الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقِيلَ يُسْقِطُهَا مُضِيُّ عِشْرِينَ عَامًا وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَقِيلَ مُضِيُّ ثَلَاثِينَ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ أَصْلًا وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ إلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّهُ يُسْقِطُهَا السَّنَتَانِ بَعِيدٌ جِدًّا وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْأَظْهَرَ فِي ذَلِكَ الِاجْتِهَادُ بِالنَّظَرِ فِي حَالِ الزَّمَنِ وَحَالِ النَّاسِ وَحَالِ الدِّينِ فَنَحْوُ عَشْرِ سِنِينَ أَوْ أَقَلَّ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ النَّاسِ تَقْتَضِي الْأَعْضَاءَ وَالتَّرْكَ وَنَحْوُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ قَدْ لَا تَقْتَضِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ
[دَرْسٌ](بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ، وَالْقِصَاصِ) وَأَرْكَانُ الْقِصَاصِ ثَلَاثَةٌ الْجَانِي وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ، وَالْعِصْمَةُ، وَالْمُكَافَأَةُ، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَشَرْطُهُ الْعِصْمَةُ، وَالْجِنَايَةُ وَشَرْطُهَا الْعَمْدُ، وَالْعُدْوَانُ وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى ذَلِكَ وَبَدَأَ بِالرُّكْنِ الْأَوَّلِ وَشُرُوطِهِ بِقَوْلِهِ (إنْ)(أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ) أَيْ بَالِغٌ عَاقِلٌ وَلَوْ سَكِرَ حَرَامًا نَفْسًا، أَوْ طَرَفًا (وَإِنْ رَقَّ) الْمُكَلَّفُ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمِثْلِهِ وَبِحُرٍّ إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ وَلَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ كَمَا سَيَأْتِي وَأَمَّا الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ عَمْدَهُمَا وَخَطَأَهُمَا سَوَاءٌ عَلَى أَنَّهُ لَا عَمْدَ لِلْمَجْنُونِ وَلِذَا لَوْ كَانَ يُفِيقُ أَحْيَانَا وَجَنَى حَالَ إفَاقَتِهِ اُقْتُصَّ مِنْهُ حَالَ إفَاقَتِهِ فَإِنْ جُنَّ بَعْدَ الْجِنَايَةِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُفِقْ، فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِ، وَالسَّكْرَانُ بِحَلَالٍ كَالْمَجْنُونِ (غَيْرُ حَرْبِيٍّ) وَصْفٌ لِلْمُكَلَّفِ، فَالْحَرْبِيُّ لَا يُقْتَلُ قِصَاصًا بَلْ يُهْدَرُ دَمُهُ وَعَدَمُ عِصْمَتِهِ وَلِذَا لَوْ جَاءَ تَائِبًا بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ لَمْ يُقْتَلْ (وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ) عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ) زَائِدُ (إسْلَامٍ) بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهِمَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَانَ لَهُ حَقُّهُ مِنْ التَّخْيِيرِ بَيْنَ الْإِجَازَةِ وَالرَّدِّ وَإِنْ قَامَ بَعْدَ عَامٍ وَنَحْوِهِ مِنْ عِلْمِهِ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَاخْتُلِفَ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْعِتْقِ فَيَجْرِي فِيهَا مَا جَرَى فِيهِ أَوْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ فَيُقَالُ فِيهَا مَا قِيلَ فِيهِ قَوْلَانِ (قَوْلُهُ مَضَى عِشْرِينَ عَامًا) أَيْ مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَبِ بِهَا وَلَيْسَ لَهُ مَا يَمْنَعُهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ وَقِيلَ مَضَى ثَلَاثِينَ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالْمُرَادُ مُضِيُّهَا مَعَ حُضُورِ رَبِّهَا وَتَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّلَبِ بِهَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ لَا تَسْقُطُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ وَنَصُّهُ إذَا تَقَرَّرَ الدَّيْنُ فِي الذِّمَّةِ وَثَبَتَ فِيهَا لَا يَبْطُلُ وَإِنْ طَالَ الزَّمَانُ وَكَانَ رَبُّهُ حَاضِرًا سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الطَّلَبِ بِهِ لِعُمُومِ خَبَرِ «لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ» اهـ وَاخْتَارَ هَذَا الْقَوْلَ التُّونُسِيُّ وَالْغُبْرِينِيُّ وَفِي الْمِعْيَارِ سُئِلَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْعَبْدُوسِيُّ عَمَّنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى رَجُلٍ بِرَسْمٍ وَلِلرَّسْمِ الْمَذْكُورِ مُدَّةُ نَحْوَ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَلَمْ يَدَّعِ الْمِدْيَانُ قَضَاءَهُ وَرَبُّهُ حَاضِرٌ سَاكِتٌ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الطَّلَبِ بِهِ فَهَلْ يَبْطُلُ الدَّيْنُ بِتَقَادُمِ عَهْدِهِ أَمْ لَا فَأَجَابَ طُولُ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ لَا يُبْطِلُ الدَّيْنَ عَنْ الْمِدْيَانِ الْمَذْكُورِ وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا كَانَ الدَّيْنُ بِرَسْمٍ وَطَالَتْ الْمُدَّةُ جِدًّا وَادَّعَى الْمِدْيَانُ قَضَاءَهُ وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْبَةٍ أَوْ إكْرَاهٍ أَوْ إنْكَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ مَعَ يَمِينِهِ وَقِيلَ لَا يُقْبَلُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَإِنْ كَانَ بِغَيْرِ رَسْمٍ فَقِيلَ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْقَضَاءِ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ مُحْتَاجًا وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ مَلِيًّا وَكَانَا حَاضِرَيْنِ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا مَا يَمْنَعُ مِنْ الطَّلَبِ اهـ كَلَامُ الْمِعْيَارِ.
[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]
بَابٌ فِي الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُ الْقِصَاصِ) أَيْ، وَالْأَرْكَانُ الَّتِي يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا تَحَقُّقُ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: الْجَانِي) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ إلَّا مِنْ جَانٍ (قَوْلُهُ وَشَرْطُهُ التَّكْلِيفُ، وَالْعِصْمَةُ) أَيْ بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ، فَالْمُرَادُ عِصْمَةٌ مَخْصُوصَةٌ وَقَوْلُهُ، وَالْمُكَافَأَةُ أَيْ بِأَنْ يَكُونَ غَيْرَ زَائِدٍ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِحُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الْمُسَاوَاةَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ الْمُرَادُ بِهَا مُكَافَأَةٌ مَخْصُوصَةٌ، وَهِيَ الْمُسَاوَاةُ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ نَقْصُهُ عَنْهُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْأَرْكَانِ الثَّلَاثَةِ وَشُرُوطِهَا (قَوْلُهُ: نَفْسًا، أَوْ طَرَفًا) الْأَوْلَى حَذْفُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَأْتِي مَعْصُومًا عَلَى أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ فَقَطْ، وَالْأَطْرَافُ، وَالْجِرَاحَاتُ سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ فَلَا مَعْنَى لِذِكْرِهِ هُنَا (قَوْلُهُ: فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ بِمِثْلِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ فِي الْقَاتِلِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِهَا فَتُقْتَلُ أُمُّ الْوَلَدِ مَثَلًا بِالْقِنِّ، وَالْعَكْسُ.
(قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِحْيَاؤُهُ) أَيْ وَلِوَلِيِّ الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَنْ يَسْتَحْيِ ذَلِكَ الْعَبْدَ الْقَاتِلَ وَحِينَئِذٍ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي إسْلَامِهِ فِي الْجِنَايَةِ وَفِي فِدَائِهِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ وَدِيَةِ الْحُرِّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الصَّبِيُّ إلَخْ) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُكَلَّفٌ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُمَا) أَيْ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِمَا (قَوْلُهُ: اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ) أَيْ وَاقْتُصَّ مِنْهُ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: كَالْمَجْنُونِ) أَيْ فَلَا يُقْتَلُ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.
(قَوْلُهُ: فَالْحَرْبِيُّ لَا يُقْتَلُ قِصَاصًا) أَيْ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ (قَوْلُهُ بَلْ يُهْدَرُ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُقْتَلُ بِسَبَبِ هَدْرِ دَمِهِ وَقَوْلُهُ (وَعَدَمُ عِصْمَتِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ وَلِأَجْلِ أَنَّ قَتْلَهُ إنَّمَا هُوَ بِسَبَبِ هَدْرِ دَمِهِ وَعَدَمِ عِصْمَتِهِ لَوْ جَاءَ أَيْ بَعْدَ جِنَايَتِهِ وَقَوْلُهُ (بِإِيمَانٍ) أَيْ مُلْتَبِسًا بِإِيمَانٍ وَقَوْلُهُ (لَمْ يُقْتَلْ) أَيْ بِمَنْ قَتَلَهُ قَبْلَ تَوْبَتِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ) بِالرَّفْعِ بِعَطْفِ لَا عَلَى غَيْرِ؛ لِأَنَّ لَا اسْمٌ بِمَعْنَى غَيْرِ ظَهَرَ إعْرَابُهَا فِيمَا بَعْدَهَا، أَوْ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدَةٌ لِتَأْكِيدِ النَّفْيِ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لَهُ فِيهِمَا) فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ زَائِدًا بِمَزِيَّةٍ كَعِلْمٍ، أَوْ شَجَاعَةٍ وَنَحْوِهِمَا وَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ
أَوْ أَنْقَصُ إنْ كَانَ الْجَانِي زَائِدًا حِينَ الْجِنَايَةِ فِيمَا ذُكِرَ فَلَا قِصَاصَ فَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ وَلَوْ حُرًّا وَلَا حُرٌّ بِرَقِيقٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ زَائِدَ إسْلَامٍ فَيُقْتَلُ حُرٌّ كِتَابِيٌّ بِرَقِيقٍ مُسْلِمٍ كَمَا سَيَأْتِي تَرْجِيحًا لِجَانِبِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ (حِينَ الْقَتْلِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْجَانِي الْمُكَلَّفِ لِلْقِصَاصِ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَلَا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَقْتَ الْقَتْلِ فَلَوْ قَتَلَ غَيْرَهُ، وَهُوَ حَرْبِيٌّ، أَوْ زَائِدِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ فَلَا قِصَاصَ وَلَوْ بَلَغَ، أَوْ عَقَلَ، أَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ ذَلِكَ وَلَوْ رَمَى عَبْدًا وَجَرَحَ مِثْلَهُ، ثُمَّ عَتَقَ الْجَانِي فَمَاتَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ حِينَ الْقَتْلِ زَائِدُ حُرِّيَّةٍ، وَكَذَا لَوْ رَمَى ذِمِّيّ مِثْلَهُ، أَوْ جَرَحَهُ وَأَسْلَمَ قَبْلَ مَوْتِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إلَّا لِغِيلَةٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَهِيَ الْقَتْلُ لِأَخْذِ الْمَالِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ بَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ، وَالْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ، وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ غَيْرُ حَرْبِيٍّ إلَخْ، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ قِصَاصًا بَلْ لِلْفَسَادِ وَلِذَا قَالَ مَالِكٌ وَلَا عَفْوَ فِيهِ وَلَا صُلْحَ وَصُلْحُ الْوَلِيِّ مَرْدُودٌ، وَالْحُكْمُ فِيهِ لِلْإِمَامِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ لَلْمُصَنِّفِ فِي مَحَلِّهِ
وَذَكَرَ الرُّكْنَ الثَّانِي، وَهُوَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعَ شَرْطِهِ بِقَوْلِهِ (مَعْصُومًا) ، وَهُوَ مَعْمُولٌ لِقَوْلِهِ أَتْلَفَ فَلَا قِصَاصَ عَلَى قَاتِلٍ مُرْتَدٍّ لِعَدَمِ عِصْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ حَرْبِيًّا بِمُجَرَّدِ رِدَّتِهِ أَيْ لَهُ حُكْمُهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلَوْ جَعَلَ الْمُصَنِّفُ الْمُكَافَأَةَ شَرْطًا فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ دُونَ الْجَانِي بِأَنْ يَقُولَ مَعْصُومًا غَيْرَ نَاقِصِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ إلَّا لِغِيلَةٍ وَحَذَفَ قَوْلَهُ غَيْرَ زَائِدِ إلَخْ كَانَ أَبْيَنَ (لِلتَّلَفِ، وَالْإِصَابَةِ) اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا إلَى حِينِ تَلَفِ النَّفْسِ أَيْ مَوْتِهَا، وَالْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ فَيُشْتَرَطُ فِي النَّفْسِ الْعِصْمَةُ مِنْ حِينِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ إلَى حِينِ الْمَوْتِ وَفِي الْجُرْحِ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ اعْتِبَارِ الْحَالَيْنِ مَعًا فِي النَّفْسِ، وَالْجُرْحِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كِتَابِيًّا، وَالْمَقْتُولُ مَجُوسِيًّا وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ الْقَاتِلُ فِيهِ شَائِبَةُ حُرِّيَّةٍ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَنْقَصَ) أَيْ، أَوْ أَنْقَصَ مِنْهُ فِيهِمَا فَيُقْتَلُ الْحُرُّ الْكَافِرُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَكَذَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ إنْ شَاءَ وَلِيُّ الْحُرِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فِيمَا ذُكِرَ) فِي بِمَعْنَى الْبَاءِ أَيْ فَإِنْ كَانَ الْجَانِي زَائِدًا بِمَا ذُكِرَ حِينَ الْجِنَايَةِ فَلَا قِصَاصَ فَلَا يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ الْمَقْتُولُ زَائِدَ إسْلَامٍ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَتْلِ الْحُرِّ الْكِتَابِيِّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَلَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ وَلَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ وَلَوْ حُرًّا؛ لِأَنَّ الْحُرِّيَّةَ لَا تُوَازِي الْإِسْلَامَ (قَوْلُهُ حِينَ الْقَتْلِ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَوْتُ لَا الضَّرْبُ (قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ غَيْرَ حَرْبِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَلَا يَرْجِعُ لِمُكَلَّفٍ؛ لِأَنَّهُ لَوْ رَجَعَ لَهُ لَاقْتَضَى أَنَّ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ سَبَبُ الْقَتْلِ، وَهُوَ بَالِغٌ عَاقِلٌ، ثُمَّ جُنَّ فَمَاتَ الْمَضْرُوبُ، ثُمَّ أَفَاقَ الْمَجْنُونُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مَعَ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ حِينَ إفَاقَتِهِ كَمَا مَرَّ وَأَنَّ مَنْ حَصَلَ مِنْهُ سَبَبُ الْقَتْلِ، وَهُوَ غَيْرُ مُكَلَّفٍ، ثُمَّ حَصَلَ الْمَوْتُ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ أَنَّهُ يُقْتَلُ مَعَ أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ (قَوْلُهُ: لِلْقِصَاصِ مِنْهُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِصَاصِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَلَغَ، أَوْ عَقَلَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُمَا، وَالِاقْتِصَارُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ حِينَ الْقَتْلِ إنَّمَا جُعِلَ ظَرْفًا لِقَوْلِهِ غَيْرُ حَرْبِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ، فَهُوَ مُكَلَّفٌ قَبْلَ وَقْتِ الْقَتْلِ لَا لِمُكَلَّفٍ فَتَأَمَّلْ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَوْ قَتَلَ حَرْبِيٌّ غَيْرَهُ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ أَسْلَمَ ذَلِكَ الْحَرْبِيُّ بِأَثَرِ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْقِصَاصِ كَوْنُ الْجَانِي غَيْرَ حَرْبِيٍّ حِينَ الْمَوْتِ، وَهُوَ مُتَخَلِّفٌ هُنَا؛ لِأَنَّهُ حَرْبِيٌّ حِينَ الْمَوْتِ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ شَرْطَ الْقَتْلِ قِصَاصًا أَنْ لَا يَكُونَ الْقَاتِلُ حَرْبِيًّا وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمَوْتِ وَبَيْنَهُمَا، فَالشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةٌ حِينَ السَّبَبِ أَيْضًا فَإِنْ تَخَلَّفَ شَيْءٌ مِنْهَا عِنْدَ السَّبَبِ، أَوْ الْمُسَبَّبِ فَلَا قِصَاصَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ حِينَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ الْمَوْتُ فَقَطْ فَكَانَ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْغَايَةِ كَمَا فَعَلَ بَعْدُ بِأَنْ يَقُولَ إلَى حِينِ الْقَتْلِ، وَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الْجَوَابُ عَنْهُ بِحَمْلِ كَلَامِهِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَتَأَخَّرْ الْقَتْلُ عَنْ سَبَبِهِ فَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهُ اُعْتُبِرَ حُصُولُ الشُّرُوطِ عِنْدَ السَّبَبِ أَيْضًا كَمَا يُعْتَبَرُ حُصُولُهُمَا عِنْدَ الْمُسَبَّبِ.
(قَوْلُهُ: مِثْلَهُ) تَنَازَعَهُ رَمْيٌ وَجُرْحٌ (قَوْلُهُ: وَهِيَ الْقَتْلُ لِأَخْذِ الْمَالِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْقَتْلُ خُفْيَةً كَمَا لَوْ خَدَعَهُ فَذَهَبَ بِهِ لِمَحَلٍّ فَقَتَلَهُ فِيهِ لِأَخْذِ الْمَالِ، أَوْ كَانَ ظَاهِرًا عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي قَدْ يُسَمَّى حِرَابَةً (قَوْلُهُ: مِنْ قَوْلِهِ غَيْرَ حَرْبِيٍّ) الْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ (قَوْلُهُ: وَلِذَا) أَيْ لِأَجْلِ كَوْنِ الْقَتْلِ لِلْغِيلَةِ لِلْفَسَادِ لَا قِصَاصًا قَالَ مَالِكٌ لَا عَفْوَ فِيهِ فَلَوْ كَانَ قِصَاصًا لَقُبِلَ الْعَفْوُ، وَالصُّلْحُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عَفْوَ فِيهِ) أَيْ فِي قَتْلِ الْغِيلَةِ
(قَوْلُهُ: مَعْصُومًا) صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ أَيْ شَيْئًا مَعْصُومًا فَيَشْمَلُ النَّفْسَ، وَالطَّرَفَ، وَالْجُرْحَ وَلَا يَشْمَلُ الْمَالَ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ وَلَا تُقَدِّرُ شَخْصًا وَلَا آدَمِيًّا لِقُصُورِهِمَا عَلَى النَّفْسِ وَلَا عُضْوًا لِقُصُورِهِ عَلَى الطَّرَفِ وَالْجُرْحِ كَذَا ذَكَرَ عبق، وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَدِّرَ شَخْصًا آدَمِيًّا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ وَأَمَّا الْجُرْحُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَاقِصِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ) أَيْ بَلْ مُسَاوٍ لِلْجَانِي فِيهِمَا، أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ (قَوْلُهُ: أَيْ يُشْتَرَطُ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا الْحَلِّ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِلتَّلَفِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْسِ وَأَنَّ قَوْلَهُ، (وَالْإِصَابَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُرْحِ) وَفِيهِ أَنَّ الْكَلَامَ هُنَا فِي النَّفْسِ وَأَمَّا الْجُرْحُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فَيَلْزَمُ التَّكْرَارُ فِي كَلَامِهِ عَلَى هَذَا الْحَلِّ، وَالْأَوْلَى جَعْلُ الْكَلَامِ هُنَا كُلِّهِ فِي النَّفْسِ وَأَنَّ الْمَعْنَى مَعْصُومًا إلَى التَّلَفِ أَيْ لَا إلَى حِينِ الْجُرْحِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ، (وَالْإِصَابَةِ) أَيْ لَا إلَى حِينِ الرَّمْيِ فَقَطْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَالْإِصَابَةِ) أَيْ، وَإِلَى حِينِ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ فِي النَّفْسِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفْسِ وَقَوْلُهُ (الْعِصْمَةُ)
أَيْ حَالَ الْبَدْءِ وَحَالَ الِانْتِهَاءِ فَلَوْ رَمَى ذِمِّيٌّ مُرْتَدًّا وَقَبْلَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ أَسْلَمَ الْمُرْتَدُّ اُعْتُبِرَ حَالُ الرَّمْيِ فَلَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِهِ إنْ مَاتَ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ حَالَ الرَّمْيِ، وَإِنْ صَارَ مَعْصُومًا حَالَ الْإِصَابَةِ، وَكَذَا لَوْ جَرَحَهُ، ثُمَّ أَسْلَمَ وَنَزَا وَمَاتَ لَمْ يُقْتَلْ الذِّمِّيُّ الْجَارِحُ بِهِ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْجُرْحِ وَلَوْ رَمَى مُسْلِمٌ مُسْلِمًا، أَوْ جَرَحَهُ فَارْتَدَّ الْمَرْمِيُّ قَبْلَ وُصُولِ السَّهْمِ إلَيْهِ، أَوْ ارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ قَبْلَ مَوْتِهِ مِنْهُ فَلَا قَوَدَ نَظَرًا لِحَالِ الْمَوْتِ نَعَمْ يَثْبُتُ الْقِصَاصُ فِي الْجُرْحِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَهُ، وَهُوَ حُرٌّ مُسْلِمٌ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعُ وَمَاتَ مُرْتَدًّا لَثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ مَعْصُومًا حَالَةَ الْإِصَابَةِ.
ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْعِصْمَةَ تَكُونُ بِأَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ (بِإِيمَانٍ) أَيْ إسْلَامٍ (أَوْ أَمَانٍ) مِنْ السُّلْطَانِ، أَوْ غَيْرِهِ وَمُرَادُهُ بِالْأَمَانِ مَا يَشْمَلُ عَقْدَ الْجِزْيَةِ وَمَثَّلَ لِلْمَعْصُومِ كَمَا هُوَ شَأْنُهُ أَنْ يُمَثِّلَ بِمَا خَفِيَ بِقَوْلِهِ (كَالْقَاتِلِ) عَمْدًا وَعُدْوَانًا فَإِنَّهُ مَعْصُومٌ (مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ) لِدَمِهِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِمُسْتَحِقِّ دَمِهِ، وَهُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ فَلَيْسَ بِمَعْصُومٍ، لَكِنْ إنْ وَقَعَ مِنْهُ قَتْلٌ لِلْقَاتِلِ بِلَا إذْنِ الْإِمَامِ، أَوْ نَائِبِهِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ.
فَقَوْلُهُ (وَأُدِّبَ) رَاجِعٌ لِمَفْهُومِ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ فَلَوْ قَالَ لَا مِنْ الْمُسْتَحِقِّ وَأُدِّبَ كَانَ أَبْيَنَ (كَمُرْتَدٍّ) تَشْبِيهٌ فِي أُدِّبَ قَاتِلُهُ أَيْ كَقَاتِلِ شَخْصٍ مُرْتَدٍّ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَإِنَّهُ يُؤَدَّبُ وَلَا يُقْتَلُ بِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دِيَتُهُ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ كَدِيَةِ الْمَجُوسِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ (و) قَاتِلِ (زَانٍ أَحْصَنَ) بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَيُؤَدَّبُ (و) قَاطِعِ (يَدِ) شَخْصٍ (سَارِقٍ) أَيْ ثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَيُؤَدَّبُ لِافْتِيَاتِهِ عَلَى الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ (فَالْقَوَدُ عَيْنًا) جَوَابُ قَوْلِهِ إنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ وَقَوْلُهُ عَيْنًا أَيْ مُتَعَيِّنًا فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ أَنْ يُلْزِمَ الدِّيَةَ لِلْجَانِي جَبْرًا، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَعْفُوَ مَجَّانًا، أَوْ يَقْتَصَّ وَجَازَ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرَ، أَوْ أَقَلَّ مِنْهَا بِرِضَا الْجَانِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ كَوْنُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ ضَرْبِهِ، أَوْ جُرْحِهِ إلَى حِينِ مَوْتِهِ وَقَوْلُهُ (وَفِي الْجُرْحِ) أَيْ وَيُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجُرْحِ وَقَوْلُهُ (مِنْ حِينِ الرَّمْيِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ وَقَوْلُهُ (فَلَا بُدَّ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ (مِنْ اعْتِبَارِ الْحَالَيْنِ) أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْعِصْمَةِ فِي الْحَالَيْنِ حَالِ الِابْتِدَاءِ وَحَالِ الِانْتِهَاءِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَالَ الْبَدْءِ وَحَالَ الِانْتِهَاءِ) أَيْ وَالْمُصَنِّفُ تَرَكَ الْمَبْدَأَ، وَذَكَرَ حَالَةَ الِانْتِهَاءِ لِلْعِلْمِ بِالْمَبْدَإِ مِنْهُ مِنْ غَايَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ غَايَةٍ لَهَا مَبْدَأٌ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ حَالُ الرَّمْيِ) أَيْ اُعْتُبِرَ فِي الْقَوَدِ حَالَةُ الرَّمْيِ (قَوْلُهُ مُرَاعَاةً لِحَالِ الْجُرْحِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ حِينَ الْجُرْحِ، وَإِنْ كَانَ مَعْصُومًا حِينَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِحَالِ الْمَوْتِ) أَيْ؛ إذْ الْعِصْمَةُ لَمْ تَسْتَمِرَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: لَثَبَتَ الْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ) أَيْ لَا فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّ الْمَوْتَ كَانَ، وَهُوَ مُرْتَدٌّ فَلَمْ تَسْتَمِرَّ الْعِصْمَةُ إلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْقَطْعِ فَقَدْ كَانَ مَعْصُومًا مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ (قَوْلُهُ: أَيْ إسْلَامٍ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ، وَهُوَ أَمْرٌ قَلْبِيٌّ لَا يُوجِبُ الْعِصْمَةَ فِي الظَّاهِرِ، وَإِنْ كَانَ مُنَجِّيًا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْمُوجِبُ لِلْعِصْمَةِ فِي الظَّاهِرِ إنَّمَا هُوَ الْإِسْلَامُ أَيْ الِانْقِيَادُ ظَاهِرًا لِلْأَعْمَالِ، فَالْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يَقُولَ بِإِسْلَامٍ بَدَلَ قَوْلِهِ بِإِيمَانٍ.
وَحَاصِلُ مَا أَجَابَ بِهِ الشَّارِحُ أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْإِيمَانِ الْإِسْلَامُ وَصَحَّ التَّعْبِيرُ بِهِ عَنْهُ لِمَا بَيْنَهُمَا مِنْ التَّلَازُمِ فِي الْمَاصَدَقَ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِافْتِيَاتِهِ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ أَسْلَمَهُ الْإِمَامُ لِمُسْتَحِقِّ الدَّمِ فَقَتَلَهُ فَلَا أَدَبَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الِافْتِيَاتِ كَمَا أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَقْتُلُهُ فَإِنَّهُ لَا أَدَبَ عَلَيْهِ فِي قَتْلِهِ وَكَمَا يَسْقُطُ الْأَدَبُ إذَا كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ (قَوْلُهُ: وَأُدِّبَ) أَيْ الْمُسْتَحِقُّ فِي قَتْلِهِ لِلْجَانِي بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَلَيْهِ دِيَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَهُ بَعْدَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ فِي زَمَنِهَا وَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَدَبِ، وَالدِّيَةِ عَلَى قَاتِلٍ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ مُسْلِمٍ) أَيْ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ، فَهَذَا دِيَتُهُ قَتْلٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فِي زَمَنِ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَقَاتِلِ زَانٍ أُحْصِنَ) أَيْ وَأَمَّا قَاتِلُ الزَّانِي الْغَيْرِ الْمُحْصَنِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَجَدْته مَعَ زَوْجَتِي وَثَبَتَ ذَلِكَ بِأَرْبَعَةٍ وَيَرَوْنَهُ كَالْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَقَتَلَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِذَلِكَ الزَّانِي كَانَ مُحْصَنًا، أَوْ بِكْرًا لِعُذْرِهِ بِالْغِيرَةِ الَّتِي صَيَّرَتْهُ كَالْمَجْنُونِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَعَلَى قَاتِلِهِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ إنْ كَانَ بِكْرًا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ إنَّهُ هَدَرٌ مُطْلَقًا أَيْ لَا شَيْءَ فِيهِ وَلَوْ بِكْرًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ قَوْلِهِ وَجَدْته مَعَ زَوْجَتِي قُتِلَ بِهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِلَطْخٍ أَيْ شَاهِدٍ وَاحِدٍ، أَوْ لَفِيفٍ مِنْ النَّاسِ يَشْهَدُونَ بِرُؤْيَةِ الْمِرْوَدِ فِي الْمُكْحُلَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِهِ لِدَرْئِهِ بِالشُّبْهَةِ وَانْظُرْ إذَا قَتَلَهُ لِإِقْرَارِهِ بِالزِّنَا بِزَوْجَتِهِ، أَوْ قَتَلَهُ عِنْدَ ثُبُوتِ زِنَاهُ بِأَرْبَعَةٍ بِبِنْتِهِ، أَوْ أُخْتِهِ (قَوْلُهُ: يَدِ شَخْصٍ) أَيْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ، أَوْ عُضْوِ سَارِقٍ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْعُضْوَ يَشْمَلُ الْيَدَ، وَالرِّجْلَ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ سَرِقَتُهُ) أَيْ قَبْلَ الْقَطْعِ، أَوْ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ) أَيْ، فَالْوَاجِبُ الْقَوَدُ حَالَةَ كَوْنِهِ مُتَعَيِّنًا، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْقَتْلُ قِصَاصًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَقُودُونَ الْجَانِي لِمُسْتَحِقِّهَا بِحَبْلٍ وَنَحْوِهِ هَذَا وَقَدْ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ هَلْ الْقِصَاصُ مِنْ الْقَاتِلِ يُكَفِّرُ عَنْهُ إثْمَ الْقَتْلِ أَمْ لَا فَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يُكَفِّرُهُ عَنْهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْحُدُودُ كَفَّارَاتٌ لِأَهْلِهَا» فَعَمَّمَ وَلَمْ يُخَصِّصْ قَتْلًا مِنْ غَيْرِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْتُولَ الْمَظْلُومَ لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِي الْقِصَاصِ، وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ مَنْفَعَةٌ لِلْأَحْيَاءِ لِيَتَنَاهَى النَّاسُ عَنْ الْقَتْلِ
وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ التَّخْيِيرُ بَيْنَ الْقَوَدِ، وَالْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ جَبْرًا عَلَى الْجَانِي، وَهُوَ ضَعِيفٌ فَمَعْنَى الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُكَلَّفَ إنْ أَتْلَفَ فَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ إنْ أَرَادَ أَخْذَ جَزَاءِ الْجِنَايَةِ إلَّا الْقَوَدُ لَا الدِّيَةُ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ الْعَفْوَ مَجَّانًا، أَوْ أَخْذَ الدِّيَةِ بِرِضَا الْجَانِي وَبَالَغَ عَلَى ثُبُوتِ الْقَوَدِ لِلْوَلِيِّ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ)(قَالَ) الْمَقْتُولُ لِقَاتِلِهِ (إنْ قَتَلْتنِي أَبْرَأْتُك) فَقَتَلَهُ.
وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ جَرْحِهِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي فَلَا يَبْرَأُ الْقَاتِلُ بِذَلِكَ بَلْ لِلْوَلِيِّ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ وَلِذَا لَوْ أَبْرَأَهُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ، أَوْ قَالَ لَهُ إنْ مِتّ فَقَدْ أَبْرَأْتُك بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ شَيْئًا بَعْدَ وُجُوبِهِ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ اقْطَعْ يَدَيَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْك فَلَهُ الْقِصَاصُ إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ بَعْدَ الْقَطْعِ مَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْقَطْعُ حَتَّى مَاتَ مِنْهُ فَلِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ.
وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ الْقَوَدَ مُتَعَيِّنٌ رَتَّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (وَلَا دِيَةَ لِعَافٍ) أَيْ لِوَلِيِّ عَافٍ عَنْ الْقَاتِلِ (مُطْلِقٍ) فِي عَفْوِهِ بِكَسْرِ اللَّامِ اسْمُ فَاعِلٍ بِأَنْ لَمْ يُصَرِّحْ حَالَ الْعَفْوِ بِدِيَةٍ وَلَا غَيْرِهَا (إلَّا أَنْ تَظْهَرَ) بِقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ (إرَادَتُهَا) وَيَقُولُ بِالْحَضْرَةِ إنَّمَا عَفَوْتُ عَلَى الدِّيَةِ (فَيَحْلِفُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينٍ (وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ) فِي الْقَتْلِ (إنْ امْتَنَعَ) الْقَاتِلُ مِنْ إعْطَاءِ الدِّيَةِ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ بَلْ بَعْدَ طُولٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَطَلَ حَقُّهُ لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ (كَعَفْوِهِ) أَيْ الْوَلِيِّ (عَنْ الْعَبْدِ) الَّذِي قَتَلَ عَبْدًا مِثْلَهُ، أَوْ حُرًّا وَقَالَ إنَّمَا عَفَوْت لِآخُذَهُ، أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ، أَوْ آخُذَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ، أَوْ دِيَةَ الْحُرِّ فَلَا شَيْءَ لَهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ إرَادَةُ ذَلِكَ فَيَحْلِفُ وَيُخَيِّرُ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْجَانِي بَيْنَ دَفْعِهِ، أَوْ دَفْعِ قِيمَتِهِ، أَوْ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ، أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ وَيَدْفَعُهَا حَالَّةً كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقِيلَ مُنَجَّمَةً، وَالْخِلَافُ فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَتُنَجَّمُ قَطْعًا كَمَا يَأْتِي (وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ لِمَقْتُولٍ قَتَلَ قَاتِلَهُ أَجْنَبِيٌّ (دَمَ مَنْ) أَيْ دَمَ الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي (قَتَلَ الْقَاتِلَ) فَلَوْ قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا فَقَتَلَ أَجْنَبِيٌّ زَيْدًا فَوَلِيُّ عَمْرٍو يَسْتَحِقُّ دَمَ الْأَجْنَبِيِّ الْقَاتِلِ لِزَيْدٍ فَإِنْ شَاءَ قَتَلَ الْأَجْنَبِيَّ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ (أَوْ قَطَعَ) أَيْ وَاسْتَحَقَّ مَقْطُوعُ يَدِهِ مَثَلًا عَمْدًا عُدْوَانًا فَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ الْقَاطِعِ عَمْدًا عُدْوَانًا قَطَعَ يَدَ مَنْ قَطَعَ (يَدَ الْقَاطِعِ) فَالْمُصَنِّفُ أَطْلَقَ الْوَلِيَّ عَلَى مَا يَشْمَلُ الْمَقْطُوعَ مَجَازًا وَحَذَفَ الْمَعْطُوفَ عَلَى دَمٍ مُتَعَلِّقُهُ تَقْدِيرُهُ قَطَعَ يَدَ مَنْ كَمَا قَدَّرْنَا (كَدِيَةِ خَطَإٍ) تَشْبِيهٌ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أَيْ مَنْ اسْتَحَقَّ دَمَ شَخْصٍ لِكَوْنِهِ قَتَلَ أَبَاهُ مَثَلًا عَمْدًا عُدْوَانًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] وَيَخُصُّ الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا بِمَا هُوَ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ لَهُ) أَيْ لِوَلِيِّ الدَّمِ التَّخْيِيرُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا لَا يُنَافِي إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ لَهُ الْقِصَاصُ وَلَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا وَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ أَكْثَرُ مِنْهَا، أَوْ أَقَلُّ بِرِضَا الْجَانِي بِاتِّفَاقٍ، وَهَلْ لَهُ جَبْرُ الْجَانِي عَلَى الدِّيَةِ، أَوْ لَا فَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُجْبِرَ الْجَانِي عَلَى دَفْعِ الدِّيَةِ إذَا امْتَنَعَ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ وَمَذْهَبُ أَشْهَبَ لَهُ جَبْرُهُ عَلَى دَفْعِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ الْمَقْتُولُ لِقَاتِلِهِ) أَيْ قَبْلَ ضَرْبِهِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ بَعْدَ جُرْحِهِ) أَيْ، أَوْ بَعْدَ ضَرْبِهِ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقْتَلِهِ أَبْرَأْتُك مِنْ دَمِي أَيْ فَقَتَلَهُ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَيِّتَ أَسْقَطَ حَقًّا قَبْلَ وُجُوبِهِ أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِهِ لِعَدَمِ حُصُولِ السَّبَبِ، وَهُوَ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ (قَوْلُهُ، أَوْ قَالَ لَهُ إنْ مِتّ إلَخْ) أَيْ وَكَانَ ذَلِكَ الْقَوْلُ بَعْدَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَسْتَمِرَّ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ رَجَعَ عَنْهَا وَأَمَّا لَوْ اسْتَمَرَّ عَلَى الْبَرَاءَةِ فَلَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ إلَّا الْأَدَبُ، وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ كَلَامُ التَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْقَاطِعِ إلَّا الْأَدَبُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ اسْتِمْرَارِ الْمَقْطُوعِ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَالرُّجُوعِ عَنْهَا اُنْظُرْ بْن وَكُلُّ هَذَا إذَا لَمْ يَتَرَامَ بِهِ الْقَطْعُ حَتَّى مَاتَ بِهِ، وَإِلَّا كَانَ لِوَلِيِّهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقَتْلُ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ.
(تَنْبِيهٌ) لَوْ قَالَ لَهُ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَا شَيْءَ عَلَيْك، أَوْ وَلَك كَذَا فَقَتَلَهُ ضُرِبَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِائَةً وَحُبِسَ عَامًا، وَهَلْ لِلسَّيِّدِ قِيمَتُهُ، أَوْ لَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِأَشْهَبَ، وَالثَّانِي لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَصُوِّبَ كَقَوْلِهِ أَحْرِقْ ثَوْبِي، أَوْ أَلْقِهِ فِي الْبَحْرِ فَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمَأْذُونُ مُودَعًا بِالْفَتْحِ لِلْآمِرِ، وَإِلَّا ضَمِنَ لِكَوْنِهِ فِي أَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَيَقُولُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ بِالْحَضْرَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْقِيَامَ بِالْحَضْرَةِ قَيْدٌ نَحْوُهُ لتت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ الْإِطْلَاقُ أَيْ سَوَاءٌ قَامَ بِالْحَضْرَةِ، أَوْ بَعْدَ طُولٍ، فَالْمَدَارُ عَلَى ظُهُورِ إرَادَتِهَا عِنْدَ الْعَفْوِ بِالْقَرَائِنِ وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ لَا يُقْبَلُ إلَّا إذَا قَامَ بِالْحَضْرَةِ وَظَاهِرُ الْبَاجِيَّ أَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ لَا تَقْيِيدَهُ لَهُ اهـ طفى (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لَهُ) . أَيْ مِنْ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ (وَبَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ مِنْ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: لِمُنَافَاةِ الطُّولِ الْإِرَادَةَ الْمَذْكُورَةَ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ قَدْ تَظْهَرُ إرَادَتُهَا حِينَ الْعَفْوِ، ثُمَّ يَتَغَافَلُ عَنْ ذَلِكَ زَمَنًا طَوِيلًا قَالَهُ طفى (قَوْلُهُ: وَقَالَ) أَيْ الْوَلِيُّ الْعَافِي إنَّمَا عَفَوْت لِآخُذَهُ أَيْ الْعَبْدَ وَقَوْلُهُ، أَوْ آخُذَ قِيمَتَهُ أَيْ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ عَبْدًا مِثْلَهُ وَقَوْلُهُ، (أَوْ دِيَةِ الْحُرِّ) أَيْ فِيمَا إذَا قَتَلَ الْعَبْدُ حُرًّا (قَوْلُهُ وَيُخَيِّرُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ، أَوْ يَدْفَعَ قِيمَةَ الْمَقْتُولِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا خُيِّرَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْقَاتِلِ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ لِأَوْلِيَاءِ الدَّمِ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ قِيمَتَهُ، أَوْ يَدْفَعَ لَهُمْ الدِّيَةَ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ مُنَجَّمَةً) أَيْ، وَهُوَ مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَالْمَوَّازِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَلِيُّ الْمَقْتُولِ) أَيْ عَمْدًا وَقَوْلُهُ (قَتَلَ) قَاتِلَهُ أَجْنَبِيٌّ أَيْ عَمْدًا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَحَذَفَ إلَخْ) أَيْ، فَالْأَصْلُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيُّ دَمِ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ وَيَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ قَالَ شَيْخُنَا، وَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا، أَوْ مَعَ مَا عُطِفَتْ وَلَفًّا وَنَشْرًا مُرَتَّبًا، وَالْأَصْلُ وَاسْتَحَقَّ وَلِيٌّ، أَوْ مَقْطُوعٌ دَمَ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ، أَوْ يَدَ مَنْ قَطَعَ الْقَاطِعَ وَعَلَى هَذَا فَلَا تَجُوزُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ تَأَمَّلْ (قَوْلَهُ تَقْدِيرُهُ
فَقَتَلَ شَخْصٌ الْقَاتِلَ خَطَأً فَمُسْتَحِقُّ الدَّمِ يَسْتَحِقُّ الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ خَطَأً عَلَى عَاقِلَتِهِ وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ مَقَالٌ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَهُ صَارَ كَأَنَّهُ الْوَلِيُّ، وَكَذَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ يَدَ آخَرَ عَمْدًا فَقَطَعَ أَجْنَبِيٌّ يَدَ الْقَاطِعِ خَطَأً فَلِمُسْتَحِقِّ الْقَطْعِ دِيَةُ يَدِهِ مِنْ الْقَاطِعِ خَطَأً لِقَاطِعِ يَدِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهُ (فَإِنْ أَرْضَاهُ) أَيْ أَرْضَى الْمُسْتَحِقَّ (وَلِيُّ) الْمَقْتُولِ (الثَّانِي فَلَهُ) أَيْ فَيَصِيرُ دَمُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ الثَّانِي إنْ شَاءَ قَتَلَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا (وَإِنْ)(فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ) عَمْدًا (أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ) مَثَلًا (وَلَوْ) حَصَلَ ذَلِكَ (مِنْ الْوَلِيِّ) الْمُسْتَحِقِّ لِقَتْلِهِ (بَعْدَ أَنْ أَسْلَمَ لَهُ) مِنْ الْحَاكِمِ فَأَوْلَى قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ لَهُ الدَّاخِلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (فَلَهُ) أَيْ لِلْقَاتِلِ (الْقَوَدُ) مِنْ الْوَلِيِّ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَ الْقَاتِلِ مَعْصُومَةٌ حَتَّى بِالنِّسْبَةِ لِوَلِيِّ الدَّمِ فَأَوْلَى غَيْرُهُ الدَّاخِلُ فِيمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَيْضًا (وَقَتَلَ الْأَدْنَى) صِفَةٌ (بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ) يُقْتَلُ (بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) ، فَالْحُرِّيَّةُ فِي الْكِتَابِيِّ أَدْنَى مِنْ الْإِسْلَامِ فِي الْعَبْدِ لِشَرَفِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْحُرِّيَّةِ بِخِلَافِ الْعَكْسِ فَلَا يُقْتَلُ عَبْدٌ مُسْلِمٌ بِحُرٍّ كِتَابِيٍّ كَمَا مَرَّ (و) يُقْتَلُ (الْكُفَّارُ) مُطْلَقًا (بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) ؛ لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ وَاحِدَةٌ وَبَيَّنَ الْكُفَّارَ بِقَوْلِهِ (مِنْ كِتَابِيٍّ) يَهُودِيٍّ، أَوْ نَصْرَانِيٍّ (وَمَجُوسِيٍّ وَمُؤَمَّنٍ) اسْمُ مَفْعُولٍ، وَهُوَ مَنْ دَاخِلَ دَارِ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَعَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَخَرَجَ بِهِ الْحَرْبِيُّ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَدَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْمُشْرِكُونَ، وَالدَّهْرِيُّونَ، وَالْقَائِلُونَ بِالتَّنَاسُخِ، أَوْ بِقِدَمِ الْعَالَمِ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْنَافِ أَهْلِ الْكُفْرِ، وَهَذَا بِشَرْطِ التَّكَافُؤِ فِي الْحُرِّيَّةِ، أَوْ الرِّقِّيَّةِ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ بِعَبْدٍ أَخْذًا مِمَّا قَدَّمَهُ بِقَوْلِهِ وَلَا زَائِدُ حُرِّيَّةٍ (كَذَوِي الرِّقِّ) يُقْتَصُّ لِبَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ فَيُقْتَلُ مُبَعَّضٌ، وَإِنْ قَلَّ جُزْءُ رِقِّهِ وَمُكَاتَبٌ وَأُمُّ وَلَدٍ بِقِنٍّ خَالِصٍ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ لَهُمْ لِنَقْصِهِمْ عَنْهُ (وَذَكَرٌ) بِأُنْثَى (وَصَحِيحٌ) بِمَرِيضٍ (وَضِدُّهُمَا) بِهِمَا (وَإِنْ)(قَتَلَ عَبْدٌ) عَبْدًا مِثْلَهُ، أَوْ حُرًّا (عَمْدًا) وَثَبَتَ (بِبَيِّنَةٍ) مُطْلَقًا (أَوْ قَسَامَةٍ) فِي الْحُرِّ (خُيِّرَ الْوَلِيُّ) ابْتِدَاءً فِي قَتْلِ الْعَبْدِ وَاسْتِحْيَائِهِ (فَإِنْ) اخْتَارَ قَتْلَهُ فَوَاضِحٌ، وَإِنْ (اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ) الْخِيَارُ ثَانِيًا فِي أَحَدِ أَمْرَيْنِ (إسْلَامُهُ) لِلْوَلِيِّ (أَوْ فِدَاؤُهُ) بِدِيَةِ الْحُرِّ، أَوْ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ، أَوْ الْقَاتِلِ وَمَفْهُومٌ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ أَنَّهُ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْقَاتِلِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ اسْتِحْيَاؤُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَطَعَ يَدَ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيرُهُ يَدَ مَنْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِأَوْلِيَائِهِ) أَيْ، أَوْلِيَاءِ الْقَاتِلِ عَمْدًا الْمَقْتُولُ خَطَأً وَقَوْلُهُ (مَقَالٌ مَعَهُ) أَيْ مَعَ مُسْتَحِقِّ الدَّمِ بِأَنَّهُ إنَّمَا لَهُ قِصَاصٌ لَا مَالٌ، وَالْمَالُ إنَّمَا هُوَ لَهُمْ وَقَوْلُهُ؛ (لِأَنَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ لَمَّا اسْتَحَقَّ دَمَ هَذَا الْمَقْتُولِ الثَّانِي (قَوْلُهُ كَأَنَّهُ الْوَلِيُّ) أَيْ كَأَنَّهُ وَلِيُّهُ، وَالْوَلِيُّ لَهُ أَنْ يَرْضَى بِالْمَالِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَوْ قَطَعَ شَخْصٌ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَوْ قَتَلَ شَخْصٌ الْقَاطِعَ عَمْدًا وَصَالَحَ ذَلِكَ الْقَاتِلَ، أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ الْقَاطِعِ عَلَى مَالٍ، أَوْ قَتَلَهُ خَطَأً وَوَجَبَ فِيهِ الدِّيَةُ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لِلْمَقْطُوعِ فِي الْعَمْدِ وَقِيلَ لَهُ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَلَهُ اتِّفَاقًا، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ أَيْ أَرْضَى الْمُسْتَحِقَّ) أَيْ، وَهُوَ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ وَدَلَّ قَوْلُهُ فَإِنْ أَرْضَاهُ إلَخْ عَلَى أَنَّ التَّخْيِيرَ لِوَلِيِّ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّ الرِّضَا إنَّمَا يَكُونُ مَعَ التَّخْيِيرِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ وَلِيَّ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ مُخَيَّرٌ إمَّا أَنْ يَتْبَعَ الْقَاتِلَ الثَّانِي فَيَقْتُلَهُ، أَوْ يَعْفُوَ عَنْهُ، وَإِمَّا أَنْ يَتْبَعَ وَلِيَّ الْقَاتِلِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَرْضَاهُ كَانَ أَمْرُ الْقَاتِلِ الثَّانِي لِذَلِكَ الْوَلِيِّ إنْ شَاءَ قَتَلَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ هَذَا إذَا حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ غَيْرِ الْوَلِيِّ، أَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ قَبْلَ أَنْ يُسَلَّمَ إلَيْهِ بَلْ وَلَوْ حَصَلَ ذَلِكَ مِنْ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ سُلِّمَ إلَيْهِ مِنْ الْحَاكِمِ لِيَقْتُلَهُ (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَوَدُ مِنْ الْوَلِيِّ) أَيْ وَلَهُ الْعَفْوُ عَنْهُ، وَإِذَا قَيَّدَ لَهُ مِنْ الْوَلِيِّ فَلِلْوَلِيِّ أَنْ يَقْتُلَهُ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ الشَّارِحُ الْفَقْءَ وَالْقَطْعَ بِالْعَمْدِ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فَلَهُ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَطَأُ فَلَيْسَ لَهُ فِي ذَلِكَ إلَّا دِيَتُهُ خَطَأً.
(قَوْلُهُ كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ إلَخْ) ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّ مُقْتَضَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ تَعَيُّنُ الْقَتْلِ هُنَا وَلَيْسَ لِسَيِّدِ الْعَبْدِ الْمَقْتُولِ أَخْذُ قِيمَتِهِ جَبْرًا، وَإِنَّمَا يَأْتِي التَّخْيِيرُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَخْذَ الْقِيمَةِ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَالًا نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ عَبْدًا فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ يُقْتَلُ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ) أَيْ وَأَوْلَى بِحُرٍّ مُسْلِمٍ، وَكَذَا يُقْتَلُ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ بِالْحُرِّ الْمُسْلِمِ إنْ لَمْ يَسْتَحْيِهِ الْأَوْلِيَاءُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ أَوْ إسْلَامٍ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْكُفْرَ كُلَّهُ مِلَّةٌ) أَيْ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَمَّا فِي بَابِ الْإِرْثِ، فَهُوَ مِلَلٌ (قَوْلُهُ: مِنْ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ) أَيْ مُؤْمِنِينَ بِدَلِيلِ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الْمُؤْمِنِ كَالْحَرْبِيِّ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ: الْحَرْبِيُّ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ كِتَابِيًّا، أَوْ مَجُوسِيًّا، أَوْ غَيْرَهُمَا (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ قَتَلَ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْلِ الْكُفَّارِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ بِشَرْطِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يُقْتَلُ حُرٌّ) أَيْ كَافِرٌ وَقَوْلُهُ بِعَبْدٍ أَيْ كَافِرٍ (قَوْلُهُ: يَقْتَصُّ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) أَيْ فَلَوْ كَانَ لِلْعَبْدِ عَبْدٌ فَقَتَلَ ذَلِكَ الْعَبْدُ عَبْدَهُ فَفِي قَتْلِهِ بِهِ قَوْلَانِ وَفِي الزَّاهِيِّ لِابْنِ شَعْبَانَ لَا يُقْتَلُ سَيِّدٌ بِعَبْدِهِ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ السَّيِّدُ عَبْدًا اُنْظُرْ ح (قَوْلُهُ: وَذَكَرٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى ذَوِي الرِّقِّ وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَدْنَى (قَوْلُهُ: وَضِدِّهِمَا بِهِمَا) أَيْ فَتُقْتَلُ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ وَيُقْتَلُ الْمَرِيضُ بِالصَّحِيحِ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْحُرِّ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: فِي الْحُرِّ) أَيْ لَا فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا قَسَامَةَ فِيهِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: خَيَّرَ الْوَلِيُّ) أَيْ وَلِيُّ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: إسْلَامُهُ لِلْوَلِيِّ) أَيْ فِي جِنَايَتِهِ (قَوْلُهُ، أَوْ الْقَاتِلِ) قَالَ بْن الصَّوَابُ تَحْذِفُ قَوْلَهُ، أَوْ الْقَاتِلِ؛ إذْ لَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَيْسَ لِلْوَلِيِّ) أَيْ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ اسْتِحْيَاؤُهُ أَيْ عَلَى أَنْ يَأْخُذَهُ لِاتِّهَامِ الْعَبْدِ عَلَى تَوَاطُئِهِ مَعَ
فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ بَطَلَ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْجَهْلَ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْقَى عَلَى حَقِّهِ فِي الْقِصَاصِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ فِي الدِّيَةِ، وَإِسْلَامِهِ
، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ، وَهُوَ الْجِنَايَةُ الَّتِي هِيَ فِعْلُ الْجَانِي الْمُوجِبِ لِلْقِصَاصِ، وَهُوَ ضَرْبَانِ مُبَاشَرَةٌ وَسَبَبٌ وَبَدَأَ بِالْأَوَّلِ فَقَالَ (إنْ)(قَصَدَ) الْمُكَلَّفُ غَيْرُ الْحَرْبِيِّ (ضَرْبًا) لِلْمَعْصُومِ بِمُحَدَّدٍ، أَوْ مُثَقَّلٍ (وَإِنْ بِقَضِيبٍ) وَسَوْطٍ وَنَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلًا، أَوْ قَصَدَ زَيْدًا فَإِذَا هُوَ عَمْرٌو، وَهَذَا إنْ فَعَلَهُ لِعَدَاوَةٍ، أَوْ غَضَبٍ لِغَيْرِ تَأْدِيبٍ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، أَوْ التَّأْدِيبِ، فَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ إنْ كَانَ بِنَحْوِ قَضِيبٍ لَا بِنَحْوِ سَيْفٍ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْأَبِ وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُقْتَلُ بِوَلَدِهِ وَلَوْ قَصَدَ مَا لَمْ يَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ كَمَا يَأْتِي وَشَبَّهَ بِالضَّرْبِ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ قَوْلُهُ (كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ) ، أَوْ شَرَابٍ قَاصِدًا بِهِ مَوْتَهُ فَمَاتَ فَإِنْ قَصَدَ مُجَرَّدَ التَّعْذِيبِ، فَالدِّيَةُ وَمِنْ ذَلِكَ الْأُمُّ تَمْنَعُ وَلَدَهَا الرَّضَاعَ حَتَّى مَاتَ فَإِنْ قَصَدَتْ مَوْتَهُ قُتِلَتْ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهَا (وَمُثَقَّلٍ) كَحَجَرٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَلِيِّ الْمَقْتُولِ عَلَى الْفِرَارِ مِنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ كَذَا فِي عبق (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَحْيَاهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِهِ.
وَقَوْلُهُ (بَطَلَ حَقُّهُ) أَيْ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ أَخْذِهِ وَبَطَلَ حَقُّهُ فِي الْقَتْلِ إذَا طَلَبَهُ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْجَهْلَ) أَيْ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَجْهَلُ أَنَّ الِاسْتِحْيَاءَ يَمْنَعُ مِنْ الْقِصَاصِ كَالْعَفْوِ وَقَوْلُهُ (فَإِنَّهُ يَحْلِفُ) أَيْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْجَهْلِ الْمَذْكُورِ وَقَوْلُهُ وَيَبْقَى إلَخْ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُمْنَعُ مِنْ قَتْلِ ذَلِكَ الْعَبْدِ الْمُقِرِّ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي الْعَمْدِ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا (قَوْلُهُ: فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ) أَيْ سَيِّدُ الْقَاتِلِ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَلَا خِيَارَ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَقَوْلُهُ فِي الدِّيَةِ، وَإِسْلَامِهِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَقْتُولُ حُرًّا فَإِنْ كَانَ عَبْدًا خُيِّرَ سَيِّدُ الْقَاتِلِ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَدَفْعِ قِيمَةِ الْمَقْتُولِ
(قَوْلُهُ: بَيَانِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ) أَيْ مِنْ أَرْكَانِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: مُبَاشَرَةٌ) أَيْ إتْلَافٌ بِمُبَاشَرَةٍ وَقَوْلُهُ وَسَبَبٌ أَيْ وَإِتْلَافٌ بِسَبَبٍ (قَوْلُهُ: إنْ قَصَدَ ضَرْبًا لِلْمَعْصُومِ) أَيْ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا قَصَدَ ضَرْبَ شَيْءٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ غَيْرُ آدَمِيٍّ، أَوْ أَنَّهُ آدَمِيٌّ غَيْرُ مُحْتَرَمٍ لِكَوْنِهِ حَرْبِيًّا، أَوْ زَانِيًا مُحْصَنًا فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مُحْتَرَمٌ فَلَا قِصَاصَ وَلَوْ مُكَافِئًا لَهُ، وَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ فِيهِ الدِّيَةُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِقَضِيبٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الضَّرْبُ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْمُحَدَّدِ، وَالْمُثَقَّلِ بَلْ وَإِنْ كَانَ بِمَا لَا يَقْتُلُ غَالِبًا كَالْقَضِيبِ، وَهُوَ الْعَصَا.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلًا) أَيْ هَذَا إذَا قَصَدَ بِالضَّرْبِ قَتْلَهُ بَلْ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلًا، وَإِنَّمَا قَصَدَ مُجَرَّدَ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَصَدَ زَيْدًا إلَخْ) أَيْ قَصَدَ قَتْلَ شَخْصٍ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ زَيْدٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ عَمْرٌو، أَوْ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ عَمْرٍو فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ زَيْدُ بْنُ بَكْرٍ وَلُزُومُ الْقَوَدِ فِيهِمَا هُوَ الصَّحِيحُ وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوَّلًا خِلَافًا لِمَا نَقَلَهُ بَعْدَهُ عَنْ مُقْتَضَى قَوْلِ الْبَاجِيَّ.
وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي ح وَتَبِعَهُ خش مِنْ أَنَّهُ إذَا قَصَدَ ضَرْبَ شَخْصٍ فَأَصَابَتْ الضَّرْبَةُ غَيْرَهُ أَنَّهُ عَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ فَفِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ نَصَّ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَغَيْرُهُمَا عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْخَطَإِ لَا قَوَدَ فِيهِ فَانْظُرْهُ اهـ بْن وَاقْتَصَرَ فِي المج عَلَى مَا فِي ح (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا، وَهُوَ الْقَوَدُ إنْ قَصَدَ ضَرْبَهُ إنْ حَصَلَ ذَلِكَ الضَّرْبُ لِعَدَاوَةٍ، أَوْ غَضَبٍ لِغَيْرِ تَأْدِيبِهِ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ بِنَحْوِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الضَّرْبَ الْمَقْصُودَ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، أَوْ الْأَدَبِ، فَهُوَ مِنْ الْخَطَإِ إنْ كَانَ الضَّرْبُ بِآلَتِهِمَا، وَإِلَّا، فَهُوَ عَمْدٌ فِيهِ الْقَوَدُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْقَتْلَ عَلَى، أَوْجُهٍ الْأَوَّلُ أَنْ لَا يَقْصِدَ ضَرْبَهُ كَرَمْيِهِ شَيْئًا، أَوْ حَرْبِيًّا فَيُصِيبُ مُسْلِمًا، فَهَذَا خَطَأٌ بِإِجْمَاعٍ فِيهِ الدِّيَةُ وَالْكَفَّارَةُ الثَّانِي أَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، فَهُوَ خَطَأٌ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَمِثْلُهُ إذَا قَصَدَ بِهِ الْأَدَبَ الْجَائِزَ بِأَنْ كَانَ بِآلَةٍ يُؤَدَّبُ بِهَا وَأَمَّا إنْ كَانَ الضَّرْبُ لِلتَّأْدِيبِ وَالْغَضَبِ، فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ عَمْدٌ يُقْتَصُّ مِنْهُ إلَّا فِي الْأَبِ وَنَحْوِهِ فَلَا قِصَاصَ بَلْ فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ الثَّالِثُ أَنْ يَقْصِدَ الْقَتْلَ عَلَى وَجْهِ الْغِيلَةِ فَيَتَحَتَّمُ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ لُزُومُ الْقَوَدِ إنْ قَصَدَ ضَرْبَهُ بِقَضِيبٍ فِي غَيْرِ الْأَبِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: قَاصِدًا بِهِ مَوْتَهُ) فِيهِ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ قَصْدَ الْقَتْلِ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْقِصَاصِ وَحِينَئِذٍ فَيُقْتَصُّ مِمَّنْ مَنَعَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَلَوْ قَصَدَ بِذَلِكَ التَّعْذِيبَ وَلَفْظُ ابْنِ عَرَفَةَ مِنْ صُوَرِ الْعَمْدِ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ أَنَّ مَنْ مَنَعَ فَضْلَ مَاءَهُ مُسَافِرًا عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهُ مَنْعُهُ وَأَنَّهُ يَمُوتُ إنْ لَمْ يَسْقِهِ قُتِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَلِ قَتْلَهُ بِيَدِهِ اهـ فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ سَوَاءٌ قَصَدَ بِمَنْعِهِ قَتْلَهُ، أَوْ تَعْذِيبَهُ.
فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ فِي بَابِ الذَّكَاةِ أَنَّ مَنْ مَنَعَ شَخْصًا فَضْلَ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ قُلْت مَا مَرَّ فِي الذَّكَاةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا مَنَعَ مُتَأَوِّلًا وَمَا هُنَا غَيْرُ مُتَأَوِّلٍ آخِذًا مِنْ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ الْمَذْكُورِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمِنْ ذَلِكَ الْأُمُّ) أَيْ وَمِنْ مَنْعِ الطَّعَامِ، أَوْ الشَّرَابِ مَنْعُ الْأُمِّ وَلَدَهَا مِنْ لَبَنِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَصَدَتْ مَوْتَهُ قُتِلَتْ إلَخْ) أَيْ فَلَا تُقْتَلُ بِمَنْعِهِ مُطْلَقًا بَلْ حَتَّى تَقْصِدَ مَوْتَهُ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْأَبِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَ الضَّرْبِ مِنْ قَصْدِ الْمَوْتِ، وَإِلَّا لَمْ يُقْتَلْ
وَخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ وَفِي الْحَقِيقَةِ هَذَا دَاخِلٌ تَحْتَ قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا صَرَّحَ بِهِ لِلرَّدِّ عَلَى الْحَنَفِيَّةِ الْقَائِلِينَ لَا قِصَاصَ فِي الْمُثَقَّلِ وَلَا فِي ضَرْبٍ بِكَقَضِيبٍ (وَلَا قَسَامَةَ) عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ) مِمَّا مَرَّ (أَوْ مَاتَ) مِنْهُ حَالَ كَوْنِهِ (مَغْمُورًا) لَمْ يَتَكَلَّمْ وَلَمْ يُفِقْ مِنْ حِينِ الْفِعْلِ حَتَّى مَاتَ بَلْ يُقْتَلُ بِدُونِهَا فَإِنْ لَمْ يَنْفُذْ مَقَاتِلَهُ كَمَا لَوْ قَطَعَ رِجْلَهُ مَثَلًا وَلَمْ يَمُتْ مَغْمُورًا بِأَنْ أَفَاقَ إفَاقَةً بَيِّنَةً، فَالْقَسَامَةُ فِي الْعَمْدِ وَالْخَطَإِ وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ، أَوْ يَشْرَبْ؛ لِأَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ (وَكَطَرْحِ) إنْسَانٍ (غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ) فِي نَهْرٍ (عَدَاوَةً) وَمِثْلُهُ مَنْ يُحْسِنُهُ وَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ النَّجَاةِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ، أَوْ طُولِ مَسَافَةٍ فَغَرِقَ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ طَرَحَهُ عَدَاوَةً أَمْ لَا، أَوْ لَا يُحْسِنُهُ وَطَرَحَهُ لَا لِعَدَاوَةٍ بَلْ لَعِبًا (فَدِيَةٌ) مُخَمَّسَةٌ لَا مُغَلَّظَةٌ خِلَافًا لِابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ الدِّيَةَ فِي صُورَةٍ فَقَطْ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَحَ مُحْسِنًا لِلْعَوْمِ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ فَلَوْ قَالَ وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ مُطْلَقًا كَمُحْسِنِهِ عَدَاوَةً، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ لَأَفَادَ الْمُرَادَ
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْإِتْلَافُ مُبَاشَرَةً شَرَعَ فِي الضَّرْبِ الثَّانِي، وَهُوَ الْإِتْلَافُ بِالسَّبَبِ فَقَالَ (وَكَحَفْرِ بِئْرٍ، وَإِنْ بِبَيْتِهِ، أَوْ وَضْعِ مُزْلِقٍ) كَمَاءٍ، أَوْ قِشْرِ بِطِّيخٍ (أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ) قَيَّدَ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ (أَوْ اتِّخَاذُ كَلْبٍ عَقُورٍ) أَيْ شَأْنُهُ الْعَقْرُ أَيْ الْجُرْحُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِتَكَرُّرِهِ مِنْهُ (تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ إنْذَارٌ عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَلَوْ صَرَّحَ بِالْفَاعِلِ لَكَانَ، أَوْضَحَ، لَكِنَّهُ اتَّكَلَ عَلَى الْمَعْنَى.
(قَصَدَ الضَّرَرَ) فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ بِالْإِتْلَافِ (وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ) الْمُعَيَّنُ بِسَبَبِ الْحَفْرِ وَمَا بَعْدَهُ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْفَاعِلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَخَشَبَةٍ عَظِيمَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا حَدٌّ أَوْ لَا وَمِثْلُ ذَلِكَ عَصْرُ الْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ هَدْمُ بِنَاءٍ عَلَيْهِ، أَوْ ضَغْطُهُ أَيْ حَضْنُهُ حَتَّى كُسِرَ عَظْمُهُ، أَوْ خُبِصَ لَحْمُهُ وَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ فِي الْمُثَقَّلِ وَلَا فِي ضَرْبٍ بِكَقَضِيبٍ) أَيْ، أَوْ كُرْبَاجٍ وَظَاهِرُهُ عِنْدَهُمْ وَلَوْ قَصَدَ قَتْلَهُ بِهِ، وَإِنَّمَا الْقِصَاصُ عِنْدَهُمْ فِي الْقَتْلِ بِمُحَدَّدٍ أَيْ بِالشَّيْءِ الَّذِي لَهُ حَدٌّ يَجْرَحُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ حَدِيدًا، أَوْ كَانَ حَجَرًا لَهُ حَدٌّ، أَوْ خَشَبَةً كَذَلِكَ، أَوْ بِمَا كَانَ مَعْرُوفًا بِقَتْلِ النَّاسِ كَالْمَنْجَنِيقِ، وَالْإِلْقَاءِ فِي النَّارِ (قَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ) أَيْ بِضَرْبِهِ بِالْمُحَدَّدِ، أَوْ الْمُثَقَّلِ هَذَا هُوَ الْمُرَادُ لَا بِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّ إنْقَاذَ الْمَقَاتِلِ لَا يَكُونُ بِخَنْقٍ وَلَا بِمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَقَوْلُهُ إنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ بِشَيْءٍ مِمَّا مَرَّ أَيْ، ثُمَّ مَكَثَ مُدَّةً وَمَاتَ (قَوْلُهُ: أَوْ مَاتَ مِنْهُ) أَيْ مِمَّا مَرَّ بِدُونِ إنْفَاذِ مَقَاتِلَ (قَوْلُهُ: حَتَّى مَاتَ) أَيْ بَعْدَ مُكْثِهِ مُدَّةً (قَوْلُهُ: بَلْ يُقْتَلُ بِدُونِهَا) أَيْ بَلْ يُقْتَلُ مَنْ أَنْفَذَ مَقَاتِلَ الشَّخْصِ وَمَنْ مَاتَ مَضْرُوبُهُ مَغْمُورًا بِدُونِ قَسَامَةٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَجْهَزَ شَخْصٌ آخَرُ عَلَى مَنْفُوذِ الْمُقَاتِلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَيُؤَدَّبُ ذَلِكَ الْمُجْهِزُ فَقَطْ عَلَى أَظْهَرْ الْأَقْوَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْقَتْلِ هُوَ مَنْ أَنْفَذَ الْمُقَاتِلُ كَمَا هُوَ سَمَاعُ يَحْيَى مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعُ أَبِي زَيْدٍ مِنْهُ أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ هُوَ الثَّانِي، وَهُوَ الْمُجْهِزُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الَّذِي أَنْفَذَ الْمُقَاتِل الْأَدَبُ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ إنْفَاذِهَا مَعْدُودٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ يَرِثُ وَيُورَثُ وَيُوصِي بِمَا شَاءَ مِنْ عِتْقٍ وَغَيْرِهِ وَاسْتَظْهَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَوَّلَ، وَهُوَ مَا فِي سَمَاعِ يَحْيَى (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَفَاقَ إفَاقَةً بَيِّنَةً) أَيْ بِأَنْ كَانَ يَتَكَلَّمُ مَعَ النَّاسِ وَيَقِفُ، أَوْ يَجْلِسُ سَوَاءٌ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ أَوَّلًا، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ أَوْ يَشْرَبْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ وَأَفَاقَ إفَاقَةً بَيِّنَةً.
(قَوْلُهُ وَكَانَ الْغَالِبُ عَدَمَ النَّجَاةِ) أَيْ وَلَا يَكُونُ الطَّرْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا عَدَاوَةً (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُحْسِنُ الْعَوْمَ) أَيْ وَكَانَ الْغَالِبُ نَجَاتَهُ (قَوْلُهُ: فَدِيَةٌ مُخَمَّسَةٌ) أَيْ فِي هَذِهِ الصُّوَرِ الثَّلَاثَةِ بِلَا قَسَامَةٍ كَمَا أَنَّ الْقِصَاصَ بِلَا قَسَامَةٍ فِي صُورَتَيْنِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُحْسِنُهُ وَكَانَ الطَّرْحُ لَعِبًا فَدِيَةٌ (قَوْلُهُ لَأَفَادَ الْمُرَادَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الصُّوَرَ أَرْبَعٌ الْقَوَدُ فِي ثَلَاثَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَحَ غَيْرَ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا، أَوْ طَرَحَ مُحْسِنَهُ عَدَاوَةً، وَالدِّيَةُ فِي وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا طَرَحَ مُحْسِنَهُ لَعِبًا هَذَا وَلِبَعْضِهِمْ تَفْصِيلٌ آخَرُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إمَّا أَنْ يَطْرَحَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ يُحْسِنُ الْعَوْمَ، أَوْ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُهُ، أَوْ يَشُكُّ فِي ذَلِكَ، وَالطَّرْحُ إمَّا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، أَوْ اللَّعِبِ فَإِنْ طَرَحَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ إنْ ظَنَّ عَدَمَ نَجَاتِهِ، فَالْقِصَاصُ وَلَا يَكُونُ الطَّرْحُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ إلَّا عَدَاوَةً لَا لَعِبًا، وَإِنْ ظَنَّ نَجَاتَهُ، فَالدِّيَةُ طَرَحَهُ عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا، وَإِنْ طَرَحَهُ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا يُحْسِنُ الْعَوْمَ، فَالْقِصَاصُ طَرْحه عَدَاوَةً، أَوْ لَعِبًا، وَإِنْ طَرَحَهُ شَاكًّا فِي كَوْنِهِ يُحْسِنُ الْعَوْمَ، أَوْ لَا يُحْسِنُهُ فَإِنْ كَانَ الطَّرْحُ عَدَاوَةً، فَالْقِصَاصُ، وَإِنْ كَانَ لَعِبًا، فَالدِّيَةُ فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سَبْعٌ
(قَوْلُهُ، أَوْ وَضْعِ مُزْلِقٍ كَمَاءٍ) أَيْ وَيُقَدَّمُ الرَّاشُّ؛ لِأَنَّهُ مُبَاشِرٌ عَلَى الْآمِرِ؛ لِأَنَّهُ مُتَسَبِّبٌ (قَوْلُهُ: قُيِّدَ) أَيْ قَوْلُهُ بِطَرِيقٍ قَيْدٌ فِي الصُّورَتَيْنِ قَبْلَهُ، وَهُمَا وَضْعُ مُزْلِقٍ وَرَبْطُ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ الْعَقْرُ) أَيْ بِلَا سَبَبٍ (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ ذَلِكَ) أَيْ كَوْنُ الْكَلْبِ عَقُورًا (قَوْلُهُ: عِنْدَ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَيَكْفِي إشْهَادُ الْجِيرَانِ وَقِيلَ يَتَعَيَّنُ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ قَصَدَ الضَّرَرَ) أَيْ بِمُعَيَّنٍ، فَهَذَا قَيْدٌ لَا بُدَّ مِنْهُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقَوَدَ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْمَذْكُورَةِ مُقَيَّدٌ بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ أَنْ يَقْصِدَ الْفَاعِلُ بِفِعْلِهِ الضَّرَرَ وَأَنْ يَكُونَ مَنْ قَصَدَ ضَرَرَهُ مُعَيَّنًا وَأَنْ يُهْلِكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنَ وَالْمُصَنِّفُ ذَكَرَ الشَّرْطَ الْأَوَّلَ، وَالثَّالِثَ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصُّ مِنْ الْفَاعِلِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ مُكَافِئًا
(وَإِلَّا) يَهْلِكُ الْمَقْصُودُ الْمُعَيَّنُ بَلْ هَلَكَ غَيْرُهُ، أَوْ قَصَدَ ضَرَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ، فَهَلَكَ بِهَا إنْسَانٌ، أَوْ غَيْرُهُ (فَالدِّيَةُ) فِي الْإِنْسَانِ الْحُرِّ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ وَمَفْهُومُ قَصْدِ الضَّرَرِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ إنْ حَفَرَ الْبِئْرَ بِمِلْكِهِ، أَوْ بِمَوَاتٍ لِمَنْفَعَةٍ وَلَوْ لِعَامَّةِ النَّاسِ فَإِنْ حَفَرَهَا بِمِلْكِ غَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ، أَوْ بِطَرِيقٍ، أَوْ بِمَوَاتٍ لَا لِمَنْفَعَةٍ، فَالدِّيَةُ فِي الْحُرِّ، وَالْقِيمَةُ فِي غَيْرِهِ، وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ، أَوْ بِطَرِيقٍ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَادَةِ بَلْ اتِّفَاقًا فَإِنْ رَبَطَهَا بِطَرِيقٍ عَلَى جَرْيِ عَادَتِهِ، فَالدِّيَةُ.
وَاعْتُرِضَ قَوْلُهُ (تَقَدَّمَ لِصَاحِبِهِ) أَيْ الْكَلْبِ بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ إنْ قَصَدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ كَمَا هُوَ مَوْضُوعُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ مَفْهُومُهُ بِالنَّظَرِ لِقَصْدِ الضَّرَرِ أَيْ فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرًا أَصْلًا لِمُحْتَرَمٍ فَإِنْ اتَّخَذَهُ بِوَجْهٍ جَائِزٍ كَدَفْعِ صَائِلٍ، أَوْ سَبُعٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ إنْذَارٌ فَإِنْ تَقَدَّمَ لَهُ، أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ (وَكَالْإِكْرَاهِ) عَطْفٌ عَلَى كَحَفْرِ وَأَعَادَ الْكَافَ لِطُولِ الْكَلَامِ أَيْ فَيُقْتَلُ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ أَيْ لِتَسَبُّبِهِ كَالْمُكْرَهِ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ لِخَوْفِ قَتْلِ الْآمِرِ لَهُ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ فَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ (وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) لِغَيْرِ عَالِمٍ فَتَنَاوَلَهُ وَمَاتَ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْمُقَدِّمِ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ مَسْمُومٌ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَنَاوِلَ إذَا عَلِمَ، فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ، وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقَدِّمُ، فَهُوَ مَعْذُورٌ (وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةٌ) ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَمِنْ شَأْنُهَا أَنْ تَقْتُلَ فَمَاتَ، وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ، فَالْقِصَاصُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ قَصَدَ اللَّعِبَ وَأَمَّا الْمَيِّتَةُ وَمَا شَأْنُهَا عَدَمُ الْقَتْلِ لِصِغَرٍ، فَالدِّيَةُ (وَكَإِشَارَتِهِ) عَلَيْهِ (بِسَيْفٍ) ، أَوْ رُمْحٍ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ (فَهَرَبَ وَطَلَبَهُ وَبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
لِلْمَقْتُولِ، أَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ أَعْلَى.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ) رَاجِعٌ لِلْأَخِيرِ، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَهَلَكَ الْمَقْصُودُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ قَصَدَ الضَّرَرَ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الضَّرَرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الشَّارِحِ وَقَدْ عُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْقِصَاصَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا قَصَدَ الضَّرَرَ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَهَلَكَ ذَلِكَ الْمُعَيَّنُ وَأَنَّ الدِّيَةَ فِي صُورَتَيْنِ أَنْ يَقْصِدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ فَيَهْلَكُ غَيْرُهُ، أَوْ يَقْصِدَ ضَرَرَ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَائِنًا مَنْ كَانَ مِنْ آدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ، أَوْ دَابَّةٍ (قَوْلُهُ: أَوْ بِطَرِيقٍ) أَيْ وَكَانَ حَفْرُهُ بِالطَّرِيقِ مُضِرًّا بِهَا بِأَنْ كَانَ يُضَيِّقُهَا فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ بِهَا فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ لِمَا عَطِبَ بِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّابَّةُ فِي بَيْتِهِ) أَيْ يَرْبِطُهَا فِي بَيْتِهِ.
(قَوْلُهُ: بَلْ اتِّفَاقًا) أَيْ كَمَا لَوْ أَوْقَفَهَا بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَدَخَلَ لِلصَّلَاةِ فَأَتْلَفَتْ شَيْئًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَاعْتُرِضَ إلَخْ) حَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّهُ إذَا اتَّخَذَ الْكَلْبَ الْعَقُورَ بِقَصْدِ قَتْلِ شَخْصٍ وَقَتَلَهُ، فَالْقَوَدُ أُنْذِرَ عَنْ اتِّخَاذِهِ أَمْ لَا، وَإِنْ قَتَلَ غَيْرَ الْمُعَيَّنِ، فَالدِّيَةُ فَإِنْ اتَّخَذَهُ لِقَتْلِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ وَقَتَلَ شَخْصًا، فَالدِّيَةُ أَيْضًا أُنْذِرَ أَمْ لَا وَأَمَّا إذَا اتَّخَذَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ ضَرَرَ أَحَدٍ فَقَتَلَ إنْسَانًا فَإِنْ كَانَ اتَّخَذَهُ لِوَجْهٍ جَائِزٍ، فَالدِّيَةُ إنْ تَقَدَّمَ لَهُ إنْذَارٌ قَبْلَ الْقَتْلِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ اتَّخَذَهُ لَا لِوَجْهٍ جَائِزٍ ضَمِنَ مَا أَتْلَفَ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لَهُ إنْ قَصَدَ ضَرَرَ مُعَيَّنٍ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتُلُ بِهِ حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: أَوْ اتَّخَذَهُ لَا بِوَجْهٍ جَائِزٍ) أَيْ سَوَاءٌ تَقَدَّمَ لَهُ فِيهِ إنْذَارٌ أَمْ لَا حَيْثُ عَرَفَ أَنَّهُ عَقُورٌ، وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ حِينَئِذٍ كَفِعْلِ الْعَجْمَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَسَيَأْتِي لَهُ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ فَسَيَأْتِي لَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلَا إجْمَالَ فِي كَلَامِهِ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَأْمُورُ إلَخْ أَيْ إذَا عَلِمْت أَنَّ الْمَأْمُورَ إنَّمَا يَكُونُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ تَعْلَمُ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ نَصٌّ فِي الْمَقْصُودِ وَلَا إجْمَالَ فِيهِ وَقَصَدَ الشَّارِحُ بِهَذَا الرَّدَّ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ مِنْ أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَكَالْإِكْرَاهِ يَقْتَضِي الْقِصَاصَ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَأْمُورِ، وَالْآمِرِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ يُمْكِنُهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ، أَوْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْقِصَاصُ مِنْهُمَا مَشْرُوطٌ بِكَوْنِ الْمَأْمُورِ لَا يُمْكِنُهُ مُخَالَفَةُ الْآمِرِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ فَكَلَامُهُ هُنَا مُجْمَلٌ يُفَصِّلُهُ قَوْلُهُ الْآتِي، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ إلَخْ، وَحَاصِلُ الرَّدِّ أَنَّ الْمَأْمُورَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ كَوْنَهُ مُكْرَهًا إذَا كَانَ لَا يُمْكِنُهُ الْمُخَالَفَةُ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ هُنَا نَصٌّ فِي الْمُرَادِ وَلَا إجْمَالَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ) أَيْ مِنْ طَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، أَوْ لِبَاسٍ عَالِمًا مُقَدِّمُهُ بِأَنَّهُ مَسْمُومٌ وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْآكِلُ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ مُقَدِّمُهُ بِذَلِكَ، أَوْ عَلِمَ بِهِ الْآكِلُ فَلَا قِصَاصَ قَالَ فِي المج وَفِي حُكْمِ التَّقْدِيمِ قَوْلُهُ لَهُ كُلُّهُ فَلَا ضَرَرَ فِيهِ وَلَا يَخْرُجُ عَلَى الْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ عَلَى الظَّاهِرِ اهـ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَعْلَمْ الْمُقَدِّمُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ عَلِمَ بِهِ الْمُتَنَاوِلُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ الْقَاتِلُ لِنَفْسِهِ) أَيْ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُقَدِّمِ بِكَسْرِ الدَّالِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَلْدَغْهُ) أَيْ بَلْ مَاتَ مِنْ فَزَعِهِ (قَوْلُهُ: فَالدِّيَةُ) أَيْ إنْ رَمَاهَا عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ لَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، وَإِلَّا، فَالْقَوَدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْحَيَّةُ الَّتِي رَمَاهَا حَيَّةً وَكَانَتْ كَبِيرَةً شَأْنُهَا أَنَّهَا تَقْتُلُ وَمَاتَ، فَالْقَوَدُ سَوَاءٌ مَاتَ مِنْ لَدْغِهَا، أَوْ مِنْ الْخَوْفِ رَمَاهَا عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، أَوْ اللَّعِبِ، وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَيْسَ شَأْنُهَا أَنْ تَقْتُلَ، أَوْ كَانَتْ مَيِّتَةً وَرَمَاهَا عَلَيْهِ فَمَاتَ مِنْ الْخَوْفِ فَإِنْ كَانَ الرَّمْيُ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ، فَالدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَدَاوَةِ، فَالْقَوَدُ.
(قَوْلُهُ: وَكَإِشَارَتِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَشَارَ إلَيْهِ بِآلَةِ الْقَتْلِ، فَهَرَبَ فَطَلَبَهُ فَمَاتَ فَإِمَّا أَنْ يَمُوتَ بِدُونِ سُقُوطٍ، أَوْ يَسْقُطُ
فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ، فَالْقِصَاصُ رَاكِبَيْنِ، أَوْ مَاشِيَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ (وَإِنْ سَقَطَ) حَالَ هُرُوبِهِ مِنْهُ (فَبِقَاسِمَةٍ) لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ السَّقْطَةِ وَمَوْضُوعُهُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ (وَإِشَارَتُهُ) بِهِ (فَقَطْ) مِنْ غَيْرِ هُرُوبٍ وَطَلَبٍ، فَهُوَ (خَطَأٌ) ، فَالدِّيَةُ مُخَمَّسَةٌ بِلَا قَسَامَةٍ (وَكَالْإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ) أَيْ أَمْسَكَ شَخْصًا لِيَقْتُلَهُ غَيْرُ الْمُمْسِكِ وَلَوْلَا إمْسَاكُهُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ الْقَاتِلُ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ قَاصِدٌ قَتْلَهُ فَقَتَلَهُ الطَّالِبُ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ لِتَسَبُّبِهِ كَمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ لِمُبَاشَرَتِهِ، وَكَذَا الدَّالُّ الَّذِي لَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا قُتِلَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ قِيَاسًا عَلَى الْمُمْسِكِ
(وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ) غَيْرُ الْمُمَالِئَيْنِ (بِوَاحِدٍ) إذَا ضَرَبُوهُ عَمْدًا عُدْوَانًا وَمَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا وَاسْتَمَرَّ حَتَّى مَاتَ، أَوْ مَنْفُوذَ الْمَقَاتِلِ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ، أَوْ تَمَيَّزَتْ وَاسْتَوَتْ، أَوْ اخْتَلَفَتْ وَلَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ مَنْ ضَرَبَتْهُ هِيَ الَّتِي يَنْشَأُ عَنْهَا الْمَوْتُ فَإِنْ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ غَيْرَ مَنْفُوذِ مَقْتَلٍ وَلَا مَغْمُورٍ قُتِلَ وَاحِدٌ فَقَطْ بِقَسَامَةٍ؛ إذْ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، وَإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتُ كُلِّ وَاحِدٍ وَاخْتَلَفَتْ قُدِّمَ الْأَقْوَى إنْ عُلِمَ (و) يُقْتَلُ (الْمُتَمَالِئُونَ) عَلَى الْقَتْلِ، أَوْ الضَّرْبِ بِأَنْ قَصَدَ الْجَمِيعُ الضَّرْبَ وَحَضَرُوا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَلَّهُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ إذَا كَانَ غَيْرَ الضَّارِبِ لَوْ لَمْ يَضْرِبْ غَيْرُهُ لَضَرَبَ.
(وَإِنْ) حَصَلَ الضَّرْبُ (بِسَوْطٍ سَوْطٍ) ، أَوْ بِيَدٍ، أَوْ قَضِيبٍ حَتَّى مَاتَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهَا عَدَاوَةٌ، فَالدِّيَةُ سَقَطَ حَالَ هُرُوبِهِ، أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ فَإِنْ لَمْ يَسْقُطْ، فَالْقِصَاصُ بِدُونِ قَسَامَةٍ، وَإِنْ سَقَطَ، فَالْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ.
(قَوْلُهُ: فَمَاتَ مِنْ غَيْرِ سُقُوطٍ) أَيْ بِأَنْ مَاتَ، وَهُوَ قَائِمٌ مُسْتَنِدٌ لِحَائِطٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ، فَالْقِصَاصُ أَيْ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ (قَوْلُهُ فَبِقَسَامَةٍ) أَيْ فَيَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ مَاتَ مِنْ خَوْفِهِ مِنْهُ لَا مِنْ سُقُوطِهِ.
(قَوْلُهُ: وَإِشَارَتِهِ فَقَطْ) أَيْ، وَإِنْ مَاتَ مَكَانَهُ بِمُجَرَّدِ إشَارَتِهِ عَلَيْهِ بِالسَّيْفِ مِنْ غَيْرِ هَرَبٍ وَطَلَبٍ، وَالْحَالُ أَنَّ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةً، فَهَذَا خَطَأٌ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِ تت وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ هَلْ الدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ، أَوْ لَا دِيَةَ أَصْلًا اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا إمْسَاكُهُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ) أَيْ وَكَانَ فِي الْوَاقِعِ لَوْلَا إمْسَاكُهُ لَهُ مَا أَدْرَكَهُ سَوَاءٌ عَلِمَ الْمُمْسَكُ بِذَلِكَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: مَعَ عِلْمِهِ) أَيْ: الْمُمْسِكِ بِأَنَّ الطَّالِبَ قَاصِدٌ قَتْلَهُ (قَوْلُهُ: فَيُقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُمْسِكِ لِتَسَبُّبِهِ كَمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْقَاتِلِ إلَخْ حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا يُقْتَلَانِ جَمِيعًا بِقُيُودٍ ثَلَاثَةٍ مُعْتَبَرَةٍ فِي الْمُمْسِكِ، وَهِيَ أَنْ يَمْسِكَهُ لِأَجْلِ الْقَتْلِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ الطَّالِبَ قَاصِدٌ قَتْلَهُ لِرُؤْيَتِهِ آلَةَ الْقَتْلِ بِيَدِهِ وَأَنْ يَكُونَ لَوْلَا إمْسَاكُهُ مَا أَدْرَكَهُ الْقَاتِلُ فَإِنْ أَمْسَكَهُ لِأَجْلِ أَنْ يَضْرِبَهُ ضَرْبًا مُعْتَادًا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يَقْصِدُ قَتْلَهُ لِعَدَمِ رُؤْيَتِهِ آلَةَ الْقَتْلِ مَعَهُ، أَوْ كَانَ قَتْلُهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْسَاكِهِ لَهُ قَتْلُ الْمُبَاشِرِ وَحْدَهُ وَضَرْبُ الْآخَرِ وَحَبْسُ سَنَةٍ وَقِيلَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَقِيلَ يُجْلَدُ مِائَةً فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا الدَّالُّ) أَيْ وَكَذَا يُقْتَلُ الدَّالُّ إذَا عَلِمَ أَنَّ طَالِبَهُ يَقْتُلُهُ وَكَانَ لَوْلَا دَلَالَتُهُ مَا قُتِلَ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ.
