المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إنْ حَضَرَ عَدْلَانِ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ فَالْعِبْرَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (أَوْ) - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٤

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ

- ‌[أَرْكَان الْإِجَارَة]

- ‌[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا]

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ

- ‌(بَابٌ) (الْهِبَةُ)

- ‌[بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

- ‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]

- ‌(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]

- ‌(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)

- ‌[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

- ‌[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]

- ‌[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ)

- ‌(بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)

- ‌ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ

- ‌(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمُنَاسَخَةِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

الفصل: إنْ حَضَرَ عَدْلَانِ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ فَالْعِبْرَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (أَوْ)

إنْ حَضَرَ عَدْلَانِ وَقْتَ الْقَتْلِ أَوْ الْجَرْحِ فَالْعِبْرَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (أَوْ) لَمْ (يَشْهَدْ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْكَبِيرِ لِلصَّغِيرِ (أَوْ لَهُ) أَيْ لِلْكَبِيرِ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ عَلَى بَعْضٍ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ أَنْ لَا يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْهُمْ مَشْهُورًا بِالْكَذِبِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ فِي جَرْحٍ أَوْ قَتْلٍ عَدَمُ شَهَادَتِهِمْ فِي الْمَالِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ عَبْدًا مَعَهُمْ جَرْحٌ أَوْ قَتْلٌ فَلَا تُقْبَلُ (وَلَا يَقْدَحُ) فِي شَهَادَتِهِمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (رُجُوعُهُمْ) عَنْهَا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ (وَلَا تَجْرِيحُهُمْ) مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ إلَّا بِكَذِبٍ فِي مُجَرَّبٍ بِهِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ وَمَوَانِعِهَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَرَاتِبِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ إمَّا أَرْبَعَةٌ عُدُولٌ أَوْ عَدْلَانِ أَوْ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ امْرَأَتَانِ وَبَدَأَ بِالْأُولَى فَقَالَ (وَلِلزِّنَا وَاللِّوَاطِ) أَيْ لِلشَّهَادَةِ عَلَى فِعْلِهِمَا (أَرْبَعَةٌ) مِنْ الْعُدُولِ وَأَمَّا عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِمَا فَيَكْفِي عَدْلَانِ وَلَمَّا كَانَتْ الْفَضِيحَةُ فِيهِمَا أَشْنَعَ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي شَدَّدَ الشَّارِعُ فِيهِمَا طَلَبًا لِلسَّتْرِ يَشْهَدُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ (بِوَقْتٍ) أَيْ يَجْتَمِعُونَ لَهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَإِنْ فَرَّقُوا بَعْدُ كَمَا يَأْتِي (وَرُؤْيَةٍ اتَّحَدَا) وَاتِّحَادُ الرُّؤْيَةِ بِأَنْ يَرَوْا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِ الْأَدَاءِ وَاتِّحَادِ وَقْتِ التَّحَمُّلِ وَمِنْ اتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ اتِّحَادُ كَيْفِيَّتِهَا مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ أَوْ هُوَ فَوْقَهَا أَوْ تَحْتَهَا وَاتِّحَادُ مَكَانِهَا كَكَوْنِهِمَا فِي رُكْنِ الْبَيْتِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ أَوْ وَسَطَهُ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْحَاكِمِ بَعْدَ تَفْرِيقِهِمْ كَمَا قَالَ (وَفَرَّقُوا) وُجُوبًا فِي الزِّنَا (فَقَطْ) دُونَ غَيْرِهِ لِيَسْأَلَ كُلَّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ كَيْفَ رَأَى وَفِي أَيِّ وَقْتٍ رَأَى وَفِي أَيِّ مَكَان رَأَى فَإِنْ اخْتَلَفُوا أَوْ بَعْضُهُمْ بَطَلَتْ وَحُدُّوا

ــ

[حاشية الدسوقي]

لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْخِلَافِ فِي عِلَّةِ بُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِحُضُورِ الْكَبِيرِ بَيْنَهُمْ فَإِنْ عَلَّلَ بُطْلَانَ شَهَادَتِهِمْ بِخَوْفِ تَعْلِيمِهِمْ ضَرَّ حُضُورُهُ وَإِنْ عَلَّلَ بِارْتِفَاعِ الضَّرُورَةِ لِشَهَادَتِهِمْ فَلَا يَضُرُّ حُضُورُهُ لِأَنَّ الضَّرَرَ لَمْ تَرْتَفِعْ بِحُضُورِ غَيْرِ الْعَدْلِ فَإِنْ كَانَ الْكَبِيرُ الَّذِي حَضَرَ بَيْنَهُمْ عَدْلًا فَإِنْ قَالَ لَا أَدْرِي مَنْ رَمَاهُ ثَبَتَتْ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ اتِّفَاقًا إذَا كَانَتْ بِجُرْحٍ سَوَاءٌ قُلْنَا إنَّ الْعِلَّةَ فِي بُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِحُضُورِ الْكَبِيرِ خَوْفَ تَعْلِيمِهِمْ أَوْ قُلْنَا دَفَعَ الضَّرُورَةَ لِشَهَادَتِهِمْ لِأَنَّ الْعَدْلَ الْوَاحِدَ يَكْفِي فِي الْجَرْحِ مَعَ يَمِينِ الْمُدَّعِي وَإِنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِقَتْلٍ فَلَا تَبْطُلُ شَهَادَةُ الصِّبْيَانِ بِنَاءً عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي لِأَنَّ الضَّرُورَةَ لَمْ تَرْتَفِعْ إذْ لَا يَكْفِي الْعَدْلُ الْوَاحِدُ فِي الْقَتْلِ أَمَّا عَلَى الْعِلَّةِ خَوْفَ تَعْلِيمِهِمْ فَالْبُطْلَانُ.

(قَوْلُهُ إنْ حَضَرَ عَدْلَانِ) أَيْ كَبِيرَانِ عَدْلَانِ (قَوْلُهُ أَوْ لَمْ يَشْهَدْ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ الصِّبْيَانُ بِأَنَّ هَذَا الْكَبِيرَ هُوَ الْقَاتِلُ لِلصَّغِيرِ أَوْ أَنَّ الصَّغِيرَ هُوَ الْقَاتِلُ لِلْكَبِيرِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ (قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ الشُّرُوطِ إلَخْ) أَيْ وَبَقِيَ أَيْضًا مِنْهَا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدُ مِنْ جُمْلَةِ الصِّبْيَانِ الْمُجْتَمِعِينَ لَا صَبِيَّ مَرَّ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ رُجُوعُهُمْ) أَيْ الصِّبْيَانِ وَأَمَّا لَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ لِبُلُوغِهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا بَعْدَهُ لَقُبِلَ رُجُوعُهُمْ (قَوْلُهُ وَلَا تَجْرِيحُهُمْ) أَيْ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِمْ الَّذِي هُوَ رَأْسُ أَوْصَافِ الْعَدَالَةِ

[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

(قَوْلُهُ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ) بَقِيَتْ خَامِسَةٌ وَهِيَ ذَكَرٌ فَقَطْ أَوْ أُنْثَى فَقَطْ فِي مَسْأَلَةِ إثْبَاتِ الْخُلْطَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي عَدْلَانِ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشُبْهَةٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَحِينَئِذٍ فَالْمُقِرُّ بِالزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ حُدَّ وَلَا يَحْتَاجُ لِبَيِّنَةٍ عَلَى إقْرَارِهِ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ لَمْ يُحَدَّ وَلَا عِبْرَةَ بِالْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِإِقْرَارِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ كَلَامُ الشَّارِحِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْمُقِرَّ بِالزِّنَا لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُ عَلَى أَنَّهُ إذَا اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ وَأَعْلَمَ الْحَاكِمَ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ حَدُّهُ إلَّا إذَا شَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَدْلَانِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ أَشْنَعُ مِنْ سَائِرِ الْمَعَاصِي) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ أَشَدَّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ شَدَّدَ الشَّارِعُ فِيهِمَا) فَجَعَلَ كُلًّا مِنْهُمَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ وَقِيلَ إنَّهُ لَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا بَيْنَ اثْنَيْنِ اُشْتُرِطَ أَرْبَعَةٌ لِيَكُونَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَقِيلَ لَمَّا كَانَ الشُّهُودُ مَأْمُورِينَ بِالسَّتْرِ وَلَمْ يَفْعَلُوا غُلِّظَ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ سَتْرًا مِنْ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ (قَوْلُهُ بِوَقْتٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ صِفَةٌ لِأَرْبَعَةٍ أَيْ يَشْهَدُونَ بِوَقْتٍ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَجْتَمِعُونَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي وَقْتٍ (قَوْلُهُ وَرُؤْيَةٍ) عَطْفٌ عَلَى وَقْتٍ وَالْبَاءُ فِي الْأَوَّلِ بِمَعْنَى فِي حَقِيقَةً وَفِي الثَّانِي بِالْعَطْفِ بِمَعْنَى فِي مَجَازًا وَقَوْلُهُ اتَّحَدَا صِفَةٌ لِوَقْتٍ وَرُؤْيَةٍ أَيْ يَذْهَبُونَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَنْ يَذْهَبُوا جَمِيعًا لِأَدَائِهَا وَإِنْ فُرِّقُوا بَعْدَ ذَلِكَ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَيَشْهَدُونَ بِرُؤْيَةٍ أَيْ وَيَتَحَمَّلُونَ الشَّهَادَةَ بِرُؤْيَةٍ وَاحِدَةٍ بِأَنْ يَرَوْا دُفْعَةً أَوْ مُتَعَاقِبًا مَعَ الِاتِّصَالِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ بِأَنْ يَرَوْا جَمِيعًا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ) هَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا رَأَوْا الذَّكَرَ فِي الْفَرْجِ دُفْعَةً وَاحِدَةً بِأَنْ اجْتَمَعَ الْأَرْبَعَةُ وَنَظَرُوا دُفْعَةً وَصَادِقٌ بِمَا إذَا رَأَوْا مُتَعَاقِبِينَ مَعَ الِاتِّصَالِ بِأَنْ نَظَرُوا مِنْ كُوَّةٍ مَثَلًا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ فِي لَحْظَةٍ مُتَّصِلَةٍ وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يَقْتَضِي كِفَايَةَ كُلٍّ مِنْ الْأَمْرَيْنِ.

(قَوْلُهُ فَلَا بُدَّ مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِ الْأَدَاءِ) أَيْ مِنْ اتِّحَادِ وَقْتِ الِاجْتِمَاعِ لِلْأَدَاءِ (قَوْلُهُ وَمِنْ اتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا بُدَّ مِنْ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى كَيْفِيَّةِ الزِّنَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ اضْطِجَاعٍ أَوْ قِيَامٍ إلَخْ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ لَيْسَ كَيْفِيَّةَ الرُّؤْيَةِ وَلَا مِنْ اتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَفَرَّقُوا) أَيْ عِنْدَ الْأَدَاءِ بَعْدَ إتْيَانِهِمْ مَحَلَّ الْحَاكِمِ جَمِيعًا

ص: 185

(وَ) يَشْهَدُونَ (أَنَّهُ أَدْخَلَ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا) أَيْ رَأَوْا ذَلِكَ وَيَزِيدُونَ وُجُوبًا وَقِيلَ نَدْبًا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ وَطَلَبًا لِحُصُولِ السَّتْرِ (وَ) جَازَ (لِكُلٍّ) مِنْهُمْ وَقْتَ التَّحَمُّلِ (النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ) قَصْدًا لِيَعْلَمَ كَيْفَ يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا كَانُوا أَرْبَعَةً عُدُولًا وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِعَدَمِ قَبُولِ الشَّهَادَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ وَإِنَّمَا جَوَّزُوا رُؤْيَةَ الْعَوْرَةِ هُنَا وَمَنَعُوهَا النِّسَاءَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الزَّوْجَيْنِ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ وَجَعَلُوا الْمَرْأَةَ مُصَدَّقَةً وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَدَّدُوا عَلَى شُهُودِ الزِّنَا مَا لَمْ يُشَدِّدُوا عَلَى غَيْرِهِمْ أَبَاحُوا لَهُمْ ذَلِكَ لِتَتِمَّ لَهُمْ الشَّهَادَةُ (وَنُدِبَ) لِلْحَاكِمِ (سُؤَالُهُمْ) عَمَّا لَيْسَ شَرْطًا فِي الشَّهَادَةِ نَحْوُ هَلْ كَانَا رَاقِدَيْنِ أَوْ لَا وَهَلْ كَانَا فِي الْجَانِبِ الشَّرْقِيِّ أَوْ الْغَرْبِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَهُوَ قَوْلٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَأَمَّا مَا كَانَ شَرْطًا فِيهَا فَلَا بُدَّ مِنْ سُؤَالِهِ عَنْهُ وُجُوبًا كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ عَلَى قَوْلٍ وَكَاتِّحَادِ الرُّؤْيَةِ (كَالسَّرِقَةِ) يُنْدَبُ سُؤَالُ شَاهِدِيهَا (مَا هِيَ) أَيْ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ هِيَ (وَكَيْفَ أُخِذَتْ) أَيْ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ أُخِذَتْ لِيُتَوَصَّلَ بِذَلِكَ إلَى قَطْعِ الْيَدِ أَوْ عَدَمِهِ

وَذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الثَّانِيَةَ بِقَوْلِهِ (وَلِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آئِلٍ) أَيْ رَاجِعٍ (لَهُ) أَيْ لِلْمَالِ (كَعِتْقٍ) وَطَلَاقٍ غَيْرِ خُلْعٍ وَوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ مَالٍ (وَرَجْعَةٍ) ادَّعَتْهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُنْكِرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَإِنَّهُ أَدْخَلَهُ فَرْجَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى بِوَقْتٍ أَيْ يَشْهَدُونَ فِي وَقْتٍ وَأَنَّهُ أَدْخَلَ إلَخْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ أَيْ رَأَوْا ذَلِكَ) الْأَوْلَى أَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْا ذَلِكَ أَيْ فَرْجَهُ فِي فَرْجِهَا فَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَى التَّيَقُّنِ وَالتَّثَبُّتِ (قَوْلُهُ وَيَزِيدُونَ وُجُوبًا) أَيْ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ وَالْمَوَّاقُ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ نَدْبًا أَيْ كَمَا قَالَ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ زِيَادَةً فِي التَّشْدِيدِ) أَيْ عَلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَتْرُكُونَ الشَّهَادَةَ.

(قَوْلُهُ وَطَلَبًا لِحُصُولِ السَّتْرِ) عَطْفُ عِلَّةٍ عَلَى مَعْلُولٍ أَيْ وَإِنَّمَا زِيدَ فِي التَّشْدِيدِ عَلَيْهِمْ طَلَبًا إلَخْ (قَوْلُهُ وَجَازَ لِكُلٍّ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ تَتَوَقَّفُ عَلَى النَّظَرِ لَهُمَا وَنَشَأَ مِنْ هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ كَيْفَ تَصِحُّ الشَّهَادَةُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّ النَّظَرَ لِلْعَوْرَةِ مَعْصِيَةٌ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ مَعْصِيَةٌ بَلْ مَأْذُونٌ فِيهِ لِتَوَقُّفِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلِكُلٍّ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ ظَاهِرُهُ وَلَوْ قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً وَلَا يَقْدَحُ فِيهِمْ الْإِقْرَارُ عَلَى الزِّنَا كَمَا فِي ح وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا سُرْعَةَ الرَّفْعِ خَشْيَةَ إحْدَاثِ عَدَاوَةٍ فِي النَّفْسِ مَعَ إثْبَاتِ الْحَدِّ لَكِنَّ الَّذِي فِي ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُمْ إذَا قَدَرُوا عَلَى مَنْعِهِمْ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا ابْتِدَاءً فَلَا يَجُوزُ لَهُمْ النَّظَرُ لِلْعَوْرَةِ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِمْ بِعِصْيَانِهِمْ بِسَبَبِ عَدَمِ مَنْعِهِمْ مِنْهُ ابْتِدَاءً وَنَحْوُهُ لِابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمْ لَمَّا شَدَّدُوا إلَخْ) قَدْ فَرَّقَ ابْنُ عَرَفَةَ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ غَيْرِ هَذَا الْأَوَّلُ أَنَّ الْحَدَّ حَقٌّ لِلَّهِ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ حَقٌّ لِلْآدَمِيِّ وَحَقُّ اللَّهِ آكَدُ لِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ سُرِقَ وَقُطِعَ يَمِينَ رَجُلٍ عَمْدًا يُقْطَعُ لِلسَّرِقَةِ وَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ الثَّانِي أَنَّ مَا لِأَجْلِهِ النَّظَرُ وَهُوَ الزِّنَا مُحَقَّقُ الْوُجُودِ أَوْ رَاجِحُهُ وَثُبُوتُ الْعَيْبِ مُحْتَمَلٌ عَلَى السَّوَاءِ الثَّالِثُ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ فِي الزِّنَا وَهُوَ مَغِيبُ الْحَشَفَةِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ مِنْ الْإِحَاطَةِ بِالنَّظَرِ لِلْفَرْجِ مَا يَسْتَلْزِمُهُ النَّظَرُ لِلْعَيْبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ هَلْ كَانَا) أَيْ وَقْتَ الزِّنَا (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ) أَيْ ذِكْرُ ذَلِكَ فِي الشَّهَادَةِ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ وَقِيلَ إنَّهُ وَاجِبٌ وَهُوَ الَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ قَوْلَ الْمُدَوَّنَةِ وَيَنْبَغِي إلَخْ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا سَأَلَهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَاخْتَلَفُوا فِي الْجَوَابِ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ عَلَى أَيِّ حَالَةٍ أُخِذَتْ) أَيْ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَأَيْنَ ذَهَبُوا بِهَا

(قَوْلُهُ كَعِتْقٍ إلَخْ) مَثَّلَ بِثَلَاثَةِ أَمْثِلَةٍ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عَقْدًا لَازِمًا لَا يَحْتَاجُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْعِتْقِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ وَالسَّيِّدُ فِيهِ كَافٍ أَوْ عَقْدًا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْكِتَابَةِ أَوْ كَانَ غَيْرَ عَقْدٍ وَفِيهِ إدْخَالٌ فِي مِلْكٍ كَالرَّجْعَةِ وَمِثْلُهَا الِاسْتِلْحَاقُ وَالْإِسْلَامُ فَإِذَا ادَّعَى وَلَدٌ أَنَّ أَبَاهُ اسْتَلْحَقَهُ وَإِخْوَتُهُ مَثَلًا يُنْكِرُونَ ذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ أَوْ ادَّعَى أَنَّ فُلَانًا النَّصْرَانِيَّ أَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَرِثَهُ أَوْ لِأَجْلِ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَقَوْلُهُ كَعِتْقٍ أَيْ ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَهُوَ يُنْكِرُ أَوْ ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَهُوَ يُنْكِرُ فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَطَلَاقٍ غَيْرِ خُلْعٍ) إنَّمَا أَخْرَجَ الْخُلْعَ لِعَدَمِ انْخِرَاطِهِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ الْمُمَثَّلِ لَهُ بِالْعِتْقِ وَهُوَ الْعَقْدُ اللَّازِمُ الَّذِي لَا يَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ لِأَنَّ الْخُلْعَ مِنْ قَبِيلِ الْعُقُودِ الَّتِي تَفْتَقِرُ لِعَاقِدَيْنِ كَالْكِتَابَةِ فَإِذَا ادَّعَتْ أَنَّهُ خَالَعَهَا بِعَشْرَةٍ وَهُوَ يُنْكِرُ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَمَّا قَدْرُ الْخُلْعِ فَعَلَى أَصْلِ الْمَالِيَّاتِ وَكَذَا كَوْنُ الطَّلَاقِ بِخُلْعٍ بَعْدَ الِاتِّفَاقِ عَلَى الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ وَوَصِيَّةٍ بِغَيْرِ مَالٍ) أَيْ كَالْوَصِيَّةِ عَلَى النَّظَرِ فِي أَوْلَادِهِ أَوْ تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ أَوْ قَسْمِ تَرِكَتِهِ عَلَى الْوَرَثَةِ وَمِثْلُ الْعِتْقِ وَمَا مَعَهُ الْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لِأَنَّهُ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى عَاقِدَيْنِ بَلْ يَكْفِي الْعَافِي (قَوْلُهُ ادَّعَتْهَا عَلَى زَوْجِهَا الْمُنْكِرِ) أَيْ فَلَا بُدَّ لِثُبُوتِ مَا ادَّعَتْهُ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَأَمَّا ادِّعَاءُ الزَّوْجِ الرَّجْعَةَ فَإِنْ كَانَ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ مَقْبُولٌ وَإِنْ ادَّعَى بَعْدَهَا أَنَّهُ كَانَ رَاجَعَهَا فِيهَا وَأَنْكَرَتْ فَلَا تُقْبَلُ دَعْوَاهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ عَلَى حُصُولِ الرَّجْعَةِ فِي الْعِدَّةِ فَالصَّوَابُ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَوْ رَجْعَةٍ أَيْ ادَّعَتْهَا الزَّوْجَةُ

ص: 186

(وَكِتَابَةٍ) وَنِكَاحٍ وَوَكَالَةٍ فِي غَيْرِ مَالٍ (عَدْلَانِ)

وَذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الثَّالِثَةَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ الْمَشْهُودُ بِهِ مَالًا أَوْ آيِلًا لَهُ (فَعَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ) عِدْلَتَانِ (أَوْ أَحَدُهُمَا) أَيْ عَدْلٌ فَقَطْ وَامْرَأَتَانِ فَقَطْ (بِيَمِينٍ) أَيْ مَعَ يَمِينِ الْمَشْهُودِ لَهُ (كَأَجَلٍ) ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَخَالَفَهُ الْبَائِعُ وَمِثْلُهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْبَيْعِ أَوْ فِي قَبْضِ الثَّمَنِ فَيَثْبُتُ بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِيَمِينٍ (وَخِيَارٍ) ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَنَازَعَهُ الْبَائِعُ لِأَيْلُولَتِهِ لِمَالٍ (وَشُفْعَةٍ) ادَّعَى الْمُشْتَرِي إسْقَاطَ الشَّفِيعِ لَهَا وَخَالَفَهُ الشَّفِيعُ وَكَذَا إذَا مَضَتْ مُدَّةٌ وَادَّعَى الشَّفِيعُ الْغَيْبَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ (وَإِجَارَةٍ) كَأَنْ يَقُولَ الْمُسْتَأْجَرُ آجَرْتنِي بِكَذَا أَوْ لِمُدَّةِ كَذَا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَخَالَفَهُ الْآخَرُ (وَجَرْحٍ خَطَأٍ) ادَّعَاهُ الْمَجْرُوحُ عَلَى مُنْكِرِهِ (أَوْ) جَرْحِ (مَالٍ) عَمْدًا كَجَائِفَةٍ (وَأَدَاءِ) نُجُومِ (كِتَابَةٍ) ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ الْمُنْكِرِ فَيَحْلِفُ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدٍ (وَإِيصَاءٍ بِتَصَرُّفٍ فِيهِ) أَيْ فِي الْمَالِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ جُعِلَ وَصِيًّا عَلَى أَنْ يُفَرِّقَ مِنْ مَالِهِ كَذَا عَلَى الْفُقَرَاءِ أَوْ يَحُجَّ بِهِ عَنْهُ أَوْ يُوفِيَ بِهِ دَيْنَهُ وَكَذَا فِي حَيَاتِهِ لَكِنَّهَا تَكُونُ وَكَالَةً وَاسْتَشْكَلَ ثُبُوتُ هَذَيْنِ بِالْعَدْلِ أَوْ الْمَرْأَتَيْنِ مَعَ الْيَمِينِ بِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ أَحَدٌ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَا إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّ ثُبُوتِهِمَا مَعَ الْيَمِينِ إذَا كَانَ فِيهِمَا نَفْعٌ لِلْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ كَمَا إذَا كَانَتَا بِأُجْرَةٍ أَوْ رَهْنٍ كَدَعْوَى أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ سِلْعَةٍ لِيَجْعَلَهَا عِنْدَهُ رَهْنًا فِي دَيْنِهِ الَّذِي لَهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ أَوْ الْمَيِّتِ الْمُوصِي لَهُ بِذَلِكَ فَإِنْ حَلَفَ الْوَكِيلُ أَوْ الْوَصِيُّ مَعَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ ثَبَتَ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْحَيُّ وَإِلَّا بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْوَصِيِّ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّهُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ مِنْ غَيْرِ نَفْعٍ يَعُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ وَأَمَّا مُطْلَقُ أَنَّهُ وَصِيٌّ بِلَا قَيْدِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدْلَيْنِ كَمُطْلَقِ وَكِيلٍ (أَوْ بِأَنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ) أَيْ بِالْمَالِ وَهَذَا عَطْفٌ عَلَى الْمَعْنَى أَيْ كَالشَّهَادَةِ بِأَجَلٍ أَوْ بِأَنَّهُ حُكِمَ لَهُ بِهِ أَيْ أَنَّ مَنْ حُكِمَ لَهُ بِمَالٍ ثُمَّ أَرَادَ أَخْذَهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِ الْحَاكِمِ وَعِنْدَهُ شَاهِدٌ أَوْ امْرَأَتَانِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لَهُ بِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مَعَ الْيَمِينِ (كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ) الْقِنِّ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَوْ ادَّعَاهَا الزَّوْجُ وَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَتْ دَعْوَاهُ بَعْدَ الْعِدَّةِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ حَيْثُ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى دَعْوَاهَا فَظَاهِرُهُ أَنَّ دَعْوَى الزَّوْجِ مَقْبُولَةٌ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَكِتَابَةٍ) كَأَنْ يَدَّعِيَ الْعَبْدُ أَنَّ سَيِّدَهُ كَاتَبَهُ بِكَذَا وَالسَّيِّدُ يُنْكِرُ كِتَابَتَهُ مِنْ أَصْلِهَا فَلَا تَثْبُتُ دَعْوَى الْعَبْدِ إلَّا بِعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَنِكَاحٍ) كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ تَزَوَّجَ فُلَانَةَ وَهِيَ تُنْكِرُ فَلَا تَثْبُتُ دَعْوَاهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَوَكَالَةٍ فِي غَيْرِ مَالٍ) أَيْ كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ وَكِيلٌ لِفُلَانَةَ لِيُزَوِّجَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ عَدْلَيْنِ يَشْهَدَانِ لَهُ بِذَلِكَ

(قَوْلُهُ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ) أَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ فِي قَبُولِ الشَّاهِدِ مَعَ الْيَمِينِ فَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّاهِدُ مُبَرِّزًا فِي الْعَدَالَةِ أَمْ لَا وَهُوَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ وَارْتَضَاهُ بْن وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مُبَرِّزًا (قَوْلُهُ كَأَجَلٍ) أَيْ لِثَمَنِ مَبِيعٍ ادَّعَاهُ الْمُشْتَرِي وَأَنْكَرَهُ الْبَائِعُ وَادَّعَى أَنَّ الثَّمَنَ حَالٌّ غَيْرُ مُؤَجَّلٍ وَكَذَا إذَا اتَّفَقَا عَلَى الْأَجَلِ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَأَجَلٍ أَيْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَصْلِهِ أَوْ فِي قَدْرِهِ (قَوْلُهُ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْبَيْعِ) أَيْ بِأَنْ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الثَّانِي (قَوْلُهُ لِأَيْلُولَتِهِ لِمَالٍ) أَيْ وَذَلِكَ لِقِلَّةِ الثَّمَنِ وَكَثْرَتِهِ فِي الْبَتِّ وَالْخِيَارِ (قَوْلُهُ وَادَّعَى الشَّفِيعُ الْغَيْبَةَ عِنْدَ الْعَقْدِ) أَيْ وَالْمُشْتَرِي يَدَّعِي أَنَّهُ أَسْقَطَ الشُّفْعَةَ وَأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ آجَرْتنِي كَذَا وَخَالَفَهُ الْمَالِكُ وَقَالَ لَمْ أُؤَاجِرْك هَذَا الشَّيْءَ وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّزَاعَ إمَّا فِي أَصْلِ الْإِجَارَةِ أَوْ فِي قَدْرِ الْأُجْرَةِ أَوْ الْمُدَّةِ.

(قَوْلُهُ أَوْ مَالٍ) عَطْفٌ عَلَى خَطَأٍ وَأُضِيفَ الْجَرْحُ لِلْمَالِ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ كَجَائِفَةٍ وَمَأْمُومَةٍ (قَوْلُهُ وَأَدَاءِ نُجُومِ كِتَابَةٍ) أَيْ أَدَّى كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا فَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ وَأَنْكَرَ السَّيِّدُ الْقَبْضَ حَلَفَ الْعَبْدُ مَعَ شَاهِدِهِ حَتَّى فِي النَّجْمِ الْأَخِيرِ وَإِنْ أَدَّى لِلْعِتْقِ (قَوْلُهُ ثُبُوتُ هَذَيْنِ) أَيْ الْوَصِيَّةِ وَالْوَكَالَةِ (قَوْلُهُ فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَثْبُتَا إلَّا بِعَدْلَيْنِ) أَيْ أَوْ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ حَلَفَ الْحَيُّ) أَيْ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَالْمُوصِي إنْ كَانَ حَيًّا فَإِنْ كَانَ مَيِّتًا بَطَلَتْ بِنُكُولِ الْوَصِيِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ) نَظِيرُ ذَلِكَ الْوَقْفِ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ مُسْتَحِقٌّ حَتَّى يَحْلِفَ مَعَ أَحَدِهِمَا وَإِنَّمَا يَحْلِفُ فِي الْحُقُوقِ مَنْ يَسْتَحِقُّ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِشَاهِدَيْنِ وَبِشَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا مُطْلَقُ أَنَّهُ وَصِيٌّ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِنْ كَلَامِهِ أَوَّلًا وَآخِرًا أَنَّ دَعْوَى أَنَّهُ وَصِيٌّ أَوْ وَكِيلٌ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِمَالِ أَوْ غَيْرِهِ وَكَذَا دَعْوَى أَنَّهُ وَصِيٌّ فِي غَيْرِ الْمَالِ كَالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِ أَوْلَادِهِ أَوْ تَزْوِيجِ بَنَاتِهِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ وَأَمَّا دَعْوَى أَنَّهُ وَكِيلٌ أَوْ وَصِيٌّ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي الْمَالِ فَإِنْ كَانَ نَفْعٌ يَعُودُ عَلَى الْوَصِيِّ أَوْ الْوَكِيلِ كَفَى الْعَدْلُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ مَعَ يَمِينٍ مِنْ أَحَدِهِمَا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَفْعٌ يَعُودُ عَلَيْهِ فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ أَوْ عَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكْفِي مَعَ الْيَمِينِ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا شَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ مِنْ اشْتِرَاطِ عَدْلَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ كَشِرَاءِ زَوْجَتِهِ إلَخْ) أَتَى فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ بِكَافِ التَّشْبِيهِ وَلَمْ يَعْطِفْهَا كَاَلَّتِي قَبْلَهَا عَلَى كَأَجَلٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ بِهِ فِي الثَّالِثَةِ لَيْسَ مَالًا وَلَا آيِلًا لَهُ قَطْعًا وَالِاثْنَانِ قَبْلَهَا الْمَشْهُودُ بِهِ فِيهِمَا مَالٌ وَيُؤَدِّي لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ كَمَا يَتَبَيَّنُ فِيمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ أَيْ ادَّعَى أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ سَيِّدِهَا إلَخْ) أَيْ وَكَذَا عَكْسُهُ

ص: 187

فَيَكْفِي زَوْجَهَا الشَّاهِدُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ مَعَ الْيَمِينِ (وَتَقَدُّمِ دَيْنٍ عِتْقًا) ادَّعَاهُ الْغَرِيمُ عَلَى سَيِّدِ الْعَبْدِ الْمُدَّعِي تَقَدُّمَ الْعِتْقِ فَيَكْفِي الْغَرِيمَ الشَّاهِدُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ مَعَ الْيَمِينِ وَيَبْطُلُ الْعِتْقُ وَيُبَاعُ فِي الدَّيْنِ (وَقِصَاصٍ فِي جَرْحٍ) عَمْدًا يَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ الْيَمِينِ وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسِنَاتِ الْأَرْبَعِ إذْ هِيَ لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا آيِلَةٍ لَهُ

ثُمَّ ذَكَرَ الْمَرْتَبَةَ الرَّابِعَةَ بِقَوْلِهِ (وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ) عِدْلَتَانِ (كَوِلَادَةٍ) شَهِدَتَا بِهَا وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْ شَخْصٌ الْمَوْلُودَ (وَعَيْبِ فَرْجٍ) فِي أَمَةٍ اخْتَلَفَ فِيهِ الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي كَحُرَّةٍ ادَّعَاهُ زَوْجُهَا وَأَنْكَرَتْ وَرَضِيَتْ بِرُؤْيَةِ الْمَرْأَتَيْنِ وَإِلَّا فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ كَمَا مَرَّ فِي عُيُوبِ الزَّوْجَيْنِ (وَاسْتِهْلَالٍ) لِمَوْلُودٍ أَوْ عَدَمِهِ وَكَذَا ذُكُورَتُهُ أَوْ أُنُوثَتُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ الْإِرْثُ وَعَدَمُهُ (وَحَيْضٍ) فِي أَمَةٍ وَأَمَّا الْحُرَّةُ فَمُصَدَّقَةٌ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ الْعَدْلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ فَحَقُّهُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَى قَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ شُهِدَ بِهِ بَعْدَ مَوْتٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ امْرَأَةً ادَّعَتْ بَعْدَ مَوْتِ رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا بِصَدَاقٍ مَعْلُومٍ وَأَقَامَتْ عَلَى ذَلِكَ شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدَهُمَا وَحَلَفَتْ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ فَتَأْخُذُ صَدَاقَهَا وَتَرِثُ وَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَلَا تُحَرَّمُ عَلَى أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ (أَوْ) شَهِدَ عَلَى (سَبْقِيَّتِهِ) أَيْ الْمَوْتِ أَيْ أَنَّ أَحَدَ الزَّوْجَيْنِ الْمُحَقِّقِي الزَّوْجِيَّةِ مَاتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ (أَوْ) شَهِدَ عَلَى (مَوْتٍ) لِرَجُلٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَهُوَ مَا إذَا ادَّعَى السَّيِّدُ أَنَّ زَوْجَهَا اشْتَرَاهَا مِنْهُ وَأَنْكَرَ الزَّوْجُ الشِّرَاءَ فَيَكْفِي الْمُدَّعِيَ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَمِينٍ فَالْمَشْهُودُ بِهِ فِي هَذَا الْفَرْعِ هُوَ الْبَيْعُ وَيُؤَدِّي لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ فَسْخُ النِّكَاحِ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي زَوْجُهَا الشَّاهِدُ إلَخْ) أَيْ وَيَثْبُتُ الْمِلْكُ وَيُفْسَخُ النِّكَاحُ (قَوْلُهُ ادَّعَاهُ الْغَرِيمُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْمُعْتِقُ بِالْكَسْرِ إذَا أَرَادَ رَدَّ الْعِتْقَ وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى تَقْدِيمِ الدَّيْنِ عَلَى الْعِتْقِ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي ذَلِكَ وَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَكَذَلِكَ الْمُعْتَقُ بِالْفَتْحِ إذَا ادَّعَى تَقَدَّمَ عِتْقِهِ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا بُدَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ (قَوْلُهُ فَيَكْفِي الْغَرِيمَ الشَّاهِدُ أَوْ الْمَرْأَتَانِ) أَيْ فَيَشْهَدُ كُلٌّ مِنْهُمَا بِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْعِتْقِ وَهَذَا مَالٌ وَيُؤَدَّى لِمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَهُوَ رَدُّ الْعِتْقِ (قَوْلُهُ وَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ عَمْدًا) اُسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا وَمِمَّا مَرَّ أَنَّ الْجَرْحَ سَوَاءٌ كَانَ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فِيهِ مَالٌ كَاَلَّذِي فِي الْمَتَالِفِ أَوْ عَمْدًا فِيهِ الْقِصَاصُ يَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْأَرْبَعِ) أَيْ الَّتِي انْفَرَدَ بِهَا مَالِكٌ ثَانِيهَا أُنْمُلَةُ الْإِبْهَامِ فِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ ثَالِثُهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الثِّمَارِ رَابِعُهَا ثُبُوتُ الشُّفْعَةِ فِي الْبُنْيَانِ الْكَائِنِ فِي الْأَرْضِ الْمَوْقُوفَةِ اهـ (فَرْعٌ) لَوْ قَامَ شَاهِدٌ لِشَخْصٍ أَصَمَّ أَبْكَمَ بِدَيْنٍ وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ فَهَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَحِينَئِذٍ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَبْقَى الدَّيْنُ بِيَدِ ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَزُولَ الْمَانِعُ فَيَحْلِفَ فَإِنْ لَمْ يَزُلْ حَتَّى مَاتَ انْتَقَلَ الْحَقُّ لِوَارِثِهِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوْ عَلَى وَارِثِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ كَذَا يَظْهَرُ فَإِنْ مَاتَ الشَّاهِدُ فَإِنْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ كُتِبَتْ أَوْ أَدَّاهَا أَوْ شَهِدَ بِهَا عَدْلَانِ عُمِلَ بِهَا وَإِلَّا فَلَا

(قَوْلُهُ كَوِلَادَةٍ) أَيْ لِحُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَثَبَتَ أُمُومَةُ الْوَلَدِ لَهَا بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ مَا لَمْ يَدَّعِ السَّيِّدُ اسْتِبْرَاءً لَمْ يَطَأْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْ شَخْصٌ الْمَوْلُودَ) أَيْ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الصِّبْيَانِ فَلَا تُقْبَلُ بِالْقَتْلِ إلَّا إذَا شَاهَدَتْ الْعُدُولُ الْبَدَنَ مَقْتُولًا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمْ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ النِّسَاءِ فَإِنَّ لَهُنَّ أَصْلًا فِي الشَّهَادَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا نُقِلَ وَرَضِيَتْ فَلَا يَصِحُّ إذْ هِيَ مُصَدَّقَةٌ وَلَا يَنْظُرُهَا النِّسَاءُ جَبْرًا عَنْهَا وَاعْلَمْ أَنَّ عَيْبَ الْحُرَّةِ إنْ كَانَ قَائِمًا بِوَجْهِهَا وَيَدَيْهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ رَجُلَيْنِ وَمَا كَانَ بِفَرْجِهَا فَهِيَ مُصَدَّقَةٌ فِيهِ فَإِنْ رَضِيَتْ بِرُؤْيَةِ النِّسَاءِ لَهُ كَفَى فِيهِ امْرَأَتَانِ وَمَا كَانَ بِغَيْرِ فَرْجِهَا وَأَطْرَافِهَا مِنْ بَقِيَّةِ جَسَدِهَا فَلَا يَثْبُتُ إلَّا بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ كَذَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَاسْتِهْلَالٍ لِمَوْلُودٍ) أَيْ مَوْلُودِ حُرَّةٍ أَوْ أَمَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّ الْأَصْلَ نُزُولُ الْوَلَدِ غَيْرَ مُسْتَهِلٍّ فَمُدَّعِي عَدَمِ الِاسْتِهْلَالِ لَا يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ وَمُدَّعِي الِاسْتِهْلَالِ يَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِهِ وَيَكْفِي فِي إثْبَاتِهِ شَهَادَةُ امْرَأَتَيْنِ.

(قَوْلُهُ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى ثُبُوتِ الِاسْتِهْلَالِ أَوْ عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَحَيْضٍ فِي أَمَةٍ) أَيْ فَلَا يُصَدَّقُ السَّيِّدُ فِي دَعْوَاهُ رُؤْيَةَ الْحَيْضِ إذَا أَرَادَ بَيْعَهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِذَلِكَ الْمَالُ دُونَ النِّكَاحِ) هَذَا قَوْلُ ابْنَ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَثْبُتُ الْمِيرَاثُ وَلَا الصَّدَاقُ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ النِّكَاحِ وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ أَوْ شَهِدَ عَلَى سَبْقِيَّتِهِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الْمُحَقِّقِي الزَّوْجِيَّةَ إذَا تَحَقَّقَ مَوْتُهُمَا وَادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجَةِ سَبْقَ مَوْتِ الزَّوْجِ وَأَنَّ الزَّوْجَةَ تَرِثُهُ وَادَّعَى وَرَثَةُ الزَّوْجِ أَنَّهُمَا مَاتَا مَعًا أَوْ بِالْعَكْسِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى مَوْتَهُمَا مَعًا مَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ لِمُدَّعِي السَّبْقِيَّةِ وَيَكْفِي فِيهَا شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ أَوْ مَوْتٍ لِرَجُلٍ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا مَاتَ رَجُلٌ فَشَهِدَ عَلَى مَوْتِهِ امْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ زَوْجَةٌ وَلَا أَوْصَى بِعِتْقِ عَبْدٍ وَلَا لَهُ مُدَبَّرٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ وَلَيْسَ إلَّا قِسْمَةُ التَّرِكَةِ فَشَهَادَتُهُنَّ جَائِزَةٌ.

