِنْ الْعَبِيدِ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ شَرِكَةٌ فَيَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِعَقْدٍ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ وَتُوَزَّعُ عَلَى قُوَّتِهِمْ وَيَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا قَدْرَ قُوَّةِ عَبْدِهِ، فَإِنْ شَرَطَ حَمَالَةَ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ مُنِعَ وَمَضَى بَعْدَ الْوُقُوعِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمْ بِعَقْدٍ إذَا تَعَدَّدَ الْمَالِكُ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ أَحَدُ الْعَبِيدِ أَوْ مَاتَ أَخَذَ سَيِّدُهُ مَا لِلْآخَرِ بِغَيْرِ حَقٍّ فَيَكُونُ مِنْ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَظَاهِرُهُ اشْتِرَاطُ حَمَالَةِ بَعْضِهِمْ عَنْ بَعْضٍ أَمْ لَا لِمَا عَلِمْت أَنَّهُمْ يَحْمِلُونَ عَلَى الْحَمَالَةِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمْ لَا وَسَحْنُونٌ يَرَى أَنَّ مَحَلَّ حَمْلِهِمْ عَلَى الْحَمَالَةِ مُطْلَقًا إذَا كَانُوا لِمَالِكٍ وَاحِدٍ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ) أَيْ وَلَا تُوَزَّعُ عَلَى عَدَدِهِمْ وَلَا عَلَى قِيمَتِهِمْ وَهَذَا مُقَابِلٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ عَلَى الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ انْعَقَدَتْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَتُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ يَوْمَ الْعَقْدِ لَا بَعْدَ يَوْمِ الْعَقْدِ
(وَهُمْ) أَيْ جَمَاعَةُ الْعَبِيدِ الْمَذْكُورِينَ (وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ) أَيْ طَرَأَتْ زَمَانَتُهُ أَيْ عَجْزُهُ (حُمَلَاءُ) بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ (مُطْلَقًا) اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَمْ لَا بِخِلَافِ حَمَالَةِ الدُّيُونِ إنَّمَا تَكُونُ بِالشَّرْطِ.
وَأَمَّا الزَّمِنُ يَوْمَ الْعَقْدِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَصَالَةً وَلَا حَمَالَةً كَمَا هُوَ مَعْنَى مَا قَبْلَهُ (فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ) مِنْهُمْ (الْجَمِيعُ) وَلَا يَعْتِقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْحَمَالَةِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مِنْ الْمَلِيءِ أَنَّهُمْ لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ أَوْلِيَاءَ لَمْ يَجُزْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ أَحَدِهِمْ مَا عَلَى الْآخَرِ بَلْ يَتْبَعُ كُلًّا بِمَا يَنُوبُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (وَ) إذَا أَخَذَ مِنْ الْمَلِيءِ جَمِيعَ مَا عَلَيْهِ وَعَلَى أَصْحَابِهِ فَالْمُؤَدِّي مِنْهُمْ أَوْ وَارِثُهُ (يَرْجِعُ) عَلَى مَنْ أَدَّى عَنْهُ بِحُكْمِ التَّوْزِيعِ وَمَحَلُّ الرُّجُوعِ (إنْ لَمْ يَعْتِقْ) الْمَدْفُوعُ عَنْهُ (عَلَى الدَّافِعِ) ، فَإِنْ كَانَ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَأَصْلِهِ أَوْ فَرْعِهِ أَوْ أَخِيهِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ (وَلَمْ يَكُنْ) الْمَدْفُوعُ عَنْهُ (زَوْجًا) لِلدَّافِعِ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ (وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُمْ شَيْءٌ) مِنْ النُّجُومِ (بِمَوْتِ وَاحِدٍ) أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُمْ أَوْ عَجْزِهِ بَلْ لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إلَّا وَاحِدٌ لَغَرِمَ الْجَمِيعُ لِكَوْنِهِمْ حُمَلَاءَ عَنْ بَعْضِهِمْ (وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ) عَلَى الْأَدَاءِ أَيْ تَنْجِيزُهُ مَجَّانًا بِشَرْطَيْنِ (إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ) بِذَلِكَ (وَقَوُوا) عَلَى الْأَدَاءِ وَتَسْقُطُ حِينَئِذٍ عَنْهُمْ حِصَّتُهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ عِتْقُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ وَلَا قُوَّتِهِمْ إذَا أَعْتَقَ ضَعِيفًا أَيْ لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى سَعْيٍ وَلَا مَالٍ عِنْدَهُ وَلَوْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ فَيَجُوزُ مُطْلَقًا نَعَمْ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ سَقَطَ عَنْهُمْ مَنَابُهُ.
وَأَمَّا الْعَاجِزُ أَصَالَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ حَتَّى يَسْقُطَ وَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ رَدَّ) عَتَقَ الْقَوِيُّ مِنْهُمْ بِأَنْ لَمْ يَرْضَوْا بِهِ (ثُمَّ عَجَزُوا) عَنْ الْوَفَاءِ (صَحَّ عِتْقُهُ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِرَدِّهِمْ (وَ) جَازَ (الْخِيَارُ فِيهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ أَيْ فِي عَقْدِهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا أَنْ يَجْعَلَ الْخِيَارَ لِصَاحِبِهِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فِي حَلِّ عَقْدِهَا وَفِي إجَازَتِهِ قَلَّ الزَّمَنُ الَّذِي جُعِلَ ظَرْفًا لِلْخِيَارِ أَوْ كَثُرَ وَلَوْ زَادَ عَلَى الشَّهْرِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ
(وَ) جَازَ (مُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ) فِي عَبْدٍ صَفْقَةً وَاحِدَةً (بِمَالٍ وَاحِدٍ) أَيْ مُتَّحِدٌ قَدْرًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَاقْتِضَاءً وَإِلَّا مُنِعَ، فَإِنْ شَرَطَ كُلُّ وَاحِدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ لِنَفْسِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَهُمْ وَإِنْ زَمِنَ أَحَدُهُمْ حُمَلَاءُ مُطْلَقًا) ، فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَهَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ يَصِحُّ الْعَقْدُ وَيُبَدَّلُ الشَّرْطُ اُنْظُرْهُ (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَلِيءِ الْجَمِيعُ) أَيْ فَيَأْخُذُ السَّيِّدُ أَوْ وَارِثُهُ مِنْ الْمَلِيءِ جَمِيعَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ) أَيْ إلَّا بِتَمَامِ الْأَدَاءِ عَنْ الْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: زَوْجًا) أَيْ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، وَإِنَّمَا يُؤْتَى بِالتَّاءِ عِنْدَ خَوْفِ الْإِلْبَاسِ كَمَا فِي الْمِيرَاثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ زَوْجًا لَمْ يَرْجِعْ عَلَيْهِ الدَّافِعُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَمَرَهُ بِالدَّفْعِ عَنْهُ فَهُوَ مُخَالِفٌ لِفِدَاءِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ مِنْ الْكُفَّارِ، فَإِنَّهُ إذَا دَفَعَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ، وَإِنْ دَفَعَ عَنْهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَجْزُهُ) أَيْ أَوْ أَسْرِهِ أَوْ غَصْبِ أَحَدٍ لِذَاتِهِ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَحَقَّ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِمِلْكٍ أَوْ حُرِّيَّةٍ، فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ نَصِيبُ مَنْ اسْتَحَقَّ لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّ السَّيِّدَ كَاتَبَ مَنْ لَا يَمْلِكُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ النُّجُومِ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ عِتْقُ قَوِيٍّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ كَاتَبَهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً بِعَقْدٍ، وَحَاصِلُ أَقْسَامِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٌ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الَّذِي نَجَّزَ السَّيِّدُ عِتْقَهُ لَهُ قُوَّةٌ عَلَى الْأَدَاءِ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى وَفَاءِ الْكِتَابَةِ إلَّا بِهِ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ رَضُوا بِعِتْقِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَا قُوَّةَ لَهُ جَازَ عِتْقُهُ مُطْلَقًا رَضُوا بِعِتْقِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ قُوَّةٌ وَيَقْدِرُونَ عَلَى وَفَاءِ الْكِتَابَةِ بِدُونِهِ جَازَ عِتْقُهُ إنْ رَضُوا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ قُوَّةٌ) أَيْ عَلَى الْوَفَاءِ بِدُونِهِ سَوَاءٌ سَاوَاهُمْ فِي الْقُوَّةِ أَوْ كَانَ أَقْوَى مِنْهُمْ أَوْ أَقَلَّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَرَأَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ عَجْزُهُ وَضَعْفُهُ سَابِقًا عَلَى عَقْدِ الْكِتَابَةِ بَلْ وَلَوْ طَرَأَ عَجْزُهُ وَضَعْفُهُ بَعْدَ عَقْدِهَا (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ طَرَأَ عَلَيْهِ الْعَجْزُ سَقَطَ عَنْهُمْ مَنَابُهُ إلَخْ) الَّذِي فِي الْخَرَشِيِّ وعبق عَنْ الشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ الْقَوِيَّ مِنْهُمْ بِالشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ سَقَطَتْ حِصَّتُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ، وَأَمَّا إذَا أَعْتَقَ مَنْ حَدَثَ لَهُ الضَّعْفُ لَمْ تَسْقُطْ حِصَّتُهُ عَنْ أَصْحَابِهِ وَوُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِمْ كَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَسَلَّمَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وبن (قَوْلُهُ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ) أَيْ وَهُوَ إنْ رَضِيَ الْجَمِيعُ (قَوْلُهُ: لِكَشْفِ الْغَيْبِ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا رَدُّوا لِحَقِّهِمْ وَقَدْ كَشَفَ الْغَيْبَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمْ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي رَدُّوا عِتْقَهُ أَدَّى عَنْهُمْ شَيْئًا قَبْلَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ لَا قَوْلَانِ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنَّمَا أَدَّى فِي حَالِ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا) أَيْ السَّيِّدِ وَالْمُكَاتَبِ وَقَوْلُهُ لِصَاحِبِهِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِأَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلُهُمَا عَلَى سَبِيلِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا إذَا كَانَ أَمَدُهُ قَرِيبًا عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فِي الْبُيُوعِ، وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ أَيْ لِأَنَّهُ يَخَافُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي زَادَ فِي الثَّمَنِ لِوُجُودِ ضَمَانِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مُدَّةَ الْخِيَارِ فَيَكُونُ ضَمَانًا بِجُعْلٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ
(قَوْلُهُ وَمُكَاتَبَةُ شَرِيكَيْنِ إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ يُكَاتِبَاهُ بِمِائَةِ مَحْبُوبٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ خَمْسُونَ مِنْهَا مُنَجَّمَةً ثَلَاثَةَ نُجُومٍ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كُلُّ نَجْمٍ فِي سَنَةٍ فَالْعَقْدُ وَاحِدٌ، وَكَذَلِكَ الْمَالُ مُتَّحِدٌ جِنْسًا وَصِفَةً وَأَجَلًا وَقَدْرًا وَدَخْلًا عَلَى اتِّحَادِ الِاقْتِضَاءِ أَيْ الْقَبْضِ فَلَوْ تَعَدَّدَ الْعَقْدُ بِأَنْ عَقَدَ كُلُّ شَرِيكٍ عَلَى حِصَّتِهِ بِخَمْسِينَ أَوْ اخْتَلَفَ الْقَدْرُ بِأَنْ عَقَدَا مَعًا عَلَى أَنَّ لِأَحَدِهِمَا خَمْسِينَ وَالْآخَرِ مِائَةٌ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ الْآتِي أَوْ بِمَالَيْنِ (قَوْلُهُ: وَاقْتِضَاءً) أَيْ لَا بُدَّ
دُونَ صَاحِبِهِ فَسَدَ الشَّرْطُ وَمَا قَبَضَهُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ نَصِيبِ كُلٍّ (لَا) كِتَابَةُ (أَحَدِهِمَا) دُونَ شَرِيكِهِ فَلَا تَجُوزُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ (أَوْ) كِتَابَتُهُمَا (بِمَالَيْنِ) مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ غَايَرَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْقَدْرِ أَوْ فِي الْجِنْسِ أَوْ فِي الصِّفَةِ وَالْعَقْدُ مُتَّحِدٌ فَلَا يَجُوزُ (أَوْ بِمُتَّحِدٍ) أَيْ بِمَالٍ مُتَّحِدٍ (بِعَقْدَيْنِ) فَلَا يَجُوزُ وَإِذَا لَمْ يَجُزْ (فَيُفْسَخُ) فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعِتْقِ بَعْضِ الْعَبْدِ دُونَ تَقْوِيمٍ لِبَقِيَّتِهِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى مَنْ أَنْشَأَ الْعِتْقَ دُونَ مَنْ أَنْشَأَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْكِتَابَةُ (وَ) جَازَ (رِضَا أَحَدُهُمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ) بِنَجْمٍ حَلَّ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ نَظِيرَ حِصَّتِهِ فِيهِ مِمَّا بَعْدَهُ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ وَإِلَّا مُنِعَ وَفَسَدَ كَمَا قَدَّمَهُ فَالْمُضِرُّ الدُّخُولُ عَلَى ذَلِكَ أَمَّا الرِّضَا بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ الْجَائِزِ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْمَعْرُوفِ، فَإِنْ وَفَّى الْعَبْدُ فَوَاضِحٌ (وَ) إنْ عَجَزَ (رَجَعَ) مَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ صَاحِبِهِ (لِعَجْزٍ) مِنْ الْمُكَاتَبِ (بِحِصَّتِهِ) أَيْ مَا يَخُصُّهُ مِنْ النَّجْمِ الْأَوَّلِ الَّذِي قَبَضَهُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مِنْهُ لَهُ وَكَانَ الْعَبْدُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ إنْ رَضِيَ الشَّرِيكُ قَوْلُهُ (كَأَنْ قَاطَعَهُ) أَيْ قَاطَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ الْعَبْدَ (بِإِذْنِهِ) أَيْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ (مِنْ عِشْرِينَ) حِصَّةُ الْمُقَاطِعِ بِكَسْرِ الطَّاءِ فِي كِتَابَةٍ مُنَجَّمَةٍ (عَلَى عَشْرَةٍ) مُعَجَّلَةٍ وَصُورَتُهَا أَنَّهُمَا كَاتَبَاهُ بِعَقْدٍ وَاحِدٍ بِمَالٍ وَاحِدٍ هُوَ أَرْبَعُونَ دِينَارًا مَثَلًا عِشْرُونَ مِنْهَا تَحِلُّ عَلَى رَأْسِ الْمُحَرَّمِ وَالْأُخْرَى عَلَى رَأْسِ رَجَبٍ أَوْ كَانَتْ كُلُّهَا لِأَجَلٍ وَاحِدٍ فَطَلَبَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْعِشْرِينِ الْأُولَى وَيَتْرُكَ الْأُخْرَى لِصَاحِبِهِ وَأَنْ يُقَاطِعَ الْعَبْدَ بِعَشْرَةٍ مِنْ الْعِشْرِينَ لِيَأْخُذَهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنْ يَدْخُلَا عَلَى اتِّحَادِ الِاقْتِضَاءِ أَيْ الْقَبْضِ أَيْ كُلُّ مَا يُقْبَضُ مِنْ الْعَبْدِ فَهُوَ بَيْنَهُمَا وَلَا يَخْتَصُّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُمَا تَرِكَةً بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَرَضِيَ أَحَدُهُمَا إلَخْ
(قَوْلُهُ: فَسَدَ الشَّرْطُ) أَيْ وَالْعَقْدُ صَحِيحٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: وَمَا قَبَضَهُ بَيْنَهُمَا) أَيْ وَمَا قَبَضَهُ أَحَدُهُمَا لِنَفْسِهِ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (قَوْلُهُ: فِي الْقَدْرِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَاهُ بِخَمْسِينَ دِينَارًا عِشْرُونَ مِنْهَا لِزَيْدٍ وَثَلَاثُونَ مِنْهَا لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: أَوْ الْجِنْسِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَاهُ عَلَى عِشْرِينَ دِينَارًا لِزَيْدٍ وَعَشْرَةِ أَثْوَابٍ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ: أَوْ فِي الصِّفَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَاتَبَاهُ عَلَى عَشْرَةٍ خَمْسَةٍ يَزِيدِيَّةٍ لِزَيْدٍ وَخَمْسَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ أَوْ بِمُتَّحِدٍ بِعَقْدَيْنِ) أَيْ بِأَنْ يُكَاتِبَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا لَكِنْ كُلُّ وَاحِدٍ كَاتَبَهُ بِعَقْدٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ لَوْ قِيلَ بِالْجَوَازِ لَأَدَّى لِمَا ذَكَرَ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي عَبْدٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ الْعَدْلِ» كَذَا فِي الْمُوَطَّإِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَأَمَّا فِيمَا بَعْدَهَا فَلِأَنَّهُ رُبَّمَا أَدَّى لِعِتْقِ بَعْضِ الْعَبْدِ وَهُوَ حِصَّةُ مَنْ قَبَضَ نُجُومَهُ دُونَ أَنْ يُقَوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةَ شَرِيكِهِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّعْلِيلَ مُحَقَّقٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَبِالْمَظِنَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ دُونَ مَنْ أَنْشَأَ سَبَبَهُ وَهُوَ الْكِتَابَةُ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَتِنَا (قَوْلُهُ: وَجَازَ رِضَا أَحَدِهِمَا إلَخْ) أَيْ جَازَ بَعْدَ دُخُولِهِمَا عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الِاقْتِضَاءِ رِضَا أَحَدِهِمَا بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ وَيَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الرِّضَا بِالتَّقْدِيمِ جَوَازُ قُدُومِ الْآخَرِ عَلَى الْأَخْذِ فَالْمُصَنِّفُ تَكَلَّمَ عَلَى الطَّرَفَيْنِ أَحَدِهِمَا صَرَاحَةً وَالْآخَرِ الْتِزَامًا وَقَوْلُهُ بِتَقْدِيمِ الْآخَرِ أَيْ بِتَقْدِيمِهِ الْآخَرَ فَهُوَ مِنْ الْمُتَعَدِّي أَوْ بِتَقْدِيمِهِ لِلْآخَرِ فَهُوَ مِنْ اللَّازِمِ (قَوْلُهُ: عَلَى أَنْ يَأْخُذَ الْآخَرُ نَظِيرَ حِصَّتِهِ فِيهِ مِمَّا بَعْدَهُ) أَيْ بِحَيْثُ يَأْخُذُ مَا بَعْدَهُ كُلَّهُ إنْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا مُنَاصَفَةً أَوْ يَأْخُذُ ثُلُثَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ ثُلُثُهُ وَلِمَنْ أَخَذَ النَّجْمَ الْأَوَّلَ ثُلُثَاهُ (قَوْلُهُ: وَفَسَدَ) أَيْ الشَّرْطُ لَا الْعَقْدُ وَقَوْلُهُ كَمَا قَدَّمَهُ الْأَوْلَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَتَقَدَّمُ ذَلِكَ لِلشَّارِحِ لَا لَلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: فَالْمُضِرُّ الدُّخُولُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَفَّى الْعَبْدُ) أَيْ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَتَقَدَّمْ فَوَاضِحٌ.