(تَنْبِيهٌ) يُقْتَصُّ مِنْ الْعَائِنِ الْقَاتِلِ عَمْدًا بِعَيْنِهِ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْهُ وَتَكَرَّرَ وَأَمَّا مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالْحَالِ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَفِي عبق وَغَيْرِهِ أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا تَكَرَّرَ مِنْهُ ذَلِكَ وَثَبَتَ قِيَاسًا عَلَى الْعَائِنِ الْمُجَرِّبِ وَاسْتَبْعَدَ ذَلِكَ بْن
(قَوْلُهُ: غَيْرُ الْمُمَالِئِينَ) أَيْ غَيْرُ الْمُتَّفِقِينَ عَلَى قَتْلِهِ بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ قَصَدَ قَتْلَهُ فِي نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقٍ مِنْهُمْ عَلَى قَتْلِهِ، ثُمَّ أَنَّهُمْ قَتَلُوهُ مُجْتَمِعِينَ فَلَوْ قَصَدَ كُلُّ وَاحِدٍ ضَرْبَهُ بِدُونِ تَمَالُؤٍ وَلَمْ يَقْصِدْ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَتْلَهُ، ثُمَّ أَنَّهُمْ ضَرَبُوهُ مُجْتَمِعِينَ وَمَاتَ مِنْ ضَرْبِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْتَلُونَ؛ لِأَنَّ قَصْدَ الضَّرْبِ لَيْسَ مِثْلَ قَصْدِ الْقَتْلِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَمَاعَةِ بِخِلَافِ الْوَاحِدِ كَمَا قَالَ عج وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ النَّقْلَ أَنَّ قَصْدَ الضَّرْبِ مِثْلُ قَصْدِ الْقَتْلِ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ) أَيْ ضَرْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَوْتُ يَنْشَأُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ، أَوْ عَنْ بَعْضِهَا وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ قَتْلِ الْجَمِيعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ هُوَ مَا فِي النَّوَادِرِ وَفِي اللَّخْمِيِّ خِلَافُهُ وَأَنَّهُ إذَا أَنْفَذَا إحْدَاهُمَا مَقَاتِلَهُ وَلَمْ يَدْرِ مِنْ أَيِّ الضَّرَبَاتِ مَاتَ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْقِصَاصُ إذَا لَمْ يَتَعَاقَدُوا عَلَى قَتْلِهِ، وَالدِّيَةُ فِي أَمْوَالِهِمْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَوْ تَمَيَّزَتْ) أَيْ الضَّرَبَاتُ بِأَنْ عُلِمَتْ ضَرْبَةُ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ وَاسْتَوَتْ أَيْ فِي الْقُوَّةِ كَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ، أَوْ اخْتَلَفَتْ.
(قَوْلُهُ: قُدِّمَ الْأَقْوَى إنْ عُلِمَ) أَيْ قُدِّمَ الْأَقْوَى لِلْقَتْلِ وَقَوْلُهُ إنْ عُلِمَ أَيْ مَوْتُهُ مِنْ تِلْكَ الضَّرْبَةِ الْقَوِيَّةِ، وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ، وَإِنْ تَمَيَّزَتْ الضَّرَبَاتُ وَعُلِمَ مَوْتُهُ مِنْ إحْدَاهَا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِمَّنْ عُلِمَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبَتِهِ وَاقْتُصَّ مِنْ الْبَاقِي مِثْلَ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ، وَالْمُتَمَالَئُونَ) أَيْ الْمُتَعَاقِدُونَ، وَالْمُتَّفِقُونَ وَقَوْلُهُ عَلَى الْقَتْلِ، أَوْ الضَّرْبِ هَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ لِمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ قَصْدُ الْقَتْلِ وَاشْتَرَطَ عج فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ الَّذِي قَتَلُوهُ كَانُوا مُتَمَالِئِينَ عَلَى قَتْلِهِ أَوْ لَا قَصْدَ الْقَتْلِ وَخَصَّ مَا تَقَدَّمَ بِمَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ وَاحِدًا لِشِدَّةِ الْخَطَرِ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِالْوَاحِدِ وَأَيَّدَهُ بْن بِمُوَافَقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَمَا قَالَهُ شَارِحُنَا تَبِعَ فِيهِ شَيْخَ عج الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ وَارْتَضَاهُ طفى رَادًّا عَلَى مَا قَالَهُ عج (قَوْلُهُ، وَإِنْ بِسَوْطٍ) أَيْ هَذَا إذَا ضَرَبُوهُ بِآلَةٍ يُقْتَلُ بِهَا بَلْ، وَإِنْ حَصَلَ الضَّرْبُ مِنْهُمْ لَهُ بِآلَةٍ لَيْسَ شَأْنُهَا الْقَتْلَ بِهَا بِأَنْ ضَرَبُوهُ بِسَوْطٍ سَوْطٍ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَلِ الْقَتْلَ إلَّا وَاحِدٌ مِنْهُمْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونُوا بِحَيْثُ لَوْ اُسْتُعِينَ بِهِمْ أَعَانُوا وَمَحَلُّ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ الْمُتَمَالِئَةِ بِالْوَاحِدِ إذَا ثَبَتَ قَتْلُهُمْ لَهُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا الْقَسَامَةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُعَيَّنُ وَاحِدٌ
(و) يُقْتَلُ (الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) كَحَافِرِ بِئْرٍ لِمُعَيَّنٍ فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا و (كَمُكْرِهٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ (وَمُكْرَهٍ) بِفَتْحِهَا يُقْتَلَانِ مَعًا هَذَا لِتَسَبُّبِهِ، وَهَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، فَهَذَا مِثَالٌ لِلْمُتَسَبِّبِ مَعَ الْمُبَاشِرِ وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارُ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِثَالَ السَّبَبِ بِقَوْلِهِ كَحَفْرِ بِئْرٍ وَقَوْلِهِ وَكَإِكْرَاهٍ وَقَوْلِهِ وَكَإِمْسَاكٍ بَعْدَ مَا ذَكَرَ الْمُبَاشَرَةَ وَأَفَادَ هُنَا أَيْ فِي بَحْثِ قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِوَاحِدٍ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْمُبَاشَرَةُ، وَالسَّبَبُ، فَالْقِصَاصُ عَلَيْهِمَا مَعًا لَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا دَفْعًا لِتَوَهُّمِ اخْتِصَاصِهِ بِالْمُبَاشِرِ، أَوْ بِالْمُتَسَبِّبِ، وَهَذَا صَنِيعٌ عَجِيبٌ (وَكَأَبٍ) أَمَرَ وَلَدًا لَهُ صَغِيرًا (أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) بِقَتْلِ حُرٍّ فَقَتَلَهُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْمُعَلِّمِ دُونَ الصَّغِيرِ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (وَسَيِّدٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى أَبٍ (أَمَرَ عَبْدًا) لَهُ بِقَتْلِ شَخْصٍ (مُطْلَقًا) صَغِيرًا كَانَ الْعَبْدُ أَوْ كَبِيرًا فَيُقْتَلُ السَّيِّدُ لِتَسَبُّبِهِ وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا، فَالْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِقَتْلِ السَّيِّدِ لَا لِعَدَمِ قَتْلِ الْعَبْدِ (فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ) الْمُكَلَّفُ مِنْ الْآمِرِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَأْمُورُ الْمُكَلَّفُ ابْنًا لِلْآمِرِ، أَوْ مُتَعَلِّمًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا (اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَأْمُورِ (فَقَطْ) ؛ إذْ لَا إكْرَاهَ حَقِيقَةً عِنْدَ عَدَمِ الْخَوْفِ وَضُرِبَ الْآمِرُ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً.
وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْخَوْفِ عِنْدَ الْجَهْلِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ عِنْدَ الْخَوْفِ بِالْقَتْلِ قُتِلَا مَعًا لِلْإِكْرَاهِ (وَعَلَى) الْمُكَلَّفِ (شَرِيكِ الصَّبِيِّ) فِي قَتْلِ شَخْصٍ (الْقِصَاص) وَحْدَهُ دُونَ الصَّبِيِّ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ (إنْ تَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ) عَمْدًا وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ كَخَطَئِهِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ نِصْفُهَا، وَإِنْ قَتَلَاهُ، أَوْ الْكَبِيرُ خَطَأً فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ نِصْفُ الدِّيَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ) أَيْ وَلَوْ لَمْ يَجْتَمِعَا فِي وَقْتِ الْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: فَرَدَّاهُ غَيْرُهُ فِيهَا) أَيْ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ مِنْ الْحَافِرِ، وَالْمُرْدِي (قَوْلُهُ كَمُكْرِهٍ وَمُكْرَهٍ يُقْتَلَانِ مَعًا) مَحَلُّ قَتْلِ الْمُكْرَهِ بِالْفَتْحِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا لِلْمَقْتُولِ، وَإِلَّا قُتِلَ الْمُكْرِهُ بِالْكَسْرِ وَحْدَهُ وَأَمَّا لَوْ أَكْرَهَ الْأَبُ شَخْصًا عَلَى قَتْلِ وَلَدِهِ فَقَتَلَهُ فَيُقْتَلُ الْمُكْرَهُ بِالْفَتْحِ، وَكَذَا الْأَبُ إنْ أَمَرَهُ بِذَبْحِهِ، أَوْ شَقِّ جَوْفِهِ سَوَاءٌ قَتَلَهُ بِتِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ، أَوْ بِغَيْرِهَا كَأَنْ قَتَلَهُ بِحَضْرَتِهِ، أَوْ لَا، وَكَذَا إذَا أَمَرَهُ بِمُطْلَقِ قَتْلٍ فَذَبَحَهُ، أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ بِحَضْرَتِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى مَنْعِهِ مِنْ تِلْكَ الْكَيْفِيَّةِ وَلَمْ يَمْنَعْ لَا إنْ حَضَرَ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَنْعِهِ مِنْهَا وَلَا إنْ فَعَلَهَا فِي غَيْبَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ تَكْرَارٌ إلَخْ) أَيْ حَاصِلُهُ أَنَّ الْجِنَايَةَ أَيْ الْإِتْلَافَ الْمُوجِبَ لِلْقِصَاصِ ضَرْبَانِ إتْلَافٌ بِمُبَاشَرَةٍ، وَإِتْلَافٌ بِالسَّبَبِ فَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا أَمْثِلَةَ الْإِتْلَافِ بِالْمُبَاشَرَةِ بِقَوْلِهِ إنْ قَصَدَ ضَرْبًا كَخَنْقٍ وَمَنْعِ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَمُثَقَّلٍ وَكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَمْثِلَةَ الضَّرْبِ الثَّانِي، وَهُوَ الْإِتْلَافُ بِالسَّبَبِ بِقَوْلِهِ وَكَحَفْرِ بِئْرٍ إلَخْ وَكَإِكْرَاهٍ وَكَإِمْسَاكٍ لِلْقَتْلِ، ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَتْ الْمُبَاشَرَةُ، وَالسَّبَبُ، فَالْقِصَاصُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْمُبَاشِرِ، وَالْمُتَسَبِّبِ وَلَا يَخْتَصُّ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: وَكَأَبٍ، أَوْ مُعَلِّمٍ إلَخْ) قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ هَذَا الْفَصْلُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُقْتَلُ الْجَمْعُ بِوَاحِدٍ كُلُّهُ فِي قَتْلِ الْجَمَاعَةِ بِوَاحِدٍ فَحَقُّهُ أَنْ لَا يَذْكُرَ فِيهِ إلَّا مَسْأَلَةَ السَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ الْكَبِيرِ وَيُقَدِّمُ مَسْأَلَةَ الْأَبِ، وَالْمُعَلِّمِ، وَالسَّيِّدِ فِي عَبْدِهِ الصَّغِيرِ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ ذِكْرِ الْإِكْرَاهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَمَرَ وَلَدًا صَغِيرًا) أَيْ أَمَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا وَلَدًا صَغِيرًا وَلَوْ مُرَاهِقًا، فَالْمُرَادُ بِالصَّغِيرِ غَيْرُ الْبَالِغِ (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ عَلَى الْأَبِ، أَوْ الْمُعَلِّمِ دُونَ الصَّغِيرِ إلَخْ) أَيْ وَعَلَى عَاقِلَةِ الصَّغِيرِ إذَا كَانَ حُرًّا نِصْفُ الدِّيَةِ فَإِنْ كَثُرَ الصِّبْيَانُ الْأَحْرَارُ كَانَ نِصْفُ الدِّيَةِ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ كُلُّ عَاقِلَةٍ ثُلُثًا، وَهَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ كَوْنِ الْعَاقِلَةِ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: أَمَرَ عَبْدًا لَهُ) التَّقْيِيدُ بِعَبْدِهِ مُخْرِجٌ لِأَمْرِ عَبْدِ غَيْرِهِ فَيُقْتَلُ الْعَبْدُ الْبَالِغُ دُونَ الْآمِرِ، لَكِنْ يُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَةً، وَكَذَا إنْ أَمَرَ الْأَبُ، أَوْ الْمُعَلِّمُ كَبِيرًا وَكُلُّ هَذَا مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: وَيُقْتَلُ الْعَبْدُ أَيْضًا إنْ كَانَ مُكَلَّفًا) أَيْ لَا إنْ كَانَ صَغِيرًا فَلَا يُقْتَلُ وَعَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ فَيُخَيِّرُ سَيِّدُهُ الْوَارِثَ لَهُ بَيْنَ أَنْ يَفْدِيَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، أَوْ يَدْفَعَهُ فِي الْجِنَايَةِ كَذَا فِي عبق وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش أَنَّ الصَّغِيرَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى ظَاهِرِ النَّقْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَأْمُورُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ حَاضِرًا لِلْقَتْلِ، وَإِلَّا قُتِلَ أَيْضًا هَذَا لِمُبَاشَرَتِهِ، وَهَذَا لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْخَوْفِ بِالْقَتْلِ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ خَوْفَ الْمَأْمُورِ الْمُوجِبَ لِقَتْلِ الْآمِرِ فَقَطْ إنَّمَا هُوَ الْخَوْفُ بِالْقَتْلِ لَا بِشِدَّةِ الْأَذَى وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا فِي خش، فَهُوَ كَالْخَوْفِ الْمُجَوِّزِ لِلْقُدُومِ عَلَى قَذْفِ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُكَلَّفَ، وَالصَّبِيَّ إذَا تَعَمَّدَ كُلٌّ مِنْهُمَا قَتْلَ ذَلِكَ الشَّخْصِ وَقَتَلَاهُ مِنْ غَيْرِ تَمَالُؤٍ وَاتِّفَاقٍ مِنْهُمَا عَلَى قَتْلِهِ فَلَا قَتْلَ عَلَى الْمُكَلَّفِ الْمُشَارِكِ لِلصَّبِيِّ فِي الْقَتْلِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ رَمْيِ الصَّبِيِّ هُوَ الْقَاتِلُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَنِصْفُهَا الْآخَرُ عَلَى عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ فَإِنَّهُمْ يُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ فَيَسْقُطُ نِصْفُ الدِّيَةِ عَنْ عَاقِلَةِ الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا يُقْتَلُ بِهَا وَيَسْتَحِقُّ بِهَا وَاحِدٌ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ وَتَعَمَّدَا قَتْلَهُ، أَوْ الْكَبِيرُ فَعَلَيْهِ إلَخْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَدَّعِ
(لَا) عَلَى (شَرِيكِ مُخْطِئٍ) بِالْهَمْزِ وَتُرْسَمُ يَاءً (و) لَا شَرِيكِ (مَجْنُونٍ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ الْكَبِيرِ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي مَالِهِ وَعَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ، أَوْ الْمَجْنُونِ نِصْفُهَا (وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ) نَظَرًا لِتَعَمُّدِهِ قَتْلَهُ (و) مِنْ شَرِيكِ (جَارِحٍ نَفْسَهُ) جُرْحًا يَكُونُ عِنْدَ الْمَوْتِ غَالِبًا، ثُمَّ ضَرَبَهُ مُكَلَّفٌ قَاصِدًا قَتْلَهُ نَظَرًا لِقَصْدِهِ (و) مِنْ شَرِيكِ (حَرْبِيٍّ) لَمْ يَتَمَالَآ عَلَى قَتْلِهِ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْ الشَّرِيكِ قَطْعًا (وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ) بِأَنْ جَرَحَهُ، ثُمَّ حَصَلَ لِلْمَجْرُوحِ مَرَضٌ يَنْشَأُ عَنْهُ الْمَوْتُ غَالِبًا، ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يُدْرَ أَمَاتَ مِنْ الْجُرْحِ، أَوْ مِنْ الْمَرَضِ (أَوْ) لَا يُقْتَصُّ، وَإِنَّمَا (عَلَيْهِ) فِي الْأَرْبَعِ مَسَائِلَ (نِصْفُ الدِّيَةِ) فِي مَالِهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا (قَوْلَانِ) ، وَالْقَوْلُ بِالْقِصَاصِ فِي الْأَرْبَعِ بِقَسَامَةٍ، وَالْقَوْلُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ بِلَا قَسَامَةٍ، وَالرَّاجِحُ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ بِالْقَسَامَةِ (وَإِنْ)(تَصَادَمَا) أَيْ الْمُكَلَّفَانِ، أَوْ غَيْرُهُمَا (أَوْ تَجَاذَبَا) حَبْلًا، أَوْ غَيْرَهُ كَأَنْ جَذَبَ كُلٌّ مِنْهُمَا يَدَ صَاحِبِهِ فَسَقَطَا (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَا رَاكِبَيْنِ، أَوْ مَاشِيَيْنِ، أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ (قَصْدًا) مِنْهُمَا (فَمَاتَا) مَعًا فَلَا قِصَاصَ لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (أَوْ) مَاتَ (أَحَدُهُمَا) فَقَطْ (فَالْقَوَدُ) جَوَابٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَأَحْكَامُهُ ثَابِتَةٌ بَيْنَهُمَا وَحُكْمُهُ فِي مَوْتِهِمَا نَفْيُهُ وَفِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا ثُبُوتُهُ وَمِنْ أَحْكَامِهِ أَنَّهُ إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا بَالِغًا، وَالْآخَرُ صَبِيًّا فَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا حُرًّا، وَالْآخَرُ رَقِيقًا فَلَا يُقْتَصُّ لِلرَّقِيقِ مِنْ الْحُرِّ وَيُحْكَمُ بِحُكْمِ الْقَوَدِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ قَصَدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ، أَوْ التَّجَاذُبَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأَوْلِيَاءُ مَوْتَهُ مِنْ فِعْلِ الْمُكَلَّفِ كَمَا عَلِمْت.
(قَوْلُهُ: لَا شَرِيكِ مُخْطِئٍ) أَيْ لَا قِصَاصَ عَلَى مُتَعَمِّدٍ شَرِيكِ مُخْطِئٍ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ) أَيْ لِلشَّكِّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْتُ مِنْ رَمْيِ الْمُخْطِئِ، أَوْ الْمَجْنُونِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَوْ أَقْسَمَ الْأَوْلِيَاءُ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي عج؛ لِأَنَّهُ لَا صَارِفَ لِفِعْلِهِمَا فَيُمْكِنُ حُصُولُ الْمَوْتِ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا لِشِدَّةِ فِعْلِ الْمُخْطِئِ، وَالْمَجْنُونِ بِخِلَافِ فِعْلِ الصَّبِيِّ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ الْكَبِيرِ) أَيْ الْمُشَارِكِ لِلْمُخْطِئِ، وَالْمَجْنُونِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ) أَيْ أَنْشَبَ أَظْفَارَهُ فِي الشَّخْصِ بِالْفِعْلِ، ثُمَّ جَاءَ إنْسَانٌ فَأَجْهَزَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَرِضَ بَعْدَ الْجُرْحِ) أَيْ، وَهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ مَرَضٍ حَدَثَ ذَلِكَ الْمَرَضُ بَعْدَ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا يُقْتَصُّ) أَيْ، أَوْ لَا يُقْتَصُّ مِنْ وَاحِدٍ مِنْ الْأَرْبَعَةِ؛ إذْ لَا يُدْرَى مِنْ أَيِّ الْأَمْرَيْنِ مَاتَ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الرَّابِعَةِ إذَا حَدَثَ الْمَرَضُ بَعْدَ الْجُرْحِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ الْمَرَضُ قَبْلَ الْجُرْحِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَارِحِ اتِّفَاقًا أَنْفَذَ الْجُرْحُ مَقْتَلَهُ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ وَفِي الثَّانِي بِقَسَامَةٍ هَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ وَارْتَضَاهُ بْن قَائِلًا؛ لِأَنَّهُ صَحِيحٌ قَتَلَ مَرِيضًا وَقَدْ مَرَّ لَلْمُصَنِّفِ وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدَّيْهِمَا خِلَافًا لِقَوْلِ عج إنْ مَرِضَ قَبْلَ الْجُرْحِ فَلَا قِصَاصَ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ، وَالْجُرْحَ هَيَّجَهُ.
(قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الرَّاجِحَ فِي شَرِيكِ الْمَرَضِ الْحَادِثِ بَعْدَ الْجُرْحِ الْقَسَامَةُ وَيَثْبُتُ الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَكُلُّ الدِّيَةِ فِي الْخَطَإِ أَيْ وَأَمَّا الْمَسَائِلُ الثَّلَاثَةُ الْأُوَلُ، فَالْقَوْلَانِ فِيهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَصَادَمَا إلَخْ) حَاصِلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يُقَالَ إذَا تَصَادَمَا قَصْدًا أَيْ عَمْدًا، فَالْقَوَدُ مُطْلَقًا وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا، فَالْقَوَدُ عَلَى مَنْ بَقِيَ وَأَمَّا إذَا مَاتَا مَعًا فَلَا قَوَدَ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ تَصَادَمَا خَطَأً، فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ بِمَعْنَى أَنَّ دِيَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ إنْ مَاتَا مَعًا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمَا، وَإِنْ كَانَ عَجْزًا فَيُحْمَلُ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الْخَطَإِ وَفِي السَّفِينَتَيْنِ يَكُونُ هَدَرًا هَذَا هُوَ الرَّاجِحُ وَقِيلَ يَكُونُ هَدَرًا مُطْلَقًا حَتَّى فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ، وَإِنْ جُهِلَ الْحَالُ حُمِلَ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ عَلَى الْعَمْدِ وَفِيهِمَا عَلَى الْعَجْزِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِسَفِينَتَيْنِ عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ كَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَاخْتَارَهُ ح خِلَافًا لِمَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّهُ لَا قَوَدَ فِي السَّفِينَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا عَمْدًا نَعَمْ إنْ تَصَادَمَا عَمْدًا فَدِيَةُ عَمْدٍ، وَإِنْ تَصَادَمَا خَطَأً فَدِيَةُ خَطَإٍ وَقَدْ اسْتَشْكَلَهُ ح بِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا تَعَمَّدَ أَهْلُ سَفِينَةٍ إغْرَاقَ أَهْلِ سَفِينَةٍ أُخْرَى لَيْسَ عَلَيْهِمْ إلَّا الدِّيَةُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجِبُ فِي ذَلِكَ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ كَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ فِي الْبَحْرِ.
(قَوْلُهُ: قَصْدًا) أَيْ عَمْدًا بِأَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ اللَّعِبِ وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ بْن تَعْبِيرُهُ بِقَصْدًا يُفِيدُ بِأَنَّ التَّجَاذُبَ بِغَيْرِ مَصْلَحَةِ صَنْعَةٍ، وَإِلَّا فَلَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ كَمَا يَقَعُ بَيْنَ صُنَّاعِ الْحِبَالِ فَإِذَا تَجَاذَبَ صَانِعَانِ حَبْلًا لِإِصْلَاحِهِ فَمَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَهُوَ هَدَرٌ (قَوْلُهُ: جَوَابُ الْمَسْأَلَتَيْنِ) أَيْ مَا إذَا مَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ) أَيْ حَتَّى يَصِحَّ أَنْ يَكُونَ جَوَابًا لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.
(قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ عَلَى الصَّبِيِّ) أَيْ إنْ مَاتَ الْبَالِغُ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ دِيَةُ الْكَبِيرِ الْمَيِّتِ كَمَا أَنَّهُ لَوْ تَصَادَمَ الصَّبِيَّانِ فَدِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ إنْ مَاتَا، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا فَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ لَمْ يَمُتْ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَوَاقِلِ الصَّبِيَّانِ مُطْلَقًا حَصَلَ التَّصَادُمُ، أَوْ التَّجَاذُبُ مِنْهُمْ قَصْدًا، أَوْ لَا، رَكِبَا بِأَنْفُسِهِمَا، أَوْ أَرْكَبَهُمَا أَوْلِيَاؤُهُمَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِعْلَ الصَّبِيَّانِ عَمْدًا حُكْمُهُ كَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْتَصُّ لِلرَّقِيقِ مِنْ الْحُرِّ) أَيْ بَلْ يَلْزَمُ
دُونَ الْآخَرِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ قَصْدًا (وَحُمِلَا عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ لَا عَلَى الْخَطَإِ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ لِلْقِصَاصِ مِنْ الْحَيِّ (عَكْسُ)(السَّفِينَتَيْنِ) إذَا تَصَادَمَتَا فَتَلِفَتَا، أَوْ إحْدَاهُمَا وَجُهِلَ الْحَالُ فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ؛ لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِعَدَمِ الْقَصْدِ هُوَ الْعَجْزُ لَا الْخَطَأُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ وَأَمَّا الْخَطَأُ فَفِيهِ الضَّمَانُ فَظَهَرَ أَنَّ لِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَائِدَةً حَيْثُ حُمِلَ عَلَى الْعَجْزِ وَأَمَّا الْمُتَصَادِمَانِ فَفِي الْعَمْدِ الْقَوَدُ كَمَا قَالَ وَفِي الْخَطَإِ الضَّمَانُ وَلَوْ سَفِينَتَيْنِ فِيهِمَا وَلَا شَيْءَ فِي الْعَجْزِ بَلْ هَدَرٌ وَلَوْ غَيْرَ سَفِينَتَيْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَادُمُهُمَا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لَا يَسْتَطِيعُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَصْرِفَ نَفْسَهُ، أَوْ دَابَّتَهُ عَنْ الْآخَرِ فَلَا ضَمَانَ بَلْ هَدَرٌ وَلَا يُحْمَلَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى الْعَمْدِ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ كَالْخَطَإِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ، وَالْقِيَمُ فِي الْأَمْوَالِ بِخِلَافِ السَّفِينَتَيْنِ، فَهَدَرٌ وَحُمِلَا عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ جَرْيَهُمَا بِالرِّيحِ كَمَا تَقَدَّمَ (لَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ فَلَا قَوَدَ وَلَا ضَمَانَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْحُرَّ قِيمَتُهُ حَيْثُ مَاتَ.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْآخَرِ) أَيْ فَيُقْتَصُّ مِنْ الْقَاصِدِ إنْ مَاتَ غَيْرُهُ، وَإِنْ مَاتَ الْقَاصِدُ فَعَلَى عَاقِلَةِ غَيْرِهِ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ: عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُدَرْ هَلْ مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا صَدَرَ عَنْ قَصْدٍ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ، وَإِنَّمَا يَظْهَرُ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ) أَيْ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ حَمْلِهِمَا عَلَى الْعَمْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ فِي مَوْتِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ كَذَا قَالَ الشَّارِحُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ تَظْهَرُ أَيْضًا فِي مَوْتِهِمَا مَعًا؛ لِأَنَّ حَمْلَهُمَا حِينَئِذٍ عَلَى الْقَصْدِ يُوجِبُ إهْدَارَ دَمِهِمَا لِفَوَاتِ مَحَلِّ الْقَوَدِ وَلَا دِيَةَ، وَإِنْ حُمِلَا عَلَى الْخَطَإِ لَوَجَبَتْ دِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَارْتَضَاهُ ح مِنْ أَنَّ التَّصَادُمَ بِالسَّفِينَتَيْنِ عَمْدًا فِيهِ الْقَوَدُ أَمَّا عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَوْ كَانَ تَصَادُمُهُمَا عَمْدًا فَيَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ وَلِقَوْلِهِ وَحُمِلَا عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَصَادَمَا عَمْدًا، فَالْقَوَدُ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُ لَا قَوَدَ فِيهِمَا إذَا تَصَادَمَا وَلَوْ قَصْدًا وَحُمِلَ الْمُتَصَادِمَانِ عَلَى الْقَصْدِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ.
(قَوْلُهُ: فَيُحْمَلَانِ عَلَى عَدَمِ الْقَصْدِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَمْدِ بَلْ عَلَى الْعَجْزِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ هَدَرًا لَا دِيَةَ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ لِلْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَوْلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْقَصْدِ يَصْدُقُ بِالْخَطَإِ، وَالسَّفِينَتَانِ لَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْخَطَإِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ، وَإِنْ كَانَ الشَّارِحُ قَدْ بَيَّنَ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ الْقَصْدِ بَعْدُ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ السَّفِينَتَيْنِ لَا يُحْمَلَانِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْعَمْدِ وَلَا عَلَى الْخَطَإِ بَلْ عَلَى الْعَجْزِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِنْ عَمَلِ أَرْبَابِهِمَا) أَيْ بِخِلَافِ الْفَارِسَيْنِ، وَهَذَا إشَارَةٌ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْفَارِسَيْنِ، وَالسَّفِينَتَيْنِ إذَا تَصَادَمَا وَجُهِلَ الْحَالُ حَيْثُ حُمِلَ الْفَارِسَانِ عَلَى الْعَمْدِ، وَالسَّفِينَتَانِ عَلَى الْعَجْزِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخَطَأُ) لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ التَّصَادُمِ عَمْدًا وَحُكْمَهُ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ أَشَارَ لِحُكْمِهِ إذَا وَقَعَ خَطَأً بِأَنْ كَانَ مِنْ فِعْلِ النَّوَاتِيَّةِ، أَوْ رَاكِبِ الْفَرَسِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لَهُ فَقَالَ وَأَمَّا الْخَطَأُ أَيْ وَأَمَّا التَّصَادُمُ الْخَطَأُ فَفِيهِ الضَّمَانُ أَيْ لِقِيَمِ الْأَمْوَالِ وَلِدِيَاتِ النُّفُوسِ، وَهَذَا الْقِسْمُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَا دَاعِي لِذِكْرِ الشَّارِحِ لَهُ هُنَا إلَّا ضَمَّ الْأَقْسَامِ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ لِسُهُولَةِ الضَّبْطِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ حُمِلَ) أَيْ التَّصَادُمُ فِيهِمَا عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ عَلَى الْعَجْزِ أَيْ وَأَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى الْخَطَإِ فَلَا فَائِدَةَ فِيهِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ لَهُ فَائِدَةً مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إنْ حُمِلَ عَلَى الْخَطَإِ كَانَ مُوجِبًا لِلضَّمَانِ، وَإِنْ حُمِلَ عَلَى الْعَجْزِ كَانَ مُوجِبًا لِسُقُوطِهِ، فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ فَظَهَرَ إلَخْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَأَمَّا الْمُتَصَادِمَانِ إلَخْ) هَذَا شِبْهُ حَاصِلٍ لِمَا تَقَدَّمَ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَصَادِمَيْنِ فِي الْعَمْدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ فِي الْعَجْزِ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ مِنْ الرِّيحِ بِالنِّسْبَةِ لِلسَّفِينَةِ وَمِنْ الْفَرَسِ لَا مِنْ رَاكِبِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ سَفِينَتَيْنِ) أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إذَا جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَبُّهُ عَلَى صَرْفِهِ فَلَا ضَمَانَ (قَوْلُهُ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ) هَذَا الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِلْمُتَصَادَمَيْنِ أَيْ، وَإِنْ تَصَادَمَا قَصْدًا فَمَاتَا، أَوْ أَحَدُهُمَا، فَالْقَوَدُ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَيَكُونُ مَنْ مَاتَ هَدَرًا، وَهُوَ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا مُقَيَّدٌ بِالْقَصْدِ، وَالتَّصَادُمِ عِنْدَ الْعَجْزِ لَا يُقَالُ فِيهِ أَنَّهُ قَصْدٌ وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ لِقَوْلِهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ لِفَسَادِ الْمَعْنَى؛ إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى عَكْسَ السَّفِينَتَيْنِ أَيْ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْعَجْزِ عِنْدَ الْجَهْلِ إلَّا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ فَإِنَّهُمَا يُحْمَلَانِ عَلَى الْقَصْدِ، وَهُوَ فَاسِدٌ.