(قَوْلُهُ إنَّهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَوْ مَوْتٍ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِلسَّبْقِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ مَوْتَهُمَا ثَابِتٌ وَالْمَقْصُودُ مِنْ الشَّهَادَةِ الْمَالُ

ص: 188

(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (لَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ) لَهُ وَالْوَاوُ فِي وَلَا مُدَبَّرَ بِمَعْنَى أَوْ (وَنَحْوَهُ) كَمُوصًى بِعِتْقِهِ أَوْ أُمَّ وَلَدٍ (وَثَبَتَ الْإِرْثُ وَالنَّسَبُ لَهُ وَعَلَيْهِ) هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ كَوِلَادَةٍ فَإِنَّ النَّسَبَ وَالْإِرْثَ يَثْبُتَانِ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ بِالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ لِلْمَوْلُودِ وَعَلَيْهِ فَإِنْ شَهِدَتَا بِالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَرِثَ مَنْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ وَوَرِثَهُ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَوْلُهُ لَهُ وَعَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلْإِرْثِ لَا لِلنَّسَبِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ كَانَ أَوْلَى وَالْوَاجِبُ تَقْدِيمُ وَثَبَتَ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ لِمَا عَلِمْت وَقَوْلُهُ (بِلَا يَمِينٍ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَسَائِلِ مَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَامْرَأَتَانِ كَانَ أَوْلَى أَيْ إنَّهُ يَكْفِي فِي ذَلِكَ امْرَأَتَانِ مِنْ غَيْرِ انْضِمَامِ يَمِينٍ إلَيْهِمَا

(وَ) ثَبَتَ (الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ) هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي تَثْبُتُ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِأَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا شَهِدَ عَلَى مُكَلَّفٍ بِسَرِقَةِ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ عَلَى السَّارِقِ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغَاصِبِ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا (كَقَتْلِ عَبْدٍ) عَبْدًا (آخَرَ) عَمْدًا تَشْبِيهٌ فِي ثُبُوتِ الْمَالِ دُونَ الْقِصَاصِ بِعَدْلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا مَعَ يَمِينِ سَيِّدِ الْمَقْتُولِ فَيَغْرَمُ سَيِّدُ الْقَاتِلِ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ أَوْ رَقَبَةَ الْقَاتِلِ وَلَا قِصَاصَ إذْ لَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمِثْلِهِ إلَّا بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ

وَلَمَّا قَدَّمَ حُكْمَ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ الْأَرْبَعِ إذَا تَمَّتْ ذَكَرَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا وَبَدَأَ بِمَسْأَلَةِ الْحَيْلُولَةِ وَيُقَالُ لَهَا الْإِيقَافُ وَيُقَالُ لَهَا الْعُقْلَةُ بِضَمِّ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَقْلِ وَهُوَ الْمَنْعُ فَقَالَ (وَحِيلَتْ) أَيْ وُقِفَتْ (أَمَةٌ) بِأَنْ يَمْنَعَ مَنْ هِيَ فِي يَدِهِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهَا حَيْثُ جَاءَ الْمُدَّعِي لَهَا بِحُرِّيَّةٍ أَوْ مِلْكٍ بِلَطْخٍ أَيْ شُبْهَةٍ بِأَنْ أَقَامَ عَدْلًا أَوْ شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ (مُطْلَقًا) أَيْ طُلِبَتْ الْحَيْلُولَةُ فِيهَا أَمْ لَا كَانَتْ رَائِعَةً أَمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ فِي صِيَانَةِ الْفُرُوجِ (كَغَيْرِهَا) أَيْ الْأَمَةِ أَيْ كَدَعْوَى الْمُدَّعِي شَيْئًا مُعَيَّنًا غَيْرَ الْأَمَةِ وَأَقَامَ عَدْلًا إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَلَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ كَانَ لَهُ زَوْجَةٌ أَوْ مُدَبَّرٌ أَوْ أُمُّ وَلَدٍ أَوْ أَوْصَى بِعِتْقٍ فَلَا يَثْبُتُ مَوْتُهُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ لِمَا يَلْزَمُ عَلَى مَوْتِهِ مِنْ ثُبُوتِ الْعِدَّةِ لِلزَّوْجَةِ وَإِبَاحَتِهَا بَعْدَهَا لِغَيْرِهِ مِنْ الْأَزْوَاجِ وَخُرُوجِ الْمُدَبَّرِ مِنْ الثُّلُثِ وَأُمِّ الْوَلَدِ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَهَذِهِ إنَّمَا تَكُونُ بِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَوْ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ الْأَوْلَى إبْقَاءَ الْوَاوِ عَلَى حَالِهَا ضَرُورَةَ أَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْيُ الْأَمْرَيْنِ مَعًا وَالْمُفِيدُ لِذَلِكَ الْوَاوُ لَا أَوْ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ أَوْ فِي مِثْلِ هَذَا تُفِيدُ نَفْيَ الْأَمْرَيْنِ لِأَنَّهَا إذَا وَقَعَتْ بَعْدَ نَفْيٍ أَفَادَتْ نَفْيَ الْأَحَدِ الدَّائِرِ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِنَفْيِ كُلِّ فَرْدٍ (قَوْلُهُ هَذَا مُرْتَبِطٌ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا رَاجِعٌ لِلْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ فَقَطْ فَهُوَ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ وَفِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلْإِرْثِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى ثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ مِمَّنْ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ وَثَبَتَ الْإِرْثُ عَلَيْهِ لِمَنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ عَلَى مَوْتِهِ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ النَّسَبُ (قَوْلُهُ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَامْرَأَتَانِ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ بِلَا يَمِينٍ كَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَثَبَتَ الْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ وَالنَّسَبُ وَعَيْبُ فَرْجٍ وَنِكَاحٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَالْمَالُ عَطْفٌ عَلَى الْإِرْثِ) أَيْ وَثَبَتَ الْمَالُ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ دُونَ الْقَطْعِ) أَيْ لِأَنَّ السَّرِقَةَ لَمْ تَثْبُتْ إذْ شَرَطَهَا عَدْلَانِ وَقَوْلُهُ فِي سَرِقَةٍ أَيْ فِي شَهَادَةِ رَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِيَمِينٍ بِسَرِقَةٍ (قَوْلُهُ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ إلَخْ) أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُقَدِّمَهَا قَبْلَ قَوْلِهِ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ قَوْلِهِ وَقِصَاصٍ فِي جُرْحٍ وَنِكَاحٍ بَعْدَ مَوْتٍ أَوْ سَبْقِيَّتِهِ أَوْ مَوْتٍ وَلَا زَوْجَةَ وَلَا مُدَبَّرَ وَنَحْوَهُ وَثَبَتَ الْمَالُ دُونَ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةٍ كَقَتْلِ عَبْدٍ آخَرَ وَلِمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ امْرَأَتَانِ بِلَا يَمِينٍ كَوِلَادَةٍ وَاسْتِهْلَالٍ وَثَبَتَ النَّسَبُ وَالْإِرْثُ لَهُ وَعَلَيْهِ لَأَتَى بِكُلٍّ فِي مَوْضِعِهِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ ضَمَانَ الْغَاصِبِ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَضْمَنُهُ ضَمَانَ السَّارِقِ فَإِنْ أَيْسَرَ مِنْ وَقْتِ الْأَخْذِ لِوَقْتِ الْحُكْمِ لَزِمَهُ وَإِنْ أَعْسَرَ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْمُدَّةِ أَوْ فِي بَعْضِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّرِقَةَ ثَبَتَتْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ وَالْمُتَخَلِّفُ شَرْطُ الْقَطْعِ وَهُوَ وَجِيهٌ لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ مَلِيًّا أَوْ مُعْدِمًا) أَيْ وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِسَبَبِهِ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ لَمْ يَتْلَفْ (قَوْلُهُ أَوْ رُقْيَةِ الْقَاتِلِ) أَيْ إنْ لَمْ يَفْدِهِ بِقِيمَةِ الْمَقْتُولِ

(قَوْلُهُ حُكْمُ مَرَاتِبِ الشَّهَادَةِ) أَيْ الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا إذَا تَمَّتْ وَالْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا إذَا تَمَّتْ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِ الْمَشْهُودِ بِهِ تَارَةً وَحُكْمُهُ بِثُبُوتِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْمَشْهُودِ بِهِ تَارَةً أُخْرَى فَالْأَوَّلُ كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِدَيْنٍ فَإِنَّ الْمُتَرَتِّبَ عَلَى الشَّهَادَةِ بِهِ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِثُبُوتِهِ وَالثَّانِي كَمَا لَوْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِقَذْفٍ أَوْ زِنًا فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْكُمُ بِثُبُوتِ الْحَدِّ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى الزِّنَا أَوْ الْقَذْفِ الْمَشْهُودِ بِهِ (قَوْلُهُ إذَا تَمَّتْ) أَيْ الشَّهَادَةُ بِالتَّزْكِيَةِ (قَوْلُهُ ذِكْرُ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا وَمِثْلُ ذَلِكَ الْحَيْلُولَةُ فَإِنَّهَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الشَّهَادَةِ قَبْلَ تَمَامِهَا بِتَزْكِيَةِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ بِأَنْ أَقَامَ عَدْلًا) أَيْ يَشْهَدُ لَهُ بِمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ أَوْ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ طُلِبَتْ الْحَيْلُولَةُ فِيهَا) أَيْ طَلَبَ الْمُدَّعِي لِلْحَيْلُولَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا أَمْ لَا كَانَ الْمُنَازِعُ لِوَاضِعِ الْيَدِ فِيهَا الْأَمَةَ نَفْسَهَا بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ أَوْ كَانَ الْمُنَازِعُ لَهُ غَيْرُهَا بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ آخَرُ أَنَّهَا مِلْكُهُ وَمَحَلُّ الْحَيْلُولَةِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مَأْمُونًا وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ عَنْهَا كَمَا فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَالشَّامِلِ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ

ص: 189

فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ بِغَلْقِ كَدَارٍ وَمُنِعَ مِنْ حَرْثِ أَرْضٍ وَرُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ سَفِينَةٍ (إنْ طُلِبَتْ) الْحَيْلُولَةُ (بِعَدْلٍ) أَيْ طَلَبَهَا الْمُدَّعِي بِسَبَبِ إقَامَتِهِ عَدْلًا يَشْهَدُ لَهُ عَلَى مَا ادَّعَاهُ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِيلَتْ (أَوْ اثْنَيْنِ) مَجْهُولَيْنِ (يُزَكَّيَانِ) أَيْ يَحْتَاجَانِ لِتَزْكِيَةٍ وَمِثْلُهُمَا بَيِّنَةُ سَمَاعٍ غَيْرُ قَاطِعَةٍ بِأَنْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ ثِقَاتٍ

(وَبَيْعُ) مَا (يَفْسُدُ) لَوْ وُقِفَ كَلَحْمٍ وَفَاكِهَةٍ (وَوُقِفَ ثَمَنُهُ) بِيَدِ عَدْلٍ (مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ إقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ الْمُحْتَاجَيْنِ لِلتَّزْكِيَةِ (بِخِلَافِ الْعَدْلِ) أَيْ مُقِيمِ الْعَدْلِ إذَا لَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَأْتِ بِهِ تَرَكَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ (فَيَحْلِفُ) الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَيَبْقَى) الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ (بِيَدِهِ) أَيْ يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مِلْكًا يَتَصَرَّفُ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي إنْ أَتَى بِالشَّاهِدِ الثَّانِي لَكِنْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ حَوْزًا فَيَضْمَنُهُ وَلَوْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ بِيَمِينِهِ الَّذِي رَدَّ بِهِ شَهَادَةَ الْعَدْلِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُ يَفْسُدُ بِالْبَقَاءِ فَصَوْنُهُ إنَّمَا هُوَ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ فَعَلَى أَنَّهُ يَبْقَى مِلْكًا لَا يُضْمَنُ السَّمَاوِيُّ وَعَلَى أَنَّهُ يَبْقَى حَوْزًا يَضْمَنُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ اسْتَحَقَّهُ الْمُدَّعِي بِشَاهِدٍ مَعَ نُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُصَنِّفَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا امْتَنَعَ الْمُدَّعِي مِنْ الْيَمِينِ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ إلَخْ هُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَحْلِفُ الْآنَ لِأَنَّ لِي شَاهِدًا آخَرَ فَإِنْ لَمْ أَجِدْهُ حَلَفْت فَإِنَّ الْمُدَّعَى فِيهِ يُبَاعُ وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ كَالْأَوَّلِ

(وَإِنْ)(سَأَلَ) مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ مِنْ عَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (ذُو الْعَدْلِ) أَيْ مُقِيمُهُ وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ وَمِثْلُهُ مُقِيمٌ بَيِّنَةً تَحْتَاجُ لِتَزْكِيَةٍ (أَوْ) سَأَلَ ذُو (بَيِّنَةٍ سُمِعَتْ) بِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا هَذِهِ صِفَتُهُ (وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَإِنْ زَائِدَةٌ فَالْأَوْلَى حَذْفُهَا أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ بِأَنَّ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى فِيهِ حَقُّهُ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا يُفِيدُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَظَاهِرُ النَّقْلِ يُفِيدُ عَدَمَ حَيْلُولَةِ الْمَأْمُونِ وَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ بِهَا (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُحَالُ بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى فِيهِ وَبَيْنَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ (قَوْلُهُ بِغَلْقِ دَارٍ وَمَنْعٍ مِنْ حَرْثِ أَرْضٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ حَيْلُولَةِ الْعَقَارِ بِغَلْقٍ كَدَارٍ وَمَنْعٍ مِنْ حَرْثِ أَرْضٍ تَبِعَ فِيهِ تت وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّهُ وَإِنْ قَالَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُوَطَّإِ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَجَرَى بِهِ الْقَضَاءُ لَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْعَقَارَ لَا يُحَالُ وَإِنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ إحْدَاثٍ فِيهِ مَا يَقْتَضِي تَفْوِيتَهُ أَوْ تَغْيِيرَهُ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا يَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ الْغَلَّةَ لِوَاضِعِ الْيَدِ لِلْقَضَاءِ وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَغَيْرِهَا عَلَى غَيْرِ الْعَقَارِ كَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ إنْ طُلِبَتْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي الْحَيْلُولَةَ وَفِي نُسْخَةٍ أَنْ طَلَبَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ أَيْ الْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَالْبَاءُ مُتَعَلِّقَةٌ بِحِيلَتْ) أَيْ حِيلَتْ أَمَةٌ وَغَيْرُهَا بِسَبَبِ إقَامَةِ عَدْلٍ يَشْهَدُ لِمُدَّعِي مَا ذُكِرَ أَوْ اثْنَيْنِ إلَخْ وَإِنَّمَا لَمْ يُقَدَّمْ قَوْلُهُ بِعَدْلٍ إلَخْ عَلَى قَوْلِهِ كَغَيْرِهَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ قَصْرُ الْعَدْلِ وَمَا بَعْدَهُ عَلَى مَا قَبْلَ الْكَافِ وَأَنَّ التَّشْبِيهَ غَيْرُ تَامٍّ وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ تَمَامَهُ فَأَخَّرَهُ لِيَعُمَّهُمَا وَتَرْجِيعُهُ الْقَيْدَ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ أَغْلَبِيٌّ

(قَوْلُهُ مَعَهُمَا) مُتَعَلِّقٌ بِبَيْعِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ لِأَجْلِ إقَامَةِ ثَانٍ) أَيْ الَّذِي امْتَنَعَ مِنْ الْحَلِفِ لِأَجْلِ أَنْ يُقِيمَ شَاهِدًا ثَانِيًا وَأَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْتِ بِهِ تُرِكَ الْمُدَّعَى بِهِ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ فَيَحْلِفُ أَيْ فَلَا يُبَاعُ الْمُدَّعَى بِهِ وَإِذَا لَمْ يُبَعْ فَيَحْلِفُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَبْقَى بِيَدِهِ) أَيْ بِكَفِيلٍ بِالْمَالِ كَمَا فِي عبق وخش وَاعْتَرَضَهُ الْمِسْنَاوِيُّ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ أَنَّهُ يَبْقَى بِيَدِهِ بِغَيْرِ كَفِيلٍ وَعَلَى هَذَا فَانْظُرْ لَوْ خِيفَ هُرُوبُهُ وَمُقْتَضَى الْقَوَاعِدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَفِيلٍ وَلَوْ بِالْوَجْهِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى الشَّيْءُ الْمُدَّعَى فِيهِ أَيْ الَّذِي يُخْشَى فَسَادُهُ بِالْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْأَكْلِ وَالْهِبَةِ (قَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي) أَيْ وَحَيْثُ تَصَرَّفَ فِيهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَأَمَّا إذَا تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُهُ وَقَوْلُهُ وَيَضْمَنُهُ لِلْمُدَّعِي إنْ أَتَى بِالشَّاهِدِ الثَّانِي إلَخْ أَيْ يُضَمُّ الشَّاهِدُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ وَهَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَلَا ضَمَّ لِأَنَّ مَا يَأْتِي عَجْزُهُ عَنْ إقَامَةِ الثَّانِي فَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَمَا هُنَا يَدَّعِي أَنَّ لَهُ شَاهِدًا ثَانِيًا وَحَلِفُ الْمَطْلُوبِ إنَّمَا هُوَ لِيَبْقَى بِيَدِهِ لَا لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا يَضْمَنُ السَّمَاوِيَّ) أَيْ لِعَدَمِ تُعَدِّيهِ بِوَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ هُوَ قَوْلُ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ) أَيْ وَهُوَ أَبُو حَفْصِ بْنُ الْعَطَّارِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَجَعَلَهُ هُوَ الْمَذْهَبَ (قَوْلُهُ كَالْأَوَّلِ) أَيْ كَالْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَهُوَ مَا إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدَيْنِ مُحْتَاجَيْنِ لِلتَّزْكِيَةِ

(قَوْلُهُ وَإِنْ سَأَلَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ ادَّعَى شَيْئًا بِيَدِ غَيْرِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَبْدًا أَوْ دَابَّةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا عَدْلًا وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ بَلْ قَالَ لَا أَحْلِفُ وَإِنْ أَتَيْت بِشَاهِدٍ ثَانٍ أَخَذْته وَإِلَّا تَرَكْته لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ تَشْهَدُ بِالسَّمَاعِ وَالْحَالُ أَنَّهَا لَمْ تَقْطَعْ أَنَّ ذَلِكَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكٌ لِلْمُدَّعِي بَلْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْمُدَّعِيَ ذَهَبَ لَهُ مِثْلُ هَذَا أَوْ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يُزَكِّيهِمَا وَسَأَلَ الْمُدَّعِي وَضْعَ قِيمَةِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ عِنْدِهِ عِنْدَ الْقَاضِي لِيَذْهَبَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ لِبَلَدٍ لَهُ فِيهَا بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ لَهُ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِسُؤَالِهِ وَيُمَكَّنُ مِنْ الذَّهَابِ بِهِ لِذَلِكَ الْبَلَدِ (قَوْلُهُ وَأَبَى مِنْ الْحَلِفِ مَعَهُ)

ص: 190

صِفَتُهُ كَذَا (وَضْعَ) مَفْعُولُ سَأَلَ أَيْ سَأَلَ وَضْعَ (قِيمَةِ الْعَبْدِ) مَثَلًا عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ عِنْدَ أَمِينٍ بِإِذْنِ الْقَاضِي (لِيَذْهَبَ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ (إلَى بَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ) فِي تِلْكَ الْبَلَدِ (عَلَى عَيْنِهِ أُجِيبَ) لِسُؤَالِهِ وَمُكِّنَ مِنْ الذَّهَابِ بِهِ إلَى الْبَلَدِ الَّذِي طَلَبَهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ قَاضِيهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ أَنْهَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ أَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَنَا أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ لِمُدَّعِيهِ وَاسْتَحَقَّهُ وَأَخَذَ الْقِيمَةَ الْمَوْضُوعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي الْأَوَّلِ وَجَعَلْنَا الْوَاوَ لِلْحَالِ لِأَنَّهَا لَوْ قَطَعَتْ بِأَنْ قَالَتْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ مَثَلًا بِعَيْنِهِ هُوَ الَّذِي ذَهَبَ لَهُ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ أَيْ مَعَ الْيَمِينِ إنْ كَانَ بِيَدِ حَائِزٍ (لَا إنْ انْتَفَيَا) أَيْ الْعَدْلُ وَبَيِّنَةُ السَّمَاعِ (وَطَلَبَ) الْمُدَّعِي (إيقَافَهُ) أَيْ الْعَبْدِ أَوْ غَيْرِهِ عَلَى يَدِ أَمِينٍ (لِيَأْتِيَ) أَيْ إلَى أَنْ يَأْتِيَ (بِبَيِّنَةٍ) تَشْهَدُ لَهُ عَلَى دَعْوَاهُ الْمُجَرَّدَةِ عَمَّا ذُكِرَ الْآنَ فَلَا يُجَابُ لِذَلِكَ (وَإِنْ) كَانَتْ بَيِّنَتُهُ (بِكَيَوْمَيْنِ) فَأَوْلَى إذَا كَانَتْ عَلَى أَكْثَرَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ إضْرَارَ الْمَالِكِ بِمَنْعِهِ الِانْتِفَاعَ بِمِلْكِهِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ (إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ بَيِّنَةً حَاضِرَةً) بِالْبَلَدِ تَشْهَدُ لَهُ (أَوْ) يَدَّعِيَ (سَمَاعًا) أَيْ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ حَاضِرَةٍ (يَثْبُتُ بِهِ) الْمُدَّعَى بِهِ بِأَنْ كَانَ فَاشِيًا (فَيُوقَفُ) الْمُدَّعَى بِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ عِنْدَ الْقَاضِي حَتَّى يَأْتِيَهُ بِبَيِّنَتِهِ (وَيُوَكَّلُ بِهِ) مَنْ يَحْفَظُهُ (فِي) مَا لَوْ كَانَتْ عَلَى (كَيَوْمٍ) فَإِنْ جَاءَ بِهَا عُمِلَ بِمُقْتَضَاهَا وَإِلَّا سَلَّمَهُ الْقَاضِي لِرَبِّهِ بَعْدَ يَمِينِهِ مِنْ غَيْرِ كَفِيلٍ (وَالْغَلَّةُ) الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُدَّعَى فِيهِ (لَهُ) أَيْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَوْ فِيمَا فِيهِ حَيْلُولَةٌ عَلَى الرَّاجِحِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ (لِلْقَضَاءِ) بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بَلْ قَالَ أَنَا لَا أَحْلِفُ فَإِنْ وَجَدْت شَاهِدًا ثَانِيًا أَخَذْته وَإِلَّا تَرَكْته (قَوْلُهُ صِفَتُهُ كَذَا) فَيَحْتَمِلُ أَنَّ هُوَ هَذَا الْمُتَنَازَعُ فِيهِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ وَضْعَ قِيمَةِ الْعَبْدِ) أَيْ مَنْ عِنْدَهُ.

(قَوْلُهُ أُجِيبَ لِسُؤَالِهِ) أَيْ وُجُوبًا أَيْ وَجَبَ عَلَى الْقَاضِي إجَابَتُهُ لِئَلَّا تَضِيعَ أَمْوَالُ النَّاسِ وَظَاهِرُهُ كَالْمُدَوَّنَةِ كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي فِيهِ الْبَيِّنَةُ قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ وَضَمَانُهُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ فِي حَالِ الذَّهَابِ عَلَى الْمُدَّعِي الذَّاهِبِ بِهِ لِأَنَّهُ قَبَضَهُ لِحَقِّ نَفْسِهِ لَا عَلَى وَجْهِ الْأَمَانَةِ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَإِنْ ثَبَتَ عِنْدَ قَاضِيهِ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ قَاضِيهِ أَنَّهُ عَبْدُهُ رَدَّهُ الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَخَذَ الْمُدَّعِي الْقِيمَةَ الْمَوْضُوعَةَ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَاسْتَحَقَّهُ) هَذَا مُسْتَأْنَفٌ أَيْ وَاسْتَحَقَّهُ مُدَّعِيهِ وَأَخَذَ ذَلِكَ الْمُسْتَحِقُّ الْقِيمَةَ إلَخْ لَا أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُنْهَى لِلْقَاضِي الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا لَوْ قَطَعَتْ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَعَيُّنِ الْحَالِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَطْعِ تَعْيِينُ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُدَّعَى بِهِ قَالَ بْن وَهَذَا غَيْرُ لَازِمٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ الْوَاوِ لِلْمُبَالَغَةِ عَلَى حَالِهَا لِأَنَّ السَّمَاعَ تَارَةً يَحْصُلُ بِهِ الْعِلْمُ فَيَجُوزُ لِلْبَيِّنَةِ الشَّاهِدَةِ بِالسَّمَاعِ الْقَطْعُ وَتَارَةً لَا يَحْصُلُ بِهِ إلَّا الظَّنُّ الْقَوِيُّ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الْقَطْعُ فَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ أَيْ هَذَا إذَا قَطَعَتْ وَجَزَمَتْ بِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ مَثَلًا لِكَوْنِ السَّمَاعِ حَصَلَ لَهَا بِهِ عِلْمٌ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَقْطَعْ وَلَمْ تَجْزِمْ بِأَنَّهُ ذَهَبَ لَهُ عَبْدٌ لِكَوْنِ السَّمَاعِ إنَّمَا أَفَادَهَا الظَّنَّ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ تُعَيِّنْ الْعَبْدَ عَلَى أَنَّهُ يَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُبَالَغَةِ وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ بِالْقَطْعِ تَعْيِينَ الْمُدَّعَى بِهِ وَيَكُونُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ حَيْثُ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ حَائِزٍ أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ الطَّالِبُ أَوْ كَانَ السَّمَاعُ غَيْرَ فَاشٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ لَا تُفِيدُ إلَّا إذَا كَانَ السَّمَاعُ فَاشِيًا وَكَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ غَيْرِ الْحَائِزِ وَحَلَفَ مُقِيمُهَا فَإِنْ اخْتَلَّ شَرْطٌ لَمْ تُفِدْ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا اخْتَلَّ شَرْطٌ مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ مُدَّعِيهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ لِذَهَابٍ بِهِ لِبَلَدٍ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِيَدِ حَائِزٍ) الْأَوْلَى إنْ كَانَ بِيَدِ غَيْرِ حَائِزٍ بِأَنْ كَانَ بِيَدِ الطَّالِبِ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ لَا يُنْتَزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ لَا إنْ انْتَفَيَا) هَذَا رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ الْإِيقَافِ وَالذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَطَلَبَ إيقَافَهُ يَعْنِي وَأَحْرَى الذَّهَابُ بِهِ لِبَلَدٍ وَحِينَئِذٍ فَالضَّمِيرُ فِي انْتَفَيَا يَرْجِعُ لِلْعَدْلِ وَمَا ذُكِرَ مَعَهُ الشَّامِلِ لِاثْنَيْنِ يُزَكِّيَانِ فِي الْإِيقَافِ وَبَيِّنَةِ السَّمَاعِ فِي الذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ اهـ بْن وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى بِمُعَيَّنٍ كَعَبْدٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ عَقَارٍ وَكَانَتْ دَعْوَاهُ مُجَرَّدَةً وَلَمْ يُقِمْ شَاهِدًا عَدْلًا وَلَا شَاهِدَيْنِ يَحْتَاجَانِ لِلتَّزْكِيَةِ وَلَا بَيِّنَةِ سَمَاعٍ وَطَلَبَ الْحَيْلُولَةَ بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَالْمُدَّعَى بِهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ لَهُ أَوْ طَلَبَ الِانْتِقَالَ بِهِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ بِهِ فِيهِ عَلَى عَيْنِهِ فَإِنَّهُ لَا يُجَابُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِكَيَوْمَيْنِ) الْبَاءُ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَإِنْ كَانَتْ مَسَافَةُ بَيِّنَتِهِ عَلَى يَوْمَيْنِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مَسَافَةُ بَيِّنَتِهِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ يَوْمَيْنِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَوْمَيْنِ.

(قَوْلُهُ فِيمَا لَوْ كَانَتْ عَلَى كَيَوْمٍ) أَيْ وَطَلَبَ الْمُدَّعِي إمْهَالَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُوَكَّلُ بِهِ مَنْ يَحْفَظُهُ إنْ طَلَبَ الْمُدَّعِي إمْهَالَ كَيَوْمٍ لِكَوْنِ بَيِّنَتِهِ غَائِبَةً عَلَى كَيَوْمٍ وَقَرَّرَ شَيْخُنَا قَوْلَهُ وَيُوَكَّلُ بِهِ فِي كَيَوْمٍ بِمَا حَاصِلُهُ وَيُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُهُ فِي إمْهَالِ الْمُدَّعِي كَيَوْمٍ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ بَيِّنَتَهُ حَاضِرَةٌ فَإِذَا ادَّعَى أَنَّ بَيِّنَتَهُ حَاضِرَةٌ وَطَلَبَ الْإِمْهَالَ كَيَوْمٍ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ وَيُوَكِّلُ الْقَاضِي مَنْ يَحْفَظُ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُدَّعَى بِهِ (قَوْلُهُ وَالْغَلَّةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الْمُدَّعَى فِيهِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْخِصَامِ (قَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ) رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ) أَيْ مَا لَمْ يَذْهَبْ بِهِ الْمُدَّعِي لِبَلَدٍ لِيَشْهَدَ لَهُ فِيهَا عَلَى عَيْنِهِ وَإِلَّا كَانَ الضَّمَانُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ بْن

ص: 191

لِلْمُسْتَحِقِّ (وَالنَّفَقَةُ) عَلَى الْمُدَّعَى فِيهِ كَالْعَبْدِ زَمَنَ الْإِيقَافِ وَمِنْهُ زَمَنُ الذَّهَابِ بِهِ لِبَلَدٍ يَشْهَدُ لَهُ فِيهِ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي (عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) لِكَشْفِ الْغَيْبِ أَنَّهُ عَلَى مِلْكِهِ مِنْ يَوْمِئِذٍ وَيَرْجِعُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِهَا عَلَى الْمُدَّعِي إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِيقَافِ وَأَمَّا قَبْلَ زَمَنِهِ فَإِنَّ النَّفَقَةَ عَلَى مَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَالْغَلَّةِ اتِّفَاقًا

وَلَمَّا كَانَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى الْخَطِّ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ الْمَيِّتِ أَوْ الْغَائِبِ وَعَلَى خَطِّ نَفْسِهِ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ أَيْ أَدَاؤُهَا (عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ) أَيْ بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا خَطُّ فُلَانٍ وَفِي خَطِّهِ أَقَرَّ فُلَانٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا أَوْ أَنَّهُ وَصَلَهُ مِنْ فُلَانٍ كَذَا وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْوَثِيقَةُ كُلُّهَا بِخَطِّهِ أَوْ الَّذِي بِخَطِّهِ نَفْسَ الْإِقْرَارِ أَوْ أَنَّهُ يَكْتُبُ فِيهَا الْمَنْسُوبُ إلَيَّ فِيهِ صَحِيحٌ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِنْ عَدْلَيْنِ وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ مِمَّا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالنَّقْلِ وَلَا يُنْقَلُ عَنْ الْوَاحِدِ إلَّا اثْنَانِ وَلَوْ فِي الْمَالِ عَلَى الرَّاجِحِ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ فَلَا يَشْهَدُ بِهِ فِي غَيْبَتِهِ فَيُعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا إذَا اسْتَوْفَيْت الشُّرُوطَ (بِلَا يَمِينٍ) مِنْ الْمُدَّعِي مَعَهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ

وَأَشَارَ لِلْقِسْمِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَتْ عَلَى (خَطِّ شَاهِدٍ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ) وَجُهِلَ الْمَكَانُ كَبُعْدِهِ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ يُشْتَرَطُ فِيهَا بَعْدَ الْغَيْبَةِ وَلَيْسَتْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّهَا كَالنَّقْلِ عَنْهَا يَجُوزُ وَلَوْ لَمْ تَغِبْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ ضَعِيفَةٌ لَا يُصَارُ إلَيْهَا مَعَ إمْكَانِ غَيْرِهَا وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَى الرَّاجِحِ إدْرَاكُ مَنْ شَهِدَ عَلَى خَطِّهِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّا نَعْلَمُ خُطُوطَ كَثِيرٍ مِنْ الْأَشْيَاخِ الَّذِينَ لَمْ نُدْرِكْهُمْ عَلِمْنَاهُ بِالتَّوَاتُرِ وَالْمُرَادُ بِالْبُعْدِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ لِلْمُسْتَحِقِّ) أَيْ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُدَّعِيَ أَوْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ بِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ أَنَّ مَا يُوقَفُ إنْ كَانَ لَهُ غَلَّةٌ فَنَفَقَتُهُ فِي غَلَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ فَقَوْلَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ نَفَقَتَهُ عَلَى مَنْ يُقْضَى لَهُ بِهِ فَمَنْ قُضِيَ لَهُ بِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ الْآخَرُ بِمَا أَنْفَقَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي أَنَّ النَّفَقَةَ عَلَيْهِمَا مَعًا وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُوَ أَصَحُّ وَأَوْلَى بِالصَّوَابِ اهـ بْن وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ الرَّجْرَاجِيُّ صَحَّحَ مُقَابِلَهُ (قَوْلُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ) أَيْ مِنْ يَوْمِ الْإِيقَافِ وَمِنْهُ زَمَانُ الذَّهَابِ لِبَلَدِهِ (قَوْلُهُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ زَمَنَ الْإِيقَافِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ قُضِيَ بِهِ لِلْمُدَّعِي (قَوْلُهُ وَأَمَّا قَبْلَ زَمَنِهِ) أَيْ زَمَنِ الْإِيقَافِ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ سَابِقًا زَمَنَ الْإِيقَافِ وَقَوْلُهُ كَالْغَلَّةِ أَيْ كَمَا أَنَّ الْغَلَّةَ لَهُ اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ ذُو شُبْهَةٍ

(قَوْلُهُ وَجَازَتْ عَلَى خَطِّ مُقِرٍّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَيًّا وَأَنْكَرَ أَوْ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا وَسَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَثِيقَةِ الَّتِي فِيهَا خَطُّ الْمُقِرِّ شُهُودٌ أَوْ كَانَتْ مُجَرَّدَةً عَنْ الْمَشْهُودِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ أَيْ بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ جَعْلَهُ مُقِرًّا بِاعْتِبَارِ خَطِّهِ أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ أَيْ بِخَطِّ مَنْ كَانَ مُقِرًّا فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُنْكِرُهُ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَطُّهُ (قَوْلُهُ أَيْ شَهِدَتْ بِأَنَّ هَذَا خَطُّهُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ عَلَى فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ جَازَتْ الشَّهَادَاتُ بِخَطِّ مُقِرٍّ (قَوْلُهُ أَقَرَّ فُلَانٌ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ لِفُلَانٍ كَذَا) أَيْ أَوْ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ مِنْ عَدْلَيْنِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْعَمَلِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ فِي الْمَالِيَّاتِ تَبَعًا لعبق وخش فَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَأَنَّ ذَلِكَ يَكْفِي اُنْظُرْ بْن فَقَوْلُهُ عَلَى الرَّاجِحِ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الرَّاجِحُ خِلَافُهُ كَمَا عَلِمْت وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْأَمْوَالِ وَعَدَمُ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ خِلَافًا وَقَدْ اعْتَمَدَ بْن الِاكْتِفَاءَ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ فَلَا بُدَّ فِيهَا مِنْ عَدْلَيْنِ لِأَنَّهَا دُونَ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ (قَوْلُهُ وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ حُضُورِ الْخَطِّ) إلَى آخِرِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ حُضُورِ الْخَطِّ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِذَا نَظَرَ شَاهِدَانِ وَثِيقَةً بِيَدِ رَجُلٍ بِخَطِّ مُقِرٍّ بِدَيْنٍ وَحَفِظَاهَا وَتَحَقَّقَا مَا فِيهَا ثُمَّ ضَاعَتْ الْوَثِيقَةُ فَشَهِدَ الشَّاهِدَانِ بِمَا فِيهَا فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ تِلْكَ الْبَيِّنَةِ فِي غَيْبَةِ تِلْكَ الْوَثِيقَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَحَّحَهُ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ وَأَفْتَى أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ بِصِحَّةِ الشَّهَادَةِ إذْ لَا فَرْقَ عِنْدَ الْقَاضِي بَيْنَ غَيْبَةِ الْوَثِيقَةِ وَحُضُورِهَا حَيْثُ اسْتَوْفِي الشَّاهِدَانِ جَمِيعَ مَا فِيهَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا) أَيْ فَإِذَا شَهِدَ عَلَى الْخَطِّ فَإِنَّهُ يَعْمَلُ بِمُقْتَضَاهَا وَقَوْلُهُ إذَا اُسْتُوْفِيَتْ الشُّرُوطُ أَيْ مِنْ كَوْنِ الشَّاهِدَيْنِ عَدْلَيْنِ عَلَى مَا قَالَ الشَّارِحُ وَحُضُورُ الْخَطِّ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَمَعْرِفَةُ الشُّهُودِ لِلْخَطِّ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَعْرِفَتِهَا لِلشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ بِلَا يَمِينٍ) أَيْ اسْتِظْهَارٌ لِأَجْلِ الْخَطِّ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ خَطٌّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَحْلِفُ الْمُدَّعِي وَهُوَ الْمُقِرُّ لَهُ يَمِينَ الْقَضَاءِ أَنَّهُ مَا وَهَبَ وَلَا أَبْرَأَ وَنَحْوَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِخَطِّهِ مَيِّتًا أَوْ غَائِبًا وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا وَأَنْكَرَ كَوْنَهُ خَطَّهُ فَلَا يَحْتَاجُ مَعَ شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى خَطِّهِ لِيَمِينِ الْقَضَاءِ (قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الْخَطِّ كَالشَّهَادَةِ عَلَى اللَّفْظِ) أَيْ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ خَطَّهُ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ شَاهِدٍ فَالْوَاجِبُ عَلَى الْمُدَّعِي الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ

(قَوْلُهُ وَالْمَرْأَةُ كَالرَّجُلِ) أَيْ وَالْمَرْأَةُ الْمَشْهُودُ عَلَى خَطّهَا بِشَهَادَتِهَا بِشَيْءٍ كَالرَّجُلِ وَقَوْلُهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّهَا بَعْدَ غَيْبَتِهَا (تَنْبِيهٌ) يَنْبَغِي جَوَازُ شَهَادَةِ الرِّجَالِ عَلَى خَطِّ النِّسَاءِ وَلَوْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُنَّ عَلَى خَطِّ رِجَالٍ وَلَا نِسَاءَ وَلَوْ فِيمَا يَخْتَصُّ بِهِنَّ اهـ عبق

ص: 192

مَا يَنَالُ الشَّاهِدَ الْغَائِبَ فِيهِ مَشَقَّةٌ فَلَا تَجُوزُ عَلَى خَطِّ شَاهِدٍ قَرِيبٍ لَا تَنَالُهُ مَشَقَّةٌ فِي إحْضَارِهِ وَتَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ (وَإِنْ بِغَيْرِ مَالٍ) كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَحَدٍّ (فِيهِمَا) أَيْ فِي خَطِّ الْمُقِرِّ وَخَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِيَ إذْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَجُوزُ فِي الْأَمْوَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا دُونَ غَيْرِهَا لِضَعْفِهَا عَنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ أَيْ الشَّهَادَةُ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ

وَأَشَارَ إلَى شُرُوطِ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَهِيَ ثَلَاثَةٌ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ وَالِاثْنَانِ بَعْدَهُ مُخْتَصَّانِ بِالْقِسْمِ الثَّانِي بِنَوْعَيْهِ فَقَالَ (إنْ عَرَفْته) أَيْ الْخَطَّ (كَالْمُعَيَّنِ) أَيْ كَمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَطْعِ وَلِذَا إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْ فَطِنٍ عَارِفٍ بِالْخَطِّ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الْخَطَّ حَاضِرٌ وَأَشَارَ لِلشَّرْطَيْنِ الْمُخْتَصَّيْنِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَ) عَرَفْت (أَنَّهُ) أَيْ الشَّاهِدُ الْكَاتِبُ خَطَّهُ بِشَهَادَتِهِ وَقَدْ مَاتَ أَوْ غَابَ بِبُعْدٍ (كَأَنْ يَعْرِفَ مَشْهَدَهُ) وَهُوَ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِنَسَبِهِ أَوْ عَيْنِهِ فَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْبَيِّنَةُ ذَلِكَ لَمْ تَشْهَدْ عَلَى خَطِّهِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ (وَ) عَرَفْت أَنَّهُ (تَحَمَّلَهَا عَدْلًا) أَيْ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ وَاسْتَمَرَّ كَذَلِكَ حَتَّى مَاتَ أَوْ غَابَ

وَأَشَارَ إلَى الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَقْسَامِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ وَأَنَّهُ لَا يُفِيدُ إلَّا بِشَرْطِهِ بِقَوْلِهِ (لَا) الشَّهَادَةِ (عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) أَيْ لَا تَنْفَعُ وَلَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ خَطُّهُ (حَتَّى يَذْكُرَهَا) أَيْ الْقَضِيَّةَ أَوْ الشَّهَادَةَ أَيْ يَتَذَكَّرَ مَضْمُونَهَا فَيَشْهَدُ حِينَئِذٍ عَلَى مَا عَلِمَ لَا عَلَى أَنَّهُ خَطُّهُ (وَأَدَّى) إذَا لَمْ يَتَذَكَّرْ الْقَضِيَّةَ شَهَادَتَهُ بِأَنَّ هَذَا خَطِّي وَلَا أَذْكُرُ الْقَضِيَّةَ (بِلَا نَفْعٍ) لِلطَّالِبِ وَفَائِدَةُ التَّأْدِيَةِ احْتِمَالُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا فَقَوْلُهُ بِلَا نَفْعٍ أَيْ بِاعْتِبَارِ الشَّاهِدِ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ هَذَا مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ إنْ عَرَفَ خَطَّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ الْقَضِيَّةَ وَلَيْسَ فِي الْكِتَابِ مَحْوٌ وَلَا كَشْطٌ وَلَا رِيبَةَ فَلْيَشْهَدْ وَبِهِ أَخَذَ مُطَرِّفٌ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ حَبِيبٍ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ قَالَ مُطَرِّفٌ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ النَّاسِ إذْ النِّسْيَانُ يَعْتَرِي النَّاسَ كَثِيرًا وَكَانَ شَيْخُنَا يَقُولُ إذَا عَرَفْت خَطِّي شَهِدْت بِهِ لِأَنِّي لَا أَكْتُبُ إلَّا عَنْ تَحَقُّقٍ

(وَلَا) يَشْهَدُ شَاهِدٌ (عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ) نَسَبَهُ حِينَ الْأَدَاءِ أَوْ التَّحَمُّلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ مَا يَنَالُ الشَّاهِدَ الْغَائِبَ فِيهِ مَشَقَّةٌ) أَيْ أَنْ لَوْ حَضَرَ (قَوْلُهُ بِنَوْعَيْهِ) أَيْ وَهُمَا الْمَيِّتُ وَالْغَائِبُ غِيبَةً بَعِيدَةً (قَوْلُهُ الرَّاجِحُ أَنَّهُ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مُسَلَّمٌ فِي الْأَوَّلِ أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ دُونَ الثَّانِي وَهُوَ الشَّهَادَةُ عَلَيَّ خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ وَمَا لَلْمُصَنِّفِ هُوَ الَّذِي بِهِ الْعَمَلُ بِتُونُسَ

(قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ عَامٌّ) أَيْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الْمُقِرِّ وَعَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ إنْ عَرَفَتْهُ كَالْمُعَيَّنِ) أَيْ إنْ عَرَفَتْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ ذَلِكَ الْخَطَّ مَعْرِفَةً تَامَّةً كَمَعْرِفَةِ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ بِالْخَطِّ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَاضِرًا أَيْ عِنْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا أَخْذَ لِجَوَازِ أَنْ يَطَّلِعَ الشَّاهِدُ عَلَى الْخَطِّ فَيَقْطَعُ بِأَنَّهُ خَطُّ فُلَانٍ ثُمَّ يُؤَدِّيهَا فِي غَيْبَةِ الْخَطِّ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ الْخِلَافِ نَعَمْ بَقِيَ مِنْ شُرُوطِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْخَطِّ فِي الْقِسْمَيْنِ أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْوَثِيقَةِ رِيبَةٌ مِنْ مَحْوٍ أَوْ كَشْطٍ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَعْتَذِرْ فِي الْوَثِيقَةِ بِخَطِّ كَاتِبِهَا الْأَصْلِيِّ وَإِلَّا لَمْ يَضُرَّ كَمَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ شَهِدَ) أَيْ كَتَبَ شَهَادَتَهُ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ وَأَوْرَدَ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُهُ مِنْ شَهَادَةِ الزُّورِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْكَاتِبَ عَدْلٌ وَالْعَدْلُ لَا يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يَعْرِفُ وَلِذَا قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ الصَّوَابُ إسْقَاطُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ مَاهِيَّةِ الْعَدْلِ فَاشْتِرَاطُهُ يُشْبِهُ اشْتِرَاطَ الشَّيْءِ فِي نَفْسِهِ وَقَدْ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَنَا بِقَفِصَةِ عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ وَعَرَفَتْ) أَيْ الْبَيِّنَةُ الشَّاهِدَةُ عَلَى الْخَطِّ أَنَّهُ أَيْ الشَّاهِدُ الْكَاتِبُ لِشَهَادَتِهِ بِخَطِّهِ وَقَوْلُهُ تَحَمَّلَهَا أَيْ الشَّهَادَةَ (قَوْلُهُ أَيْ وَضَعَ خَطَّهُ وَهُوَ عَدْلٌ) أَيْ لِأَنَّ كَتْبَهُ لَهَا بِمَنْزِلَةِ أَدَائِهَا فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِنْدَنَا الْعَدَالَةُ فِي التَّحَمُّلِ بَلْ فِي الْأَدَاءِ ثُمَّ إنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ أَنْ تَكُونَ بِنَفْسِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الْخَطِّ بَلْ بِهِمْ أَوْ بِغَيْرِهِمْ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَمَزَجَ الشَّارِحُ

