المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب أحكام السرقة] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٤

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ

- ‌[أَرْكَان الْإِجَارَة]

- ‌[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا]

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ

- ‌(بَابٌ) (الْهِبَةُ)

- ‌[بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

- ‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]

- ‌(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]

- ‌(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)

- ‌[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

- ‌[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]

- ‌[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ)

- ‌(بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)

- ‌ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ

- ‌(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمُنَاسَخَةِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

الفصل: ‌[باب أحكام السرقة]

وَأُلْغِيَ مَا مَضَى (إلَّا أَنْ يَبْقَى) مِنْ الْأَوَّلِ (يَسِيرٌ) كَخَمْسَةَ عَشَرَ سَوْطًا فَدُونَ (فَيُكَمَّلُ الْأَوَّلُ) ثُمَّ يُسْتَأْنَفُ لِلثَّانِي حَدٌّ

[دَرْسٌ](بَابٌ) ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ السَّرِقَةِ فَقَالَ (تُقْطَعُ) يَدُ السَّارِقِ (الْيُمْنَى) مِنْ الْكُوعِ (وَتُحْسَمُ) أَيْ تُكْوَى (بِالنَّارِ) وُجُوبًا خَوْفَ تَتَابُعِ سَيَلَانِ الدَّمِ فَيَهْلَكُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ مِنْ تَمَامِ حَدِّ السَّرِقَةِ فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ وَاجِبٌ مُسْتَقِلٌّ وَأَنَّهُ عَلَى الْكِفَايَةِ يَقُومُ بِهِ الْإِمَامُ أَوْ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَوْ غَيْرُهُمَا وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُغْلَى الزَّيْتُ عَلَى نَارٍ وَتُحْسَمُ بِهِ لِتَنْسَدَّ أَفْوَاهَ الْعُرُوقِ فَيَنْقَطِعُ الدَّمُ وَأَصْلُ الْحَسْمِ الْقَطْعُ اُسْتُعْمِلَ فِي الْكَيِّ مَجَازًا؛ لِأَنَّهُ سَبَبٌ فِي قَطْعِ الدَّمِ (إلَّا لِشَلَلٍ) بِالْيُمْنَى أَوْ قَطْعٍ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ قِصَاصٍ سَابِقٍ لَا بِسَرِقَةٍ سَابِقَةٍ (أَوْ نَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ) مِنْ الْيُمْنَى كَثَلَاثَةٍ فَأَكْثَرَ (فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَأَخَذَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ (وَمَحَا) الْإِمَامُ رضي الله عنه أَيْ أَمَرَ بِمَحْوِ الْقَوْلِ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى (لِيَدِهِ) أَيْ لِلْقَوْلِ بِقَطْعِ يَدِهِ (الْيُسْرَى) فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ وَقِيسَ عَلَيْهِ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ وَالْمُعْتَمَدُ مَا مَحَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ دُونَ مَا أَثْبَتَهُ وَلِذَا رَتَّبَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ الْآتِيَ عَلَى الْمَمْحُوِّ فَقَالَ.

(ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَانِيًا بَعْدَ قَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى ابْتِدَاءً لِلْمَانِعِ الْمُتَقَدِّمِ تُقْطَعُ (يَدُهُ) الْيُسْرَى (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ ثَالِثًا قُطِعَتْ (رِجْلُهُ) الْيُمْنَى وَالْقَطْعُ فِي الرِّجْلَيْنِ مِنْ مِفْصَلِ الْكَعْبَيْنِ كَالْحِرَابَةِ وَلَوْ أَخَّرَ قَوْلَهُ وَتُحْسَمُ بِالنَّارِ إلَى هُنَا لِيُفِيدَ رُجُوعَهُ لِلرِّجْلِ أَيْضًا كَانَ أَوْلَى وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَهُ ثُمَّ إلَخْ مُفَرَّعٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مِنْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ تَشْهَدُ عَلَيْهِ بِمَا رَمَاهُ بِهِ الْقَاذِفُ وَلَا يُخْشَى مِنْ لَغَطِ النَّاسِ وَالتَّكَلُّمِ فِيهِ إذَا حُدَّ قَاذِفُهُ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ بَعْدَ بُلُوغِ الْإِمَامِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ إنْ أَرَادَ سَتْرًا مَا إذَا كَانَ الْقَاذِفُ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ أَوْ جَدَّهُ فَلَهُ الْعَفْوُ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ سَتْرًا وَيَجُوزُ الْعَفْوُ عَنْ التَّعْزِيرِ وَالشَّفَاعَةِ فِيهِ وَلَوْ بَلَغَ الْإِمَامَ كَمَا فِي ح وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ التَّعْزِيرُ لِمَحْضِ حَقِّ اللَّهِ اُنْظُرْ عبق (قَوْلُهُ: وَأُلْغِيَ مَا مَضَى) أَيْ مِنْ الْحَدِّ قَبْلَ الْقَذْفِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يَبْقَى يَسِيرٌ) حَدُّوهُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ بِمَا دُونَ الثُّلُثِ.

[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ أَحْكَامَ السَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ) أَيْ الْمُكَلَّفِ سَوَاءٌ كَانَ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى وَقَطْعُهَا بِوَاحِدٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ سَرِقَةِ طِفْلٍ أَوْ رُبْعِ دِينَارٍ أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ كَمَا يَأْتِي ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: الْيُمْنَى) ظَاهِرٌ وَلَوْ كَانَ أَعْسَرَ قَالَ عبق وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: إنَّ الْأَعْسَرَ تُقْطَعُ يُسْرَاهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي كِفَايَةِ الطَّالِبِ وَتَحْقِيقِ الْمَبَانِي وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ غَازِيٍّ وَلَمْ يَذْكُرُوا مُقَابِلًا لَهُ وَكَتَبَ الشَّيْخُ عَبْدُ اللَّهِ عَنْ شَيْخِهِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ الزَّرْقَانِيِّ أَنَّ مَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ هُوَ الْمَذْهَبُ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ مَحْمُولٌ عَلَى أَعْسَرَ لَا يَتَصَرَّفُ بِالْيَمِينِ، إلَّا نَادِرًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي فِي الشَّلَلِ وَأَمَّا الْأَضْبَطُ فَتُقْطَعُ يُمْنَاهُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مِنْ الْكُوعِ) أَيْ كَمَا بَيَّنَتْهُ السُّنَّةُ بِسَبَبِ الْإِجْمَالِ فِي قَوْله تَعَالَى {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْقَطْعَ مِنْ الْكُوعِ أَوْ مِنْ الْمِرْفَقِ أَوْ مِنْ الْمَنْكِبِ.

(قَوْلُهُ: فَيَكُونُ وَاجِبًا عَلَى الْإِمَامِ) أَيْ فَإِنْ تَرَكَهُ أَثِمَ.

(قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ ح أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ أَيْ وُجُوبًا كَفَائِيًّا فَمَتَى فَعَلَهُ أَحَدُهُمَا سَقَطَ عَنْ الْآخَرِ أَيْ وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ظُلْمًا كَمَسْأَلَةِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ الْآتِيَةِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَسْمَ وَاجِبٌ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا يَلْزَمُ صَاحِبَ الْيَدِ الْمَقْطُوعَةِ ظُلْمًا التَّدَاوِي كَمَا نَقَلَهُ الْأَبِيُّ عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ بِحَقٍّ لَا يَجُوزُ لَهُ تَرْكُ الْمُدَاوَاةِ وَمَنْ تُرِكَ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ فِي مَعْنَى قَتْلِ النَّفْسِ بِخِلَافِ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ ظُلْمًا فَلَهُ تَرْكُ الْمُدَاوَاةِ حَتَّى يَمُوتَ وَإِثْمُهُ عَلَى قَاطِعِهِ اُنْظُرْ ح اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُهُمَا) أَيْ فَمَتَى قَامَ بِهِ أَحَدٌ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِي.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِشَلَلٍ بِالْيُمْنَى) أَيْ، إلَّا لِفَسَادٍ فِيهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ لَكِنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الشَّلَلُ بَيِّنًا وَأَمَّا إنْ كَانَ خَفِيًّا فَلَا يُمْنَعُ الْقَطْعُ قَالَهُ ح (قَوْلُهُ: لَا بِسَرِقَةٍ إلَخْ) إنَّمَا قَيَّدَ الْقَطْعَ بِكَوْنِهِ بِغَيْرِ سَرِقَةٍ لِأَجْلِ الْخِلَافِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَمَحَا إلَخْ إذْ مَا قُطِعَتْ بِسَرِقَةٍ يُتَّفَقُ عَلَى أَنَّهُ إذَا سَرَقَ ثَانِيَةً تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى بِخِلَافِ مَنْ سَرَقَ وَفِي يُمْنَاهُ شَلَلٌ أَوْ قُطِعَتْ فِي قِصَاصٍ أَوْ سَقَطَتْ بِسَمَاوِيٍّ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا هَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى أَوْ يَدُهُ الْيُسْرَى.

(قَوْلُهُ: وَمَحَا الْإِمَامُ إلَخْ) ضَمَّنَ الْمُصَنِّفُ مَحَا مَعْنَى غَيَّرَ فَلِذَا عَدَّاهُ بِاللَّامِ أَيْ وَغَيَّرَ الْإِمَامُ الْقَوْلَ بِقَطْعِ رِجْلِهِ الْيُسْرَى لِلْقَوْلِ بِقَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى (قَوْلُهُ: فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ) أَيْ أَنَّ الْمَحْوَ إنَّمَا وَقَعَ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ لِقَطْعِهَا بِقِصَاصٍ أَوْ سُقُوطِهَا بِسَمَاوِيٍّ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ وَقِيسَ عَلَى مَا ذُكِرَ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ فَهِيَ لَا مَحْوَ فِيهَا صَرَاحَةً خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَبِهَذَا انْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَحَاصِلُهُ أَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْمَحْوَ وَقَعَ فِي الشَّلَلِ وَالنَّقْصِ مَعًا مَعَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ لَمْ تَذْكُرْ فِي النَّقْصِ مَحْوًا وَلَا رُجُوعًا وَلَا خِلَافًا وَنَصُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَبْقَ مِنْ يَمِينِ يَدَيْهِ، إلَّا إصْبَعًا أَوْ إصْبَعَيْنِ قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُسْرَى اهـ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَسْأَلَةَ النَّقْصِ، وَإِنْ كَانَ لَا مَحْوَ فِيهَا صَرَاحَةً لَكِنَّهُ فِيهَا قِيَاسًا وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ هَذَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ الْمَحْوَ إنَّمَا وَقَعَ صَرَاحَةً فِي الشَّلَلِ وَلَمْ يَقَعْ فِي نَاقِصَةِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ وَلَا فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ وَنَصُّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَحْوَ فِي الشَّلَلِ وَنَقْصِ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ وَظَاهِرُ كَلَامِ التَّهْذِيبِ أَنَّهُ فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ وَفِي الْيَدِ الشَّلَّاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِيهِمَا وَإِنَّمَا الْمَحْوُ فِي الشَّلَلِ خَاصَّةً كَمَا فِي الْأُمَّهَاتِ لَكِنْ الْحُكْمُ وَاحِدٌ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ ضَعْفِ الْمُثْبِتِ وَقَوْلُهُ: رَتَّبَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَهُ الْآتِيَ عَلَى الْمَحْوِ أَيْ لِكَوْنِهِ الْمُعْتَمَدَ

ص: 332

عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ لَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ سَالِمَ الْأَعْضَاءِ الْأَرْبَعَةِ إنْ سَرَقَ قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى فَيَدُهُ الْيُسْرَى فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ (ثُمَّ) إنْ سَرَقَ بَعْدَ ذَلِكَ (عُزِّرَ وَحُبِسَ) إلَى أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ كَذَا يَظْهَرُ.

(وَإِنْ)(تَعَمَّدَ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ) كَجَلَّادٍ (يُسْرَاهُ أَوَّلًا) مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّ سُنَّةَ الْقَطْعِ ابْتِدَاءً فِي الْيَدِ الْيُمْنَى (فَالْقَوَدُ) عَلَى مَنْ قَطَعَ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى حُدُودَ اللَّهِ (وَالْحَدُّ) عَلَى السَّارِقِ (بَاقٍ) فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُمْنَى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلُ يُسْرَاهُ غَيْرُ مَحَلِّ الْقَطْعِ كَانَ أَحْسَنَ لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الصُّوَرِ فِي أَوَّلِ سَرِقَةٍ وَثَانِي سَرِقَةٍ وَثَالِثِ سَرِقَةٍ (وَ) إنْ قَطَعَهُمَا أَوَّلًا (خَطَأً أَجْزَأَ) عَنْ قَطْعِ الْيُمْنَى وَلَا دِيَةَ وَمَحِلُّهُ إذَا حَصَلَ الْخَطَأُ بَيْنَ عُضْوَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ وَأَمَّا لَوْ أَخْطَأَ فَقَطَعَ الرِّجْلَ وَقَدْ وَجَبَ قَطْعُ الْيَدِ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا يُجْزِئُ وَمَحِلُّهُ أَيْضًا مَا إذَا كَانَ الْمُخْطِئُ هُوَ الْإِمَامُ أَوْ مَأْمُورًا وَأَمَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُجْزِئُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ وَاعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ التَّابِعِ لِابْنِ الْحَاجِبِ بِأَنَّ أَئِمَّةَ الْمَذْهَبِ لَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ فَالْمُتَّجَهُ الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَلَوْ عَمْدًا (فَرِجْلُهُ الْيُمْنَى) هَذَا مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَخَطَأً أَجْزَأَ أَيْ وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ فَلَوْ سَرَقَ ثَانِيَةً قُطِعَتْ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ فَإِذَا سَرَقَ ثَالِثَةً قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى.

(بِسَرِقَةِ طِفْلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تُقْطَعُ أَيْ تُقْطَعُ الْيُمْنَى إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ بِسَبَبِ سَرِقَةِ طِفْلٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى حُرٍّ يُخْدَعُ وَكَذَا الْمَجْنُونُ (مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ) كَدَارِ أَهْلِهِ أَوْ مَعَ كَبِيرٍ حَافِظٍ لَهُ، فَإِنْ كَانَ الطِّفْلُ كَبِيرًا وَاعِيًا أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي حِرْزِ مِثْلِهِ لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ (أَوْ) بِسَرِقَةِ (رُبْعِ دِينَارٍ) شَرْعِيٍّ (أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ) شَرْعِيَّةٍ (خَالِصَةٍ) مِنْ الْغِشِّ كَانَتْ لِشَخْصٍ أَوْ أَكْثَرَ (أَوْ) بِسَرِقَةِ (مَا يُسَاوِيهَا) مِنْ الْعُرُوضِ وَالْحَيَوَانِ رَقِيقًا أَوْ غَيْرَهُ قِيمَةً وَقْتَ إخْرَاجِهِ مِنْ حِرْزِ مِثْلِهِ لَا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: عَلَى الْمُسْتَثْنَى فَقَطْ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: إلَّا لِشَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ وَهُوَ سَالِمُ الْيَمِينِ.

(قَوْلُهُ: لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ) وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ ثَانِيَةً عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ وَهُوَ قَطْعُ يَدِهِ الْيُسْرَى ابْتِدَاءً فِيمَنْ لَا يَمِينَ لَهُ أَوْ لَهُ يَمِينٌ شَلَّاءُ أَوْ نَاقِصَةُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ فَهَلْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُسْرَى؛ لِأَنَّهَا تُقْطَعُ ثَانِيَةً فِي صَحِيحِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ بَهْرَامُ أَوْ تُقْطَعُ رِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَحْصُلَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ يُنْظَرُ فِي ذَلِكَ كَذَا فِي عبق وَغَيْرِهِ مِنْ الشُّرَّاحِ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ سَرَقَ) أَيْ سَالِمُ الْأَرْبَعَةِ بَعْدَ قَطْعِ جَمِيعِهَا بِسَرِقَاتٍ أَرْبَعَةٍ مَرَّةً خَامِسَةً أَوْ سَرَقَ الْأَشَلُّ أَوْ نَاقِصُ أَكْثَرِ الْأَصَابِعِ مَرَّةً رَابِعَةً عُزِّرَ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَحُبِسَ) أَيْ وَنَفَقَتُهُ وَأُجْرَةُ الْحَبْسِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وَجَدُوا، وَإِلَّا فَعَلَى الْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ: كَذَا يَظْهَرُ) أَيْ لَا أَنَّهُ يُحْبَسُ مُدَّةً مُعَيَّنَةً بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ بِحَبْسِهَا عَنْ أَذِيَّةِ النَّاسِ وَلَا تَظْهَرُ تَوْبَتُهُ فَلَا تَحْصُلُ الثَّمَرَةُ الْمَقْصُودَةُ مِنْ حَبْسِهِ

(قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ جَمِيعَ الصُّوَرِ فِي أَوَّلِ سَرِقَةٍ) أَيْ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ الْيُمْنَى ابْتِدَاءً لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَوْ لِقَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى.

(قَوْلُهُ: وَثَانِي سَرِقَةٍ) أَيْ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ قَطْعِ الرِّجْلِ الْيُسْرَى أَوَّلًا لِقَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوْ لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى.

(قَوْلُهُ: وَثَالِثِ سَرِقَةٍ) أَيْ وَهِيَ الْعُدُولُ عَنْ قَطْعِ الْيَدِ الْيُسْرَى أَوَّلًا لِقَطْعِ الرِّجْلِ الْيُمْنَى.

(قَوْلُهُ: وَخَطَأً) الْمُرَادُ بِهِ مَا يَشْمَلُ الْجَهْلَ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ وَيُقْطَعُ لِلْعُضْوِ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَيُؤَدِّي الْقَاطِعُ دِيَةَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إذَا كَانَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يُجْزِئُ) أَيْ سَوَاءٌ وَقَعَ الْخَطَأُ بَيْنَ عُضْوَيْنِ مُتَسَاوِيَيْنِ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: وَالْحَدُّ بَاقٍ أَيْ فَيُقْطَعُ الْعُضْوُ الَّذِي تَرَتَّبَ عَلَيْهِ الْقَطْعُ وَعَلَى الْقَاطِعِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَ ابْنُ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ تَعَمَّدَ إمَامٌ أَوْ غَيْرُهُ يُسْرَاهُ أَوَّلًا فَالْقَوَدُ وَالْحَدُّ بَاقٍ وَخَطَأٌ أَجْزَأَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُصَرِّحُوا بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْعَمْدِ وَالْخَطَأِ) أَيْ وَاَلَّذِي صَرَّحَ بِهِ إنَّمَا هُوَ الْغَزَالِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ فِي وَجِيزِهِ وَتَبِعَهُ فِي ذَلِكَ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شَاسٍ وَقَدْ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ فِي ذَلِكَ ابْنَ الْحَاجِبِ الْمُخْتَصِرَ لِكِتَابِهِ الْجَوَاهِرِ وَالْمُصَنِّفُ تَبِعَ ابْنَ الْحَاجِبِ الْمُخْتَصِرَ لِكِتَابِهِ.

(قَوْلُهُ: الْإِجْزَاءُ مُطْلَقًا وَلَوْ عَمْدًا) أَيْ وَلَا قَوَدَ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَأِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِالْإِجْزَاءِ) أَيْ بِإِجْزَاءِ قَطْعِ يَدِهِ الْيُسْرَى أَوَّلًا خَطَأٌ أَوْ عَمْدًا بِنَاءً عَلَى مَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ.

(قَوْلُهُ: قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى) أَيْ فَإِذَا سَرَقَ مَرَّةً رَابِعَةً فَرِجْلُهُ الْيُسْرَى

(قَوْلُهُ: حُرٍّ) قَيَّدَ بِهِ مَعَ أَنَّ الْعَبْدَ مِثْلُهُ لِدُخُولِهِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي أَوْ مَا يُسَاوِيهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْمَجْنُونُ) أَيْ وَسَوَاءٌ انْتَفَعَ السَّارِقُ بِكُلٍّ مِنْ الطِّفْلِ وَالْمَجْنُونِ أَمْ لَا وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ بَدَلَ طِفْلٍ غَيْرِ مُمَيِّزٍ لَكَانَ أَوْلَى لِشُمُولِهِ لِلْمَجْنُونِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ كَبِيرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ خَادِمًا لَهُ أَوْ لَا كَمَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ الْكَبِيرُ سَارِقًا لَهُ كَمَا يَأْتِي مِنْ عُمُومِ السَّرِقَةِ مِنْ السَّارِقِ وَالْإِنْسَانُ حِرْزٌ لِمَا مَعَهُ اهـ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ ثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ شَرْعِيَّةٍ) مِثْلُهَا أَقَلُّ مِنْهَا إنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ وَكَانَتْ الْقِلَّةُ لِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ، فَإِنْ نَقَصَتْ بِغَيْرِ اخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، فَإِنْ لَمْ يُرْجَ الْمَسْرُوقُ النَّاقِصُ كَكَامِلَةٍ لَمْ يُقْطَعْ كَانَ النَّقْصُ لِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ أَمْ لَا، وَإِنْ رَاجَ كَكَامِلَةٍ قُطِعَ أَيْ إنْ كَانَ النَّقْصُ لِاخْتِلَافِ الْمَوَازِينِ، وَإِلَّا فَلَا فَالْقَطْعُ فِي صُورَتَيْنِ وَعَدَمُهُ فِي بَاقِيهَا وَلَمْ يَجْرِ هَذَا التَّفْصِيلُ فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ لِعَدَمِ حُصُولِ التَّعَامُلِ بِهِ غَالِبًا كَمَا فِي عبق.