(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ لِعَجْزِهِ بِصِحَّتِهِ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْكِتَابَةَ إذَا حَلَّتْ كُلُّهَا فَأَخَذَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ جَمِيعَ حَظِّهِ مِنْهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلَا رُجُوعَ لَلشَّرِيك عَلَى الْقَابِضِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا قَبَضَ الَّذِي لَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَتَرْكُهُ لَهُ خِلَافًا لِإِطْلَاقِ الْمُصَنِّفِ وَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ وَاحِدٌ وَأَتَى الْمُكَاتَبُ بِجَمِيعِهِ فَقَالَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِلْآخَرِ آثِرْنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ النَّجْمَ الْمُسْتَقْبَلَ فَآثَرَهُ بِهِ ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَلِلْآذِنِ الرُّجُوعُ عَلَى الْآخَرِ بِحِصَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسَلِّفٌ لَهُ وَإِذَا حَلَّ نَجْمٌ وَاحِدٌ وَأَتَى الْمُكَاتَبُ بِبَعْضِهِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ قَالَ الشَّرِيكُ آثِرْنِي بِهِ وَخُذْ أَنْتَ حَقَّك مِنْ النَّجْمِ الثَّانِي فَهَذَا سَلَفٌ يَرْجِعُ بِهِ الشَّرِيكُ عَلَى شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، وَإِنْ قَالَ: آثِرْنِي بِهِ وَانْظُرْ الْمُكَاتَبَ بِحَقِّك الْبَاقِي مِنْ هَذَا النَّجْمِ الْحَالِّ أَوْ طَلَبَ الْمُكَاتَبُ ذَلِكَ فَفَعَلَ الشَّرِيكُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَبِهِ يَتَّضِحُ لَك فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الْإِجْمَالِ وَفِي كَلَامِ عبق وخش مِنْ التَّخْلِيطِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ مَنْ رَضِيَ بِتَقْدِيمِ صَاحِبِهِ) أَيْ عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي قَدْ أَخَذَ (قَوْلُهُ: وَشَبَّهَ فِي الْجَوَازِ) أَيْ دُونَ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّ الرُّجُوعَ هُنَا لَيْسَ كَالرُّجُوعِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَلِذَا صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهِ بِقَوْلِهِ، فَإِنْ عَجَزَ خُيِّرَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فِي كِتَابَةٍ مُنَجَّمَةٍ) صِفَةٌ لِعِشْرِينَ أَيْ كَائِنَةً فِي كِتَابَةِ مُنَجَّمَةٍ.
(قَوْلُهُ كَأَنْ قَاطَعَهُ إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْعَبْدَ إنْ كَانَ شَرِكَةً بَيْنَ اثْنَيْنِ وَكَاتَبَاهُ بِأَرْبَعِينَ مُؤَجَّلَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا اسْتَأْذَنَ شَرِيكَهُ فِي أَنْ يُقَاطِعَ الْعَبْدَ عَلَى عَشْرَةٍ مُعَجَّلَةٍ عِوَضًا عَنْ عِشْرِينَ الْمُؤَجَّلَةِ فَأَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ فَدَفَعَهَا لَهُ الْعَبْدُ ثُمَّ عَجَزَ
مُعَجَّلَةٍ فَأَذِنَ لَهُ شَرِيكُهُ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، فَإِذَا أَخَذَ الْعَشَرَةَ عَنْ الْعِشْرِينَ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُوَفِّيَ الْعِشْرِينَ الْبَاقِيَةَ لَلشَّرِيكِ الثَّانِي أَوْ لَا (فَإِنْ عَجَزَ) الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ الْعِشْرِينَ الْأُخْرَى لَلشَّرِيكِ الْآخَرِ (خُيِّرَ الْمُقَاطِعُ) بِكَسْرِ الطَّاءِ (بَيْنَ رَدِّ مَا فَضَلَ بِهِ شَرِيكَهُ) وَقَدْ فَضَلَهُ بِخَمْسَةٍ فَيَرُدُّهَا لَهُ وَيَبْقَى الْعَبْدُ رِقًّا لَهُمَا (وَبَيْنَ إسْلَامِ حِصَّتِهِ) مِنْ الْعَبْدِ (رِقًّا) لِلَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رِقًّا لَهُ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْآذِنَ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا، فَإِنْ قَبَضَ دُونَ الْمَأْذُونِ دَفَعَ لَهُ الْمَأْذُونُ مِمَّا قَبَضَهُ مَا يُسَاوِيهِ فِيهِ، فَإِذَا قَبَضَ الْآذِنُ سِتَّةً دَفَعَ لَهُ الْمَأْذُونُ اثْنَيْنِ لِيُكَمِّلَ لِكُلٍّ ثَمَانِيَةً.
وَأَمَّا لَوْ قَبَضَ مِثْلَ مَا قَبَضَ الْمُقَاطِعُ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُقَاطِعِ وَيَرْجِعُ الْعَبْدُ بَيْنَهُمَا رِقًّا وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُقَاطِعِ (عَلَى الْآذِنِ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ) فَلَيْسَ هَذَا مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ التَّخْيِيرِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَثْبُتُ إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْآذِنُ شَيْئًا أَوْ قَبَضَ الْأَقَلَّ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ، وَإِنْ أُجِيبَ بِأَنَّهَا لِلْحَالِ وَأَنَّ مِثْلَ قَبْضِ الْأَكْثَرِ قَبْضُ الْمُسَاوِي بِالْأَوْلَى وَلَوْ قَالَ لَا إنْ قَبَضَ مِثْلَهُ فَأَكْثَرَ لَكَانَ أَخَصْرَ وَأَوْضَحَ أَيْ فَلَا يُخَيَّرُ (فَإِنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ بَعْدَ أَخْذِ الْمُقَاطِعِ مَا قَاطَعَ بِهِ عَنْ مَالٍ (أَخَذَ الْآذِنُ مَالَهُ) أَيْ جَمِيعَ مَالِهِ أَيْ الْآذِنُ وَهُوَ الْعِشْرُونَ (بِلَا نَقْصٍ) حَلَّتْ الْكِتَابَةُ أَوْ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِالْمَوْتِ (إنْ تَرَكَهُ) أَيْ تَرَكَ الْمَالَ ثُمَّ يَكُونُ مَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ بَيْنَ الَّذِي قَاطَعَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا فِي الْمُكَاتَبِ (وَإِلَّا) يَتْرُكْ مَالًا (فَلَا شَيْءَ لَهُ) أَيْ لِلْآذِنِ عَلَى الْمُقَاطِعِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْقَطَاعَةَ كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا قَبَضَ الْآذِنُ شَيْئًا أَوْ لَا (وَعِتْقُ أَحَدُهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَلَا يَخْلُو حَالُ الْعَبْدِ إمَّا أَنْ يَعْجِزَ قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ شَيْئًا أَوْ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ لَهُ أَقَلَّ مِمَّا دَفَعَ لِلْمُقَاطِعِ أَوْ بَعْدَ أَنْ دَفَعَ لَهُ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ فَفِي هَذِهِ الْأُولَى يُخَيَّرُ الشَّرِيكُ الْمُقَاطِعُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ نِصْفَ الْعَشَرَةِ الَّتِي قَبَضَهَا وَيَكُونُ الْعَبْدُ رِقًّا بَيْنَهُمَا أَوْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ رِقًّا لِلْآذِنِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رِقًّا لِلْآذِنِ وَفِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ يُخَيَّرُ الْمُقَاطِعُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ مِمَّا أَخَذَ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى يَتَسَاوَيَا وَيَكُونُ الْعَبْدُ رِقًّا لَهُمَا وَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَ حِصَّتَهُ لِلْآذِنِ فَيَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رِقًّا لَهُ وَالتَّخْيِيرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَا فِي الْمُوَطَّإِ وشب وعبق والمج خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ أَنَّهُ لَا تَخْيِيرَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَى الْمُقَاطِعِ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ مِمَّا أَخَذَ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى يَتَسَاوَيَا وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ الثَّالِثَةِ وَالرَّابِعَةِ لَا خِيَارَ لِلْمُقَاطِعِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْآذِنِ بِشَيْءٍ وَالْعَبْدُ رِقٌّ بَيْنَهُمَا أَمَّا عَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ بِشَيْءٍ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَبَضَهُ الْآذِنُ قَدْرَ مَا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ وَعَدَمُ رُجُوعِهِ عَلَيْهِ فِي الرَّابِعَةِ مَعَ أَنَّ الْآذِنَ قَدْ قَبَضَ أَكْثَرَ مِمَّا قَبَضَهُ الْمُقَاطِعُ؛ لِأَنَّ الْمُقَاطِعَ قَدْ رَضِيَ بِبَيْعِ نَصِيبِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ الْكِتَابَةَ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا قَاطَعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، فَإِنْ قَاطَعَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَلَا يَجُوزُ وَتَبْطُلُ الْقَطَاعَةُ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهَا قَبْلَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ، فَإِنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَهُ، فَإِنْ قَبَضَ شَرِيكُهُ الَّذِي لَمْ يُقَاطِعْ مِثْلَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ قَبَضَ أَقَلَّ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ شَيْئًا خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يُسَاوِيَ الْمُقَاطِعَ فِيمَا قَبَضَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَتَمَلَّكَ حِصَّتَهُ، فَإِنْ اخْتَارَ الثَّانِيَ انْقَلَبَ الْخِيَارُ لِلْآخَرِ الَّذِي قَاطَعَ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ حِصَّتَهُ مِمَّا قَبَضَهُ وَالِاشْتِرَاكُ فِي الْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ مَا فَضَلَ بِهِ شَرِيكَهُ) أَيْ مَا زَادَ بِهِ عَلَى شَرِيكِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَ) أَيْ الْآذِنُ وَقَوْلُهُ دُونَ الْمَأْذُونِ أَيْ أَقَلَّ مِمَّا قَبَضَهُ الْمَأْذُونُ (قَوْلُهُ دَفَعَ لَهُ الْمَأْذُونُ مِمَّا قَبَضَهُ مَا يُسَاوِيهِ) أَيْ إنْ أَحَبَّ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْفَعْ وَسَلَّمَ حِصَّتَهُ لِلْآذِنِ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ خش مِنْ أَنَّهُ لَا خِيَارَ لِلْمَأْذُونِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ يَدْفَعَ لِلْآذِنِ مِمَّا أَخَذَ عَلَى مَا قَبَضَ حَتَّى يَتَسَاوَيَا (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ الْوَاوِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ، وَإِنْ قَبَضَ الْأَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْكَلَامِ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَجَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ فَاسِدٌ وَذَلِكَ لِشُمُولِهَا لِقَبْضِ الْأَقَلِّ الَّذِي فِيهِ التَّخْيِيرُ وَالْمُسَاوِي وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ نَفْيُ الرُّجُوعِ بِالنَّظَرِ لَهُمَا؛ لِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعٌ عَنْ صِحَّةِ ثُبُوتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا لِلْحَالِ) أَيْ وَالْمَعْنَى لَا رُجُوعَ لِلْمُقَاطِعِ عَلَى الْآذِنِ فِي حَالِ قَبْضِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُقَاطِعِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ مَثَّلَ قَبْضَ الْأَكْثَرِ قَبْضَ الْمُسَاوِي بِالْأَوْلَى) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُ الْمُقَاطِعِ عَلَى الْآذِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ حَتَّى يَنْفِيَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ إلَخْ) الْمَوْضُوعُ بِحَالِهِ وَهُوَ أَنَّ الْمَكَاتِبَ كَاتَبَهُ سَيِّدَاهُ عَلَى أَرْبَعِينَ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا قَاطَعَهُ عَلَى عَشْرَةٍ بَدَلَ عِشْرِينَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ وَقَبَضَهَا مِنْهُ إلَّا أَنَّ الْمُكَاتِبَ قَدْ مَاتَ عَنْ مَالٍ بَعْدَ أَدَاءِ الْقَطَاعَةِ فَالْحُكْمُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْآذِنَ يَأْخُذُ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ جَمِيعَ مَالِهِ مِنْ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ قُسِّمَ بَيْنَ الْمُقَاطِعِ وَالْآذِنِ عَلَى قَدْرِ حِصَصِهِمَا، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ قَبْلَ أَدَاءِ الْقَطَاعَةِ عَنْ مَالٍ أَخَذَ الْمُقَاطِعُ مَا قَطَعَ بِهِ وَأَخَذَ الْآذِنُ حِصَّتَهُ مِنْ النُّجُومِ وَاشْتَرَكَا فِيمَا بَقِيَ، فَإِنْ لَمْ يَفِ مَالُ الْمُكَاتَبِ الَّذِي تَرَكَهُ بِمَا لِلْمُقَاطِعِ وَمَا لِلْآذِنِ تَحَاصَّا فِيهِ بِحَسَبِ مَا لِكُلٍّ فَيُحَاصِصُ الْمُقَاطِعُ بِعَشْرَةِ الْقَطَاعَةِ وَالْآخَرُ بِعِشْرِينَ (قَوْلُهُ: عَنْ مَالٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ أَحَدُهُمَا) أَيْ وَإِتْيَانُ أَحَدِهِمَا بِصِيغَةِ الْعِتْقِ وَقَوْلُهُ وَضَعَ لِمَالِهِ أَيْ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ النُّجُومِ، فَإِذَا قَالَ: نَصِيبِي مِنْ الْمُكَاتَبِ حُرٌّ أَوْ قَالَ أَعْتَقْت نَصِيبِي فِي عَبْدِي فُلَانٍ وَهُوَ مُكَاتَبٌ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى وَضْعِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَفَكَّ الرَّقَبَةِ مِنْ الرِّقِّيَّةِ بَلْ قَصَدَ وَضْعَ الْمَالِ
فِي صِحَّتِهِ (وَضْعٌ لِمَا لَهُ) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ لِلَّذِي لَهُ مِنْ النُّجُومِ وَلَيْسَ بِعِتْقٍ حَقِيقَةً، فَإِذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ سَقَطَ عَنْهُ نِصْفُ كُلِّ نَجْمٍ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ نَصِيبِ الْآخَرِ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ خَفَّفَ عَنْهُ لِتَتِمَّ لَهُ الْحُرِّيَّةُ فَلَمَّا لَمْ تَتِمَّ رَجَعَ رَقِيقًا وَقَدْ حَلَّ لَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ (إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ) بِأَنْ يُصَرِّحَ بِأَنَّ قَصْدَهُ الْعِتْقُ حَقِيقَةً لَا الْوَضْعَ أَوْ يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ بِقَرِينَةٍ فَيَعْتِقُ الْآنَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ فَقَوْلُهُ وَعِتْقُ أَحَدِهِمَا وَضْعٌ أَيْ إذَا قَصَدَ الْوَضْعَ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُ وَقَوْلُهُ إلَّا إنْ قَصَدَ الْعِتْقَ أَيْ فَكَّ الرَّقَبَةَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ أَوْ قَرِينَةٍ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ اسْتِثْنَاءُ الشَّيْءِ مِنْ نَفْسِهِ (كَإِنْ فَعَلْت) كَذَا بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّهَا (فَنِصْفُك حُرٌّ) تَشْبِيهُ فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ غَيْرُ تَامٍّ (فَكَاتَبَهُ ثُمَّ فَعَلَ) الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ (وَضَعَ) عَنْ الْمُكَاتَبِ (النِّصْفَ) أَيْ نِصْفَ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يَكْتَفِ عَنْ الْجَوَابِ بِالتَّشْبِيهِ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ أَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ إذْ يُوضَعُ النِّصْفُ فِي هَذَا وَلَوْ قَصَدَ فَكَّ الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالِ النُّفُوذِ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ حَقِيقَةً لِتَعَلُّقِ الْبَيْعِ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ فَلَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ حَالَ النُّفُوذِ ثُمَّ إنْ أَدَّى النِّصْفَ الَّذِي بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ خَرَجَ حُرًّا (وَرَقَّ كُلُّهُ إنْ عَجَزَ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ مَا بَعْدَ الْكَافِ وَمَا قَبْلَهَا مِمَّا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ
وَلَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتَبِ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ إلَّا فِي التَّبَرُّعِ وَالْمُحَابَاةِ الَّتِي تُؤَدِّي إلَى عَجْزِهِ فَيُمْنَعُ مِنْهَا؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ عَقْدٌ يُتَرَقَّبُ بِهِ عِتْقُ الْعَبْدِ فَمَا كَانَ بِعِوَضٍ جَازَ وَمَا لَا فَلَا نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ (وَلِلْمُكَاتَبِ بِلَا إذْنٍ) مِنْ سَيِّدِهِ (بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ وَمُشَارَكَةٌ وَمُقَارَضَةٌ وَمُكَاتَبَةٌ) لِرَقِيقِهِ لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ عَجَزَ الْأَعْلَى أَدَّى الْأَسْفَلُ إلَى السَّيِّدِ الْأَعْلَى وَعَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَلَا يَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ الْأَسْفَلُ إنْ عَتَقَ بَعْدَ ذَلِكَ (وَاسْتِخْلَافُ عَاقِدٍ لِأَمَتِهِ) أَيْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ أَمَتَهُ وَيَسْتَخْلِفَ أَيْ يُوَكِّلَ مَنْ يَعْقِدُ لَهَا وُجُوبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاشِرُ ذَلِكَ لِشَائِبَةِ الرِّقِّ فِيهِ (وَ) لَهُ (إسْلَامُهَا) أَيْ الذَّاتِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَلَوْ ذَكَرًا فِي جِنَايَتِهَا (أَوْ فِدَاؤُهَا) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (إنْ جَنَتْ) تِلْكَ الذَّاتُ وَقَوْلُهُ (بِالنَّظَرِ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ لَا قَصَدَ لَهُ أَصْلًا أَمَّا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ الْعِتْقَ وَفَكَّ الرَّقَبَة مِنْ الرِّقِّيَّةِ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ إنْ عَجَزَ وَكَانَ مُوسِرًا بِقِيمَتِهَا (قَوْلُهُ: فِي صِحَّتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ أَعْتَقَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ فِي مَرَضِهِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا حَقِيقَةً لَا وَضْعًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ عَجَزَ وَرَقَّ لِلْوَرَثَةِ لَمْ يُنْفِذُوا وَصِيَّةَ الْمَيِّتِ وَهُوَ قَدْ أَرَادَ إنْفَاذَهَا وَأَنْ لَا يَعُودَ لَهُمْ شَيْءٌ مِنْهُ، وَأَمَّا الصَّحِيحُ، فَإِنَّمَا أَرَادَ التَّخْفِيفَ عَنْ الْمُكَاتَبِ وَأَنَّهُ إنْ عَجَزَ كَانَ رِقًّا لَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ اهـ عبق (قَوْلُهُ وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنِهِ لَيْسَ عِتْقًا حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَرِقُّ كُلُّهُ) أَيْ لَهُمَا (قَوْلُهُ: وَقَدْ حَلَّ لَهُ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقَ حِصَّتَهُ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ فَلَا رُجُوعَ لِمَنْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: إلَّا إنْ قَصَدَ) أَيْ بِصِيغَةِ الْعِتْقِ الْعِتْقَ حَقِيقِيَّةً (قَوْلُهُ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ بِشَرْطِهِ) أَيْ وَهُوَ يَسَارُهُ بِقِيمَتِهَا، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا لِلشَّرِيكِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ انْعَقَدَ لِشَرِيكِهِ الْآخَرِ بِالْكِتَابَةِ، وَإِنْ تَوَقَّفَ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ فَلَوْ قَوَّمْنَاهُ الْآنَ لَكَانَ فِيهِ نَقْلٌ لِلْوَلَاءِ وَهُوَ لَا يَصِحُّ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ (قَوْلُهُ: كَأَنْ فَعَلْت إلَخْ) أَشْعَرَ قَوْلُهُ كَأَنْ فَعَلْت إلَى أَنَّ مَحَلَّ وَضْعِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ عَنْ الْمُكَاتَبِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَ نِصْفِهِ عَلَى أَمْرٍ ثُمَّ كَاتَبَهُ ثُمَّ حَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ، فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ كَنِصْفُكَ حُرٌّ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَنِصْفُك حُرٌّ ثُمَّ كَاتَبَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ أَيْ عَزَمَ عَلَى عَدَمِ الْفِعْلِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ عِتْقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ أَيْ أَنَّهُ يُعْتِقُ كُلُّهُ بَعْضَهُ عَمَلًا بِالصِّيغَةِ وَبَعْضَهُ بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: فِيمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ) فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ أَنَّ هَذَا مُشَبَّهُهُ بِمَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي مُطْلَقِ وَضْعِ النِّصْفِ عَنْ الْعَبْدِ.
