الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[دَرْسٌ]{بَابٌ} ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يُقَالُ عَتَقَ يَعْتِقُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَدَخَلَ وَهُوَ لَازِمٌ يَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَلَا يُقَالُ عَتَقَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ بَلْ أَعْتَقَهُ وَلَا يُقَالُ عَتَقَ الْعَبْدُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ بَلْ أُعْتِقَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْعِتْقُ مَنْدُوبٌ وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ وَلِذَا جُعِلَ كَفَّارَةً لِلْقَتْلِ وَكَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ يَذْكُرُهُ بَعْدَ رُبْعِ الْعِبَادَاتِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ.
وَالْمُصَنِّفُ كَغَيْرِهِ ذَكَرَهُ بَعْدَ الدِّمَاءِ وَالْحُدُودِ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ كَفَّارَةً لِلْجِنَايَاتِ إمَّا وُجُوبًا أَوْ نَدْبًا وَلِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ جِنَايَةٌ وَتَابَ أَنْ يَعْتِقَ رَقَبَةً لِتَكُونَ لَهُ كَفَّارَةٌ كَمَا فِي الْحَدِيثِ. وَأَرْكَانُهُ ثَلَاثٌ مُعْتِقٌ بِالْكَسْرِ وَمُعْتَقٌ بِالْفَتْحِ وَصِيغَةٌ وَأَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنَّمَا يَصِحُّ) أَيْ صِحَّةً تَامَّةً بِمَعْنَى اللُّزُومِ أَيْ إنَّمَا يَلْزَمُ (إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ طَلَاقُهُ وَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا وَوَصْفُ الْمُكَلَّفِ بِقَوْلِهِ (بِلَا حَجْرٍ) عَلَيْهِ فِيمَا أَعْتَقَهُ فَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِمَا فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا فَيَصِحُّ عِتْقُهُمَا فِي الثُّلُثِ لَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ السَّفِيهِ إلَّا لِأُمِّ وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَّا الِاسْتِمْتَاعُ وَيَسِيرُ الْخِدْمَةِ (وَ) بِلَا (إحَاطَةِ دَيْنٍ) بِمَالِهِ، فَإِنْ أَحَاطَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ عِتْقُهُ بِمَعْنَى لَمْ يَلْزَمْ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلِغَرِيمِهِ) أَيْ غَرِيمِ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ (رَدُّهُ) أَيْ الْعِتْقِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
بَابٌ فِي الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ: إمَّا وُجُوبًا) أَيْ فِي قَتْلِ الْخَطَأِ وَقَوْلُهُ أَوْ نَدْبًا أَيْ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: لِتَكُونَ لَهُ كَفَّارَةٌ) أَيْ لِمَا جَنَاهُ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْحَدِيثِ) أَيْ الْوَارِدِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجَ بِالْفَرْجِ» كَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهُ) أَيْ الْعِتْقِ الَّذِي هُوَ تَحْرِيرُ مُكَلَّفٍ رَقِيقًا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ وَالْمُرَادُ بِأَرْكَانِهِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا حَقِيقَتُهُ الْمَذْكُورَةُ لَا مَا كَانَ دَاخِلًا فِي مَاهِيَّتِه وَإِلَّا لَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْمُعْتَقِ وَالْمُعْتِقِ جُزْءًا لِلْعِتْقِ وَهُوَ بَاطِلٌ إذْ لَا يُحْمَلَانِ عَلَيْهِ كَمَا يُحْمَلُ الْحَيَوَانُ وَالنَّاطِقُ عَلَى الْإِنْسَانِ (قَوْلُهُ: أَيْ إنَّمَا يَلْزَمُ إلَخْ) دَفَعَ الشَّارِحُ بِهَذَا بَحْثَ ابْنِ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ: لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا يَلْزَمُ كَانَ أَوْلَى لِصِحَّةِ عِتْقِ بَعْضِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِمْ إذَا أَجَازَهُ مَنْ لَهُ الْحَقُّ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ صَحِيحٍ ابْتِدَاءً لِمَا تَمَّ اهـ قَالَ ح وَيَرِدُ عَلَى كَوْنِ يَصِحُّ بِمَعْنَى يَلْزَمُ الْكَافِرَ، فَإِنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ مَعَ أَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ مُكَلَّفٌ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ اُنْظُرْ بْن.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ إنَّمَا هُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَا حَجْرَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ الْكَافِرِ إلَّا إذَا بَانَ مِنْهُ الْعَبْدُ أَوْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا وَإِلَّا لَزِمَ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الْمُكَلَّفِ السَّكْرَانُ) أَيْ بِحَرَامٍ لَا بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ عِتْقُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَقِيلَ لَا يَصِحُّ الْخِلَافُ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلِطِ الَّذِي عِنْدَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْعَقْلِ، وَأَمَّا الطَّافِحُ الَّذِي لَا يَعْرِفُ الْأَرْضَ مِنْ السَّمَاءِ وَلَا الرَّجُلَ مِنْ الْمَرْأَةِ فَهَذَا لَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهِ وَأَقْوَالِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَفِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ إلَّا مَا ذَهَبَ وَقْتُهُ مِنْ الصَّلَوَاتِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ بِخِلَافِ الْمَجْنُونِ كَمَا نُقِلَ ذَلِكَ ح عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَوَّلَ الْبُيُوعِ وَذَكَرَ ح أَيْضًا أَنَّ التَّفْصِيلَ الَّذِي فِي قَوْلِ الْقَائِلِ:
لَا يَلْزَمُ السَّكْرَانَ إقْرَارُ عُقُودٍ
…
بَلْ مَا جَنَى عِتْقٌ طَلَاقٌ وَحُدُودٌ
إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّكْرَانِ الْمُخْتَلِطِ الَّذِي مَعَهُ ضَرْبٌ مِنْ الْعَقْلِ قَالَ وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ وَأَوْلَاهَا بِالصَّوَابِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَلْزَمُ طَلَاقُهُ) أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ عِتْقُهُ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا الْجِنَايَاتُ وَالْحُدُودُ (قَوْلُهُ: وَلَا تَصِحُّ هِبَتُهُ) أَيْ وَكَذَا سَائِرُ عُقُودِهِ وَإِقْرَارَاتِهِ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا) أَيْ فَلَوْ عَلَّقَ الصَّبِيُّ الْعِتْقَ عَلَى شَيْءٍ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ بَعْدَ بُلُوغِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ قَطْعًا نَظَرًا لِكَوْنِهِ حِينَ التَّعْلِيقِ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (قَوْلُهُ: وَوَصَفَ الْمُكَلَّفَ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ مُلْتَبِسٍ بِعَدَمِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ فِيمَا يَعْتِقُهُ فَلَوْ عَلَّقَ السَّفِيهُ الْعِتْقَ عَلَى شَيْءٍ فَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ وَهُوَ رَشِيدٌ فَخِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ لَا يَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ: فَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ بِلَا حَجْرٍ نَفْيَ الْحَجْرِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَإِلَّا كَانَ قَوْلُهُ وَإِحَاطَةُ دَيْنٍ مُكَرَّرًا مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ أَعَمُّ مِنْ إحَاطَةِ الدَّيْنِ إذْ كُلُّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنَ بِمَالِهِ فَهُوَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَيَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْأَعَمِّ نَفْيُ الْأَخَصِّ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ نَفْيُ الْحَجْرِ الْخَاصِّ بِالسَّفِيهِ وَالزَّوْجَةِ وَالْمَرِيضِ فِيمَا زَادَ عَلَى ثُلُثِهِمَا حِينَئِذٍ فَلَا يُغْنِي قَوْلُهُ بِلَا حَجْرٍ عَنْ قَوْلِهِ وَإِحَاطَةِ دَيْنٍ.
(قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ عِتْقُهُمَا فِي الثُّلُثِ) أَيْ يَلْزَمُ فِيهِ، وَأَمَّا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَلُزُومُهُ مُتَوَقِّفٌ عَلَى الْإِجَازَةِ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا بِدُونِهَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عِتْقُ السَّفِيهِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَلَهُ إمْضَاؤُهُ إذَا رَشَدَ مَا لَمْ يَكُنْ رَدَّهُ وَلِيُّهُ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ فِيهَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ فِي عِتْقِهَا (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى لَمْ يَلْزَمْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، فَإِنْ كَانَتْ الدُّيُونُ الَّتِي اسْتَغْرَقَتْ ذِمَّتَهُ مِنْ تَبَعَاتٍ لَا يُعْلَمُ أَرْبَابُهَا بِمُضِيِّ الْعِتْقِ وَلَا يُرَدُّ وَيَكُونُ
إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَهُ (أَوْ) رَدَّ (بَعْضَهُ) إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْجَمِيعَ كَأَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ عَشْرَةٌ وَعِنْدَهُ عَبْدٌ يُسَاوِي عِشْرِينَ فَأَعْتَقَهُ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَنْ يَرُدَّ مَا قَابَلَ دَيْنَهُ وَهُوَ عَشْرَةٌ فَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ إنْ وَجَدَ مَنْ يَشْتَرِي الْبَعْضَ وَإِلَّا رَدَّ الْجَمِيعَ.
(إلَّا أَنْ يَعْلَمَ) رَبُّ الدَّيْنِ الْمُحِيطِ بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَرُدَّهُ (أَوْ يَطُولَ) زَمَنُ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَإِنَّ الْعِتْقَ يَصِحُّ وَالطُّولُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَشْتَهِرَ بِالْحُرِّيَّةِ وَتَثْبُتُ لَهَا أَحْكَامُهَا بِالْمُوَارَثَةِ وَقَبُولِ شَهَادَتِهِ وَعِنْدَ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنْ يَزِيدَ زَمَنُهُ عَلَى أَرْبَعِ سِنِينَ بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ فَيُرَدَّانِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّارِعَ فِي الْعِتْقِ مُتَشَوِّفٌ لِلْحُرِّيَّةِ (أَوْ) إلَّا أَنْ (يُفِيدَ) السَّيِّدُ (مَالًا) يَفِي بِالدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ وَلَمْ يَرُدَّ الْعِتْقَ حَتَّى أَعْسَرَ فَلَا رَدَّ لَهُ (وَلَوْ) كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ (قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) كَمَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ بِأَنْ رَدَّ السُّلْطَانُ عِتْقَ الْمِدْيَانِ وَبَاعَ عَلَيْهِ الْعَبْدَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ بَيْعَهُ عَلَى الْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَفَادَ السَّيِّدُ مَالًا يَفِي بِدَيْنِهِ، فَإِنْ عَتَقَهُ يَمْضِي وَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ رَدُّ إيقَافٍ وَكَذَا رَدُّ الْغُرَمَاءِ.
وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ فَرَدُّ إبْطَالٍ وَكَذَا السَّيِّدُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَأَمَّا رَدُّ الزَّوْجِ تَبَرُّعَ زَوْجَتِهِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ فَقَالَ أَشْهَبُ إبْطَالٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا إبْطَالٌ وَلَا إيقَافٌ لِقَوْلِهَا فِي النِّكَاحِ الثَّانِي لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا لَمْ يَقْضِ عَلَيْهَا الْعِتْقَ وَلَا يَنْبَغِي لَهَا مِلْكُهُ انْتَهَى أَيْ فَلَوْ كَانَ إبْطَالًا لَجَازَ لَهَا مِلْكُهُ وَلَمْ يَطْلُبْ مِنْهَا تَنْفِيذَ عِتْقِهِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ إبْطَالٌ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ.
وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ نَجَّزَتْ عِتْقَهُ حَالَ الْحَجْرِ طُلِبَ مِنْهَا نَدْبًا تَنْفِيذُهُ عِنْدَ زَوَالِ الْحَجْرِ وَرَدَّ السُّلْطَانُ إنْ كَانَ لِلْغُرَمَاءِ فَإِيقَافٌ، وَإِنْ كَانَ لِلسَّفِيهِ فَإِبْطَالٌ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْوَصِيِّ
وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّانِيَ بِقَوْلِهِ (رَقِيقًا) وَهُوَ مَنْصُوبٌ بِإِعْتَاقِ الْمُضَافِ لِفَاعِلِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ قِنًّا أَوْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ وَوَصْفُهُ بِقَوْلِهِ (لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الرَّقِيقِ أَيْ بِرَقَبَتِهِ (حَقٌّ لَازِمٌ) بِأَنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَصْلًا أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُضِرٍّ لِعَدَمِ لُزُومِهِ لَعَيْنِهِ وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقٌّ بِعَيْنِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ كَمَا لَوْ كَانَ مُرْتَهِنًا أَوْ كَانَ رَبُّهُ مَدِينًا أَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ جِنَايَةٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأَجْرُ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ وَالْوَلَاءُ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ كَذَا فِي بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ.
(قَوْلُهُ: إنْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ جَمِيعَهُ) أَيْ جَمِيعَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَغْرِقْ الْجَمِيعَ) أَيْ جَمِيعَ الْعَبْدِ مِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ مَعْنَاهُ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ بِالْعَبْدِ أَوْ بَعْضِهِ وَأَنَّ قَوْلَهُ وَلِغَرِيمِهِ رَدُّهُ أَوْ بَعْضُهُ عَلَى التَّوْزِيعِ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْإِحَاطَةَ بِهَا وَعَدَمَهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْعِتْقِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَوْمَ رَدِّهِ خِلَافًا لعبق اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَيُبَاعُ مِنْ الرَّقِيقِ بِقَدْرِ الْعَشَرَةِ) أَيْ وَيَعْتِقُ الْبَاقِي.
(قَوْلُهُ: قَلَّ) أَيْ مَا قَابَلَ الْعَشَرَةَ مِنْ الْعَبْدِ أَوْ كَثُرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرُدَّهُ) أَيْ حِينَ عَلِمَهُ فَلَا رَدَّ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَوْ يَطُولَ زَمَنُ الْعِتْقِ) أَيْ مَعَ حُضُورِ رَبِّ الدَّيْنِ وَعَدَمِ غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَم أَيْ الْغَرِيمُ فَالطَّوْلُ وَحْدَهُ كَافٍ وَلَا يُنْظَرُ لِقَوْلِ الْغُرَمَاءِ لَمْ نَعْلَمْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِ إمَّا لِأَنَّ الطَّوْلَ مَظِنَّةٌ لِلْعِلْمِ وَإِمَّا لِاحْتِمَالِ أَنَّ السَّيِّدَ اسْتَفَادَ مَالًا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ هِبَةِ الْمَدِينِ وَصَدَقَتِهِ) أَيْ وَمِثْلُهُمَا وَقْفُهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَتْ إفَادَةُ الْمَالِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ) أَيْ فَلَيْسَ لِلْغَرِيمِ رَدُّ الْعِتْقِ بَلْ يَمْضِي (قَوْلُهُ فَقَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ. . . إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَفَادَ الْمَالَ بَعْدَ نُفُوذِ الْبَيْعِ بِأَنْ اسْتَفَادَهُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلَا يُرَدُّ الْبَيْعُ وَيُرَدُّ الْعِتْقُ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ السُّلْطَانَ كَمَا صَوَّرَ بِهِ الشَّارِحُ وَمِثْلُهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْمُفْلِسُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَيُرَدُّ الْبَيْعُ حَتَّى بَعْدَ نُفُوذِهِ أَيْضًا حَيْثُ اسْتَفَادَ الْمَدِينُ مَالًا كَمَا فِي ح.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ رَدِّ الْبَيْعِ وَنُفُوذِ الْعِتْقِ حَيْثُ اسْتَفَادَ الْمَدِينُ مَالًا قَدْرَ الدَّيْنِ قَبْلَ نُفُوذِ الْبَيْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ رَدَّ الْحَاكِمِ أَيْ لِتَبَرُّعِ الْمَدِينِ رَدُّ إيقَافٍ وَقَدْ أَشَارَ ابْنُ غَازِيٍّ لِضَبْطِ جَمِيعِ أَقْسَامِ الرَّدِّ بِقَوْلِهِ:
أَبْطِلْ صَنِيعَ الْعَبْدِ وَالسَّفِيهِ
…
بِرَدِّ مَوْلَاهُ وَمَنْ يَلِيهِ
وَأَوْقِفْنَ رَدَّ الْغَرِيمِ وَاخْتَلِفْ
…
فِي الزَّوْجِ وَالْقَاضِي كَمُبْدَلٍ عُرِفْ
(قَوْلُهُ: وَكَذَا رَدُّ الْغُرَمَاءِ) أَيْ لِتَبَرُّعِ الْمَدِينِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا رَدُّ الْوَصِيِّ) أَرَادَ بِهِ وَلِيَّ السَّفِيهِ أَيْ وَأَمَّا رَدُّ وَلِيِّ السَّفِيهِ لِتَبَرُّعِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ وَصِيُّ الصَّغِيرِ؛ لِأَنَّ تَبَرُّعَ الصَّغِيرِ بَاطِلٌ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا يَحْتَاجُ لِرَدٍّ مِنْ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا رَدُّ الزَّوْجِ إلَخْ) وَمِثْلُ رَدِّ الْوَارِثِ تَبَرُّعُ الْمَرِيضِ بِزَائِدِ الثُّلُثِ إذَا كَانَ الرَّدُّ قَبْلَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: لَوْ رَدَّ عِتْقَهَا) أَيْ لَوْ رَدَّ الزَّوْجُ عِتْقَهَا لِعَبْدِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَوْ كَانَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ رَدُّ الزَّوْجِ إبْطَالًا لِعِتْقِهَا لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِمَا بِالْعِتْقِ بَعْدَ طَلَاقِهَا وَكَانَ لَهَا تَمَلُّكُ ذَلِكَ الْعَبْدِ وَلَوْ كَانَ إيقَافًا لَقُضِيَ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا تَمَلُّكُهُ فَلَمَّا حَكَمَ بَعْدَ الْقَضَاءِ عَلَيْهَا بِالْعِتْقِ وَبِعَدَمِ التَّمَلُّكِ عُلِمَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّدَّ لَيْسَ إبْطَالًا وَلَا إيقَافًا
(قَوْلُهُ: أَوْ تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْ بِرَقَبَتِهِ وَقَوْلُهُ حَقٌّ لِلسَّيِّدِ إلَخْ الْأَوْضَحُ أَوْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ غَيْرُ لَازِمٍ بِأَنْ كَانَ لِلسَّيِّدِ إسْقَاطُهُ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِهِ سَيِّدُهُ لِفُلَانٍ ثُمَّ نَجَّزَ عِتْقَهُ، فَإِنَّ عِتْقَهُ صَحِيحٌ مَاضٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ وَهُوَ الْمُوصِي لَهُ بِهِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْحَقَّ غَيْرُ لَازِمٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ وَتَنْجِيزُ الْعِتْقِ هُنَا يُعَدُّ رُجُوعًا عَنْ الْوَصِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا تَعَلَّقَ حَقٌّ بِعَيْنِهِ قَبْلَ عِتْقِهِ) الْأَنْسَبُ أَنْ يَقُولَ وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا تَعَلَّقَ
أَيْ وَرَبُّهُ مُعْسِرٍ فِي الثَّلَاثَةِ فَلَوْ كَانَ مَلِيًّا صَحَّ الْعِتْقُ وَعَجَّلَ الدَّيْنَ وَالْأَرْشَ وَلَوْ طَرَأَ الْمِلَاءُ بَعْدَ الْعِتْقِ وَقَبْلَ بَيْعِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ نُفُوذِهِ كَمَا قَدَّمَهُ إلَّا أَنَّ التَّمْثِيلَ بِالْأَوَّلَيْنِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ
وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّالِثَ وَهُوَ الصِّيغَةُ مُقَسِّمًا لَهَا لِصَرِيحٍ وَهُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ إلَّا بِقَرِينَةٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَكِنَايَةٍ ظَاهِرَةٍ وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِنِيَّةٍ وَخَفِيَّةٍ وَهِيَ مَا لَا تَنْصَرِفُ إلَيْهِ إلَّا بِنِيَّةٍ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِعْتَاقٍ أَيْ إنَّمَا يَصِحُّ إعْتَاقُ مُكَلَّفٍ بِهِ أَيْ بِالْعِتْقِ أَيْ بِتَصْرِيحِهِ بِهِ أَيْ بِاللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَيْهِ صَرِيحًا وَأَتَى بِالْمَصْدَرِ لِيَصِيرَ سَائِرُ تَصَارِيفِهِ مِنْ الصَّرِيحِ نَحْوُ أَعْتَقْتُك وَأَنْتَ مَعْتُوقٌ وَعَتِيقٌ وَمُعْتَقٌ (وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ) نَحْوُ فَكَكْت رَقَبَتَك أَوْ أَنْتَ مَفْكُوكُ الرَّقَبَةِ (وَالتَّحْرِيرِ) كَأَنْتَ حُرٌّ وَحَرَّرْتُك وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَهَذَا إنْ أَطْلَقَ بَلْ (وَإِنْ) قَيَّدَ بِزَمَنٍ كَأَنْتَ حُرٌّ أَوْ مَعْتُوقٌ (فِي هَذَا الْيَوْمِ) أَوْ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَحُرٌّ أَبَدًا (بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ) تَصْرِفُ الصَّرِيحَ عَنْ إرَادَةِ الْعِتْقِ، فَإِنْ وُجِدَتْ صَرَفَتْهُ عَنْ ظَاهِرِهِ كَمَا إذَا عَمِلَ عَمَلًا فَأَعْجَبَ سَيِّدَهُ فَقَالَ لَهُ: مَا أَنْتَ إلَّا حُرٌّ أَوْ أَنْتَ حُرٌّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ الْعِتْقَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْتَ فِي عَمَلِك كَالْحُرِّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ فِي الْفُتْيَا وَلَا فِي الْقَضَاءِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) بِلَا قَرِينَةِ (خُلْفٍ) بِضَمِّ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ بِمَعْنَى الْمُخَالَفَةِ وَالْعِصْيَانِ يَعْنِي إذَا خَالَفَهُ فِي شَيْءٍ فَقَالَ لَهُ يَا حُرُّ أَوْ أَنْت حُرٌّ أَوْ مَا أَنْت إلَّا حُرٌّ قَاصِدًا بِذَلِكَ تَهْدِيدَهُ وَأَنَّهُ فِي مُخَالَفَتِهِ لَهُ كَمُخَالَفَةِ الْحُرِّ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ (أَوْ) بِلَا قَرِينَةِ (دَفْعِ مَكْسٍ) كَمَا إذَا طَلَبَ مِنْهُ الْمُكَّاسُ مَكْسَ عَبْدِهِ فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ هُوَ حُرٌّ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ حَلَّفَهُ فَحَلَفَ لِقَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ بِالْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ بِقَوْلِهِ (وَبِلَا مِلْكٍ) لِي عَلَيْك (أَوْ) لَا (سَبِيلَ لِي عَلَيْك) وَلَا يَصْدُقُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الْعِتْقِ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ (لِجَوَابٍ) عَنْ كَلَامٍ قَبْلَهُ وَقَعَ مِنْ الْعَبْدِ كَأَنْ يُكَلِّمَ سَيِّدَهُ بِكَلَامٍ لَا يَلِقْ فَقَالَ لَهُ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَقَالَ لَمْ أُرِدْ الْعِتْقَ فَيَصْدُقُ (وَبِكَوَهَبْتُ لَك نَفْسَك) أَوْ خِدْمَتَك أَوْ عَمَلَك فِي حَيَاتِك أَوْ تَصَدَّقْتُ عَلَيْك بِخَرَاجِك
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ قَبْلَ عِتْقِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ وَرَبُّهُ) أَيْ الَّذِي أَعْتَقَهُ مُعْسِرٌ فِي الثَّلَاثَةِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ عِتْقُهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ التَّمْثِيلَ) أَيْ لَمَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ (قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ الْمَرْهُونَ إذَا أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَكَانَ مُعْسِرًا فَالْعِتْقُ غَيْرُ مَاضٍ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِ السَّيِّدِ وَكَذَلِكَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ كَانَ عِتْقُهُ غَيْرَ مَاضٍ لِإِحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ عِتْقِ الْمَالِكِ أَنْ يَكُونَ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَإِذَا عَلِمْت أَنَّ التَّمْثِيلَ بِالْأَوَّلَيْنِ يُغْنِي عَنْهُ مَا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَبِلَا إحَاطَةِ دَيْنٍ فَالْأَوْلَى عَدَمُ التَّمْثِيلِ لَمَّا تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ حَقٌّ لَازِمٌ بِذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُمَثَّلُ لِذَلِكَ بِالْعَبْدِ الْجَانِي كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَوْرَدَ عَلَى قَوْلِهِ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ الْمُدَبَّرُ وَالْمُكَاتَبُ وَالْمُقَاطِعُ، فَإِنَّهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِمْ حَقٌّ لَازِمٌ وَمَعَ ذَلِكَ يَصِحُّ عِتْقُهُمْ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِآدَمِيٍّ غَيْرِ سَيِّدِهِ وَالْمُكَاتَبُ وَمَنْ ذُكِرَ مَعَهُ قَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لَازِمٌ لِسَيِّدِهِ لَا لِغَيْرِهِ