(قَوْلُهُ، لَكِنَّ الرَّاجِحَ أَنَّ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ) أَيْ، وَهُوَ مَا كَانَ بِالرِّيحِ، أَوْ الْفَرَسِ مَثَلًا وَقَوْلُهُ فِي الْمُتَصَادِمَيْنِ أَيْ بِغَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ وَقَوْلُهُ كَالْخَطَإِ فِيهِ ضَمَانُ الدِّيَةِ إلَخْ أَيْ لِقَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ جَمَحَ الْفَرَسُ وَلَمْ يَقْدِرْ رَاكِبُهُ عَلَى صَرْفِهِ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ يُرَدُّ بِقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إذَا جَمَحَتْ دَابَّةٌ بِرَاكِبِهَا فَوَطِئَتْ إنْسَانًا، فَهُوَ ضَامِنٌ وَبِقَوْلِهَا إنْ كَانَ فِي رَأْسِ الْفَرَسِ اغْتِرَامٌ فَحَمَلَ بِصَاحِبِهِ فَصَدَمَ فَرَاكِبُهُ ضَامِنٌ.
(قَوْلُهُ: وَحُمِلَا عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَيْهِ) أَيْ
(إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ) ، فَالضَّمَانُ أَيْ لَا إنْ قَدَرُوا عَلَى الصَّرْفِ فَلَمْ يَصْرِفُوا خَوْفًا مِنْ غَرَقٍ، أَوْ نَهْبٍ، أَوْ أَسْرٍ، أَوْ وُقُوعٍ فِي ظُلْمَةٍ حَتَّى تَلِفَتَا، أَوْ إحْدَاهُمَا، أَوْ مَا فِيهِمَا مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ مَتَاعٍ فَضَمَانُ الْأَمْوَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَالدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ الْعَجْزِ الْحَقِيقِيِّ لِقُدْرَتِهِمْ عَلَى الصَّرْفِ وَلَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَسْلَمُوا بِهَلَاكِ غَيْرِهِمْ (وَإِلَّا) يَكُنْ التَّصَادُمُ فِي غَيْرِ السَّفِينَتَيْنِ، أَوْ فِيهِمَا، أَوْ التَّجَاذُبُ قَصْدًا بَلْ خَطَأً (فَدِيَةُ كُلٍّ) مِنْ الْآدَمِيَّيْنِ (عَلَى عَاقِلَةِ الْآخَرِ) لِلْخَطَإِ (و) قِيمَةُ (فَرَسِهِ) مَثَلًا، وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرَسَ؛ لِأَنَّ التَّصَادُمَ غَالِبًا يَكُونُ فِي رُكُوبِ الْخَيْلِ (فِي مَالِ الْآخَرِ) لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ غَيْرَ الدِّيَةِ (كَثَمَنِ الْعَبْدِ) أَيْ قِيمَتِهِ لَا يَكُونُ عَلَى عَاقِلَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ بَلْ فِي مَالِ الْحُرِّ وَدِيَةُ الْحُرِّ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ حَالَّةً فَإِنْ تَصَادَمَا فَمَاتَا فَإِنْ زَادَتْ دِيَةُ الْحُرِّ عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ لَمْ يَضْمَنْ سَيِّدُهُ الزَّائِدَ؛ لِأَنَّهَا تَعَلَّقَتْ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ وَرَقَبَتُهُ زَالَتْ وَلَوْ زَادَتْ قِيمَةُ الْعَبْدِ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ أَخَذَ سَيِّدُهُ الزَّائِدَ مِنْ مَالِ الْحُرِّ حَالًّا (وَإِنْ)(تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ) لِلضَّرْبِ مَعًا، أَوْ مُتَرَتِّبًا (فَفِي الْمُمَالَأَةِ) عَلَى الْقَتْلِ (يُقْتَلُ الْجَمِيعُ) لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَقْوَى ضَرْبًا وَغَيْرِهِ بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدِهِمْ ضَرْبٌ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا إنْ مَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ أَنْفَذَ لَهُ مَقْتَلَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا حَتَّى مَاتَ، وَإِلَّا قُتِلَ وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَالْمُتَمَالَئُونَ كَرَّرَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلُهُ (وَإِلَّا) يَتَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِهِ بِأَنْ قَصَدَ كُلٌّ قَتْلَهُ بِانْفِرَادِهِ مِنْ غَيْرِ اتِّفَاقِهِ مَعَ غَيْرِهِ، أَوْ قَصَدَ كُلٌّ ضَرْبَهُ بِلَا قَصْدِ قَتْلٍ فَمَاتَ (قُدِّمَ الْأَقْوَى) فِعْلًا حَيْثُ تَمَيَّزَتْ أَفْعَالُهُمْ فَيُقْتَلُ وَيُقْتَصُّ مِمَّنْ جَرَحَ، أَوْ قَطَعَ وَيُؤَدَّبُ مَنْ لَمْ يَجْرَحْ فَإِنْ لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ بِأَنْ تَسَاوَتْ، أَوْ لَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَيْ قُتِلَ الْجَمِيعُ إنْ مَاتَ مَكَانَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ
(وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ) حَالَ الْقَتْلِ كَعَبْدَيْنِ، أَوْ كَافِرَيْنِ قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ (بِزَوَالِهَا) أَيْ الْمُسَاوَاةِ (بِعِتْقٍ، أَوْ إسْلَامٍ) لِلْقَاتِلِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ إذَا حَصَلَ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَمِثْلُ الْقَتْلِ الْجِرَاحُ (وَضَمِنَ) الْجَانِي عِنْدَ زَوَالِ الْمُسَاوَاةِ، أَوْ عَدَمِهَا فِي خَطَإٍ، أَوْ عَمْدٍ فِيهِ مَالٌ (وَقْتَ الْإِصَابَةِ) فِي الْجُرْحِ لَا وَقْتَ الرَّمْيِ (و) وَقْتَ (الْمَوْتِ) فِي النَّفْسِ لَا وَقْتَ السَّبَب مِنْ رَمْيٍ، أَوْ جُرْحٍ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ الْمُعْتَبَرُ وَقْتُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَحُمِلَتْ السَّفِينَتَانِ عِنْدَ الْجَهْلِ عَلَى الْعَجْزِ. (قَوْلُهُ: إلَّا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ تَصَادُمُهُمَا لِكَخَوْفِ غَرَقٍ (قَوْلُهُ: بَلْ خَطَأً) أَيْ بَلْ حَصَلَ التَّصَادُمُ خَطَأً مِنْهُمَا فَدِيَةُ كُلٍّ إلَخْ وَبَقِيَ مَا إذَا تَعَمَّدَ أَحَدُهُمَا التَّصَادُمَ وَأَخْطَأَ الْآخَرُ فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا وَكَانَ ذَلِكَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمُتَعَمِّدُ، فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ، وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ هُوَ الْمُخْطِئُ اُقْتُصَّ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ، وَإِنْ مَاتَا مَعًا فَقَالَ الْبِسَاطِيُّ دِيَةُ الْمُخْطِئِ فِي مَالِ الْمُتَعَمِّدِ وَدِيَةُ الْمُتَعَمِّدِ عَلَى عَاقِلَةِ الْمُخْطِئِ وَلَا يُقَالُ الْمُتَعَمِّدُ دَمُهُ هَدَرٌ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ عَاقِلَةَ الْمُخْطِئِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا يَكُونُ دَمُهُ هَدَرًا إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَ الْمُخْطِئِ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ فِعْلِهِمَا مَعًا، أَوْ مِنْ فِعْلِ الْمُخْطِئِ وَحْدَهُ، أَوْ مِنْ الْمُتَعَمِّدِ وَحْدَهُ لَا يُقَالُ مَنْ صَالَ عَلَى شَخْصٍ قَاصِدًا قَتْلَهُ وَعَلِمَ الْمَصُولُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ فَقَتَلَهُ كَانَ دَمُهُ هَدَرًا لَا شَيْءَ فِيهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ قَاصِدَ الْمُصَادَمَةِ دَمُهُ هَدَرٌ لَا يَلْزَمُ عَاقِلَةَ الْمُخْطِئِ دِيَتُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ قَاصِدُ الْمُصَادَمَةِ لَمْ يَقْصِدْ الْقَتْلَ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهَا الْقَتْلُ فَفَرْقٌ بَيْنَهُمَا.
(تَنْبِيهٌ)
مِنْ الْخَطَإِ عَلَى الظَّاهِرِ أَنْ يَزْلِقَ إنْسَانُ فَيَمْسِكُ آخَرَ، ثُمَّ هُوَ يَمْسِكُ ثَانِيًا، وَهَكَذَا فَيَقَعُ الْجَمِيعُ وَيَمُوتُونَ، فَالْأَوَّلُ هَدَرٌ وَدِيَةُ الثَّانِي عَلَى عَاقِلَةِ الْأَوَّلِ وَدِيَةُ الثَّالِثِ عَلَيْهِمَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا خَصَّ الْفَرَسَ) أَيْ بِالذِّكْرِ مَعَ أَنَّ مِثْلَهَا كُلُّ مَا تَلِفَ بِسَبَبِ التَّصَادُمِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّصَادُمَ إلَخْ) كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَزِيدَ، وَالْغَالِبُ أَنَّ الَّذِي يَتْلَفُ عِنْدَ الْمُصَادَمَةِ هُوَ الْمَرْكُوبُ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ تَصَادَمَا) أَيْ الْعَبْدُ وَالْحُرُّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَمَاتَا فَفِيهِمَا مَا ذُكِرَ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ زَادَتْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ لِلضَّرْبِ مَعًا) أَيْ كَانَ ضَرْبُهُمْ مَعًا، أَوْ مُرَتَّبًا (قَوْلُهُ: فَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ) هَذَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ الضَّرَبَاتُ بَلْ وَلَوْ تَمَيَّزَتْ وَكَانَ بَعْضُهَا أَقْوَى (قَوْله بَلْ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْ أَحَدِهِمْ ضَرْبٌ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ، وَإِنَّمَا هُوَ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ؛ إذْ مَعَ التَّمَالُؤِ عَلَى الْقَتْلِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَحْصُلَ مُبَاشَرَةٌ مِنْ الْجَمِيعِ، أَوْ لَا تَحْصُلُ إلَّا مِنْ وَاحِدٍ وَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ قَوْلَهُ، وَإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ وَقَالَ مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ وَفِي الْمُمَالَأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ كَانَ، أَوْلَى.
(قَوْلُهُ: فَمَاتَ) أَيْ فَضَرَبُوهُ فَمَاتَ (قَوْلُهُ قُدِّمَ الْأَقْوَى فِعْلًا) أَيْ، وَهُوَ مَنْ مَاتَ مِنْ فِعْلِهِ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِعْلُهُ أَشَدَّ مِنْ فِعْلِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) أَيْ بِأَنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، أَوْ رَفَعَ مَغْمُورًا وَاسْتَمَرَّ مُدَّةً وَمَاتَ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَوَاحِدٌ إلَخْ أَيْ، وَإِلَّا يَمُتْ مَكَانَهُ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا بِأَنْ رَفَعَ حَيًّا غَيْرَ مَغْمُورٍ وَلَا مَنْفُوذِ الْمَقَاتِلِ فَيُقْتَلُ وَاحِدٌ بِقَسَامَةٍ، وَهَذَا مَا فِي النَّوَادِرِ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ إذَا لَمْ يُعْلَمْ الْأَقْوَى سَقَطَ الْقِصَاصُ سَوَاءٌ مَاتَ مَكَانَهُ، أَوْ رَفَعَ حَيًّا غَيْرَ مَغْمُورٍ وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ الْقَتْلُ) أَيْ لَا يَسْقُطُ تَرَتُّبُ الْقَتْلِ الْكَائِنِ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الْقَتْلِ بِالْجُرْحِ) أَيْ فَلَا يَسْقُطُ تَرَتُّبُهُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِذَا قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ حُرٍّ مُسْلِمٍ مُمَاثِلٍ لَهُ، ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ، فَالْقِصَاصُ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّ حُصُولَ الْمَانِعِ بَعْدَ تَرَتُّبِ الْحُكْمِ لَا أَثَرَ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا زَائِدَ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ حِينَ الْقَتْلِ شَرْطٌ فِي الْقِصَاصِ وَقَوْلُهُ هُنَا لَا يَسْقُطُ إلَخْ بَيَانٌ لِعَدَمِ سُقُوطِهِ بَعْدَ تَرَتُّبِهِ فَمَا هُنَا مُغَايِرٌ لِمَا مَرَّ بَلْ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ حِينَ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ وَضَمِنَ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ
السَّبَبِ فَمَنْ رَمَى عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى عَتَقَ الْعَبْدُ، أَوْ أَسْلَمَ الْكَافِرُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ وَمَنْ جَرَحَ مَنْ ذُكِرَ فَمَاتَ بَعْدَ الْعِتْقِ، أَوْ الْإِسْلَامِ فَدِيَةُ حُرٍّ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْإِصَابَةِ، أَوْ الْمَوْتِ وَقَالَ أَشْهَبُ قِيمَةُ عَبْدٍ وَدِيَةُ كَافِرٍ فَكَلَامُهُ هُنَا فِيمَا فِيهِ مَالٌ وَمَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَابِ فِي عَمْدِ فِيهِ قِصَاصٌ
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَنْ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ شَرَعَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى مَا دُونَهَا مِنْ جُرْحٍ، أَوْ قَطْعٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ كَسْرٍ، أَوْ تَعْطِيلِ مَنْفَعَةٍ وَعَبَّرَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِالْجُرْحِ فَقَالَ [دَرْسٌ](وَالْجُرْحُ) بِضَمِّ الْجِيمِ (كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ) بِأَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عُدْوَانًا (و) فِي (الْفَاعِلِ) أَيْ الْجَارِحِ مِنْ كَوْنِهِ مُكَلَّفًا غَيْرَ حَرْبِيٍّ إلَخْ (و) فِي (الْمَفْعُولِ) أَيْ الْمَجْرُوحِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا لِلتَّلَفِ، أَوْ الْإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ، أَوْ أَمَانٍ، وَالْجَرْحُ بِالْفَتْحِ الْفِعْلُ وَلَا تَصِحُّ إرَادَتُهُ هُنَا لِئَلَّا يَلْزَمَ اتِّحَادَ الْمُشَبَّهِ وَوَجْهِ الشَّبَهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ الْفَاعِلِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ لِيَتَّصِلَ بِهِ قَوْلُهُ (إلَّا نَاقِصًا) كَعَبْدٍ، أَوْ كَافِرٍ (جَرَحَ كَامِلًا) كَحُرٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ النَّاقِصِ؛ لِأَنَّهُ كَجِنَايَةِ ذِي يَدٍ شَلَّاءَ عَلَى صَحِيحَةٍ، وَإِنْ كَانَ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي النَّفْسِ كَمَا مَرَّ وَدِيَةُ الْجُرْحِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْكَافِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَحُكُومَةٌ إنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (وَإِنْ)(تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ) مَنْ جَمَاعَةٍ وَلَمْ يَمُتْ (بِلَا تَمَالُؤٍ)(فَمِنْ كُلٍّ) يُقْتَصُّ (كَفِعْلِهِ) أَيْ بِقَدْرِ فِعْلِهِ بِالْمِسَاحَةِ وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ الْعُضْوِ بِالرِّقَّةِ، وَالْغِلَظِ وَبَقِيَ النَّظَرُ فِيمَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ، فَهَلْ يَلْزَمُهُمْ دِيَةُ الْجَمِيعِ، أَوْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ، لَكِنَّ الثَّانِي بَعِيدٌ جِدًّا؛ إذْ لَوْ كَانُوا ثَلَاثَةً قَلَعَ أَحَدُهُمْ عَيْنَهُ، وَالثَّانِي قَطَعَ يَدَهُ، وَالثَّالِثُ قَطَعَ رِجْلَهُ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ لَزِمَ قَلْعُ عَيْنِ كُلِّ وَاحِدٍ وَقَطْعُ يَدِهِ وَرِجْلِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يَجْنِ إلَّا عَلَى عُضْوٍ فَقَطْ وَأَمَّا إنْ تَمَالَئُوا اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ تَمَيَّزَتْ أَمْ لَا كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُمْ إنْ تَمَالَئُوا عَلَى قَتْلِ نَفْسٍ قُتِلُوا
، ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ وَمَا لَا يُقْتَصُّ، وَالْجِرَاحُ عَشَرَةٌ اثْنَانِ يَخْتَصَّانِ بِالرَّأْسِ، وَهُمَا الْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْقَوَدِ فِي الْمُكَافَأَةِ فِي الْحَالَاتِ الثَّلَاثِ حَالَةِ الرَّمْيِ وَحَالَةِ الْإِصَابَةِ وَحَالَةِ الْمَوْتِ وَمَتَى فُقِدَ التَّكَافُؤُ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا سَقَطَ الْقِصَاصُ وَبَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ فِي الْخَطَإِ، وَالْعَمْدِ الَّذِي فِيهِ مَالٌ إذَا زَالَتْ الْمُكَافَأَةُ بَيْنَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبِ، أَوْ عُدِمَتْ قَبْلَ السَّبَبِ وَحَدَثَتْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْمُسَبَّبِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ كَانَ الْمُعْتَبَرُ فِي ضَمَانِهَا وَقْتَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ وَقْتُ الْإِصَابَةِ فِي الْجُرْحِ وَوَقْتُ التَّلَفِ فِي الْمَوْتِ وَلَا يُرَاعَى فِيهِ وَقْتُ السَّبَبِ، وَهُوَ الرَّمْيُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرَجَعَ إلَيْهِ سَحْنُونٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ (قَوْلُهُ: فَمَنْ رَمَى عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا إلَخْ) الْمُسَاوَاةُ هُنَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ حَالَةَ الرَّمْيِ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ، وَإِنَّمَا وُجِدَتْ قَبْلَ الْإِصَابَةِ، وَهِيَ الْمُسَبَّبُ وَقَوْلُهُ فَمَنْ رَمَى عَبْدًا أَيْ خَطَأً فَنَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ، أَوْ رَمَاهُ عَمْدًا فَنَشَأَ عَنْ الرَّمْيِ آمَّةٌ، أَوْ مُنَقِّلَةٌ، أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا لِكَوْنِهَا مِنْ الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِوَضَ جُرْحِ حُرٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ) أَيْ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ الْمُسَبَّبِ لَا عِوَضَ جُرْحِ كَافِرٍ وَلَا أَرْشَ الْعَبْدِ اعْتِبَارًا بِوَقْتِ السَّبَبِ كَمَا قَالَ أَشْهَبُ (قَوْلُهُ: وَمَنْ جَرَحَ مَنْ ذُكِرَ) أَيْ عَبْدًا، أَوْ كَافِرًا فَلَمْ تَصِلْ الرَّمْيَةُ إلَيْهِ حَتَّى أَسْلَمَ الْكَافِرُ وَعَتَقَ الْعَبْدُ، ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ وُصُولِ الرَّمْيَةِ إلَيْهِ، فَالْمُسَاوَاةُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ وَقْتَ السَّبَبِ، وَهُوَ الرَّمْيُ وَوُجِدَتْ بَعْدَهُ وَقَبْلَ الْمُسَبَّبِ، وَهُوَ الْمَوْتُ وَتَرَكَ الشَّارِحُ مِثْلَ مَا إذَا كَانَتْ الْمُسَاوَاةُ مَوْجُودَةً حِينَ السَّبَبِ وَزَالَتْ قَبْلَ السَّبَبِ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ جَرَحَ مُسْلِمٌ مُسْلِمًا فَارْتَدَّ الْمَجْرُوحُ وَنَزَا جُرْحُهُ فَمَاتَ فَلَا قَوَدَ فِي النَّفْسِ قَطْعًا لِمَا عَلِمْت أَنَّ شَرْطَ الْقَوَدِ وُجُودُ الْمُسَاوَاةِ حِينَ السَّبَبِ، وَالْمُسَبَّبِ مَعًا اتِّفَاقًا، وَكَذَا لَا قِصَاصَ وَلَا دِيَةَ فِي الْجُرْحِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لِاعْتِبَارِهِ وَقْتَ الْمُسَبَّبِ، وَالْمَجْرُوحُ وَقْتَهُ غَيْرُ مَعْصُومٍ فَلَا قِصَاصَ وَقَالَ أَشْهَبُ بِثُبُوتِ الدِّيَةِ فِي الْجُرْحِ لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ حِينَ السَّبَبِ
(قَوْلُهُ بِضَمِّ الْجِيمِ) أَيْ، وَهُوَ أَثَرُ فِعْلِ الْفَاعِلِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَقْصِدَ الضَّرْبَ عُدْوَانًا) أَيْ تَعَدِّيًا فَنَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ لَا لِلَّعِبِ وَلَا لِلْأَدَبِ فَيَنْشَأُ عَنْهُ جُرْحٌ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ إلَخْ) ، أَوْ غَيْرَ زَائِدِ حُرِّيَّةٍ، أَوْ إسْلَامٍ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَكُونَ مَعْصُومًا) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الْمَحَلُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَعْصُومًا (قَوْلُهُ: لِلتَّلَفِ) أَيْ مِنْ حِينِ الرَّمْيِ إلَى حِينِ التَّلَفِ، أَوْ إلَى حِينِ الْإِصَابَةِ، فَالْأَوَّلُ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَطْعِ، وَالثَّانِي بِالنِّسْبَةِ لِلْجُرْحِ حَقِيقَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ) أَيْ تَأْخِيرَ الْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ لِيَتَّصِلَ بِهِ أَيْ لِيَتَّصِلَ الْمُسْتَثْنَى بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَذَلِكَ بِأَنْ يَقُولَ، وَالْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ، وَالْمَفْعُولِ، وَالْفَاعِلِ إلَّا نَاقِصًا جُرْحٌ كَامِلًا (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَقُتِلَ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى (قَوْلُهُ: فَحُكُومَةٌ) أَيْ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ وَذِمَّةِ الْكَافِرِ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ عَلَى الْجَانِي) أَيْ فَلَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ، أَوْ الْكَافِرِ الْجَانِي إلَّا الْأَدَبُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَمُتْ) وَأَمَّا إذَا مَاتَ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَدَّمُ الْأَقْوَى فِعْلًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ قَتْلًا بِقَسَامَةٍ وَيُقْتَصُّ مِنْ غَيْرِهِ جُرْحًا مِثْلَ مَا فَعَلَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَقْوَى قُتِلَ الْجَمِيعُ كَمَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْظَرُ لِتَفَاوُتِ إلَخْ) أَيْ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ بِمِسَاحَةِ مَا جَرَحَ وَلَا يَضُرُّ كَوْنُ الْمِسَاحَةِ قَدْ تَكُونُ ثُلُثَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَنِصْفَ عُضْوِ الْجَانِي وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا لَمْ تَتَمَيَّزْ) أَيْ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُمْ لَمْ يَتَمَالَئُوا (قَوْلُهُ: دِيَةُ الْجَمِيعِ) أَيْ جَمِيعِ الْجِرَاحَاتِ (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْ كُلٍّ بِقَدْرِ الْجَمِيعِ) فَإِذَا تَعَدَّدَ الْعُضْوُ، وَالْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِأَنْ قَلَعَ وَاحِدٌ عَيْنَهُ وَوَاحِدٌ قَطَعَ رِجْلَهُ وَكَانَا مُتَمَالِئَيْنِ عَلَى قَلْعِ عَيْنِهِ وَقَطْعِ رِجْلِهِ فَإِنَّهُ تُقْلَعُ عَيْنُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَتُقْطَعُ رِجْلُهُ
وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا وَثَمَانِيَةٌ تَكُونُ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْخَدِّ، وَهِيَ الْمُنَقِّلَةُ، وَالْمُوضِحَةُ وَمَا قَبْلَهَا، وَهِيَ سِتَّةٌ وَفِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا مُنَقِّلَةَ الرَّأْسِ فَقَالَ وَاقْتَصَّ مِنْ (مُوضِحَةٍ) بِكَسْرِ الضَّادِ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ، وَهِيَ مَا (أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ) أَيْ أَظْهَرَتْهُ (و) عَظْمَ (الْجَبْهَةِ، وَالْخَدَّيْنِ) ، وَالْوَاوُ فِيهِمَا بِمَعْنَى، أَوْ فَمَا، أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ وَلَوْ أَنْفًا، أَوْ لَحْيًا أَسْفَلَ لَا يُسَمَّى مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ اقْتَصَّ مِنْ عَمْدِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ مَا لَهُ بَالٌ بَلْ (وَإِنْ) ، أَوْضَحَتْ (كَإِبْرَةٍ) أَيْ قَدْرَ مَغْرَزِهَا (و) اقْتَصَّ مِنْ (سَابِقِهَا) أَيْ الْمُوضِحَةِ أَيْ مَا يُوجَدُ قَبْلَهَا مِنْ الْجِرَاحَاتِ، وَهِيَ سِتَّةٌ ثَلَاثَةٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْجِلْدِ وَثَلَاثَةٌ بِاللَّحْمِ وَرَتَّبَهَا عَلَى حُكْمِ وُجُودِهَا الْخَارِجِيِّ فَقَالَ (مِنْ دَامِيَةٍ) ، وَهِيَ الَّتِي تُضْعِفُ الْجِلْدَ فَيَرْشَحُ مِنْهُ دَمٌ مِنْ غَيْرِ شَقِّ الْجِلْدِ (وَحَارِصَةٍ شَقَّتْ الْجِلْدَ) وَأَفْضَتْ لِلَّحْمِ (وَسِمْحَاقٍ) بِالْكَسْرِ (كَشَطَتْهُ) أَيْ الْجِلْدَ أَيْ أَزَالَتْهُ عَنْ مَحَلِّهِ وَذَكَرَ الثَّلَاثَةَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِاللَّحْمِ بِقَوْلِهِ (وَبَاضِعَةٍ شَقَّتْ اللَّحْمَ وَمُتَلَاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ) أَيْ فِي اللَّحْمِ (بِتَعَدُّدٍ) أَيْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ وَلَمْ تَقْرُبْ مِنْ الْعَظْمِ (وَمِلْطَأَةٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ) وَلَمْ تَصِلْ لَهُ (كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) فِيهَا الْقِصَاصُ بِخِلَافِ اللَّطْمَةِ كَمَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ لَا انْضِبَاطَ لَهَا وَلَا يَنْشَأُ عَنْهَا جُرْحٌ غَالِبًا بِخِلَافِ السَّوْطِ، وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا كَاللَّطْمَةِ فِي الْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَنْشَأَ عَمَّا ذُكِرَ جُرْحٌ وَأَشَارَ لِمَا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْجَسَدُ مِنْ غَيْرِهِ فَقَالَ عَاطِفًا عَلَى مُوضِحَةٍ (و) اقْتَصَّ مِنْ (جِرَاحِ الْجَسَدِ) غَيْرَ الرَّأْسِ (وَإِنْ مُنَقِّلَةً) وَيَأْتِي لَهُ تَفْسِيرُهَا وَخَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ لَهَا كَمُنَقِّلَةِ الرَّأْسِ وَيُعْتَبَرُ (بِالْمِسَاحَةِ) فَيُقَاسُ الْجُرْحُ طُولًا وَعَرْضًا وَعُمْقًا فَقَدْ يَكُونُ نِصْفَ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَجُلَّ عُضْوِ الْجَانِي، أَوْ كُلَّهُ وَبِالْعَكْسِ، وَهَذَا (إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ جُرْحِ عُضْوٍ أَيْمَنَ فِي أَيْسَرَ وَلَا عَكْسُهُ وَلَا تُقْطَعُ سَبَّابَةٌ مَثَلًا بِإِبْهَامٍ وَلَوْ كَانَ عُضْوُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ طَوِيلًا وَعُضْوُ الْجَانِي قَصِيرًا فَلَا يَكْمُلُ بَقِيَّةَ الْجُرْحِ مِنْ عُضْوِهِ الثَّانِي وَشَبَّهَ فِي الْقِصَاصِ قَوْلَهُ (كَطَبِيبٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَإِذَا اتَّحَدَ الْعُضْوُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا إذَا تَمَالَأَ جَمَاعَةٌ عَلَى قَطْعِ شَخْصٍ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ كُلُّ وَاحِدٍ
