الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرْبَعٌ الْأَوَّلُ بِالْخِلَافِ وَالثَّلَاثَةُ بَعْدَهُ بِالْوِفَاقِ وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ وَعَلَيْهِ فَاخْتُلِفَ فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ فَعَيَّنَهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ وَعَيَّنَهُ سَحْنُونٌ فِي حُكْمِ الْأُولَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَإِنْ)(قَالَتْ) امْرَأَةٌ (زَنَيْت مَعَهُ فَادَّعَى الْوَطْءَ وَالزَّوْجِيَّةَ) وَلَا بَيِّنَةَ (أَوْ وُجِدَا) مَعًا (بِبَيْتٍ)(وَأَقَرَّا بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ (وَادَّعَيَا) مَعًا (النِّكَاحَ أَوْ ادَّعَاهُ) الرَّجُلُ (فَصَدَّقَتْهُ)(هِيَ)(وَوَلِيُّهَا وَقَالَا) أَيْ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا حِينَ طُولِبَا بِالْبَيِّنَةِ (لَمْ نُشْهِدْ) أَيْ عَقْدَنَا بِلَا إشْهَادٍ (حُدَّا) إلَّا أَنْ يَكُونَا طَارِئَيْنِ أَوْ يَحْصُلَ فَشْوٌ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُحَدَّانِ وَلَوْ طَارِئَيْنِ مَا لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى أَنَّهُمَا دَخَلَا بِلَا إشْهَادٍ وَلَمْ يَحْصُلْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي دَرْءِ الْحَدِّ وَهُوَ الْفَشْوُ.
[دَرْسٌ]
(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)
وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ وَنَحْوِهَا ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي الرَّمْيِ بِالْمَكَارِهِ، وَيُسَمَّى أَيْضًا فِرْيَةٌ بِكَسْرِ الْفَاءِ كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ، وَشَرْعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَذْفُ الْأَعَمُّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ غَيْرَهُ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَالْأَخَصُّ لِإِيجَابِ الْحَدِّ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ غَيْرَهُ حُرًّا عَفِيفًا مُسْلِمًا بَالِغًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُغْنِي عَنْ قَوْلِهِ تَأْوِيلَاتٌ قَوْلُهُ: وَأُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ لِخِلَافِ الزَّوْجِ بِمَثَابَةِ الْوِفَاقِ فَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِتَأْوِيلَاتٍ كَانَ الْمَعْنَى أُوِّلَا عَلَى الْخِلَافِ وَالْوِفَاقُ وَتَعْدَادُ وَجْهِ الْوِفَاقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَأَجَابَ شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ الْعَدَوِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ حَذَفَ تَأْوِيلَاتٌ لَتُوُهِّمَ أَنَّهُمَا تَأْوِيلَانِ اثْنَانِ أَحَدُهُمَا بِالْخِلَافِ وَالثَّانِي بِالْوِفَاقِ بِأَحَدِ تِلْكَ الْأَوْجُهِ لَا بِعَيْنِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ تَأْوِيلُ الْخِلَافِ) أَيْ لِأَنَّ مِمَّنْ قَالَ بِهِ سَحْنُونٌ وَيَحْيَى بْنُ عُمَرَ وَأَبُو عِمْرَانَ الْفَاسِيُّ وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ رُشْدٍ.
(قَوْلُهُ: فِي تَعْيِينِ الْمَذْهَبِ) أَيْ مِنْ الْقَوْلَيْنِ هَلْ هُوَ الْقَوْلُ بِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِ كُلٍّ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ وَحِينَئِذٍ فَيُرْجَمَانِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَوْ الْقَوْلُ بِقَبُولِ قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يُرْجَمَانِ بَلْ يُجْلَدَانِ، وَهُوَ قَوْلُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي المج.
(قَوْلُهُ: فِي حُكْمِ الثَّانِيَةِ) أَيْ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا سَبَقَ مِنْ اشْتِرَاطِهِمْ فِي الْإِحْصَانِ عَدَمَ الْمُنَاكَرَةِ فِي الْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ: وَعَيَّنَهُ سَحْنُونٌ فِي حُكْمِ الْأُولَى) لَعَلَّهُ يَرَى أَنَّ اشْتِرَاطَ عَدَمِ الْمُنَاكَرَةِ إذَا لَمْ يُطِلْ الزَّمَانُ، فَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ فَلَا تَضُرُّ الْمُنَاكَرَةُ فِي ثُبُوتِ الْإِحْصَانِ وَانْظُرْهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ
(قَوْلُهُ: فَادَّعَى الْوَطْءَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ؛ لِأَنَّهُمَا مُتَّفِقَانِ عَلَيْهِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَقُولَ فَاعْتَرَفَ بِالْوَطْءِ وَادَّعَى الزَّوْجِيَّةَ فَكَذَّبَتْهُ فِيهَا وَصُورَتُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ زَنَيْت مَعَ هَذَا الرَّجُلِ فَأَقَرَّ بِوَطْئِهَا وَادَّعَى أَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَكَذَّبَتْهُ وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ أَمَّا حَدُّهَا فَظَاهِرٌ لِإِقْرَارِهَا بِالزِّنَا وَأَمَّا حَدُّهُ فَلِأَنَّهَا لَمْ تُوَافِقْهُ عَلَى النِّكَاحِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ وَلَوْ حَصَلَ فَشْوٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عبق وخش.
(قَوْلُهُ: أَوْ وُجِدَا مَعًا بِبَيْتٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ فِي بَيْتٍ أَوْ طَرِيقٍ وَالْحَالُ أَنَّهُمَا غَيْرُ طَارِئَيْنِ وَأَقَرَّا بِالْوَطْءِ وَادَّعَيَا النِّكَاحَ وَالْإِشْهَادَ عَلَيْهِ وَلَا بَيِّنَةَ لِمَوْتِهَا أَوْ غَيْبَتِهَا وَلَا فَشْوَ يَقُومُ مَقَامَهَا فَإِنَّهُمَا يُحَدَّانِ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ السَّبَبِ الْمُبِيحِ لِلْوَطْءِ وَيَأْتَنِفَانِ نِكَاحًا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ إنْ أَحَبَّا، فَإِنْ حَصَلَ فَشْوٌ أَوْ كَانَا طَارِئَيْنِ قُبِلَ قَوْلُهُمَا وَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا لَمْ يَدَّعِيَا شَيْئًا مُخَالِفًا لِلْعُرْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ) صُورَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ ادَّعَى وَطْءَ امْرَأَةٍ وَأَنَّهَا زَوْجَتُهُ فَصَدَّقَتْهُ الْمَرْأَةُ وَوَلِيُّهَا عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَلَمَّا طُلِبَتْ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةُ قَالَا عَقَدْنَا النِّكَاحَ وَلَمْ نُشْهِدْ وَنَحْنُ نُشْهِدُ الْآنَ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَحْصُلْ فَشْوٌ يَقُومُ مَقَامَ الْإِشْهَادِ فَإِنَّ الزَّوْجَيْنِ يُحَدَّانِ لِدُخُولِهِمَا بِلَا إشْهَادٍ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الثَّالِثَةُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْأُولَى فَيُحَدَّانِ فِيهَا وَلَوْ طَارِئَيْنِ أَوْ حَصَلَ فَشْوٌ كَمَا فِي عبق وخش.
(خَاتِمَةٌ) إذَا أَقَرَّ الرَّجُلُ بَعْدَ وِلَادَةِ زَوْجَتِهِ مِنْهُ بِمُفْسِدٍ لِوَطْئِهِ مِنْ غَيْرِ ثُبُوتٍ لَهُ كَأَنْ قَالَ عَقَدْت عَلَيْهَا عَالِمًا بِأَنَّهَا رَقِيقَةٌ أَوْ أَنَّهَا خَامِسَةٌ فَإِنَّهُ يُحَدُّ لِحَقِّ اللَّهِ وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ قَالَ النَّفْرَاوِيُّ عَلَى الرِّسَالَةِ وَحْدَهُ وَلُحُوقُ الْوَلَدِ بِهِ مُسْتَغْرَبٌ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى الْحَدِّ أَنَّهُ زِنًا وَمُقْتَضَى اللُّحُوقِ أَنَّهُ لَيْسَ زِنًا اُنْظُرْ المج
[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ]
(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا) أَيْ كَالْحَصْبَاءِ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَعْمَلَ أَيْ عَلَى جِهَةِ الْمَجَازِ لِعَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ بَيْنَ الْحِجَارَةِ وَالْمَكَارِهِ فِي تَأْثِيرِ الرَّمْيِ بِكُلٍّ.
(قَوْلُهُ: وَيُسَمَّى) أَيْ الرَّمْيُ بِالْمَكَارِهِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا يُسَمَّى قَذْفًا (قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ مِنْ الِافْتِرَاءِ وَالْكَذِبِ) أَيْ وَالْقَذْفُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ بِأَنَّهُ كَذِبٌ شَرْعًا، وَإِنْ احْتَمَلَ الْمُطَابَقَةَ لِلْوَاقِعِ.
(قَوْلُهُ: الْأَعَمُّ) أَيْ الصَّادِقُ بِمَا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَا لَا يُوجِبُهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْآدَمِيَّ النَّاسِبَ صَادِقٌ بِكَوْنِهِ مُكَلَّفًا أَوَّلًا وَلَا حَدَّ فِي الثَّانِي وَالْغَيْرُ صَادِقٍ بِكَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا بَالِغًا عَفِيفًا وَصَادِقٌ بِغَيْرِهِ وَلَا حَدَّ فِي الثَّانِي.