(قَوْلُهُ: مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْعِتْقِ لِغَيْرِهِ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَلَوْ بِنِيَّةِ صَرْفِهِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِقَرِينَةٍ اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ أَيْ لَكِنْ يَنْصَرِفُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَا تَنْصَرِفُ عَنْهُ) أَيْ لِغَيْرِهِ وَقَوْلُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ أَيْ أَوْ قَرِينَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِإِعْتَاقٍ) أَيْ وَهُوَ مَحَطُّ الْحَصْرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَعْمُولُ الْمُؤَخَّرُ مَثَّلَ لَهُ تَعَالَى {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَحَطَّ الْحَصْرِ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذِّكْرِ بَلْ الْمَعْمُولَاتُ كُلُّهَا مَقْصُودَةٌ بِالذِّكْرِ نَعَمْ الْآخَرُ مِنْهَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْحَصْرِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: إنْ جَعَلَ الْأَخِيرَ مَقْصُودًا بِالْحَصْرِ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَقْصُودَ بِالذِّكْرِ رُكْنِيَّةُ الصِّيغَةِ وَإِلْغَاءُ رُكْنِيَّةِ الْمُعْتِقِ وَالْمُعْتَقِ؛ لِأَنَّهُمَا وَإِنْ ذُكِرَا قَبْلُ لَكِنْ ذَكَرَهُمَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَا بِالذَّاتِ مَعَ اتِّفَاقِ الشُّرَّاحِ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ لِكَوْنِهِمَا رُكْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَأَتَى بِالْمَصْدَرِ) أَيْ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِضَمِيرِ الْمَصْدَرِ لِيُفِيدَ أَنَّ سَائِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَبِفَكِّ الرَّقَبَةِ) أَيْ فَكِّهَا عَنْ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: فَحُرٌّ أَبَدًا) أَيْ وَلَوْ قَيَّدَهُ بِفَقَطْ كَمَا لَوْ قَالَ: فَكَكْت رَقَبَتَك فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَطْ أَوْ بِهَذَا الْعَمَلِ كَمَا لَوْ قَالَ فَكَكْت رَقَبَتَك مِنْ هَذَا الْعَمَلِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ حِينَ تَقْيِيدِهِ بِفَقَطْ أَوْ بِهَذَا الْعَمَلِ إذَا أَرَادَ فَكَّ رَقَبَتِهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ فَقَطْ أَوْ فَكَّ رَقَبَتِهِ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ الْخَاصِّ وَلَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ عِتْقَهُ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَسْتَعْمِلُهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَلَا فِي هَذَا الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: بِلَا قَرِينَةِ مَدْحٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ التَّصْرِيحِ بِالْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَدْحِ ذَلِكَ الرَّقِيقِ (قَوْلُهُ: قَاصِدًا بِذَلِكَ تَهْدِيدَهُ) أَيْ لَا حُرِّيَّتَهُ وَعِتْقَهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ) أَيْ لَا فِي الْفَتْوَى وَلَا فِي الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَلَّفَهُ) أَيْ الْمُكَّاسُ بِأَنْ قَالَ لَهُ: لَا أَدَعُك مِنْ أَخْذِ الْمَكْسِ إلَّا أَنْ تَقُولَ: إنْ كَانَ رَقِيقًا فَهُوَ حُرٌّ فَقَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ نِيَّةِ الْعِتْقِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ لِقَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ، وَأَمَّا إنْ نَوَى بِهِ الْعِتْقَ وَهُوَ ذَاكِرٌ أَنَّ لَهُ أَنْ لَا يَنْوِيَهُ فَهُوَ حُرٌّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ عَلَى النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: لِقَرِينَةِ الْإِكْرَاهِ) أَيْ إنَّ الْإِكْرَاهَ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ هُوَ حُرٌّ فَكَّ رَقَبَتِهِ مِنْ الرِّقِّ، وَإِنَّمَا أَرَادَ غَيْرَ ذَلِكَ أَيْ أَنَّهُ كَالْحُرِّ فِي أَنَّهُ لَا مَكْسَ عَلَيْهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُصَدَّقُ فِي عَدَمِ إرَادَةِ الْعِتْقِ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِي نِيَّتِهِ عَدَمَ إرَادَةِ الْعِتْقِ بِهِمَا وَفِيهِ أَنَّهُ يُخَالِفُ مَا مَرَّ لَهُ مِنْ أَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ يَصْرِفُهَا عَنْ الْعِتْقِ النِّيَّةُ وَالْقَرِينَةُ فَلَعَلَّ الْأَوْلَى وَلَا يُعْتَبَرُ عَدَمُ إرَادَتِهِ لِلْعِتْقِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ أَحَدَ هَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ) أَيْ جَوَابًا لِكَلَامِهِ وَالْمُرَادُ بِاللَّفْظَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ لَا مِلْكَ لِي عَلَيْك
حَيَاتَك أَوْ أَعْطَيْتُك نَفْسَك فَيَعْتِقُ وَلَا يُعْذَرُ بِجَهْلٍ وَلَا يَحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ وَأَشَارَ إلَى الْكِنَايَةِ الْخَفِيَّةِ بِقَوْلِهِ (وَبِكَاسْقِنِي) الْمَاءَ (أَوْ اذْهَبْ أَوْ اُعْزُبْ) أَيْ ابْعَدْ وَدَخَلَ بِالْكَافِ كُلُّ كَلَامٍ وَلَكِنْ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْعِتْقِ (بِالنِّيَّةِ) أَيْ بِنِيَّةِ الْعِتْقِ أَيْ بِنِيَّتِهِ بِمَا ذَكَرَ الْعِتْقَ وَإِلَّا فَلَا فَقَوْلُهُ بِالنِّيَّةِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَبِكَاسْقِنِي. . . إلَخْ لَا لِمَا قَبْلَهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ (وَعِتْقُ) الْعَبْدِ (عَلَى الْبَائِعِ) دُونَ الْمُشْتَرِي إنْ عَلَّقَ عِتْقَهُ (هُوَ) أَيْ الْبَائِعُ (وَالْمُشْتَرِي عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ) بِأَنْ قَالَ السَّيِّدُ: إنْ بِعْته فَهُوَ حُرٌّ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: إنْ اشْتَرَيْته فَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ بَاعَهُ سَيِّدُهُ لِذَلِكَ الْمُشْتَرِي الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَى شِرَائِهِ فَيَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَوْ تَقَدَّمَ الْقَبُولُ مِنْ الْمُشْتَرِي عَلَى الْإِيجَابِ مِنْ الْبَائِعِ، فَإِنَّهُ سَبْقٌ صُورِيٌّ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ إنْ قَبَضَهُ عَلَى مُشْتَرِيهِ وَاتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَعْسَرَ (وَ) عَتَقَ عَلَى الْمُشْتَرِي (بِالِاشْتِرَاءِ الْفَاسِدِ فِي) قَوْلِهِ لِعَبْدٍ (إنْ اشْتَرَيْتُك) فَأَنْت حُرٌّ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَوْمَ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ عَلَيْهِ يُفَوِّتُ رَدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ وَمِثْلُ شِرَائِهِ شِرَاءُ بَعْضِهِ، وَإِنَّمَا عَتَقَ بِالْفَاسِدِ؛ لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا كَصَحِيحِهَا (كَأَنْ)(اشْتَرَى) الْعَبْدُ (نَفْسَهُ) مِنْ سَيِّدِهِ شِرَاءً (فَاسِدًا) ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ مَا اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ وَكَأَنَّهُ انْتَزَعَهُ مِنْهُ وَأَعْتَقَهُ (وَ) عَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ (الشِّقْصَ) الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنْ عَبْدٍ وَكَمَّلَ عَلَيْهِ (فِيهِ) إنْ كَانَ مَلِيًّا (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (الْمُدَبَّرُ وَأُمُّ الْوَلَدِ) أَيْ يُنَجِّزُ عَلَيْهِ عِتْقَهُمَا وَكَذَا مُكَاتَبُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (وَ) عَتَقَ عَلَيْهِ (وَلَدُ عَبْدِهِ) الْكَائِنِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلَا سَبِيل لِي عَلَيْك (قَوْلُهُ: وَلَا يُحْتَاجُ فِي هَذَا إلَى نِيَّةٍ) أَيْ تُصْرَفُ تِلْكَ الْأَلْفَاظُ لِلْعِتْقِ بَلْ مَتَى قَالَ لَفْظًا مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ لِعَبْدِهِ لَزِمَهُ الْعِتْقُ نَوَاهُ أَوْ لَمْ يَنْوِهِ قَبِلَ الْعَبْدُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ، فَإِنْ نَوَى بِشَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ غَيْرَ الْعِتْقِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْعِتْقُ (قَوْلُهُ أَوْ اُعْزُبْ) بِضَمِّ الزَّاي الْمُعْجَمَةِ قَالَ تَعَالَى {لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ} [سبأ: 3] (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِالْكَافِ كُلُّ كَلَامٍ) ظَاهِرُهُ حَتَّى صَرِيحِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ لِرَقِيقِهِ أَنْت طَالِقٌ وَنَوَى بِهِ الْعِتْقَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ إذْ هُوَ أَوْلَى مِنْ اسْقِنِي الْمَاءَ لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُمْ كُلُّ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابٍ لَا يَكُونُ كِنَايَةً فِي غَيْرِهِ وَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكِنَايَةَ الظَّاهِرَةَ كَالصَّرِيحِ فِي عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ لِلنِّيَّةِ) أَيْ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الصَّرِيحَ لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَوْ بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْبِسَاطِ وَالْقَرِينَةِ، وَأَمَّا الْكِنَايَةُ الظَّاهِرَةُ فَتَنْصَرِفُ عَنْهُ لِلْغَيْرِ بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الصَّرِيحَ فِي بَابَيْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ هُوَ مَا لَا يَنْصَرِفُ لِلْغَيْرِ وَلَا بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْقَرِينَةِ وَالْبِسَاطِ وَالْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الْبَابَيْنِ مَا لَا يَنْصَرِفُ عَنْهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ أَوْ الْقَرِينَةِ وَلَا يَتَوَقَّفُ صَرْفُهُمَا لَهُ عَلَى نِيَّةٍ، وَالْكِنَايَةُ الْخَفِيَّةُ فِي الْبَابَيْنِ مَا لَا تَنْصَرِفُ لَهُ إلَّا بِالنِّيَّةِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ مُخَالَفَةِ الْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ هُنَا لِلْكِنَايَةِ الظَّاهِرَةِ فِي الطَّلَاقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَعَتَقَ عَلَى الْبَائِعِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا أَوْ بِخِيَارٍ بَعْدَ مُضِيِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْمُشْتَرِي) أَيْ مُرِيدُ الشِّرَاءِ.
(قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ عَلَى الْبَائِعِ) أَيْ بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ بِعْت وَلَوْ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْت، وَإِنْ كَانَ الْعَقْدُ يَتَوَقَّفُ عَلَى الطَّرَفَيْنِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ إنَّمَا عَلَّقَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عِتْقِهِ عَلَى الْبَائِعِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ: إنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْقِيَاسُ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ إنَّمَا يَقَعُ بِتَمَامِ الْبَيْعِ وَهُوَ حِينَئِذٍ قَدْ انْتَقَلَ لِمِلْكِ الْمُشْتَرِي اُنْظُرْ بْن وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ التَّعْلِيقُ مِنْ كُلٍّ مِنْ الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ، فَإِنْ عَلَّقَ الْبَائِعُ فَقَطْ عَتَقَ بِالْبَيْعِ وَلَوْ فَاسِدًا اتِّفَاقًا وَيُنْقَضُ الْبَيْعُ وَيَرُدُّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ: إنْ بِعْت السِّلْعَةَ الْفُلَانِيَّةَ فَهِيَ صَدَقَةٌ فَالْأَظْهَرُ وُجُوبُ التَّصَدُّقِ بِثَمَنِهَا وَقِيلَ يُنْدَبُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَا يُنْتَقَضُ الْبَيْعُ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ بِهِ فِي ذِمَّتِهِ إنْ أَعْسَرَ) أَيْ وَلَا يَرُدُّ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: الْفَاسِدِ) أَيْ وَأَوْلَى الصَّحِيحِ (قَوْلُهُ: فِي قَوْلِهِ لِعَبْدٍ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ) أَيْ فَبِمُجَرَّدِ شِرَائِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ الشِّرَاءُ فَاسِدًا وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي لِبَائِعِهِ قِيمَتُهُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الشِّرَاءُ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ أَوْ مُخْتَلِفًا فِي فَسَادِهِ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْبَيْعَ الْمُخْتَلَفَ فِي فَسَادِهِ إذَا فَاتَ يَمْضِي بِالثَّمَنِ فَلَعَلَّ كَلَامَ الشَّارِحِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُتَّفَقِ عَلَى فَسَادِهِ أَوْ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْ الْقَاعِدَةِ كَالْبَيْعِ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: شِرَاءَ بَعْضِهِ) أَيْ فِي كَوْنِهِ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْحَقَائِقَ الشَّرْعِيَّةَ تُطْلَقُ عَلَى فَاسِدِهَا إلَخْ)، فَإِذَا قَالَ: إنْ اشْتَرَيْتُك فَأَنْتَ حُرٌّ اشْتَرَاهُ شِرَاءً فَاسِدًا صَدَقَ عَلَيْهِ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ شَرْعًا، وَإِنْ قُلْت: الْبَيْعُ الْفَاسِدُ لَا يَنْتَقِلُ بِهِ الْمِلْكُ فَمُقْتَضَاهُ عَدَمُ لُزُومِ الْعِتْقِ لِلْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا لِعَدَمِ دُخُولِ الْعَبْدِ فِي مِلْكِهِ قُلْت رُوعِيَ تَشَوُّفُ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ مَعَ تَسْلِيطِ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي عَلَى إيقَاعِ الْعِتْقِ فَأَوْقَعَهُ (قَوْلُهُ: وَيَأْخُذُ السَّيِّدُ مِنْ الْعَبْدِ مَا اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ) أَيْ إذَا كَانَ غَيْرَ خَمْرٍ وَنَحْوِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الَّذِي اشْتَرَى بِهِ نَفْسَهُ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا، فَإِنْ كَانَ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْعَبْدِ عَتَقَ وَغَرِمَ قِيمَةَ رَقَبَتِهِ لِسَيِّدِهِ يَوْمَ عِتْقِهِ، وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا أُرِيقَ الْخَمْرُ وَسُرِّحَ الْخِنْزِيرُ أَوْ قُتِلَ وَلَزِمَ الْعِتْقُ وَلَا يُتْبَعُ الْعَبْدُ بِقِيمَةٍ وَلَا غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: وَالشِّقْصُ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ إذَا قَالَ: إنْ فَعَلْت كَذَا فَكُلُّ عَبِيدِي أَحْرَارٌ أَوْ كُلُّ مَمَالِيكِي أَحْرَارٌ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ أَوْ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَوْ كُلُّ حُرٍّ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ لِي أَوْ مَمْلُوكٍ حُرٌّ وَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلُّ عَبْدٍ يَمْلِكُهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا الشِّقْصُ
(مِنْ أَمَتِهِ) أَيْ أَمَةِ الْعَبْدِ (وَإِنْ) حَدَثَ الْوَلَدُ (بَعْدَ يَمِينِهِ) وَقَبْلَ حِنْثِهِ فَحُكْمُهُ كَمَنْ وُجِدَ قَبْلَ يَمِينِهِ لَكِنْ هَذَا فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَقَوْلِهِ عَلَيَّ عِتْقُ عَبِيدِي لَأَدْخُلَنَّ الدَّارَ أَوْ إنْ لَمْ أَدْخُلْهَا فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ.
وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَهُوَ عَلَى بِرٍّ فَلَا يَدْخُلُ مَا حَدَثَ حَمْلُهُ بَعْدَ الْيَمِينِ كَمَا لَوْ حَدَثَ مِلْكُهُ بَعْدَهُ بِخِلَافِ الْحَمْلِ السَّابِقِ فَيَدْخُلُ فِي يَمِينِهِ فِي الْبِرِّ أَيْضًا لِوُجُودِهِ فِي الْجُمْلَةِ وَعَتَقَ عَلَيْهِ الشِّقْصُ وَمَا بَعْدَهُ فِي التَّعْلِيقِ (وَالْإِنْشَاءِ) بِشِينٍ مُعْجَمَةٍ فَهُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَيَصِحُّ رَفْعُهُ عَلَى أَنَّهُ مُبْتَدَأٌ حُذِفَ خَبَرُهُ أَيْ وَالْإِنْشَاءُ فِيمَا ذَكَرَ كَالتَّعْلِيقِ (فِيمَنْ يَمْلِكُهُ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ أَيْ وَالشِّقْصُ وَمَا بَعْدَهُ فِي قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ (أَوْ) كُلُّ مَمْلُوكٍ (لِي) حُرٌّ (أَوْ رَقِيقِي أَوْ عَبِيدِي أَوْ مَمَالِيكِي) أَحْرَارٌ أَيْ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ مَنْ ذَكَرَ (لَا) يَعْتِقُ (عَبِيدُ عَبِيدِهِ) إذَا قَالَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ عَبِيدَ الْعَبِيدِ إذْ لَيْسُوا مَمْلُوكِينَ لَهُ بَلْ لِعَبِيدِهِ وَالْعَبْدُ يَمْلِكُ عِنْدَنَا حَتَّى يَنْتَزِعَ سَيِّدُهُ مَا لَهُ (كَأَمْلِكُهُ أَبَدًا) أَيْ إنَّ مَنْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فَلَا يَلْزَمُهُ عِتْقٌ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ؛ لِأَنَّهُ يَمِينُ حَرَجٍ وَمَشَقَّةٍ كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ وَسَوَاءٌ عَلَّقَ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتَ الدَّارَ فَكُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ
(وَوَجَبَ) مُعْتَقٌ (بِالنَّذْرِ) مُعَلَّقًا كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَفَعَلَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ (وَلَمْ يَقْضِ) عَلَيْهِ بِهِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ تَنْفِيذُهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ كَنَذْرِهِ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ أَنْوَاعِ الْبِرِّ (إلَّا بِبَتِّ مُعَيَّنٍ) بِالْإِضَافَةِ وَمُعَيَّنٍ صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ عَبْدٍ مُعَيَّنٍ إمَّا بِالضَّمِيرِ أَوْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ بِالْإِضَافَةِ أَوْ بِالْعَلَمِيَّةِ أَوْ بِالِاسْمِ الْمَوْصُولِ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الَّذِي يَمْلِكُهُ مِنْ عَبْدٍ وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ عِتْقُ مُدَبَّرِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ وَمُكَاتَبِهِ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ أَيْضًا وَلَدُ عَبْدِهِ الْكَائِنُ مِنْ أَمَةِ الْعَبْدِ أَوْ مِنْ أَمَةِ السَّيِّدِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ وَأَوْلَى مِنْ أَمَةِ السَّيِّدِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ أَمَتِهِ عَنْ وَلَدِ عَبْدِهِ مِنْ حُرَّةٍ أَوْ مِنْ أَمَةِ أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ) أَيْ كَإِنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَعَبِيدِي أَحْرَارٌ (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَلَى بِرٍّ) أَيْ حَتَّى يَدْخُلَ، فَإِذَا دَخَلَ حَنِثَ بِخِلَافِهِ بِصِيغَةِ الْحِنْثِ، فَإِنَّهُ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَدْخُلَ، فَإِذَا دَخَلَ بَرَّ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَدَثَ مِلْكُهُ بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِيهِ شَيْءٌ أَصْلًا سَوَاءٌ كَانَتْ الصِّيغَةُ صِيغَةَ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَاسُ عَلَى الْأَوْلَادِ الْحَادِثُ حَمْلُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ فَيُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ صِيغَةِ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ كَمَا قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ؛ لِأَنَّ الْفُرُوعَ تُعَدُّ كَامِنَةً فِي الْأُمَّهَاتِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْحَمْلِ السَّابِقِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَا كَانَ حَمْلًا حِينَ الْيَمِينِ يَعْتِقُ فِي كُلٍّ مِنْ صِيغَةِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا حَدَثَ الْحَمْلُ بِهِ بَعْدَ الْيَمِينِ فَيَعْتِقُ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّ الْأُمَّهَاتِ مُرْتَهَنَاتٌ بِالْيَمِينِ لَا يَسْتَطِيعُ وَطْأَهُنَّ وَلَا بَيْعَهُنَّ وَلَا تَعْتِقُ فِي صِيغَةِ الْبِرِّ عَلَى الْأَصْوَبِ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ وَهُوَ فِي التَّعْلِيقِ إنْ قُلْت عَطْفُ الْإِنْشَاءِ عَلَى التَّعْلِيقِ يُوهِمُ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ مِنْ الْإِنْشَاءِ مَعَ أَنَّهُ مِنْهُ قُلْت هُوَ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ أَوْ يُرَادُ بِالْإِنْشَاءِ مَا قَابَلَ التَّعْلِيقَ.
(قَوْلُهُ: كُلُّ مَمْلُوكٍ إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلْإِنْشَاءِ، وَأَمَّا مِثَالُ التَّعْلِيقِ فَنَحْوُ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ.
(قَوْلُهُ: لَا عَبِيدُ عَبِيدِهِ) عُورِضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِمَا فِي نُذُورِ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ فُلَانٍ فَرَكِبَ دَابَّةَ عَبْدِهِ، فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّهُ اخْتِلَافُ قَوْلٍ وَفَرَّقَ اللَّخْمِيُّ بِأَنَّ الْأَيْمَانَ يُرَاعَى فِيهَا النِّيَّاتُ، وَالْقَصْدُ فِي هَذِهِ الْيَمِينِ عُرْفًا دَفْعُ الْمِنَّةِ، وَالْمِنَّةُ تَحْصُلُ بِرُكُوبِ دَابَّةِ الْعَبْدِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: إذَا قَالَ وَاحِدًا مِمَّا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَنَاوُلِهِ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ كُلُّ امْرَأَةٍ أَتَزَوَّجُهَا طَالِقٌ) أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِيمَنْ تَحْتَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَزَوَّجُهَا وَسَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ) أَيْ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ أَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ حُرٌّ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِأَبَدًا أَوْ فِي الْمُسْتَقْبَلِ أَوْ لَا يُقَيِّدُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُعَلِّقَ أَوْ لَا يُعَلِّقَ، فَإِنْ قَيَّدَ فَلَا يَلْزَمُهُ فِيهَا عِتْقٌ لَا لِمَنْ فِي مِلْكِهِ وَلَا لِمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ اتِّفَاقًا، وَأَمَّا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِأَبَدًا وَلَا بِقَوْلِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ اتِّفَاقًا سَوَاءٌ عَلَّقَ أَوْ لَا كَقَوْلِهِ كُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ أَوْ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَكُلُّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ حُرٌّ، وَأَمَّا مَنْ عِنْدَهُ وَفِي مِلْكِهِ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ تَعْلِيقًا أَمْ لَا عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ فِيهِمَا وَالثَّانِي عَدَمُ لُزُومِ عِتْقِهِ فِيهِمَا وَعَلَيْهِ مَشَى الشَّارِحُ فِيمَا يَأْتِي وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ فَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ عِنْدَهُ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق
(قَوْلُهُ: كَإِنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَيْ أَوْ عِتْقُ عَبْدِي مَرْزُوقٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ لِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) أَيْ أَوْ عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعِتْقَ يَجِبُ بِالنَّذْرِ سَوَاءٌ كَانَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَوْ لَا بِأَنْ كَانَ بَتًّا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَقْضِ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَمْ يَقْضِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ إلَّا إذَا كَانَ النَّذْرُ مُلْتَبِسًا بِبَتٍّ أَيْ بِعِتْقٍ مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَمْ لَا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّذْرُ مُلْتَبِسًا بِبَتٍّ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ كَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا
بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِتَنْجِيزِهِ وَسَوَاءٌ عَلَّقَ كَقَوْلِهِ إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ إنْ دَخَلَ عَبْدِي فُلَانٌ الدَّارَ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ إنْ دَخَلْتُ أَنَا فَفُلَانٌ حُرٌّ وَحَصَلَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُعَلِّقْ كَقَوْلِهِ أَنْتَ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ (وَهُوَ) أَيْ الْعِتْقُ (فِي خُصُوصِهِ وَعُمُومِهِ) كَالطَّلَاقِ فَيَلْزَمُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي، فَإِذَا قَالَ: إنْ مَلَكْت عَبْدًا مِنْ الزِّنْجِ أَوْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ كُلُّ عَبْدٍ مَلَكْتُهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ فَهُوَ حُرٌّ أَوْ مِنْ الصِّنْفِ أَوْ مِنْ الْبَلَدِ الْفُلَانِيِّ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ مَلَكَهُ مِنْ ذَلِكَ لِتَخْصِيصِهِ وَلَوْ قَالَ كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ قَيَّدَ بِأَبَدًا أَوْ أَطْلَقَ لِلْحَرَجِ وَالْمَشَقَّةِ فِي التَّعْمِيمِ
(وَ) فِي (مَنْعٍ مِنْ وَطْءٍ وَ) مِنْ (بَيْعٍ فِي صِيغَةِ حِنْثٍ) كَالطَّلَاقِ كَإِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا فَعَبْدِي حُرٌّ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ أَوْ فُلَانٌ أَوْ فُلَانَةُ مِنْ رَقِيقِي حُرٌّ فَيَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَمِنْ بَيْعِهَا أَوْ بَيْعِ الْعَبْدِ حَتَّى يَفْعَلَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْفِعْلِ عَتَقَ مِنْ الثُّلُثِ.