(قَوْلُهُ: خَالِصَةً مِنْ الْغِشِّ) وَصْفٌ لِلدَّرَاهِمِ وَيُشْتَرَطُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الرُّبْعِ دِينَارٍ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي.

(قَوْلُهُ: مَا يُسَاوِيهَا) أَيْ مَا يُسَاوِي الثَّلَاثَةَ

ص: 333

وَلَوْ ذَبَحَهُ أَوْ أَفْسَدَهُ فِي حِرْزِهِ فَنَقَصَ فَأَخْرَجَهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ كَانَ وَقْتَ الْإِخْرَاجِ لَا يُسَاوِيهَا ثُمَّ حَصَلَ غَلَاءٌ كَمَا أَنَّهُ يُقْطَعُ إنْ سَاوَاهَا وَقْتَهُ ثُمَّ حَصَلَ رُخْصٌ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ (بِالْبَلَدِ) الَّتِي بِهَا السَّرِقَةُ وَالْعِبْرَةُ بِالتَّقْوِيمِ (شَرْعًا) بِأَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ الَّتِي لِأَجْلِهَا بِالتَّقْوِيمِ شَرْعِيَّةً لَا كَآلَةِ لَهْوٍ أَوْ حَمَامٍ عُرِفَ بِالسَّبْقِ أَوْ طَائِرٍ عُرِفَ بِالْإِجَابَةِ إذَا دُعِيَ وَقِيمَتُهُ دُونَ اللَّهْوِ لَا تُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَمَعَهَا تُسَاوِيهَا فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ التَّقْوِيمَ بِالدَّرَاهِمِ لَا بِرُبْعِ الدِّينَارِ هُوَ الْمَشْهُورُ فَإِذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ يُسَاوِي رُبْعَ دِينَارٍ وَلَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بَلَدِهِمْ إلَّا الذَّهَبُ فَيُقَوَّمُ بِهِ، وَأَمَّا مَا لَا يُوجَدُ فِيهِ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ وَإِنَّمَا تَعَامُلُهُمْ بِغَيْرِهِمَا كَبِلَادِ السُّودَانِ اُعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ فَيُقْطَعُ سَارِقُ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ.

(وَإِنْ) كَانَ مُحَقَّرًا بَيْنَ النَّاسِ (كَمَاءٍ) وَحَطَبٍ وَتِبْنٍ (أَوْ جَارِحٍ) يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ (لِتَعْلِيمِهِ) الصَّيْدَ لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ شَرْعِيَّةٌ (أَوْ جِلْدِهِ) عَطْفٌ عَلَى تَعْلِيمِهِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى جَارِحٍ بِمَعْنَى السَّبُعِ وَقَدْ ذَكَرَهُ أَوَّلًا بِمَعْنَى الطَّيْرِ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامُ أَيْ أَوْ سَرَقَ سَبُعًا يُسَاوِي جِلْدُهُ (بَعْدَ ذَبْحِهِ) ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَلَا يُرَاعَى قِيمَةُ لَحْمِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمٍ نَظَرًا لِكَرَاهَتِهِ أَوْ لِلْقَوْلِ بِحُرْمَتِهِ فَسَارِقُ لَحْمِهِ فَقَطْ لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَاوَى ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَسَارِقُ جِلْدِهِ فَقَطْ يُقْطَعُ إنْ سَاوَاهَا (أَوْ)(جِلْدِ مَيْتَةٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَأْكُولَةٍ يُقْطَعُ سَارِقُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ (إنْ زَادَ دَبْغُهُ) عَلَى قِيمَةِ أَصْلِهِ (نِصَابًا) فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ قَبْلَ دَبْغِهِ دِرْهَمَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

دَرَاهِمَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَفْسَدَهُ فِي حِرْزِهِ) أَيْ كَمَا لَوْ خَرَقَ الثَّوْبَ فِي دَاخِلِ الْحِرْزِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مَخْرُوقَةً (قَوْلُهُ: وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ) أَيْ بِالدَّرَاهِمِ وَقَوْلُهُ: بِالْبَلَدِ الَّتِي بِهَا السَّرِقَةُ أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّعَامُلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ أَوْ الدَّنَانِيرِ أَوْ الْعُرُوضِ أَوْ كَانَ التَّعَامُلُ فِيهَا بِالثَّلَاثَةِ حَالَةَ كَوْنِهَا أَغْلَبَ مِنْ الْعُرُوضِ أَوْ مِنْ غَيْرِ غَلَبَةٍ وَفَائِدَةُ اعْتِبَارِ الْقِيمَةِ بِبَلَدِ السَّرِقَةِ أَنَّ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي الْبَلَدِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ فَالْقَطْعُ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ بَلَدِ السَّرِقَةِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِيهَا أَقَلَّ مِنْهَا فَلَا قَطْعَ وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ فِي غَيْرِهَا ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَكْثَرَ.

(قَوْلُهُ: وَقِيمَتُهُ دُونَ اللَّهْوِ) أَيْ وَدُونَ مَا مَعَهُ مِنْ السَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَعَهَا) أَيْ وَمَعَ اعْتِبَارِ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ اللَّهْوِ وَالسَّبْقِ وَالْإِجَابَةِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ الْمَشْهُورُ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأَمَّا إنْ سَرَقَ غَيْرَهُمَا أَيْ غَيْرَ الرُّبْعِ دِينَارٍ وَالثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ بِالدَّرَاهِمِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ إذْ قَدْ يُقَوَّمُ بِهَا الْقَلِيلُ وَالْكَثِيرُ وَهَكَذَا صَرَّحَ الْبَاجِيَّ وَعِيَاضٌ بِمَشُورِيَّةِ هَذَا الْقَوْلِ، فَإِنْ سَاوَى الْمَسْرُوقُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ قُطِعَ سَارِقُهُ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ رُبْعَ دِينَارٍ، وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ سَاوَى رُبْعَ دِينَارٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ فِي بَلَدِهِمْ، إلَّا الذَّهَبُ فَيُقَوَّمُ بِهِ) كَذَا فِي عبق اسْتِظْهَارًا قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّقْوِيمَ لَا يَكُونُ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ وَلَوْ عُدِمَتْ وَلَمْ يُوجَدْ إلَّا غَيْرُهَا (قَوْلُهُ: كَبِلَادِ السُّودَانِ) أَيْ فَإِنَّهُمْ إنَّمَا يَتَعَامَلُونَ بِالْعَرْضِ وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ ذَهَبٌ وَلَا فِضَّةٌ.

(قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ التَّقْوِيمُ) أَيْ تَقْوِيمُ الْعَرْضِ الْمَسْرُوقِ بِالدَّرَاهِمِ فِي أَقْرَبِ بَلَدٍ إلَيْهِمْ يُتَعَامَلُ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ، كَذَا قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ نَقْلًا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الْمَسْرُوقِ فِي بَلَدِ السَّرِقَةِ لَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ وَصَوَّبَ ابْنُ مَرْزُوقٍ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَكْفِي فِي التَّقْوِيمِ وَاحِدٌ إنْ كَانَ مُوَجَّهًا مِنْ الْقَاضِي لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَوَّمُ مُوَجَّهًا مِنْ طَرَفِ الْقَاضِي فَلَا بُدَّ مِنْ اثْنَيْنِ وَيُعْمَلُ بِشَهَادَتِهِمَا، وَإِنْ خُولِفَا بِأَنْ قَالَ غَيْرُهُمَا لَا يُسَاوِيهَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ مُقْتَضَى دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبُهَاتِ عَدَمُ الْقَطْعِ إذَا خُولِفَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ مُتَّبَعٌ وَلِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي

(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَمَاءٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي الْقَطْعِ فِيمَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ أَيْ وَإِنْ كَانَ مَا يُسَاوِي الثَّلَاثَةَ دَرَاهِمَ مُحَقَّرًا فِي نَظَرِ النَّاسِ كَمَاءٍ وَحَطَبٍ أَيْ لِأَنَّهُ مُتَمَوَّلٌ وَيَجُوزُ بَيْعُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمُحَقَّرُ مُبَاحًا لِلنَّاسِ وَحَازَهُ شَخْصٌ فِي حَوْزِهِ الْخَاصِّ بِهِ كَالْمَاءِ وَالْحَطَبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ مُبَاحًا كَالتِّبْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ يُسْرِعُ لَهُ التَّغَيُّرُ وَالْفَسَادُ بِإِبْقَائِهِ كَالْأَشْيَاءِ الرَّطْبَةِ الْمَأْكُولَةِ كَالْفَاكِهَةِ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ فِيهِمَا وَخِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ فِي الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جَارِحٍ) أَيْ مِنْ الطَّيْرِ كَالصَّقْرِ وَقَوْلُهُ: لِتَعْلِيمِهِ الصَّيْدَ أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يُسَاوِيهَا بِالنَّظَرِ لِلَحْمِهِ وَرِيشِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَلَّمًا قُطِعَ سَارِقُهُ إنْ سَاوَى لَحْمُهُ فَقَطْ أَوْ رِيشُهُ فَقَطْ أَوْ لَحْمُهُ وَرِيشُهُ مَعًا نِصَابًا وَإِلَّا فَلَا.

(تَنْبِيهٌ) مِثْلُ تَعْلِيمِ الْجَارِحِ الصَّيْدَ تَعْلِيمُ الطَّيْرِ حَمْلَ الْكُتُبِ لِلْبُلْدَانِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: إنْ كَانَ الْقَصْدُ مِنْ الْحَمَامِ لِيَأْتِيَ بِالْأَخْبَارِ لَا لِلَّعِبِ قُوِّمَ عَلَى مَا عُلِّمَ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَبْلُغُ الْمُكَاتَبَةَ إلَيْهِ وَمِثْلُهُ لِلتُّونِسِيِّ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ سَبُعًا) أَيْ حَيًّا أَوْ بَعْدَ ذَبْحِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُرَاعَى قِيَمُهُ لَحْمِهِ) أَيْ فَإِذَا سَرَقَ سَبُعًا حَيًّا وَكَانَ جِلْدُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ لَا يُسَاوِي ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ وَقِيمَةُ لَحْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ.

(قَوْلُهُ: فَسَارِقُ لَحْمِهِ فَقَطْ) أَيْ بَعْدَ زَكَاتِهِ وَقَوْلُهُ: لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ سَاوَى إلَخْ أَيْ لِمَا مَرَّ مِنْ النَّظَرِ لِكَرَاهَتِهِ أَوْ مِنْ مُرَاعَاةِ الْقَوْلِ بِالْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جِلْدِ مَيْتَةٍ) أَيْ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ الدَّبْغِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ، وَإِنْ كَانَ الدَّبْغُ لَا يُطَهِّرُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(قَوْلُهُ: فَإِذَا كَانَ قِيمَتُهُ إلَخْ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ أَبُو عِمْرَانَ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ دُبِغَ وَلَا يُنْظَرُ إلَى مَا ذَهَبَ مِنْهُ بِمُرُورِ الْأَيَّامِ لِأَنَّ الدِّبَاغَ هُوَ الَّذِي أَجَازَ لِلنَّاسِ

ص: 334

جَوَازِ بَيْعِهِ وَقِيمَتُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ خَمْسَةٌ قُطِعَ، فَإِنْ لَمْ يَزِدْ دَبْغُهُ نِصَابًا لَمْ يُقْطَعْ سَارِقُهُ كَمَا لَوْ سَرَقَ قَبْلَ الدَّبْغِ وَلَوْ سَاوَى النِّصَابَ.

(أَوْ ظُنَّا) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ الرُّبْعُ دِينَارٍ أَوْ الثَّلَاثَةُ دَرَاهِمَ (فُلُوسًا) نُحَاسًا حَالَ السَّرِقَةِ فَإِذَا هُوَ أَحَدُهُمَا فَيُقْطَعُ (أَوْ) ظَنَّ (الثَّوْبَ) الْمَسْرُوقَ (فَارِغًا) فَإِذَا فِيهِ نِصَابٌ إنْ كَانَ مِثْلُهُ يُوضَعُ فِيهِ ذَلِكَ إلَّا إنْ كَانَ خَلِقًا وَلَا إنْ سَرَقَ خَشَبَةً أَوْ حَجَرًا يَظُنُّهَا فَارِغَةً فَإِذَا فِيهَا نِصَابٌ فَلَا قَطْعَ إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ تِلْكَ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا نِصَابًا.

(أَوْ) سَرَقَ نِصَابًا مَعَ (شَرِكَةِ صَبِيٍّ) لَهُ فِي السَّرِقَةِ يُقْطَعُ الْمُكَلَّفُ فَقَطْ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ (لَا) شَرِكَةِ (أَبٍ) عَاقِلٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ جَدٍّ لِرَبِّ الْمَالِ فَلَا قَطْعَ عَلَى شَرِيكِهِ لِدُخُولِهِ مَعَ ذِي شُبْهَةٍ قَوِيَّةٍ (وَلَا) يُقْطَعُ سَارِقُ (طَيْرٍ)(لِإِجَابَتِهِ) أَيْ مُجَاوَبَتِهِ كَالْبَلَابِلِ وَالْعَصَافِيرِ وَالدُّرَّةِ الَّتِي تُدْعَى فَتُجَاوِبُ إذَا كَانَتْ لَا تُسَاوِي النِّصَابَ إلَّا لِتِلْكَ الْمَنْفَعَةِ؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ شَرْعِيَّةٍ.

(وَلَا) قَطْعَ (إنْ)(تَكَمَّلَ) أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ حِرْزِهِ (بِمِرَارٍ فِي لَيْلَةٍ) حَيْثُ تَعَدَّدَ قَصْدُهُ، فَإِنْ قَصَدَ أَخْذَهُ فَأَخْرَجَهُ فِي مِرَارٍ قُطِعَ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ مِنْ إقْرَارِهِ أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (أَوْ)(اشْتَرَكَا) أَيْ السَّارِقَانِ أَوْ أَكْثَرُ (فِي حَمْلِ) النِّصَابِ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِشَرْطَيْنِ (إنْ اسْتَقَلَّ كُلٌّ) بِأَنْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ بِانْفِرَادِهِ (وَلَمْ يَنُبْهُ) أَيْ كُلًّا بِانْفِرَادِهِ (نِصَابٌ) ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ أَحَدُهُمَا بِإِخْرَاجِهِ قُطِعَا وَلَوْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ وَلَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ قُطِعَا اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ أَمْ لَا (مِلْكُ غَيْرِهِ) هَذَا نَعْتُ النِّصَابِ الَّذِي هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ رُبْعُ دِينَارٍ إلَخْ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِسَرِقَةِ طِفْلٍ أَوْ نِصَابٍ مِلْكِ غَيْرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الِانْتِفَاعَ بِهِ وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ النَّظَرَ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ سُرِقَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَزِدْ دَبْغُهُ نِصَابًا) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ بَعْدَ دَبْغِهِ أَرْبَعَةً

(قَوْلُهُ: فَإِذَا هُوَ أَحَدُهُمَا فَيُقْطَعُ) أَيْ وَلَا يُعْذَرُ بِظَنِّهِ أَيْ وَأَمَّا إنْ ظَنَّ السَّارِقُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ فُلُوسٌ فَسَرَقَهَا فَتَبَيَّنَ أَنَّهَا فُلُوسٌ كَمَا ظَنَّ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ وَلَوْ عَلَى الْقَوْلِ بِجَرَيَانِ الْفُلُوسِ مَجْرَى النُّقُودِ، إلَّا أَنْ تَبْلُغَ قِيمَتُهَا نِصَابًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنَّ الثَّوْبَ الْمَسْرُوقَ) أَيْ الَّذِي لَا يُسَاوِي نِصَابًا.

(قَوْلُهُ: يُوضَعُ فِيهِ ذَلِكَ) أَيْ فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ أَخَذَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَ خَلِقًا) أَيْ فَإِذَا كَانَ خَلِقًا لَيْسَ الشَّأْنُ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ وَقَالَ السَّارِقُ لَا أَعْلَمُ بِمَا فِيهِ حَلَفَ وَلَمْ يُقْطَعْ أَخَذَهُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ لِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُجْعَلُ فِيهِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ تِلْكَ الْخَشَبَةِ وَنَحْوِهَا نِصَابًا) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي قِيمَتِهَا دُونَ مَا فِيهَا وَمِثْلُ الثَّوْبِ الَّتِي يَظُنُّهَا فَارِغَةً فَإِذَا فِيهَا نِصَابٌ فِي الْقَطْعِ الْعَصَا إذَا كَانَتْ مُفَضَّضَةً بِمَا يَعْدِلُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ حَيْثُ سُرِقَتْ نَهَارًا مِنْ مَحَلٍّ غَيْرِ مُظْلِمٍ لَا مِنْ مُظْلِمٍ أَوْ لَيْلًا فَيُصَدَّقُ السَّارِقُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِمَا فِيهَا مِنْ الْفِضَّةِ

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَجْنُونُ الْمُصَاحِبُ لِلسَّارِقِ صَاحِبَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ أَوْ أَبًا لِصَاحِبِهِ وَإِنَّمَا قُطِعَ السَّارِقُ الْمُصَاحِبُ لِصَاحِبِهِ الْمَجْنُونِ؛ لِأَنَّ الْمَجْنُونَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ عَلَى شَرِيكِهِ) أَيْ وَلَا عَلَيْهِ وَلَوْ سَرَقَا مِنْ مَحَلٍّ حَجَرَهُ الْفَرْعُ عَنْ أَصْلِهِ لِأَنَّ الْحَجْرَ الْمَذْكُورَ لَا يَقْطَعُ شُبْهَةَ الْأَصْلِ فِي مَالِ فَرْعِهِ

(قَوْلُهُ: حَيْثُ تَعَدَّدَ قَصْدُهُ إلَخْ) هَذَا التَّقْيِيدُ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ حَيْثُ جُعِلَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وِفَاقًا لِابْنِ الْقَاسِمِ.

وَتَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ أَخْرَجَ النِّصَابَ فِي مَرَّاتٍ، وَقَالَ سَحْنُونٌ إنْ كَانَ إخْرَاجُهُ النِّصَابَ عَلَى مَرَّاتٍ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ قُطِعَ فَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ سَحْنُونٍ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ السَّارِقُ أَخْذَ النِّصَابِ كُلِّهِ ابْتِدَاءً عِنْدَ دُخُولِهِ الْحِرْزَ ثُمَّ أَخْرَجَهُ شَيْئًا فَشَيْئًا سَوَاءٌ كَانَ يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ دَفْعَةً وَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ أَوْ كَانَ لَا يُمْكِنُهُ إخْرَاجُهُ دَفْعَةً كَالْقَمْحِ وَالتِّبْنِ وَأَخْرَجَهُ عَلَى مَرَّاتٍ لِأَنَّهُ سَرِقَةٌ وَاحِدَةٌ وَحُمِلَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ النِّصَابِ ابْتِدَاءً وَأَنَّهُ إنَّمَا عَادَ مِرَارًا لِيَنْظُرَ كُلَّ مَرَّةٍ مَا يَسْرِقُهُ فَمَا أَخَذَهُ كُلَّ مَرَّةٍ مَقْصُودٌ عَلَى حِدَتِهِ كَذَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ قَصْدُ أَخْذِهِ كُلَّهُ ابْتِدَاءً.

(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) أَيْ كَمَا إذَا أَخْرَجَ مِنْ الْمُجْتَمَعِ مَا لَا يَقْدِرُ، إلَّا عَلَى إخْرَاجِ مَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فِي حَمْلِ النِّصَابِ) أَيْ مَسْرُوقٍ لِأَجْلِ إخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ (قَوْلُهُ: لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى حَمْلِهِ) أَيْ لِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَسْتَقِلَّ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَقْدِرْ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى إخْرَاجِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ قُطِعَا إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ قُطِعَا اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ لَمْ يَنُبْ كُلَّ وَاحِدٍ نِصَابٌ بَلْ نَابَ كُلَّ وَاحِدٍ أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ، فَإِنْ اسْتَقَلَّ كُلُّ وَاحِدٍ بِإِخْرَاجِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا قَطْعَ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ عَلَيْهِمَا وَكَذَا الْقَطْعُ عَلَى جَمَاعَةٍ رَفَعُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ فِي الْحِرْزِ ثُمَّ خَرَجَ بِهِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهِ، إلَّا بِرَفْعِهِ مَعَهُ وَيَصِيرُونَ كَأَنَّهُمْ حَمَلُوهُ عَلَى دَابَّةٍ فَإِنَّهُمْ يُقْطَعُونَ إذَا تَعَاوَنُوا عَلَى رَفْعِهِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا لَوْ حَمَلُوهُ عَلَى ظَهْرِ أَحَدِهِمْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى حَمْلِهِ عَلَى ظَهْرِهِ دُونَهُمْ كَالثَّوْبِ قُطِعَ وَحْدَهُ وَلَوْ خَرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ الْحِرْزِ حَامِلًا لِشَيْءٍ دُونَ الْآخَرِ وَهُمْ شُرَكَاءُ فِيمَا أَخْرَجُوهُ لَمْ يُقْطَعْ مِنْهُمْ، إلَّا مَنْ أَخْرَجَ مَا قِيمَتُهُ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَوْ دَخَلَ اثْنَانِ الْحِرْزَ فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا دِينَارًا وَقَضَاهُ لِآخَرَ فِي دَيْنٍ عَلَيْهِ أَوْ أَوْدَعَهُ إيَّاهُ قُطِعَ الْخَارِجُ بِهِ إنْ عُلِمَ أَنَّ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ سَارِقٌ، وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ وَلَوْ بَاعَ السَّارِقُ ثَوْبًا فِي الْحِرْزِ لِآخَرَ فَخَرَجَ بِهِ الْمُشْتَرِي وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ سَارِقٌ فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهَا قَالَهُ الْبَاجِيَّ.