(قَوْلُهُ: نِسْبَةُ آدَمِيٍّ مُكَلَّفٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ أَنْ يَنْسُبَ الْآدَمِيُّ الْمُكَلَّفُ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: حُرًّا عَفِيفًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْغَيْرِ الْمَنْسُوبِ حُرًّا عَفِيفًا وَأَوْرَدَ عَلَى التَّعْرِيفِ الْمَذْكُورِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ وَذَلِكَ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا نَسَبَ
أَوْ صَغِيرَةٍ تُطِيقُ الْوَطْءَ لِزِنًا أَوْ قَطْعُ نَسَبِ مُسْلِمٍ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِمَا يُفِيدُ تَعْرِيفَهُ بِقَوْلِهِ (قَذْفُ) أَيْ رَمْيُ (الْمُكَلَّفِ) وَلَوْ كَافِرًا أَوْ سَكْرَانَ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ وَخَرَجَ بِهِ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِمَا إذَا قَذَفَا غَيْرَهُمَا وَذَكَرَ مَفْعُولَ الْمَصْدَرِ وَهُوَ الْمَقْذُوفُ بِقَوْلِهِ (حُرًّا مُسْلِمًا) لِوَقْتِ إقَامَةِ الْحَدِّ، فَإِنْ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ وَلَوْ تَابَ كَمَا لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ وَكَافِرٍ أَصْلِيٍّ (بِنَفْيِ نَسَبٍ عَنْ أَبٍ أَوْ جَدٍّ) ، وَإِنْ عَلَا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَلَوْ كَانَ الْأَبُ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالنَّفْيُ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ صَرِيحًا أَوْ تَلْوِيحًا كَقَوْلِهِ لَهُ أَنَا مَعْرُوفٌ بِأَنِّي ابْنُ فُلَانٍ أَوْ إشَارَةً كَمَا يَأْتِي (لَا) عَنْ (أُمٍّ) ؛ لِأَنَّ الْأُمُومَةَ مُحَقَّقَةٌ لَا تَنْتَفِي وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْأَدَبُ لِلْإِيذَاءِ، كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ يَا كَافِرُ وَأَمَّا الْأُبُوَّةُ فَثَابِتَةٌ بِالظَّنِّ وَالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ فِي نَفْيِهِ فَتَلْحَقُهُ بِذَلِكَ الْمَعَرَّةُ (وَلَا إنْ نُبِذَ) يَعْنِي الْمَنْبُوذَ إذَا نَفَى مُكَلَّفٌ نِسْبَةً لِأَبٍ أَوْ جَدٍّ مُعَيَّنٍ كَلَسْت ابْنَ زَيْدٍ فَلَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ نَفَى نَسَبَهُ مُطْلَقًا كَابْنِ الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي أَوْ ابْنِ الزِّنَا فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ مَنْبُوذًا أَنْ يَكُونَ ابْنَ زِنًا وَقَوْلُ الْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ مَنْ قَالَ لِمَنْبُوذٍ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَيُؤَدَّبُ؛ لِأَنَّ أُمَّهُ لَمْ تُعْرَفْ ضَعِيفٌ، وَإِنْ كَانَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُكَلَّفُ حُرًّا عَفِيفًا بَالِغًا لِلزِّنَا، وَالْحَالُ أَنَّهُ مَجْنُونٌ فَيَقْتَضِي أَنَّ النَّاسِبَ الْمَذْكُورَ يُحَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَغَيْرُ جَامِعٍ لِعَدَمِ صِدْقِهِ بِمَا إذَا نَسَبَ الْمُكَلَّفُ ذَكَرًا حُرًّا مُسْلِمًا عَفِيفًا غَيْرَ بَالِغٍ بَلْ مُطِيقٌ لِلزِّنَا فِيهِ فَيَقْتَضِي أَنَّ ذَلِكَ النَّاسِبَ لَا يُحَدُّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ مُسْلِمًا عَاقِلًا بَالِغًا أَوْ مُطِيقًا لِلزِّنَا لَكَانَ أَوْلَى وَيَكُونُ قَوْلُهُ: بَالِغًا فِيمَا إذَا قَذَفَهُ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطِيقًا فِيمَا إذَا قَذَفَهُ بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَوْلُهُ: أَوْ قَطَعَ نَسَبَ مُسْلِمٍ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ نِسْبَةُ آدَمِيٍّ وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ فَلَا ضَرَرَ فِي دُخُولِهَا فِي التَّعْرِيفِ لَا لِلشَّكِّ وَالتَّرَدُّدِ وَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ حُرٍّ بَعْدَ قَوْلِهِ مُسْلِمٍ، وَإِلَّا لَوْ رَدَّ عَلَيْهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصِدْقِهِ بِمَا إذَا قَطَعَ نَسَبَ الْمُسْلِمِ الْعَبْدِ عَنْ أَبِيهِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ يُحَدُّ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا حَدَّ عَلَيْهِ، إلَّا إذَا كَانَ أَبُوهُ حُرًّا مُسْلِمًا كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: الْمُكَلَّفِ) أَيْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ سَوَاءٌ كَانَ حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا فَالشَّرْطُ فِي حَدِّ الْقَاذِفِ التَّكْلِيفُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَافِرًا) أَيْ إذَا كَانَ الْقَذْفُ صَادِرًا مِنْهُ بِبَلَدِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا الْكَافِرُ بِبِلَادِ الْحَرْبِ إذَا قَذَفَ مُسْلِمًا فِيهَا ثُمَّ أَسْلَمَ أَوْ أُسِرَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: أَوْ سَكْرَانَ) أَيْ بِسُكْرٍ أَدْخَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَابَ) أَيْ ذَلِكَ الْمَقْذُوفُ بِأَنْ رَجَعَ لِلْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا حَدَّ عَلَى قَاذِفِ عَبْدٍ) أَيْ بِزِنًا أَوْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ أَبَوَاهُ حُرَّيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَيُحَدُّ لَهُمَا اتِّفَاقًا، وَكَذَا إنْ كَانَ أَبَوَاهُ حُرًّا مُسْلِمًا وَأُمُّهُ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ فَقَطْ قَذَفَ فُلَانًا بِأَنَّهُ أَحْبَلَ أُمَّهُ فِي الزِّنَا قَبْلَ نِكَاحِهَا فَيَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَقَدْ تَوَقَّفَ مَالِكٌ فِي الْحَدِّ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ نَظَرًا لِاحْتِمَالِ اللَّفْظِ أَنَّ أُمَّ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ حَمَلَتْ بِهِ مِنْ غَيْرِ أَبِيهِ فُلَانٍ فَيَكُونُ الْقَاذِفُ قَذَفَ كَافِرَةً أَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ جَدٍّ) أَيْ فَإِذَا قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ الَّذِي هُوَ جَدُّهُ فَإِنَّهُ يُحَدُّ وَلَوْ قَالَ أَرَدْتُ لَسْت ابْنَهُ مِنْ صُلْبِهِ؛ لِأَنَّ بَيْنَك وَبَيْنَهُ أَبًا فَلَا يُصَدَّقُ كَمَا قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، إلَّا لِقَرِينَةٍ تُعَيِّنُ أَنَّ مُرَادَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي المج.
(قَوْلُهُ: مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْجَدِّ كَائِنًا مِنْ جِهَةِ الْأَبِ لَا مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ، فَإِنْ نَفَاهُ عَنْ جَدِّهِ لِأُمِّهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ) أَيْ فَقَوْلُ خَشٍ قَوْلُهُ: حُرًّا مُسْلِمًا مَا لَمْ يَكُنْ أَبَوَاهُ رَقِيقَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ مُخَالِفٌ لِلْمُدَوَّنَةِ قَالَ بْن وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِذَلِكَ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ: صَرِيحًا) أَيْ كَقَوْلِهِ لَهُ لَسْت ابْنًا لِفُلَانٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ تَلْوِيحًا) أَيْ مُفْهِمًا لِنَفْيِ النَّسَبِ بِالْقَرَائِنِ كَالْخِصَامِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ أَوْ إشَارَةً أَيْ بِعَيْنٍ أَوْ حَاجِبٍ أَوْ يَدٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) رَاجِعٌ لِلتَّصْرِيحِ وَالتَّلْوِيحِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأُمُومَةَ مُحَقَّقَةٌ لَا تَنْتَفِي) أَيْ فَقَوْلُ الْقَاذِفِ لَهُ لَسْت ابْنًا لِفُلَانَةَ مَقْطُوعٌ بِكَذِبِهِ فَلَا يَلْحَقُ الْمَقْذُوفَ مَعَرَّةٌ بِذَلِكَ فَلِذَا لَمْ يُحَدَّ الْقَاذِفُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْلَمُ كَذِبُهُ فِي نَفْيِهِ) أَيْ لَا يُعْلَمُ هَلْ هُوَ كَاذِبٌ فِي نَفْيِهِ عَنْ أَبِيهِ أَوْ لَيْسَ بِكَاذِبٍ فِي نَفْيِهِ عَنْهُ فَيَلْحَقُهُ بِذَلِكَ الْمَعَرَّةُ فَلِذَا حُدَّ الْقَاذِفُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ نُبِذَ) أَيْ وَلَا إنْ نُفِيَ نَسَبُ مَنْ نُبِذَ أَيْ طُرِحَ فَلَمْ يَدْرِ لَهُ أَبٌ وَلَا أُمٌّ فَلَا يُحَدُّ وَفِيهِ صُورَتَانِ الْأُولَى أَنْ يَنْفِيَهُ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ كَلَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَلَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ اتِّفَاقًا الثَّانِيَةُ أَنْ يَقُولَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا وَفِيهَا قَوْلَانِ قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُحَدُّ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الْمَنْبُوذِ أَنْ يَكُونَ ابْنَ زِنًا وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يُحَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ نُبِذَ مَعَ كَوْنِهِ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَمَعْلُومٌ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ هُوَ الْمُقَدَّمُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ فَيَنْبَغِي اسْتِثْنَاءُ هَذِهِ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزَّانِي أَوْ يَا ابْنَ الزَّانِيَةِ فَهَذَا قَذْفٌ بِزِنَا أَبَوَيْهِ لَا يَنْفِي النَّسَبَ فَلَا حَدَّ عَلَى الْقَاذِفِ اتِّفَاقًا وَعَلَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ بِجَهْلِ أَبَوَيْهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ لَا تَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذْ لَيْسَ فِيهَا قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَكَلَامُنَا فِيهِ وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ شَارِحِنَا تَبَعًا لعبق وخش، وَأَمَّا لَوْ نَفَى نَسَبَهُ مُطْلَقًا كَابْنِ الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي أَوْ ابْنِ الزِّنَا فَيُحَدُّ مِنْ أَنَّ الصَّوَابَ حَذْفُ قَوْلِهِ كَابْنِ الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ ابْنِ الزِّنَا وَتَعْلَمُ أَنَّ الْحَدَّ فِيهِ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِلْمَنْفِيِّ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ لِجَوَازِ أَنْ يُنْبَذَ وَهُوَ مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) قَدْ عَلِمْت أَنَّهُ هُوَ النَّقْلُ وَلَا خِلَافَ
ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا حُدَّ قَطْعًا، وَإِنْ قَالَ لَهُ يَا ابْن الزَّانِيَةِ أَوْ الزَّانِي لَمْ يُحَدَّ كَمَا فِي الْعُتْبِيَّةِ وَقَوْلُهُ: إنْ نُبِذَ أَيْ مَا دَامَ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ أَحَدٌ، فَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ أَحَدٌ لَحِقَ بِهِ وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَذْفَ نَوْعَانِ قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَقَذْفٌ بِزِنًا وَأَنَّ الشُّرُوطَ ثَمَانِيَةٌ اثْنَانِ فِي الْقَاذِفِ مُطْلَقًا وَهُمَا الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لَهُمَا بِقَوْلِهِ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ، وَاثْنَانِ فِي الْمَقْذُوفِ مُطْلَقًا قَذْفٌ بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ زِنًا وَهُمَا الْحُرِّيَّةُ وَالْإِسْلَامُ، وَأَرْبَعَةٌ تَخُصُّ الثَّانِيَ أَيْ الْمَقْذُوفَ بِالزِّنَا وَهِيَ الْبُلُوغُ وَالْعَقْلُ وَالْعِفَّةُ وَالْآلَةُ، وَقَدْ أَشَارَ إلَى النَّوْعِ الثَّانِي وَالشُّرُوطِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ زِنًا) عَطْفٌ عَلَى نَفْيِ أَيْ قَذْفِ الْمُكَلَّفِ حُرًّا مُسْلِمًا بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ بِزِنًا (إنْ كُلِّفَ) الْمَقْذُوفُ أَيْ كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا أَيْ بِزِيَادَةٍ عَلَى شَرْطَيْ الْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ (وَعَفَّ) أَيْ كَانَ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (عَنْ وَطْءٍ يُوجِبُ الْحَدَّ) وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ يُوجِبُ الْحَدَّ عَنْ وَطْءٍ لَا يُوجِبُهُ، وَإِنْ أَوْجَبَ الْأَدَبَ كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ أَوْ وَطْءٍ بَيْنَ فَخِذَيْنِ أَوْ فِي دُبُرِ امْرَأَتِهِ فَشَمِلَ كَلَامُهُ صُورَتَيْنِ عَدَمَ وَطْءٍ أَصْلًا وَارْتِكَابَ وَطْءٍ لَا يُوجِبُ حَدًّا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ إذْ هُوَ عَفِيفٌ عَمَّا يُوجِبُ الْحَدَّ وَمَفْهُومُهُ أَنَّ مَنْ ارْتَكَبَ وَطْئًا يُوجِبُ الْحَدَّ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ فَلَوْ قَالَ وَعَفَّ عَنْ زِنًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (بِآلَةٍ) حَالٌ مِنْ نَائِبِ فَاعِلِ كُلِّفَ أَيْ حَالَ كَوْنِ الْمَقْذُوفِ مُلْتَبِسًا بِآلَةِ الزِّنَا فَمَنْ قَذَفَ مَجْبُوبًا أَوْ مَقْطُوعَ ذَكَرٍ بِالزِّنَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ إذَا قُطِعَ قَبْلَ الْبُلُوغِ أَوْ بَعْدَهُ وَرَمَاهُ بِوَقْتٍ كَانَ فِيهِ مَجْبُوبًا، فَإِنْ رَمَاهُ بِالزِّنَا قَبْلَ الْجَبِّ حُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَبَلَغَ) الْمَقْذُوفُ فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: كُلِّفَ لَكِنَّهُ أَتَى بِهِ لِيُرَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (كَأَنْ بَلَغَتْ) الْمَقْذُوفَةُ (الْوَطْءَ) ، وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ الْحَيْضَ فَيُحَدُّ قَاذِفُهَا لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ لَهَا كَالْكَبِيرَةِ وَالذَّكَرُ الْمُطِيقُ كَهِيَ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ شَرْطُهُ إطَاقَةُ الْوَطْءِ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ (أَوْ) كَانَ الْمَقْذُوفُ (مَحْمُولًا) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ فَمِيمٌ وَالْمَحْمُولُونَ جَمَاعَةٌ يُرْسِلُهُمْ السُّلْطَانُ لِحِرَاسَةِ مَحَلِّ كَذَا قِيلَ وَالصَّحِيحُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِيهِ.
(قَوْلُهُ: حُدَّ قَطْعًا) لِأُولَى عَلَى الْمُعْتَمَدِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ وَأَنَّ الْقَائِلَ بِالْحَدِّ ابْنُ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيُّ قَائِلٌ بِعَدَمِ الْحَدِّ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ عج قَالَ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش الَّذِي فِي عج وَهُوَ الْحَقُّ عَدَمُ الْحَدِّ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِكَوْنِ أَبَوَيْهِ غَيْرَ مُعَيَّنَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ قَوْلَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّهُ ابْنُ زِنًا أَوْ عَدَمُ لُزُومِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَحُدَّ قَاذِفُهُ حِينَئِذٍ) أَيْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ الشُّرُوطَ) أَيْ الْمُعْتَبَرَةَ فِي لُزُومِ حَدِّ الْقَاذِفِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُذِفَ بِنَفْيِ نَسَبِهِ أَوْ زِنًا (قَوْلُهُ: أَيْ الْمَقْذُوفَ بِالزِّنَا) أَيْ دُونَ الْمَقْذُوفِ بِنَفْيِ النَّسَبِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَانَ عَفِيفًا عَنْ الزِّنَا) أَيْ سَالِمًا مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَعَفَافُ الْمَقْذُوفِ الْمُوجِبُ لِحَدِّ قَاذِفِهِ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرُهَا وَاضِحٌ فِي أَنَّهُ السَّلَامَةُ مِنْ فِعْلِ الزِّنَا قَبْلَ الْقَذْفِ وَبَعْدَهُ وَمِنْ ثُبُوتِ حَدِّهِ لِاسْتِلْزَامِهِ إيَّاهُ هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا فِي ح وَارْتَضَاهُ شَيْخُنَا وَبَيَّنَ أَنَّ كُلَّ مُسْلِمٍ مَحْمُولٌ عَلَى الْعِفَّةِ مَا لَمْ يُقِرَّ بِالزِّنَا أَوْ يَثْبُتُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةٍ عُدُولٍ أَوْ ظُهُورِ حَمْلٍ إذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ إذْ قَذَفَهُ بِالزِّنَا فَالْمُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الزِّنَا وَعَدَمِ الْعِفَّةِ هُوَ الْقَاذِفُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: 4] الْآيَةَ وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ فَلَا يُطَالَبُ بِإِثْبَاتِ الْعَفَافِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ مَحْمُولُونَ عَلَى الْعَفَافِ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَاذِفُ خِلَافَهُ، وَمَا فِي عبق مِنْ أَنَّ عَلَى الْمَقْذُوفِ أَنْ يُثْبِتَ الْعَفَافَ فَفِيهِ نَظَرٌ وَفِي النَّفْرَاوِيِّ لَا يَنْفَعُ الْقَاذِفَ عَدْلَانِ بَلْ يُحَدُّ هُوَ وَالشَّاهِدَانِ وَإِنَّمَا يَنْفَعُهُ أَرْبَعَةٌ يَشْهَدُونَ عَلَى الْفِعْلِ، وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّهُ إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَذَفَهُ يَوْمَ الْخَمِيسِ لُفِّقَ كَالْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ اُنْظُرْ المج (قَوْلُهُ: لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَى قَاذِفِهِ) أَيْ فَإِنْ زَنَى الشَّخْصُ بَعْدَ أَنْ قُذِفَ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ.
(قَوْلُهُ: عَنْ وَطْءٍ لَا يُوجِبُهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ الْعِفَّةُ وَالسَّلَامَةُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَوَطْءِ بَهِيمَةٍ) أَيْ قَبْلَ الْقَذْفِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ الْحَدُّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ غَيْرُ عَفِيفٍ) أَيْ وَإِذَا أَقَرَّ شَخْصٌ بِالزِّنَا فَقَذَفَهُ آخَرُ ثُمَّ رَجَعَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَذَفَهُ بَعْدَ رُجُوعِهِ فَيُحَدُّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ رَمَاهُ بِالزِّنَا قَبْلَ الْجَبِّ حُدَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) قَالَ عج وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَذْفَ الْخُنْثَى الْمُشْكِلَ تَابِعٌ لِحَدِّهِ كَمَا سَبَقَ فَإِذَا رَمَاهُ شَخْصٌ بِالزِّنَا بِفَرْجِهِ الذَّكَرِ أَوْ فِي فَرْجِهِ الَّذِي لِلنِّسَاءِ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِمَا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ رَمَاهُ بِأَنَّهُ أُتِيَ فِي دُبُرِهِ حُدَّ رَامِيهِ لِأَنَّهُ إذَا زَنَى بِهِ حُدَّ حَدَّ الزِّنَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ يُقَدَّرُ أُنْثَى فَيَكُونُ إتْيَانُهُ كَإِتْيَانِ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ لِأَجْلِ دَرْءِ حَدِّ اللِّوَاطِ وَهُوَ الرَّجْمُ بِالشُّبْهَةِ وَلَا يُحَدُّ حَدَّ اللِّوَاطِ بِتَقْدِيرِ ذُكُورَتِهِ.
(قَوْلُهُ: فَاعِلًا أَوْ مَفْعُولًا بِهِ) الْأَوْلَى حَذَفَ قَوْلِهِ أَوْ مَفْعُولًا بِهِ وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ إذَا كَانَ فَاعِلًا؛ لِأَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا كَانَ مَفْعُولًا فَلَا يُشْتَرَطُ بُلُوغُهُ بَلْ إطَاقَتُهُ الْوَطْءَ كَمَا يَأْتِي لِلشَّارِحِ عَنْ قُرْبٍ.
(قَوْلُهُ: يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: كُلِّفَ) أَيْ لِأَنَّ التَّكْلِيفَ يَسْتَلْزِمُ الْبُلُوغَ.
(قَوْلُهُ: فَعُلِمَ أَنَّ الْمَفْعُولَ بِهِ) أَيْ الْمَقْذُوفَ بِكَوْنِهِ مَفْعُولًا بِهِ وَقَوْلُهُ: شَرْطُهُ أَيْ شَرْطُ حَدِّ قَاذِفِهِ إطَاقَةُ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ لِلْوَطْءِ سَوَاءٌ قُذِفَ بِزِنًا أَوْ لِوَاطٍ فِيهِ أَيْ وَأَمَّا الْمَقْذُوفُ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا فَشَرْطُ حَدِّ قَاذِفِهِ بُلُوغُ ذَلِكَ الْمَقْذُوفِ سَوَاءٌ قُذِفَ بِكَوْنِهِ فَاعِلًا لِلزِّنَا أَوْ اللِّوَاطِ.
(قَوْلُهُ: وَالصَّحِيحُ) أَيْ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ حَيْثُ قَالَ الْمَحْمُولُ هُوَ الْمَسْبِيُّ وَأَمَّا الْمَجْهُولُ النَّسَبُ فَهُوَ
أَنَّهُمْ الْمَسْبِيُّونَ فَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ بِزِنًا أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ حُدَّ فَالْمَعْطُوفُ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ " كَانَ " مَعْطُوفٌ عَلَى بَلَغَتْ (وَإِنْ)(مُلَاعَنَةً وَابْنَهَا) فَمَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا أَوْ قَذَفَ ابْنَهَا بِنَفْيِ نَسَبٍ حُدَّ فَقَوْلُهُ: مُلَاعَنَةً رَاجِعٌ لِقَذْفِ الزِّنَا وَقَوْلُهُ: وَوَلَدَهَا رَاجِعٌ لِنَفْيِ النَّسَبِ عَلَى طَرِيقِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُشَوَّشِ وَلَمْ يَجْعَلُوا اللِّعَانَ شُبْهَةً تَدْرَأُ الْحَدَّ (أَوْ)(عَرَّضَ) بِالْقَذْفِ (غَيْرُ أَبٍ) فَيُحَدُّ (إنْ أَفْهَمَ) تَعْرِيضُهُ الْقَذْفَ بِالْقَرَائِنِ كَالْخِصَامِ كَأَنْ يَقُولَ أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ أَوْ أَنَا مَعْرُوفُ الْأَبِ وَأَمَّا تَعْرِيضُ الْأَبِ لِابْنِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ الشَّامِلُ لِلْجَدِّ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَأَمَّا تَصْرِيحُهُ بِالْقَذْفِ لِابْنِهِ فَيُحَدُّ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ حَدُّ أَبِيهِ وَفَسَقَ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ أَيْضًا.