(قَوْلُهُ: وُضِعَ النِّصْفُ) أَيْ حُمِلَ ذَلِكَ عَلَى وَضْعِ نِصْفِ الْكِتَابَةِ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى عِتْقِ نِصْفِهِ، وَإِنْ كَانَ قَاصِدًا بِهِ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ لِإِفَادَتِهِ بِالْجَوَابِ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ تَرَكَهُ لَاقْتَضَى تَمَامَ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إذْ يُوضَعُ النِّصْفُ فِي هَذَا) أَيْ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ قَصَدَ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا فِي الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَإِنَّهُ يُوضَعُ عَنْهُ وَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ إذَا لَمْ يَقْصِدْ فَكَّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ فَكَّ الرَّقَبَةِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ إذْ لَا يَتَأَتَّى هُنَا إلَّا قَصْدُ الْعِتْقِ لَا قَصْدُ وَضْعِ الْمَالِ إذْ هُوَ لَمْ يُكَاتِبْهُ إلَّا بَعْدُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي حَالِ النُّفُوذِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ، وَإِنْ كَانَ حَالَ الصِّيغَةِ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ قَطْعًا وَنِيَّةُ الْعِتْقِ حَصَلَتْ حِينَئِذٍ إلَّا أَنَّهُ حَالَ النُّفُوذِ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَبَرُ لَمْ يَكُنْ فِي مِلْكِ سَيِّدِهِ فَلَمْ يَكُنْ لِنِيَّةِ الْعِتْقِ تَأْثِيرٌ فِي حَالِ النُّفُوذِ فَلِذَا حُمِلَتْ الصِّيغَةُ عَلَى الْوَضْعِ لَا عَلَى الْعِتْقِ
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَتْ تَصَرُّفَاتُ الْمُكَاتِبِ) أَيْ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَالْحُرِّ) أَيْ فِي عَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَمَا كَانَ بِعِوَضٍ جَازَ) أَيْ فَمَا كَانَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِعِوَضٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ يُعَيِّنُ عَلَيْهِ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: وَمَا لَا فَلَا) أَيْ وَمَا كَانَ مِنْ تَصَرُّفَاتِهِ بِلَا عِوَضٍ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِعَجْزٍ (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَا بَعْدَهُ أَعْنِي قَوْلَهُ بَيْعٍ وَاشْتِرَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمُقَارَضَةٌ) بِالْقَافِ وَالرَّاءِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ، وَأَمَّا نُسْخَةُ وَمُفَاوَضَةٌ بِالْفَاءِ وَالْوَاوِ فَيُغْنِي عَنْهَا قَوْلُهُ وَمُشَارَكَةٌ وَنُسْخَةُ وَمُعَاوَضَةٌ بِالْعَيْنِ يُغْنِي عَنْهَا بَيْعٌ وَاشْتِرَاءٌ (قَوْلُهُ: لِابْتِغَاءِ الْفَضْلِ) أَيْ لِأَجْلِ طَلَبِ الزِّيَادَةِ كَأَنْ يُكَاتِبَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ) أَيْ ذَلِكَ الْأَسْفَلُ (قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْأَعْلَى (قَوْلُهُ: وَاسْتِخْلَافُ إلَخْ) الْأَوْلَى وَتَزْوِيجُ أَمَتِهِ أَيْ وَاسْتَخْلَفَ عَاقِدًا لَهَا؛ لِأَنَّ الْمُخَيَّرَ فِيهِ تَزْوِيجُهَا، وَأَمَّا
وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ إلَّا فِي تَزْوِيجِ أَمَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ نَقْصٌ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ
(وَ) لَهُ (سَفَرٌ) قَرِيبٌ بِغَيْرِ إذْنٍ (لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ وَ) لَهُ (إقْرَارٌ فِي رَقَبَتِهِ) أَيْ ذِمَّتِهِ كَدِينٍ وَكَذَا فِي بَدَنِهِ كَحَدٍّ وَتَعْزِيرٍ (وَ) لَهُ (إسْقَاطُ شُفْعَتَهُ لَا عِتْقُ) لِرَقِيقِهِ فَلَيْسَ لَهُ بِغَيْرِ إذْنٍ (وَإِنْ قَرِيبًا) لَهُ كَوَلَدِهِ وَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ (وَ) لَا (هِبَةٌ) مِنْ مَالِهِ لِغَيْرِ ثَوَابٍ (وَ) لَا (صَدَقَةٌ) إلَّا بِالتَّافِهِ كَكِسْرَةٍ (وَ) لَا (تَزْوِيجٌ) بِغَيْرِ إذْنٍ لِسَيِّدِهِ رَدُّهُ وَلَوْ بَعْدَ دُخُولِهِ وَلَهَا حِينَئِذٍ رُبُعُ دِينَارٍ وَلَا تَتْبَعُهُ بِمَا زَادَ إنْ عَتَقَ وَالصَّوَابُ تَعْبِيرُهُ بِتَزَوُّجٍ دُونَ تَزْوِيجٍ؛ لِأَنَّ التَّزْوِيجَ فِعْلُهُ بِالْغَيْرِ وَالتَّزَوُّجُ فِعْلُهُ لِنَفْسِهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ تَزْوِيجٌ أَنَّ لَهُ التَّسَرِّيَ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّسَرِّيَ لَا يَعِيبُهُ بِخِلَافِ التَّزَوُّجِ (وَ)(لَا إقْرَارٌ بِجِنَايَةٍ خَطَأٍ وَ)(لَا سَفَرٌ بَعْدُ) ، وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فِيهِ نَجْمٌ كَقَرِيبٍ يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ (إلَّا بِإِذْنٍ) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ حَتَّى الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَلَمَّا كَانَتْ الْكِتَابَةُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ فَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَلَا لِلْعَبْدِ حَلُّهَا إلَّا لِعُذْرٍ
قَالَ (وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ) بَعْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ كُلِّهَا فَيَرْجِعُ رَقِيقًا (إنْ اتَّفَقَا) أَيْ الْمُكَاتَبُ وَسَيِّدُهُ عَلَيْهِ (وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ) ؛ لِأَنَّ حَقَّ اللَّهِ قَدْ ارْتَفَعَ بِالْعُذْرِ وَهُوَ ظُهُورُ الْعَجْزِ وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ لِلرَّفْعِ إلَى الْحَاكِمِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فَلَيْسَ لِمَنْ أَرَادَهُ تَعْجِيزٌ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْحَاكِمُ بِالِاجْتِهَادِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الِاسْتِخْلَافُ فَهُوَ وَاجِبٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُخَيَّرُ إنْ شَاءَ زَوَّجَهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُزَوِّجْهَا وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِخْلَافُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْمُكَاتَبُ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى النَّظَر فَلَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِهِ) أَيْ النَّظَرِ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا رَدَّ سَيِّدُهُ نِكَاحَهَا
(قَوْلُهُ: وَلَهُ سَفَرٌ قَرِيبٌ بِغَيْرِ إذْنٍ لَا يَحِلُّ فِيهِ نَجْمٌ) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْهُ لَا بَعِيدٌ مُطْلَقًا حَلَّ فِيهِ نَجْمٌ أَوْ لَا أَوْ قَرِيبٌ حَلَّ فِيهِ نَجْمٌ فَلَيْسَ لَهُ السَّفَرُ وَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ ذِمَّتِهِ) هَذَا تَفْسِيرُ مُرَادٍ وَقَدْ صَوَّبَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَخْتَصُّ بِهِ الْمُكَاتَبُ دُونَ الْقِنِّ، وَأَمَّا الْإِقْرَارُ فِي الرَّقَبَةِ، فَإِنْ كَانَ بِحَدٍّ وَقَطْعٍ فَيُقْبَلُ حَتَّى مِنْ الْقِنِّ أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ بِمَالٍ كَالْجِنَايَةِ خَطَأٌ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا كَمَا يَأْتِي وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ مَا يَرْجِعُ لِلْمَالِ فِي الذِّمَّةِ كَالدَّيْنِ وَهَذَا يَقْبَلُ الْإِقْرَارَ بِهِ مِنْ الْمُكَاتَبِ دُونَ الْقِنِّ وَمَا يَرْجِعُ لِلْمَالِ فِي الرَّقَبَةِ وَهَذَا لَا يُقْبَلُ مِنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَمَا يَرْجِعُ لِلرَّقَبَةِ فَقَطْ مِنْ حَدٍّ وَقَطْعٍ وَهَذَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا مَعًا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: كَدَيْنٍ) أَيْ كَالْإِقْرَارِ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ وَإِلَّا أُلْغِيَ كَمَا يُلْغَى إقْرَارُهُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا إذَا اسْتَحْيَاهُ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُتَّهَمُ عَلَى تَوَاطُئِهِ مَعَ الْوَلِيِّ عَلَى الْفِرَارِ مِنْ سَيِّدِهِ بِإِقْرَارِهِ الْمَذْكُورِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْكِنُ الْوَلِيُّ مِنْ أَخْذِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّ ذَلِكَ الْوَلِيِّ الْمُقِرِّ لَهُ مِنْ الْقِصَاصِ إذَا طَلَبَهُ بَعْدَ أَنْ مَنَعَ مِنْ أَخْذِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَيَدَّعِي الْجَهْلَ فَيَحْلِفُ وَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ إسْقَاطُ شُفْعَتِهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِذَا أَسْقَطَ الْأَخْذَ بِالشُّفْعَةِ وَكَانَ فِي الْأَخْذِ بِهَا نَظَرٌ كَانَ لِسَيِّدِهِ الْأَخْذُ وَلَا عِبْرَةَ بِإِسْقَاطِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَرِيبًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ قَرِيبِهِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ كَوْنُ الْمَالِكِ حُرًّا كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلِلسَّيِّدِ رَدُّهُ) أَيْ رَدُّ عِتْقِهِ وَلَوْ لِقَرِيبِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَزْوِيجَ بِغَيْرِ إذْنٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ نَظَرًا أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَعِيبُهُ (قَوْلُهُ: وَلِسَيِّدِهِ رَدُّهُ) أَيْ التَّزْوِيجِ بِطَلْقَةٍ بَائِنَةٍ أَيْ وَلَهُ إجَازَتُهُ وَإِذَا أَجَازَهُ جَازَ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِرِضَاهُمْ، فَإِنْ كَانُوا صِغَارًا فُسِخَ تَزَوُّجُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ رَضُوا أَمْ لَا أَجَازَهُ السَّيِّدُ أَمْ لَا وَلَا عِبْرَةَ بِرِضَاهُمْ وَلَا بِإِجَازَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: وَلَهَا حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ رَدَّهُ السَّيِّدُ بَعْدَ الدُّخُولِ رُبُعُ دِينَارٍ، وَأَمَّا إنْ رَدَّهُ قَبْلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهَا (قَوْلُهُ: وَلَا تَتْبَعُهُ بِمَا زَادَ إنْ عَتَقَ) أَيْ إذَا كَانَ لَمْ يَغُرَّهَا وَإِلَّا تَبِعَتْهُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ السُّلْطَانُ كَمَا مَرَّ فِي النِّكَاحِ (قَوْلُهُ: وَالتَّزَوُّجَ فِعْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَا إقْرَارَ إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ إقْرَارٌ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ، فَإِنْ أَقَرَّ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ سَوَاءٌ عَتَقَ أَوْ عَجَزَ وَلَوْ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَهْرَامُ مِنْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُتَّبَعُ بِالدِّيَةِ إذَا عَتَقَ
(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ أَيْ إظْهَارُ الْعَجْزِ وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ عَجَزَتْ نَفْسِي لَكِنْ إنَّمَا يَقُولُ ذَلِكَ بَعْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى فَكِّ الْكِتَابَةِ وَالرُّجُوعِ رِقًّا وَعِنْدَ عَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لَهُ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّعْجِيزِ الَّذِي يَتَفَرَّعُ عَلَيْهِ الرِّقِّيَّةِ مَا ذَكَرَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَيَرِقُّ لَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ وَلَهُ تَعْجِيزُ نَفْسِهِ.
(قَوْلُهُ: بَعْدَ حُلُولِ إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِأَجْلِ قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ (قَوْلُهُ: إنْ اتَّفَقَا) أَيْ تَرَاضَيَا (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّعْجِيزِ وَفَكِّ الْكِتَابَةِ وَالرُّجُوعِ رِقًّا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ) الْوَاوُ لِلْحَالِ أَيْ إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ فِي حَالِ عَدَمِ ظُهُورِ مَالٍ لِلْمُكَاتَبِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ وَلَدٌ فِي الْكِتَابَةِ وَإِلَّا فَلَا تَعْجِيزَ لَهُ وَيُؤْمَرُ بِالسَّعْيِ عَلَيْهِمْ قَهْرًا عَنْهُ، وَإِنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ وَامْتِنَاعُهُ مِنْ السَّعْيِ عُوقِبَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْتَاجُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَعْجِيزِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ عِنْدَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَا) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ اتَّفَقَا عَلَى التَّعْجِيزِ أَيْ وَإِنْ اخْتَلَفَا بِأَنْ طَلَبَ الْعَبْدُ التَّعْجِيزَ وَامْتَنَعَ السَّيِّدُ أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِمَنْ أَرَادَ تَعْجِيزَهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُرِيدَ الَّذِي أَرَادَهُ السَّيِّدُ أَوْ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَنْظُرُ الْحَاكِمُ) أَيْ فَإِنْ وَجَدَ الْمَصْلَحَةَ فِي تَعْجِيزِهِ حَكَمَ بِهِ، وَإِنْ وَجَدَ الْمَصْلَحَةَ فِي عَدَمِهِ حَكَمَ بِعَدَمِهِ وَهَذَا مَا فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِظَاهِرِ إطْلَاقِ قَوْلِهِ هُنَا إنْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ
وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ بَيْنَ أَنْ يُرِيدَهُ الْعَبْدُ فَلَهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَاكِمٍ أَوْ يُرِيدَهُ السَّيِّدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ مَنَعَ وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَيْهِ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَإِذَا عَجَّزَ نَفْسَهُ بِالشَّرْطَيْنِ (فَيَرِقُّ) أَيْ يَرْجِعُ قِنًّا لَا شَائِبَةَ فِيهِ
(وَلَوْ)(ظَهَرَ لَهُ) بَعْدَ التَّعْجِيزِ (مَالٌ) أَخْفَاهُ عَنْ السَّيِّدِ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا (كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) مِنْ النُّجُومِ، وَإِنْ رَدَّهُمَا فَيَرِقُّ؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ الْبَعْضِ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكُلِّ (أَوْ غَابَ) بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (عِنْدَ الْمَحَلِّ) أَيْ حُلُولِ الْكِتَابَةِ (وَلَا مَالَ لَهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ يُؤْخَذُ مِنْهُ النُّجُومُ أَوْ الْبَاقِي مِنْهَا وَظَاهِرُهُ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ أَوْ بَعُدَتْ كَانَ مَلِيًّا هُنَاكَ أَمْ لَا وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ تَلَفِ مَا بِيَدِهِ، فَإِنْ غَابَ بِإِذْنِهِ لَمْ يُعْجِزْهُ بِذَلِكَ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ (وَفَسَخَ الْحَاكِمُ) كِتَابَتَهُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَنْفَسِخُ حِينَئِذٍ إلَّا بِالْحُكْمِ لَكِنْ إنْ أَبَى الْعَبْدُ الْحَاضِرُ فِي الْأُولَى، فَإِنْ اتَّفَقَ مَعَ سَيِّدِهِ عَلَى التَّعْجِيزِ لَمْ يَحْتَجْ لِحُكْمٍ وَكَذَا إنْ أَرَادَ الْعَبْدُ التَّعْجِيزَ وَأَبَاهُ السَّيِّدُ لَمْ يَحْتَجْ لِحُكْمٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ غَيْبَةُ الْعَبْدِ بِلَا إذْنٍ عِنْدَ الْمَحَلِّ فَلَا بُدَّ فِي التَّعْجِيزِ مِنْ الْحُكْمِ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ أَوْ بَعُدَتْ وَقَوْلُهُ (وَتَلَوَّمَ لِمَنْ يَرْجُوهُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ فِي الْحَاضِرِ الْعَاجِزِ عَنْ شَيْءٍ وَفِي الْغَائِبِ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَرُجِيَ قُدُومُهُ لَا إنْ بَعُدَتْ أَوْ لَمْ يُرْجَ لَهُ يَسَارٌ أَوْ جُهِلَ حَالُهُ (كَالْقَطَاعَةِ) بِكَسْرِ الْقَافِ أَفْصَحُ مِنْ فَتْحِهَا وَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ إذَا عَجَزَ الْعَبْدُ عَمَّا قُوطِعَ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ بِالنَّظَرِ سَوَاءٌ وَقَعَتْ الْقَطَاعَةُ عَلَى مُؤَجَّلٍ أَوْ حَالٍّ وَلَهَا صُورَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَعْتِقَهُ عَلَى مَالٍ حَالٍّ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَفْسَخَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ فِي شَيْءٍ، وَإِنْ كَانَ مُؤَجَّلًا وَقَوْلُهُ (وَلَوْ شَرَطَ) السَّيِّدُ (خِلَافَهُ) مُبَالَغَةً فِي التَّلَوُّمِ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ فِي الْقَطَاعَةِ وَفِيمَا قَبْلَهَا مِنْ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَفِي فَسْخِ الْحَاكِمِ أَيْ يَفْسَخُ الْحَاكِمُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِمَنْ يَرْجُو يُسْرَهُ وَلَوْ شَرَطَ السَّيِّدُ عَلَى عَبْدِهِ خِلَافَ التَّلَوُّمِ بِأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَتَى عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ غَابَ بِلَا إذْنٍ أَوْ عَجَزَ عَمَّا قَاطَعَهُ عَلَيْهِ فَهُوَ رَقِيقٌ بِغَيْرِ تَلَوُّمٍ وَفَسَخَ مِنْ حَاكِمٍ فَلَا يَنْفَعُهُ شَرْطُهُ وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا (وَقَبَضَ) الْحَاكِمُ وُجُوبًا الْكِتَابَةَ مِنْ الْمُكَاتَبِ (إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) وَلَا وَكِيلَ لَهُ خَاصٌّ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ وَكِيلُ مَنْ لَا وَكِيلَ لَهُ (وَإِنْ) أَرَادَ الْمُكَاتَبُ تَعْجِيلَهَا (قَبْلَ مَحَلِّهَا) أَيْ حُلُولِهَا وَسَوَاءٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَفَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) تَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا هُوَ مَا اعْتَمَدَهُ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيُّ وَكَذَا غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ فَيَرِقُّ) أَيْ فَيَصِيرُ رَقِيقًا لَا شَائِبَةَ فِيهِ بَعْدَ أَنْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنَّهُ رِقٌّ فِي الْأَصْلِ فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَيَرِقُّ اهـ وَقَوْلُهُ فَيَرِقُّ بِالنَّصْبِ عَطْفٌ عَلَى تَعْجِيزِ الَّذِي هُوَ اسْمٌ خَالِصٌ مِنْ التَّأْوِيلِ بِالْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ) أَيْ وَيَسْتَمِرُّ عَلَى رِقِّيَّتِهِ بَعْدَ التَّعْجِيزِ وَلَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَالِمًا بِذَلِكَ الْمَالِ وَأَخْفَاهُ عَنْهُ السَّيِّدُ أَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى مَنْ قَالَ يَرْجِعُ مُكَاتَبًا) أَيْ إذَا ظَهَرَ لَهُ مَالٌ بَعْدَ التَّعْجِيزِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) أَيْ عِنْدَ حُلُولِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ حَاضِرٌ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ وَيَفْسَخُ الْحَاكِمُ كِتَابَتَهُ وَكَذَا إنْ غَابَ عِنْدَ حُلُولِ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ ظَاهِرٌ، فَإِنَّهُ يَرِقُّ وَيَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ لَكِنَّ مَحَلَّ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ فِي الْأُولَى إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ التَّعْجِيزَ وَأَبَى الْعَبْدُ لَا أَنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِفَسْخِهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَضِيَ الْعَبْدُ بِالتَّعْجِيزِ كَالسَّيِّدِ فَلَا يَحْتَاجُ لِفَسْخِ الْحَاكِمِ هَذَا حَاصِلُ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْمَحِلِّ) هُوَ بِكَسْرِ الْحَاءِ بِمَعْنَى الْحُلُولِ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا فَمَكَانُ الْحُلُولِ وَالْمُرَادُ هُنَا الْمَعْنَى الْأَوَّلُ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ عِنْدَ الْمَحِلِّ مِنْ الَّتِي قَبْلَهَا أَعْنِي قَوْلَهُ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ لِدَلَالَةِ هَذَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَجِّزْهُ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى لَمْ يَرِقَّ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ فِي التَّعْجِيزِ مِنْ الْحُكْمِ) أَيْ لِأَنَّ تَعْجِيزَهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قُدُومِهِ عَلَى الصَّوَابِ بَلْ يُعَجِّزُ وَلَوْ فِي غَيْبَتِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْحُكْمِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّمَ) أَيْ الْحَاكِمُ لِمَنْ يَرْجُوهُ أَيْ لِمَنْ يَرْجُو يَسَارَهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحَاضِرِ أَوْ يُرْجَى قُدُومُهُ وَيُسْرُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَائِبِ غَيْبَةً قَرِيبَةً وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَاضِرَ الْعَاجِزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ إنَّمَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ إذَا طَلَبَ سَيِّدُهُ ذَلِكَ وَأَبَى الْعَبْدُ التَّلَوُّمَ لَهُ إنْ كَانَ يُرْجَى يَسَارُهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى يَسَارُهُ فِيهَا حُكِمَ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، وَأَمَّا الْغَائِبُ عِنْدَ الْحُلُولِ بِلَا إذْنٍ فَقِيلَ يَحْكُمُ الْحَاكِمُ بِفَسْخِ كِتَابَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ مُطْلَقًا وَقِيلَ: إنْ قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ لَا يُحْكَمُ بِالْفَسْخِ إلَّا بَعْدَ التَّلَوُّمِ إنْ كَانَ يُرْجَى قُدُومُهُ وَيُسْرُهُ فِي مُدَّةِ التَّلَوُّمِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ ذَلِكَ حُكِمَ بِالْفَسْخِ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ كَبَعِيدِ الْغَيْبَةِ وَمَجْهُولِ الْحَالِ
(قَوْلُهُ: كَالْقَطَاعَةِ) أَيْ كَمَا يَتَلَوَّمُ وَيُحْكَمُ بِالْفَسْخِ فِي الْقَطَاعَةِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ إنْ أَتَيْتنِي بِعَشْرَةٍ حَالَّةً فَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ يُكَاتِبُهُ عَلَى مِائَةٍ مَثَلًا عَلَى ثَلَاثَةِ نُجُومٍ مَثَلًا ثُمَّ يُقَاطِعُهُ عَلَى ثَلَاثِينَ مَثَلًا حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً لِأَجَلٍ أَقْرَبَ مِنْ الْأَوَّلِ فَعَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا قَاطَعَهُ بِهِ، فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَفْسَخُ عَقْدَ الْقَطَاعَةِ بَعْدَ التَّلَوُّمِ لِمَنْ يُرْجَى يُسْرُهُ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْعَقْدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُقَاطَعَةً؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَطَعَ طَلَبَ سَيِّدِهِ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ لَهُ أَوْ؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ قَطَعَ لَهُ تَمَامَ حُرِّيَّتِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ لَهُ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ قَالَهُ عِيَاضٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مَجْمُوعِ الْأَمْرَيْنِ التَّلَوُّمِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ التَّلَوُّمِ وَالْفَسْخِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَقَبَضَ الْحَاكِمُ إنْ غَابَ سَيِّدُهُ) أَيْ وَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ إقْبَاضِهَا لَهُ (قَوْلُهُ، وَإِنْ قَبْلَ مَحِلِّهَا) أَيْ هَذَا إذَا أَتَى بِهَا الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْأَجَلِ بَلْ وَإِنْ أَتَى بِهَا قَبْلَ أَجَلِهَا
كَانَتْ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا مِنْ حَقِّ الْمُكَاتَبِ إذْ الْقَصْدُ بِتَأْجِيلِ الْكِتَابَةِ التَّخْفِيفُ عَنْ الْمُكَاتَبِ (وَفُسِخَتْ) الْكِتَابَةُ (إنْ مَاتَ) الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا أَوْ قَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَيْهِ بِأَنْ أَتَى بِهَا لِسَيِّدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا بِبَلَدٍ لَا حَاكِمَ بِهِ يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِهَا
(وَإِنْ) مَاتَ (عَنْ مَالٍ) يَفِي بِكِتَابَتِهِ فَكَانَ رَقِيقًا وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ، فَإِنْ حَكَمَ حَاكِمٌ عَلَى سَيِّدِهِ بِقَبْضِهَا أَوْ أَحْضَرَهَا لِلسَّيِّدِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ ثُمَّ مَاتَ فَلَا تُفْسَخُ وَيَكُونُ حُرًّا تَنْفُذُ وَصَايَاهُ وَمَالُهُ لِوَرَثَتِهِ (إلَّا لِوَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَأَجْنَبِيٍّ (دَخَلَ) كُلٌّ (مَعَهُ) فِي الْكِتَابَةِ (بِشَرْطٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَلَا تَنْفَسِخُ أَمَّا دُخُولُ الْوَلَدِ بِشَرْطٍ فَكَأَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ وَأَمَتُهُ حَامِلٌ مِنْهُ قَبْلَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ فَلَا يَدْخُلُ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا بِشَرْطِ إدْخَالِهِ مَعَهُ وَأَوْلَى لَوْ كَانَ مَوْلُودًا عِنْدَ عَقْدِهَا.
