الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمُرَادُهُ بِالدِّيَةِ الْمُؤَدَّى فَيَشْمَلُ دِيَةَ الْجُرْحِ، وَالْكَافِرَ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ وَغُرَّةَ الْجَنِينِ فَإِنْ كَانَ الْجَرْحُ عَمْدًا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ اُقْتُصَّ فِيهِ بِالشَّاهِدِ، وَالْيَمِينِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ)(نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَنْ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ (بَرِئَ الْجَارِحُ) وَمَنْ مَعَهُ (إنْ حَلَفَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِنْ جَارِحٍ، أَوْ غَيْرِهِ (وَإِلَّا) يَحْلِفُ غَرِمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ إلَّا فِي جَرْحِ الْعَمْدِ فَإِنَّهُ إنْ نَكَلَ فِيهِ (حُبِسَ) فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ عُوقِبَ وَأُطْلِقَ فَعِبَارَتُهُ تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْجَنِينَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ فَرَّعَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلَهُ (فَلَوْ)(قَالَتْ) امْرَأَةٌ حَامِلٌ (دَمِي وَجَنِينِي عِنْدَ فُلَانٍ) وَمَاتَتْ (فَفِيهَا الْقَسَامَةُ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهَا لَوْثٌ (وَلَا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ وَلَوْ اسْتَهَلَّ) ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ، فَهُوَ كَالْجُرْحِ لَا قَسَامَةَ فِيهِ، وَإِنْ اسْتَهَلَّ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهَا قَتَلَنِي فُلَانٌ وَقَتَلَ فُلَانًا مَعِي وَذَلِكَ مُلْغًى فِي فُلَانٍ.
[دَرْسٌ] .
(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)
، وَهُوَ لُغَةً التَّعَدِّي وَبَغَى فُلَانٌ عَلَى فُلَانٍ اسْتَطَالَ عَلَيْهِ وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ هُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ طَاعَةِ مَنْ ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ بِمُغَالَبَةٍ وَلَوْ تَأَوُّلًا اهـ وَقَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِطَاعَةٍ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ مَنْ امْتَنَعَ عَنْ طَاعَتِهِ فِي مَكْرُوهٍ يَكُونُ بَاغِيًا وَقِيلَ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فِي الْمَكْرُوهِ أَيْ الْمُجْمَعِ عَلَى كَرَاهَتِهِ، فَالْمُمْتَنِعُ لَا يَكُونُ بَاغِيًا، وَهُوَ الْأَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ مَا لَيْسَ مِنْهُ، وَهُوَ رَدٌّ فَإِذَا أَمَرَ النَّاسَ بِصَلَاةِ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ أَدَاءِ فَرْضِ الصُّبْحِ لَمْ يُتْبَعْ وَاسْتَغْنَى الْمُصَنِّفُ عَنْ تَعْرِيفِهِ شَرْعًا بِتَعْرِيفِ الْبَاغِيَةِ لِاسْتِلْزَامِهِ تَعْرِيفَهُ فَقَالَ (الْبَاغِيَةُ فِرْقَةٌ) أَيْ طَائِفَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (خَالَفَتْ الْإِمَامَ) الَّذِي ثَبَتَتْ إمَامَتُهُ بِاتِّفَاقِ النَّاسِ عَلَيْهِ وَيَزِيدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ لَمْ تَثْبُتْ إمَامَتُهُ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْحِجَازِ لَمْ يُسَلِّمُوا لَهُ الْإِمَامَةَ لِظُلْمِهِ وَنَائِبُ الْإِمَامِ مِثْلُهُ.