(قَوْلُهُ وَلَا قِصَاصَ فِيهِمَا) أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: وَمَا قَبْلَهَا) أَيْ فِي الْوُجُودِ وَقَوْلُهُ، وَهِيَ سِتَّةٌ أَيْ، وَهِيَ الدَّامِيَةُ، وَالْحَارِصَةُ وَالسِّمْحَاقُ، وَالْبَاضِعَةُ، وَالْمُتَلَاحِمَةُ وَالْمِلْطَأَةُ بِالْهَمْزَةِ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَفِيهَا الْقِصَاصُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ، أَوْ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ، أَوْضَحَتْ صِلَةُ مَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ خَبَرٌ عَنْ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ لَا أَنَّهُ صِفَةٌ لِمُوضِحَةٍ لِئَلَّا يُوهِمَ التَّخْصِيصُ بِهَذِهِ الْأَمَاكِنِ الثَّلَاثَةِ وَأَنَّ غَيْرَهَا يُسَمَّى مُوضِحَةً، لَكِنْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْبِسَاطِيُّ إنَّمَا يَظْهَرُ تَعْرِيفُ الْمُوضِحَةِ بِمَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الدِّيَةِ وَأَمَّا بِاعْتِبَارِ الْقِصَاصِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا مِنْ مُوضِحَةِ الْخَدِّ، وَاللَّحْيِ الْأَسْفَلِ فَمِنْ حَقِّهِ أَنْ لَا يَذْكُرَ تَفْسِيرَهَا هُنَا؛ إذْ لَيْسَ شَرْطًا فِي الْقِصَاصِ بَلْ يَقُولُ، أَوْضَحْت الْعَظْمَ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ تَفْسِيرُهَا بِمَا ذُكِرَ فِي الدِّيَات وَأَجَابَ الشَّارِحُ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ مَا، أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ لَيْسَ مُوضِحَةً عِنْدَ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَ يُسَمَّى عِنْدَ اللُّغَوِيِّينَ؛ لِأَنَّهَا عِنْدَهُمْ مَا أَوْضَحَ الْعَظْمَ مُطْلَقًا فَتَفْسِيرُ الْمُصَنِّفِ هُنَا إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ مَعْنَاهَا فِي الِاصْطِلَاحِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا الْقِصَاصُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْ عَمْدِهِ) أَيْ مِنْ عَمْدِ مَا أَوْضَحَ عَظْمَ غَيْرِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْمُوضِحَةِ) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقِصَاصِ فِي الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: قَدْرَ مَغْرَزِهَا) أَيْ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ، أَوْ غَيْرِهَا، وَكَذَا كُلُّ جُرْحٍ كَانَ مِمَّا يُقْتَصُّ فِيهِ، أَوْ تَتَعَيَّنُ فِيهِ الدِّيَةُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لَهُ بَالٌ بَلْ، وَإِنْ كَانَ قَدْرَ مَغْرَزٍ إبْرَة (قَوْلُهُ: وَسَابِقِهَا) أَيْ السَّابِقِ عَلَيْهَا فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: وَحَارِصَةٍ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ فَأَلِفٍ فَرَاءٍ فَصَادٍ مُهْمَلَتَيْنِ وَقَوْلُهُ شَقَّتْ الْجِلْدَ صِلَةٌ لِمَوْصُولٍ مَحْذُوفٍ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهِيَ الَّتِي شَقَّتْ الْجِلْدَ أَيْ قَطَعَتْهُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَيْ فِي عِدَّةِ مَوَاضِعَ) أَيْ بِأَنْ أَخَذَتْ فِيهِ يَمِينًا وَشِمَالًا (قَوْلُهُ: قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ لَهُ) .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْمِلْطَأَةَ هِيَ الَّتِي أَزَالَتْ اللَّحْمَ وَقَرُبَتْ لِلْعَظْمِ وَلَمْ تَصِلْ إلَيْهِ بَلْ بَقِيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا سِتْرٌ رَقِيقٌ فَإِنْ أَزَالَتْ ذَلِكَ السِّتْرَ وَوَصَلَتْ لِلْعَظْمِ كَانَتْ مُوضِحَةً (قَوْلُهُ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ) تَشْبِيهٌ بِقَوْلِهِ وَاقْتَصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَالضَّرْبُ بِالْعَصَا كَاللَّطْمَةِ) أَيْ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ وَذَلِكَ لِخَطَرِهَا وَعَدَمِ انْضِبَاطِهَا فَرُبَّمَا زَادَتْ عَلَى الْأُولَى بِخِلَافِ السَّوْطِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَنْشَأَ عَمَّا ذُكِرَ) أَيْ فِي اللَّطْمَةِ، وَالضَّرْبِ بِالْعَصَا جُرْحٌ فَإِنْ نَشَأَ عَنْهُ جُرْحٌ، فَالْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: وَاقْتُصَّ مِنْ جِرَاحِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَجِرَاحِ الْجَسَدِ عَطْفٌ عَلَى مُوضِحَةٍ (قَوْلُهُ: غَيْرِ الرَّأْسِ) أَيْ وَأَمَّا جِرَاحُ الرَّأْسِ فَقَدْ سَبَقَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَإِنْ مُنَقِّلَةً) صَوَابُهُ، وَإِنْ هَاشِمَةً فَقَدْ قَالَ مَالِكٌ الْأَمْرُ الْمُجْمَعُ عَلَيْهِ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِي الرَّأْسِ، وَالْوَجْهِ اُنْظُرْ الْمَوَّاقَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ بِالْمِسَاحَةِ) أَيْ وَيُعْتَبَرُ الْقِصَاصُ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ، وَهِيَ جِرَاحَاتُ الرَّأْسِ الْمَذْكُورَةِ، وَالْجَسَدِ بِالْمُسَامِحَةِ بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ وَاعْتِبَارُ الْقِصَاصِ بِالْمِسَاحَةِ إنَّمَا يَكُونُ إنْ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، وَهَذَا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَمْ يَحْصُلْ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ وَأَمَّا إذَا حَصَلَ بِهِ إزَالَةُ عُضْوٍ فَلَا يُنْظَرُ لِلْمِسَاحَةِ بَلْ يُقْطَعُ الْعُضْوُ الصَّغِيرُ بِالْكَبِيرِ الْمُمَاثِلِ لَهُ وَعَكْسُهُ (قَوْلُهُ: فَلَا يُكْمِلُ بَقِيَّةَ الْجُرْحِ مِنْ عُضْوِهِ الثَّانِي)
الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي (زَادَ) عَلَى الْمِسَاحَةِ الْمَطْلُوبَةِ (عَمْدًا) فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا زَادَهُ فَلَوْ نَقَصَ وَلَوْ عَمْدًا فَلَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا فَإِنْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّبِيبِ إذَا لَمْ يَزِدْ عَمْدًا (وَإِلَّا) يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ، أَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ الطَّبِيبُ الزِّيَادَةَ بَلْ أَخْطَأَ (فَالْعَقْلُ) عَلَى الْجَانِي وَسَقَطَ الْقِصَاصُ فَإِنْ كَانَ عَمْدًا، أَوْ دُونَ الثُّلُثِ فَفِي مَالِهِ، وَإِلَّا فَعَلَى الْعَاقِلَةِ (كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ) جَنَى عَلَيْهَا فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا (بِصَحِيحَةٍ) أَيْ مِنْ ذِي صَحِيحَةٍ جَنَى عَلَيْهَا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ جَنَى صَاحِبُ الشَّلَّاءِ عَادِمَةِ النَّفْعِ عَلَى الصَّحِيحَةِ فَلَا قِصَاصَ وَيَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى كَذِي شَلَّاءَ عَدِمَتْ النَّفْعَ جَنَى عَلَى صَحِيحَةٍ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْهَا بِالصَّحِيحَةِ وَبِالْعَكْسِ، وَالْمُرَادُ وَاحِدٌ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ صَاحِبُ الصَّحِيحَةِ بِقَطْعِ الشَّلَّاءِ الْمَذْكُورَةِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ عَدِمَتْ النَّفْعَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فِيهَا نَفْعٌ لَكَانَتْ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَعَيْنِ أَعْمَى) أَيْ حَدَقَتِهِ جَنَى عَلَيْهَا ذُو سَالِمَةٍ بِأَنْ قَلَعَهَا فَإِنَّ السَّالِمَةَ لَا تُؤْخَذُ بِهَا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ بَلْ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ بِالِاجْتِهَادِ وَفِي الْعَكْسِ الدِّيَةُ (وَلِسَانِ أَبْكَمَ) لَا يُقْطَعُ بِنَاطِقٍ وَلَا عَكْسِهِ وَفِي قَطْعِ النَّاطِقِ الدِّيَةُ وَفِي عَكْسَهُ الْحُكُومَةُ وَعَطَفَ عَلَى مَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ وَيَنْتَفِي فِيهِ الْقِصَاصُ قَوْلَهُ (وَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ) لَا قِصَاصَ فِيهِ وَيَتَعَيَّنُ فِيهِ الْعَقْلُ إنْ بَرِئَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمَتَالِفِ وَبَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ (مِنْ مُنَقِّلَةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ مُشَدَّدَةً فِي الرَّأْسِ، وَهِيَ الَّتِي (طَارَ) أَيْ زَالَ (فِرَاشُ الْعَظْمِ) بِفَتْحِ الْفَاءِ وَكَسْرِهَا أَيْ الْعَظْمُ الرَّقِيقُ كَقِشْرِ الْبَصَلِ أَيْ يُزِيلُهُ الطَّبِيبُ (مِنْ) أَجْلِ (الدَّوَاءِ) لِتَلْتَئِمَ الْجِرَاحُ، فَالْمُرَادُ أَنَّ الْمُنَقِّلَةَ هِيَ الَّتِي أَطَارَ أَيْ أَزَالَ الطَّبِيبُ وَنَقَلَ صِغَارَ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ أَيْ مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ (وَآمَّةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَمْدُودَةٍ، وَهِيَ مَا (أَفْضَتْ لِلدِّمَاغِ) أَيْ الْمُخِّ أَيْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَأُمُّ الدِّمَاغِ جِلْدَةٌ رَقِيقَةٌ مَفْرُوشَةٌ عَلَى الدِّمَاغِ مَتَى انْكَشَفَتْ عَنْهُ مَاتَ (وَدَامِغَةٍ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ (خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ) أَيْ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَنْكَشِفْ بَلْ بِنَحْوِ قَدْرِ مَغْرَزِ إبْرَةٍ، وَإِلَّا مَاتَ فَمَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ (وَلَطْمَةٍ) أَيْ ضَرْبَةٍ عَلَى الْخَدِّ بِبَاطِنِ الْكَفِّ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَا عَقْلَ أَيْضًا، وَإِنَّمَا فِي عَمْدِهَا الْأَدَبُ فَقَطْ، وَهَذَا مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا جُرْحٌ، أَوْ ذَهَابُ مَنْفَعَةٍ، وَإِلَّا اُقْتُصَّ مِنْهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي وَفِي نُسْخَةٍ كَلَطْمَةٍ بِكَافِ التَّشْبِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ بَلْ تَسْقُطُ تِلْكَ الْبَقِيَّةُ قِصَاصًا وَعَقْلًا (قَوْلُهُ: الْمُرَادُ بِهِ مَنْ بَاشَرَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي) أَيْ وَأَمَّا الطَّبِيبُ بِمَعْنَى الْمُدَاوِي فَسَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الشُّرْبِ بِقَوْلِهِ كَطَبِيبٍ جَهِلَ، أَوْ قَصَّرَ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُبَاشِرُ لِلْقِصَاصِ طَبِيبًا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الطِّبِّ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا زَادَ) أَنْ يُقَدِّرَ مَسَّاحَةَ مَا زَادَ (قَوْلُهُ فَلَا نَقْصَ) أَيْ أَنَّ الْمِسَاحَةَ الْمَطْلُوبَةَ وَقَوْلُهُ فَلَا يُقْتَصُّ ثَانِيًا أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ فَإِنْ مَاتَ الْمُقْتَصُّ مِنْهُ أَيْ الَّذِي زَادَ الطَّبِيبُ فِي جُرْحِهِ عَنْ الْجِنَايَةِ وَقَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الطَّبِيبِ أَيْ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَقَوْلُهُ إذَا لَمْ يَزِدْ عَمْدًا أَيْ بَلْ زَادَ خَطَأً فَإِنْ كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا يَتَّحِدْ الْمَحَلُّ) أَيْ مَحَلُّ الْجِنَايَةِ وَمَحَلُّ الْقِصَاصِ أَعْنِي عُضْوَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَعُضْوَ الْجَانِي بَلْ اخْتَلَفَا بِأَنْ قَطَعَ ذُو يَمِينٍ فَقَطْ ذَا يُسْرَى (قَوْلُهُ: بَلْ أَخْطَأَ) أَيْ بَلْ زَادَ خَطَأً (قَوْلُهُ، فَالْعَقْلُ عَلَى الْجَانِي وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) فَلَا تُقْطَعُ يُمْنَى بِيُسْرَى حَيْثُ كَانَ لَا يُسْرَى لِلْجَانِي وَلَا وُسْطَى بِسَبَّابَةٍ حَيْثُ كَانَ لَا سَبَّابَةَ لَهُ، وَهَكَذَا لِعَدَمِ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ عَمْدًا) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْجُرْحُ عَمْدًا أَيْ، وَالْفَرْضُ عَدَمُ اتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ دُونَ الثُّلُثِ أَيْ، أَوْ كَانَ خَطَأً وَكَانَ عَقْلُهُ دُونَ ثُلُثِ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَقَوْلُهُ فَفِي مَالِهِ أَيْ، فَالْعَقْلُ فِي مَالِهِ وَأَمَّا إذَا زَادَ الطَّبِيبُ خَطَأً وَمَاتَ الْجَانِي فَعَقْلُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: كَذِي شَلَّاءَ) تَشْبِيهٌ فِي لُزُومِ الْعَقْلِ دِيَةً، أَوْ حُكُومَةً وَعُدِمَ الْقِصَاصُ (قَوْلُهُ: عَدِمَتْ النَّفْعَ) إسْنَادُ عَدَمِ النَّفْعِ لِلْيَدِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ؛ لِأَنَّ الَّذِي يَعْدَمُ النَّفْعَ صَاحِبُهَا فَحَقُّ الْكَلَامِ إنْ عَدِمَ صَاحِبُهَا النَّفْعَ بِهَا فَحَوَّلَ الْإِسْنَادَ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا) أَيْ عَقْلُ الشَّلَّاءِ، وَهُوَ حُكُومَةٌ مِنْ ذِي الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قِصَاصَ) أَيْ فَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الشَّلَّاءِ لِلصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ الْعَقْلُ) أَيْ عَقْلُ الصَّحِيحَةِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) حَاصِلُ هَذَا الِاحْتِمَالِ جَعَلَ الْبَاءَ فِي قَوْلِهِ بِصَحِيحَةٍ بِمَعْنَى عَلَى.
وَحَاصِلُ الْأَوَّلِ جَعَلَهَا بِمَعْنَى مِنْ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُقْتَصُّ مِنْ الشَّلَّاءِ بِالصَّحِيحَةِ وَلَوْ رَضِيَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ شَاسٍ (قَوْلُهُ: لَكَانَتْ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْجِنَايَةِ لَهَا وَعَلَيْهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَتُقْطَعُ بِالصَّحِيحَةِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ شَاسٍ، لَكِنَّهُ تَعَقَّبَهُ بَعْدَهُ بِنَقْلِهِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِالرِّضَا فَانْظُرْهُ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَفِي الْعَكْسِ) أَيْ، وَهُوَ مَا إذَا جَنَى أَعْمَى عَلَى ذِي عَيْنٍ سَالِمَةٍ فَقَلَعَهَا (قَوْلُهُ: هِيَ الَّتِي) أَيْ الْجِرَاحَاتُ الَّتِي طَارَ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: مَا شَأْنُهَا ذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْلٌ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ: وَآمَّةٌ) هِيَ الَّتِي تَلِي الْمُنَقِّلَةَ فِي الْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ (قَوْلُهُ: وَهِيَ مَا) أَيْ، وَهِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَفْضَتْ أَيْ وَصَلَتْ لِلدِّمَاغِ وَقَوْلُهُ أَيْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفُ مُضَافٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الْجِرَاحَةُ الَّتِي أَفْضَتْ أَيْ وَصَلَتْ لِأُمِّ الدِّمَاغِ وَلَوْ بِمَغْرَزِ إبْرَةٍ وَلَمْ تَخْرِقْهَا، وَإِلَّا كَانَتْ دَامِغَةً كَمَا قَالَ بَعْدُ (قَوْلُهُ: خَرِيطَتَهُ) هِيَ الْمُعَبَّرُ عَنْهَا سَابِقًا بِأُمِّ الدِّمَاغِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا مَاتَ) أَيْ، وَإِلَّا، فَالْمَوْتُ يَكُونُ يَكْشِفُهَا عَنْهُ بِالْمَرَّةِ وَأَمَّا خَرْقُهَا فَلَا يُوجِبُ الْمَوْتَ (قَوْلُهُ: لَا قِصَاصَ فِيهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهَا جُرْحٌ) أَيْ فَإِنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا جُرْحٌ اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْجُرْحِ بِدُونِ ضَرْبٍ وَأَمَّا
أَيْ فِي عَدَمِ الْقِصَاصِ، وَهِيَ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ يُوهِمُ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ بَيَانِ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ (وَشُفْرِ عَيْنٍ) لَا قِصَاصَ فِيهِ، وَهُوَ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ الْهُدْبُ النَّابِتُ بِأَطْرَافِ الْجَفْنِ (وَحَاجِبٍ وَلِحْيَةٍ) لَا قِصَاصَ عَلَى مَنْ نَتَفَهُ، أَوْ حَلَقَهُ (وَعَمْدُهُ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ (كَالْخَطَإِ إلَّا فِي الْأَدَبِ) فَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَجِرَاح الْجَسَدِ قَوْلَهُ (وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ الْخَوْفُ، أَوْ الْإِشْرَافُ عَلَى الْهَلَاكِ (فِي غَيْرِهَا) أَيْ غَيْرِ الْجِرَاحِ الَّتِي بَعْدَ الْمُوضِحَةِ أَيْ جِرَاحِ الْجَسَدِ غَيْرَ مَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ فِيهَا الْقِصَاصُ إلَّا أَنْ يَعْظُمَ فِيهَا الْخَطَرُ فَلَا قِصَاصَ وَلَوْ تَرَكَ الْوَاوَ لَكَانَ، أَوْلَى؛ لِأَنَّ إثْبَاتَهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الِاسْتِثْنَاءِ قَبْلَهُ، وَهُوَ لَيْسَ بِصَحِيحٍ (كَعَظْمِ الصَّدْرِ) أَيْ كَسْرِهِ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَكَذَا عَظْمُ الصُّلْبِ، أَوْ الْعُنُقِ وَيَجِبُ فِيهَا الْعَقْلُ كَامِلًا (وَفِيهَا: أَخَافُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ) الْجَانِي لَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا، أَوْ إنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ كَامِلًا وَمَفْهُومُ رَضِّ أَنَّ فِي قَطْعِهِمَا، أَوْ جُرْحِهِمَا الْقِصَاصَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْمَتَالِفِ وَضَمِيرُ أَخَافُ لِلْإِمَامِ، أَوْ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ) مِنْ الْمَعَانِي كَسَمْعٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَكَلَامٍ (بِجُرْحٍ) أَيْ بِسَبَبِ جُرْحٍ مِنْ شَخْصٍ عَمْدًا لِآخَرَ فِيهِ قِصَاصٌ كَالْمُوضِحَةِ (اقْتَصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَانِي بِمِثْلِهِ (فَإِنْ حَصَلَ) لِلْجَانِي مِثْلُ الذَّاهِبِ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ زَادَ) بِأَنْ ذَهَبَ شَيْءٌ آخَرُ مَعَ الذَّاهِبِ، فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ (وَإِلَّا) يَحْصُلْ مِثْلُ الذَّاهِبِ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ، أَوْ حَصَلَ غَيْرُهُ (فِدْيَةُ مَا لَمْ يَذْهَبْ) حَقُّهُ فِدْيَةُ مَا ذَهَبَ فِي مَالِهِ، أَوْ هُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فِدْيَةُ مُمَاثِلِ مَا لَمْ يَذْهَبْ (وَإِنْ ذَهَبَ) الْبَصَرُ وَنَحْوُهُ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ كَلَطْمَةٍ، أَوْ ضَرْبَةٍ بِقَضِيبٍ (وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ) لَمْ تَنْخَسِفْ (فَإِنْ اُسْتُطِيعَ) أَيْ أَمْكَنَ (كَذَلِكَ) أَيْ؛ إذْهَابُ بَصَرِهِ بِحِيلَةٍ مِنْ الْحِيَلِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إذَا تَرَتَّبَ عَلَيْهَا ذَهَابُ مَعْنًى فَإِنْ أَمْكَنَ ذَهَابُ ذَلِكَ الْمَعْنَى مِنْ الْجَانِي بِحِيلَةٍ بِدُونِ ضَرْبٍ فَعَلَ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ إلَخْ (قَوْلُهُ: الْهُدْبُ) أَيْ الشَّعْرُ النَّابِتُ بِأَطْرَافِ الْجَفْنِ مِنْ فَوْقَ وَأَسْفَلَ بِغَيْرِ جِلْدٍ وَلَا لَحْمٍ (قَوْلُهُ: مِمَّا لَا قِصَاصَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ عَقْلٌ، وَهُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ وَمَا ذَكَرَهُ بَعْدَهُ إلَى الدَّامِغَةِ، أَوْ كَانَ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَهُوَ فَقْءُ صَحِيحِ الْعَيْنِ عَيْنَ الْأَعْمَى وَقَطْعُ نَاطِقِ اللِّسَانِ لِسَانَ الْأَبْكَمِ، أَوْ كَانَ لَا عَقْلَ فِيهِ وَلَا حُكُومَةَ كَاللَّطْمَةِ وَنَتْفِ هُدْبِ الْعَيْنِ، أَوْ الْحَاجِبِ، أَوْ اللِّحْيَةِ، أَوْ حَلْقِ ذَلِكَ إنْ عَادَ ذَلِكَ لِمَا كَانَ، وَإِلَّا كَانَ فِيهِ الْحُكُومَةُ.
(قَوْلُهُ: فَيَجِبُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ وَكَمَا يَجِبُ الْأَدَبُ فِي عَمْدِ مَا لَا قِصَاصَ فِيهِ يَجِبُ الْأَدَبُ أَيْضًا فِي عَمْدِ مَا فِيهِ الْقِصَاصُ فَتُقْطَعُ يَدُ الْجَانِي مَثَلًا وَيُؤَدَّبُ كَمَا فِي ح (قَوْلُهُ: وَإِلَّا أَنْ يَعْظُمَ) النُّسْخَةُ الَّتِي حَلَّ عَلَيْهَا خش وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ قَالَ، وَهَذَا تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: لَكَانَ، أَوْلَى) لَا يُقَالُ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ أَنَّ إلَّا فِيهِ شَرْطِيَّةٌ، وَإِلَّا هُنَا اسْتِثْنَائِيَّةٌ وَلَا تُعْطَفُ الْجُمْلَةُ الِاسْتِثْنَائِيَّة عَلَى الشَّرْطِيَّةِ (قَوْلُهُ كَعَظْمِ الصَّدْرِ) تَمْثِيلٌ لِمَا قَبْلَهُ، أَوْ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِمَا قَبْلَهُ فِي وُجُوبِ الْعَقْلِ وَعَدَمِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ فِي رَضِّ الْأُنْثَيَيْنِ) أَيْ كَسْرِ الْأُنْثَيَيْنِ، أَوْ إحْدَاهُمَا (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُفْعَلُ ذَلِكَ بِالْجَانِي، وَإِنَّمَا فِيهِ الْعَقْلُ (قَوْلُهُ: إنَّ فِي قَطْعِهِمَا، أَوْ جَرْحِهِمَا الْقِصَاصَ) هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِظَاهِرِ الرِّسَالَةِ مَنْ جَعَلَ ذَلِكَ كَرَضِّهِمَا (قَوْلُهُ: لِلْإِمَامِ إلَخْ) يَتَعَيَّنُ أَنَّ فَاعِلَ أَخَافَ ابْنُ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي فِي التَّهْذِيبِ لَا مَالِكٌ خِلَافًا لِتَجْوِيزِ الشَّارِحِ ذَلِكَ أَيْضًا اُنْظُرْ تت (قَوْلُهُ: وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ) الْكَافُ اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلِ فَاعِلُ ذَهَبَ أَيْ إنْ ذَهَبَ مِثْلُ بَصَرٍ أَيْ إنْ ذَهَبَ بَصَرٌ وَمَا مَاثَلَهُ مِنْ الْمَعَانِي كَسَمْعٍ وَشَمٍّ وَذَوْقٍ وَلَمْسٍ وَكَلَامٍ وَمِثْلُ ذَلِكَ قُوَّةُ الْيَدِ، وَالرِّجْلِ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ كَالْمُوضِحَةِ) أَيْ كَمَا لَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا فَأَوْضَحَهُ فَذَهَبَ بِذَلِكَ سَمْعُهُ، أَوْ عَقْلُهُ، أَوْ هُمَا (قَوْلُهُ: اُقْتُصَّ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَانِي بِمِثْلِهِ أَيْ بِأَنْ يُوضَحَ بَعْدَ بُرْءِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي مِثْلُ الذَّاهِبِ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ضَمِيرَ حَصَلَ عَائِدٌ عَلَى الذَّاهِبِ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَأَمَّا ضَمِيرُ زَائِد، فَهُوَ عَائِدٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ (قَوْلُهُ: بِأَنْ ذَهَبَ شَيْءٌ آخَرُ مَعَ الذَّاهِبِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الذَّاهِبِ، أَوْ مِنْ جِنْسِهِ كَمَا لَوْ ذَهَبَ بِإِيضَاحِهِ لَهُ السَّمْعُ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ بَصَرُهُ زِيَادَةً عَلَى سَمْعِهِ، أَوْ ذَهَبَ بِإِيضَاحِهِ بَعْضُ سَمْعِهِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَذَهَبَ سَمْعُهُ بِالْمَرَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ شَيْءٌ) أَيْ، أَوْ حَصَلَ بَعْضُ الذَّاهِبِ، أَوْ حَصَلَ غَيْرُهُ أَيْ كَمَا لَوْ ذَهَبَ بِإِيضَاحِهِ سَمْعُهُ بِالْمَرَّةِ فَاقْتُصَّ مِنْهُ فَلَمْ يَذْهَبْ لَهُ شَيْءٌ، أَوْ ذَهَبَ بَعْضُ سَمْعِهِ، أَوْ ذَهَبَ بَصَرُهُ فَقَطْ (قَوْلُهُ حَقُّهُ فَدِيَةُ مَا ذَهَبَ) أَيْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهِ نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَخْذَ جَمِيعِ الدِّيَةِ، وَإِنْ حَصَلَ لِلْجَانِي بَعْضُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ اهـ بْن (قَوْلُهُ فِي مَالِهِ) أَيْ الْجَانِي هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ أَنَّهَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ فِدْيَةُ مُمَاثِلِ مَا لَمْ يَذْهَبْ) أَيْ وَمُمَاثِلُ مَا لَمْ يَذْهَبْ أَيْ نَظِيرُهُ مَا قَامَ بِالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا مَا قَامَ بِالْجَانِي؛ لِأَنَّ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ هُوَ الْقَائِمُ بِالْجَانِي.
فَإِنْ قُلْت مَا الْمَانِعُ مِنْ بَقَاءِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهِ وَيُرَادُ بِمَا لَمْ يَذْهَبْ مِنْ الْجَانِي.