(يُوجِبُ) الْقَذْفُ الْمَذْكُورُ (ثَمَانِينَ جَلْدَةً) هَذِهِ الْجُمْلَةُ خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ قَذْفُ الْمُكَلَّفِ قَالَ تَعَالَى {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 4](وَإِنْ)(كَرَّرَ) الْقَذْفَ مِرَارًا (لِوَاحِدٍ أَوْ جَمَاعَةٍ) فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَلْدُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ وَلَا بِتَعَدُّدِ الْمَقْذُوفِ وَصُورَتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ أَنْ يَقُولَ كُلُّكُمْ زَانٍ أَوْ قَالَ لَهُمْ يَا زُنَاةُ أَوْ قَالَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ يَا زَانِي أَوْ فُلَانٌ زَانٍ وَفُلَانٌ زَانٍ (إلَّا) أَنْ يُكَرِّرَهُ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْحَدِّ فَيُعَادُ عَلَيْهِ وَلَا فَرْقَ فِي تَكْرَارِهِ بَعْدَ الْحَدِّ بَيْنَ التَّصْرِيحِ وَغَيْرِهِ كَأَنْ يَقُولَ مَا كَذَبْت أَوْ لَقَدْ صَدَقْت فِيمَا قُلْتُ، فَإِنْ كَرَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْجَلْدِ أُلْغِيَ مَا مَضَى وَابْتُدِئَ الْعَدَدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ قَلِيلًا فَيُكَمِّلُ الْأَوَّلَ ثُمَّ يَبْتَدِئُ الثَّانِيَ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ (وَ) يُوجِبُ (نِصْفَهُ عَلَى)
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَعَمُّ مِنْهُ فَيَشْمَلُ الْمَسْبِيَّ وَالْمَنْبُوذَ وَالْغَرِيبَ.
وَحَاصِلُ مَا فِي الْجَمِيعِ مِنْ التَّفْصِيلِ أَنَّهُ إنْ نَفَى شَخْصٌ وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَفَاهُ عَنْ أَبٍ مُطْلَقًا بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا ابْنَ الزِّنَا فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ قَائِلًا؛ لِأَنَّا إنَّمَا مَنَعْنَاهُمْ مِنْ التَّوَارُثِ بِالنَّسَبِ لِجَهْلِنَا بِآبَائِهِمْ لَا؛ لِأَنَّهُمْ أَبْنَاءُ زِنًا وَقَالَ اللَّخْمِيُّ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَنْسَابَهُمْ لَمْ تَثْبُتْ وَلَا يَتَوَارَثُونَ بِهَا وَأَمَّا إذَا رَمَى وَاحِدًا مِمَّنْ ذُكِرَ بِالزِّنَا فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ اتِّفَاقًا إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ نَفْيِ نَسَبٍ أَيْ عَنْ أَبٍ مُطْلَقًا لَا عَنْ أَبٍ مُعَيَّنٍ.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِهِ حُرًّا مُسْلِمًا لِأَنَّ شَرْطَ حَدِّ الْقَاذِفِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْذُوفُ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مُلَاعَنَةً) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ سَابِقًا أَوْ زِنًا فَالْمَعْنَى قَذَفَ الْمُكَلَّفُ حُرًّا مُسْلِمًا بِزِنًا يُوجِبُ ثَمَانِينَ جَلْدَةً هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِالزِّنَا غَيْرَ مُلَاعَنَةٍ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ مُلَاعَنَةً.
(قَوْلُهُ: وَابْنَهَا) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ بِنَفْيِ نَسَبٍ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ بِنَفْيِ النَّسَبِ لَيْسَ ابْنَ مُلَاعَنَةٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ ابْنَهَا.
(قَوْلُهُ: فَمَنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا حُدَّ) مَحَلُّ حَدِّ قَاذِفِ الْمُلَاعَنَةِ إذَا كَانَ غَيْرَ زَوْجٍ أَوْ كَانَ زَوْجًا وَقَذَفَهَا بِغَيْرِ مَا لَاعَنَهَا بِهِ وَأَمَّا لَوْ قَذَفَهَا وَلَوْ بَعْدَ اللِّعَانِ بِمَا لَاعَنَهَا بِهِ فَلَا يُحَدُّ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَذَفَ ابْنَهَا بِنَفْيِ النَّسَبِ) أَيْ عَنْ أَبِيهِ الَّذِي لَاعَنَهَا فِيهِ وَإِنَّمَا حُدَّ الْقَاذِفُ لَهُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْزِمْ بِنَفْيِ نَسَبِهِ لِصِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ أَبِيهِ الَّذِي لَاعَنَ فِيهِ لَهُ، وَأَمَّا لَوْ قَالَ لِابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَا مَنْفِيُّ أَوْ يَا ابْنَ الْمُلَاعَنَةِ أَوْ يَا ابْنَ مَنْ لُوعِنَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ح عَنْ مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ: لَا أَبَ لَك، حُدَّ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْمُشَاتَمَةِ لَا الْإِخْبَارِ كَقَوْلِهِ أَبُوك نَفَاك إلَى لِعَانِهِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَشَرْحِهَا، وَإِنْ قَالَ لِغَيْرِ ابْنِ الْمُلَاعَنَةِ يَا مَنْفِيَّ حُدَّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَرَّضَ بِالْقَذْفِ) أَيْ بِأَحَدِ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ الزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَنَفْيُ النَّسَبِ عَنْ الْأَبِ أَوْ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: غَيْرُ أَبٍ) أَيْ وَلَوْ زَوْجًا عَرَّضَ بِزَوْجَتِهِ (قَوْلُهُ: أَمَّا أَنَا فَلَسْت بِزَانٍ) أَيْ أَوْ لَسْت بِلَائِطٍ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْأَبِ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ الْوَالِدِ.
(قَوْلُهُ: الشَّامِلُ لِلْجَدِّ) أَيْ وَلِلْجَدَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ. (قَوْلُهُ: فَلَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ وَلَا أَدَبَ لِبُعْدِهِ عَنْ التُّهْمَةِ فِي وَلَدِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ) أَيْ فِي التَّصْرِيحِ وَقَوْلُهُ: أَيْضًا أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ فِي التَّعْرِيضِ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَرَّرَ الْقَذْفَ مِرَارًا لِوَاحِدٍ) أَيْ قَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ كَانَ الْقَذْفُ الْمُكَرَّرُ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ بِكَلِمَاتٍ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَوْ قُذِفَ قَذْفَانِ لِوَاحِدٍ فَحُدَّ وَاحِدٌ عَلَى الْأَصَحِّ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَمُقَابِلُهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَا قَذَفَ سَوَاءٌ كَانَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ أَوْ جَمَاعَةٍ) أَيْ أَوْ كَانَ الْقَذْفُ لِجَمَاعَةٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى كَرَّرَ وَسَوَاءٌ قَذَفَهُمْ فِي مَجْلِسٍ أَوْ فِي مَجَالِسَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ فَلَا يَتَكَرَّرُ الْجَلْدُ بِتَكَرُّرِ الْقَذْفِ عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ قَذَفَ جَمَاعَةً فِي مَجْلِسٍ أَوْ مُفْتَرِقِينَ فِي مَجَالِسَ شَتَّى فَعَلَيْهِ حَدٌّ وَاحِدٌ، فَإِنْ قَامَ بِهِ أَحَدُهُمْ وَضُرِبَ لَهُ كَانَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ عَلَيْهِ وَلَا حَدَّ لِمَنْ قَامَ مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يُحَدُّ بِعَدَدِ مَنْ قَذَفَ سَوَاءٌ كَانَ بِكَلِمَةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ (قَوْلُهُ: وَصُورَتُهُ فِي الْجَمَاعَةِ) أَيْ وَصُورَةُ الْقَذْفِ لِلْجَمَاعَةِ أَنْ يَقُولَ إلَخْ احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا لَمْ يَقْذِفْ الْجَمِيعَ بَلْ قَذَفَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لَا بِعَيْنِهِ كَمَا إذَا قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ فَإِنَّهُ لَا حَدَّ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَرَّرَ فِي أَثْنَاءِ الْجَلْدِ) أَيْ قَبْلَ مُضِيِّ أَكْثَرِهِ أُلْغِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا بَقِيَ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَرَّرَ الْقَذْفَ بَعْدَ مُضِيِّ أَكْثَرِ الْجَلْدِ بِحَيْثُ صَارَ الْبَاقِي مِنْ الْجَلْدِ قَلِيلًا فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ ثُمَّ يُبْتَدَأُ بِالثَّانِي.