(لِمَنْعِ حَقٍّ) لِلَّهِ، أَوْ لِآدَمِيٍّ وَجَبَ عَلَيْهَا كَزَكَاةٍ وَكَأَدَاءِ مَا عَلَيْهِمْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ كَذَلِكَ إذَا تَعَدَّدَ اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَمُرَادُهُ بِالدِّيَةِ إلَخْ) أَيْ فَمُرَادُهُ بِالدِّيَةِ اللُّغَوِيَّةُ لَا الشَّرْعِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعِي) أَيْ مُدَّعِي الْجَرْحِ وَقَتْلِ الْكَافِرِ، وَالْعَبْدِ، وَالْجَنِينِ (قَوْلُهُ: وَمَنْ مَعَهُ) أَيْ، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِقَتْلِ الْكَافِرِ، أَوْ الْعَبْدِ، أَوْ الْجَنِينِ وَقَوْلُهُ إنْ حَلَفَ يَمِينًا وَاحِدَةً.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا يَحْلِفْ) أَيْ هَذَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ غَرِمَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ) أَيْ فِي غَيْرِ حَبْسِ سَنَةٍ وَلَا ضَرْبِ مِائَةٍ (قَوْلُهُ: عُوقِبَ وَأُطْلِقَ) أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا، وَإِلَّا خُلِّدَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ: تُوهِمُ خِلَافَ الْمُرَادِ) أَيْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ يُحْبَسُ فِي جَمِيعِ الصُّوَرِ وَلَا يَغْرَمُ شَيْئًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ اسْتَهَلَّ) أَيْ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ مُلْغًى فِي فُلَانٍ) أَيْ وَذَلِكَ الْقَوْلُ مُلْغًى مِنْ الْمَرْأَةِ فِي فُلَانٍ بِخِلَافِ الْعَدْلِ الْمُعَايِنِ لِلضَّرْبِ إذَا قَالَ دَمُهَا وَدَمُ جَنِينِهَا عِنْدَ فُلَانٍ فَلَا يَكُونُ لَغْوًا بَلْ إنْ كَانَ خَطَأً كَانَتْ الْقَسَامَةُ مُتَعَدِّدَةً فِي النَّفْسِ، وَالْجَنِينِ وَتُؤْخَذُ دِيَةُ الْمَرْأَةِ، وَالْجَنِينِ.
[بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
(بَابٌ ذُكِرَ فِي الْبَغْيِ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى الْقَتْلِ، وَالْجُرْحِ أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مَا يُوجِبُ الْحَدَّ، وَالْعُقُوبَةَ بِسَفْكِ الدَّمِ مَا دُونَهُ، وَهِيَ سَبْعٌ الْبَغْيُ، وَالرِّدَّةُ، وَالزِّنَا، وَالْقَذْفُ، وَالسَّرِقَةُ، وَالْحِرَابَةُ، وَالشُّرْبُ وَبَدَأَ بِالْبَغْيِ؛ لِأَنَّهُ أَعْظَمُهَا مَفْسَدَةً؛ إذْ فِيهِ؛ إذْهَابُ النَّفْسِ، وَالْأَمْوَالِ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ وَبَغَى فُلَانٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ بَغَى فُلَانٌ إلَخْ وَقَوْلُهُ اسْتَطَالَ عَلَيْهِ أَيْ تَعَدَّى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَأَوُّلًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الِامْتِنَاعُ غَيْرَ مُتَأَوَّلٍ فِيهِ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُتَأَوَّلًا فِيهِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِطَاعَةٍ) أَيْ كَمَا أَنَّ قَوْلَهُ بِمُغَالَبَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِالِامْتِنَاعِ (قَوْلُهُ يَكُونُ بَاغِيًا) أَيْ؛ لِأَنَّ طَاعَتَهُ فِيمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ مَنْدُوبٍ، أَوْ مَكْرُوهٍ وَاجِبَةٌ (قَوْلُهُ: فَالْمُمْتَنِعُ) أَيْ مِنْ إطَاعَتِهِ فِي الْمَكْرُوهِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَيْ الْمَكْرُوهَ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِحْدَاثِ فِي الدِّينِ) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْمُحْدَثَةِ عَلَى الدِّينِ الَّتِي لَيْسَتْ مِنْهُ وَقَوْلُهُ، وَهُوَ رَدٌّ أَيْ مَرْدُودٌ عَلَى فَاعِلِهِ غَيْرُ مَقْبُولٍ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ تَعْرِيفِهِ) أَيْ تَعْرِيفِ الْبَغْيِ وَقَوْلُهُ لِاسْتِلْزَامِهِ أَيْ لِاسْتِلْزَامِ تَعْرِيفِ الْبَاغِيَةِ تَعْرِيفَ الْبَغْيِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَاغِي مُشْتَقٌّ مِنْ الْبَغْيِ وَمَعْرِفَةُ الْمُشْتَقِّ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَقَّ ذَاتٌ ثَبَتَ لَهَا الْمُشْتَقُّ مِنْهُ، فَالْمُشْتَقُّ مِنْهُ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْمُشْتَقِّ وَمَعْرِفَةُ الْكُلِّ تَسْتَلْزِمُ مَعْرِفَةَ الْجُزْءِ (قَوْلُهُ: خَالَفَتْ الْإِمَامَ) اعْلَمْ أَنَّ الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى تَثْبُتُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ إمَّا بِإِيصَاءِ الْخَلِيفَةِ الْأَوَّلِ لِمُتَأَهِّلٍ لَهَا، وَإِمَّا بِالتَّغَلُّبِ عَلَى النَّاسِ؛ لِأَنَّ مَنْ اشْتَدَّتْ وَطْأَتُهُ بِالتَّغَلُّبِ وَجَبَتْ طَاعَتُهُ وَلَا يُرَاعَى فِي هَذَا شُرُوطُ الْإِمَامَةِ؛ إذْ الْمَدَارُ عَلَى دَرْءِ الْمَفَاسِدِ وَارْتِكَابِ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ.
