المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ شروط صحة الشهادة بالملك - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٤

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ

- ‌[أَرْكَان الْإِجَارَة]

- ‌[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا]

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ

- ‌(بَابٌ) (الْهِبَةُ)

- ‌[بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

- ‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]

- ‌(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]

- ‌(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)

- ‌[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

- ‌[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]

- ‌[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ)

- ‌(بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)

- ‌ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ

- ‌(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمُنَاسَخَةِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

الفصل: ‌ شروط صحة الشهادة بالملك

أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ بِأَنْ تَكُونَ الدَّارُ أَوْ الْعَرْضُ أَوْ النَّقْدُ فِي حَوْزِ أَحَدِهِمَا مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ (إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ) بِمُرَجِّحٍ أَيِّ مُرَجِّحٍ كَانَ وَإِلَّا نُزِعَ مِنْ ذِي الْيَدِ (فَيَحْلِفُ) ذُو الْيَدِ عِنْدَ التَّسَاوِي وَمُقَابِلُهُ عِنْدَ تَرْجِيحِ بَيِّنَتِهِ فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى الْمَنْطُوقِ وَالْمَفْهُومِ أَيْ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ بِيَمِينٍ

(وَ) رُجِّحَ (بِالْمِلْكِ عَلَى الْحَوْزِ) يَعْنِي أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْمِلْكِ تُقَدَّمُ عَلَى الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْحَوْزِ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ سَابِقًا لِأَنَّ الْحَوْزَ قَدْ يَكُونُ عَنْ مِلْكٍ وَغَيْرِهِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمِلْكِ وَالْأَعَمُّ لَا يَسْتَلْزِمُ الْأَخَصَّ

(وَ) رُجِّحَ (بِنَقْلٍ) عَنْ أَصْلٍ (عَلَى) بَيِّنَةٍ (مُسْتَصْحِبَةٍ) لِذَلِكَ الْأَصْلِ فَإِذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ مَثَلًا لِزَيْدٍ أَنْشَأَهَا مِنْ مَالِهِ لَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ وَشَهِدَتْ أُخْرَى أَنَّهَا لِعَمْرٍو وَاشْتَرَاهَا مِنْ زَيْدٍ أَوْ وَهَبَهَا لَهُ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ لِأَنَّ مَنْ عَلِمَ شَيْئًا قُدِّمَ عَلَى مَنْ لَمْ يَعْلَمْ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ هُنَا تَعَارُضٌ يَقْتَضِي التَّرْجِيحَ

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى‌

‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهَا بَيِّنَةُ حَوْزٍ أَمْ لَا فَقَالَ [دَرْسٌ](وَصِحَّةُ) شَهَادَةِ بَيِّنَةِ (الْمِلْكِ) لِشَخْصٍ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ تَكُونُ (بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ بِسَبَبِ مُشَاهَدَتِهِمْ التَّصَرُّفَ فِي ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي شَهِدُوا بِأَنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ (وَعَدَمِ مُنَازِعٍ) لَهُ فِيهِ (وَحَوْزٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

إلَيْهِ وَالْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَا يُقَدَّمَانِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الْعَدَالَةِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الشَّاهِدُ الَّذِي مَعَهُمَا أَعْدَلَ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ قُدِّمَ هُوَ وَالْمَرْأَتَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ اتِّفَاقًا وَأَوْلَى لَوْ كَانَتَا أَعْدَلَ كَالشَّاهِدِ الَّذِي مَعَهُمَا.

(قَوْلُهُ أَيْ بِوَضْعِ الْيَدِ) يَعْنِي الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الَّذِي لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ وَاحْتَرَزْنَا بِقَوْلِنَا لَمْ يُعْرَفْ أَصْلُهُ عَمَّا عُرِفَ أَصْلُهُ فَإِنَّ حَوْزَ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ لَهُ لَا يُعْتَبَرُ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَ ذِي الْيَدِ وَمُقَابِلِهِ كَمَا لَوْ مَاتَ شَخْصٌ وَأَخَذَ مَالَهُ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَأَقَامَ غَيْرُهُ بَيِّنَةً أَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ مَوْلَاهُ وَتَعَادَلَتَا فَإِنَّهُ يُقْسَمُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ مَعَ تَسَاوِي الْبَيِّنَتَيْنِ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ بِأَنْ تَشْهَدَ إحْدَاهُمَا بِأَنَّ هَذَا الْمُتَنَازَعَ فِيهِ لِزَيْدٍ مِلْكُهُ وَتَشْهَدَ الْأُخْرَى أَنَّهُ مِلْكٌ لِعَمْرٍو مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ لِسَبَبِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ فَهُوَ) أَيْ قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَنْطُوقِ أَيْ مَنْطُوقِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْخُذُهُ مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ) أَيْ وَهُوَ الْحَائِزُ إنْ لَمْ تُرَجَّحْ بَيِّنَةُ مُقَابِلِهِ وَغَيْرُ الْحَائِزِ إنْ رُجِّحَتْ بَيِّنَةٌ

(قَوْلُهُ وَرُجِّحَ بِالْمِلْكِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لِأَحَدِ الْمُتَدَاعِيَيْنِ بَيِّنَةٌ بِالْحَوْزِ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ شَهَادَةٍ لَهُ بِمِلْكٍ وَشَهِدَ لِلْآخَرِ بَيِّنَةٌ بِالْمِلْكِ مُتَعَمِّدَةٌ فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْأُولَى لِتَرَجُّحِهَا عَلَيْهَا وَإِنَّمَا قُلْنَا مُعْتَمَدَةً فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى حَوْزٍ سَابِقٍ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ وَعَدَمُ مُنَازِعٍ وَحَوْزٍ طَالَ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ أَيْ إنَّمَا تَصِحُّ الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ إذَا اعْتَمَدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَوْضُوعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ بِالْحَوْزِ الْمُجَرَّدِ عَنْ الْمِلْكِ أُقِيمَتْ قَبْلَ الْحِيَازَةِ الْمُعْتَبَرَةِ شَرْعًا وَهِيَ الْعَشْرُ سِنِينَ بِقُيُودِهَا الْآتِيَةِ فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ فِي الْحِيَازَةِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ ثُمَّ كَوْنُ هَذَا الْفَرْعِ مِمَّا اُعْتُبِرَ فِيهِ التَّرْجِيحُ تَجَوُّزٌ؛ إذْ التَّرْجِيحُ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَ الْمِلْكِ وَالْحَوْزِ إذْ الْحَائِزُ قَدْ يَكُونُ غَيْرَ مَالِكٍ فَبَيِّنَةُ الْمِلْكِ تَثْبُتُ زِيَادَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ تَارِيخُ الْحَوْزِ) أَيْ الْمُجَرَّدِ وَقَوْلُهُ سَابِقًا أَيْ عَلَى الْحَوْزِ الَّذِي اعْتَمَدَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ

(قَوْلُهُ وَرُجِّحَ بِنَقْلٍ عَنْ أَصْلٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ النَّاقِلَةُ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ وَقَوْلُهُ عَلَى مُسْتَصْحَبَةٍ أَيْ وَلَوْ شَهِدَتْ تِلْكَ الْمُسْتَصْحَبَةُ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ كَمَا فِي مِثَالِ الشَّارِحِ وَمِنْ تَقْدِيمِ النَّاقِلَةِ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ تَقْدِيمُ الشَّاهِدَةِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ وَمِنْهُ أَيْضًا تَقْدِيمُ الْبَيِّنَةِ بِالتَّنَصُّرِ كُرْهًا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَلَى الْبَيِّنَةِ بِتَنَصُّرِهِ طَوْعًا لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي تَنَصُّرِ الْأَسِيرِ الطَّوْعِ وَكَتَقْدِيمِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالْإِكْرَاهِ فِي غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالِاخْتِيَارِ (تَنْبِيهٌ) يُرَجَّحُ أَيْضًا بِالْأَصَالَةِ عَلَى الْفَرْعِيَّةِ وَلِذَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّفَهِ عَلَى بَيِّنَةِ الرُّشْدِ كَمَا فِي الْمِعْيَارِ عَنْ ابْنِ لُبٍّ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ السَّفَهُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْيَسَارِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعُسْرِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ وَكَذَا بَيِّنَةُ الْجُرْحَةِ عَلَى بَيِّنَةِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ، وَالْأَصَالَةُ تَرْجِعُ بِهَا عَلَى الْفَرْعِيَّةِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا شَهِدَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ صَحِيحٌ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ أَوْصَى وَهُوَ مُوَسْوَسٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الصِّحَّةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِالْبَيِّنَةِ النَّاقِلَةِ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ رَجُلًا وَيَمِينًا وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ لَيْسَ هُنَا تَعَارُضٌ) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُسْتَصْحَبَةِ لَا يَعْلَمُونَهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ لَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْخُرُوجِ لِأَنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْعِلْمِ بِالْخُرُوجِ لَا نَفْيَ الْخُرُوجِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ الْمُسْتَصْحَبَةُ بِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي مِلْكِهِ إلَى الْآنَ أَوْ أَنَّهَا لَمْ تَنْتَقِلْ عَنْ مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَالْمُعَارَضَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ النَّاقِلَةِ ظَاهِرَةٌ

[شُرُوط صِحَّة الشَّهَادَة بالملك]

(قَوْلُهُ أَمْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ (قَوْلُهُ وَصِحَّةُ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ) أَيْ وَصِحَّةُ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِالْمِلْكِ أَنْ تَعْتَمِدَ فِي شَهَادَتِهَا بِهِ عَلَى التَّصَرُّفِ

ص: 221

(طَالَ) عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ (كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ) فَأَكْثَرَ فَأَقَلَّ مِنْهَا لَا يَشْهَدُونَ بِالْمِلْكِ وَلَا تَصِحُّ شَهَادَتُهُمْ بِهِ إنْ شَهِدُوا فَالْمَعْنَى أَنَّهَا إنَّمَا تَصِحُّ بِالْمِلْكِ إنْ اعْتَمَدُوا فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهَا فِي شَهَادَتِهِمْ وَأَمَّا الشَّرْطُ الرَّابِعُ فَهُوَ أَنْ يُصَرِّحُوا بِقَوْلِهِمْ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا فَقَوْلُهُ (وَأَنَّهَا) مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَبِقَوْلِهِمْ إنَّهَا أَيْ يَقُولُونَ نَشْهَدُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَأَنَّهَا (لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ) فِي عِلْمِنَا بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ إلَى الْآنَ مُعْتَمَدِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَإِنْ جَزَمُوا بِأَنْ قَالُوا لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ قَطْعًا بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ (فِي عِلْمِهِمْ) بِضَمِيرِ الْغَيْبَةِ فَبِالنَّظَرِ إلَى إفَادَةِ الْحُكْمِ عَنْهُمْ لَا حِكَايَةٍ لِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا فَهُمْ يَقُولُونَ فِي عِلْمِنَا فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِيهِ خِلَافٌ (وَتُؤُوِّلَتْ) الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا (عَلَى الْكَمَالِ فِي) الشَّرْطِ (الْأَخِيرِ) أَيْ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُمْ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ فِي عِلْمِنَا إلَى الْآنَ شَرْطُ كَمَالٍ لَا صِحَّةٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ وعَلَيْهِ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بَتًّا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ وَيَحْلِفُ وَارِثُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ وَيَسْتَحِقُّهَا (لَا بِالِاشْتِرَاءِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِالتَّصَرُّفِ أَيْ صِحَّةُ شَهَادَةِ الْمِلْكِ بِالتَّصَرُّفِ. . . إلَخْ لَا بِالِاشْتِرَاءِ مِنْ سُوقٍ مَثَلًا فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا وَأَقَامَ آخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا لَهُ قُدِّمَتْ عَلَى بَيِّنَةِ الِاشْتِرَاءِ لِأَنَّهُ قَدْ يَبِيعُهَا مَنْ لَا يَمْلِكُهَا وَقَدْ يَشْتَرِيهَا وَكِيلٌ لِغَيْرِهِ وَمِثْلُ الشِّرَاءِ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِرْثُ لِاحْتِمَالِ عَدَمِ مِلْكِ الْوَاهِبِ وَالْمُورِثِ وَهَذَا مَا لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَصْمِ أَوْ مِنْ غَانِمِهَا

(وَإِنْ)(شَهِدَ) عَلَى مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ (بِإِقْرَارٍ) أَيْ بِأَنَّهُ أَقَرَّ سَابِقًا أَنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ وَهُوَ يُنَازِعُهُ الْآنَ وَيَدَّعِي أَنَّهُ لِي.

(اُسْتُصْحِبَ) إقْرَارُهُ السَّابِقُ وَقُضِيَ بِهِ لِفُلَانٍ لِأَنَّ الْخَصْمَ لَمَّا أَقَرَّ بِخَصْمِهِ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ فَلَا يَصِحُّ لِلْمُقِرِّ دَعْوَى الْمِلْكِ فِيهِ إلَّا بِإِثْبَاتِ إنْقَالِهِ ثَانِيًا

(وَإِنْ)(تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ) لِإِحْدَى بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا (سَقَطَتَا وَبَقِيَ) الْمُتَنَازَعُ فِيهِ (بِيَدِ حَائِزِهِ) أَيْ الْحَائِزِ لَهُ غَيْرَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا فَالتَّرْجِيحُ حَاصِلٌ بِالْيَدِ كَمَا مَرَّ (أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ) الْحَائِزُ (لَهُ) مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ اللَّذَيْنِ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً وَتَعَذَّرَ التَّرْجِيحُ لِأَنَّ إقْرَارَهُ لِأَحَدِهِمَا كَأَنَّهُ تَرْجِيحٌ لِبَيِّنَةِ مَنْ أَقَرَّ لَهُ بِهِ فَإِنْ أَقَرَّ لِغَيْرِهِمَا لَمْ يُعْمَلْ بِإِقْرَارِهِ بِخِلَافِ لَوْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْ الْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَلَوْ لِغَيْرِهِمَا فَإِنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ عِنْدَ التَّجَرُّدِ أَخَذَهُ بِيَمِينِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَحَوْزٍ طَالَ فَالْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى (قَوْلُهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ) أَيْ وَهُوَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنْ عَدَمِ الْمُنَازِعِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَإِنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا) هَذَا مَا فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا مِنْ تَمَامِ شَهَادَتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا مَا عَلِمْنَاهُ بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَفِي كِتَابِ الْعَارِيَّةِ مِنْهَا وَإِنْ شَهِدُوا أَنَّ الدَّارَ لَهُ وَلَمْ يَقُولُوا لَمْ نَعْلَمْ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا تَصَدَّقَ حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ وَقَضَى لَهُ اهـ فَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ شَرْطُ كَمَالٍ فَقَطْ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ مَا فِي الشَّهَادَاتِ عَلَى هَذَا وَإِلَيْهِ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى الْكَمَالِ فِي الْأَخِيرِ وَكَانَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ يَحْمِلَانِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَتَّابٍ فِي الطُّرَرِ عَنْ ابْنِ سَهْلِ ابْنِ نَاجِيٍّ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ إنَّهُ شَرْطُ صِحَّةٍ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ لِمَيِّتٍ وَشَرْطُ كَمَالٍ إنْ كَانَتْ لِحَيٍّ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ) أَيْ أَنَّهُمْ إذَا صَرَّحُوا بِالْقَطْعِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلًا وَاحِدًا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحُوا بِهِ وَلَكِنْ جَزَمُوا بِشَهَادَتِهِمْ فَهِيَ مَحَلُّ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ أَطْلَقُوا فَفِيهِ الْخِلَافُ وَالظَّاهِرُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ الصِّحَّةُ كَمَا فِي المج وَاَلَّذِي فِي بْن تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ تَصْرِيحَ الْبَيِّنَةِ بِذَلِكَ شَرْطُ كَمَالٍ فَيَحْلِفُ الْمَشْهُودُ لَهُ بَتًّا أَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ إلَخْ إذَا لَمْ تُصَرِّحْ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ بَلْ وَكَذَا يَحْلِفُ مَعَ قَوْلِهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ فِي عِلْمِنَا إلَى الْآنَ كَمَا فِي بْن.

(قَوْلُهُ لَا بِالِاشْتِرَاءِ) بَعْدَ أَنْ قَرَّرَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِمِثْلِ مَا فِي الشَّارِحِ قَالَ وَلَوْ قَالَ إلَّا بِاشْتِرَاءٍ مِنْهُ لَأَمْكَنَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى الْخَصْمِ وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى أَنَّ شُهُودَ الْمِلْكِ لَا يَحْتَاجُونَ إلَى أَنْ يَقُولُوا إنَّهُ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِهِمْ إذَا شَهِدُوا أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ خَصْمِهِ بَلْ يُحْكَمُ بِالِاسْتِصْحَابِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْخَصْمِ أَنَّهُ عَادَ إلَيْهِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ شَاسٍ وَأَتْبَاعُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ ابْنُ عَرَفَةَ نَصًّا فِي الْمَذْهَبِ وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ مِنْ نَوْعِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَإِنْ شَهِدَا بِإِقْرَارٍ اُسْتُصْحِبَ اهـ قَالَ طفى وَبِهِ يَلْتَئِمُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَعَ مَا قَبْلَهُ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ حَذَفَ لَفْظَ مِنْهُ وَالْخَطْبُ سَهْلٌ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ مِنْ السُّوقِ مَثَلًا (قَوْلُهُ إنَّهَا لَهُ) أَيْ مِلْكُهُ وَاعْتَمَدَتْ فِي شَهَادَتِهَا بِالْمِلْكِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَقَالَتْ لَا نَعْلَمُ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْخَصْمِ أَوْ مِنْ غَانِمِهَا) أَيْ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ وَالْأُخْرَى مُسْتَصْحَبَةٌ كَمَا مَرَّ

(قَوْلُهُ وَإِنْ شَهِدَ إلَخْ) ابْنُ شَاسٍ وَلَوْ شَهِدَتْ أَنَّهُ أَقَرَّ بِالْأَمْسِ أَنَّهَا لِفُلَانٍ ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَيُسْتَصْحَبُ مُوجِبُهُ وَلَمْ يُحْتَجْ لِقَوْلِهِمْ إنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ عَنْ مِلْكِهِ فِي عِلْمِنَا ابْنُ عَرَفَةَ لَا أَعْرِفُ هَذَا نَصًّا فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ ظَاهِرٌ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ إنَّ هَذَا الشَّيْءَ لِفُلَانٍ) أَيْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ وَأَنْكَرَهُ وَيُنَازِعُهُ الْآنَ إلَخْ

(قَوْلُهُ أَيْ الْحَائِزِ لَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَدَّعِيهِ إلَّا أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لَهُ بِخِلَافِ الْمُتَنَازِعَيْنِ فَإِنَّ لِكُلٍّ بَيِّنَةً (قَوْلُهُ أَوْ لِمَنْ يُقِرَّ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّيْءَ

ص: 222

(وَقُسِّمَ) الشَّيْءُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بَعْدَ يَمِينِ كُلٍّ (عَلَى) قَدْرِ (الدَّعْوَى) لَا بِالسَّوِيَّةِ (إنْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا) أَوْ أَحَدِهِمْ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدٍ وَلَمْ يَدَّعِهِ لِنَفْسِهِ أَوْ لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا كَمَا لَوْ تَنَازَعَا فِي عِفَاءٍ مِنْ الْأَرْضِ وَنَحْوِهِ (كَالْعَوْلِ) فِي الْفَرَائِضِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا جَمِيعَهَا وَالْآخَرُ النِّصْفَ قُسِّمَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَلَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً ادَّعَى أَحَدُهُمْ الْكُلَّ وَالثَّانِي النِّصْفَ وَالثَّالِثُ السُّدُسَ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ لِلْأَوَّلِ قَدْرُ أَصْلِهَا سِتَّةٌ وَلِلثَّانِي قَدْرُ نِصْفِ الْأَصْلِ ثَلَاثَةٌ وَلِلثَّالِثِ قَدْرُ سُدُسِ الْأَصْلِ وَاحِدٌ وَلَوْ كَانَ الثَّالِثُ يَدَّعِي الثُّلُثَ عَالَتْ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَإِنْ كَانَتْ السِّتَّةُ فِي الْفَرَائِضِ يَنْتَهِي عَوْلُهَا إلَى عَشَرَةٍ فَلَهُ اثْنَانِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُتَنَازَعَ فِيهِ الْمَجْهُولَ أَصْلُهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَإِنْ كَانَ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ بِلَا يَمِينٍ سَوَاءٌ قَامَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ وَاسْتَوَتَا أَوْ لَمْ تَقُمْ لِوَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَهُوَ مَعْنَى التَّرْجِيحِ بِالْيَدِ وَقَيَّدْنَا بِمَجْهُولِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْحَوْزَ لَا يَنْفَعُ مَعَ عِلْمِ الْمَالِكِ الْأَصْلِيِّ كَمَا مَرَّ بَلْ يُقْسَمُ بَيْنَ حَائِزِهِ وَالْمُدَّعِي غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِهِمَا فَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ ثَمَانِ صُوَرٍ لِأَنَّ مَنْ هُوَ بِيَدِهِ تَارَةً يَدَّعِيهِ لِنَفْسِهِ وَتَارَةً يُقِرُّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَتَارَةً لِغَيْرِهِمَا وَتَارَةً لَا يَدَّعِيهِ لِأَحَدٍ وَفِي الْأَرْبَعِ تَارَةً يَقُومُ لِكُلٍّ مِنْ الْمُتَنَازِعَيْنِ بَيِّنَةٌ تَسْقُطُ الْبَيِّنَتَانِ بِعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَتَارَةً لَا تَقُومُ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَهَذِهِ ثَمَانِ صُوَرٍ فَفِي صُوَرِ الْبَيِّنَةِ إذَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَسَقَطَتْ الْبَيِّنَتَانِ حَلَفَ وَبِقِي بِيَدِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ تَرْجِيحٌ سَقَطَتَا وَبَقِيَ بِيَدِ حَائِزِهِ وَهُوَ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ.