(تَنْبِيهٌ) لَا يَنْدَرِجُ حَدُّ الْقَذْفِ فِي قَتْلٍ لِرِدَّةٍ كَمَا مَرَّ وَلَا فِي قَتْلٍ لِغَيْرِهَا كَحِرَابَةٍ أَوْ زِنَا مُحْصَنٍ أَوْ قِصَاصٍ لِلُحُوقِ الْمَعَرَّةِ
(الْعَبْدِ) أَيْ الرَّقِيقِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى إذَا قَذَفَ حُرًّا مُسْلِمًا فَيُجْلَدُ أَرْبَعِينَ، وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ صِيَغِ الْقَذْفِ وَهِيَ قِسْمَانِ تَعْرِيضٌ وَتَصْرِيحٌ وَذَكَرَ الْأَوَّلَ فَقَالَ (كَلَسْتُ بِزَانٍ أَوْ) قَالَ لَهُ (زَنَتْ عَيْنُك) أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك وَوَجْهُ التَّعْرِيضِ فِي ذَلِكَ أَنَّ لَذَّةَ الْوَطْءِ تَحْصُلُ لِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الْبَدَنِ فَإِذَا قَالَ زَنَتْ عَيْنُك مَثَلًا لَزِمَ مِنْهُ التَّعْرِيضُ بِزِنَا الْفَرْجِ، وَلِذَا لَوْ قَالَ زَنَتْ عَيْنُك لَا فَرْجُك أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ أَنَّهُ أَرْسَلَ نَاظِرَهُ فَقَطْ لَمْ يُحَدَّ (أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت (مُكْرَهَةً) فَيُحَدُّ، فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَتِهِ لَاعَنَ وَإِلَّا حُدَّ (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَنَا أَوْ أَنْتَ (عَفِيفُ الْفَرْجِ) ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْفَرْجِ أُدِّبَ فَقَطْ كَمَا يَأْتِي، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي مُشَاتَمَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (أَوْ) قَالَ (لِعَرَبِيٍّ) حُرٍّ مُسْلِمٍ (مَا أَنْت بِحُرٍّ) ؛ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ (أَوْ) قَالَ لِعَرَبِيٍّ (يَا رُومِيُّ) أَوْ يَا فَارِسِيُّ وَنَحْوَ ذَلِكَ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ وَالْمُرَادُ بِالْعَرَبِيِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ، وَإِنْ طَرَأَتْ عَلَيْهِ الْعَجَمِيَّةُ بِخِلَافِ مَنْ قَالَ لِأَعْجَمِيٍّ يَا عَرَبِيُّ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ الْخِصَالِ مِنْ الْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ (كَأَنْ نَسَبَهُ لِعَمِّهِ) فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ عَنْ أَبِيهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ الشَّفَقَةَ وَالْحَنَانَ أَيْ كَابْنِهِ فِي الشَّفَقَةِ (بِخِلَافِ) نَسَبِهِ إلَى (جَدِّهِ) لِأَنَّ الْجَدَّ يُسَمَّى أَبًا عَلَى أَنَّ شَأْنَ الْجَدِّ لَا يَزْنِي فِي حَلِيلَةِ ابْنِهِ أَوْ ابْنَتِهِ (وَكَأَنْ)(قَالَ) فِي حَقِّ نَفْسِهِ (أَنَا نَغِلٌ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ فَاسِدُ النَّسَبِ (أَوْ) قَالَ أَنَا (وَلَدُ زِنًا) ؛ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لِأُمِّهِ وَكَذَا إذَا قَالَهُ مُعَرِّضًا بِغَيْرِهِ فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ وَلَوْ عَفَا هُوَ لَكِنْ لَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ مِنْ التَّعْرِيضِ إلَّا إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ وَأَمَّا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَهُوَ مِنْ التَّصْرِيحِ وَكَذَا لَوْ خَاطَبَ بِهِ الْغَيْرَ بِأَنْ قَالَ لَهُ يَا نَغِلُ أَوْ يَا وَلَدَ الزِّنَا.
(أَوْ) قَالَ لِامْرَأَةٍ (كَيَا قَحْبَةُ) أَيْ يَا قَحْبَةُ وَنَحْوَهُ كَيَا عَاهِرُ وَيَا فَاجِرَةُ (أَوْ قَرْنَانُ) وَهُوَ الَّذِي يَقْرُنُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْمَقْذُوفِ وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ ظُلْمًا هُوَ الْمَقْذُوفُ فَيُحَدُّ لَهُ قَاذِفُهُ ثُمَّ يُقْتَلُ بِهِ (قَوْلُهُ: ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) سَوَاءٌ كَانَ خَالِصَ الرِّقِّيَّةِ أَوْ كَانَ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ، وَإِنْ قَلَّ رِقُّهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ) أَيْ فَالْمَدَارُ فِي جَلْدِهِ أَرْبَعِينَ عَلَى رِقِّيَّتِهِ حِينَ الْقَذْفِ سَوَاءٌ اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى جُلِدَ أَوْ تَحَرَّرَ قَبْلَ إقَامَةِ الْجَلْدِ عَلَيْهِ فَتَحْرِيرُهُ لَا يَنْقُلُهُ لِحَدِّ الْحُرِّ كَمَا أَنَّ تَحْرِيرَ الْأَمَةِ بَعْدَ حُصُولِ مُوجِبِ عِدَّتِهَا لَا يَنْقُلُهَا لِعِدَّةِ الْحُرَّةِ أَمَّا إنْ قَذَفَهُ وَهُوَ عَبْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ حِينَ الْقَذْفِ كَانَ حُرًّا فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِمَا تَبَيَّنَ
(قَوْلُهُ: أَوْ زَنَتْ عَيْنُك) أَيْ الْعُضْوُ الْمَخْصُوصُ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِالْعَيْنِ الذَّاتَ بِتَمَامِهَا كَانَ هَذَا مِنْ التَّصْرِيحِ كَزَنَى فَرْجُك وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الْحَدِّ إذَا قَالَ لَهُ زَنَتْ عَيْنُك أَيْ أَوْ يَدُك أَوْ رِجْلُك هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْمَذْهَبِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ بِعَدَمِ الْحَدِّ لِأَنَّهُ أَضَافَ الزِّنَا لِلْأَعْضَاءِ مَعَ احْتِمَالِ تَصْدِيقِ الْفَرْجِ لِذَلِكَ وَتَكْذِيبِهِ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اُنْظُرْ المج. (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ زَنَيْت مُكْرَهَةً) أَيْ وَكَذَّبَتْهُ.
(قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لِلزِّنَا أَوْ لَمْ تَقُمْ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا قَدَّمَ قَوْلَهُ أَنْتِ زَنَيْت عُدَّ قَوْلُهُ: مُكْرَهَةً مِنْ بَابِ التَّعْقِيبِ بِرَفْعِ الْوَاقِعِ فَلَا يُعْتَبَرُ، فَإِنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ الِاعْتِذَارُ عَنْهَا لَمْ يُحَدَّ، فَإِنْ قَدَّمَ الْإِكْرَاهَ بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْت أُكْرِهْت عَلَى الزِّنَا حُدَّ إنْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نِسْبَتُهَا لِلزِّنَا، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بِشَيْءٍ أَوْ قَامَتْ بِالِاعْتِذَارِ فَلَا حَدَّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حُدَّ) أَيْ مَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ، وَإِلَّا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ الْفَرْجِ أُدِّبَ) أَيْ لِكَثْرَةِ جِهَاتِ الْعِفَّةِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْقَذْفِ أَوْ يَجْرِي الْعُرْفُ بِاسْتِعْمَالِ ذَلِكَ فِي الْقَذْفِ، وَإِلَّا حُدَّ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ) أَيْ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ نَفَى نَسَبَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اُنْظُرْ هَذَا مَعَ صِحَّةِ الرِّقِّيَّةِ فِي الْعَرَبِ وَأَنَّهُمْ كَغَيْرِهِمْ عَلَى الْمَشْهُودِ مِنْ صِحَّةِ اسْتِرْقَاقِهِمْ وَضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِمْ قَالَ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ مَا أَنْتَ بِحُرٍّ مِنْ صِيَغِ الْقَذْفِ سِوَى الْمُصَنِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَأَجَابَ ابْنُ عَاشِرٍ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مَحْمُولٌ عَلَى زَمَانٍ لَا يُسْتَرَقُّ فِيهِ الْعَرَبُ وَالْقَذْفُ مِمَّا يُرَاعَى فِيهِ الْعُرْفُ بِحَسَبِ كُلِّ زَمَنٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: مَنْ كَانَ مِنْ أَوْلَادِ الْعَرَبِ) أَيْ الَّذِينَ يَتَكَلَّمُونَ بِالْعَرَبِيَّةِ سَجِيَّةً سَوَاءٌ كَانُوا عَرَبَ عَرْبَاءَ أَوْ مُسْتَعْرِبَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ أَنَّهُ عَرَبِيُّ الْخِصَالِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَصْدَ وَصْفُهُ بِصِفَاتِ الْعَرَبِ وَخِصَالِهَا الْمَحْمُودَةِ مِنْ الْجُودِ وَالشَّجَاعَةِ لَا قَطْعُ نَسَبِهِ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ) أَيْ بِنِسْبَتِهِ لِعِلْمِهِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَسَبِهِ إلَى جَدِّهِ) أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ لِأُمِّهِ سَوَاءٌ كَانَ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا نَسَبَهُ لِجَدِّهِ فَإِنَّهُ يُحَدُّ. ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ مُحَمَّدٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ وَمَحِلُّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُ أَرَادَ الْقَذْفَ مِثْلَ أَنْ يَتَّهِمَ الْجَدَّ بِأُمِّ ذَلِكَ الْوَلَدِ الْمَقْذُوفِ، وَإِلَّا حُدَّ اتِّفَاقًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلِلْأُمِّ الْقِيَامُ) أَيْ فَلِأُمِّ الْمُعَرَّضِ بِهِ الْقِيَامُ وَلَوْ عَفَا هُوَ عَنْهُ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ حُدَّ لِأُمِّ الْمُعَرَّضِ بِهِ وَعُوقِبَ لِلْمُعَرَّضِ بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا قَالَهُ لِغَيْرِهِ) أَيْ فِي حَقِّ غَيْرِهِ لَا عَلَى جِهَةِ الْخِطَابِ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا) أَيْ يَكُونُ مِنْ الصَّرِيحِ
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ كَيَا قَحْبَةُ) أَيْ فَيُحَدُّ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ إذَا قَالَ شَيْئًا مِنْهَا لِامْرَأَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ زَوْجَةً لَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً مِنْهُ وَكَذَا إذَا قَالَهَا لِأَمْرَدَ وَأَمَّا إنْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ كَبِيرٍ نُظِرَ لِلْقَرَائِنِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ رَمْيَةٌ بِالِابْنَةِ حُدَّ، وَإِلَّا فَلَا هَذَا مَا اسْتَحْسَنَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: كَيَا قَحْبَةُ) الْمُرَادُ بِهَا الزَّانِيَةُ وَالْقَحْبُ فِي الْأَصْلِ فَسَادُ الْجَوْفِ أَوْ السُّعَالُ أُطْلِقَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَى الزَّانِيَةِ -
بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ فِي زَوْجَتِهِ فَالْقِيَامُ بِالْحَدِّ لِزَوْجَتِهِ (أَوْ) قَالَ لَهُ (يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ) ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ أُمَّهُ لِلزِّنَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْبَاغِيَةَ كَانَتْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إذَا أَرَادَتْ الْفَاحِشَةَ أَنْزَلَتْ الرُّكْبَانَ عِنْدَهَا لِذَلِكَ (أَوْ) قَالَ لَهُ يَا ابْنَ (ذَاتِ الرَّايَةِ) ؛ لِأَنَّهُ عَرَّضَ لِأُمِّهِ بِالزِّنَا وَقَدْ كَانَتْ الْعَاهِرُ تَجْعَلُ عَلَى بَابِهَا رَايَةً عَلَامَةً لِلنُّزُولِ عِنْدَهَا (أَوْ) قَالَ فِي امْرَأَةٍ (فَعَلْتُ بِهَا فِي عُكَنِهَا) جَمْعُ عُكْنَةٍ كَغُرْفَةٍ وَغُرَفٍ وَهِيَ طَيَّاتُ الْبَطْنِ (لَا) يُحَدُّ (إنْ نَسَبَ) أَيْ أَسْنَدَ وَأَضَافَ (جِنْسًا لِغَيْرِهِ) الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ أَوْ الْقَبِيلَةُ (وَلَوْ) جِنْسًا (أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ) أَوْ عَكْسَهُ وَالْمُرَادُ أَنْ يُنْسَبَ فَرْدًا مِنْ جِنْسٍ لِجِنْسٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ لِرُومِيٍّ يَا زِنْجِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ وَعَكْسِهِ (إنْ لَمْ يَكُنْ) الْمَنْسُوبُ لِغَيْرِهِ (مِنْ الْعَرَبِ)، فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ حُدَّ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَرَبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهُمْ مَحْفُوظَةٌ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَجْنَاسِ (أَوْ قَالَ مَوْلًى) أَيْ مُعْتَقٌ بِالْفَتْحِ (لِغَيْرِهِ أَنَا خَيْرٌ) مِنْك فَلَا حَدَّ لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكَلَامِ دَلَالَةٌ عَلَى خَيْرِيَّةِ النَّسَبِ فَيُحَدُّ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ: أَنَا خَيْرٌ مِنْك نَسَبًا (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَوْ لَا (مَا لَك أَصْلٌ وَلَا فَصْلٌ) فَلَا حَدَّ لِأَنَّ الْقَصْدَ نَفْيُ الشَّرَفِ إلَّا لِقَرِينَةِ نَفْيِ النَّسَبِ فَيُحَدُّ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا لَا حَدَّ فِيهِ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ ضَابِطُ هَذَا الْبَابِ الِاشْتِهَارَاتُ الْعُرْفِيَّةُ وَالْقَرَائِنُ الْحَالِيَّةُ فَمَتَى فُقِدَا حَلَفَ وَمَتَى وُجِدَ أَحَدُهُمَا حُدَّ، وَإِنْ انْتَقَلَ الْعُرْفُ وَبَطَلَ بَطَلَ الْحَدُّ وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلَافِ الْأَعْصَارِ وَالْأَمْصَارِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ يَا ابْنَ مُنْزِلَةِ الرُّكْبَانِ وَذَاتِ الرَّايَةِ لَا يُوجِبُ حَدًّا
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِأَنَّهَا تَرْمُزُ لِأَصْحَابِهَا بِالْقَحْبِ الَّذِي هُوَ السُّعَالُ.