وَأَمَّا بَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ، وَالْعَقْدِ، وَهُمْ مَنْ اجْتَمَعَ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ الْعِلْمُ بِشُرُوطِ الْإِمَامِ، وَالْعَدَالَةُ، وَالرَّأْيُ وَشُرُوطُ الْإِمَامِ الْحُرِّيَّةُ، وَالْعَدَالَةُ، وَالْفَطَانَةُ وَكَوْنُهُ قُرَيْشِيًّا وَكَوْنُهُ ذَا نَجْدَةٍ وَكِفَايَةٍ فِي الْمُعْضِلَاتِ اُنْظُرْ بْن وَبَيْعَةُ أَهْلِ الْحَلِّ كَمَا فِي ح بِالْحُضُورِ، وَالْمُبَاشَرَةِ بِصَفْقَةِ الْيَدِ، وَإِشْهَادِ الْغَائِبِ مِنْهُمْ وَيَكْفِي الْعَامِّيَّ اعْتِقَادُ أَنَّهُ تَحْتَ أَمْرِهِ فَإِنْ أَضْمَرَ خِلَافَ ذَلِكَ فَسَقَ وَدَخَلَ تَحْتَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً» (قَوْلُهُ: وَيَزِيدُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْإِمَامَ الْحُسَيْنَ خَالَفَ الْيَزِيدَ وَخَرَجَ عَنْ طَاعَتِهِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْيَزِيدَ هُوَ الْإِمَامُ فِي وَقْتِهِ فَيَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ الْحُسَيْنُ وَأَتْبَاعُهُ بُغَاةً، وَهُوَ بَاطِلٌ (قَوْلُهُ: وَنَائِبُ الْإِمَامِ مِثْلُهُ) أَيْ فِي كَوْنِ مُخَالَفَتِهِ تُعَدُّ بَغْيًا (قَوْلُهُ: كَزَكَاةٍ) أَيْ أَمَرَهُمْ
مِمَّا جَبَوْهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ كَخَرَاجِ الْأَرْضِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (أَوْ لِخَلْعِهِ) أَيْ، أَوْ خَالَفَتْهُ لِإِرَادَتِهَا خَلْعَهُ أَيْ عَزْلَهُ لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ جَارٍ؛ إذْ لَا يُعْزَلُ السُّلْطَانُ بِالظُّلْمِ، وَالْفِسْقِ وَتَعْطِيلِ الْحُقُوقِ بَعْدَ انْعِقَادِ إمَامَتِهِ، وَإِنَّمَا يَجِبُ وَعْظُهُ وَقَوْلُهُ فِرْقَةٌ جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا، فَالْوَاحِدُ قَدْ يَكُونُ بَاغِيًا وَقَوْلُهُ خَالَفَتْ الْإِمَامَ يُفِيدُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْمُغَالَبَةِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ بِهِ فَمَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ كَاللُّصُوصِ لَا يَكُونُ بَاغِيًا (فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ، وَإِنْ تَأَوَّلُوا) الْخُرُوجَ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ قَامَتْ عِنْدَهُمْ وَيَجِبُ عَلَى النَّاسِ مُعَاوَنَتُهُ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَدْلِ فَلَا تَجِبُ مُعَاوَنَتُهُ قَالَ مَالِكٌ رضي الله عنه دَعْهُ وَمَا يُرَادُ مِنْهُ يَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْ الظَّالِمِ بِظَالِمٍ، ثُمَّ يَنْتَقِمُ مِنْ كِلَيْهِمَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهُمْ عَلَيْهِ لِفِسْقِهِ وَجَوْرِهِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ لَهُمْ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ.