وَأَمَّا صِيغَةُ الْبِرِّ نَحْوُ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْت حُرٌّ أَوْ فَفُلَانَةُ حُرَّةٌ فَلَهُ الْبَيْعُ وَالْوَطْءُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى بِرٍّ حَتَّى يَحْصُلَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَسَوَاءٌ قَيَّدَ أَوْ أَطْلَقَ بِخِلَافِ صِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ نَحْوُ إنْ لَمْ أَدْخُلْ الدَّارَ فِي هَذَا الشَّهْرِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَيَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ دُونَ الْوَطْءِ إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ بِحَيْثُ لَوْ وَطِئَ لَفَرَغَ الْأَجَلُ فَيَمْنَعُ أَيْضًا وَالْفَرْقُ أَنَّ الْبَيْعَ يَقْطَعُ الْعِتْقَ وَيُضَادُّهُ بِخِلَافِ الْوَطْءِ (وَ) هُوَ فِي (عِتْقِ عُضْوٍ) وَلَوْ حُكْمًا كَشَعْرٍ وَجَمَالٍ وَكَلَامٍ كَالطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ يَدُك أَوْ رِجْلُك حُرَّةٌ أَوْ شَعْرُك أَوْ كَلَامُك حُرٌّ عَتَقَ الْجَمِيعَ لَكِنْ بِالْحُكْمِ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَوُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي قَوْلِهِ يَدُك طَالِقٌ مَثَلًا لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمٍ فَالتَّشْبِيهُ فِي هَذَا تَشْبِيهٌ فِي الْجُمْلَةِ وَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ وَأَدَبِ الْمُجْزِئِ هُنَا أَيْضًا (وَ) هُوَ فِي (تَمْلِيكِهِ الْعَبْدَ) أَمْرَ نَفْسِهِ أَوْ تَفْوِيضِهِ كَتَمْلِيكِ الزَّوْجَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا (وَ) فِي (جَوَابِهِ كَالطَّلَاقِ) فَيَعْتِقُ إنْ قَالَ: أَعْتَقْت نَفْسِي أَوْ قَبِلْت عِتْقِي فَلَوْ قَالَ: اخْتَرْتُ نَفْسِي فَقَالَ أَشْهَبُ كَذَلِكَ كَالطَّلَاقِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَعْتِقُ إلَّا إذَا قَالَ نَوَيْتُ بِهِ الْعِتْقَ بِخِلَافِ الزَّوْجَةِ الْمُمَلَّكَةِ إذَا قَالَتْ: اخْتَرْت نَفْسِي، فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، وَإِنْ لَمْ تَدَّعِ أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ وَفُرِّقَ بِأَنَّ الزَّوْجَ إنَّمَا مَلَّكَهَا فِي أَنْ تُقِيمَ أَوْ تُفَارِقَ وَفِرَاقُهَا لَا يَكُونُ إلَّا طَلَاقًا، فَإِذَا قَالَتْ اخْتَرْت نَفْسِي عَلِمْنَا أَنَّهَا أَرَادَتْ الطَّلَاقَ، وَإِنْ لَمْ تَقُلْ نَوَيْت بِهِ الطَّلَاقَ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَفِرَاقُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَعَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ وَفِعْلُ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فَلَا يَقْضِي بِهِ بَلْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَحْكُمَ عَلَيْهِ الْقَاضِي بِتَنْجِيزِهِ) أَيْ بِوُقُوعِهِ حَالًا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ أَوْ بَعْدَ وُقُوعِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ هُنَاكَ تَعْلِيقٌ (قَوْلُهُ: إنْ دَخَلْتُ الدَّارَ فَأَنْتَ حُرٌّ) أَيْ أَوْ فَهَذَا الْعَبْدُ حُرٌّ أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ وَلَا عَبْدَ لَهُ إلَّا وَاحِدٌ مُعَيَّنٌ أَوْ عَبْدِي زَيْدٌ حُرٌّ أَوْ عَبْدِي الَّذِي فَعَلَ كَذَا حُرٌّ (قَوْلُهُ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ مَلَكَهُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ هُوَ فِي مِلْكِهِ وَمَنْ يَتَجَدَّدُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ وَسَوَاءٌ عَلَّقَ أَوْ لَا هَذَا إذَا لَمْ يُقَيِّدْ بِالْآنِ وَلَا بِأَبَدًا كَمَا فِي أَمْثِلَةِ الشَّارِحِ، فَإِنْ قَيَّدَ بِالْآنِ كَكُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ الْآنَ فَهُوَ حُرٌّ لَزِمَهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ وَقْتَ الْيَمِينِ فَقَطْ عَلَّقَ أَمْ لَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ مِنْ الصَّقَالِبَةِ مَثَلًا، وَإِنْ قَيَّدَ بِأَبَدًا وَنَحْوِهِ فَالْعَكْسُ أَيْ يَلْزَمُهُ فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ مُعَلَّقًا فِيهِمَا أَمْ لَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يُقَيِّدَ بِأَبَدًا أَوْ الْآنَ أَوْ لَا يُقَيِّدُ وَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا إمَّا أَنْ يُعَلِّقَ أَوْ لَا فَالصُّوَرُ سِتٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) أَيْ لَا فِيمَنْ عِنْدَهُ وَلَا فِيمَنْ يَتَجَدَّدُ مِلْكُهُ وَمِثْلُ: كُلُّ عَبْدٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ كُلُّ رَقِيقٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ بِخِلَافِ كُلِّ مَمْلُوكٍ أَمْلِكُهُ فَهُوَ حُرٌّ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ عِنْدَهُ حِينَ الْيَمِينِ كَذَا فَرَّقَ عبق وخش بَيْنَ رَقِيقٍ وَمَمْلُوكٍ وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى أَنَّ " مَمْلُوكٍ " وَصْفٌ حَقِيقَتُهُ الْحَالُ فَلَا يَعُمُّ إلَّا إذَا قَالَ أَبَدًا بِخِلَافِ رَقِيقٍ وَعَبْدٍ فَعَامٌّ بِذَاتِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَكِنَّ الَّذِي اسْتَصْوَبَهُ بْن أَنَّ رَقِيقَ كَمَمْلُوكٍ فِي أَنَّهُ يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَا فِي مِلْكِهِ لَا مَا تَجَدَّدَ
(قَوْلُهُ: فِي صِيغَةِ حِنْثٍ) أَيْ مُطْلَقَةٍ غَيْرِ مُقَيَّدَةٍ بِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: فَيُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ وَمِنْ بَيْعِهَا) أَيْ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ وَمِنْ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فَيُحْكَمَ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ وَالْبَيْعِ مُخْرِجٌ لِلْعَبْدِ عَنْ مِلْكِهِ وَالْوَطْءُ قَدْ يَنْشَأُ عَنْهُ حَمْلٌ مَنَعَ مِنْ الْبَيْعِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْبَيْعُ وَالْوَطْءُ) أَيْ وَإِنْ مَاتَ لَمْ يَخْرُجْ الْعَبْدُ وَلَا الْأَمَةُ مِنْ ثُلُثٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يَكُونُ مِيرَاثًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْحَالِفَ إذَا مَاتَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ الْمُقَيَّدَةِ بِأَجَلٍ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيَمْنَعُ أَيْضًا) أَيْ فَإِمَّا أَنْ يَفْعَلَ أَوْ يَحْلِفَ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْوَطْءِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ حَيْثُ مُنِعَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْبَيْعَ يَقْطَعُ الْعِتْقَ) أَيْ لِأَنَّهُ يُخْرِجُ عَنْ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ وَيُضَادُّهُ أَيْ مَعَ احْتِمَالِ وُقُوعِهِ بِالْحِنْثِ (قَوْلُهُ: وَيَأْتِي قَوْلُهُ فِي الطَّلَاقِ وَأُدِّبَ الْمُجْزِئُ هُنَا أَيْضًا) فِي بْن أَنَّ التَّجْزِئَةَ فِي الْعِتْقِ مَكْرُوهَةٌ فَقَطْ وَلَا أَدَبَ فِيهَا، وَأَمَّا قَوْلُ التَّلْقِينِ وَلَا يَجُوزُ تَبْعِيضُ الْعِتْقِ ابْتِدَاءً فَقَدْ قَالَ ابْنُ شَاسٍ لَيْسَ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ التَّحْرِيمِ بَلْ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ وَحِينَئِذٍ فَلَا أَدَبَ (قَوْلُهُ: أَوْ تَفْوِيضَهُ) أَيْ لَهُ أَمْرُ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي جَوَابِهِ) أَيْ إذَا مَلَّكَهُ أَمْرَ نَفْسِهِ أَوْ فَوَّضَ لَهُ أَمْرَهَا كَذَا فَهِمَ الشَّارِحُ قَالَ بْن يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِهِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ أَوْ قَالَ يَا حَفْصَةُ فَأَجَابَتْهُ عَمْرَةُ فَطَلَّقَهَا فَالدَّعْوَةُ وَفِي الْعِتْقِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ يَعْتِقَانِ، لَا يَعْتِقَانِ، تَعْتِقُ الْمَدْعُوَّةُ، تَعْتِقُ الْمُجِيبَةُ وَخَرَّجَهَا الْأَئِمَّةُ فِي بَابِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ إنْ قَالَ) أَيْ الْعَبْدُ جَوَابًا لِقَوْلِ سَيِّدِهِ مَلَّكْتُك أَمْرَ نَفْسِك أَوْ فَوَّضْتُ لَك أَمْرَ نَفْسِك كَمَا أَنَّ الزَّوْجَةَ تَطْلُقُ إذَا قَالَتْ: طَلَّقْت نَفْسِي أَوْ قَبِلْت طَلَاقِي جَوَابًا لِقَوْلِ الزَّوْجِ مَلَّكْتُك أَمْرَ نَفْسِك أَوْ فَوَّضْت لَك أَمْرَ نَفْسِك (قَوْلُهُ: فَقَالَ أَشْهَبُ كَذَلِكَ)
قَدْ يَكُونُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْمَذْهَبُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوْجَهُ قَوْلَ أَشْهَبَ فَالْمُصَنِّفُ إمَّا مَاشٍ عَلَى مَا لِأَشْهَبَ وَإِمَّا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ وَيُرَادُ بِقَوْلِهِ وَجَوَابُهُ أَيْ الْجَوَابُ الصَّرِيحُ وَلَا يُقَالُ هَذَا لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ الشَّيْءُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إنَّمَا يَنْصَرِفُ لِلْفَرْدِ الْكَامِلِ وَالْجَوَابُ الْكَامِلُ فِي الطَّلَاقِ هُوَ الصَّرِيحُ (إلَّا) الْعِتْقَ (لِأَجَلٍ) فَلَا يُسَاوِي الطَّلَاقَ لِصِحَّةِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ يَبْلُغُهُ عُمْرُهُ ظَاهِرًا فَلَا يُنَجَّزُ عَلَيْهِ حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَيُنَجَّزَ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهِ (وَ) إلَّا إذَا قَالَ لِأَمَتَيْهِ (إحْدَاكُمَا) حُرَّةٌ وَلَا نِيَّةَ لَهُ (فَلَهُ الِاخْتِيَارُ) فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَإِمْسَاكِ الْأُخْرَى بِخِلَافِ الطَّلَاقِ، فَإِذَا قَالَ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ فَيُطَلَّقَانِ مَعًا عَلَيْهِ حَيْثُ لَا نِيَّةَ أَوْ نَسِيَهَا (وَ) إلَّا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ (إنْ) أَوْ إذَا أَوْ مَتَى (حَمَلْتِ) مِنِّي (فَأَنْت حُرَّةٌ)(فَلَهُ وَطْؤُهَا فِي كُلِّ طُهْرٍ مَرَّةً) حَتَّى تَحْمِلَ، فَإِنْ حَمَلَتْ عَتَقَتْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْتِ طَالِقٌ فَلَهُ وَطْؤُهَا مَرَّةً، فَإِنْ وَطِئَهَا وَلَوْ قَبْلَ يَمِينِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ حَنِثَ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَوْ عَزَلَ
(وَإِنْ)(جَعَلَ) الْمَالِكُ (عِتْقَهُ) أَيْ عِتْقَ عَبْدِهِ (لِاثْنَيْنِ)، فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُمَا (لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا) بِعِتْقِهِ فَلَوْ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ عِتْقٌ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ مَعًا وَكَذَا الطَّلَاقُ وَمَعْنَى التَّفْوِيضِ أَنْ يَقُولَ لَهُمَا: أَعْتِقَا عَبْدِي أَوْ جَعَلْت لَكُمَا عِتْقَهُ أَوْ إنْ شِئْتُمَا فَأَعْتِقَاهُ أَوْ فَوَّضْت لَكُمَا أَمْرَ عِتْقِهِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِمَّا يُفِيدُ عَدَمَ اسْتِقْلَالِ أَحَدِهِمَا وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ بِأَنْ خَاطَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يُفِيدُ الِاشْتِرَاكَ، فَإِنْ خَاطَبَ كُلًّا بِمَا يُفِيدُ الِاسْتِقْلَالَ بِأَنْ قَالَ لِكُلٍّ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مَجْلِسَيْنِ: أَعْتِقْ عَبْدِي أَوْ جَعَلْت لَك عِتْقَهُ إذَا وَصَلْت إلَيْهِ أَوْ اذْهَبْ فَأَعْتِقْهُ فَلِكُلٍّ الِاسْتِقْلَالُ وَهُوَ مَعْنَى الْإِرْسَالِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَكُونَا رَسُولَيْنِ) كَأَنَّهُ قَالَ: إنْ لَمْ يَجْعَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عِتْقَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الِاسْتِقْلَالُ بِعِتْقِهِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ أَمَرَ رَجُلَيْنِ بِعِتْقِ عَبْدِهِ فَأَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، فَإِنْ فَوَّضَ ذَلِكَ لَهُمَا لَمْ يَعْتِقْ الْعَبْدُ حَتَّى يَجْتَمِعَا، وَإِنْ جَعَلَهُمَا رَسُولَيْنِ عَتَقَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ انْتَهَى. وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَمَرَ جَعَلَ بِدَلِيلِ التَّفْصِيلِ بَعْدَهُ فَلِذَا عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِجَعْلِ
(وَإِنْ)(قَالَ) لِأَمَتَيْهِ (إنْ دَخَلْتُمَا) الدَّارَ مَثَلًا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ (فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ) مِنْهُمَا فَقَطْ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهِمَا) أَيْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ يَعْتِقُ بِقَوْلِهِ اخْتَرْت نَفْسِي، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِ الْعِتْقَ كَالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِاخْتِيَارِهِ لِنَفْسِهِ إلَّا إرَادَةَ الْعِتْقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ قَدْ يَكُونُ بِالْعِتْقِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ) أَيْ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ اخْتَرْت نَفْسِي بِمَعْنَى اخْتَرْت مُفَارَقَتَك بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ (قَوْلُهُ: الْجَوَابُ الصَّرِيحُ) أَيْ كَقَوْلِهِ أَعْتَقْت نَفْسِي أَوْ قَبِلْت عِتْقِي (قَوْلُهُ: حَتَّى يَأْتِيَ الْأَجَلُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمْنَعُ مِنْ الْبَيْعِ وَمِنْ وَطْءِ الْأَمَةِ بِذَلِكَ لِأَجْلِ (قَوْلُهُ: فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ مِنْ وَقْتِهِ) ؛ لِأَنَّ عَدَمَ تَنْجِيزِهِ يُشْبِهُ نِكَاحَ الْمُتْعَةِ وَهُوَ النِّكَاحُ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ: وَلَا نِيَّةَ لَهُ) أَيْ بِعِتْقِ وَاحِدَةٍ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الِاخْتِيَارُ) أَيْ فِي عِتْقِ وَاحِدَةٍ وَإِمْسَاكِ الْأُخْرَى، فَإِنْ مَاتَتْ إحْدَاهُمَا قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ عَتَقَتْ الثَّانِيَةُ، فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاخْتِيَارِ سُجِنَ، فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى الِامْتِنَاعِ مِنْ الِاخْتِيَارِ أَعْتَقَ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ أَدْنَاهُمَا (قَوْلُهُ: فَإِذَا قَالَ) أَيْ لِزَوْجَتَيْهِ (قَوْلُهُ: فَيُطَلَّقَانِ مَعًا عَلَيْهِ) أَيْ الْآنَ وَلَيْسَ لَهُ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ وَخَيَّرَهُ الْمَدَنِيُّونَ كَالْعِتْقِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَعَلَى الْمَذْهَبِ وَهُوَ طَرِيقَةُ الْمِصْرِيِّينَ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ أَنَّ الطَّلَاقَ فَرْعُ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِنْتًا مِنْ بَنَاتِ رَجُلٍ بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ الْعَقْدِ وَالْعِتْقُ فَرْعُ الْمِلْكِ وَهُوَ يَجُوزُ فِيهِ الِاخْتِيَارُ فَيَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ أَمَةً بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَهَا مِنْ إمَاءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَسِيَهَا) أَيْ فَإِذَا نَوَى وَاحِدَةً مُعَيَّنَةً وَنَسِيَهَا، فَإِنَّهُمَا يُطَلَّقَانِ مَعًا حَالًا وَكَذَلِكَ يَعْتِقَانِ فَالْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ عَلَى طَرِيقَةِ الْمِصْرِيِّينَ إنَّمَا هِيَ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ إنْ حَمَلَتْ إلَخْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا كَانَتْ غَيْرَ حَامِلٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لَهَا وَهِيَ حَامِلٌ إنْ حَمَلْتِ فَأَنْت حُرَّةٌ لَمْ تَعْتِقْ إلَّا بِحَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ الْحَامِلِ إنْ حَمَلْت فَأَنْت طَالِقٌ فَفِي بَهْرَامَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُنَجَّزُ طَلَاقُهَا وَذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَالْعِتْقِ أَيْ فَلَا تَطْلُقُ إلَّا بِحَمْلٍ مُسْتَأْنَفٍ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قَوْلِهِ لِزَوْجَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ حَمَلْت فَأَنْت طَالِقٌ، فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا مَرَّةً إذَا كَانَ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لَهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ وَمَتَى وَطِئَهَا نُجِّزَ عَلَيْهِ طَلَاقُهَا كَمَا أَنَّهُ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ وَطِئَهَا قَبْلَ يَمِينِهِ فِي الطُّهْرِ الَّذِي حَلَفَ فِيهِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ) أَيْ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْؤُهَا مَرَّةً خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ حُرْمَةِ وَطْئِهَا (قَوْلُهُ: حَنِثَ وَتَطْلُقُ عَلَيْهِ) أَيْ يُنَجَّزُ طَلَاقُهَا عَلَيْهِ لِاحْتِمَالِ حَمْلِهَا وَلَا يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَى عِصْمَةٍ مَشْكُوكٍ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَزَلَ) أَيْ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِعَدَمِ الطَّلَاقِ مَعَ الْعَزْلِ
(قَوْلُهُ: بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْعِتْقِ سَوَاءٌ كَانَ اجْتِمَاعُهُمَا عَلَيْهِ فِي الْمَكَانِ الَّذِي فِيهِ الْعَبْدُ أَوْ فِي غَيْرِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْهَبَا إلَيْهِ فِي مَكَانِهِ وَيُبْلِغَاهُ أَنَّهُمَا أَعْتَقَاهُ (قَوْلُهُ:) وَكَذَا الطَّلَاقُ أَيْ إذَا جَعَلَهُ الزَّوْجُ لِاثْنَيْنِ تَفْوِيضًا لَمْ يَسْتَقِلَّ بِهِ أَحَدُهُمَا وَلَا يَقَعُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمَا مَعًا عَلَيْهِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ مِثْلُ الْعِتْقِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي بَعْدَهَا فَلَوْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي مَسَائِلِ الْمُوَافَقَةِ كَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ خَاطَبَ كُلًّا مِنْهُمَا بِمَا يُفِيدُ الِاشْتِرَاكَ) كَمَا لَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ جَعَلْتُ لَك وَلِفُلَانٍ عِتْقَ عَبْدِي
فِي الْأَمَتَيْنِ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِظُهُورِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ اجْتَمَعَتَا فِي الدُّخُولِ وَقَالَ أَشْهَبُ تَعْتِقُ الدَّاخِلَةُ لِاحْتِمَالِ إنْ دَخَلْت أَنْتَ فَجَمَعَ فِي اللَّفْظِ أَيْ فَقَالَ: إنْ دَخَلْتُمَا فَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ دَخَلَتْ إحْدَاكُمَا وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي تَوْجِيهِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَأَنَّهُ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا فِيهَا لِوَجْهٍ مَا أَيْ خِيفَةَ مَا يَحْدُثُ بَيْنَهُمَا مِنْ الشَّرِّ فَدُخُولُ إحْدَاهُمَا لَا يَضُرُّ وَعَلَى هَذَا لَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ لَهُ كَرَاهَةَ الِاجْتِمَاعِ لَعَتَقَتْ الدَّاخِلَةُ فَيَكُونُ مُعْسَرًا لَفْظِيًّا وَلَوْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ بَعْدَ أُخْرَى فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُقْتَضَى أَبِي الْحَسَنِ وَالزَّوْجَتَانِ فِي ذَلِكَ كَالْأَمَتَيْنِ
ثُمَّ أَشَارَ إلَى ثَلَاثِ مَسَائِلَ الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ وَالْعِتْقِ مُعْسَرًا وَالْعِتْقِ مُعْسِرًا وَرَتَّبَهَا هَكَذَا فَقَالَ (وَعَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ) أَيْ بِذَاتِ الْمِلْكِ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ بِالْمِلْكِ أَيْ بِمُجَرَّدِ الْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى حُكْمٍ (الْأَبَوَانِ) نَسَبًا لَا رَضَاعًا (وَإِنْ عَلَوَا وَالْوَلَدُ) نَسَبًا (وَإِنْ سَفَلَ) مُثَلَّثُ الْفَاءِ (كَبِنْتٍ) بِكَافِ التَّمْثِيلِ وَفِي نُسْخَةٍ بِاللَّامِ أَيْ وَإِنْ سَفَلَ حَالَ كَوْنِهِ لِبِنْتٍ وَهِيَ أَوْلَى لِلنَّصِّ عَلَى الْمُتَوَهِّمِ (وَ) عَتَقَ بِالْمِلْكِ (أَخٌ وَأُخْتٌ) نَسَبًا (مُطْلَقًا) شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ أَوْ أُمٍّ وَضَابِطُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ يَعْتِقُ بِالْمِلْكِ الْأُصُولُ وَالْفُرُوعُ وَالْحَاشِيَةُ الْقَرِيبَةُ وَمَحَلُّ الْعِتْقِ فِي الْجَمِيعِ إنْ كَانَ الْمَالِكُ رَشِيدًا وَكَانَ هُوَ وَالرَّقِيقُ مُسْلِمَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَا كَافِرَيْنِ إذْ لَا نَتَعَرَّضُ لَهُمَا إلَّا إذَا تَرَافَعَا إلَيْنَا وَحُصُولُ الْمِلْكِ مُطْلَقًا (وَإِنْ) حَصَلَ (بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ) فَيَعْتِقُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمَالِكِ (إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي) بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَلَا يَكْفِي الْعِلْمُ بِالْقَرَابَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فِي الْأَمَتَيْنِ) أَيْ الَّتِي دَخَلَتْ وَاَلَّتِي لَمْ تَدْخُلْ (قَوْلُهُ حَتَّى يَدْخُلَا جَمِيعًا) أَيْ مُجْتَمِعَيْنِ بِأَنْ يَدْخُلَا مَعًا أَوْ تَدْخُلَ الثَّانِيَةُ عَلَى الْأُولَى بِحَيْثُ يَحْصُلُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الدَّارِ لَا مُتَرَتِّبَيْنِ فِي الدُّخُولِ بِأَنْ تَدْخُلَ الثَّانِيَةُ بَعْدَ خُرُوجِ الْأُولَى عَلَى الرَّاجِحِ كَمَا يَأْتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَدْخُلَا إلَخْ أَيْ فَإِنْ دَخَلَتَا عَتَقَتَا، وَإِنْ دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَقَطْ فَلَا تَعْتِقُ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا أَمَّا الدَّاخِلَةُ فَلِظُهُورِ أَنَّ مُرَادَ الْحَالِفِ إنْ اجْتَمَعَتَا فِي الدُّخُولِ، وَأَمَّا غَيْرُهَا فَلِعَدَمِ دُخُولِهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ لَأَمَتِهِ: إنْ دَخَلْت هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْت حُرَّةٌ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةً مِنْهُمَا، فَإِنَّهَا تَعْتِقُ عَلَى قَاعِدَةِ التَّحْنِيثِ بِالْبَعْضِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ إنْ دَخَلْتِ هَاتَيْنِ الدَّارَيْنِ فَأَنْت طَالِقٌ فَتَطْلُقُ عَلَيْهِ، إذَا دَخَلَتْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إنْ دَخَلْت أَنْتِ) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّ قَصْدَهُ إنْ دَخَلْت كَانَتْ حُرَّةً، وَإِنْ دَخَلْت أَنْتِ فَأَنْتِ حُرَّةٌ فَاخْتَصَرَ اللَّفْظَ وَقَالَ إنْ دَخَلْتُمَا فَأَنْتُمَا حُرَّتَانِ (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ) أَيْ الْحَالِفَ إنَّمَا كَرِهَ اجْتِمَاعَهُمَا أَيْ الْأَمَتَيْنِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّوْجَتَيْنِ فِيمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ فِيهَا أَيْ فِي الدَّارِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ الْخُلْفُ لَفْظِيًّا) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا دَخَلَتْ وَاحِدَةٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ لِكَرَاهَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الدَّارِ لِأَمْرٍ وَقَوْلُ أَشْهَبَ تَعْتِقُ وَتَطْلُقُ الدَّاخِلَةُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْيَمِينُ لِكَرَاهَةِ اجْتِمَاعِهِمَا فِي الدَّارِ بَلْ لِكَرَاهَةِ صَاحِبِهَا أَوْ جِيرَانِهَا مَثَلًا وَلَا شَكَّ أَنَّ كُلًّا مِنْ الشَّيْخَيْنِ يَقُولُ بِقَوْلِ الْآخَرِ فِي مَسْأَلَتِهِ (قَوْلُهُ بَعْدَ أُخْرَى) أَيْ بَعْدَ أَنْ دَخَلَتْ الْأُخْرَى وَخَرَجَتْ (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجَتَانِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إنْ دَخَلْتُمَا الدَّارَ فَأَنْتُمَا طَالِقَتَانِ فَدَخَلَتْ وَاحِدَةٌ فَلَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حَتَّى يَدْخُلَا مَعًا فَيُطَلَّقَانِ