وَقِيلَ يُنْزَعُ مِنْهُ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا فَهُوَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِيَمِينِهِ كَمَا فِي الْمَتْنِ أَعْنِي قَوْلَهُ أَوْ لِمَنْ يُقِرُّ لَهُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَقِيلَ إقْرَارُهُ لَغْوٌ وَيُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَنَازِعَيْنِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِغَيْرِهِمَا أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي هُوَ لِمَنْ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَيْهِ وَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَيَدْخُلَانِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى وَفِي صُوَرِ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ إنْ ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ حَلَفَ وَبَقِيَ بِيَدِهِ وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا أَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ لِقُوَّةِ الْإِقْرَارِ هُنَا وَضَعْفِهِ مَعَ الْبَيِّنَةِ فَلِذَا حَلَفَ الْمُقَرُّ لَهُ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ هُنَا وَإِنْ سَكَتَ أَوْ قَالَ لَا أَدْرِي قُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى اهـ بْن (قَوْلُهُ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى) حَاصِلُهُ أَنَّ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ بِأَنْ كَانَ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا وَلَمْ يُقِرَّ بِهِ لِأَحَدِهِمَا وَلَا ادَّعَاهُ لِنَفْسِهِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَرْجِعَ لِبَيِّنَةِ أَحَدِهِمَا أَوْ كَانَ لَيْسَ بِيَدِ حَائِزٍ أَصْلًا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى لَكِنْ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ كَثِيرًا إنْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ مِثْلَ الدُّورِ وَالْأَرْضِينَ وَقَلِيلًا إنْ كَانَ مِثْلَ الْحَيَوَانِ وَالرَّقِيقِ وَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ لَعَلَّ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدُهُمَا بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ صَاحِبُهُ فَيَقْضِي لَهُ بِهِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ بَعْدَ يَمِينِ كُلٍّ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ لَهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ الَّذِي يَبْدَأُ مِنْهُمَا بِالْيَمِينِ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ تَبْدِئَةُ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَوَّلًا مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لَا بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ بِأَنْ يُقَسَّمَ نِصْفَيْنِ كَمَا يَقُولُ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ وَقَوْلُهُ كَالْعَوْلِ أَيْ لَا عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ كَمَا يَقُولُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْخِلَافَ مَحَلُّهُ إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِأَيْدِيهِمَا وَأَمَّا قَسْمُ مَا لَيْسَ بِأَيْدِيهِمَا فَعَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنَّهُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا عَلَى قَدْرِ الدَّعْوَى اتِّفَاقًا وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَقِيلَ يُقَسَّمُ عَلَى الدَّعَاوَى وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَبْلُ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بِالسَّوِيَّةِ لِتَسَاوِيهِمَا فِيهِ فِي الْحِيَازَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَعَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا قُسِّمَ عَلَى الدَّعَاوَى فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ يُعَالُ فِي الْقَسْمِ كَالْفَرَائِضِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُعَالُ فِي الْقَسْمِ بَلْ يُقَسَّمُ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ يُحِيث يَخْتَصُّ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِالزَّائِدِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَقُسِّمَ عَلَى الدَّعْوَى رَدٌّ لِقَوْلِ أَشْهَبَ بِالْقَسْمِ بِالسَّوِيَّةِ وَقَوْلُهُ كَالْعَوْلِ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُقَسَّمُ عَلَى الدَّعَاوَى لَكِنْ لَا كَالْعَوْلِ بَلْ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ فَيَخْتَصُّ مُدَّعِي الْأَكْثَرِ بِالزَّائِدِ (قَوْلُهُ قُسِّمَتْ عَلَى الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ) كَيْفِيَّةُ الْعَمَلِ أَنْ يُزَادَ عَلَى الْكُلِّ النِّصْفُ وَنِسْبَةُ النِّصْفِ لِلْكُلِّ مَعَ الزِّيَادَةِ ثُلُثٌ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ يُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ اثْنَانِ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ وَاحِدٌ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ لَكَانَ لِمُدَّعِي النِّصْفِ الرُّبْعُ لِأَنَّهُ سَلَّمَ لِمُدَّعِي الْكُلِّ النِّصْفَ فَيَأْخُذُهُ وَالْمُنَازَعَةُ بَيْنَهُمَا فِي النِّصْفِ الْآخَرِ فَيُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا النِّصْفَ (قَوْلُهُ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ) أَيْ مَخْرَجُ السُّدُسِ لِدُخُولِ مَخْرَجِ النِّصْفِ فِيهِ وَقَوْلُهُ وَتَعُولُ لِعَشَرَةٍ أَيْ لِأَنَّهُ يُزَادُ عَلَى السِّتَّةِ نِصْفُهَا وَسُدُسُهَا فَيُعْطَى لِمُدَّعِي الْكُلِّ سِتَّةٌ وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ ثَلَاثَةٌ وَلِمُدَّعِي السُّدُسِ وَاحِدٌ وَلَوْ قُسِّمَ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْمُنَازَعَةِ أَخَذَ مُدَّعِي الْكُلِّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا إلَّا نِصْفَ سُدُسٍ وَأَخَذَ مُدَّعِي

ص: 223

(وَلَمْ يَأْخُذْهُ) أَيْ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بَيْنَ اثْنَيْنِ مَثَلًا مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ (بِأَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ) قَبْلَ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَتْ نَشْهَدُ أَنَّا رَأَيْنَاهُ بِيَدِهِ سَابِقًا وَلَمْ تَشْهَدْ لَهُ بِمِلْكٍ وَالْحَائِزُ يَدَّعِي أَنَّهُ لَهُ فَيَبْقَى بِيَدِ الْحَائِزِ وَلَا يُنْزَعُ مِنْهُ بِمُجَرَّدِ هَذِهِ الشَّهَادَةِ

(وَإِنْ)(ادَّعَى أَخٌ أَسْلَمَ أَنَّ أَبَاهُ أَسْلَمَ) وَمَاتَ مُسْلِمًا وَادَّعَى الْأَخُ النَّصْرَانِيُّ أَنَّهُ اسْتَمَرَّ عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ (فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) اسْتِصْحَابًا لِلْأَصْلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ وَلَوْ أُبْدِلَ الْأَخُ بِالِابْنِ وَالنَّصْرَانِيُّ بِالْكَافِرِ كَانَ أَحْسَنَ (وَ) لَوْ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ (قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ فَقَدْ عَلِمَتْ مَا لَا تَعْلَمْهُ الْأُولَى وَهَذَا إذَا كَانَ مَعْلُومَ النَّصْرَانِيَّةِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولَهَا فَأَشَارَ لَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ بِقَوْلِهِ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ لِكُلِّ بَيِّنَةٍ عَلَى دَعْوَاهُ فَشَهِدَتْ لِلِابْنِ النَّصْرَانِيِّ (بِأَنَّهُ) أَيْ أَبَاهُ (تَنَصَّرَ) عِنْدَ الْمَوْتِ أَيْ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ (أَوْ) بِأَنَّهُ (مَاتَ) عَلَى النَّصْرَانِيَّةِ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ نَطَقَ بِهَا وَشَهِدَتْ لِلِابْنِ الْمُسْلِمِ أَنَّهُ أَسْلَمَ وَمَاتَ فَلَا تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ لِيَأْخُذَ الْمَالَ (إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) هَذَا بَيَانٌ لِمَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ وَإِذَا لَمْ تُقَدَّمْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ صَارَتْ الْبَيِّنَتَانِ مُتَعَارِضَتَيْنِ (فَيُقَسَّمُ) الْمَالُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ كَمَالٍ تَنَازَعَهُ الِاثْنَانِ فَيُقْسَمُ بَيْنَهُمَا (كَمَجْهُولِ الدِّينِ) وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَيُقْسَمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا وَعَبَّرَ أَوَّلًا بِأَصْلِهِ وَهُنَا بِالدِّينِ تَفَنُّنًا

(وَ) إذَا كَانَ لِمَجْهُولِ الدِّينِ ثَلَاثَةُ أَوْلَادٍ مَثَلًا مُسْلِمٌ وَيَهُودِيٌّ وَنَصْرَانِيٌّ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ كَانَ عَلَى دِينِهِ (قُسِّمَ) مَالُهُ (عَلَى الْجِهَاتِ بِالسَّوِيَّةِ) لِجِهَةِ الْإِسْلَامِ الثُّلُثُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ وَإِذَا أَخَذَتْ كُلُّ جِهَةٍ ثُلُثَهَا قَسَّمُوهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ كُلِّ مِلَّةٍ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى سَوَاءٌ وَظَاهِرٌ أَنَّا لَا نَحْكُمُ عَلَيْهِمْ بِشَرْعِنَا إلَّا إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا فَإِذَا لَمْ يَتَرَافَعُوا إلَيْنَا سَلَّمْنَا لَهُمْ مَا يَخُصُّهُمْ يَفْعَلُونَ بِهِ مَا يَقْتَضِيهِ رَأْيُهُمْ (وَإِنْ)(كَانَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

النِّصْفِ رُبْعَهَا وَأَخَذَ مُدَّعِي السُّدُسِ نِصْفَ سُدُسِهَا وَعَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ ثُلُثَهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَأْخُذْهُ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَأْخُذْ الشَّيْءَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ مَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ لَهُ أَنَّهُ كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَى إلَخْ) هَذَا شُرُوعٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى أَرْبَعِ صُوَرٍ فِي أَبٍ مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَجْهُولِهَا وَلَهُ وَلَدَانِ مُسْلِمٌ وَنَصْرَانِيٌّ ادَّعَى كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ دَعْوَى مُجَرَّدَةً أَوْ بِبَيِّنَةٍ وَحَاصِلُ هَذِهِ الصُّوَرِ أَنْ تَقُولَ إنَّ هَذَا الْأَبَ الَّذِي قَدْ مَاتَ إمَّا مَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ مَجْهُولُهَا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُقِيمَ كُلُّ وَلَدٍ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ تَتَجَرَّدُ دَعْوَاهُ عَنْ الْبَيِّنَةِ فَفِي مَا إذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ أَوْ لَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَكَانَ الْأَبُ مَعْلُومَ الدِّينِ فَإِنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ هَذَا إذَا كَانَ دِينُهُ الْمَعْلُومُ النَّصْرَانِيَّةَ فَإِنْ كَانَ الْإِسْلَامُ فَبِالْعَكْسِ أَيْ إنْ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُسْلِمِ وَإِنْ كَانَ لِكُلٍّ بَيِّنَةٌ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ (قَوْلُهُ وَمَاتَ عَلَى نَصْرَانِيَّتِهِ) أَيْ الثَّابِتَةِ لَهُ فِي حَيَاتِهِ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلنَّصْرَانِيِّ) أَيْ حَيْثُ تَجَرَّدَتْ دَعْوَاهُمَا عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ) أَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فِي الْأَوَّلِ فَلِمُنَاسَبَةِ قَوْلِهِ إنَّ أَبَاهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ ابْنُ ذَلِكَ الْمَيِّتِ الْمُدَّعِي إسْلَامَهُ وَإِنَّمَا سَمَّاهُ الْمُصَنِّفُ أَخًا نَظَرًا لِلْمُنَازِعِ الْآخَرِ وَأَمَّا الْأَحْسَنِيَّةُ فِي الثَّانِي فَلِأَنَّ الْكَافِرَ أَشْمَلُ (قَوْلُهُ قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمُسْلِمِ) أَيْ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ وَلَوْ كَانَتْ أَعْدَلَ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ وَبَيِّنَةُ النَّصْرَانِيَّةِ مُسْتَصْحَبَةٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ النَّاقِلَةَ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ وَلَوْ كَانَتْ الْمُسْتَصْحَبَةُ أَعْدَلَ (قَوْلُهُ فَأَشَارَ لَهُ بِالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ) أَيْ لِأَنَّ مَا قَبْلُ إلَّا فِي أَبٍ مَعْلُومِ النَّصْرَانِيَّةِ وَمَا بَعْدَهَا مَجْهُولٌ حَالُهُ (قَوْلُهُ أَيْ نَطَقَ بِالنَّصْرَانِيَّةِ) أَيْ لَا أَنَّهُ انْتَقَلَ إلَيْهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُ مَجْهُولُ الدِّينِ (قَوْلُهُ إنْ جُهِلَ أَصْلُهُ) أَيْ وَلَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْأَبُ هَلْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ (قَوْلُهُ فَيُقَسَّمُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا) أَيْ إذَا لَمْ يُوجَدْ مُرَجِّحٌ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ غَيْرُهُ فِيهَا إذَا تَكَافَأَتْ الْبَيِّنَتَانِ قُضِيَ بِالْمَالِ لِلْمُسْلِمِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى دَعْوَاهُ لِأَنَّ بَيِّنَتَهُ زَادَتْ ابْنُ يُونُسَ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّجُلَ جُهِلَ أَصْلُهُ وَإِذَا جُهِلَ فَلَيْسَ ثَمَّ زِيَادَةٌ وَلَا أَمْرٌ يُرَدُّ إلَيْهِ فَوَجَبَ قَسْمُ الْمَالِ بَيْنَهُمَا

(قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَةَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ مَجْهُولَ الْأَصْلِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ كُلًّا أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ فَلَا تَكْرَارَ وَلَيْسَ فِيهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَبَ إذَا لَمْ يُعْلَمْ هَلْ هُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مُسْلِمٌ وَتَدَاعَيَاهُ فَقَالَ الْوَلَدُ الْمُسْلِمُ هُوَ مُسْلِمٌ وَقَالَ الْوَلَدُ النَّصْرَانِيُّ هُوَ نَصْرَانِيٌّ وَلَا بَيِّنَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيِّنَةٌ فَإِنَّ الْمَالَ يُقَسَّمُ بَيْنَهُمَا بَعْدَ حَلِفِ كُلٍّ مِنْهُمَا فِي الصُّورَتَيْنِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُقْبَانِيُّ فِي شَرْحِ فَرَائِضِ الْحَوفِيِّ.

(قَوْلُهُ وَقُسِّمَ مَالُهُ عَلَى الْجِهَاتِ) أَيْ سَوَاءٌ تَجَرَّدَتْ دَعْوَى كُلٍّ عَنْ الْبَيِّنَةِ أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ بَيِّنَةٌ وَسَوَاءٌ كَانَ بِيَدِ أَحَدِ الْمُتَنَازِعَيْنِ أَوْ بِيَدِهِمَا مَعًا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ لَا يَدَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ مَالٌ عُلِمَ أَصْلُهُ وَهُوَ مَجْهُولُ الدِّينِ فَلَا أَثَرَ لِلْحَوْزِ فِيهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ مِنْ الْآخَرَيْنِ الثُّلُثُ) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ أَفْرَادُ جِهَةٍ أَكْثَرَ مِنْ أَفْرَادِ جِهَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ قَسَمُوهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ عِنْدَ كُلِّ مِلَّةٍ) أَيْ فَمَا يَخُصُّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ يُقَسَّمُ عَلَى أَفْرَادِهَا لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ إنْ تَعَدَّدَ أَفْرَادُهَا وَإِنْ اتَّحَدَ أَخَذَ مَا يَخُصُّهَا إنْ كَانَ ذَكَرًا فَإِنْ كَانَ أُنْثَى أَخَذَ نِصْفَ مَا يَخُصُّ جِهَةَ الْإِسْلَامِ وَالْبَاقِي مِنْهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَإِذَا لَمْ يُخَلِّفْ إلَّا بِنْتًا

ص: 224

اللَّذَيْنِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (طِفْلٌ) ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وُلِدَ لِلْمَيِّتِ أَيْضًا وَلَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ لِجَهْلِ دِينِ أَبِيهِ وَأَمَّا مَا يَأْتِي لَهُ فِي الرِّدَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُحْكَمُ بِإِسْلَامِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ بِإِسْلَامِ أَبِيهِ فَهُوَ فِي الْأَبِ الْمُحَقَّقُ إسْلَامُهُ (فَهَلْ يَحْلِفَانِ) أَيْ يَحْلِفُ كُلٌّ أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ (وَيُوقَفُ) لِلصَّغِيرِ (الثُّلُثُ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا ادَّعَى جِهَةً ثَالِثَةً (فَمَنْ وَافَقَهُ) الطِّفْلُ مِنْهُمَا (أَخَذَ حِصَّتَهُ) مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ وَهِيَ السُّدُسُ (وَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ) الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ السُّدُسُ الْبَاقِي فَيَكْمُلُ لَهُ النِّصْفُ وَيَأْخُذُ الصَّغِيرُ السُّدُسَ وَمَنْ وَافَقَهُ الثُّلُثُ وَإِنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ الصَّغِيرُ مَنْ وَافَقَهُ مَعَ أَنَّهُ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ إلَّا السُّدُسُ فَهَذَا هُوَ الَّذِي انْتَفَى فِيهِ مُسَاوَاةُ أَهْلِ الْجِهَةِ فَإِنْ ادَّعَى جِهَةً ثَالِثَةً أَخَذَ جَمِيعَ الثُّلُثِ (وَإِنْ مَاتَ) الطِّفْلُ قَبْلَ بُلُوغِهِ (حَلَفَا) ثَانِيًا كُلٌّ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ كَمَا حَلَفَ أَوَّلًا (وَقُسِّمَ) نَصِيبُ الطِّفْلِ بَيْنَهُمَا فَالْيَمِينُ الْأُولَى لِاسْتِحْقَاقِ كُلٍّ حَظَّهُ مِنْ أَبِيهِ وَالثَّانِيَةُ لِاسْتِحْقَاقِهِ مِنْ أَخِيهِ (أَوْ) لَا يَحْلِفَانِ بَلْ يُعْطَى (لِلصَّغِيرِ النِّصْفُ) ابْتِدَاءً لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُقِرٌّ بِأَنَّهُ أَخُوهُ فَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ (وَيُجْبَرُ) الْآنَ (عَلَى الْإِسْلَامِ) تَرْجِيحًا لَهُ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلَانِ) ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ الظَّفْرِ بِقَوْلِهِ