(كَالْكُفَّارِ) أَيْ كَقِتَالِ الْكُفَّارِ بِأَنْ يَدْعُوَهُمْ أَوَّلًا لِلدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَتِهِ مَا لَمْ يُعَاجِلُوهُ بِالْقِتَالِ وَيُقَاتِلُهُمْ بِالسَّيْفِ، وَالرَّمْيِ بِالنَّبْلِ، وَالْمَنْجَنِيقِ، وَالتَّغْرِيقِ، وَالتَّحْرِيقِ وَقَطْعِ الْمِيرَةِ، وَالْمَاءِ عَنْهُمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ نِسْوَةٌ، أَوْ ذَرَارِيُّ فَلَا نَرْمِيهِمْ بِالنَّارِ، لَكِنْ لَا نُسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ وَلَا أَمْوَالَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُسْلِمُونَ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُسْتَرَقُّوا وَلَا يُحَرَّقُ شَجَرُهُمْ) وَلَا غَيْرُهُ، فَالْمُرَادُ وَلَا يُتْلَفُ مَالُهُمْ (وَلَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ) إذَا قُتِلُوا (بِأَرْمَاحٍ) أَيْ يَحْرُمُ؛ لِأَنَّهُ مُثْلَةٌ بِالْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِمَحَلِّهِمْ فَقَطْ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ (وَلَا يَدَعُوهُمْ) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ لَا يَتْرُكُوهُمْ الْإِمَامُ وَنُوَّابُهُ وَلَوْ أَفْرَدَ لِلضَّمِيرِ الْعَائِدِ عَلَى الْإِمَامِ لَكَانَ أَنْسَبَ أَيْ لَا يَتْرُكُهُمْ (بِمَالٍ) يُؤْخَذُ مِنْهُمْ كَالْجِزْيَةِ أَيْ لَا يَحِلُّ ذَلِكَ بَلْ إنْ تَرَكَهُمْ يَتْرُكُهُمْ مَجَّانًا إنْ كَفُّوا عَنْ بَغْيِهِمْ وَأَمِنَ مِنْهُمْ (وَاسْتُعِينَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِأَدَائِهَا فَامْتَنَعُوا (قَوْلُهُ: مِمَّا جَبَوْهُ لِبَيْتِ مَالِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ وَكَأَنْ يَأْمُرَهُمْ بِوَفَاءِ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الدَّيْنِ فَيَمْتَنِعُونَ (قَوْلُهُ: كَخَرَاجِ الْأَرْضِ) أَيْ الْعَنْوِيَّةِ الَّذِي أَمَرَهُمْ بِدَفْعِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ فَامْتَنَعُوا وَيُؤْخَذُ مِنْ تَعْرِيفِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا كَلَّفَ النَّاسَ بِمَالٍ ظُلْمًا فَامْتَنَعُوا مِنْ إعْطَائِهِ فَأَتَى لِقِتَالِهِمْ فَيَجُوزُ لَهُمْ أَنْ يَدْفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَكُونُونَ بُغَاةً بِمُقَاتَلَتِهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَمْنَعُوا حَقًّا وَلَا أَرَادُوا خَلْعَهُ.
(قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ) أَيْ، وَإِنَّمَا كَانُوا بُغَاةً إذَا خَالَفُوهُ لِأَجْلِ إرَادَةِ خَلْعِهِ لِحُرْمَةِ خَلْعِهِ، وَإِنْ جَارَ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يُعْزَلْ إلَخْ) بَلْ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ تَقْدِيمًا لِأَخَفِّ الْمَفْسَدَتَيْنِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ إمَامٌ عَدْلٌ فَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَلَيْهِ، وَإِعَانَةُ ذَلِكَ الْقَائِمِ (قَوْلُهُ: وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ) هَذَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ أَيْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْخُرُوجُ عَلَى وَجْهِ الْمُغَالَبَةِ، وَالْمُرَادُ بِهَا إظْهَارُ الْقَهْرِ وَعَدَمِ الْمُبَالَاةِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ بَعْضٌ.