(قَوْلُهُ: بِكَافِ التَّمْثِيلِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْوَلَدُ شَامِلٌ لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَيَصِحُّ جَعْلُ الْكَافِ لِلتَّشْبِيهِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ الْوَلَدُ خَاصًّا بِالذَّكَرِ لِتَشْبِيهِ الْبِنْتِ بِهِ وَالْمَعْنَى وَالْوَلَدُ الذَّكَرُ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَدُهُ كَبِنْتٍ، وَإِنْ سَفَلَ وَلَدُهَا (قَوْلُهُ: لِلنَّصِّ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ) أَيْ وَيَصِحُّ جَعْلُ قَوْلِهِ لِبِنْتٍ عَلَى نُسْخَةٍ اللَّامُ مُبَالَغَةٌ ثَانِيَةٌ أَيْ وَالْوَلَدُ، وَإِنْ سَفَلَ هَذَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ السَّافِلُ لِابْنٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ لِبِنْتٍ (قَوْلُهُ وَالْحَاشِيَةُ الْقَرِيبَةُ) أَيْ لَا عَمَّاتُهُ وَخَالَاتُهُ إلَّا أَنْ يُولَدَ مُحَرَّمًا جَاهِلًا فَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ عِتْقُهَا؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ أُمِّ وَلَدٍ حَرُمَ وَطْؤُهَا نُجِّزَ عِتْقُهَا؛ لِأَنَّ يَسِيرَ الْخِدْمَةِ لَغْوٌ كَمَا فِي خش عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ النِّكَاحِ وَمَلَكَ أَبٌ جَارِيَةَ ابْنِهِ بِتَلَذُّذِهِ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ الْمَالِكُ رَشِيدًا) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَغَيْرِهِ فِي الْعِتْقِ بِالْقَرَابَةِ وَسَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ بِهِبَةٍ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ الْمِلْكُ بِمِيرَاثٍ أَوْ بِمُعَارَضَةٍ كَالْبَيْعِ بَلْ وَإِنْ حَصَلَ بِغَيْرِهِمَا كَهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيْعِ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا بَلْ يَعْتِقُ بِالْفَاسِدِ وَيَكُونُ فَوْتًا وَفِيهِ الْقِيمَةُ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ الْقَاسِمِ قَالَ اللَّخْمِيُّ يُحْمَلُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْبَيْعُ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ، وَأَمَّا الْمُجْمَعُ عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ إذْ لَا يَنْقُلُ مِلْكًا وَلَا ضَمَانًا وَلَيْسَ كَمِثْلِ عِتْقِ الْمُشْتَرِي لِأَجْنَبِيٍّ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَاضٍ وَلَوْ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ سَلَّطَهُ عَلَى إيقَاعِ الْعِتْقِ فَأَوْقَعَهُ وَهَذَا لَمْ يُوقِعْ عِتْقًا، وَإِنَّمَا يَقَعُ حُكْمًا إذَا مَلَّكَهُ وَهُوَ لَمْ يَمْلِكْهُ بِهَذَا الشِّرَاءِ نَقَلَهُ الْعَوْفِيُّ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَوْهُوبُ لَهُ أَوْ الْمُوصِي لَهُ أَوْ الْمُتَصَدِّقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي شَرْطٌ فِي عِتْقِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْمُعْطِي دَيْنٌ أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي عِتْقِهِ إذَا وُهِبَ لَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ كَمَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَبِذَلِكَ اعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْجَوَابِ بِتَقْدِيرِهِ قَبْلَهُ وَلَا يُبَاعُ فِي دَيْنٍ عَلَى الْمَالِكِ فَجَعَلَهُ شَرْطًا فِي مُقَدَّرٍ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا وَهَبَ لَهُ قَرِيبُهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى
هُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ بِخِلَافِ بَابِ الْقِرَاضِ وَالْوَكَالَةِ وَالصَّدَاقِ فَيَكْفِي الْعِلْمُ بِالْقَرَابَةِ فِيهَا كَمَا مَرَّ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِتْقِ وَالْفَرْقُ الْمُعَاوَضَةُ فِيهَا بِخِلَافِ مَا هُنَا (وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ) الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ هُنَا لِيَرْجِعَ لِكُلٍّ مِنْ الْعِتْقِ وَالْوَلَاءِ مَعَ عِلْمِ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ بِأَنَّهُ يَعْتِقُ، فَإِنْ قَبِلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ عَتَقَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَإِلَّا بِيعَ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يَبِعْ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إلَّا أَنَّ النَّقْلَ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ عَلِمَ الْمُعْطِي أَوْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَوْ أَعْطَاهُ جُزْءَ قَرِيبِهِ عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ (وَلَا يُكْمِلُ) عَلَيْهِ الْعِتْقَ (فِي) إعْطَاءِ (جُزْءٍ) مِنْ قَرِيبِهِ (لَمْ يَقْبَلْهُ كَبِيرٌ) رَشِيدٌ وَلَا عِبْرَةَ بِقَبُولِ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ بَلْ يَقْتَصِرُ عَلَى عِتْقِ الْجُزْءِ الْمُعْطَى، فَإِنْ قَبِلَهُ الْكَبِيرُ الرَّشِيدُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَعَتَقَ الْكُلُّ أَوْ قَبِلَهُ (وَلِيُّ صَغِيرٍ) أَوْ سَفِيهٍ فَلَا يُكْمِلُ (أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ) الْوَلِيُّ إذْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ لِمَحْجُورِهِ وَالْجُزْءُ الْمُعْطَى حُرٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (لَا) إنْ مَلَكَ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ (بِإِرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْنًا (فَيُبَاعُ) فِي الدَّيْنِ وَلَا يَعْتِقُ وَلَوْ عَلِمَ بَائِعُهُ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُشْتَرِي إذْ لَا يَسْتَقِرُّ فِي مِلْكِهِ وَهُوَ مَدِينٌ حَتَّى يَعْتِقَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ عَتَقَ بِنَفْسِ الْمِلْكِ وَقَوْلُهُ لَا بِإِرْثٍ عَطْفٌ عَلَى بِهِبَةٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَقْيِيدِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْ الشِّرَاءِ وَالْإِرْثِ بِعَدَمِ الدَّيْنِ
ثُمَّ أَشَارَ لِلْعِتْقِ بِالشَّيْنِ وَهُوَ الْمُثْلَةُ بِقَوْلِهِ (وَ) عَتَقَ وُجُوبًا (بِالْحُكْمِ) لَا بِمُجَرَّدِ التَّمْثِيلِ (إنْ عَمَدَ) سَيِّدُهُ بِفَتْحِ الْمِيمِ أَيْ تَعَمَّدَ (لِشَيْنٍ) أَيْ عَيْبٍ وَمُثْلَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْمُثْلَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ دَيْنٌ نُجِّزَ عِتْقُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ أَمْ لَا قَبِلَ الْمُعْطِي لَهُ الْعَبْدَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمُعْطِي دَيْنٌ، فَإِنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى عَتَقَ ذَلِكَ الْعَبْدُ وَلَا يُبَاعُ فِي ذَلِكَ الدَّيْنِ قَبِلَ الْمُعْطِي الْعَطِيَّةَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهَا؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَمْ يَهَبْهُ لَهُ وَلَمْ يَتَصَدَّقْ عَلَيْهِ بِهِ حِينَئِذٍ إلَّا لِيَعْتِقَ لَا لِيُبَاعَ فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُعْطِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَلَوْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِالْقَرَابَةِ هَذَا إذَا قَبِلَ الْمُعْطَى بِالْفَتْحِ الْعَطِيَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهَا لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يَبِعْ فِي الدَّيْنِ لِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِ الْمُعْطِي فَتَحَصَّلَ أَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى الْمُعْطِي دَيْنٌ فَلِلْعَبْدِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ تَارَةً يَعْتِقُ وَتَارَةً يُبَاعُ فِي الدَّيْنِ وَتَارَةً لَا يُبَاعُ وَلَا يَعْتِقُ (قَوْلُهُ: فَيَكْفِي) أَيْ فِي عِتْقِهِ عَلَى عَامِلِ الْقِرَاضِ وَعَلَى الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ وَعَلَى الزَّوْجِ وَقَوْلُهُ الْعِلْمُ بِالْقَرَابَةِ أَيْ عِلْمُ الْعَامِلِ وَالْوَكِيلِ وَالزَّوْجِ بِالْقَرَابَةِ لِرَبِّ الْمَالِ وَالْمُوَكِّلِ وَالزَّوْجَةِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِتْقِ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالْقَرَابَةِ عَتَقَ عَلَى رَبِّ الْمَالِ وَالْمُوَكِّلِ وَالزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: فَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ يَقْبَلْ وَقَوْلُهُ هُنَا أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ) أَيْ إذَا كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلَمْ يَبِعْ فِيمَا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ دُخُولِهِ فِي مِلْكِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْبَلْهُ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّ النَّقْلَ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ لَمْ يَعْتِقْ (قَوْلُهُ: عَتَقَ ذَلِكَ الْجُزْءُ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُطْلَقًا أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَعَلِمَ الْمُعْطِي بِالْكَسْرِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطَى بِيعَ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَلَمْ يُبَعْ فِي دَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْمُلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّخْصَ الْكَبِيرَ الرَّشِيدَ إذَا وُهِبَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ عَبْدٍ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ أَوْصَى لَهُ بِهِ، فَإِنْ قَبِلَهُ قُوِّمَ عَلَيْهِ بَاقِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيَعْتِقُ ذَلِكَ الْجُزْءُ عَلَى كُلِّ حَالٍ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُعْطِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا قَبِلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ التَّفْصِيلِ فِيهِ وَهُوَ الْعِتْقُ مُطْلَقًا إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي وَكَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطَى وَعِنْدَ الْعِتْقِ إنْ لَمْ يَقْبَلْهُ، وَإِنْ وُهِبَ ذَلِكَ الْجُزْءُ لِصَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ قَبِلَهُ الصَّغِيرُ أَوْ السَّفِيهُ أَوْ لَا، قَبِلَهُ وَلِيُّهُ أَوْ لَا، وَالْجُزْءُ حُرٌّ عَلَى كُلِّ حَالٍ، أَيْ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُعْطِي أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ أَمْ لَا، قَبِلَهُ الصَّغِيرُ وَالسَّفِيهُ أَوْ وَلِيُّهُمَا أَوْ لَمْ يَقْبَلَاهُ هَذَا كُلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ مِنْ التَّفْصِيلِ إنْ عَلِمَ الْمُعْطِي بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى فَلَا يُبَاعُ وَيَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَقَبِلَهُ الْمُعْطِي بِيعَ لِلدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْهُ لَمْ يَعْتِقْ وَلَمْ يُبَعْ الدَّيْنُ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ) لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ لَمْ يَقْبَلْهُ كَانَ أَخْصَرَ لِفَهْمِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ قَبِلَهُ وَلِيٌّ صَغِيرٌ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَحْجُورِ دَيْنٌ أَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَانَ بِحَيْثُ لَا يُبَاعُ فِيهِ الْجُزْءُ الْمُعْطَى لِكَوْنِ الْمُعْطِي عَالِمًا بِأَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمُعْطَى، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الدَّيْنُ بِحَيْثُ يُبَاعُ فِيهِ الْجُزْءُ الْمُعْطَى لِكَوْنِ الْمُعْطِي لَا يَعْلَمُ بِعِتْقِهِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ قَبُولُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَصْلَحَةِ الْمَالِيَّةِ لِمَحْجُورِهِ مِنْ قَضَاءِ دَيْنِهِ أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ: وَالْجُزْءُ الْمُعْطَى حُرٌّ) أَيْ وَالْوَلَاءُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ (قَوْلُهُ: لِتَقْيِيدِ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ بِشِرَاءٍ أَوْ إرْثٍ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ
(قَوْلُهُ وَعَتَقَ بِالْحُكْمِ) أَيْ وَعَتَقَ الْعَبْدُ عَلَى السَّيِّدِ بِالْحُكْمِ إنْ تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ عَلَيْهِ وَقَصَدَهَا لِأَجْلِ شَيْنِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ رَشِيدًا حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَمْ يُمَثَّلْ بِمِثْلِهِ وَكَانَ صَحِيحًا غَيْرَ زَوْجَةٍ أَوْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً وَقِيمَةُ الْعَبْدِ الْمُمَثَّلِ بِهِ ثُلُثُ مَالِهِمَا وَلَا يَتْبَعُ الْعَبْدُ مَا لَهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَاَلَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْأَقْفَهْسِيُّ أَنَّهُ يَتْبَعُهُ (قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى قَصْدِ الْمُثْلَةِ) أَيْ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ قَصَدَ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهِ الْمُثْلَةَ
قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ وَاحْتَرَزَ بِالْعَمْدِ عَنْ الْخَطَأِ وَعَنْ عَمْدِ الْأَدَبِ أَوْ مُدَاوَاةِ (بِرَقِيقِهِ) وَلَوْ أُمَّ وَلَدِهِ أَوْ مُكَاتَبَهُ (أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ) الَّذِي يَنْتَزِعُ مَالًا رَقِيقَ مُكَاتَبَةٍ (أَوْ) مِثْلَ أَبٍ بِرَقِيقٍ (لِوَلَدٍ) لَهُ (صَغِيرٍ) أَوْ كَبِيرٍ سَفِيهٍ فَيَعْتِقُ بِالْحُكْمِ عَلَى الْأَبِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ لِمَحْجُورِهِ وَالْوَلَدُ الْكَبِيرُ الرَّشِيدُ كَأَجْنَبِيٍّ (غَيْرُ سَفِيهٍ) فَاعِلُ عَمَدَ (وَ) غَيْرُ (عَبْدٍ وَ) غَيْرُ (ذِمِّيٍّ) مِثْلٌ (بِمِثْلِهِ) أَيْ مِثْلُ مُسْلِمٍ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ أَوْ الْمُسْلِمِ أَوْ مِثْلُ الذِّمِّيِّ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ فَقَوْلُهُ بِمِثْلِهِ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَاللَّامِ آخِرُهُ هَاءُ الضَّمِيرِ رَاجِعٌ لِلذِّمِّيِّ أَيْ وَغَيْرُ ذِمِّيٍّ بِذِمِّيٍّ وَمَنْطُوقُهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ وَهِيَ مِثْلُ ذِمِّيٍّ بِذِمِّيٍّ وَكَأَنَّهُ قَالَ: إنَّ مِثْلَ الرَّشِيدِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ كَافِرًا عَتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الصَّبِيَّ وَالْمَجْنُونَ وَالسَّفِيهَ وَالْعَبْدَ إذَا مَثَّلُوا بِرَقِيقِهِمْ لَمْ يَعْتِقُوا عَلَيْهِمْ وَكَذَا الذِّمِّيُّ بِذِمِّيٍّ مَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا (وَ) غَيْرُ (زَوْجَةٍ وَمَرِيضٍ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) مَنْطُوقُهُ صُورَتَانِ مِثْلُ صَحِيحِ غَيْرِ زَوْجَةٍ بِرَقِيقِهِ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ مُطْلَقًا إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ مَثَّلَتْ زَوْجَةٌ أَوْ مَرِيضٌ بِرَقِيقِهِ فِي مَحْمَلِ الثُّلُثِ لَا أَزْيَدَ وَمَفْهُومُهُ صُورَةً وَهِيَ تَمْثِيلُهَا فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ الزَّوْجُ أَوْ الْوَرَثَةُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا الثُّلُثُ فَدُونَ (وَ) غَيْرُ (مَدِينٍ) ، فَإِنْ مَثَّلَ مَدِينٍ بِعَبْدِهِ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ طَرَأَ الدَّيْنُ بَعْدَ الْمُثْلَةِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ فَلِغُرَمَائِهِ رَدُّهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ
ثُمَّ شَرَعَ فِي أَمْثِلَةِ الْمُثْلَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ بِقَوْلِهِ (كَقَلْعِ ظُفْرٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِالْعَمْدِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَاحْتَرَزَ بِالْعَمْدِ لِشَيْنٍ عَنْ الْخَطَأِ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مُكَاتَبَهُ) أَيْ وَيَرْجِعُ الْمُكَاتَبُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا يَزِيدُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ عَلَى الْكِتَابَةِ، فَإِنْ زَادَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَةِ سَقَطَ الزَّائِدُ لِعِتْقِ الْمُكَاتَبِ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لَا رَقِيقَ مُكَاتَبِهِ) أَيْ إلَّا إنْ مَثَّلَ بِرَقِيقِ رَقِيقِهِ الَّذِي لَمْ يَنْتَزِعْ مَالَهُ كَعَبْدِ مُكَاتَبِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَلَزِمَهُ أَرْشُ جِنَايَتِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ مُثْلَةً مُفِيتَةً لِلْمَقْصُودِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ وَيَعْتِقُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِوَلَدٍ صَغِيرٍ) عَطْفٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ رَقِيقِ رَقِيقِهِ وَصَرَّحَ مَعَ الْمَعْطُوفِ بِاللَّامِ الْمُقَدَّرَةِ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ (قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ الْكَبِيرُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا مَثَّلَ الْأَبُ بِرَقِيقِ وَلَدِهِ الْكَبِيرِ أَوْ مَثَّلَ شَخْصٌ بِرَقِيقِ أَجْنَبِيٍّ أَوْ بِرَقِيقِ زَوْجَتِهِ فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ أَرْشَ الْجِنَايَةِ إلَّا أَنْ يُبْطِلَ مَنَافِعَهُ فَيَعْتِقُ عَلَيْهِ وَيَغْرَمُ لِصَاحِبِهِ قِيمَتَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُثْلَةَ لَيْسَتْ مِنْ خَوَاصِّ الْعِتْقِ فَإِذَا مَثَّلَ بِزَوْجَتِهِ كَانَ لَهَا الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ فَتُثْبِتُ ذَلِكَ وَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ لَهَا التَّطْلِيقَ بِالضَّرَرِ وَلَوْ لَمْ تَشْهَدْ الْبَيِّنَةُ بِتَكَرُّرِهِ وَمَا فِي عبق هُنَا فَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ مَثَّلَ بِمِثْلِهِ) أَيْ مَثَّلَ ذَلِكَ الذِّمِّيُّ بِمِثْلِهِ (قَوْلُهُ: وَمَنْطُوقُهُ) أَيْ مَنْطُوقُ غَيْرِ ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِذِمِّيٍّ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا مَثَّلَ مُسْلِمٌ بِمُسْلِمٍ أَوْ بِكَافِرٍ أَوْ مَثَّلَ كَافِرٌ بِمُسْلِمٍ فَيَصْدُقُ عَلَى السَّيِّدِ فِي كُلِّ صُورَةٍ مِنْهَا أَنَّهُ غَيْرُ ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِذِمِّيٍّ فَيَعْتِقُ الْعَبْدُ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَمَفْهُومُهُ صُورَةٌ وَاحِدَةٌ) أَيْ فَلَا يَعْتِقُ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّهُ قَالَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ مَنْطُوقَ هَذَا صُورَتَانِ وَهُمَا مَا إذَا مَثَّلَ الرَّشِيدُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِكَافِرٍ وَلَا يَشْمَلُ مَا إذَا مَثَّلَ الرَّشِيدُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِرَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ مَعَ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ صَادِقٌ بِالثَّلَاثِ صُوَرٍ كَمَا عَلِمْت فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَكَأَنَّهُ قَالَ إنْ مَثَّلَ الْحُرُّ الرَّشِيدُ الْمُسْلِمُ بِرَقِيقِهِ وَلَوْ كَافِرًا أَوْ مَثَّلَ الرَّشِيدُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِرَقِيقِهِ الْمُسْلِمِ عَتَقَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الذِّمِّيُّ بِذِمِّيٍّ) أَيْ وَكَذَا لَا عِتْقَ عَلَى الذِّمِّيِّ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الذِّمِّيِّ بِخِلَافِ مَا إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ الْمُسْلِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُعَاهَدَ لَيْسَ كَالذِّمِّيِّ فِي التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ بَلْ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُلْتَزِمًا لِأَحْكَامِنَا فَلَا نَتَعَرَّضُ لَهُ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُتَّصِفًا بِالصِّفَاتِ الْمُتَقَدِّمَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ رَشِيدًا حُرًّا غَيْرَ ذِمِّيٍّ مَثَّلَ بِذِمِّيٍّ (قَوْلُهُ: فِي مَحْمَلِ الثُّلُثِ) أَيْ فِي عَبْدٍ يَحْمِلُ الثُّلُثُ قِيمَتَهُ بِأَنْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ الْمُمَثَّلُ بِهِ قِيمَتُهُ قَدْرَ ثُلُثِ مَا لَهُمَا فَأَقَلُّ (قَوْلُهُ: فِيمَا زَادَ عَلَيْهِ) أَيْ فِي عَبْدٍ قِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَيَعْتِقُ عَلَيْهِمَا) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُمَثَّلِ بِهِ الَّذِي قِيمَتُهُ أَزْيَدُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَمْ يُجِزْ الْوَرَثَةُ أَوْ الزَّوْجُ عِتْقَهُ وَحَاصِلُ كَلَامِ الشَّارِحِ أَنَّ الْعَبْدَ الَّذِي مَثَّلَ بِهِ الْمَرِيضُ أَوْ الزَّوْجَةُ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِ مَا لَهُمَا، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى الْمَرِيضِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ مَحْمَلُ ثُلُثِ مَا لَهُمَا لَا أَزْيَدُ سَوَاءٌ كَانَ مَحْمَلُ ثُلُثِ الْمَالِ مِنْ ذَلِكَ الْعَبْدِ ثُلُثَهُ أَوْ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَ الْوَرَثَةُ أَوْ الزَّوْجُ عِتْقَهُ وَإِلَّا عَتَقَ وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّوْجَ إذَا لَمْ يَرْضَ بِعِتْقِهِ بِتَمَامِهِ لَيْسَ لَهُ إلَّا رَدُّ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ فَقَطْ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ كَابْتِدَاءِ عِتْقِهَا وَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ لَكِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهُ رَدَّ الْجَمِيعِ مُوَجِّهًا لَهُ بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ أَزْيَدَ مِنْ ثُلُثِهَا حُمِلَ تَمْثِيلُهَا بِهِ عَلَى أَنَّ قَصْدَهَا إضْرَارُ الزَّوْجِ فَيَكُونُ لَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ اُنْظُرْ عبق.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ) أَيْ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَلِغُرَمَائِهِ) أَيْ إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِعِتْقِهِ وَقَوْلُهُ رَدُّهُ أَيْ رَدُّ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَبَيْعِهِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: عَلَى مُقْتَضَى كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ: إنَّهُ أَيْ الْعَبْدَ الَّذِي مُثِّلَ بِهِ يُوَرَّثُ بِالرِّقِّ قَبْلَ الْحُكْمِ وَيَرُدُّ الْحُكْمَ بِعِتْقِهِ الدَّيْنُ فَظَاهِرُهُ كَانَ الدَّيْنُ قَبْلَ
لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا إلَّا بَعْضَهُ وَهُوَ شَيْنٌ (وَقَطْعِ بَعْضِ أُذُنٍ) أَوْ شَرْطِهَا كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ (أَوْ) قَطْعِ بَعْضِ (جَسَدٍ) مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْخِصَاءُ وَالْجَبُّ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ فَيَعْتِقُ بِالْحُكْمِ فَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ حُكْمٌ كَمَا هُوَ شَأْنُ زَمَانِنَا فَهُوَ عَلَى رِقِّهِ وَبَيْعُهُ صَحِيحٌ (أَوْ) قَطْعِ (سِنٍّ) أَيْ قَلْعِهَا (أَوْ سَحْلِهَا) أَيْ بَرْدِهَا بِالْمِبْرَدِ وَيُسَمَّى الْمِسْحَلَ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي السِّنِّ وَمِثْلُهُ السِّنَّانِ هُوَ الرَّاجِحُ.