(قَوْلُهُ أَيْ الْقَضِيَّةُ) يَعْنِي الْمَشْهُودُ بِهَا بِتَمَامِهِ وَأَمَّا إذَا تَذَكَّرَ بَعْضَهَا فَهُوَ كَمَنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ شَيْئًا مِنْهَا وَحِينَئِذٍ فَيُؤَدِّي بِلَا نَفْعٍ خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ بِلَا نَفْعٍ لِلطَّالِبِ) أَيْ الَّذِي شَهِدَ عَلَى خَطِّ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ احْتِمَالُ أَنَّ الْحَاكِمَ يَرَى نَفْعَهَا) مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَوْ جَزَمَ بِعَدَمِ نَفْعِهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّيهَا وَلَوْ أَنْكَرَ الشَّاهِدُ أَنَّ هَذَا الْخَطَّ خَطُّهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا خَطُّهُ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّهُ لَوْ اعْتَرَفَ أَنَّ الْخَطَّ خَطُّهُ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا شَهِدَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا يَشْهَدُ عَلَى الْقَضِيَّةِ وَإِنَّمَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ وَيُبَيِّنُ أَنَّهُ غَيْرُ ذَاكِرٍ لِمَا شَهِدَ بِهِ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ الشَّهَادَةِ عَلَى خَطِّ الشَّاهِدِ إنَّمَا تَكُونُ إنْ مَاتَ الْأَصْلُ أَوْ غَابَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ شَهَادَةَ الشَّخْصِ مُعْتَمِدًا عَلَى مَعْرِفَتِهِ لِخَطِّ نَفْسِهِ لَا تَنْفَعُ إلَّا إذَا تَذَكَّرَ الْقَضِيَّةَ كُلَّهَا وَإِلَّا أَدَّى بِلَا نَفْعٍ (قَوْلُهُ يَعْتَرِي النَّاسَ كَثِيرًا) أَيْ فَلَوْ لَمْ يَشْهَدْ بِنَفْعٍ لِمَا كَانَ لِوَضْعِ الشَّهَادَةِ فِي الْوَثِيقَةِ فَائِدَةٌ وَضَاعَتْ الْحُقُوقُ (قَوْلُهُ وَكَانَ شَيْخُنَا) أَيْ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ عَلِيٌّ الْعَدَوِيِّ

(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَخْ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَتَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو عَشْرَةً أَوْ يُؤَدِّي

ص: 193

أَوْ يَعْرِفُ نَسَبَهُ وَتَعَدَّدَ وَأَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ (إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) أَيْ شَخْصِهِ (وَلْيُسَجِّلْ) الْقَاضِي أَيْ يَكْتُبُ فِي سِجِلِّهِ أَيْ كِتَابِهِ (مَنْ زَعَمَتْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلَانٍ) أَيْ أَنَّ الْبَيِّنَةَ إذَا شَهِدَتْ بِدَيْنٍ مَثَلًا عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَأَخْبَرَتْ بِأَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ فَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُسَجِّلَ أَنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا يُسَجِّلُ مَنْ زَعَمَتْ أَوْ أَخْبَرَتْ أَوْ قَالَتْ إنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ لِاحْتِمَالِ انْتِسَابِهَا لِغَيْرِ أَبِيهَا وَالرَّجُلُ مِثْلُ الْمَرْأَةِ وَخَصَّ الْمَرْأَةَ لِغَلَبَةِ الْجَهْلِ بِهَا

(وَلَا) تَجُوزُ شَهَادَةُ أَيْ تَحَمُّلُهَا (عَلَى) امْرَأَةٍ (مُنْتَقِبَةٍ) حَتَّى تَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا لِيَشْهَدَ عَلَى عَيْنِهَا وَوَصْفِهَا (لِتَتَعَيَّنَ لِلْأَدَاءِ) عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ لَا لِلْمَنْفِيِّ الَّذِي هُوَ مُنْتَقِبَةٌ أَيْ انْتِفَاءُ الْجَوَازِ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا وَذَلِكَ لَا يَكُونُ مَعَ الِانْتِقَابِ (وَإِنْ قَالُوا) أَيْ الشُّهُودُ (أَشْهَدَتْنَا) بِدَيْنٍ مَثَلًا (مُنْتَقِبَةٌ) بِالرَّفْعِ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ وَبِالنَّصْبِ عَلَى الْحَالِ (وَكَذَلِكَ نَعْرِفُهَا) أَيْ وَنَعْرِفُهَا عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ أَيْ مُنْتَقِبَةً وَإِنْ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لَا نَعْرِفُهَا (قَلَّدُوا) أَيْ عُمِلَ بِجَوَابِهِمْ فِي تَعْيِينِهَا إذْ الْفَرْضُ أَنَّهُمْ عُدُولٌ لَا يُتَّهَمُونَ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَقْيِيدٌ لِلْأُولَى فَمَحَلُّ الْمَنْعِ فِي الْأُولَى إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً (وَعَلَيْهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ وُجُوبًا (إخْرَاجُهَا) أَيْ إخْرَاجُ امْرَأَةٍ شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَلَمْ يَعْرِفُوا نَسَبَهَا بِدَيْنٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ إبْرَاءٍ مِنْ بَيْنِ نِسْوَةٍ خُلِطَتْ بِهِنَّ (إنْ) كُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا وَ (قِيلَ لَهُمْ عَيَّنُوهَا) فَإِنْ قَالُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمْ فَلَيْسَ الضَّمِيرُ فِي إخْرَاجِهَا يَعُودُ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ وَفِي الْحَقِيقَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الشَّهَادَةَ كَذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ نَسَبُ عَمْرٍو (قَوْلُهُ أَوْ يُعْرَفُ نَسَبُهُ وَتَعَدَّدَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مِثْلَ جَهْلِ نَسَبِهِ عِلْمِهِ حَيْثُ تَعَدَّدَ الْمَنْسُوبُ لِمُعَيَّنٍ وَأَرَادَ الشَّهَادَةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَعَدِّدِ كَمَنْ لَهُ بِنْتَانِ فَاطِمَةٌ وَزَيْنَبُ وَأَرَادَ الشَّاهِدُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى فَاطِمَةَ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ إنَّمَا يَعْرِفُ أَنَّ لِفُلَانٍ بِنْتَيْنِ فَاطِمَةَ وَزَيْنَبَ وَلَا يَعْلَمُ عَيْنَ هَذِهِ مِنْ هَذِهِ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى عَيْنِهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِهَا وَأَنَّ بِامْرَأَةٍ وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُعَيَّنِ إلَّا بِنْتٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يُعْرَفُ لَهُ غَيْرُهَا وَكَانَ الشَّاهِدُ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ بِنْتُ فُلَانٍ فَهَذِهِ مِنْ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ لِأَنَّ الْحَصْرَ ظَاهِرٌ فِيهَا (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ) اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ عُمُومِ الْأَحْوَالِ أَيْ لَا يَشْهَدُ عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا فِي حَالِ تَعَيُّنِ شَخْصِهِ وَحِلْيَتِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَنْ وُجِدَتْ فِيهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَضَعَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ اسْمَ غَيْرِهِ عَلَى نَفْسِهِ بَدَلَ اسْمِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ وَلَا أَدَاؤُهَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ إلَّا عَلَى شَخْصِهِ وَأَوْصَافِهِ الْمُمَيِّزَةِ لَهُ بِحَيْثُ يَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّ لِزَيْدٍ دِينَارًا عَلَى الرَّجُلِ أَوْ عَلَى الْمَرْأَةِ الَّتِي صِفَتُهَا كَذَا أَوْ أَشْهَدُ أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي صِفَتُهَا كَذَا تَزَوَّجَهَا أَوْ طَلَّقَهَا فُلَانٌ (قَوْلُهُ وَلِيُسَجِّلَ الْقَاضِي) أَيْ فِي شَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى عَيْنِ امْرَأَةٍ لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا بِدَيْنٍ وَقَالَتْ إنَّهَا بِنْتُ فُلَانٍ (قَوْلُهُ مَنْ زَعَمَتْ) أَرَادَ بِالزَّعْمِ مُجَرَّدَ الْقَوْلِ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْوَاقِعِ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يُسَجِّلُ مَنْ زَعَمَتْ إلَخْ) فَائِدَةُ تَسْجِيلِ ذَلِكَ إفَادَةُ عَدَمِ ثُبُوتِ نَسَبِهَا

(قَوْلُهُ وَلَا عَلَى مُنْتَقِبَةٍ حَتَّى تَكْشِفَ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ يَطْلُبُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِ الْمَرْأَةِ بِحَقٍّ لِشَخْصٍ أَنْ لَا يَتَحَمَّلَا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ عَيْنِهَا مِنْ غَيْرِ نِقَابٍ لِأَنَّهُمْ لَوْ شَهِدَا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً لَا يُمْكِنُهُمَا أَنْ يُؤَدُّوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ عَيْنِهَا وَوَجْهًا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا تَحَمُّلًا أَوْ أَدَاءً وَهِيَ مُنْتَقِبَةٌ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ كَشْفِ وَجْهِهَا فِيهِمَا لِأَجْلِ أَنْ يَشْهَدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَصِفَتِهَا وَهَذَا فِي غَيْرِ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ وَفِي مَعْرُوفَتِهِ حَيْثُ كَانَ لَهَا أُخْتٌ فَأَكْثَرُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَنْ مُشَارَكَتِهَا وَأَمَّا مَعْرُوفَةُ النَّسَبِ الْمُنْفَرِدَةُ أَوْ الْمُتَمَيِّزَةُ عِنْدَ الشَّاهِدِ عَنْ مُشَارَكَتِهَا فَيَشْهَدُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً اهـ ثُمَّ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ عَدَمَ جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْمُنْتَقِبَةِ حَتَّى تَكْشِفَ عَنْ وَجْهِهَا عَامٌّ فِي النِّكَاحِ وَغَيْرِهِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالدَّيْنِ وَالْوَكَالَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَاخْتَارَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ تَتَعَيَّنَ عَيْنُهَا وَصِفَتُهَا (قَوْلُهُ أَشْهَدَتْنَا) أَيْ غَيْرُ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ أَوْ مَعْرُوفَتُهُ الْغَيْرُ الْمُتَمَيِّزَةُ عِنْدَ الشَّاهِدِ مِنْ مُشَارَكَتِهَا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِجَعْلِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُقَيِّدَةٌ لِمَا قَبْلَهَا (قَوْلُهُ أَيْ عَمِلَ بِجَوَابِهِمْ فِي تَعْيِينِهَا) أَيْ وَلَوْ أَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الَّتِي تَحَمَّلُوا الشَّهَادَةَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ إذَا كَانُوا لَا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً) أَيْ فَإِنْ كَانُوا يَعْرِفُونَهَا مُنْتَقِبَةً جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً وَقَلَّدُوا أَيْ دِينُوا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِمْ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُمْ إذَا شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَصِفَتِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا وَقَالَتْ أَدْخَلَ بَيْنَ نِسْوَةٍ وَيُخْرِجُونِي وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ النِّسْوَةِ وَقِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهَا فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا وَتَشْخِيصُهَا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ قَالُوا هَذِهِ هِيَ الَّتِي أَشْهَدَتْنَا عُمِلَ بِشَهَادَتِهِمْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجُوهَا وَلَمْ يَتَيَسَّرْ لَهُمْ مَعْرِفَتُهَا فَقِيلَ بِضَمَانِهِمْ لِمَا شَهِدُوا بِهِ عَلَيْهَا لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَقِيلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِأَنَّهُمْ بِمَثَابَةِ فِسْقِهِ يَعْلَمُونَ أَنَّ شَهَادَتَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهِدُوا بِحَقٍّ عَلَى آخَرَ وَلَمْ يَقْبَلْهُمْ الْحَاكِمُ عِنْدَ الْأَدَاءِ وَاسْتَظْهَرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ عَدَمَ الضَّمَانِ لِعُذْرِهِمْ فِي الْجُمْلَةِ (قَوْلُهُ غَيْرُ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ) أَيْ لِأَنَّ فِي هَذِهِ شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَصِفَتِهَا لِعَدَمِ مَعْرِفَةِ نَسَبِهَا وَالْحَالُ أَنَّهَا غَيْرُ مُنْتَقِبَةٍ وَمَا تَقَدَّمَ

ص: 194

هِيَ أَعَمُّ مِنْهَا وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدَّابَّةَ وَالرَّقِيقَ كَالْمَرْأَةِ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُ مَا شَهِدُوا بِهِ إنْ قِيلَ لَهُمْ عَيِّنُوهُ وَهُوَ التَّحْقِيقُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ

(وَجَازَ) لِمَنْ تَحَمَّلَ شَهَادَةً عَلَى امْرَأَةٍ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ ثُمَّ نَسِيَهَا (الْأَدَاءُ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ حَصَلَ) لَهُ (الْعِلْمُ) بَعْدَ ذَلِكَ (وَإِنْ بِامْرَأَةٍ) أَوْ مِنْ لَفِيفِ النَّاسِ (لَا) إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا (بِشَاهِدَيْنِ) فَلَا يَعْتَمِدُ عَلَيْهِمَا وَلَا يُؤَدِّي الشَّهَادَةَ (إلَّا نَقْلًا) عَنْهُمَا فَيُعْتَبَرُ حِينَئِذٍ فِي شَهَادَتِهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ فَلَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ شَاهِدٍ آخَرَ إلَيْهِ وَأَنْ يَقُولَا اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِنَا وَهَذَا إذَا شَارَكَاهُ فِي عِلْمِ مَا يَشْهَدُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا يُتَصَوَّرُ نَقْلُهُ عَنْهُمَا

ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِقَوْلِهِ (وَجَازَتْ) الشَّهَادَةُ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ هُنَا الْإِذْنُ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ لِأَنَّهَا قَدْ تَجِبُ (بِسَمَاعٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ (فَشَا) أَيْ انْتَشَرَ وَاشْتُهِرَ (عَنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ) الْمُرَادُ أَنَّهُمْ يَعْتَمِدُونَ فِي شَهَادَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

غَيْرُ مَعْرُوفَةِ النَّسَبِ وَشَهِدُوا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً لِعِلْمِهِمْ بِهَا كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ هِيَ أَعَمُّ مِنْهَا) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَعَمُّ مِنْهَا أَيْ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ لِصِحَّةِ حَمْلِ هَذِهِ عَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَى عَيْنِهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهَا وَكُلِّفُوا بِإِخْرَاجِهَا مِنْ بَيْنِ نِسَاءٍ وَعَلَى مَا إذَا شَهِدُوا عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً وَقَالُوا كَذَلِكَ نَعْرِفُهَا وَأَنْكَرَتْ أَنْ تَكُونَ هِيَ الَّتِي شَهِدُوا عَلَيْهَا وَقَالَتْ أَنْتَقِبُ وَأَدْخُلُ بَيْنَ نِسَاءٍ مُنْتَقِبَاتٍ وَيُخْرِجُونَنِي فَعَلَيْهِمْ إخْرَاجُهَا اهـ وَقَدْ يُقَالُ مُقْتَضَى جَزْمِ الْمُصَنِّفُ فِي مَسْأَلَةِ الْمُنْتَقِبَةِ أَنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُمْ إخْرَاجُهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ مَا هُنَا أَعَمَّ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ) أَيْ بِطَرِيقِ الْقِيَاسِ (قَوْلُهُ فَإِذَا شَهِدُوا بِدَابَّةٍ أَوْ رَقِيقٍ بِعَيْنِهِ لِشَخْصٍ) أَيْ وَأَدْخَلَهُمْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي مُمَاثِلٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ هُوَ خَطَأٌ) أَيْ إدْخَالُهُ فِي مُمَاثِلٍ وَطَلَبُ الشُّهُودِ بِإِخْرَاجِهِ خَطَأٌ مِمَّنْ فَعَلَهُ فَلَا يَلْزَمُ الشُّهُودَ إخْرَاجُ الدَّابَّةِ أَوْ الْعَبْدِ مِنْ الْمُمَاثِلِ وَالْقَائِلُ بِخَطَأِ مَنْ فَعَلَهُ هُوَ الْعَلَّامَةُ تت قَالَ بْن وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَالدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ وَأَنَّ مَنْ قَالَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ قَالَ بِوُجُوبِ إخْرَاجِ الدَّابَّةِ وَالرَّقِيقِ وَمَنْ قَالَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الْإِخْرَاجِ فِيهِمَا قَالَ بِعَدَمِ إخْرَاجِ الْمَرْأَةِ وَالرَّاجِحُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وُجُوبُ الْإِخْرَاجِ لِلثَّلَاثَةِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبَعًا لَبَن

(قَوْلُهُ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ أَوْ بِإِخْبَارِ رَجُلٍ بَلْ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ وَلَا مَفْهُومَ لِذَلِكَ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ لَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ بِأَنْ تَذَكَّرَ بِنَفْسِهِ وَمَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ تَبِعَ فِيهِ عبق التَّابِعُ لِشَيْخِهِ عج وَقَدْ قَرَّرَ بِتَقْرِيرٍ آخَرَ يَتَوَقَّفُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إذَا دُعِيَ الرَّجُلُ لِيَشْهَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُهَا فَشَهِدَ عِنْدَهُ رَجُلَانِ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ لَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَلَا يَشْهَدُ عَلَيْهَا إلَّا إذَا كَانَ يَعْرِفُهَا بِغَيْرِ تَعْرِيفٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ نَافِعٍ بَلْ يَشْهَدُ عَلَيْهَا وَكَيْفَ يُعْرَفُ النِّسَاءُ إلَّا بِمِثْلِ هَذَا ابْنُ رُشْدٍ وَاَلَّذِي أَقُولُ بِهِ إنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ إنْ أَتَى بِالشَّاهِدَيْنِ لِلرَّجُلِ لِيَشْهَدَا عِنْدَهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلَا يَشْهَدُ إلَّا عَلَى شَهَادَتِهِمَا وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ سَأَلَ الشَّاهِدَيْنِ فَأَخْبَرَاهُ أَنَّهَا فُلَانَةُ فَلْيَشْهَدْ عَلَيْهَا وَكَذَا لَوْ سَأَلَ عَنْ ذَلِكَ رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً لَجَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ وَلَوْ أَتَى لَهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِجَمَاعَةٍ مِنْ لَفِيفٍ مِنْ النَّاسِ يَشْهَدُونَ أَنَّهَا فُلَانَةُ لَجَازَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهَا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِشَهَادَتِهِمْ هَذَا حَاصِلُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَتَفْصِيلُ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا تَبِعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ عَرَفَةَ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِ وَاحِدٍ وَقَدْ حَمَلَ طفى كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا فَقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِ وَجَازَ الْأَدَاءُ أَيْ مُسْتَنِدًا إلَى التَّعْرِيفِ الْحَاصِلِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ عَلَى وَجْهِ الْخَبَرِيَّةِ إنْ حَصَلَ لَهُ بِذَلِكَ التَّعْرِيفِ الْعِلْمُ وَإِنْ بِامْرَأَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْعِلْمِ التَّوَثُّقُ بِخَبَرِ الْمُخْبِرِ وَقَوْلُهُ لَا بِشَاهِدَيْنِ أَيْ لَا مُسْتَنِدًا إلَى تَعْرِيفِ شَاهِدَيْنِ إذَا كَانَ تَعْرِيفُهُمَا عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ وَهَذَا هُوَ مُحَصِّلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق التَّابِعِ لعج لَا إنْ لَمْ يَحْصُلْ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَاهِدَيْنِ فِيهِ نَظَرٌ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ فَصَّلَ فِي الشَّاهِدَيْنِ هَذَا التَّفْصِيلَ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ جَازَ لَهُ أَدَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا بِالْأَوْلَى مِمَّا إذَا حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بِامْرَأَةٍ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْعِلْمُ بِأَنَّهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهَا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ أَدَّى الشَّهَادَةَ نَقْلًا فَمُرَادُ الْمُصَنِّفِ الِاسْتِنَادُ فِي الْأَدَاءِ إلَى التَّعْرِيفِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَامْرَأَةٌ عَرَفَ نَسَبَهَا ثُمَّ نَسِيَهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَفْرُوضٌ فِي امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفُ لَهَا نَسَبًا وَلَا مُعَارَضَةَ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ قَبْلَهُ وَلَا عَلَى مَنْ لَا يُعْرَفُ إلَّا عَلَى عَيْنِهِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَمْ يُعْرَفْ عَيْنُهُ وَلَمْ يَحْصُلْ تَعْرِيفٌ بِهِ وَمَا هُنَا فِيمَنْ لَمْ يُعْرَفْ وَحَصَلَ تَعْرِيفٌ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَأَنْ يَقُولَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ النَّاقِلَيْنِ عَنْهُمَا (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ قَوْلُ الشَّاهِدَيْنِ لِلنَّاقِلِ عَنْهُمَا أَشْهِدْ عَلَى شَهَادَتِنَا

(قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِهِ) أَيْ بِسَبَبِ الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ إلَى ذِكْرِ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا يَأْتِي

ص: 195

وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ وَقِيلَ لَا بُدَّ أَنْ يَقُولُوا فِي شَهَادَتِهِمْ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَهُوَ التَّحْقِيقُ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي اعْتِمَادِهِمْ عَلَى ذَلِكَ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَعَلَيْهِ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَيْطِيُّ وَبِهِ الْعَمَلُ أَوْ يُكْتَفَى بِأَحَدِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةٌ وَهُوَ الْأَشْهَرُ وَعَلَيْهِ فَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَغَيْرِهِمْ بِمَعْنَى أَوْ لِمَنْعِ الْخُلُوِّ وَرُجِّحَ كُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَاعْلَمْ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ إنَّمَا جَازَتْ لِلضَّرُورَةِ عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَشْهَدُ إلَّا بِمَا تُدْرِكُهُ حَوَاسُّهُ قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَتَكُونُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ فِي الْأَمْلَاكِ وَغَيْرِهَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (بِمِلْكٍ لِحَائِزٍ) فَلَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ (مُتَصَرِّفٍ) حَوْزًا (طَوِيلًا) فَطَوِيلًا مُتَعَلِّقٌ بِحَائِزٍ لَا بِمُتَصَرِّفٍ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ التَّصَرُّفَ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ بَلْ وَلَا طُولِ الْحِيَازَةِ كَمَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ فَالصَّوَابُ حَذْفُ مُتَصَرِّفٍ طَوِيلًا مِنْ هُنَا وَإِنَّمَا يُشْتَرَطَانِ فِي الْحِيَازَةِ الْآتِيَةِ أَيْ فِي الشَّهَادَةِ بِالْحِيَازَةِ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ أَوْ غَيْرِهَا عَلَى مَا سَيَأْتِي (وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ) بَتًّا عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ يَعْنِي إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِمِلْكِ دَارٍ مَثَلًا لِشَخْصٍ بَتًّا وَشَهِدَتْ أُخْرَى بِمِلْكِهَا الْآخَرِ سَمَاعًا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فَيُنْزَعُ بَيِّنَةُ الْبَتِّ مِنْ الْحَائِزِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَقُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ لَكَانَ أَصْوَبَ (إلَّا بِسَمَاعٍ) أَيْ إلَّا أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَمَّا عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِسَمَاعٍ لِلتَّعْدِيَةِ وَهُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِمْ ذَلِكَ فِي شَهَادَتِهِمْ) أَيْ بَلْ لَوْ قَالُوا لَمْ نَزَلِ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ أَنَّ هَذِهِ الدَّارَ حَبْسٌ أَوْ مِلْكٌ لِفُلَانٍ لَكَفَى وَإِنْ زَادُوا ذِكْرَ ذَلِكَ أَيْ السَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ فِي شَهَادَتِهِمْ فَهُوَ زِيَادَةُ بَيَانٍ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا بُدَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْبَاجِيَّ إذْ قَالَ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا سَمَاعًا فَاشِيًا مِنْ الْعُدُولِ وَغَيْرِهِمْ وَإِلَّا لَمْ تَصِحَّ وَنَحْوُهُ لِابْنِ سَهْلٍ وَابْنِ سَلْمُونٍ وَابْنِ فَتُّوحٍ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَقَرَّهُ وَحَمَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُدَوَّنَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهَا الْإِطْلَاقَ كَذَا فِي بْن عَنْ طفى (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي اعْتِمَادِهِمْ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي اعْتِمَادِهِمْ فِي الشَّهَادَةِ عَلَى السَّمَاعِ قَائِمٌ بِذَاتِهِ لَا تَفَرُّعَ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَا عَلَى الْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ ثَابِتٌ فِي نُطْقِ الشُّهُودِ وَلَا كَلَامَ وَأَمَّا اعْتِمَادُهُمْ فَفِيهِ طَرِيقَتَانِ الْأُولَى تَحْكِي الْخِلَافَ أَيْضًا فَقِيلَ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ إلَّا إذَا اعْتَمَدَ الشُّهُودُ عَلَى سَمَاعٍ فَاشٍ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ وَقِيلَ يَكْفِي فِي قَبُولِهِمْ اعْتِمَادُهُمْ عَلَى سَمَاعٍ فَاشٍ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ الثِّقَاتِ أَوْ غَيْرِهِمْ وَالطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ تَقُولُ الْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي نُطْقِ الشُّهُودِ وَأَمَّا الِاعْتِمَادُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ السَّمَاعِ الْفَاشِي مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ قَوْلًا وَاحِدًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الَّتِي مَالَ إلَيْهَا بْن حَيْثُ قَالَ الَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا هُوَ فِي النُّطْقِ لَا فِي الِاعْتِمَادِ اهـ.

وَقَوْلُ الشَّارِحِ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الثِّقَاتِ إلَخْ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَلْ لَا بُدَّ مِنْ الِاعْتِمَادِ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَوْ يَكْفِي الِاعْتِمَادُ عَلَى السَّمَاعِ مِنْ أَحَدِهِمَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بِمِلْكٍ) مُتَعَلِّقٌ بِضَمِيرِ جَازَتْ الْعَائِدِ عَلَى الشَّهَادَةِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ إعْمَالِ الْمَصْدَرِ مُضْمَرًا وَأَمَّا قَوْلُهُ بِسَمَاعٍ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِجَازِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الشَّهَادَةَ بِالْمِلْكِ لِحَائِزٍ حَوْزًا طَوِيلًا يَتَصَرَّفُ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهَا جَائِزَةٌ بِسَمَاعٍ فَاشٍ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا حَازَ عَقَارًا مُدَّةً طَوِيلَةً كَأَرْبَعِينَ سَنَةً أَوْ عِشْرِينَ عَلَى مَا يَأْتِي وَتَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي أَمْلَاكِهَا بِهَدْمٍ أَوْ قَلْعِ شَجَرٍ أَوْ غَرْسٍ أَوْ زَرْعٍ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ وَشَاعَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مَالِكُهُ فَيَجُوزُ أَنْ تَشْهَدَ الْبَيِّنَةُ لِذَلِكَ الْحَائِزِ إذَا نَازَعَهُ غَيْرُهُ بِالْمِلْكِ بِأَنْ تَقُولَ لَمْ نَزَلِ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ ذَلِكَ الْعَقَارَ مِلْكٌ لِذَلِكَ الْحَائِزِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ حَائِزٍ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُ هَذَا الْكَلَامِ مِنْ هُنَا لِعَدَمِ مُنَاسَبَتِهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ فَطَوِيلًا مُتَعَلِّقٌ بِحَائِزٍ) أَيْ مُرْتَبِطٌ بِهِ فَالْمُشْتَرَطُ فِيهِ الطُّولُ كَأَرْبَعِينَ أَوْ عِشْرِينَ سَنَةً إنَّمَا هُوَ الْحَوْزُ وَأَمَّا التَّصَرُّفُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ وَالزَّرْعِ مِنْ غَيْرِ مُنَازِعٍ فَيَكْفِي أَنْ يَكُونَ عَشَرَةَ أَشْهُرٍ مِنْ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ الَّتِي هِيَ عِشْرُونَ سَنَةً أَوْ أَرْبَعُونَ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ التَّصَرُّفَ وَطُولَ الْحِيَازَةِ إنَّمَا يُشْتَرَطَانِ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ بَتًّا وَأَمَّا الشَّهَادَةُ بِالْمِلْكِ سَمَاعًا فَيَكْفِي فِيهَا مُجَرَّدُ الْحَوْزِ فَالشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ عَلَى وَجْهِ الْبَتِّ يَعْتَمِدُ فِي الشَّهَادَةِ بِذَلِكَ عَلَى وَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ وَالتَّصَرُّفِ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ وَنِسْبَتِهَا مَعَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَعَدَمِ الْمُنَازِعِ وَطُولِ الْحِيَازَةِ وَأَمَّا الشَّاهِدُ بِالْمِلْكِ عَلَى وَجْهِ السَّمَاعِ فَيَعْتَمِدُ فِي شَهَادَتِهِ بِذَلِكَ عَلَى الْحِيَازَةِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ تَصَرُّفٌ اهـ.

لَكِنْ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا طُولِ الْحِيَازَةِ فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِالْمِلْكِ الْمُحَازِ طُولَ زَمَنِ السَّمَاعِ كَعِشْرِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ إذَا طَالَ زَمَنُ الْحَوْزِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَكَانَ أَصْوَبَ) أَيْ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَيِّنَتَيْنِ شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ لَا أَنَّ إحْدَاهُمَا شَهِدَتْ

ص: 196

(أَنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ الذَّاتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا الْمَحُوزَةَ لِذِي بَيِّنَةِ السَّمَاعِ (مِنْ كَأَبِي الْقَائِمِ) وَهُوَ صَاحِبُ بَيِّنَةِ الْبَتِّ فَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ تَقْدِيمِ بَيِّنَةِ الْبَتِّ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ الذَّاتَ الْمُتَنَازَعَ فِيهَا قَدْ انْتَقَلَتْ لِلْمُدَّعِي بِمِلْكٍ جَدِيدٍ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ مِنْ أَبِي الْقَائِمِ أَوْ جَدِّهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ صَاحِبَ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ حَائِزٌ لِلْمُتَنَازَعِ فِيهِ كَمَا عَلِمْت وَإِلَّا قُدِّمَتْ بَيِّنَةُ الْبَتِّ عَلَى بَيِّنَةِ السَّمَاعِ النَّاقِلَةِ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ

(وَوَقْفٍ) عَطْفٌ عَلَى بِمِلْكٍ أَيْ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ بِأَنَّ هَذَا الشَّيْءَ مَوْقُوفٌ عَلَى الْحَائِزِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ وَلَيْسَتْ الذَّاتُ بِيَدِ أَحَدٍ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِيَدِ حَائِزٍ مُدَّعٍ مِلْكَهُ فَفِيهِ خِلَافٌ قِيلَ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ كَالْمِلْكِ وَقِيلَ يُنْزَعُ بِهَا مِنْهُ احْتِيَاطًا لِلْوَقْفِ وَرُجِّحَ (وَمَوْتٍ بِبُعْدٍ) أَيْ وَيُعْمَلُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِمَوْتٍ لِشَخْصٍ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ كَالْأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَيَلْحَقُ بِهِ الشَّهْرُ وَأَمَّا الْبِلَادُ الْقَرِيبَةُ أَوْ فِي بَلَدِ الْمَوْتِ فَإِنَّمَا تَكُونُ عَلَى الْبَتِّ لِسُهُولَةِ الْكَشْفِ عَنْ حَالِهِ

ثُمَّ أَشَارَ إلَى شُرُوطِ إفَادَةِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ بِقَوْلِهِ (إنْ طَالَ الزَّمَانُ) أَيْ زَمَانُ السَّمَاعِ كَعِشْرِينَ سَنَةً فَأَقَلَّ مِنْهَا لَا يَكْفِي وَلَا بُدَّ مِنْ شَهَادَةِ الْبَتِّ لَكِنْ هَذَا فِي الْمِلْكِ الْمُحَازِ وَفِي الْوَقْفِ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ فَالشَّرْطُ قِصَرُ الزَّمَنِ وَأَمَّا طُولُهُ فَمُبْطِلٌ لِلسَّمَاعِ فِيهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةِ الْقَطْعِ فِيهِ وَلَوْ بِالنَّقْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ إذْ يَبْعُدُ عَادَةً مَوْتُهُ مَعَ عَدَمِ مَنْ يَأْتِي مِنْ تِلْكَ الْبِلَادِ وَيُخْبِرُ بِمَوْتِهِ قَطْعًا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ

وَأَشَارَ لِلشَّرْطِ الثَّانِي بِقَوْلِهِ (بِلَا رِيبَةٍ) فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ كَشَهَادَةِ اثْنَيْنِ وَلَيْسَ فِي الْبَلَدِ مِثْلُهُمَا سِنًّا بِمَوْتِ شَخْصٍ أَوْ كَانَ فِيهَا مَنْ يُسَاوِيهِمَا فِي السِّنِّ مَعَ شُيُوعِ السَّمَاعِ عِنْدَ غَيْرِهِمَا فَإِنْ وُجِدَتْ رِيبَةٌ بِأَنْ لَمْ يَسْمَعْ بِمَوْتِهِ غَيْرُهُمَا مِنْ ذَوِي أَسْنَانِهِمَا لَمْ تُقْبَلْ لِلتُّهْمَةِ

وَإِلَى الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (وَحَلَفَ) الْمَحْكُومُ لَهُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْمِلْكِ وَالْأُخْرَى بِالْحَوْزِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَإِنْ قُلْت الْحَوْزُ عَشْرُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ بِمُجَرَّدِهِ كَافٍ فِي رَدِّ دَعْوَى الْقَائِمِ وَفِي رَدِّ بَيِّنَتِهِ وَإِنْ كَانَتْ بِالْقَطْعِ وَلَا يَحْتَاجُ مَعَهُ لِبَيِّنَةِ سَمَاعٍ وَلَا غَيْرِهَا كَمَا يَأْتِي وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى تَنَازُعٌ بَيْنَ حَائِزٍ وَقَائِمٍ وَإِقَامَةُ الْأَوَّلِ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ وَإِقَامَةُ الثَّانِي بَيِّنَةَ قَطْعٍ قُلْت إنَّمَا يَكُونُ الْحَوْزُ مَانِعًا مِنْ دَعْوَى الْقَائِمِ وَرَادًّا لِبَيِّنَتِهِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَائِمُ حَاضِرًا بِلَا مَانِعٍ وَأَمَّا إذَا كَانَ غَائِبًا أَوْ لَهُ مَانِعٌ فَتُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَيَحْتَاجُ الْحَائِزُ إلَى دَفْعِهَا فَتُفْتَرَضُ الْمَسْأَلَةُ فِيمَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْقَائِمُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا لَهُ مَانِعٌ.

(قَوْلُهُ إنَّهُ اشْتَرَاهَا) أَيْ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ مَثَلًا (قَوْلُهُ لِذِي بَيِّنَةِ السَّمَاعِ) أَيْ لِصَاحِبِ أَيْ الْمَحُوزَةِ عِنْدَ صَاحِبِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ (قَوْلُهُ مَا لَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةُ السَّمَاعِ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا قُدِّمَتْ لِأَنَّ بَيِّنَةَ السَّمَاعِ حِينَئِذٍ نَاقِلَةٌ وَالْبَيِّنَةَ الْقَاطِعَةَ مُسْتَصْحَبَةٌ وَالنَّاقِلَةُ تُقَدَّمُ عَلَى الْمُسْتَصْحَبَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ حَائِزًا لِلذَّاتِ الْمُتَنَازَعِ فِيهَا بَلْ الْحَائِزُ لَهَا صَاحِبُ بَيِّنَةِ الْبَتِّ (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ) أَيْ وَلَوْ حَلَفَ صَاحِبُهَا مَعَهَا

(قَوْلُهُ وَلَيْسَتْ الذَّاتُ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ عَلَى فُلَانٍ (قَوْلُهُ فَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهَا) أَيْ وَكَمَا يُعْمَلُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي ثُبُوتِ أَصْلِ الْوَقْفِ يُعْمَلُ بِهَا أَيْضًا فِي مَصْرِفِ الْوَقْفِ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِثْلُ شُرُوطِ الْوَاقِفِ وَغَيْرِهَا وَلَا يَلْزَمُ تَسْمِيَةُ الْوَاقِفِ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الْوَقْفِ كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ قِيلَ لَا يُنْزَعُ بِهَا مِنْ يَدِ الْحَائِزِ كَالْمِلْكِ) أَيْ وَهُوَ لِلَّخْمِيِّ وَالتَّوْضِيحِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ بَهْرَامُ وَالْبِسَاطِيُّ وتت (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُنْزَعُ بِهَا) أَيْ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ عَمَّا شَهِدَتْ بِوَقْفِيَّتِهِ لِغَيْرِ حَائِزِهِ مِنْ يَدِ حَائِزِهِ وَهُوَ مَا لِابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ يُونُسَ وَبِهِ أَفْتَى عج وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ يَكُونُ الْوَقْفُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِمْ لَا يُنْزَعُ بِبَيِّنَةِ السَّمَاعِ مِنْ يَدِ حَائِزٍ (قَوْلُهُ بِمَوْتٍ لِشَخْصٍ) أَيْ إذَا شَهِدَتْ بِمَوْتٍ لِشَخْصٍ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ وَجُهِلَ الْمَكَانُ كَعَبْدِهِ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبِلَادُ الْقَرِيبَةُ) أَيْ وَأَمَّا الشَّهَادَةُ عَلَى مَوْتِهِ فِي الْبِلَادِ الْقَرِيبَةِ أَوْ فِي بَلَدِهِ فَإِنَّمَا تَكُونُ إلَخْ فَقَوْلُهُ أَوْ بَلَدُ مَوْتِهِ الْأَوْلَى أَوْ فِي بَلَدِهِ

(قَوْلُهُ كَعِشْرِينَ سَنَةً) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَبِهِ الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَرْبَعُونَ سَنَةً (قَوْلُهُ لَكِنْ هَذَا) أَيْ اشْتِرَاطُ طُولِ زَمَنِ السَّمَاعِ فِي الْمِلْكِ الْمُحَازِ أَيْ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى الْمِلْكِ الْمُحَازِ وَعَلَى الْوَقْفِ وَقَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْمَوْتِ أَيْ وَأَمَّا شَهَادَةُ السَّمَاعِ عَلَى الْمَوْتِ بِبَلَدٍ بَعِيدَةٍ فَشَرْطُ قَبُولِهَا قِصَرُ زَمَانِ السَّمَاعِ وَأَمَّا مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَعَزْلٍ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ طُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ أَيْضًا وَلَا قِصَرُهُ فَشَهَادَةُ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا ضَرَرُ الزَّوْجَيْنِ وَمَا مَعَهُ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ مُدَّةُ السَّمَاعِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَلَوْ بِالنَّقْلِ) أَيْ عَنْ بَيِّنَةٍ أُخْرَى (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ اشْتِرَاطِ طُولِ الزَّمَانِ حَتَّى فِي الْمَوْتِ وَخِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ هَارُونَ الشَّرْطُ فِي قَبُولِ بَيِّنَةِ السَّمَاعِ فِي الْمَوْتِ أَحَدُ أَمْرَيْنِ إمَّا تَنَائِي الْبُلْدَانِ أَوْ طُولُ الزَّمَانِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ بِالْمَوْتِ طُرُقًا ثَلَاثَةً طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ اشْتِرَاطُ تَنَائِي الْبُلْدَانِ وَقِصَرِ الزَّمَانِ وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ وَطَرِيقَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهِيَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ اشْتِرَاطُ تَنَائِي الْبُلْدَانِ وَطُولِ الزَّمَانِ وَطَرِيقَةُ ابْنِ هَارُونَ اشْتِرَاطُ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا تَنَائِي الْبُلْدَانِ أَوْ طُولُ الزَّمَانِ وَالْمُعْتَمَدُ الطَّرِيقَةُ الْأُولَى اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ بِمَوْتِ شَخْصٍ) أَيْ مُسْتَنِدِينَ فِي شَهَادَتِهِمْ بِذَلِكَ لِلسَّمَاعِ وَالْحَالُ أَنَّهُ غَيْرُ شَائِعٍ عِنْدَ غَيْرِهِمَا

ص: 197

لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ

وَإِلَى الرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (وَشَهِدَ) بِهِ (اثْنَانِ) مِنْ الْعُدُولِ فَأَكْثَرُ فَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ مَعَ الْيَمِينِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ شَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى السَّمَاعِ لَمْ يُقْضَ بِالْمَالِ وَإِنْ حَلَفَ لِأَنَّ السَّمَاعَ نَقْلُ شَهَادَةٍ وَلَا يَكْفِي نَقْلُ شَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى شَهَادَةِ غَيْرِهِ اهـ وَقَالَ غَيْرُهُ يَكْفِي وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا مَرَّ فِي الْخُلْعِ فِي قَوْلِهِ وَبِيَمِينِهَا مَعَ شَاهِدٍ أَيْ وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَرُجِّحَ فِي خُصُوصِ الْخُلْعِ لِأَنَّ شَأْنَ الزَّوْجِ الضَّرَرُ بِزَوْجَتِهِ

وَبَقِيَ شَرْطٌ خَامِسٌ وَهُوَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ الشَّاهِدَيْنِ ذَكَرَيْنِ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ بِهِ إتْيَانُهُ بِمُثَنَّى الْمُذَكَّرِ

ثُمَّ ذَكَرَ عِشْرِينَ مَسْأَلَةً تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ السَّمَاعِ مُشَبِّهًا لَهَا بِالثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا فَقَالَ (كَعَزْلٍ) لِقَاضٍ أَوْ وَالٍ أَوْ وَكِيلٍ بِأَنْ تَقُولَ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ عُزِلَ (وَجَرْحٍ) أَيْ تَجْرِيحٍ كَلَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ شَارِبُ خَمْرٍ مَثَلًا أَوْ مُجَرَّحٍ

(وَكُفْرٍ) لِمُعَيَّنٍ (وَسَفَهٍ) كَذَلِكَ

(وَنِكَاحٍ) ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ (وَضِدِّهَا) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ تَوْلِيَةٍ وَتَعْدِيلٍ وَإِسْلَامٍ وَرُشْدٍ وَطَلَاقٍ (وَإِنْ بِخُلْعٍ) كَأَنْ قَالُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ خَالَعَهَا فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ يُثْبِتُ الْعَقْدَ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ

(وَضَرَرِ زَوْجٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّهُ يَضُرُّ بِزَوْجَتِهِ فَيُطَلِّقُهَا الْحَاكِمُ عَلَيْهِ

(وَهِبَةٍ) أَيْ أَنَّهُ وَهَبَ لِفُلَانٍ كَذَا

(وَوَصِيَّةٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا أَقَامَ فُلَانًا وَصِيًّا عَنْهُ فِي مَالِهِ أَوْ وَلَدِهِ أَوْ أَنَّ فُلَانًا كَانَ فِي وِلَايَةِ فُلَانٍ يَتَوَلَّى النَّظَرَ لَهُ وَالْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ بِإِيصَاءِ أَبِيهِ أَوْ بِتَقْدِيمِ قَاضٍ لَهُ عَلَيْهِ