(قَوْلُهُ: لَا عَلَى سَبِيلِ الْمُغَالَبَةِ كَاللُّصُوصِ) أَيْ وَكَمَنْ يَعْتَزِلُوا الْأَئِمَّةَ وَلَا يُبَايِعُهُمْ وَلَا يُعَانِدُهُمْ كَمَا اتَّفَقَ لِبَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ مَكَثَ شَهْرًا لَمْ يُبَايِعْ الْخَلِيفَةَ، ثُمَّ بَايَعَهُ (قَوْلُهُ: فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى، أَوْ أَنَّهَا لِلِاخْتِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَأَوَّلُوا الْخُرُوجَ عَلَيْهِ لِشُبْهَةٍ) أَيْ بِدَلِيلِ قِتَالِ أَبِي بَكْرٍ مَانِعِي الزَّكَاةِ لِزَعْمِ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام، أَوْصَى بِالْخِلَافَةِ لِعَلِيٍّ وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِأَخْذِهَا الْمُصْطَفَى بِقَوْلِهِ تَعَالَى {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] الْآيَةَ، وَالْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ خَالَفَتْ الْإِمَامَ وَلِقَوْلِهِ فَلِلْعَدْلِ قِتَالُهُمْ (قَوْلُهُ: كَمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ قِتَالُهُمْ) أَيْ مَعَ إصْرَارِهِ عَلَى الْفِسْقِ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتُوبَ وَيُقَاتِلَ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَدْعُوهُمْ أَوَّلًا لِلدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَتِهِ) أَيْ وَمُوَافَقَةُ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُعَاجِلُوهُ) أَيْ، وَإِلَّا فَلَا تَجِبُ الدَّعْوَى (قَوْلُهُ: وَالْمَنْجَنِيقِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ شَاسٍ الْقَائِلِ لَا تُنْصَبُ عَلَيْهِمْ الرَّعَّادَاتُ أَيْ الْمَجَانِيقُ.
(قَوْلُهُ وَقَطْعِ الْمِيرَةِ) الْمِيرَةُ فِي الْأَصْلِ الْإِبِلُ الَّتِي تَحْمِلُ الطَّعَامَ أُرِيدَ بِهَا هُنَا نَفْسُ الطَّعَامِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا نُسْبِي ذَرَارِيَّهُمْ إلَخْ) خِلَافًا لِظَاهِرِ تَشْبِيهِ الْمُصَنِّفِ قِتَالَهُمْ بِقِتَالِ الْكُفَّارِ فَإِنَّهُ يُفِيدُ سَبْيَهُمْ وَيُفِيدُ أَنَّهُمْ إذَا تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا إلَّا أَنْ يَخَافَ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُوَ مُسْلِمٌ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَلَا يُسْتَرَقُّوا) أَيْ إذَا ظَفِرْنَا بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ أَحْرَارٌ مُسْلِمُونَ وَحَذَفَ الْمُصَنِّفُ النُّونَ مَعَ لَا النَّافِيَةِ، وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى قِلَّةٍ وَمِنْهُ خَبَرُ «لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا» وَلَيْسَتْ لَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ نَاهِيَةً؛ لِأَنَّ النَّهْيَ مِنْ الشَّارِعِ وَالْمُصَنِّفُ مُخْبِرٌ بِالْحُكْمِ لَا نَاهٍ اهـ عبق.
(قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرُهُ) أَيْ كَزَرْعِهِمْ وَبُيُوتِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَا تُرْفَعُ رُءُوسُهُمْ بِأَرْمَاحٍ) أَيْ لَا بِمَحَلِّ قَتْلِهِمْ وَلَا بِغَيْرِهِ هَذَا ظَاهِرُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق وتت قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ إنَّمَا يُمْنَعُ حَمْلُ رُءُوسِهِمْ عَلَى الرِّمَاحِ لِمَحَلٍّ آخَرَ كَبَلَدٍ، أَوْ وَالٍ وَأَمَّا