الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فِيمَا مَضَى) مِمَّا زَرَعَ أَوْ سَكَنَ (وَفُسِخَ الْبَاقِي) أَيْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُ (مُطْلَقًا) أَشْبَهَ قَوْلُ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا (وَإِنْ نَقَدَ) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ لَمْ يَنْقُدْ أَيْ، وَإِنْ زَرَعَ بَعْضًا وَقَدْ نَقَدَ (فَتَرَدُّدٌ) هَلْ الْقَوْلُ لِلْمُكْرِي لِتَرْجِيحِ جَانِبِهِ بِالنَّقْدِ، وَلَا فَسْخَ وَيَلْزَمُ الْمُكْتَرِيَ جَمِيعُ الْكِرَاءِ أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ بَلْ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِلْأَشْبَهِ كَمَا لَوْ لَمْ يَنْقُدْ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ.
(صِحَّةُ الْجُعْلِ) أَيْ الْعَقْدِ تَحْصُلُ (بِالْتِزَامِ) أَيْ بِسَبَبِ الْتِزَامِ (أَهْلِ الْإِجَارَةِ) أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِعَقْدِهَا (جُعْلًا) أَيْ عِوَضًا مَعْمُولُ " الْتِزَامِ " وَظَاهِرُهُ أَنَّ الشَّرْطَ قَاصِرٌ عَلَى الْجَاعِلِ دُونَ الْمَجْعُولِ لَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ أُجِيبَ بِأَنَّهُ اكْتَفَى بِأَحَدِ الْمُتَسَاوِيَيْنِ عَنْ الْآخَرِ، أَوْ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَاعِلِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَظْهَرُ فِيهِ فَائِدَةُ الِالْتِزَامِ مِنْ لُزُومِ الْعَقْدِ بَعْدَ الشُّرُوعِ بِخِلَافِ الْمَجْعُولِ لَهُ فَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ لُزُومٌ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ بَلْ وَلَا حُصُولُ قَبُولٍ بِدَلِيلِ أَنَّ مَنْ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ مَنْ يَأْتِينِي بِعَبْدِي الْآبِقِ مَثَلًا فَلَهُ كَذَا فَأَتَاهُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَاطُؤٍ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ كَمَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ قَرِيبًا، وَقَوْلُهُ (عُلِمَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ صِفَةُ جُعْلٍ فَلَا يَصِحُّ بِمَجْهُولٍ (يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ) مِنْ الْجَاعِلِ.
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالشَّبَهِ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا لَمْ يَنْقُدْ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فِيمَا مَضَى) تَنَازَعَ فِيهِ جَمِيعُ الْعَوَامِلِ السَّابِقَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِرَبِّهَا وَلِرَبِّهَا مَا أَقَرَّ بِهِ وَقَوْلُهُ: وَوَجَبَ كِرَاءُ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ: وَفُسِخَ الْبَاقِي) أَيْ لِدَعْوَى رَبِّهَا فِي كِرَاءِ بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ أَكْثَرَ مِنْ دَعْوَى الْمُكْتَرِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَقَدَ) أَيْ، وَأَشْبَهَا مَعًا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا يَكُونُ الْقَوْلُ لَهُ إلَخْ) الْأَوْلَى أَوْ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِيمَا مَضَى وَيُفْسَخُ فِي الْبَاقِي مِثْلَ مَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا نَقَدَ وَأَشْبَهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْرِي فَقَطْ، وَأَمَّا إذَا نَقَدَ وَلَمْ يُشْبِهَا أَوْ أَشْبَهَ الْمُكْتَرِي فَقَطْ فَحُكْمُ ذَلِكَ حُكْمُ مَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يَنْقُدْ، هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ بْن مَا نَصُّهُ قَدْ أَجْمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي ذِكْرِ هَذَا التَّرَدُّدِ وَيَتَبَيَّنُ بِذِكْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَشُرَّاحِهَا وَذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْأَوْجُهَ الْأَرْبَعَةَ الْمُتَقَدِّمَةَ قَالَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ مَفْهُومُهُ لَوْ نَقَدَ لَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ رَبِّهَا، وَلَا تُفْسَخُ فِي بَقِيَّةِ السِّنِينَ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِهِ هَذَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ أَيْ هَذَا الَّذِي سَمِعْتُهُ مِنْ كَلَامِ مَالِكٍ، وَلَمْ أَسْمَعْ مِنْهُ إذَا انْتَقَدَ، وَالْحُكْمُ عِنْدِي سَوَاءٌ فِيهِمَا. اهـ. وَاَلَّذِي قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا هُوَ أَنَّهُ إذَا انْتَقَدَ، وَأَتَى رَبُّ الْأَرْضِ بِمَا يُشْبِهُ أَوْ أَتَيَا مَعًا بِمَا يُشْبِهُ لَا يَنْفَسِخُ الْكِرَاءُ فَيَكُونُ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُخَالِفًا لِمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا لَمْ يَنْقُدْ، فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ حَمَلَ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَنْتَقِدْ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ يَفْسَخُ فِي الْبَاقِي، وَأَمَّا إذَا انْتَقَدَ فَلَا يَفْسَخُ يُرِيدُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ فَيَكُونُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ مُوَافِقًا لِقَوْلِ الْغَيْرِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَفْسَخُ مُطْلَقًا فَيَكُونُ قَوْلُ الْغَيْرِ خِلَافًا، وَهَذَا تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ الْمَحَلَّ لِلتَّأْوِيلَيْنِ لَا لِلتَّرَدُّدِ.
[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]
(بَابٌ فِي الْجَعَالَةِ)(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَأَهِّلِ لِعَقْدِهَا) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ أَحَالَ عَاقِدَ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَيْعِ وَتَقَدَّمَ فِي الْبَيْعِ مَا نَصُّهُ وَشَرْطُ عَاقِدِهِ تَمْيِيزٌ إلَّا بِكَسْرٍ فَتَرَدُّدٌ وَلُزُومُهُ تَكْلِيفٌ إلَخْ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُحِلْ عَاقِدَ الْجُعْلِ عَلَى الْبَيْعِ بَلْ عَلَى الْإِجَارَةِ؛ لِأَنَّ الْجُعْلَ لِلْإِجَارَةِ أَقْرَبُ، وَإِشَارَةً إلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي بَيْعِ الْمَنَافِعِ الْإِجَارَةُ وَالْجُعْلُ رُخْصَةٌ اتِّفَاقًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَهَالَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ عِوَضًا) بِهَذَا التَّفْسِيرِ يَسْقُطُ مَا قِيلَ: إنَّهُ جُعْلُ الْتِزَامِ الشَّيْءِ شَرْطًا لِنَفْسِهِ وَهُوَ فَاسِدٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْجُعْلِ الْأَوَّلِ الْعَقْدَ وَبِالثَّانِي الْعِوَضَ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ التَّبَادُرَ مِنْ قَوْلِهِ " الْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا " أَيْ دَفْعِ جُعْلٍ وَعِوَضٍ فَيَكُونُ كَلَامُهُ مُفِيدًا أَنَّ دَافِعَ الْعِوَضِ - وَهُوَ الْجَاعِلُ - يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مُتَأَهِّلًا لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَأَمَّا الْمَجْعُولُ لَهُ وَهُوَ الْعَامِلُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَلِكَ أَيْضًا، وَإِذَا كَانَ يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فَلِمَ اقْتَصَرَ عَلَى اشْتِرَاطِهِ مِنْ الْمُجَاعِلِ فَقَطْ الدَّافِعِ لِلْعِوَضِ (قَوْلُهُ: أُجِيبَ إلَخْ) أَيْ وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ الْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا أَيْ دَفْعًا وَقَبُولًا أَيْ دَفْعَ جُعْلٍ وَقَبُولَهُ، بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ تَوَقُّفَ الْعَقْدِ عَلَى الِالْتِزَامِ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ مِنْ الْعُقُودِ اللَّازِمَةِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالِالْتِزَامِ الصُّدُورُ أَيْ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِصُدُورِ جُعْلٍ وَعِوَضٍ مِنْ أَهْلِ الْإِجَارَةِ، وَالْبَحْثُ لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ وَالْجَوَابُ لعبق قَالَ شَيْخُنَا وَالْبَحْثُ سَاقِطٌ مِنْ أَصْلِهِ أَمَّا أَوَّلًا فَالشَّخْصُ قَدْ يَلْتَزِمُ مَالًا يَلْزَمُهُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَشَرْطُ صِحَّةِ الْجُعْلِ الْتِزَامُ الْعِوَضِ بِشَرْطِ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ لَا مُطْلَقًا وَالْأَوَّلُ هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عُلِمَ) أَيْ قَدْرُهُ وَهَذَا شَامِلٌ لِلْعَيْنِ وَغَيْرِهَا، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى عِلْمِ الْعِوَضِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ شُرُوطِهِ مِثْلُ كَوْنِهِ طَاهِرًا مُنْتَفَعًا بِهِ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ عِلْمِهِ وَحُصُولِ الصِّحَّةِ بِالْعِوَضِ الْمَجْهُولِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِالْمَجْعُولِ عَلَيْهِ بَلْ تَارَةً يَكُونُ مَجْهُولًا كَالْآبِقِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْجُعْلِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ أَنْ لَا يُعْلَمَ مَكَانُهُ فَإِنْ
وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ (بِالتَّمَامِ) لِلْعَمَلِ بِتَمْكِينِ رَبِّهِ مِنْهُ، وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ شَيْئًا (كَكِرَاءِ السُّفُنِ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ فِيهِ الْأَجْرَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَهُوَ إجَارَةٌ لَا جَعَالَةٌ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِكِرَاءٍ فَإِذَا غَرِقَتْ السَّفِينَةُ فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ، أَوْ فِي آخِرِهَا قَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ مَا فِيهَا فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا قَالَ فِيهَا وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ أَيْ وَالتَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ مَا فِيهَا وَسَوَاءٌ وَقَعَتْ بِلَفْظِ إجَارَةٍ أَوْ جَعَالَةٍ وَمِثْلُ السَّفِينَةِ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ عَلَى الْبُرْءِ وَالْمُعَلِّمِ عَلَى حِفْظِ الْقُرْآنِ، أَوْ بَعْضِهِ، أَوْ صَنْعَةٍ، وَالْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمَوَاتٍ مَعَ عِلْمِ شِدَّةِ الْأَرْضِ وَبُعْدِ الْمَاءِ، أَوْ ضِدِّهِمَا وَكَذَا إرْسَالُ رَسُولٍ لِبَلَدٍ لِتَبْلِيغِ خَبَرٍ أَوْ إتْيَانٍ بِحَاجَةٍ فَهَذِهِ الْأَشْيَاءُ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ إلَّا أَنَّ لَهَا شَبَهًا بِالْجَعَالَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْكِرَاءَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ، ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِالتَّمَامِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ فَلَا يَسْتَحِقُّ الْعَامِلُ شَيْئًا قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَسْتَأْجِرَ) رَبُّهُ بَعْدَ تَرْكِ الْعَامِلِ، أَوْ يُجَاعِلَ آخَرَ (عَلَى التَّمَامِ) ، أَوْ يُتِمَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ (فَبِنِسْبَةِ) عَمَلِ (الثَّانِي) أَيْ فَيَسْتَحِقَّ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَجْرِ بِنِسْبَةِ عَمَلِ الْعَامِلِ الثَّانِي سَوَاءٌ عَمِلَ الثَّانِي قَدْرَ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَجْرُ أَكْثَرَ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْجَاعِلَ قَدْ انْتَفَعَ بِمَا عَمِلَهُ لَهُ الْعَامِلُ الْأَوَّلُ مِثَالُهُ أَنْ يَجْعَلَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةً عَلَى أَنْ يَحْمِلَ لَهُ خَشَبَةً إلَى مَكَان مَعْلُومٍ فَحَمَلَهَا وَتَرَكَهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَجَعَلَ لِغَيْرِهِ عَشَرَةً مَثَلًا عَلَى إيصَالِهَا لِلْمَكَانِ الْمَعْلُومِ فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بَلَّغَهَا النِّصْفَ فَلَهُ عَشَرَةٌ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَنُوبُ فِعْلَ الْأَوَّلِ مِنْ عَمَلِ الثَّانِي؛ لِأَنَّ الثَّانِيَ لَمَّا اُسْتُؤْجِرَ مِنْ نِصْفِ الطَّرِيقِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلِمَهُ رَبُّهُ فَقَطْ لَزِمَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا سَمَّى وَجُعْلُ الْمِثْلِ، وَإِنْ عَلِمَهُ الْعَامِلُ فَقَطْ كَانَ لَهُ بِقَدْرِ تَعَبِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ عَلِمَاهُ مَعًا فَيَنْبَغِي أَنَّ لَهُ جُعْلَ مِثْلِهِ نَظَرًا لِسَبْقِ الْجَاعِلِ بِالْعَدَاءِ وَتَارَةً يَكُونُ مَعْلُومًا كَالْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْخِبْرَةُ بِالْأَرْضِ وَبِمَائِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ سَمَاعُهُ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ قَالَهُ) أَيْ إنْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِتَمْكِينِ رَبِّهِ مِنْهُ) هَذَا تَصْوِيرٌ لِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَتَمْكِينُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ عَائِدٌ عَلَى الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ كَالْعَبْدِ الْآبِقِ أَيْ وَتَمَامُ الْعَمَلِ مُصَوَّرٌ بِأَنْ يُمَكِّنَ الْمُجَاعِلُ رَبَّ الشَّيْءِ الْمُجَاعَلِ عَلَيْهِ مِنْهُ فَإِنْ أَبَقَ قَبْلَ قَبْضِهِ بَعْدَ مَجِيءِ الْعَامِلِ بِهِ لِبَلَدِ رَبِّهِ لَمْ يَسْتَحِقَّ الْعَامِلُ جُعْلًا (قَوْلُهُ: هَذَا تَشْبِيهٌ إلَخْ) أَيْ لَا تَمْثِيلٌ خِلَافًا لتت وَبَهْرَامَ (قَوْلُهُ: كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْبِيرُ بِكِرَاءٍ) أَيْ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْإِجَارَةَ وَالْكِرَاءَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَأَنَّ التَّفْرِقَةَ بَيْنَهُمَا مُجَرَّدُ اصْطِلَاحٍ (قَوْلُهُ: قَالَ فِيهَا إلَخْ) نَصُّ كَلَامِهَا مَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَغَرِقَتْ فِي ثُلُثَيْ الطَّرِيقِ وَغَرِقَ مَا فِيهَا مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ فَلَا كِرَاءَ لِرَبِّهَا وَأَرَى أَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْبَلَاغِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ كِرَاءَ السَّفِينَةِ دَائِمًا إجَارَةٌ عَلَى الْبَلَاغِ فَهُوَ لَازِمٌ سَوَاءٌ صَرَّحَ عِنْدَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا بِالْإِجَارَةِ، أَوْ الْجَعَالَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ صَرَّحَ بِالْجَعَالَةِ عِنْدَ الْعَقْدِ كَانَتْ تِلْكَ الْكَلِمَةُ مَجَازًا لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَتْ إجَارَةً مَوْصُوفَةً بِكَوْنِهَا عَلَى الْبَلَاغِ أَشْبَهَتْ الْجُعْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَا يُسْتَحَقُّ فِيهِ الْعِوَضُ إلَّا بِالتَّمَامِ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ السَّفِينَةِ) أَيْ فِي أَنَّهَا إجَارَةٌ عَلَى الْبَلَاغِ لَا جَعَالَةٌ مُشَارَطَةُ الطَّبِيبِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ الْفُرُوعِ وَلَا يُقَالُ إنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَلَاغِ مُسَاوِيَةٌ لِلْجَعَالَةِ فِي أَنَّ الْأُجْرَةَ فِيهَا لَا تُسْتَحَقُّ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِ تِلْكَ الْأُمُورِ مِنْ الْإِجَارَةِ لَا مِنْ الْجَعَالَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ اسْتِوَائِهِمَا فِي هَذَا الْوَجْهِ اسْتِوَاؤُهُمَا فِي غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى الْبَلَاغِ لَازِمَةٌ بِالْعَقْدِ بِخِلَافِ الْجَعَالَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ صَنْعَةٍ) أَيْ وَالْمُشَارَطَةُ عَلَى تَعَلُّمِ صَنْعَةٍ وَقَوْلُهُ: وَالْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمَوَاتٍ أَيْ وَمُشَارَطَةُ الْحَافِرِ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمَوَاتٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْبَلَاغِ إنْ صَرَّحَ عِنْدَ الْعَقْدِ بِالْإِجَارَةِ، أَوْ سَكَتَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِشَيْءٍ أَمَّا إنْ صَرَّحَ عِنْدَهُ بِالْجَعَالَةِ كَانَتْ جَعَالَةً وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِمَوَاتٍ أَنَّهُ لَوْ شَارَطَهُ عَلَى اسْتِخْرَاجِ الْمَاءِ بِمِلْكٍ كَانَتْ إجَارَةً لَا عَلَى الْبَلَاغِ إنْ صَرَّحَ عِنْدَ الْعَقْدِ، أَوْ سَكَتَ فَيَسْتَحِقُّ مِنْ الْأُجْرَةِ بِنِسْبَةِ مَا عَمِلَ إنْ تَرَكَ وَإِنْ صَرَّحَ بِالْجَعَالَةِ كَانَتْ جَعَالَةً فَاسِدَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ يُتِمُّهُ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالْمُرَادُ إلَّا أَنْ يَحْصُلَ الِانْتِفَاعُ بِالْعَمَلِ السَّابِقِ بِأَنْ يَسْتَأْجِرَ، أَوْ يُجَاعِلَ عَلَى تَمَامِ الْعَمَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ يُتِمَّهُ بِنَفْسِهِ أَوْ بِعَبِيدِهِ. (قَوْلُهُ: فَيَسْتَحِقَّ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَجْرِ) أَيْ عَلَى عَمَلِهِ بِنِسْبَةِ مَا يَأْخُذُهُ الثَّانِي عَلَى عَمَلِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَمَلُ الثَّانِي قَدْرَ عَمَلِ الْأَوَّلِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَهُ قِيمَةُ عَمَلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الْأَجْرُ) أَيْ الَّذِي يَأْخُذُهُ الثَّانِي. (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ لِغَيْرِهِ عَشَرَةً عَلَى إيصَالِهَا نِصْفَ الطَّرِيقِ) أَيْ نِصْفَهَا بِحَسَبِ التَّعَبِ لَا مُجَرَّدِ الْمَسَافَةِ وَقَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ الْأَوَّلُ بَلَّغَهَا النِّصْفَ إلَخْ أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْأَوَّلُ بَلَّغَهَا ثُلُثَ الطَّرِيقِ وَتَرَكَهَا وَاسْتُؤْجِرَ الثَّانِي عَلَى كَمَالِ الْمَسَافَةِ بِعَشَرَةٍ كَانَ لِلْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَهَكَذَا فَلَوْ أَوْصَلَهَا الْجَاعِلُ بِنَفْسِهِ، أَوْ بِعَبِيدِهِ، أَوْ أَوْصَلَهَا لَهُ غَيْرُهُ مَجَّانًا يُقَالُ مَا قِيمَةُ ذَلِكَ أَنْ لَوْ اسْتَأْجَرَ رَبُّهُ، أَوْ جَاعَلَ عَلَيْهِ، وَيُعْطِي الْأَوَّلَ بِنِسْبَتِهِ فَلَوْ
عَلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّرِيقِ عِشْرُونَ اُنْظُرْ الشُّرَّاحَ، ثُمَّ إنَّ الِاسْتِثْنَاءَ يَرْجِعُ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ فَقَطْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلَا يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهَا وَعَلَيْهِ فَمَنْ اسْتَأْجَرَ سَفِينَةً لِحَمْلٍ كَقَمْحٍ فَغَرِقَتْ أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ وَذَهَبَ بَعْضُ الْقَمْحِ وَبَقِيَ الْبَعْضُ فَاسْتَأْجَرَ رَبُّهُ عَلَى مَا بَقِيَ فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ كِرَاءَ مَا بَقِيَ إلَى مَحَلِّ الْغَرَقِ عَلَى حِسَابِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ لَا بِنِسْبَةِ الثَّانِي وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْغَرَقِ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا اخْتِيَارًا لَكَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ الْكِرَاءِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَهُمَا كَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِمَحَلٍّ وَتَرَكَهَا فِي الْأَثْنَاءِ بِلَا عُذْرٍ وَكَذَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ لَوْ فَرَّطَ فِي نَقْلِ مَتَاعِهِ بَعْدَ بُلُوغِ الْغَايَةِ حَتَّى غَرِقَ وَقَوْلُهُ (إنْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِالتَّمَامِ أَيْ أَنَّ مَنْ أَتَى بِالْعَبْدِ الْآبِقِ فَاسْتَحَقَّهُ شَخْصٌ أَوْ اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ عَلَى الْجَاعِلِ وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْهُ لِأَنَّهُ وَرَّطَهُ فِي الْعَمَلِ وَلَوْلَا الِاسْتِحْقَاقُ لَقَبَضَهُ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ الْآبِقِ قَبْلَ تَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ فَلَا شَيْءَ لِلْعَامِلِ (بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ) مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِشَرْطِ عَدَمِ تَقْدِيرٍ أَيْ تَعْيِينِ زَمَنٍ سَوَاءٌ شَرَطَ عَدَمَهُ، أَوْ سَكَتَ عَنْهُ فَإِنْ شَرَطَ تَقْدِيرَهُ مُنِعَ (إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَى الْعَامِلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
جَاعَلَ رَبُّهُ نَفْسَ الْعَامِلِ الْأَوَّلِ عَلَى التَّمَامِ لَاسْتَحَقَّ الْجُعْلَ الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوَّلًا فَقَطْ. (قَوْلُهُ: عَلِمَ أَنَّ أُجْرَةَ الطَّرِيقِ) أَيْ يَوْمَ اُسْتُؤْجِرَ الْأَوَّلُ عِشْرُونَ لَا يُقَالُ الْأَوَّلُ رَضِيَ بِحَمْلِهَا جَمِيعَ الطَّرِيقِ بِخَمْسَةٍ فَكَانَ يَجِبُ أَنْ يُعْطَى نِصْفَهَا وَالْمُغَابَنَةُ جَائِزَةٌ فِي الْجُعْلِ كَالْبَيْعِ لِأَنَّا نَقُولُ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْجُعْلِ مُنْحَلًّا مِنْ جَانِبِ الْعَامِلِ بَعْدَ الْعَمَلِ فَلَمَّا تَرَكَ بَعْدَ حَمْلِهِ نِصْفَ الْمَسَافَةِ صَارَ تَرْكُهُ لِلْإِتْمَامِ إبْطَالًا لِلْعَقْدِ مِنْ أَصْلِهِ وَصَارَ الثَّانِي كَاشِفًا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الْأَوَّلُ، هَذَا مَا ذَكَرَهُ الشُّرَّاحُ الَّذِي أَحَالَ الشَّارِحُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ لِمَا بَعْدَهَا) أَيْ وَهُوَ كِرَاءُ السُّفُنِ؛ لِأَنَّ عَقْدَهَا لَازِمٌ فَإِذَا لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فِي السَّفِينَةِ وَاسْتَأْجَرَ رَبُّ الْمَحْمُولِ سَفِينَةً أُخْرَى عَلَى التَّمَامِ كَانَ لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحَسَبِ الْكِرَاءِ الْأَوَّلِ نَفْسِهِ لَا بِحَسَبِ كِرَاءِ السَّفِينَةِ الثَّانِيَةِ. (قَوْلُهُ: فَاسْتَأْجَرَ رَبُّهُ عَلَى مَا بَقِيَ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ بَاعَ ذَلِكَ الْبَاقِيَ فِي مَحَلِّ الْغَرَقِ وَلَوْ بِرِبْحٍ فَلَا يَلْزَمُهُ أُجْرَةٌ لَا لِمَا غَرِقَ وَلَا لِمَا بَاعَهُ كَمَا جَزَمَ بِهِ عج فِي حَاشِيَةِ الرِّسَالَةِ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّ لِلْأَوَّلِ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا مُعَارِضٌ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كِرَاءَ السَّفِينَةِ لَا يُسْتَحَقُّ إلَّا بِالتَّمَامِ، وَأَنَّهُ إذَا غَرِقَ مَا فِيهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَسْتَأْجِرْ رَبُّ الْمَحْمُولِ سَفِينَةً أُخْرَى عَلَى التَّمَامِ، وَإِلَّا كَانَ لِلْأَوَّلِ بِحَسَبِ كِرَاءِ نَفْسِهِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ كِرَاءُ مَا ذَهَبَ بِالْغَرَقِ) أَيْ لِعَدَمِ تَمَكُّنِ رَبِّهِ مِنْ قَبْضِهِ. (قَوْلُهُ: اخْتِيَارًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِوَحَلِهَا، ثُمَّ خَلَصَتْ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ كَمَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ فَلَا يَلْزَمُ عَوْدُهُ لَهَا أَمْ لَا قَالَهُ عبق قَالَ شَيْخُنَا الظَّاهِرُ أَنَّهَا إنْ خَلَصَتْ مِنْ الْوَحَلِ سَلِيمَةً فَلَيْسَ كَمَرَضِ الدَّابَّةِ وَيَلْزَمُ الْعَوْدُ لَهَا، وَإِذَا حَصَلَ فِيهَا أَثَرٌ مَخُوفٌ وَأُصْلِحَ فَهُوَ مِثْلُهُ فَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ إلَخْ) فِي ح إذَا صَبَّ الْقَمْحَ فِي سَفِينَةٍ لِجَمَاعَةٍ وَغَرِقَ بَعْضُهُ فَإِنْ عَزَلَ قَمْحَ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ فَهُوَ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ، وَإِلَّا اشْتَرَكُوا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُسْتُحِقَّ) أَيْ بَعْدَ وُصُولِ الْمُجَاعِلِ لِلْبَلَدِ وَقَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ أَمَّا لَوْ اُسْتُحِقَّ مِنْهُ وَهُوَ فِي الطَّرِيقِ قَبْلَ إتْيَانِهِ لِلْبَلَدِ فَلَا جُعْلَ لَهُ كَمَا ارْتَضَاهُ بْن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ) رَدَّ بِلَوْ عَلَى أَصْبَغَ الْقَائِلِ بِسُقُوطِ الْجُعْلِ إذَا اُسْتُحِقَّ بِحُرِّيَّةٍ. (قَوْلُهُ: بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ بِالتَّمَامِ) أَيْ وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّهُ لَا جُعْلَ لَهُ إذْ اُسْتُحِقَّ الْآبِقُ قَبْلَ قَبْضِ رَبِّهِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى التَّمَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلِذَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ: اللَّائِقُ أَنْ لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ اُسْتُحِقَّ وَلَوْ بِحُرِّيَّةٍ بِالْعَطْفِ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْ مَفْهُومِ التَّمَامِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْجَاعِلُ بِالْجُعْلِ) أَيْ الَّذِي دَفَعَهُ لِلْعَامِلِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ خِلَافًا لِمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ لِلْجَاعِلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ بِالْأَقَلِّ مِنْ الْمُسَمَّى وَجُعْلِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَوْتِهِ) أَيْ فِي يَدِ الْعَامِلِ بَعْدَ مَجِيئِهِ بِهِ لِبَلَدِ رَبِّهِ وَقَبْلَ تَسْلِيمِهِ لَهُ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ تَسْلِيمِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ بَعْدَ مَا تَسَلَّمَهُ رَبُّهُ وَلَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ؛ لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ حُكْمُهُ حُكْمُ الْحَيِّ فِي مَسَائِلَ كَمَا لَوْ مَاتَ إنْسَانٌ عَنْ وَارِثٍ مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ فَإِنَّهُ يَرِثُ وَكَمَا هُنَا قِيلَ الْفَرْقُ بَيْنَ الِاسْتِحْقَاقِ بِحُرِّيَّةٍ وَبَيْنَ مَوْتِهِ عَدَمُ النَّفْعِ بِالْمَيِّتِ بِخِلَافِ الْمُسْتَحَقِّ فَإِنَّ فِيهِ نَفْعًا فِي ذَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَاعِلِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةٍ) أَيْ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ أَيْ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ التَّبَرُّعِ جُعْلًا حَالَةَ كَوْنِهِ مُلْتَبِسًا بِعَدَمِ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ مِنْ التَّعْمِيمِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْتِبَاسَهُ بِعَدَمِ تَقْدِيرِ الزَّمَنِ صَادِقٌ بِمَا إذَا سَكَتَ عَنْ تَقْدِيرِهِ وَبِمَا إذَا شَرَطَ عَدَمَ تَقْدِيرِهِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ شَرْطِ عَدَمِ التَّقْدِيرِ قَاصِرٌ عَلَى الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ دُونَ الْأُولَى فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ) أَيْ كَ أُجَاعِلُكَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِعَبْدِي الْآبِقِ بِدِينَارٍ بِشَرْطِ أَنْ تَأْتِيَ بِهِ فِي شَهْرٍ أَوْ جُمُعَةٍ، وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ شَرَطَ إلَخْ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ مُسْتَثْنًى مِنْ مَفْهُومِ مَا قَبْلَهُ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِشَرْطِ تَرْكٍ مَتَى شَاءَ) أَيْ فَيَجُوزُ إنْ قِيلَ شَأْنُ هَذَا الْعَقْدِ التَّرْكُ فِيهِ مَتَى شَاءَ فَلِمَ كَانَ الْعَقْدُ غَيْرَ جَائِزٍ إذَا قُدِّرَ بِزَمَنٍ
أَنَّ لَهُ تَرْكَ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ فَيَجُوزَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُ رَجَعَ حِينَئِذٍ لِأَصْلِهِ وَسُنَّتِهِ مِنْ كَوْنِ الزَّمَانِ مُلْغًى، وَإِنَّمَا ضَرَّ تَقْدِيرُ الزَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ فَقَدْ يَنْقَضِي الزَّمَنُ قَبْلَ التَّمَامِ فَيَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا فَفِيهِ زِيَادَةُ غَرَرٍ، وَإِخْرَاجٌ لَهُ عَنْ سُنَّتِهِ، وَمِثْلُ شَرْطِ التَّرْكِ مَتَى شَاءَ إذَا جَعَلَ لَهُ الْجُعْلَ بِتَمَامِ الزَّمَنِ تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا فَيَجُوزُ إلَّا أَنَّهُ قَدْ خَرَجَ حِينَئِذٍ مِنْ الْجَعَالَةِ إلَى الْإِجَارَةِ (وَلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بِلَا تَقْدِيرِ زَمَنٍ أَيْ وَبِلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِلَا شَرْطِ نَقْدٍ فَإِنَّ شَرْطَ النَّقْدِ مُضِرٌّ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ بِالْفِعْلِ لِتَرَدُّدِ الْمَنْقُودِ بِشَرْطٍ بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ وَالثَّمَنِيَّةِ وَلَا يَضُرُّ النَّقْدُ تَطَوُّعًا وَالْجُعْلُ يَصِحُّ (فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ) أَيْ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ عَقْدُ الْإِجَارَةِ جَازَ فِيهِ الْجَعَالَةُ (بِلَا عَكْسٍ) فَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجَعَالَةُ جَازَ فِيهِ الْإِجَارَةُ فَالْجَعَالَةُ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ، وَإِلَّا فَهُمَا عَقْدَانِ مُتَبَايِنَانِ وَهَذَا سَهْوٌ مِنْ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَكْسُ مَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَالْإِجَارَةُ أَعَمُّ وَالْحَقُّ أَنَّ بَيْنَهُمَا الْعُمُومَ وَالْخُصُوصَ الْوَجْهِيَّ فَيَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءِ ثَوْبٍ، أَوْ أَثْوَابٍ قَلِيلَةٍ، أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ بِفَلَاةٍ وَاقْتِضَاءِ دَيْنٍ وَتَنْفَرِدُ الْإِجَارَةُ فِي خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ وَحَفْرِ بِئْرٍ فِي مِلْكٍ وَسُكْنَى بَيْتٍ وَاسْتِخْدَامِ عَبْدٍ وَدَابَّةٍ وَتَنْفَرِدُ الْجَعَالَةُ فِيمَا جُهِلَ حَالُهُ وَمَكَانُهُ كَآبِقٍ وَنَحْوِهِ، نَعَمْ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ أَقْرَبُ لِلصَّوَابِ لِجَوَازِ أَنْ يُقَالَ: إنَّ مَا جُهِلَ مَكَانُهُ تَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ مَعَ أَنَّ شَأْنَهُ يُغْنِي عَنْ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ.؟