(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ بَيْنَ نَفْسِهِ (قَوْلُهُ فَالْقِيَامُ بِالْحَدِّ لِزَوْجَتِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ قَذْفٌ لَهَا.
(قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِفِعْلِهَا الْفَاحِشَةَ بِهَا.
(قَوْلُهُ: وَقَدْ كَانَتْ إلَخْ) أَيْ وَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ الْأَمْرُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ الْآنَ كَالْقَصِيرِ.
(قَوْلُهُ: لِلنُّزُولِ) أَيْ لِأَجْلِ النُّزُولِ عِنْدَهَا بِالْفِعْلِ بِهَا.
(قَوْلُهُ: فِي امْرَأَةٍ) أَيْ فِي حَقِّ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: فَعَلْت بِهَا فِي عُكَنِهَا) أَيْ فَيُحَدُّ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ التَّعْرِيضِ وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا ذَكَرُوهُ فِي شُهُودِ الزِّنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا قَالَ ثَلَاثَةٌ رَأَيْنَاهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ حُدُّوا حَيْثُ قَالَ الرَّابِعُ رَأَيْته يُجَامِعُهَا فِي عُكَنِهَا أَوْ طَيَّاتِ بَطْنِهَا أَوْ بَيْنَ فَخِذَيْهَا وَعُوقِبَ ذَلِكَ الرَّابِعُ فَقَطْ لِحَمْلِ مَا هُنَا مِنْ حَدِّهِ عَلَى مَا إذَا قَالَهُ فِي مُشَاتَمَةٍ فَإِنَّ هَذَا قَرِينَةٌ عَلَى قَصْدِ الرَّمْيِ بِالزِّنَا، فَإِنْ قَالَهُ عَلَى وَجْهِ الشَّهَادَةِ عُوقِبَ فَقَطْ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ.
(قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ) أَيْ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ نَوْعٌ مِنْ الْحَيَوَانِ فَمَا تَحْتَهُ كَالْعَرَبِ وَالرُّومِ وَالْبَرْبَرِ وَالزِّنْجِ أَصْنَافٌ أَوْ الْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الْجِنْسُ الْعُرْفِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ فِي عُرْفِ النَّاسِ لِكُلِّ صِنْفٍ جِنْسٌ فَيُقَالُ الرُّومُ جِنْسٌ وَالْبَرْبَرُ جِنْسٌ وَالْمَغَارِبَةُ جِنْسٌ وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ) أَيْ هَذَا إذَا نَسَبَ جِنْسًا أَبْيَضَ لِأَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ لِأَسْوَدَ بَلْ وَلَوْ نَسَبَ جِنْسًا أَبْيَضَ لِأَسْوَدَ وَعَكْسَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ أَنْ يَنْسُبَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ وَالْأَصْلُ لَا إنْ نَسَبَ ذَا جِنْسٍ لِغَيْرِهِ أَيْ صَاحِبَ جِنْسٍ وَهُوَ الْفَرْدُ أَيْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ نَسَبَ جِنْسًا لِجِنْسٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ: الرُّومُ بَرْبَرٌ أَوْ الْفُرْسُ رُومٌ أَوْ بَرْبَرٌ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَرَبِ) هَذَا شَرْطٌ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَمَا بَعْدَهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ الْعَرَبِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْمَنْسُوبِ وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ مِنْ الْعَرَبِ كَمَا لَوْ نَسَبَ فَرْدًا مِنْ قَبِيلَةٍ مِنْ الْعَرَبِ لِقَبِيلَةٍ أُخْرَى مِنْهُمْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ نَسَبَهُ لِأَعْلَى مِنْ قَبِيلَتِهِ، إلَّا إذَا كَانَ الْعُلُوُّ فِي الشَّرَفِ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ حُدَّ) أَيْ فَإِذَا نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ حُدَّ وَلَوْ تَسَاوَيَا لَوْنًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ قَصَدَ بِقَوْلِهِ لِلْعَرَبِيِّ: يَا رُومِيُّ أَوْ يَا بَرْبَرِيُّ، أَيْ فِي الْبَيَاضِ أَوْ السَّوَادِ فِي مُشَاتَمَةٍ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَرَبِ) أَيْ حَيْثُ حُدَّ مَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِ قَبِيلَتِهِ وَقَوْلُهُ: وَغَيْرِهِمْ أَيْ حَيْثُ لَمْ يُحَدَّ مَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ لِغَيْرِ جِنْسِهِ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَرَبَ أَنْسَابُهُمْ مَحْفُوظَةٌ) أَيْ لِأَنَّهُمْ يَعْتَنُونَ بِمَعْرِفَتِهَا حَتَّى جَعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ سَجِيَّةً فِيهِمْ فَتَجِدُ الْوَاحِدَ مِنْهُمْ يَعُدُّ مِنْ الْآبَاءِ الْعَشَرَةَ أَوْ أَكْثَرَ فَمَنْ نَسَبَ وَاحِدًا مِنْهُمْ إلَى غَيْرِ قَبِيلَتِهِ حُدَّ؛ لِأَنَّهُ قَطَعَ نَسَبَهُ وَأَمَّا غَيْرُهُمْ فَلَا يُلْتَفَتُ لِمَعْرِفَةِ نَسَبِهِ فَإِذَا نُسِبَ لِغَيْرِ جِنْسِهِ أَوْ قَبِيلَتِهِ فَلَا يُحَدُّ نَاسِبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ قَطَعَهُ عَنْ نَسَبِهِ فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا نَسَبَهُ وَالْحُدُودُ تُدْرَأُ بِالشُّبْهَةِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ مَوْلَى إلَخْ) ابْنُ الْحَاجِبِ لَوْ قَالَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ أَنَا خَيْرٌ مِنْك فَقَوْلَانِ اهـ التَّوْضِيحُ لَوْ قَالَ ابْنُ عَمٍّ لِابْنِ عَمِّهِ أَنَا خَيْرٌ مِنْك أَوْ قَالَ ذَلِكَ مَوْلًى لِعَرَبِيٍّ فَقَوْلَانِ، وَقَدْ ذَكَرَهُمَا ابْنُ شَعْبَانَ وَاخْتَارَ وُجُوبَ الْحَدِّ فِيهِمَا وَالْأَقْرَبُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ قَدْ تَكُونُ فِي الدِّينِ أَوْ فِي الْخَلْقِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ أَوْ فِي غَيْرِ ذَلِكَ، إلَّا أَنْ يَدُلَّ الْبِسَاطُ عَلَى إرَادَةِ النَّسَبِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ وُجُوهَ الْخَيْرِ كَثِيرَةٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخَيْرِيَّةَ تَصْدُقُ بِالْخَيْرِيَّةِ فِي الدِّينِ أَوْ الْخَلْقِ أَوْ الْخُلُقِ أَوْ الْمَجْمُوعِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: فَيُحَدُّ) أَيْ لِأَنَّهُ قَذَفَ الْمُخَاطَبَ بِأَنَّ نَسَبَهُ لَا خَيْرَ فِيهِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ ابْنَ زِنًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ عَرَبِيًّا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ نَفْيُ الشَّرَفِ) أَيْ لِأَنَّ الْعُرْفَ اسْتِعْمَالُ ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي ذَمِّ الْأَفْعَالِ.
(قَوْلُهُ: فِي كُلِّ مَا لَا حَدَّ فِيهِ) أَيْ كَقَوْلِ الْمُوَلَّدِ لِغَيْرِهِ أَنَا خَيْرٌ مِنْك أَوْ نَسَبِ فَرْدِ جِنْسٍ لِجِنْسٍ آخَرَ فَمَتَى قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ قَصْدَهُ نَفْيُ النَّسَبِ حُدَّ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: الْآتِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ الْفَاجِرَةِ أَوْ يَا حِمَارٌ أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ فَمَتَى قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ الْقَذْفُ حُدَّ (قَوْلُهُ: حَلَفَ) أَيْ أَنَّهُ مَا أَرَادَ الْقَذْفَ وَلَا يُحَدُّ
وَأَنَّهُ لَوْ اشْتَهَرَ مَا لَا يُوجِبُ حَدًّا الْآنَ فِي الْقَذْفِ أَوْجَبَ الْحَدَّ.