رَفْعُهَا عَلَى الرِّمَاحِ فِي مَحَلِّ قَتْلِهِمْ فَقَطْ فَجَائِزٌ كَالْكُفَّارِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْكُفَّارِ وَالْبُغَاةِ فِي هَذَا وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ شَاسٍ فِي الْأُمُورِ الَّتِي يَمْتَازُ فِيهَا قِتَالُهُمْ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ وَنَصُّهُ يَمْتَازُ قِتَالُ الْبُغَاةِ عَنْ قِتَالِ الْكُفَّارِ بِأَحَدَ عَشَرَ وَجْهًا أَنْ يَقْصِدَ بِالْقِتَالِ رَدْعَهُمْ لَا قَتْلَهُمْ وَأَنْ يَكُفَّ عَنْ مُدْبِرِهِمْ وَلَا يُجْهِزُ عَلَى جَرِيحِهِمْ وَلَا تُقْتَلُ أَسْرَاهُمْ وَلَا تُغْنَمُ أَمْوَالُهُمْ وَلَا تُسْبَى ذَرَارِيِّهِمْ وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِمُشْرِكٍ وَلَا يُوَادِعُهُمْ عَلَى مَالٍ وَلَا تُنْصَبُ عَلَيْهِمْ الرَّعَّادَاتُ وَلَا تُحْرَقُ مَسَاكِنُهُمْ وَلَا يُقْطَعُ شَجَرُهُمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بِمَحَلِّهِمْ فَقَطْ) أَيْ وَلَا يَجُوزُ حَمْلُ رُءُوسِهِمْ لِبَلَدٍ آخَرَ، أَوْ لِوَالٍ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الدَّالِ) كَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَمَعْنَاهُ أَنَّهُمْ إذَا انْكَفُّوا عَنْ بَغْيِهِمْ بَعْدَ دَعْوَتِهِمْ لِلدُّخُولِ تَحْتَ
مَا لَهُمْ) مِنْ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ خَيْلٍ (عَلَيْهِمْ) أَيْ يَجُوزُ ذَلِكَ (إنْ اُحْتِيجَ لَهُ) أَيْ لِمَالِهِمْ أَيْ لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ عَلَيْهِمْ (ثُمَّ) بَعْدَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ، وَالِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ (رُدَّ) إلَيْهِمْ (كَغَيْرِهِ) أَيْ كَمَا يُرَدُّ غَيْرُ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ مِنْ أَمْوَالٍ كَغَنَمٍ وَنَحْوِهَا أَيْ عَلَى فَرْضٍ لَوْ حِيزَ عَنْهُمْ، أَوْ أَنَّ الْقُدْرَةَ عَلَيْهِمْ بِمَنْزِلَةِ حِيَازَتِهِ فَلِذَا عَبَّرَ بِالرَّدِّ.
(وَإِنْ أُمِنُوا) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ مُخَفَّفَةً أَيْ حَصَلَ الْأَمَانُ لِلْإِمَامِ بِالظُّهُورِ عَلَيْهِمْ (لَمْ يُتْبَعْ مُنْهَزِمُهُمْ وَلَمْ يُذَفَّفْ) بِإِعْجَامِ الدَّالِ، وَإِهْمَالِهَا أَيْ لَمْ يُجَهَّزْ (عَلَى جَرِيحِهِمْ) وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إنْ خِيفَ مِنْهُمْ أُتْبِعَ مُنْهَزِمُهُمْ وَذُفِّفَ عَلَى جَرِيحِهِمْ (وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ و) إنْ قَتَلَهُ (وَرِثَهُ) إنْ كَانَ مُسْلِمًا؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ عَمْدًا، لَكِنَّهُ غَيْرُ عُدْوَانٍ وَلَا يُكْرَهُ قَتْلُ جَدِّهِ، أَوْ أَخِيهِ، أَوْ ابْنِهِ (وَلَمْ يَضْمَنْ) بَاغٍ (مُتَأَوِّلٌ) فِي خُرُوجِهِ عَلَى الْإِمَامِ (أَتْلَفَ نَفْسًا، أَوْ مَالًا) حَالَ خُرُوجِهِ لِعُذْرِهِ بِالتَّأْوِيلِ بِخِلَافِ الْبَاغِي غَيْرِ الْمُتَأَوِّلِ (وَمَضَى حُكْمُ قَاضِيهِ) فَلَا يُنْقَضُ وَيَرْتَفِعُ بِهِ الْخِلَافُ (و) مَضَى (حَدٌّ أَقَامَهُ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ نَصَّ عَلَيْهِ لِعِظَمِ شَأْنِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ فَلَا يُعَادُ عَلَى الْمَحْدُودِ إنْ كَانَ غَيْرَ قَتْلٍ وَلَا دِيَةَ عَلَى الْقَاضِي إنْ كَانَ قَتْلًا وَنَحْوَهُ.