قُلْت: الْمَجْعُولُ لَهُ إذَا قُدِّرَ عَمَلُهُ بِزَمَنٍ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ دَاخِلٌ عَلَى التَّمَامِ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ التَّرْكُ فِي الْوَاقِعِ وَحِينَئِذٍ فَغَرَرُهُ قَوِيٌّ وَأَمَّا عِنْدَ الشَّرْطِ فَقَدْ دَخَلَ ابْتِدَاءً عَلَى أَنَّهُ مُخَيَّرٌ فَغَرَرُهُ ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: أَنَّ لَهُ تَرْكَ الْعَمَلِ مَتَى شَاءَ) أَيْ وَأَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَالْقَرِينَةُ عَلَى إرَادَةِ هَذِهِ الْعِلَّةِ وَهِيَ الْفِرَارُ مِنْ إضَاعَةِ الْعَمَلِ بَاطِلًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَهُ أُجَاعِلُكَ عَلَى أَنْ تَأْتِيَنِي بِعَبْدِي فِي شَهْرٍ بِدِينَارٍ عَمِلْت أَمْ لَا انْقَلَبَتْ الْجَعَالَةُ إجَارَةً وَيُنْظَرُ حِينَئِذٍ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ فَإِنْ عَمِلَ اسْتَحَقَّ بِقَدْرِ عَمَلِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْمَلْ فَلَا شَيْءَ لَهُ كَذَا قَرَّرَ سَيِّدِي مُحَمَّدٌ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِلَا شَرْطِ نَقْدٍ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ بِلَا نَقْدٍ مُشْتَرَطٍ صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ نَقْدٌ أَصْلًا، أَوْ كَانَ هُنَاكَ نَقْدٌ تَطَوُّعًا، أَوْ كَانَ هُنَاكَ اشْتِرَاطُ نَقْدٍ وَلَمْ يَحْصُلْ بِالْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الثَّالِثَةِ مَمْنُوعٌ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ السَّلَفِيَّةِ) أَيْ إنْ لَمْ يُوصِلْهُ لِرَبِّهِ بِأَنْ لَمْ يَجِدْهُ أَصْلًا أَوْ وَجَدَهُ وَهَرَبَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ وَقَوْلُهُ: وَالثَّمَنِيَّةِ أَيْ إنْ وَجَدَ الْآبِقَ وَأَوْصَلَهُ لِرَبِّهِ. (قَوْلُهُ: فَالْجَعَالَةُ أَعَمُّ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ الَّذِي تَعَلَّقَا بِهِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهُمَا عَقْدَانِ مُتَبَايِنَانِ أَيْ وَإِلَّا نَقُلْ إنَّ أَعَمِّيَّةَ الْجُعْلِ مِنْ الْإِجَارَةِ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ بَلْ قُلْنَا إنَّ أَعَمِّيَّتَهُ بِاعْتِبَارِ مَفْهُومِهِمَا فَلَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُمَا عَقْدَانِ مُتَبَايِنَانِ مَفْهُومًا. (قَوْلُهُ: وَهَذَا سَهْوٌ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْإِجَارَةَ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَ " كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ " خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالضَّمِيرُ فِي جَازَ لِلْجُعْلِ فَوَافَقَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا جَازَ فِيهِ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ سَابِقًا صِحَّةُ الْجُعْلِ، وَأَنَّ الْإِجَارَةَ فَاعِلُ " جَازَ " حَتَّى يَأْتِيَ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ. (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) نَصُّهَا كُلُّ مَا جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ كَحَفْرِ الْآبَارِ فِي الْمَوَاتِ جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةُ وَلَيْسَ كُلُّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْإِجَارَةِ جَازَ فِيهِ الْجُعْلُ أَلَا تَرَى أَنَّ خِيَاطَةَ ثَوْبٍ وَخِدْمَةَ عَبْدٍ شَهْرًا وَبَيْعَ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ وَحَفْرَ الْآبَارِ فِي الْمِلْكِ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى مَا ذُكِرَ يَصِحُّ إذَا كَانَ إجَارَةً لَا جَعَالَةً؛ لِأَنَّهُ يَبْقَى لِلْجَاعِلِ مَنْفَعَةٌ إنْ لَمْ يُتِمَّ الْمَجْعُولُ لَهُ الْعَمَلَ وَالْجُعْلُ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا لَا يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ نَفْعٌ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ. (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ أَنَّ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ غَيْرُ مُسَلَّمٍ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: فَيَجْتَمِعَانِ فِي نَحْوِ بَيْعٍ، أَوْ شِرَاءِ ثَوْبٍ) أَيْ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى بَيْعِ مَا ذُكِرَ، أَوْ شِرَائِهِ يَصِحُّ إجَارَةً وَجَعَالَةً. (قَوْلُهُ: أَوْ أَثْوَابٍ قَلِيلَةٍ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا سَتَعْلَمُهُ. (قَوْلُهُ: وَتَنْفَرِدُ الْإِجَارَةُ فِي خِيَاطَةِ ثَوْبٍ وَبَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ) أَيْ فَلَا يَصِحُّ فِي الْعَقْدِ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ جَعَالَةً بِأَنْ تُجَاعِلَهُ عَلَى شَرْطِ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ الْمُجَاعِلَ قَدْ يَنْتَفِعُ بِخِيَاطَةِ الْبَعْضِ، أَوْ بَيْعِ الْبَعْضِ بَاطِلًا إنْ لَمْ يُتِمَّ الْعَامِلُ الْعَمَلَ وَيَصِحُّ فِي الْعَقْدِ عَلَى مَا ذُكِرَ أَنْ يَكُونَ إجَارَةً بِأَنْ يَدْخُلَا عَلَى أَنَّ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ إنْ تَرَكَ فَقَوْلُهُ وَبَيْعُ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ أَيْ إذَا كَانَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْأَجْرِ إلَّا بِبَيْعِ الْجَمِيعِ، ثُمَّ إنَّ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ مِنْ جَوَازِ الْجُعْلِ عَلَى بَيْعِ الثِّيَابِ الْقَلِيلَةِ وَمَنْعِهِ عَلَى بَيْعِ الْكَثِيرَةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَلِيلَةِ وَالْكَثِيرَةِ فِي أَنَّهُ مَتَى انْتَفَعَ الْجَاعِلُ بِالْبَعْضِ بِأَنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ الْعَامِلَ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِالتَّمَامِ مُنِعَ الْجُعْلُ عَلَى بَيْعِ الْقَلِيلِ وَبَيْعِ الْكَثِيرِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُجَاعَلَةَ عَلَى بَيْعِ مَا زَادَ عَلَى ثَوْبٍ إنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّ لَهُ فِي كُلِّ مَا بَاعَ بِحِسَابِهِ إذَا تَرَكَ جَازَ، وَإِنْ دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا إلَّا بِبَيْعِ الْجَمِيعِ مُنِعَ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الزَّائِدِ عَلَى الثَّوْبِ كَثِيرًا، أَوْ قَلِيلًا كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ عَاشِرٍ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَآبِقٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ بِغَيْرِ شَارِدٍ فَإِنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ إلَّا بِالتَّمَامِ جُعْلٌ. (قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا تَبَعًا لعج وَالْحَقُّ إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَا قَالَهُ عج مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا وَجْهِيًّا لَا يَتِمُّ؛ لِأَنَّ الْجَعَالَةَ لَمْ تَنْفَرِدْ عَنْ الْإِجَارَةِ بِمَحَلٍّ وَمَا جُهِلَ حَالُهُ وَمَكَانُهُ كَمَا يَصِحُّ فِيهِ الْجُعْلُ يَصِحُّ فِيهِ الْإِجَارَةُ كَأَنْ يُؤَاجِرَهُ عَلَى التَّفْتِيشِ عَلَى عَبْدِهِ الْآبِقِ بِكَذَا أَتَى بِهِ أَمْ لَا