قُلْت الْمَانِعُ اقْتِضَاؤُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَانِي امْرَأَةً عَلَى رَجُلٍ فَذَهَبَ بَصَرُ أَحَدِ عَيْنَيْهِ فَاقْتُصَّ مِنْهَا فَلَمْ يَذْهَبْ بَصَرُ عَيْنِهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ دِيَةُ عَيْنِهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ إذْ دِيَةُ عَيْنِهَا نِصْفُ دِيَتِهَا وَدِيَةُ عَيْنِ الرَّجُلِ نِصْفُ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَمْكَنَ كَذَلِكَ)
لَا خُصُوصِ اللَّطْمَةِ، أَوْ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّ الضَّرْبَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ، وَإِنَّمَا يُقْتَصُّ مِنْ الْجُرُوحِ كَمَا فِي الْآيَةِ فَعَلَ بِهِ مَا يُسْتَطَاعُ (وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ) مُتَعَيِّنٌ، فَالْمَسْأَلَةُ السَّابِقَةُ ذَهَبَ نَحْوُ الْبَصَرِ بِشَيْءٍ فِيهِ الْقِصَاصُ، وَهَذِهِ ذَهَبَ بِشَيْءٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ فَافْتَرَقَا وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِ الْعَيْنِ قَائِمَةً فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ذَهَبَ بِكَلَطْمَةٍ فَإِنْ اُسْتُطِيعَ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ وَلَوَفَّى بِالْمُرَادِ وَيَحْذِفُ قَوْلَهُ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَفْعَلَ بِهِ مِثْلَ الْفِعْلِ الَّذِي فَعَلَهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ (كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ) بِجُرْحٍ عَمْدًا عَلَى رَأْسِهِ مَثَلًا فَيُقْتَصُّ مِنْهُ فَإِنْ شُلَّتْ يَدُ الْجَانِي، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ (وَإِنْ)(قُطِعَتْ) بَعْدَ الْجَنَابَةِ (يَدُ قَاطِعٍ) لِيَدِ غَيْرِهِ عَمْدًا (بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ كَقَطْعِهِ يَدَ آخَرَ فَاقْتُصَّ مِنْهُ (فَلَا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) مِنْ قِصَاصٍ وَلَا دِيَةٍ كَمَوْتِ الْقَاتِلِ عَمْدًا بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ فَلَا شَيْءَ لِلْمَقْتُولِ؛ لِأَنَّ حَقَّهُ إنَّمَا تَعَلَّقَ بِالْعُضْوِ الْمَخْصُوصِ فَلَمَّا زَالَ سَقَطَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَكَذَا فِي النَّفْسِ بِخِلَافِ مَقْطُوعِ الْيَدِ قَبْلَ الْجِنَايَةِ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ (وَإِنْ)(قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ) يَدَ غَيْرِهِ (مِنْ الْمِرْفَقِ)(فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ) بِأَنْ يَقْطَعَ النَّاقِصَةَ مِنْ الْمِرْفَقِ (أَوْ الدِّيَةُ) ، وَإِنَّمَا خَيَّرَ؛ لِأَنَّ الْجَانِي لَمَّا كَانَ نَاقِصَ الْعُضْوِ لَمْ يَتَعَيَّنْ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ حَقِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَجُزْ الِانْتِقَالُ لِعُضْوٍ آخَرَ وَلَمْ تَتَعَيَّنْ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَمْدًا فَثَبَتَ الْخِيَارُ بَيْنَ الْقِصَاصِ، وَالدِّيَةِ وَلَيْسَ لَهُ الْقِصَاصُ مَعَ أَخْذِ الدِّيَةِ مُعْتَلًّا بِأَنَّ فِي السَّاعِدِ حُكُومَةً؛ إذْ لَا يُجْمَعُ بَيْنَ دِيَةٍ وَقِصَاصٍ (كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ) يَقْطَعُ ذَكَرَ غَيْرِهِ فَيُخَيَّرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بَيْنَ الْقِصَاصِ بِأَنْ يَقْطَعَ الْبَاقِي مِنْ ذَكَرِ الْجَانِي وَأَخْذِ الدِّيَةِ (وَتُقْطَعُ الْيَدُ) ، أَوْ الرِّجْلُ (النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا بِالْكَامِلَةِ بِلَا غُرْمٍ) عَلَى الْجَانِي وَلَا خِيَارَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي نَقْصِ الْأُصْبُعِ (وَخُيِّرَ إنْ نَقَصَتْ) يَدُهُ، أَوْ رِجْلُهُ (أَكْثَرَ) مِنْ أُصْبُعٍ (فِيهِ) أَيْ فِي الْقِصَاصِ (وَفِي) أَخْذِ (الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا الْجَانِي (وَإِنْ)(نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) ، أَوْ رِجْلُهُ أُصْبُعًا (فَالْقَوَدُ) عَلَى الْجَانِي الْكَامِلِ الْأَصَابِعِ (وَلَوْ) كَانَ النَّاقِصُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (إبْهَامًا) ، وَالْأَوْلَى تَقْدِيمُ الْمُبَالَغَةِ عَلَى جَوَابِ الشَّرْطِ (لَا) إنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ أَمْكَنَ أَنْ يُفْعَلَ بِهِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: لَا خُصُوصِ اللَّطْمَةِ، أَوْ الضَّرْبِ) أَيْ لَا بِخُصُوصِ مَا فَعَلَ الْجَانِي مِنْ الضَّرْبِ، أَوْ اللَّطْمَةِ وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَضِيَّةُ سَيِّدِنَا عَلِيٍّ رضي الله عنه حَيْثُ وَقَعَ فِي خِلَافَةِ عُثْمَانَ أَنَّ رَجُلًا لَطَمَ شَخْصًا فَأَذْهَبَ بَصَرَهُ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ فَأَرَادَ عُثْمَانُ أَنْ يَقْتَصَّ لَهُ مِنْهُ فَأَعْيَا ذَلِكَ عَلَيْهِ وَعَلَى النَّاسِ فَتَحَيَّلَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِإِدْنَاءِ مِرْآةٍ مُحْمَاةٍ مِنْ عَيْنِ الْجَانِي وَقِيلَ اسْتَقْبِلْ بِهَا الشَّمْسَ وَوَضَعَ كُرْسُفًا أَيْ قُطْنًا عَلَى الْحَدَقَةِ لِئَلَّا تَسِيلَ فَاخْتُطِفَ بَصَرُهُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ) أَيْ، وَإِلَّا يُسْتَطَعْ ذَلِكَ، فَالْعَقْلُ مُتَعَيَّنٌ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَا سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ إمْكَانِهِ وَيَكُونُ الْعَقْلُ فِي مَالِهِ لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا نَظَرَ) أَيْ فِي اخْتِلَافِ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِكَوْنِ الْعَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ قَائِمَةً أَيْ بِخِلَافِ الْأُولَى فَإِنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَيْنَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ قَائِمَةٌ، وَالذَّاهِبُ فِيهِمَا إنَّمَا هُوَ الْمَنْفَعَةُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ إلَخْ) قَرَّرَهُ الشَّارِحُ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ بِالْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، وَهُوَ قَوْلُهُ، وَإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ إلَخْ وَيَصِحُّ جَعْلُهُ تَشْبِيهًا بِمَا يَلِيهِ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ فِي تَعْيِينِ الْعَقْلِ وَعَلَى هَذَا فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا حَصَلَ الشَّلَلُ بِمَا لَا قِصَاصَ فِيهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ بِمَا فِيهِ قِصَاصٌ وَشَلَّتْ بِفَتْحِ الشِّينِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا بَلْ قِيلَ إنَّهُ خَطَأٌ (قَوْلُهُ: بِجُرْحٍ) أَيْ مُلْتَبِسَةٌ بِجُرْحٍ فِيهِ الْقَوَدُ كَمُوضِحَةٍ وَأَمَّا إنْ ضَرَبَهُ عَلَى رَأْسِهِ بِعَصًا فَشُلَّتْ يَدُهُ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَعَلَيْهِ دِيَةُ الْيَدِ وَلَا يُنْظَرُ لِكَوْنِ الضَّرْبِ يُمْكِنُ أَنْ يَحْصُلَ بِهِ الشَّلَلُ فَيُضْرَبُ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى يَحْصُلَ، أَوْ لَا يَحْصُلَ بِهِ الشَّلَلُ فَيُحْكَمُ بِالدِّيَةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَالْعَقْلُ) أَيْ فِي مَالِ الْجَانِي لَا عَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قَطَعَ يَدَ غَيْرِهِ عَمْدًا، ثُمَّ قُطِعَتْ يَدُ الْقَاطِعِ قَبْلَ الْقِصَاصِ مِنْهُ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ بِسَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِ هَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَا شَيْءَ لِهَذَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ الْجَانِي (قَوْلُهُ بِخِلَافِ مَقْطُوعِ الْيَدِ) أَيْ الْمُمَاثَلَةُ لِمَا قَطَعَهَا وَقَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الدِّيَةُ أَيْ لِعَدَمِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمِرْفَقِ) احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَمَّا إذَا قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ يَدَ غَيْرِهِ مِنْ الْكُوعِ فَإِنَّهُ تَتَعَيَّنُ الدِّيَةُ لِعَدَمِ مَحَلِّ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوْ الدِّيَةُ) قَالَ أَبُو عِمْرَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ، وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ حَيْثُ تَعَيَّنَتْ الدِّيَةُ عَلَى صَاحِبِهَا إذَا كَانَ جَانِيًا أَنَّ الشَّلَّاءَ كَالْمَيِّتَةِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ فِي السَّاعِدِ مَنْفَعَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَاقِي مِنْ عُضْوِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ أَخْذِ الدِّيَةِ) أَيْ مَعَ أَخْذِهِ بَاقِي دِيَةِ يَدِهِ (قَوْلُهُ: يَقْطَعُ ذَكَرَ غَيْرِهِ) أَيْ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الدِّيَةَ) أَيْ دِيَةَ ذَكَرِهِ هُوَ (قَوْلُهُ: النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا) أَيْ فَقَطْ، أَوْ أُصْبُعًا وَبَعْضَ آخَرَ سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ، أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَوْلُهُ النَّاقِصَةُ أُصْبُعًا أَيْ مِنْ الْجَانِي وَقَوْلُهُ بِالْكَامِلَةِ أَيْ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِلَا غُرْمٍ عَلَى الْجَانِي) أَيْ لِأَرْشِ الْأُصْبُعِ النَّاقِصَةِ مِنْ يَدِهِ (قَوْلُهُ: فِي نَقْصِ الْأُصْبُعِ) أَيْ بَلْ يَتَعَيَّنُ قَطْعُ النَّاقِصَةِ لِذَلِكَ بِالْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَ) أَيْ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَتْ يَدُهُ أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ) الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ أُصْبُعَانِ فَمَا فَوْقَهُمَا وَأَمَّا الْأُصْبُعُ وَبَعْضُ آخَرَ فَلَا خِيَارَ فِيهِ بَلْ يَتَعَيَّنُ قَطْعُ النَّاقِصَةِ لِذَلِكَ بِالْكَامِلَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا نَقْصٌ يَسِيرٌ لَا يَمْنَعُ الْمُمَاثَلَةَ (قَوْلُهُ: وَفِي أَخْذِ الدِّيَةِ) أَيْ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَأْخُذَ أَرْشَ النَّاقِصِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ الْمُقْتَصِّ مِنْهَا (قَوْلُهُ أَيْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا) أَيْ الْكَامِلَةِ وَقَوْلُهُ لَا الْجَانِي أَيْ لَا دِيَةِ يَدِ الْجَانِي النَّاقِصَةِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ عَلَى الْجَانِي الْكَامِلِ الْأَصَابِعِ) أَيْ وَلَا يَغْرَمُ الْمَجْنِيُّ
(أَكْثَرَ) مِنْ أُصْبُعٍ بِأَنْ نَقَصَتْ إصْبَعَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَا يُقْتَصُّ لَهَا مِنْ كَامِلَةٍ جَنَتْ، ثُمَّ إنْ كَانَ الْبَاقِي مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ فَلَهُ دِيَتُهُ وَلَا شَيْءَ لِلْكَفِّ لِانْدِرَاجِهِ فِي الْأَصَابِعِ، وَإِنْ كَانَ أُصْبُعًا فَقَطْ فَدِيَةٌ وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الْكَفُّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْحُكُومَةُ، وَإِنَّمَا خُيِّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ يَدُ الْجَانِي نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ وَتَعَيَّنَ الْعَقْلُ فِيمَا إذَا كَانَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَاقِصَةً أَكْثَرَ؛ لِأَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا اخْتَارَ الْقَوَدَ بِقَطْعِ النَّاقِصَةِ مِنْ الْجَانِي فَقَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ وَذَلِكَ لَهُ، وَإِذَا كَانَتْ يَدُهُ هِيَ النَّاقِصَةُ أَكْثَرُ وَأَرَادَ الْقِصَاصَ مِنْ الْجَانِي ذِي الْيَدِ الْكَامِلَةِ لَزِمَ أَنْ يَأْخُذَ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ (وَلَا يَجُوزُ) الْقِصَاصُ (بِكُوعٍ) أَيْ مِنْهُ (لِذِي مَرْفِقٍ) أَيْ لِمَجْنِيٍّ عَلَيْهِ مِنْ مَرْفِقٍ (وَإِنْ رَضِيَا) مَعًا بِذَلِكَ فَأَوْلَى إذَا لَمْ يَرْضَيَا فَإِنْ وَقَعَ أَجْزَأَ وَلَا يُعَادُ الْقِصَاصُ، وَإِنَّمَا مَنَعَ مَعَ أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ قَدْ رَضِيَ بِتَرْكِ بَعْضِ حَقِّهِ؛ لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45]
(وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ) مِنْ الْجَانِي (بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً) أَيْ مِنْ أَصْلِ خِلْقَتِهَا (أَوْ) ضَعِيفَةٍ، مِنْ (كِبَرٍ) لِصَاحِبِهَا (و) أَمَّا لَوْ كَانَ ضَعْفُهَا (لِجُدَرِيٍّ) بِضَمِّ الْجِيمِ (أَوْ) كَانَ (لِكَرَمْيَةٍ) أَصَابَتْهَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ سَوَاءٌ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا (فَالْقَوَدُ) رَاجِعٌ لِلْجُدَرِيِّ وَمَا بَعْدَهُ لَا لِمَا قَبْلَهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ إلَخْ؛ إذْ لَا مَعْنَى لَهُ إلَّا الْقَوَدُ، وَإِنَّمَا رَجَعْنَاهُ لِلْجُدَرِيِّ؛ لِأَنَّهُ قَرَنَهُ بِالْوَاوِ الِاسْتِئْنَافِيَّة كَمَا أَشَرْنَا لَهُ بِأَمَّا الْفَاصِلَةِ وَقَوْلُهُ (إنْ تَعَمَّدَ) الْجَانِي شَرْطٌ فِي الْقَوَدِ أَيْ تَعَمَّدَ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا مَعَ ضَعْفِهَا بِمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ تَعَمُّدِ الْجِنَايَةِ (وَإِلَّا) يَتَعَمَّدْ بَلْ كَانَ خَطَأً (فَبِحِسَابِهِ) أَيْ يُؤْخَذُ مِنْ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ مِنْ نُورِهَا فَإِنْ بَقِيَ نِصْفُ نُورِهَا بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ فَعَلَى الْمُخْطِئِ الْآنَ نِصْفُ الدِّيَةِ وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسُ،، وَهَذَا إنْ أَخَذَ لَهَا أَوَّلًا عَقْلًا، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً، كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا فَقَوْلُهُ، وَإِلَّا إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، ثُمَّ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ، فَالْقَوَدُ مَعَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ وَلَا لِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْعَمْدِ وَلَا لِقَوْلِهِ، وَإِلَّا إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا بِالشَّرْطِ الْآتِي وَرِكَّةِ الْكَلَامِ (وَإِنْ)(فَقَأَ) أَيْ قَلَعَ (سَالِمٌ) أَيْ سَالِمُ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَالِمُ الْمُمَاثِلَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (عَيْنَ أَعْوَرَ)(فَلَهُ) أَيْ لِلْأَعْوَرِ (الْقَوَدُ) بِأَخْذِ نَظِيرَتِهَا مِنْ السَّالِمِ (و) لَهُ (أَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً) ؛ لِأَنَّ عَيْنَهُ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ (مِنْ مَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مُتَعَمِّدٌ (وَإِنْ)(فَقَأَ أَعْوَرُ مِنْ سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ) أَيْ مُمَاثِلَةَ عَيْنِهِ السَّالِمَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَيْهِ النَّاقِصُ الْأَصَابِعِ لِلْجَانِي أَرْشَ أُصْبُعِهِ (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ أُصْبُعٍ) أَيْ بِأَنْ كَانَ الْبَاقِي اثْنَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً، (قَوْلُهُ: لَزِمَ أَنْ يَأْخُذَ أَزْيَدَ مِنْ حَقِّهِ) أَيْ فَيُخَالِفَ، قَوْله تَعَالَى {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} [المائدة: 45] أَيْ يُفْعَلُ بِالْجَانِي مِثْلُ مَا جَنَى مَعَ الْإِمْكَانِ.
(قَوْلُهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ مِنْ الْمِرْفَقِ بِأَخَفَّ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ يَقْطَعَ يَدَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ وَيَتْرُكَ الْبَاقِي (قَوْلُهُ: مِنْ مَرْفِقٍ) أَيْ جِنَايَةً حَاصِلَةً، مِنْ مَرْفِقٍ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعَادُ الْقِصَاصُ) أَيْ: لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْعَفْوِ يَمْنَعُ مِنْ وُقُوعِ قِصَاصٍ بَعْدَهُ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ فَإِنْ وَقَعَ أَجْزَأَ وَلَا يُعَادُ سَوَاءٌ وَقَعَ بِرِضَا الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ بِغَيْرِ رِضَاهُ وَانْظُرْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُمَاثَلَةَ مَعَ الْإِمْكَانِ حَقٌّ لِلَّهِ) أَيْ إذَا أَرَادَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عُقُوبَةَ الْجَانِي فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ مَجَّانًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعُقُوبَةَ أَصْلُهَا حَقٌّ لِمَخْلُوقٍ لِجَوَازِ الْعَفْوِ فَإِنْ أُرِيدَتْ فَتَحْدِيدُهَا حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَتَعَدَّى
(قَوْلُهُ: وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعَيْنَ السَّلِيمَةَ تُؤْخَذُ بِالْعَيْنِ الضَّعِيفَةِ سَوَاءٌ كَانَ ضَعْفُهَا خِلْقَةً، أَوْ لِكِبَرِ صَاحِبِهَا، أَوْ لِجُدَرِيٍّ، أَوْ لِرَمْيَةٍ وَنَحْوِهَا كَطَرْفَةٍ وَلَوْ أَخَذَ صَاحِبُهَا لَهَا عَقْلًا حَيْثُ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَى تِلْكَ الضَّعِيفَةِ عَمْدًا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً إذَا كَانَ ضَعْفُهَا بِغَيْرِ رَمْيَةٍ بِأَنْ كَانَ خِلْقَةً، أَوْ لِكِبَرٍ، أَوْ لِجُدَرِيٍّ، أَوْ كَانَ بِرَمْيَةٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنْ صَاحِبُهَا مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا مِنْ الرَّامِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا إذَا تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا مِنْهُ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ بِالْفِعْلِ غَرِمَ الْجَانِي الْمُخْطِئُ لِرَبِّهَا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ نُورِهَا بَعْدَ الرَّمْيِ الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ: بِالضَّعِيفَةِ) أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَلِجُدَرِيٍّ، أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، فَالْقَوَدُ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقَوَدِ فِي هَذَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا وَقِيلَ لَا قِصَاصَ فِيهَا وَقَيَّدَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ بِمَا إذَا كَانَ النَّقْصُ فَاحِشًا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ اهـ بْن (قَوْلُهُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ) أَيْ عَنْ رُجُوعِهِ لِمَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا رَجَعْنَاهُ لِلْجُدَرِيِّ) أَيْ وَلِمَا بَعْدَهُ وَلَمْ نُرْجِعْهُ لِمَا بَعْدَهُ فَقَطْ وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ وَلِجُدَرِيٍّ عَطْفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: بِمَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ الْجُدَرِيِّ، وَالرَّمْيَةِ، وَالْكِبَرِ، وَالْخِلْقَةِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ الْأَخْذُ مِنْ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا بَقِيَ وَقَوْلُهُ إنْ أَخَذَ لَهَا أَوَّلًا عَقْلًا الْأَوْلَى إنْ تَمَكَّنَ مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ بِالْفِعْلِ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَالدِّيَةُ، أَيْ: وَإِلَّا يَتَمَكَّنْ، مِنْ أَخْذِ عَقْلٍ لَهَا، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً (قَوْلُهُ: مَعَ إخْلَالِ مَا هُنَا) أَيْ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ، أَنَّ الْجَانِيَ، خَطَأً، عَلَى الْعَيْنِ الضَّعِيفَةِ بِكَرَمْيَةٍ، يَغْرَمُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ مِنْ نُورِهَا مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ رَبُّهَا أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَوَّلًا قَبْلَ الْجِنَايَةِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقَوَدُ وَلَهُ أَخْذُ الدِّيَةِ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ الْقِصَاصَ، أَوْ الدِّيَةَ كَامِلَةً ظَاهِرُهُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَ الْأَعْوَرُ أَخَذَ دِيَةَ الْأُولَى، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الصَّوَابِ لِلسُّنَّةِ وَلِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا، ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ تَخْيِيرِ الْأَعْوَرِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَ الْجَانِي سَالِمَ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ سَالِمَ الْمُمَاثَلَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا. نَحْوَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَلِذَا
(فَلَهُ) أَيْ لِسَالِمِ الْعَيْنَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (الْقِصَاصُ) مِنْ الْأَعْوَرِ فَيَصِيرُ أَعْمَى (أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ) مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَهِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ أَلْفُ دِينَارٍ عَلَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ لِمَا مَرَّ (و) إنْ فَقَأَ الْأَعْوَرُ مِنْ السَّالِمِ (غَيْرَهَا) أَيْ غَيْرَ الْمُمَاثِلَةِ لِعَيْنِهِ بِأَنْ فَقَأَ مُمَاثِلَةَ الْعَوْرَاءِ (فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) تَلْزَمُهُ (فِي مَالِهِ) لِتَعَمُّدِهِ (وَإِنْ)(فَقَأَ) الْأَعْوَرُ (عَيْنَيْ السَّالِمِ) عَمْدًا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى (فَالْقَوَدُ) فِي الْمُمَاثَلَةِ لِعَيْنِهِ (وَنِصْفُ الدِّيَةِ) فِي الْمُغَايِرَةِ لَهَا (وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ) لِكَبِيرٍ أَيْ مُثْغِرٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الصَّغِيرَ فِيمَا يَأْتِي وَأُعِيدَتْ مَكَانَهَا (فَثَبَتَتْ) ، وَكَذَا إنْ اضْطَرَبَتْ جِدًّا كَمَا يَأْتِي، ثُمَّ ثَبَتَتْ (فَالْقَوَدُ) فِي الْعَمْدِ وَلَا يُسْقِطُهُ ثُبُوتُهَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجُرْحِ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَأَلُّمُ الْجَانِي بِمِثْلِ مَا فَعَلَ وَفِي جِنَايَةِ (الْخَطَإِ) فَثَبَتَتْ يَلْزَمُهُ دِيَةُ خَطَإٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَكَالْخَطَإِ أَيْ كَمَا يَلْزَمُهُ دِيَةُ الْخَطَإِ فِي غَيْرِهَا مِمَّا لَهُ عَقْلٌ مُسَمًّى كَمُوضِحَةٍ وَمُنَقِّلَةٍ يُؤْخَذُ عَقْلُهُ، ثُمَّ يَبْرَأُ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا
(وَالِاسْتِيفَاءُ) فِي النَّفْسِ (لِلْعَاصِبِ) الذَّكَرِ فَلَا دَخْلَ فِيهِ لِزَوْجٍ وَلَا لِأَخٍ لِأُمٍّ، أَوْ جَدٍّ لَهَا وَقُدِّمَ ابْنُ فَابْنُهُ (كَالْوَلَاءِ) يُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ مِنْ الْعَصَبَةِ فِي إرْثِهِ إلَّا الْجَدَّ، وَالْإِخْوَةَ فَسِيَّانِ هُنَا فِي الْقَتْلِ، وَالْعَفْوِ بِخِلَافِ إرْثِ الْوَلَاءِ فَتُقَدَّمُ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ عَلَيْهِ وَأَشْعَرَ الِاسْتِثْنَاءُ بِسُقُوطِ بَنِيهِمْ مَعَ الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ أَبِيهِمْ وَلَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَ الْأَبِ، وَإِنَّمَا قَالَ كَالْوَلَاءِ وَلَمْ يَقُلْ كَإِرْثٍ وَيُسْتَغْنَى عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ الْجَدُّ وَلَوْ عَلَا وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دِنْيَةً، فَبَيَّنَ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْوَلَاءِ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ وَأَنَّ الْعَالِيَ، لَا كَلَامَ لَهُ مَعَهُمْ كَمَا أَنَّ بَنِي الْإِخْوَةِ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ أَصْلًا، فَالْإِمَامُ يَقْتَصُّ وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ وَيَحْلِفُ (الْجَدُّ) الثُّلُثَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ حَيْثُ كَانَ يَرِثُ الثُّلُثَ بِأَنْ كَانَ مَعَهُ أَخَوَانِ فَإِنْ كَانَ مَعَ أَخٍ حَلَفَ النِّصْفَ. وَالْعَمْدُ، وَالْخَطَأُ سَوَاءٌ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ اتِّفَاقًا.
(وَهَلْ) إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ يَحْلِفُ الثُّلُثَ مُطْلَقًا، أَوْ (إلَّا فِي الْعَمْدِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الْفِقْهُ صَحِيحٌ، لَكِنَّ تَخْيِيرَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَيْنَ الدِّيَةِ، وَالْقِصَاصِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ مَشْهُورَ الْمَذْهَبِ تَحَتُّمُ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُوجِبَ لِلتَّخْيِيرِ هُوَ عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَيْنِ الْجَانِي، وَالْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ عَيْنِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَلْفُ دِينَارٍ بِخِلَافِ عَيْنِ الْجَانِي كَمَنْ كَفُّهُ مَقْطُوعَةٌ وَقَطَعَ يَدَ رَجُلٍ، مِنْ الْمَرْفِقِ اهـ. وَهَذَا الْجَوَابُ يُقَوِّي إشْكَالَ التَّخْيِيرِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ، وَهِيَ مَا إذَا فَقَأَ سَالِمٌ الْمُمَاثِلَةَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا لِوُجُودِ الْمُسَاوَاةِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَلَهُ الْقِصَاصُ مِنْ الْأَعْوَرِ) أَيْ بِفَقْءِ عَيْنِهِ، وَإِنَّمَا خَيَّرَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ السَّالِمَ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِيهَا نِصْفُ دِيَةٍ وَعَيْنَ الْجَانِي فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ فَلَمْ يَتَسَاوَيَا فِي الْعَقْلِ (قَوْلُهُ: مَا تَرَكَ) أَيْ السَّالِمُ وَقَوْلُهُ مِنْ عَيْنِ الْأَعْوَرِ بَيَانٌ لِمَا تَرَكَهُ السَّالِمُ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَاَلَّذِي مَرَّ هُوَ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَيْنَ الْأَعْوَرِ بِمَنْزِلَةِ عَيْنَيْنِ (قَوْلُهُ: فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ) أَيْ وَلَيْسَ لِلسَّالِمِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ مِنْ الْأَعْوَرِ لِانْعِدَامِ مَحَلِّهِ (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ وَنِصْفُ الدِّيَةِ) أَيْ سَوَاءٌ فَقَأَهُمَا فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ إحْدَاهُمَا بَعْدَ الْأُخْرَى وَبَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا أَوَّلًا، أَوْ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ إنْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَهُ مِثْلُهَا وَثَنَّى بِالْأُخْرَى، فَالْقِصَاصُ وَأَلْفُ دِينَارٍ لِتَعَيُّنِ الْقِصَاصِ بِالْمُمَاثَلَةِ وَصَارَتْ الثَّانِيَةُ عَيْنَ أَعْوَرَ فِيهَا دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَإِنْ فَقَأَهُمَا مَعًا، أَوْ بَدَأَ بِاَلَّتِي لَيْسَ لَهُ مِثْلُهَا، فَالْقَوَدُ فِي الْمُمَاثِلَةِ وَنِصْفُ الدِّيَةِ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَثَبَتَتْ) أَيْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْقِصَاصِ يَوْمُ الْجُرْحِ) أَيْ وَيَوْمُ الْجُرْحِ لَمْ تَكُنْ ثَابِتَةً (قَوْلُهُ: وَفِي الْخَطَإِ) أَيْ وَفِيمَا إذَا قَلَعَهَا شَخْصٌ خَطَأً، ثُمَّ أُعِيدَتْ فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا (قَوْلُهُ: فَلَا يَسْقُطُ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا) الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ يُؤْخَذُ عَقْلُهُ أَنْ يَقُولَ فَلَا يُرَدُّ الْعَقْلُ اتِّفَاقًا
(قَوْلُهُ: وَالِاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ) أَيْ وَاسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي لِعَاصِبِ الْمَقْتُولِ لَا لِغَيْرِهِ وَلِذَا قَالُوا لَا يَجُوزُ الْقَتْلُ بِمُجَرَّدِ ثُبُوتِهِ وَلَوْ عَايَنَهُ الْحَاكِمُ بِأَنْ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمَقْتُولَ، أَوْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِأَنَّهُ قُتِلَ وَلَمْ تُعَيِّنْ الْمَقْتُولَ بَلْ يُحْبَسُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ لِلْمَقْتُولِ عَاصِبًا يَعْفُو وَقَوْلُهُ لِلْعَاصِبِ أَيْ مِنْ النَّسَبِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَاصِبُ الْوَلَاءِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا، فَالْإِمَامُ (قَوْلُهُ لِلْعَاصِبِ الذَّكَرِ) أَيْ، وَهُوَ الْعَاصِبُ بِنَفْسِهِ خَرَجَ الْعَاصِبُ لِغَيْرِهِ، أَوْ مَعَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا دَخْلَ فِيهِ لِزَوْجٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنَ عَمٍّ لِزَوْجَتِهِ الْمَقْتُولَةِ (قَوْلُهُ كَالْوَلَاءِ) أَحَالَ مَا هُنَا عَلَى مَرَاتِبِ الْوَلَاءِ وَلَمْ يَذْكُرْهَا هُنَاكَ، فَالْأَوْلَى الْإِحَالَةُ عَلَى النِّكَاحِ لِقَوْلِهِ فِيهِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ فَأَبٌ فَأَخٌ فَابْنُهُ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ إلَخْ اهـ بْن (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ فِي بَابِ الْإِرْثِ) أَيْ الَّذِي يَرِثُ مَعَ الْإِخْوَةِ (قَوْلُهُ: وَفِي بَابِ الْوَلَاءِ) أَيْ، وَالْمُرَادُ بِالْجَدِّ الَّذِي يُقَدَّمُ عَلَيْهِ الْإِخْوَةُ وَبَنُوهُمْ فِي بَابِ الْوَلَاءِ الْجَدُّ دِنْيَةً،، (قَوْلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ الْجَدُّ الْقَرِيبُ) أَيْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْجَدِّ الَّذِي يُسَاوِي الْإِخْوَةَ فِي الِاسْتِيفَاءِ الْجَدُّ الْقَرِيبُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ أَصْلًا) أَيْ لَا مِنْ النَّسَبِ وَلَا مِنْ الْوَلَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ الْعَفْوُ) أَيْ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ الْجَانِي بَعْدَ ثُبُوتِ جِنَايَتِهِ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْ الْقَاتِلِ، وَالْمَقْتُولِ كَافِرًا، ثُمَّ يُسْلِمُ الْقَاتِلُ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: حَلَفَ النِّصْفَ) أَيْ كَمَا يَحْلِفُ الْأَخُ النِّصْفَ الثَّانِي؛ لِأَنَّ مِيرَاثَ كُلِّ وَاحِدٍ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ النِّصْفُ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِقَدْرِ إرْثِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَلَى مِثْلَيْهِ) أَيْ بِأَنْ كَانُوا ثَلَاثَةً فَأَكْثَرَ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ، أَوْ إلَّا فِي الْعَمْدِ) أَيْ، أَوْ يَحْلِفُ الثُّلُثَ إلَّا فِي الْعَمْدِ.