(وَرُدَّ ذِمِّيٌّ مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ (لِذِمَّتِهِ) فَلَا يَغْرَمُ مَا أَتْلَفَهُ مِنْ نَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَلَا يُعَدُّ خُرُوجُهُ مَعَهُ نَقْضًا لِلْعَهْدِ (وَضَمِنَ) الْبَاغِي (الْمُعَانِدُ) ، وَهُوَ غَيْرُ الْمُتَأَوِّلِ (النَّفْسَ) ، وَالطَّرَفَ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ (وَالْمَالَ) لِعَدَمِ عُذْرِهِ (وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ نَاقِضٌ) لِلْعَهْدِ يَكُونُ هُوَ وَمَالُهُ فَيْئًا، وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْخُرُوجِ عَلَى الْإِمَامِ الْعَدْلِ وَأَمَّا غَيْرُهُ، فَالْخَارِجُ عَلَيْهِ عِنَادًا كَالْمُتَأَوِّلِ (وَالْمَرْأَةِ الْمُقَاتِلَةِ) بِالسِّلَاحِ (كَالرَّجُلِ) يَجُوزُ قَتْلُهَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَاتَلَتْ بِغَيْرِ سِلَاحٍ فَلَا تُقْتَلُ مَا لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا، هَذَا فِي حَالِ الْقِتَالِ وَأَمَّا بَعْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً فَلَا تَضْمَنُ شَيْئًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَأَوِّلَةٍ ضَمِنَتْ وَرُقَّتْ إنْ كَانَتْ ذِمِّيَّةً لِنَقْضِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
طَاعَةِ الْإِمَامِ، أَوْ بَعْدَ مُقَاتَلَتِهِمْ وَطَلَبُوا الْأَمَانَ فَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُمْ فِي مَحَلِّهِمْ عَلَى مَالٍ يُؤْخَذُ مِنْهُمْ بَلْ يُتْرَكُونَ مَجَّانًا وَضَبَطَهُ ابْن مَرْزُوقٍ بِسُكُونِ الدَّالِ مُضَارِعُ دَعَا فَقَالَ أَيْ لَا يُعْطِيهِمْ السُّلْطَانُ، أَوْ نُوَّابُهُ مَالًا عَلَى الدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَتِهِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُمْ مَعْصِيَةٌ.
(قَوْلُهُ: مِنْ سِلَاحٍ وَكُرَاعٍ) أَيْ وَغَيْرِهِمَا فَلَوْ قَاتَلُونَا عَلَى إبِلٍ، أَوْ بِغَالٍ، أَوْ فِيلَةٍ وَظَفِرْنَا بِهِمْ وَأَخَذْنَاهَا مِنْهُمْ لَجَازَ الِاسْتِعَانَةُ بِهَا عَلَيْهِمْ إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى فَرْضٍ لَوْ حِيزَ عَنْهُمْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ إذَا ظَفِرَ لَهُمْ بِمَالٍ حَالَ الْمُقَاتَلَةِ فَإِنَّهُ يُوقِفُهُ حَتَّى يَرُدَّ إلَيْهِمْ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ (قَوْلُهُ فَلِذَا عَبَّرَ بِالرَّدِّ) أَيْ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ الرَّدُّ فَرْعُ الْأَخْذِ، وَهُوَ مُنْتَفٍ فَأَيْنَ الرَّدُّ (قَوْلُهُ: أَيْ حَصَلَ الْأَمَانُ لِلْإِمَامِ) الْأَوْضَحُ أَيْ حَصَلَ الْأَمْنُ لِلْإِمَامِ، وَالنَّاسُ مِنْهُمْ.
(قَوْلُهُ: بِالظُّهُورِ عَلَيْهِمْ) أَيْ بِسَبَبِ ظُهُورِنَا عَلَيْهِمْ وَانْهِزَامِهِمْ (قَوْلُهُ قَتَلَ أَبِيهِ) أَيْ دَنِيَّةً حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْأَبِ مِنْ الْبُغَاةِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا، أَوْ لَا بَارَزَ وَلَدَهُ بِالْقِتَالِ أَمْ لَا وَمِثْلُ أَبِيهِ أُمُّهُ بَلْ هِيَ، أَوْلَى لِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ مِنْ الْحَنَانِ، وَالشَّفَقَةِ وَلِضَعْفِ مُقَاتَلَتِهَا عَنْ مُقَاتَلَةِ الرِّجَالِ (قَوْلُهُ أَتْلَفَ نَفْسًا إلَخْ) أَيْ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا فَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ لِنَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَعْدَ انْكِفَافِهِ عَنْ الْبَغْيِ، وَالدُّخُولِ تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَلَا يَضْمَنُ أَيْضًا مَهْرَ فَرْجٍ اسْتَوْلَى عَلَيْهِ حَالَ خُرُوجِهِ وَلَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مُتَأَوَّلٌ اهـ بْن وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَتْلَفَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَالُ مَوْجُودًا لِفَرْدِهِ لِرَبِّهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلَ لَا يَضْمَنُ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَهْدَرَتْ الدِّمَاءَ الَّتِي كَانَتْ فِي حُرُوبِهِمْ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمْ كَانُوا مُتَأَوِّلِينَ فِيهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى عَدَمِ ضَمَانِ الْمُتَأَوِّلِ النَّفْسَ وَأَوْلَى الْمَالُ.