وَأَمَّا دُخُولُهُ بِلَا شَرْطٍ فَكَأَنْ يَحْدُثَ فِي بَطْنِ أَمَتِهِ بَعْدَ عَقْدِهَا، وَأَمَّا دُخُولُ الْأَجْنَبِيِّ بِشَرْطٍ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا دُخُولُهُ بِلَا شَرْطٍ فَكَأَنْ يَشْتَرِيَ الْمُكَاتِبُ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَصَارَ كَمَنْ عُقِدَتْ الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا لَمْ تَنْفَسِخْ، فَإِنْ تَرَكَ مَا يَفِي بِهَا (فَتُؤَدَّى حَالَّةً) مِمَّا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّهُ يَحِلُّ بِالْمَوْتِ مَا أَجَّلَ كَمَا مَرَّ (وَ) إذَا أُدِّيَتْ حَالَةً وَفَضَلَ بَعْدَ الْأَدَاءِ شَيْءٌ مِمَّا تَرَكَهُ (وَرِثَهُ مَنْ) كَانَ (مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَقَطْ) دُونَ مَنْ لَيْسَ مَعَهُ وَلَوْ ابْنًا (مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ) كَفَرْعِهِ وَأَصْلِهِ وَإِخْوَتِهِ دُونَ مَنْ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ لَيْسَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَأَخٌ مَعَهُ فِيهَا فَاَلَّذِي يَرِثُهُ الْأَخُ الَّذِي مَعَهُ فَزَوْجَتُهُ لَا تَرِثُهُ وَلَوْ كَانَتْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَكَذَا عَمُّهُ وَنَحْوُهُ وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ جَمَاعَةٌ كُلُّهُمْ مِمَّنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فَالْإِرْثِ بَيْنَهُمْ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى فَيُحْجَبُ الْأَخُ بِالْأَبِ أَوْ الِابْنِ وَالْجَدُّ بِالْأَبِ وَهَكَذَا (وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً) بِالنُّجُومِ بِأَنْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا أَصْلًا أَوْ تَرَكَ شَيْئًا قَلِيلًا لَا يُوفِي بِهَا (وَقَوِيَ وَلَدُهُ) الَّذِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا مَفْهُومَ لِوَلَدِهِ فَلَوْ قَالَ وَقَوِيَ مَنْ مَعَهُ لِيَشْمَلَ الْأَجْنَبِيَّ كَانَ أَحْسَنَ (عَلَى السَّعْيِ) عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ (سَعَوْا) وَأَدَّوْهَا وَعَتَقُوا وَإِلَّا رَقُّوا (وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ) إنْ كَانَ (لِلْوَلَدِ) الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى (إنْ أَمِنَ) وَقَوِيَ عَلَى السَّعْيِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَجَلَ فِيهَا) أَيْ فِي الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ حَقِّ الْمُكَاتَبِ) أَيْ فَلَهُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهُ فِي الْأَجَلِ وَيُعَجِّلَهَا (قَوْلُهُ: وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْوَفَاءِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِهَا لِلسَّيِّدِ أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا لَهُ فَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ حَاكِمٌ بِقَبْضِهَا وَلَمْ يَشْهَدْ الْعَبْدُ بِبَيِّنَةٍ عَلَى أَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهَا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا مَاتَ قَبْلَ إتْيَانِهِ بِالْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَ إتْيَانِهِ بِهَا فَلَمْ يَقْبَلْهَا السَّيِّدُ وَلَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى قَبُولِهَا لِعَدَمِ وُجُودِهِ بِالْبَلَدِ وَلَمْ يَشْهَدْ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ أَخْذِهَا وَمَاتَ الْعَبْدُ، فَإِنَّ الْكِتَابَةَ تُفْسَخُ فَتَكُونُ وَصَايَاهُ بَاطِلَةً وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ لَا لِوَارِثِهِ؛ لِأَنَّهُ مَاتَ رَقِيقًا حِينَئِذٍ وَفِي الصُّورَتَيْنِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ الْوَفَاءِ وَقَبْلَ حُكْمِ الْحَاكِمِ عَلَى السَّيِّدِ بِقَبْضِهَا وَقَبْلَ الْإِشْهَادِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَتَى بِهَا لِسَيِّدِهِ) أَيْ بِأَنْ أَتَى الْعَبْدُ بِالنُّجُومِ لِلسَّيِّدِ وَلَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ بِبَلَدٍ لَا حَاكِمَ بِهَا يُجْبِرُهُ عَلَى قَبُولِهَا فَمَاتَ الْعَبْدُ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهَا وَكَانَ عَلَى الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بِأَنْ أَتَى بِهَا لِسَيِّدِهِ إلَخْ أَوْ مَاتَ قَبْلَ الْإِتْيَانِ بِهَا لِمَا عَلِمْت أَنَّ كَلَامَهُ السَّابِقَ صَادِقٌ بِصُورَتَيْنِ
(قَوْلُهُ: وَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ مَاتَ قَبْلَ حُصُولِ الْحُرِّيَّةِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَأَشْهَدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّهُ أَحْضَرَهَا لَهُ وَأَبَى مِنْ قَبُولِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِوَلَدٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا دَخَلَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَلَدٌ أَوْ أَجْنَبِيٌّ بِشَرْطٍ أَوْ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَلَا تَنْفَسِخُ كِتَابَتُهُ بَلْ تَحِلُّ كِتَابَتُهُ بِمَوْتِهِ وَيَتَعَجَّلُهَا مِنْ مَالِهِ حَيْثُ تَرَكَ مَا يَفِي بِالْكِتَابَةِ وَيَعْتِقُ بِذَلِكَ مَنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ سَيِّدِهِ) هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِقَوْلِ خش تَبَعًا لِلْفِيشِيِّ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُمْ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَدْخُلُوا مَعَهُ فِي كِتَابَتِهِ وَلَهُ بَيْعُهُمْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَتُؤَدَّى حَالَّةً) أَيْ يُؤَدِّي جَمِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ النُّجُومِ عَلَى الْمَيِّتِ وَعَلَى مَنْ مَعَهُ، وَإِنَّمَا حَلَّ الْجَمِيعُ بِمَوْتِهِ وَحْدَهُ؛ لِأَنَّهُ مَدِينٌ بِالْجَمِيعِ بَعْضُهُ بِالْأَصَالَةِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَعْضُهُ بِالْحَمَالَةِ عَنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ وَحَيْثُ أَدَّى جَمِيعَ مَا بَقِيَ مِنْ النُّجُومِ مَا عَلَى الْمَيِّتِ وَمَا عَلَى غَيْرِهِ مِمَّنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ رَجَعَ وَارِثُ الْمُكَاتَبِ بِمَا أَدَّى مِنْ تَرِكَتِهِ عَلَى غَيْرِ مَنْ يُعْتَقُ عَلَى ذَلِكَ الْمُكَاتَبِ كَمَا يَرْجِعُ هُوَ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَمَا سَبَقَ، وَأَمَّا مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْوَارِثُ كَمَا لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ الْمُكَاتَبُ لَوْ كَانَ حَيًّا فَلَوْ كَانَ الْوَارِثُ هُوَ السَّيِّدَ تَبِعَ الْأَجْنَبِيَّ بِالْحِصَّةِ الْمُؤَدَّاةِ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ وَحَاصَّ بِهِ غُرَمَاءَهُ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ ابْنًا) أَيْ حُرًّا أَوْ فِي عَقْدِ كِتَابَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ جَمَاعَةٌ كُلُّهُمْ مِمَّنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ ابْنُهُ وَابْنُ ابْنِهِ وَأَبُوهُ وَجَدُّهُ وَأُمُّهُ وَجَدَّتُهُ وَأَخُوهُ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ وَيُحْجَبُ ابْنُ الِابْنِ بِالِابْنِ وَالْجَدَّةُ بِالْأُمِّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً) أَيْ وَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً (قَوْلُهُ: الَّذِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِوَلَدِهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ الْوَلَدُ وَغَيْرُهُ فِي إعْطَاءِ مَا تَرَكَهُ مِمَّا لَا يَفِي فَلَا يُعْطَى لِلْأَجْنَبِيِّ، وَإِنَّمَا يُعْطَى لِوَلَدِهِ وَأُمِّهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ لِلْوَلَدِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَتَرَكَ مَتْرُوكَهُ) أَيْ الَّذِي لَا يَفِي بِمَا عَلَى ذَلِكَ الْمَيِّتِ وَبِمَا عَلَى مَنْ مَعَهُ وَقَوْلُهُ لِلْوَلَدِ أَيْ خَاصَّةً فَلَا يُعْطَى لِغَيْرِهِ وَلَوْ قَرِيبًا بَلْ يَتَعَجَّلُهُ السَّيِّدُ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيَسْعَوْنَ فِي بَقِيَّتِهَا خِلَافًا
وَإِلَّا رَقَّ وَلَا يُدْفَعُ لَهُ شَيْءٌ (كَأُمِّ وَلَدِهِ) الَّتِي مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ أُمِنَتْ وَقَوِيَتْ عَلَى السَّعْيِ يُدْفَعُ لَهُ مَتْرُوكُهُ لِتَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى أَدَاءِ النُّجُومِ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْوَلَدِ الَّذِي مَعَهَا قُوَّةٌ وَأَمَانَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ ذَلِكَ فَلَا يَدْفَعُ الْمَتْرُوكَ إلَّا لَهُ وَهِيَ حِينَئِذٍ تَبَعٌ لَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَمَانَةٌ وَقُوَّةٌ رَقَّا لِلسَّيِّدِ وَلَا يُدْفَعُ لَهُمَا شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي ثَمَنِهَا مَا يَفِي بِالنُّجُومِ فَتُبَاعُ لِيَعْتِقَ الْوَلَدُ كَمَا إذَا لَمْ يَتْرُكْ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَلَا لِأَحَدِهِمَا قُوَّةٌ فَتُبَاعُ الْأُمُّ لِيَعْتِقَ الْوَلَدُ إنْ كَانَ فِي ثَمَنِهَا وَفَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا مَاتَ وَكَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهُ، فَإِنَّ مَنْ مَعَهُ يُطَالَبُ بِالسَّعْيِ إنْ قَوِيَ مُطْلَقًا تَرَكَ شَيْئًا لَا يَفِي أَمْ لَا كَانَ مَنْ مَعَهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا.
وَأَمَّا مَتْرُوكُهُ مِمَّا لَيْسَ فِيهِ وَفَاءٌ، فَإِنَّمَا يُتْرَكُ لِلْوَلَدِ إنْ قَوِيَ وَأَمِنَ وَإِلَّا فَلِأُمِّهِ إنْ كَانَتْ وَقَوِيَتْ وَأَمِنَتْ وَإِلَّا اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَبَاعَ أُمَّ الْوَلَدِ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ مَا يُوفِي بِالنُّجُومِ لِيَعْتِقَ الْوَلَدُ، فَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنَهَا فَالْكُلُّ رَقِيقٌ فَلَوْ كَانَتْ النُّجُومُ مِائَةً وَتَرَكَ الْمُكَاتَبُ خَمْسِينَ وَلَمْ يَكُنْ فِيمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ فَسَيِّدُهُ يَأْخُذُ الْخَمْسِينَ وَلَا يَتْرُكُهَا لِأَحَدٍ وَيُقَالُ لِمَنْ مَعَهُ إنْ كَانَ فِيكُمْ قُوَّةٌ فَاسْعَوْا وَإِلَّا فَرَقِيقٌ
(وَإِنْ) أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْقِنَّ أَوْ كَاتَبَهُ أَوْ قَاطَعَ عَنْ كِتَابَةِ مُكَاتَبٍ عَلَى مَالٍ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ ثُمَّ (وَجَدَ الْعِوَضَ) عَنْ الْمَذْكُورَاتِ الثَّلَاثَةِ (مَعِيبًا أَوْ اسْتَحَقَّ) مِنْ يَدِ السَّيِّدِ حَالَ كَوْنِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْمَعِيبِ أَوْ الْمُسْتَحَقِّ (مَوْصُوفًا) فَهُوَ حَالٌ مِنْهُمَا وَجَوَابُ أَنَّ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ رَجَعَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ مُقَوَّمًا كَثَوْبٍ وَشَاةٍ صِفَتُهَا كَذَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ لَا بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ وَذِكْرُ مَفْهُومِ مَوْصُوفًا الرَّاجِعِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعِيبِ وَالْمُسْتَحَقِّ بِقَوْلِهِ (كَمُعَيَّنٍ) مِنْ مِثْلِيٍّ أَوْ مُقَوَّمٍ وَقَعَ عَقْدُ الْعِتْقِ أَوْ الْكِتَابَةِ أَوْ الْقَطَاعَةِ عَلَيْهِ كَهَذَا الثَّوْبِ بِعَيْنِهِ أَوْ هَذَا الْقُطْنِ بِعَيْنِهِ فَوُجِدَ مَعِيبًا أَوْ اسْتَحَقَّ فَيَرْجِعُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ بَلْ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْأَكْثَرِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ فِيمَا دَفَعَهُ لِسَيِّدِهِ فِي نَظِيرِ الْعِتْقِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِقَوْلِ خش مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِالْوَلَدِ مُطْلَقُ الْوَارِثِ وَلَدًا أَوْ غَيْرَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِلَّا رَقَّ) أَيْ وَإِلَّا يُؤْمَنْ وَلَمْ يَقْوَ عَلَى السَّعْيِ رَقَّ وَكَذَلِكَ إذَا لَمْ يَقْوَ عَلَى السَّعْيِ وَأُمِنَ عَلَى الْمَالِ، وَأَمَّا إذَا قَوِيَ عَلَى السَّعْيِ وَلَمْ يُؤْمَنْ عَلَى الْمَالِ، فَإِنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُ الْمَالَ مِنْ الْكِتَابَةِ وَيُؤْمَرُ الْوَلَدُ بِالسَّعْيِ وَلَا يَرِقُّ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُدْفَعُ لَهُمَا شَيْءٌ) أَيْ مِمَّا تَرَكَهُ ذَلِكَ الْمَيِّتُ الْمُكَاتَبُ (قَوْلُهُ: فَتُبَاعُ الْأُمُّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ مَعَ أُمِّ الْوَلَدِ أَجْنَبِيٌّ فِي الْكِتَابَةِ فَلَا تُبَاعُ هِيَ لِأَجْلِهِ وَتُفْسَخُ الْكِتَابَةُ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَأُمِّ الْوَلَدِ إذَا عَجَزَ عَنْ السَّعْيِ وَيَرِقَّانِ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا اسْتَوْفَاهُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ انْتَفَتْ الْقُوَّةُ وَالْأَمَانَةُ مِنْ الْوَلَدِ وَمِنْ أُمِّهِ اسْتَوْفَى ذَلِكَ الْمَتْرُوكَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُوَفِّ ثَمَنَهَا) أَيْ بِالنُّجُومِ (قَوْلُهُ: فَالْكُلُّ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الْوَلَدِ وَأُمِّهِ (قَوْلُهُ: فَسَيِّدُهُ يَأْخُذُ الْخَمْسِينَ) أَيْ مِنْ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَتْرُكُهَا لِأَحَدٍ) أَيْ مِمَّنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ يَسْتَعِينُ بِهَا عَلَى أَدَاءِ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: فَاسْعَوْا) أَيْ لِتَحْصِيلِ الْخَمْسِينَ الْبَاقِيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَرَقِيقٌ) أَيْ وَإِلَّا فَكُلٌّ مِنْكُمْ رَقِيقٌ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَدَ الْعِوَضَ مَعِيبًا) حَاصِلُ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ أَوْ قَاطَعَهُ عَلَى مَالٍ فَوَجَدَ السَّيِّدُ الْعِوَضَ مَعِيبًا أَوْ اسْتَحَقَّ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ رَجَعَ السَّيِّدُ عَلَى الْعَبْدِ بِمِثْلِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقَوَّمًا أَوْ مِثْلِيًّا، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ مَعِيبًا رَجَعَ السَّيِّدُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَبِقِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْعَبْدُ مُوسِرًا لَهُ مَالٌ، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا لَا مَالَ لَهُ فَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ مُعَيَّنًا كَانَ أَوْ مَوْصُوفًا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ وَبَطَلَتْ الْقَطَاعَةُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعِوَضُ الَّذِي دَفَعَهُ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةٍ مُعَيَّنًا أَوْ مَوْصُوفًا.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ) تَنَازَعَهُ أَعْتَقَ وَكَاتَبَ وَقَاطَعَ (قَوْلُهُ: فَهُوَ حَالٌ مِنْهُمَا) أَيْ وَأَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُقَوَّمًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ مِثْلِيًّا بَلْ وَلَوْ كَانَ مُقَوَّمًا.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَهُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَأَيْضًا الْقَاعِدَةُ أَنَّ الْمَوْصُوفَ يَرْجِعُ بِمِثْلِهِ مُطْلَقًا كَمَا فِي السَّلَمِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: لَا بِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ) أَيْ كَمَا ذَكَرَهُ بَهْرَامُ وتت وح وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَاعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ مُشْكِلٌ إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَكَيْفَ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَقْدُ الْعِتْقِ أَوْ الْكِتَابَةِ إلَخْ) حَقِيقَةُ الْكِتَابَةِ أَنْ تَكُونَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَمَا عَلَى مُعَيَّنٍ فَقَطَاعَةٌ لَا كِتَابَةٌ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ الْكِتَابَةِ بِالْعَبْدِ الْآبِقِ وَالْبَعِيرِ الشَّارِدِ، فَإِنَّهُ مُعَيَّنٌ وَجَعَلُوهُ كِتَابَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا الْجُعْلُ تَسَمُّحٌ (قَوْلُهُ بَلْ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ) أَيْ لَا فِي الْمَرْجُوعِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا كُلُّهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ فِي الْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا اسْتَحَقَّ أَوْ وُجِدَ مَعِيبًا وَمِنْ الرُّجُوعِ بِالْمِثْلِ فِي الْمِثْلِيِّ وَالْقِيمَةِ فِي الْمُقَوَّمِ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا اسْتَحَقَّ أَوْ وُجِدَ مَعِيبًا (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ لِلْعَبْدِ مَالٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ مُسْتَأْجِرًا لَهُ أَوْ مُسْتَعِيرًا لَهُ وَقَوْلُهُ فَكَذَلِكَ أَيْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمَوْصُوفِ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا وَبِقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَبِمِثْلِهِ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ) أَيْ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ رِقٍّ مِثْلُ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ
(إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (مَالٌ) بَلْ كَانَ مُعْسِرًا وَهَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ الشُّبْهَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَلَا مَالٌ لَهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ وَتَبْطُلُ الْقَطَاعَةُ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ مُوسِرًا فَيَبْقَى عَلَى حَالِهِ وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ فِي حَالِ عَدَمِ الشُّبْهَةِ فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَالَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَمَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ جَارٍ فِي الْمُعَيَّنِ وَالْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ عَلَى الرَّاجِحِ، وَإِنْ كَانَ خِلَافَ قَاعِدَتِهِ مِنْ رُجُوعِ مِثْلِ ذَلِكَ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا أَغْلَبِيَّةٌ، هَذَا مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ وَتَقْرِيرُهُ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَكَلُّفُ حَذْفِ جَوَابِ وَإِنْ وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ
(وَمَضَتْ)(كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ) اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ وَكَاتَبَهُ أَوْ أَسْلَمَ عِنْدَهُ قَبْلَ الْكِتَابَةِ (وَ) حَيْثُ مَضَتْ (بِيعَتْ) عَلَى سَيِّدِهِ الْكَافِرِ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لِمُشْتَرِيهِ، وَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَكَانَ وَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ (كَأَنْ) كَاتَبَهُ كَافِرًا وَ (أَسْلَمَ) الْعَبْدُ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَتَمْضِي وَتُبَاعُ لِمُسْلِمٍ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ، وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ لِأَقَارِبِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ وَعَادَ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَبَتَ لَهُ حِينَ عَقَدَ كِتَابَتَهُ وَالْعَبْدُ كَافِرٌ (وَبِيعَ مَعَهُ) أَيْ مَعَ كِتَابَةِ الْمُسْلِمِ (مَنْ) أَيْ كِتَابَةِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ (فِي عَقْدِهِ) ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لِمُشْتَرِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَمْ يَجْتَمِعْ أَدَاتَا مُضِيٍّ وَاسْتِقْبَالٍ وَلَمْ يَتَوَارَدْ عَامِلَا جَزْمٍ عَلَى مَجْزُومٍ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ: وَهَذَا قَيْدٌ فِي الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَهُوَ الشُّبْهَةُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُبَالَغُ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ بِشُبْهَةٍ قَيْدٌ فِيهِ، وَالْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالٌ أَيْ هَذَا إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ إنْ كَانَ دُفِعَ الْعَبْدُ لَهُ بِشُبْهَةٍ فِيهِ (قَوْلُهُ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ الَّذِي دَفَعَهُ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا.
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ سَيِّدُهُ عَلَيْهِ بِعِوَضِهِ) أَرَادَ بِعِوَضِهِ الْمِثْلَ فِي الْمَوْصُوفِ وَلَوْ مُقَوَّمًا وَالْمِثْلُ فِي الْمُعَيَّنِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَالْقِيمَةُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَقَوْلُهُ فِي حَالِ عَدَمِ الشُّبْهَةِ أَيْ كَمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ بِهِ فِي حَالِ وُجُودِهَا.