(وَوِلَادَةٍ) فَيَثْبُتُ بِهَا أَنَّهَا أُمُّ وَلَدٍ

(وَحِرَابَةٍ وَإِبَاقٍ) فَيَثْبُتَانِ بِهِ

(وَعُدْمٍ) أَيْ عُسْرٍ أَثْبَتَهُ الْمَدِينُ أَوْ الْغُرَمَاءُ بِهَا

(وَأَسْرٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّهُ أُسِرَ فَيُزَوِّجُ الْحَاكِمُ بِنْتَه وَيَقْضِي دَيْنَهُ فِي مَالِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ

(وَعِتْقٍ وَلَوْثٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ ثِقَاتٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَتَلَ فُلَانًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ لِأَنَّهَا ضَعِيفَةٌ) أَيْ فَطُلِبَ فِيهَا الْحَلِفُ لِأَجْلِ تَقْوِيَتِهَا

(قَوْلُهُ وَيَنْبَنِي عَلَيْهِ مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فَمَا مَرَّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ هُنَا وَفِي الشَّامِلِ أَنَّ فِي رَدِّ الْمَالِ فِي الْخُلْعِ بِشَهَادَةِ الْوَاحِدِ بِالسَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ وَعَدَمِ رَدِّهِ قَوْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ فَالْمُصَنِّفُ مَشَى فِيمَا مَرَّ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ (قَوْلُهُ وَيَمِينُهَا مَعَ شَاهِدٍ) صُورَتُهُ خَالَعَتْهُ عَلَى مَالٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَقَامَتْ شَاهِدًا عَلَى أَنَّ زَوْجَهَا كَانَ يُضَارِرْهَا فَيُعْمَلُ بِهَذَا الشَّاهِدِ مَعَ يَمِينِهَا وَلَوْ شَاهِدَ سَمَاعٍ وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَيْهَا فَقَدْ عُمِلَ بِوَاحِدٍ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ مَعَ الْيَمِينِ

(قَوْلُهُ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ) أَيْ فِي السَّمَاعِ

(قَوْلُهُ بِالثَّلَاثَةِ قَبْلَهَا) أَيْ وَهِيَ الْمِلْكُ وَالْوَقْفُ وَالْمَوْتُ (قَوْلُهُ إنَّهُ عَزْلٌ) أَيْ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ بُطْلَانُ حُكْمِ الْقَاضِي وَتَصَرُّفُ الْوَكِيلِ بَعْدَ ثُبُوتِ الْعَزْلِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ

(قَوْلُهُ وَكُفْرٍ) أَيْ بِأَنْ شَهِدُوا بِالسَّمَاعِ الْفَاشِي بِكُفْرِ فُلَانٍ فَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَا يُدْفَنُ فِي قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْمُسْلِمُونَ (قَوْلُهُ وَسَفَهٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا سَفِيهٌ لَا يُحْسِنُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ

(قَوْلُهُ ادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ وَأَنْكَرَهُ الْآخَرُ مِنْهُمَا فِيهِ نَظَرٌ فَفِي التَّوْضِيحِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ السَّمَاعِ عَلَى النِّكَاحِ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجَانِ مُتَّفِقَيْنِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ أَنْكَرَهُ أَحَدُهُمَا فَلَا اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَالَ الشَّيْخُ مَيَّارَةُ فِي شَرْحِ التُّحْفَةِ شَرْطُ السَّمَاعِ فِي النِّكَاحِ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ تَحْتَ حِجَابِ الزَّوْجِ فَيَحْتَاجُ لِإِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ أَوْ يَمُوتُ أَحَدُهُمَا فَيَطْلُبُ الْحَيُّ الْمِيرَاثَ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ فِي عِصْمَةِ أَحَدٍ فَأَثْبَتَ رَجُلٌ بِالسَّمَاعِ أَنَّهَا زَوْجَتُهُ لَمْ يَسْتَوْجِبْ الْبِنَاءَ عَلَيْهَا بِذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاعَ إنَّمَا يَنْفَعُ فِي الْحِيَازَةِ وَلِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ السَّمَاعِ عَنْ وَاحِدٍ وَهِيَ لَا تَجُوزُ بِهِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِّ لَكِنْ قَالَ ابْنُ رَحَّالٍ فِي حَاشِيَتِهِ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافُ مَا قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَابْنُ الْحَاجِّ وَهُوَ فِي عُهْدَتِهِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ مِنْ تَوْلِيَةٍ) أَيْ لِمُعَيَّنٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ) أَيْ وَكَذَا شَهَادَتُهُمَا بِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَثْبُتُ الطَّلَاقُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ) أَيْ لِتَوَقُّفِهِ عَنْ شَهَادَةِ بَتٍّ (قَوْلُهُ لَا دَفْعُ الْعِوَضِ) أَيْ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالصَّدَاقُ فَلَا يَثْبُتُ دَفْعُهُمَا بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ الَّتِي ثَبَتَ بِهَا الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ بَتًّا عَلَى دَفْعِهِمَا

(قَوْلُهُ وَهِبَةٍ) أَيْ نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا وَهَبَ لِفُلَانٍ كَذَا

(قَوْلُهُ إنَّ فُلَانًا أَقَامَ إلَخْ) أَيْ أَوْ إنَّ فُلَانًا أَوْصَى لِفُلَانٍ بِكَذَا مِنْ الْمَالِ أَوْ الْحَيَوَانِ أَوْ الْعَقَارِ

(قَوْلُهُ وَوِلَادَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَمَةَ وَلَدَتْ مِنْ فُلَانٍ أَوْ أَنَّ هَذِهِ الْمَرْأَةَ قَدْ وَلَدَتْ لِأَجْلِ خُرُوجِهَا مِنْ عِدَّتِهَا مَثَلًا

(قَوْلُهُ وَحِرَابَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةَ مُحَارَبُونَ أَوْ أَخَذُوا مَالَ فُلَانٍ حِرَابَةً (قَوْلُهُ وَإِبَاقٍ) بِأَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا أَبَقَ لَهُ عَبْدٌ صِفَتُهُ كَذَا فَيَثْبُتَانِ أَيْ الْحِرَابَةُ وَالْإِبَاقُ بِهِ أَيْ بِالسَّمَاعِ

(قَوْلُهُ أَثْبَتَهُ الْمَدِينُ) كَمَا لَوْ طَالَبَهُ الْغُرَمَاءُ بِدَيْنِهِمْ وَادَّعَى الْإِعْسَارَ وَأَقَامَ بَيِّنَةَ سَمَاعٍ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ الْغُرَمَاءُ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَدِينِ ضَامِنٌ ثُمَّ إنَّ الْغُرَمَاءَ طَالَبُوا الضَّامِنَ فَقَالَ لَهُمْ إنَّ الْمَدِينَ مَلِيءٌ فَعَلَيْكُمْ بِهِ فَأَقَامُوا بَيِّنَةَ سَمَاعٍ تَشْهَدُ أَنَّ الْمَدِينَ مُعْدِمٌ

(قَوْلُهُ وَعِتْقٍ) نَحْوُ لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ فُلَانًا وَمِثْلُ الْعِتْقِ الْحُرِّيَّةُ فَتَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ وَلَوْثٍ) أَيْ فِي قَتْلٍ وَهَلْ تَثْبُتُ الْجِرَاحُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ

ص: 198

فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْثًا تُسَوِّغُ لِلْوَلِيِّ الْقَسَامَةَ وَمِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ الْبَيْعُ وَالنَّسَبُ وَالْوَلَاءُ وَالرَّضَاعُ وَالْقِسْمَةُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ تَثْبُتُ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ فَلِذَا أَتَى فِيهَا بِالْكَافِ

ثُمَّ ذَكَرَ حُكْمَ الشَّهَادَةِ تَحَمُّلًا وَأَدَاءً بِقَوْلِهِ (وَالتَّحَمُّلُ) لِلشَّهَادَةِ (إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ) أَيْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ بِأَنْ خِيفَ ضَيَاعُ الْحَقِّ مِنْ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) إذْ لَوْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ لَضَاعَ الْحَقُّ وَيَتَعَيَّنُ بِمَا يَتَعَيَّنُ بِهِ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَقُومُ بِهِ غَيْرُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ إذْ قَدْ يَحْسُنُ حَالُهُ عِنْدَ الْأَدَاءِ أَوْ لَا يَقْدَحُ فِيهِ الْخَصْمُ وَالْعِبْرَةُ بِوَقْتِ الْأَدَاءِ وَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ إنْ اُفْتُقِرَ إلَيْهِ عَمَّا إذَا لَمْ يُفْتَقَرْ إلَيْهِ فَلَا يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ حَرَامًا كَتَحَمُّلِ شَهَادَةِ الزِّنَا الْأَقَلِّ مِنْ الْأَرْبَعَةِ وَقَدْ يَجُوزُ كَرُؤْيَةِ هِلَالٍ لَمْ يَتَوَقَّفْ عَلَيْهِ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ (وَتَعَيَّنَ الْأَدَاءُ) عَلَى الْمُتَحَمِّلِ أَيْ إعْلَامُ الْحَاكِمِ أَوْ جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ بِمَا تَحَقَّقَهُ (مِنْ) مَسَافَةٍ (كَبَرِيدَيْنِ) وَأُدْخِلَتْ الْكَافُ الثَّالِثُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا كَمَسَافَةِ قَصْرٍ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ أَنَّهَا اسْتِقْصَائِيَّةٌ (وَ) تَعَيَّنَ الْأَدَاءُ (عَلَى ثَالِثٍ إنْ لَمْ يَجْتَزْ بِهِمَا) أَيْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عِنْدَ الْحَاكِمِ لِاتِّهَامِهِمَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ وَكَذَا عَلَى رَابِعٍ وَخَامِسٍ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَقُّ

(وَإِنْ)(انْتَفَعَ) مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ بِأَنْ امْتَنَعَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَّا بِمُقَابَلَةِ شَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَتَعَقَّبَهُ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِهِ قَائِلًا مَا وَقَفْت فِي الْجِرَاحِ عَلَى شَيْءٍ لِغَيْرِهِ وَسَلَّمَهُ لَهُ بْن (قَوْلُهُ فَتَكُونُ الشَّهَادَةُ الْمَذْكُورَةُ لَوْثًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْثٍ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ بِالْقَتْلِ تَكُونُ لَوْثًا وَهُوَ مَا يُفِيدُهُ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّ شَهَادَةَ السَّمَاعِ يَثْبُتُ بِهَا اللَّوْثُ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى ظَاهِرِهِ حَمَلَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ الْبَرْمُونِيُّ فَقَالَ وَصُورَتُهَا أَنْ يَقُولُوا لَمْ نَزَلْ نَسْمَعُ مِنْ الثِّقَاتِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ فُلَانًا قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ اهـ وَهُوَ يَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ فَإِنْ وُجِدَ نَقْلٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ حَلَفَتْ الْوَرَثَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا مَعَ تِلْكَ الشَّهَادَةِ وَاسْتَحَقُّوا دَمَ صَاحِبِهِمْ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتَهُ فِي الْخَطَأِ وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ نَقْلٌ يُسَاعِدُهُ فَلَا قَسَامَةَ وَتِلْكَ الشَّهَادَةُ بِاللَّوْثِ كَالْعَدَمِ اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ تَسُوغُ لِلْوَلِيِّ الْقَسَامَةُ) أَيْ حَلَفَ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِهِمْ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتَهُ فِي الْخَطَأِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُ الْمَذْكُورَاتِ الْبَيْعُ إلَخْ) هَذِهِ الْخَمْسَةُ الَّتِي زَادَهَا الشَّارِحُ لَمْ يَجْعَلْهَا دَاخِلَةً تَحْتَ الْكَافِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعَزْلٍ لِأَنَّهَا لِلتَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا لَا لِلتَّمْثِيلِ وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ السَّمَاعِ أَيْضًا عَلَى الْخَطِّ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ وَعَلَى الرَّهْنِ كَمَا فِي ح فَجُمْلَةُ الْمَسَائِلِ الَّتِي تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ السَّمَاعِ ثَلَاثُونَ مَسْأَلَةً (قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَعَزْلٍ وَجَمِيعِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ لَا بِقَيْدِ الطُّولِ) أَيْ طُولِ زَمَنِ السَّمَاعِ بَلْ يُثْبِتُهَا سَوَاءٌ طَالَ زَمَنُ السَّمَاعِ أَمْ لَا فَطُولُ زَمَنِ السَّمَاعِ إنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَالْوَقْفِ وَكَذَا بِالْمَوْتِ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ فَلِذَا) أَيْ فَلِأَجْلِ عَدَمِ اشْتِرَاطِ الطُّولِ فِيهَا أَتَى فِيهَا بِالْكَافِ أَيْ وَلَمْ يَعْطِفْهَا عَلَى مَا قَبْلَهَا مِنْ الْمِلْكِ وَالْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَالْوَلَاءُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ ثُبُوتِ الْوَلَاءِ بِشَهَادَةِ السَّمَاعِ هُوَ الْمَشْهُورُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ بَابِ الْعِتْقِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِالْوَلَاءِ أَوْ اثْنَانِ أَنَّهُمَا لَمْ يَزَالَا يَسْمَعَانِ أَنَّهُ مَوْلَاهُ أَوْ ابْنَ عَمِّهِ لَمْ يَثْبُتْ فَهُوَ ضَعِيفٌ

(قَوْلُهُ وَالْمُتَحَمِّلُ لِلشَّهَادَةِ إلَخْ) التَّحَمُّلُ لُغَةُ الِالْتِزَامِ فَإِذَا الْتَزَمْت دَفْعَ مَا عَلَى الْمَدِينِ فَيُقَالُ إنَّك مُتَحَمِّلٌ بِالدَّيْنِ وَأَمَّا فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ فَهُوَ عِلْمُ مَا يَشْهَدُ بِهِ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ فَخَرَجَ بِقَوْلِهِمْ بِسَبَبٍ اخْتِيَارِيٍّ عِلْمُهُ لِمَا يَشْهَدُ بِهِ بِدُونِ اخْتِيَارٍ كَمَا إذَا كَانَ مَارًّا فَسَمِعَ مَنْ يَقُولُ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ فَلَا يُسَمَّى تَحَمُّلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ وَلَوْ فَاسِقًا عِنْدَ التَّحَمُّلِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ تَحَمُّلَهُ لِلشَّهَادَةِ فِيهِ تَعْرِيضٌ لِضَيَاعِ الْحُقُوقِ لِأَنَّ الْغَالِبَ رَدُّ شَهَادَةِ الْفَاسِقِ نَعَمْ إنْ لَمْ يُوجَدْ سَوَاءٌ ظَهَرَ تَحَمُّلُهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لِلْمُتَحَمِّلِ أَنْ يَنْتَفِعَ عَلَى التَّحَمُّلِ) أَيْ دُونَ الْأَدَاءِ فَلَا يَجُوزُ الِانْتِفَاعُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ الَّذِي هُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ أَيْ وَأَمَّا الْمُتَعَيِّنُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ الِانْتِفَاعُ عَلَيْهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ والمج وَصَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ بَلْ وَعَلَى التَّحَمُّلِ الْمُتَعَيِّنِ خُصُوصًا إذَا كَتَبَ وَثِيقَةً لَكِنْ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَأْخُذَ أَكْثَرَ مِمَّا يَسْتَحِقُّ وَهُوَ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَأَنْ لَا يَحْكِرَ عَلَى الشَّهَادَةِ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ عَمَّا إذَا لَمْ يَفْتَقِرْ إلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى تَرْكِ التَّحَمُّلِ ضَيَاعُ حَقٍّ (قَوْلُهُ مِنْ كَبَرِيدَيْنِ) أَيْ مِنْ مَسَافَةٍ بَيْنَ الْمُتَحَمِّلِ وَمَحَلِّ الْأَدَاءِ كَبَرِيدَيْنِ وَهِيَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِيلًا (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمَوَّاقُ إلَخْ) قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا قَارَبَ الْبَرِيدَيْنِ كَبَرِيدَيْنِ وَنِصْفٍ يُعْطَى حُكْمَهُمَا وَمَا قَارَبَ مَسَافَةَ الْقَصْرِ كَالثَّلَاثَةِ وَالنِّصْفِ يُعْطَى حُكْمَهَا وَالْمُتَوَسِّطُ يَلْحَقُ بِالْبَرِيدَيْنِ (قَوْلُهُ وَعَلَى ثَالِثٍ) فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى أَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدِ الِاثْنَيْنِ الِامْتِنَاعُ وَيَقُولُ لِرَبِّ الْحَقِّ احْلِفْ مَعَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ لِاتِّهَامِهِمَا بِأَمْرٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ كَعَدَاوَةٍ أَوْ قَرَابَةٍ أَوْ عَدَمِ عَدَالَةٍ

(قَوْلُهُ بِأَنْ امْتَنَعَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ انْتِفَاعَهُ مِنْ غَيْرِ امْتِنَاعٍ مِنْ الْأَدَاءِ لَيْسَ بِجُرْحَةٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ انْتِفَاعُ مَنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الْأَدَاءُ جُرْحَةٌ امْتَنَعَ أَوْ لَا كَمَا فِي طفى

ص: 199

(فَجُرْحٌ) قَادِحٌ فِي شَهَادَتِهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ لِأَنَّهُ رِشْوَةٌ أَخَذَهَا فِي نَظِيرِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ (إلَّا رُكُوبَهُ) ذَهَابًا وَإِيَابًا (لِعُسْرِ مَشْيِهِ وَعُدْمِ دَابَّتِهِ) فَلَيْسَ بِجَرْحٍ لِجَوَازِهِ وَإِضَافَةُ الدَّابَّةِ لَهُ مُخْرِجٌ لِدَابَّةٍ قَرِيبَةٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ اسْتِعَارَتُهَا (لَا)(كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ السَّفَرُ إلَى مَحَلِّ الْأَدَاءِ

[دَرْسٌ](وَ) يَجُوزُ (لَهُ) حِينَئِذٍ (أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ (بِدَابَّةٍ) لِرُكُوبِهِ (وَنَفَقَةٍ) لَهُ وَلِأَهْلِ بَيْتِهِ مُدَّةَ ذَهَابِهِ وَإِيَابِهِ بِلَا تَحْدِيدٍ لِأَنَّهُ أَخَذَ عَنْ شَيْءٍ فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ (وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ (بِشَاهِدٍ) أَيْ بِسَبَبِهِ أَيْ بِسَبَبِ إقَامَتِهِ عَلَيْهِ وَمِثْلُ الشَّاهِدِ الْمَرْأَتَانِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (فِي) دَعْوَى (طَلَاقٍ) ادَّعَتْهُ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا فَأَنْكَرَ (وَ) دَعْوَى (عِتْقٍ) ادَّعَاهُ الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ فَأَنْكَرَ وَمِثْلُهُمَا الْقَذْفُ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ ادَّعَاهُ حُرٌّ عَفِيفٌ عَلَى غَيْرِهِ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى مَا ذُكِرَ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (لَا) فِي (نِكَاحٍ) ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ (فَإِنْ) حَلَفَ مُنْكِرُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ بَرِئَ وَإِنْ (نَكَلَ حُبِسَ) لِيَحْلِفَ فِيهِمَا كَالْقَذْفِ عِنْدَ اللَّخْمِيِّ فَمَتَى حَلَفَ تُرِكَ (وَإِنْ) لَمْ يَحْلِفْ وَ (طَالَ) حَبْسُهُ كَسَنَةٍ (دِينَ) أَيْ وُكِّلَ لِدَيْنِهِ وَخُلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ وَرَقِيقِهِ وَلَا يُحَدُّ الْقَاذِفُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ وَبَيْنَ النِّكَاحِ أَنَّ غَيْرَ النِّكَاحِ لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ وَلَزِمَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ النِّكَاحِ فَمُدَّعِيهِ ادَّعَى خِلَافَ الْأَصْلِ بِخِلَافِ مَنْ ادَّعَى الطَّلَاقَ وَالْعِتْقَ فَإِنَّهُ ادَّعَى الْأَصْلَ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْأَصْلَ فِي النَّاسِ الْحُرِّيَّةُ وَعَدَمُ الْعِصْمَةِ وَأَيْضًا الْغَالِبُ فِي النِّكَاحِ شُهْرَتُهُ فَلَا يَكَادُ يَخْفَى عَلَى الْأَهْلِ وَالْجِيرَانِ فَالْعَجْزُ عَنْ إقَامَةِ الشَّاهِدَيْنِ فِيهِ قَرِينَةُ كَذِبِ مُدَّعِيهِ

وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ فِي دَعْوَى الْمَالِ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ لَهَا أَحْوَالٌ وَفِيهَا تَفْصِيلٌ لِأَنَّهَا إمَّا مُمْكِنَةٌ فِي الْحَالِ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ فِيهِ أَوْ مُمْتَنِعَةٌ مُطْلَقًا أَوْ مُمْتَنِعَةٌ مِنْ الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ أَشَارَ لِذَلِكَ كُلِّهِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَجَرْحٌ) أَيْ فَانْتِفَاعُهُ جَرْحٌ فَهُوَ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْجُمْلَةُ جَوَابُ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ إلَّا رُكُوبَهُ) أَيْ إلَّا إذَا دَفَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ لِلشَّاهِدِ أُجْرَةَ رُكُوبِهِ أَوْ أَرْكَبَهُ دَابَّتَهُ فَلَيْسَ بِجَرْحٍ فَالِاكْتِرَاءُ حُكْمُهُ حُكْمُ دَابَّةِ الْمَشْهُودِ لَهُ فِي الْجَوَازِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَنَقَلَهُ طفى فَإِنْ دَفَعَ الْمَشْهُودُ لَهُ لِلشَّاهِدِ أُجْرَةَ رُكُوبِهِ فَأَخَذَهَا وَمَشَى فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ جُرْحَةً أَوْ لَا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالْمُرُوءَةِ وَلَعَلَّهُ مَا لَمْ تَشْتَدَّ الْحَاجَةُ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَانْظُرْ إذَا عَسِرَ مَشْيُهُ وَعَدِمَتْ دَابَّتُهُ وَلَكِنَّهُ مُوسِرٌ هَلْ يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْرِيَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً يَرْكَبُهَا وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَةِ الدَّابَّةِ مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُكْرِيَ لِنَفْسِهِ دَابَّةً وَيَجُوزُ لَهُ أَخْذُ أُجْرَتِهَا مِنْ الْمَشْهُودِ لَهُ أَوْ يُرْكِبُهُ دَابَّتَهُ وَاسْتُظْهِرَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لَا كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ بَيْنَ مَحَلِّ الشَّاهِدِ وَمَحَلِّ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ كَمَسَافَةِ الْقَصْرِ (قَوْلُهُ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ السَّفَرُ لَهُ) أَيْ وَيُؤَدِّيهَا عِنْدَ قَاضِي بَلَدِهِ وَيَكْتُبُ بِهَا إنْهَاءً لِلْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ أَوْ تُنْقَلُ تِلْكَ الشَّهَادَةُ عَنْ هَذَا الشَّاهِدِ بِأَنْ يُؤَدِّيَهَا عِنْدَ رَجُلَيْنِ يَنْقُلَانِهَا عَنْهُ وَيُؤَدِّيَانِهَا عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي عَلَى مَسَافَةِ الْقَصْرِ

(قَوْلُهُ وَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّ أَدَائِهَا مَسَافَةُ الْقَصْرِ إذَا سَافَرَ لِأَدَائِهَا أَنْ يَنْتَفِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحَلَفَ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَيْ قَضَى بِحَلِفِهِ (قَوْلُهُ كَزَوْجٍ وَسَيِّدٍ) هَذَا مِثَالٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ إقَامَتِهِ) أَيْ الشَّاهِدِ وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ أَيْ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي) أَيْ بِالطَّلَاقِ أَوْ بِالْعِتْقِ أَوْ بِالْقَذْفِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ أَنَّهُ مَا طَلَّقَ وَلَا أَعْتَقَ وَلَا قَذَفَ (قَوْلُهُ لَا فِي نِكَاحٍ ادَّعَاهُ أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا غَيْرُ طَارِئَيْنِ وَأَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ بِخِلَافِ الطَّارِئَيْنِ فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرَ يَحْلِفُ مَعَ إقَامَةِ الْآخَرِ شَاهِدًا لَا بِمُجَرَّدِ الدَّعْوَى لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ كُلَّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا (قَوْلُهُ فَمَتَى حَلَفَ تَرَكَ) أَيْ فَثَمَرَةُ الْيَمِينِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ دَفْعُ الْحَبْسِ عَنْهُ (قَوْلُهُ بَيْنَ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ (قَوْلُهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ ثَبَتَ) فَإِذَا ادَّعَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِطَلَاقٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَتْ شَاهِدًا فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ وَإِذَا ادَّعَى الْعَبْدُ عَلَى سَيِّدِهِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ شَاهِدًا فَأَقَرَّ السَّيِّدُ بِهِ لَزِمَهُ وَإِذَا ادَّعَى عَلَى إنْسَانٍ بِالْقَذْفِ فَأَنْكَرَ فَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَيْهِ فَأَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَتْ امْرَأَةٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ بِهَا فَأَقَرَّ بِذَلِكَ بَعْدَ إنْكَارِهِ

ص: 200

(وَحَلَفَ عَبْدٌ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْذُونٍ (وَسَفِيهٌ) بَالِغٌ (مَعَ شَاهِدٍ) لِكُلٍّ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَاسْتَحَقَّ مَا ادَّعَاهُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ وَلَا يُؤَخَّرُ لِلْعِتْقِ أَوْ الرُّشْدِ وَلَا يَحْلِفُ السَّيِّدُ أَوْ الْوَلِيُّ عَنْهُمَا وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ. . . إلَخْ أَنَّهُمَا مُدَّعِيَانِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى الْحُرِّيَّةُ وَلَا الرُّشْدُ بَلْ وَلَا الْبُلُوغُ فَإِنْ نَكَلَ السَّفِيهُ أَوْ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَبَرِئَ وَإِنْ نَكَلَ غَيْرُ الْمَأْذُونِ حَلَفَ سَيِّدُهُ مَعَ الشَّاهِدِ وَاسْتَحَقَّ (لَا) يَحْلِفُ (صَبِيٌّ) مَعَ شَاهِدٍ لَهُ بِحَقٍّ مَالِيٍّ ادَّعَاهُ عَلَى شَخْصٍ (وَ) لَا (أَبُوهُ) وَأَحْرَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ حَيْثُ لَمْ يَتَوَلَّ الْمُعَامَلَةَ إذْ الْمُكَلَّفُ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرَهُ (وَإِنْ أَنْفَقَ) عَلَيْهِ أَبُوهُ إنْفَاقًا وَاجِبًا فَأَوْلَى لَا يَحْلِفُ إذَا أَنْفَقَ عَلَيْهِ تَطَوُّعًا أَوْ لَمْ يُنْفِقْ أَصْلًا فَإِنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُعَامَلَةَ حَلَفَ وَكَذَا الْوَصِيُّ وَوَلِيُّ السَّفِيهِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ (وَ) إذَا لَمْ يَحْلِفْ الصَّبِيُّ وَلَا أَبُوهُ مَعَ الشَّاهِدِ (حَلَفَ مَطْلُوبٌ) أَيْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (لِيَتْرُكَ) الْمُتَنَازَعَ فِيهِ (بِيَدِهِ) أَيْ بِيَدِ الْمَطْلُوبِ حَوْزًا لَا مِلْكًا إلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ (وَأَسْجَلَ) الْمُدَّعَى بِهِ أَيْ أَنَّ الْحَاكِمَ يُسَجِّلُ أَيْ يَكْتُبُ فِي سِجِلِّهِ الْحَادِثَةَ صَوْنًا لِمَالِ الصَّبِيِّ وَخَوْفًا مِنْ مَوْتِ الشَّاهِدِ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ (لِيَحْلِفَ) الصَّبِيُّ عِلَّةً لِلْإِسْجَالِ أَيْ أَسْجَلَ لِأَجْلِ أَنْ يَحْلِفَ (إذَا بَلَغَ لَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَإِقَامَةِ الشَّاهِدِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ أَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى امْرَأَةٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَهَا فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ بَعْدَ إنْكَارِهَا وَإِقَامَةِ الشَّاهِدِ فَلَا يَثْبُتُ النِّكَاحُ لِفَقْدِ الْعَقْدِ مِنْ الْوَلِيِّ فَقَوْله لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ ثَبَتَ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَإِنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْمُنْكِرُ بَعْدَ إقَامَةِ الشَّاهِدِ لَا يَثْبُتُ فَفَائِدَةُ تَوْجِيهِ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ احْتِمَالُ أَنْ يُقِرَّ خَوْفًا مِنْهَا فَيَثْبُتُ الْحَقُّ فَلَمَّا كَانَ لَا فَائِدَةَ لَهَا فِي النِّكَاحِ لَمْ تُشْرَعْ وَاعْلَمْ أَنَّ مُقْتَضَى هَذَا الْفَرْقِ الَّذِي فَرَّقَ بِهِ بَيْنَ النِّكَاحِ وَبَيْنَ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ وَالْقَذْفِ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ مِثْلَ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ فِي الْقَضَاءِ يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا أَقَامَ الْمُدَّعِي شَاهِدًا أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَهُوَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ عَبْدٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ لَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا بِحَقٍّ مَالِيٍّ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ وَيَأْخُذُهُ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ الْعَبْدُ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنْ كَانَ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ لَهُ وَحَلَفَ سَيِّدُهُ وَاسْتَحَقَّ وَكَذَلِكَ السَّفِيهُ إذَا ادَّعَى عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَأَقَامَ بِذَلِكَ شَاهِدًا فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْآنَ مَعَ شَاهِدِهِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ لَكِنَّهُ يَقْبِضُهُ النَّاظِرُ عَلَيْهِ فَإِنْ نَكَلَ السَّفِيهُ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَبَرِئَ وَمَحَلُّ حَلِفِ السَّفِيهِ إذَا كَانَ وَلِيُّهُ لَمْ يَتَوَلَّ الْمُبَايَعَةَ وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ وَلِيُّهُ قَالَ طفى وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ فِي الْحَلِفِ مَعَ الشَّاهِدِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فِي الْإِنْكَارِ أَوْ التُّهْمَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِذَا ادَّعَى أَحَدٌ عَلَى سَفِيهٍ أَوْ عَبْدٍ فَأَنْكَرَ وَلَمْ يُقِمْ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً فَلَا يَمِينَ عَلَى ذَلِكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذْ لَا فَائِدَةَ لِلْيَمِينِ حِينَئِذٍ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَتَوَجَّهُ إذَا كَانَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ وَهَذَا لَيْسَ كَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى) أَيْ فِي سَمَاعِهَا (قَوْلُهُ الْحُرِّيَّةُ) أَيْ حُرِّيَّةُ الْمُدَّعِي وَلَا رُشْدُهُ وَلَا بُلُوغُهُ (قَوْلُهُ لَا يَحْلِفُ صَبِيٌّ) أَيْ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ وَالْيَمِينُ هُنَا جُزْءُ نِصَابٍ لَا أَنَّهَا تَتْمِيمُ بِحَيْثُ يَكُونُ اسْتِحْسَانًا حَتَّى يَكْتَفِيَ بِحَلِفِ الصَّبِيِّ لَهَا (قَوْلُهُ وَأَحْرَى غَيْرُهُ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ) أَيْ كَالْوَصِيِّ وَمُقَدَّمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَإِنْ أَنْفَقَ) الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ يَحْلِفُ الْأَبُ إذَا كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ إنْفَاقًا وَاجِبًا لِأَنَّ لِيَمِينِهِ فَائِدَةً وَهِيَ سُقُوطُ النَّفَقَةِ عَنْهُ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ حَلِفِ الْأَبِ مُطْلَقًا رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ اُنْظُرْ بْن وَقَدْ يُقَالُ قَاعِدَةُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِلَوْ يَكُونُ إشَارَةً لِرَدِّ خِلَافٍ لَا أَنَّ كُلَّ خِلَافٍ يُشِيرُ لِرَدِّهِ بِلَوْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَوَلَّى الْأَبُ الْمُعَامَلَةَ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ بَاعَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ أَوْ مُقَدَّمُ الْقَاضِي سِلْعَةَ الصَّبِيِّ لِأَحَدٍ بِثَمَنٍ ثُمَّ إنَّ الصَّبِيَّ طَالَبَ الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ فَأَنْكَرَهُ وَوَجَدَ شَاهِدًا وَاحِدًا يَشْهَدُ لَهُ بِالثَّمَنِ فَإِنَّ الْأَبَ وَمَنْ مَعَهُ يَحْلِفُونَ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ.

(قَوْلُهُ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ) اُنْظُرْ مَنْ ذَكَرَ هَذَا فَإِنِّي لَمْ أَرَهُ مَنْقُولًا وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي عَدَمً حَلِفِهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِيَتْرُكَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ بِيَدِهِ) أَيْ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَإِنْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ دَيْنًا بَقِيَ بِذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَبَقِيَ بِيَدِهِ فَغَلَّتُهُ لَهُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ سَابِقًا وَالْغَلَّةُ لَهُ لِلْقَضَاءِ وَالنَّفَقَةُ عَلَى الْمَقْضِيِّ لَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَرْكِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بَعْدَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا هُوَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ إنَّهُ يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيُوقَفُ ذَلِكَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ الْمُعَيَّنُ تَحْتَ يَدِ عَدْلٍ لِبُلُوغِ الصَّبِيِّ وَنَسَبَهُ فِي التَّوْضِيحِ لِظَاهِرِ الْمَوَّازِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ يَقْتَضِي أَنَّ الْقَوْلَ بِوَقْفِ الْمُعَيَّنِ هُوَ الْمَذْهَبُ وَبَنَى الْمَازِرِيُّ الْخِلَافَ فِي الْوَقْفِ عَلَى الْخِلَافِ فِي اسْتِنَادِ الْحَقِّ لِلشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْيَمِينُ كَالْعَاضِدِ فَيَحْسُنُ الْإِيقَافُ أَوْ إلَيْهِمَا مَعًا فَيَضْعُفُ الْإِيقَافُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ حَوْزًا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَضْمَنُهُ إذَا تَلِفَ وَلَوْ بِسَمَاوِيٍّ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالْغَاصِبِ (قَوْلُهُ أَيْ يَكْتُبُ فِي سِجِلِّهِ الْحَادِثَةَ) أَيْ الدَّعْوَى وَشَهَادَةَ الْعَدْلِ وَمَا حَصَلَ عَلَيْهِ الِانْفِصَالُ فِي الْخُصُومَةِ (قَوْلُهُ أَوْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ) أَيْ وَخَوْفًا مِنْ تَغَيُّرِ حَالِهِ عَنْ الْعَدَالَةِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّبِيِّ وَهَذَا مُضِرٌّ فَإِذَا

ص: 201

كَوَارِثِهِ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ وَارِثُ الصَّبِيِّ الْبَالِغِ إنْ مَاتَ الصَّبِيُّ (قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ بُلُوغِهِ فَإِذَا حَلَفَ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ أَوْ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ اسْتَحَقَّ الْمُدَّعَى بِهِ وَأَخَذَهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا بَاقِيًا فَإِنْ فَاتَ أَخَذَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا وَإِنْ كَانَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمَطْلُوبِ أَخَذَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي بَابِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ أَخَذَهُ الصَّبِيُّ مِلْكًا اتِّفَاقًا وَلَا يَمِينَ عَلَى الصَّبِيِّ إذَا بَلَغَ وَاسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْوَارِثُ الْبَالِغُ (نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (أَوَّلًا) حِينَ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ فِي نَصِيبِهِ بِأَنْ ادَّعَيَا مَعًا عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ وَأَقَامَا عَلَيْهِ شَاهِدًا فَنَكَلَ الْكَبِيرُ وَسَقَطَ حَقُّهُ وَاسْتُؤْنِيَ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ (فَفِي حَلِفِهِ) أَيْ وَارِثِهِ الْكَبِيرِ النَّاكِلِ أَوَّلًا (قَوْلَانِ) لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ قِيلَ يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ نَصِيبَ الصَّغِيرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ حِصَّتِهِ هُوَ وَقَدْ يَكُونُ وَرِعًا فَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْيَمِينِ لِأَجْلِ اسْتِحْقَاقِهِ نَصِيبَ مُوَرِّثِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَوَّلًا لَمْ يَسْتَحِقَّ نَصِيبَ مُوَرِّثِهِ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ وَقِيلَ لَا لِسَرَيَانِ نُكُولِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ (وَإِنْ نَكَلَ) الصَّبِيُّ بَعْدَ بُلُوغِهِ أَوْ وَارِثُهُ إنْ مَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ (اُكْتُفِيَ بِيَمِينِ الْمَطْلُوبِ الْأُولَى) وَلَا تُعَادُ عَلَيْهِ ثَانِيَةً

ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً لَا ارْتِبَاطَ لَهَا بِمَسْأَلَةِ الصَّبِيِّ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ حَلَفَ الْمَطْلُوبُ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى بِحَقٍّ مَالِيٍّ وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ وَأَبَى أَنْ يَحْلِفَ مَعَ شَاهِدِهِ فَحَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَرِئَ (ثُمَّ أَتَى) الْمُدَّعِي (بِآخَرَ)(فَلَا ضَمَّ) أَيْ لَا يُضَمُّ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ بِنُكُولِ الْمُدَّعِي مَعَهُ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ (وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ الطَّالِبِ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَيَسْتَحِقُّ لِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ لَهُ بِشَهَادَةِ الثَّانِي مَا يُحَقِّقُ دَعْوَاهُ وَيُقَدَّمُ بِهِ عَلَى الْيَمِينِ وَعَدَمِ حَلِفِهِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ مَعَ الْأَوَّلِ سَقَطَ حَقُّهُ قَوْلَانِ (وَ) عَلَى الْقَوْلِ بِالْحَلِفِ مَعَهُ فَفِي (تَحْلِيفِ الْمَطْلُوبِ) ثَانِيًا (إنْ لَمْ يَحْلِفْ) الطَّالِبُ مَعَ الثَّانِي بِأَنْ نَكَلَ مَعَهُ كَمَا نَكَلَ أَوَّلًا لِأَنَّ حَلِفَ الْمَطْلُوبِ أَوَّلًا كَانَ لِرَدِّ شَهَادَةِ الْأَوَّلِ فَيَحْتَاجُ لِيَمِينٍ أُخْرَى لِرَدِّ شَهَادَةِ الثَّانِي وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حَصَلَ التَّسْجِيلُ وَتَغَيَّرَ حَالُهُ عَنْ الْعَدَالَةِ بَعْدَهُ فَلَا يَضُرُّ وَذَلِكَ لِأَنَّ فِسْقَهُ بَعْدَ الْإِسْجَالِ بِمَنْزِلَةِ طُرُوُّ فِسْقِهِ بَعْدَ الْحُكْمِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ فَلَا يُعَارِضُ مَا سَبَقَ لَلْمُصَنِّفِ أَنَّ طُرُوَّ الْفِسْقِ بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ مُضِرٌّ.