(قَوْلُهُ: قَاضِيهِ) الضَّمِيرُ لِلْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ أَيْ أَنَّ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلَ إذَا أَقَامَ قَاضِيًا فَحَكَمَ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ وَلَا تُتَصَفَّحُ أَحْكَامُهُ بَلْ تُحْمَلُ عَلَى الصِّحَّةِ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُتَأَوِّلِ فَأَحْكَامُهُ الَّتِي بِهَا قَاضِيهِ تُتَعَقَّبُ فَمَا وُجِدَ مِنْهَا صَوَابًا أُمْضِي، وَإِلَّا رُدَّ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعَادُ عَلَى الْمَحْدُودِ) أَيْ فَلَا يُعَادُ الْحَدُّ ثَانِيًا عَلَى الْمَحْدُودِ (قَوْلُهُ: وَرُدَّ ذِمِّيٌّ) أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ وَانْكِفَافِهِ عَنْ الْبَغْيِ (قَوْلُهُ: مَعَهُ) أَيْ خَرَجَ عَلَى الْإِمَامِ مَعَ ذَلِكَ الْبَاغِي الْمُتَأَوِّلِ مُسْتَعِينًا بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَغْرَمُ) أَيْ بَلْ يُوضَعُ عَنْهُ مَا يُوضَعُ عَنْ الْمُتَأَوِّلِ (قَوْلُهُ: مِنْ نَفْسٍ) أَيْ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ طَرَفٍ، أَوْ يُرَادُ بِالنَّفْسِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ، وَالْمَالُ) أَيْ فَيَرُدُّهُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَاتَ فَيَضْمَنُ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلُهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا (قَوْلُهُ: وَالذِّمِّيُّ مَعَهُ) أَيْ، وَالذِّمِّيُّ الْخَارِجُ عَلَى الْإِمَامِ مَعَ ذَلِكَ الْبَاغِي.
(قَوْلُهُ: نَاقِضٌ لِلْعَهْدِ) أَيْ نَاقِضٌ لِعَهْدِهِ وَمَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَانِدُ أَكْرَهَ ذَلِكَ الذِّمِّيَّ عَلَى الْخُرُوجِ مَعَهُ عَلَى الْإِمَامِ، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ نَاقِضًا، لَكِنْ إنْ قَتَلَ ذَلِكَ الذِّمِّيُّ أَحَدًا قُتِلَ بِهِ وَلَوْ كَانَ مُكْرَهًا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَالْمُتَأَوِّلِ) أَيْ، وَالذِّمِّيُّ الْخَارِجُ عَلَى الْإِمَامِ مَعَهُ غَيْرُ نَاقِضٍ لِعَهْدِهِ (قَوْلُهُ: يَجُوزُ قَتْلُهَا) أَيْ إذَا ظَفِرَ بِهَا حَالَ الْمُقَاتَلَةِ وَلَوْ لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ قَاتَلَتْ بِغَيْرِ سِلَاحٍ) أَيْ كَمَا لَوْ قَاتَلَتْ بِالْحِجَارَةِ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَقْتُلْ أَحَدًا) أَيْ بِخِلَافِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ حَالَ قِتَالِهِ سَوَاءً قَاتَلَ بِالسِّلَاحِ، أَوْ بِغَيْرِهِ قَتَلَ أَحَدًا، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَا فِي حَالِ الْقِتَالِ) أَيْ هَذَا إذَا ظَفِرْنَا بِهَا حَالَ الْقِتَالِ وَظَاهِرُهُ كَانَتْ مُتَأَوِّلَةً فِي قِتَالِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَا تَضْمَنُ شَيْئًا) أَيْ لَا نَفْسًا وَلَا مَالًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُتَأَوِّلَةٍ ضَمِنَتْ) أَيْ الْمَالَ، وَالنَّفْسَ فَيُقْتَصُّ مِنْهَا