(وَإِنْ)(قَدَرَ) ذُو حَقٍّ عَلَى شَخْصٍ مُمَاطِلٍ أَوْ مُنْكِرٍ أَوْ سَارِقٍ أَوْ غَاصِبٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ (عَلَى) أَخْذِ (شَيْئِهِ) بِعَيْنِهِ أَوْ بِقَدْرِ مَا يُسَاوِي مَالَهُ مِنْ مَالِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (فَلَهُ أَخْذُهُ) وَلَا يَلْزَمُهُ الرَّفْعُ لِلْحَاكِمِ بِشَرْطَيْنِ أَشَارَ لِأَوَّلِهِمَا بِقَوْلِهِ (إنْ يَكُنْ) شَيْؤُهُ (غَيْرَ عُقُوبَةٍ) فَإِنْ كَانَ عُقُوبَةً فَلَا يَسْتَوْفِيهَا بِنَفْسِهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْحَاكِمِ فَلَا يَجْرَحُ مَنْ جَرَحَهُ وَلَا يَضْرِبُ مَنْ ضَرَبَهُ وَلَا يُؤَدِّبُ مَنْ شَتَمَهُ وَلِثَانِيهِمَا بِقَوْلِهِ (وَأَمْنَ فِتْنَةٍ) أَيْ وُقُوعَ فِتْنَةٍ مِنْ قِتَالٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ جَرْحٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَ) أَمْنَ (رَذِيلَةٍ) تُنْسَبُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مُسْلِمَةً وَأُخْتًا كَافِرَةً أَوْ الْعَكْسُ فَمَا تَأْخُذُهُ الْمُسْلِمَةُ تُعْطَى نِصْفَهُ وَنِصْفُهُ الْآخَرُ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّ الْأُخْتَ أَوْ الْبِنْتَ الْمُسْلِمَةَ تَدَّعِي النِّصْفَ وَبَيْتَ الْمَالِ يَدَّعِي النِّصْفَ الْآخَرَ وَالْكَافِرَةَ تُنَازِعُهُمَا فَتَأْخُذُ نِصْفَ مَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ اللَّذَيْنِ ادَّعَى كُلٌّ مِنْهُمَا أَنَّ أَبَاهُ مَاتَ عَلَى دِينِهِ) أَيْ سَوَاءٌ أَقَامَ كُلٌّ مِنْهُمَا بَيِّنَةً عَلَى دَعْوَاهُ أَوْ كَانَتْ دَعْوَى كُلٍّ مِنْهُمَا مُجَرَّدَةً عَنْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ فَهَلْ يَحْلِفَانِ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الْبُدَاءَةُ بِالْقُرْعَةِ إذَا تَنَازَعَا فِيمَنْ يَحْلِفُ مِنْهُمَا أَوَّلًا (قَوْلُهُ فَمَنْ وَافَقَهُ الطِّفْلُ) أَيْ بَعْدَ بُلُوغِهِ وَمَنْ وَاقَعَهُ عَلَى أَحَدِ الْوَلَدَيْنِ وَضَمِيرُ وَافَقَهُ الْبَارِزُ عَائِدٌ عَلَى مَنْ وَالْمُسْتَتِرُ عَائِدٌ عَلَى الطِّفْلِ وَكَذَا ضَمِيرُ أَخَذَ عَائِدٌ عَلَى الطِّفْلِ وَالضَّمِيرُ الْمُضَافُ إلَيْهِ فِي حِصَّتِهِ عَائِدٌ أَيْضًا عَلَى مَنْ وَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ وَلَدٍ وَافَقَهُ الطِّفْلُ أَخَذَ ذَلِكَ الطِّفْلُ حِصَّتَهُ مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ وَمَفْهُومُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِقْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِأَنْ تَدَيَّنَ بِجِهَةٍ ثَالِثَةٍ أَخَذَ الْمَوْقُوفُ كُلَّهُ (قَوْلُهُ وَرُدَّ عَلَى الْآخَرِ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ السُّدُسُ الْبَاقِي) أَيْ فَإِذَا كَانَ الْمَالُ اثْنَيْ عَشَرَ دِينَارًا دَفَعَ لِكُلٍّ مِنْ الْبَالِغَيْنِ أَرْبَعَةً وَوَقَفَ لِلصَّغِيرِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَرْبَعَةً فَإِذَا بَلَغَ وَوَافَقَ أَحَدُهُمَا أَخَذَ دِينَارَيْنِ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْقُوفَةِ وَرَدَّ لِلَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ دِينَارَيْنِ وَلَا يُشَارِكُ الصَّبِيُّ مَنْ وَافَقَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي أَخَذَهَا أَوَّلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ لِلطِّفْلِ سُدُسَ التَّرِكَةِ اثْنَانِ وَيَنُوبُ الَّذِي وَافَقَهُ الطِّفْلُ ثُلُثُهَا أَرْبَعَةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ وَيَنُوبُ الَّذِي لَمْ يُوَافِقْهُ نِصْفُهَا وَهُوَ سِتَّةٌ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُشَارِكْ الصَّغِيرُ) أَيْ بِحَيْثُ يَشْتَرِكَانِ فِي النِّصْفِ سَوِيَّةً (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ حِينَ الْمَوْتِ قَدْ اسْتَحَقَّ كُلٌّ مِنْ أَصْحَابِ الْجِهَتَيْنِ الثُّلُثَ وَلَا يَنْقُصُ عَنْهُ وَإِنَّمَا وُقِفَ لِلصَّغِيرِ الثُّلُثُ لِأَنَّهُ لَمْ يُحْكَمْ بِإِسْلَامِهِ وَرُبَّمَا ادَّعَى جِهَةً فِي الْأَصَلِ ثَالِثَةً وَلَمْ يُعْطِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا وَافَقَ الْمُسْلِمَ مَثَلًا كَانَا جِهَةً وَاحِدَةً فَيَكْمُلُ لِتِلْكَ الْجِهَةِ مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ النِّصْفُ فَيَأْخُذُ ذَلِكَ الطِّفْلُ كِمَالَةَ النِّصْفِ وَتَسْتَحِقُّ الْجِهَةُ الْأُخْرَى بَاقِيَ النِّصْفِ وَهُوَ السُّدُسُ فَيُرَدُّ عَلَيْهَا مِنْ الثُّلُثِ الْمَوْقُوفِ كِمَالَةُ النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ مَاتَ الطِّفْلُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ مَاتَ أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ الْبَالِغَيْنِ قَبْلَ بُلُوغِ الطِّفْلِ فَإِنْ كَانَ لَهُ وَرَثَةٌ مَعْرُوفُونَ فَهُمْ أَحَقُّ بِمِيرَاثِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَرَثَةٌ وُقِفَتْ تَرِكَتُهُ فَإِذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ وَوَافَقَهُ أَخَذَهَا (قَوْلُهُ وَقُسِّمَ نَصِيبُ الطِّفْلِ بَيْنَهُمَا) اسْتَشْكَلَ هَذَا ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ فِيهِ مِيرَاثًا مَعَ الشَّكِّ فِي مُوَافَقَتِهِ لَهُمَا فِي الدِّينِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُوَافِقًا لِأَحَدِهِمَا فِي الدِّينِ وَأَنْ يَكُونَ مُخَالِفًا لَهُمَا وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا شَكَّ هُنَا لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي تَبَعِيَّةَ أَخِيهِ لِدِينِ أَبِيهِ الَّذِي ادَّعَاهُ لَهُ نَعَمْ يَبْقَى النَّظَرُ كَمَا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ إذَا كَانَ لِهَذَا الصَّغِيرِ وَارِثٌ غَيْرُهُمَا كَأُمٍّ فَتَدَبَّرْ اهـ بْن (قَوْلُهُ فَيُعْطِيهِ نِصْفَ مَا بِيَدِهِ) أَيْ وَهُوَ الرُّبْعُ فَيَصِيرُ بِيَدِ الطِّفْلِ رُبْعَانِ وَذَلِكَ نِصْفُ الْمَالِ وَيَصِيرُ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْبَالِغَيْنِ رُبْعُ الْمَالِ وَذَلِكَ نِصْفُهُ الْآخَرُ

(قَوْلُهُ عَلَى أَخْذِ شَيْئِهِ إلَخْ) أَرَادَ بِشَيْئِهِ حَقَّهُ الشَّامِلَ لِعَيْنِ شَيْئِهِ وَعِوَضَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ فَاحْتَاجَ لِإِخْرَاجِ الْعُقُوبَةِ مِنْهُ وَلَوْ أَرَادَ بِشَيْئِهِ عَيْنَهُ لَمْ يُحْتَجْ لِقَوْلِهِ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ عُقُوبَةٍ لِعَدَمِ شُمُولِ عَيْنِ شَيْئِهِ لَهُ لِأَنَّ الْعُقُوبَةَ لَا يُمْكِنُ أَخْذُهَا بِعَيْنِهَا وَإِنَّمَا يُمْكِنُ أَخْذُ مِثْلِهَا وَشَمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْوَدِيعَةَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا مِنْ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْأَخْذُ بِمِثْلِهَا مِمَّنْ ظَلَمَهُ ضَعِيفٌ وَشَمِلَ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ شَخْصَانِ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقٌّ عَلَى الْآخَرِ فَجَحَدَ أَحَدُهُمَا حَقَّ صَاحِبِهِ فَلِلْآخَرِ جَحْدُ مَا يُعَادِلُهُ وَلَهُ أَنْ يَحْلِفَ وَيُحَاشِيَ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَدَّبُ مَنْ شَتَمَهُ) أَيْ وَكَذَا لَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَهُ وَلَا يُقْتَصُّ مِمَّنْ جَنَى عَلَيْهِ

ص: 225

إلَيْهِ كَسَرِقَةٍ وَغَصْبٍ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْأَخْذُ

(وَإِنْ)(قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِوَكِيلِ رَبِّ الْحَقِّ الْغَائِبِ حِينَ طَالَبَهُ الْوَكِيلُ بِالْحَقِّ الَّذِي وُكِّلَ عَلَيْهِ (أَبْرَأَنِي مُوَكِّلُك الْغَائِبُ) أَوْ قَضَيْته حَقَّهُ (أُنْظِرَ) إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَهُ بِكَفِيلِ الْمَالِ إنْ طَلَبَهُ الْوَكِيلُ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالدَّيْنِ مُدَّعِيًا الْإِبْرَاءَ أَوْ الْقَضَاءَ وَهَذَا إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ قُضِيَ عَلَيْهِ بِالدَّفْعِ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْوَكِيلِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذْ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ حَلَفَ أَنَّهُ مَا أَبْرَأَ أَوْ مَا اقْتَضَى وَتَمَّ الْأَخْذُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ

(وَمَنْ اسْتَمْهَلَ) أَيْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ (لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ) أُقِيمَتْ عَلَيْهِ بِحَقٍّ (أُمْهِلَ بِالِاجْتِهَادِ) مِنْ الْحَاكِمِ بِلَا حَدٍّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ (كَحِسَابٍ وَشُبْهَةٍ) أَيْ كَمَا لَوْ طَلَبَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُهْلَةَ لِحِسَابٍ يُحَرِّرُهُ أَوْ لِكِتَابٍ يُخَرِّجُهُ وَيَنْظُرُ فِيهِ لِيَكُونَ فِي جَوَابِهِ بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ عَلَى بَصِيرَةٍ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ (بِكَفِيلِ الْمَالِ) قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَبْلَهُ (كَأَنْ أَرَادَ إقَامَةَ ثَانٍ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى حَقِّهِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَهُ وَطَلَبَ الْمُهْلَةَ حَتَّى يَأْتِيَ بِشَاهِدِهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ بِكَفِيلٍ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْمَالِ وَمُدَّةِ الْمُهْلَةِ بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) الْبَاءُ بِمَعْنَى اللَّامِ كَمَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مَدْخُولُهَا مَعْطُوفٌ عَلَى دَفْعٍ أَيْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةِ (فَبِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ) يَضْمَنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يُجَابُ لِحَمِيلٍ بِالْمَالِ اتِّفَاقًا إذْ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَلَيْهِ شَيْءٌ (وَفِيهَا أَيْضًا نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ حَمِيلِ الْوَجْهِ أَيْ لَا يُجَابُ لِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ وَهَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ آخِرَ بَابِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِلْخُصُومَةِ وَلَا كَفِيلٌ بِالْوَجْهِ بِالدَّعْوَى (وَهَلْ) مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ كَسَرِقَةٍ إلَخْ) أَيْ كَنِسْبَتِهِ لِسَرِقَةٍ أَوْ غَصْبٍ أَوْ حِرَابَةٍ

(قَوْلُهُ أَنَظَرَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ أَخَّرَ حَتَّى يَعْلَمَ مَا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ هَلْ أَبْرَأ أَوْ اُقْتُضِيَ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْإِنْظَارُ إنْ قَرُبَتْ غِيبَةُ الْمُوَكِّلِ فَإِنْ بَعُدَتْ إلَخْ ثُمَّ إنَّ التَّفْرِقَةَ الْمَذْكُورَةَ بَيْنَ الْغَيْبَةِ الْقَرِيبَةِ وَالْبَعِيدَةِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالْمَنْصُوصُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَنَّهُ يُقْضَى بِالْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَلَا يُؤَخَّرُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُوَكِّلِ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ عِنْدِي تَفْسِيرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ يَنْظُرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَعْلَمَ مَا عِنْدَ الْمُوَكِّلِ الْغَائِبِ كَانَتْ الْغَيْبَةُ قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لَكِنْ حَكَاهُ اللَّخْمِيُّ بِقِيلِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ مِنْ الْوَكِيلِ) أَيْ عَلَى الرَّاجِحِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ حَيْثُ قَالَ لَا يُقْضَى عَلَى الْمَدِينِ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ غَائِبًا غَيْبَةً بَعِيدَةً إلَّا إذَا حَلَفَ الْوَكِيلُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ إنَّهُ مَا أَبْرَأَ) هَذَا إذَا حَضَرَ وَأَنْكَرَ الْإِبْرَاءَ فَإِنْ حَضَرَ وَأَقَرَّ بِهِ رَدَّ لِلْغَرِيمِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ (قَوْلُهُ وَتَمَّ الْأَخْذُ) أَيْ مَا أَخَذَهُ الْوَكِيلُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْغَرِيمُ أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ) أَيْ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ وَلِلْغَرِيمِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْمُوَكِّلِ فَلَهُ غَرِيمَانِ كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْغَرِيمُ فَلَا شَيْءَ لَهُ

(قَوْلُهُ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ شَاهِدَةٍ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ بِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِقَضَائِهِ أُمْهِلَ بِكَفِيلِ الْمَالِ وَأَمَّا مَنْ اسْتَمْهَلَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ بِحَقٍّ ادَّعَاهُ أُمْهِلَ فَإِذَا طَلَبَ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَمِيلًا بِالْمَالِ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ اتِّفَاقًا وَفِي إجَابَتِهِ لِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ خِلَافٌ يَأْتِي إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ قَاصِرٌ عَلَى بَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ وَأَمَّا تَعْمِيمُ بَعْضِ الشُّرُوحِ فِيهِ بِجَعْلِهِ شَامِلًا لِبَيِّنَةِ الْمَطْلُوبِ وَالطَّالِبِ حَيْثُ قَالَ وَمَنْ اسْتَمْهَلَ لِدَفْعِ بَيِّنَةٍ قَامَتْ عَلَيْهِ بِحَقٍّ أَوْ بِقَضَائِهِ أُمْهِلَ إلَخْ فَغَيْرُ صَوَابٍ لِأُمُورٍ الْأَوَّلُ أَنَّ إقَامَةَ الْغَرِيمِ بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ فَرْعٌ عَنْ ثُبُوتِ الْحَقِّ فَكَيْفَ يُسْتَمْهَلُ الْمُدَّعِي لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْحَقِّ يَدْفَعُ بِهَا بَيِّنَةَ الْقَضَاءِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْغَرِيمِ الْأَمْرُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا التَّعْمِيمَ يَقْتَضِي أَنَّ اسْتِمْهَالَ الْمُدَّعِي لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِالْحَقِّ يَكُونُ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْوَجْهُ عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي بَيْنَ مَوْضُوعَيْ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ بِلَا حَدٍّ فِي مُدَّةِ الْإِمْهَالِ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ التَّحْدِيدِ بِجُمُعَةٍ وَمَحَلُّ إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَتْ بَيِّنَتُهُ الَّتِي يَدْفَعُ بِهَا الْبَيِّنَةَ الشَّاهِدَةَ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً كَجُمُعَةٍ وَإِلَّا قَضَى عَلَيْهِ وَبَقِيَ عَلَى حُجَّتِهِ إذَا أَحْضَرَهَا لِأَنَّ عَلَى الطَّالِبِ ضَرَرًا فِي إمْهَالِ الْمَطْلُوبِ مَعَ بُعْدِ بَيِّنَتِهِ (قَوْلُهُ كَحِسَابٍ وَشِبْهِهِ) أَيْ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا قَالَ أَمْهِلُونِي حَتَّى أَعْمَلَ حِسَابًا أَوْ أَنْظُرَ فِي الدَّفَاتِرِ وَأَعْرِفَ مَا وَصَلَنِي وَمَا خَرَجَ مِنْ يَدَيْ وَالْبَاقِي لِي فَإِنَّهُ يُمْهَلُ بِكَفِيلِ الْمَالِ هَذَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ بَعْدَ شَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِ بِالْحَقِّ وَأَمَّا إنْ كَانَ طَلَبُهُ لِذَلِكَ قَبْلَ شَهَادَتِهَا عَلَيْهِ بِهِ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ بِكَفِيلٍ حَتَّى بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ قَيْدٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَسْأَلَةِ وَإِنْ قَالَ أَبْرَأَنِي وَمَسْأَلَةِ مَنْ اسْتَمْهَلَ إلَخْ وَأَمَّا مَا بَعْدَ الْكَافِ فَتَارَةً يَكْفِي فِيهَا الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ وَتَارَةً لَا يَكْفِي فِيهَا إلَّا الْحَمِيلُ بِالْمَالِ فَإِنْ رَجَعَ الْقَيْدُ لَهَا أَيْضًا وَحُمِلَ كَلَامُهُ عَلَى طَلَبِهِ لِلْحِسَابِ بَعْدَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَاتَهُ مَا إذَا كَانَ طَلَبُهُ لِلْحِسَابِ قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ تَشْبِيهٌ تَامٌّ) أَيْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي الْإِمْهَالِ وَفِي لُزُومِ كَفِيلٍ بِالْمَالِ لِأَنَّهُ أَفْيَدُ لَا أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي أَحَدِهِمَا (قَوْلُهُ بِالْمَالِ) هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ الَّذِي أَتَى بِهِ لَمْ يَحْتَجْ لِتَزْكِيَةٍ أَمَّا إنْ كَانَ يَحْتَاجُ لَهَا فَيَكْفِي الْحَمِيلُ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ إذَا طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِإِقَامَةِ بَيِّنَةٍ) أَيْ لِإِرَادَةِ إقَامَتِهَا لَا أَنَّهُ أَقَامَهَا بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَبِحَمِيلٍ) أَيْ