(قَوْلُهُ كَوَارِثِهِ قَبْلَهُ) تَشْبِيهٌ فِي الْحَلِفِ وَالِاسْتِحْقَاقِ أَيْ كَمَا أَنَّ وَارِثَ الصَّبِيِّ يَحْلِفُ الْآنَ وَيَسْتَحِقُّ إذَا مَاتَ الصَّبِيُّ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْوَارِثُ بَيْتَ الْمَالِ أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ غَيْرَ مَرْجُوِّ الْإِفَاقَةِ وَإِلَّا فَلَا يَحْلِفُ وَتُرَدُّ الْيَمِينُ عَلَى الْمَطْلُوبِ وَيَسْتَحِقُّ وَلَا حَقَّ لِبَيْتِ الْمَالِ وَلَا لِلْوَارِثِ الْمَجْنُونِ أَوْ الْمُغْمَى عَلَيْهِ الْمَذْكُورِينَ وَمَحَلُّ رَدِّهَا عَلَى الْمَطْلُوبِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ مَا لَمْ يَكُنْ حَلَفَ أَوَّلًا وَإِلَّا فَلَا تُعَادُ فَإِنْ كَانَ الْوَارِثُ مَجْنُونًا أَوْ مُغْمًى عَلَيْهِ مَرْجُوَّ الْإِفَاقَةِ انْتَظَرَ وَلَا يَحْلِفُ الْمَطْلُوبُ وَيُوضَعُ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ أَمِينٍ اُنْظُرْ حَاشِيَةَ شَيْخِنَا الْعَدَوِيِّ (قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ) أَيْ عِنْدَ إقَامَةِ الصَّبِيِّ الشَّاهِدَ (قَوْلُهُ أَخَذَهُ الصَّبِيُّ) أَيْ مِنْ الْآنَ مِلْكًا بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَةِ وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ عَنْ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَكَلَ أَوَّلًا) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَارِثُ الصَّغِيرِ نَكَلَ أَوَّلًا عَنْ الْيَمِينِ وَصُورَتُهُ أَنْ يَشْهَدَ شَاهِدٌ بِحَقٍّ لِصَغِيرٍ وَأَخِيهِ الْكَبِيرِ فَنَكَلَ الْكَبِيرُ وَاسْتُؤْنِيَ لِلصَّغِيرِ فَمَاتَ قَبْلَ بُلُوغِهِ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ الْكَبِيرُ فَفِي حَلِفِ الْكَبِيرِ لِيَسْتَحِقَّ نَصِيبَ أَخِيهِ الصَّغِيرِ الَّذِي وَرِثَهُ مِنْهُ وَعَدَمِ حَلِفِهِ فَلَا يَأْخُذُهُ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ لِلْمُتَأَخِّرِينَ وَلَا نَصَّ فِيهَا لِلْمُتَقَدِّمِينَ) فِي هَذَا إشَارَةٌ لِلتَّوَرُّكِ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَأَنَّ حَقَّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِتَرَدُّدٍ لِعَدَمِ نَصِّ الْمُتَقَدِّمِينَ وَاخْتِلَافِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَقَدْ يُقَالُ إنَّ الْمُصَنِّفَ إنَّمَا الْتَزَمَ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِالتَّرَدُّدِ كَانَ إشَارَةً لِذَلِكَ لَا أَنَّهُ مَتَى وَقَعَ خِلَافٌ لِلْمُتَأَخِّرِينَ يُعَبِّرُ بِتَرَدُّدٍ (قَوْلُهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ نَصِيبَ مُوَرِّثِهِ إلَّا بِيَمِينٍ ثَانِيَةٍ) هَذَا هُوَ الْمَنْقُولُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي جَوَابِ سُؤَالٍ أَرْسَلَهُ لَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْكَبِيرَ إذَا حَلَفَ أَوَّلًا ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ فَلَا يَحْتَاجُ لِإِعَادَةِ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ لِأَنَّ الْيَمِينَ الْأُولَى وَقَعَتْ عَلَى جَمِيعِ الْحَقِّ طِبْقَ الشَّهَادَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ لِسَرَيَانِ نُكُولِهِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يَأْخُذُ حِصَّةَ الصَّغِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْكَبِيرُ النَّاكِلُ أَوَّلًا عَنْ ابْنٍ ثُمَّ مَاتَ الصَّغِيرُ وَوَرِثَهُ ابْنُ أَخِيهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ حِصَّةَ عَمِّهِ الصَّغِيرِ فَقَطْ وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْقَوْلَانِ لِأَنَّهُ لَمْ يَنْكُلْ قَبْلَ ذَلِكَ وَأَمَّا حِصَّةُ أَبِيهِ السَّاقِطَةُ بِنُكُولِهِ فَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهَا لِابْنِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ سَقَطَ بِسَبَبِ النُّكُولِ فَلَا يُوَرَّثُ

(قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ مَنْ ادَّعَى بِحَقٍّ مَالِيٍّ) اُحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَنْ إقَامَةِ الْمُدَّعِي شَاهِدًا فِي نَحْوِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِرَدِّ شَهَادَتِهِ ثُمَّ أَتَى الطَّالِبُ بِأُخْرَى فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ لَهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ شَاهِدًا فَقَطْ) أَيْ عِنْدَ مَنْ يَرَى ثُبُوتَهُ بِذَلِكَ مَعَ الْيَمِينِ وَأَمَّا لَوْ أَقَامَ شَاهِدًا فِي حَقٍّ مَالِيٍّ عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى ثُبُوتَهُ بِهِ وَبِيَمِينٍ وَحَلَفَ الْمَطْلُوبُ ثُمَّ أَتَى بِآخَرَ فَإِنَّهُ يَضُمُّهُ لَهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ أَوْ وُجِدَ ثَانِيًا أَوْ مَعَ يَمِينٍ لَمْ يَرَهُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ لِلْأَوَّلِ) أَيْ الَّذِي نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ مَعَهُ (قَوْلُهُ لِبُطْلَانِ شَهَادَتِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ بِسَبَبِ نُكُولِ الْمُدَّعِي مَعَ وُجُودِ ذَلِكَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ وَحَلِفِ الْمَطْلُوبِ (قَوْلُهُ وَفِي حَلِفِهِ) أَيْ وَإِذَا لَمْ يَضُمَّهُ لِلْأَوَّلِ وَأَرَادَ الْحَلِفَ مَعَ الثَّانِي فَإِنَّ فِي حَلِفِهِ مَعَهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ وَعَدَمِ حَلِفِهِ قَوْلَيْنِ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْهُمَا الْأَوَّلُ كَمَا فِي المج

ص: 202

لَوْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ اسْتَحَقَّ الطَّالِبُ الْحَقَّ وَعَدَمَ تَحْلِيفِهِ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا وَبَرِئَ مِنْ الْحَقِّ (قَوْلَانِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ لَاسْتَحَقَّ بِخِلَافِ الثَّانِي (وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضٍ) أَيْ أَوْ كُلٍّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَمَثَّلَ لِلْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ (كَشَاهِدٍ) أَوْ امْرَأَتَيْنِ عَلَى إنْسَانٍ (بِوَقْفٍ) لِدَارٍ مَثَلًا (عَلَى بَنِيهِ) أَيْ بَنِي الْوَاقِفِ أَوْ بَنِي زَيْدٍ (وَعَقِبَهُمْ) بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ الْبَنِينَ وَالْعَقِبِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْوَاوِ فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ الْعَقِبِ مُتَيَسِّرَةُ مِنْ الْبَنِينَ وَمَثَّلَ لِلثَّانِي الْمَحْذُوفِ مِنْ كَلَامِهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ) شَاهِدٌ بِوَقْفٍ كَدَارٍ (عَلَى الْفُقَرَاءِ) فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ جَمِيعِهِمْ (حَلَفَ) مَنْ يُخَاطَبُ بِالْيَمِينِ وَهُوَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ حَلَفَ الْمَوْجُودُ مَعَ الشَّاهِدِ ثَبَتَ الْوَقْفُ وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الْمَوْجُودِينَ دُونَ بَعْضٍ ثَبَتَ نَصِيبُ مَنْ حَلَفَ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ بَطَلَ الْوَقْفُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَحْلِفْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ (فَحَبْسٌ) بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ وَنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَهَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى الثَّانِيَةِ فَقَطْ وَفُرِّعَ عَلَى الْأُولَى فَقَطْ لَكِنْ فِي خُصُوصِ مَا إذَا حَلَفَ بَعْضٌ دُونَ بَعْضٍ قَوْلُهُ (فَإِنْ مَاتَ) الْحَالِفُ اتَّحَدَ أَوْ تَعَدَّدَ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّاكِلُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ لَوْ نَكَلَ الْمَطْلُوبُ) أَيْ عَنْ الْيَمِينِ الَّتِي لِرَدِّ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ الثَّانِي (قَوْلُهُ اسْتَحَقَّ الطَّالِبُ الْحَقَّ) أَيْ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حَلَفَ أَوَّلًا) أَيْ لِرَدِّ الدَّعْوَى مِنْ أَصْلِهَا (قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ وَهُوَ أَنَّ لِلطَّالِبِ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي وَيَسْتَحِقَّ (قَوْلُهُ لَوْ أَتَى بِشَاهِدَيْنِ لَاسْتَحَقَّ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَوْلُهُ بِخِلَافِ الثَّانِي أَيْ وَهُوَ أَنَّ الطَّالِبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ الشَّاهِدِ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا نَكَلَ مَعَ الشَّاهِدِ الْأَوَّلِ سَقَطَ حَقُّهُ فَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَوْ أَتَى الطَّالِبُ بَعْدَ حَلِفِ الْمَطْلُوبِ بِشَاهِدَيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ وَلَا قِيَامَ لَهُ بِهِمَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَبْسُوطِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ كِنَانَةَ وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَذْكُورَيْنِ الْأَوَّلُ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَلَّفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ وَلَهُ بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ أَوْ غَائِبَةٌ كَالْجُمُعَةِ يَعْلَمُهَا لَمْ تُسْمَعْ إذَا أَقَامَهَا وَهَذَا لَا يُخَالِفُ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ لِحَمْلِ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا حَلَّفَ الطَّالِبُ الْمَطْلُوبَ غَيْرَ عَالِمٍ بِالشَّاهِدَيْنِ أَوْ كَانَا عَلَى أَبْعَدَ مِنْ كَالْجُمُعَةِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ يَمِينُ بَعْضِ) أَيْ يَمِينُ بَعْضِ الْمَشْهُودِ لَهُمْ أَوْ كُلِّهِمْ (قَوْلُهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ فَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ أَوْ مَعَ مَا عَطَفْت لِدَلِيلٍ وَهُوَ جَائِزٌ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ عَلَى إنْسَانٍ) أَيْ شَهِدَا أَوْ أُشْهِدَتَا عَلَى إنْسَانٍ.

(قَوْلُهُ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ) أَيْ مِنْ ذِكْرِ التَّرَدُّدِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ وَعَقَّبَهُمْ فِعْلًا مَاضِيًا مُضَعَّفًا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَالْيَمِينُ مُتَعَذِّرَةٌ مِنْ الْعَقِبِ) أَيْ وَهُمْ بَعْضُ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ الْمَشْهُودِ لَهُمْ بِالْوَقْفِ (قَوْلُهُ الْمَحْذُوفِ مِنْ كَلَامِهِ) أَيْ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ أَوْ كُلٌّ (قَوْلُهُ أَوْ شَاهِدٍ) أَيْ أَوْ امْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْبَعْضُ الْمَوْجُودُ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فِي الْأُولَى) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ لِمَا أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ الْمُسْتَحِقِّ الَّذِي يَحْلِفُهَا وَإِذَا حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الثَّانِيَةِ رَجَعَ الْمُدَّعَى بِهِ مِلْكًا وَلَا عِبْرَةَ بِدَعْوَى وَقْفِيَّتِهِ لِعَدَمِ ثُبُوتِهَا فَإِنْ نَكَلَ فَحَبْسٌ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِلَّا فَحَبْسٌ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ كَوْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَحْلِفُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَعْنِي مَسْأَلَةَ الْفُقَرَاءِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنَّهُ تَعَقَّبْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ ظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ عَدَمُ حَلِفِهِ لِعَدَمِ تَعَيُّنِ طَالِبِهِ وَبُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى أَنَّ اللَّخْمِيَّ وَالْمَازِرِيَّ لَمَّا ذَكَرَا حَلِفَهُ جَعَلُوهُ كَمَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَحْلِفْ يُحْبَسُ وَإِنْ طَالَ دِينَ وَلَا يَلْزَمُ طَلَاقٌ وَلَا عِتْقٌ وَلِذَا قَالَ الْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَحَبْسٌ لَا مُسْتَنِدَ لَهُ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الْمَوْجُودِينَ) أَيْ وَإِنْ حَلَفَ كُلُّ الْبَعْضِ الْمَوْجُودِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَا يَثْبُتُ نَصِيبُهُ بَلْ يَكُونُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ الْجَمِيعُ بَطَلَ الْوَقْفُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) وَكَذَا قَوْلُهُ قَبْلُ دُونَ نَصِيبِ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ أَيْ فَإِنَّ وَقْفِيَّتَهُ بَاطِلَةٌ وَيَكُونُ مِلْكًا لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ إنْ حَلَفَ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْفَ كُلًّا أَوْ بَعْضًا يَبْطُلُ بِحَلِفِ الْمَطْلُوبِ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِلْبَطْنِ الثَّانِي وَأَنَّهُ لَا كَلَامَ لَهُمْ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ أَخْذَ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ آبَائِهِمْ لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا اسْتَظْهَرَهُ الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَنَّ أَخْذَهُمْ بِعَقْدِ التَّحْبِيسِ مِنْ الْوَاقِفِ لَا بِطَرِيقِ الْإِرْثِ مِنْ آبَائِهِمْ وَلِذَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَوْ عُرِضَتْ الْيَمِينُ عَلَى الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَنَكَلُوا كُلُّهُمْ ثُمَّ جَاءَ بَعْدَهُمْ الْبَطْنُ الثَّانِي فَمَنْ قَالَ أَخْذُ الْبَطْنِ الثَّانِي كَأَخْذِ الْإِرْثِ مِنْ آبَائِهِمْ لَمْ يُمَكَّنُوا مِنْ الْحَلِفِ لِبُطْلَانِ حَقِّهِمْ بِنُكُولِ آبَائِهِمْ وَعَلَى الطَّرِيقَةِ الْأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ أَخْذَهُمْ إنَّمَا هُوَ بِعَقْدِ التَّحْبِيسِ مِنْ الْمُحْبَسِ يُمَكَّنُونَ مِنْ الْيَمِينِ وَلَا يَضُرُّهُمْ نُكُولُ آبَائِهِمْ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ بْن.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ الْمَطْلُوبُ لِنُكُولِ الْمَوْجُودِينَ بَطَلَ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ وَهَلْ تُمَكَّنُ الطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ مِنْهُ بِيَمِينٍ أَوْ لَا تُمَكَّنُ مِنْهُ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ.

(قَوْلُهُ إنْ حَلَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ نَكَلَ فَالْمُدَّعَى بِهِ حَبْسٌ وَيُمْكِنُ دُخُولُ هَذِهِ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَحَبْسٌ

ص: 203

(فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ جِنْسِ مُسْتَحِقِّهِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ بَقِيَّةِ الْأَوَّلِينَ) وَهُمْ طَبَقَةُ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ (أَوْ) أَهْلِ (الْبَطْنِ الثَّانِي) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى بَقِيَّةِ أَيْ هَلْ يَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ أَهْلُ طَبَقَتِهِ مِنْ إخْوَتِهِ النَّاكِلِينَ لِأَنَّ نُكُولَهُمْ عَنْ الْحَلِفِ أَوْ لَا عَنْ نَصِيبِهِمْ لَا يَمْنَعُ اسْتِحْقَاقَهُمْ نَصِيبَ الْحَالِفِ الْمَيِّتِ أَوْ يَسْتَحِقُّهُ أَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي لِبُطْلَانِ حَقِّ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ بِنُكُولِهِمْ وَأَهْلُ الْبَطْنِ الثَّانِي إنَّمَا تَلْقَوْهُ عَنْ جَدِّهِمْ الْمُحْبَسِ فَلَا يَضُرُّهُمْ نُكُولُ أَبِيهِمْ إنْ كَانَ أَبُوهُمْ هُوَ النَّاكِلُ (تَرَدُّدٌ) الرَّاجِحُ الثَّانِي وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ غَيْرُ وَلَدِ الْمَيِّتِ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُ بِالْوِرَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ نَقْلِ الشَّهَادَةِ وَبَدَأَ بِذِكْرِ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ لِشَبَهِهَا لَهُ لِكَوْنِهَا نَقْلًا لِحُكْمِهِ فَقَالَ (وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى حَاكِمٍ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي) أَوْ حَكَمْت بِكَذَا (إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) لَهُمَا بِأَنْ قَالَ لَهُمَا اشْهَدَا عَلَى حُكْمِي وَسَوَاءٌ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ أَوْ الْعَامَّةِ كَثُبُوتِ رَمَضَانَ (كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي) هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ شَهَادَةِ النَّقْلِ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى حَاكِمٍ أَيْ وَلَا يَشْهَدُ عَلَى شَاهِدٍ بِحَقٍّ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ وَبِمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (أَوْ)(رَآهُ يُؤَدِّيهَا) عِنْدَ قَاضٍ فَيَشْهَدُ عَلَى شَهَادَتِهِ إذْ سَمَاعُهُ لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ قَاضٍ مُنَزَّلٌ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا سَمِعَ الشَّاهِدُ الْأَصْلِيُّ يَقُولُ لِآخَرَ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَنَّهُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَالثَّانِي لَهُ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ عَلَيْهِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُخَاطَبُ أَوْ غَيْرَهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَقْلَ النَّقْلِ إذْ قَوْلُهُ كَاشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَلَوْ تَسَلْسَلَ

ثُمَّ ذَكَرَ شُرُوطَ النَّقْلِ بِقَوْلِهِ (إنْ غَابَ الْأَصْلُ) الْمَنْقُولُ عَنْهُ (وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ (رَجُلٌ) فَالْأُنْثَى يُنْقَلُ عَنْهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَإِلَّا يَحْلِفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ابْتِدَاءً فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ بَعْدَ نُكُولِ الْمَوْجُودِينَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فَحَبْسٌ أَيْ فَالْمُتَنَازَعُ فِيهِ حَبْسٌ فِي الْفَرْعَيْنِ وَبِهَذَا حَلَّ بَعْضُ الشُّرَّاحِ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ فَفِي تَعْيِينِ مُسْتَحِقِّهِ) أَيْ مُسْتَحِقِّ نَصِيبِ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ (قَوْلُهُ أَيْ جِنْسَ مُسْتَحِقِّهِ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْإِضَافَةَ جِنْسِيَّةٌ فَتُصَدَّقُ بِمُتَعَدِّدٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا لِدَفْعِ مَا يُقَالُ إنَّ مُسْتَحِقَّهُ مُفْرَدٌ فَكَيْفَ يُبَيِّنُهُ بِمُتَعَدِّدٍ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مُسْتَحِقِّيهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَقِيَّةِ) أَيْ مِنْ كَوْنِ بَقِيَّةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ تَرَدُّدٌ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ وَإِلَّا لَمْ يَأْخُذْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي شَيْئًا مَا دَامَ أَحَدٌ مِنْ النَّاكِلِينَ اتِّفَاقًا وَجَعَلَ الشَّارِحُ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ مَوْتَ الْبَعْضِ الْحَالِفِ وَلَمْ يَبْقَ إلَّا النَّاكِلُ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا مَاتَ بَعْضُ مَنْ حَلَفَ وَبَقِيَ مِنْهُمْ بَعْضٌ مَعَ النَّاكِلِينَ فَلَا شَيْءَ لِلنَّاكِلِينَ وَيَسْتَحِقُّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ الْحَالِفِ بَقِيَّةُ الْحَالِفِينَ وَهَلْ يَحْلِفُونَ أَيْضًا أَوْ لَا قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُمْ بِعَقْدِ الْحَبْسِ عَنْ الْوَاقِفِ أَوْ أَخْذَهُمْ كَالْمِيرَاثِ عَنْ الْمَيِّتِ وَهَذَا أَحَدُ تَقَرُّرَيْنِ ذَكَرَهُمَا عج وَالثَّانِي يَجْعَلُ التَّرَدُّدَ جَارِيًا فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقِيلَ إنَّ نَصِيبَ مَنْ مَاتَ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ مَنْ حَلَفَ وَمَنْ نَكَلَ وَقِيلَ لِأَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي خَاصَّةً.

(قَوْلُهُ وَكُلُّ مَنْ اسْتَحَقَّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ بَقِيَّةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَطْنِ الثَّانِي لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ بِعَقْدِ الْحَبْسِ عَنْ الْوَاقِفِ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَإِلَيْهِ يُشِيرُ قَوْلُ الشَّارِحِ لِأَنَّ أَصْلَ الْوَقْفِ بِشَاهِدٍ وَقِيلَ إنَّ أَخْذَ الْمُسْتَحِقِّ كَالْمِيرَاثِ عَنْ أَخِيهِ أَوْ أَبِيهِ أَوْ عَمِّهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْتَحِقَّ يَمِينٌ وَهَذَا الْخِلَافُ جَارٍ فِي بَقِيَّةِ الطَّبَقَةِ الْأُولَى وَفِي أَهْلِ الثَّانِيَةِ سَوَاءٌ ابْنُ الْوَاقِفِ وَغَيْرُهُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ وَلَدَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُهُ بِالْوِرَاثَةِ عَنْ أَبِيهِ) أَيْ وَحِصَّةُ أَبِيهِ قَدْ ثَبَتَتْ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

(قَوْلُهُ لِشَبَهِهَا لَهُ) أَيْ لِشَبَهِ الشَّهَادَةِ عَلَى الْحُكْمِ بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ لِكَوْنِهَا أَيْ الشَّهَادَةِ عَلَى حُكْمِ الْحَاكِمِ نَقْلًا لِحُكْمِهِ (قَوْلُهُ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي) أَيْ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ كَذَا أَوْ هِلَالُ رَمَضَانَ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ فِي الْأُمُورِ الْخَاصَّةِ أَيْ كَالْمِثَالِ الْأَوَّلِ وَالْعَامَّةِ كَالثَّانِي (قَوْلُهُ أَوْ حَكَمْت بِكَذَا) أَيْ بِطَلَاقِ زَوْجَةِ فُلَانٍ مَثَلًا أَوْ بِثُبُوتِ رَمَضَانَ (قَوْلُهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) أَيْ فَإِنْ أَشْهَدَهُمَا جَازَ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْإِشْهَادُ تَعْدِيلًا مِنْهُ لِلشَّاهِدَيْنِ فَلَا يُقْبَلُ تَجْرِيحُهُمَا وَإِذَا لَمْ يُشْهِدْهُمَا فَلَا يَجُوزُ لَهُمَا الشَّهَادَةُ عَلَى حُكْمِهِ لِاحْتِمَالِ تَسَاهُلِهِ فِي إخْبَارِهِ بِأَنَّهُ ثَبَتَ عَنْهُ كَذَا أَوْ حَكَمَ بِكَذَا فَإِذَا شَهِدَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشْهِدَهُمَا كَانَتْ شَهَادَتُهُمَا بَاطِلَةً (قَوْلُهُ إلَّا بِإِشْهَادٍ مِنْهُ) هَذَا هُوَ الْمَحْذُوفُ الَّذِي مَثَّلَ لَهُ بِقَوْلِهِ كَشَهِدَ عَلَى شَهَادَتِي خِلَافًا لِلشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُمَثَّلَ لَهُ شَاهِدٌ لِأَنَّهُ الْمَعْطُوفُ عَلَى حَاكِمٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِمَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِإِشْهَادٍ مِنْهُ أَيْ إلَّا إذَا حَصَلَ إشْهَادٌ مِنْهُ أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ (قَوْلُهُ أَوْ رَآهُ يُؤَدِّيهَا إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا رَآهُ يُخْبِرُ بِهَا غَيْرَ قَاضٍ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ وَلَا يُقْبَلُ نَقْلُهُ وَاعْلَمْ أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشُّهُودِ وَهِيَ شَهَادَةُ النَّقْلِ تَجُوزُ فِي الْحُدُودِ وَالطَّلَاقِ وَالْوَلَاءِ وَفِي كُلِّ شَيْءٍ كَمَا أَفَادَهُ بْن (قَوْلُهُ إنَّهُ لَا يُنْقَلُ عَنْهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَهُ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ قَالَ بَعْضُهُمْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) قَالَ الْمَوَّاقُ ابْنُ رُشْدٍ إنْ سَمِعَهُ يُؤَدِّيهَا عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ سَمِعَهُ يُشْهِدُ غَيْرَهُ وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا جَائِزَةٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَشَمِلَ كَلَامُهُ نَقْلَ النَّقْلِ إلَخْ)

ص: 204

وَلَوْ حَاضِرَةً (بِمَكَانٍ) مُتَعَلِّقٌ بِغَابَ (لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ مِنْهُ) وَهُوَ مَا فَوْقَ الْبَرِيدَيْنِ عَلَى مَا مَرَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْحُدُودِ (وَلَا يَكْفِي) فِي النَّقْلِ عَنْ الشَّاهِدِ الْأَصْلِيِّ (فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ) فَلَا بُدَّ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَيْهَا وَقِيلَ يَكْفِي مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ كَالْأَمْوَالِ وَعَطَفَ عَلَى غَابَ قَوْلَهُ (أَوْ مَاتَ) الْأَصْلُ (أَوْ مَرِضَ) مَرَضًا يَتَعَسَّرُ مَعَهُ الْحُضُورُ عِنْدَ الْقَاضِي لِأَدَاءِ الشَّهَادَةِ (وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ) لِلْمَنْقُولِ عَنْهُ (أَوْ عَدَاوَةٌ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَإِنْ زَالَ الْفِسْقُ عَنْ الْأَصْلِ فَهَلْ يُنْقَلُ عَنْهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ إذْنٍ ثَانٍ خِلَافٌ (بِخِلَافِ) طُرُوُّ (جَنٍّ) أَيْ جُنُونٍ لِلْأَصْلِ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْأَدَاءِ عَنْهُ فَلَا يَضُرُّ فِي النَّقْلِ عَنْهُ (وَلَمْ يُكَذِّبْهُ) أَيْ النَّاقِلُ (أَصْلُهُ) فَإِنْ كَذَّبَهُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَشَكِّهِ فِي أَصْلِ شَهَادَتِهِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ (قَبْلَ الْحُكْمِ) رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَالْمُضِرُّ طُرُوُّ الْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ قَبْلَ الْأَدَاءِ لَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَذَّبَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ (مَضَى) الْحُكْمُ وَلَا يُنْقَضُ (بِلَا غُرْمٍ) عَلَى النَّاقِلِ وَلَا عَلَى الْأَصْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْطَعْ بِكَذِبِهِ وَالْحُكْمُ صَدَرَ عَنْ اجْتِهَادٍ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلْفَرْعِ الْأَخِيرِ فَقَطْ (وَنَقَلَ) عَطْفٌ عَلَى غَابَ (عَنْ كُلٍّ) أَيْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ (اثْنَانِ) وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى وَاحِدٍ ثُمَّ عَلَى آخَرَ أَوْ قَالَ الْأَصْلَانِ لَهُمَا مَعًا اشْهَدَا عَلَى شَهَادَتِنَا وَبِمَا إذَا شَهِدَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ (لَيْسَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ النَّاقِلِينَ (إلَّا) أَدَّى شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ شُهُودِ الْأَصْلِ لَزِمَ ثُبُوتُ الْحَقِّ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ إذْ النَّاقِلُ الْمُنْفَرِدُ كَالْعَدَمِ

(وَ) نَقَلَ (فِي الزِّنَا أَرْبَعَةً عَنْ كُلٍّ) أَيْ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَصْلِ وَهُوَ صَادِقٌ بِأَرْبَعَةٍ يَنْقُلُونَ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ وَبِسِتَّةَ عَشَرَ يَنْقُلُ كُلُّ أَرْبَعَةٍ مِنْهُمْ عَنْ وَاحِدٍ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ (أَوْ) نَقَلَ أَرْبَعَةٌ (عَنْ كُلِّ اثْنَيْنِ) مِنْ الْأُصُولِ (اثْنَانِ) بِأَنْ يَنْقُلَ اثْنَانِ عَنْ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَاثْنَانِ آخَرَانِ عَنْ بَكْرٍ وَخَالِدٍ فَلَوْ نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ لَمْ يَصِحَّ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَالَ عبق وَلَا يَطْلُبُ فِي شَهَادَةِ النَّقْلِ بِتَارِيخِ النَّقْلِ وَيَجُوزُ النَّقْلُ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ النَّاقِلُ عَدَالَةَ الْمَنْقُولِ عَنْهُ وَتَثْبُتُ عَدَالَةُ الْمَنْقُولِ عَنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ النَّافِلِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا وَقْتَ قَوْلِهِ لِلنَّاقِلِ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي أَوْ وَقْتَ رُؤْيَته أَدَاءَهَا لَا صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا قَالَ كُلٌّ اشْهَدْ عَلَى شَهَادَتِي وَانْتَقَلُوا لِحَالَةِ الْعَدَالَةِ بَعْدَ النَّقْلِ عَنْهُمْ وَمَاتُوا أَوْ غَابُوا فَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ عَنْهُمْ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ وَقْتَ التَّحَمُّلِ عَنْهُمْ

(قَوْلُهُ وَلَوْ حَاضِرَةً) أَيْ فِي الْبَلَدِ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْحُدُودِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ أَمْوَالًا أَوْ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ وَلَا يَكْفِي فِي الْحُدُودِ الثَّلَاثَةُ الْأَيَّامُ) أَيْ كَوْنُ مَسَافَةِ الْمَكَانِ الَّذِي غَابَ فِيهِ الشَّاهِدُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَهَابًا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا يُنْقَلُ عَنْ الشَّاهِدِ إلَّا إذَا غَابَ غَيْبَةً بَعِيدَةً وَالْغَيْبَةُ الْبَعِيدَةُ مَسَافَةُ الْقَصْرِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا وَعَلَى مَا لَلْمُصَنِّفِ إذَا كَانَ الشَّاهِدُ بِمُوجِبِ حَدٍّ عَلَى مَسَافَةِ قَصْرٍ وَلَمْ يَبْعُدْ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يَرْفَعُ شَهَادَتَهُ إلَى مَنْ يُخَاطِبُ قَاضِي الْمِصْرِ الَّذِي يُرَادُ نَقْلُ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يَكْتَفُوا بِنَقْلِ الشَّهَادَةِ هُنَا وَاكْتَفَوْا بِالْخِطَابِ إلَى قَاضِي بَلَدِ الْخُصُومَةِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ إنَّمَا اكْتَفَوْا بِالْخِطَابِ لِأَنَّهُ صَادِرٌ مِنْ الْقَاضِي وَتَثِقُ النَّفْسُ بِهِ مَا لَا تَثِقُ بِنَقْلِ الشَّاهِدِ اهـ بْن (قَوْلُهُ مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مَا دُونَ لِمَا عَلِمْت مِنْ كَلَامِ سَحْنُونٍ.

(قَوْلُهُ وَلَمْ يَطْرَأْ فِسْقٌ أَوْ عَدَاوَةٌ إلَخْ) فَإِنْ طَرَأَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ أَدَّى النَّاقِلُ مَعَ قِيَامِهِ بِالْأَصْلِ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ) أَيْ وَأَمَّا طُرُوُّ أَحَدِهِمَا بَعْدَ أَدَائِهَا فَلَا يَضُرُّ وَلَوْ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ فَإِنْ زَالَ الْفِسْقُ عَنْ الْأَصْلِ) أَيْ فَإِنْ طَرَأَ الْفِسْقُ لِلْأَصْلِ ثُمَّ زَالَ عَنْهُ قَبْلَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَهَلْ إلَخْ (قَوْلُهُ بِالسَّمَاعِ الْأَوَّلِ) الْأَوْضَحُ بِالْإِذْنِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ بَعْدَ تَحَمُّلِ الْأَدَاءِ عَنْهُ) أَيْ بَعْدَ تَحَمُّلِ النَّاقِلِ الْأَدَاءَ عَنْهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ كَذَّبَهُ حَقِيقَةً) أَيْ بِأَنْ قَالَ لَهُ أَنْت تَكْذِبُ عَلَى مَا أَمَرْتُك أَنْ تَنْقُلَ عَنِّي الشَّهَادَةَ بِكَذَا (قَوْلُهُ كَشَكِّهِ فِي أَصْلِ شَهَادَتِهِ) أَيْ فِي تَحَمُّلِهِ الشَّهَادَةَ بِذَلِكَ الشَّيْءِ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ) أَيْ طُرُوُّ الْفِسْقِ وَالْعَدَاوَةِ وَقَوْلُهُ لَا بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ أَيْ لِأَنَّ الْأَدَاءَ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِسْقَ وَالْعَدَاوَةَ الْأَدَاءُ فِيهِمَا بِمَنْزِلَةِ الْحُكْمِ فَلَا يَضُرُّ طُرُوُّهُمَا بَعْدَ الْأَدَاءِ وَأَوْلَى بَعْدَ الْحُكْمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا يَضُرُّ طُرُوُّهُمَا قَبْلَ الْأَدَاءِ وَأَمَّا تَكْذِيبُ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ فَمُضِرٌّ إنْ كَانَ قَبْلَ الْأَدَاءِ أَوْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْحُكْمِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَمْ يَضُرَّ.

(قَوْلُهُ ثُمَّ عَلَى آخَرَ) أَيْ فِي مَجْلِسٍ ثَانِي (قَوْلُهُ أَوْ قَالَ الْأَصْلَانِ إلَخْ) أَيْ وَالْمَجْلِسُ مُتَّحِدٌ (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَأَنْ يَنْقُلَ عَنْ وَاحِدٍ اثْنَانِ وَيَنْقُلَ وَاحِدٌ مِنْ الِاثْنَيْنِ مَعَ وَاحِدٍ ثَالِثٍ عَنْ الثَّانِي مِنْ شَاهِدَيْ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَبِغَيْرِ ذَلِكَ) أَيْ كَثَمَانِيَةٍ يَنْقُلُ أَرْبَعَةٌ مِنْهُمْ عَنْ اثْنَيْنِ وَأَرْبَعَةٌ عَنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَعَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ لَمْ يَصِحَّ) أَيْ عَلَى الْمَشْهُورِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَوَجْهٌ فِيهِ عَدَمُ صِحَّتِهَا بِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَهَادَةُ الْفَرْعِ إلَّا حَيْثُ تَصِحُّ شَهَادَةُ الْأَصْلِ لَوْ حَضَرَ وَالرَّابِعُ الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ الِاثْنَانِ الْآخَرَانِ لَوْ حَضَرَ

ص: 205

أَوْ نَقَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَوَاحِدٌ عَنْ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَصِحَّ (وَلُفِّقَ نَقْلٌ بِأَصْلٍ) أَيْ جَازَ تَلْفِيقُ شَهَادَةِ نَقْلٍ مَعَ شَهَادَةِ أَصْلٍ فِي الزِّنَا وَغَيْرِهِ كَأَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ عَنْ رُؤْيَةِ الزِّنَا وَيَنْقُلَ اثْنَانِ عَنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ الْآخَرَيْنِ

(وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلِ أَصْلِهِ) الَّذِي نَقَلَ عَنْهُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَهُوَ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ لِلنَّاقِلِ عَنْهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ (وَ) جَازَ (نَقْلُ امْرَأَتَيْنِ) عَنْ رَجُلٍ أَوْ عَنْ امْرَأَتَيْنِ (مَعَ رَجُلٍ) نَاقِلٍ مَعَهُمَا عَمَّنْ ذُكِرَ (فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ) وَهُوَ الْأَمْوَالُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهَا أَوْ مَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ كَالْوِلَادَةِ وَعَيْبِ الْفَرْجِ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ نَقْلُ النِّسَاءِ

ثُمَّ شَرَعَ فِي مَسَائِلِ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ](وَإِنْ)(قَالَا) بَعْدَ الْأَدَاءِ وَقَبْلَ الْحُكْمِ (وَهِمْنَا) أَوْ غَلِطْنَا فِي شَهَادَتِنَا بِدَمٍ أَوْ حَقٍّ مَالِيٍّ لَيْسَ الَّذِي شَهِدْنَا عَلَيْهِ هَذَا الشَّخْصُ (بَلْ هُوَ هَذَا) لِشَخْصٍ غَيْرِهِ (سَقَطَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ مَعًا الْأُولَى لِاعْتِرَافِهِمَا بِالْوَهْمِ وَالثَّانِيَةُ لِاعْتِرَافِهِمَا بِعَدَمِ عَدَالَتِهِمَا حَيْثُ شَهِدَا عَلَى شَكٍّ وَكَذَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الدَّمِ لَا فِي الْمَالِ فَلَا يَسْقُطُ بَلْ يَغْرَمُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا رُجُوعُهُمْ. . . إلَخْ (وَنُقِضَ) الْحُكْمُ (إنْ ثَبَتَ) بَعْدَهُ (كَذِبُهُمْ) أَيْ إنْ أَمْكَنَ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ إلَّا بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْغُرْمُ كَمَا سَيَذْكُرُهُ وَمَثَّلَ لِثُبُوتِ كَذِبِهِمْ بِقَوْلِهِ (كَحَيَاةِ مَنْ قُتِلَ) أَيْ مَنْ شُهِدَ بِقَتْلِهِ عَمْدًا أَيْ ظَهَرَتْ حَيَاتُهُ قَبْلَ الْقِصَاصِ مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَا صَحَّتْ شَهَادَتُهُ مَعَ الِاثْنَيْنِ النَّاقِلِينَ عَنْ الثَّلَاثَةِ لِنَقْصِ الْعَدَدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ عَدَمَ الصِّحَّةِ لِأَنَّ عَدَدَ الْفَرْعِ فِيهَا نَاقِصٌ عَنْ عَدَدِ الْأَصْلِ حَيْثُ نَقَلَ عَنْ الثَّلَاثَةِ اثْنَانِ فَقَطْ وَالْفَرْعُ لَا يَنْقُصُ عَنْ الْأَصْلِ لِقِيَامِهِ مَقَامَهُ وَنِيَابَتِهِ مَنَابَهُ هَذَا عَلَى مَا لَلْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ وَلَكِنَّ ابْنَ عَرَفَةَ نَسَبَ لِابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازَ كَقَوْلِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ اهـ بْن وَقَوْلُهُ عَنْ الرَّابِعِ اثْنَانِ أَيْ أَوْ أَدَّى الرَّابِعُ بِنَفْسِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَوَّاقُ (قَوْلُهُ أَوْ نَقَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَقَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَاثْنَانِ عَنْ وَاحِدٍ لَكَفَى كَمَا فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ بْن.

(تَنْبِيهٌ) يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ شَهَادَةِ النَّقْلِ فِي الزِّنَا أَنْ يَقُولَ شُهُودُ الزِّنَا لِمَنْ يَنْقُلُ عَنْهُمْ اشْهَدُوا عَنَّا أَنَّنَا رَأَيْنَا فُلَانًا يَزْنِي وَهُوَ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ وَلَا يَجِبُ الِاجْتِمَاعُ فِي وَقْتِ تَحَمُّلِ النَّقْلِ وَلَا تَفْرِيقُ النَّاقِلِينَ وَقْتَ شَهَادَتِهِمْ عِنْدَ الْحَاكِمِ بِخِلَافِ الْأُصُولِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ كَأَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ عَلَى رُؤْيَةِ الزِّنَا إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يَشْهَدَ ثَلَاثَةٌ بِالرُّؤْيَةِ وَيَنْقُلَ اثْنَانِ عَنْ الرَّابِعِ وَمَحَلُّ جَوَازِ التَّلْفِيقِ إذَا كَانَ النَّقْلُ صَحِيحًا كَمَا ذُكِرَ فِي الْمِثَالَيْنِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا نَقَلَ اثْنَانِ عَنْ ثَلَاثَةٍ وَشَهِدَ الرَّابِعُ بِنَفْسِهِ فَلَا تُلَفَّقُ شَهَادَتُهُ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمَوَّاقِ

(قَوْلُهُ وَجَازَ تَزْكِيَةُ نَاقِلِ أَصْلِهِ) أَيْ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يُزَكِّيَ الشَّاهِدَ الْأَصْلِيَّ بَعْدَ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ شَهَادَتَهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَنْظُرْ لِلتُّهْمَةِ فِي تَرْوِيجِ نَقْلِهِ لِأَنَّهُ خَفَّفَ فِي شَهَادَةِ النَّقْلَ مَا لَمْ يُخَفِّفْ فِي الشَّهَادَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ لِقُوَّةِ التُّهْمَةِ) أَيْ بِالرَّاحَةِ مِنْ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ عِنْدَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ مَعَهُمَا) مَفْهُومُهُ عَدَمُ صِحَّةِ نَقْلِهِمَا فِي بَابِ شَهَادَتِهِنَّ لَا مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ مَعَهُمَا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمَا رَجُلٌ أَصْلًا أَوْ كَانَ مَعَهُمَا رَجُلٌ أَصْلِيٌّ وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ نَقْلَ الْمَرْأَتَيْنِ فَقَطْ لَا يُجْتَزَى بِهِ وَلَوْ كَانَ فِيمَا لَا يَظْهَرُ لِلرِّجَالِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) أَيْ مِنْ كُلِّ مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ شَهَادَتُهُنَّ اسْتِقْلَالًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ مَعَ يَمِينٍ أَوْ رَجُلٍ وَهُوَ الْمَالُ وَمَا يَئُولُ إلَيْهِ وَكَذَا مَا يَخْتَصُّ بِشَهَادَتِهِنَّ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَعَيْبِ الْفَرْجِ يَجُوزُ نَقْلُ النِّسَاءِ فِيهِ إذَا تَعَدَّدْنَ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ مَعَهُنَّ سَوَاءٌ نَقَلْنَ عَنْ رَجُلٍ أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنْ نَقَلْنَ لَا مَعَ رَجُلٍ أَصْلًا أَوْ مَعَ رَجُلٍ أَصْلِيٍّ لَمْ يُقْبَلْ النَّقْلُ وَلَوْ كَثُرْنَ جِدًّا وَمَا لَا يُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ النِّسَاءِ أَصْلًا لَا يُقْبَلُ فِيهِ نَقْلُهُنَّ سَوَاءٌ كُنَّ مَعَ رَجُلٍ نَاقِلٍ أَوْ انْفَرَدْنَ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ نَقْلُ النِّسَاءِ) أَيْ سَوَاءٌ انْفَرَدْنَ أَوْ كُنَّ مَعَ رَجُلٍ

(قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهَا بِالْوَهْمِ) أَيْ الْغَلَطِ (قَوْلُهُ حَيْثُ شَهِدَا) أَيْ أَوَّلًا عَلَى شَكٍّ.