(قَوْلُهُ: مِلْكِ غَيْرِهِ) أَيْ مَمْلُوكٍ لِغَيْرِ السَّارِقِ كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ وَاحِدًا أَوْ مُتَعَدِّدًا فَلَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُ الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ وَاحْتُرِزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا سَرَقَ مِلْكَهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا بِسَرِقَةٍ مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ إلَخْ

ص: 335

وَشَمِلَ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَارِقٍ أَوْ مِنْ أَمِينٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيُقْطَعُ.

(وَلَوْ)(كَذَّبَهُ رَبُّهُ) الْمَسْرُوقُ مِنْهُ إذَا أَقَرَّ السَّارِقُ أَوْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ وَيَبْقَى الْمَسْرُوقُ بِيَدِ السَّارِقِ مَا لَمْ يَدَّعِهِ رَبُّهُ (أَوْ)(أَخَذَ لَيْلًا) خَارِجَ الْحِرْزِ وَمَعَهُ النِّصَابُ أَخْرَجَهُ مِنْهُ (وَادَّعَى الْإِرْسَالَ) مِنْ رَبِّهِ فَيُقْطَعُ وَلَوْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ لِاحْتِمَالِ سَتْرِهِ عَلَيْهِ وَالرَّحْمَةِ بِهِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ كَكَوْنِهِ فِي عِيَالِهِ أَوْ مِنْ أَتْبَاعِهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَصَدَقَ) فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ (إنْ أَشْبَهَ) وَدَخَلَ مِنْ مَدَاخِلِ النَّاسِ وَخَرَجَ مِنْ مَخَارِجِهِمْ.

(لَا) بِسَرِقَةِ (مِلْكِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) وَمُعَارٍ وَمُودَعٍ (كَمِلْكِهِ) لَهُ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) بِهِ مِنْ الْحِرْزِ بِإِرْثٍ أَوْ صَدَقَةٍ ثُمَّ خَرَجَ بِهِ فَلَا يُقْطَعُ بِخِلَافِ مِلْكِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِهِ (مُحْتَرَمٍ) دَخَلَ فِيهِ مَالُ حَرْبِيٍّ دَخَلَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ الْمُسْلِمُ (لَا)(خَمْرٍ) أَوْ خِنْزِيرٍ وَلَوْ لِكَافِرٍ سَرَقَهُ مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ فَلَا قَطْعَ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهَا لِذِمِّيٍّ إنْ أَتْلَفَهَا وَإِلَّا رَدَّ عَيْنَهَا عَلَيْهِ لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ لِوُجُوبِ إرَاقَتِهَا عَلَيْهِ.

(وَطُنْبُورٍ) وَنَحْوِهِ مِنْ آلَاتِ اللَّهْوِ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهِ (إلَّا أَنْ يُسَاوِيَ بَعْدَ كَسْرِهِ) تَقْدِيرًا (نِصَابًا) فَيُقْطَعُ (وَلَا) بِسَرِقَةِ (كَلْبٍ مُطْلَقًا) أُذِنَ فِي اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا مُعَلَّمًا أَمْ لَا وَلَوْ سَاوَى تَعْلِيمُهُ نِصَابًا فَهُوَ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَجَارِحٍ لِتَعْلِيمِهِ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَا يُبَاعُ بِحَالٍ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(وَ) لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ (أُضْحِيَّةٍ بَعْدَ ذَبْحِهَا) ؛ لِأَنَّهَا وَجَبَتْ بِذَبْحِهَا وَخَرَجَتْ لِلَّهِ لَا قَبْلَهُ فَيُقْطَعُ وَلَوْ نَذَرَهَا؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَعَيَّنُ بِالنَّذْرِ وَالْفِدْيَةُ كَالْأُضْحِيَّةِ فِي الْوَجْهَيْنِ (بِخِلَافِ) سَرِقَةِ (لَحْمِهَا) أَوْ جِلْدِهَا (مِنْ فَقِيرٍ) تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهِ أَوْ مُهْدَى لَهُ فَيُقْطَعُ لِجَوَازِ بَيْعِهِ (تَامِّ الْمِلْكِ) لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ (لَا شُبْهَةَ لَهُ) أَيْ لِلسَّارِقِ (فِيهِ) قَوِيَّةٌ فَيُقْطَعُ.

ــ

[حاشية الدسوقي]

(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ مَنْ سَرَقَ مِنْ سَارِقٍ) قَالُوا وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ السَّارِقِ الثَّانِي أَنَّهُ سَرَقَهُ لِيَرُدَّهُ لِرَبِّهِ اهـ أَمِيرٌ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَمِينٍ) أَيْ كَالْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ وَالْمُودَعِ وَالْمُرْتَهِنِ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ وَشَمِلَ نَحْوَ ذَلِكَ كَالسَّرِقَةِ مِنْ آلَةِ الْمَسْجِدِ وَسَرِقَةِ بَابِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا لَلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِلنَّوَادِرِ لَا عَلَى مَا لِلْقَرَافِيِّ مِنْ أَنَّ الْمِلْكَ لِلَّهِ فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ لِمَا ذُكِرَ

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ) يَعْنِي أَنَّ السَّارِقَ إذَا أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ شَخْصٍ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ وَكَذَّبَهُ ذَلِكَ الشَّخْصُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَا يُفِيدُهُ تَكْذِيبُهُ ذَلِكَ الشَّخْصَ لِلْمُقِرِّ أَوْ لِلْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى الْمَسْرُوقُ بِيَدِ السَّارِقِ) أَيْ عَلَى وَجْهِ الْحِيَازَةِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُجْعَلُ فِي بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ السَّارِقِ وَرَبِّهِ يَنْفِيهِ عَنْ مِلْكِهِ، وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمَالَ الْمَجْهُولَ أَرْبَابُهُ مَحِلُّهُ بَيْتُ الْمَالِ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ.

(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَدَّعِهِ رَبُّهُ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ) أَيْ قَبَضَ عَلَيْهِ وَأَمْسَكَ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِقَرِينَةٍ تُصَدِّقُهُ) أَيْ فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ.

(قَوْلُهُ: وَصَدَقَ) أَيْ آخِذُ الْمَتَاعِ فِي دَعْوَاهُ الْإِرْسَالَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّهُ صَدَقَ عَلَى ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: إنْ أَشْبَهَ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مِنْ عِيَالِهِ أَوْ مِنْ خَدَمِهِ

(قَوْلُهُ: مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ) يَصِحُّ فَتْحُ الْهَاءِ وَالْجِيمِ وَيَكُونُ بَيَانًا لِلْمَسْرُوقِ وَيَصِحُّ كَسْرُهُمَا عَلَى أَنَّ " مِنْ " ابْتِدَائِيَّةٌ، وَقَوْلُهُ: مِنْ مُرْتَهِنٍ وَمُسْتَأْجِرٍ عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ سَرِقَةَ الرَّاهِنِ وَالْمُؤَجِّرِ مِلْكَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُرْتَهِنِ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ وَأَمَّا عَكْسُهُ وَهُوَ سَرِقَةُ الْمُرْتَهِنِ الرَّهْنَ مِنْ الرَّاهِنِ قَبْلَ قَبْضِهِ مِنْهُ وَالْمُسْتَأْجِرِ مِنْ الْمُؤَجِّرِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الْقَطْعَ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مِلْكِهِ بَعْدَ خُرُوجِهِ بِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فَإِذَا سَرَقَ نِصَابًا وَأَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ ثُمَّ وَهَبَهُ لَهُ صَاحِبُهُ فَإِنَّ الْقَطْعَ لَا يَرْتَفِعُ عَنْهُ لَكِنْ قَيَّدَ هَذَا بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا وَهَبَهُ لَهُ صَاحِبُهُ بَعْدَ أَنْ بَلَغَ الْإِمَامَ، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ كَمَا وَقَعَ لِصَفْوَان فَإِنَّهُ سَرَقَ دِرْعًا وَقَالَ صَاحِبُهُ هُوَ صَدَقَةٌ عَلَيْهِ فَقَالَ عليه السلام: هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَنَا.

(قَوْلُهُ: مُحْتَرَمٍ) هُوَ الَّذِي يَجُوزُ تَمَلُّكُهُ وَبَيْعُهُ فَالْخَمْرُ وَمَا بَعْدَهُ لَيْسَ بِمُحْتَرَمٍ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا تَمَلُّكُهَا.

(قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ عَلَيْهِ وَلَوْ كَثُرَتْ قِيمَتُهَا عِنْدَهُمْ، إلَّا إذَا سَاوَتْ الْوِعَاءُ نِصَابًا، وَإِلَّا قُطِعَ لِذَلِكَ كَمَا فِي المج.

(قَوْلُهُ: وَيَغْرَمُ) أَيْ السَّارِقُ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا (قَوْلُهُ: قِيمَتَهَا لِذِمِّيٍّ) أَيْ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِذِمِّيٍّ.

(قَوْلُهُ: لَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ) أَيْ لَا إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِمُسْلِمٍ وَأَتْلَفَهَا السَّارِقُ فَلَا يَغْرَمُ قِيمَتَهَا

(قَوْلُهُ: وَطُنْبُورٍ) هُوَ بِضَمِّ الطَّاءِ وَيُقَالُ طَنْبَارٌ أَيْضًا وَهُوَ فَارِسِيٌّ مُعَرَّبٌ اهـ بُلَيْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: تَقْدِيرًا) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي اعْتِبَارِ قِيمَتِهِ تَقْدِيرُ كَسْرِهِ، وَإِنْ لَمْ يُكْسَرْ بِالْفِعْلِ إذْ قَدْ تُفْقَدُ عَيْنُهُ وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ كَمَا قَالَ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا بِسَرِقَةِ كَلْبٍ مُطْلَقًا) وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِالْقَطْعِ فِي الْمَأْذُونِ فِي اتِّخَاذِهِ، وَإِنْ عُدِمَ الْقَطْعُ إنَّمَا هُوَ فِيمَا لَا يُمْلَكُ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ) أَيْ بَيْنَ الْكَلْبِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْجَارِحِ الْمُعَلَّمِ

(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ فَيُقْطَعُ) أَيْ إنْ سَاوَتْ نِصَابًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَهْدِيٍّ لَهُ) أَيْ أَوْ مِنْ غَنِيٍّ مَهْدِيٍّ لَهُ وَقَوْلُهُ: لِجَوَازِ بَيْعِهِ لَهُ أَيْ لِجَوَازِ بَيْعِ ذَلِكَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ.

(قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ) أَيْ إنْ سَاوَى الْمَسْرُوقُ نِصَابًا.

(قَوْلُهُ: تَامِّ الْمِلْكِ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ) الْحَقُّ أَنَّهُمَا شَرْطَانِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَذَكَرَ أَنَّهُ اُحْتُرِزَ بِأَوَّلِهِمَا عَنْ سَرِقَةِ مَا لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ وَاحْتُرِزَ بِثَانِيهِمَا مِنْ سَرِقَةِ الْأَبِ وَنَحْوِهِ اهـ بْن وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَطْعِ مِنْ كَوْنِ النِّصَابِ مَمْلُوكًا لِغَيْرِ السَّارِقِ وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْغَيْرُ يَمْلِكُهُ بِتَمَامِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ لِلسَّارِقِ فِيهِ شُبْهَةٌ قَوِيَّةٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَصْلًا أَوْ يَكُونُ فِيهِ شُبْهَةٌ ضَعِيفَةٌ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ مَنْ وَرِثَ بَعْضَ النِّصَابِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ

ص: 336

(وَإِنْ) سَرَقَ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَمِنْهُ الشُّوَنُ (أَوْ) مِنْ (الْغَنِيمَةِ) بَعْدَ حَوْزِهَا إنْ عَظُمَ الْجَيْشُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ كَأَنْ قَلَّ وَأَخَذَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا بِخِلَافِ السَّرِقَةِ قَبْلَ الْحَوْزِ فَلَا يُقْطَعُ (أَوْ) مِنْ (مَالِ شَرِكَةٍ إنْ حُجِبَ عَنْهُ) بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ أَمِينٍ أَوْ جَعَلَ الْمِفْتَاحَ عِنْدَ الْآخَرِ أَوْ قَالَ لَهُ لَا تَدْخُلْ الْمَحِلَّ إلَّا مَعِي (وَ) إنْ (سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا) كَأَنْ يَسْرِقَ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا بَيْنَهُمَا تِسْعَةً فَيُقْطَعُ.

(لَا)(الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ) إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ ابْنِ وَلَدِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِلشُّبْهَةِ الْقَوِيَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ، وَإِنْ سَفَلَ فَأَوْلَى الْأَبُ وَالْأُمُّ بِخِلَافِ الْوَلَدِ يَسْرِقُ مِنْ مَالِ أَصْلِهِ فَيُقْطَعُ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ وَلِذَا حُدَّ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ بِخِلَافِ الْأَبِ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ (وَلَا) إنْ سَرَقَ قَدْرَ حَقِّهِ أَوْ فَوْقَهُ دُونَ نِصَابٍ (مِنْ) مَالِ (جَاحِدٍ) لِحَقِّهِ (أَوْ) مِنْ مَالِ (مُمَاطَلٍ لِحَقِّهِ) إذَا ثَبَتَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَالًا وَجَحَدَهُ أَوْ مَاطَلَهُ فِيهِ، وَكَذَا إنْ أَقَرَّ رَبُّ الْمَالِ بِذَلِكَ فَلَا يُقْطَعُ وَلَيْسَ مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ لَمْ يَدَّعِ السَّارِقُ أَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَوَرِثَ أَخُوهُ مَثَلًا بَاقِيَهُ لَمْ يُقْطَعْ وَلَا وَجْهَ لِتَنْظِيرِ عبق فِي ذَلِكَ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُنْتَظِمًا أَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ عَظُمَ الْجَيْشُ) أَشَارَ بِهَذَا لِمَا قَالَهُ الْعَلَّامَةُ بْنُ الصَّوَابِ أَنَّ جَمَاعَةَ الْجَيْشِ إذَا كَثُرُوا قُطِعَ السَّارِقُ، وَإِنْ أَخَذَ نِصَابًا، وَإِنْ قَلُّوا لَا يُقْطَعُ، إلَّا إذَا سَرَقَ نِصَابًا فَوْقَ حَقِّهِ كَالشَّرِيكِ الْآتِي كَمَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ السَّارِقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ نِصَابًا يُقْطَعُ مُطْلَقًا عَظُمَ الْجَيْشُ أَوْ قَلَّ وَمَشَى عبق عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ وَقَدْ عَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ) أَيْ إذَا كَانَ السَّارِقُ مِنْ الْجَيْشِ، وَإِلَّا فَلَا شُبْهَةَ لَهُ أَصْلًا.

(قَوْلُهُ: إنْ حَجَبَ عَنْهُ) أَيْ إنْ حُجِبَ السَّارِقُ عَنْ مَالِ الشَّرِكَةِ أَيْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ تَصَرُّفٌ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ أَوْدَعَاهُ عِنْدَ أَمِينٍ) أَيْ أَجْنَبِيٍّ مِنْهُمَا.

(قَوْلُهُ: لَوْ جَعَلَ الْمِفْتَاحَ إلَخْ) أَيْ أَوْ جَعَلَ السَّارِقُ الْمِفْتَاحَ بِيَدِ الْآخَرِ لِلْحِفْظِ وَالْإِحْرَازِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَالَ لَهُ لَا تَدْخُلْ الْمَحِلَّ، إلَّا مَعِي) - أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الْمِفْتَاحَ بِيَدِ السَّارِقِ.

(قَوْلُهُ: وَسَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُجِبَ عَنْهُ فَهُوَ شَرْطٌ ثَانٍ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَسْرِقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا مِنْ جَمِيعِ مَالِ الشَّرِكَةِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا كَمَا إذَا كَانَ جُمْلَةُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ بَيْنَهُمَا اثْنَيْ عَشَرَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا سِتَّةٌ وَسُرِقَ مِنْهُ تِسْعَةُ دَرَاهِمَ وَأَمَّا إذَا كَانَ مُقَوَّمًا كَثِيَابٍ يَسْرِقُ مِنْهَا ثَوْبًا فَالْمُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ فِيمَا سَرَقَ نِصَابٌ فَوْقَ حَقِّهِ فِي الْمَسْرُوقِ فَقَطْ فَإِذَا كَانَتْ الشَّرِكَةُ فِي عُرُوضٍ كَكُتُبٍ جُمْلَتُهَا تُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ فَسَرَقَ مِنْهَا كِتَابًا مُعَيَّنًا يُسَاوِي سِتَّةً فَيُقْطَعُ لِأَنَّ حَقَّهُ فِي نِصْفِهِ فَقَطْ فَقَدْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ فِيهِ نِصَابًا وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِثْلِيِّ وَالْمُقَوَّمِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِي الْمِثْلِيِّ كَوْنَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ فَوْقَ حَقِّهِ فِي جَمِيعِ الْمَالِ الْمُشْتَرَكِ مَا سَرَقَ وَمَا لَمْ يَسْرِقْ وَاعْتَبَرُوا فِي الْمُقَوَّمِ كَوْنَ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ فَوْقَ حَقِّهِ فِيمَا سَرَقَ فَقَطْ أَنَّ الْمُقَوَّمَ لَمَّا كَانَ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ إلَّا بِرِضَا صَاحِبِهِ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِي الْمُقَوَّمِ كَانَ مَا سَرَقَهُ بَعْضُهُ حَظُّهُ وَبَعْضُهُ حَظُّ صَاحِبِهِ وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْمِثْلِيُّ فَلَمَّا كَانَ لَهُ أَخْذُ حَظِّهِ مِنْهُ، وَإِنْ أَبَى صَاحِبُهُ لِعَدَمِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهِ غَالِبًا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ أَنْ يَكُونَ مَا أَخَذَهُ مِنْهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ كَذَلِكَ

(قَوْلُهُ: لَا الْجَدُّ وَلَوْ لِأُمٍّ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِي الْجَدِّ قَوْلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ اخْتَلَفَ الْأَجْدَادُ مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يُقْطَعَ؛ لِأَنَّهُ أَبٌ وَلِأَنَّهُ مِمَّنْ تَغْلُظُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ وَقَدْ وَرَدَ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَقَالَ أَشْهَبُ يُقْطَعُونَ لِأَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي مَالِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ وَلَا نَفَقَةَ لَهُمْ عَلَيْهِمْ وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحَبُّ إلَيَّ عَلَى الْوُجُوبِ وَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ بَاقِي الْقَرَابَاتِ اهـ وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْجَدِّ مُطْلَقًا لَا فِي خُصُوصِ الْجَدِّ لِلْأُمِّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ ضَعْفِ شُبْهَةِ الْوَلَدِ فِي مَالِ أَبِيهِ حُدَّ الْوَلَدُ إنْ وَطِئَ جَارِيَةَ أَبِيهِ أَيْ أَوْ أُمِّهِ.

(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْأَبِ يَطَأُ جَارِيَةَ ابْنِهِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُحَدُّ لِقُوَّةِ شُبْهَةِ الْأَصْلِ فِي مَالِ فَرْعِهِ.

(تَنْبِيهٌ) لَوْ سَرَقَ الْعَبْدُ مِنْ مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ قُطِعَ لِعَدَمِ شُبْهَةِ الْعَبْدِ فِي مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ سَيِّدِهِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ لِسَيِّدِهِ فَلَوْ قُطِعَ لَزَادَتْ مُصِيبَةُ السَّيِّدِ لَا إنْ عَدِمَ قَطْعَهُ لِشُبْهَتِهِ فِي مَالِ سَيِّدِهِ إذْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ كَمَا أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ ابْنِ سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ سَرَقَ قَدْرَ حَقِّهِ) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ شَيْئِهِ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ جَاحِدٍ لِحَقِّهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحَقُّ الَّذِي جَحَدَهُ وَدِيعَةً أَوْ غَيْرَهَا كَدَيْنٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ كَمَا هُوَ مُقْتَضَى الْفِقْهِ، وَإِنْ كَانَ النَّصُّ فِي الْوَدِيعَةِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ عَلَى إنْسَانٍ مِنْ دَيْنٍ أَوْ وَدِيعَةٍ فَجَحَدَهُ أَوْ مَاطَلَهُ فِيهِ وَأَخَذَ مِنْهُ بِقَدْرِهِ وَثَبَتَ الْأَخْذُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْآخِذُ إنَّمَا أَخَذْت حَقِّي الَّذِي جَحَدَهُ أَوْ مَاطَلَنِي فِيهِ وَثَبَتَ أَنَّ لَهُ عِنْدَهُ مَالًا وَجَحَدَهُ أَوْ قَالَ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ إنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ وَأَنَا كُنْت جَاحِدًا لَهُ كَاذِبًا فِي جَحْدِي فَيُعْتَبَرُ إقْرَارُ رَبِّ الْمَالِ وَلَا قَطْعَ وَلَيْسَ هَذَا مُخَالِفًا لِقَوْلِهِ وَلَوْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ كَانَ الْآخِذُ مُقِرًّا بِالسَّرِقَةِ وَرَبُّ الْمَالِ يَنْفِيهَا وَهَاهُنَا اتَّفَقَا عَلَى نَفْيِهَا.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ) أَيْ إقْرَارُ الْمَالِكِ بِذَلِكَ أَيْ بِكَوْنِ -

ص: 337

بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ وَهُنَا ادَّعَى أَنَّهُ لَمْ يَسْرِقْ وَإِنَّمَا أَخَذَ حَقَّهُ لِجَحْدِ غَرِيمِهِ أَوْ مَطْلِهِ فَصَدَّقَهُ رَبُّ الْمَالِ فَتَأَمَّلْ.

(مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ) وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ السَّارِقِ فِيهِ بَلْ لَوْ أَدْخَلَ نَحْوَ عَصًا وَجَرَّ النِّصَابَ بِهِ قُطِعَ وَالْحِرْزُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَفَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ (بِأَنْ لَا يُعَدَّ الْوَاضِعُ فِيهِ مُضَيِّعًا) عُرْفًا (وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ) فَالْمَدَارُ عَلَى إخْرَاجِ النِّصَابِ دَخَلَ هُوَ فِي الْحِرْزِ أَمْ لَا خَرَجَ مِنْهُ إذَا دَخَلَ أَمْ لَا (أَوْ)(ابْتَلَعَ) فِي الْحِرْزِ (دُرًّا) أَوْ غَيْرَهُ مِمَّا لَا يَفْسُدُ بِالِابْتِلَاعِ وَكَانَ فِيهِ النِّصَابُ ثُمَّ خَرَجَ فَيُقْطَعُ بِخِلَافِ مَا يُفْسِدُهُ الِابْتِلَاعُ كَالطَّعَامِ وَالْعَنْبَرِ فَلَا يُقْطَعُ وَإِنَّمَا عَلَيْهِ الضَّمَانُ كَمَا لَوْ أَحْرَقَ شَيْئًا فِي الْحِرْزِ أَوْ أَتْلَفَهُ وَيُؤَدَّبُ فَلَوْ أَكَلَهُ خَارِجَ الْحِرْزِ أَوْ أَحْرَقَهُ قُطِعَ (أَوْ)(ادَّهَنَ) فِي الْحِرْزِ (بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ) بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ الْحِرْزِ إذَا سَلَتَ كَمِسْكٍ وَزَبَادٍ وَعِطْرٍ (نِصَابٌ) أَيْ قِيمَةُ نِصَابٍ (أَوْ) كَانَ خَارِجَ الْحِرْزِ وَ (أَشَارَ إلَى شَاةٍ) مَثَلًا (بِالْعَلَفِ فَخَرَجَتْ) فَأَخَذَهَا قُطِعَ.

(أَوْ) سَرَقَ (اللَّحْدَ) فَهُوَ مَنْصُوبٌ بِعَامِلٍ مَحْذُوفٍ مَعْطُوفٍ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ الْإِغْيَاءِ وَالْمُرَادُ بِاللَّحْدِ غِشَاءُ الْقَبْرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْآخِذِ إنَّمَا أَخَذَ مَالَهُ الَّذِي كُنْت جَاحِدًا لَهُ أَوْ مُمَاطِلًا لَهُ فِيهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ أَفْرَادِ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلَوْ كَذَّبَهُ أَيْ حَتَّى يَقْصُرَ الثُّبُوتَ هُنَا عَلَى الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ وَلَا يُعَمَّمُ فِيهِ بِحَيْثُ يُجْعَلُ شَامِلًا لِلثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ رَبِّ الْمَالِ حَتَّى يَلْزَمَ مُخَالَفَةٌ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ) أَيْ بَلْ أَقَرَّ بِأَنَّهُ سَرَقَ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ) أَيْ وَاحِدٍ فَلَوْ أُخْرِجَ النِّصَابُ مِنْ حِرْزَيْنِ لَمْ يُقْطَعْ سَوَاءٌ كَانَ الْحِرْزَانِ لِمَالِكٍ وَاحِدٍ أَوْ لِأَكْثَرَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ النِّصَابَ مَتَى كَانَ مُخْرَجًا مِنْ حِرْزٍ وَاحِدٍ قُطِعَ مُخْرِجُهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ مَالِكُهُ، وَإِنْ أُخْرِجَ مِنْ حِرْزَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ فَلَا قَطْعَ فِيهِ وَلَوْ اتَّحَدَ الْمَالِكُ وَمِنْ هَذَا يُعْلَمُ أَنَّ آخِذَ النِّصَابِ مِنْ مَجْمُوعِ غَرَائِرَ بِسَوْقٍ لَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّ كُلَّ غِرَارَةٍ حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِيهَا وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْإِمَامُ مَالِكٌ وَخَالَفَهُ الْفُقَهَاءُ ثُمَّ رَجَعُوا إلَيْهِ وَأَوَّلُ مَنْ رَجَعَ إلَيْهِ رَبِيعَةُ اهـ مِنْ ح.

(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ دُخُولُ السَّارِقِ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ بَقَاءُ النِّصَابِ خَارِجَ الْحِرْزِ فَإِذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فَتَلِفَ بِنَارٍ أَوْ أَتْلَفَهُ حَيَوَانٌ أَوْ كَانَ زُجَاجًا فَانْكَسَرَ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ.

(قَوْلُهُ: وَفَسَّرَهُ إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِأَنْ لَا يُعَدَّ إلَخْ لِلتَّصْوِيرِ أَيْ مُصَوَّرٌ بِمَا لَا يُعَدُّ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ) أَيْ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ وَأَبْرَزَ الضَّمِيرَ لِجَرَيَانِ هَذِهِ الْحَالِ عَلَى غَيْرِ مَنْ هِيَ لَهُ بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ قَوْلَهُ مُخْرَجٍ مِنْ أَوْصَافِ الْمَسْرُوقِ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ، حَالٌ مِنْ ضَمِيرِهِ مَعَ أَنَّ هَذِهِ الْحَالَ مِنْ أَوْصَافِ السَّارِقِ وَقَدْ جَرَتْ عَلَى الْمَسْرُوقِ فَلِذَلِكَ أَبْرَزَ الضَّمِيرَ لَكِنْ مَعَ عَدَمِ اللَّبْسِ عَلَى مَذْهَبِ الْبَصْرِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: فَالْمَدَارُ) أَيْ فِي الْقَطْعِ عَلَى إخْرَاجِ النِّصَابِ مِنْ الْحِرْزِ حَتَّى أَنَّ السَّارِقَ لَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْ الْحِرْزِ ثُمَّ عَادَ بِهِ فَأَدْخَلَهُ فِيهِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي الْبَدْرِ عَنْ الذَّخِيرَةِ وَفِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ نَقْلًا عَنْ التَّبْصِرَةِ أَنَّ رَبَّ الدَّارِ إذَا قَتَلَ السَّارِقَ وَهُوَ يُخَلِّصُ مَتَاعَهُ مِنْهُ فَهَدَرٌ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، فَإِنْ قَتَلَهُ بَعْدَ انْفِصَالِهِ عَنْ الْبَيْتِ وَبُعْدِهِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يُقَادُ لَهُ مِنْ رَبِّ الدَّارِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرَهُ) أَيْ كَدِينَارٍ.

(قَوْلُهُ: وَيُؤَدَّبُ) أَيْ زِيَادَةً عَلَى الضَّمَانِ.

(قَوْلُهُ: فَلَوْ أَكَلَ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ الْكَائِنَ مِنْ الطَّعَامِ مِنْ الْحِرْزِ وَأَكَلَهُ أَوْ حَرَقَهُ خَارِجَهُ قُطِعَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ادَّهَنَ فِي الْحِرْزِ) أَيْ أَوْ دَهَنَهُ غَيْرُهُ فِيهِ بِاخْتِيَارِهِ.

(قَوْلُهُ إذَا سَلَتَ) مِثْلُ السُّلْتِ الْغُسْلُ فَيَطْفُو مِنْهُ عَلَى الْمَاءِ فَإِذَا ادَّهَنَ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ بَعْدَ غَسْلِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ مَا قِيمَتُهُ نِصَابٌ قُطِعَ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ) أَيْ السَّارِقُ خَارِجَ الْحِرْزِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَشَارَ إلَى شَاةٍ) أَيْ وَاقِفَةٍ فِي الْحِرْزِ. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) أَيْ فَالْمُرَادُ الدَّابَّةُ مُطْلَقًا وَفِي ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّ إخْرَاجَ الْبَازِ بِغَيْرِ عَلَفٍ كَإِخْرَاجِ الشَّاةِ بِهِ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ إخْرَاجَ الدَّابَّةِ بِغَيْرِ الْعَلَفِ كَإِخْرَاجِهَا بِهِ كَنِدَاءِ بَعْضِ الْبَقَرِ بِاسْمِهِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوْ أَشَارَ لِحَيَوَانٍ فَخَرَجَ لَكَانَ أَحْسَنَ.

(قَوْلُهُ: فَأَخَذَهَا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهَا فَلَا يُقْطَعُ فَأَخَذَهَا قَيْدٌ مُعْتَبَرٌ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ الْإِشَارَةَ لَيْسَتْ كَالْإِخْرَاجِ الْحَقِيقِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَذَكَرَ فِي النَّوَادِرِ مَا يُفِيدُ عَدَمَ اعْتِبَارِهِ وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ لِمُوَافَقَتِهِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مُخَرَّجٌ مِنْ حِرْزٍ، وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ هُوَ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ التَّعْوِيلُ فِي الْقَطْعِ عَلَى خُرُوجِ النِّصَابِ مِنْ الْحِرْزِ أَخَذَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِاللَّحْدِ غِشَاءُ الْقَبْرِ إلَخْ) بِهَذَا الْمُرَادِ يَنْدَفِعُ مَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْبَحْثِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ أَوْ اللَّحْدِ أَيْ أَوْ سَرَقَ مَا فِي اللَّحْدِ وَاَلَّذِي فِيهِ هُوَ الْكَفَنُ؛ لِأَنَّ اللَّحْدَ هُوَ الْقَبْرُ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ مَا هُنَا مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي، لَكِنْ بَحَثَ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِي هَذَا الْجَوَابِ بِأَنَّهُ يُتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَةِ غِشَاءِ الْقَبْرِ لَحْدًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِجَوَابِهِ بِقَوْلِهِ سَمَّاهُ لَحْدًا مَجَازًا إلَخْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمَجَازَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ سَمَاعُ الشَّخْصِ بَلْ يَكْفِي فِيهِ سَمَاعُ نَوْعِ الْعَلَاقَةِ وَنَصَّ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَكَذَا رَأَيْت هَذِهِ اللَّفْظَةَ فِيمَا رَأَيْت مِنْ النُّسَخِ وَلَا أَتَحَقَّقُ مَعْنَاهَا؛ لِأَنَّ اللَّحْدَ بِفَتْحِ اللَّامِ ضِدُّ الشَّقِّ، فَإِنْ أَرَادَ حَقِيقَتَهُ وَأَنَّهُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَانَ مُكَرَّرًا مَعَ مَا يَأْتِي، وَإِنْ أَرَادَ اللَّبِنَ الَّتِي تُنْصَبُ عَلَى الْمَيِّتِ فَيَصِحُّ لَكِنْ يُتَوَقَّفُ عَلَى صِحَّةِ تَسْمِيَتِهَا بِذَلِكَ لُغَةً وَعَلَى صِحَّةِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَمَا رَأَيْت فِي ذَلِكَ نَصًّا، إلَّا مَا اقْتَضَاهُ قَوْلُ النَّوَادِرِ الْقَبْرُ حِرْزٌ لِمَا فِيهِ كَالْبَيْتِ اهـ أَيْ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا فِيهِ اللَّبِنُ الَّتِي تُنْصَبُ

ص: 338

أَيْ مَا يُسَدُّ بِهِ اللَّحْدُ مِنْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ سَمَّاهُ لَحْدًا مَجَازًا لِعَلَاقَةِ الْمُجَاوَرَةِ وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ الْكَفَنِ فَسَيَأْتِي (أَوْ) سَرَقَ (الْخِبَاءِ) أَيْ الْخَيْمَةَ الْمَنْصُوبَةَ فِي سَفَرٍ أَوْ حَضَرٍ كَانَ أَهْلُهَا بِهَا أَمْ لَا (أَوْ) سَرَقَ (مَا فِيهِ) مِنْ الْأَمْتِعَةِ؛ لِأَنَّ الْخِبَاءَ حِرْزٌ لِنَفْسِهِ وَلِمَا فِيهِ وَلَا مَفْهُومَ لِلْخِبَاءِ بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ اُتُّخِذَ مَنْزِلًا وَتُرِكَ بِهِ مَتَاعٌ وَذَهَبَ صَاحِبُهُ لِحَاجَةٍ مَثَلًا فَسَرَقَهُ إنْسَانٌ أَوْ سَرَقَ مَا فِيهِ قُطِعَ (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَانُوتٍ أَوْ) مِنْ (فِنَائِهِمَا) أَيْ الْخِبَاءِ وَالْحَانُوتِ؛ لِأَنَّ الْفِنَاءَ حِرْزٌ لِمَا يُوضَعُ فِيهِ عَادَةً (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (مَحْمَلٍ) كَمِحَفَّةٍ وَشُقْدُفٍ أَوْ سَرَقَ الْمَحْمَلَ نَفْسَهُ كَانَ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ أَمْ لَا (أَوْ) سَرَقَ مَا عَلَى (ظَهْرِ دَابَّةٍ) مِنْ غِرَارَةٍ أَوْ خُرْجٍ أَوْ سَرْجٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ هَذَا إذَا كَانَ أَصْحَابُهَا حَاضِرِينَ مَعَهَا بَلْ (وَإِنْ غِيبَ) أَيْ غَابَ أَصْحَابُهُنَّ (عَنْهُنَّ) أَيْ الْمَذْكُورَاتِ مِنْ الْخِبَاءِ وَمَا بَعْدَهُ (أَوْ) سَرَقَ تَمْرًا أَوْ حَبًّا (بِجَرِينٍ)(أَوْ) سَرَقَ شَيْئًا مِنْ (سَاحَةِ دَارٍ) بِالنِّسْبَةِ (لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ غَيْرِ شَرِيكٍ فِي السُّكْنَى شَرِكَةَ ذَاتٍ أَوْ مَنْفَعَةٍ فَغَيْرُ السَّاكِنِ أَجْنَبِيٌّ وَلَوْ شَرِيكًا فِي الذَّاتِ إذَا كَانَ لَا يَدْخُلُ إلَّا بِإِذْنٍ كَمَا قَالَ (إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، فَإِنْ لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ لَمْ يُقْطَعْ وَمَفْهُومُ أَجْنَبِيٍّ أَنَّ الشَّرِيكَ فِي السُّكْنَى لَا يُقْطَعُ إنْ سَرَقَ مِنْ السَّاحَةِ مَا الشَّأْنُ أَنْ لَا يُوضَعَ فِيهَا كَالثِّيَابِ وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ وَأَمَّا لَوْ سَرَقَ مَا يُوضَعُ فِيهَا كَالدَّابَّةِ فَيُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ الدَّارِ حَيْثُ أَزَالَهَا مِنْ مَكَانِهَا الْمُعَدِّ لَهَا إزَالَةً بَيِّنَةً كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ وَأَمَّا السَّرِقَةُ مِنْ بُيُوتِهَا فَيُقْطَعُ مُخْرِجُهُ مِنْ الْبَيْتِ لِسَاحَتِهَا اتِّفَاقًا فِي الشَّرِيكِ وَعَلَى الرَّاجِحِ فِي الْأَجْنَبِيِّ وَقِيلَ حَتَّى يَخْرُجَ بِالْمَسْرُوقِ مِنْ الدَّارِ وَهَذَا كُلُّهُ فِي الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ فَلَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ بَيْتِهَا أَوْ مِنْ سَاحَتِهَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَا سَرَقَهُ مِنْ سَاحَتِهَا شَأْنُهُ أَنْ يُوضَعَ فِيهَا أَمْ لَا (كَالسَّفِينَةِ) يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَتَاعِ مُطْلَقًا خَرَجَ مِنْهَا أَمْ لَا كَانَ مِنْ رُكَّابِهَا أَمْ لَا كَأَنْ سَرَقَ بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ إنْ كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا لَا إنْ لَمْ يُخْرِجْهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الرُّكَّابِ لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا وَهَذَا كُلُّهُ فِي غَيْرِ السَّرِقَةِ مِنْ الْخُنِّ وَإِلَّا قُطِعَ مُطْلَقًا إذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ (أَوْ) سَاحَةِ (خَانٍ) حِرْزٍ (لِلْأَثْقَالِ) يُقْطَعُ سَارِقُهَا إذَا أَزَالَهَا مِنْ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَى الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُسَدُّ بِهِ اللَّحْدُ) أَيْ مَا يُسَدُّ بِهِ الْقَبْرُ عَلَى الْمَيِّتِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا فِيهِ) أَيْ وَأَمَّا سَرِقَةُ مَا فِيهِ مِنْ الْكَفَنِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ الْخِبَاءَ أَوْ مَا فِيهِ) هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا ضُرِبَ الْخِبَاءُ فِي مَكَان لَا يُعَدُّ رَبُّهُ بِضَرْبِهِ فِيهِ مُضَيِّعًا لَهُ قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: بَلْ كُلُّ مَحَلٍّ اُتُّخِذَ مَنْزِلًا) أَيْ كَخُصٍّ مِنْ بُوصٍ أَوْ مِنْ طِينٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَهَكَذَا نَقَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ اللَّخْمِيِّ وَكَذَا ابْنُ عَرَفَةَ وَنَصُّهُ وَالرُّفْقَةُ فِي السَّفَرِ يَنْزِلُ كُلُّ وَاحِدٍ عَلَى حِدَتِهِ إنْ سَرَقَ أَحَدُهُمْ مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ وَمَنْ أَلْقَى ثَوْبَهُ فِي الصَّحْرَاءِ وَذَهَبَ لِحَاجَةٍ وَهُوَ يُرِيدُ الرَّجْعَةَ لِأَخْذِهِ فَسَرَقَهُ رَجُلٌ، فَإِنْ كَانَ مَنْزِلًا لَهُ قُطِعَ سَارِقُهُ، وَإِلَّا لَمْ يُقْطَعْ اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: أَوْ ظَهْرِ دَابَّةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ سَائِرَةً أَوْ نَازِلَةً فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ وَمَحِلُّ الْقَطْعِ بِسَرِقَةِ مَا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ إذَا كَانَتْ الدَّابَّةُ بِحِرْزِ مِثْلِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ حِرْزًا لِمَا عَلَيْهَا كَأَنْ كَانَتْ فِي قِطَارٍ مَثَلًا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ الدَّابَّةُ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا فَلَا قَطْعَ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوَ ذَلِكَ) أَيْ كَالْبَرْذعَةِ.

(قَوْلُهُ: وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ مِنْ الْحَانُوتِ وَالْمَحْمَلِ وَظَهْرِ الدَّابَّةِ.

(قَوْلُهُ: بِجَرِينٍ) أَيْ كَائِنٍ فِي جَرِينٍ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ بَعِيدًا مِنْهُ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِذَا جُمِعَ فِي الْجَرِينِ الْحَبُّ أَوْ التَّمْرُ وَغَابَ رَبُّهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ وَلَا غَلَقٌ وَلَا حَائِطٌ قُطِعَ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ اهـ بْن وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ عَلَى عبق سَرِقَةُ الْفُولِ وَنَحْوَهُ مِنْ السَّاحِلِ مُغَطًّى بِحَصِيرٍ فِيهَا الْقَطْعُ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا غَابَ عَنْهُ رَبُّهُ أَمْ لَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ لَا قَطْعَ ثُمَّ قَالَ رَاجِعْ التَّوْضِيحَ اهـ أَمِيرٌ.

(قَوْلُهُ: بِالنِّسْبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ السَّرِقَةِ مُعْتَبَرَةً بِالنِّسْبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: فَغَيْرُ السَّاكِنِ أَجْنَبِيٌّ) وَلَوْ شَرِيكًا فِي الذَّاتِ إذَا كَانَ لَا يَدْخُلُ، إلَّا بِإِذْنٍ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيُقْطَعُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ فِيمَا سَرَقَهُ مِنْ السَّاحَةِ وَأَخْرَجَهُ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُوضَعُ فِي السَّاحَةِ أَوْ لَا كَالثَّوْبِ (قَوْلُهُ: إنْ حُجِرَ عَلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ لَا يَدْخُلُ، إلَّا بِإِذْنٍ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ الدَّارِ) أَيْ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّرِيكِ فِي السُّكْنَى.

(قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا فِي الشَّرِيكِ) ؛ لِأَنَّ مَا أَخْرَجَهُ لِلسَّاحَةِ صَارَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَبِهَذَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْخِلَافِ فِي الْأَجْنَبِيِّ اهـ أَمِيرٌ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمُخْتَصَّةُ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ مَا صُورَتُهُ (فَرْعٌ) فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ السُّوقَ الْمَجْعُولَ عَلَيْهِ قَيْسَارِيَّةً تُغْلَقُ بِأَبْوَابٍ وَيُحِيطُ بِهَا مَا يَمْنَعُ وَذَلِكَ كَالْجَمَلُونِ وَالشِّرْبِ وَالتَّرْبِيعَةِ بِمِصْرَ لَا يُقْطَعُ سَارِقٌ مِنْ حَوَانِيتِهِ، إلَّا إذَا أَخْرَجَهُ خَارِجَ الْقَيْسَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ وَاحِدٌ لِجَمِيعِ مَا فِيهِ قَالَ وَهُوَ فَرْعٌ مِنْهُمْ اهـ أَمِيرٌ.

(قَوْلُهُ كَالسَّفِينَةِ) أَيْ كَمَا يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهَا وَأَمَّا سَرِقَتُهَا نَفْسِهَا فَسَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا) أَيْ مِنْ غَيْرِ رُكَّابِهَا.

(قَوْلُهُ: وَأَخْرَجَهُ مِنْهَا إلَخْ) فَهَذِهِ خَمْسُ صُوَرٍ فِيهَا الْقَطْعُ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ عِنْدَ غَيْبَةِ رَبِّهِ عَنْهُ وَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ لَا قَطْعَ فِيهَا (قَوْلُهُ: إذَا أَخْرَجَهُ مِنْهُ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ السَّفِينَةِ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْتٍ مُسْتَقِلٍّ فَالْإِخْرَاجُ مِنْهُ لِظَاهِرِهَا كَالْإِخْرَاجِ مِنْ الْحِرْزِ.