(قَوْلُهُ: فَالتَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَمَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِمَنْ لَا مَالَ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّفْصِيلَ إنَّمَا هُوَ فِيهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ الْمَوْصُوفِ مُطْلَقًا وَبِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ إنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ مُعَيَّنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ كَانَ الْمَدْفُوعُ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) قَالَ شَيْخُنَا بَلْ هَذَا خِلَافُ الرَّاجِحِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ فَفِي الْمُعَيَّنِ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا وَفِي الْمَوْصُوفِ يَتْبَعُهُ السَّيِّدُ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ هَذَا مَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الشُّرَّاحِ) أَيْ كج وَغَيْرُهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ أَنَّ الْمَوْصُوفَ سَوَاءٌ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ مُقَوَّمًا يَتْبَعُهُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ وَلَا مَالَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُعَيَّنِ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كِتَابَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوَّلًا وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَوْصُوفًا اتَّبَعَهُ بِمِثْلِهِ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا رَجَعَ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا أَوْ قِيمَتِهِ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا إذَا كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابَةٍ أَوْ رِقٍّ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَهُوَ الْمُعَيَّنُ أَيْ كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمُعَيَّنِ إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيمَا دَفَعَهُ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَمَفْهُومُ إنْ كَانَ لَهُ شُبْهَةٌ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُبْهَةٌ رَجَعَ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ كَانَ لَهُ مَالٌ أَوْ لَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَالنَّقْلُ مَا قَالَهُ شَرَفُ الدِّينِ الطِّخِّيخِيُّ
(قَوْلُهُ: وَمَضَتْ إلَخْ) مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ نَقْضُهَا بَلْ يُمْضِيهَا عَلَيْهِ قَهْرًا عَنْهُ وَيَبِيعُهَا لَهُ مِنْ مُسْلِمٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءٌ بَلْ هُوَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ خِطَابُ الْكُفَّارِ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ لِسَيِّدِهِ إنْ أَسْلَمَ) أَيْ وَلَا يَكُونُ لِأَوْلَادِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَلَاءَ لَمْ يَنْعَقِدْ لِسَيِّدِهِ حِينَ عَتَقَهُ إذْ لَا وِلَايَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَاتَبَهُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ) أَيْ كَمَا أَنَّهَا تَمْضِي إنْ كَاتَبَهُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ قَهْرًا عَنْهُ وَلَا تُمَكِّنُهُ مِنْ نَقْضِهَا وَالرُّجُوعِ فِيهَا، وَأَمَّا إنْ كَاتَبَهُ كَافِرًا وَأَسْلَمَ السَّيِّدُ دُونَ الْعَبْدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَهُ فَسْخُ كِتَابَتِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَوَلَاؤُهُ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُرَادُ بِالْوَلَاءِ هُنَا الْمِيرَاثُ، وَأَمَّا الْوَلَاءُ الَّذِي هُوَ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ فَلَا يَنْتَقِلُ عَمَّنْ ثَبَتَ لَهُ وَهُوَ السَّيِّدُ الْمُعْتَقُ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ انْتِقَالِ الْمَالِ انْتِقَالُ الْوَلَاءِ وَفَائِدَةُ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِمَعْنَى اللُّحْمَةِ لِلسَّيِّدِ الْكَافِرِ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ كَانَ لَهُ حَقٌّ فِي تَغْسِيلِ الْعَتِيقِ وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَتَوَلِّي عَقْدِ نِكَاحِهِ إنْ كَانَ أُنْثَى (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلَاءَ قَدْ ثَبَتَ لَهُ حِينَ عَقَدَ كِتَابَتَهُ فِي حَالِ كُفْرِ الْعَبْدِ.
{تَنْبِيهٌ} قَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ حُكْمُ مَا إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ بَعْدَ كِتَابَةِ سَيِّدِهِ الْكَافِرِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَتْ أُمُّ وَلَدِ الْكَافِرِ فَهَلْ يُنَجَّزُ عِتْقُهَا وَإِلَيْهِ رَجَعَ مَالِكٌ أَوْ تَبْقَى إلَى إسْلَامِهِ أَوْ يَمُوتُ وَكَأَنْ يَقُولَ تُبَاعُ؛ لِأَنَّ إيلَادَ الْكُفْرِ لَيْسَ لَهُ حُرْمَةٌ كَذَا فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ، وَأَمَّا إنْ وَطِئَ الْكَافِرُ أَمَةً مُسْلِمَةً وَأَوْلَدَهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا لِقَاعِدَةِ كُلُّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا وَيَكُونُ الْوَلَدُ كَافِرًا تَبَعًا لِأَبِيهِ كَذَا فِي الْبَدْرِ عَنْ شَيْخِهِ الْجِيزِيِّ فِي آخِرِ بَابِ الْجِهَادِ.
(قَوْلُهُ: كِتَابَةِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُسْلِمْ ذَلِكَ الدَّاخِلُ
وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَ) إنْ وَجَبَتْ عَلَى الْمُكَاتَبِ كَفَّارَةٌ (كَفَّرَ بِالصَّوْمِ) لَا بِعِتْقٍ وَلَا إطْعَامٍ لِمَنْعِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ بِالْمَالِ بِلَا عِوَضٍ (وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ) حَالَ كِتَابَتِهَا لَغْوٌ فَلَا يُفِيدُهُ وَكَذَا وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ (وَاسْتِثْنَاءُ حَمْلِهَا) الْمَوْجُودِ حَالَ الْكِتَابَةِ بِبَطْنِهَا لَغْوٌ لَا يُفِيدُهُ (أَوْ) اسْتِثْنَاءُ (مَا يُولَدُ لَهَا) مِنْ حَمْلِ حَدَثٍ بَعْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ لَغْوٌ (أَوْ مَا يُولَدُ لِمُكَاتَبٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَ) عَقْدِ (الْكِتَابَةِ) لَغْوٌ
(وَ) اشْتِرَاطُ (قَلِيلٍ كَخِدْمَةٍ) عَلَيْهِ لِلسَّيِّدِ (إنْ وَفَّى) الْكِتَابَةَ كَأَنْ يَخْدُمَهُ بَعْدَ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ نَحْوُ شَهْرٍ (لَغْوٌ) لَا يُفِيدُهُ وَلَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ فِي الْجَمِيعِ، وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ كَثِيرَ الْخِدْمَةِ إنْ وَفَّى فَلَا يَلْغَى؛ لِأَنَّ كَثْرَتَهَا تُشْعِرُ الِاعْتِنَاءَ بِهَا فَكَأَنَّ عَقْدَ الْكِتَابَةِ وَقَعَ عَلَيْهَا مَعَ الْمَالِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ (وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) ، وَإِنْ قَلَّ (أَوْ) عَجَزَ (عَنْ) دَفْعِ (أَرْشِ جِنَايَةٍ) صَدَرَتْ مِنْهُ (وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ رَقَّ كَالْقِنِّ) الْأَصْلِيِّ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ بَعْدَ الْعَجْزِ، فَإِنْ أَدَّى الْأَرْشَ رَجَعَ مُكَاتَبًا كَمَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مُكَرَّرٍ مَعَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ وَبَالَغَ عَلَى السَّيِّدِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا أَرْشَ عَلَيْهِ فِي جِنَايَتِهِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَالُهُ لَا لِدَفْعِ خِلَافٍ
(وَأُدِّبَ) السَّيِّدُ (إنْ وَطِئَ) مُكَاتَبَتَهُ (بِلَا مَهْرٍ) عَلَيْهِ لَهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ أَيْ ذَلِكَ الْمُكَاتَبُ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ رَقَّ أَيْ الدَّاخِلُ مَعَهُ لِمُشْتَرِيهَا كَمَا يَرِقُّ هُوَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَدَّى فَوَلَاؤُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ وَإِنْ أَدَّى الْمُكَاتَبُ الْمُسْلِمُ عَتَقَ وَعَتَقَ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ وَوَلَاؤُهُمْ يَجْرِي عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي تَفْصِيلِ الْمُكَاتَبِ الْمُسْلِمِ أَيْ أَنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ غَيْرُهُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ كَانَ أَسْلَمَ قَبْلَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِسَيِّدِهِمْ وَلَا لِأَقَارِبِهِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ كَانَ أَسْلَمَ بَعْدَ الْكِتَابَةِ فَيَكُونُ وَلَاؤُهُمْ لِأَقَارِبِ سَيِّدِهِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَقَارِبُ مُسْلِمُونَ فَالْوَلَاءُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: كَفَّرَ بِالصَّوْمِ) أَيْ فَهُوَ كَالْقِنِّ فِي الْكَفَّارَاتِ وَقَوْلُهُ لَا بِعِتْقٍ أَيْ وَلَوْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ لَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَلَا بِإِطْعَامٍ أَيْ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ السَّيِّدُ
(قَوْلُهُ: وَاشْتِرَاطُ وَطْءِ الْمُكَاتَبَةِ حَالَ كِتَابَتِهَا) أَيْ اشْتِرَاطُ السَّيِّدِ ذَلِكَ عِنْدَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ لَغْوٌ أَيْ لَا يُوَفِّي بِهِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا وَطْءُ الْمُعْتَقَةِ لِأَجَلٍ) أَيْ اشْتِرَاطُهُ عَلَيْهَا لِلْأَجَلِ لَغْوٌ (قَوْلُهُ: بِبَطْنِهَا) أَيْ مِنْ زَوْجِهَا
(قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُهُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ حُرًّا (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ فِي الْجَمِيعِ) أَيْ وَتَبْقَى الْكِتَابَةُ عَلَى حَالِهَا (قَوْلُهُ وَلَكِنْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) نَصُّهَا وَكُلُّ خِدْمَةٍ اشْتَرَطَهَا السَّيِّدُ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ فَبَاطِلٌ، وَإِنْ اشْتَرَطَهَا فِي زَمَنِ الْكِتَابَةِ فَأَدَّى الْعَبْدُ قَبْلَ تَمَامِهَا سَقَطَتْ اهـ عَبْدُ الْحَقِّ عَنْ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ إنَّمَا ذَلِكَ فِي الْخِدْمَةِ الْيَسِيرَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي حَيِّزِ التَّبَعِ وَحَمَلَهَا الْأَكْثَرُ عَلَى ظَاهِرِهَا قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً اهـ وَعَلَى مَا لِعَبْدِ الْحَقِّ دَرَجَ الْمُصَنِّفُ وَلَمْ يَرْتَضِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ قَلِيلٍ لَكَانَ مُطَابِقًا لِمَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ) أَيْ مِمَّا كُوتِبَ بِهِ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ هَذَا مَعَ تَقْدِيمِهِ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ عَجَزَ عَنْ دَفْعِ أَرْشِ جِنَايَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ إنْ دَفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى كِتَابَتِهِ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ رَقَّ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ سَيِّدَهُ رَقَّ لَهُ وَلَا كَلَامَ وَعَجْزُهُ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَعَجَزَ عَنْ أَرْشِهَا خُيِّرَ السَّيِّدُ إمَّا أَنْ يَدْفَعَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ وَيَرِقَّ لَهُ الْعَبْدُ أَوْ يَدْفَعُهُ فِي الْجِنَايَةِ فَيَرِقَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ هَذَا إذَا صَدَرَتْ مِنْهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ بَلْ وَإِنْ صَدَرَتْ مِنْهُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: كَالْقِنِّ) فَائِدَةُ قَوْلِهِ كَالْقِنِّ بَعْدَ قَوْلِهِ رَقَّ إفَادَةُ التَّخْيِيرِ أَيْ رَقَّ وَكَانَ كَالْقِنِّ إذَا جَنَى (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي فِدَائِهِ) أَيْ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ وَيَرِقُّ لِسَيِّدِهِ وَقَوْلُهُ وَإِسْلَامُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَكُونُ رِقًّا لَهُ هَذَا فِي جِنَايَتِهِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، وَأَمَّا إذَا جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنَّهُ بِمُجَرَّدِ عَجْزِهِ عَنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ عَلَيْهِ يَرِقُّ لَهُ؛ لِأَنَّ عَجْزَهُ عَنْ ذَلِكَ كَعَجْزِهِ عَنْ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ أَدَّى أَرْشَ الْجِنَايَةِ إلَيْهِ اسْتَمَرَّ مُكَاتَبًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّى الْأَرْشَ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ عَجَزَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَالُهُ) أَيْ وَقَدْ جَنَى عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ وَأُدِّبَ إنْ وَطِئَ مُكَاتَبَتَهُ) أَيْ زَمَنَ كِتَابَتِهَا لِارْتِكَابِهِ أَمْرًا مُحَرَّمًا، وَإِنَّمَا مُنِعَ مِنْ وَطْءِ مُكَاتَبَتِهِ دُونَ مُدَبَّرَتِهِ مَعَ أَنَّهُ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ عَقْدٌ يُؤَدِّي لِلْحُرِّيَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ فِي الْكِتَابَةِ مَعْلُومٌ وَالْوَطْءُ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ غَيْرُ جَائِزٍ قِيَاسًا عَلَى نِكَاحِ الْمُتْعَةِ وَالْمُحَلَّلَةِ، وَأَجَلُ الْحُرِّيَّةِ فِي التَّدْبِيرِ مَوْتُ السَّيِّدِ، فَإِذَا مَاتَ زَالَ مِلْكُهُ فَكَانَتْ الْحُرِّيَّةُ تَقَعُ فِي وَقْتٍ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا (قَوْلُهُ: بِلَا مَهْرٍ عَلَيْهِ لَهَا) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرٌ لَهَا فِي وَطْئِهِ إيَّاهَا سَوَاءٌ كَانَتْ بِكْرًا أَوْ ثَيِّبًا طَائِعَةً أَوْ مُكْرَهَةً نَعَمْ إذَا كَانَتْ بِكْرًا وَأَكْرَهَهَا عَلَى الْوَطْءِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا نَقَصَهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ وَعَلَيْهِ نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ كَانَتْ بِكْرًا وَوَطِئَهَا طَائِعَةً ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ بِلَا مَهْرٍ لَيْسَ رَاجِعًا لِأَدَبٍ وَلَا لِوَطْءٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَأْنَفٌ لِبَيَانِ حُكْمِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا حُكْمُهُ بَعْدَ الْأَدَبِ فَقَالَ حُكْمُهُ لَا مَهْرَ فَيَقِفُ الْقَارِئُ عَلَى وَطْءٍ وَيَبْتَدِئُ بِقَوْلِهِ بِلَا مَهْرٍ
إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَلَا أَدَبَ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِلشُّبْهَةِ، فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الْأَدَاءِ حُدَّ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ حُرَّةً (وَعَلَيْهِ نَقْصُ الْمُكْرَهَةِ) إنْ كَانَتْ بِكْرًا وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي إكْرَاهِهَا كَالطَّائِعَةِ مُطْلَقًا (وَإِنْ حَمَلَتْ) مِنْ وَطْئِهِ (خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ) عَلَى كِتَابَتِهَا وَنَفَقَتِهَا لِلْحَمْلِ عَلَى السَّيِّدِ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ، وَإِنْ عَجَزَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ تَعْتِقُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (وَ) فِي انْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى (أُمُومَةِ الْوَلَدِ) فَيَجُوزُ وَطْؤُهَا وَتَعْتِقُ بِمَوْتِهِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (إلَّا لِضُعَفَاءَ مَعَهَا) أَيْ كُوتِبُوا مَعَهَا فِي عَقْدِ كِتَابَتِهَا أَيْ لَا قُدْرَةَ لَهُمْ عَلَى الْأَدَاءِ بِدُونِهَا وَسَوَاءٌ رَضُوا أَوْ لَا (أَوْ أَقْوِيَاءَ) عَلَى الْأَدَاءِ كُوتِبُوا مَعَهَا (لَمْ يَرْضَوْا) بِانْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ لِأُمُومَةِ الْوَلَدِ فَلَا خِيَارَ لَهَا فِي الصُّورَتَيْنِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِمَا بَقَاؤُهَا عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنْ رَضُوا بِاخْتِيَارِهَا أُمُومَةَ الْوَلَدِ جَازَ لَهَا الِانْتِقَالُ إلَيْهَا (وَحُطَّ) عَنْهُمْ إذَا انْتَقَلَتْ إلَيْهَا (حِصَّتُهَا) مِنْ الْكِتَابَةِ (إنْ اخْتَارَتْ الْأُمُومَةَ، وَإِنْ قُتِلَ) الْمُكَاتَبُ أَيْ قَتَلَهُ شَخْصٌ وَوَجَبَتْ قِيمَتُهُ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ (فَالْقِيمَةُ لِلسَّيِّدِ) يَخْتَصُّ بِهَا وَلَا تُحْسَبُ لِمَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَلَدًا أَوْ وَارِثًا يَعْتِقُ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِيهَا وَالْمُكَاتَبُ إذَا قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ فَأَدَّى قِيمَتَهُ عَتَقَ فِيهَا مَنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ إذَا كَانَ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ مِلْكُهُ انْتَهَى
(وَهَلْ) يُقَوَّمُ (قِنًّا أَوْ) يُقَوَّمُ (مُكَاتَبًا) وَقِيمَةُ الْقِنِّ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّ الرَّغْبَةَ فِيهِ أَكْثَرُ (تَأْوِيلَانِ) .