(أَوْ)(قَالَ لِجَمَاعَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ) أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ فَلَا حَدَّ وَلَوْ قَامُوا كُلُّهُمْ لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعَرَّةِ وَهَذَا إذَا كَثُرَتْ الْجَمَاعَةُ كَأَنْ زَادُوا عَلَى ثَلَاثَةٍ، فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً أَوْ اثْنَيْنِ حُدَّ إنْ قَامُوا أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ (وَحُدَّ فِي مَأْبُونٍ إنْ كَانَ) الْمَقُولُ لَهُ (لَا يَتَأَنَّثُ) أَيْ لَا يَتَكَسَّرُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُحَدَّ وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ أَنَّهُ يُحَدُّ مُطْلَقًا (وَ) حُدَّ (فِي) قَوْلِهِ لِآخَرَ (يَا ابْنَ النَّصْرَانِيِّ) أَوْ الْيَهُودِيِّ أَوْ الْكَافِرِ (أَوْ) يَا ابْنَ (الْأَزْرَقِ) أَوْ الْأَحْمَرِ وَنَحْوَ ذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ) مَنْ هُوَ (كَذَلِكَ) ، فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحَدَّ وَالْعُرْفُ الْآنَ عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ التَّشْدِيدُ فِي الشَّتْمِ (وَ) حُدَّ (فِي) قَوْلِهِ لِآخَرَ (مُخَنَّثٍ إنْ لَمْ يَحْلِفْ) أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُ يَتَكَسَّرُ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ كَالنِّسَاءِ وَهَذَا إنْ لَمْ يَخُصَّهُ الْعُرْفُ بِمَنْ يُؤْتَى كَمَا هُوَ الْآنَ وَإِلَّا حُدَّ مُطْلَقًا.
(وَأُدِّبَ فِي يَا ابْنَ الْفَاسِقَةِ أَوْ الْفَاجِرَةِ) ؛ لِأَنَّ الْفِسْقَ الْخُرُوجُ عَنْ الطَّاعَةِ فَلَيْسَ نَصًّا فِي الزِّنَا، وَالْفُجُورُ كَثْرَةُ الْفِسْقِ وَقُبِلَ كَثْرَةُ الْكَذِبِ لَكِنْ هَذَا يُعَارِضُ مَا تَقَدَّمَ فِي كَيَا قَحْبَةُ مِنْ أَنَّ: يَا فَاجِرَةُ مِثْلُهُ إلَى أَنْ يُحْمَلَ مَا مَرَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ الْقَذْفَ (أَوْ يَا حِمَارُ) أَوْ (يَا ابْنَ الْحِمَارِ) فَيُؤَدَّبُ (أَوْ) قَالَ لِغَيْرِهِ (أَنَا عَفِيفٌ) أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ بِدُونِ ذِكْرِ الْفَرْجِ؛ لِأَنَّ الْعِفَّةَ تَكُونُ فِي الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةُ إرَادَةِ الْفَرْجِ فَيُحَدُّ (أَوْ إنَّكِ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ وَكَسْرِ الْكَافِ (عَفِيفَةٌ) فَيُؤَدَّبُ (أَوْ) قَالَ لَهُ (يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرُ) فَيُؤَدَّبُ إلَّا لِقَرِينَةِ إرَادَةِ الزِّنَا وَكَذَا يُؤَدَّبُ فِي نَحْوِ يَا شَارِبَ الْخَمْرِ أَوْ يَا كَافِرُ أَوْ يَا يَهُودِيُّ (وَإِنْ)(قَالَتْ) امْرَأَةٌ (بِك جَوَابًا لَزَنَيْت) أَيْ لِقَوْلِ رَجُلٍ لَهَا أَنْتِ زَنَيْت
ــ
[حاشية الدسوقي]
(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَوْ اُشْتُهِرَ إلَخْ) أَيْ مِثْلُ عِلْقٍ فَإِنَّهُ فِي الْأَصْلِ الشَّيْءُ النَّفِيسُ وَاشْتُهِرَ الْآنَ فِي الْقَذْفِ بِالْمَفْعُولِيَّةِ فَفِيهِ الْحَدُّ وَلَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْهَا قَذْفًا
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَامُوا كُلُّهُمْ) ، فَإِنْ ادَّعَى أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنَّهُ أَرَادَهُ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ، إلَّا بِبَيَانِ أَنَّهُ أَرَادَهُ قَالَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ الْحَدِّ وَلَوْ قَامُوا هُوَ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مَا حَكَاهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُحَدُّ إذَا قَامُوا كُلُّهُمْ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ قَالَهُ لِأَحَدِهِمْ فَلَا حُجَّةَ لَهُ إذَا قَامَ بِهِ كُلُّهُمْ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعَرَّةِ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ إذْ لَا يُعْرَفُ مَنْ أَرَادَ وَالْحَدُّ إنَّمَا هُوَ لِلْمَعَرَّةِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَامَ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَعَفَا الْبَاقِي.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَحْلِفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ وَالْحَالُ أَنَّ غَيْرَهُ قَدْ عَفَا لَمْ يُحَدَّ لِسُقُوطِ حَقِّ الْبَاقِي بِعَفْوِهِ وَسُقُوطِ حَقِّ الْقَائِمِ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَائِمَ، وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُدَّ وَمِثْلُ مَا إذَا قَالَ لِاثْنَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَحَدُكُمْ زَانٍ أَوْ ابْنُ زَانِيَةٍ أَوْ لَا أَبَ لَهُ مَا إذَا قَالَ لِذِي زَوْجَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ يَا زَوْجَ الزَّانِيَةِ وَقَامَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا وَقَدْ عَفَتْ الْأُخْرَى وَلَمْ يَحْلِفْ مَا أَرَادَ الْقَائِمَةَ فَيُحَدُّ، فَإِنْ حَلَفَ مَا أَرَادَ الْقَائِمَةَ فَلَا حَدَّ لِسُقُوطِ حَقِّ الْبَاقِيَةِ بِعَفْوِهَا وَسُقُوطُ حَقِّ الْقَائِمَةِ بِحَلِفِهِ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَائِمَةَ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِلَّا بِإِنْ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ كَالنِّسَاءِ لَمْ يُحَدَّ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي فِي النَّقْلِ) أَيْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُحَدُّ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَتَأَنَّثُ فِي كَلَامِهِ أَوْ لَا وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْصِيلِ ضَعِيفٌ بَلْ لَا وُجُودَ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ.
(قَوْلُهُ: وَحُدَّ فِي قَوْلِهِ لِآخَرَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْآخَرُ عَرَبِيًّا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) كَيَا ابْنَ الْأَسْوَدِ أَوْ الْأَعْوَرِ أَوْ الْأَعْمَى (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ فِي آبَائِهِ إلَخْ) أَيْ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ فِي آبَائِهِ مَنْ هُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ نَسَبُ أُمِّهِ لِلزِّنَا وَهَذَا صَادِقٌ بِمَا إذَا ثَبَتَ خِلَافُ ذَلِكَ أَوْ جُهِلَ الْأَمْرُ كَمَا فِي بْن.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ لَمْ يُحَدَّ) أَيْ فَإِنْ ثَبَتَ وُجُودُ أَحَدٍ مِنْ آبَائِهِ كَذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ فَالنَّافِي لِلْحَدِّ إنَّمَا هُوَ الثُّبُوتُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْقَصْدَ) أَيْ بِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ التَّشْدِيدُ فِي الشَّتْمِ أَوْ فِي الذَّمِّ وَالتَّوْبِيخِ وَلَمْ تَشْتَهِرْ عُرْفًا فِي الْقَذْفِ بِنَفْيِ النَّسَبِ.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَحْلِفْ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا أَرَادَ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ لِذَلِكَ اللَّفْظِ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ حَلَفَ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ
(قَوْلُهُ: مِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ قَحْبَةٍ فِي لُزُومِ الْحَدِّ.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا مَرَّ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْعُرْفُ فِيهِ الْقَذْفَ) أَيْ وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَا ابْنَ الْحِمَارِ) أَيْ وَيَا خِنْزِيرُ أَوْ يَا ابْنَ الْخِنْزِيرِ أَوْ يَا كَلْبُ أَوْ يَا ابْنَ الْكَلْبِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ أَنَا عَفِيفٌ أَوْ مَا أَنْتَ بِعَفِيفٍ) أَيْ إذَا قَالَ ذَلِكَ لِامْرَأَةٍ وَأَمَّا إنْ قَالَ ذَلِكَ لِرَجُلٍ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ حُدَّ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَقَوْلُ عبق أَوْ قَالَ لِرَجُلٍ فِيهِ نَظَرٌ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: بِدُونِ ذِكْرِ الْفَرْجِ) أَيْ فَيُؤَدَّبُ وَلَوْ فِي مُشَاتَمَةٍ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِفَّةَ تَكُونُ فِي الْفَرْجِ وَغَيْرِهِ) أَيْ كَالْمَطْعَمِ وَنَحْوِهِ فَلَمَّا أُسْقِطَ الْفَرْجُ احْتَمَلَ الْعِفَّةَ فِي الْمَطْعَمِ وَالْفَرْجِ وَلَمْ يَكُنْ نَصًّا فِي الْفَرْجِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَا فَاسِقُ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِالْفِسْقِ بِمَعْنَى الْخُرُوجِ عَنْ الطَّاعَةِ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةِ إرَادَةِ الزِّنَا) أَيْ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ يَا فَاجِرُ بِفُلَانَةَ فَإِنَّهُ يُحَدُّ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهَا قَرِينَةُ الْقَذْفِ، إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْفَاحِشَةِ كَمَطْلِهِ بِحَقِّ امْرَأَةٍ أَوْ جَحَدَ حَقَّهَا فَقَالَ لَهُ يَا فَاجِرُ بِفُلَانَةَ أَتُرِيدُ أَنْ تَفْجُرَ عَلَيَّ أَيْضًا؟ ، فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ فَاحِشَةً وَإِنَّمَا أَرَادَ ذَلِكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ زَادَ اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهَا يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ يَا يَهُودِيُّ) أَيْ أَوْ يَا آكِلَ الرِّبَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ قَالَتْ امْرَأَةٌ) أَيْ أَجْنَبِيَّةٌ أَيْ وَأَمَّا الزَّوْجَةُ إذَا قَالَ لَهَا أَنْت زَنَيْت أَوْ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ زَنَيْت بِك فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا بِاتِّفَاقٍ لِأَنَّهَا قَدْ تُرِيدُ النِّكَاحَ وَالْخِلَافُ فِي الزَّوْجِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يُحَدُّ، إلَّا أَنْ يُلَاعِنَ وَقَالَ عِيسَى لَا حَدَّ عَلَيْهِ وَلَا لِعَانَ كَذَا
(حُدَّتْ) حَدَّيْنِ لِلزِّنَا لِتَصْدِيقِهَا لَهُ وَهُوَ إقْرَارٌ مِنْهَا مَا لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ (وَالْقَذْفِ) لِلرَّجُلِ؛ لِأَنَّهَا قَذَفَتْهُ بِقَوْلِهَا بِك (وَلَهُ) أَيْ لِلْمَقْذُوفِ حَدُّ (أَبِيهِ) وَأُمِّهِ الْقَاذِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ (وَفَسَقَ) بِحَدِّهِ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ شَهَادَةٌ وَكَذَا إذَا وَجَبَ لَهُ قِبَلَ أَبِيهِ يَمِينٌ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ وَيَصِيرُ بِذَلِكَ فَاسِقًا لَا يُقَالُ إبَاحَةُ الْقِيَامِ بِحَقِّهِ تَقْتَضِي عَدَمَ الْمَعْصِيَةِ فَكَيْفَ يَكُونُ فَاسِقًا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْسِيقِهِ كَوْنُهُ عَنْ مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّفْسِيقِ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِ وَهُوَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ كَالْأَكْلِ فِي السُّوقِ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ ثُمَّ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ.