وَأَمَّا الْأَكْثَرُ فَبِاتِّفَاقٍ (أَوْ خَرْمِ أَنْفٍ) وَلَوْ لِأُنْثَى إلَّا لِزِينَةٍ (أَوْ حَلْقِ شَعْرِ) رَأْسِ (أَمَةٍ رَفِيعَةٍ أَوْ لِحْيَةِ) عَبْدٍ (تَاجِرٍ) لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُمَا لَا يَعْتِقَانِ بِهِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَذْكُرَ حَلْقَ مَا ذَكَرَ مِنْ أَمْثِلَةِ الْمُثْلَةِ لِعَوْدِهِمَا لِأَصْلِهِمَا فِي زَمَنٍ قَلِيلٍ (أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ لَا غَيْرِهِ) أَيْ الْوَجْهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ بِالنَّارِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالرَّاجِحُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مُثْلَةٌ إنْ تَفَاحَشَ (وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ النَّارِ (فِيهِ) أَيْ فِي الْوَجْهِ كَوَسْمِهِ فِي وَجْهِهِ بِمِدَادٍ وَإِبْرَةٍ عَلَى مَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ (قَوْلَانِ) بِالْعِتْقِ وَعَدَمِهِ؛ لِأَنَّهُ يُفْعَلُ لِلزِّينَةِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُثْلَةٌ إنْ كَانَ بِالْوَجْهِ وَإِلَّا فَلَا (وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ) بِيَمِينٍ إذَا مَثَّلَ بِعَبْدِهِ (فِي نَفْيِ الْعَمْدِ) وَأَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ خَطَأً أَوْ لِتَدَاوٍ وَادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ عَمْدٌ بِهِ بِالْمُثْلَةِ وَكَذَا الزَّوْجُ إذَا ادَّعَى الْخَطَأَ أَوْ الْأَدَبَ لِزَوْجَتِهِ وَادَّعَتْ الْعَمْدَ بِجَامِعِ الْأُذُنِ فِي كُلٍّ قَالَهُ سَحْنُونٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ السَّيِّدُ أَوْ الزَّوْجُ مَعْرُوفًا بِالْعَدَاءِ وَالْجَرَاءَةِ فَلَا يَصْدُقُ (لَا فِي عِتْقٍ) لِعَبْدِهِ (بِمَالٍ) أَيْ عَلَيْهِ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ بَلْ لِلْعَبْدِ بِيَمِينٍ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ مَجَّانًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ
فِي الْعِتْقِ بِالسِّرَايَةِ بِقَوْلِهِ (وَ) عَتَقَ (بِالْحُكْمِ جَمِيعُهُ) أَيْ الْعَبْدِ (إنْ أَعْتَقَ) سَيِّدُهُ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ الْمُسْلِمُ الرَّشِيدُ (جُزْءًا) مِنْ رَقِيقِهِ الْقِنِّ أَوْ الْمُدَبَّرِ أَوْ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ الْمُكَاتَبِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُثْلَةِ أَوْ بَعْدَهَا
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُ غَالِبًا إلَّا بَعْضَهُ وَهُوَ شَيْنٌ) كَذَا نُسْخَةُ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ وَالْأَوْلَى كَمَا فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُفُهُ غَالِبًا وَهُوَ شَيْنٌ لَا بَعْضُهُ أَيْ فَلَيْسَ قَلْعُهُ مُثْلَةً (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ اسْتِزَادَةَ الثَّمَنِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ أَبِي زَمَنِينَ فِي الْمُقَرَّبِ وَالْمُنْتَخَبِ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ كَذَا قَالَ ح ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ إذَا خَصَاهُ لِيَزِيدَ ثَمَنُهُ لَا بِقَصْدِ التَّعْذِيبِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَيَعْتِقُ بِالْحُكْمِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ حَيْثُ قَالَ إذَا خَصَى عَبْدَهُ أَوْ جَبَّهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ حُكْمٍ
(قَوْلُهُ أَيْ بِرَدِّهَا بِالْمِبْرَدِ) أَيْ حَتَّى أَزَالَ مَنْفَعَتَهَا وَقَوْلُهُ وَيُسَمَّى أَيْ الْمِبْرَدُ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ فِي السِّنِّ) أَيْ مِنْ أَنَّ قَلْعَهَا أَوْ سَحْلَهَا مُثْلَةٌ يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ وَمِثْلُهُ السِّنَّانِ وَهُوَ الرَّاجِحُ أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَالَ أَصْبَغُ: إنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحُكْمَ بِالْعِتْقِ هَذَا وَظَاهِرُ الشَّارِحِ أَنَّ الْخِلَافَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي قَلْعِ السِّنِّ وَبِرَدِّهَا وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ يَذْكُرْ اللَّخْمِيُّ وَعِيَاضٌ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحُ الْخِلَافَ إلَّا فِي قَلْعِ السِّنِّ أَوْ السِّنَّيْنِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِذَلِكَ فِي السَّحْلِ فِي الْوَاحِدَةِ أَوْ الِاثْنَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ إلَخْ) كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ أَتَى لَهُ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ وَقَدْ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَلَى مَا عِنْدَ الْمُصَنِّفِ وَنَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ رَوَى ابْنُ الْمَاجِشُونِ حَلْقَ لِحْيَةِ الْعَبْدِ النَّبِيلِ وَرَأْسِ الْأَمَةِ الرَّفِيعَةِ مُثْلَةٌ لَا فِي غَيْرِهِمَا وَلَمْ يَذْكُرَا مُقَابِلًا لَهُ اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ وَسْمِ وَجْهٍ بِنَارٍ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ كِتَابَةً أَوْ كَيًّا؛ لِأَنَّهُ يَشِينُ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا لَكِنْ اعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنَّ ظَاهِرَ النَّقْلِ أَنَّ التَّفْصِيلَ بَيْنَ الْوَجْهِ وَغَيْرِهِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا كَانَ كِتَابَةً ظَاهِرَةً، وَأَمَّا مَا كَانَ مُجَرَّدَ عَلَامَةٍ بِالنَّارِ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ وَهَذَا أَيْضًا ظَاهِرُ نَقْلِ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْوَسْمَ بِالنَّارِ إذَا كَانَ مُجَرَّدَ عَلَامَةٍ فَلَا يَكُونُ مُثْلَةً سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ كِتَابَةً ظَاهِرَةً أَوْ كَانَ غَيْرَ كِتَابَةٍ وَكَانَ مُتَفَاحِشًا، فَإِنْ كَانَ فِي الْوَجْهِ فَهُوَ مُثْلَةٌ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ فَقَوْلَانِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ غَيْرُ مُثْلَةٍ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ مُثْلَةٌ وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: لَا غَيْرِهِ) أَيْ وَلَا وَسْمِ غَيْرِهِ مِنْ الْأَعْضَاءِ بِالنَّارِ (قَوْلُهُ: وَفِي غَيْرِهَا) أَيْ وَفِي الْوَسْمِ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُثْلَةٌ) قَالَ بْن اُنْظُرْ مِنْ أَيْنَ جَاءَ هَذَا التَّرْجِيحُ وَظَاهِرُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّهُمَا قَوْلَانِ مُتَسَاوِيَانِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بِالْوَجْهِ بَلْ كَانَ بِغَيْرِهِ فَلَيْسَ بِمُثْلَةٍ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَالْقَوْلُ لِلسَّيِّدِ فِي نَفْيِ الْعَمْدِ) أَيْ وَكَذَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ نَفْيَ قَصْدِ الشَّيْنِ إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْعَمْدِ وَاخْتَلَفَا فِي قَصْدِهِ؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنَّ النَّاسَ لَا يَقْصِدُونَ الْمُثْلَةَ بِعَبِيدِهِمْ (قَوْلُهُ وَادَّعَتْ الْعَمْدَ) أَيْ وَأَرَادَتْ الطَّلَاقَ عَلَيْهِ لِلضَّرَرِ أَوْ أَرَادَتْ تَأْدِيبَهُ (قَوْلُهُ: بِجَامِعِ الْإِذْنِ) أَيْ فِي الْأَدَبِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ فَلَا يَصْدُقُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِ الرَّقِيقِ وَطَلَاقِ الزَّوْجَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَصْلَ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ السَّيِّدَ مُقِرٌّ بِالْعِتْقِ وَالْأَصْلُ فِيهِ عَدَمُ الْمَالِ
(قَوْلُهُ: وَعَتَقَ بِالْحُكْمِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَوَقُّفِ الْعِتْقِ عَلَى الْحُكْمِ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدٍ وَكَانَ الْبَاقِي لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ هُوَ الْمَشْهُورَ مِنْ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ هُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُكْمِل الْبَاقِيَ
(وَالْبَاقِي لَهُ) أَيْ لِسَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ، فَإِذَا أَعْتَقَ الذِّمِّيُّ بَعْضَ عَبْدِهِ الذِّمِّيِّ لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ وَكَذَا الْمَدِينُ وَالزَّوْجَةُ وَالْمَرِيضُ فِي زَائِدِ الثُّلُثِ (كَأَنْ بَقِيَ لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ سَيِّدِهِ الْمُعْتِقِ لِلْجُزْءِ بِأَنْ كَانَ الرَّقِيقُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ اثْنَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَيَعْتِقُ بِشُرُوطٍ سِتَّةٍ.
أَشَارَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ) أَيْ يَوْمَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ أَيْ أَنَّهَا تُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ لَا يَوْمَ الْعِتْقِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ كَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِ فَتَعْتِقُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ بِقِيمَتِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ، وَإِنْ لَمْ يَقْبِضْهَا إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَلِثَانِيهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ كَانَ) السَّيِّدُ (الْمُعْتِقُ) لِلْجُزْءِ (مُسْلِمًا أَوْ الْعَبْدُ) مُسْلِمًا وَمُعْتَقُهُ كَافِرٌ وَشَرِيكُهُ كَذَلِكَ نَظَرًا لِحَقِّ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ، فَإِنْ كَانَ الْجَمِيعُ كُفَّارًا لَمْ يُقَوَّمْ إلَّا أَنْ يَرْضَى الشَّرِيكَانِ بِحُكْمِنَا وَلِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَيْسَرَ) الْمُعْتِقُ (بِهَا) أَيْ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ (أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا) هُوَ الَّذِي يَعْتِقُ فَقَطْ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ مَا أَعْسَرَ بِهِ وَلَوْ رَضِيَ الشَّرِيكُ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ وَلِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ (وَفَضَلَتْ) قِيمَةُ حِصَّةِ الْغَيْرِ (عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يَتْرُكُ لَهُ قُوتَهُ وَالنَّفَقَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهِ لِظَنِّ يَسْرَتِهِ وَيُبَاعُ عَلَيْهِ الْكِسْوَةُ ذَاتُ الْمَالِ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَجَعْلُ هَذَا شَرْطًا مُسْتَقِلًّا فِيهِ مُسَامَحَةٌ إذْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ كَأَنَّهُ قَالَ بِأَنْ فَضَلَتْ إلَخْ وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يُقْرِنْهُ بِأَنَّ كَمَا فِي الَّذِي قَبْلَهُ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ وَلِخَامِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ بِاخْتِيَارِهِ لَا) جَبْرًا كَدُخُولِ جُزْءِ مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ فِي مِلْكِهِ (بِإِرْثٍ) ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْتِقُ جُزْءُ الشَّرِيكِ وَلَوْ مَلِيئًا وَلِسَادِسِهَا بِقَوْلِهِ (وَإِنْ ابْتَدَأَ الْعِتْقَ) لِإِفْسَادِ الرَّقَبَةِ بِإِحْدَاثِ الْعِتْقِ فِيهَا.
(لَا إنْ)(كَانَ) الْعَبْدُ (حُرَّ الْبَعْضِ) قَبْلَ الْعِتْقِ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ الْبَعْضَ الرِّقَّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ كَمَا لَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ ثَلَاثَةٍ فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي حِصَّتَهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِصَّةُ الثَّالِثِ وَلَوْ كَانَ الثَّانِي مَلِيئًا وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الشُّرُوطَ فِي الْحَقِيقَةِ خَمْسَةٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْبَاقِي لِغَيْرِهِ فَبِالْحُكْمِ وَإِلَّا فَبِدُونِهِ وَالْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ لِمَالِكٍ وَفِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ جَمِيعِهِ مُسَامَحَةٌ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُتَوَقِّفَ عَلَى الْحُكْمِ بَقِيَّتُهُ لَا جَمِيعُهُ. اهـ. بْن.
(قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي لَهُ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ مِنْ فَاعِلِ عَتَقَ (قَوْلُهُ: مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ يَسْتَغْرِقُ الْبَاقِيَ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا يَعْتِقُ عَلَيْهِ الْبَاقِي بِالْحُكْمِ (قَوْلُهُ: فَيُعْتَبَرُ فِيمَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِي السَّيِّدِ الَّذِي يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِالسِّرَايَةِ مَا يُعْتَبَرُ فِي السَّيِّدِ الَّذِي يَعْتِق عَلَيْهِ بِالْمُثْلَةِ مِنْ كَوْنِهِ رَشِيدًا حُرًّا مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا لَمْ يَعْتِقْ جُزْءًا مِنْ مِثْلِهِ وَكَوْنِهِ صَحِيحًا غَيْرَ زَوْجَةٍ أَوْ مَرِيضًا أَوْ زَوْجَةً وَقِيمَةُ الْمُعْتَقِ مِنْهُ الْجُزْءُ ثُلُثُ مَا لَهُمَا.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُكْمِلْ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِنَّمَا يُكْمِلُ عَلَيْهِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْ السَّيِّدِ وَالْعَبْدِ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ السَّيِّدُ مُسْلِمًا وَالْعَبْدُ كَافِرًا أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فِي زَائِدِ الثُّلُثِ) أَيْ فَإِذَا أَعْتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا جُزْءًا وَكَانَ تَكْمِيلُ الْعِتْقِ يَزِيدُ عَلَى ثُلُثِ كُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يُكْمِلُ (قَوْلُهُ: فَأَعْتَقَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ نَصِيبَهُ) أَيْ أَوْ أَعْتَقَ بَعْضًا مِنْ نَصِيبِهِ وَصَارَ الْبَاقِي بِلَا عِتْقٍ لَهُ وَلِغَيْرِهِ كَعَبْدٍ بَيْن اثْنَيْنِ مُنَاصَفَةً فَيَعْتِقُ أَحَدُهُمَا رُبُعَهُ فَيُكْمِلُ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ رُبُعَهُ الْبَاقِيَ مِنْ نَصِيبِهِ وَنِصْفَ شَرِيكِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ يَوْمَهُ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهَا مُعْتَبَرَةً يَوْمَهُ (قَوْلُهُ: لَا يَوْمَ الْعِتْقِ) أَيْ لِحِصَّتِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ) أَيْ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ دَفْعُهَا بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يَكُونَ مُوسِرًا بِهَا وَلَا يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ مَعْنَاهُ إنْ أَيْسَرَ بِهَا دَفَعَهَا بِالْفِعْلِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ الْآتِي وَأَيْسَرَ بِهَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا هُنَا وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ إنْ دَفَعَ وَقَالَ بِالْقِيمَةِ يَوْمَهُ إنْ كَانَ الْمُعْتَقُ مُسْلِمًا إلَخْ كَانَ أَوْلَى لِمُرُورِهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ عَدَمِ اشْتِرَاطِ دَفْعِ الْقِيمَةِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ الْمُعْتَقُ لِلْجُزْءِ مُسْلِمًا) سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا وَكَذَلِكَ الشَّرِيكُ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الشَّرِيكَانِ بِحُكْمِنَا) ، فَإِنْ رَضِيَا بِهِ نُظِرَ، فَإِنْ أَبَانَ الْمُعْتِقُ الْعَبْدَ أَيْ أَبْعَدَهُ عَنْهُ وَلَمْ يُؤْوِهِ عِنْدَهُ حُكِمَ بِالتَّقْوِيمِ كَمَا فِي عِتْقِ الْكَافِرِ عَبْدَهُ الْكَافِرَ ابْتِدَاءً، وَإِنْ لَمْ يُبِنْهُ فَلَا يُحْكَمُ بِتَقْوِيمِهِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ إذَا رَضِيَا بِحُكْمِنَا، فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِالتَّقْوِيمِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَيْسَرَ بِهَا) لَا يُقَالُ هَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ إنْ دَفَعَ الْقِيمَةَ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُهُ مِنْ اعْتِبَارِ الدَّفْعِ بِالْفِعْلِ شَرْطًا؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ لَهَا يَسْتَلْزِمُ يَسَارَهُ بِهَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ: الِاسْتِلْزَامُ مَمْنُوعٌ إذْ قَدْ يَدْفَعُهَا مِنْ مَالِ غَيْرِهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُوسِرٍ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا بِهَا فَلَا يُكْمِلُ عَلَيْهِ وَيَعْرِفُ عُسْرَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ وَيُسْأَلُ عَنْهُ جِيرَانُهُ وَمَنْ يَعْرِفُهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا لَهُ مَالًا حَلَفَ وَلَمْ يُسْجَنْ قَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ وَسَحْنُونٌ وَقَالَهُ جَمِيعُ أَصْحَابِنَا إلَّا الْيَمِينَ فَلَا يَسْتَحْلِفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ بِبَعْضِهَا) أَيْ وَإِنْ أَيْسَرَ بِبَعْضِ الْقِيمَةِ فَمُقَابِلُهَا أَيْ فَمُقَابِلُ قِيمَةِ الْبَعْضِ الَّتِي أَيْسَرَ بِهَا تُعْتَقُ عَلَيْهِ وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ أَوْ بِبَعْضِهَا فَمُقَابِلُهَا كَلَامٌ مُسْتَأْنَفٌ مَذْكُورٌ فِي خِلَالِ الشُّرُوطِ وَلَوْ قَرَنَهُ بِأَنْ وَأَسْقَطَهَا مِنْ جَمِيعِ الْمَعْطُوفَاتِ كَانَ أَخْصَرَ وَأَبْيَنَ (قَوْلُهُ: مَا أَعْسَرَ بِهِ) أَيْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْسَرَ بِقِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ إنْ أَيْسَرَ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى كَوْنِ الْمُصَنِّفِ قَصَدَ بِهِ تَفْسِيرَ مَا قَبْلَهُ وَلَمْ يَجْعَلْهُ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ عِتْقُهُ) أَيْ الْجُزْءِ وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَيْ بِاخْتِيَارِ الْمُعْتَقِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلِيئًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الَّذِي دَخَلَ الْجُزْءَ فِي مِلْكِهِ بِالْمِيرَاثِ مَلِيئًا (قَوْلُهُ: خَمْسَةٌ) أَيْ بِإِسْقَاطِ قَوْلِهِ وَفَضَلَتْ عَنْ مَتْرُوكِ الْمُفْلِسِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَلَيْسَ شَرْطًا مُسْتَقِلًّا بَلْ الشُّرُوطُ أَرْبَعَةٌ عَلَى مَا حَقَّقَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ
كَمَا قَالَهُ التَّتَّائِيُّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ رَتَّبَ عَلَى الشَّرْطِ الْأَخِيرِ قَوْلُهُ (وَ) لَوْ أَعْتَقَ الْأَوَّلُ فَالثَّانِي (قُوِّمَ) نَصِيبُ الثَّالِثِ (عَلَى الْأَوَّلِ) ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي ابْتَدَأَ الْعِتْقَ إلَّا أَنْ يَرْضَى الثَّانِي بِالتَّقْوِيمِ عَلَيْهِ فَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ وَلَوْ طَلَبَ الْأَوَّلُ التَّقْوِيمَ عَلَى نَفْسِهِ وَلَا مَقَالَ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ.
(وَإِلَّا) يَكُنْ الْعِتْقُ مُرَتَّبًا بِأَنْ أَعْتَقَاهُ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا وَجَهِلَ الْأَوَّلُ قُوِّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا وَإِذَا قُوِّمَ عَلَيْهِمَا (فَعَلَى) قَدْرِ (حِصَصِهِمَا إنْ أَيْسَرَا) مَعًا (وَإِلَّا فَعَلَى الْمُوسِرِ) مِنْهُمَا يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ (وَ) لَوْ أَعْتَقَ فِي حَالَ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ أَوْ أَعْتَقَ بَعْضَ عَبْدٍ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ (عَجَّلَ) عِتْقَ الْعَبْدِ كُلِّهِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَجُزْئِهِ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي فِي الْأُولَى قَبْلَ مَوْتِهِ (فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ) أَعْتَقَ فِي مَرَضِهِ (أَمِنْ) ذَلِكَ الثُّلُثِ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ كَوْنُ جَمِيعِ مَالِهِ مَأْمُونًا أَيْ إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ يَكُونَ مَالُهُ مَأْمُونًا بِأَنْ كَانَ عَقَارًا، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْمُونٍ لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَلْ يُؤَخِّرُ مَعَ التَّقْوِيمِ لِمَوْتِهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ عَتَقَ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلَهُ وَرَقَّ بَاقِيهِ فَلَوْ كَانَ مَأْمُونًا وَلَمْ يَحْمِلْ إلَّا بَعْضَهُ عَجَّلَ عِتْقَ ذَلِكَ الْبَعْضِ وَيُوقَفُ الْبَاقِي، فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ مَاتَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَحْمِلُهُ لَزِمَ عِتْقُ الْبَاقِي (وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ) أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ فِيهِمَا إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا (لَمْ يُوصِ) الْمَيِّتُ بِالتَّقْوِيمِ فِي ذَلِكَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ انْتَقَلَتْ التَّرِكَةُ لِلْوَارِثِ فَصَارَ كَمَنْ أَعْتَقَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَالْمُعْسِرُ لَا تَقْوِيمَ عَلَيْهِ فَلَوْ أَوْصَى بِالتَّقْوِيمِ كُمِّلَ عَلَيْهِ بِالتَّقْوِيمِ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ مَا قَبْلَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ أَنَّ الدَّافِعَ بِالْفِعْلِ لَا يُشْتَرَطُ وَالْمَدَارُ عَلَى يُسْرِهِ بِهَا دُفِعَتْ بِالْفِعْلِ أَوَّلًا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَعْتَقَ الْأَوَّلَ فَالثَّانِيَ) أَيْ لَوْ أَعْتَقَ كُلٌّ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ وَكَانَ الْعِتْقُ مُرَتَّبًا وَكَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مُوسِرًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ مُعْسِرًا، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ حِصَّةُ الثَّالِثِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ لِعَدَمِ يُسْرِهِ وَلَا عَلَى الثَّانِي وَلَوْ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْتَدِئْ الْعِتْقَ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ نَصِيبُ الثَّالِثِ عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ جَبْرًا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ طَلَبَ الْأَوَّلُ التَّقْوِيمَ عَلَى نَفْسِهِ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي تَقْوِيمِهِ عَلَى الثَّانِي إذَا رَضِيَ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَا مَقَالَ لَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْأَوَّلِ فِي الْإِكْمَالِ، وَإِنَّمَا الْحَقُّ فِي الِاسْتِكْمَالِ وَقَوْلُهُ نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَيْ فِي تَوْضِيحِهِ.
(قَوْلُهُ: يُقَوَّمُ الْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ نَصِيبِ الثَّالِثِ (قَوْلُهُ: وَعَجَّلَ فِي ثُلُثِ مَرِيضٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمَرِيضَ إذَا أَعْتَقَ جُزْءًا مِنْ عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ تَبَرُّعَ الْمَرِيضِ إنَّمَا يَنْفُذُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَإِنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَثُلُثُهُ يَحْمِلُ الْعَبْدَ الْمَذْكُورَ عَجَّلَ عِتْقَ الْعَبْدِ مِنْ الْآنَ وَقُوِّمَ عَلَيْهِ حِصَّةُ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحْمِلُ إلَّا بَعْضَهُ عَجَّلَ عِتْقَ ذَلِكَ الْبَعْضِ كَانَ قَدْرَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَقَفَ بَاقِيَهُ، فَإِنْ صَحَّ الْمَرِيضُ أَوْ مَاتَ وَظَهَرَ لَهُ مَالٌ يَحْمِلُ ذَلِكَ الْبَاقِيَ عَتَقَ ذَلِكَ الْبَاقِيَ وَإِلَّا فَلَا، وَإِنْ كَانَ مَالُ الْمَرِيضِ غَيْرَ مَأْمُونٍ لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ بَلْ يُؤَخِّرُ مَعَ التَّقْوِيمِ لِمَوْتِهِ، فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ الْعَبْدَ بِتَمَامِهِ عَتَقَ كُلُّهُ وَإِلَّا عَتَقَ مَحْمَلَهُ وَرَقَّ الْبَاقِي.
(قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْبَاقِي) أَيْ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حَالًّا قَبْلَ مَوْتِهِ لِيَخْرُجَ حُرًّا مِنْ الْآنِ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ شَرَطَ تَعْجِيلَ الْعِتْقِ) أَيْ مَعَ التَّقْوِيمِ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ وَحْدَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لَمْ يُعَجِّلْ عِتْقَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ) أَيْ مِنْ الْعَبْدِ الَّذِي يَمْلِكُ بَعْضَهُ أَوْ يَمْلِكُ جَمِيعَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ فَإِنْ حَمَلَ الثُّلُثُ كُلَّ الْعَبْدِ عَتَقَ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْعَبْدِ مَحْمَلُهُ أَيْ مَحْمَلُ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ قَدْرَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فَقَطْ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أَعْتَقَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ شِقْصًا لَهُ فِي عَبْدٍ، وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَقْوِيمِ بَاقِي مَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ؛ لِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ انْتَقَلَتْ التَّرِكَةُ لِلْوَرَثَةِ فَصَارَ كَمَنْ أَعْتَقَ جُزْءًا وَلَا مَالَ لَهُ وَالْمُعْسِرُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ هَكَذَا صَوَّرَهُ الْمَوَّاقُ وَصَوَّرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ بِمَا إذَا أَوْصَى بِعِتْقِ شَخْصٍ لَهُ فِي عَبْدٍ وَبَاقِيهِ لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُ وَلَمْ يُوصِ بِتَقْوِيمِ بَاقِي الْعَبْدِ فِي مَالِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَاقِيهِ وَالْجُزْءُ الَّذِي أَوْصَى بِعِتْقِهِ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ بِمَوْتِهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ لَمْ يُوصِ (قَوْلُهُ فَلَوْ أَوْصَى بِالتَّقْوِيمِ) أَيْ فَلَوْ أَوْصَى بِتَكْمِيلِ مَا أَعْتَقَهُ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فِيهِمَا كَمَّلَ عَلَيْهِ مِنْ الثُّلُثِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ) أَيْ بِأَنْ أَعْتَقَ فِي حَالِ مَرَضِهِ أَوْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَلَمْ يَطَّلِعْ إلَخْ وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا فِي حَالِ صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ، فَإِنَّهُ يَمْضِي مَا أَعْتَقَهُ مِنْ الْجُزْءِ حَالًّا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَيُكْمِلُ عَلَيْهِ عِتْقَ الْبَاقِي حَالًّا مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ الْمَالُ مَأْمُونًا وَإِلَّا أَخَّرَ تَقْوِيمَ بَاقِي الْعَبْدِ لِبَعْدِ الْمَوْتِ فَيَعْتِقُ مِنْ ذَلِكَ مَحْمَلُ الثُّلُثِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَاقِي أَوْ بَعْضُهُ وَلَوْ أَعْتَقَ جُزْءًا فِي حَالِ مَرَضِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ، فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ عِتْقَ ذَلِكَ الْجُزْءِ الَّذِي أَعْتَقَهُ فِي الْمَرَضِ مِنْ ثُلُثِهِ وَكَذَلِكَ يُعَجِّلُ تَقْوِيمَ الْبَاقِي الْآنَ عَلَيْهِ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ كَانَ مَالُهُ مَأْمُونًا وَإِلَّا أَخَّرَ عِتْقَ الْجُزْءِ وَتَقْوِيمَ الْبَاقِي مِنْ الْعَبْدِ لِبَعْدِ الْمَوْتِ فَيَعْتِقُ مِنْهُ مَحْمَلُ الثُّلُثِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ
(وَقُوِّمَ) الْمُعْتَقُ بَعْضُهُ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ التَّقْوِيمِ عَلَى الشَّرِيكِ الْمُعْتِقِ فِي صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ (كَامِلًا بِمَالِهِ) أَيْ مَعَهُ؛ لِأَنَّ فِي تَقْوِيمِ الْبَعْضِ ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ.