ص: 226

(خِلَافٌ) وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ نَفْيُهُ كَمَا تَقَدَّمَ (أَوْ) وِفَاقٌ (وَالْمُرَادُ) بِالْحَمِيلِ (وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ) وَيَحْرُسُهُ خَوْفَ الْهَرَبِ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ حَمِيلٌ لَا الْكَفِيلِ بِالْوَجْهِ فَوَافَقَ مَا فِي الْمَوْضِعِ الثَّانِي (أَوْ) الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَبِحَمِيلٍ الْوَجْهُ (إنْ لَمْ تُعْرَفْ عَيْنُهُ) أَيْ عَيْنُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَأَنْ يَكُونَ غَرِيبًا أَوْ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنْ كَانَ مَعْرُوفًا مَشْهُورًا لَمْ يَلْزَمْهُ حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ لِأَنَّا نَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُعْذَرُ إلَيْهِ فِيهَا إلَّا أَنْ يُخْشَى تَغِيبُهُ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ وَاحِدٌ بِالْخِلَافِ وَاثْنَانِ بِالْوِفَاقِ

(وَيَجِبُ عَنْ) دَعْوَى جِنَايَةٍ (الْقِصَاصُ) أَوْ الْحَدُّ أَوْ التَّعْزِيرُ مِنْ الْأَحْكَامِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْبَدَنِ (الْعَبْدُ) إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ الْحَقُّ وَيَقَعُ عَلَيْهِ الْحُكْمُ لَا سَيِّدُهُ (وَ) يُجِيبُ (عَنْ) مُوجِبِ (الْأَرْشِ السَّيِّدُ) لَا الْعَبْدُ لِأَنَّ الْجَوَابَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِيمَا يُؤْخَذُ بِهِ الْمُجِيبُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ وَالْعَبْدُ لَوْ أَقَرَّ بِمَالٍ لَمْ يَلْزَمْهُ فَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ فَلَا عِبْرَةَ بِإِقْرَارِهِ وَإِنَّمَا الْكَلَامُ لِلسَّيِّدِ إلَّا لِقَرِينَةٍ ظَاهِرَةٍ تُوجِبُ قَبُولَ إقْرَارِهِ (وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ) مِنْ مُدَّعٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ (بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَيُمْهَلُ بِحَمِيلٍ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ خِلَافٌ) أَيْ فَهُمَا قَوْلَانِ مُتَغَايِرَانِ مَشَى فِي كُلِّ مَوْضِعٍ عَلَى قَوْلٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ وِفَاقٌ) أَيْ وَهُوَ بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكِيلٌ يُلَازِمُهُ وَيَحْرُسُهُ) أَيْ بِحَيْثُ لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ لَا الْكَفِيلُ بِالْوَجْهِ أَيْ الَّذِي إذَا لَمْ يَأْتِ بِالْمَضْمُونِ وَيَضْمَنُ مَا عَلَيْهِ وَهَذَا التَّوْفِيقُ لِأَبِي عِمْرَانَ الْفَاسِيِّ وَالثَّانِي لِابْنِ يُونُسَ (قَوْلُهُ لِتَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ حُضُورِهِ لِتَشْهَدَ إلَخْ

(قَوْلُهُ وَيُجِيبُ عَنْ دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ) أَيْ عَنْ دَعْوَى الْجِنَايَةِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَدُّ أَيْ وَعَنْ الدَّعْوَى بِمُوجِبِ الْحَدِّ أَوْ التَّعْزِيرِ وَالْمُرَادُ بِجَوَابِهِ عَنْ الدَّعْوَى بِمَا ذَكَرَا إجَابَتُهُ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ أَوْ التَّجْرِيحِ (قَوْلُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ بِذَلِكَ) أَيْ فَإِذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ قَطَعَ يَدَ فُلَانٍ عَمْدًا أَوْ قَذَفَ فُلَانًا أَوْ شَتَمَ فُلَانًا فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي يُجِيبُ إمَّا بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْإِنْكَارِ فَإِنْ أَقَرَّ قُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ حُدَّ أَوْ أُدِّبَ وَإِنْ أَنْكَرَ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا أَوْ يَجْرَحَهَا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ سَيِّدِهِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ فَعَلَ مَعَ إنْكَارِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ عَلَى غَيْرِهِ وَمَحَلُّ اعْتِبَارِ جَوَابِ الْعَبْدِ فِي دَعْوَى جِنَايَةِ الْقِصَاصِ مَا لَمْ يُتَّهَمْ فَإِنْ اُتُّهِمَ فِي جَوَابِهِ لَمْ يَعْمَلْ بِهِ كَإِقْرَارِهِ بِقَتْلِ مُمَاثِلِهِ وَقَدْ اسْتَحْيَاهُ سَيِّدُ مُمَاثِلِهِ لِيَأْخُذَهُ فَإِنَّهُ لَمَّا اسْتَحْيَاهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ تَوَاطَأَ مَعَ الْعَبْدِ عَلَى نَزْعِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِ سَيِّدِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُعْمَلُ بِجَوَابِهِ وَلَا يُمَكَّنُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمُمَاثِلِ مِنْ أَخْذِهِ وَيَبْطُلُ حَقُّ ذَلِكَ السَّيِّدِ مِنْ الْقِصَاصِ إنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلُهُ يَجْهَلُ أَنَّ الِاسْتِحْيَاءَ كَالْعَفْوِ يُسْقِطُ الْقِصَاصَ وَإِلَّا فَلَهُ الرُّجُوعُ لِلْقِصَاصِ بَعْدَ حَلِفِهِ أَنَّهُ جَهِلَ ذَلِكَ اُنْظُرْ ح وَكَمَا يُجِيبُ الْعَبْدُ عَنْ الْقِصَاصِ يُجِيبُ عَنْ الْمَالِ غَيْرِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ إذَا ادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ أَجَابَ بِإِنْكَارٍ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَأَمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا أَوْ يُجَرِّحَهَا فَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أُخِذَ بِإِقْرَارِهِ هَذَا إذَا كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَإِلَّا وَقَفَ الْأَمْرُ عَلَى السَّيِّدِ فَإِنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ سَقَطَ وَإِلَّا اُتُّبِعَ بِهِ إنْ عَتَقَ فَإِنْ عَتَقَ قَبْلَ عِلْمِ السَّيِّدِ بِهِ لَزِمَهُ اُنْظُرْ ح فَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ مِنْ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ بِالْمَالِ فَفِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِجِنَايَةِ خَطَأٍ) أَيْ كَمَا لَوْ قِيلَ لِلْعَبْدِ أَنْت قَطَعْت يَدَ فُلَانٍ خَطَأً فَقَالَ نَعَمْ فَلَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ وَإِنَّمَا الْمُعْتَبَرُ إقْرَارُ السَّيِّدِ فَهُوَ كَالْقَاطِعِ فَإِنْ أَقَرَّ غَرِمَ الدِّيَةَ أَوْ سَلَّمَ الْعَبْدَ الْجَانِيَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَإِنْ أَنْكَرَ أُقِيمَتْ الْبَيِّنَةُ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهَا السَّيِّدُ فَيَلْزَمَهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ أَوْ يُجَرِّحَهَا (قَوْلُهُ إلَّا لِقَرِينَةٍ إلَخْ) أَيْ كَمَشْيِ دَابَّةٍ رَكِبَهَا الْعَبْدُ عَلَى إصْبَعٍ صَغِيرٍ فَقَطَعَتْهُ فَتَعَلَّقَ بِهِ الصَّغِيرُ وَهِيَ تُدْمِي وَيَقُولُ فَعَلَ بِي هَذَا فَصَدَّقَهُ الْعَبْدُ فَيُقْبَلُ إقْرَارُهُ وَتَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ فَيُسَلِّمُهُ سَيِّدُهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْدِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ وَالْيَمِينُ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةُ فِي قَطْعِ النِّزَاعِ وَهِيَ الْمُتَوَجِّهَةُ مِنْ الْحَاكِمِ أَوْ الْمُحَكَّمِ فَبِمُجَرَّدِ طَلَبِ الْخَصْمِ الْيَمِينَ مِنْ خَصْمِهِ بِدُونِ تَوْجِيهِ مَنْ ذَكَرَ لَا يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ لَهُ فَإِنْ أَطَاعَ لَهُ بِهَا ثُمَّ تَرَافَعَا لِحَاكِمٍ أَوْ مُحَكَّمٍ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ ثَانِيًا لِأَنَّ يَمِينَهُ الْأُولَى لَمْ تُصَادِفْ مَحَلًّا (قَوْلُهُ فِي كُلِّ حَقٍّ) أَيْ مَالِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَالُ جَلِيلًا أَوْ حَقِيرًا وَلَوْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ اللِّعَانُ وَالْقَسَامَةُ إذْ يَقُولُ فِي الْأَوَّلِ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ فَقَطْ كَمَا قَدَّمَهُ وَفِي الثَّانِي أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ كَمَا يَأْتِي فَيَقْتَصِرُ فِيهِمَا عَلَى لَفْظِ الْجَلَالَةِ وَلَا يُزَادُ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ (قَوْلُهُ مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ تَكْمِلَةً لِلنِّصَابِ كَمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا أَوْ كَانَتْ اسْتِظْهَارًا كَأَنْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ أَوْ مَيِّتٍ وَأَقَامَ شَاهِدَيْنِ بِالْحَقِّ أَوْ رُدَّتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ أَيْ عِنْدَ عَجْزِ الْمُدَّعِي عَنْ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ بِمَا ادَّعَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ عَلَيْهِ وَلَا نَقْصٍ مِنْهُ فَلَا يُزَادُ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِابْنِ كِنَانَةَ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الِاسْمِ بِدُونِ وَصْفِهِ الْمَذْكُورِ وَإِنْ كَانَ يَمِينًا يُكَفِّرُ لِأَنَّ الْغَرَضَ هُنَا زِيَادَةُ الْإِرْهَابِ وَالتَّخْوِيفِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ الْمَازِرِيُّ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ الْمَنْصُوصُ عِنْدَ جَمِيعِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِقَوْلِهِ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ فَقَطْ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ

ص: 227

وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ (وَلَوْ) كَانَ الْحَالِفُ (كِتَابِيًّا) فَلَا يَزِيدُ يَهُودِيٌّ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَلَا النَّصْرَانِيُّ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى وَلَا يُنْقِصُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ) لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ وَفِي نُسْخَةٍ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَيْضًا وَهِيَ أَوْضَحُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الذِّمِّيَّ مُطْلَقًا يَقُولُ بِاَللَّهِ فَقَطْ وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ

(وَغُلِّظَتْ) الْيَمِينُ وُجُوبًا (فِي رُبْعِ دِينَارٍ) فَأَكْثَرَ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ أَوْ مَا يُسَاوِي ذَلِكَ (بِجَامِعِ) الْبَاءِ لِلْآلَةِ فَإِنْ امْتَنَعَ عُدَّ نَاكِلًا (كَالْكَنِيسَةِ) لِذِمِّيٍّ (وَبَيْتِ النَّارِ) لِمَجُوسِيٍّ وَلِلْمُسْلِمِ الذَّهَابُ لِتَحْلِيفِهِمْ بِتِلْكَ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ كَانَتْ حَقِيرَةً شَرْعًا لِأَنَّ الْقَصْدَ صَرْفُهُمْ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِلِ وَمِنْ ثَمَّ قِيلَ يَجُوزُ تَحْلِيفُ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَعَلَى سُورَةِ بَرَاءَةٍ وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ حَيْثُ كَانَ لَا يَنْكَفُّ إلَّا بِذَلِكَ وَيَحْدُثُ لِلنَّاسِ أَقَضِيَّةٌ بِقَدْرِ مَا أَحْدَثُوا مِنْ الْفُجُورِ (وَ) غُلِّظَتْ (بِالْقِيَامِ) إنْ طُلِبَ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ (لَا بِالِاسْتِقْبَالِ) لِلْقِبْلَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ (وَ) غُلِّظَتْ (بِمِنْبَرِهِ عليه الصلاة والسلام) أَيْ عِنْدَهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَلَى الْمِنْبَرِ وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ كَبَعْدِ الْعَصْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا أَجْزَأَهُ حَتَّى يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَالْوَاوُ كَالْبَاءِ) أَيْ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ قَالَ ح وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي الْمُثَنَّاةِ فَوْقُ (قَوْلُهُ وَلَا يُنْقِصُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَجُوسِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُكَلَّفُ الْإِتْيَانَ بِهِ (قَوْلُهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُهَا لِقَوْلِهَا وَالْيَمِينُ فِي كُلِّ حَقٍّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ فَظَاهِرُهَا كَانَ الْحَالِفُ مُسْلِمًا أَوْ كَانَ كِتَابِيًّا يَهُودِيًّا أَوْ نَصْرَانِيًّا (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ النَّصْرَانِيَّ يَقُولُ) أَيْ فِي الْحَقِّ وَاللِّعَانِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ بِالتَّثْلِيثِ) أَيْ وَلَا يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ فَإِنَّهُ يَقُولُ بِالتَّوْحِيدِ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ قَالُوا الْعُزَيْرُ ابْنُ اللَّهِ لَا يَقُولُونَ بِأُلُوهِيَّتِهِ وَأَمَّا النَّصَارَى فَقَدْ قَالُوا بِبُنُوَّةِ عِيسَى وَأُلُوهِيَّتِهِ فَقَالُوا إنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَافْتَرَقَا (قَوْلُهُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ حَمْلَهَا عَلَى ظَاهِرِهَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ تَأْوِيلٌ حَيْثُ صَحِبَهُ تَأْوِيلٌ آخَرُ فَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِأَيْضًا وَإِنْ كَانَ إطْلَاقُ التَّأْوِيلِ عَلَى ظَاهِرِهَا تَغْلِيبًا وَإِلَّا فَالتَّأْوِيلُ حَمْلُ اللَّفْظِ عَلَى غَيْرِ ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ فَالتَّأْوِيلَاتُ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ بِجَعْلِ لَفْظِهَا بَاقِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ مِنْ شُمُولِهِ الْمُسْلِمَ وَالْكِتَابِيَّ وَالثَّانِي بِجَعْلِ لَفْظِهَا قَاصِرًا عَلَى الْمُسْلِمِ وَالْيَهُودِيِّ وَالثَّالِثُ بِجَعْلِهِ قَاصِرًا عَلَى الْمُسْلِمِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ وَغُلِّظَتْ الْيَمِينُ وُجُوبًا) أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُحَلِّفُ التَّغْلِيظَ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ فِي الْيَمِينِ وَالتَّشْدِيدَ فِيهَا مِنْ حَقِّهِ فَإِنْ أَبَى مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ مِمَّا طَلَبَهُ الْمُحَلِّفُ مِنْ التَّغْلِيظِ عُدَّ نَاكِلًا وَقَوْلُهُ فِي رُبْعِ دِينَارٍ إلَخْ أَيْ فَأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ لَا تُغَلَّظُ فِيهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا إذَا كَانَ مَا ذُكِرَ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ وَلَوْ عَلَى اثْنَيْنِ مُتَضَامِنَيْنِ لِأَنَّ كُلًّا كَفِيلٌ عَنْ الْآخَرِ يَلْزَمُهُ أَدَاءُ الْجَمِيعِ لَا إنْ كَانَ مَا ذُكِرَ لِشَخْصَيْنِ عَلَى وَاحِدٍ وَلَوْ مُتَفَاوِضَيْنِ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ لَا يَكُونُ فِي أَقَلَّ مِنْ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ الْبَاءُ لِلْآلَةِ) أَيْ لَا لِلظَّرْفِيَّةِ لِأَنَّهَا تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ الْيَمِينَ إذَا وَقَعَتْ فِي الْجَامِعِ تُغَلَّظُ بِصِفَاتٍ أُخْرَى زَائِدَةٍ عَنْ الْوَصْفِ الْمُتَقَدِّمِ مِنْ كَوْنِهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْيَمِينُ وَاحِدَةٌ فِي الْجَامِعِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ فِي رُبْعِ دِينَارٍ تُغَلَّظُ بِوُقُوعِهَا فِي الْجَامِعِ وَالْمُرَادُ بِالْجَامِعِ الْجَامِعُ الْأَعْظَمُ وَهُوَ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ فَإِنْ كَانَ الْقَوْمُ لَا جَامِعَ لَهُمْ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ يَحْلِفُونَ حَيْثُ هُمْ وَلَا يُجْلَبُونَ إلَى الْجَامِعِ وَقَالَ التازغدري يُجْلَبُونَ لِلْجَامِعِ بِقَدْرِ مَسَافَةِ وُجُوبِ السَّعْيِ لِلْجُمُعَةِ وَهِيَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ وَثُلُثٌ وَقَالَ بِنَحْوِ الْعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَإِلَّا حَلَفُوا بِمَوْضِعِهِمْ نَقَلَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَأَقْوَاهَا أَوْسَطُهَا فَإِنْ زَعَمَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الْخُرُوجِ مِنْ مَحَلِّهِ لِمَرَضٍ فَقَالَ ابْنُ بَقِيٍّ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ الْمُثَنَّاةِ إنْ ثَبَتَ عَجْزُهُ بِبَيِّنَةٍ حَلَفَ بِبَيِّنَتِهِ وَإِلَّا أُخْرِجَ لِلْمَسْجِدِ قَهْرًا وَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْخُرُوجِ لَا رَاجِلًا وَلَا رَاكِبًا وَخُيِّرَ الْمُدَّعِي فِي تَحْلِيفِهِ فِي بَيْتِهِ وَتَأْخِيرِهِ لِصِحَّتِهِ فَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ الْخُرُوجُ أَوْ رَدُّ الْيَمِينِ وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ إنْ ثَبَتَ مَرَضُهُ حَلَفَ فِي بَيْتِهِ عَلَى الْمُصْحَفِ وَإِلَّا حَلَفَ عَلَى عَجْزِهِ وَخُيِّرَ الْمُدَّعِي فِي الْأَمْرَيْنِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ مِنْ التَّغْلِيظِ عَلَيْهِمْ بِتَحْلِيفِهِمْ فِي تِلْكَ الْأَمْكِنَةِ صَرْفُهُمْ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ وَمِنْ أَجْلِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ التَّغْلِيظِ صَرْفُ الْحَالِفِ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْبَاطِنِ قِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَفِي ضَرِيحِ وَلِيٍّ) أَيْ وَكَذَا تَحْلِيفُهُ بِالطَّلَاقِ (قَوْلُهُ لَا بِالِاسْتِقْبَالِ لِلْقِبْلَةِ) أَيْ وَلَوْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ الْأَخَوَانِ يُغَلَّظُ بِاسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ إنْ طَلَبَ ذَلِكَ الْمُحَلِّفُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ قَائِلًا إنَّهُ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ وَعَلَيْهِ دَرَجَ فِي التُّحْفَةِ أَيْضًا اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُ شَارِحِنَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ أَيْ وَيَطْلُبُهُ الْمُحَلِّفُ (قَوْلُهُ وَبِمِنْبَرِهِ عليه الصلاة والسلام) إنَّمَا اخْتَصَّ مِنْبَرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَلَفَ عِنْدَ مِنْبَرِي كَاذِبًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ التَّغْلِيظَ فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ يَكُونُ بِالْحَلِفِ فِي الْجَامِعِ وَلَا يَخْتَصُّ بِمَكَانٍ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَدِينَةِ وَبِهِ قِيلَ لَكِنْ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ أَنَّهُ يَحْلِفُ عِنْدَ الْمِنْبَرِ حَتَّى فِي غَيْرِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ قَالَهُ بْن وَأَمَّا التَّغْلِيظُ بِمَكَّةَ فَيَكُونُ بِالْحَلِفِ عِنْدَ الرُّكْنِ الَّذِي فِيهِ الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ لِأَنَّهُ أَعْظَمُ مَكَان فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَلَا تُغَلَّظُ بِالزَّمَانِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ إرْهَابٌ