(قَوْلُهُ: فِي الصُّوَرِ الثَّمَانِيَةِ) أَيْ كَانَتْ السَّرِقَةُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ لَا كَانَ السَّارِقُ أَجْنَبِيًّا أَوْ مِنْ الرِّكَابِ أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ مِنْ السَّفِينَةِ أَمْ لَا وَمِثْلُ الْخِنِّ فِي الْقَطْعِ بِالسَّرِقَةِ مِنْهُ مُطْلَقًا كُلُّ

ص: 339

مَوْضِعِهَا وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُمَا مِنْهَا إذَا كَانَتْ تُبَاعُ فِيهَا وَإِلَّا فَبِإِخْرَاجِهَا عَنْهَا كَالسَّفِينَةِ وَمَفْهُومُ الْأَثْقَالِ أَنَّ الْأَشْيَاءَ الْخَفِيفَةَ كَالثَّوْبِ لَا يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّ السَّاحَةَ لَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ لَا لِأَجْنَبِيٍّ أَوْ سَاكِنٍ وَالسَّرِقَةُ مِنْ بُيُوتِهِ كَالسَّرِقَةِ مِنْ خَنِّ السَّفِينَةِ.

(أَوْ زَوْجٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى يَقْطَعُ كُلٌّ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ (فِيمَا) أَيْ فِي مَكَان (حُجِرَ عَنْهُ) أَيْ السَّارِقِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ بِمُجَرَّدِ إزَالَتِهِ مِنْ حِرْزِهِ كَصُنْدُوقٍ أَوْ خِزَانَةٍ أَوْ طَبَقَةٍ وَالْحَجْرُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بِغَلَقٍ لَا بِمُجَرَّدٍ مَنْعٍ بِكَلَامٍ فَلَوْ سَرَقَ مِمَّا لَمْ يُحْجَرُ عَنْهُ لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ (أَوْ)(مُوقَفِ دَابَّةٍ) يُقْطَعُ سَارِقُهَا مِنْهُ وُقِفَتْ (لِبَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ) كَمَكَانٍ بِزُقَاقٍ اُعْتِيدَ وُقُوفُهَا وَرَبْطُهَا بِهِ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا أَمْ لَا بِإِبَانَتِهَا عَنْ مُوقَفِهَا (أَوْ)(قَبْرٍ أَوْ بَحْرٍ لِمَنْ رُمِيَ بِهِ لِكَفَنٍ) فَالْقَبْرُ وَالْبَحْرُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ فَيُقْطَعُ سَارِقُهُ مِنْهُ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ رُمِيَ بِهِ عَنْ الْغَرِيقِ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِ مَا عَلَيْهِ (أَوْ)(سَفِينَةٍ) سُرِقَتْ (بِمَارَسَاةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا بِهِ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهَا سَوَاءٌ اُعْتِيدَ لِلْإِرْسَاءِ أَمْ لَا قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا (أَوْ)(كُلِّ شَيْءٍ) سُرِقَ (بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) فَيُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ حِرْزٌ لَهُ وَلَوْ كَانَ فِي فَلَاةٍ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ كَانَ نَائِمًا.

(أَوْ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَكَان حُجِرَ عَلَيْهِ فِي السَّفِينَةِ كَالْقَمَرَةِ وَالطَّارِمَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْهَا) أَيْ مِنْ سَاحَةِ الْخَانِ.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَتْ) أَيْ الْأَثْقَالُ تُبَاعُ فِيهَا أَيْ فِي سَاحَةِ الْخَانِ وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَطْعِ الْأَجْنَبِيِّ بِإِزَالَتِهَا مِنْ مَحِلِّهَا.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِإِخْرَاجِهَا) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ الْأَثْقَالُ تُبَاعُ فِي السَّاحَةِ فَلَا يُقْطَعُ ذَلِكَ الْأَجْنَبِيُّ حَتَّى يُخْرِجَهَا عَنْ السَّاحَةِ وَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إزَالَتِهَا عَنْ مَكَانِهَا.

(قَوْلُهُ: كَالسَّفِينَةِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهَا حَيْثُ كَانَ أَجْنَبِيًّا مِنْ الرُّكَّابِ وَكَانَ رَبُّ الْمَتَاعِ غَيْرَ حَاضِرٍ، إلَّا إذَا أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ مِنْهَا.

(قَوْلُهُ: لَيْسَتْ حِرْزًا لَهُ) أَيْ لِلثَّوْبِ وَقَوْلُهُ: لَا لِأَجْنَبِيٍّ أَيْ لَا بِالنِّسْبَةِ لِأَجْنَبِيٍّ وَلَا بِالنِّسْبَةِ لِسَاكِنٍ (قَوْلُهُ: وَالسَّرِقَةُ مِنْ بُيُوتِهِ) أَيْ الْخَانِ وَقَوْلُهُ: كَالسَّرِقَةِ مِنْ خِنِّ السَّفِينَةِ أَيْ فَيُقْطَعُ إذَا أَخْرَجَهُ مِنْ الْبَيْتِ وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ الْخَانِ

(قَوْلُهُ: يُقْطَعُ كُلٌّ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِ الْآخَرِ) أَيْ وَحُكْمُ أَمَةِ الزَّوْجَةِ فِي السَّرِقَةِ مِنْ مَالِ الزَّوْجِ كَالزَّوْجَةِ وَحُكْمُ عَبْدِ الزَّوْجِ إذَا سَرَقَ مِنْ مَالِ الزَّوْجَةِ كَالزَّوْجِ.

(قَوْلُهُ: فِيمَا حُجِرَ عَنْهُ) فِي بِمَعْنَى مِنْ أَيٍّ مِنْ الْمَكَانِ الَّذِي حُجِرَ عَنْ السَّارِقِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ السَّارِقِ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَكَانُ الَّذِي حُجِرَ عَنْ السَّارِقِ مِنْهُمَا خَارِجًا عَنْ مَسْكَنِهِمَا أَوْ كَانَ فِيهِ بِلَا خِلَافٍ فِي الْأَوَّلِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الثَّانِي خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ اللَّخْمِيِّ وَعَدَمُ الْقَطْعِ أَحْسَنُ إنْ كَانَ الْقَصْدُ بِالْغَلَقِ التَّحَفُّظَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَإِنْ كَانَ لِتَحَفُّظِ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْآخَرِ قُطِعَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وُقِفَتْ لِبَيْعٍ) أَيْ بِالسُّوقِ أَوْ غَيْرِهِ كَانَتْ مَرْبُوطَةً أَوْ لَا كَانَ رَبُّهَا مَعَهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: كَمَكَانٍ بِزُقَاقٍ اُعْتِيدَ) هَذَا مِثَالٌ لِلْغَيْرِ وَإِنَّمَا قُطِعَ لِأَنَّ ذَلِكَ حِرْزٌ لَهَا وَأَمَّا آخِذُهَا مِنْ مَوْقِفٍ غَيْرِ مُعْتَادٍ وُقُوفُهَا وَرَبْطُهَا بِهِ فَلَا قَطْعَ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا رَبُّهَا أَوْ خَادِمُهُ هَذَا، وَسَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ الْكَلَامُ عَلَى أَخْذِ الدَّابَّةِ الْوَاقِفَةِ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَالْوَاقِفَةِ فِي السُّوقِ لِغَيْرِ بَيْعِهَا بَلْ لِانْتِظَارِ رَبِّهَا، فَلِذَا حَمَلَ الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَوْ غَيْرَهُ عَلَى خُصُوصِ الدَّابَّةِ الْوَاقِفَةِ فِي الزُّقَاقِ (قَوْلُهُ: بِإِبَانَتِهَا عَنْ مَوْقِفِهَا) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ يُقْطَعُ سَارِقُهَا (قَوْلُهُ: لِكَفَنٍ) أَيْ كُلٌّ مِنْهُمَا حِرْزٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْكَفَنِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَيِّتِ فَلَا يُقْطَعُ سَارِقُ الْمَيِّتِ نَفْسِهِ بِغَيْرِ كَفَنٍ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِكَفَنٍ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مَأْذُونٍ فِيهِ شَرْعًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَالرِّسَالَةِ وَالْجَلَّابِ وَالتَّلْقِينِ وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ الْكَفَنَ بِكَوْنِهِ مَأْذُونًا فِيهِ شَرْعًا فَغَيْرُ الْمَأْذُونِ فِيهِ لَا يَكُونُ مَا ذُكِرَ حِرْزًا لَهُ فَمَنْ سَرَقَ مِنْ كَفَنِ شَخْصٍ كُفِّنَ بِعَشَرَةِ أَثْوَابٍ مَا زَادَ عَلَى الشَّرْعِيِّ يُقْطَعُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا عَلَى الثَّانِي وَاقْتَصَرَ فِي المج عَلَى الثَّانِي وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَبْرَ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَوْ بَعِيدًا عَنْهُ حِرْزٌ لِلْكَفَنِ وَلَوْ فَنِيَ الْمَيِّتُ وَبَقِيَ الْكَفَنُ، وَأَمَّا الْبَحْرُ فَظَاهِرُ كَوْنِهِ حِرْزًا لِلْكَفَنِ مَا دَامَ الْمَيِّتُ فِيهِ، فَإِنْ فَرَّقَهُ الْمَوْجُ عَنْهُ وَدَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى أَنَّهُ كَفَنٌ بِهِ فَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ الْبَحْرُ حِرْزًا لَهُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْمِيمِ) أَيْ مِنْ الثُّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ وَيَجُوزُ أَيْضًا ضَمُّهَا مِنْ الرُّبَاعِيِّ الْمَزِيدِ كَمَا فِي الْقُرْآنِ وَالْمُرَادُ بِهَا مَحَلُّ الرَّسْيِ.

(قَوْلُهُ: يُقْطَعُ سَارِقُهَا بِهِ) أَيْ مِنْهُ وَكَمَا يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ السَّفِينَةَ مِنْ الْمِرْسَاةِ يُقْطَعُ إذَا سَرَقَ الْمِرْسَاةَ بِكَسْرِ الْمِيمِ أَيْ الْآلَةَ كَانَتْ السَّفِينَةُ سَائِرَةً أَوْ رَاسِيَةً.

(قَوْلُهُ: قَرِيبًا مِنْ الْعُمْرَانِ أَمْ لَا) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ لَا يُقْطَعُ إذَا كَانَتْ رَاسِيَةً فِي مَحَلٍّ بَعِيدٍ مِنْ الْعُمْرَانِ كَالدَّابَّةِ إذَا رُبِطَتْ بِمَحِلٍّ لَمْ تُعْرَفْ بِالْوُقُوفِ فِيهِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ.

(قَوْلُهُ: بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) أَيْ الْحَيِّ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ نَائِمًا لَا إنْ كَانَ صَاحِبُهُ الْحَاضِرُ مَيِّتًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ وَيُشِيرُ لِمَا ذُكِرَ مِنْ الشُّرُوطِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْحَضْرَةَ تَقْتَضِي الشُّعُورَ وَلَوْ حُكْمًا كَالنَّائِمِ لِسُرْعَةِ انْتِبَاهِهِ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ أَوْ كُلٌّ شَيْءٍ مَعَهُ صَاحِبُهُ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَلِاقْتِضَائِهِ قَطْعَهُ إذَا سَرَقَ الْمَالَ وَصَاحِبَهُ كَالدَّابَّةِ بِرَاكِبِهَا وَالسَّفِينَةِ بِأَهْلِهَا وَهُوَ نِيَامٌ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ حِرْزِهِ وَهُوَ مُصَاحَبَةُ رَبِّهِ وَذَكَرَ ابْنُ عَاشِرٍ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ صَاحِبُهُ فِي حِرْزٍ، وَإِلَّا فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ، إلَّا بَعْدَ خُرُوجِهِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَحِرْزُ الْإِحْضَارِ إنَّمَا يُعْتَبَرُ عِنْدَ فَقْدِ حِرْزِ الْأَمْكِنَةِ اهـ بْن وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِمَّا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ الْمَوَاشِي إذَا كَانَتْ بِالْمَرْعَى فَإِنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْهَا بِحَضْرَةِ

ص: 340

سَرَقَ طَعَامًا (مِنْ مِطْمَرٍ) مَحَلٌّ يُجْعَلُ فِي الْأَرْضِ لِخَزْنِ الطَّعَامِ إنْ (قَرُبَ) مِنْ الْمَسَاكِنِ بِحَيْثُ يَكُونُ نَظَرُ رَبِّهِ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا (أَوْ) سَرَقَ بَعِيرًا أَوْ غَيْرَهُ مِنْ (قِطَارٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَهُوَ رَبْطُ الْإِبِلِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ (وَنَحْوِهِ) كَإِبِلٍ مُجْتَمِعَةٍ لَكِنْ الْقِطَارُ إنْ حَلَّ السَّارِقُ مِنْهَا وَاحِدًا قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَبِنْ بِهِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَبَانَ بِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ وَإِنَّمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ بِهِ فِي اخْتِصَارِ الْبَرَادِعِيِّ وَإِلَّا فَالْأُمُّ لَيْسَ فِيهَا وَبَانَ بِهِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ تَقْيِيدَ الْبَرَادِعِيِّ بِالْإِبَانَةِ مِثْلُهُ فِي الْأُمَّهَاتِ كَمَا نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ فَأَوْلَى غَيْرُ الْمَقْطُورَةِ.

(أَوْ)(أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ) أَوْ بَابَ الدَّارِ وَنَحْوَهُمَا (أَوْ) أَزَالَ (سَقْفَهُ) ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَزَالَ كُلًّا عَنْ حِرْزِهِ (أَوْ)(أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ أَوْ حُصُرَهُ) كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلَقٌ أَمْ لَا وَكَذَا بَلَاطُهُ عَلَى الْأَرْجَحِ (أَوْ) أَخْرَجَ (بُسُطَهُ) لَكِنْ الْأَرْجَحُ أَنَّ إزَالَتَهَا عَنْ مَحِلِّهَا كَافٍ فِي الْقَطْعِ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فَكَانَ عَلَيْهِ حَذْفُ قَوْلِهِ أَخْرَجَ لِيَكُونَ مَاشِيًا عَلَى مَا بِهِ الْفَتْوَى وَقَيَّدَ الْبُسُطَ بِقَوْلِهِ (إنْ تُرِكَتْ بِهِ) لَيْلًا وَنَهَارًا حَتَّى صَارَتْ كَالْحُصُرِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ تُرْفَعُ فَتُرِكَتْ مَرَّةً فَسُرِقَتْ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُجْعَلْ حِرْزًا لَهَا وَالْحُصُرُ كَذَلِكَ، فَإِنْ سُرِقَتْ مِنْ خِزَانَتِهَا قُطِعَ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهَا مِنْهَا (أَوْ) سَرَقَ مِنْ (حَمَّامٍ) مِنْ ثِيَابِ الدَّاخِلِينَ أَوْ آلَاتِهِ (إنْ دَخَلَ) مِنْ بَابِهِ (لِلسَّرِقَةِ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

صَاحِبِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّسَالَةِ وَالنَّوَادِرِ بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ نَقْلًا عَنْ اللَّخْمِيِّ وَنَصُّهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا قَطْعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْمَوَاشِي إذَا سُرِقَتْ فِي مَرَاعِيهَا حَتَّى يَأْوِيَهَا الْمَرَاحُ إلَخْ اللَّخْمِيُّ إذَا كَانَتْ فِي الْمَرْعَى لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا صَاحِبُهَا، وَإِنْ أَوَاهَا الْمَرَاحُ قُطِعَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ وَاخْتُلِفَ إذَا سَرَقَ مِنْهَا وَهِيَ سَائِرَةٌ إلَى الْمَرْعَى أَوْ رَاجِعَةٌ مِنْهَا لِلْمَرَاحِ وَمَعَهَا مَنْ يَحْرُسُهَا فَقِيلَ يُقْطَعُ سَارِقُهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ فِي الْمَرْعَى وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ لِقَوْلِهِ عليه السلام فَإِذَا أَوَاهَا الْمَرَاحُ الْحَدِيثَ فَلَمْ يَجْعَلْ فِيهَا قَطْعًا حَتَّى تَصِلَ لِلْمَرَاحِ اهـ فَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْأَحْوَالَ ثَلَاثَةٌ اُنْظُرْ بْن وَمِثْلُ الْمَوَاشِي فِي الْمَرْعَى الثِّيَابُ يَنْشُرُهَا الْغَسَّالُ وَتُسْرَقُ بِحَضْرَتِهِ فَلَا قَطْعَ كَمَا فِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ ابْنُ يُونُسَ اُخْتُلِفَ النَّقْلُ عَنْ مَالِكٍ فِيمَا يُنْشَرُ عَلَى حَبْلِ الصَّبَّاغِ أَوْ الْقَصَّارِ الْمَمْدُودِ عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ يَمُرُّ النَّاسُ مِنْ تَحْتِهِ فَقَالَ لَا قَطْعَ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّ فِيهِ الْقَطْعَ وَقَالَ فِي الْغَسَّالِ يُخْرِجُ الثِّيَابَ لِلْبَحْرِ يَغْسِلُهَا وَيَنْشُرُهَا وَهُوَ مَعَهَا فَيُسْرَقُ مِنْهَا فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْغَنَمِ فِي مَرْعَاهَا اللَّخْمِيُّ وَأَظُنُّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَتْ الْعَادَةُ أَنَّ النَّاسَ يَمْشُونَ فِيمَا بَيْنَ الْمَتَاعِ فَيَصِيرُونَ بِذَلِكَ كَالْأُمَنَاءِ عَلَى التَّصَرُّفِ فِيمَا بَيْنَهَا فَيُرْجَعُ إلَى الْخِيَانَةِ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا يَكُنْ الْمِطْمَرُ قَرِيبًا مِنْ الْمَسَاكِنِ بَلْ كَانَ بَعِيدًا عَنْهُ فَلَا يُقْطَعُ السَّارِقُ مِنْهُ لِعَدَمِ الْحِرْزِ اهـ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمِطْمَرِ وَالْجَرِينِ حَيْثُ لَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ الْقُرْبُ أَنَّ الْجَرِينَ مَكْشُوفٌ فَيَكُونُ أَقْوَى فِي الْحِرْزِيَّةِ وَلَوْ بَعُدَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمِطْمَرِ وَالْقَبْرِ حَيْثُ جُعِلَ الْقَبْرُ حِرْزًا مُطْلَقًا أَنَّ الْقَبْرَ تَأْنَفُ النُّفُوسُ فِي الْغَالِبِ عَنْ سَرِقَةِ مَا فِيهِ بِخِلَافِ الْمِطْمَرِ؛ لِأَنَّهُ مَأْكُولٌ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ فِي الْبُعْدِ حِرْزًا.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَرَقَ بَعِيرًا مِنْ قِطَارٍ) أَيْ فَيُقْطَعُ سَوَاءٌ سَرَقَهُ مِنْ الْقِطَارِ وَهُوَ سَائِرٌ أَوْ نَازِلٌ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ رَبْطُ الْإِبِلِ) أَيْ وَهُوَ الْإِبِلُ أَوْ غَيْرُهَا الْمَرْبُوطُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَإِضَافَةُ رَبْطٍ لِلْإِبِلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُهُ) أَيْ اعْتِبَارُ قَيْدِ الْإِبَانَةِ فِي قَطْعِ السَّارِقِ مِنْ الْقِطَارِ وَأَوْلَى اعْتِبَارُهُ فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْإِبِلِ الْمُجْتَمِعَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَزَالَ بَابَ الْمَسْجِدِ) أَيْ عَنْ مَكَانِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهِ) أَيْ عَنْ الْمَسْجِدِ أَوْ الدَّارِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ أَخْرَجَ قَنَادِيلَهُ أَوْ حُصُرَهُ) أَيْ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلَقٌ أَمْ لَا وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ فِيمَا يَظْهَرُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ لَا قَطْعَ، إلَّا إذَا تُسُوِّرَ عَلَيْهِ بَعْدَ غَلْقِهِ كَمَا فِي ح وَهُوَ أَقْيَسُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ خَائِنٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يُقْطَعُ لِسَرِقَةِ بَلَاطِهِ أَصْبَغُ وَقَطْعُهُ لِسَرِقَةِ بَلَاطِهِ أَوْلَى مِنْ قَطْعِهِ لِسَرِقَةِ حُصُرِهِ وَهَذَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ قَوْلِ مَالِكٍ.

(قَوْلُهُ: كَاَلَّذِي قَبْلَهُ) أَيْ وَهُوَ الْقَنَادِيلُ وَالْحُصُرُ فَإِزَالَتُهَا عَنْ مَحِلِّهَا كَافٍ فِي الْقَطْعِ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِهَا عَلَى الرَّاجِحِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْقَنَادِيلِ إذَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّرَةً، وَإِلَّا قُطِعَ بِإِزَالَتِهَا مِنْ مَحَلِّهَا اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ تُرْفَعُ فَتُرِكَتْ مَرَّةً فَسُرِقَتْ فَلَا قَطْعَ) أَيْ عَلَى سَارِقِهَا، وَإِنْ كَانَ عَلَى الْمَسْجِدِ غَلَقٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِأَجْلِهَا كَمَا أَنَّهُ لَا قَطْعَ عَلَى مَنْ سَرَقَ مَتَاعًا نَسِيَهُ رَبُّهُ بِالْمَسْجِدِ وَمَنْ سَرَقَ شَيْئًا مِنْ دَاخِلِ الْكَعْبَةِ إنْ كَانَ فِي وَقْتٍ أُذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِلَّا قُطِعَ إذَا أَخْرَجَهُ لِمَحَلِّ الطَّوَافِ وَمِمَّا فِيهِ الْقَطْعُ حُلِيُّهَا وَمَا عُلِّقَ بِالْمَقَامِ وَنَحْوَ الرَّصَاصِ الْمُسَمَّرِ فِي الْأَسَاطِينِ اُنْظُرْ ح.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ سُرِقَتْ) أَيْ الْبُسُطُ أَوْ الْحُصُرُ مِنْ خِزَانَتِهَا (قَوْلُهُ: قُطِعَ بِمُجَرَّدِ إخْرَاجِهَا مِنْهَا) أَيْ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا مِنْ حِرْزِهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ أَوْ نَقَّبَ أَوْ تَسَوَّرَ) أَيْ وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ خَرَجَ مِنْهُ بِمَا سَرَقَهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ حَارِسٌ أَمْ لَا فَهَذِهِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً يُقْطَعُ فِيهَا وَقَوْلُهُ: أَوْ بِحَارِسٍ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا دَخَلَ مِنْ بَابِهِ بِقَصْدِ التَّحَمُّمِ وَحَاصِلُ مَا فِيهِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مِنْ بَابِهِ بِقَصْدِ التَّحَمُّمِ وَسَرَقَ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْحَمَّامِ حَارِسٌ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ أَوْ يَأْذَنُ لَهُ فِيهِ أَوْ لَا يَكُونُ فِي حَارِسٌ أَصْلًا وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُخْرِجَ الْمَسْرُوقَ مِنْ الْحَمَّامِ أَوْ لَا يُخْرِجَهُ فَهَذِهِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ يُقْطَعُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، فَإِنْ كَانَ فِيهِ حَارِسٌ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ إنْ أَخْرَجَ الْمَسْرُوقَ

ص: 341

بِاعْتِرَافِهِ وَسَرَقَ فَيُقْطَعُ (أَوْ نَقَبَ) الْحَمَّامَ (أَوْ تَسَوَّرَ) عَلَيْهِ وَسَرَقَ، وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ بِمَا سَرَقَهُ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ وَإِلَّا وُفِّقَ بِالْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إلَّا إذَا أَخَذَ خَارِجَهُ أَوْ أَخْرَجَ النِّصَابَ مِنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ (أَوْ) دَخَلَ مِنْ بَابِهِ لِلْحُمُومِ وَكَانَ (بِحَارِسٍ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ) الْحَارِسُ (فِي تَقْلِيبِ) الثِّيَابِ فَيُقْطَعُ إنْ خَرَجَ بِهِ، فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ فَلَا قَطْعَ وَالْمُرَادُ بِالْإِذْنِ فِي التَّقْلِيبِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ لَا مَا يُعْطِيهِ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ تَقْلِيبِ ثِيَابٍ مُتَعَدِّدَةٍ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ؛ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ وَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّ رَبَّ الثِّيَابِ يَأْخُذُ ثِيَابَهُ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَارِسِ كَمَا فِي مِصْرَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْإِذْنِ فَلَا يُقْطَعُ بِسَرِقَتِهِ (وَصَدَقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ) إنْ أَخَذَ ثِيَابَ غَيْرِهِ إنْ دَخَلَ مِنْ بَابِهِ وَأَشْبَهَ كَانَ لَهُ حَارِسٌ أَمْ لَا.

(أَوْ)(حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ أَوْ خَدَعَهُ) وَلَوْ مُمَيِّزًا كَأَنْ يَقُولَ لَهُ سَيِّدُك بَعَثَنِي لَك لِتَذْهَبَ مَعِي إلَى مَكَانِ كَذَا أَوْ إلَيْهِ فَخَرَجَ مَعَهُ طَوْعًا مِنْ حِرْزِهِ فَالْقَطْعُ (أَوْ)(أَخْرَجَهُ) أَيْ النِّصَابَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ عَنْ النَّاسِ (فِي) بُيُوتِ (ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ) لِجَمِيعِ النَّاسِ كَبَيْتِ الْحَاكِمِ وَالْعَالِمِ وَالْكَرِيمِ الَّذِي يَدْخُلُهُ عَامَّةُ النَّاسِ بِلَا إذْنٍ خَاصٍّ (لِمَحِلِّهِ) أَيْ مَحِلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَنْ مُتَعَلِّقَةٌ بِأَخْرَجَ أَيْ أَخْرَجَهُ عَنْ الْمَحِلِّ الْعَامِّ خَارِجَ بَابِهِ أَيْ إنَّ مَنْ سَرَقَ مِنْ بَيْتٍ مَحْجُورٍ مِنْ بُيُوتِ دَارٍ مَأْذُونٍ فِي دُخُولِهِ لِعُمُومِ النَّاسِ فَلَا يُقْطَعُ حَتَّى يُخْرِجَ النِّصَابَ مِنْ مَحَلِّ الْإِذْنِ الْعَامِّ بِأَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ بَابِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْحِرْزِ، فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ بَابِهَا لَمْ يُقْطَعْ فَلَوْ سَرَقَهُ مِنْ ظَاهِرِهَا الْمَأْذُونِ فِي دُخُولِهِ لِلنَّاسِ لَمْ يُقْطَعْ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ (لَا) دَارٍ ذَاتِ (إذْنٍ خَاصٍّ كَضَيْفٍ) أَوْ مُرْسَلٍ لِحَاجَةٍ أَوْ قَاصِدِ مَسْأَلَةٍ فَسَرَقَ (مِمَّا) أَيْ بَيْتِ (حُجِرَ عَلَيْهِ) فِي دُخُولِهِ فَلَا يُقْطَعُ وَأَوْلَى إنْ أَخَذَ مِمَّا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ (وَلَوْ خَرَجَ بِهِ مِنْ جَمِيعِهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا دَخَلَ بِإِذْنٍ فَسَرَقَ كَانَ خَائِنًا لَا سَارِقًا حَقِيقَةً (وَلَا إنْ نَقَلَهُ) أَيْ النِّصَابَ فِي الْحِرْزِ مِنْ مَكَان إلَى آخَرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ فَلَا يُقْطَعُ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ إذَا كَانَ فِيهِ حَارِسٌ وَأَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ حَارِسٌ أَصْلًا وَلَوْ خَرَجَ بِالْمَسْرُوقِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ خَائِنٌ هَذَا حَاصِلُ الْفِقْهِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: بِاعْتِرَافِهِ) أَيْ بِاعْتِرَافِهِ بِدُخُولِهِ لِلسَّرِقَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اعْتَرَفَ أَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ الْحَمَّامَ، إلَّا لِلسَّرِقَةِ فَقَدْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ لَا إذْنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْمَوْضِعَ الْمَأْذُونَ فِيهَا لِكُلِّ أَحَدٍ لَمْ يُفَصِّلُوا فِي السَّرِقَةِ مِنْهَا بَلْ نَفَوْا الْقَطْعَ مُطْلَقًا وَقَالُوا فِي الْحَمَّامِ إذَا دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ قُطِعَ فَأَيُّ فَرْقٍ.

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا وُفِّقَ بِالْمَذْهَبِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الَّذِي فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ لِلسَّرِقَةِ فَأَخَذَ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ بِالشَّيْءِ الْمَسْرُوقِ فَإِنَّهُ يَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ فِي سَرِقَةِ الْأَجْنَبِيِّ مِنْ بَعْضِ بُيُوتِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ إذَا أَخْرَجَهُ لِسَاحَتِهَا فَقَطْ وَلَمْ يَخْرُجْ بِهِ مِنْهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الرَّاجِحَ الْقَطْعُ فَيَكُونُ الْأَوْفَقُ بِالْمَذْهَبِ مَا ذَكَرَهُ أَوَّلًا مِنْ التَّعْمِيمِ (قَوْلُهُ: لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي تَقْلِيبِ الثِّيَابِ) أَيْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ بَلْ أَمَرَهُ أَنْ يَصْبِرَ حَتَّى يُنَاوِلَهَا لَهُ فَخَالَفَ وَأَخَذَ غَيْرَ ثِيَابِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي التَّقْلِيبِ) أَيْ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ فَقَطْ فَسَرَقَ ثِيَابًا آخَرَ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ أَوْهَمَ الْحَارِسَ أَنَّهَا ثِيَابُهُ لِأَنَّهُ خَائِنٌ لَا سَارِقٌ، فَإِنْ نَاوَلَهُ الْحَارِسُ ثِيَابَهُ فَمَدّ يَدَهُ لِغَيْرِهَا بِغَيْرِ عِلْمِ الْحَارِسِ قُطِعَ؛ لِأَنَّهُ آخِذٌ لِلشَّيْءِ بِحَضْرَةِ نَائِبِ صَاحِبِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقْطَعْ) أَيْ إذَا أَذِنَ لَهُ الْحَارِسُ فِي التَّقْلِيبِ (قَوْلُهُ: وَصَدَقَ مُدَّعِي الْخَطَأِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ الْحَمَّامَ مِنْ بَابِهِ وَأَخَذَ ثِيَابَ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ إنَّمَا وَقَعَ مِنْهُ ذَلِكَ خَطَأً فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَانَ لِلْحَمَّامِ حَارِسٌ أَمْ لَا أَذِنَ لَهُ فِي أَخْذِ ثِيَابِهِ أَمْ لَا وَهَلْ بِيَمِينٍ أَمْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ.

(قَوْلُهُ: إنْ دَخَلَ مِنْ بَابِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ نَقَبَ أَوْ تَسَوَّرَ فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الْخَطَأَ.

(قَوْلُهُ: وَأَشْبَهَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُشْبِهْ كَمَا لَوْ كَانَ ثَوْبُهُ جُبَّةً فَأَخَذَ فَرْوًا أَوْ كَشْمِيرًا فَلَا يُصَدَّقُ فِي دَعْوَى الْخَطَأِ

(قَوْلُهُ: أَوْ حَمَلَ عَبْدًا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ ابْتَلَعَ دُرًّا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُمَيِّزْ أَيْ لِصِغَرِهِ أَوْ عُجْمَتِهِ أَوْ جُنُونِهِ وَحَيْثُ كَانَ لَمْ يُمَيِّزْ فَلَا يَتَأَتَّى أَنَّهُ خُدَعُهُ لِأَنَّ الْخِدَاعَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْمُمَيِّزِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ خَدَعَهُ) أَيْ أَوْ لَمْ يَحْمِلْهُ لَكِنَّهُ خَدَعَهُ وَالضَّمِيرُ لِلْعَبْدِ لَا بِقَيْدِ عَدَمِ التَّمْيِيزِ لِأَنَّ الْخُدَعَ إنَّمَا يَكُونُ لِمُمَيِّزٍ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ مُمَيِّزًا الْوَاوُ لِلْحَالِ وَلَوْ زَائِدَةٌ لَا لِلْمُبَالَغَةِ لِفَسَادِ مَا قَبْلَهَا وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ احْتِبَاكًا حَيْثُ حَذَفَ قَيْدَ التَّمْيِيزِ فِي الثَّانِي لِدَلَالَةِ ذِكْرِ مُقَابِلِهِ وَهُوَ عَدَمُ التَّمْيِيزِ فِي الْأَوَّلِ عَلَيْهِ وَحَذَفَ قَيْدَ الْإِكْرَاهِ فِي الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ ذِكْرِ مَا يَدُلُّ عَلَى مُقَابِلِهِ فِي الثَّانِي لِأَنَّ الْخُدَعَ يَدُلُّ عَلَى خُرُوجِهِ مَعَهُ طَوْعًا (قَوْلُهُ: فِي بُيُوتِ ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ) فِي بِمَعْنَى مِنْ وَهُوَ حَالٌ مِنْ بَيْتِ الَّذِي قَدَّرَهُ الشَّارِحُ أَيْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِ مَحْجُورٍ عَنْ النَّاسِ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَيْتِ مِنْ بُيُوتِ الْمَحِلِّ ذِي الْإِذْنِ الْعَامِّ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ بَابِهَا) أَيْ بِأَنْ أَلْقَاهُ فِي عَرْصَتِهَا أَوْ قُبِضَ عَلَيْهِ بِهِ وَهُوَ فِي عَرْصَتِهَا فَلَا يُقْطَعُ (قَوْلُهُ: فَلَوْ سَرَقَهُ مِنْ ظَاهِرِهَا) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَيْتِ مَحْجُورٍ عَنْ النَّاسِ فِي دُخُولِهِ وَمِثْلُ السَّرِقَةِ مِنْ ظَاهِرِهَا فِي عَدَمِ الْقَطْعِ السَّرِقَةُ مِنْ بَيْتٍ مِنْهَا غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَمْ يُقْطَعْ أَيْ وَلَوْ أَخْرَجَهُ مِنْ بَابِهَا وَظَاهِرُهُ وَلَوْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِوَضْعِ ذَلِكَ الْمَسْرُوقِ فِي الْمَحِلِّ الْعَامِّ.

(قَوْلُهُ: لَا دَارٍ ذَاتِ إذْنٍ خَاصٍّ) أَيْ لَا إنْ سَرَقَ مِنْ دَارٍ ذَاتِ إذْنٍ خَاصٍّ أَيْ مُخْتَصٍّ بِبَعْضِ النَّاسِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ خَرَجَ بِهِ) أَيْ بِالْمَسْرُوقِ وَقَوْلُهُ: مِنْ جَمِيعِهِ أَيْ مِنْ جَمِيعِ الدَّارِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا إنْ نَقَلَهُ) أَيْ وَلَا قَطْعَ إنْ نَقَلَ النِّصَابَ مِنْ مَكَان لِآخَرَ حَالَةَ كَوْنِهِ بَاقِيًا

ص: 342

(وَلَمْ يُخْرِجْهُ) عَنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ وَهَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلُ مُخْرَجٍ مِنْ حِرْزٍ (وَلَا) قَطْعَ (فِيمَا) أَيْ فِي سَرِقَةِ مَا (عَلَى صَبِيٍّ) غَيْرِ مُمَيِّزٍ مِنْ حُلِيٍّ وَثِيَابٍ (أَوْ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُمَيِّزِ لَا يُعَدُّ حَافِظًا لِمَا عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ مَنْ يَحْرُسُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِدَارِ أَهْلِهِ وَإِلَّا قُطِعَ، فَإِنْ كَانَ مُمَيِّزًا فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا وَلِذَا عَبَّرَ بِصَاحِبِهِ دُونَ رَبِّهِ مَعَ أَنَّهُ أَخْصَرُ وَمِثْلُ الصَّبِيِّ الْمَجْنُونُ.

(وَلَا) قَطْعَ (عَلَى)(دَاخِلٍ) فِي حِرْزٍ (تَنَاوَلَ) النِّصَابَ (مِنْهُ الْخَارِجُ) عَنْهُ بِأَنْ مَدَّ يَدَهُ لِدَاخِلِ الْحِرْزِ فَنَاوَلَهُ الدَّاخِلُ وَإِنَّمَا يُقْطَعُ الْخَارِجُ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ، فَإِنْ لَمْ يَمُدَّ الْخَارِجُ يَدَهُ وَإِنَّمَا تَأَوَّلَهُ الدَّاخِلُ بِمَدِّ يَدِهِ لَهُ لِخَارِجِ الْحِرْزِ قُطِعَ الدَّاخِلُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْ الْحِرْزِ وَسَيَأْتِي وَإِنْ الْتَقَيَا وَسَطَ النَّقْبِ قُطِعَا (وَلَا) قَطْعَ (إنْ)(اخْتَلَسَ) أَيْ أَتَى جَهْرًا أَوْ سِرًّا وَأَخَذَ النِّصَابَ عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ وَيَذْهَبُ جِهَارًا فَارًّا وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُخْتَلِسَ هُوَ الَّذِي يَخْطَفُ الْمَالَ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ فِي غَفْلَتِهِ وَيَذْهَبُ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا.

(أَوْ) أَخَذَ نِصَابًا مِنْ صَاحِبِهِ وَ (كَابَرَ) بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ فَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ وَالْغَاصِبُ لَا قَطْعَ عَلَيْهِ (أَوْ هَرَبَ) بِالْمَسْرُوقِ (بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ (فِي الْحِرْزِ)(وَلَوْ) تَرَكَهُ رَبُّهُ فِيهِ وَذَهَبَ (لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ عَلَيْهِ) بِأَنَّهُ سَرَقَ الْمَتَاعَ وَلَوْ شَاءَ لَخَلَّصَ الْمَتَاعَ مِنْهُ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ ثُمَّ لَمَّا ذَهَبَ لِيَأْتِيَ بِمَنْ يَشْهَدُ خَرَجَ بِهِ السَّارِقُ مِنْ الْحِرْزِ فَلَا يُقْطَعُ؛ لِأَنَّهُ صَارَ حَالَ خُرُوجِهِ كَالْمُخْتَلِسِ (أَوْ)(أَخَذَ دَابَّةً) أَوْقَفَهَا رَبُّهَا (بِبَابِ مَسْجِدٍ أَوْ سُوقٍ) لِغَيْرِ بَيْعٍ وَبِغَيْرِ حَافِظٍ فَلَا قَطْعَ عَلَى سَارِقِهَا؛ لِأَنَّهُ مَوْقِفٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ وَكَذَا إنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعًى (أَوْ) أَخَذَ (ثَوْبًا) مَنْشُورًا عَلَى حَائِطٍ بَعْضُهُ بِدَاخِلِ الدَّارِ وَ (بَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ) أَوْ مُلْقًى عَلَى الْأَرْضِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

فِي الْحِرْزِ وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ مَعَهُ) أَيْ فِي جَيْبِهِ أَوْ كُمِّهِ.

(قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ إلَخْ) بِهَذَا يَنْتَفِي التَّعَارُضُ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الدَّابَّةِ وَبَيْن مَا هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الصَّبِيِّ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ مَعَ أَنَّ الصَّبِيَّ الْمَذْكُورَ وَالدَّابَّةَ اشْتَرَكَا فِي عَدَمِ التَّمْيِيزِ.

وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَا ذُكِرَ هُنَا مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ يَحْرُسُهُ وَلَمْ يَكُنْ بِدَارِ أَهْلِهِ، وَإِلَّا فَالْقَطْعُ وَمَا مَرَّ مِنْ الْقَطْعِ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَى الدَّابَّةِ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ مَعَهَا أَحَدٌ أَوْ كَانَتْ فِي حِرْزِ مِثْلِهَا، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ كَمَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا قُطِعَ) أَيْ سَارِقُ مَا عَلَيْهِ أَوْ مَعَهُ (قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَضْرَةَ تَقْتَضِي الشُّعُورَ وَلَوْ حُكْمًا كَالنَّائِمِ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ الْمُرَادِ بِالصَّاحِبِ الْمُصَاحِبُ الْمُمَيِّزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالِكًا.

(قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الصَّبِيِّ) أَيْ فِي كَوْنِهِ لَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ مَا عَلَيْهِ وَمَا مَعَهُ الْمَجْنُونُ وَكَذَلِكَ السَّكْرَانُ إذَا كَانَ سُكْرُهُ بِحَلَالٍ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا بِحَرَامٍ فَوَقَعَ فِيهِ حَيْثُ لَمْ يُمَيِّزْ وَبَاعَ تَرَدُّدٌ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ وَعَدَمِ صِحَّتِهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَ مِنْهُ لَا عَلَى الثَّانِي

(قَوْلُهُ: تَنَاوَلَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الدَّاخِلِ وَقَوْلُهُ: الْخَارِجُ عَنْهُ أَيْ عَنْ الْحِرْزِ.

(قَوْلُهُ: بِأَنْ مَدَّ) أَيْ ذَلِكَ الْخَارِجُ (قَوْلُهُ: وَلَا قَطْعَ إنْ اخْتَلَسَ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ الِاخْتِلَاسُ أَنْ يُسْتَغْفَلَ صَاحِبَ الْمَالِ فَيَخْطَفُهُ بِهَذَا فَسَّرَهُ الْفُقَهَاءُ اهـ وَهُوَ مَعْنَى مَا فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: عَلَى غَفْلَةٍ مِنْ صَاحِبِهِ) أَيْ الْمُصَاحِبِ لَهُ فَيَشْمَلُ الْقَائِمَ مَقَامَ رَبِّهِ كَمَنْ يَتْرُكُ حَانُوتَهُ مَفْتُوحًا وَيَذْهَبُ لِحَاجَتِهِ وَيُوَكِّلُ أَحَدًا يَمْنَعُ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهُ فَيُغَافِلُهُ إنْسَانٌ وَيَأْخُذُ مِنْهُ وَيَفِرُّ بِسُرْعَةٍ جَهْرًا

(قَوْلُهُ: بِأَنْ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ) لَيْسَ هَذَا بِلَازِمٍ بَلْ وَلَوْ اعْتَرَفَ بِالْغَصْبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُكَابِرَ هُوَ الْآخِذُ لِلْمَالِ مِنْ صَاحِبِهِ بِقُوَّةٍ مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ سَوَاءٌ ادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ أَوْ اعْتَرَفَ بِأَنَّهُ غَاصِبٌ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَكَابَرَ أَيْ فِي أَخْذِهِ بِأَنْ أَخَذَهُ مِنْ صَاحِبِهِ بِقُوَّةٍ مِنْ غَيْرِ حِرَابَةٍ وَأَمَّا لَوْ كَابَرَ وَادَّعَى أَنَّهُ مِلْكُهُ بَعْدَ ثُبُوتِ أَخْذِهِ لَهُ مِنْ الْحِرْزِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ أَخْذِهِ) أَيْ بَعْدَ أَخْذِ السَّارِقِ وَقَوْلُهُ: فِي الْحِرْزِ مُتَعَلِّقٌ بِأَخْذٍ أَيْ أَنَّهُ بَعْدَ أَنْ قَدَرَ عَلَى مَسْكِهِ فِي الْحِرْزِ بِالْمَالِ هَرَبَ مِنْهُمْ بِالْمَالِ الْمَسْرُوقِ.

(قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ) يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْأَخْذِ الْأَخْذَ وَالْمَسْكَ بِالْفِعْلِ بَلْ يَكْفِي الْقُدْرَةُ عَلَى ذَلِكَ بِدَلِيلِ الْمُبَالَغَةِ بَعْدَهُ إذْ لَيْسَ فِيهَا أَخْذٌ بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَكَهُ رَبُّهُ) أَيْ هَذَا إذَا هَرَبَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ بَلْ وَلَوْ إلَخْ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْقَطْعِ لِمَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَخْذَهُ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ اخْتِلَاسٌ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ لِخِلَافِ أَصْبَغَ الْقَائِلِ بِالْقَطْعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ سَرِقَةٌ وَهُنَاكَ قَوْلٌ ثَالِثٌ نَسَبَهُ ابْنُ شَاسٍ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ وَلَعَلَّهُ ابْنُ يُونُسَ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ السَّارِقَ إنْ رَأَى رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ لَهُ بِالشُّهُودِ فَأَخَذَ الْمَالَ وَهَرَبَ كَانَ مُخْتَلِسًا لَا يُقْطَعُ، وَإِنْ هَرَبَ بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرَى رَبَّ الْمَالِ خَرَجَ لِيَأْتِيَ بِشَاهِدٍ فَهُوَ سَارِقٌ يَجِبُ قَطْعُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ سُوقٍ) يُحْتَمَلُ عَطْفُهُ عَلَى بَابٍ أَوْ مَسْجِدٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِغَيْرِ حَافِظٍ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ التَّقْيِيدِ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ كُلُّ شَيْءٍ بِحَضْرَةِ صَاحِبِهِ.

(قَوْلُهُ:) وَكَذَا إنْ أَخَذَ دَابَّةً بِمَرْعًى أَيْ فَلَا قَطْعَ عَلَيْهِ وَلَوْ بِحَضْرَةِ الرَّاعِي أَوْ مَالِكِهَا كَمَا مَرَّ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ بِمَرْعًى عَمَّا إذَا أَخَذَهَا مِنْ الْمَرَاحِ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا أَحَدٌ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْهَا وَهِيَ سَارِحَةٌ لِلْمَرْعَى أَوْ مُرَوِّحَةٌ لِلْمَرَاحِ وَمَعَهَا مَنْ

ص: 343

كَذَلِكَ فَلَا قَطْعَ تَغْلِيبًا لِجَانِبِ دَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ وَهِيَ هُنَا كَوْنُ بَعْضِ الثَّوْبِ بِغَيْرِ حِرْزِ مِثْلِهِ وَالْبَعْضُ صَادِقٌ بِالنِّصْفِ وَالْأَقَلِّ وَالْأَكْثَرِ، وَأَمَّا جَذْبُهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهُ مِنْ حِرْزِهِ ثُمَّ عَطَفَ بِالْجَرِّ عَلَى مَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ.

فَقَالَ (أَوْ) فِي سَرِقَةِ (ثَمَرٍ) بِمُثَلَّثَةٍ مِنْ نَخْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (مُعَلَّقٍ) عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمُعَلَّقُ خِلْقَةً فِي بُسْتَانِهِ مُلْتَبِسًا (بِغَلَقٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا (فَقَوْلَانِ) فِي قَطْعِ السَّارِقِ مِنْهُ وَعَدَمِهِ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فَمَحِلُّهُمَا فِي غَيْرِ النَّخْلِ بِالدَّارِ وَأَمَّا هُوَ فَيُقْطَعُ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ فِي حِرْزِهِ وَقَوْلُنَا عَلَى شَجَرِهِ خِلْقَةً احْتِرَازًا مِمَّا لَوْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ وَلَوْ بِغَلَقٍ (وَإِلَّا بَعْدَ)(حَصْدِهِ) أَيْ جَذِّهِ وَوَضْعِهِ فِي مَحَلٍّ اُعْتِيدَ وَضْعُهُ فِيهِ قَبْلَ وُصُولِهِ إلَى الْجَرِينِ فَإِذَا سَرَقَ مِنْهُ سَارِقٌ (فَثَالِثُهَا) أَيْ الْأَقْوَالُ يُقْطَعُ (إنْ كَدَّسَ) أَيْ جَمَعَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضٍ حَتَّى صَارَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ عَجْوَةً؛ لِأَنَّهُ بِتَكْدِيسِهِ أَشْبَهَ مَا فِي الْجَرِينِ لَا إنْ لَمْ يُكَدِّسْ بَلْ بَقِيَ ثَمَرُ كُلِّ شَجَرَةٍ تَحْتَهَا لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَوَّلُ يُقْطَعُ مُطْلَقًا وَالثَّانِي لَا مُطْلَقًا وَمَحِلُّهَا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَارِسٌ وَإِلَّا قُطِعَ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَا لَوْ سُرِقَ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ حَالَ حَمْلِهِ لِلْجَرِينِ نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ.

(وَلَا) يُقْطَعُ (إنْ)(نَقَبَ) الْحِرْزَ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ إخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَإِنْ خَرَجَ بِنَفْسِهِ أَوْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ وَعَلَيْهِ ضَمَانُ مَا خَرَجَ بِنَفْسِهِ بِسَبَبِ النَّقْبِ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ وَالْقَطْعُ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ (وَإِنْ الْتَقَيَا) أَيْ بِأَيْدِيهِمَا فِي الْمُنَاوَلَةِ (وَسَطَ النَّقْبِ) أَيْ فِي أَثْنَائِهِ فَأَخْرَجَهُ الْخَارِجُ بِمُنَاوَلَةِ الدَّاخِلِ (أَوْ رَبَطَهُ) الدَّاخِلُ بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ (فَجَذَبَهُ الْخَارِجُ) عَنْ الْحِرْزِ (قُطِعَا) مَعًا فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(وَشَرْطُهُ) أَيْ الْقَطْعِ الْمَفْهُومِ مِنْ تُقْطَعُ الْيُمْنَى (التَّكْلِيفُ) فَلَا يُقْطَعُ صَبِيٌّ وَلَا مَجْنُونٌ وَلَا مُكْرَهٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

يَحْرُسُهَا فَقَوْلَانِ بِالْقَطْعِ وَعَدَمِهِ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ بَعْضُهُ بِدَاخِلِ الدَّارِ وَبَعْضُهُ بِالطَّرِيقِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا قَطْعَ) أَيْ إذَا جَذَبَهُ مِنْ الطَّرِيقِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَأَمَّا جَذْبُهُ مِنْ دَاخِلِ الدَّارِ فَيُقْطَعُ بِهِ

(قَوْلُهُ: مُعَلَّقٍ عَلَى شَجَرَةٍ خِلْقَةً) أَيْ فَلَا قَطْعَ فِي سَرِقَةِ هَذَا اتِّفَاقًا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ كَمَا قَالَ بَعْدُ، وَإِنْ قُطِعَ ثُمَّ عُلِّقَ فَلَا قَطْعَ اتِّفَاقًا وَلَوْ بِغَلَقٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ) أَيْ أَنَّ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْقَطْعِ هُوَ الْمَنْصُوصُ وَأَمَّا الْقَوْلُ بِالْقَطْعِ فَهُوَ غَيْرُ مَنْصُوصٍ بَلْ مُخَرَّجٌ لِلَّخْمِيِّ عَلَى السَّرِقَةِ مِنْ الشَّجَرَةِ الَّتِي فِي الدَّارِ فَكَانَ مِنْ حَقِّ الْمُصَنِّفِ أَنْ لَا يُسَاوِيَهُ بِمُقَابِلِهِ (قَوْلُهُ: لِشَبَهِهِ بِمَا فَوْقَهَا) أَيْ وَمَا فَوْقَهَا لَا يُقْطَعُ سَارِقُهُ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: وَالْأَوَّلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ فِي الثَّمَرِ تَجْرِي فِيمَا حُصِدَ مِنْ قَمْحِ مِصْرَ وَفُولِهَا وَقُرْطِهَا وَوُضِعَ فِي مَوْضِعِهِ لِيَيْبَسَ ثُمَّ يُنْقَلُ لِلْجَرِينِ فَإِذَا سُرِقَ مِنْهُ قَبْلَ نَقْلِهِ لِلْجَرِينِ فَفِيهِ الْأَقْوَالُ الْمَذْكُورَةُ فَقَدْ نَقَلَ بْن عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ إنَّ فِي الزَّرْعِ بَعْدَ حَصْدِهِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ كَالثَّمَرِ الْأَوَّلِ يُقْطَعُ مَنْ سَرَقَهُ بَعْدَ أَنْ حَصَلَ ضَمُّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ أَمْ لَا وَالثَّانِي لَا يُقْطَعُ ضُمَّ بَعْضُهُ لِبَعْضٍ أَمْ لَا حَتَّى يَصِلَ لِلْجَرِينِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُسْرَقَ بَعْدَ ضَمِّ بَعْضِهِ لِبَعْضٍ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا الِاخْتِلَافُ مَحِلُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ حَارِسٌ، وَإِلَّا فَلَا خِلَافَ فِي قَطْعِ سَارِقِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: حَالَ حَمْلِهِ لِلْجَرِينِ) أَيْ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لِأَجْلِ كَوْنِهِ مَحْمُولًا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ سُرِقَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ رَبُّهُ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ وَلَوْ نَائِمًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْغَصْبِ عَطْفًا عَلَى مَا فِيهِ الضَّمَانُ أَوْ فَتَحَ بَابًا عَلَى غَيْرِ عَاقِلٍ، إلَّا بِمُصَاحَبَةِ رَبِّهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْقَطْعُ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ) صَوَابُهُ وَلَا قَطْعَ عَلَى الْغَيْرِ الْمُخْرِجِ لَهُ أَيْضًا.

وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي خَشِّ وَأَقَرَّهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَتَيْهِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج أَنَّ السَّارِقَ إذَا نَقَبَ الْحِرْزَ فَقَطْ وَلَمْ يُخْرِجْ النِّصَابَ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فَلَوْ أَخْرَجَ غَيْرُهُ النِّصَابَ مِنْ ذَلِكَ النَّقْبِ فَلَا قَطْعَ عَلَى ذَلِكَ الْغَيْرِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ النَّقْبَ يُصَيِّرُ الْمَالَ فِي غَيْرِ حِرْزٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يُتَّفَقَا عَلَى أَنَّ أَحَدَهُمَا يَنْقُبُ وَالْآخَرَ يُخْرِجُهُ مِنْ الْحِرْزِ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى ذَلِكَ قُطِعَ الْمُخْرِجُ فَقَطْ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُقَالُ إنَّهُ أَخْرَجَ الْمَالَ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ؛ لِأَنَّ النَّقْبَ يُبْطِلُ حِرْزِيَّةَ الْمَكَانِ لِأَنَّا نَقُولُ قَطْعُ الْمُخْرِجِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُعَامَلَةٌ لَهُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ حِفْظًا لِمَالِ النَّاسِ وَمُقَابِلُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُمَا يُقْطَعَانِ عِنْدَ الِاتِّفَاقِ وَعَلَيْهِ ابْنُ شَاسٍ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ حَيْثُ قَالَ فَلَوْ نَقَبَ وَأَخْرَجَ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَا مُتَّفِقَيْنِ قُطِعَا، وَإِلَّا فَلَا قَطْعَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا أَعْرِفُ هَذَا الْقَوْلَ لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ فِي وَجِيزِهِ بِنَاءً عَلَى أَصْلِهِمْ مِنْ أَنَّ النَّقْبَ لَا يُبْطِلُ حِرْزِيَّةَ الْمَكَانِ فَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ شَاسٍ فِي كِتَابِهِ الْجَوَاهِرِ عَلَى ذَلِكَ وَابْنُ الْحَاجِبِ تَبِعَ ابْنُ شَاسٍ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَلَا مَجْنُونٌ) أَيْ مُطْبَقٌ أَوْ يُفِيقُ أَحْيَانًا وَسَرَقَ فِي حَالِ جُنُونِهِ، فَإِنْ سَرَقَ فِي حَالِ إفَاقَتِهِ فَجُنَّ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، إلَّا أَنَّهُ تُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ، فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ إفَاقَتِهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ، فَإِنْ شُكَّ فِي سَرِقَةِ مَجْنُونٍ يُفِيقُ أَحْيَانًا هَلْ سَرَقَ حَالَ جُنُونِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ فَالظَّاهِرُ كَمَا فِي عبق حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا مُكْرَهٌ) أَيْ عَلَى السَّرِقَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَطْعَ يَسْقُطُ بِالْإِكْرَاهِ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ بِضَرْبٍ أَوْ سَجْنٍ لِأَنَّهُ شُبْهَةٌ تَدْرَأُ الْحَدَّ وَأَمَّا الْإِقْدَامُ عَلَى السَّرِقَةِ أَوْ عَلَى الْغَصْبِ فَلَا يَنْفَعُ فِيهِ الْإِكْرَاهُ وَلَوْ بِخَوْفِ الْقَتْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَحَكَى عَلَيْهِ الْإِجْمَاعَ وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَنَقَلَ ذَلِكَ عَنْ ح فِي بَابِ الطَّلَاقِ خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ عبق هُنَا مِنْ جَوَازِ الْقُدُومِ عَلَيْهَا إذَا كَانَ الْإِكْرَاهُ بِخَوْفِ الْقَتْلِ اُنْظُرْ بْن -

ص: 344

وَلَا سَكْرَانَ بِحَلَالٍ (فَيُقْطَعُ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُعَاهَدُ، وَإِنْ) سَرَقُوا (لِمِثْلِهِمْ) أَيْ مِنْ مِثْلِهِمْ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَالْحَقُّ فِي الْقَطْعِ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُسْتَثْنَى أَحَدٌ (إلَّا)(الرَّقِيقَ) يَسْرِقُ (لِسَيِّدِهِ) نِصَابًا فَلَا يُقْطَعُ وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ وَكَذَا إنْ سَرَقَ مِنْ مَالِ رَقِيقِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ حِرْزِهِ وَلِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ ضَيَاعُ مَالِهِ وَقَطْعُ غُلَامِهِ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ: لِسَيِّدِهِ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ مَالَ أَصْلِ سَيِّدِهِ أَوْ فَرْعِهِ قُطِعَ وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ.

(وَثَبَتَتْ) السَّرِقَةُ (بِإِقْرَارٍ)(إنْ طَاعَ) بِهِ كَمَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ بِسَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ (فَلَا) يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُمَا أَمْ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَلَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ) لِاحْتِمَالِ وُصُولِ اسْمِ الْمَسْرُوقِ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ عَيَّنَ الْقَتِيلَ) الَّذِي أُكْرِهَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِقَتْلِهِ فَأَقَرَّ وَأَخْرَجَهُ كَمَا فِي النَّقْلِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ غَيْرَهُ قَتَلَهُ فَلَا يَقَعُ وَلَا يُقْتَلُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بَعْدَ الْإِكْرَاهِ آمِنًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُعْمَلُ بِإِقْرَارِ الْمُتَّهَمِ بِإِكْرَاهِهِ وَبِهِ الْحُكْمُ أَيْ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التُّهَمِ فَيَجُوزُ سَجْنُهُ وَضَرْبُهُ وَيُعْمَلُ بِإِقْرَارِهِ وَتُؤُوِّلَتْ فِي مَحَلٍّ عَلَيْهِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَالْأَوْفَقُ بِقَوَاعِد الشَّرْعِ وَفِي نُسْخَةٍ، وَإِنْ عَيَّنَ السَّرِقَةَ وَأَخْرَجَ الْقَتِيلَ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَالْأَوْلَى حَذْفُ عَيْنٍ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ إخْرَاجُ كُلٍّ وَإِظْهَارُهُ فَكَانَ مُرَادُهُ تَعْيِينَ مَحَلِّ مَا ذَكَرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَمَّا الْإِكْرَاهُ عَلَى أَنْ يُقِرَّ بِأَنَّهُ سَرَقَ فَيَكُونُ بِالْقَتْلِ وَالضَّرْبِ وَالسِّجْنِ وَالْقَيْدِ فَإِذَا خُوِّفَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَأَقَرَّ بِهَا فَلَا تَلْزَمُهُ السَّرِقَةُ عَلَى مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: وَلَا سَكْرَانُ بِحَلَالٍ) أَيْ لِأَنَّهُ كَالْمَجْنُونِ وَأَمَّا السَّكْرَانُ بِحَرَامٍ إذَا سَرَقَ حَالَ سُكْرِهِ أَوْ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ لَكِنْ يُنْتَظَرُ صَحْوُهُ، فَإِنْ قُطِعَ قَبْلَ صَحْوِهِ اُكْتُفِيَ بِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ حَمْلُهُ عَلَى أَنَّهُ بِحَرَامٍ حَيْثُ شَكَّ؛ لِأَنَّهُ الْأَغْلَبُ إلَّا أَنْ تَكُونَ حَالَتُهُ ظَاهِرَةً فِي خِلَافِ ذَلِكَ حُمِلَ عَلَى الْأَوَّلِ لِدَرْءِ الْحَدِّ بِالشُّبْهَةِ.

(قَوْلُهُ: فَيُقْطَعُ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا وُجِدَ التَّكْلِيفُ فَيُقْطَعُ الشَّخْصُ الْحُرُّ إلَخْ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لِمِثْلِهِمْ) اُعْتُرِضَ بِعَدَمِ صِحَّةِ الْمُبَالَغَةِ بِالنِّسْبَةِ لِسَرِقَةِ الْحُرِّ مِنْ مِثْلِهِ إذْ لَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ الْقَطْعِ حَتَّى يُبَالَغَ عَلَيْهِ وَالشَّأْنُ أَنَّهُ إنَّمَا يُبَالَغُ عَلَى الْحُكْمِ الْمُتَوَهَّمِ خِلَافُهُ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُبَالَغَةَ غَيْرُ رَاجِعَةٍ لِلْحُرِّ بَلْ لِلْعَبْدِ وَالْمُعَاهَدِ وَحِينَئِذٍ فَجَمْعُهُ لِلضَّمِيرِ بِاعْتِبَارِ إفْرَادِ الْمُعَاهَدِ وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ فِي الْقَطْعِ لِلَّهِ تَعَالَى) أَيْ لَا لِلْمَسْرُوقِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: إلَّا الرَّقِيقَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِ فَيُقْطَعُ الْعَبْدُ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ سَرَقَ مِنْ سَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يُقْطَعُ) أَيْ لَا يَجُوزُ قَطْعُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَضِيَ السَّيِّدُ) أَيْ بِقَطْعِهِ وَلَا يَضْمَنُ الْمَالَ الَّذِي سَرَقَهُ لِسَيِّدِهِ إذَا أَعْتَقَهُ لِأَنَّ قُدْرَتَهُ عَلَى اسْتِثْنَاءِ مَالِهِ عِنْدَ عِتْقِهِ وَتَرْكِهِ دَلِيلٌ عَلَى بَرَاءَتِهِ لَهُ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ مَالِ رَقِيقِ سَيِّدِهِ) أَيْ مِنْ مَالِ رَقِيقٍ آخَرَ لِسَيِّدِهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَالَ الْعَبْدِ لِلسَّيِّدِ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ فَرْعِ سَيِّدِهِ وَلَا فِي مَالِ أَصْلِهِ وَكَذَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَعَدَمِ قَطْعِهِ بِسَرِقَتِهِ مِنْ مَالِهِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَى السَّيِّدِ عُقُوبَتَانِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ لَا لِكَوْنِهِ لَهُ شُبْهَةٌ فِي مَالِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَبْدِ الْقِنِّ وَغَيْرِهِ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، إلَّا الرَّقِيقَ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِغَيْرِ الْقِنِّ مَنْ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَأُمِّ وَلَدٍ وَمُكَاتَبٍ وَسَوَاءٌ سَرَقَ مِنْ مَحَلٍّ حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهِ أَمْ لَا

(قَوْلُهُ: كَمَا تَثْبُتُ بِالْبَيِّنَةِ) تَرَكَ الْمُصَنِّفُ هَذَا لِوُضُوحِهِ فَلَوْ قَالَتْ قَبْلَ الْقَطْعِ وَهَاهُنَا بَلْ هُوَ هَذَا لَمْ يُقْطَعْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِلشَّكِّ وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَطْعَ يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ وَلَوْ لَمْ يَقُمْ رَبُّ الْمَتَاعِ وَتَرَكَ مَتَاعَهُ وَذَلِكَ لِتَحْقِيقِ السَّبَبِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ بِالسَّرِقَةِ سَبَبٌ فِي لُزُومِ الْقَطْعِ وَيَلْزَمُ مِنْ وُجُودِ السَّبَبِ وُجُودُ الْمُسَبِّبِ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ إذَا أَقَرَّ بِهَا وَقَوْلُهُ: وَلَوْ أَخْرَجَ السَّرِقَةَ أَيْ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا مُكْرَهًا.