(قَوْلُهُ وَكَذَا بَعْدَ الْحُكْمِ إلَخْ) أَيْ وَكَذَا تَسْقُطُ الشَّهَادَتَانِ إذَا قَالَا وَهِمْنَا أَوْ غَلِطْنَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ فِي دَمٍ أَيْ إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ بِدَمٍ وَهَذَا أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ وَهُوَ خِلَافُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ لَا رُجُوعُهُمْ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً فَإِنَّ حَاصِلَهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ رُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُنْقَضُ مُطْلَقًا وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ اهـ بْن (قَوْلُهُ لَا فِي الْمَالِ) فَلَا يَسْقُطُ بَلْ يَغْرَمُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا هَذَا مَا فِي الْجَلَّابِ وَالْمَعُونَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ يَغْرَمُهُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ لِلْمُدَّعِي وَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا حَيْثُ قَالَا وَهِمْنَا وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ إنْ أَمْكَنَ) أَيْ نَقْضُهُ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَحْكُومِ بِهِ وَقَوْلُهُ فِي الْقَتْلِ وَالْقَطْعِ أَيْ وَغَيْرِهِمَا وَقَوْلُهُ لَمْ يَبْقَ إلَّا الْغُرْمُ أَيْ غُرْمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ أَوْ الْمَالَ وَلَا يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ

ص: 206

(أَوْجَبَهُ قَبْلَ) وَقْتِ (الزِّنَا) الْمَشْهُودِ بِهِ عَلَيْهِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ بِهِ رَجْمُهُ نُقِضَ الْحُكْمُ فَلَا يُرْجَمُ وَإِلَّا فَالْغُرْمُ كَمَا يَأْتِي (لَا رُجُوعُهُمْ) عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْقَضُ لَهُ الْحُكْمُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَكَذَا قَبْلَهُ فِي الْمَالِ قَطْعًا وَفِي الدَّمِ قَوْلَانِ

(وَغَرِمَا) إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (مَالًا) أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَوْ قَالَا غَلِطْنَا لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالْخَطَأَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ (وَدِيَةً) إذَا شَهِدَا بِقَتْلٍ

(وَلَوْ)(تَعَمَّدَا) الزُّورَ فِي شَهَادَتِهِمَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْتَصُّ مِنْهُمَا فِي الْعَمْدِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ أَقْرَبُ لِأَنَّهُمَا قَتَلَا نَفْسًا بِغَيْرِ شُبْهَةٍ وَيَجُوزُ قِرَاءَةُ تَعَمَّدَا فِعْلًا مَاضِيًا وَمَصْدَرًا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ خَبَرُ كَانَ الْمَحْذُوفَةِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يُوجَعَانِ ضَرْبًا وَيُطَالُ سَجْنُهُمَا وَيَغْرَمَانِ الدِّيَةَ فِي مَالِهِمَا

(وَ) لَوْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِالزِّنَا وَاثْنَانِ بِالْإِحْصَانِ فَرُجِمَ ثُمَّ رَجَعَ السِّتَّةُ اخْتَصَّ شُهُودُ الزِّنَا بِالْغُرْمِ (لَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ فِي الْغُرْمِ) أَيْ غُرْمِ الدِّيَةِ لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مُنْفَرِدَةٌ لَمَّا كَانَتْ لَا تُوجِبُ حَدًّا صَارَتْ غَيْرَ مَنْظُورٍ لَهَا بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا (كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي) عَنْ تَزْكِيَتِهِ لَا يُوجِبُ الْغُرْمَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا الْغُرْمُ عَلَى الشَّاهِدِ إنْ رَجَعَ (وَأُدِّبَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ (فِي كَقَذْفٍ) شَهِدَا بِهِ وَحُدَّ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ وَدَخَلَ بِالْكَافِ الشَّتْمُ وَاللَّطْمُ وَضَرْبُ السَّوْطِ

(وَحُدَّ شُهُودُ الزِّنَا) الرَّاجِعُونَ حَدَّ الْقَذْفِ (مُطْلَقًا) أَيْ رَجَعُوا قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ بَعْدَهُ بِجَلْدٍ أَوْ رَجْمٍ مَعَ الْغُرْمِ فِي الرَّجْمِ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ أَوْجَبَهُ) أَيْ كَمَا إذَا شَهِدَ عَلَى شَخْصٍ بِالزِّنَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرَجْمِهِ فَثَبَتَ قَبْلَ الرَّجْمِ أَنَّهُ مَجْبُوبٌ قَبْلَ الزِّنَا الَّذِي شُهِدَ بِهِ عَلَيْهِ فَيُنْقَضُ الْحُكْمُ بِرَجْمِهِ وَلَا حَدَّ عَلَى الشُّهُودِ إذْ لَا يُحَدُّ مَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا بِالزِّنَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْغُرْمُ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ رُجِمَ فَالْغُرْمُ (قَوْلُهُ لَا رُجُوعُهُمْ) أَيْ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِرُجُوعِهِمْ عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) أَيْ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَحَدُهُمَا عَدَمُ النَّقْضِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي نَقْضُ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الْإِمَامِ

(قَوْلُهُ وَغَرِمَا مَالًا وَدِيَةً) أَشَارَ بِهَذَا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا رَجَعَ بَعْدَ الْحُكْمِ فِي عِتْقٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حَدٍّ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يَضْمَنَانِ قِيمَةَ الْعِتْقِ وَالدَّيْنِ وَالْعَقْلِ فِي الْقِصَاصِ فِي أَمْوَالِهِمَا اهـ فَظَاهِرُهُ كَانَ الرُّجُوعُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ قَبْلَهُ وَلَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ إذَا كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ (تَنْبِيهٌ) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَرِمَا مَا لَا يَشْمَلُ مَا إذَا شَهِدَا بِوَفَاءِ حَقٍّ لِمُسْتَحِقِّهِ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِهِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لَا لِلْمَشْهُودِ لَهُ فَإِنْ أَعْدَمَا فَهَلْ يَرْجِعُ مَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ عَلَى مَنْ شَهِدَا لَهُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِمَا كَمَا لَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَيْهِ إنْ غَرِمَا فِي مُلَائِهِمَا أَوْ لَا يَرْجِعُ بَلْ يَنْتَظِرُ يُسْرَهُمَا يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ

(قَوْلُهُ وَلَوْ تَعَمَّدَ الزُّورَ) الْمُبَالَغَةُ رَاجِعَةٌ لِقَوْلِهِ وَدِيَةً فَقَطْ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ إذْ الْعَمْدُ فِي الْمَالِ أَحْرَى بِالْغُرْمِ فَلَا يُبَالَغُ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ فِيهِ خِلَافٌ أَيْضًا بِالْغُرْمِ وَعَدَمِهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيهِ مِنْ الْغُرْمِ خِلَافُ قَوْلِ الْأَكْثَرِ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ لَكِنَّهُ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ قَالَ وَهِمْنَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ وَالْمَرْجُوعُ إلَيْهِ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَلَا يُسْتَوْفَى لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَأَتَّى تَغْرِيمُ الشُّهُودِ الدِّيَةَ وَإِنَّمَا مَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ لِأَنَّهُ قَوْلُ مَالِكٍ كَمَا قَالَ الْمُتَيْطِيُّ (قَوْلُهُ وَقَالَ أَشْهَبُ يُنْقَضُ إلَخْ) تَحَصَّلَ مِمَّا تَقَدَّمَ أَنَّهُمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ الْمَالَ وَالدِّيَةَ اتِّفَاقًا وَلَا يَتَأَتَّى نَقْضُ الْحُكْمِ وَإِنْ رَجَعَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ فَفِي الْمَالِ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ اتِّفَاقًا وَيَغْرَمَانِ الْمَالَ الَّذِي رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِهِ وَفِي الدَّمِ قِيلَ إنَّهُ يُنْقَضُ الْحُكْمُ لِحُرْمَةِ الدَّمِ وَحِينَئِذٍ فَلَا غُرْمَ وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقِيلَ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَعَلَيْهِ فَقِيلَ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَعَمَّدَا الزُّورَ ابْتِدَاءً أَمْ لَا وَهُوَ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيلَ يَغْرَمَانِ الدِّيَةَ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدَا الزُّورَ وَيُقْتَصَّ مِنْهُمَا إنْ تَعَمَّدَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ (قَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ

(قَوْلُهُ وَلَا يُشَارِكُهُمْ شَاهِدَا الْإِحْصَانِ) الضَّمِيرُ الْمَفْعُولُ فِي يُشَارِكُهُمْ يَعُودُ عَلَى شُهُودِ الزِّنَا الْمَفْهُومِينَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْجَبَهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ يَغْرَمُ الْجَمِيعَ لِتَوَقُّفِ الرَّجْمِ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ فَهَلْ السِّتَّةُ يَسْتَوُونَ فِي الْغُرْمِ أَوْ عَلَى شَاهِدِي الْإِحْصَانِ نِصْفُهَا لِأَنَّ الشُّهُودَ نَوْعَانِ فَيَكُونُ عَلَى كُلِّ نَوْعٍ نِصْفُهَا قَوْلَانِ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِخِلَافِ شُهُودِ الزِّنَا) أَيْ فَإِنَّ شَهَادَتَهُمْ مُنْفَرِدَةٌ تُوجِبُ حَدَّ الْجَلْدِ (قَوْلُهُ كَرُجُوعِ الْمُزَكِّي) أَيْ لِلْأَرْبَعَةِ مَعَ رُجُوعِهِمْ أَيْضًا بَعْدَ الرَّجْمِ فَلَا يُشَارِكُهُمْ الْمُزَكِّي فِي الْغُرْمِ بَلْ يَخْتَصُّونَ بِهِ دُونَهُ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِ بِالزِّنَا وَإِنْ تَوَقَّفَتْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى تَزْكِيَتِهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِي رُجُوعَ الْمُزَكِّي خِلَافَ أَشْهَبَ الْمَذْكُورِ فِي شُهُودِ الْإِحْصَانِ وَلَعَلَّهُ يَتَخَرَّجُ هُنَا بِالْأَحْرَى مِنْ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ لِعَدَمِ ثُبُوتِ شَيْءٍ دُونَ الْمُزَكِّي بِخِلَافِ شَاهِدَيْ الْإِحْصَانِ فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِدُونِهِمَا الْجَلْدُ قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ وَدَخَلَ بِالْكِتَابِ الشَّتْمُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا شَهِدَا بِأَنَّ فُلَانًا شَتَمَ فُلَانًا أَوْ لَطَمَهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِكَفِّهِ أَوْ بِالسَّوْطِ وَعُزِّرَ

ص: 207

(كَرُجُوعِ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ) فِي الزِّنَا (قَبْلَ الْحُكْمِ) فِيهِ فَيُحَدُّ الْأَرْبَعَةُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَكْمُلْ (وَإِنْ رَجَعَ) أَحَدُهُمْ (بَعْدَهُ) أَيْ الْحُكْمِ (حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ) لِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَذْفِ وَيُسْتَوْفَى مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ الْحُكْمُ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَيُحَدُّ الْجَمِيعُ (وَإِنْ)(رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ) بَعْدَ الْحُكْمِ (فَلَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ) عَلَى أَحَدٍ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ بِالْأَرْبَعَةِ وَصَارَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ عَفِيفٍ نَعَمْ يُؤَدَّبَانِ بِالِاجْتِهَادِ (إلَّا إنْ)(تَبَيَّنَ) بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ وَرُجُوعِ الِاثْنَيْنِ (أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ) الْبَاقِينَ (عَبْدٌ) أَوْ كَافِرٌ (فَيُحَدُّ الرَّاجِعَانِ) حَدَّ الْقَذْفِ (وَالْعَبْدُ) نِصْفَ حَدِّ الْحُرِّ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَتِمَّ وَلَا حَدَّ عَلَى الثَّلَاثَةِ الْبَاقِينَ وَلَا غَرَامَةَ لِأَنَّهُ قَدْ شَهِدَ مَعَهُمْ اثْنَانِ وَلَا عِبْرَةَ فِي حَقِّهِمْ بِرُجُوعِهِمَا لِأَنَّ شَهَادَتَهُمَا مَعْمُولٌ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْحُكْمَ الْمُرَتَّبَ عَلَيْهَا لَا يُنْقَضُ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ فَيُحَدُّوا كَمَا مَرَّ لِأَنَّ شَهَادَتَهُ لَا عِبْرَةَ بِهَا فَهِيَ عُدْمٌ شَرْعًا فَلَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُهُ (وَغَرِمَا) أَيْ الرَّاجِعَانِ (فَقَطْ) دُونَ الْعَبْدِ (رُبْعَ الدِّيَةِ) لِأَنَّ مَا زَادَ عَلَى الثَّلَاثَةِ وَلَوْ كَثُرَ فِي حُكْمِ الْوَاحِدِ بَقِيَّةُ النِّصَابِ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ لِأَنَّ مَالَهُ لِسَيِّدِهِ (ثُمَّ إنْ رَجَعَ) بَعْدَ رُجُوعِ الِاثْنَيْنِ (ثَالِثٌ) مِنْ السِّتَّةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْمَسْأَلَةِ عَبْدٌ بِدَلِيلِ تَمَامِ الْمَسْأَلَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ بِذَلِكَ فَعَلَيْهِمَا الْأَدَبُ فَقَطْ بِلَا غُرْمٍ إذْ لَمْ يُتْلِفَا مَالًا وَلَا نَفْسًا بِشَهَادَتِهِمَا وَمَحَلُّ أَدَبِهِمَا فِي رُجُوعِهِمَا فِي كَقَذْفٍ حَيْثُ تَبَيَّنَ كَذِبُهُمَا تَعَمُّدًا فَإِنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ اشْتَبَهَ عَلَيْهِمَا فَلَا أَدَبَ وَإِنْ أَشْكَلَ الْأَمْرُ فَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ كَذِبُهُمَا كَانَ تَعَمُّدًا أَوْ اشْتِبَاهًا فَقَوْلَانِ بِتَأْدِيبِهِ وَعَدَمِهِ وَقَدْ فَرَضَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَأَدَبًا فِي كَقَذْفٍ فِيمَا إذَا رَجَعَا بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَالتَّعْزِيرِ كَمَا هُوَ نَقْلُ الْمَوَّاقُ عَنْ سَحْنُونٍ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمَا لَوْ رَجَعَا قَبْلَهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِمَا سَوَاءٌ حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا وَلَعَلَّهُ غَيْرُ مُرَادٍ لِكَوْنِ الِاسْتِيفَاءِ مُسْتَنِدًا لِشَهَادَتِهِمَا وَحِينَئِذٍ فَمَتَى حَصَلَ الِاسْتِيفَاءُ أُدِّبَا سَوَاءٌ رَجَعَا بَعْدَهُ أَوْ قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ كَرُجُوعٍ أَحَدِ الْأَرْبَعَةِ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي حَدِّ الْجَمِيعِ لِلْقَذْفِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمْ بَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ رُجُوعَهُ بَعْدَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَفِي هَذِهِ يُحَدُّ وَحْدَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ وَيَشْمَلُ رُجُوعَهُ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ وَفِي هَذِهِ خِلَافٌ حَكَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فَقِيلَ يُحَدُّوا كُلُّهُمْ وَقِيلَ يُحَدُّ الرَّاجِعُ فَقَطْ وَهُوَ الَّذِي يُوجِبُهُ النَّظَرُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا رَجَعَ لِيُوجِبَ الْحَدَّ عَلَى مَنْ شَهِدَ مَعَهُ لَكِنْ الْأَوَّلُ وَهُوَ حَدُّ الْجَمِيعِ هُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ رَجَعَ أَحَدُ الْأَرْبَعَةِ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ حُدُّوا كُلُّهُمْ وَبَعْدَهُ حُدَّ الرَّاجِعُ فَقَطْ اهـ بْن فَقَوْلُهَا قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الرُّجُوعُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ قَصْرَهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِالْقَذْفِ) أَيْ دُونَ غَيْرِهِ فَالْحُكْمُ تَامٌّ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ وَحِينَئِذٍ فَيَسْتَوْفِي مِنْ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِلْحُكْمِ أَيْ مَا حَكَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ جَلْدٍ أَوْ رَجْمٍ.

(قَوْلُهُ وَأَمَّا إنْ ظَهَرَ أَنَّ أَحَدَهُمْ إلَخْ) أَيْ إنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ فَيُحَدُّ الْجَمِيعُ أَيْ وَيُنْقَضُ الْحُكْمُ لِبُطْلَانِ الشَّهَادَةِ وَمِثْلُ الْعَبْدِ وَالْكَافِرِ الْفَاسِقُ فَإِذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ أَنَّ أَحَدَهُمْ فَاسِقٌ حُدَّ الْجَمِيعُ وَبَطَلَتْ الشَّهَادَةُ بِنَاءً عَلَى الْمُعْتَمَدِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْقَضَاءِ مِنْ أَنَّ الْحُكْمَ يُنْقَضُ إذَا تَبَيَّنَ بَعْدَهُ أَنَّهُ قَضَى بِعَبْدٍ أَوْ كَافِرٍ أَوْ فَاسِقٍ وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُنْقَضُ إذَا تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الشُّهُودِ عَبْدٌ أَوْ كَافِرٌ لَا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ فَاسِقٌ فَلَا حَدَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ تَمَّتْ بِاجْتِهَادِ الْقَاضِي فَإِنْ ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَهُمْ زَوْجٌ حُدَّ الْجَمِيعُ وَيُتَوَجَّهُ عَلَى الزَّوْجِ اللِّعَانُ فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمْ كَمَا فِي الْبَدْرِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ بَعْدَ الْحُكْمِ) أَيْ وَبَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ أَوْ قَبْلَهُ (قَوْلُهُ وَصَارَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ عَفِيفٍ) أَيْ بِشَهَادَةِ الْأَرْبَعَةِ فَصَارَ الرَّاجِعَانِ قَاذِفَيْنِ غَيْرَ عَفِيفٍ وَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفَةٍ.

(قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ أَوْ قَبْلَهُ فَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ بَعْدَ الِاسْتِيفَاءِ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ) أَيْ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ غَيْرَ عَفِيفٍ لَمْ تَتِمَّ وَحِينَئِذٍ فَعِفَّتُهُ بَاقِيَةٌ فَلِذَا حُدَّ الرَّاجِعَانِ وَالْعَبْدُ (قَوْلُهُ وَلَا غُرْمَ) أَيْ إذَا مَاتَ بِالرَّجْمِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ شَهِدَ مَعَهُمْ اثْنَانِ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا ظَهَرَ بَعْدَ الْحُكْمِ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ حُدَّ الْجَمِيعُ وَهُنَا جُعِلَ الْحَدُّ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعِينَ فَقَطْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى لَمْ يَبْقَ أَرْبَعَةٌ غَيْرُهُ فَبَطَلَتْ شَهَادَةُ الْجَمِيعِ فَلِذَا حُدُّوا بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ بَقِيَ خَمْسَةٌ غَيْرُهُ لِأَنَّ شَهَادَةَ الرَّاجِعِينَ مَعْمُولٌ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ، أَلَا تَرَى أَنَّ الْحُكْمَ الْمُتَرَتِّبَ عَلَيْهَا لَا يُنْقَضُ (قَوْلُهُ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ) أَيْ فَلِذَا لَمْ يَغْرَمْ وَالْأَوْلَى وَالْعَبْدُ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ رُجُوعٌ عَنْ الشَّهَادَةِ وَإِنَّمَا رَدَدْنَا شَهَادَتَهُ لِرِقِّهِ فَلِذَا لَمْ يَغْرَمْ شَيْئًا (قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ رَجَعَ ثَالِثٌ) أَيْ بَعْدَ رُجُوعِ اثْنَيْنِ مِنْ سِتَّةٍ شَهِدُوا بِزِنَا شَخْصٍ وَرُجِمَ

ص: 208

فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا (حُدَّ هُوَ وَالسَّابِقَانِ) حَدَّ الْقَذْفِ لِأَنَّ الْبَاقِينَ ثَلَاثَةٌ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ (وَغَرِمُوا) أَيْ الثَّلَاثَةُ (رُبْعَ الدِّيَةِ) أَثْلَاثًا بِالسَّوِيَّةِ (وَ) إنْ رَجَعَ (رَابِعٌ) أَيْضًا (فَنِصْفُهَا) أَرْبَاعًا بَيْنَ الْأَرْبَعَةِ مَعَ حَدِّ الرَّابِعِ أَيْضًا وَخَامِسٌ فَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهَا بَيْنَهُمْ أَخْمَاسًا وَسَادِسٌ فَجَمِيعُهَا أَسْدَاسًا

(وَإِنْ)(رَجَعَ سَادِسٌ) مِنْ سِتَّةٍ شَهِدُوا بِزِنَا مُحْصَنٍ فَأَمَرَ الْحَاكِمُ بِرَجْمِهِ (بَعْدَ فَقْءِ عَيْنِهِ) بِالرَّجْمِ (وَ) رَجَعَ (خَامِسٌ بَعْدَ مُوضِحَتِهِ وَ) رَجَعَ (رَابِعٌ بَعْدَ مَوْتِهِ)(فَعَلَى الثَّانِي) وَهُوَ الْخَامِسُ (خُمْسُ) دِيَةِ (الْمُوضِحَةِ) لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِشَهَادَةِ خَمْسَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (مَعَ سُدُسِ) دِيَةِ (الْعَيْنِ كَالْأَوَّلِ) عَلَيْهِ سُدُسُ دِيَةِ الْعَيْنِ لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (وَعَلَى) الرَّاجِعِ (الثَّالِثِ) وَهُوَ الرَّابِعُ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَاقِي (رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ) لِأَنَّهَا ذَهَبَتْ بِشَهَادَةِ أَرْبَعَةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ (فَقَطْ) أَيْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ مِنْ دِيَةِ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي النَّفْسِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَا أَوْجَبَ الْغُرْمَ عَلَى السَّادِسِ وَالْخَامِسِ إلَّا رُجُوعُ هَذَا الرَّابِعِ فَلَوْ لَمْ يَرْجِعْ لَمْ يَغْرَمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ الْآتِي وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ وَهَذَا الْفَرْعُ عَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ أَنَّ الرُّجُوعَ بَعْدَ الْحُكْمِ وَقَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يُسْتَوْفَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الرَّاجِعِينَ رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ دُونَ الْعَيْنِ وَالْمُوضِحَةِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَتْلٌ بِشَهَادَةِ السِّتَّةِ وَدِيَةُ الْأَعْضَاءِ تَنْدَرِجُ فِيهَا

(وَمُكِّنَ)(مُدَّعٍ) عَلَى الشَّاهِدَيْنِ (رُجُوعًا) عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ (مِنْ) إقَامَةِ (بَيِّنَةٍ) عَلَيْهِمَا أَنَّهُمَا رَجَعَا فَيَغْرَمَانِ لَهُ مَا غَرِمَهُ بِشَهَادَتِهِمَا كَإِذَا أَقَرَّا بِالرُّجُوعِ كَمَا مَرَّ بِفَائِدَةِ تَمْكِينِهِ مِنْ إقَامَتِهَا تَغْرِيمُهُمَا لَهُ مَا غَرِمَهُ وَسَوَاءٌ أَتَى بِلَطْخٍ أَمْ لَا (كَيَمِينٍ) أَيْ كَمَا يُمَكَّنُ مِنْ يَمِينِ الْبَيِّنَةِ الَّتِي ادَّعَى عَلَيْهَا الرُّجُوعَ فَأَنْكَرَتْهُ فَطَلَبَ مِنْهَا الْيَمِينَ أَنَّهَا لَمْ تَرْجِعْ فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ مِنْ الْغَرَامَةِ وَإِلَّا حَلَفَ الْمُدَّعِي أَنَّهَا رَجَعَتْ وَأَغْرَمَهَا مَا غَرِمَهُ فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ تَمْكِينِهِ مِنْ تَوَجُّهِ الْيَمِينِ عَلَيْهَا (إنْ أَتَى بِلَطْخٍ) أَيْ شُبْهَةٍ وَقَرِينَةٍ كَإِقَامَتِهِ عَلَى رُجُوعِهِمَا شَاهِدًا غَيْرَ عَدْلٍ أَوْ امْرَأَتَيْنِ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ وَلَا آيِلٍ إلَيْهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ) أَيْ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ فَلَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ تَتِمَّةِ مَا قَبْلَهَا) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ إلَّا إنْ تَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدَ الْأَرْبَعَةِ عَبْدٌ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ تَمَامِ مَا قَبْلَ الِاسْتِثْنَاءِ وَهِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ اثْنَانِ مِنْ سِتَّةٍ فَلَا غُرْمَ وَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ فَلَمْ يَتِمَّ النِّصَابُ) أَيْ نِصَابُ الشَّهَادَةِ الَّتِي يَصِيرُ بِهَا غَيْرَ عَفِيفٍ وَحِينَئِذٍ فَعِفَّتُهُ بَاقِيَةٌ فَلِذَا حُدَّ الثَّلَاثَةُ الرَّاجِعُونَ

(قَوْلُهُ فَعَلَى الثَّانِي) مُرَادُهُ الثَّانِي فِي الرُّجُوعِ وَكَذَا الْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْخَامِسُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ بَقِيَ (قَوْلُهُ وَعَلَى الثَّالِثِ) أَيْ وَهُوَ الرَّاجِعُ بَعْدَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ رُبْعُ دِيَةِ النَّفْسِ) أَيْ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الدِّيَةِ لَا يَلْزَمُ الثَّلَاثَةَ الْبَاقِينَ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ وَلَا غَيْرَهُمْ (قَوْلُهُ لِانْدِرَاجِهِمَا فِي النَّفْسِ) أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي وَانْدَرَجَ طَرَفٌ أَيْ فِي النَّفْسِ (قَوْلُهُ عَلَى السَّادِسِ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَوَّلُ فِي الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ فَلَا غُرْمَ) أَيْ وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ مَنْ لَا يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ بَلْ يَتَوَقَّفُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ كَالرَّابِعِ هُنَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ مَنْ رَجَعَ وَمَنْ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ وَهَذَا الْفَرْعُ عَزَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لِابْنِ الْمَوَّازِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ عَزَاهُ وَأَمَّا الْمُصَنِّفُ فَلَمْ يَعْزُهُ فَيُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مُعَارِضَةٌ لِمَا قَبْلَهَا لِبِنَائِهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فَهُوَ فَرْعٌ ضَعِيفٌ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلٍ ضَعِيفٍ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ) أَيْ فَلِذَا كَانَ السَّادِسُ وَالْخَامِسُ لَا يَغْرَمَانِ شَيْئًا مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ لِأَنَّهُمَا لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ الْمَرْجُوعِ عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ لَا رُجُوعَهُمْ إلَخْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَلَى الثَّلَاثَةِ الرَّاجِعِينَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ رَجَعَ اثْنَانِ فَقَطْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ مِنْ دِيَةِ النَّفْسِ لِعَدَمِ تَوَقُّفِ الْحُكْمِ عَلَى شَهَادَتِهِمْ

(قَوْلُهُ وَمُكِّنَ مُدَّعٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ إذَا ادَّعَى أَنَّ مَنْ شُهِدَ عَلَيْهِ رَجَعَ عَنْ شَهَادَتِهِ وَطَلَبَ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا أَقَرَّا) أَيْ كَمَا يَغْرَمَانِ إذَا أَقَرَّا بِالرُّجُوعِ (قَوْلُهُ فَفَائِدَةُ تَمْكِينِهِ مِنْ إقَامَتِهَا تَغْرِيمُهُمَا لَهُ مَا غَرِمَهُ) أَيْ وَلَيْسَ فَائِدَةُ تَمْكِينِهِ نَقْضُ الْحُكْمِ وَإِلَّا نَافَاهُ قَوْلُهُ لَا رُجُوعُهُمْ أَيْ لَا رُجُوعُهُمْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا يُنْتَقَضُ لَهُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَتَى بِلَطْخٍ) أَيْ بِأَمْرٍ يُفِيدُ الظَّنَّ بِرُجُوعِهِمْ أَمْ لَا (قَوْلُهُ وَقَرِينَةٍ) عَطْفُ مُرَادِفٍ أَيْ قَرِينَةٍ تُفِيدُ الظَّنَّ بِرُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ كَإِقَامَتِهِ إلَخْ) أَيْ وَكَأَنْ يُشَاعَ بَيْنَ النَّاسِ أَنَّ فُلَانًا وَفُلَانًا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى فُلَانٍ كَمَا فِي خش (قَوْلُهُ فِيمَا لَيْسَ بِمَالٍ إلَخْ) تَبِعَ فِي هَذَا الْقَيْدِ عبق وَلَا مَحَلَّ لَهُ فَإِنَّ الرُّجُوعَ دَائِمًا يَئُولُ إلَى الْمَالِ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ إذْ لَا ثَمَرَةَ إلَّا الْغُرْمُ كَمَا مَرَّ اهـ بْن (قَوْلُهُ إذَا شَهِدَا بِحَقٍّ عَلَى شَخْصٍ) أَيْ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ

ص: 209

ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُمَا وَيَغْرَمَانِ مَا أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا كَالرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي لِأَنَّ رُجُوعَهُمَا عَنْ الرُّجُوعِ يُعَدُّ نَدَمًا وَلِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَقَرَّ وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ

(وَإِنْ)(عَلِمَ الْحَاكِمُ بِكَذِبِهِمْ) أَيْ الشُّهُودِ (وَحَكَمَ) بِمَا شَهِدُوا بِهِ مِنْ رَجْمٍ أَوْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ (فَالْقِصَاصُ) عَلَيْهِ دُونَ الشُّهُودِ وَسَوَاءٌ بَاشَرَ الْقَتْلَ أَمْ لَا وَكَذَا يُقْتَصُّ مِنْ وَلِيِّ الدَّمِ إذَا عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ وَإِنْ عَلِمَ الْحَاكِمُ وَالْوَلِيُّ اُقْتُصَّ مِنْهُمَا وَمَفْهُومُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ فَلَا قِصَاصَ وَإِنْ عَلِمَ بِقَادِحٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ إنْ عَلِمَ بِقَادِحٍ كَالْفِسْقِ

(وَإِنْ)(رَجَعَا عَنْ طَلَاقٍ) أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِطَلَاقٍ شَهِدَا بِهِ عَلَى زَوْجٍ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُتْلِفَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ مَالًا وَإِنَّمَا فَوَّتَاهُ الْبُضْعَ وَلَا قِيمَةَ لَهُ

(كَعَفْوِ الْقِصَاصِ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْغُرْمِ أَيْ كَمَا لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا إذَا شَهِدَا بِأَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ قَدْ عَفَا عَنْ الْقَاتِلِ عَمْدًا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِالْعَفْوِ وَسَقَطَ الْقِصَاصُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا مَالًا وَإِنَّمَا فَوَّتَاهُ اسْتِحْقَاقَ الْقِصَاصِ وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ نَعَمْ يُؤَدَّبَانِ وَيُجْلَدُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً كَمَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ فَقَوْلُهُ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ مَعْنَاهُ كَرُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِعَفْوِ مُسْتَحِقِّ الْقِصَاصِ وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِهِمَا فِي رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقٍ (إنْ دَخَلَ) الزَّوْجُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَدْخُلْ (فَنِصْفُهُ) أَيْ الصَّدَاقِ يَغْرَمَانِهِ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ وَهُوَ مَشْهُورٌ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ إذْ الْمَذْهَبُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَعَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا وَلَكِنْ لَا غَرَابَةَ فِي بِنَاءِ مَشْهُورٍ عَلَى ضَعِيفٍ وَشُبِّهَ فِي غُرْمِهِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ قَوْلُهُ

(كَرُجُوعِهِمَا عَنْ دُخُولِ مُطَلَّقَةٍ) أَقَرَّ الزَّوْجُ بِطَلَاقِهَا وَأَنْكَرَ الدُّخُولَ بِهَا فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ فَغَرِمَ الصَّدَاقَ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالدُّخُولِ فَيَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَهُ فَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا غَرِمَ رُبْعَهُ وَهَذَا فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا) أَيْ فَطَالَبَهُمَا الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ بِأَصْلِ شَهَادَتِهِمَا بِمَا غَرِمَهُ فَرَجَعَا عَنْ رُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ كَالرَّاجِعِ الْمُتَمَادِي) أَيْ كَمَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ الْمُتَمَادِي عَلَى رُجُوعِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ

(قَوْلُهُ وَإِنْ عَلِمَ إلَخْ) أَيْ إنْ ثَبَتَ عِلْمُهُ بِذَلِكَ بِإِقْرَارِهِ لَا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ فَلَا يَقْتَصُّ مِنْهُ وَذَلِكَ لِفِسْقِهِمْ بِكَتْمِهِمْ الشَّهَادَةَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ وَقَوْلُهُ الْحَاكِمُ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ مِثْلُهُ الْمُحَكَّمُ فَيَقْتَصُّ مِنْهُ إنْ عَلِمَ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَحَكَمَ بِقَتْلٍ أَوْ جُرْحٍ لَمَضَى حُكْمُهُ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ اقْتَصَّ مِنْهُمَا) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَاشَرَ الْقَتْلَ وَهُوَ الْجَلَّادُ لِأَنَّهُ مَأْمُورُ الشَّرْعِ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ كَالْحَاكِمِ (قَوْلُهُ وَمَفْهُومُ عَلِمَ بِكَذِبِهِمْ أَنَّهُ) أَيْ الْحَاكِمُ وَكَذَا وَلِيُّ الدَّمِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ) أَيْ فِي مَالِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ الْجَارِحِ فِي الشَّاهِدِ كَذِبُهُ

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِهِمَا إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ دَخَلَ شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْكَافِ وَلَا يُتَوَهَّمُ رُجُوعُهُ لِمَا بَعْدَهَا عَلَى قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَلِعَدَمِ صِحَّتِهِ هُنَا وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَخَّرْ قَوْلُهُ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ عَنْ شَرْطِ مَا قَبْلَهُ مَعَ مَفْهُومِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ التَّشْبِيهَ فِي غُرْمِ النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُهُ وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا النِّصْفُ بِالطَّلَاقِ أَيْ فَسَبَبُ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ غُرْمُ الزَّوْجِ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِوُجُوبِهِ بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ غَرِمَاهُ لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ إذَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجَةِ لَا لِلزَّوْجِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ الْجَمِيعَ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ فَالصَّدَاقُ كَانَ وَاجِبًا لَهَا بِالْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالشَّاهِدَانِ مَنَعَاهَا نِصْفَهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَأَخَذَتْ نِصْفَهُ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا لَهَا النِّصْفَ الَّذِي فَوَّتَاهُ عَلَيْهَا فَيَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ قَالَتْ وَإِنْ رَجَعَا عَنْ طَلَاقٍ فَلَا غُرْمَ إنْ دَخَلَا وَإِلَّا غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ فَقَدْ نَصَّ فِيهَا عَلَى أَنَّهُمَا يَغْرَمَانِ النِّصْفَ إذَا رَجَعَا وَسَكَتَ فِيهَا عَنْ مُسْتَحَقِّهِ فَمِنْ الْمُخْتَصِرِينَ مَنْ يَقُولُ لِلزَّوْجِ وَيُعَلِّلُهُ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ لِلزَّوْجَةِ وَيَرَى أَنَّ الصَّدَاقَ كَانَ وَاجِبًا لَهَا بِالْعَقْدِ عَلَى الزَّوْجِ وَالشَّاهِدَانِ مَنَعَاهَا مِنْ نِصْفِهِ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَغْرَمَانِهِ لَهَا إنْ رَجَعَا عَنْهَا وَكُلٌّ مِنْ التَّأْوِيلَيْنِ أَيْ غُرْمُ النِّصْفِ لِلزَّوْجِ أَوْ لِلزَّوْجَةِ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالطَّلَاقُ يُقَرِّرُ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ كُلَّ الصَّدَاقِ وَالطَّلَاقُ يَشْطُرُهُ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَعَلَى ذَلِكَ يَنُبْنِي قَوْلُ أَشْهَبَ وَسَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَحُكِمَ بِهِ وَغَرِمَ الزَّوْجُ لَهَا نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ مَشْهُورٌ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ غُرْمِهِمَا النِّصْفَ إذَا رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ مَشْهُورٌ وَقَوْلُهُ مَبْنِيٌّ عَلَى ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا بِشَهَادَتِهِمَا شَيْئًا لَا لِلزَّوْجَةِ وَلَا لِلزَّوْجِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَسَبَّبَا فِي وُجُوبِ شَيْءٍ

(قَوْلُهُ وَأَنْكَرَ الدُّخُولَ بِهَا) أَيْ وَادَّعَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنَّ اللَّازِمَ لَهَا نِصْفُ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ فَشَهِدَا عَلَيْهِ بِهِ) أَيْ بِالدُّخُولِ أَيْ وَحَكَمَ بِتَكْمِيلِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ شَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ فَيَغْرَمَانِ لَهُ نِصْفَهُ) أَيْ دُونَ النِّصْفِ الْآخَرِ لِأَنَّ الزَّوْجَ مُقِرٌّ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ

ص: 210

وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَيَغْرَمَانِ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّهُ فِيهِ بِوَطْءٍ لَا بِطَلَاقٍ أَوْ مَوْتٍ كَمَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ (وَ) لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِطَلَاقٍ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (اخْتَصَّ) بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ (الرَّاجِعَانِ) عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِدُخُولٍ) أَوْ أَنَّ الْبَاءَ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ الرَّاجِعَانِ (عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ دُونَ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهَا) لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ رُجُوعِهِمَا عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا وَلَا غُرْمَ عَلَيْهَا كَمَا مَرَّ

(وَرَجَعَ شَاهِدُ الدُّخُولِ) فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ فَهُوَ إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ فَلَوْ قَالَ وَرَجَعَا كَانَ أَخْصَرَ (عَلَى الزَّوْجِ) بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَةِ الدُّخُولِ (بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ إنْ أَنْكَرَ الطَّلَاقَ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي الرُّجُوعِ يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَةَ إذَا مَاتَتْ وَهُوَ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إنْكَارِهِ طَلَاقَهَا فَإِنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ الرَّاجِعَيْنِ يَرْجِعَانِ عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا فِي عِصْمَتِهِ عَلَى دَعْوَاهُ يَكْمُلُ عَلَيْهِ الصَّدَاقُ فِي نِكَاحِ التَّسْمِيَةِ وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ فَلَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ لِأَنَّ الْمَوْتَ فِيهِ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا يُوجِبُ شَيْئًا كَالطَّلَاقِ كَمَا مَرَّ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا لَمْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَوْتِهَا لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ (وَرَجَعَ الزَّوْجُ) بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي التَّفْوِيضِ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ صَدَاقٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا وَادَّعَى عَدَمَ الدُّخُولِ وَأَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ فَغَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ لَهَا فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ غَرِمَا لَهُ كُلَّ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَسْتَحِقُّهُ) أَيْ الصَّدَاقَ وَقَوْلُهُ فِيهِ أَيْ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ بِوَطْءٍ أَيْ فَبِسَبَبِ شَهَادَتِهِمَا بِهِ لَزِمَهُ الصَّدَاقُ لِوُجُوبِهِ بِهِ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ غَرِمَا لَهُ الصَّدَاقَ لِأَنَّهُمَا أَتْلَفَاهُ عَلَى الزَّوْجِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ (قَوْلُهُ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّوْجَ يُنْكِرُ كُلًّا مِنْ الطَّلَاقِ وَالدُّخُولِ.

(قَوْلُهُ وَاخْتَصَّ بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ) أَيْ لِلزَّوْجِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ يَغْرَمَانِ إذَا رَجَعَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِلزَّوْجِ هُوَ مَا فِي تت وَحَلُولُو وَابْنِ مَرْزُوقٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ النِّصْفَ وَالنِّصْفُ الثَّانِي مَا أَوْجَبَهُ إلَّا شَاهِدَا الدُّخُولِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا ذَلِكَ النِّصْفَ الَّذِي أَتْلَفَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا وَقَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَبَهْرَامُ يَغْرَمَانِ إذَا رَجَعَا كُلَّ الصَّدَاقِ فَقَالَا فِي تَقْرِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ أَيْ اخْتَصَّا بِغُرْمِ جَمِيعِ الصَّدَاقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا لَا تَمْلِكُ بِالْعَقْدِ شَيْئًا وَالدُّخُولُ أَوْجَبَ كُلَّ الصَّدَاقِ فَاَلَّذِي أَوْجَبَ كُلَّ الصَّدَاقِ شَاهِدَا الدُّخُولِ بِشَهَادَتِهِمَا بِهِ فَإِذَا رَجَعَا عَنْهَا غَرِمَا مَا أَتْلَفَاهُ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَهُوَ كُلُّ الصَّدَاقِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَاخْتَصَّ الرَّاجِعَانِ بِدُخُولٍ مُحْتَمِلٍ لِكُلٍّ مِنْ التَّقْرِيرَيْنِ أَيْ اخْتَصَّا بِغُرْمِ نِصْفِ الصَّدَاقِ أَوْ بِغُرْمِ كُلِّهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ مَا رَجَّحَهُ بْن قَائِلًا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ عَنْ الْمَازِرِيِّ فَلَوْ رَجَعَ شَاهِدَا الدُّخُولِ عَنْهَا غَرِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ لِأَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَوْ اقْتَصَرَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا لَمْ يَلْزَمْ الزَّوْجَ أَكْثَرُ مِنْ الصَّدَاقِ وَغَرَامَةُ النِّصْفِ الزَّائِدِ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِشَهَادَةِ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْبِنَاءِ (قَوْلُهُ دُونَ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ غُرْمِ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ لَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ قَبْلَ الْبِنَاءِ عَلَيْهِمَا نِصْفَ الصَّدَاقِ بِرُجُوعِهِمَا وَإِنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَعَبْدِ الْمَلِكِ وَابْنِ الْمَوَّازِ وَسَحْنُونٍ لَا غُرْمَ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ وَبِهَذَا تَعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ التَّنَافِي وَالْعُذْرِ لَهُ أَنَّهُ دَرَجَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا فَنِصْفُهُ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَدَرَجَ هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَمَنْ مَعَهُ لِمَا رَأَى أَنَّ عَلَيْهِ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ فَلَمْ تُمْكِنْهُ مُخَالَفَتُهُ قَالَهُ طفى بْن وَلَوْلَا مَا ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ مِنْ تَفْرِيعِ مَا هُنَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ لَقُلْت إنَّهُ لَا تَنَافِي بَيْنَ الْمَحَلَّيْنِ لِأَنَّ مَا هُنَا بِمَنْزِلَةِ الرُّجُوعِ عَنْ طَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا لِوُجُودِ شَاهِدَيْ الدُّخُولِ كَمَا أَفَادَهُ تَقْرِيرُ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق

(قَوْلُهُ فِي الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ) أَيْ مَا إذَا شَهِدَا اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِجَمِيعِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ بِمَوْتِ الزَّوْجَةِ) أَيْ بِسَبَبِ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ أَيْ اسْتَمَرَّ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ الشَّرْطِ لِأَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّهُ مُنْكِرٌ لِلدُّخُولِ وَالطَّلَاقِ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الْمُرَادَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إنْكَارِهِ وَلَمْ يَرْجِعْ عَنْهُ وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ لَهُ مَعْنًى (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِطَلَاقِهَا) أَيْ أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَأَقَرَّ بِهِ وَقَدْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالدُّخُولِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تِلْكَ الشَّهَادَةِ لَمْ يَرْجِعَا عَلَيْهِ بِشَيْءٍ عِنْدَ مَوْتِهَا (قَوْلُهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ وَهِيَ قَوْلُهُ لِأَنَّ مَوْتَهَا وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ عَلَى دَعْوَاهُ يَكْمُلُ لَهَا الصَّدَاقُ وَإِنَّمَا كَانَتْ تِلْكَ الْعِلَّةُ مُنْتَفِيَةً لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ مُقِرًّا بِالطَّلَاقِ فَلَمْ تَمُتْ عَلَى عِصْمَتِهِ.

(قَوْلُهُ وَرَجَعَ الزَّوْجُ عَلَيْهِمَا) صُورَتُهُ عَقْدٌ عَلَى امْرَأَةٍ وَشَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ مَعَ إنْكَارِهِ لِذَلِكَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدَانِ وَقَدْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَكَانَ يَرِثُهَا وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا غَرِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ لِاعْتِرَافِهِ لِكَمَالِ الصَّدَاقِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ فِي عِصْمَتِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ مَوْتِهَا وَغَرِمَا لِلزَّوْجِ نِصْفَ الصَّدَاقِ الَّذِي غَرِمَهُ

ص: 211

مَعَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهُ وَكَانَ الْأَوْلَى هُنَا الْإِظْهَارُ لِإِيهَامِهِ رُجُوعَ الضَّمِيرِ عَلَى شَاهِدَيْ الدُّخُولِ وَلَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى ظُهُورِ الْمَعْنَى (بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثٍ) مِنْهَا بِشَهَادَتِهِمَا عَلَيْهِ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَوَرِثَهَا (دُونَ مَا غَرِمَ) لَهَا مِنْ نِصْفِ صَدَاقِهَا فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِرَافِهِ بِتَكْمِيلِهِ عَلَيْهِ بِالْمَوْتِ لِإِنْكَارِهِ الطَّلَاقَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا لِأَنَّ كُلَّ شَاهِدَيْنِ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمُنْكِرَ لِطَلَاقِهَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ كَانَ هُنَاكَ شَاهِدَا دُخُولٍ أَمْ لَا (وَرَجَعَتْ) الزَّوْجَةُ إنْ مَاتَ الزَّوْجُ (عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ الرَّاجِعَيْنِ عَنْهُ (بِمَا فَوَّتَاهَا مِنْ إرْثٍ وَصَدَاقٍ) أَيْ نِصْفِهِ فِيمَا إذَا لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ الْمَشْهُودَ عَلَيْهِ يَغْرَمُ لَهَا النِّصْفَ فَقَطْ وَلَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَتَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الصَّدَاقِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا التَّقْرِيرِ أَنَّ الْمَوْضُوعَ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ إلَّا شُهُودُ طَلَاقٍ قَبْلَ الدُّخُولِ إذْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ شُهُودُ دُخُولٍ أَيْضًا كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ مَا قَبْلَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا رُجُوعٌ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِنِصْفِ الصَّدَاقِ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا صَدَاقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي الْمُسَمَّى لَهَا كَمَا مَرَّ

(وَإِنْ كَانَ) الرُّجُوعُ (عَنْ تَجْرِيحِ) شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ مِنْ زَوْجِهَا (أَوْ) عَنْ (تَغْلِيظِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) مِنْ زَوْجِهَا أَيْ إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِطَلَاقِ أَمَةٍ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْفِرَاقِ وَسَيِّدُهَا مُصَدِّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ ثُمَّ شَهِدَ اثْنَانِ بِتَجْرِيحِهِمَا أَوْ بِتَغْلِيظِهِمَا بِأَنْ قَالَا غَلِطْتُمَا فِي شَهَادَتِكُمَا وَإِنَّمَا الَّتِي طَلَّقَتْ غَيْرَهَا أَوْ قَالَا سَمِعْنَا شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ يُقِرَّانِ عَلَى أَنْفُسِهِمَا بِالْغَلَطِ وَمَاتَا أَوْ غَابَا أَوْ أَنْكَرَا إقْرَارَهُمَا بِالْغَلَطِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَهَا ثُمَّ مَاتَتْ رَجَعَ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَرَجَعَا عَلَيْهِ بِمَا غَرِمَاهُ لَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَيَتَرَاجَعَانِ (قَوْلُهُ مَعَ إنْكَارِهِ الطَّلَاقَ) أَيْ مَعَ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى إنْكَارِ الطَّلَاقِ.