ص: 228

(وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ الْمُلَازِمَةُ لِلْخِدْرِ أَيْ السِّتْرِ لِلتَّغْلِيظِ (فِيمَا ادَّعَتْ) بِهِ وَقَامَ شَاهِدٌ بِرُبْعِ دِينَارٍ أَوْ مَا يُسَاوِيهِ فَتَحْلِفُ مَعَهُ (أَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا) بِذَلِكَ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ (إلَّا الَّتِي لَا تَخْرُجُ) عَادَةً (نَهَارًا) وَتَخْرُجُ لَيْلًا (وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً قَلِيلًا) تَخْرُجُ لِلتَّغْلِيظِ فَإِنْ كَانَ شَأْنُهَا لَا تَخْرُجُ أَصْلًا كَنِسَاءِ الْمُلُوكِ حَلَفَتْ بِبَيْتِهَا بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ يُوَجِّهُهُمَا الْقَاضِي لَهَا وَلَا يَقْضِي لِلْخَصْمِ إنْ كَانَ ذَكَرًا غَيْرَ مَحْرَمٍ بِحُضُورِهِ مَعَهُمَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ الصُّورَةُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَا بُدَّ مِنْ حُضُورِ الطَّالِبِ لِلْيَمِينِ وَإِلَّا أُعِيدَتْ بِحُضُورِهِ (وَتَحْلِفُ) الْمُخَدَّرَةُ وَلَوْ كَانَتْ تَخْرُجُ نَهَارًا أَوْ لَيْلًا لِحَوَائِجِهَا (فِي أَقَلَّ) مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ (بِبَيْتِهَا) وَلَا يُقْضَى عَلَيْهَا بِالْخُرُوجِ لِعَدَمِ التَّغْلِيظِ وَيُرْسِلُ الْقَاضِي لَهَا مَنْ يُحَلِّفُهَا (وَإِنْ)(ادَّعَيْت) أَيُّهَا الْمَدِينُ (قَضَاءً عَلَى مَيِّتٍ) أَيْ بِأَنَّك وَفَّيْته لَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فَإِنْ أَقَمْت بَيِّنَةً بِالْقَضَاءِ أَوْ أَقَرَّ الْوَرَثَةُ بِذَلِكَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (وَ) إنْ أَنْكَرُوا الْقَضَاءَ وَأَرَدْت تَحْلِيفَهُمْ (لَمْ يَحْلِفْ) مِنْهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ) بِالْقَضَاءِ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا (مِنْ وَرَثَتِهِ) فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْمَدِينُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ أَنَّهُ وَفَّى وَسَقَطَ عَنْهُ مَنَابُ النَّاكِلِ فَقَطْ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَارِثُ بَالِغًا وَقْتَ الْمَوْتِ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَلَغَ بَعْدُ قَبْلَ الدَّعْوَى وَلَا يَحْلِفُ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَلَا غَيْرُ وَارِثٍ وَلَوْ أَخًا شَقِيقًا مُخَالِطًا لِلْمَيِّتِ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ إذْ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَمَنْ عَلِمَ الْقَضَاءَ وَجَبَ عَلَيْهِ الشَّهَادَةُ بِهِ وَارِثًا أَوْ غَيْرَهُ

(وَحَلَفَ) دَافِعُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِغَيْرِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ قَضَاءِ حَقٍّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَتَخْوِيفٌ وَيَطْلُبُهُ الْمُحَلِّفُ.

(قَوْلُهُ وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ إلَخْ) حَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُخَدَّرَةَ وَهِيَ الَّتِي يُزْرَى بِهَا مَجْلِسُ الْقَاضِي لِمُلَازَمَتِهَا لِلْخِدْرِ وَالسَّتْرِ إمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا نَهَارًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ شَأْنِهَا الْخُرُوجُ لِقَضَاءِ حَوَائِجِهَا لَيْلًا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ شَأْنُهَا عَدَمَ الْخُرُوجِ أَصْلًا لِمَعَرَّةِ ذَلِكَ عَلَيْهَا فَالْأَوْلَى تَخْرُجُ نَهَارًا لِلْحَلِفِ بِالْمَسْجِدِ لِلتَّغْلِيظِ وَالثَّانِيَةُ تَخْرُجُ لَيْلًا وَالثَّالِثَةُ لَا تَخْرُجُ مِنْ بَيْتِهَا بَلْ يُوَجِّهُ لَهَا الْقَاضِي مَنْ يُحَلِّفُهَا فِي بَيْتِهَا (قَوْلُهُ وَخَرَجَتْ الْمُخَدَّرَةُ) أَيْ نَهَارًا لِأَجْلِ حَلِفِهَا بِالْجَامِعِ لِلتَّغْلِيظِ (قَوْلُهُ فَتَحْلِفُ مَعَهُ) أَيْ فَتَحْلِفُ فِي الْمَسْجِدِ مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ لَهَا (قَوْلُهُ أَوْ ادَّعَى عَلَيْهَا بِذَلِكَ وَتَوَجَّهَ عَلَيْهَا الْيَمِينُ) أَيْ فَتَخْرُجُ لِتَحْلِفَ فِي الْمَسْجِدِ وَتَحْلِيفُهَا بِحَضْرَةِ رَبِّ الْحَقِّ فَإِنْ أَبَتْ هِيَ وَزَوْجُهَا مِنْ حُضُورِهَا لِلْيَمِينِ خَشْيَةَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا فَحَكَمَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ يَبْعُدُ عَنْهَا أَقْصَى مَا يَسْمَعُ لَفْظَ يَمِينِهَا فَإِنْ ادَّعَى صَاحِبُ الْحَقِّ عَدَمَ مَعْرِفَتِهَا فَهَلْ إثْبَاتُ مَنْ يَعْرِفُهَا عَلَيْهِ أَوْ عَلَيْهَا قَوْلَانِ فَإِنْ أُرِيدَ التَّغْلِيظُ عَلَيْهَا بِمَسْجِدٍ فَادَّعَتْ حَيْضًا حَلَفَتْ عَلَى مَا ادَّعَتْ مِنْ الْحَيْضِ وَأُخِّرَتْ.

(قَوْلُهُ إلَّا الَّتِي لَا تَخْرُجُ عَادَةً نَهَارًا) أَيْ فِي قَضَاءِ حَوَائِجِهَا (قَوْلُهُ وَإِنْ مُسْتَوْلَدَةً) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ حُرَّةً بَلْ وَإِنْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ فَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْحُرَّةِ فِيمَا تَخْرُجُ فِيهِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ أَوْ لَا تَخْرُجُ (قَوْلُهُ بِحَضْرَةِ شَاهِدَيْنِ) أَيْ عَلَى جِهَةِ الْكَمَالِ وَإِلَّا فَالْوَاحِدُ يَكْفِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ادَّعَيْت قَضَاءَ) أَيْ لِدَيْنٍ ثَابِتٍ عَلَيْك بِبَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْكَرُوا الْقَضَاءَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِذَلِكَ الْمَدِينِ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ لَمْ يَحْلِفْ مِنْهُمْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ) أَيْ فَمَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ مِنْ الْوَرَثَةِ وَلَوْ زَوْجَةً يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مُوَرِّثَهُ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَحَالَ بِهِ وَمَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْهُمْ يَأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ أَنَّ الْوَارِثَ الَّذِي يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ يَحْلِفُ سَوَاءٌ ادَّعَى الْمَطْلُوبُ عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِالْقَضَاءِ أَوْ لَا وَإِنَّمَا طُلِبَ مِنْهُ الْيَمِينُ فَقَطْ وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ ذَكَرَهُمَا فِي تَوْضِيحِهِ وَالْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَعَ ظَنِّ عِلْمِهِ إلَّا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِالْقَضَاءِ فَإِنْ لَمْ يَدَّعِ عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِهِ وَإِنَّمَا طَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ وَالْأَوَّلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ غَرِمَ الْمَدِينُ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ غَرِمَ الْمَدِينُ أَيْ لِذَلِكَ الْحَالِفِ حِصَّتَهُ مِنْ الدَّيْنِ وَأَمَّا غُرْمُ حِصَّةِ مَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَحِصَّةُ غَيْرِ الْبَالِغِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حَلِفِ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ فَمَتَى ادَّعَى الْمَدِينُ الْقَضَاءَ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ الْوَرَثَةُ قَضَى عَلَيْهِ الْغُرْمَ لِمَنْ لَا يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ وَلِغَيْرِ الْبَالِغِ وَلَا يُطَالَبُ بِالْيَمِينِ بَعْدَ الْبُلُوغِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ) أَيْ الْمَدِينُ أَنَّهُ وَفَّى إلَخْ فَإِنْ نَكَلَ الْمَدِينُ أَيْضًا غَرِمَ لِذَلِكَ النَّاكِلِ حَقَّهُ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ حَلَفَ مَنْ يُظَنُّ بِهِ الْعِلْمُ مِنْ الْوَرَثَةِ إنْ كَانَ ذَلِكَ الْوَارِثُ بَالِغًا وَقْتَ الْمَوْتِ أَيْ سَوَاءٌ ظُنَّ بِهِ الْعِلْمُ بِالْقَضَاءِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا يَمِينَ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ بَالِغًا وَقْتَ الْمَوْتِ بَلْ بَلَغَ بَعْدَهُ فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْوَارِثِ وَلَوْ بَلَغَ قَبْلَ الدَّعْوَى كَذَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لعبق وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الْبُلُوغِ وَقْتَ الْخِصَامِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق بَعْدَ ذَلِكَ اهـ أَمِيرٌ.

(تَنْبِيهٌ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَمَّا لَوْ ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى وَرَثَةِ مَيِّتٍ أَنَّهُ لَهُ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ إنْ عَلِمُوا بِهِ وَجَبَ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ بَعْدَ يَمِينِ الْقَضَاءِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِهِ حَلَفُوا عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ الْعِلْمَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ وَلَمْ يُجِيبُوا كَانَ مِنْ أَفْرَادِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ حَبْسٌ وَأَدَبٌ ثُمَّ حَكَمَ بِلَا يَمِينٍ

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ دَافِعُ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ لِغَيْرِهِ فِي صَرْفٍ أَوْ قَضَاءِ حَقٍّ) أَيْ أَوْ رَأْسِ مَالِ سَلَمٍ أَوْ قِرَاضٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَبُولُ قَوْلِ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ سَوَاءٌ قَبَضَهَا الْآخِذُ مُقْتَضِيًا لَهَا أَوْ لِيُقَلِّبَهَا فَيَأْخُذَ الطَّيِّبَ وَيَرُدَّ غَيْرَهُ.

ص: 229

وَغَابَ عَلَيْهَا ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةً أَوْ مَغْشُوشَةً (فِي نَقْصٍ) لِعَدَدٍ (بَتًّا) أَيْ أَنَّهُ مَا دَفَعَ إلَّا كَامِلًا لِأَنَّ النَّقْصَ يَسْهُلُ فِيهِ حُصُولُ الْقَطْعِ (وَ) فِي (غِشٍّ) وَنَقْصِ وَزْنٍ (عِلْمًا) أَيْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ أَيْ أَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ إلَّا جِيَادًا فِي عِلْمِهِ زَادَ ابْنُ يُونُسَ وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُهَا مِنْ دَرَاهِمِهِ لِأَنَّ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ قَدْ تَخْفَى صَيْرَفِيًّا أَوْ غَيْرَهُ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ الصَّيْرَفِيُّ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ كَنَقْصِ الْعَدَدِ (وَاعْتُمِدَ الْبَاتُّ) فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ أَيْ جَازَ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْيَمِينِ بَتًّا مُسْتَنِدًا (عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ كَخَطِّ أَبِيهِ) أَوْ أَخِيهِ (أَوْ قَرِينَةٍ) دَالَّةٍ عُرْفًا عَلَى الْحَقِّ كَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ قِيَامِ شَاهِدٍ لِلْمُدَّعِي بِدَيْنِ أَبِيهِ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَيَمِينِ الْمَطْلُوبِ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا) أَيْ الْمُعَيَّنُ الْمُدَّعَى (وَلَا شَيْءَ مِنْهُ) لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ بِالْمِائَةِ مَثَلًا مُدَّعٍ لِكُلِّ آحَادِهَا وَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ مُدَّعًى بِهِ (وَنَفَى) الْحَالِفُ (سَبَبًا إنْ عَيَّنَ) مِنْ الْمُدَّعِي كَمِائَةٍ مِنْ سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ (وَ) نَفَى (غَيْرُهُ) أَيْضًا نَحْوَ مَا لَهُ عَلَيَّ مِائَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا لَا مِنْ سَلَفٍ وَلَا غَيْرِهِ أَوْ لَا مِنْ بَيْعٍ وَلَا غَيْرِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَقَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ الْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ بِيَمِينِهِ إنْ كَانَ الْآخِذُ قَبَضَهَا عَلَى الِاقْتِضَاءِ لَا إنْ قَبَضَهَا عَلَى التَّقْلِيبِ وَإِلَّا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْآخِذِ بِيَمِينِهِ فَيَحْلِفُ وَيَرُدُّهَا وَيَأْخُذُ بَدَلَهَا وَهَذَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ فِي سَلَمِهَا الْأَوَّلِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ لَهُ مُقَابِلًا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَغَابَ) أَيْ الْمَدْفُوعُ لَهُ عَلَيْهَا وَقَوْلُهُ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا نَاقِصَةً أَيْ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الْوَزْنِ أَوْ مَغْشُوشَةً أَيْ وَأَرَادَ رَدَّهَا لِدَافِعِهَا فَأَنْكَرَ أَنْ تَكُونَ مِنْ دَرَاهِمِهِ (قَوْلُهُ فِي نَقْصٍ) أَيْ فِي دَعْوَى نَقْصٍ أَيْ فِي دَعْوَى الْمَدْفُوعِ لَهُ نَقْصًا وَقَوْلُهُ لِعَدَدٍ أَيْ أَوْ نَقْصٍ لِوَزْنٍ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ وَزْنًا وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي النَّقْصِ الْمَذْكُورِ بَتًّا سَوَاءٌ كَانَ صَيْرَفِيًّا أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ اتِّفَاقًا وَقَوْلُهُ لِأَنَّ النَّقْصَ أَيْ لِأَنَّ انْتِفَاءَ النَّقْصِ يَسْهُلُ إلَخْ أَوْ لِأَنَّ النَّقْصَ مِنْ حَيْثُ انْتِفَاؤُهُ يَسْهُلُ فِيهِ حُصُولُ الْقَطْعِ أَيْ يَسْهُلُ حُصُولُ الْقَطْعِ أَيْ الْجَزْمِ بِهِ وَلَا يَتَعَذَّرُ فَفِي بِمَعْنَى الْبَاءِ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْقَطْعِ (قَوْلُهُ وَفِي غِشٍّ) أَيْ وَفِي دَعْوَى غِشٍّ أَيْ وَفِي دَعْوَى الْمَدْفُوعِ لَهُ غِشًّا (قَوْلُهُ وَنَقْصِ وَزْنٍ) أَيْ فِي مُتَعَامَلٍ بِهِ عَدَدًا لَا وَزْنًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ نَقْصَ الْوَزْنِ فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا كَنَقْصِ الْعَدَدِ وَأَمَّا فِي الْمُتَعَامَلِ بِهِ عَدَدًا فَهُوَ كَالْغِشِّ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ صَيْرَفِيًّا) أَيْ كَانَ الدَّافِعُ صَيْرَفِيًّا إلَخْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الدَّافِعَ يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الْغِشِّ وَنَقْصِ الْوَزْنِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ مُطْلَقًا كَانَ الدَّافِعُ صَيْرَفِيًّا أَمْ لَا هَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ هَذَا إذَا كَانَ الدَّافِعُ غَيْرَ صَيْرَفِيٍّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَيْرَفِيًّا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ مُطْلَقًا أَيْ فِي نَقْصِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ وَالْغِشِّ وَظَاهِرُ ح فِي بَابِ الْبَيْعِ اعْتِمَادُ هَذَا الثَّانِي وَعَلَيْهِ فَيُقَيَّدُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغِشٍّ عِلْمًا بِغَيْرِ الصَّيْرَفِيِّ (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْأَيْمَانِ) أَيْ لَا فِي خُصُوصِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَقَوْلُهُ أَيْ جَازَ لَهُ أَيْ لِلْحَالِفِ (قَوْلُهُ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ) أَيْ وَقِيلَ إنَّمَا يُعْتَمَدُ عَلَى الْيَقِينِ وَنَصَّ ابْنُ الْحَاجِبِ وَمَا يَحْلِفُ فِيهِ بَتًّا يُكْتَفَى فِيهِ بِظَنٍّ قَوِيٍّ وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ الْيَقِينُ (قَوْلُهُ كَخَطِّ أَبِيهِ) أَيْ كَالظَّنِّ الْحَاصِلِ لَهُ بِرُؤْيَةِ خَطِّ أَبِيهِ أَوْ خَطِّهِ أَوْ الْحَاصِلُ لَهُ مِنْ قَرِينَةٍ إنْ قُلْت قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْيَمِينِ أَنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الظَّنِّ غَمُوسٌ وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ مَنْهِيٌّ عَنْهَا فَكَيْفَ يُحْكَمُ هُنَا بِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ عَلَى الظَّنِّ فِي الْيَمِينِ بَتًّا قُلْت جَوَازُ الِاعْتِمَادِ هُنَا عَلَى الظَّنِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ فِي الْغَمُوسِ وَهُوَ أَنَّهُ الْحَلِفُ عَلَى الشَّكِّ فَقَطْ وَأَمَّا عَلَى أَنَّ الْغَمُوسَ الْحَلِفُ عَلَى الشَّكِّ أَوْ الظَّنِّ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فَإِنَّمَا يُعْتَمَدُ الْبَاتُّ عَلَى الْيَقِينِ أَوْ أَنَّ الظَّنَّ هُنَا قُيِّدَ بِكَوْنِهِ قَوِيًّا بِخِلَافِ الْمُتَقَدِّمِ فَإِنَّهُ مُطْلَقٌ فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ قَوِيًّا وَمَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْبَاتُّ أَنَّ غَيْرَهُ وَهُوَ مَنْ يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُعْتَمَدُ عَلَى الظَّنِّ وَإِنْ لَمْ يَقْوَ.