عَلَى تَقْدِيرِ الْعِلْمِ وَبَالَغَ عَلَى صِحَّةِ الْجُعْلِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ فِي الْكَثِيرِ) كَعَبِيدٍ كَثِيرَةٍ أَبَقَتْ، أَوْ إبِلٍ كَثِيرَةٍ شَرَدَتْ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْكَثِيرِ قَوْلُهُ (إلَّا) عَلَى (كَبَيْعِ) ، أَوْ شِرَاءِ (سِلَعٍ كَثِيرَةٍ) مِنْ ثِيَابٍ، أَوْ رَقِيقٍ، أَوْ إبِلٍ فَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ (لَا يَأْخُذُ شَيْئًا) مِنْ الْجُعْلِ (إلَّا بِالْجَمِيعِ) أَيْ إلَّا بِبَيْعِ أَوْ شِرَاءِ الْجَمِيعِ أَيْ وَقَعَ ذَلِكَ بِشَرْطٍ، أَوْ عُرْفٍ فَإِنْ شَرَطَ، أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ مَا بَاعَهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ فَلَهُ بِحِسَابِهِ جَازَ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ السِّلَعِ بِمَنْزِلَةِ عُقُودٍ مُتَعَدِّدَةٍ يَسْتَحِقُّ الْجُعْلَ فِي كُلِّ سِلْعَةٍ بِانْتِهَاءِ عَمَلِهَا وَلَمْ يَذْهَبْ لَهُ عَمَلٌ بَاطِلٌ.
(وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ) أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الْجُعْلِ تَوَقُّفُهُ عَلَى مَنْفَعَةٍ لِلْجَاعِلِ بِمَا يُحَصِّلُهُ الْعَامِلُ كَآبِقٍ، أَوْ لَا يُشْتَرَطُ كَأَنْ يَجْعَلَ لَهُ دِينَارًا عَلَى أَنْ يَصْعَدَ جَبَلًا مَثَلًا لَا لِشَيْءٍ يَأْتِي بِهِ (قَوْلَانِ) الْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ وَلَا يَجُوزُ الْجُعْلُ عَلَى إخْرَاجِ الْجَانِّ مِنْ شَخْصٍ وَلَا عَلَى حَلِّ سِحْرٍ وَلَا حَلِّ مَرْبُوطٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ حَقِيقَةُ ذَلِكَ (وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ) الْجَاعِلَ يَقُولُ: مَنْ فَعَلَ كَذَا فَلَهُ كَذَا (جُعْلُ مِثْلِهِ) وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا سَمَّاهُ الْجَاعِلُ عَلَى فَرْضِ لَوْ سَمَّى شَيْئًا (إنْ اعْتَادَهُ) وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ (كَحَلِفِهِمَا) أَيْ الْمُتَجَاعِلَيْنِ (بَعْدَ تَخَالُفِهِمَا) أَيْ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ - وَلَمْ يُشْبِهَا - فَيُقْضَى لَهُ بِجُعْلِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَشْبَهَ أَحَدُهُمَا فَالْقَوْلُ لَهُ بِيَمِينٍ وَيُقْضَى لِلْحَالِفِ عَلَى النَّاكِلِ، وَنُكُولُهُمَا كَحَلِفِهِمَا فَإِنْ أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْعَبْدُ - مَثَلًا - فِي حَوْزِهِ مِنْهُمَا (وَلِرَبِّهِ) أَيْ الْآبِقِ مَثَلًا (تَرْكُهُ) لِلْعَامِلِ حَيْثُ لَمْ يَسْمَعْ مَنْ عَادَتُهُ طَلَبُ الضَّوَالِّ وَأَتَى بِهِ لِرَبِّهِ كَانَتْ قِيمَتُهُ قَدْرَ جُعْلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى الْآبِقِ إنْ كَانَ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ إلَّا بِالتَّمَامِ فَهُوَ جَعَالَةٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى التَّفْتِيشِ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ بِكَذَا أَتَى بِهِ، أَوْ لَا فَهُوَ إجَارَةٌ فَالْحَقُّ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ أَنَّ بَيْنَهُمَا عُمُومًا وَخُصُوصًا مُطْلَقًا وَأَنَّ الْإِجَارَةَ أَعَمُّ. (قَوْلُهُ: عَلَى تَقْدِيرِ الْعِلْمِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ عِلْمِ الْعَامِلِ بِالْمَحَلِّ وَقَدْ يُقَالُ: لَا حَاجَةَ لِلتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ بَلْ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عِنْدَ جَهْلِ الْعَامِلِ لِلْمَحَلِّ كَمَا مَثَّلْنَا عَلَى أَنَّ عج إنَّمَا جَعَلَ مَحَلَّ انْفِرَادِ الْجُعْلِ فِيمَا جُهِلَ حَالُهُ وَمَكَانُهُ وَمَا عُلِمَ مَحَلٌّ آخَرُ فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا بَاعَ بَعْضَهَا، أَوْ اشْتَرَى بَعْضَهَا وَتَرَكَ فَقَدْ انْتَفَعَ الْجَاعِلُ وَذَهَبَ عَمَلُ الْعَامِلِ بَاطِلًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْجُعْلِ) أَيْ الْعِوَضِ. (قَوْلُهُ: أَيْ وَقَعَ ذَلِكَ) أَيْ الْعَقْدُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ شَيْئًا إلَّا بِالْجَمِيعِ بِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلْجَوَازِ وَانْدَفَعَ بِهِ مَا يُقَالُ: الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ يُخَالِفُ قَوْلَهُ سَابِقًا يَسْتَحِقُّهُ السَّامِعُ بِالتَّمَامِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي شَرْطِ مَنْفَعَةِ الْجَاعِلِ) أَيْ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ الْجُعْلِ أَنْ يَكُونَ فِيمَا يُحَصِّلُهُ الْعَامِلُ مَنْفَعَةٌ تَعُودُ عَلَى الْجَاعِلِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ.؟ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ حَقِيقَةَ ذَلِكَ) أَيْ أَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الْوُقُوفُ عَلَى كَوْنِ الْجَانِّ خَرَجَ، أَوْ لَا، ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَكَرَّرَ النَّفْعُ مِنْ ذَلِكَ الْعَامِلِ وَجُرِّبَ وَعُلِمَتْ الْحَقِيقَةُ جَازَ الْجُعْلُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَبِهِ أَفْتَى ابْنُ عَرَفَةَ وَقَيَّدَ ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَتْ الرُّقْيَةُ عَرَبِيَّةً، أَوْ عَجَمِيَّةً مَعْرُوفَةَ الْمَعْنَى مِنْ عَدْلٍ وَلَوْ إجْمَالًا لِئَلَّا تَكُونَ أَلْفَاظًا مُكَفِّرَةً. (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ الْجَاعِلَ) أَيْ لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّ الْمُسَمَّى بِتَمَامِ الْعَمَلِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ الْمَالِكُ مَنْ أَتَى بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَهُ كَذَا فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَ رَبِّهِ لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ، وَأَنَّ رَبَّهُ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَجَاءَ بِهِ شَخْصٌ فَإِنَّهُ يَسْتَحِقُّ جُعْلَ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ كَانَ جُعْلُ الْمِثْلِ أَكْثَرَ مِنْ الْمُسَمَّى، أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ، أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ بِشَرْطِ كَوْنِ ذَلِكَ الشَّخْصِ الْآتِي بِهِ مِنْ عَادَتِهِ طَلَبُ الْأُبَّاقِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَادَتُهُ ذَلِكَ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَهُ النَّفَقَةُ فَقَطْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ " وَلِمَنْ لَمْ يَسْمَعْ رَبَّهُ " صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَحْصُلَ مِنْ رَبِّهِ قَوْلٌ أَصْلًا يَسْمَعُهُ وَبِمَا إذَا حَصَلَ مِنْهُ قَوْلٌ وَلَكِنْ لَمْ يَسْمَعْهُ الْعَامِلُ لَا مُبَاشَرَةً وَلَا بِوَاسِطَةٍ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ رَبُّهُ يَتَوَلَّى ذَلِكَ) أَيْ شَأْنُهُ أَنْ يَتَوَلَّى ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِخَدَمِهِ. (قَوْلُهُ: كَحَلِفِهِمَا) أَيْ وَيَبْدَأُ أَحَدُهُمَا بِالْقُرْعَةِ كَذَا قِيلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَبْدَأُ الْعَامِلُ لِأَنَّهُ بَائِعٌ لِمَنَافِعِهِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ) حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي قَدْرِ الْجُعْلِ مُتَعَيَّنٌ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَهُ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ بِأَنْ ادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ سَمِعَ رَبَّهُ يَقُولُ: مَنْ أَتَى بِعَبْدِي فَلَهُ كَذَا وَقَالَ رَبُّهُ: لَمْ تَسْمَعْ بَلْ أَتَيْتَ بِهِ وَلَمْ تَسْمَعْ مِنِّي شَيْئًا وَذَلِكَ لِأَنَّهُمَا عِنْدَ تَنَازُعِهِمَا فِي السَّمَاعِ وَعَدَمِهِ لَا يَتَحَالَفَانِ وَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّهِ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِي الْعَامِلِ هَلْ عَادَتُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ أَمْ لَا فَلَهُ النَّفَقَةُ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: وَنُكُولُهُمَا) فِي حَالَةِ عَدَمِ شَبَهِهِمَا كَحَلِفِهِمَا فِي كَوْنِهِ يُقْضَى لِلْعَامِلِ بِجُعْلِ الْمِثْلِ. (قَوْلُهُ: فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْعَبْدُ مَثَلًا فِي حَوْزِهِ مِنْهُمَا) فَإِنْ وُجِدَ وَلَمْ يَكُنْ بِيَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِأَنْ كَانَ بِيَدِ أَمِينٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا لَمْ يُشْبِهْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَيَتَحَالَفَانِ وَيُقْضَى بِجُعْلِ الْمِثْلِ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا أَشْبَهَا فَالْقَوْلُ لِمَنْ الْعَبْدُ فِي حَوْزِهِ هُوَ مَا ارْتَضَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: إذَا أَشْبَهَا مَعًا فَالْقَوْلُ لِلْجَاعِلِ لِأَنَّهُ غَارِمٌ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَظْهَرُ اُنْظُرْ ح. (قَوْلُهُ: وَلِرَبِّهِ تَرْكُهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِمَا فِيهِ جُعْلُ الْمِثْلِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا جَاءَ الْعَامِلُ الَّذِي شَأْنُهُ طَلَبُ الْإِبَاقِ بِالْآبِقِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ رَبُّهُ مَنْ أَتَى بِعَبْدِي فَلَهُ كَذَا فَلِرَبِّ الْعَبْدِ تَرْكُهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جُعْلِ الْمِثْلِ فَإِنْ الْتَزَمَ رَبُّهُ جُعْلًا وَلَمْ يَسْمَعْهُ الْآتِي بِهِ فَهَلْ كَذَلِكَ لِرَبِّ الْعَبْدِ تَرْكُهُ لِمَنْ جَاءَ بِهِ عِوَضًا عَمَّا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ جُعْلِ الْمِثْلِ وَهُوَ مَا قَالَهُ عج وَنَازَعَهُ طفى بِأَنَّ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جُعْلَ مِثْلِهِ إنْ اعْتَادَ طَلَبَ الْإِبَاقِ وَإِلَّا فَالنَّفَقَةُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اُنْظُرْ بْن
الْمِثْلِ، أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَلَا مَقَالَ لَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا سَمِعَهُ سَمَّى شَيْئًا وَلَوْ بِوَاسِطَةٍ فَلَهُ مَا سَمَّاهُ وَلَوْ زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّ رَبَّهُ وَرَّطَهُ (وَإِلَّا) يَكُنْ مَنْ لَمْ يَسْمَعْ مُعْتَادًا لِطَلَبِ الْأُبَّاقِ (فَالنَّفَقَةُ) فَقَطْ أَيْ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي تَحْصِيلِهِ وَمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ وَرُكُوبٍ احْتَاجَ لَهُ وَلَا جُعْلَ لَهُ (وَإِنْ)(أَفْلَتَ) الْعَبْدُ مِنْ يَدِ الْعَامِلِ قَبْلَ إيصَالِهِ لِرَبِّهِ (فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) قَبْلَ أَنْ يَصِلَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ (فَلِكُلٍّ) مِنْ الْعَامِلَيْنِ (نِسْبَتُهُ) مِنْ الْجُعْلِ فَإِنْ جَاءَ بِهِ الْأَوَّلُ ثُلُثَ الطَّرِيقِ مَثَلًا وَالثَّانِي بَاقِيَهَا كَانَ لِلْأَوَّلِ الثُّلُثُ فِي الْجُعْلِ الْمُسَمَّى وَلِلثَّانِي ثُلُثَاهُ فَإِنْ أَتَى بِهِ الثَّانِي بَعْدَ أَنْ وَصَلَ لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ فَلَا شَيْءَ لِلْأَوَّلِ (وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ) سَمَّاهُ لَهُ (وَذُو أَقَلَّ اشْتَرَكَا فِيهِ) أَيْ فِي الدِّرْهَمِ فَيَقْتَسِمَانِهِ بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ فَلِذِي الدِّرْهَمِ ثُلُثَاهُ وَلِذِي النِّصْفِ ثُلُثُهُ فَإِنْ تَسَاوَى مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ قُسِمَ مَا سَمَّاهُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَيْنِ فَإِنْ سَمَّى لَهُمَا، أَوْ لِأَحَدِهِمَا عَرَضًا اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ (وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ (وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ بِالشُّرُوعِ) فِيهِ دُونَ الْعَامِلِ.
(وَفِي) الْجُعْلِ (الْفَاسِدِ) لِفَقْدِ شَرْطٍ مِنْ شُرُوطِهِ (جُعْلُ الْمِثْلِ) إنْ تَمَّ الْعَمَلُ رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَتِمَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ (إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْجُعْلَ مُطْلَقًا تَمَّ الْعَمَلُ أَمْ لَا (فَأُجْرَتُهُ) أَيْ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَتَأَمَّلْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: مَا إذَا سَمِعَهُ) أَيْ مَا إذَا سَمِعَ الْعَامِلُ رَبَّهُ سَمَّى شَيْئًا. (قَوْلُهُ: فَالنَّفَقَةُ فَقَطْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا اعْتَادَهُ وَوَجَبَ لَهُ جُعْلُ الْمِثْلِ، أَوْ وَجَبَ لَهُ الْمُسَمَّى فَإِنَّ نَفَقَةَ الْآبِقِ عَلَى الْعَامِلِ وَلَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْجُعْلَ اهـ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَيْ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ حَالَ تَحْصِيلِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى الْعَبْدِ مِنْ أُجْرَةِ دَابَّةٍ، أَوْ مَرْكَبٍ اُضْطُرَّ لَهَا بِحَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْحَامِلُ عَلَى صَرْفِ تِلْكَ الدَّرَاهِمِ إلَّا تَحْصِيلَهُ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الدَّرَاهِمَ بِمَثَابَةِ مَا فَدَى بِهِ مِنْ ظَالِمٍ وَأَمَّا مَا شَأْنُهُ أَنَّهُ يُنْفِقَهُ الْعَامِلُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْحَضَرِ كَالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى رَبِّهِ، وَإِنْ كَانَ السَّفَرُ مُتَفَاوِتًا بِأَنْ كَانَ الْمَأْكُولُ فِي مَحَلِّ الْعَامِلِ أَرْخَصَ مِنْهُ فِي الْبَلَدِ الَّتِي سَافَرَ إلَيْهَا لِتَحْصِيلِ الْعَبْدِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا بَيْنَ السَّفَرَيْنِ فِي التَّفَاوُتِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.