(قَوْلُهُ: بِإِكْرَاهِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِقْرَارِ وَالْبَاءُ لِلسَّبَبِيَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَبِهِ الْحُكْمُ) أَيْ الْقَضَاءُ كَمَا فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَمَتْنِ التُّحْفَةِ لِابْنِ عَاصِمٍ وَنَسَبَهُ فِيهَا لِمَالِكٍ حَيْثُ قَالَ:

وَإِنْ يَكُنْ مُطَالِبًا مَنْ يَتَّهِمُ

فَمَالِكٌ بِالسِّجْنِ وَالضَّرْبِ حَكَمْ

وَحَكَمُوا بِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ

مِنْ ذَاعِرٍ يُحْبَسُ لِاخْتِبَارِ

وَالذَّاعِرُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ الْخَائِفُ قَالَ عبق وَاعْتُمِدَ مَا لِسَحْنُونٍ وَحُمِلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ عَلَى أَنَّهُ وَقَعَ فِيهَا مَحِلَّانِ أَحَدُهُمَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الْعَمَلِ بِإِقْرَارِهِ لِمُكْرَهٍ ثَانِيهِمَا حَلِفُ الْمُتَّهَمِ وَتَهْدِيدُهُ وَسَجْنُهُ فَاسْتَشْكَلَهُ الْبُرْزُلِيُّ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي سَجْنِهِ لِعَدَمِ الْعَمَلِ بِإِقْرَارِ الْمُكْرَهِ كَمَا هُوَ مُفَادُ الْمُدَوَّنَةِ أَوَّلًا قَالَ وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ أَوَّلِ كَلَامِهَا عَلَى غَيْرِ الْمُتَّهَمِ وَآخِرِهِ عَلَى الْمُتَّهَمِ كَقَوْلِ سَحْنُونٍ وَجَمَعَ الْغِرْيَانِيُّ أَيْضًا بِحَمْلِ أَوَّلِ كَلَامِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِيَ بِشَيْءٍ غَيْرِ الْمَسْرُوقِ مِنْ خَوْفِهِ وَحُمِلَ آخِرُ كَلَامِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْرُوقُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَيُهَدَّدُ الْمُتَّهَمُ وَيُسْجَنُ رَجَاءَ أَنْ يُقِرَّ وَبِهَذَا عُلِمَ أَنَّ مَا لِسَحْنُونٍ مُوَافِقٌ لِلْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ اُنْظُرْ عج فَإِذَا أَقَرَّ مُكْرَهًا عَلَى مَا لَلْمُصَنِّفِ وَأَخْرَجَ بَعْضَ الْمَسْرُوقِ أَخَذَ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ إنْ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ

ص: 345

(وَ) إذَا أَقَرَّ طَائِعًا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ (قُبِلَ رُجُوعُهُ) عَنْهُ فَلَا يُحَدُّ وَكَذَا يُقْبَلُ رُجُوعُ الزَّانِي وَالشَّارِبِ وَالْمُحَارِبِ (وَلَوْ) رَجَعَ (بِلَا شُبْهَةٍ) فِي إقْرَارِهِ نَحْوَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي كَمَا لَوْ رَجَعَ لِشُبْهَةِ نَحْوَ أَخَذْت مَالِي الْمَرْهُونَ أَوْ الْمُودَعَ خِفْيَةً فَسَمَّيْتُهُ سَرِقَةً وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إنْ عَيَّنَ صَاحِبَهُ نَحْوَ أَخَذْت دَابَّةَ زَيْدٍ بِخِلَافِ سَرَقْت أَوْ سَرَقْت دَابَّةً أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ بِسَرِقَةٍ عَلَى مُتَّهَمٍ أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ قَدَّمَهُمَا فِي الْغَصْبِ إذْ السَّرِقَةُ مِثْلُهُ فَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ (وَإِنْ رَدَّ الْيَمِينَ) عَلَى الطَّالِبِ (فَحَلَفَ الطَّالِبُ) أَيْ الْمُدَّعِي فَالْغُرْمُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِلَا قَطْعٍ وَمَحِلُّ الرَّدِّ إنْ حَقَّقَ الْمُدَّعِي الدَّعْوَى، فَإِنْ اتَّهَمَهُ غَرِمَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ وَلَا قَطْعَ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ إنَّمَا هُوَ فِي الثُّبُوتِ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ الْإِقْرَارِ طَوْعًا بِلَا رُجُوعٍ، فَإِنْ ادَّعَى عَلَى صَالِحٍ لَمْ تُقْبَلْ دَعْوَاهُ وَأُدِّبَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْغَصْبِ.

(أَوْ)(شَهِدَ) عَلَى السَّارِقِ بِالسَّرِقَةِ (رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ) شَهِدَ (وَاحِدٌ) رَجُلٌ فَقَطْ أَوْ امْرَأَتَانِ (وَحَلَفَ) مَعَهُ الْمُدَّعِي فَالْغُرْمُ بِلَا قَطْعٍ (أَوْ)(أَقَرَّ السَّيِّدُ) بِسَرِقَةِ عَبْدِهِ مِنْ شَخْصٍ (فَالْغُرْمُ) أَيْ غُرْمُ الْمَالِ الْمُدَّعَى بِهِ لَازِمٌ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ (بِلَا قَطْعٍ، وَإِنْ)(أَقَرَّ الْعَبْدُ) بِأَنَّهُ سَرَقَ (فَالْعَكْسُ) أَيْ الْقَطْعُ بِلَا غُرْمٍ لِإِقْرَارِهِ بِالسَّرِقَةِ وَإِنَّمَا لَمْ يَغْرَمْ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَالِ؛ لِأَنَّ الْغُرْمَ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى سَيِّدِهِ، فَإِنْ شَهِدَ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ إلَخْ، وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ فَالْغُرْمُ وَالْقَطْعُ وَإِذَا قُلْنَا بِالْغُرْمِ فَالسَّيِّدُ يَغْرَمُهُ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ وَإِلَّا خُيِّرَ فِي فِدَائِهِ وَتَسْلِيمِهِ.

(وَوَجَبَ) عَلَى السَّارِقِ (رَدُّ الْمَالِ) بِعَيْنِهِ إنْ وُجِدَ أَوْ قِيمَةُ الْمُقَوَّمِ وَمِثْلُ الْمِثْلِيِّ إنْ لَمْ يُوجَدْ (إنْ لَمْ يُقْطَعْ) لِمَانِعٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِعَيْنِهِ بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْغِرْيَانِيِّ وَيُؤَاخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ السَّرِقَةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَمْ لَا إنْ كَانَ مُتَّهَمًا بِنَاءً عَلَى تَأْوِيلِ الْبُرْزُلِيِّ.

(قَوْلُهُ: وَقُبِلَ رُجُوعُهُ وَلَوْ بِلَا شُبْهَةٍ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الضَّرْبِ وَالتَّهْدِيدِ فَلَا يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ الْإِقْرَارِ وَاخْتُلِفَ إذَا عَيَّنَ عَلَى قَوْلَيْنِ قَائِمَيْنِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَعَلَى الْقَطْعِ إنْ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَطْعِ إنْ تَمَادَى عَلَى إقْرَارِهِ بَعْدَ أَنْ عَيَّنَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ يُقْطَعُ وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا يُقْطَعُ، وَأَمَّا إذَا كَانَ إقْرَارُهُ بَعْدَ الْأَخْذِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبٍ وَلَا تَهْدِيدٍ فَقِيلَ يُقْطَعُ بِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ السَّرِقَةَ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ لَا يُقْطَعُ حَتَّى يُعَيِّنَهَا وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَقَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِوَجْهٍ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِي هَذَا الْوَجْهِ وَعَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي اُخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ إقْرَارِهِ لِغَيْرِ التَّعْيِينِ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَالْقَوْلَانِ إنَّمَا هُمَا إذَا قَالَ أَقْرَرْت لِوَجْهِ كَذَا، وَأَمَّا إنْ رَجَعَ عَنْ الْإِقْرَارِ بَعْدَ التَّعْيِينِ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلًا وَاحِدًا اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: فِي إقْرَارِهِ) لَوْ قَالَ فِي رُجُوعِهِ كَانَ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ رَجَعَ) هَذَا بَيَانٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ.

(قَوْلُهُ: وَيَلْزَمُهُ الْمَالُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ رُجُوعَ السَّارِقِ عَنْ إقْرَارِهِ إنَّمَا يُقْبَلُ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّ اللَّهِ فَيَنْتَفِي الْحَدُّ عَنْهُ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِغُرْمِ الْمَالِ الَّذِي هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ إذَا عَيَّنَهُ وَمِثْلُ السَّارِقِ الْمُحَارِبُ إذَا أَقَرَّ بِهَا ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ فَيُقَالُ فِيهِ مَا قِيلَ فِي السَّارِقِ.

(قَوْلُهُ: أُخِذَتْ دَابَّةُ زَيْدٍ) أَيْ سَرِقَةً أَوْ حِرَابَةً ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي.

(قَوْلُهُ: أَيْ وَقَعَ مِنِّي ذَلِكَ) أَيْ السَّرِقَةُ أَوْ سَرِقَةُ دَابَّةٍ ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ وَقَالَ كَذَبْت فِي إقْرَارِي فَلَا يَلْزَمُهُ قَطْعٌ وَلَا غُرْمٌ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى شَخْصٌ إلَخْ) هَذَا شَرْطٌ جَوَابُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي فَالْيَمِينُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى أَحَدِ قَوْلَيْنِ) أَيْ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى بِالسَّرِقَةِ أَوْ الْغَصْبِ عَلَيْهِ وَعَدَمِ سَمَاعِهَا وَالْفَرْضُ أَنَّهَا دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ عَنْ الْبَيِّنَةِ

(قَوْلُهُ: أَوْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِسَرِقَةِ عَبْدِهِ) أَيْ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ مَعَ إقْرَارِ السَّيِّدِ أَوْ لَا كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ عبق مِنْ أَنَّ الْغُرْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالْقَطْعَ فِي الَّتِي بَعْدَهَا مُتَوَقِّفٌ عَلَى حَلِفِ الطَّالِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُجَرَّدَ إقْرَارِ السَّيِّدِ كَافٍ فِي غُرْمِ الْعَبْدِ وَمُجَرَّدَ إقْرَارِ الْعَبْدِ كَافٍ فِي قَطْعِهِ سَوَاءٌ حَلَفَ الطَّالِبُ أَوْ لَا خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ عبق.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ) أَيْ فَقَطْ أَوْ أَقَرَّ مَعَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي.

(قَوْلُهُ: فَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ أَوْ شَهِدَ رَجُلٌ إلَخْ) أَيْ فَاللَّازِمُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ الْغُرْمُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ) أَيْ أَوْ أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ فَيُقْطَعُ لِإِقْرَارِهِ وَيَلْزَمُ الْغُرْمُ أَيْضًا لِشَهَادَةِ وَاحِدٍ مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَطْعَ وَالْغُرْمَ فِي صُورَتَيْنِ: مَا إذَا شَهِدَ عَلَيْهِ شَاهِدَانِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَشَهِدَ بِهَا عَلَيْهِ شَاهِدٌ أَوْ امْرَأَتَانِ وَحَلَفَ الطَّالِبُ مَعَهُ الْقَطْعُ فَقَطْ فِي صُورَتَيْنِ مَا إذَا أَقَرَّ بِهَا الْعَبْدُ فَقَطْ وَمَا إذَا أَقَرَّ بِهَا مَعَ شَهَادَةِ وَاحِدٍ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ وَلَمْ يَحْلِفْ مَعَهُ الْمُدَّعِي وَالْغُرْمُ فَقَطْ فِي ثَلَاثِ صُوَرٍ مَا إذَا شَهِدَ عَلَى الْعَبْدِ بِهَا شَاهِدٌ وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ شَهِدَ

ص: 346

كَعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ الشَّاهِدِ عَلَيْهِ بِالسَّرِقَةِ بِأَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ عَدْلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا وَحَلَفَ مَعَهُ الْمُدَّعِي أَوْ عَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ الْمَسْرُوقِ مِنْ الْحِرْزِ أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ حِرْزٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ أَوْ سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ (مُطْلَقًا) أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ بَقِيَ الْمَسْرُوقُ أَوْ تَلِفَ وَيُحَاصِصُ بِهِ رَبُّهُ غُرَمَاءَ السَّارِقِ إنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ (أَوْ)(قُطِعَ) لِلسَّرِقَةِ فَيَغْرَمُ (إنْ أَيْسَرَ) أَيْ اسْتَمَرَّ يَسَارُهُ بِالْمَسْرُوقِ كُلِّهِ أَوْ بَعْضِهِ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْقَطْعِ (مِنْ) يَوْمِ (الْأَخْذِ) ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَالْمَالِ الْقَائِمِ فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ بَلْ الْقَطْعُ فَقَطْ فَلَوْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَالْقَطْعِ سَقَطَ الْغُرْمُ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدُ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ قَطْعُهُ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْرُوقَ إنْ كَانَ مَوْجُودًا بِعَيْنِهِ وَجَبَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إجْمَاعًا بِلَا تَفْصِيلٍ، وَإِنْ تَلِفَ، فَإِنْ أَيْسَرَ فَكَذَلِكَ وَيُرَدُّ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ الْمُقَوَّمِ، وَإِنْ أَعْسَرَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْمُدَّةِ فَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُقْطَعْ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ.

(وَسَقَطَ الْحَدُّ) أَيْ الْقَطْعُ (إنْ سَقَطَ الْعُضْوُ) أَيْ الَّذِي يَجِبُ قَطْعُهُ (بِسَمَاوِيٍّ) بَعْدَ السَّرِقَةِ أَوْ بِقَطْعٍ فِي قِصَاصٍ أَوْ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيٍّ عَلَيْهِ بَعْدَ السَّرِقَةِ وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ إنْ تَعَمَّدَ، فَإِنْ سَقَطَ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ قَبْلَ السَّرِقَةِ انْتَقَلَ الْقَطْعُ لِلْعُضْوِ الَّذِي بَعْدَهُ كَمَا مَرَّ (لَا) يَسْقُطُ الْحَدُّ (بِتَوْبَةٍ وَعَدَالَةٍ) ، (وَإِنْ طَالَ زَمَانُهُمَا) وَلَوْ صَارَ أَعْدَلَ أَهْلِ زَمَانِهِ مَتَى بَلَغَ الْإِمَامَ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُرْفَعَ لِلْإِمَامِ وَلَا بَأْسَ بِالشَّفَاعَةِ لِسَارِقٍ وَقَعَتْ مِنْهُ السَّرِقَةُ فَلْتَةً مَا لَمْ يَبْلُغْ الْإِمَامَ وَلَا يَنْبَغِي الشَّفَاعَةُ فِي مَعْرُوفٍ بِالْعَدَاءِ.

(وَتَدَاخَلَتْ) الْحُدُودُ عَلَى شَخْصٍ (إنْ اتَّحَدَ الْمُوجَبُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَهُوَ الْحَدُّ (كَقَذْفٍ) أَيْ كَحَدِّ قَذْفٍ (وَ) حَدِّ (شُرْبٍ) إذْ مُوجَبُ كُلٍّ مِنْهُمَا ثَمَانُونَ جَلْدَةً فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْآخَرُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْأَوَّلَ أَوْ لَمْ يَحْصُلْ ثُبُوتُ الْآخَرِ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ جُنِيَ عَلَى إنْسَانٍ فَقُطِعَ يَمِينُهُ ثُمَّ سَرَقَ أَوْ الْعَكْسُ فَيَكْفِي الْقَطْعُ لِأَحَدِهِمَا (أَوْ تَكَرَّرَتْ) مُوجِبَاتُهَا بِالْكَسْرِ كَأَنْ يَسْرِقَ مِرَارًا أَوْ يَقْذِفَ أَوْ يَشْرَبَ مِرَارًا فَيَكْفِي حَدٌّ وَاحِدٌ عَنْ الْجَمِيعِ، وَلَوْ لَمْ يَثْبُتْ الثَّانِي إلَّا بَعْدَ الْحَدِّ لِأَحَدِهِمَا مَا لَمْ يَعُدْ بَعْدَ الْحَدِّ، فَإِنْ عَادَ بَعْدَهُ عِيدَ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَإِلَّا تَكَرَّرَتْ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَتَّحِدْ الْمُوجَبُ كَمَا لَوْ سَرَقَ وَشَرِبَ وَتَكَرَّرَتْ الْحُدُودُ بِأَنْ يُقْطَعَ وَيُجْلَدَ وَكُلُّ حَدٍّ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ لِرِدَّةٍ أَوْ قِصَاصٍ أَوْ حِرَابَةٍ إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ ثُمَّ يُقْتَلُ كَمَا مَرَّ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ أَقَرَّ بِذَلِكَ سَيِّدُهُ.

(قَوْلُهُ: كَعَدَمِ كَمَالِ النِّصَابِ) أَيْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ)(سَقَطَ الْعُضْوُ بِسَمَاوِيٍّ) أَيْ سَقَطَ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ عَلَيْهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَإِنَّمَا حَمَلْنَا السُّقُوطَ عَلَى كَوْنِهِ بَعْدَ ثُبُوتِ السَّرِقَةِ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْعُضْوِ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ جِنَايَةٍ قَبْلَ السَّرِقَةِ لَا يُسْقِطُ الْقَطْعَ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ جِنَايَةٍ) أَيْ عَلَى الْعُضْوِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ) أَيْ كَانَ التَّلَفُ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ.

(قَوْلُهُ: فَلَمْ يَجْتَمِعْ عَلَيْهِ عُقُوبَتَانِ) أَيْ وَهُمَا الْقَطْعُ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَجَبَ رَدُّهُ لِرَبِّهِ إجْمَاعًا) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّارِقِ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِهِ وَيَدْفَعَ لَهُ غَيْرَهُ وَقَوْلُهُ: بِلَا تَفْصِيلٍ أَيْ سَوَاءٌ قُطِعَ السَّارِقُ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَلِفَ) أَيْ بِاخْتِيَارِهِ أَوْ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ أَيْسَرَ أَيْ فَإِنْ اسْتَمَرَّ يَسَارُهُ مِنْ حِينِ الْأَخْذِ لِحِينِ الْقَطْعِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ الرَّدُّ سَوَاءٌ قُطِعَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَعْسَرَ) أَيْ فِي كُلِّ الْمُدَّةِ بَلْ وَلَوْ فِي بَعْضِهَا. (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ يَجِبُ رَدُّهُ

(قَوْلُهُ: بَعْدَ السَّرِقَةِ) أَيْ بَعْدَ ثُبُوتِهَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ) أَيْ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ، إلَّا لِشَلَلٍ (قَوْلُهُ: لَا يَسْقُطُ الْحَدُّ) أَيْ حَدُّ السَّرِقَةِ وَكَذَلِكَ الزِّنَا وَالْقَذْفُ.

(قَوْلُهُ: بِتَوْبَةٍ) لَوْ حَذَفَ ذَلِكَ مَا ضَرَّ إذْ يُعْلَمُ مِنْ عَدَمِ سُقُوطِهِ بِالْعَدَالَةِ عَدَمُ سُقُوطِهِ بِالتَّوْبَةِ إذْ لَا عَدَالَةَ، إلَّا لِمَنْ تَابَ إذْ تَأْخِيرُ التَّوْبَةِ كَبِيرَةٌ يَقْدَحُ فِي الْعَدَالَةِ. (قَوْلُهُ: وَعَدَالَةٍ) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَسْقُطُ بِإِتْيَانِ الْإِمَامِ طَائِعًا.

(قَوْلُهُ: زَمَانُهُمَا) أَيْ التَّوْبَةِ وَالْعَدَالَةِ (قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) أَيْ وَيَنْبَغِي عَدَمُ الرَّفْعِ لِلْإِمَامِ حِينَ تَابَ السَّارِقُ وَحَسُنَتْ حَالَتُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا رُفِعَ لَهُ حَدُّهُ

(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْحَدُّ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَدْ وَضَعَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الْمُضْمَرِ فَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ الظَّاهِرِ وَيَقُولُ وَتَدَاخَلَتْ الْحُدُودُ إنْ اتَّحَدَتْ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُوجَبَ بِالْفَتْحِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ الْحَدُّ إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ مَجَازًا وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى وَتَدَاخَلَتْ الْحُدُودُ إنْ اتَّفَقَ الْقَدْرُ الَّذِي أَوْجَبَ سَبَبَ كُلٍّ مِنْهُمَا اهـ شَيْخُنَا عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: أَيْ كَحَدِّ قَذْفٍ إلَخْ) إنَّمَا قُدِّرَ حَدٌّ أَوَّلًا وَثَانِيًا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُوجَبَانِ بِالْفَتْحِ الْمُتَّحِدَانِ وَأَمَّا الْقَذْفُ وَالشُّرْبُ فَمُوجِبَانِ بِالْكَسْرِ.

(قَوْلُهُ: إذْ مُوجَبُ كُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ كُلٌّ مِنْ الْقَذْفِ وَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا) أَيْ حَدُّ أَحَدِهِمَا وَقَوْلُهُ: سَقَطَ الْآخَرُ أَيْ حَدُّ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ إلَّا الْأَوَّلَ) بَلْ وَلَوْ قَالَ هَذَا لِهَذَا لَا لِهَذَا لِأَنَّهُ خِلَافُ مَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ فَلَيْسَ كَإِخْرَاجِ الْحَدَثِ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ وَأَمَّا الضَّرْبُ بِلَا نِيَّةِ حَدٍّ أَصْلًا فَلَا يَصِحُّ صَرْفُهُ لِحَدٍّ بَعْدُ فَتَدَبَّرْ اهـ أَمِيرٌ (قَوْلُهُ: لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْجَنَابَةِ وَالسَّرِقَةِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ سَرَقَ وَشَرِبَ) أَيْ أَوْ سَرَقَ وَزَنَى أَوْ سَرَقَ وَقَذَفَ وَكَمَا لَوْ شَرِبَ وَهُوَ رَقِيقٌ ثُمَّ قَذَفَ وَهُوَ حُرٌّ أَوْ عَكْسُهُ فَلَا تَدَاخُلَ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ حَدٍّ يَدْخُلُ فِي الْقَتْلِ إلَخْ) فَإِذَا زَنَى وَكَانَ بِكْرًا أَوْ سَرَقَ أَوْ شَرِبَ وَتَرَتَّبَ

ص: 347