وَالتَّقْوِيمُ إنَّمَا هُوَ (بَعْدَ امْتِنَاعِ شَرِيكِهِ مِنْ الْعِتْقِ) فَيُؤْمَرُ بِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ (وَنَقْضٍ لَهُ) أَيْ لِلتَّقْوِيمِ (بَيْعٌ) صَدَرَ (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ وَكَذَا مِمَّنْ بَعْدَهُ وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ بِالْعِتْقِ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي (وَ) نَقَضَ (تَأْجِيلُ) الشَّرِيكِ (الثَّانِي) أَيْ عِتْقُهُ مُؤَجَّلًا (أَوْ تَدْبِيرُهُ) أَوْ كِتَابَتُهُ وَيُقَوِّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بِتْلًا، وَلَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ أَوَّلًا ثُمَّ أَعْتَقَ الثَّانِي بَتْلًا قُوِّمَ نَصِيبُ الْمُدَبِّرِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ بَتْلًا (وَ) إذَا اخْتَارَ الشَّرِيكُ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ التَّقْوِيمَ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ (لَا يَنْتَقِلُ) أَيْ لَيْسَ لَهُ الِانْتِقَالُ (بَعْدَ اخْتِيَارِهِ أَحَدَهُمَا) بِعَيْنِهِ لِغَيْرِهِ مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ وَسَوَاءٌ كَانَ الَّذِي خَيَّرَهُ شَرِيكُهُ أَوْ الْحَاكِمُ أَوْ اخْتَارَ أَحَدُهُمَا مِنْ قِبَلِ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اخْتَارَ التَّقْوِيمَ فَقَدْ تَرَكَ حَقَّهُ مِنْ الْعِتْقِ فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ، وَإِنْ اخْتَارَ الْعِتْقَ ابْتِدَاءً لَمْ يَكُنْ لَهُ، اخْتَارَ التَّقْوِيمَ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ.
(وَإِذَا حَكَمَ) أَيْ حَكَمَ الْحَاكِمُ (بِمَنْعِهِ) أَيْ مَنْعِ التَّقْوِيمِ عَلَى مَنْ أَعْتَقَ (لِعُسْرِهِ مَضَى) حُكْمُهُ فَلَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَيْسَرَ وَفِي نُسْخَةٍ بِبَيْعِهِ أَيْ بِبَيْعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْعَبْدِ لِعُسْرِ الْمُعْتِقِ مَضَى الْبَيْعُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إنْ أَيْسَرَ، وَإِنْ لَمْ يَبِعْ بِالْفِعْلِ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَالْحُكْمُ بِالْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ مَنْعَ التَّقْوِيمِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ الْحُكْمِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ فَقَدْ سَاوَتْ هَذِهِ النُّسْخَةُ النُّسْخَةَ الْأُولَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَهُوَ مَا قَبْلَهُ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ يَعْنِي بِالنَّظَرِ لِمَا إذَا أَعْتَقَ فِي الْمَرَضِ وَاطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْمَرَضِ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَأَمَّا حُكْمُ مَا إذَا أَعْتَقَ فِي صِحَّتِهِ وَاطَّلَعَ عَلَى ذَلِكَ فِي مَرَضِهِ فَهُوَ مُغَايِرٌ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا عَلِمْت وَفِي قَوْلِ الشَّارِحِ.
وَأَمَّا لَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ فَهُوَ وَمَا قَبْلَهُ إشَارَةٌ لِجَوَابِ اعْتِرَاضٍ وَارِدٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَيْنَ مَفْهُومِ قَوْلِ أُمِنَ وَبَيْنَ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ وَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَى مَيِّتٍ نَوْعُ تَخَالُفٍ إذْ مُفَادُ الْأَوَّلِ التَّقْوِيمُ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَإِنْ لَمْ يُوصِ وَمُفَادُ الثَّانِي خِلَافُهُ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالثَّانِي فِيمَا إذَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا قَرَّرَ الشَّارِحُ وَحِينَئِذٍ فَلَا مُخَالَفَةَ.
(قَوْلُهُ: وَقُوِّمَ كَامِلًا) أَيْ عَلَى أَنَّهُ رَقِيقٌ لَا عِتْقَ فِيهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَقَ بَعْضُهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ كَامِلًا مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءً أَعْتَقَ بَعْضَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَمْ لَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ اتِّفَاقُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نِصْفُهُ مَثَلًا عَلَى أَنَّ النِّصْفَ الْآخَرَ حُرٌّ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ بْنِ خَالِدٍ وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ: إنْ أَعْتَقَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَكَقَوْلِ أَحْمَدَ وَأَنَّ الْعِتْقَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَالْمَشْهُورِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ أَنْ يَكُونَ لَلشَّرِيكِ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُعْتِقِ بِقِيمَةِ عَيْبِ نَقْصِ الْمُعْتَقِ إذَا مَنَعَ الْإِعْسَارُ مِنْ التَّقْوِيمِ عَلَيْهِ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَقْوِيمِهِ كَامِلًا إنْ اشْتَرَيَاهُ مَعًا وَلَمْ يُبَعِّضْ الثَّانِي حِصَّتَهُ بِالْعِتْقِ، فَإِنْ اشْتَرَيَاهُ فِي صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ اشْتَرَى كُلُّ وَاحِدٍ حِصَّتَهُ مُفْرَدَةً لَمْ يُقَوَّمْ كَامِلًا بَلْ تُقَوَّمُ حِصَّةُ الشَّرِيكِ عَلَى انْفِرَادِهَا، وَكَذَا لَوْ أَعْتَقَ الشَّرِيكُ بَعْضَ حِصَّتِهِ بَعْدَ عِتْقِ الْأَوَّلِ جَمِيعَ حِصَّتِهِ أَوْ بَعْضَهَا، فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْأَوَّلِ مَا بَقِيَ مِنْ حِصَّةِ الثَّانِي فَقَطْ وَلَا يُقَوَّمُ كَامِلًا.
(قَوْلُهُ بِمَالِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ بِعِتْقِ بَعْضِهِ يَمْنَعُ انْتِزَاعَ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لَهُ فَلِذَا وَجَبَ تَقْوِيمُهُ مَعَ مَالِهِ، وَلَا يُقَوَّمُ بِغَيْرِهِ إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْمُعْتِقُ حِصَّةَ شَرِيكِهِ مِنْ مَالِهِ وَيُعْتَبَرُ مِنْ مَالِهِ يَوْمَ تَقْوِيمِهِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْكَائِنِ فِي مَحَلِّ الْعِتْقِ، فَإِذَا كَانَ لَهُ حِينَ التَّقْوِيمِ مَالٌ مَوْجُودٌ بِمِصْرَ وَمَالٌ بِمَكَّةَ اُعْتُبِرَ الْمَالُ الْمَوْجُودُ فِي مَحَلِّ الْعِتْقِ فَيُقَوَّمُ مَعَهُ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: ضَرَرًا عَلَى الشَّرِيكِ) أَيْ بِكَسَادِ حِصَّتِهِ بِتَقْوِيمِهَا مُفْرَدَةً؛ لِأَنَّ قِيمَةَ نِصْفِ الْعَبْدِ أَقَلُّ مِنْ نِصْفِ قِيمَتِهِ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْحِصَّةِ وَكَثْرَةِ الرَّغْبَةِ فِي شِرَاءِ الْكَامِلِ.
(قَوْلُهُ: وَنُقِضَ إلَخْ) عِلَّةُ النَّقْضِ مَا فِيهِ مِنْ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ التَّقْوِيمَ قَدْ وَجَبَ فِيهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَدَخَلَ الْمُشْتَرِي عَلَى حَالَةٍ مَجْهُولَةٍ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَيْعٌ أَنَّ الصَّدَقَةَ وَالْهِبَةَ لَا يُنْقَضَانِ وَيُقَوَّمُ عَلَى الْمُعْتِقِ وَيَكُونُ الثَّمَنُ لِلْمُعْطَى بِالْفَتْحِ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ الْوَاهِبُ أَنَّهُ مَا وَهَبَ لِتَكُونَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ الْقِيمَةُ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَ أَحَقَّ بِهَا كَذَا قَالُوا هُنَا اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَعَدَّدَتْ الْبِيَاعَاتِ) لَا يُقَالُ الْبَيْعُ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَا يَكُونُ الْبَيْعُ مُفَوِّتًا إلَّا إذَا كَانَ صَحِيحًا وَهُنَا لَا يَكُونُ إلَّا فَاسِدًا لِلْغَرَرِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ عَلِمَ الشَّرِيكُ) أَيْ الَّذِي قَدْ بَاعَ بِالْعِتْقِ قَبْلَ بَيْعِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَعْتِقَهُ الْمُشْتَرِي) أَيْ أَوْ يَفُوتُ بِيَدِهِ بِمُفَوِّتٍ مِنْ مُفَوِّتَاتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ كَنَقْصٍ فِي سُوقٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ زِيَادَةِ مَالٍ أَوْ حُدُوثِ وَلَدٍ لَهُ مِنْ أَمَتِهِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي الْعَبْدِ مُفَوِّتٌ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا يُنْقَضُ الْبَيْعُ فِي الْجُزْءِ وَيُلْزَمُ الْمُشْتَرِي بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ ثُمَّ يَدْفَعُ الْمُعْتِقُ الْقِيمَةَ لَهُ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ عِتْقَ جَمِيعِهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُقَوَّمُ قِنًّا فِي الثَّلَاثَةِ عَلَى الْمُعْتِقِ الْمُوسِرِ بَتْلًا) أَيْ عَلَى الْمُعْتِقِ الَّذِي أَعْتَقَ فِي الْحَالِ وَيَكُونُ لِسَيِّدِهِ حِصَّتُهُ مِنْ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا نَقَضَ عِتْقَهُ وَمَا بَعْدَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَرْضَ الْآخَرُ) أَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْمُعْتِقُ بِانْتِقَالِهِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ رُجُوعٌ إلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ) أَيْ وَهُوَ الشَّرِيكُ الْمُعْتَقُ (قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ اخْتِيَارُ التَّقْوِيمِ ثَانِيًا بِلَا خِلَافٍ) أَيْ مَا لَمْ يَرْضَ بِهِ صَاحِبُهُ وَإِلَّا كَانَ لَهُ اخْتِيَارُهُ (قَوْلُهُ: وَفِي نُسْخَةٍ بِبَيْعِهِ) أَيْ وَعَلَيْهَا فَالْمَعْنَى، وَإِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ بِبَيْعِ
(كَقَبْلِهِ) أَيْ الْحُكْمِ أَيْ كَعُسْرِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِمَنْعِ التَّقْوِيمِ (ثُمَّ أَيْسَرَ) بَعْدَ ذَلِكَ أَيْ بَعْدَ الْعُسْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ كَانَ) الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ (بَيِّنَ) أَيْ ظَاهِرَ (الْعُسْرِ) عِنْدَ النَّاسِ وَعِنْدَ الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ وَقْتَ الْعِتْقِ إذْ الْعِبْرَةُ بِيَوْمِ الْعِتْقِ وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَحَضَرَ الْعَبْدُ) أَيْ وَكَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حِينَ الْعِتْقِ.
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيِّنَ الْعُسْرِ قُوِّمَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ الَّذِي ظَهَرَ هُوَ الَّذِي كَانَ حِينَ الْعِتْقِ إذْ الْفَرْضُ مِنْ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ يُسْرٌ، وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ حُضُورَ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ بِحُضُورِهِ يُعْلَمُ أَنَّ عَدَمَ التَّقْوِيمِ إنَّمَا هُوَ لِلْعُسْرِ لَا لِتَعَذُّرِ التَّقْوِيمِ إذْ الْحَاضِرُ لَا يَتَعَذَّرُ تَقْوِيمُهُ بِخِلَافِ الْغَائِبِ، فَإِذَا قَدِمَ وَالْمُعْتِقُ مُوسِرٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ وَكَأَنَّهُ أَعْتَقَهُ الْآنَ فِي حَالِ يُسْرِهِ وَمِثْلُ حُضُورِهِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ مِمَّا يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ اشْتِرَاطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِهِ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ إذَا عَرَفَ مَوْضِعَهُ وَصِفَتَهُ وَيَنْتَقِدُ الْقِيمَةَ لِجَوَازِ بَيْعِهِ انْتَهَى، وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُوجَدْ بِعُسْرِهِ، فَإِنْ كَانَ مُوسِرًا وَقْتَ الْعِتْقِ قُوِّمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُهُ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَكُونَ حِينَ الْعِتْقِ بَيِّنَ الْعُسْرِ وَأَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا حِينَ عِتْقِهِ وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ.
(وَأَحْكَامُهُ) أَيْ أَحْكَامُ الْمُعْتَقِ بَعْضِهِ وَبَاقِيهِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِعِتْقِ الْبَاقِي أَوْ قَبْلَ تَمَامِ عِتْقِهِ.
(كَالْقِنِّ) أَيْ كَأَحْكَامِ الْقَنِّ الَّذِي لَا عِتْقَ فِيهِ أَصْلًا مِنْ شَهَادَةٍ وَمَنْعٍ مِنْ إرْثٍ وَحُدُودٍ وَغَيْرِهَا مَا عَدَا وَطْءَ الْأُنْثَى فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهَا مُبَعَّضَةٌ، فَإِذَا مَاتَ فَمَالُهُ لِمَالِك بَعْضِهِ (وَلَا يَلْزَمُ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ) الَّذِي أَعْتَقَ بَعْضَ الشُّرَكَاءِ فِيهِ حِصَّتَهُ مِنْهُ وَمَنَعَ مِنْ التَّقْوِيمِ عَلَيْهِ مَانِعٌ كَعُسْرِهِ أَوْ فَقْدِ شَرْطٍ مِنْ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَأَبَى الشَّرِيكُ الثَّانِي مِنْ عِتْقٍ مَنَابِهِ أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى لِتَحْصِيلِ قِيمَةِ بَقِيَّتِهِ لِيَدْفَعَهَا لِسَيِّدِهِ الْمُتَمَسِّكِ بِالْبَاقِي لِيَخْرُجَ جَمِيعُهُ حُرًّا إنْ طَلَبَ سَيِّدُهُ مِنْهُ ذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الشَّرِيكِ حِصَّتَهُ لِغَيْرِ الْمُعْتِقِ لِعُسْرِ الْمُعْتِقِ مَضَى وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ بِيُسْرِ الْمُعْتِقِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَوْ لَمْ يَبِعْ بِالْفِعْلِ
(قَوْلُهُ: كَقَبْلِهِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ التَّقْوِيمِ عَلَى الْمُعْتِقِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتِقَ إذَا أَعْسَرَ بِقِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَلَمْ يُقَوِّمْهَا الشَّرْعُ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ ثُمَّ حَصَلَ لَهُ يَسَارٌ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنَّهَا لَا تُقَوَّمُ عَلَيْهِ بِشَرْطَيْنِ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ لِحِصَّتِهِ بَيْنَ الْعُسْرِ يَوْمَ الْعِتْقِ وَكَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ كَقَبْلِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ كَنَفْيِهِ أَيْ كَنَفْيِ الْحُكْمِ أَيْ أَنَّهُ إذَا انْتَفَى الْحُكْمُ رَأْسًا وَكَانَ مُعْسِرًا وَقْتَ الْعِتْقِ ثُمَّ أَيْسَرَ فَلَا تَقْوِيمَ إنْ كَانَ بَيْنَ الْعُسْرِ وَحَضَرَ الْعَبْدُ.
(قَوْلُهُ: وَكَانَ الْعَبْدُ حَاضِرًا حِينَ الْعِتْقِ) أَيْ حِينَ عَتَقَ الْمُعْتَقُ لِنَصِيبِهِ وَالْقِيَامِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ الَّذِي ظَهَرَ) أَيْ حِينَ الْقِيَامِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ هُوَ الَّذِي كَانَ حِينَ الْعِتْقِ الْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ الَّذِي بِأَنْ يَقُولَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْيُسْرُ الَّذِي ظَهَرَ كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْعِتْقِ وَأَخْفَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ يُسْرٌ مَعْهُودٌ حِينَ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَأَخْفَاهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْغَائِبِ) أَيْ غَيْبَةً بَعِيدَةً، فَإِنَّهُ يَتَعَذَّرُ تَقْوِيمُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نَقْدِ قِيمَتِهِ عَلَى مَا مَرَّ لَلْمُصَنِّفِ وَالنَّقْدِ فِي الْغَائِبِ لَا يَجُوزُ سَوَاءٌ عَلِمَ بِمَوْضِعِهِ وَصِفَتِهِ أَوْ كَانَ مَفْقُودًا.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ حُضُورِهِ) أَيْ حِينَ الْعِتْقِ أَيْ فِي كَوْنِهِ يَمْنَعُ مِنْ التَّقْوِيمِ إذَا حَصَلَ الْيَسَارُ بَعْدَ الْعِتْقِ مَا إذَا كَانَ غَائِبًا حِينَ الْعِتْقِ غَيْبَةً يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ لِقُرْبِهَا، وَقَوْلُهُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إلَخْ الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي حَالِ الْيُسْرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ وَلَوْ حُمِلَ عَلَى الْعُسْرِ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يُنَاسِبْ قَوْلَهُ لَزِمَ تَقْوِيمُهُ بَلْ حَقُّهُ لَزِمَ عَدَمُ تَقْوِيمِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَفَادَ أَنَّ قُرْبَ الْغَيْبَةِ مَعَ الْيُسْرِ كَالْحُضُورِ فِي لُزُومِ التَّقْوِيمِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ قُرْبَ الْغَيْبَةِ مَعَ الْعُسْرِ كَالْحُضُورِ فِي مَنْعِ التَّقْوِيمِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَمَرَّ إعْسَارُهُ) أَيْ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَسَارٌ أَصْلًا بَعْدَ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ غَائِبًا غَيْبَةً قَرِيبَةً يَجُوزُ فِيهَا اشْتِرَاطُ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ حَاضِرًا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا بِأَنْ كَانَ غَائِبًا حِينَ الْعِتْقِ غَيْبَةً بَعِيدَةً قُوِّمَ عَلَيْهِ بَعْدَ حُضُورِهِ
(قَوْلُهُ: مِنْ شَهَادَةٍ) أَيْ مِنْ رَدِّ شَهَادَةٍ (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ كَعَدَمِ صِحَّةِ إمَامَتِهِ فِي الْجُمُعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ فَإِنْ وَطِئَهَا لَمْ يُحَدَّ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْقَذْفِ وَنَصُّهَا، فَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْأَمَةِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مَلِيءٌ ثُمَّ وَطِئَهَا الْمُتَمَسِّكُ بِالرِّقِّ قَبْلَ التَّقْوِيمِ لَمْ يُحَدَّ؛ لِأَنَّ حِصَّتَهُ فِي ضَمَانِهِ قَبْلَ التَّقْوِيمِ (قَوْلُهُ: فَمَا لَهُ لِمَالِك بَعْضِهِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ مِنْهُ شَيْءٌ لِلْمُعْتِقِ وَلَا لِوَرَثَتِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِيهَا وَإِذَا أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ وَهُوَ مُوسِرٌ فَلَمْ يُقَوَّمْ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ الْعَبْدُ عَلَى مَالٍ فَالْمَالُ لِلْمُتَمَسِّكِ بِالرِّقِّ دُونَ الْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْأَرِقَّاءِ حَتَّى يَعْتِقَ جَمِيعَهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَيْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْعَى إلَخْ) أَيْ وَكَذَا إنْ طَلَبَ الْعَبْدُ السَّعْيَ لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ إجَابَتُهُ لِذَلِكَ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ الْوَجْهِ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ وَالْوَجْهِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الِاسْتِسْعَاءَ فَاعِلٌ عَلَى كِلَا الْوَجْهَيْنِ وَالْمَفْعُولُ عَلَى الْأَوَّلِ الْعَبْدُ وَعَلَى الثَّانِي السَّيِّدُ فَالْمَعْنَى عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ اسْتِسْعَاؤُهُ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُ السَّيِّدَ اسْتِسْعَاءُ الْعَبْدِ أَيْ
(وَلَا) يَلْزَمُ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ.
(قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ) لِيَدْفَعَهُ فِي قِيمَةِ حِصَّةِ شَرِيكِهِ وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ وَلَا الْعَبْدَ ذَلِكَ (وَلَا) يَلْزَمُ (تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ فِي ذِمَّةِ) الْمُعْتِقِ (الْمُعْسِرِ بِرِضَا الشَّرِيكِ) الَّذِي لَمْ يَعْتِقْ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ.
وَأَمَّا إلَى يُسْرِهِ فَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْجَهْلِ بِأَجَلِ الثَّمَنِ
(وَمَنْ)(أَعْتَقَ حِصَّتَهُ لِأَجَلٍ)(قُوِّمَ عَلَيْهِ) الْآنَ لِيَدْفَعَ قِيمَةَ حِصَّةِ شَرِيكِهِ الْآنَ (لِيَعْتِقَ جَمِيعَهُ عِنْدَهُ) أَيْ الْأَجَلِ إذْ الْقَصْدُ تَسَاوِي الْحِصَّتَيْنِ (إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي) عِتْقَ نَصِيبِهِ أَوْ يَعْتِقَهُ لِأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ دُونَهُ (فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ) ، فَإِنْ أَعْتَقَهُ الثَّانِي لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْ الْأَوَّلِ بَطَلَ أَجَلُ الثَّانِي عِنْدَ أَجَلِ الْأَوَّلِ وَقُوِّمَ عَلَى الْأَوَّلِ عِنْدَهُ إلَّا أَنْ يَبُتَّ الثَّانِي (وَإِنْ دَبَّرَ) مُوسِرًا (حِصَّتَهُ) دُونَ الثَّانِي (تَقَاوَيَاهُ) وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ دَبَّرَ قَالَ مُطَرِّفٌ مَعْنَاهُ أَنْ يُقَوَّمَ قِيمَةَ عَدْلٍ ثُمَّ يُقَالُ لِمَنْ لَمْ يُدَبِّرْ أَتُسَلِّمُهُ لِمَنْ دَبَّرَ بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ، فَإِنْ زَادَ قِيلَ لِمَنْ دَبَّرَ أَتُسَلِّمُهُ لِصَاحِبِك بِهَذِهِ الْقِيمَةِ أَمْ تَزِيدُ وَهَكَذَا حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَدٍّ (لِيُرَقَّ كُلُّهُ أَوْ يُدَبَّرَ) كُلُّهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْإِجَابَةُ لِاسْتِسْعَائِهِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ الْعَبْدَ السِّعَايَةُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ عِنْدَ طَلَبِ السَّيِّدِ وَلَزِمَهُ الْمَالُ إذَا أَيْسَرَ وَالِاتِّبَاعُ بِهِ إنْ أَعْسَرَ فِي قَوْلِهِ أَنْت حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ وَعَلَيْك أَلْفٌ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْعِتْقُ وَالْمَالُ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ فِي هَذِهِ نَاجِزٌ بِخِلَافِ مَا هُنَا، فَإِنَّهُ لَا يَعْتِقُ نَاجِزًا قَبْلَ السَّعْيِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مَنْ أَعْتَقَ حِصَّتَهُ) أَيْ وَكَانَ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا يَلْزَمُ شَرِيكَهُ) أَيْ قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ لِيُعْتِقَ بِهِ الْعَبْدَ (قَوْلُهُ: وَلَا الْعَبْدَ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَالِ الْغَيْرِ وَلَوْ صَدَقَةً لِيُعْتِقَ بِهِ نَفْسَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ تَخْلِيدُ الْقِيمَةِ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الشَّرِيكَ الْمُعْتِقَ أَنْ يُخَلِّدَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ فِي ذِمَّتِهِ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ حَالَةَ كَوْنِ التَّخْلِيدِ بِرِضَا شَرِيكِهِ الَّذِي لَمْ يُعْتِقْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّرِيكَ الَّذِي أَعْتَقَ حِصَّتَهُ مِنْ الْعَبْدِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُخَلِّدَ قِيمَةَ نَصِيبِ شَرِيكِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ بِرِضَا شَرِيكِهِ بِاتِّبَاعِ ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ وُجُوبِ التَّقْوِيمِ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا كَمَا مَرَّ
(قَوْلُهُ: قُوِّمَ عَلَيْهِ) أَيْ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِنْ الْآنَ (قَوْلُهُ: إذْ الْقَصْدُ تَسَاوِي الْحِصَّتَيْنِ) أَيْ فِي الْعِتْقِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا يُعَجَّلُ عِتْقُ نَصِيبِ الْمُعْتِقِ الْآنَ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَاقِعِ وَلَا نَصِيبَ شَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ تَابِعٌ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَوْ بَعْدَ الْأَجَلِ وَنَصُّهَا عَلَى مَا فِي بْن، فَإِنْ أَعْتَقَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حَظَّهُ لِأَجَلٍ قُوِّمَ عَلَيْهِ الْآنَ وَلَمْ يُعْتَقْ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ اهـ وَفِي تت وَرَوَى أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ بَعْدَ الْأَجَلِ أُخِّرَ التَّقْوِيمُ لِانْتِهَائِهِ قَالَ عبق وَانْظُرْ هَلْ هُوَ وِفَاقٌ فَيُقَيَّدُ بِهِ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُصَنِّفِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَبِتَّ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَضَمِّهَا مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَتَلَ (قَوْلُهُ: فَنَصِيبُ الْأَوَّلِ عَلَى حَالِهِ) أَيْ بَاقٍ عَلَى حَالِهِ مِنْ كَوْنِهِ لَا يُعْتَقُ إلَّا عِنْدَ أَجَلِهِ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى الثَّانِي الَّذِي عَجَّلَ عِتْقَ حِصَّةِ نَصِيبِ الْأَوَّلِ لِأَجَلِ أَنْ تَتَسَاوَى الْحِصَّتَانِ فِي الْعِتْقِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ.