وَأَمَّا لَوْ جَنَى عَلَيْهِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ فَالْأَرْشُ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ قَطْعًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْكِتَابَةِ لَمْ يَبْطُلْ لِبَقَاءِ ذَاتِهِ أَيْ وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ يَسْتَعِينُ بِهِ عَلَى الْكِتَابَةِ لَا لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ
(وَإِنْ)(اشْتَرَى) الْمُكَاتَبُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ)(صَحَّ) وَلَهُ بَيْعُهُ وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً وَلَا تَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَا عَلَى سَيِّدِهِ وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا (وَعَتَقَ) عَلَى السَّيِّدِ (إنْ عَجَزَ) عَنْ الْأَدَاءِ (وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي) نَفْيِ (الْكِتَابَةِ) عِنْدَ التَّنَازُعِ بِلَا يَمِينٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ الْعِتْقِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا فَكَانَ عَلَيْهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنْ يُصَرِّحَ بِنَفْيٍ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ إذَا ادَّعَى الْكِتَابَةَ وَأَنْكَرَهَا الْعَبْدُ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ بِلَا يَمِينٍ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الْقَوْلَ لِمَنْ أَنْكَرَهَا مِنْهُمَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا وَأَبْقَى الْمُصَنِّفُ عَلَى ظَاهِرِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ) أَيْ بِجَهْلِ الْحُكْمِ وَهُوَ حُرْمَةُ الْوَطْءِ وَمِثْلُ الْجَهْلِ فِي الْعُذْرِ بِهِ الْغَلَطُ (قَوْلُهُ لِلشُّبْهَةِ) أَيْ لِخَبَرِ الْمُكَاتَبُ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ (قَوْلُهُ: خُيِّرَتْ فِي الْبَقَاءِ إلَخْ) أَيْ لِصَيْرُورَتِهَا مُسْتَوْلَدَةً وَمُكَاتَبَةً (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَدَّتْ) أَيْ وَلَوْ قَبْلَ وَضْعِهَا عَتَقَتْ أَيْ وَتَسْتَمِرُّ نَفَقَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ حِينَئِذٍ لِوَضْعِهَا كَالْبَائِنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَجَزَتْ صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ وَطْؤُهَا عِنْدَ عَجْزِهَا (قَوْلُهُ: وَفِي انْتِقَالِهَا عَنْ الْكِتَابَةِ إلَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ) أَيْ بِأَنْ تُعَجِّزَ نَفْسَهَا وَتَنْتَقِلَ إلَى أُمُومَةِ الْوَلَدِ (قَوْلُهُ: وَحَطَّ حِصَّتَهَا) أَيْ كَمَا يَحُطُّ عَنْهَا مَا لَزِمَهَا بِطَرِيقِ الْحَمَالَةِ عَمَّنْ مَعَهَا إذَا عَجَزَتْ عَنْ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ كِتَابَتِهِ) أَيْ بِمَوْتِهِ قَبْلَ الْوَفَاءِ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِهَا) أَيْ وَلَا تَكُونُ لِوَارِثِهِ لِمَوْتِهِ عَلَى الرِّقِّ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ) أَيْ مَنْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ وَلَدًا إلَخْ (قَوْلُهُ عَتَقَ فِيهَا) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيْ عَتَقَ مِنْهَا أَيْ عَتَقَ عِتْقًا نَاشِئًا مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى مَنْ مَعَهُ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ بِشَيْءٍ عِوَضًا عَنْ الْقِيمَةِ الَّتِي عَتَقَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ) أَيْ مَنْ مَعَهُ وَقَوْلُهُ مِمَّنْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَيْ لِلْمُكَاتَبِ مِلْكُهُ كَفَرْعِهِ وَأَصْلِهِ وَحَاشِيَتِهِ الْقَرِيبَةِ
(قَوْلُهُ تَأْوِيلَانِ) أَيْ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَرِوَايَتَانِ أَيْضًا عَنْ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَيَكُونُ الْأَرْشُ لَهُ) أَيْ لِلْمُكَاتَبِ يَسْتَعِينُ إلَخْ هَذَا اسْتِظْهَارٌ لعج وَتَعَقَّبَهُ طفى بِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ يَأْخُذُهُ وَيُقَاصِصَهُ بِهِ فِي أَحَدِ النُّجُومِ وَحِينَئِذٍ فَالِاسْتِظْهَارُ قُصُورٌ وَنَصُّهَا وَمَنْ اغْتَصَبَ أَمَةً، فَإِنْ نَقَصَهَا غَرِمَ مَا نَقَصَهَا وَكَانَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ إلَّا فِي الْكِتَابَةِ، فَإِنَّ سَيِّدَهَا يَأْخُذُهَا وَيُقَاصِصُهُا بِهِ فِي أَحَدِ نُجُومِهِ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: صَحَّ) الصِّحَّةُ أَعَمُّ مِنْ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَقْتَضِي أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ فَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى قَوْلِهِ صَحَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ابْتِدَاءً إذَا كَانَ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي التَّوْضِيحِ بِالْجَوَازِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا) أَيْ بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَجَزَ عَنْ الْأَدَاءِ) أَيْ إنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ لَا قَبْلَ عَجْزِهِ فَلَا يُعْتَقُ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ فَلَيْسَ الْمُكَاتَبُ كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ غَيْرَ عَالِمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ مُحِيطٌ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا لَمْ يُعْتَقْ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ، فَإِنَّ غُرَمَاءَهُ يَبِيعُونَهُ فِي دَيْنِهِمْ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ فَلَا يُنْتَزَعُ مَالُهُ بِخِلَافِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ.
(قَوْلُهُ: لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ أَنَّ الْكِتَابَةَ مِنْ قَبْلِ الْعِتْقِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمِجَرِّهَا وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِلَّةَ لَا تَأْتِي هُنَا؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا هُوَ السَّيِّدُ وَالْعِتْقُ بِيَدِهِ فَدَعْوَاهُ الْكِتَابَةَ إقْرَارٌ بِالْعِتْقِ وَدَعْوَى بِعِمَارَةِ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِالْمَالِ فَلَيْسَ هُنَا دَعْوَى الْعِتْقِ أَصْلًا وَإِذَا عَلَّلَ بَعْضُهُمْ كَوْنَ الْقَوْلِ قَوْلَ الْعَبْدِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ مُدَّعٍ يُرِيدُ عِمَارَةَ ذِمَّةِ الْعَبْدِ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ إلَّا أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا التَّعْلِيلِ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ لَا بِلَا يَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا دَعْوَى بِمَالٍ فَتَتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ فِي شَأْنِ الْكِتَابَةِ سَوَاءٌ ادَّعَى نَفْيَهَا أَوْ ثُبُوتَهَا وَهَذَا الْقَوْلُ
(وَ) فِي نَفْيِ (الْأَدَاءِ) لِنُجُومِ الْكِتَابَةِ بِيَمِينٍ كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُكَاتَبُ وَعَتَقَ، فَإِنْ نَكَلَ فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِهِ (لَا الْقَدْرِ) كَأَنْ يَقُولَ بِعَشْرَةٍ وَقَالَ الْعَبْدُ بِأَقَلَّ كَخَمْسَةٍ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ بَلْ لِلْعَبْدِ بِيَمِينٍ إنْ أَشْبَهَ السَّيِّدَ أَمْ لَا، فَإِنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشُّبَهِ فَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا حَلَفَا وَكَانَ فِيهِ كِتَابَةُ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَقَضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ (وَ) لَا (الْجِنْسِ) فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَنَقَلَهُ ابْنُ شَاسٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَاَلَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ وَيُرَدُّ إلَى كِتَابَةِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ وَلَا يُرَاعَى شَبَهٌ وَلَا عَدَمُهُ كَمَا فِي اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَحَدُهُمَا أَنَّهَا وَقَعَتْ بِعَيْنٍ وَالْآخَرُ بِعَرَضٍ فَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي الْعَيْنِ؛ لِأَنَّهَا الْغَالِبُ فِي الْمُعَاوَضَاتِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ الْآخَرُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ (وَالْأَجَلِ) فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ أَيْ إذَا اخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ أَوْ انْقِضَائِهِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْقَدْرِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَةَ تَجْرِي عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْقَوْلَ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا فِي الثَّلَاثَةِ (وَإِنْ)(أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ) أَوْ وَاحِدٌ فَأَدَّى وَفَضَلَتْ فَضْلَةٌ أَوْ عَجَزَ (فَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا) بِمَا أَعَانُوهُ بِهِ (الصَّدَقَةَ) بِأَنْ قَصَدُوا فَكَّ الرَّقَبَةِ أَوْ لَا قَصْدَ لَهُمْ (رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ) عَلَى الْعَبْدِ (وَ) رَجَعُوا (عَلَى السَّيِّدِ بِمَا قَبَضَهُ) مِنْ مَالِهِمْ (إنْ عَجَزَ) لِعَدَمِ حُصُولِ غَرَضِهِمْ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَصَدُوا الصَّدَقَةَ عَلَى الْمُكَاتَبِ (فَلَا) رُجُوعَ لَهُمْ بِالْفَضْلَةِ وَلَا بِمَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ إنْ عَجَزَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِالصَّدَقَةِ ذَاتُ الْعَبْدِ وَقَدْ مَلَكَهَا بِحَوْزِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَشَى عَلَيْهِ خش تَبَعًا لِلْفِيشِيِّ وَسَلَّمَهُ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ وَلَمْ يَتَعَقَّبْهُ وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج مَا مَشَى عَلَيْهِ شَارِحُنَا تَبَعًا لشب وعبق ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ وَصَدَّرَ بِمَا مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ
(قَوْلُهُ: وَفِي نَفْيِ الْأَدَاءِ) أَيْ وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْأَدَاءِ كَكُلِّ النُّجُومِ أَوْ بَعْضِهَا إنْ ادَّعَى الْعَبْدُ الْأَدَاءَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا.
(قَوْلُهُ: كَمَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ) أَيْ لِأَنَّ دَعْوَى الْعَبْدِ الْأَدَاءَ دَعْوَى بِمَالٍ وَهِيَ تَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فَتُتَوَجَّهُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ السَّيِّدُ هُنَا بِمُجَرَّدِهَا وَمَحَلُّ خُلْفِ السَّيِّدِ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي صُلْبِ عَقْدِ الْكِتَابَةِ التَّصْدِيقَ بِلَا يَمِينٍ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِسَيِّدِهِ) أَيْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إذَا حَلَفَ أَوْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ انْفَرَدَ الْعَبْدُ بِالشَّبَهِ (قَوْلُهُ: حَلَفَا) أَيْ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى إثْبَاتِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ وَلَا الْجِنْسِ)، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ وَقَعَتْ الْكُلُّ بِعَشْرَةِ رِيَالَاتٍ وَقَالَ السَّيِّدُ بَلْ بِعَشْرَةِ أَرَادِبَّ قَمْحٍ فَلَيْسَ الْقَوْلُ قَوْلَ السَّيِّدِ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ وَكَذَا إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهَا بِثَوْبٍ مَثَلًا وَالْآخَرُ بِكِتَابٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْعَبْدُ بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ السَّيِّدَ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَيُرَدُّ إلَى كِتَابَةِ الْمِثْلِ) أَيْ مِنْ الْعَيْنِ وَهَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ وَقَعَتْ بِعَرَضٍ وَاخْتُلِفَا فِي جِنْسِهِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا بِثَوْبٍ وَالْآخَرُ قَالَ بِكِتَابٍ مَثَلًا، وَأَمَّا إذَا قَالَ أَحَدُهُمَا: وَقَعَتْ بِعَيْنٍ وَقَالَ الْآخَرُ: إنَّهَا وَقَعَتْ بِعَرَضٍ فَعِنْد الْمَازِرِيِّ كَذَلِكَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ الْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعِي الْعَيْنِ مَا لَمْ يَنْفَرِدْ الْآخَرُ بِالشَّبَهِ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بِيَمِينٍ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ عَلَى ثُبُوتِ دَعْوَاهُ وَنَفْيِ دَعْوَى صَاحِبِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا اخْتَلَفَا) أَيْ السَّيِّدُ وَالْعَبْدُ فِي قَدْرِهِ وَانْقِضَائِهِ وَكَذَا فِي أَصْلِهِ وَعَدَمِهِ فَالْقَوْلُ لِلْعَبْدِ سَوَاءٌ انْفَرَدَ الْعَبْدُ بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا، فَإِنْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ، فَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدًا مِنْهُمَا حَلَفَا وَرَجَعَا لِأَجَلِ الْمِثْلِ وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا وَيَقْضِي لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ
(قَوْلُهُ: عَلَى اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ) أَيْ عِنْدَ فَوَاتِ الْمَبِيعِ مِنْ الرُّجُوعِ لِلشَّبَهِ فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْقَدْرِ وَالْأَجَلِ لَا فِي الِاخْتِلَافِ فِي الْجِنْسِ (قَوْلُهُ: إنَّ الْقَوْلَ لِلْعَبْدِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدَ بِالشَّبَهِ أَوْ أَشْبَهَا مَعًا أَوْ انْفَرَدَ السَّيِّدُ بِالشَّبَهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعَانَهُ جَمَاعَةٌ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ عَلَى الْعَبْدِ) أَيْ رَجَعُوا عَلَى الْعَبْدِ بِالْفَضْلَةِ الْبَاقِيَةِ بِيَدِهِ بَعْدَ أَدَاءِ كِتَابَتِهِ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ يَسِيرَةً أَوْ كَثِيرَةً وَقُيِّدَتْ بِالْكَثِيرِ وَاسْتُشْهِدَ لَهُ بِمَا قَالُوهُ فِي رَدِّ فَضْلَةِ الطَّعَامِ وَالْعَلَفِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْغَنِيمَةِ فِي الْجِهَادِ وَتَقَدَّمَ لَلْمُصَنِّفِ فِيهِ رَدُّ الْفَضْلِ إنْ كَثُرَ فَالْيَسِيرُ لَغْوٌ يُتَسَاهَلُ فِيهِ وَكَذَا فَضْلَةُ مَنْ دَفَعَ لِامْرَأَةٍ نَفَقَةَ سَنَةٍ وَكِسْوَتَهَا ثُمَّ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَفَضْلَةُ مُؤْنَةِ عَامِلِ الْقَرْضِ قَالَ الْجُزُولِيُّ: فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ اثْنَانِ فَدَفَعَ مَالَ أَحَدِهِمَا وَخَرَجَ حُرًّا، فَإِنَّهُ يُرَدُّ مَالُ الْآخَرِ إلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مَالَ مَنْ بَقِيَ، فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَا إلَيْهِ وَقَالَ الْجُزُولِيُّ أَيْضًا وَكَذَا مَنْ دُفِعَ لَهُ مَالٌ لِكَوْنِهِ صَالِحًا أَوْ عَالِمًا أَوْ فَقِيرًا وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ تِلْكَ الْخَصْلَةُ حَرُمَ أَخْذُهُ اهـ بْن وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ وَهُوَ فِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَيْضًا مَا صُورَتُهُ مَنْ وَهَبَ لِرَجُلٍ شَيْئًا لِيَسْتَعِينَ بِهِ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ فَلَا يَصْرِفُهُ إلَّا فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ دَفَعَ لِفَقِيرٍ زَكَاةً فَبَقِيَتْ عِنْدَهُ حَتَّى اسْتَغْنَى فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ بَلْ تُبَاحُ لَهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَهُمْ بِالْفَضْلَةِ) أَيْ بِمَا فَضَلَ عِنْدَهُ بَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنَّفِ حَذْفُ قَوْلِهِ وَإِلَّا فَلَا إذْ لَا حَاجَةَ لَهُ لِظُهُورِهِ مَعَ أَنَّهُ مَفْهُومٌ شُرِطَ وَلَا نُكْتَةَ فِي التَّصْرِيحِ بِهِ، فَإِنْ تَنَازَعَ الْعَبْدُ مَعَ مَنْ أَعْطَاهُ فَقَالَ الْعَبْدُ هُوَ
(وَإِنْ)(أَوْصَى) السَّيِّدُ لِعَبْدِهِ (بِمُكَاتَبَتِهِ) أَيْ بِأَنْ يُكَاتِبَ (فَكِتَابَةُ الْمِثْلِ) أَيْ يَلْزَمُ الْوَرَثَةَ أَنْ يُكَاتِبُوهُ بِمُكَاتَبَةِ مِثْلِهِ عَلَى قَدْرِ قُوَّتِهِ عَلَى السَّعْيِ وَقَدْرِ أَدَائِهِ (إنْ حَمَلَهُ) أَيْ الْمُكَاتَبَ أَيْ حَمَلَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ (الثُّلُثُ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ إنْ حَمَلَهَا أَيْ حَمَلَ قِيمَتَهُ لَا الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ، وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا كَوْنَ الثُّلُثِ يَحْمِلُهُ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْكِتَابَةَ عِتْقٌ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ خُيِّرَ الْوَرَثَةُ بَيْنَ أَنْ يُكَاتِبُوهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ أَوْ يَعْتِقُوا مِنْهُ مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ بَتْلًا قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي بَعْدَهُ