(قَوْلُهُ: وَمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ ذَلِكَ لِأَنَّ نَفَقَةَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْكِسْوَةِ عَلَى رَبِّهِ وَلَوْ وَجَبَ لِلْعَامِلِ جُعْلُ الْمِثْلِ، أَوْ الْمُسَمَّى فَإِذَا قَامَ بِهَا الْعَامِلُ رَجَعَ بِهَا عَلَيْهِ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ أَيْ فَلَهُ مَا أَنْفَقَهُ فِي تَحْصِيلِهِ مِنْ أُجْرَةِ مَرْكَبٍ، أَوْ دَابَّةٍ احْتَاجَ لَهُمَا وَأُجْرَةِ مَنْ يَقْبِضُهُ لَهُ إنْ احْتَاجَ الْحَالُ لِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْلَتَ) يُسْتَعْمَلُ لَازِمًا وَمُتَعَدِّيًا يُقَالُ أَفْلَتَهُ وَأَفْلَتَ بِنَفْسِهِ فَيَصِحُّ فِي الْمَتْنِ قِرَاءَتُهُ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَوْ الْمَفْعُولِ. (قَوْلُهُ: فَجَاءَ بِهِ آخَرُ) أَيْ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْجَارٍ وَلَا مُجَاعَلَةٍ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَادَةَ ذَلِكَ الْآخَرِ طَلَبُ الْإِبَاقِ. (قَوْلُهُ: لِمَكَانِهِ الْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي كَانَ آبِقًا فِيهِ. (قَوْلُهُ: نِسْبَتُهُ) أَيْ نِسْبَةُ عَمَلِهِ مَنْظُورًا فِي ذَلِكَ لِسُهُولَةِ الطَّرِيقِ وَصُعُوبَتِهَا لَا لِمُجَرَّدِ الْمَسَافَةِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ بِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ رَبَّ الْآبِقِ إذَا جَعَلَ لِرَجُلٍ دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ الْآبِقِ وَجَعَلَ لِآخَرَ نِصْفَ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِعَبْدِهِ فَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَأَنَّهُمَا يَشْتَرِكَانِ فِي ذَلِكَ الدِّرْهَمِ إذْ هُوَ غَايَةُ مَا يَلْزَمُ رَبَّ الْعَبْدِ بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ بِمَجْمُوعِ التَّسْمِيَتَيْنِ فَيَأْخُذُ الْأَوَّلُ ثُلُثَيْهِ وَيَأْخُذُ الثَّانِي ثُلُثَهُ؛ لِأَنَّ نِسْبَةَ نِصْفِ الدِّرْهَمِ إلَى دِرْهَمٍ وَنِصْفٍ ثُلُثٌ وَنِسْبَةُ الدِّرْهَمِ كَذَلِكَ ثُلُثَانِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَ مَا جُعِلَ لَهُ وَرَجَّحَهُ التُّونُسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ جَاءَ بِهِ ذُو دِرْهَمٍ أَيْ سَمَّاهُ لَهُ وَقَوْلُهُ: وَذُو أَقَلَّ أَيْ سَمَّاهُ لَهُ أَيْضًا وَقَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَا سَمَّاهُ لِكُلٍّ أَيْ لِمَجْمُوعِ التَّسْمِيَتَيْنِ. (قَوْلُهُ: قُسِمَ مَا سَمَّاهُ لِأَحَدِهِمَا نِصْفَيْنِ) أَيْ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ. (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ) أَيْ فَلَوْ جَعَلَ لِأَحَدِهِمَا عَشَرَةً وَلِلْآخَرِ عَرَضًا وَأَتَيَا بِهِ مَعًا فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَوَّمُ الْعَرَضُ فَإِنْ سَاوَى خَمْسَةً فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ ثُلُثَاهَا وَيُخَيَّرُ صَاحِبُ الْعَرَضِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ ثُلُثَ الْعَشَرَةِ، أَوْ مَا يُقَابِلُ ذَلِكَ مِنْ الْعَرَضِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِصَاحِبِ الْعَشَرَةِ نِصْفُهَا وَلِصَاحِبِ الْعَرَضِ نِصْفُهُ فَإِنْ جَعَلَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا عَرَضًا وَاخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا، أَوْ اتَّفَقَتْ جَرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَلِكِلَيْهِمَا الْفَسْخُ) أَيْ التَّرْكُ؛ لِأَنَّهُ عَقْدٌ جَائِزٌ غَيْرُ لَازِمٍ وَالْعَقْدُ الْغَيْرُ اللَّازِمِ لَا يُطْلَقُ عَلَى تَرْكِهِ فَسْخٌ إلَّا بِطَرِيقِ التَّجَوُّزِ إذْ حَقُّ الْفَسْخِ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي تَرْكِ الْأَمْرِ اللَّازِمِ وَالْعَلَاقَةِ الْمُشَابِهَةِ لِلْعَقْدِ اللَّازِمِ فِي الْجُمْلَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَزِمَتْ الْجَاعِلَ) الْمُرَادُ بِهِ مُلْتَزِمُ الْجُعْلِ لَا مَنْ تَعَاطَى عَقْدَهُ فَقَطْ كَالْوَكِيلِ الَّذِي لَمْ يَلْتَزِمْ جُعَلًا وَظَاهِرُهُ اللُّزُومُ لِلْجَاعِلِ بِالشُّرُوعِ وَلَوْ فِيمَا لَا بَالَ لَهُ فَلَا مَقَالَ لَهُ فِي حَلِّهِ بَلْ يَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ بِخِلَافِ الْعَامِلِ فَإِنَّهُ بَاقٍ عَلَى خِيَارِهِ.
(قَوْلُهُ: جُعْلُ الْمِثْلِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقِيلَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ سَوَاءٌ تَمَّمَ الْعَمَلَ أَمْ لَا رَدًّا لَهُ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْإِجَارَةُ وَأَنَّمَا كَانَتْ أَصْلًا لَهُ؛ لِأَنَّهُمْ اشْتَرَطُوا فِي عَاقِدِي الْجُعْلِ مَا اشْتَرَطُوهُ فِي عَاقِدِي الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: رَدًّا إلَى صَحِيحِ نَفْسِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَتِمَّ الْعَمَلُ فَلَا شَيْءَ لَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: رَدًّا لَهُ إلَخْ رَاجِعًا لِلْأَمْرَيْنِ. (قَوْلُهُ: إلَّا بِجُعْلٍ مُطْلَقًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَاسِدُ مُلْتَبِسًا بِجُعْلٍ أَيْ بِعِوَضٍ مُطْلَقًا كَمَا إذَا قَالَ إنْ أَتَيْتنِي بِعَبْدِي الْآبِقِ فَلَكَ كَذَا، وَإِنْ لَمْ تَأْتِ بِهِ فَلَكَ كَذَا فَأُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ مَا يَأْخُذُهُ الْعَامِلُ أُجْرَةً عِنْدَ جَعْلِ الْعِوَضِ لَهُ مُطْلَقًا لَا جُعْلًا؛ لِأَنَّ هَذَا الْعِوَضَ