(قَوْلُهُ وَحَقُّ الْيَمِينِ نَفْيُ كُلِّ مُدَّعًى بِهِ) أَيْ وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا بِزِيَادَةِ قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ مَا لَهُ عِنْدِي كَذَا لِأَنَّ إثْبَاتَ الْكُلِّ إثْبَاتٌ لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَنَفْيُهُ لَيْسَ نَفْيًا لِكُلِّ أَجْزَائِهِ وَقَدْ يُقَالُ الْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّتُهُ نَفْيُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ الْمُدَّعَى بِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْتَاجُ لِقَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ الْقَصْدَ هُنَا زِيَادَةُ التَّشْدِيدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْحَلِفِ فَالِاحْتِيَاجُ لِزِيَادَةٍ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ لِذَلِكَ لَا لِمَا قَالَهُ الشَّارِحُ فَإِنْ أُسْقِطَ وَلَا شَيْءَ مِنْهُ وَجَبَ الْإِتْيَانُ بِهَا مَعَ الْقُرْبِ وَإِعَادَةُ الصِّيغَةِ بِتَمَامِهَا مَعَ الْبُعْدِ (قَوْلُهُ إنْ عُيِّنَ) أَيْ سَوَاءٌ ذَكَرَهُ الْمُدَّعِي بِدُونِ سُؤَالٍ عَنْهُ أَوْ بَعْدَ أَنْ سَأَلَهُ عَنْهُ الْحَاكِمُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ عُيِّنَ مِنْ الْمُدَّعِي أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ السَّبَبَ كَمَا لَوْ ادَّعَى بِعَشَرَةٍ فَقَطْ كَفَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ مَا لَهُ عِنْدِي عَشَرَةٌ وَلَا شَيْءَ مِنْهَا أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ حَقٌّ أَوْ مَا لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا فِي مَعْنَى مَا لَهُ عَشَرَةٌ وَلَا شَيْءٌ مِنْهَا بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ الْمُدَّعِي السَّبَبَ فَلَا يَكْفِي ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ نَفْيِ السَّبَبِ وَغَيْرِهِ وَإِلَّا أُعِيدَتْ (قَوْلُهُ وَنَفَى غَيْرَهُ أَيْضًا) أَيْ لِأَنَّ الْمُدَّعِي يُحْتَمَلُ نِسْيَانُهُ لِلسَّبَبِ وَذَكَرَهُ لِغَيْرِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَدَّعِيَ الْمُدَّعِي ثَانِيًا بِعَشَرَةٍ أُخْرَى لِسَبَبٍ غَيْرِ الَّذِي عَيَّنَهُ فَيَحْتَاجُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِلْحَلِفِ عَلَى نَفْيِهَا ثَانِيًا وَالشَّارِعُ نَاظِرٌ لِتَقْلِيلِ الْخُصُومَاتِ مَا أَمْكَنَ فَإِذَا نَفَى فِي الْيَمِينِ الْأُولَى السَّبَبَ الْمُعَيَّنَ وَغَيْرَهُ اكْتَفَى بِتِلْكَ الْيَمِينِ وَلَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ إذَا ادَّعَى بِعَشَرَةٍ أُخْرَى لِسَبَبٍ غَيْرِ السَّبَبِ

ص: 230

(فَإِنْ قَضَى) الْمَطْلُوبُ السَّلَفَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ وَجَحَدَهُ الطَّالِبُ وَأَرَادَ تَحْلِيفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ حَلَفَ مَا أَسْلَفْتنِي وَ (نَوَى) فِي ضَمِيرِهِ (سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ) الْآنَ لِأَنَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَدْ قَضَاهُ

(وَإِنْ)(قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ بِيَدِهِ عَقَارًا أَوْ غَيْرَهُ لِلْمُدَّعِي هُوَ (وَقْفٌ أَوْ) هُوَ (لِوَلَدِي) الصَّغِيرِ أَوْ الْكَبِيرِ (لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ) لِذَلِكَ الشَّيْءِ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَتِهِ) لَكِنْ لَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَلْ تَتَوَجَّهُ عَلَى نَاظِرِ الْوَقْفِ أَوْ عَلَى الِابْنِ الْكَبِيرِ أَوْ عَلَى وَلِيِّ الصَّغِيرِ وَقَدْ يَكُونُ هُوَ الْأَبُ وَقَدْ يَكُونُ غَيْرَهُ

(وَإِنْ)(قَالَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ هُوَ (لِفُلَانٍ)(فَإِنْ حَضَرَ) فُلَانٌ الْمُقَرُّ لَهُ (ادَّعَى عَلَيْهِ) فَإِنْ كَذَّبَ الْمُقِرَّ رَجَعَتْ الدَّعْوَى عَلَى الْمُقِرِّ وَإِنْ قَالَ نَعَمْ هُوَ لِي فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ أَوْ لَا (فَإِنْ حَلَفَ) أَنَّهُ لَهُ أَخَذَهُ بِمُقْتَضَى الْإِقْرَارِ لَهُ وَالْيَمِينِ وَحِينَئِذٍ (فَلِلْمُدَّعِي تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ) أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ هُوَ حَقٌّ لَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ وَتَمَّ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُقَرِّ لَهُ (وَإِنْ نَكَلَ) الْمُقِرُّ (حَلَفَ) الْمُدَّعِي (وَغَرِمَ) الْمُقِرُّ لِلْمُدَّعِي (مَا فَوَّتَهُ) عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ مِنْ قِيمَتِهِ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَأَمَّا لَوْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ وَيُثْبِتُ بِالنُّكُولِ وَالْحَلِفِ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقَرِّ لَهُ وَذُكِرَ قَسِيمٌ فَإِنْ حَضَرَ بِقَوْلِهِ (أَوْ غَابَ) وَلَوْ قَالَ وَإِنْ غَابَ كَانَ أَظْهَرَ فِي الْمُقَابَلَةِ أَيْ وَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ غَيْبَةً بَعِيدَةً لَا يُعْذَرُ لَهُ فِيهَا (لَزِمَهُ) أَيْ الْمُقِرَّ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا (يَمِينٌ) أَنَّ إقْرَارَهُ لِلْغَائِبِ حَقٌّ لِاتِّهَامِهِ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إبْطَالَ الْخُصُومَةِ عَنْ نَفْسِهِ (أَوْ بَيِّنَةٌ) تَشْهَدُ أَنَّهُ مَلَكَ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ فَيَبْقَى الْمُقَرُّ بِهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ لِحُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ (وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ) إذَا حَضَرَ (لَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ إذْ الْمُدَّعِي لَمْ يَبْطُلْ حَقُّهُ بِيَمِينِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ بَيِّنَتِهِ (فَإِنْ)(نَكَلَ) الْمُقِرُّ عَنْ الْيَمِينِ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ (أَخَذَهُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قَضَى إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ مِنْ رَجُلٍ مَالًا وَقَضَاهُ لَهُ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ ثُمَّ قَامَ صَاحِبُ الْمَالِ وَطَلَبَ الْمُقْتَرِضَ بِالْمَالِ فَأَنْكَرَهُ وَقَالَ لَا شَيْءَ لَك عِنْدِي فَطَلَبَ أَنْ يُحَلِّفَهُ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ لَهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ وَيَنْوِي فِي قَلْبِهِ سَلَفًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ وَيَبْرَأُ مِنْ الْإِثْمِ وَمِنْ الدَّيْنِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ حِينَ طَلَبَهُ مِنْهُ رَدَدْته عَلَيْك لَزِمَهُ وَكَانَ عَلَيْهِ إثْبَاتُ الرَّدِّ، فَإِنْ قُلْت الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَنِيَّةُ الْمُحَلِّفِ أَنَّهُ مَا تَسَلَّفَ مِنْهُ أَصْلًا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ السَّلَفُ بَاقِيًا فِي ذِمَّتِهِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْآنَ رَدُّهُ أَمْ لَا وَحِينَئِذٍ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتِلْكَ الْيَمِينِ وَلَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْيَمِينَ هُنَا لَيْسَتْ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لِكَوْنِهَا لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ بِاعْتِبَارِ مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَوْلُهُمْ الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُحَلِّفِ لَا الْحَالِفِ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَإِذَا كَانَ لِلْمُحَلِّفِ حَقٌّ فَلَا يَنْفَعُ الْحَالِفَ فِي ذَلِكَ نِيَّةٌ وَلَا تَوْرِيَةٌ وَلَا اسْتِثْنَاءٌ بِإِجْمَاعٍ وَيَكُونُ آثِمًا بِيَمِينِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْوَعِيدِ وَهُوَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ اقْتَطَعَ حَقَّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ بِيَمِينِهِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَأَوْجَبَ لَهُ النَّارَ» اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ الْمُعْسِرُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُبَاعُ عَلَى الْمُفْلِسِ إذَا خَافَ أَنْ يُحْبَسَ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ كَذَلِكَ أَيْ مَا أَسْلَفْتنِي وَيَنْوِي سَلَفًا يَجِبُ رَدُّهُ الْآنَ لِأَنَّ الْمُعْسِرَ مَا دَامَ عَلَى حَالِهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَدَاءُ مَا فِي ذِمَّتِهِ كَذَا فِي عج نَقْلًا عَنْ قَوَاعِدِ الْمُقْرِي وَلَا يُقَالُ هَذِهِ الْيَمِينُ وَاقِعَةٌ فِي مُقَابَلَةِ حَقٍّ فِي الْوَاقِعِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ النِّيَّةَ لَا تَنْفَعُ فِيهَا وَيَكُونُ آثِمًا لِأَنَّا نَقُولُ الْمُعْسِرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي عَدَمِ الْوَفَاءِ

(قَوْلُهُ أَوْ لَوَلَدِي) أَيْ أَوْ لِفُلَانٍ الْأَجْنَبِيِّ (قَوْلُهُ لَمْ يُمْنَعْ مُدَّعٍ) أَيْ لَمْ يُمْنَعْ الْمُدَّعِي لِذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَتِهِ بِسَبَبِ الْقَوْلِ الْمَذْكُورِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ لِفُلَانٍ) أَيْ وَإِنْ كَانَ وَلَدُهُ الرَّشِيدُ أَوْ مِنْ وِلَايَةِ غَيْرِهِ لِسَفَهِهِ هُوَ أَيْضًا وَقَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ لِفُلَانٍ أَيْ وَأَعَارَهُ لِي أَوْ آجَرَهُ لِي أَوْ أَوْدَعَهُ أَوْ رَهَنَهُ عِنْدِي وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي وَلَا لِلْمُقَرِّ لَهُ وَإِلَّا عُمِلَ بِهَا وَحَلَفَ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ فَإِنَّ فِيهَا لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةً (قَوْلُهُ فَإِنْ حَضَرَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ حَاضِرًا وَقَوْلُهُ ادَّعَى عَلَيْهِ أَيْ نُقِلَتْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ رَجَعَتْ الدَّعْوَى) عَلَى الْمُقِرِّ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُدَّعِي أَخَذَهُ بَيْتُ الْمَالِ أَوْ بَقِيَ بِيَدِهِ حَوْزًا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي وَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَإِنْ قَالَ نَعَمْ) أَيْ وَإِنْ قَالَ الْمُقَرُّ لَهُ نَعَمْ هُوَ لِي وَقَوْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ أَيْ فَإِنْ حَلَفَ الْمُقِرُّ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ لِفُلَانٍ حَقٌّ لَهُ بَرِئَ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْمُدَّعِي) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ نَكَلَ الْمُقَرُّ لَهُ عَنْ الْيَمِينِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ذَلِكَ الشَّيْءَ لِي فَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ حَلَفَ أَيْ الْمُقَرُّ لَهُ أَنَّهُ لَهُ أَخْذُهُ (قَوْلُهُ فَإِنَّ الْمُدَّعِيَ يَحْلِفُ) أَيْ أَنَّ الْمُقِرَّ كَاذِبٌ فِي إقْرَارِهِ وَأَنَّهُ حَقِّي وَأَخَذَهُ بِيَمِينِهِ مَعَ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ (قَوْلُهُ وَيَثْبُتُ) أَيْ لَهُ الشَّيْءُ الْمُدَّعَى بِهِ بِالنُّكُولِ أَيْ نُكُولِ الْمُقَرِّ لَهُ وَالْحَلِفِ أَيْ حَلِفِ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ أَيْ الْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُقِرِّ أَيْ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ تَحْلِيفُ الْمُقِرِّ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عِيَاضٍ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ غَابَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ غَائِبًا (قَوْلُهُ إنَّهُ مِلْكٌ لِفُلَانٍ الْغَائِبِ) أَيْ أَوْدَعَهُ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُقِرِّ أَوْ رَهَنَهُ أَوْ أَعَارَهُ لَهُ قَالَ بْن وَلَيْسَ التَّصْرِيحُ بِالْمِلْكِيَّةِ لَازِمًا بَلْ يَكْفِي فِي بَقَائِهِ تَحْتَ يَدِهِ وَرَدِّ دَعْوَى الْمُدَّعِي الْمُجَرَّدَةِ شَهَادَةُ الْبَيِّنَةِ بِالْإِيدَاعِ وَنَحْوِهِ كَالرَّهِينَةِ وَالْعَارِيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ

ص: 231

الْمُدَّعِي حَوْزًا (بِلَا يَمِينٍ) إلَى حُضُورِ الْمُقَرِّ لَهُ ثُمَّ فَرَّعَ عَلَى قَوْلِهِ لَزِمَهُ يَمِينٌ أَوْ بَيِّنَةٌ وَعَلَى قَوْلِهِ فَإِنْ نَكَلَ أَخَذَهُ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّعْبِيرَ بِالْفَاءِ قَوْلُهُ (وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ حَضَرَ فِي غَيْبَتِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ أَوْ الْمُدَّعِي كَمَا عَلِمْت (فَصُدِّقَ الْمُقِرُّ أَخَذَهُ) مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا بِيَمِينٍ وَقِيلَ إنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ صِدْقِ الْمُقِرِّ أَنَّهُ لَوْ كَذَّبَهُ سَقَطَ حَقُّهُ وَكَانَ لِلْمُدَّعِي وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ لِأَنَّهُ كَمَالٍ لَا مَالِكَ لَهُ وَقِيلَ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ (وَإِنْ اسْتَحْلَفَ) الْمُدَّعِي أَيْ حَلَّفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْفِعْلِ لَا مُجَرَّدِ طَلَبِ الْيَمِينِ مِنْهُ (وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ) بِالْبَلَدِ (أَوْ) غَائِبَةٌ غَيْبَةً قَرِيبَةً (كَالْجُمُعَةِ) وَنَحْوِهَا ذَهَابًا (يَعْلَمُهَا) الْمُدَّعِي وَأَرَادَ إقَامَتَهَا بَعْدَ ذَلِكَ (لَمْ تُسْمَعْ) وَسَقَطَ حَقُّهُ لِأَنَّهُ مَا حَلَّفَ خَصْمَهُ إلَّا عَلَى إسْقَاطِهَا وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْهَا فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا وَالْقَوْلُ لَهُ فِي نَفْيِ عِلْمِهَا بِيَمِينِهِ وَكَذَا نِسْيَانُهَا أَوْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ عَلَى كَالْجُمُعَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ

(وَإِنْ)(نَكَلَ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ (فِي مَالٍ وَحَقِّهِ) أَيْ الْمَالِ أَيْ مَا يَئُولُ إلَيْهِ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (اسْتَحَقَّ) الطَّالِبُ (بِهِ) أَيْ بِالنُّكُولِ بِيَمِينٍ مِنْ الطَّالِبِ أَيْ مَعَهُ لَا بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ هَذَا (إنْ حَقَّقَ) الْمُدَّعِي مَا ادَّعَى بِهِ فَالتَّحَقُّقُ قَيْدٌ فِي يَمِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ سَقَطَ حَقُّهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوجِبُ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ التُّهْمَةَ لَاسْتَحَقَّ الْمُدَّعِي بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ لِأَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ لَا تُرَدُّ (وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ) لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (حُكْمَهُ) أَيْ حُكْمَ النُّكُولِ أَيْ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ فِي دَعْوَى التَّحْقِيقِ أَوْ التُّهْمَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ فِي التَّحْقِيقِ إنْ نَكَلْت حَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ وَفِي الِاتِّهَامِ إنْ نَكَلْت اسْتَحَقَّ بِمُجَرَّدِ نُكُولِك وَالْبَيَانُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ كَالْأَعْذَارِ فِي مَحَلِّهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَلَا يُمْكِنُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لَهَا لِأَنَّهَا لَا تَقْطَعُ حُجَّةَ الْغَائِبِ (قَوْلُهُ وَإِنْ جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ بَعْدَ يَمِينِ الْمُقِرِّ أَوْ إقَامَتِهِ الْبَيِّنَةَ وَأَخْذِهِ لِلْمُتَنَازِعِ فِيهِ أَوْ بَعْدَ نُكُولِهِ وَتَسْلِيمِهِ لِلْمُدَّعِي وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّارِحِ وَسَوَاءٌ كَانَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَصُدِّقَ الْمُقِرُّ) أَيْ فِيمَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ مِنْهُمَا) أَيْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُقِرِّ حَيْثُ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً وَمِنْ يَدِ الْمُدَّعِي حَيْثُ انْتَفَيَا وَقَوْلُهُ بِيَمِينٍ أَيْ فِي الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ وَهَذَا مَا كَانَ يُقَرِّرُهُ مُعْظَمُ أَشْيَاخِ عج أَمَّا حَلِفُهُ إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُدَّعِي فَظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ فَلِأَنَّ إقْرَارَهُ لَهُ بِهِ وَيَمِينُهُ أَنَّهُ لَهُ كَشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَالْبَيِّنَةُ الَّتِي أَقَامَهَا فِي غَيْبَتِهِ لَمْ تَشْهَدْ بِالْمِلْكِيَّةِ بَلْ بِالْإِعَارَةِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الرَّهْنِيَّةِ نَعَمْ لَوْ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِيَّةِ لَأَخَذَهُ الْمُقَرُّ لَهُ بِلَا يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إنْ أَخَذَهُ مِنْ الْمُقِرِّ) وَالْحَالُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ حَلَفَ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْحَالَتَيْنِ وَأَمَّا إنْ أَخَذَهُ مِنْ يَدِ الْمُدَّعِي حَيْثُ انْتَفَيَا أَخَذَهُ بِيَمِينٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ مَا يُفِيدُهُ كَلَامُ ح قَالَ بْن وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ لِأَنَّ مَعْنَى كَلَامِ ح أَنَّ الْمُقَرَّ لَهُ إذَا حَضَرَ بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْ الْمُقِرِّ بِلَا يَمِينٍ لَهُ لَكِنْ إذَا خَاصَمَهُ الْمُدَّعِي حَلَفَ لَهُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَانْتَقَلَتْ الْحُكُومَةُ لَهُ وَمَشَايِخُ عج إنَّمَا تَكَلَّمُوا عَلَى حَلِفِهِ لِلْمُدَّعِي لَا لِلْمُقِرِّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ وَكَانَ لِلْمُدَّعِي) أَيْ لِأَنَّهُ لَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ وَبَيْتُ الْمَالِ لَمْ يَحُزْ حَتَّى يُدَافِعَ الْإِمَامُ عَنْهُ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْقَوْلَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ لِبَيْتِ الْمَالِ) الْمَازِرِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى بِيَدِ حَائِزِهِ) أَيْ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ قَالَ شَيْخُنَا يَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا جَاءَ الْمُقَرُّ لَهُ وَوَجَدَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِ الْمُقِرِّ وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ بِيَدِ الْمُدَّعِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ اتِّفَاقًا وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ وَإِنْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ إذَا اسْتَحْلَفَ الْمَطْلُوبَ وَحَلَفَ لَهُ بِالْفِعْلِ ثُمَّ أَتَى ذَلِكَ الْمُدَّعِي بَعْدَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَإِنْ كَانَتْ وَقْتَ الْحَلِفِ غَائِبَةً غَيْبَةً بَعِيدَةً كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مَعَ خَوْفِ الطَّرِيقِ أَوْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ مَعَ الْأَمْنِ كَانَ لَهُ الْقِيَامُ بِهَا سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِهَا حِينَ تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ أَوْ لَا وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ حَاضِرَةً حِينَ التَّحْلِيفِ أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا إنْ كَانَ غَيْرَ عَالَمٍ وَإِلَّا فَلَا قِيَامَ لَهُ بِهَا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فَإِنْ نَفَاهَا وَاسْتَحْلَفَ فَلَا بَيِّنَةَ إلَّا لِعُذْرٍ كَنِسْيَانٍ لَكِنْ أَعَادَهَا لِأَجْلِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ كَوْنِ الْبَيِّنَةِ حَاضِرَةً أَوْ غَائِبَةً غَيْبَةً قَرِيبَةً أَوْ بَعِيدَةً يَعْلَمُهَا أَوْ لَا الْغَيْرُ الْمُسْتَفَادُ مِمَّا تَقَدَّمَ وَالْأَوَّلُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّهِ فَلَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى هَذَا (قَوْلُهُ أَيْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ السِّينَ وَالتَّاءَ فِي اسْتَحْلَفَ زَائِدَتَانِ لَا لِلطَّلَبِ (قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَمَاعَهَا بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ وَيُوَافِقُهُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا عُمِلَ بِذَلِكَ الشَّرْطِ كَمَا فِي ح عَنْ زَرُّوقٍ (قَوْلُهُ وَكَذَا نِسْيَانُهَا) أَيْ وَكَذَا الْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينٍ فِي نِسْيَانِهَا (قَوْلُهُ أَوْ زَادَتْ الْمَسَافَةُ إلَخْ) أَيْ فَلَهُ الْقِيَامُ بِهَا سَوَاءٌ عَلِمَ بِهَا حِينَ التَّحْلِيفِ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ حَلَفَ الطَّالِبُ الْيَمِينَ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوجِبُ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ) أَيْ الَّتِي نَكَلَ عَنْهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ التُّهْمَةُ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ التُّهْمَةِ تَتَوَجَّهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ اخْتَلَفَ فِي تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَالسَّرِقَةِ أَنَّهَا تَتَوَجَّهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَتَوَجَّهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا لَا تَنْقَلِبُ بَلْ يَغْرَمُ الْمَطْلُوبُ بِمُجَرَّدِ النُّكُولِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ أَنَّهَا تَنْقَلِبُ ثُمَّ إنَّهُ عَلَى تَوَجُّهِ يَمِينِ التُّهْمَةِ تَتَوَجَّهُ وَلَوْ كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الِاتِّهَامِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتُّهْمَةِ مَا قَابَلَ التَّحْقِيقَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَلْيُبَيِّنْ الْحَاكِمُ) أَيْ وَكَذَلِكَ الْمُحَكَّمُ (قَوْلُهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْحُكْمِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِاسْتِحْبَابِهِ كَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَمَحَلُّ طَلَبِ الْقَاضِي بِالْبَيَانِ الْمَذْكُورِ إذَا كَانَ الْقَاضِي لَا يَعْرِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْجَهْلَ وَأَمَّا إذَا كَانَ يَعْرِفُهُ وَيَعْرِفُ مِنْهُ الْعِلْمَ فَلَا يُطَالَبُ بِالْبَيَانِ لَهُ