(وَ) لِلْمَقْذُوفِ (الْقِيَامُ بِهِ) أَيْ بِحَدِّ قَاذِفِهِ (وَإِنْ عَلِمَهُ) أَيْ مَا رَمَى بِهِ (مِنْ نَفْسِهِ) قَالَ فِيهَا حَلَالٌ لَهُ أَنْ يَحُدَّهُ لِأَنَّهُ أَفْسَدَ عِرْضَهُ (كَوَارِثِهِ) لَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ مُوَرِّثِهِ الْمَقْذُوفِ قَبْلَ مَوْتِهِ بَلْ (وَإِنْ) قُذِفَ (بَعْدَ مَوْتِهِ) وَبَيَّنَ الْوَارِثَ بِقَوْلِهِ (مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (وَأَبٍ وَأَبِيهِ) ، وَإِنْ عَلَا ثُمَّ أَخٍ فَابْنِهِ فَعَمٍّ فَابْنِهِ وَهَكَذَا (وَلِكُلٍّ) مِنْ الْوَرَثَةِ (الْقِيَامُ) بِحَقِّ الْمَوْرُوثِ (وَإِنْ حَصَلَ) أَيْ وُجِدَ (مَنْ هُوَ أَقْرَبُ) مِنْهُ كَابْنِ الِابْنِ مَعَ وُجُودِ الِابْنِ؛ لِأَنَّ الْمَعَرَّةَ تَلْحَقُ الْجَمِيعَ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ أُنْثَى فَلَيْسَ كَالدَّمِ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَقْرَبُ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
(وَ) لِلْمَقْذُوفِ (الْعَفْوُ) عَنْ قَاذِفِهِ (قَبْلَ) بُلُوغِ (الْإِمَامِ) أَوْ نَائِبِهِ (أَوْ بَعْدَهُ إنْ أَرَادَ) الْمَقْذُوفُ (سَتْرًا) عَلَى نَفْسِهِ كَأَنْ يَخْشَى أَنَّهُ إنْ ظَهَرَ ذَلِكَ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِمَا رَمَاهُ بِهِ أَوْ يُقَالُ لِمَ حُدَّ فُلَانٌ يُقَالُ بِقَذْفِهِ فُلَانًا فَيَشْتَهِرُ الْأَمْرُ وَيَكْثُرُ لَغَطُ النَّاسِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (وَإِنْ حَصَلَ) الْقَذْفُ وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ قُذِفَ (فِي) أَثْنَاءِ (الْحَدِّ) الْمَقْذُوفُ أَوَّلًا أَوْ غَيْرُهُ (اُبْتُدِئَ) الْحَدُّ (لَهُمَا) أَيْ لِلْقَذْفَيْنِ حَدًّا وَاحِدًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي ابْنِ عَرَفَةَ وَالتَّوْضِيحِ، وَالْمُعْتَمَدُ كَلَامُ ابْنِ الْقَاسِمِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: حُدَّتْ) أَيْ وَلَا يُحَدُّ الرَّجُلُ؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ تَرْجِعْ عَنْهُ) أَيْ فَإِنْ رَجَعَتْ عَنْ قَوْلِهَا حُدَّتْ لِقَذْفِ الرَّجُلِ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَالْقَذْفِ لِلرَّجُلِ) أَيْ وَحُدَّتْ لِقَذْفِ الرَّجُلِ أَيْضًا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَتْ عَنْ إقْرَارِهَا وَقَالَتْ لَمْ أُرِدْ إقْرَارًا وَلَا قَذْفًا وَإِنَّمَا أَرَدْتُ بِقَوْلِي زَنَيْت بِك بِمُجَرَّدِ الْمُجَاوَبَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ مَنْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ لَهُ بِك زَنَيْت فَقَالَ مَالِكٌ: تُحَدُّ لِلرَّجُلِ وَلِلزِّنَا وَلَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهَا صَدَّقَتْهُ، إلَّا أَنْ تَرْجِعَ عَنْ قَوْلِهَا فَتُحَدُّ لِلرَّجُلِ فَقَطْ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ رَجَعَتْ وَقَالَتْ مَا قُلْتُ ذَلِكَ، إلَّا عَلَى وَجْهِ الْمُجَاوَبَةِ وَلَمْ أُرِدْ قَذْفًا وَلَا إقْرَارًا فَلَا تُحَدُّ وَيُحَدُّ الرَّجُلُ اهـ فَأَنْتَ تَرَاهُ جَعَلَ كَلَامَ أَشْهَبَ مُقَابِلًا لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِآخَرَ يَا زَانِي فَقَالَ لَهُ الْآخَرُ أَنْت أَزْنَى مِنِّي لَمْ يُحَدَّ الْقَائِلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ قَذَفَ غَيْرَ عَفِيفٍ وَحُدَّ الثَّانِي لِلزِّنَا وَالْقَذْفِ، فَإِنْ قَالَ لَهُ يَا مُعَرَّصُ فَقَالَ لَهُ أَنْت أَعْرَصُ مِنِّي حُدَّ الْأَوَّلُ لِزَوْجَةِ الْآخَرِ وَأُدِّبَ وَحُدَّ الثَّانِي لِزَوْجَتِهِ وَلِزَوْجَةِ الْأَوَّلِ حَدًّا وَاحِدًا وَأُدِّبَ لَهُ هَذَا إذَا لَمْ يُلَاعِنْ الثَّانِي لِزَوْجَتِهِ، فَإِنْ لَاعَنَ لَهَا حُدَّ لِزَوْجَةِ الْأَوَّلِ إنْ قَامَتْ بِهِ بَعْدَ مَا لَاعَنَ زَوْجَتَهُ، فَإِنْ قَامَتْ بِهِ قَبْلُ فَحَدُّهُ لَهَا حَدٌّ لِزَوْجَتِهِ.
(قَوْلُهُ: الْقَاذِفُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَهُ) أَيْ تَصْرِيحًا وَأَمَّا قَذْفُهُمَا لَهُ بِالتَّعْرِيصِ فَلَا حَدَّ فِيهِ وَلَا أَدَبَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَفُسِّقَ) أَيْ الْوَلَدُ الْمَقْذُوفُ بِحَدِّهِ أَيْ لِأَبِيهِ أَوْ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: فَكَيْفَ يَكُونُ فَاسِقًا) أَيْ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ عَاصٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَدْ يَحْصُلُ بِالْمُبَاحِ) أَيْ الْمُخِلِّ بِالْمُرُوءَةِ.
(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِلِابْنِ حَدُّ أَبِيهِ وَلَا تَحْلِيفُهُ) أَيْ وَكَذَلِكَ أُمُّهُ لَيْسَ لَهُ حَدُّهَا وَلَا تَحْلِيفُهَا فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ إنْ طَلَبَهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَهُ مِنْ نَفْسِهِ) أَيْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا رَمَاهُ بِهِ صَدَرَ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ لَهُ الْقِيَامُ بِهِ، وَلَوْ عَلِمَ بِأَنَّ الْقَاذِفَ رَآهُ يَزْنِي؛ لِأَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالسَّتْرِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ فِي الْبَاطِنِ غَيْرَ عَفِيفٍ فَهُوَ عَفِيفٌ فِي الظَّاهِرِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ لِلْقَاذِفِ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَقْذُوفَ أَنَّهُ لَيْسَ بِزَانٍ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: كَوَارِثِهِ لَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ مُوَرِّثِهِ الْمَقْذُوفِ إلَخْ) مِثْلُ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ فِي الْقِيَام بِحَقِّ الْمَيِّتِ وَصَّى الْمَيِّتُ الْمَقْذُوفُ الَّذِي أَوْصَاهُ بِالْقِيَامِ بِاسْتِيفَاءِ الْحَدِّ كَمَا فِي الشَّامِلِ.
(قَوْلُهُ: وَبَيَّنَ الْوَارِثُ) أَيْ الَّذِي لَهُ الْقِيَامُ بِحَقِّ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ وَلَدٍ وَوَلَدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْوَالِدِ أَوْ وَلَدِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
(قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ بَاقِي الْوَرَثَةِ مِنْ الْعَصَبَةِ وَالْأَخَوَاتِ وَالْجَدَّاتِ، إلَّا الزَّوْجَيْنِ فَإِنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمَا فِي ذَلِكَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلِكُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ) أَيْ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرِهِمْ عَلَى الظَّاهِرِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ حَصَلَ) أَيْ وُجِدَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَارِثِ فِي قَوْلِهِ كَوَارِثِهِ الْوَارِثُ بِالْقُوَّةِ لَا الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الِابْنِ لَا يَرِثُ بِالْفِعْلِ مَعَ وُجُودِ الِابْنِ وَحِينَئِذٍ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ الْوَارِثُ قَاتِلًا أَوْ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا فَلَهُ الْقِيَامُ بِحَدِّ مَنْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُوَرِّثُ أَصْلًا لِذَلِكَ الْوَارِثِ أَوْ فَرْعًا لَهُ أَوْ غَيْرَهُمَا.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِأَشْهَبَ) أَيْ الْقَائِلِ يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فِي الْقِيَامِ بِحَقِّ الْمُوَرِّثِ الْمَقْذُوفِ كَالْقِيَامِ بِالدَّمِ
(قَوْلُهُ: وَلِلْمَقْذُوفِ الْعَفْوُ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا الْوَارِثُ الْقَائِمُ بِقَذْفِ مُوَرِّثِهِ فَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ إذَا كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَاهُ بِالْقِيَامِ بِالْحَدِّ، وَإِلَّا فَلَهُ الْعَفْوُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ إنْ مَاتَ الْمَقْذُوفُ وَقَدْ عَفَا فَلَا قِيَامَ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ أَوْصَى بِالْقِيَامِ لَمْ يَكُنْ لِوَارِثِهِ عَفْوٌ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ وَلَمْ يَرْضَ فَالْحَقُّ لِوَارِثِهِ إنْ شَاءَ قَامَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ سَتْرًا عَلَى نَفْسِهِ) قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّ الْمَقْذُوفَ إذَا كَانَ عَفِيفًا فَاضِلًا لَا يُخْشَى