(قَوْلُهُ بِطَلَاقِهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا يُفِيدُ كَمَا قُلْنَا إنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِيمَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَنَّهُ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ وَأَنْكَرَ ذَلِكَ فَحُكِمَ عَلَيْهِ بِالطَّلَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ فَبَعْدَ مُدَّةٍ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ وَالْحَالُ أَنَّهُ مُسْتَمِرٌّ عَلَى إنْكَارِ الطَّلَاقِ وَرَجَعَتْ الْبَيِّنَةُ بَعْدَ مَوْتِهَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ الْمِيرَاثِ دُونَ مَا غَرِمَهُ مِنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَغَرِمَ نِصْفَ الصَّدَاقِ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَا بِأَنَّهُ طَلَّقَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ وَغَرِمَ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ مَاتَتْ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ جَمِيعَ إرْثِهِ مِنْهَا وَلَا يُقَالُ دُونَ مَا غَرِمَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَلِهَذَا كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مَفْرُوضَةً فِي كَلَامِ الْأَئِمَّةِ الْمَازِرِيُّ وَابْنِ شَاسٍ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ فِيمَا قَبْلَ الْبِنَاءِ فَقَطْ وَبِهَذَا يُعْلَمُ فَسَادُ تَعْمِيمِ الشَّارِحِ فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ فَتَدَبَّرْ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ أَعَمُّ مِمَّا قَبْلَهَا) أَيْ مَا إذَا شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَاثْنَانِ بِالدُّخُولِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَلَزِمَ جَمِيعُ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَ الْأَرْبَعَةُ (قَوْلُهُ وَمَاتَتْ الزَّوْجَةُ) أَيْ قَبْلَ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ أَوْ بَعْدَ رُجُوعِهِمَا (قَوْلُهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا بِمَا فَوَّتَاهُ مِنْ إرْثِهِ مِنْهَا) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِمَّا غَرِمَهُ مِنْ الصَّدَاقِ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَلَا عَلَى بَيِّنَةِ الدُّخُولِ إنْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَرَجَعَتْ عَلَيْهِمَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَنِصْفِ الصَّدَاقِ ثُمَّ رَجَعَا وَقَدْ مَاتَ الزَّوْجُ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ عَلَى شَاهِدَيْ الطَّلَاقِ بِمَا فَاتَهَا مِنْ إرْثِهَا مِنْ زَوْجِهَا وَبِنِصْفِ صَدَاقِهَا إذْ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا بِالطَّلَاقِ لَكَانَتْ تَرِثُهُ وَيَكْمُلُ لَهَا صَدَاقُهَا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ وَأَمَّا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ بِالطَّلَاقِ وَآخَرَانِ بِالدُّخُولِ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالطَّلَاقِ وَيَغْرَمُ الزَّوْجُ جَمِيعَ الصَّدَاقِ ثُمَّ مَاتَ الزَّوْجُ وَرَجَعَ الْأَرْبَعَةُ عَنْ الشَّهَادَةِ وَرَجَعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ بِمَا يُفَوِّتُهَا مِنْ الْمِيرَاثِ فَقَطْ إذْ لَمْ يَفُتْهَا شَيْءٌ مِنْ الصَّدَاقِ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ إذْ لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهَا صَدَاقًا) لِأَنَّهُ حَيْثُ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةُ دُخُولٍ لَمْ يَفُتْهَا مِنْ الصَّدَاقِ شَيْءٌ حَتَّى تَرْجِعَ بِهِ عَلَى أَحَدٍ

(قَوْلُهُ شَاهِدَيْ طَلَاقِ أَمَةٍ) تُنَازِعُهُ تَجْرِيحٌ وَتَغْلِيظٌ فَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْعَرَبِ قَطَعَ اللَّهُ يَدَ وَرِجْلَ مَنْ قَالَهَا وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

يَا مَنْ رَأَى عَارِضًا أَسَرَّ بِهِ

بَيْنَ ذِرَاعَيْ وَجَبْهَةِ الْأَسَدِ

وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ:

وَيُحْذَفُ الثَّانِي فَيَبْقَى الْأَوَّلُ

كَحَالِهِ إذَا بِهِ يَتَّصِلُ

بِشَرْطِ عَطْفِ وَإِضَافَةِ إلَى

مِثْلُ الَّذِي لَهُ أَضَفْت الْأَوَّلَا

(تَنْبِيهٌ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْعَبْدَ كَالْأَمَةِ لِقِلَّةِ الرَّغْبَةِ فِي الْعَبْدِ الْمُتَزَوِّجِ كَالْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ فَإِذَا شَهِدَا بِطَلَاقِ الْعَبْدِ لِزَوْجَتِهِ وَسَيِّدُهُ مُصَدَّقٌ عَلَى الطَّلَاقِ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ ثُمَّ شَهِدَ آخَرَانِ بِتَجْرِيحِ بَيِّنَةِ الطَّلَاقِ أَوْ تَغْلِيطِهَا فَحُكْمُ الْقَاضِي بِرَدِّ الْمَرْأَةِ لِعِصْمَةِ الْعَبْدِ وَنَقْضِ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ ثُمَّ رَجَعَ شُهُودُ التَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيظِ

ص: 212

فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِهَا لِعِصْمَةِ زَوْجِهَا ثُمَّ رَجَعَا عَنْ تَجْرِيحِهِمَا أَوْ تَغْلِيطِهِمَا (غَرِمَا لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ) مِنْ قِيمَتِهَا (بِزَوْجِيَّتِهَا) أَيْ بِسَبَبِ عَوْدِهَا لِزَوْجِهَا إذْ رُجُوعُهَا لَهُ ثَانِيًا عَيْبٌ فَتَقُومُ بِلَا زَوْجٍ وَمُتَزَوِّجَةٍ وَيَغْرَمَانِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ وَقَوْلُنَا وَسَيِّدُهَا مُصَدِّقٌ احْتِرَازًا مِنْ إنْكَارِهِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لَهُ وَقَوْلُهُ أَمَةً احْتِرَازًا مِنْ الْحُرَّةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا (وَلَوْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِخُلْعٍ) أَيْ خُلْعِ امْرَأَةٍ (بِثَمَرَةٍ لَنْ تَطِبْ أَوْ آبِقٍ) أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ غَرَرٍ يَصِحُّ الْخُلْعُ بِهِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا لِلزَّوْجَةِ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الْخُلْعِ وَلَا يُنْتَظَرُ طِيبُ الثَّمَرَةِ وَلَا عَوْدُ الْآبِقِ كَمَا يَأْتِي وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالْقِيمَةِ لِمَا فِيهَا مِنْ رَائِحَةِ الْفِعْلِ أَوْ بِمَحْذُوفٍ أَيْ مُعْتَبَرَةٍ حِينَئِذٍ أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي عَلَيْهَا الثَّمَرَةُ وَقْتَ الْخُلْعِ وَاَلَّتِي عَلَيْهَا الْآبِقُ وَقْتَ ذَهَابِهِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ كَالْإِتْلَافِ أَيْ كَمَنْ أَتْلَفَ ثَمَرَةً لَمْ تَطِبْ أَوْ غَيْرَهَا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهَا يَوْمَ الْإِتْلَافِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ (بِلَا تَأْخِيرٍ لِلْحُصُولِ) أَيْ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَعَوْدِ الْآبِقِ فَيَغْرَمَ بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ النَّفْيِ أَيْ لَا يُؤَخَّرُ حَتَّى يَغْرَمَ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْحُصُولِ فَالْقِيمَةُ الْأُولَى مُثْبَتَةٌ وَالثَّانِيَةُ مَنْفِيَّةٌ فَلَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ فَلَا تَكْرَارَ كَمَا قِيلَ نَعَمْ لَوْ حُذِفَ فَيَغْرَمُ. . . إلَخْ كَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ وَقَوْلُهُ (عَلَى الْأَحْسَنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالْمُثْبَتِ أَيْ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْخُلْعِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَحْسَنِ وَمُقَابِلُهُ يَوْمَ الْحُصُولِ وَهُوَ الَّذِي نَفَاهُ

(وَإِنْ)(كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى سَيِّدٍ (بِعِتْقٍ) لِرَقِيقٍ وَالسَّيِّدُ مُنْكِرٌ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ (غَرِمَا قِيمَتَهُ) يَوْمَ الْحُكْمِ بِعِتْقِهِ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ بِرُجُوعِهِمَا (وَوَلَاؤُهُ لَهُ) أَيْ لِلسَّيِّدِ الْمُنْكِرِ لِاعْتِرَافِهِمَا لَهُ بِذَلِكَ وَتَغْرِيمِهِمَا قِيمَتَهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَنْهُ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ مَا نَقَصَ مِنْ الْعَبْدِ بِسَبَبِ التَّزْوِيجِ (قَوْلُهُ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرُجُوعِهَا إلَخْ) أَيْ وَنَقَضَ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ بِالْفِرَاقِ لَتَبَيَّنَ أَنَّهُ قَضَى بِغَيْرِ عَدْلَيْنِ.

(وَقَوْلُهُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ) أَيْ فَإِذَا قُوِّمَتْ خَالِيَةٌ مِنْ الزَّوْجِ بِأَرْبَعِينَ وَبِزَوْجٍ بِعِشْرِينَ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ عِشْرِينَ وَلَا أَرْشَ لِلْبَكَارَةِ لِانْدِرَاجِهَا فِي الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَسَيِّدُهَا مُصَدَّقٌ) أَيْ عَلَى الطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ إنْكَارِهِ أَيْ لِلطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُدْخِلَا عَلَيْهِ عَيْبًا فِي أَمَتِهِ (قَوْلُهُ احْتِرَازًا مِنْ الْحُرَّةِ) أَيْ مِنْ الرُّجُوعِ عَنْ تَجْرِيحِ أَوْ تَغْلِيطِ شَاهِدَيْ طَلَاقِ الْحُرَّةِ كَمَا لَوْ ادَّعَتْ حُرَّةٌ أَنَّ زَوْجَهَا طَلَّقَهَا وَأَقَامَتْ بَيِّنَةً بِذَلِكَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِطَلَاقِهَا فَأَقَامَ زَوْجُهَا بَيِّنَةً بِتَجْرِيحِ شُهُودِهَا أَوْ تَغْلِيطِهِمْ فَحَكَمَ الْحَاكِمُ بِرَدِّهَا لِزَوْجِهَا فَإِذَا رَجَعَ شُهُودُ التَّجْرِيحِ أَوْ التَّغْلِيطِ فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ لَهَا شَيْئًا لِأَنَّهُ لَا قِيمَةَ لِلْحُرَّةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ بِخُلْعٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ عَلَى زَوْجَتِهِ أَنَّهَا خَالَعَتْهُ فَأَنْكَرَتْ فَأَقَامَ الرَّجُلُ بَيِّنَةً أَنَّهَا خَالَعَتْهُ بِثَمَرَةٍ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا أَوْ بِآبِقٍ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِالْخُلْعِ بِمَا ذَكَرَ ثُمَّ رَجَعَتْ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلزَّوْجَةِ قِيمَةَ الثَّمَرَةِ وَالْآبِقِ وَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْخُلْعِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَإِنْ كَانَ الْغُرْمُ يَتَأَخَّرُ عَنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إنَّهُمَا يُؤَخَّرَانِ لِلْحُصُولِ أَيْ لِطِيبِ الثَّمَرَةِ وَعَوْدِ الْآبِقِ فَإِذَا حَصَلَ الطِّيبُ وَعَادَ الْآبِقُ غَرِمَا الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ.

قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ وَقَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَقْيَسُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فَالْقِيمَةُ حِينَئِذٍ إشَارَةٌ لِقَوْلِ عَبْدِ الْمَلِكِ وَقَوْلُهُ بِلَا تَأْخِيرٍ لِلْحُصُولِ رُدَّ لِقَوْلِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَحْسَنِ لِقَوْلِ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَقْيَسُ (قَوْلُهُ أَوْ بِنَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَبَعِيرٍ شَارِدٍ (قَوْلُهُ يَغْرَمَانِهَا لِلزَّوْجَةِ) أَيْ بَدَلَ مَا غَرِمَتْهُ لِلزَّوْجِ بِالْحُكْمِ بِالْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ فَالْقِيمَةُ مُبْتَدَأٌ وَقَوْلُهُ حِينَئِذٍ ظَرْفُ لَغْوٍ مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ أَيْ فَالْقِيمَةُ حِينَ الْخُلْعِ يَغْرَمَانِهَا لِلزَّوْجَةِ أَوْ أَنَّ حِينَئِذٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرٍ أَيْ فَالْقِيمَةُ مُعْتَبَرَةٌ حِينَئِذٍ أَيْ حِينَ الْخُلْعِ وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي سَلَكَهُ الشَّارِحُ فِي حَلَّ الْمَتْنِ وَلَا يَصِحُّ جَعْلُ الظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا بِتَغْرِيمٍ مُقَدَّرًا لِدَلَالَةِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ وَالْقِيمَةُ تُغْرَمُ حِينَئِذٍ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهَا حِينَ الْخُلْعِ وَإِنْ تَأَخَّرَ غُرْمُهَا عَنْ وَقْتِهِ (قَوْلُهُ كَالْإِتْلَافِ) هَذَا تَنْظِيرٌ بِمَعْلُومٍ وَالْمَعْنَى قِيَاسًا عَلَى إتْلَافِهَا قَبْلَ طِيبِهَا (قَوْلُهُ بِلَا تَأْخِيرٍ) أَيْ فِي ضَمَانِهِمَا لَهَا لِلْحُصُولِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ الْأُولَى) أَيْ وَهِيَ الْقِيمَةُ حِينَ الْخُلْعِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَقَوْلُهُ وَالثَّانِيَةُ أَيْ وَهِيَ الْقِيمَةُ حِينَ الْحُصُولِ أَيْ طِيبِ الثَّمَرَةِ وَعَوْدِ الْآبِقِ (قَوْلُهُ فَلَا تَكْرَارَ) تَفْرِيعٌ عَلَى اخْتِلَافِ الْحُكْمِ فَسَبَبُ التَّكْرَارِ فُهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ فَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ حِينَئِذٍ مُثْبَتٌ وَأَنَّهُ عَيْنُ الْمَذْكُورِ أَوْ لَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا تَنَاقُضَ تَفْرِيعًا عَلَى عَدَمِ تَوَارُدِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ

(قَوْلُهُ بِرُجُوعِهِمَا) أَيْ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ لِلسَّيِّدِ الْمُنْكِرِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ الْعَبْدُ وَلَا وَارِثَ لَهُ أَخَذَ سَيِّدُهُ مَالَهُ وَانْظُرْ لَوْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ هَلْ يَرْجِعُ السَّيِّدُ عَلَى الشُّهُودِ الرَّاجِعِينَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ بِمَا أَخَذَهُ الْوَارِثُ لِأَنَّهُ لَوْلَا شَهَادَتُهُمَا لَأَخَذَ مَالَهُ بِالرِّقِّ أَوَّلًا لِأَنَّهُمَا غَرِمَا لَهُ وَهُوَ الظَّاهِرُ اهـ عبق (قَوْلُهُ لِاعْتِرَافِهِمَا لَهُ بِذَلِكَ) أَيْ حَيْثُ شَهِدَا أَنَّهُ أَعْتَقَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ إلَخْ) فَلَوْ كَانَ الْمَرْجُوعُ عَنْ الشَّهَادَةِ بِعِتْقِهَا أَمَةٌ لَمْ يَجُزْ لَهَا إبَاحَةُ فَرْجِهَا بِالتَّزْوِيجِ إنْ عَلِمَتْ بِكَذِبِ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا فِي تت وَالظَّاهِرُ

ص: 213

بِرُجُوعِهِمَا وَهُوَ مُنْكِرٌ وَهَذَا فِي الْعِتْقِ النَّاجِزِ (وَهَلْ إنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالْعِتْقِ (لِأَجَلٍ) وَحُكِمَ بِهِ (يَغْرَمَانِ) لِلسَّيِّدِ (الْقِيمَةَ) أَيْ قِيمَةَ الْعَبْدِ (وَالْمَنْفَعَةَ) أَيْ مَنْفَعَةَ الْعَبْدِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْأَجَلِ (لَهُمَا) أَيْ لِلرَّاجِعَيْنِ يَسْتَوْفِيَانِ مِنْهَا الْقِيمَةَ الَّتِي غَرِمَاهَا فَإِنْ اسْتَوْفَيَاهَا قَبْلَ الْأَجَلِ رَجَعَ الْبَاقِي مِنْ الْمَنْفَعَةِ لِلسَّيِّدِ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهَا ضَاعَ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ (أَوْ) لَا يَغْرَمَانِهَا الْآنَ بِتَمَامِهَا بَلْ تَقُومُ الْمَنْفَعَةُ عَلَى غَرَرِهَا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَيَقُومُ الْعَبْدُ بِعِشْرِينَ مَثَلًا وَ (تَسْقُطُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ (الْمَنْفَعَةُ) أَيْ قِيمَتُهَا وَهِيَ عَشَرَةٌ يَبْقَى مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَشَرَةٌ يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ حَالًّا وَتَبْقَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ لِلسَّيِّدِ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ (أَوْ يُخَيَّرُ) السَّيِّدُ (فِيهَا) أَيْ فِي الْمَنْفَعَةِ أَيْ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَهَا لِلشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ وَيَأْخُذُ مِنْهُمَا قِيمَةَ الْعَبْدِ بِتَمَامِهَا الْآنَ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ بِعَيْنِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ قِيمَتَهُ الْآنَ مِنْهُمَا وَيَتَمَسَّكُ بِالْمَنَافِعِ إلَى الْأَجَلِ وَيَدْفَعُ لَهُمَا قِيمَتَهَا عَلَى التَّقَضِّي شَيْئًا فَشَيْئًا أَيْ كُلَّمَا انْقَضَى وَقْتٌ دَفَعَ لَهُمَا مَا يُقَابِلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ هُوَ لَا هُمَا وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ (أَقْوَالٌ) ثَلَاثَةٌ

(وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ) وَحُكِمَ بِهِ وَالْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ أَيْ بِعِتْقٍ هُوَ تَدْبِيرٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَاسْتَوْفَيَا. . . إلَخْ فَلَوْ أَسْقَطَ لَفْظَ عِتْقٍ كَانَ أَوْلَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَنَّ لِلسَّيِّدِ وَطْأَهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عِنْدَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَمْ يُعْتِقْ وَأَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَيْهِ بِزُورٍ وَأَمَّا فِي الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ إبَاحَةِ وَطْئِهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَخْذَهُ الْقِيمَةِ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمَ قَالَهُ عبق وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّهُمَا لَوْ شَهِدَا بِطَلَاقِ امْرَأَةٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِلُزُومِهِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنَّ الْحُكْمَ لَا يُنْقَضُ وَلَا يَجُوزُ لَهَا إبَاحَةُ فَرْجِهَا بِالتَّزْوِيجِ لِغَيْرِ مُطَلِّقِهَا إذَا عَلِمَتْ بِكَذِبِ الشُّهُودِ وَلِلزَّوْجِ وَطْؤُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إنْ عَلِمَ أَيْضًا بِكَذِبِهِمْ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ بِرُجُوعِهِمَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَغْرِيمِهِمَا أَيْ وَتَغْرِيمُهَا قِيمَتَهُ بِسَبَبِ رُجُوعِهِمَا عَنْ الشَّهَادَةِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ) أَيْ الْمَحْكُومِ بِعِتْقِهِ لِأَجْلِ شَهَادَتِهِمَا وَقَوْلُهُ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ أَيْ بِتَمَامِهَا (قَوْلُهُ ضَاعَ الْبَاقِي) أَيْ بَاقِي الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَاهَا عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ ضَيَاعِهِ عَلَيْهِمَا مَا لَمْ يَمُتْ الْعَبْدُ وَيَتْرُكْ مَالًا أَوْ يُقْتَلُ وَيُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَإِلَّا أَخَذَ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِنْ ذَلِكَ وَكَذَا إذَا قَتَلَهُ السَّيِّدُ كَانَ لَهُمَا الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِبَقِيَّةِ مَا لَهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ لَا يَغْرَمَانِهَا) أَيْ قِيمَةَ الْعَبْدِ.

(قَوْلُهُ بَلْ تَقُومُ الْمَنْفَعَةُ) أَيْ مَنْفَعَةُ الْعَبْدِ لِلْأَجَلِ (قَوْلُهُ عَلَى غَرَرِهَا) أَيْ مِنْ تَجْوِيزِ مَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَحَيَاتِهِ إلَيْهِ وَعَلَى تَقْدِيرِ حَيَاتِهِ إلَيْهِ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَمْرَضُ وَأَنْ لَا يَمْرَضَ (قَوْلُهُ وَتَبْقَى تِلْكَ الْمَنْفَعَةُ لِلسَّيِّدِ) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ قِيمَةِ الْعَبْدِ الْكَائِنَةِ عَلَيْهِمَا الَّتِي غَرِمَا الْآنَ لِلسَّيِّدِ بَعْضَهَا وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى قِيمَةِ الْمَنْفَعَةِ.

(قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا كَانَ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا) أَيْ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوْفِيَ السَّيِّدُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ تَمَامَ الْقِيمَةِ لَمْ يَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَيْهِمَا بِشَيْءٍ لِأَنَّهُ قَدْ أَخَذَ قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ جُمْلَةِ قِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى غَرَرِهَا وَتَجْوِيزُ مَوْتِ الْعَبْدِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَحَيَاتِهِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى حَسَبِ مَا يَرَاهُ هُوَ) أَيْ مِنْ كَوْنِ ذَلِكَ الْوَقْتِ جُمُعَةً أَوْ شَهْرًا أَوْ يَوْمًا.

(قَوْلُهُ أَقْوَالٌ ثَلَاثَةٌ) جَعَلَ الشَّارِحُ الْأَقْوَالَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةً وَهِيَ فِي الْحَقِيقَةِ أَرْبَعَةٌ الْأَوَّلُ لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ وَالْمَنْفَعَةَ لِلْأَجَلِ لَهُمَا لَكِنْ يَبْقَى الْعَبْدُ تَحْتَ يَدِ السَّيِّدِ وَيُعْطِيهِمَا أُجْرَةَ الْمَنْفَعَةِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ وَالثَّانِي لِسَحْنُونٍ كَالْأَوَّلِ إلَّا أَنَّهُ يُسَلِّمُ إلَيْهِمَا حَتَّى يَسْتَوْفِيَا مَا غَرِمَاهُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ سَيِّدُهُ وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ يَحْتَمِلُهُمَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَالْمَنْفَعَةُ إلَيْهِ لَهُمَا وَالثَّالِثُ يَغْرَمَانِ الْقِيمَةَ بَعْدَ أَنْ يُسْقِطَ مِنْهَا قِيمَةَ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ وَهَذَا قَوْلُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَا قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالرَّابِعُ لِابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّهُ يُخَيَّرُ السَّيِّدُ بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَيْ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الْقِيمَةَ حَالًّا وَيُسْقِطَ حَقَّهُ مِنْ الْمَنْفَعَةِ فَيُسَلِّمَهَا لَهُمَا لِلْأَجَلِ أَوْ يَأْخُذَ مِنْهُمَا الْقِيمَةَ الْآنَ وَيَتَمَاسَكَ بِالْمَنَافِعِ لِلْأَجَلِ وَيَدْفَعَ لَهُمَا قِيمَتَهَا شَيْئًا فَشَيْئًا اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ بِعِتْقِ تَدْبِيرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا شَهِدَا عَلَى السَّيِّدِ أَنَّهُ دَبَّرَ عَبْدَهُ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لِلسَّيِّدِ الْآنَ قِيمَتَهُ وَيَسْتَوْفِيَانِهِ امِنْ خِدْمَتِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا إذْ لَمْ يَبْقَ فِيهِ بِمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا غَيْرُ الْخِدْمَةِ ثُمَّ إنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَعَتَقَ لَحَمَلَ الثُّلُثَ لَهُ فَإِنْ كَانَ اسْتَوْفَيَا مَا غَرِمَا فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ فَقَدْ ضَاعَ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ وَرَدَّهُ دَيْنٌ أَوْ حُمِلَ بَعْضُهُ كَانَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ وَمِنْ الْوَرَثَةِ بِمَا رَقَّ مِنْهُ يَسْتَوْفِيَانِ مِنْ ثَمَنِهِ مَا بَقِيَ لَهُمَا مِمَّا غَرِمَا وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِ ذَلِكَ يَكُونُ لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ فَإِنْ رَدَّهُ دَيْنٌ أَوْ حَمَلَ الثُّلُثُ بَعْضَهُ وَمَاتَ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ مِنْ ثَمَنِهِ أَخَذَا مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا فَإِنْ قُتِلَ أَخَذَا مِنْ قِيمَتِهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ (قَوْلُهُ كَانَ أَوْلَى) أَيْ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يَوْمَ أَنَّهُمَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ الْمُدَبَّرِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ عَلَيْهِمَا السَّيِّدُ بِقِيمَتِهِ عَلَى أَنَّهُ مُدَبَّرٌ وَلَا شَيْءَ لَهُمَا

ص: 214

(فَالْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْمُدَبَّرِ عَلَى غَرَرِهَا يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ الْآنَ وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَدْبِيرِهِ (وَاسْتَوْفَيَا) الْقِيمَةَ (مِنْ خِدْمَتِهِ) عَلَى مَا يَرَاهُ سَيِّدُهُ (فَإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ) بِأَنْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَإِنْ اسْتَوْفَيَا مَا غَرِمَاهُ مِنْ الْقِيمَةِ فَظَاهِرٌ وَإِنْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ (فَعَلَيْهِمَا) أَيْ يَضِيعُ عَلَيْهِمَا فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ أَوْ حَمَلَ بَعْضَهُ فَهُمَا أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ بِمَا رَقَّ مِنْهُ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَا مَا بَقِيَ لَهُمَا مِمَّا غَرِمَاهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (وَهُمَا أَوْلَى) بِمَا رَقَّ (إنْ رَدَّهُ) أَيْ التَّدْبِيرَ (دَيْنٌ أَوْ) رَدَّ (بَعْضَهُ كَالْجِنَايَةِ) تَشْبِيهٌ فِي الْأَوْلَوِيَّةِ أَيْ كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ مُدَبَّرًا أَوَّلًا عَلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنْ أَرْبَابِ الدُّيُونِ لِتَعَلُّقِ الْحَقِّ بِعَيْنِهِ كَالرَّهْنِ

(وَإِنْ)(كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِكِتَابَةٍ) أَيْ بِأَنَّهُ كَاتَبَ عَبْدَهُ وَحُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ (فَالْقِيمَةُ) أَيْ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ لَا الْكِتَابَةِ يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ عَاجِلًا وَتُعْتَبَرُ يَوْمَ الْحُكْمِ (وَاسْتَوْفَيَا) مَا غَرِمَاهُ (مِنْ نُجُومِهِ) فَإِنْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ فَعَلَيْهِمَا وَإِنْ زَادَ مِنْهَا شَيْءٌ عَلَى مَا غَرِمَا فَلِلسَّيِّدِ (وَإِنْ رَقَّ) لِعَجْزِهِ (فَمِنْ رَقَبَتِهِ) وَهُمَا أَوْلَى بِهَا مِنْ غَيْرِهِمْ

(وَإِنْ)(كَانَ) الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِإِيلَادٍ) لِأَمَتِهِ وَحُكِمَ بِهِ (فَالْقِيمَةُ) يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ الْآنَ مُعْتَبَرَةٌ يَوْمَ الْحُكْمِ بِأَنَّهَا أُمَّ وَلَدٍ (وَأَخَذَا) مَا غَرِمَاهُ (مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) إنْ جَنَى عَلَيْهَا أَحَدٌ (وَفِيمَا اسْتَفَادَتْهُ) مِنْ صَدَقَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلَانِ) فِي أَخْذِهِمَا مِنْهُ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَرْشِ وَعَدَمِهِ لِأَنَّهُ مُنْفَصِلٌ عَنْهَا وَهُوَ الرَّاجِحُ

(وَإِنْ)(كَانَ) الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِهَا) أَيْ أَنَّهُ نُجِزَ عِتْقُ أُمِّ وَلَدِهِ وَحُكِمَ بِهِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا فَوَّتَاهُ الِاسْتِمْتَاعَ وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ (أَوْ) كَانَ الرُّجُوعُ عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِعِتْقِ) أَيْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِ (مُكَاتَبٍ)(فَالْكِتَابَةُ) الَّتِي عَلَى الْمُكَاتَبِ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ يَغْرَمَانِهَا عَلَى نُجُومِهَا أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا بَعْدَ عِتْقِهِ الْمَحْكُومِ بِهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَلَا يَغْرَمَانِ قِيمَةَ الْكِتَابَةِ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ

(وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِبُنُوَّةٍ) بِأَنْ ادَّعَى شَخْصٌ أَنَّهُ ابْنُ فُلَانٍ وَفُلَانٌ يُنْكِرُ ذَلِكَ فَشَهِدَ لِلِابْنِ شَاهِدَانِ عَلَى إقْرَارِ الْأَبِ بِأَنَّهُ وَلَدِي أَوْ أَنَّهُ اسْتَلْحَقَهُ وَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ رَجَعَا (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِلْأَبِ لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا عَلَيْهِ مَالًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

كَمَا فِي الْمَوَّاقِ (قَوْلُهُ فَالْقِيمَةُ) أَيْ فَقِيمَةُ الْمُدَبَّرِ تُدْفَعُ لِلسَّيِّدِ حِينَ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى غَرَرِهَا الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِأَنَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ الْحُكْمِ بِتَدْبِيرِهِ لَا غَرَرَ فِيهَا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ الْآنَ) أَيْ فِي حِينِ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَرَاهُ سَيِّدُهُ) أَيْ تَقَاضَيَا عَلَى مَا يَرَاهُ السَّيِّدُ أَيْ مِنْ أَخْذِهِمَا قِيمَةَ الْخِدْمَةِ يَوْمًا فَيَوْمًا أَوْ جُمُعَةً فَجُمُعَةً أَوْ شَهْرًا فَشَهْرًا إلَخْ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَيَا مِنْ خِدْمَتِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ خِدْمَةٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمَا وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْهُ الثُّلُثُ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثُ شَيْئًا مِنْهُ كَمَا لَوْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُهُ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ وَهُمَا أَوْلَى إنْ رَدَّهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا دَفَعَا قِيمَتَهُ لِسَيِّدِهِ كَانَتْ الْقِيمَةُ كَحَقٍّ تَعَلَّقَ بِعَيْنِهِ وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَيَّ الدَّيْنِ الْمُتَعَلِّقِ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ رَدَّ بَعْضَهُ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ رُقْيَةَ الْبَعْضِ تَتَوَقَّفُ عَلَى دَيْنٍ كَرِقِّيَّةِ الْكُلِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ السَّيِّدَ إذَا مَاتَ وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا سِوَى الْمُدَبَّرِ عَتَقَ مِنْهُ الثُّلُثُ وَرُدَّ الثُّلُثَانِ (قَوْلُهُ أَيْ كَجِنَايَةِ الْعَبْدِ مُدَبَّرًا أَمْ لَا إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَبْدَ سَوَاءٌ كَانَ مُدَبَّرًا أَمْ لَا إذَا جَنَى عَلَى غَيْرِهِ وَمَاتَ سَيِّدُهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ ذَلِكَ الْجَانِيَ فَإِنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ أَوْلَى بِرَقَبَتِهِ مِنْ أَصْحَابِ الدُّيُونِ فَيُسْتَوْفَى أَرْشُ الْجِنَايَةِ مِنْ ثَمَنِهِ وَمَا فَضَلَ مِنْ ثَمَنِهِ بَعْدَ أَرْشِ الْجِنَايَةِ يُدْفَعُ لِأَرْبَابِ الدُّيُونِ

(قَوْلُهُ عَاجِلًا) أَيْ حِينَ رُجُوعِهِمَا عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ وَاسْتَوْفَيَا مِنْ نُجُومِهِ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا رَجَعَا قَبْلَ أَدَائِهَا وَأَمَّا لَوْ رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ وَخُرُوجِهِ حُرًّا فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي بْن أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِمَا بِبَاقِي الْقِيمَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُمَا عَلَى الْعَبْدِ بَعْدَ خُرُوجِهِ حُرًّا (قَوْلُهُ فَإِنْ بَقِيَ لَهُمَا شَيْءٌ) أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ الَّتِي غَرِمَاهَا زِيَادَةً عَلَى النُّجُومِ الَّتِي اسْتَوْفَيَاهَا (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِمَا) أَيْ فَقَدْ ضَاعَ ذَلِكَ الْبَاقِي عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا غَرِمَا أَيْ مِنْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ فَمِنْ رَقَبَتِهِ) أَيْ فَيَسْتَوْفِيَا الْقِيمَةَ الَّتِي غَرِمَاهَا مِنْ رَقَبَتِهِ بِأَنْ تُبَاعَ رَقَبَتُهُ وَيَسْتَوْفِيَانِ مِنْ ثَمَنِهَا مَا غَرِمَاهُ وَمَا زَادَ مِنْ الثَّمَنِ يُرَدُّ لِلسَّيِّدِ فَإِنْ عَجَزَ عَنْ النُّجُومِ وَلَمْ يَرِقَّ بَلْ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ فَاتَ عَلَيْهِمَا مَا غَرِمَاهُ مِنْ قِيمَتِهِ

(قَوْلُهُ يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ الْآنَ) أَيْ حِينَ الرُّجُوعِ فَالْقِيمَةُ الْمُعْتَبَرَةُ يَوْمَ الْحُكْمِ يَغْرَمَانِهَا يَوْمَ الرُّجُوعِ (قَوْلُهُ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا) أَيْ فِي طَرَفٍ أَوْ نَفْسٍ وَقَوْلُهُ عَلَيْهَا أَيْ لَا عَلَى وَلَدِهَا مِنْ غَيْرِ سَيِّدِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَفِيمَا اسْتَفَادَتْهُ قَوْلَانِ) أَيْ وَأَمَّا مَا اسْتَفَادَهُ وَلَدُهَا مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلَا يَأْخُذَانِ مِنْهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ) أَيْ كَهِبَةٍ أَوْ اكْتَسَبَتْهُ بِعَمَلٍ كَمَا فِي تت

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا فَوَّتَاهُ الِاسْتِمْتَاعَ) أَيْ كَمَا لَوْ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِطَلَاقِ مَدْخُولٍ بِهَا وَحَكَمَ بِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ وَطْءُ هَذِهِ الْأَمَةِ الْمَرْجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ بِعِتْقِهَا وَلَوْ بِالتَّزْوِيجِ إلَّا أَنْ يَبِتَّ عِتْقَهَا فَيَتَزَوَّجَهَا قَالَهُ عج وَالْمُرَادُ لَيْسَ لَهُ وَطْؤُهَا أَيْ بِالنَّظَرِ لِلظَّاهِرِ فَقَطْ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَإِلَّا جَازَ حَيْثُ عَلِمَ بِكَذِبِ الشُّهُودِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ابْنُ الْحَاجِبِ) أَيْ حَيْثُ قَالَ غَرِمَا قِيمَةَ كِتَابَتِهِ وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِيُوهِمُهُ لِإِمْكَانِ الْجَوَابِ عَنْ ابْنِ الْحَاجِبِ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ فِي قَوْلِهِ قِيمَةُ كِتَابَتِهِ بَيَانِيَّةٌ

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَجَعَا) أَيْ عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَقَالَا إنَّهُ لَيْسَ وَلَدًا لَهُ (قَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا) يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ تَكُنْ نَفَقَتُهُ وَاجِبَةً عَلَى الْأَبِ وَإِلَّا فَقَدْ أَلْزَمَاهُ

ص: 215

(إلَّا بَعْدَ) مَوْتِ الْأَبِ وَ (أُخِذَ الْمَالُ) مِنْ تَرِكَتِهِ (بِإِرْثٍ) فَيَغْرَمَانِ مَا أَخَذَهُ لِمَنْ حَجَبَهُ مِنْهُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (عَبْدًا) لَهُ فَحُكِمَ بِحُرِّيَّتِهِ وَثُبُوتِ نَسَبِهِ عَمَلًا بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ (فَقِيمَتُهُ) يَغْرَمَانِهَا لِلسَّيِّدِ عِنْدَ رُجُوعِهِمَا لِتَفْوِيتِهِمَا بِشَهَادَتِهِمَا رِقِّيَّتِهِ عَلَيْهِ (أَوَّلًا) أَيْ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ

(ثُمَّ إنْ)(مَاتَ) الْأَبُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ بِبُنُوَّةِ مَنْ كَانَ رَقِيقُهُ (وَتَرَكَ) وَلَدًا (آخَرَ) غَيْرَ الْمَشْهُودِ بِبُنُوَّتِهِ (فَالْقِيمَةُ) الَّتِي أَخَذَهَا الْأَبُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً أَوْ كَانَتْ فِي ذِمَّتِهِمَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْبِضْهَا مِنْهُمَا قَبْلَ مَوْتِهِ (لِلْآخَرِ) أَيْ يَسْتَحِقُّهَا الِابْنُ الْآخَرُ الْمُحَقَّقُ نَسَبُهُ دُونَ الْمَشْهُودِ بِبُنُوَّتِهِ لِأَنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ نَسَبَهُ ثَابِتٌ وَأَنَّ أَبَاهُ ظَلَمَ الشُّهُودَ فِي أَخْذِهَا مِنْهُمْ ثُمَّ بَعْدَ أَخْذِهَا يَقْسِمَانِ مَا بَقِيَ مِنْ التَّرِكَةِ نِصْفَيْنِ (وَغَرِمَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ الرَّاجِعَانِ (لَهُ) أَيْ لِلْأَخِ الْآخَرِ الْمُحَقَّقِ نَسَبُهُ (نِصْفَ الْبَاقِي) بَعْدَ الْقِيمَةِ الَّتِي أَخَذَهَا أَيْ يَغْرَمَانِ لَهُ مِثْلَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مَنْ شُهِدَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَاهُ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ التَّرِكَةَ (وَإِنْ ظَهَرَ) عَلَيْهِ (دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ) التَّرِكَةَ وَكَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ (أُخِذَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ الْوَلَدَيْنِ (النِّصْفُ) الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ التَّرِكَةِ بِالْمِيرَاثِ فَإِنْ وَفَّى (وَ) إلَّا (كَمُلَ) وَفَاؤُهُ (بِالْقِيمَةِ) أَيْ الَّتِي اخْتَصَّ بِهَا ثَابِتُ النَّسَبِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً لِأَنَّ كَوْنَهَا مِيرَاثًا غَيْرُ مُحَقَّقٍ لِأَنَّ الْمَشْهُودَ لَهُ بِالْبُنُوَّةِ يَدَّعِي أَنَّهَا لَيْسَتْ لِأَبِيهِ (وَرَجَعَا) أَيْ الشَّاهِدَانِ (عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الثَّابِتِ النَّسَبِ (بِمَا) أَيْ بِمِثْلِ مَا (غَرِمَهُ الْعَبْدُ) الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ (لِلْغَرِيمِ) أَيْ رَبِّ الدَّيْنِ لِأَنَّهُمَا يَقُولَانِ لَهُ إنَّمَا غَرِمْنَا لَك النِّصْفَ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ لِكَوْنِنَا فَوَّتْنَاهُ عَلَيْك بِشَهَادَتِنَا فَلَمَّا تَبَيَّنَ الدَّيْنُ الْمُسْتَغْرِقُ ظَهَرَ أَنَّك لَا تَسْتَحِقُّ مِنْ مَالِ أَبِيك شَيْئًا لِتَقَدُّمِ الدَّيْنِ عَلَى الْإِرْثِ فَلَمْ نُفَوِّتْ عَلَيْك شَيْئًا فَأَعْطِنَا مَا أَخَذْته مِنَّا

(وَإِنْ كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِرِقٍّ لِحُرٍّ) أَيْ أَنَّهُمَا شَهِدَا عَلَى حُرٍّ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ أَنَّهُ رَقِيقٌ لِفُلَانٍ الْمُدَّعِي أَنَّهُ رَقِيقُهُ وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَدَّعِي الْحُرِّيَّةَ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّهِ بِمُقْتَضَى الشَّهَادَةِ ثُمَّ رَجَعَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

نَفَقَتَهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَيَغْرَمَانِهَا لَهُ قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَالَ ح إنَّهُ الظَّاهِرُ وَلَمْ أَقِفْ فِيهِ عَلَى نَصٍّ اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ) أَيْ إلَّا إذَا مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَالَهُ بِإِرْثٍ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَغْرَمَانِ لِوَارِثِ الْأَبِ الْمَحْجُوبِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ قَدْرَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ الْمَالِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ إلَّا بَعْدَ إلَخْ اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَا غُرْمَ أَيْ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَحَدٍ مِنْ النَّاسِ لَا لِلْأَبِ وَلَا لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ الْأَبُ وَيَأْخُذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَالَهُ فَإِنَّهُمَا حِينَئِذٍ يَغْرَمَانِ لِلْوَارِثِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا إلَخْ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ بِإِرْثٍ أَيْ فَيَغْرَمَانِ لِلْوَارِثِ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا غَيْرَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَأَخْذِ الْمَالِ) أَيْ أَخَذَ مَنْ شَهِدَ بِبُنُوَّتِهِ الْمَالَ وَهُوَ تَرِكَةُ أَبِيهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِإِرْثٍ عَنْ أَخْذِهِ لَهُ بِغَيْرِهِ كَدَيْنٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ فَيَغْرَمَانِ مَا أَخَذَهُ) أَيْ فَيَغْرَمَانِ قَدْرَ مَا أَخَذَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ مَا لَهُ مِنْ الْمَالِ (قَوْلُهُ لِمَنْ حَجَبَهُ مِنْهُ) أَيْ لِمَنْ حَجَبَهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ عَاصِبٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ لَمْ يَكُنْ عُصْبَةً (قَوْلُهُ وَاعْتَرَفَا بِالزُّورِ) أَيْ وَأَنَّهُ رَقِيقٌ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِالْأُبُوَّةِ (قَوْلُهُ أَيْ قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ) أَيْ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَالَ بِالْإِرْثِ فَإِذَا مَاتَ الْأَبُ وَأَخَذَ الْوَلَدُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ الْمَالَ بِالْإِرْثِ غَرِمَا ثَانِيًا الْمَالَ الْمَأْخُوذَ لِلْوَارِثِ الْمَحْجُوبِ بِذَلِكَ الْوَلَدِ مِنْ عَاصِبٍ أَوْ بَيْتِ الْمَالِ فَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوَّلًا إشَارَةً إلَى أَنَّ هُنَاكَ مَرْتَبَةٌ ثَانِيًا

(قَوْلُهُ وَتَرَكَ وَلَدًا آخَرَ) أَيْ ثَابِتَ النَّسَبِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً) أَيْ إنْ كَانَتْ بَاقِيَةً عِنْدَهُ حَتَّى مَاتَ (قَوْلُهُ يَقْتَسِمَانِ) أَيْ الِابْنَانِ (قَوْلُهُ وَإِنْ ظَهَرَ دَيْنٌ) أَيْ بَعْدَ قَسْمِ الْوَلَدَيْنِ لِلتَّرِكَةِ وَتَغْرِيمٍ ثَابِتِ النَّسَبِ لِلشَّاهِدَيْنِ مِثْلُ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ مَنْ شَهِدَا لَهُ بِالْبُنُوَّةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا غَيْرُ مُسْتَغْرِقٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي ظَهَرَ غَيْرَ مُسْتَغْرِقٍ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ أَيْضًا نِصْفُ الدَّيْنِ وَرَجَعَ الشَّاهِدَانِ عَلَى ثَابِتِ النَّسَبِ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ الْمَشْهُودُ بِبُنُوَّتِهِ لِلْغَرِيمِ وَإِنَّمَا أَتَى الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ مُسْتَغْرِقٌ مَعَ اسْتِوَاءِ الْمُسْتَغْرِقِ وَغَيْرِهِ فِي الْحُكْمِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ وَكَمُلَ بِالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُتَأَخِّرَةً) أَيْ فِي الْأَخْذِ فِي الدَّيْنِ (قَوْلُهُ بِمِثْلِ مَا غَرِمَهُ الْعَبْدُ) أَيْ وَهُوَ النِّصْفُ الَّذِي وَرِثَهُ (قَوْلُهُ إنَّمَا غَرِمْنَا لَك النِّصْفَ) أَيْ مِثْلَ النِّصْفِ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ

(قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِرِقٍّ لِحُرٍّ) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ لِحُرٍّ مُتَعَلِّقًا بِمَحْذُوفٍ صِفَةً لِرِقٍّ بِمَعْنَى رُقْيَةٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا بِرِقِّيَّةٍ كَائِنَةٍ لِحُرٍّ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ قَبْلَ شَهَادَتِهِمَا وَيَحْتَمِلُ أَنَّ اللَّامَ بِمَعْنَى عَلَى أَيْ وَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا عَلَى حُرٍّ بِأَنَّهُ رِقٌّ لِفُلَانٍ وَحَكَمَ الْقَاضِي بِرِقِّيَّتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِمَنْ شَهِدَا عَلَيْهِ بِالرِّقِّ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَتَخَرَّجُ عَلَى مَا مَرَّ فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّ مَنْ بَاعَ حُرًّا وَتَعَذَّرَ رُجُوعُهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ أَنْ يَكُونَ عَلَى الرَّاجِعِينَ هُنَا دِيَتَهُ اهـ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَهُوَ تَخْرِيجٌ ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْقَوْلَ أَضْعَفُ مِنْ الْفِعْلِ وَلِأَنَّهُ انْضَمَّ إلَى الْقَوْلِ هُنَا دَعْوَى الْمُدَّعِي وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ قَالَا إنَّمَا لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِمَا الدِّيَةُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَسْتَقِلَّا فِي التَّسَبُّبِ فِي الرِّقِّيَّةِ بَلْ الْمُدَّعِي مَعَهُمَا اهـ بْن وَمَحَلُّ عَدَمِ غُرْمِ الرَّاجِعِينَ عَنْ الشَّهَادَةِ

ص: 216

لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ وَلَا قِيمَةَ لَهَا (إلَّا لِكُلِّ مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٍ اُنْتُزِعَ) أَيْ إلَّا إذَا اُسْتُخْدِمَ الْعَبْدُ أَيْ اسْتَخْدَمَهُ سَيِّدُهُ أَوْ انْتَزَعَ مِنْهُ مَالًا فَإِنَّهُمَا يَغْرَمَانِ لَهُ نَظِيرَ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَبْدَ يَمْلِكُ (وَلَا يَأْخُذُهُ) مِنْهُ سَيِّدُهُ (الْمَشْهُودُ لَهُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ ذَلِكَ الْمَالَ الَّذِي أَخَذَهُ الْعَبْدُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ فِي نَظِيرِ الِاسْتِعْمَالِ أَوْ الِانْتِزَاعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْهُمَا عِوَضًا عَمَّا أَخَذَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ وَالسَّيِّدُ يَعْتَقِدُ حُرْمَتَهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ ظَلَمَهُمَا (وَ) لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ وَتَرَكَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمَا (وَرِثَ عَنْهُ) أَيْ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ فَبَيْتُ الْمَالِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْعَبْدِ (عَطِيَّتُهُ) هِبَةً وَصَدَقَةً وَنَحْوَهُمَا (لَا تَزَوُّجٌ) أَيْ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ

(وَإِنْ)(كَانَ) رُجُوعُهُمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا (بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو) بِالسَّوِيَّةِ وَحُكِمَ بِذَلِكَ (ثُمَّ قَالَا) فِي رُجُوعِهِمَا هِيَ كُلُّهَا (لِزَيْدٍ) فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ وَلَوْ كَانَ زَيْدٌ أَوَّلًا يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا وَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ مِنْ يَدِ عَمْرٍو (غَرِمَا) لِلْمَدِينِ (خَمْسِينَ) عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو فَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ (لِعَمْرٍو) لِلتَّعْلِيلِ لَا صِلَةَ غَرِمَا أَيْ يَغْرَمَانِ خَمْسِينَ لِلْمَدِينِ لِأَجْلِ عَمْرٍو أَيْ لِأَجْلِ رُجُوعِهِمَا عَنْ شَهَادَتِهِمَا لِعَمْرٍو أَيْ بَدَلًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو وَفِيهِ تَكَلُّفٌ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ وَفِي نُسْخَةٍ لِلْغَرِيمِ أَيْ الْمَدِينِ الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو وَهِيَ أَحْسَنُ وَقَوْلُهُ (فَقَطْ) رَاجِعٌ لِخَمْسِينَ (وَإِنْ)(رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ فَقَطْ (غَرِمَ) الرَّاجِعُ عَنْ شَهَادَتِهِ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ (نِصْفَ الْحَقِّ) وَهَذَا عَامٌّ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ الرُّجُوعِ لَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَاخْتَلَفَ إذَا ثَبَتَ الْحَقُّ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ ثُمَّ رَجَعَ الشَّاهِدُ هَلْ يَغْرَمُ جَمِيعَ الْحَقِّ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَوْ يَغْرَمُ نِصْفَهُ (كَرَجُلٍ) شَهِدَ (مَعَ نِسَاءٍ) ثُمَّ رَجَعَ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعْنَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالرِّقِّيَّةِ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَشْهُودِ بِرِقِّيَّتِهِ أَوْلَادٌ صِغَارٌ أَحْرَارٌ وَإِلَّا رَجَعُوا عَلَيْهِمَا بِالنَّفَقَةِ الَّتِي فَوَّتَاهَا عَلَيْهِمْ بِشَهَادَتِهِمَا الَّتِي رَجَعَا عَنْهَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُمَا فَوَّتَا عَلَيْهِ الْحُرِّيَّةَ) أَيْ الَّتِي يَدَّعِيهَا وَيَنْبَغِي سَرَيَانُ الرِّقِّيَّةِ عَلَى أَوْلَادِهِ مِنْ أَمَتِهِ وَأَنْ يَجْرِيَ فِيهِمْ أَيْضًا قَوْلُهُ إلَّا مَا اُسْتُعْمِلَ وَمَالٌ اُنْتُزِعَ (قَوْلُهُ نَظِيرَ ذَلِكَ) أَيْ نَظِيرَ الِاسْتِخْدَامِ وَنَظِيرَ الْمَالِ الْمُنْتَزَعِ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِنَظِيرِ الِاسْتِخْدَامِ قِيمَتُهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَهُ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْهُ السَّيِّدُ لَغَرِمَ لَهُ الشُّهُودُ عِوَضَهُ فَيَأْخُذُهُ السَّيِّدُ أَيْضًا وَيَتَسَلْسَلُ اهـ بْن (قَوْلُهُ وَأَنَّ الْعَبْدَ ظَلَمَهُمَا) أَيْ فِي رُجُوعِهِ عَلَيْهِمَا لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ عَبْدٌ وَأَنَّ رُجُوعَهُمَا عَنْ الشَّهَادَةِ بِالرِّقِّيَّةِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ وَتُرِكَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُمَا) أَيْ وَتُرِكَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عِوَضًا عَنْ عَمَلِهِ أَوْ عَمَّا انْتَزَعَهُ السَّيِّدُ مِنْهُ (قَوْلُهُ أَيْ يَرِثُهُ عَنْهُ مَنْ يَرِثُهُ لَوْ كَانَ حُرًّا) أَيْ يَرِثُهُ عَنْ الشَّخْصِ الْحُرِّ الَّذِي يَرِثُ ذَلِكَ الْعَبْدَ أَنْ لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ حُرًّا وَلَا يَأْخُذُهُ السَّيِّدُ لِأَنَّ الْمَيِّتَ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ الْحُرِّيَّةِ وَالسَّيِّدُ مُعْتَقِدٌ أَنَّهُ رَقِيقٌ وَأَنَّهُ ظَلَمَهُمَا فِي أَخْذِهِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ عَيْبٌ يُنْقِصُ رَقَبَتَهُ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِذَلِكَ الْمَالِ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ وَانْظُرْ هَلْ لِلسَّيِّدِ بَيْعُ ذَلِكَ الْعَبْدِ عَمَلًا بِالْمِلْكِيَّةِ أَمْ لَا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ وَطْؤُهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً إنْ عَلِمَ صِدْقَ شَهَادَتِهِمَا بِالرِّقِّ فَإِنْ عَلِمَ عَدَمَهَا حَرُمَ وَكَذَا إنْ شَكَّ احْتِيَاطًا

(قَوْلُهُ بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو بِالسَّوِيَّةِ) أَيْ عَلَى بَكْرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَلَا يُعْتَبَرُ رُجُوعُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ وَلَا يُنْقَضُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَيْسَ لِزَيْدٍ مِنْهَا إلَّا خَمْسُونَ وَالْخَمْسُونَ الْأُخْرَى لِعَمْرٍو (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ زَيْدًا أَوَّلًا يَدَّعِي الْمِائَةَ بِتَمَامِهَا) أَيْ لِأَنَّهُمَا لَمَّا رَجَعَا فَسَقَا فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمَا لَهُ بِالْمِائَةِ (قَوْلُهُ وَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ) أَيْ لَوْ كَانَا اقْتَسَمَا الْمِائَةَ بَعْدَ الْحُكْمِ لَهُمَا بِهَا وَقَبْلَ الرُّجُوعِ ثُمَّ رَجَعَ الشُّهُودُ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا تُنْزَعُ الْخَمْسُونَ مِنْ يَدِ عَمْرٍو لِأَنَّ رُجُوعَهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ عِوَضًا عَنْ الَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو) أَيْ لِإِتْلَافِهِمَا تِلْكَ الْخَمْسِينَ عَلَى الْغَرِيمِ بِشَهَادَتِهِمَا (قَوْلُهُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ دَعْوَى الْخَطَأِ) أَيْ مِنْ دَعْوَى ابْنِ غَازِيٍّ الْخَطَأَ وَأَنَّ الصَّوَابَ لِلْغَرِيمِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا) أَيْ عَنْ جَمِيعِ الْحَقِّ وَأَمَّا رُجُوعُ أَحَدِهِمَا عَنْ بَعْضِ الْحَقِّ فَسَيَأْتِي وَحَاصِلُهُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ إذَا شَهِدَا عَلَى شَخْصٍ بِحَقٍّ فَحَكَمَ الْقَاضِي بِهِ عَلَيْهِ لِمُدَّعِيهِ ثُمَّ رَجَعَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ الشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَا يُنْقَضُ الْحُكْمُ وَيَغْرَمُ الْمَحْكُومُ عَلَيْهِ الْحَقَّ لِصَاحِبِهِ ثُمَّ يَرْجِعُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الشَّاهِدِ الرَّاجِعِ بِنِصْفِ ذَلِكَ الْحَقِّ الَّذِي غَرِمَهُ (قَوْلُهُ لَا خَاصٌّ بِمَسْأَلَةِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو) أَيْ السَّابِقَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَفِيهَا يَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْمَدِينِ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَخَذَهَا زَيْدٌ ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ كُلٍّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ وَاَلَّتِي أَخَذَهَا عَمْرٌو ثَابِتَةٌ بِشَهَادَةِ غَيْرِ الرَّاجِعِ وَالرَّاجِعُ شَهِدَ بِهَا أَوَّلًا ثُمَّ رَجَعَ فَيَغْرَمُ نِصْفَهَا لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ الَّتِي رَجَعَ عَنْهَا ذَلِكَ النِّصْفَ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مَبْنِيًّا عَلَيَّ ضَعِيفٍ وَهُوَ أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ اسْتِظْهَارٌ أَيْ مُقَوِّيَةٌ لِلشَّاهِدِ فَقَطْ وَالْحَقُّ ثَبَتَ بِالشَّاهِدِ (قَوْلُهُ أَوْ يَغْرَمُ نِصْفَهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ مُكَمِّلَةٌ لِنِصَابِ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ نِصْفَ الْحَقِّ) أَيْ سَوَاءٌ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ بَعْضِ النِّسَاءِ حَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ بِلَا رُجُوعٍ وَلَا يَلْزَمُ أَحَدًا مِمَّنْ رَجَعَ مَعَهُ مِنْ النِّسَاءِ شَيْءٌ

ص: 217

وَإِنْ كَثُرْنَ غَرِمْنَ نِصْفَهُ لِأَنَّهُنَّ كَرَجُلٍ وَاحِدٍ فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ فَلَا غُرْمَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ فَإِنْ رَجَعَتْ إحْدَاهُمَا فَعَلَيْهَا مَعَ مَنْ رَجَعْنَ قَبْلَهَا وَإِنْ كَثُرْنَ رُبْعُ الْحَقِّ (وَهُوَ) أَيْ الرَّجُلُ (مَعَهُنَّ فِي) شَهَادَةِ (الرَّضَاعِ) بَيْنَ زَوْجَيْنِ فَحُكِمَ بِالْفِرَاقِ بَيْنَهُمَا ثُمَّ رَجَعَ الْجَمِيعُ (كَاثْنَتَيْنِ) فَعَلَيْهِ مِثْلُ غَرَامَةِ اثْنَتَيْنِ وَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ فِي الرَّضَاعِ وَمَا شَابَهَهُ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ الْمَرْأَتَانِ كَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَمْوَالِ فَإِنَّهُ مَعَهُنَّ كَامْرَأَتَيْنِ فَإِذَا شَهِدَ رَجُلٌ وَمِائَةُ امْرَأَةٍ بِمَالٍ وَرَجَعَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ رَجَعَ مَعَهُ مَا عَدَا امْرَأَتَيْنِ فَعَلَيْهِ النِّصْفُ وَلَا شَيْءَ عَلَى الرَّاجِعَاتِ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَمْوَالِ فَإِذَا رَجَعَتْ الْبَاقِيَتَانِ كَانَ عَلَى جَمِيعِهِنَّ النِّصْفُ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَأَمَّا فِي الرَّضَاعِ وَنَحْوِهِ فَكَامْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِذَا شَهِدَ بِرَضَاعٍ مَعَ مِائَةِ امْرَأَةٍ وَرَجَعَ مَعَ ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ فَلَا غُرْمَ لِأَنَّهُ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّضَاعِ وَيَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ وَبِامْرَأَتَيْنِ فَإِنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَاتِ فَإِنْ رَجَعَتْ الْبَاقِيَةُ كَانَ الْغُرْمُ لِجَمِيعِ الْحَقِّ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِنَّ وَهُوَ كَامْرَأَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ يُتَصَوَّرُ الْغُرْمُ فِي الرَّضَاعِ عَلَى شَاهِدَيْ الرُّجُوعِ إذْ الشَّهَادَةُ إنْ كَانَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَالْفَسْخُ بِلَا مَهْرٍ وَإِنْ كَانَتْ بَعْدَهُ فَالْمَهْرُ لِلْوَطْءِ وَإِنَّمَا فَوَّتَا بِشَهَادَتِهِمَا الْعِصْمَةَ وَهِيَ لَا قِيمَةَ لَهَا قُلْنَا يُتَصَوَّرُ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْحَيِّ مِنْهُمَا مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْإِرْثِ وَيَغْرَمُ لِلْمَرْأَةِ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ مَا فَوَّتَهُ لَهَا مِنْ الصَّدَاقِ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ

(وَ) إنْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْحُكْمِ (عَنْ بَعْضِهِ) أَيْ بَعْضِ مَا شَهِدَ بِهِ (غَرِمَ نِصْفَ) ذَلِكَ (الْبَعْضِ) فَإِنْ رَجَعَ عَنْ نِصْفِ مَا شَهِدَ بِهِ غَرِمَ رُبْعَ الْحَقِّ وَإِنْ رَجَعَ عَنْ ثُلُثِهِ غَرِمَ سُدُسَ الْحَقِّ وَهَكَذَا (وَإِنْ رَجَعَ) بَعْدَ الْحُكْمِ (مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ) كَوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةٍ (فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِ لِاسْتِقْلَالِ الْحُكْمِ بِالْبَاقِينَ (فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ) أَيْضًا مُرَتَّبًا أَوْ دُفْعَةً (فَالْجَمِيعُ) أَيْ جَمِيعُ الرَّاجِعِينَ يَغْرَمُونَ مَا رَجَعُوا عَنْهُ فَإِنْ رَجَعَ مَا عَدَا وَاحِدًا فَالنِّصْفُ عَلَى الْجَمِيعِ سَوِيَّةً فَإِنْ رَجَعَ الْأَخِيرُ فَالْحَقُّ عَلَى الْجَمِيعِ

ثُمَّ ذَكَرَ مَسْأَلَةً تَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ غَرِيمِ الْغَرِيمِ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

حَيْثُ بَقِيَ مِنْهُنَّ اثْنَتَانِ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَثُرْنَ) مُبَالَغَةٌ فِيمَا بَعْدَهُ أَيْ وَإِنْ رَجَعْنَ كُلُّهُنَّ غَرِمْنَ نِصْفَهُ وَإِنْ كَثُرْنَ (قَوْلُهُ فَعَلَيْهَا مَعَ مَنْ رَجَعْنَ قَبْلَهَا وَإِنْ كَثُرْنَ رُبْعُ الْحَقِّ) فَإِنْ رَجَعَتْ الْأُخْرَى كَانَ عَلَى الْجَمِيعِ النِّصْفُ يُقَسَّمُ عَلَى رُءُوسِهِنَّ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَتْ الْأُخْرَى كَانَ عَلَيْهَا الرُّبْعُ الْبَاقِي (قَوْلُهُ وَهَذَا ضَعِيفٌ) بَلْ أَنْكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ لَا أَعْرِفُ وُجُودَهُ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا سَرَى لِابْنِ شَاسٍ مِنْ وَجِيزِ الْغَزَالِيِّ الَّذِي شَاكَلَهُ بِالْجَوَاهِرِ وَتَابَعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ عَلَى ذَلِكَ وَقَبِلَهُ ابْنُ رَاشِدٍ الْقَفْصِيُّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الرَّجُلُ (قَوْلُهُ وَمَا شَابَهَهُ) أَيْ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ وَقَوْلُهُ كَامْرَأَةٍ أَيْ فِي الْغُرْمِ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَنْ الشَّهَادَةِ (قَوْلُهُ إذْ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ فِي الْأَمْوَالِ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لِلرِّجَالِ فِي الْغُرْمِ فِي شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ (قَوْلُهُ فَإِذَا رَجَعَتْ الْبَاقِيَتَانِ إلَخْ) وَأَمَّا إنْ رَجَعَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْبَاقِيَتَيْنِ كَانَ رُبْعُ الْغُرْمِ عَلَيْهَا وَعَلَى بَقِيَّةِ النِّسَاءِ الرَّاجِعَاتِ قَبْلَهَا وَالنِّصْفُ عَلَى الرَّجُلِ الرَّاجِعِ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِمَّا يُقْبَلُ فِيهِ الْمَرْأَتَانِ كَالْوِلَادَةِ وَالِاسْتِهْلَالِ (قَوْلُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَتَى بِهَذَا دَلِيلًا لِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ كَانَ نِصْفُ الْغَرَامَةِ عَلَيْهِ وَعَلَى الرَّاجِعَاتِ) أَيْ وَيُجْعَلُ كَامْرَأَةٍ فِي الْغُرْمِ لَا كَامْرَأَتَيْنِ (قَوْلُهُ وَهُوَ كَامْرَأَةٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ خِلَافًا لَلْمُصَنِّفِ حَيْثُ جَعَلَهُ كَامْرَأَتَيْنِ وَقَدْ بَانَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ النِّسَاءَ تُضَمُّ لِلرِّجَالِ فِي الْغُرْمِ فِي شَهَادَةِ الرَّضَاعِ فِي حَالَتَيْنِ رُجُوعُهُ مَعَ بَعْضِ مَنْ يَسْتَقِلُّ بِهِ الْحُكْمُ وَمَعَهُنَّ كُلِّهِنَّ بِخِلَافِ شَهَادَةِ الْأَمْوَالِ فَلَا تُضَمُّ النِّسَاءُ لَهُ فِي الْغُرْمِ فِي حَالَةٍ مِنْ الْحَالَاتِ (قَوْلُهُ إذْ الشَّهَادَةُ) أَيْ بِالرَّضَاعِ وَقَوْلُهُ فَالْفَسْخُ بِلَا مَهْرٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ إذَا رَجَعَا عَنْ الشَّهَادَةِ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يُفَوِّتَا بِشَهَادَتِهِمَا مَالًا لَا يُقَالُ إنَّهُ سَبَقَ فِي النِّكَاحِ أَنَّ الْفَسْخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ لَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا فِي نِكَاحِ الدِّرْهَمَيْنِ وَفُرْقَةِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ وَالْمُتَرَاضَعِينَ فَإِنَّ فِيهِ نِصْفَ الْمُسَمَّى لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ فِيمَا إذَا ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَهِيَ تُنْكِرُهُ وَلَا بَيِّنَةَ أَمَّا لَوْ كَانَ هُنَاكَ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِهِ كَمَا هُنَا فَالْفَسْخُ مِنْ غَيْرِ لُزُومِ شَيْءٍ أَصْلًا (قَوْلُهُ قُلْنَا يُتَصَوَّرُ) أَيْ غُرْمُ شُهُودِ الرَّضَاعِ بِالرُّجُوعِ إلَخْ (قَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتٍ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا شَهِدَا بِالرَّضَاعِ بَعْدَ مَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ فَحُكِمَ بِهِ ثُمَّ حَصَلَ الرُّجُوعُ فَيَغْرَمُ إلَخْ (قَوْلُهُ إنْ كَانَتْ الشَّهَادَةُ) أَيْ بِالرَّضَاعِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَيْ وَبَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجِ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ وَمَاتَ الزَّوْجُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَشَهِدَ بِرَضَاعِ الزَّوْجَيْنِ ثُمَّ حَصَلَ رُجُوعٌ مِنْ الشُّهُودِ أَوْ مِنْ بَعْضِهِمْ فَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلْمَرْأَةِ مَا فَوَّتَهَا مِنْ الْمِيرَاثِ وَالصَّدَاقِ وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ الزَّوْجَةَ يَغْرَمُ الرَّاجِعُ لِلزَّوْجِ مَا فَوَّتَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ

(قَوْلُهُ غَرِمَ) أَيْ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ نِصْفُ ذَلِكَ الْبَعْضِ أَيْ الَّذِي رَجَعَ عَنْ الشَّهَادَةِ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَكَذَا) أَيْ فَإِذَا رَجَعَ عَنْ رُبْعِ مَا شَهِدَ بِهِ غَرِمَ ثَمَنَ الْحَقِّ (قَوْلُهُ فَإِذَا رَجَعَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ كَالرُّجُوعِ ثَلَاثَةً مِنْ أَرْبَعَةٍ أَوْ اثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ (قَوْلُهُ أَيْ جَمِيعُ الرَّاجِعِينَ) أَيْ مَنْ يَسْتَقِلُّ الْحُكْمُ بِعَدَمِهِ وَغَيْرِهِ قَوْلُهُ فَالنِّصْفُ عَلَى الْجَمِيعِ أَيْ جَمِيعِ الرَّاجِعِينَ

(قَوْلُهُ تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ غَيْرِهِ وَتُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ

ص: 218

(وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ) بِالْحَقِّ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ وَرَجَعَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَقَبْلَ دَفْعِ الْحَقِّ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ (مُطَالَبَتُهُمَا) أَيْ الشَّاهِدَيْنِ الرَّاجِعَيْنِ (بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ) بِأَنْ يَقُولَ لَهُمَا ادْفَعَا لِلْمَقْضِيِّ لَهُ مَا لَزِمَكُمَا بِسَبَبِ رُجُوعِكُمَا لَهُ (وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ مُطَالَبَتُهُمَا بِالدَّفْعِ (إذَا تَعَذَّرَ) الْأَخْذُ مِنْ الْمَقْضِيِّ (عَلَيْهِ) لِمَوْتِهِ أَوْ فَلَسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُمَا وَإِنَّمَا يُطَالَبُ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مَسَائِلِ رُجُوعِ الشَّاهِدَيْنِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ فَقَالَ (وَإِنْ)(أَمْكَنَ جَمْعٌ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ) الْمُتَعَارِضَتَيْنِ (جُمِعَ) أَيْ وَجَبَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مِثَالُهُ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَسْلَمْت إلَيْك هَذَا الثَّوْبَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً فَيُقْضَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ فِي مِائَتَيْنِ كَذَا ذَكَرُوهُ وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ لَوْ ادَّعَى الْمُسْلِمُ الْمِائَتَيْنِ وَإِلَّا فَكَيْفَ يُقْضَى لَهُ بِمَا لَمْ يَدَّعِهِ (وَإِلَّا) يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا (رُجِّحَ) أَيْ وَجَبَ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يُرَجِّحَ بَيْنَهُمَا (بِسَبَبِ مِلْكٍ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ دَاخِلَةٌ عَلَى مُضَافٍ مُقَدَّرٍ أَيْ يُرَجَّحُ بِسَبَبِ ذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ لَكِنْ إحْدَاهُمَا ذَكَرَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ (كَنَسْجٍ وَنِتَاجٍ) بِأَنْ قَالَتْ إحْدَاهُمَا نَشْهَدُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِزَيْدٍ وَقَالَتْ الْأُخْرَى نَشْهَدُ أَنَّهُ مِلْكٌ لِعَمْرٍو نَسَجَهُ أَوْ نَتَجَ عِنْدَهُ أَوْ اصْطَادَهُ فَإِنَّهَا تُقَدَّمُ عَلَى مَنْ أَطْلَقَتْ لِأَنَّهَا زَادَتْ بَيَانَ سَبَبِ الْمِلْكِ مِنْ نَسْجٍ أَوْ نَتْجٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِهِ بِسَبَبِ مِلْكٍ قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ تَشْهَدَ بَيِّنَةٌ (بِمِلْكٍ مِنْ الْمَقَاسِمِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَاعْلَمْ أَنَّ جَعْلَ مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ هَذِهِ مِنْ بَابِ " غَرِيمُ الْغَرِيمِ غَرِيمٌ " إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنَّظَرِ لِعَجْزِهَا وَهُوَ قَوْلُهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ ذَلِكَ إلَخْ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَلِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ مُطَالَبَتُهُمَا بِالدَّفْعِ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ) فَإِذَا شَهِدَا بِمِائَةٍ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو وَحُكِمَ بِذَلِكَ ثُمَّ رَجَعَا فَلِعَمْرٍو مُطَالَبَتُهُمَا بِدَفْعِ الْمِائَةِ لِزَيْدٍ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ حَيْثُ قَالُوا لَا يُؤْمَرُ الشَّاهِدَانِ بِالدَّفْعِ حَتَّى يُؤَدِّيَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ وَفِي هَذَا تَعْرِيضٌ لِبَيْعِ دَارِهِ وَإِتْلَافِ مَالِهِ (قَوْلُهُ وَلِلْمَقْضِيِّ لَهُ إلَخْ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْمَوَّازِ الْقَائِلِ لَا يَلْزَمُ الشَّاهِدَيْنِ غُرْمٌ لِلْمَقْضِيِّ لَهُ إذَا طَالَبَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْمَقْضِيَّ عَلَيْهِ لَوْ حَضَرَ مِنْ غَيْبَتِهِ لَأَقَرَّ بِالْحَقِّ فَلَا يَغْرَمَانِ كَذَا وُجِّهَ بِهِ كَلَامُ الْمَوَّازِيَّةِ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ مَعَ جَعْلِ التَّعَذُّرِ شَامِلًا لَهُمَا وَنَصُّ الْمَوَّازِيَّةِ إذَا حُكِمَ بِشَهَادَتِهِمَا ثُمَّ رَجَعَا فَهَرَبَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَطَلَبَ الْمَقْضِيُّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا كَانَ يَغْرَمَانِ لِغَرِيمِهِ لَوْ غَرِمَ لَمْ يَلْزَمْهُمَا غُرْمٌ حَتَّى يَغْرَمَ الْمَقْضِيُّ عَلَيْهِ فَيَغْرَمَانِ لَهُ حِينَئِذٍ وَلَكِنْ يَنْفُذُ الْحُكْمُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاجِعِينَ بِالْغُرْمِ هَرَبَ أَوْ لَمْ يَهْرُبْ فَإِنْ غَرِمَ أَغْرَمْهُمَا (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَتَعَذَّرْ إلَخْ) قَدْ اُسْتُفِيدَ مِنْهُ أَنَّ غَرِيمَ الْغَرِيمِ إنَّمَا يَكُونُ غَرِيمًا إذَا تَعَذَّرَ الْأَخْذُ مِنْ الْغَرِيمِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ غَرِيمًا بِاتِّفَاقٍ

(قَوْلُهُ عَلَى تَعَارُضِ الْبَيِّنَتَيْنِ) هُوَ اشْتِمَالُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى مَا يُنَافِي الْأُخْرَى (قَوْلُهُ وَقَالَ الْآخَرُ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ وَقَوْلُهُ بَلْ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ أَيْ الْمُغَايِرَيْنِ لِلثَّوْبِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً) أَيْ شَهِدَتْ لَهُ بِغَيْرِ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْآخَرِ وَقَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالثَّلَاثَةِ الْأَثْوَابِ فِي مِائَتَيْنِ أَيْ وَيُحْمَلَانِ عَلَى أَنَّهُمَا سَلَمَانِ شَهِدَتْ كُلُّ بَيِّنَةٍ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ الْقَضَاءِ بِالْأَثْوَابِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ الْبَيِّنَتَانِ بِمَجْلِسَيْنِ أَوْ بِمَجْلِسٍ أَمَّا إذَا كَانَتَا بِمَجْلِسَيْنِ فَالْقَضَاءُ بِالثَّلَاثَةِ بِاتِّفَاقٍ وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ فَفِيهِ خِلَافٌ فَقَالَ ابْنُ عَبْدُوسٍ إذَا اتَّحَدَ الْمَجْلِسُ كَانَ ذَلِكَ تَكَاذُبًا وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ إنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَجْلِسَيْنِ وَالْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ لِأَنَّ كُلَّ بَيِّنَةٍ أَثْبَتَتْ حُكْمًا غَيْرَ مَا أَثْبَتَتْهُ صَاحِبَتُهَا وَلَا قَوْلَ لِمَنْ نَفَى مَا أَثْبَتَهُ غَيْرُهُ وَقَوْلُهُ وَأَقَامَ كُلٌّ بَيِّنَةً أَيْ فَلَوْ لَمْ يُقِيمَا بَيِّنَةً تَحَالَفَا وَتَفَاسَخَا.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا فَكَيْفَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ هَذَا أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحَالُ فَكَأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا ادَّعَاهُ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِمَا ادَّعَاهُ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ الْبَيِّنَتَيْنِ لَمَّا كَانَتَا مَعْمُولًا صَارَ الْمُسَلِّمُ كَأَنَّهُ ادَّعَى الْمِائَتَيْنِ وَشَهِدَ لَهُ بِهِمَا بَيِّنَةٌ وَبَيِّنَةُ الْمُسَلَّمِ إلَيْهِ وَصَارَ الْمُسَلَّمُ إلَيْهِ كَأَنَّهُ ادَّعَى الْأَثْوَابَ الثَّلَاثَةَ وَشَهِدَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَبَيِّنَةُ الْمُسَلِّمِ.

(قَوْلُهُ أَيْ يُرَجَّحَ بِسَبَبِ ذِكْرِ سَبَبِ الْمِلْكِ) هَذَا الْحَلُّ تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ ابْنَ غَازِيٍّ قَائِلًا بِنَحْوِ هَذَا فَسَّرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ وَحَلَّهُ بَهْرَامُ بِحَلٍّ آخَرَ فَقَالَ وَإِلَّا يُمْكِنَ الْجَمْعُ رُجِّحَتْ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِسَبَبِ كَوْنِ الْأُخْرَى ذَكَرَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ إحْدَاهُمَا بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَالْأُخْرَى بِالسَّبَبِ فَقَطْ قُدِّمَتْ الشَّاهِدَةُ بِالْمِلْكِ عَلَى الشَّاهِدَةِ بِالسَّبَبِ وَهَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ لِأَنَّهُ قَوْلُ أَشْهَبَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَوْنِ الْكَلَامِ فِي الْمُرَجَّحَاتِ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُ السَّبَبِ مُرَجَّحًا لَا أَنَّهُ مُضَعَّفٌ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَنَّهُ إذَا شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ فُلَانًا صَادَهَا أَوْ نَسَجَهَا أَوْ أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ وَشَهِدَتْ بَيِّنَةٌ أُخْرَى بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ أَيْ أَنَّهَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَلَمْ تَذْكُرْ سَبَبَ الْمِلْكِ فَقَالَ أَشْهَبُ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ فَقَدْ يُولَدُ فِي يَدِهِ مَا هُوَ لِغَيْرِهِ وَقَدْ يَنْسِجُ لِغَيْرِهِ وَقَدْ يَصِيدُ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ لِغَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ تُقَدَّمُ بَيِّنَةُ السَّبَبِ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ لَهُ حَتَّى يَثْبُتَ كَوْنُهَا وَدِيعَةً أَوْ غَصْبًا أَوْ أَنَّهُ كَانَ يَنْسِجُ لَهُ بِالْأُجْرَةِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ وَصَوَّبَ وَاللَّخْمِيُّ كَلَامَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ تَصْوِيبَ اللَّخْمِيِّ وَأَقَرَّهُ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ وَمَشَى عَلَى كَلَامِ أَشْهَبَ تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ لَكِنْ إحْدَاهُمَا ذَكَرَتْ إلَخْ) أَيْ فَهِيَ شَاهِدَةٌ

ص: 219

أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْمِلْكِ الَّذِي بَيَّنَتْهُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ فَإِذَا أَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهَا مِلْكُهُ وُلِدَتْ عِنْدَهُ أَوْ نَتَجَتْ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَقَامَ الْآخَرُ بَيِّنَةَ أَنَّهَا مِلْكُهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَقَاسِمِ أَوْ وَقَعَتْ فِي سَهْمِهِ مِنْهَا فَإِنَّ صَاحِبَ الْمَقَاسِمِ أَحَقُّ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا سُبِيَتْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ مِنْ الْمَقَاسِمِ عَنْ شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ السُّوقِ أَوْ وُهِبَتْ لَهُ فَلَا تُقَدَّمُ عَلَى بَيِّنَةِ الْآخَرِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْوَاهِبَ أَوْ الْبَائِعَ غَيْرُ مَالِكٍ (أَوْ) بِسَبَبِ (تَارِيخٍ) فَتُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي لَمْ تُؤَرِّخْ (أَوْ تَقَدَّمَهُ) أَيْ التَّارِيخُ فَتُقَدَّمُ الشَّاهِدَةُ بِتَقَدُّمِهِ عَلَى الْمُتَأَخِّرَةِ بِهِ وَلَوْ كَانَتْ أَعْدَلَ مِنْ الْمُتَقَدِّمَةِ أَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِ صَاحِبِ الْمُتَأَخِّرَةِ تَارِيخًا (وَ) رُجِّحَ (بِمَزِيدِ عَدَالَةٍ) فِي إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَيَحْلِفُ مُقِيمُهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَتَهَا كَشَاهِدٍ وَهُوَ الرَّاجِحُ (لَا) بِمَزِيدِ (عَدَدٍ) فِي إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ وَلَوْ كَثُرَ وَيَنْبَغِي مَا لَمْ يَفْدِ الْعِلْمَ إذْ الظَّنُّ لَا يُقَاوِي الْعِلْمَ

(وَ) رُجِّحَ (بِشَاهِدَيْنِ) مِنْ جَانِبٍ (عَلَى شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) مِنْ الْآخَرِ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْهُمَا (أَوْ) شَاهِدٍ وَ (امْرَأَتَيْنِ وَ) رُجِّحَ (بِيَدٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِالْمِلْكِ وَالسَّبَبِ مَعًا وَقَوْلُهُ لَكِنْ إحْدَاهُمَا ذَكَرَتْ سَبَبَ الْمِلْكِ أَيْ وَالْأُخْرَى إنَّمَا شَهِدَتْ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ غَيْرُ الْمَسْأَلَةِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّهَا شَهِدَتْ فِيهَا إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ بِالْمِلْكِ فَقَطْ وَالْأُخْرَى شَهِدَتْ بِسَبَبِهِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ سَبَبُ الْمِلْكِ) الْأَوْلَى أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا شَهِدَتْ بِهِ بَيِّنَةُ الْمِلْكِ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا إلَخْ وَإِلَّا قُدِّمَتْ عَلَى الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ وَسَبَبُهُ كَوِلَادَةٍ عِنْدَهُ وَنَسْجٍ وَلَوْ كَانَتْ السِّلْعَةُ بِيَدِ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِالْمِلْكِ وَسَبَبِهِ وَهُوَ الْوِلَادَةُ وَالنَّسْجُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي دَابَّةٍ ادَّعَاهَا رَجُلَانِ وَلَيْسَتْ بِيَدِ أَحَدِهِمَا فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا بَيِّنَةً أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ وَالْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهَا نَتَجَتْ عِنْدَهُ هِيَ لِمَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَاهَا مِنْ أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ هَذِهِ تُغْصَبُ وَتُسْرَقُ وَلَا تُحَازُ عَلَى الْمَالِكِ إلَّا بِأَمْرٍ يُثْبِتُ وَأَمْرُ الْمَغَانِمِ قَدْ اسْتَقَرَّ أَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِهِ بِحِيَازَةِ الْمُشْرِكِينَ وَلَوْ وُجِدَتْ فِي يَدِهِ مَنْ نَتَجَتْ عِنْدَهُ فَأَقَامَ هَذَا بَيِّنَةَ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا مِنْ الْمَغَانِمِ أَخَذَهَا أَيْضًا وَكَانَ الْأَوْلَى بِهَا إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَيَأْخُذَهَا وَقَالَ سَحْنُونٌ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّهَا سُبِيَتْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ فَزَالَ مِلْكُ صَاحِبِهَا عَنْهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ دَارَ الْحَرْبِ تُمْلَكُ (قَوْلُهُ أَوْ بِسَبَبِ تَارِيخٍ) أَيْ ذَكَرَتْهُ بَيِّنَتُهُ فَتُقَدَّمُ عَلَى الَّتِي لَمْ تَذْكُرْ تَارِيخًا ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي مُجَرَّدِ التَّارِيخِ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْقَوْلُ بِتَقْدِيمِ الْمُؤَرِّخَةِ لِأَشْهَبَ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ تَقْدِيمِهَا ذَكَرَهُ اللَّخْمِيُّ وَالْمَازِرِيُّ وَلَمْ يَعْزُوهُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ أَوْ تَقَدَّمَهُ) لَا يُقَالُ كَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُ حَدِيثَةِ التَّارِيخِ لِأَنَّهَا نَاقِلَةٌ لِأَنَّا نَقُولُ شَرْطُ التَّرْجِيحِ بِالنَّقْلِ أَوْ تَكُونُ شَهَادَتُهُ مُشْتَمِلَةً عَلَى ذِكْرِ سَبَبِ النَّقْلِ وَهُنَا إنَّمَا شَهِدَتَا بِالْمِلْكِ غَيْرَ أَنَّ إحْدَاهُمَا قَالَتْ مَلَكَهُ مُنْذُ عَامَيْنِ وَالْأُخْرَى قَالَتْ مَلَكَهُ مُنْذُ عَامٍ وَاحِدٍ فَالْأَصْلُ الِاسْتِصْحَابُ اهـ بْن (قَوْلُهُ أَوْ كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ) هَذَا دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ بِيَدِهِمَا أَوْ بِيَدِ غَيْرِهِمَا أَوْ بِيَدِ الْمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخًا بَلْ وَلَوْ كَانَ بِيَدِ الْمُتَأَخِّرَةِ وَهَذَا التَّعْمِيمُ نَقَلَهُ وَالِدُ ابْنُ عَاصِمٍ عَنْ اللَّخْمِيِّ فِي الْمُتَقَدِّمَةِ تَارِيخًا كَمَا فِي بْن وَلَعَلَّ الْمُؤَرِّخَةُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَبِمَزِيدِ عَدَالَةٍ) أَيْ فِي الْبَيِّنَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا فِي الْمُزَكِّيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ وَنَحْوِهِمَا مِنْ كُلِّ مَا يَثْبُتُ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ دُونَ غَيْرِهِمَا مِمَّا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ كَالْعِتْقِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ وَالْحُدُودِ فَلَا يَقَعُ التَّرْجِيحُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِمَزِيدِ الْعَدَالَةِ لِأَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ الشَّاهِدِ الْوَاحِدِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَيْهِ مَشَى الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ حَيْثُ قَالَ وَأَعْدَلِيَّةُ إحْدَى بَيِّنَتَيْنِ مُتَنَاقِضَتَيْنِ مُلْغَاةٌ وَلَوْ صَدَّقَتْهَا الْمَرْأَةُ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَجَّحُ بِمَزِيدٍ مِنْ الْعَدَالَةِ فِي غَيْرِ الْأَمْوَالِ أَيْضًا وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ بِمَنْزِلَةِ شَاهِدَيْنِ اهـ.

بْن وَفِي تَبْصِرَةِ ابْنِ فَرْحُونٍ نَقْلًا عَنْ الْقَرَافِيِّ أَنَّ مَذْهَبَ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِتَرْجِيحِ إحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عِنْدَ التَّعَارُضِ بِمُرَجَّحٍ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ إلَّا فِي الْأَمْوَالِ خَاصَّةً اُنْظُرْ بْن فَعُلِمَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ التَّرْجِيحَ بِغَيْرِ زِيَادَةِ الْعَدَالَةِ خَاصٌّ بِالْأَمْوَالِ وَالْمُرَادُ بِهَا كُلُّ مَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَأَمَّا زِيَادَةُ الْعَدَالَةِ فَفِيهَا قَوْلَانِ (قَوْلُهُ وَيَحْلِفُ مُقِيمُهَا إلَخْ) وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ زِيَادَةَ الْعَدَالَةِ كَشَاهِدَيْنِ.

(قَوْلُهُ لَا بِمَزِيدِ عَدَدٍ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّهُ لَا تَرْجِيحَ لِإِحْدَى الْبَيِّنَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بِمَزِيدِ عَدَدِهَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّهُ يُرَجَّحُ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ كَزِيَادَةِ الْعَدَالَةِ وَفُرِّقَ لِلْمَشْهُورِ بَيْنَ زِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْعَدَالَةِ بِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْقَضَاءِ قَطْعُ النِّزَاعِ وَمَزِيدُ الْعَدَالَةِ أَقْوَى فِي التَّعَذُّرِ مِنْ زِيَادَةِ الْعَدَدِ إذْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ يُمْكِنُهُ زِيَادَةُ عَدَدِ الشُّهُودِ بِخِلَافِ الْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ إذْ الظَّنُّ) أَيْ الْحَاصِلُ بِشَهَادَةِ الِاثْنَيْنِ

(قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْهُمَا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الشَّاهِدُ مُسَاوِيًا لَهُمَا فِي الْعَدَالَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَ أَعْدَلَ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ أَوْ شَاهِدٍ وَامْرَأَتَيْنِ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَرْجِيحِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى الشَّاهِدِ وَالْمَرْأَتَيْنِ هُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَأَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهُوَ الْمَرْجُوعُ

ص: 220