ص: 232

مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ (مِنْهَا إنْ نَكَلَ) أَوَّلًا بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ أَوْ قَالَ لِخَصْمِهِ احْلِفْ أَنْت وَخُذْ (بِخِلَافِ مُدَّعٍ الْتَزَمَهَا) مَعَ شَاهِدٍ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ الْتَزَمَهَا حَيْثُ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَا أَحْلِفُ (ثُمَّ رَجَعَ) وَقَالَ لَا أَحْلِفُ فَلَهُ الرُّجُوعُ وَتَحْلِيفُ خَصْمِهِ وَلَا يَكُونُ الْتِزَامُهُ لَهَا مُوجِبًا لِعَدَمِ رُجُوعِهِ

(وَإِنْ)(رُدَّتْ) يَمِينٌ (عَلَيَّ مُدَّعٍ) أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ مِنْ مُقِيمِ شَاهِدٍ فِي مَالٍ (وَسَكَتَ) مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ (زَمَنًا) لَمْ يَقْضِ الْعُرْفُ بِأَنَّهُ نُكُولٌ فِيمَا يَظْهَرُ (فَلَهُ الْحَلِفُ) وَلَا يُعَدُّ سُكُوتُهُ نُكُولًا وَهَذَا مَفْهُومٌ إنْ نَكَلَ فَلَوْ قَالَ وَإِنْ سَكَتَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ زَمَنًا فَلَهُ الْحَلِفُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَشْمَلَ لِشُمُولِهِ لِلْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ وَغَيْرِهِ

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَسْأَلَةِ الْحِيَازَةِ وَأَلْحَقَهَا بِالشَّهَادَةِ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا مَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَفِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ أَنْوَاعٍ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ وَأَجْنَبِيٌّ شَرِيكٌ وَأَقَارِبُ شُرَكَاءُ أَصْهَارُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ)(حَازَ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُ شَرِيكٍ) فِي الشَّيْءِ الْمُحَازِ (وَتَصَرُّفُ) الْحِيَازَةِ وَهِيَ وَضْعُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ وَالِاسْتِيلَاءُ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفُ يَكُونُ بِوَاحِدٍ مِنْ أُمُورِ سُكْنَى أَوْ إسْكَانٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ اسْتِغْلَالٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ قَطْعِ شَجَرٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ كِتَابَةٍ أَوْ وَطْءٍ فِي رَقِيقٍ (ثُمَّ ادَّعَى حَاضِرٌ) بِالْبَلَدِ وَلَوْ حُكْمًا كَمَنْ عَلَى مَسَافَةِ يَوْمَيْنِ فَإِنْ بَعُدَتْ كَمَنْ عَلَى جُمُعَةٍ فَلَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ مُطْلَقًا كَالْأَرْبَعَةِ وَثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ أَوْ التَّوْكِيلِ فَإِنْ جُهِلَ أَمْرُهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَسْقُطُ حَقُّهُ فَاخْتِلَافُهُمَا فِي الْقَرِيبَةِ كَالْأَرْبَعَةِ مَعَ جَهْلِ الْحَالِ (سَاكِتٌ) عَالِمٌ (بِلَا مَانِعٍ) لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ فَإِنْ نَازَعَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ يَمِينٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُدَّعِيًا أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ وَجَدَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا وَامْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَطَلَبَ تَحْلِيفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ عَجَزَ الْمُدَّعِي عَنْ الْبَيِّنَةِ وَطُلِبَتْ الْيَمِينُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَنَكَلَ وَقَالَ لَا أَحْلِفُ (قَوْلُهُ إنْ نَكَلَ) أَيْ عِنْدَ السُّلْطَانِ أَوْ الْقَاضِي أَوْ الْمُحَكَّمِ فَقَطْ (قَوْلُهُ أَوْ مُدَّعًى عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُدَّعٍ لَا مَفْهُومَ لَهُ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِ مَنْ الْتَزَمَهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ أَخْصَرَ وَأَشْمَلَ وَصُورَةُ الْمُدَّعِي أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقِيلَ لَهُ احْلِفْ مَعَ شَاهِدِك فَرَضِيَ وَالْتَزَمَ بِالْحَلِفِ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الْحَلِفِ وَقَالَ لِي شَاهِدٌ ثَانٍ أَوْ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ وَصُورَةُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَدَّعِيَ زَيْدٌ عَلَى عَمْرٍو بِحَقٍّ وَلَا بَيِّنَةَ لِذَلِكَ الْمُدَّعِي فَطُلِبَتْ الْيَمِينُ مِنْ عَمْرٍو وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَقَالَ احْلِفْ وَرَضِيَ بِالْيَمِينِ وَالْتَزَمَهَا ثُمَّ إنَّهُ رَجَعَ عَنْهَا وَقَالَ أَنَا لِي بَيِّنَةٌ بِالدَّفْعِ أَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَأَنَا أَغْرَمُ لَهُ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ الْيَمِينِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ لَا يَكُونُ أَشَدَّ مِنْ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ فَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْيَمِينَ ابْتِدَاءً عَلَى الْمُدَّعِي مَعَ إلْزَامِ اللَّهِ لَهُ بِالْيَمِينِ فَأَحْرَى أَنْ يَرُدَّهَا عَلَيْهِ مَعَ الْتِزَامِهِ هُوَ لَهَا (قَوْلُهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ) الْأَنْسَبُ فَيُمَكَّنُ مِنْ الرُّجُوعِ أَيْ عَنْ الْتِزَامِهِ الْيَمِينَ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ تَحْلِيفُ خَصْمِهِ

(قَوْلُهُ وَسَكَتَ زَمَنًا إلَخْ) وَأَوْلَى لَوْ طَلَبُ الْمُهْلَةِ لِيَتَرَوَّى فِي الْإِقْدَامِ عَلَيْهَا وَالْإِحْجَامِ ثُمَّ طَلَبَ الْحَلِفَ بَعْدَ ذَلِكَ

(قَوْلُهُ لِأَنَّ فِي بَعْضِ أَنْوَاعِهَا) أَيْ صُوَرِهَا الْجُزْئِيَّةِ وَقَوْلُهُ مَا تُسْمَعُ فِيهِ أَيْ وَهُوَ مَا فَقَدَ شَرْطًا مِنْ شُرُوطِ الْحِيَازَةِ كَمَا لَوْ حَازَ مِلْكَ غَيْرِهِ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ أَعْوَامٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَادَّعَى مِلْكَهُ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَادَّعَى الْمِلْكِيَّةَ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ وَكَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ لِلْمُدَّعِي عَلَى الْحَائِزِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ بِعَارِيَّةٍ أَوْ أَعْمَارٍ أَوْ بِأَنْ هَذَا الْمَحُوزَ حَبْسٌ أَوْ طَرِيقٌ أَوْ مَسْجِدٌ فَالْحِيَازَةُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ لَا تَنْفَعُ مَعَ وُجُودِ الْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ فِي بَعْضِهَا مَا لَا تُسْمَعُ فِيهِ) أَيْ وَهُوَ مَا اسْتَوْفَى شُرُوطَ الْحِيَازَةِ أَيْ كَمَا لَوْ حَازَ مِلْكَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَتَصَرَّفَ فِيهِ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَادَّعَى مِلْكَهُ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِ إنْسَانٌ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِالْمِلْكِ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ فَيُصَدَّقُ الْحَائِزُ بِيَمِينِهِ وَلَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةً) أَيْ وَتَرَكَ مِنْهَا ثَلَاثَةً ذَكَرَهَا الشَّارِحُ آخِرَ حِيَازَةِ الْأَقَارِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ وَحِيَازَةِ الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ (قَوْلُهُ غَيْرُ شَرِيكٍ) أَيْ لِلْمُدَّعِي وَقَوْلُهُ وَتُصْرَفُ أَيْ بِوَاحِدٍ مِنْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَيُزَادُ عَلَيْهَا التَّدْبِيرُ (قَوْلُهُ أَوْ هَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ) أَيْ كَثِيرِينَ لِغَيْرِ إصْلَاحٍ لَا لَهُ أَوْ كَانَا يَسِيرَيْنِ عُرْفًا (قَوْلُهُ بِالْبَلَدِ) أَيْ مَعَ الْحَائِزِ (قَوْلُهُ كَمَنْ عَلَى جُمُعَةٍ) أَيْ سَبْعَةِ أَيَّامٍ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ ثَبَتَ عُذْرُهُ عَنْ الْقُدُومِ وَالتَّوْكِيلِ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَكَذَلِكَ) أَيْ لَهُ الْقِيَامُ مَتَى قَدِمَ وَقَوْلُهُ فَإِنْ جَهِلَ أَيْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ مَنَعَهُ مِنْ الْقُدُومِ عُذْرٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَاخْتِلَافُهُمَا إلَخْ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ رُشْدٍ وَهَذَا الْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ إنَّمَا هُوَ إذَا عَلِمَ بِأَنَّ الْمَحُوزَ مِلْكُهُ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ فَلَا حِيَازَةَ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ الْحَاضِرُ غَيْرَ أَنَّهُ فِي الْقَرِيبِ الْغَيْبَةِ يُحْمَلُ عَلَى عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ عِلْمُهُ وَفِي الْحَاضِرِ يُحْمَلُ عَلَى الْعِلْمِ حَتَّى يَثْبُتَ لَهُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ عَالِمٌ) أَيْ بِالتَّصَرُّفِ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَلَهُ الْقِيَامُ وَإِذَا ثَبَتَ عَدَمُ عِلْمِهِ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَازَعَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ نَازَعَ ذَلِكَ الْحَاضِرُ الْحَائِزَ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَهَذَا مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ سَاكِتٌ وَقَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ إلَخْ مُحْتَرِزُ قَوْلِهِ بِلَا مَانِعٍ وَكَذَا قَوْلُهُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ وَظَاهِرُ الشَّارِحِ عَدَمُ سُقُوطِ حَقِّ الْمُدَّعِي إذَا نَازَعَ وَلَوْ كَانَتْ الْمُنَازَعَةُ فِي أَيِّ وَقْتٍ مِنْ الْعَشْرِ سِنِينَ وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ لَا بُدَّ مِنْ دَوَامِ الْمُنَازَعَةِ فِيهَا اهـ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ حَاكِمٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ

ص: 233

أَوْ جَهِلَ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ مِلْكُهُ أَوْ قَامَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ إكْرَاهٍ وَنَحْوِهِ لَمْ يَسْقُطْ حَقُّهُ وَمِنْ الْعُذْرِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ (عَشْرَ سِنِينَ) مَعْمُولٌ لَحَازَ وَمَا بَعْدَهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِهَا وَالْعَشْرُ سِنِينَ إنَّمَا هِيَ شَرْطٌ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ وَهُوَ الْأَرْضُ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنْ بِنَاءٍ أَوْ شَجَرٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَذَا الطُّولُ كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ (لَمْ تُسْمَعْ) دَعْوَاهُ (وَلَا بَيِّنَتُهُ) الَّتِي أَقَامَهَا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُكَذِّبُهُ لِأَنَّ سُكُوتَهُ تِلْكَ الْمُدَّةَ دَلِيلٌ عَلَى صِدْقِ الْحَائِزِ لِجَرْيِ الْعَادَةِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَسْكُتُ عَنْ مِلْكِهِ تِلْكَ الْمُدَّةَ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» وَفِي الْمُدَوَّنَةِ الْحِيَازَةُ كَالْبَيِّنَةِ الْقَاطِعَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَابْنُ نَاجِيٍّ وَفِي ابْنِ عُمَرَ إنَّمَا تَنْفَعُهُ الْمُنَازَعَةُ إذَا كَانَتْ عِنْدَ قَاضٍ (قَوْلُهُ أَوْ جَهِلَ كَوْنَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ مِلْكَهُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا قَالَ لَا عِلْمَ لِي بِأَنَّهُ مِلْكِي وَمَا وَجَدْت الْوَثِيقَةَ إلَّا الْآنَ عِنْدَ فُلَانٍ قَبْلَ قَوْلِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَأَمَّا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَادَّعَى أَنَّ سُكُوتَهُ لِغَيْبَةِ الْبَيِّنَةِ أَوْ غَيْبَةِ الْوَثِيقَةِ الْعَالِمِ بِهَا فَحِينَ حَضَرَتْ بَعْدَ الْعَشْرِ سِنِينَ قَامَ بِهَا فَلَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ فَفِي ح نَقْلًا عَنْ الْجُزُولِيِّ إذَا قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا مِلْكِي وَلَكِنْ مَنَعَنِي مِنْ الْقِيَامِ عَدَمُ الْبَيِّنَةِ وَالْآنَ وَجَدْت الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ ذَلِكَ وَلَا قِيَامَ لَهُ وَلَيْسَ هَذَا عُذْرًا لِأَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ لَهُ إذَا نَازَعَهُ أَوْ يَنْكُلُ عَنْ الْيَمِينِ فَيَحْلِفُ هُوَ وَكَذَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ الصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ عُذْرُهُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ كَالْمُعْتَرِفِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) مِنْ ذَلِكَ مَا إذَا كَانَ الْمَوْضِعُ لَا يَتَيَسَّرُ فِيهِ مَنْ يَزْجُرُ وَيَرْجِعُ إلَيْهِ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ الْحِيَازَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي مَوْضِعِ الْأَحْكَامِ وَأَمَّا فِي الْبَادِيَةِ وَنَحْوِهَا فَلَا حِيَازَةَ وَمِنْ ذَلِكَ خَوْفُ الْحَاضِرِ مِنْ سَطْوَةِ الْحَائِزِ أَوْ مِنْ سَطْوَةِ مَنْ اسْتَنَدَ إلَيْهِ الْحَائِزُ وَلِذَا ذَكَرَ ح وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا حِيَازَةَ لِذِي الشَّوْكَاتِ وَالتَّغَلُّبِ.

(قَوْلُهُ وَمِنْ الْعُذْرِ) أَيْ الْمَانِعِ مِنْ التَّكَلُّمِ الصِّغَرُ وَالسَّفَهُ بِخِلَافِ جَهْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تُسْقِطُ الْحَقَّ وَتَقْطَعُ الْبَيِّنَةَ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ الْجَهْلِ (قَوْلُهُ وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ تَصَرُّفٌ وَحَاضِرٌ وَسَاكِتٌ وَبِلَا مَانِعٍ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مَعْمُولًا لِحَازَ وَمَا بَعْدَهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مَعْمُولًا لِأَحَدِهَا وَبَاقِيهَا يَعْمَلُ فِي ضَمِيرِهِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ التَّنَازُعِ فِي مِثْلِ هَذَا الْعَدَدِ وَإِلَّا فَيُقَدَّرُ مَعْمُولٌ لِمَا زَادَ عَلَى الْعَوَامِلِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَعْمَلَ فِي ضَمِيرِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ (قَوْلُهُ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ وَتُصْرَفُ عَشْرَ سِنِينَ فِيهِ ضَعْفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّصَرُّفُ فِي جَمِيعِهَا بَلْ يَكْفِي فِي أَيِّ جُزْءٍ مِنْهَا وَلَوْ فِي أَوَّلِهَا وَهَذَا التَّعَقُّبُ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى مَا قَالَهُ مِنْ أَنَّ قَوْلَهُ عَشْرَ سِنِينَ مَعْمُولٌ لِحَازَ وَمَا بَعْدَهُ أَمَّا إنْ جُعِلَ مَعْمُولًا لِحَاضِرٍ سَاكِتٍ بِلَا مَانِعٍ وَهُوَ يَتَضَمَّنُ كَوْنَ الْحِيَازَةِ عَشْرَ سِنِينَ وَلَيْسَ ظَرْفًا لِتَصَرُّفٍ فَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ التَّعَقُّبُ (قَوْلُهُ وَالْعَشْرُ سِنِينَ) أَيْ وَالْحَوْزُ عَشْرُ سِنِينَ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ فِي حِيَازَةِ الْعَقَارِ وَقَوْلُهُ كَمَا سَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَيْ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ إلَخْ ثُمَّ إنَّ تَحْدِيدَ الْحِيَازَةِ فِي الْعَقَارِ بِالْعَشْرِ نَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ وَعَزَاهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ لِرَبِيعَةَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَا قَارَبَ الْعَشْرَ كَتِسْعٍ وَثَمَانٍ كَالْعَشْرِ وَقَالَ مَالِكٌ تُحَدُّ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَكَذَا التَّصَرُّفُ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ الْمَذْكُورُ وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الطُّولُ الْمَذْكُورُ إذَا كَانَ التَّصَرُّفُ بِالسُّكْنَى أَوْ الْإِسْكَانِ أَوْ الزَّرْعِ أَوْ الْغَرْسِ أَوْ الِاسْتِغْلَالِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ قَطْعِ الشَّجَرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَسَكَتَ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ كَانَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِمْضَاؤُهُ وَأَخْذُ حَقِّهِ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ الْعِتْقِ أَوْ التَّدْبِيرِ فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ الْإِجَازَةُ وَالرَّدُّ وَإِنْ قَامَ بَعْدَ عَامٍ وَنَحْوِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيَخْتَلِفُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ قَوْلَانِ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) أَيْ سَمَاعًا مُعْتَدًّا بِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ نَفْيَ سَمَاعِهَا رَأْسًا إذْ تُسْمَعُ لِاحْتِمَالِ إقْرَارِ الْحَائِزِ لِلْمُدَّعِي أَوْ اعْتِقَادِ الْحَائِزِ أَنَّ مُجَرَّدَ حَوْزِهَا تِلْكَ الْمُدَّةَ يُوجِبُ لَهُ مِلْكَهَا وَإِنْ كَانَتْ ثَابِتَةَ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ) أَيْ وَلَا تُعْتَبَرُ وَثَائِقُهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ) أَيْ دَعْوَى مُدَّعِي الْمِلْكِيَّةِ (قَوْلُهُ مَعَ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) هِيَ أَرْبَعَةٌ أَوَّلُهَا أَنْ يَحْصُلَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ الْحَائِزِ تَصَرُّفٌ