(قَوْلُهُ: بَطَلَ أَجَلُ الثَّانِي عِنْدَ أَجَلِ الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ إنَّهُ يُمْهَلُ لِلْأَجَلِ الْأَوَّلِ، فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ الْأَوَّلُ قُوِّمَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ الْمُعْتِقِ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ عَلَى الْمُعْتِقِ الْأَوَّلِ قَالَ بْن بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْطُلُ تَأْجِيلُهُ الْآنَ وَيُقَوَّمُ عَلَيْهِ مِنْ الْآنَ لِيُعْتَقَ عِنْدَ أَجَلِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَبَّرَ حِصَّتَهُ) أَيْ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ تَقَاوَيَاهُ أَيْ وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ دَبَّرَ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ تَدْبِيرَهُ وَلَيْسَ لِشَرِيكِهِ الرِّضَا بِذَلِكَ التَّدْبِيرِ وَالتَّمَسُّكِ بِحَظِّهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْمُقَاوَاةِ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ الْأَخَوَيْنِ وَرَوَاهُ أَيْضًا مُحَمَّدٌ عَنْ أَشْهَبَ عَنْ مَالِكٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا أَنَّهُ يُقَوَّمُ عَلَى الْمُدَبِّرِ لِيَكُونَ مُدَبِّرًا كُلَّهُ تَنْزِيلًا لِلتَّدْبِيرِ مَنْزِلَةَ الْعِتْقِ وَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ التَّدْبِيرِ وَفِيهَا أَيْضًا فِي الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قَوْلُهُ عَلَى نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: تَقَاوَيَاهُ) أَيْ تَزَايَدَا فِيهِ حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَدٍّ يَلْتَزِمُهُ أَحَدُهُمَا بِهِ وَالتَّقَاوِي مَأْخُوذٌ مِنْ الْقُوَّةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ يُظْهِرُ قُوَّتَهُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ دَبَّرَ) أَيْ نَصِيبَ شَرِيكِهِ لِيُكْمِلَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مَعْنَاهُ) أَيْ التَّقَاوِي (قَوْلُهُ: أَتَسَلَّمُهُ لِصَاحِبِك) أَيْ الْمُتَمَسِّكِ بِالرُّقْيَةِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقِفَ عَلَى حَدٍّ) أَيْ يَلْتَزِمَهُ أَحَدُهُمَا بِهِ.
(قَوْلُهُ لِيُرَقَّ كُلُّهُ) أَيْ إنْ وُقِفَ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ وَقَوْلُهُ أَوْ يُدَبَّرُ كُلُّهُ أَيْ إذَا وُقِفَ عَلَى مَنْ دَبَّرَ ثُمَّ إنَّهُ إذَا وُقِفَ عَلَى الشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُدَبَّرْ وَبَقِيَ كُلُّهُ رَقِيقًا جَازَ لِمُدَبِّرِهِ أَخْذُ ثَمَنِ حِصَّتِهِ وَيَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ (قَوْلُهُ: وَهَذَا ضَعِيفٌ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الْأَوَّلِ إنْ دَبَّرَ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ جَازَ وَبِغَيْرِ إذْنِهِ قُوِّمَ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ وَلَزِمَهُ تَدْبِيرُ جَمِيعِهِ وَلَا يَتَقَاوَيَاهُ وَكَانَتْ الْمُقَاوَاةُ عِنْدَ مَالِكٍ ضَعِيفَةً وَلَكِنَّهَا شَيْءٌ ذُكِرَ فِي كُتُبِهِ اهـ، وَإِنَّمَا كَانَتْ ضَعِيفَةً؛ لِأَنَّ فِيهَا نَقْضَ التَّدْبِيرِ إذَا وُقِفَ عَلَى الَّذِي لَمْ يُدَبِّرْ وَكَذَا فِي طفى فَقَدْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فِي النِّسْبَةِ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا بْن فَقَدْ نَسَبَ الْأَقْوَالَ
وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُدَبَّرَ الْمُوسِرَ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ نَصِيبُ شَرِيكِهِ لِيَكُونَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا كَالتَّنْجِيزِ سَوَاءٌ وَكَلَامُهُ فِي الْعَبْدِ الْمُشْتَرَكِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مِنْ كَلَامِهِ.
وَأَمَّا الْمُخْتَصُّ بِشَخْصٍ فَأَعْتَقَ بَعْضَهُ لِأَجَلٍ أَوْ دَبَّرَ بَعْضَهُ فَيَسْرِي الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ لِلْجَمِيعِ كَالتَّنْجِيزِ
(وَإِنْ)(ادَّعَى الْمُعْتِقُ) لِحِصَّتِهِ (عَيْبَهُ) أَيْ عَيْبَ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهُ عَيْبًا خَفِيًّا كَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ لِتَقِلَّ قِيمَتُهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ شَرِيكَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ (فَلَهُ) أَيْ لِلْمُعْتِقِ (اسْتِحْلَافُهُ) بِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ فِيهِ الْعَيْبَ الْمَذْكُورَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْمُدَّعِي بِأَنَّ فِيهِ ذَلِكَ الْعَيْبَ وَيُقَوَّمُ مَعِيبًا (وَإِنْ)(أَذِنَ السَّيِّدُ) لِعَبْدِهِ فِي عِتْقِ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آخَرَ (أَوْ) لَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَلَكِنْ (أَجَازَ عِتْقَ عَبْدِهِ جُزْءًا) لَهُ فِي عَبْدٍ (قُوِّمَ) نَصِيبُ الشَّرِيكِ (فِي مَالِ السَّيِّدِ) الْأَعْلَى؛ لِأَنَّهُ الْمُعْتَقُ حَقِيقَةً حَيْثُ أَذِنَ أَوْ أَجَازَ وَالْوَلَاءُ لَهُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدَ السَّيِّدِ مَا يَفِي بِالْقِيمَةِ فَظَاهِرٌ (وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ) الْعَبْدِ (الْمُعْتِقِ) بِالْكَسْرِ لِعَدَمِ مَا يُوفِي بِالْقِيمَةِ عِنْدَ سَيِّدِهِ (بِيعَ) لِيُوَفِّيَ مِنْهُ قِيمَةَ شَرِيكِهِ وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ اُحْتِيجَ؛ لِأَنَّ عَبْدَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ
(وَإِنْ)(أَعْتَقَ) شَخْصٌ (أَوَّلَ وَلَدٍ) مِنْ أَمَتِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ عَتَقَ الْأَوَّلُ (وَلَمْ يَعْتِقْ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ) الْأَوَّلُ حَالَ خُرُوجِهِ فَضَمِيرُ مَاتَ عَائِدٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ لِلثَّانِي، فَإِنْ خَرَجَا مَعًا مِنْ بَطْنِهَا عَتَقَا مَعًا كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا دَفْعًا لِلتَّرْجِيحِ بِلَا مُرَجِّحٍ (وَإِنْ)(أَعْتَقَ جَنِينًا)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثَّلَاثَةَ لَهَا وَحَكَى عَنْ التَّوْضِيحِ تَشْهِيرَ الْقَوْلِ بِالْمُقَاوَاةِ وَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْمُدَبِّرَ الْمُوسِرَ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ دَبَّرَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ حِصَّتَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ خُيِّرَ شَرِيكُهُ إنْ شَاءَ أَمْضَى صَنِيعَهُ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّ تَدْبِيرَهُ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ وَذَكَرَهُ بَهْرَامُ وَذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ لَكِنَّهُ صَدَّرَ بِهَذَا الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: فَيَسْرِي الْعِتْقُ) أَيْ لِذَلِكَ الْأَجَلِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِبَاقِيهِ بَدَلَ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ سَرَيَانَ التَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ لِأَجَلٍ إنَّمَا هُوَ لِبَاقِيهِ
(قَوْلُهُ: وَادَّعَى أَنَّ شَرِيكَهُ يَعْلَمُ ذَلِكَ) هَكَذَا فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَا هِيَ فِي الْجَوَاهِرِ وَلَمْ يَفْرِضْهَا ابْنُ عَرَفَةَ كَذَلِكَ بَلْ ظَاهِرُهُ كَظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ ادَّعَى عِلْمَ شَرِيكِهِ بِالْعَيْبِ أَمْ لَا وَنَصَّهُ الْبَاجِيَّ لَوْ ادَّعَى الْمُعْتِقُ عَيْبًا بِالْعَبْدِ وَأَنْكَرَهُ شَرِيكُهُ فَفِي وُجُوبِ حَلِفِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ ثَانِي قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ أَصْبَغَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّانِي أَوَّلُ قَوْلَيْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُصَدِّقْهُ) أَيْ فِي الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ بِأَنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ بِالْعَيْبِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِحْلَافُهُ) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُهُ وَلَا يَحْلِفُ ذَلِكَ الْمُدَّعِي أَيْضًا وَيُقَوَّمُ الْعَبْدُ سَلِيمًا (قَوْلُهُ فِي عِتْقِ عَبْدٍ) أَيْ فِي عِتْقِ جُزْءٍ مِنْ عَبْدٍ مُشْتَرَكٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: قُوِّمَ فِي مَالِ السَّيِّدِ الْأَعْلَى) أَيْ فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ السَّيِّدُ قَوِّمُوهُ فِي مَالِ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ، فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ إذَا خَصَّ التَّقْوِيمَ بِمَالِ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ بِحَيْثُ لَا يُكْمِلُ مَنْ عِنْدَهُ إذَا اُحْتِيجَ لِتَكْمِيلٍ، وَأَمَّا إذَا قَالَ قَوِّمُوهُ فِي مَالِ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ وَكَانَ مَالُهُ يَفِي بِالْقِيمَةِ أَوْ لَا يَفِي وَكَمَّلَ السَّيِّدُ مِنْ مَالِهِ، فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ قَوِّمُوهُ بِمَالِ الْعَبْدِ انْتِزَاعٌ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُحْتِيجَ لِبَيْعِ الْعَبْدِ الْمُعْتِقِ بِيعَ لِيُوفِيَ مِنْهُ قِيمَةَ شَرِيكِهِ) أَيْ قِيمَةَ الْجُزْءِ الَّذِي لِشَرِيكِهِ وَيَجُوزُ لِلْعَتِيقِ شِرَاؤُهُ إذَا بِيعَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ كَثِيرًا مَا تَقَعُ فِي الْمُعَايَاةِ فَيُقَالُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ يُبَاعُ السَّيِّدُ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ وَفِي هَذَا الْمَعْنَى قَالَ بَعْضُهُمْ
يَحِقُّ لِجَفْنِ الْعَيْنِ إرْسَالُ دَمْعِهِ
…
عَلَى سَيِّدٍ قَدْ بِيعَ فِي عِتْقِ عَبْدِهِ
وَمَا ذَنْبُهُ حَتَّى يُبَاعَ وَيُشْتَرَى
…
وَقَدْ بَلَغَ الْمُلُوكُ غَايَةَ قَصْدِهِ
وَيَمْلِكُهُ بِالْبَيْعِ إنْ شَاءَ فَاعْلَمَنَّ
…
كَذَا حَكَمُوا وَالْعَقْلُ قَاضٍ بِرَدِّهِ
فَهَذَا دَلِيلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُدْرِكًا
…
لِحُسْنٍ وَلَا قُبْحٍ فَقِفْ عِنْدَ حَدِّهِ
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ عَبْدَهُ مِنْ جُمْلَةِ مَالِهِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ.
{تَنْبِيهٌ} مَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ السَّيِّدُ حَتَّى عَتَقَ عَبْدُهُ الَّذِي أَعْتَقَ الْجُزْءَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَ ذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي أَعْتَقَ الْجُزْءَ نَفَذَ عِتْقُ الْعَبْدِ لِلْجُزْءِ وَكَانَ الْوَلَاءُ لِلْعَبْدِ دُونَ السَّيِّدِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ اسْتَثْنَى مَالَهُ بَطَلَ عِتْقُ الْعَبْدِ لِلْجُزْءِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَ شَخْصٌ أَوَّلَ وَلَدٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ لِأَمَتِهِ: أَوَّلُ وَلَدٍ تَلِدِينَهُ مِنْ غَيْرِي فَهُوَ حُرٌّ فَوَلَدَتْ مِنْ غَيْرِهِ أَوْلَادًا مُتَرَتِّبِينَ فِي بَطْنٍ أَوْ بُطُونٍ، فَإِنَّ أَوَّلَ وَلَدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ حُرًّا وَلَوْ نَزَلَ مَيِّتًا وَلَا يَعْتِقُ الثَّانِي وَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ حَالَ نُزُولِهِ مِنْ بَطْنِهَا (قَوْلُهُ: فَوَلَدَتْ وَلَدَيْنِ) أَيْ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْآخَرِ سَوَاءٌ كَانَا فِي بَطْنَيْنِ أَوْ بَطْنٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ) أَيْ وَلَوْ نَزَلَ أَوَّلُ التَّوْأَمَيْنِ مَيِّتًا وَرَدَ بِلَوْ قَوْلُ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ وَهُوَ مِنْ أَشْيَاخِ مَالِكٍ وَخِلَافُهُ خَارِجَ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ لِرَدِّهِ بِلَوْ؛ لِأَنَّهُ مَذْكُورٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ لَا يُذْكَرُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَّا مَا لَهُ أَصْلٌ فِي الْمَذْهَبِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ قَدْ ارْتَضَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَشْيَاخِ الْمَذْهَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ عَوْدُهُ لِلثَّانِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ أَقْرَبَ مَذْكُورٍ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى يَأْبَى ذَلِكَ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عِتْقُ الثَّانِي إذَا نَزَلَ مَيِّتًا حَتَّى يُبَالِغَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: عِتْقًا مَعًا) أَيْ لِوَصْفِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْأَوَّلِيَّةِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ) أَيْ كَمَا إذَا تَرَتَّبَا وَلَمْ يَعْلَمْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْتَقَ جَنِينًا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ صُوَرَ
فِي بَطْنِ أَمَتِهِ (أَوْ دَبَّرَهُ)(فَحُرٌّ) بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ فِي الْأَوَّلِ وَمُدَبَّرٌ فِي الثَّانِي إنْ لَمْ يَتَأَخَّرْ لِأَكْثَرِ الْحَمْلِ بَلْ (وَإِنْ) تَأَخَّرَ (لِأَكْثَرِ) أَمَدِ (الْحَمْلِ) مِنْ وَقْتِ انْقِطَاعِ إرْسَالِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْ لَا (إلَّا لِزَوْجٍ مُرْسِلٍ عَلَيْهَا) وَهِيَ غَيْرُ ظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَقْتَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ (فَلِأَقَلِّهِ) أَيْ فَلَا يَعْتِقُ أَوْ لَا يَكُونُ مُدَبَّرًا إلَّا مَا وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ أَمَدِ الْحَمْلِ وَهُوَ سِتَّةُ أَشْهُرٍ وَالصَّوَابُ فَلِأَقَلِّ أَقَلِّهِ بِأَنْ وَضَعَتْهُ فِي شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ أَوْ سِتَّةٍ إلَّا سِتَّةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ فِي سِتَّةٍ إلَّا خَمْسَةَ أَيَّامٍ فَأَكْثَرَ فَلَا يَكُونُ حُرًّا وَلَا مُدَبَّرًا لِاحْتِمَالٍ، أَوْ لَا يَكُونُ حَالَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ مَوْجُودًا، وَإِنَّمَا تَكُونُ بَعْدُ وَلَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ حَالَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ إلَّا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ السِّتَّةِ وَمَا فِي حُكْمِهَا بِأَنْ أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ فَدُونُ أَوْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ
(وَ) لَوْ أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ (بِيعَتْ) الْأَمَةُ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا عِتْقٌ وَلَا هِيَ أُمُّ وَلَدٍ (إنْ سَبَقَ الْعِتْقَ) لِجَنِينِهَا (دَيْنٌ) وَكَذَا إنْ حَدَثَ بَعْدَ عِتْقِهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ صَوَابُهُ وَبِيعَتْ، وَإِنْ سَبَقَ الْعِتْقُ دَيْنًا بِإِدْخَالِ وَاوِ النِّكَايَةِ عَلَى إنْ وَرَفْعِ الْعِتْقِ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ وَنَصْبِ دَيْنًا عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ وَبِذَلِكَ يُوَافِقُ الْمُدَوَّنَةَ فَتُبَاعُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى عِتْقِ جَنِينِهَا أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ وَسَوَاءٌ قَامَ وَالْغُرَمَاءُ عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِهَا أَوْ قَبْلَهُ، وَجَنِينُهَا كَجُزْءٍ مِنْهَا فَيُبَاعُ مَعَهَا وَلِذَا قَالَ (وَرَقَّ) جَنِينُهَا الْمَعْتُوقُ أَوْ الْمُدَبَّرُ حَيْثُ بِيعَتْ قَبْلَ وَضْعِهِ فِي الدَّيْنِ وَكَذَا لَوْ قَامُوا عَلَيْهِ بَعْدَ وَضْعِهِ إنْ سَبَقَ الدَّيْنُ عِتْقَهُ وَلَمْ يُوفِ ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ، فَإِنْ وَفَى لَمْ يُبَعْ وَكَانَ حُرًّا، فَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ هُوَ السَّابِقَ بِيعَتْ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَكِنْ لَا يُفَارِقُهَا
(وَلَا يُسْتَثْنَى) الْجَنِينُ (بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ) لِأُمِّهِ أَيْ لَا يَصِحُّ بَيْعُ حَامِلٍ وَيُسْتَثْنَى جَنِينُهَا وَلَا عِتْقُهَا وَيُسْتَثْنَى جَنِينُهَا بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْجَنِينِ فِيهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْأَمَةَ الَّتِي أَعْتَقَ سَيِّدُهَا جَنِينَهَا أَوْ دَبَّرَهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ مُسْتَرْسِلٌ عَلَيْهَا أَوْ لَا؛ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ حِينَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ لَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ تَلِدَ الْأَمَةُ ذَلِكَ الْوَلَدَ لِأَقَلَّ أَمَدِ الْحَمْلِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ، فَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ فَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ فِيمَا تَلِدُهُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ الْحَمْلِ أَوْ لِأَكْثَرِهِ وَكَذَا إذَا كَانَتْ خَفِيَّةَ الْحَمْلِ وَلَيْسَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسِلٌ عَلَيْهَا بِأَنْ مَاتَ أَوْ كَانَ غَائِبًا، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ فِيمَا تَلِدُ بِمُجَرَّدِ الْوِلَادَةِ وَلَوْ لِأَقْصَى أَمَدِ الْحَمْلِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ خَفِيَّةَ الْحَمْلِ وَلَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا فَلَا يَلْزَمُ الْعِتْقُ أَوْ التَّدْبِيرُ إلَّا فِيمَا تَلِدُهُ لِأَقَلَّ مِنْ أَقَلِّ أَمَدِ الْحَمْلِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ الَّتِي اسْتَثْنَاهَا الْمُصَنِّفُ وَالِاسْتِثْنَاءُ فِي كَلَامِهِ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا لَا يُقَيَّدُ بِظَاهِرَةِ الْحَمْلِ وَمَا بَعْدَهَا يَجِبُ أَنْ يُقَيَّدَ بِخَفِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: فِي بَطْنِ أَمَتِهِ) أَيْ الَّتِي لَيْسَتْ بِفِرَاشِهِ بِأَنْ كَانَتْ مُتَزَوِّجَةً بِأَجْنَبِيٍّ أَوْ بِعَبْدِهِ أَوْ اشْتَرَاهَا حَامِلًا مِنْ زِنًا أَوْ زَنَتْ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ: ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ أَمْ لَا) لَكِنْ إنْ كَانَتْ ظَاهِرَةَ الْحَمْلِ حِينَ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَتْ خَفِيَّةَ الْحَمْلِ فَتُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا زَوْجٌ مُرْسَلٌ عَلَيْهَا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَحَقَّقُ وُجُودُهُ حَالَ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ إلَخْ) مِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ شَخْصٌ وَوَلَدَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ وَلَدًا فَهُوَ أَخُوهُ لِأُمِّهِ، فَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ مَوْتِهِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ مِنْ السِّتَّةِ بِخَمْسَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَرِثْهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْحَمْلُ بِهِ ظَاهِرًا حِينَ مَوْتِهِ وَإِلَّا وَرِثَ كَمَا لَوْ وَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِسِتَّةِ أَيَّامٍ لِتَحَقُّقِ وُجُودِهِ حَالَ حَيَاةِ أَخِيهِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ دُونَ الْأُولَى
(قَوْلُهُ: وَبِيعَتْ إنْ سَبَقَ الْعِتْقُ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ مَا فِي بَطْنِ أَمَتِهِ مِنْ غَيْرِهِ فِي حَالَ صِحَّتِهِ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَقَامَ عَلَيْهِ غُرَمَاؤُهُ فَإِمَّا أَنْ يَقُومُوا عَلَيْهِ قَبْلَ وَضْعِهَا أَوْ بَعْدَهُ، فَإِنْ قَامُوا عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَضْعِ بِيعَتْ الْأَمَةُ بِجَنِينِهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ غَيْرُهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ أَوْ كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ وَالْجَنِينُ رَقِيقٌ فِي الْحَالَتَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا وَحْدَهَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَامُوا عَلَيْهِ بَعْدَ الْوَضْعِ، فَإِنْ كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ بِيعَتْ الْأُمُّ وَحْدَهَا وَوَلَدُهَا حُرٌّ سَوَاءٌ وَفِي ثَمَنِهَا وَحْدَهَا بِالدَّيْنِ أَمْ لَا لَكِنَّ الْوَلَدَ لَا يُفَارِقُهَا، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ بِيعَ الْوَلَدُ مَعَهَا فِي الدَّيْنِ إنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنُهَا بِالدَّيْنِ، فَإِنْ وَفَى بِهِ ثَمَنُهَا وَحْدَهَا بِيعَتْ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ بِيعَتْ إلَخْ) أَيْ فَمَتَى قَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ وَبِيعَتْ قَبْلَ وَضْعِهَا رَقَّ جَنِينُهَا وَبِيعَ مَعَهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا وَحْدَهَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ سَابِقًا عَلَى الدَّيْنِ أَوْ كَانَ الدَّيْنُ سَابِقًا عَلَى الْعِتْقِ (قَوْلُهُ: بِيعَتْ وَحْدَهَا وَالْوَلَدُ حُرٌّ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ يُعْتَقُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ سَوَاءٌ كَانَ ثَمَنُهَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ) أَيْ هَذَا إذَا وَلَدَتْهُ قَبْلَ مَوْتِ السَّيِّدِ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَوْ مَرَضِهِ بَلْ وَلَوْ وَلَدَتْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ
(قَوْلُهُ: وَلَا يُسْتَثْنَى بِبَيْعٍ) أَيْ لَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ الْجَنِينِ بِبَيْعٍ أَوْ عِتْقٍ، فَإِذَا بَاعَ حَامِلًا أَوْ أَعْتَقَهَا وَاسْتَثْنَى جَنِينَهَا كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ بَاطِلًا لَا يُعْتَدُّ بِهِ وَيَكُونُ الْجَنِينُ مَعَهَا لِلْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ وَيَكُونُ حُرًّا مَعَهَا فِي الْعِتْقِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْعِتْقِ كَمَا يُوهِمُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا
فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُعْطَى بِفَتْحِ الطَّاءِ فَحُرَّةٌ حَامِلَةٌ بِرَقِيقٍ وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعَايَاةِ
(وَلَمْ يُجْزِ)(اشْتِرَاءُ وَلِيِّ) أَبٍ أَوْ غَيْرِهِ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى وَلَدٍ صَغِيرٍ) أَوْ مَجْنُونٍ أَوْ سَفِيهٍ (بِمَالِهِ) أَيْ بِمَالِ الْمَحْجُورِ لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ وَقَعَ لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَى مَحْجُورِهِ أَمْ لَا (وَلَا عَبْدٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ (مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ إتْلَافِ مَالِ سَيِّدِهِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ وَمَفْهُومُ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِعَيْنِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَكِيلِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا لَزِمَ إتْلَافُ مَالِ السَّيِّدِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَوْ قِيلَ بِالْعِتْقِ وَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ تَعَلَّقَ حَقُّ الْغُرَمَاءِ بِمَا دَفَعَهُ مِنْ الْمَالِ فِي ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي شِرَاءِ عَبْدٍ مَا فَاشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَى سَيِّدِهِ عَالِمًا لَمْ يَعْتِقْ عَلَى سَيِّدِهِ مَا لَمْ يُجِزْهُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ كَذَا اسْتَظْهَرُوا وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ لَا يَعْتِقُ عَلَى الْمَأْذُونِ وَلَا غَيْرِهِ بِحَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إذْ الْعِبْرَةُ بِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَلَا يَنْشَأُ عَنْ الرَّقِيقِ حُرِّيَّةٌ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ
(وَإِنْ)(دَفَعَ عَبْدٌ مَالًا) مِنْ عِنْدِهِ (لِمَنْ يَشْتَرِيهِ بِهِ) مِنْ سَيِّدِهِ فَلَا يَخْلُو مِنْ أَحْوَالٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَقُولَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك أَوْ لِتَعْتِقَنِي أَوْ لِنَفْسِي (فَإِنْ قَالَ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك) فَاشْتَرَاهُ (فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ لَا يَلْزَمُهُ ثَمَنٌ ثَانٍ لِلْبَائِعِ وَالْبَيْعُ لَازِمٌ (إنْ اسْتَثْنَى) الْمُشْتَرِي (مَا لَهُ) أَيْ اشْتَرَطَ دُخُولَ مَالِ الْعَبْدِ مَعَهُ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ (وَإِلَّا) يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَهُ (غَرِمَهُ) أَيْ الثَّمَنَ ثَانِيًا لِبَائِعِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ فِي الْبَيْعِ فَقَدْ اشْتَرَاهُ بِمَالِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ بِخِلَافِ الْعِتْقِ (وَ) إذَا لَزِمَهُ غُرْمُ الثَّمَنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ (بِيعَ) الْعَبْدُ (فِيهِ) أَيْ فِي الثَّمَنِ إنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي، فَإِنْ لَمْ يُوفِ ثَمَنُهُ الْآنَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ بِأَنْ بِيعَ بِأَقَلَّ مِنْهُ اتَّبَعَ الْمُشْتَرِي بِالْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ (وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (عَلَى الْعَبْدِ) بِمَا غَرِمَهُ لِسَيِّدِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ (وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي إنْ أَعْتَقَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُتَوَهَّمُ حَتَّى يَنُصَّ عَلَيْهِ مَعَ إيهَامِ قَوْلِهِ وَالْوَلَاءُ لَهُ أَنَّ هُنَا وَلَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْصَى بِأَمَةٍ لِإِنْسَانٍ وَهِيَ حَامِلٌ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيْهِ فَيَصِحُّ اسْتِثْنَاءُ جَنِينِهَا (قَوْلُهُ، فَإِنْ أَعْتَقَهَا الْمُعْطِي) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مِنْ مَسَائِلِ الْمُعَايَاةِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ امْرَأَةٌ حُرَّةٌ حَامِلَةٌ بِرَقِيقٍ