(وَإِنْ)(أَوْصَى لَهُ) أَيْ لِمُكَاتَبِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بَتْلًا وَهُوَ مَرِيضٌ (بِنَجْمٍ) مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَتْ النُّجُومُ مُتَسَاوِيَةً لَا مُبْهَمٌ وَهِيَ غَيْرُ مُتَسَاوِيَةٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: (فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ) أَيْ النَّجْمِ إذْ تَقْوِيمُهُ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِ (جَازَتْ) الْوَصِيَّةُ وَعَتَقَ مِنْهُ مَا يُقَابِلُهُ مِنْ ثُلُثٍ أَوْ نِصْفٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّتْ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ النُّجُومِ عَلَى تَنْجِيمِهَا، فَإِنْ وَفَاهَا خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ (فَعَلَى الْوَارِثِ) أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ حَذَرًا مِنْ إبْطَالِ الْوَصِيَّةِ
(أَمَّا)(الْإِجَازَةُ) لِلْوَصِيَّةِ أَيْ تَنْفِيذُ مَا أَوْصَى بِهِ (أَوْ عِتْقُ مَحْمَلِ الثُّلُثِ) وَحَطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ فَلَوْ عَتَقَ مِنْهُ الثُّلُثُ حَطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثَهُ وَإِذَا عَجَزَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ عَنْ بَقِيَّةِ مَا عَلَيْهِ رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
صَدَقَةٌ وَقَالَ الْمُعْطِي لَيْسَ صَدَقَةً بَلْ إعَانَةً عَلَى فَكِّ الرَّقَبَةِ، فَإِنْ كَانَ عُرْفٌ عُمِلَ بِهِ، وَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِالْأَمْرَيْنِ أَوْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ أَصْلًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُعْطِي؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ جِهَتِهِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَوْصَى السَّيِّدُ) أَيْ فِي صِحَّتِهِ أَوْ فِي مَرَضِهِ إذْ الْوَصِيَّةُ إنَّمَا تَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ إنْ حَمَلَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ ثَلَاثِينَ وَخَلَّفَ السَّيِّدُ سِتِّينَ فَثُلُثُ الْجَمِيعِ ثَلَاثُونَ قَدْرَ قِيمَةِ الْعَبْدِ. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَكُوتِبَ كِتَابَةَ أَمْثَالِهِ إنْ أَدَّى النُّجُومَ خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْبَعْضِ فَهَلْ يَرْجِعُ كُلُّهُ قِنًّا؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ أَوْ يَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا أَدَّى وَيَرِقُّ مُقَابِلُ الْمَعْجُوزِ عَنْهُ تَنْفِيذًا لِغَرَضِ الْمُوصِي بِقَدْرِ الْمَكَانِ فَلْيُحَرَّرْ النَّقْلُ فِي ذَلِكَ كَذَا نَظَرَ بَعْضُهُمْ اهـ وَاقْتَصَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ عَلَى الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: قِيمَةَ رَقَبَتِهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ قِنٌّ (قَوْلُهُ: لَا الْكِتَابَةَ) أَيْ إنَّ ضَمِيرَ حَمْلِهَا رَاجِعٌ لَقِيمَةِ الرَّقَبَةِ لَا لِلْكِتَابَةِ كَمَا قَالَ تت؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ النَّقْلِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَوْصَى بِكِتَابَةِ عَبْدٍ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُ رَقَبَتَهُ جَازَ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اعْتَبَرُوا كَوْنَ الثُّلُثِ يَحْمِلُهُ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْكِتَابَةَ فِيهَا عِوَضٌ فَلَيْسَتْ مِنْ التَّبَرُّعِ (قَوْلُهُ فَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْكِتَابَةَ بَيْعٌ فَيَلْزَمُ الْوَارِثَ أَنْ يُكَاتِبَهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ مُطْلَقًا حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ أَوْ لَمْ يَحْمِلْهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ ثَلَاثِينَ وَخَلَّفَ ثَلَاثِينَ غَيْرَ الْعَبْدِ فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ ثُلُثُهَا عِشْرُونَ نِسْبَتُهَا لِقِيمَةِ الْعَبْدِ ثُلُثَاهَا فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ ثُلُثَيْ قِيمَةِ الْعَبْدِ فَيُخَيَّرُ الْوَرَثَةُ إمَّا أَنْ يُكَاتِبُوا هَذَا الْعَبْدَ كِتَابَةَ مِثْلِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَعْتِقُوا ثُلُثَيْهِ حَالًا وَيَكُونُ ثُلُثُهُ رَقِيقًا لَهُمْ وَإِذَا كَاتَبُوهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ، فَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ وَلَوْ عَنْ الْبَعْضِ رَقَّ لِلْوَرَثَةِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مَرِيضٌ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ وَهَبَهُ أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْوَصِيَّةُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا فِي صِحَّتِهِ وَمَرَضِهِ؛ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَنْفُذُ بَعْدَ الْمَوْتِ عَلَى كُلِّ حَالٍ (قَوْلُهُ: بِنَجْمٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ كَالنَّجْمِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَتْ النُّجُومُ إلَخْ) أَيْ أَوْصَى بِنَجْمٍ مُبْهَمٍ إلَّا أَنَّ النُّجُومَ مُتَسَاوِيَةٌ كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّ نَجْمٍ عِشْرِينَ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَأَوْصَى لَهُ بِنَجْمٍ مِنْهَا غَيْرِ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: إذْ تَقْوِيمُهُ إلَخْ) أَيْ وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ النَّجْمَ الْمُوصَى بِهِ لَهُ مُعَيَّنٌ أَوْ مِنْ نُجُومٍ مُتَسَاوِيَةٍ؛ لِأَنَّ تَقْوِيمَهُ فَرْعُ مَعْرِفَتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ جَازَتْ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ عَشْرَةً فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ وَتَرَكَ السَّيِّدُ ثَلَاثِينَ وَأَوْصَى لَهُ بِالنَّجْمِ الْأَوَّلِ فَلَا يَخْفَى أَنَّ ثُلُثَ السَّيِّدِ ثَلَاثُونَ فَقَدْ حَمَلَ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ ثُلُثُ التَّرِكَةِ وَنِسْبَتُهُ لِلنُّجُومِ بِتَمَامِهَا النِّصْفَ فَيَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ نِصْفُهُ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ قِيمَةَ النَّجْمِ جَازَتْ الْوَصِيَّةُ أَيْ نَفَذَتْ وَعَتَقَ مَا يُقَابِلُهُ أَيْ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ النَّجْمَ (قَوْلُهُ: مَا عَدَا مَا حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ فِي الْمِثَالِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ عَشْرَةً وَلَمْ يَتْرُكْ السَّيِّدُ شَيْئًا غَيْرَ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَقِيمَتُهَا سِتُّونَ فَثُلُثُ السَّيِّدِ عِشْرُونَ حِينَئِذٍ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ قِيمَةَ النَّجْمِ الْأَوَّلِ وَنِسْبَةُ ثُلُثِ السَّيِّدِ لِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَهِيَ مَجْمُوعُ قِيمَةِ النُّجُومِ الثَّلَاثِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ ثُلُثُ الْعَبْدِ وَيَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ وَبَعْدَ الْإِسْقَاطِ إنْ أَدَّى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ خَرَجَ حُرًّا، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ رَقَّ مَا عَدَا مَحْمَلَ الثُّلُثِ وَهُوَ ثُلُثَاهُ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ هَذَا إذَا لَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ، وَأَمَّا إنْ أَجَازَتْهَا فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ النَّجْمَ وَهُوَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ قِيمَةَ ذَلِكَ النَّجْمِ بِالنِّسْبَةِ لِقِيمَةِ النُّجُومِ بِتَمَامِهَا الَّتِي هِيَ قِيمَةُ الْعَبْدِ النِّصْفُ هَذَا مُحَصِّلُهُ
(قَوْلُهُ: الْإِجَازَةُ لِلْوَصِيَّةِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَا قَابَلَ ذَلِكَ النَّجْمَ (قَوْلُهُ: وَحَطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ حَيْثُ عَتَقَ ثُلُثُهُ
وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاخْتَلَفَتْ النُّجُومُ، فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ إلَى عَدَدِهَا، فَإِذَا كَانَتْ ثَلَاثَةً فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَتْ أَرْبَعَةً فَمِنْ كُلٍّ رُبُعُهُ وَهَكَذَا
(وَإِنْ)(أَوْصَى لِرَجُلٍ) مُعَيَّنٍ (بِمُكَاتَبِهِ) أَيْ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِهِ لَا بِنَفْسِ رَقَبَتِهِ، وَإِنْ قَالَ أَوْصَيْت بِمُكَاتَبِي لِزَيْدٍ فَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ الْكِتَابَةُ لَا الرَّقَبَةُ (أَوْ بِمَا عَلَيْهِ) مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ وَيَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْمَعْنَى (أَوْ بِعِتْقِهِ) أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ (جَازَتْ) الْوَصِيَّةُ (إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ) أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ (قِيمَةَ كِتَابَتِهِ أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهُ مُكَاتَبٌ) ، فَإِذَا كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَشْرَةً وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ عَلَى أَنَّهَا مُكَاتَبَةٌ خَمْسَةً أَوْ بِالْعَكْسِ وَتَرَكَ عَشْرَةً جَازَتْ لِحَمْلِ الثُّلُثِ الْخَمْسَةَ إذْ هِيَ مَعَ الْعَشَرَةِ ثُلُثٌ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ خُيِّرَ الْوَارِثُ بَيْنَ إجَازَةِ ذَلِكَ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْمُوصِي لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَعَتَقَ مَحْمَلَهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصِي لَهُ قَدْرُ مَحْمَلِ الثُّلُثِ وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ، وَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا وَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ
(وَ) إذَا قَالَ شَخْصٌ لِعَبْدِهِ (أَنْت حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا) مَثَلًا (أَوْ) قَالَ أَنْت حُرٌّ (وَعَلَيْك أَلْفٌ) أَوْ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ (لَزِمَ الْعِتْقُ) مُعَجَّلًا (وَ) لَزِمَ (الْمَالُ) لِلْعَبْدِ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ مُعَجَّلًا إنْ أَيْسَرَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّهَا قَطَاعَةٌ لَازِمَةٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مَثَلًا كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي قُلْنَاهُ فَقَدْ سَقَطَ عَنْهُ ثُلُثُ الْكِتَابَةِ الْمُقَابِلُ لِمَا عَتَقَ وَلَا يُتَوَصَّلُ لِإِسْقَاطِهِ إلَّا بِمَا ذَكَرَهُ وَكَانَ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ أَنْ يَحُطَّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ مِنْ النَّجْمِ الْمُعَيَّنِ الْمُوصَى بِهِ وَيَبْقَى غَيْرُهُ مِنْ النُّجُومِ عَلَى حَالِهِ لَكِنَّهُ خُولِفَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ قَدْ خَرَجَتْ عَنْ وَجْهِهَا لَمَّا لَمْ يُجِزْهَا الْوَرَثَةُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّجْمُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَاخْتَلَفَتْ النُّجُومُ) وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الثَّانِي عِشْرِينَ وَقِيمَةُ الثَّالِثِ عَشْرَةً وَقَدْ أَوْصَى بِنَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَانْسُبْ وَاحِدًا هَوَائِيًّا لِثَلَاثَةٍ تَجِدْهُ ثُلُثًا فَيُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ فَتَكُونُ الْوَصِيَّةُ بِعِشْرِينَ وَهِيَ ثُلُثُ قِيمَةِ الْجَمِيعِ فَقَدْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْوَصِيَّةَ فَيَعْتِقُ مِنْهُ ثُلُثُهُ وَيَسْقُطُ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ثُلُثُهُ، فَإِنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ ثُلُثَاهُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُحَطُّ عَنْهُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِنِسْبَةِ وَاحِدٍ) أَيْ هَوَائِيٍّ إلَى عَدَدِهَا أَيْ النُّجُومِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا حَمَلَ الثُّلُثُ قَدْرَ النِّسْبَةِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمُتَقَدِّمِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ قَدْرَ النِّسْبَةِ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ وَحُطَّ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا بَقِيَ رَقَّ مِنْهُ مَا عَدَا مَا عَتَقَ مِنْهُ بِمُوجِبِ الْوَصِيَّةِ مَثَلًا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ النَّجْمِ الْأَوَّلِ ثَلَاثِينَ وَالثَّانِي عِشْرِينَ وَالثَّالِثُ عَشْرَةً وَأَوْصَى بِنَجْمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَا مَالَ لِلْمُوصِي سِوَى ذَلِكَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ قَدْرُهُ عِشْرُونَ فَيَكُونُ مَا خَلَّفَهُ السَّيِّدُ أَرْبَعِينَ ثُلُثُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ، فَإِنْ أَجَازَ الْوَرَثَةُ الْوَصِيَّةَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ مِنْ أَنَّهُ يَعْتِقُ ثُلُثُهُ، وَإِنْ لَمْ يُجِيزُوهَا عَتَقَ مِنْهُ مِقْدَارُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ مِنْ قِيمَةِ النُّجُومِ الَّتِي هِيَ سِتُّونَ وَنِسْبَةُ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٍ لِلسِّتِّينَ سُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ فَيَعْتِقُ مِنْهُ سُدُسُهُ وَثُلُثُ سُدُسِهِ وَيَسْقُطُ مِنْ كُلِّ نَجْمٍ ذَلِكَ الْقَدْرُ، فَإِنْ أَدَّى مَا عَلَيْهِ بَعْدَ الْإِسْقَاطِ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ ثُلُثَاهُ وَثُلُثَا سُدُسِهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بِمَا عَلَيْهِ) أَيْ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِمَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُكَاتَبِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ لِمَا قَبْلَهُ فِي الْمَعْنَى) أَيْ فَالْقَصْدُ ذِكْرُ الصِّيَغِ الَّتِي تَقَعُ مِنْ الْمُوصِي، وَإِنْ اتَّحَدَ مَعْنَاهَا (قَوْلُهُ أَوْ بِعِتْقِهِ) أَيْ أَوْصَى بِعِتْقِهِ أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لِرَجُلٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَوْصَى لِرَجُلٍ بِعِتْقِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ الْعَطْفُ عَلَى قَوْلِهِ بِمُكَاتَبِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ قِيمَةَ الرَّقَبَةِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْهَا فِي صِيغَتِهِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ (قَوْلُهُ: جَازَتْ لِحَمْلِ الثُّلُثِ الْخَمْسَةَ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالنُّجُومُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ لِلْمُوصَى لَهُ، فَإِنْ أَدَّى الْعَبْدُ النُّجُومَ لَهُ خَرَجَ حُرًّا وَإِلَّا رَقَّ لَهُ وَفِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ يَخْرُجُ حُرًّا (قَوْلُهُ إذْ هِيَ مَعَ الْعَشَرَةِ ثُلُثٌ) أَيْ إنَّ الْخَمْسَةَ قِيمَةُ الرَّقَبَةِ إذَا اعْتَبَرْتهَا مِنْ الْعَشَرَةِ قِيمَةِ الْكِتَابَةِ أَوْ مَعَ الْعَشَرَةِ الْمَتْرُوكَةِ تَكُونُ ثُلُثَ الْمَجْمُوعِ وَهُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ الْأَقَلَّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الْكِتَابَةِ ثَلَاثِينَ وَقِيمَةُ الرَّقَبَةِ ثَلَاثِينَ وَلَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا سِوَى ذَلِكَ فَجُمْلَةُ مَا تَرَكَهُ الْمُوصِي ثَلَاثُونَ ثُلُثُهَا عَشْرَةٌ فَالثُّلُثُ إنَّمَا حَمَلَ ثُلُثَ الرَّقَبَةِ وَثُلُثَ الْكِتَابَةِ (قَوْلُهُ: بَيْنَ إجَازَةِ ذَلِكَ) أَيْ الَّذِي أَوْصَى بِهِ الْمُوصِي وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ إعْطَاءِ الْمُوصَى لَهُ مِنْ الْكِتَابَةِ مَحْمَلَ الثُّلُثِ أَيْ وَهُوَ ثُلُثُهَا لَكِنْ لَا يَعْتِقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ الْآنَ بَلْ يُنْتَظَرُ لِأَدَائِهِ الْكِتَابَةَ، فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ وَإِلَّا رَقَّ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بَعْدُ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَجَزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ مَحْمَلُهُ فِي الْوَصِيَّةِ بِعِتْقِهِ) أَيْ أَوْ بِوَضْعٍ مَا عَلَيْهِ وَيُوضَعُ عَنْهُ مِنْ النُّجُومِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ كَمَا فِي خش.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ قَدْرُ مَحْمَلِ الثُّلُثِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا أَوْصَى لِمُعَيَّنٍ بِمُكَاتَبِهِ أَوْ بِمَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ فِيمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِهِ) أَيْ أَوْ بِوَضْعِ مَا عَلَيْهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ عَجَزَ عَنْ أَدَاءِ مَا عَلَيْهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُقَدَّمَ قَوْلُهُ وَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُهُ فِيمَا إلَخْ قَبْلَ قَوْلِهِ، وَإِنْ أَدَّى إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ عَجَزَ رَقَّ مِنْهُ لِلْمُوصَى لَهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأُولَتَيْنِ وَالْبَاقِي لِلْوَارِثِ وَعَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْوَارِثِ، وَإِنْ أَدَّى خَرَجَ حُرًّا فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ
(قَوْلُهُ لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ) أَيْ سَوَاءٌ زَادَ مَعَ قَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ أَوْ الْيَوْمَ أَوْ لَمْ يَقُلْ بَلْ أَطْلَقَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