ص: 234

لَا يُحْتَاجُ مَعَهَا لِيَمِينٍ أَيْ مِنْ الْحَائِزِ وَهَذَا فِي مَحْضِ حَقِّ الْآدَمِيِّ وَأَمَّا الْوَقْفُ بِأَنْوَاعِهِ فَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَلَوْ تَقَادَمَ الزَّمَنُ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَا بَيِّنَتُهُ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ (بِإِسْكَانٍ) مِنْ الْمُدَّعِي لِلْحَائِزِ (وَنَحْوِهِ) كَإِعْمَارٍ أَوْ إرْفَاقٍ أَوْ مُسَاقَاتِهِ أَوْ مُزَارَعَتِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيتُهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ فَلَيْسَ مُرَادُهُ إلَّا بِدَعْوَى إسْكَانٍ لِعَدَمِ قَبُولِ دَعْوَاهُ مَعَ إنْكَارِ الْحَائِزِ نَعَمْ إنْ أَقَرَّ كَانَ كَالْبَيِّنَةِ أَوْ أَوْلَى وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ مِنْ الْحَائِزِ بِحَضْرَةِ الْمُدَّعِي مَالًا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ فِي ذَلِكَ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِالْإِسْكَانِ وَنَحْوِهِ

وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (كَشَرِيكٍ) أَيْ فِي الْمُتَنَازَعِ فِيهِ لَا مُطْلَقًا (أَجْنَبِيٍّ) وَالْأَنْسَبُ بِمُقَابَلَتِهِ بِمَا قَبْلَهُ أَنْ يَقُولَ كَأَجْنَبِيٍّ شَرِيكٍ (حَازَ فِيهَا) أَيْ فِي الْعَشْرِ سِنِينَ (إنْ هَدَمَ وَبَنَى) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَمِثْلُ ذَلِكَ قَطْعُ الشَّجَرِ أَوْ غَرْسُهُ فَإِنَّ الْحَائِزَ يَمْلِكُهُ بِذَلِكَ وَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى الْمُدَّعِي وَلَا بَيِّنَتُهُ وَهَذَا فِي الْفِعْلِ الْكَثِيرِ عُرْفًا وَأَمَّا بِنَاءٌ قَلَّ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ وَنَحْوِهَا أَوْ هَدْمُ مَا يُخْشَى سُقُوطُهُ فَلَا يَمْنَعُ قِيَامُ شَرِيكِهِ

وَأَشَارَ لِلنَّوْعِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَفِي) حِيَازَةِ (الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ) وَالْأَنْسَبُ بِمَا مَرَّ الْقَرِيبُ الشَّرِيكُ (مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا (قَوْلَانِ) الْأَوَّلُ عَشَرَةُ أَعْوَامٍ وَالثَّانِي الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَهُوَ الرَّاجِحُ وَالْخِلَافُ فِي الْقَرِيبِ وَلَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ فَلَوْ حُذِفَ الشَّرِيكُ كَانَ أَحْسَنَ وَأَمَّا الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارُ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا بُدَّ فِي الْحِيَازَةِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَرْبَعِينَ وَقِيلَ يَكْفِي الْعَشَرَةُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ وَقِيلَ لَا يَكْفِي فِيهَا إلَّا مَعَهُمَا

وَ (لَا) تُعْتَبَرُ حِيَازَةً (بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ) وَإِنْ سَفَلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَنْ يَكُونَ الْمُنَازِعُ لَهُ الْمُدَّعِيَ لِلْمِلْكِيَّةِ حَاضِرًا مَعَهُ بِالْبَلَدِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا وَأَنْ يَكُونَ سَاكِتًا وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنْ يَدَّعِيَ الْحَائِزُ وَقْتَ الْمُنَازَعَةِ مِلْكَ الشَّيْءِ الْمُحَازِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حُجَّةٌ إلَّا مُجَرَّدُ الْحَوْزِ فَلَا يَنْفَعُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ بَيَانُ سَبَبِ الْمِلْكِ كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّهُ يُطَالَبُ بِبَيَانِهِ وَقِيلَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلُ الْمِلْكِ لِلْمُدَّعِي لَمْ يُطَالَبْ الْحَائِزُ بِبَيَانِهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْأَصْلُ الْمِلْكُ لِلْمُدَّعِي طُولِبَ بِبَيَانِهِ اُنْظُرْ ح.

(قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَهَا لِيَمِينٍ) أَيْ مِنْ الْحَائِزِ وَقَالَ عِيسَى إنَّهُ يَحْلِفُ وَهُوَ صَرِيحُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَقْوَى عَلَى الظَّاهِرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَلَوْ تَقَادَمَ الزَّمَنُ) أَيْ زَمَنُ الْحِيَازَةِ (قَوْلُهُ بِإِسْكَانٍ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْإِجَارَةِ أَوْ الْعَارِيَّةِ (قَوْلُهُ نَعَمْ إنْ أَقَرَّ) أَيْ الْحَائِزُ بِإِسْكَانٍ مِنْ الْمُدَّعِي كَانَ كَالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا شَهِدَ لِلْمُدَّعِي بَيِّنَةٌ بِإِسْكَانٍ لِلْحَائِزِ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَحْصُلْ إلَخْ) أَيْ وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ الْحَائِزُ الْمِلْكِيَّةَ مِنْ جِهَةِ الْمُدَّعِي بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ وَإِلَّا فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بِالْإِسْكَانِ وَنَحْوِهِ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةٌ بِالْإِسْكَانِ وَنَحْوَهُ وَادَّعَى الْحَائِزُ أَنَّهُ مَلَكَهُ مِنْ جِهَتِهِ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ مَثَلًا صُدِّقَ الْحَائِزُ بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ بِيَمِينِهِ وَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْإِقْرَارِ فَهُوَ مَخْصُوصٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَّةَ حِيَازَةٍ لِتَقَدُّمِ شَهَادَةِ الْعُرْفِ عَلَى إقْرَارِهِ

(قَوْلُهُ حَازَ فِيهَا إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ حِيَازَةَ الْأَجْنَبِيِّ مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ نَافِعَةٌ لَهُ بِالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِرُ الْمُنَازِعُ لَهُ الْمُدَّعِي الْمِلْكِيَّةِ غَيْرَ شَرِيكٍ لَهُ أَوْ كَانَ شَرِيكًا لَهُ وَلَوْ بِمِيرَاثٍ قَوْلُهُ: (إنْ هَدَمَ) أَيْ وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ عَالِمٌ بِالتَّصَرُّفِ وَلَا مَانِعَ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ (قَوْلُهُ أَوْ غَرْسُهُ) أَيْ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَكَذَلِكَ الِاسْتِغْلَالُ فِي غَيْرِهِمَا مِثْلُ كِرَاءِ الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ وَأَخْذِهِ أُجْرَةَ ذَلِكَ وَأَمَّا اسْتِغْلَالُ الْأَرْضِ وَالدَّارِ بِالْإِجَارَةِ أَوْ بِالسُّكْنَى بِنَفْسِهِ أَوْ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ الشَّرِيكِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ قِيَامِ الْأَجْنَبِيِّ وَكَذَا يُقَالُ فِي اسْتِخْدَامِ الرَّقِيقِ وَرُكُوبِ الدَّابَّةِ وَلُبْسِ الثَّوْبِ أَيْ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ الشَّرِيكِ وَإِنْ مَنَعَ مِنْ قِيَامِ غَيْرِهِ ثُمَّ إنَّ الْحِيَازَةَ عَشْرَ سِنِينَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الشَّرِيكِ الْحَائِزُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا مِنْ قَطْعِ الشَّجَرِ وَغَرْسِهِ وَاسْتِغْلَالِ الْحَيَوَانِ وَأَمَّا إذَا تَصَرَّفَ الشَّرِيكُ الْحَائِزُ بِالْبَيْعِ أَوْ الْهِبَةِ أَوْ الصَّدَقَةِ أَوْ وَالْعِتْقِ أَوْ الْكِتَابَةِ أَوْ التَّدْبِيرِ أَوْ الْوَطْءِ وَشَرِيكُهُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ فَإِنَّ الْحَائِزَ يَمْضِي فِعْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ طُولُ أَمَدِ الْحِيَازَةِ كَمَا مَرَّ فِي الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الشَّرِيكِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ هَدْمَ الْحَائِزِ وَبِنَاءَهُ يَمْنَعُ قِيَامَ الشَّرِيكِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ وَقَوْلُهُ فَلَا يَمْنَعُ قِيَامُ شَرِيكِهِ أَيْ وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا عَالِمًا سَاكِتًا بِلَا مَانِعٍ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ

(قَوْلُهُ وَفِي حِيَازَةِ الشَّرِيكِ) أَيْ وَفِي أَمَدِ حِيَازَةِ الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ وَلَا مَفْهُومَ لَلشَّرِيك لِأَنَّ الْقَوْلَيْنِ فِي أَمَدِ حِيَازَةِ الْقَرِيبِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَمْ لَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ وَمَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا) أَيْ مِنْ قَطْعِ الشَّجَرِ وَغَرْسِهِ بِدَارٍ أَوْ أَرْضٍ وَكَذَا الِاسْتِغْلَالُ بِالْكِرَاءِ وَالِانْتِفَاعُ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ (قَوْلُهُ وَهُوَ الرَّاجِحُ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِرْثِ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ الْمُفْتَى بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْإِرْثُ كَالْوَقْفِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْحِيَازَةُ وَتُسْمَعُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ جِدًّا (قَوْلُهُ كَانَ أَحْسَنَ إلَخْ) وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ عَدَاوَةٌ وَإِلَّا كَانُوا كَالْأَجَانِبِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمَوَالِي وَالْأَصْهَارُ، إلَخْ) الْأَصْهَارُ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْهُمْ أَوْ وَتَزَوَّجُوا مِنْك وَالْمَوَالِي كَالْعَتِيقِ مَعَ مُعْتِقِهِ أَوْ مَعَ أَوْلَادِهِ (قَوْلُهُ فَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ

ص: 235

أَيْ لَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ (إلَّا بِكَهِبَةٍ) أَيْ بِمَا يَحْصُلُ بِهِ التَّفْوِيتُ لِلذَّاتِ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْبَيْعِ وَنَحْوِهَا بِخِلَافِ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَالِاسْتِغْلَالِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا حِيَازَةَ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَطُولَ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ (مَا) أَيْ زَمَانٌ (تَهْلَكُ) فِيهِ (الْبَيِّنَاتُ وَيَنْقَطِعُ الْعِلْمُ) أَيْ زَمَانٌ شَأْنُهُ ذَلِكَ نَحْوُ السِّتِّينَ سَنَةً وَالْحَائِزُ يَهْدِمُ وَيَبْنِي وَالْآخَرُ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَلَامٌ

ثُمَّ ذَكَرَ مَا هُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ عَشْرَ سِنِينَ بِقَوْلِهِ (وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ) وَنَحْوُهَا مِنْ بَاقِي الْعَقَارِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْعَقَارِ لَكَانَ أَحْسَنَ (مِنْ غَيْرِهَا) كَعَرْضٍ وَدَوَابَّ (فِي) حِيَازَةِ (الْأَجْنَبِيِّ) وَالْمُدَّعِي حَاضِرٌ سَاكِتٌ بِلَا مَانِعٍ مِنْ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ (فَفِي الدَّابَّةِ) تُسْتَعْمَلُ فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ (وَ) فِي (أَمَةِ الْخِدْمَةِ) تُسْتَخْدَمُ (السَّنَتَانِ) فَلَا كَلَامَ لِلْمُدَّعِي الْأَجْنَبِيِّ بَعْدَهُمَا وَلَا تُسْمَعُ لَهُ بَيِّنَةٌ (وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرْضٍ) غَيْرُ ثَوْبٍ كَأَوَانِي النُّحَاسِ وَأَثَاثِ الْبَيْتِ وَآلَاتِ الزَّرْعِ سَنَةٌ عَلَى السَّنَتَيْنِ وَأَمَّا ثَوْبُ اللُّبْسِ فَيَكْفِي فِيهِ الْعَامُ وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ تُوطَأُ بِالْفِعْلِ فَتَفُوتُ بِحُصُولِهِ عَالِمًا سَاكِتًا بِلَا عُذْرٍ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ إلَّا أَنَّ الْبَيْعَ يَجْرِي عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْحِيَازَةَ فِي الْأَقَارِبِ لَا تَفْتَرِقُ بَيْنَ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ فِي الْكُلِّ عَلَى الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى قَوْلٍ وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ الْعَقَارَ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ هَدْمٌ وَلَا بِنَاءٌ إذْ مِثْلُهُمَا الْإِجَارَةُ وَالْإِسْكَانُ وَقَطْعُ الشَّجَرِ وَغَرْسُهُ حَيْثُ كَثُرَ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ فِي الْحِيَازَةِ مِنْ زَمَنٍ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَةُ وَيَنْقَطِعُ فِيهِ الْعِلْمُ وَأَمَّا غَيْرُ الْعَقَارِ مِنْ الدَّوَابِّ وَالْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ الَّتِي تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالنُّحَاسِ وَالْبُسُطِ وَنَحْوِهَا تُسْتَعْمَلُ فَيَكْفِي فِيهَا الْعَشْرُ سِنِينَ بِخِلَافِ مَا لَا تَطُولُ مُدَّتُهَا كَالثِّيَابِ تُلْبَسُ فَيَنْبَغِي أَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهَا فَإِنَّهَا لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ أَجْنَبِيٍّ وَقَرِيبٍ كَمَا مَرَّ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ لِرَبِّهِ أَخَذَ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يَمْضِ عَامٌ فَإِنْ مَضَى فَلَا ثَمَنَ لَهُ أَيْضًا إنْ كَانَ حَاضِرًا حِينَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَلَهُ الرَّدُّ بَعْدَ حُضُورِهِ وَعِلْمِهِ مَا لَمْ يَمْضِ عَامٌ فَإِنْ مَضَى فَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ وَلَهُ أَخْذُ الثَّمَنِ مَا لَمْ تَمْضِ ثَلَاثَةُ أَعْوَامٍ مِنْ الْبَيْعِ وَإِلَّا سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ أَيْضًا كَذَا ذَكَرُوا فَتَأَمَّلْهُ وَأَمَّا الدُّيُونُ الثَّابِتَةُ فِي الذِّمَمِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَوَالِيَ وَالْأَصْهَارَ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ فِيهِمْ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ كُلُّهَا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلُ أَنَّهُمْ كَالْأَقَارِبِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَهُمْ إلَّا مَعَ الطُّولِ جِدًّا بِأَنْ تَزِيدَ مُدَّتُهَا عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً وَسَوَاءٌ كَانَ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ كَانَ بِالِاسْتِغْلَالِ بِالْكِرَاءِ أَوْ الِانْتِفَاعِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَقِيلَ إنَّهُمْ كَالْأَجَانِبِ غَيْرِ الشُّرَكَاءِ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ مِنْهُمَا أَوْ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الِاسْتِغْلَالِ بِنَفْسِهِ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَقِيلَ كَالْأَجَانِبِ الشُّرَكَاءِ أَيْ فَيَكْفِي فِي الْحِيَازَةِ عَشْرُ سِنِينَ مَعَ التَّصَرُّفِ بِالْهَدْمِ أَوْ الْبِنَاءِ وَمَا يَقُومُ مَقَامَ كُلٍّ لَا بِاسْتِغْلَالٍ أَوْ بِسُكْنَى أَوْ ازْدِرَاعٍ وَاحْتَرَزَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الَّذِينَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُمْ عَنْ الْأَصْهَارِ الَّذِينَ بَيْنَهُمْ قَرَابَةٌ فَيَجْرِي فِيهِمْ مَا جَرَى فِي الْأَقَارِبِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَصْهَارٍ مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي الْمَتْنِ

(قَوْلُهُ أَيْ لَا يَصِحُّ حَوْزُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَا شَرِيكَيْنِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ) أَيْ أَمَدُ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ طُولًا بِحَيْثُ يَكُونُ مِنْ شَأْنِهِ تَهْلَكُ فِيهِ الْبَيِّنَاتُ وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلنَّفْيِ وَهُوَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَكَانَ حَقُّهُ عَطْفَهُ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ الَّذِي قَبْلَهُ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ مَعَهُمَا) أَيْ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ مَعَ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا مِنْ قَطْعِ شَجَرٍ أَوْ غَرْسٍ لَهُ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعُ وَالِاسْتِغْلَالُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تُعْتَبَرُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ إلَّا إذَا كَانَ تَصَرُّفُ الْحَائِزِ مِنْهُمَا بِمَا يُفِيتُ الذَّاتَ أَوْ كَانَ بِالْبِنَاءِ أَوْ الْهَدْمِ أَوْ مَا أُلْحِقَ بِهِمَا وَطَالَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ جِدًّا كَالسِّتِّينَ سَنَةً وَالْآخَرُ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ طُولَ الْمُدَّةِ بِلَا مَانِعٍ لَهُ مِنْ التَّكَلُّمِ

(قَوْلُهُ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ) أَيْ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَأَمَّا الشَّرِيكُ فَاسْتِخْدَامُهُ الرَّقِيقَ وَرُكُوبَ الدَّابَّةِ لَا يَمْنَعُ مِنْ قِيَامِ شَرِيكِهِ وَلَوْ لِعَشْرِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَكُونُ حِيَازَةُ الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ فِي حَقِّهِ بِالسَّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ تُسْتَعْمَلُ فِي رُكُوبٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْحَرْثِ وَالدَّرْسِ وَالسَّاقِيَّةِ وَالطَّاحُونِ وَاحْتُرِزَ عَنْ دَابَّةٍ لَا تُسْتَعْمَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كَالْجَامُوسِ فَإِنَّهَا كَالْعَرْضِ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى السَّنَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِخِدْمَةٍ أَوْ لِغَيْرِهَا كَتَجْرٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا أَمَةُ الْوَطْءِ تُوطَأُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ تُوطَأْ فَهَلْ تَكُونُ كَأَمَةِ الْخِدْمَةِ لَا بُدَّ فِي حِيَازَتِهَا مِنْ سِنِينَ أَوْ يَكْفِي فِيهَا سَنَةٌ لِأَنَّهَا مَظِنَّةُ حُصُولِ الْوَطْءِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ) أَيْ وَكَذَا تَفُوتُ بِالْبَيْعِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْأَقَارِبِ) أَيْ غَيْرِ الْأَبِ وَابْنِهِ وَكَذَا الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ لَا تَفْتَرِقُ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ بَيْنَ عَقَارٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ مُضِيِّ نَحْوِ السِّتِّينَ سَنَةً (قَوْلُهُ لَا تَفْتَرِقُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ الْمُدَّةُ بَيْنَ عَقَارٍ وَغَيْرِهِ أَيْ وَهُوَ الْعُرُوض وَالْحَيَوَانُ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي الْعَقَارِ أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي حِيَازَتِهِ هَدْمٌ أَيْ التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ أَيْ التَّصَرُّفُ بِخُصُوصِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَالْإِسْكَانُ) أَيْ وَكَذَلِكَ السُّكْنَى بِنَفْسِهِ وَالِازْدِرَاعُ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ مِنْ الْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَهَذَا فِي غَيْرِ إلَخْ) أَيْ وَهَذَا فِي التَّصَرُّفِ بِغَيْرِ الْعِتْقِ بِأَنْ كَانَ كَالْكِرَاءِ أَوْ بِاسْتِعْمَالِهِ بِنَفْسِهِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْعِتْقُ وَالتَّدْبِيرُ إذَا حَضَرَ الْمَالِكُ مَجْلِسَهَا فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ

ص: 236