(قَوْلُهُ: لَمْ يَتِمَّ الْبَيْعُ) أَيْ فَيُرَدُّ وَلَا يُعْتَقُ عَلَى الْوَلِيِّ وَلَا عَلَى الْمَحْجُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ أَمْ لَا فَالْوَلِيُّ لَيْسَ كَالْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ مَا وَبَعْضُهُمْ أَجْرَى الْوَلِيَّ عَلَى الْوَكِيلِ وَحِينَئِذٍ فَيَعْتِقُ عَلَى الْمَحْجُورِ إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْوَلِيُّ بِالْقَرَابَةِ أَوْ عَلِمَ بِهَا وَجَهِلَ لُزُومَ الْعِتْقِ، فَإِنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى الْمَحْجُورِ عَتَقَ عَلَى الْوَلِيِّ وَمِثْلُ الْوَكِيلِ عَلَى شِرَاءٍ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ عَامِلُ الْقِرَاضِ وَالزَّوْجُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: مَنْ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ وَلَوْ مَلَكَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا وَسَوَاءٌ عَلِمَ الْعَبْدُ بِقَرَابَةِ ذَلِكَ الْعَبْدِ الَّذِي اشْتَرَاهُ لِسَيِّدِهِ وَبِعِتْقِهِ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ) أَيْ إلَّا أَنْ يُجِيزَ سَيِّدُهُ شِرَاءَهُ لِذَلِكَ الْعَبْدِ، فَإِنَّهُ يُعْتَقُ عَلَى سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ إنْ أَذِنَ لَهُ فِي شِرَائِهِ بِعَيْنِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَقَوْلُهُ كَالْوَكِيلِ أَيْ عَلَى شِرَاءِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ اشْتَرَاهُ عَالِمًا بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ كَانَ عَلَى ذَلِكَ الْعَبْدِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ أَمْ لَا أَوْ اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَكَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلَا يُعْتَقُ عَلَى السَّيِّدِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَلَا عَلَى الْعَبْدِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: عَالِمًا) أَيْ وَأَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ، فَإِنْ كَانَ لَيْسَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ عَتَقَ عَلَى السَّيِّدِ وَإِلَّا لَمْ يَعْتِقْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ الْإِذْنُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ فَيَجْرِي فِيهِ تَفْصِيلُهُ مِنْ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعِتْقِ عَلَى السَّيِّدِ وَلَيْسَ عَلَى الْمَأْذُونِ دَيْنٌ مُحِيطٌ بِمَالِهِ عَتَقَ عَلَى سَيِّدِهِ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِعِتْقِهِ عَلَى سَيِّدِهِ أَوْ غَيْرَ عَالِمٍ لَكِنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ فَلَا يُعْتَقُ عَلَى السَّيِّدِ إلَّا إنْ أَجَازَهُ
(قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَثْنَى مَالَهُ وَإِلَّا غَرِمَهُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الْبَيْعِ وَعَدَمِ غُرْمِ الْمُشْتَرِي لِلثَّمَنِ مَرَّةً ثَانِيَةً إنْ اسْتَثْنَى مَالَ الْعَبْدِ وَغَرِمَهُ ثَانِيًا إنْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ الثَّمَنُ عَيْنًا أَوْ عَرَضًا مَوْصُوفًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَرَضًا مُعَيَّنًا وَلَمْ يَسْتَثْنِ الْمُشْتَرِي مَالَ الْعَبْدِ فَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا، فَإِنْ فَاتَ فَعَلَى الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَدْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِسِلْعَةٍ فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ الَّتِي دَفَعَهَا لِلسَّيِّدِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي عَيْنِ عَبْدِهِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَبِقِيمَتِهِ إنْ فَاتَ وَهَذِهِ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَفِي عَرَضٍ بِعَرَضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ أَيْ وَرَجَعَ فِي اسْتِحْقَاقِ عَرَضٍ بِيعَ بِعَرَضٍ بِمَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ أَوْ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ بِمَالِ السَّيِّدِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ الْعَبْدُ لَهُ لِيَشْتَرِيَهُ بِهِ مِنْ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: لَا يَتْبَعُهُ مَالُهُ فِي الْبَيْعِ) أَيْ بَلْ يَبْقَى لِسَيِّدِهِ الَّذِي بَاعَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعِتْقِ) أَيْ فَإِنَّهُ يَتْبَعُهُ وَيَكُونُ لَهُ دُونَ سَيِّدِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُوجَدْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي) لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ الثَّمَنَ مَعَهُ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ صَارَ مَمْلُوكًا لَهُ وَلِلْمَالِكِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِهِ بِمَا أَرَادَ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُوفِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَسَاوَى الثَّمَنَانِ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ وَفَّى بَعْضَ ثَمَنِهِ الْآنَ بِثَمَنِهِ الْأَوَّلِ بَقِيَ الْبَاقِي مِلْكًا لِلْمَأْمُورِ بِالشِّرَاءِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا شَيْءٌ لَا يُتَوَهَّمُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ
إذْ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِمُشْتَرِيهِ وَفِي نُسْخَةِ ابْنِ غَازِيٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا غَرِمَهُ زِيَادَةُ لَفْظِ (كَلِتَعْتِقَنِي) وَهُوَ إشَارَةٌ لِلْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ وَالتَّشْبِيهُ تَامٌّ يَعْنِي أَنَّ الْعَبْدَ إذَا دَفَعَ مَالًا لِشَخْصٍ عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْ سَيِّدِهِ بِهِ وَيَعْتِقَهُ فَفَعَلَ فَالْبَيْعُ لَازِمٌ، فَإِنْ كَانَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَهُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ وَلَا يَغْرَمُ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَثْنِ مَالَهُ غَرِمَ الثَّمَنَ ثَانِيَةً لِلْبَائِعِ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ عَلَى الْعَبْدِ وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَقَوْلُهُ وَبَيْعٍ فِيهِ يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ وَهُمَا قَوْلُهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك أَوْ اشْتَرِنِي لِتَعْتِقَنِي وَقَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْعَبْدِ وَالْوَلَاءُ لَهُ رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ أَيْ مَسْأَلَةِ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُ بِمَالِهِ عَلَى أَنْ يَعْتِقَهُ فَفَعَلَ عَتَقَ عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ وَيَكُونُ الْوَلَاءُ لَهُ سَوَاءٌ اسْتَثْنَى مَالَهُ أَوْ لَمْ يَسْتَثْنِهِ لِغُرْمِهِ الثَّمَنَ ثَانِيَةً إذَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْعَبْدِ بِشَيْءٍ وَعَلَى هَذِهِ النُّسْخَةِ فَالنَّصُّ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ إلَخْ ظَاهِرٌ لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَجْدِيدِ عِتْقٍ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ أَيْ إنْ أَعْتَقَهُ
وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: (وَإِنْ)(قَالَ) الْعَبْدُ لِلْمُشْتَرِي اشْتَرِنِي (لِنَفْسِي) فَفَعَلَ (فَحُرٌّ) بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ لِمِلْكِهِ نَفْسَهُ بِعَقْدٍ صَحِيحٍ (وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَكِيلٌ عَنْ الْعَبْدِ فِيمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ (إنْ اسْتَثْنَى) الْمُشْتَرِي (مَالَهُ) عِنْدَ اشْتِرَائِهِ (وَإِلَّا) يَسْتَثْنِ مَالَهُ (رَقَّ) لِبَائِعِهِ أَيْ بَقِيَ عَلَى رِقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمَالَ مَالُهُ (وَإِنْ أَعْتَقَ) سَيِّدٌ (عَبِيدًا) أَيْ بَتَلَ عِتْقَهُمْ (فِي مَرَضِهِ) وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ (أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهِمْ وَلَوْ سَمَّاهُمْ) أَيْ عَيَّنَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ (وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ ثُلُثِ عَبِيدِهِ، وَمِثْلُهُ إذَا بَتَلَ عِتْقَ ثُلُثِهِمْ أَيْ فِي مَرَضِهِ (أَوْ) أَوْصَى (بِعَدَدٍ) أَيْ بِعِتْقِ عَدَدٍ (سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) كَثَلَاثَةٍ مِنْ تِسْعَةٍ (أَقْرَعَ) فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (كَالْقِسْمَةِ) وَصِفَةُ الْقُرْعَةِ فِي الْأُولَيَيْنِ أَنْ يُقَوِّمَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيُكْتَبَ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ مُفْرَدَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ بِحَيْثُ لَا تُمَيَّزُ وَاحِدَةٌ مِنْ الْبَاقِي ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ وَتُفْتَحُ فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ عَتَقَ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ اُقْتُصِرَ عَلَيْهِ، وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ نَقَصَتْ أُخْرِجَتْ أُخْرَى وَعُمِلَ فِيهَا كَمَا عُمِلَ فِي الْأُولَى وَهَكَذَا وَصَفْتهَا فِي الثَّالِثَةِ أَنْ يُجَزَّءُوا ابْتِدَاءً أَثْلَاثًا فِي وَرَقَةٍ حُرٌّ وَفِي اثْنَتَيْنِ رِقٌّ ثُمَّ تُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ وَتُخْرَجُ وَاحِدَةٌ تُرْمَى عَلَى ثُلُثٍ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ حُرٌّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ قَالَ لَهُ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك فَاشْتَرَاهُ كَذَلِكَ فَهُوَ مِلْكٌ لَهُ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمَا دَفَعَهُ فِيهِ مِنْ الثَّمَنِ حَتَّى يَحْتَاجَ لِلنَّصِّ عَلَى نَفْيِهِ (قَوْلُهُ: إذْ الْعَبْدُ مِلْكٌ لِمُشْتَرِيهِ) أَيْ وَلِذَا احْتَاجَ الشَّارِحُ إلَى حَمْلِ قَوْلِهِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَالْوَلَاءُ لَهُ عَلَى مَا إذَا أَعْتَقَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَقَدْ تَمَّ عِتْقُهُ بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ عِتْقَهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى تَجْدِيدِ الْعِتْقِ بَعْدَ الشِّرَاءِ (قَوْلُهُ يَرْجِعُ لِلصُّورَتَيْنِ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الْأُولَى، وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ مِنْ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حُرًّا بِمُجَرَّدِ الشِّرَاءِ بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إنْشَاءِ الْعِتْقِ ثُمَّ إنَّهُ إذَا بِيعَ وَفَضَلَ عَنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ قَدْرٌ كَانَ لِلْمُشْتَرِي فِي مَسْأَلَةِ اشْتَرِنِي لِنَفْسِك وَعَتَقَ مِنْهُ مَا زَادَ عَلَى الثَّمَنِ فِي مَسْأَلَةِ اشْتَرِنِي لِتُعْتِقَنِي
(قَوْلُهُ: وَوَلَاؤُهُ لِبَائِعِهِ) أَيْ لَا لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: وَكِيلٌ عَنْ الْعَبْدِ إلَخْ) أَيْ فَهُوَ لَمْ يَشْتَرِ لِنَفْسِهِ بَلْ لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْعَبْدُ وَالْعَبْدُ لَا يَسْتَقِرُّ مِلْكُهُ عَلَى نَفْسِهِ فَلِذَا كَانَ الْوَلَاءُ لِلْبَائِعِ (قَوْلُهُ: فِيمَا يَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ لَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ نَفْسَهُ مِنْ سَيِّدِهِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى ذَلِكَ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ هَذِهِ وَكَالَةٌ مِنْ الْعَبْدِ وَتَوْكِيلُهُ بَاطِلٌ فَبَطَلَ الشِّرَاءُ مِنْ أَصْلِهِ وَحَاصِلُ مَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْجَوَابِ أَنَّ تَوْكِيلَ الْعَبْدِ لَيْسَ بَاطِلًا مُطْلَقًا بَلْ هُوَ صَحِيحٌ فِيمَا تَصِحُّ مُبَاشَرَتُهُ فِيهِ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: أَيْ بَتَّلَ عِتْقَهُمْ) أَيْ نَجَّزَ عِتْقَهُمْ فِي الْحَالِ (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِعِتْقِهِمْ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ عَبِيدِي سَوَاءٌ سَمَّاهُمْ أَيْ عَيَّنَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ بِأَنْ قَالَ: فُلَانٌ وَفُلَانٌ أَوْ لَمْ يُسَمِّهِمْ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ قَوْلَ سَحْنُونٍ إذَا سَمَّاهُمْ وَلَمْ يَحْمِلْهُمْ الثُّلُثُ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ مَحْمَلِ الثُّلُثِ مِنْ غَيْرِ قُرْعَةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ ثُلُثِهِمْ) أَيْ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَنْ يَعْتِقُ وَلَا مَفْهُومَ لِلثُّلُثِ بَلْ مَثَّلَ قَوْلَهُ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثُلُثِ عَبِيدِي أَوْصَيْت بِعِتْقِ نِصْفِهِمْ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ إذَا بَتَّلَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ ثُلُثُ عَبِيدِي أَوْ نِصْفُهُمْ أَحْرَارٌ فَلَا مَفْهُومَ لِثُلُثِهِمْ (قَوْلُهُ: أَيْ فِي مَرَضِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا بَتَّلَ عِتْقَ ثُلُثِهِمْ فِي صِحَّتِهِ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي التَّعْيِينِ وَلَا قُرْعَةَ كَمَا إذَا أَعْتَقَ عَدَدًا مِنْ أَكْثَرَ فِي صِحَّتِهِ، فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ حَتَّى مَاتَ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا كَانَ لَهُ وَقِيلَ يَعْتِقُ ثُلُثُهُمْ بِالْقُرْعَةِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ أَوْصَى بِعَدَدٍ سَمَّاهُ مِنْ أَكْثَرَ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي وَالْحَالُ أَنَّ عِنْدَهُ تِسْعَةٌ (قَوْلُهُ: وَيَكْتُبُ قِيمَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ اسْمِهِ فِي وَرَقَةٍ) لَا حَاجَةَ لِكِتَابَةِ الْقِيمَةِ فِي الْوَرَقَةِ مَعَ الِاسْمِ وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا كِتَابَةَ الِاسْمِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: عَتَقَ) الْمُنَاسِبُ تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ وَالْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ، فَإِنْ كَانَتْ قَدْرَ ثُلُثِ الْمَيِّتِ عَتَقَ، وَإِنْ زَادَتْ عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَيُخْرِجُ وَرَقَةً أُخْرَى فَمَنْ وَجَدَ فِيهَا اسْمَهُ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَيَعْتِقُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ الثُّلُثِ وَرَقَّ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ) أَيْ وَإِلَى ثُلُثِ الْمَيِّتِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَصَتْ) أَيْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَ لَهُ حُرٌّ) أَيْ
نُظِرَ فِيهِ، فَإِنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا عُمِلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ.
وَأَمَّا الرَّابِعَةُ، فَإِنْ عَيَّنَ الْعَدَدَ الَّذِي سَمَّاهُ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو مِنْ جُمْلَةٍ أَكْثَرَ وَحَمَلَهُ الثُّلُثُ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا سَلَكَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ كَثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي، فَإِنَّهُ يُنْسَبُ عَدَدُ مَنْ سَمَّاهُ إلَى عَدَدِ جَمِيعِ رَقِيقِهِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُجَزَّءُونَ، فَإِذَا كَانُوا ثَلَاثَةً مِنْ تِسْعَةٍ جُزِّئُوا أَثْلَاثًا وَمِنْ اثْنَيْ عَشَرَ جُزِّئُوا أَرْبَاعًا وَيُجْعَلُ كُلُّ جُزْءٍ عَلَى حِدَتِهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ لَقِيمَة كُلِّ جُزْءٍ وَيُكْتَبُ أَوْرَاقٌ بِقَدْرِ عَدَدِ الْأَجْزَاءِ وَاحِدَةٌ فِيهَا حُرٌّ وَالْبَاقِي كُلٌّ وَرَقَةٍ فِيهَا رِقٌّ وَيُعْمَلُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّالِثَةِ (إلَّا أَنْ يُرَتِّبَ) أَيْ مَحَلُّ الْقُرْعَةِ مَا لَمْ يُرَتَّبْ، فَإِنْ رَتَّبَ فَلَا قُرْعَةَ، وَالتَّرْتِيبُ إمَّا بِالْأَدَاةِ كَعَتَقُوا فُلَانًا ثُمَّ فُلَانًا وَهَكَذَا أَوْ بِالزَّمَانِ كَأَعْتِقُوا فُلَانًا الْآنَ وَفُلَانًا فِي غَدٍ أَوْ بِالْوَصْفِ كَالْأَعْلَمِ فَالْأَعْلَمِ (فَيُتَّبَعُ) فِيمَا قَالَ وَيُقَدَّمُ مَنْ قَدَّمَهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ أَوْ مَحْمَلُهُ، فَإِنْ حَمَلَ جَمِيعَهُ وَبَقِيَتْ مِنْهُ بَقِيَّةٌ عَتَقَ مِنْ الثَّانِي مَحْمَلَ الثُّلُثِ أَوْ جَمِيعَهُ وَهَكَذَا إلَى أَنْ يَبْلُغَ الثُّلُثَ (أَوْ يَقُولُ) أَعْتِقُوا (ثُلُثَ كُلٍّ) مِنْ عَبِيدِي فَيُتَّبَعُ (أَوْ) أَعْتِقُوا (أَنْصَافَهُمْ أَوْ أَثْلَاثَهُمْ) فَيُتَّبَعُ وَيَعْتِقُ مِنْ كُلٍّ ثُلُثَهُ فِي الْأُولَى وَالثَّالِثَةِ وَمِنْ كُلٍّ نِصْفَهُ فِي الثَّانِيَةِ إنْ حَمَلَ الثُّلُثُ مَا ذَكَرَ وَإِلَّا عَتَقَ مَحْمَلَ الثُّلُثِ مِنْ كُلٍّ وَلَوْ قَلَّ (وَتَبِعَ) الْعَبْدُ (سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ) لَهُ عَلَى سَيِّدِهِ قَبْلَ أَنْ يَعْتِقَهُ (إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ) السَّيِّدُ (مَالَهُ) حَالَ عِتْقِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يَتْبَعُهُ فِي الْعِتْقِ دُونَ الْبَيْعِ مَا لَمْ يَسْتَثْنِهِ السَّيِّدُ، فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ كَاشْهَدُوا أَنِّي قَدْ انْتَزَعْت مَالَ عَبْدِي أَوْ الدَّيْنَ الَّذِي لِعَبْدِي أَوْ أَنِّي أَعْتِقُهُ عَلَى أَنَّ مَالَهُ لِي، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ وَسَقَطَ عَنْهُ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ
(وَ) إنْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى آخَرَ أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ (رُقَّ) لِلْمُدَّعِي (إنْ شَهِدَ) لَهُ (شَاهِدٌ بِرِقِّهِ) وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَقِيقُهُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (أَوْ) شَهِدَ شَاهِدٌ لِلْغَرِيمِ عَلَى (تَقَدُّمِ دَيْنٍ) عَلَى الْعِتْقِ فَيَرِقُّ الْعَبْدُ لِلْغَرِيمِ (وَحَلَفَ) الْغَرِيمُ مَعَهُ بِأَنَّ الدَّيْنَ الَّذِي لِي عَلَى السَّيِّدِ مُتَقَدِّمٌ عَلَى عِتْقِهِ لِلْعَبْدِ وَمَعْنَاهُ أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَ عَبْدَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ دَيْنَهُ سَابِقٌ عَلَى الْعِتْقِ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى ذَلِكَ، وَالْمَدِينُ يَدَّعِي أَنَّ عِتْقَهُ لِلْعَبْدِ قَبْلَ الدَّيْنِ فَالدَّائِنُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَرُدُّ عِتْقَ الْعَبْدِ لِيُبَاعَ فِي الدَّيْنِ فَضَمِيرُ وَحَلَفَ عَائِدٌ عَلَى الْمُدَّعِي الَّذِي أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى دَعْوَاهُ الشَّامِلِ لِمُدَّعِي الرَّقَبَةِ وَلِمُدَّعِي تَقَدُّمِ الدَّيْنِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْعَبْدُ فِي الْأُولَى وَالْمُعْتَقُ فِي الثَّانِيَةِ وَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَالثُّلُثُ الَّذِي خَرَجَتْ لَهُ الْوَرَقَةُ الَّتِي فِيهَا حُرٌّ (قَوْلُهُ: نُظِرَ فِيهِ) أَيْ نُظِرَ إلَى قِيمَتِهِ مَعَ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُمِلَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ بِأَنْ يُكْتَبَ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الثُّلُثِ مَعَ قِيمَتِهِ فِي وَرَقَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَ الْعَدَدَ) بِأَنْ قَالَ أَوْصَيْت بِعِتْقِ ثَلَاثَةٍ مِنْ عَبِيدِي وَهُمْ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ وَعَبِيدُهُ تِسْعَةٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَلَكَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ كِتَابَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مَعَ قِيمَتِهِ فِي وَرَقَةٍ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَيُفْعَلُ بِهِمْ مَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ) أَيْ ذَلِكَ الْعَدَدَ بِأَسْمَائِهِمْ، وَإِنَّمَا سَمَّى الْعَدَدَ فَقَطْ وَلَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ: وَيُعْمَلُ مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ تُخْلَطَ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ يَرْمِي كُلَّ وَرَقَةٍ مِنْهَا عَلَى جُزْءٍ فَمَنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ وَرَقَةُ الْحُرِّيَّةِ مِنْ الْأَجْزَاءِ عَتَقَ كُلُّهُ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ عَتَقَ مِنْهُ مَحْمَلُهُ بِالطَّرِيقِ الْمُتَقَدِّمَةِ بِأَنْ يُكْتَبَ اسْمُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَعَ قِيمَتِهِ فِي وَرَقَةٍ وَتُخْلَطُ الْأَوْرَاقُ ثُمَّ تُخْرَجُ وَرَقَةٌ بَعْدَ أُخْرَى عَلَى نَحْوِ مَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُرَتَّبَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ الْأَوَّلِيَّيْنِ وَقَالَ ابْنُ عَاشِرٍ الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لِلْأُولَى (قَوْلُهُ وَالتَّرْتِيبُ إمَّا بِالْأَدَاةِ كأعتقوا فُلَانًا إلَخْ) هَذَا مِثَالٌ لِلتَّرْتِيبِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَمِثَالُهُ فِي الْأُولَى عَبْدِي فُلَانٌ حُرٌّ ثُمَّ فُلَانٌ وَهَكَذَا إلَى آخِرِهِمْ أَوْ فُلَانٌ حُرٌّ الْآنَ وَفُلَانٌ فِي غَدٍ وَفُلَانٌ بَعْدَ غَدٍ (قَوْلُهُ: كَالْأَعْلَمِ فَالْأَعْلَمِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ: أَعْتِقُوا مِنْ عَبِيدِي الْأَعْلَمَ فَالْأَعْلَمَ أَوْ الْأَصْلَحَ فَالْأَصْلَحَ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ بِتَمَامِهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَحْمَلُهُ أَيْ وَأَمَّا حَمْلُهُ مِنْهُ إنْ لَمْ يَحْمِلْهُ كُلَّهُ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فَإِنْ بَقِيَتْ مِنْ الثُّلُثِ بَقِيَّةٌ أَيْضًا عَتَقَ مِنْ الثَّالِثِ مَحْمَلُ الثُّلُثِ أَوْ جَمِيعُهُ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: أَوْ يَقُولُ) أَيْ فِي وَصِيَّتِهِ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمُسْتَثْنَى وَهُوَ يُرَتَّبُ (قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ) أَيْ وَهُوَ ثُلُثُ كُلٍّ أَوْ نِصْفُ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَلَّ) أَيْ وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِمَّا سَمَّاهُ الْمُوصِي كَمَا إذَا كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ عُشْرَ قِيمَتِهِمْ، فَإِنَّهُ يَعْتِقُ مِنْ كُلِّ عَشْرَةٍ (قَوْلُهُ: وَتَبِعَ الْعَبْدُ سَيِّدَهُ بِدَيْنٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا أَوْ أَعْتَقَ عَلَيْهِ بِالْحُكْمِ لِتَمْثِيلِهِ بِهِ وَلِلْعَبْدِ دَيْنٌ عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنَّ الْعَبْدَ يَتْبَعُ سَيِّدَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَسْتَثْنِ السَّيِّدُ مَالَهُ حِينَ الْعِتْقِ، فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ سَقَطَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَى السَّيِّدِ لِلْعَبْدِ
(قَوْلُهُ: وَهُوَ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ) أَيْ أَصَالَةً أَوْ أَنَّهُ عَتِيقٌ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَشْهَدْ شَاهِدٌ بِرِقِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ مِنْ الْمُدَّعِي مُجَرَّدَ دَعْوَى، فَإِنَّهُ لَا يُتَوَجَّهُ عَلَى الْعَبْدِ يَمِينٌ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَذِهِ تُخَصِّصُ مَفْهُومَ قَوْلِهِ وَكُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ: وَمَعْنَاهُ إلَخْ) الْحَقُّ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُحْتَمِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ كَلَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ إحْدَاهُمَا أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ ثَابِتًا فَيَشْهَدُ شَاهِدٌ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْعِتْقِ. وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَكُونَ الدَّيْنُ غَيْرَ ثَابِتٍ فَيَشْهَدُ شَاهِدٌ بِدَيْنٍ مُتَقَدِّمٍ عَلَى الْعِتْقِ وَشَارِحُنَا قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى وَلَا وَجْهَ لَهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْقَوْلُ لَهُ) ، فَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ فِي الْأُولَى رَقَّ وَهَذَا حَيْثُ لَمْ يَكُنْ أَعْتَقَهُ آخَرُ وَإِلَّا فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُعْتَقِ عِنْدَ نُكُولِ مُدَّعِي الرِّقِّ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُعْتِقُ رُدَّ الْعِتْقُ وَلَا يَحْلِفُ الْعَبْدُ