(فَكَأَخٍ) أَيْ يُقَدَّرُ أَخًا زَائِدًا عَلَى عَدَدِ الْإِخْوَةِ فَإِنْ كَانُوا ثَلَاثَةً حَلَفَ رُبُعَ الْأَيْمَانِ، وَإِنْ كَانُوا أَرْبَعَةً حَلَفَ خُمُسَهَا عَشَرَةَ أَيْمَانٍ، وَهَكَذَا (تَأْوِيلَانِ) فَمَحَلُّهُمَا فِي الْعَمْدِ وَمَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ (وَانْتُظِرَ غَائِبٌ) مِنْ الْعَصَبَةِ (لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ) جِدًّا بَلْ كَانَتْ قَرِيبَةً بِحَيْثُ تَصِلُ إلَيْهِ الْأَخْبَارُ إنْ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْقِصَاصَ فَإِنْ أَرَادَ الْعَفْوَ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَا يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ بَلْ لَهُ إذَا حَضَرَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَمَا سَيَأْتِي فَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَتَعَذَّرُ وُصُولُ الْخَبَرِ إلَيْهِ لَمْ يُنْتَظَرْ كَأَسِيرٍ وَمَفْقُودٍ (و) اُنْتُظِرَ (مُغْمًى) أَيْ إفَاقَتُهُ (وَمُبَرْسَمٌ) بِفَتْحِ السِّينِ اسْمُ مَفْعُولٍ لِقِصَرِ أَمَدِ الْبِرْسَامِ غَالِبًا بِمَوْتٍ، أَوْ صِحَّةٍ، وَهُوَ وَرَمٌ فِي الرَّأْسِ يَثْقُلُ مَعَهُ الدِّمَاغُ (لَا) مَجْنُونٌ (مُطْبَقٌ) بِخِلَافِ مَنْ يُفِيقُ أَحْيَانَا فَتُنْتَظَرُ إفَاقَتُهُ (و) لَا (صَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ) بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْعَصَبَةِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ وَلَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، أَوْ وَاحِدٌ مُسَاوٍ لَهُ، أَوْ أَبْعَدَ وَيَسْتَعِينُ بِعَاصِبٍ لَهُ فَلَهُمْ الْقَسَامَةُ، وَالْقِصَاصُ بِلَا انْتِظَارِ الصَّغِيرِ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ ابْنٌ، أَوْ ابْنَانِ صَغِيرَانِ وَلَهُ، أَوْ لَهُمَا أَخَوَانِ، أَوْ عَمَّانِ فَأَكْثَرُ، أَوْ أَخٌ كَبِيرٌ مَعَ عَمٍّ، أَوْ عَمٌّ مَعَ ابْنِ عَمٍّ يَسْتَعِينُ بِهِ وَأَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ الْقِصَاصُ عَلَى بُلُوغِ الصَّبِيِّ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ مِنْ الْعَصَبَةِ غَيْرُهُ اُنْتُظِرَ، وَكَذَا إنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مَعَهُ كَبِيرٌ كَابْنَيْنِ أَحَدُهُمَا كَبِيرٌ فَإِنَّ الْكَبِيرَ يَحْلِفُ حِصَّتَهُ مَعَ إحْضَارِ الصَّغِيرِ مَعَهُ، ثُمَّ يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ فَيَحْلِفُ الْبَاقِيَ وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ فَمَحَلُّ الْمُصَنِّفِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ.
وَأَمَّا مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) أَيْ لِقَوْلِهَا، وَإِنْ كَانُوا عَشَرَةَ إخْوَةٍ وَجَدًّا حَلَفَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْأَيْمَانِ، وَالْإِخْوَةُ ثُلُثَيْهَا فَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى ظَاهِرِهَا مِنْ الْعُمُومِ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَحَمَلَهَا بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ عَلَى الْخَطَإِ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَتُقْسَمُ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ (قَوْلُهُ: فَمَحَلُّهُمَا فِي الْعَمْدِ وَمَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ مَعَهُ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْهِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ إذَا كَانَ مَعَهُ أَكْثَرُ مِنْ مِثْلَيْهِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ ثُلُثَهَا اتِّفَاقًا كَمَا إذَا كَانَ مَعَهُ مِثْلَاهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ ثُلُثَهَا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: وَانْتُظِرَ غَائِبٌ مِنْ الْعَصَبَةِ) أَيْ لَهُ حَقٌّ فِي الِاسْتِيفَاءِ بِأَنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْحَاضِرِ فِي الدَّرَجَةِ لِيَعْفُوَ، أَوْ يَقْتُلَ وَيَحْبِسَ الْقَاتِلَ مُدَّةَ الِانْتِظَارِ وَيُحَدِّدُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْفِرَارُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ وَلَا يُطْلِقُ بِكَفِيلٍ؛ إذْ لَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ فِي الْقَوَدِ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ انْتَفَيَا فَفِي ح يُطْلَقُ وَلَا يُحْبَسُ حَتَّى يَمُوتَ جُوعًا وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ يُنْفِقُ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ الْحَاضِرُ وَيَرْجِعُ عَلَى أَخِيهِ إذَا قَدِمَ إنْ قَامَ بِحَقِّهِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ، فَهِمَ أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَأَبِي عِمْرَانَ أَنَّ الْغَائِبَ يُنْتَظَرُ، وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ جِدًّا، أَوْ يُيْأَسَ مِنْهُ كَالْأَسِيرِ وَنَحْوِهِ وَقَيَّدَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ الْمُدَوَّنَةِ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَاخْتَارَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ كَلَامَ سَحْنُونٍ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ لَا تَقْيِيدَ لَهَا وَأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى إطْلَاقِهَا كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ اُنْظُرْ ح وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ الشَّارِحِ تَبَعًا لعبق إذَا لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ جِدًّا اهـ بْن، ثُمَّ قَالَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ إذَا غَابَ بَعْضُ الْعَصَبَةِ دُونَ بَعْضٍ فَلَوْ غَابُوا كُلُّهُمْ، فَالظَّاهِرُ انْتِظَارُهُمْ مُطْلَقًا وَلَوْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُمْ وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ مَا يَشْهَدُ لِذَلِكَ اهـ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُمْ إذَا غَابُوا كُلُّهُمْ اُنْتُظِرُوا مُطْلَقًا قَرُبَتْ الْغَيْبَةُ، أَوْ بَعُدَتْ وَأَمَّا إذَا غَابَ بَعْضُهُمْ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَذَلِكَ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْمُوعَةِ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إذَا لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ فَإِنْ بَعُدَتْ لَمْ يُنْتَظَرْ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْبُعْدُ لَا جِدًّا وَقَالَ سَحْنُونٌ يُنْتَظَرُ الْغَائِبُ إنْ لَمْ يَبْعُدْ جِدًّا وَلَمْ يُيْأَسْ مِنْهُ فَاخْتَلَفَ الْأَشْيَاخُ هَلْ كَلَامُ سَحْنُونٍ تَقْيِيدٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَجَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ، أَوْ مُقَابِلٌ لِلْمُدَوَّنَةِ، وَالْمُدَوَّنَةِ بَاقِيَةٌ عَلَى إطْلَاقِهَا، وَهُوَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَأَبُو عِمْرَانَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَرَادَ الْحَاضِرُ الْقِصَاصَ) هَذَا شَرْطٌ فِي انْتِظَارِ الْغَائِبِ، وَكَذَا هُوَ شَرْطٌ فِي انْتِظَارِ مَنْ يَأْتِي فَيُقَالُ إنَّ مَحَلَّ انْتِظَارِ الْمُبَرْسَمِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ إذَا طَلَبَ الصَّحِيحُ الْقِصَاصَ (قَوْلُهُ: وَانْتُظِرَ مُغْمًى) أَيْ وَانْتُظِرَ إفَاقَةُ عَاصِبٍ مُغْمَى لِقُرْبِ إفَاقَتِهِ (قَوْلُهُ: وَمُبَرْسَمٌ) أَيْ وَانْتُظِرَ إفَاقَةُ عَاصِبٍ مُبَرْسَمٍ (قَوْلُهُ يَثْقُلُ مَعَهُ الدِّمَاغُ) الَّذِي فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ يَعْتَلُّ مَعَهُ الدِّمَاغُ.
(قَوْلُهُ لَا مَجْنُونٌ) أَيْ لَا يُنْتَظَرُ إفَاقَةُ عَاصِبٍ مَجْنُونٍ مُطْبَقٍ لَمْ تُعْلَمْ إفَاقَتُهُ (قَوْلُهُ: وَلَا صَغِيرٌ) أَيْ وَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ عَاصِبٍ صَغِيرٍ وَاحِدٍ، أَوْ مُتَعَدِّدٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَتَوَقَّفْ الثُّبُوتُ) أَيْ ثُبُوتُ الْقَتْلِ عَلَيْهِ بِحَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَبْعَدَ) أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا مُسَاوِينَ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا أَبْعَدَ مِنْهُ فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ وَلَهُ) أَيْ لِلِابْنِ الصَّغِيرِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَهُمَا أَيْ لِلِابْنَيْنِ الصَّغِيرَيْنِ وَقَوْلُهُ أَخَوَانِ، أَوْ عَمَّانِ إلَخْ أَيْ فَيَحْلِفُ مَنْ ذُكِرَ وَيَثْبُتُ الدَّمُ فَإِنْ اقْتَصَّا فَظَاهِرٌ، وَإِنْ عَفَيَا، أَوْ وَاحِدٌ سَقَطَ الْقَتْلُ وَلِلصَّغِيرِ، أَوْ الصَّغِيرَيْنِ دِيَةُ عَمْدٍ هَذَا هُوَ الْمُرْتَضَى، وَالْمُوَافِقُ لِلْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ بِانْتِظَارِ بُلُوغِ الصِّغَارِ فَالْمُصَنِّفُ مَاشٍ عَلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ فِيمَا إذَا كَانَ ثُبُوتُ الْقَتْلِ يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَلَا يُنْتَظَرُ بُلُوغُ الصَّغِيرِ اتِّفَاقًا وَلَوْ تَعَدَّدَ وَلِلْكِبَارِ الْقِصَاصُ حَالًّا فَإِنْ عَفَا بَعْضُهُمْ فَلَا قِصَاصَ وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ الْقِصَاصُ) الْأَنْسَبُ وَأَمَّا لَوْ تَوَقَّفَ ثُبُوتُ الْقِصَاصِ عَلَى بُلُوغِهِ (قَوْلُهُ، وَكَذَا إنْ وُجِدَ وَاحِدٌ مَعَهُ كَبِيرٌ) أَيْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَاصِبٌ يَسْتَعِينُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَيَثْبُتُ الْقِصَاصُ)
فَفِيهِ الْقِصَاصُ بِلَا انْتِظَارٍ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ (وَلِلنِّسَاءِ) عَطْفٌ عَلَى لِلْعَاصِبِ أَيْ، وَالِاسْتِيفَاءُ أَيْضًا لِلنِّسَاءِ بِشَرْطَيْنِ أَوَّلُهُمَا قَوْلُهُ (إنْ وَرِثْنَ) الْمَقْتُولَ خَرَجَتْ الْعَمَّةُ، وَالْخَالَةُ وَنَحْوُهُمَا، وَالثَّانِي قَوْلُهُ (وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ) فِي الدَّرَجَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ أَصْلًا، أَوْ يُوجَدُ عَاصِبٌ أَنْزَلُ مِنْهُنَّ كَعَمٍّ مَعَ بِنْتٍ، أَوْ أُخْتٍ فَتَخْرُجُ الْبِنْتُ مَعَ الِابْنِ، أَوْ الْأُخْتُ مَعَ الْأَخِ فَلَا كَلَامَ لَهَا مَعَهُ فِي عَفْوٍ وَلَا قَوَدٍ بِخِلَافِ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ مَعَ أَخٍ لِأَبٍ، فَهَلْ الْكَلَامُ مَعَهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلُ مِنْهَا بِالْقُوَّةِ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا وَأُورِدَ عَلَيْهِ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَالْجَدَّةُ لَهَا، وَالزَّوْجَةُ؛ إذْ كُلٌّ مِنْهُنَّ يَرِثُ وَلَا اسْتِيفَاءَ لَهُنَّ فَكَانَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ شَرْطٍ ثَالِثٍ لِإِخْرَاجِهِنَّ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي امْرَأَةٍ لَوْ ذُكِرَتْ عَصَبَتْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ إلَخْ؛ لِأَنَّ نَفْيَ الشَّيْءِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ كَأَنَّهُ قَالَ وَلِامْرَأَةٍ وَارِثَةٍ لَمْ يُسَاوِهَا عَاصِبُ الْمَقْتُولِ فَيُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ سَاوَاهَا ذَكَرٌ لَكَانَ عَاصِبًا وَلَكِنَّ الْأَوْلَى التَّصْرِيحُ وَأَمَّا الْأُمُّ فَدَاخِلَةٌ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَلَهَا الِاسْتِيفَاءُ؛ لِأَنَّهَا لَوْ ذُكِّرَتْ كَانَتْ أَبًا؛ لِأَنَّهَا، وَالِدَةٌ، لَكِنْ لَا كَلَامَ لَهَا مَعَ وُجُودِ الْأَبِ لِمُسَاوَاةِ الْعَاصِبِ لَهَا.
(وَلِكُلٍّ) مِنْ النِّسَاءِ الْوَارِثَاتِ، وَالْعَاصِبِ غَيْرِ الْمُسَاوِي (الْقَتْلُ) أَيْ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ عَفَا مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ) حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا كَوَاحِدٍ مِنْ هَذَا الْفَرِيقِ وَوَاحِدٍ مِنْ الْآخَرِ وَلِذَا عَبَّرَ بِاجْتِمَاعِ دُونَ جَمِيعٍ وَشَبَّهَ فِي الْحُكْمَيْنِ قَوْلَهُ (كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ) كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ، أَوْ لِأَبٍ وَثَبَتَ قَتْلُ مُوَرِّثِهِنَّ (بِقَسَامَةٍ) مِنْ أَعْمَامٍ مَثَلًا فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ غَيْرَ الْوَارِثِينَ، وَالْحَقُّ فِي الْقَتْلِ لِلنِّسَاءِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبَنَاتِ مَعَ الْإِخْوَةِ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ لِاجْتِمَاعِهِمْ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ (وَالْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ) أَيْ يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ.
(وَلِلصَّغِيرِ إنْ عُفِيَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ إنْ حَصَلَ عَفْوٌ مِنْ كَبِيرٍ وَسَقَطَ الْقَتْلُ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ وَلَا يَسْرِي عَفْوُ الْكَبِيرِ عَلَيْهِ فِي إسْقَاطِ حَقِّهِ مِنْهَا (وَلِوَلِيِّهِ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ أَبٍ، أَوْ وَصِيٍّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَيْ فَإِنْ شَاءَ بَعْدَ ذَلِكَ اقْتَصَّ، أَوْ عَفَا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ الْقِصَاصُ) أَيْ حَالًّا بِلَا انْتِظَارٍ (قَوْلُهُ أَيْ، وَالِاسْتِيفَاءُ أَيْضًا لِلنِّسَاءِ بِشَرْطَيْنِ) اعْلَمْ أَنَّ الشَّرْطَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِثُبُوتِ أَصْلِ الِاسْتِيفَاءِ لَهُنَّ وَأَمَّا كَوْنُهُنَّ يَنْفَرِدْنَ بِهِ عَنْ الْعَصَبَةِ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ تَقَعُ الْمُشَارَكَةُ بَيْنَهُمْ فِيهِ، فَهَذَا مَبْحَثٌ آخَرُ سَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ إلَخْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَنْزَلَ مِنْهَا بِالْقُوَّةِ) أَيْ، وَإِنْ سَاوَاهَا فِي الدَّرَجَةِ؛ لِأَنَّ دَرَجَةَ الْأُخُوَّةِ جَامِعَةٌ لِلْكُلِّ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ عَدَمُ الْمُسَاوَاةِ فِي الدَّرَجَةِ، أَوْ فِي الْقُوَّةِ فَإِذَا عَلِمْت أَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ لَهَا حَقٌّ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَأَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُهَا تَعْلَمُ أَنَّ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ أَيْ فِي الدَّرَجَةِ، أَوْ الْقُوَّةِ وَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى الدَّرَجَةِ.
(قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَيْهِ زِيَادَةُ شَرْطٍ ثَالِثٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكُنَّ لَوْ كَانَ فِي دَرَجَتِهِنَّ رَجُلٌ وَرِثَ بِالتَّعْصِيبِ فَتَخْرُجُ الْأُخْتُ لِلْأُمِّ، وَالزَّوْجَةُ، وَالْجَدَّةُ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ) هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلدَّمِ نِسَاءً وَرِجَالًا أَنْزَلَ مِنْهُنَّ وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّونَ لِلدَّمِ رِجَالًا فَقَطْ فِي قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ وَسَيَأْتِي مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ نِسَاءً فَقَطْ فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ نَظَرَ الْحَاكِمُ.
وَحَاصِلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَسْمِ الْأَوْلُ، وَهُوَ مَا إذَا كَانَ مَعَ النِّسَاءِ عَاصِبٌ لَمْ يُسَاوِهِنَّ أَنْ تَقُولَ أَنَّهُنَّ إمَّا أَنْ يَحُزْنَ الْمِيرَاثَ كُلَّهُ، أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يَحُزْنَهُ كَالْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ فَكُلُّ مَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، أَوْ غَيْرِهَا، وَهَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ، وَإِنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ كَالْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَالْأَعْمَامِ فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ أَيْضًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ إنْ طَلَبَهُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِغَيْرِهَا فَلَا حَقَّ لِلْعَصَبَةِ مَعَهُنَّ لَا فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قَوَدٍ بِاتِّفَاقٍ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ.
(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ) أَيْ فَمَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لِذَلِكَ وَأَمَّا الْعَفْوُ فَلَا يَكُونُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا كَلَامَ لِلْعَصَبَةِ) أَيْ لَا كَلَامَ لَهُمْ مَعَهُنَّ لَا فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قَوَدٍ (قَوْلُهُ: وَالْحَقُّ فِي الْقَتْلِ) أَيْ، وَكَذَلِكَ فِي الْعَفْوِ (قَوْلُهُ فَلِكُلٍّ الْقَتْلُ) أَيْ فَلِكُلٍّ مِنْ النِّسَاءِ، وَالْعَصَبَةِ الْقَتْلُ فَكُلُّ مَنْ طَلَبَهُ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ أُجِيبَ لَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ قَسَامَةٍ) أَيْ، أَوْ إقْرَارٍ (قَوْلُهُ: وَهُوَ دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ هَذَا مُرَادُهُ بِقَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ (قَوْلُهُ، وَالْوَارِثُ) أَيْ لِمَنْ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ وَمُرَادُهُ بِالْوَارِثِ مَنْ كَانَ عَاصِبًا بِالْفِعْلِ وَمَنْ لَوْ ذُكِرَ عَصَبٌ فَلَا يَدْخُلُ الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ فِي كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: يَنْتَقِلُ لَهُ مِنْ الْكَلَامِ فِي الِاسْتِيفَاءِ وَعَدَمِهِ مَا كَانَ لِمُوَرِّثِهِ) سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْوَارِثُ الَّذِي وَرِثَ مَنْ لَهُ الِاسْتِيفَاءُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى حَتَّى لَوْ كَانَ الْوَارِثُ الْمَذْكُورُ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَانَ الْكَلَامُ لَهُمَا مَعًا، وَإِنْ اسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمَا كَمَوْتِ ابْنِ الْمَقْتُولِ عَنْ ابْنٍ وَبِنْتٍ فَلَهَا الْكَلَامُ مَعَ أَخِيهَا وَلَا يُرَاعَى فِي وَارِثِ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ الْأُنْثَى عَدَمُ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهَا كَمَا رُوعِيَ ذَلِكَ فِي، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ، وَإِذَا كَانَ الْكَلَامُ لِبِنْتِ الْمَقْتُولِ وَعَمِّهَا وَمَاتَتْ عَنْ بِنْتٍ كَانَ لَهَا الْكَلَامُ مَعَ الْعَمِّ.
(قَوْلُهُ وَلِلصَّغِيرِ) أَيْ مَعَ كِبَارٍ كُلُّهُمْ مُسْتَحِقُّونَ لِلِاسْتِيفَاءِ (قَوْلُهُ وَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ) اللَّامُ لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ أَنَّ الْوَلِيَّ مُخْتَصٌّ بِالنَّظَرِ فِي قَتْلِ الْجَانِي وَأَخْذِ الدِّيَةِ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ فِعْلَ الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا وَاجِبٌ عَلَيْهِ فَإِذَا رَأَى
أَوْ غَيْرِهِمَا إذَا اسْتَحَقَّ الصَّغِيرُ قِصَاصًا وَحْدَهُ بِلَا مُشَارَكَةِ كَبِيرٍ فِيهِ (النَّظَرُ) بِالْمَصْلَحَةِ (فِي الْقَتْلِ و) فِي أَخْذِ (الدِّيَةِ كَامِلَةً) فَيَجِبُ عَلَيْهِ فِعْلُ
الْأَصْلَحِ
فَإِنْ اسْتَوَتْ الْمَصْلَحَةُ خُيِّرَ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ بَعْضِ الدِّيَةِ مَعَ مُلَاءِ الْجَانِي (كَقَطْعِ يَدِهِ) تَشْبِيهٌ تَامٌّ أَيْ لَوْ قَطَعَ جَانٍ يَدَ صَغِيرٍ عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَطْعِ، أَوْ أَخْذُ دِيَتِهَا كَامِلَةً وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ (إلَّا لِعُسْرٍ) مِنْ الْجَانِي، وَكَذَا الصَّغِيرُ (فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ (بِخِلَافِ قَتْلِهِ) أَيْ الصَّغِيرِ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (فَلِعَاصِبِهِ) النَّظَرُ لَا لِوَلِيِّهِ لِانْقِطَاعِ نَظَرِهِ بِالْمَوْتِ.
(وَالْأَحَبُّ) أَيْ الْأَوْلَى لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ، أَوْ السَّفِيهِ (أَخْذُ الْمَالِ) أَيْ الْقِيمَةِ، أَوْ الْأَرْشِ (فِي) قَتْلِ، أَوْ جُرْحِ (عَبْدِهِ) أَيْ عَبْدِ الصَّغِيرِ عَمْدًا دُونَ الْقِصَاصِ؛ إذْ لَا نَفْعَ لِلْمَحْجُورِ فِي الْقَوَدِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ لِمَصْلَحَةٍ (وَيَقْتَصُّ) أَيْ يُبَاشِرُ الْقِصَاصَ (مَنْ يَعْرِفُ) وَيَكُونُ عَدْلًا، وَهُوَ مُتَعَذِّرٌ الْآنَ (يَأْجُرُهُ الْمُسْتَحِقُّ) أَيْ يَدْفَعُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِلْقِصَاصِ مِنْ مَالِهِ (وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ) بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ (وَنُهِيَ) الْوَلِيُّ حِينَئِذٍ (عَنْ الْعَبَثِ) بِالْجَانِي فَلَا يُشَدِّدْ عَلَيْهِ وَلَا يُمَثِّلُ وَيَصِحُّ قِرَاءَةُ نُهِيَ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَضَمِيرُهُ عَائِدٌ عَلَى الْحَاكِمِ أَيْ يَجِبُ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَنْهَى الْوَلِيَّ عَنْ الْعَبَثِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْقَتْلِ مِنْ الْجِرَاحَاتِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ لَا يَرُدُّهَا الْحَاكِمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بَلْ يَتَوَلَّاهَا هُوَ وُجُوبًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ اللَّامَ فِي لِلْحَاكِمِ لِلتَّخْيِيرِ.
(وَأَخَّرَ) الْقِصَاصَ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ (لِبَرْدٍ، أَوْ حَرٍّ) شَدِيدَيْنِ أَيْ لِزَوَالِهِمَا لِئَلَّا يَمُوتَ فَيَلْزَمُ أَخْذُ نَفْسٍ فِيمَا دُونَهَا (كَالْبُرْءِ) أَيْ كَمَا يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَصْلَحَةَ فِي أَخْذِ الدِّيَةِ أُخِذَتْ مِنْ الْجَانِي قَهْرًا عَنْهُ وَلَوْ أَبَى مِنْ دَفْعِهَا وَقَالَ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا الْقِصَاصُ، أَوْ الْعَفْوُ مَجَّانًا هَكَذَا، فَهِمَ ابْنُ رُشْدٍ وَقَالَ إنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ خَالَفَ أَصْلَهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ ضَرُورَةٌ لِأَجْلِ الصَّغِيرِ فَقَوْلُهُ الْقَوَدُ مُتَعَيِّنٌ مَا لَمْ تَدْعُ الضَّرُورَةُ، وَهُنَا دَعَتْ الضَّرُورَةُ لِعَدَمِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ كَمَقْدَمِ الْقَاضِي (قَوْلُهُ إذَا اسْتَحَقَّ الصَّغِيرُ إلَخْ) أَيْ كَمَا لَوْ قُتِلَتْ أُمُّ الصَّغِيرِ وَلَيْسَ لَهَا وَلِيٌّ غَيْرُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ مَعَ الصَّغِيرِ كَبِيرٌ اسْتَقَلَّ عَنْ وَصِيِّ الصَّغِيرِ بِالْقَتْلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ يَتَوَقَّفُ عَلَى نَظَرِ الْمُوصِي مَعَهُ، وَالْفَرْضُ أَنَّ الْقَتْلَ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَالَحَ وَلِيُّ الصَّغِيرِ الْجَانِي عَلَى أَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ مَعَ مَلَاءِ الْجَانِي رَجَعَ الصَّغِيرُ بَعْدَ رُشْدِهِ عَلَى الْقَاتِلِ وَلَا يَرْجِعُ الْقَاتِلُ عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ دِيَتَهَا كَامِلَةً) أَيْ وَلَوْ أَبَى الْقَاطِعُ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُصَالِحَ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَالَحَ عَلَى أَقَلَّ مِنْهَا رَجَعَ الصَّغِيرُ بَعْدَ رُشْدِهِ عَلَى الْجَانِي وَلَا يَرْجِعُ الْجَانِي عَلَى الْوَلِيِّ بِشَيْءٍ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الصَّغِيرُ) قَالَ بْن الصَّوَابُ حَذْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمَصْلَحَةَ لَا تَقْتَضِي صُلْحَهُ لَهُ بِأَقَلَّ (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ) أَيْ فَيَجُوزُ صُلْحُهُ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ أَيْ وَيَجُوزُ لَهُ الْقَتْلُ فِي الْأُولَى، وَالْقَطْعُ فِي الثَّانِيَةِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمَصْلَحَةَ مُسْتَوِيَةٌ فِي كُلٍّ مِنْ الصُّلْحِ بِالْأَقَلِّ، وَالْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: وَالْأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ إلَخْ) أَيْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّى شَخْصٌ عَلَى عَبْدِ الصَّغِيرِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ، وَكَذَا السَّفِيهُ وَقَتَلَهُ، أَوْ جَرَحَهُ وَكَانَ الْجَانِي مُمَاثِلًا، فَالْأَوْلَى لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ، وَكَذَا وَلِيُّ السَّفِيهِ أَنْ يَأْخُذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْجَانِي فِي الْقَتْلِ وَأَرْشَ نَقْصِهِ فِي الْجُرْحِ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ ذَلِكَ الْجَانِي الْمُمَاثِلِ؛ إذْ لَا نَفْعَ لِلصَّغِيرِ وَلَا لِلسَّفِيهِ فِي الْقِصَاصِ مِنْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: أَيْ الْأَوْلَى) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الْأَحَبَّ لَيْسَ صِفَةً لِمَحْذُوفٍ وَأَنَّ الْمَعْنَى، وَالْقَوْلُ الْأَحَبُّ الْمُشْعِرُ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ خِلَافٍ؛ إذْ لَا خِلَافَ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ) فِي بْن قَالَ مَالِكٌ وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُوَلِّيَ الْإِمَامُ عَلَى الْجُرْحِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ يَنْظُرَانِ ذَلِكَ وَيَقِيسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا وَاحِدًا فَأَرَى ذَلِكَ مُجْزِيًا إنْ كَانَ عَدْلًا وَفِي ح لَا يُطْلَبُ أَنْ يَكُونَ الْقِصَاصُ بِمَا جُرِحَ بِهِ فَإِذَا، أَوْضَحَهُ بِحَجَرٍ مَثَلًا، أَوْضِحَ بِالْمُوسَى لَا بِحَجَرٍ اهـ وَفِي عبق شَمِلَ قَوْلُهُ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ الْجَرْحَ، وَالْقَتْلَ وَمَحَلُّهُ فِي الثَّانِي مَا لَمْ يُسَلَّمْ الْجَانِي لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَهُ قَتْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ؛ لِأَنَّ الِاخْتِلَافَ فِي الْقَتْلِ يَسِيرٌ كَذَا اسْتَظْهَرَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْبِسَاطِيِّ وَنَقَلَ الْمَوَّاقُ نَحْوَهُ عَنْ ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ.
(قَوْلُهُ: يَدْفَعُهَا الْمُسْتَحِقُّ لِلْقِصَاصِ مِنْ مَالِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إنَّ أُجْرَةَ الْقِصَاصِ عَلَى الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ ظَالِمٌ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ، وَهَذَا الْخِلَافُ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافٍ آخَرَ، وَهُوَ هَلْ الْوَاجِبُ عَلَى الْجَانِي التَّمْكِينُ مِنْ نَفْسِهِ فَقَطْ وَحِينَئِذٍ، فَالْقَطْعُ وَنَحْوُهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى الْوَاجِبِ فَيَكُونُ أَجْرُ ذَلِكَ الزَّائِدِ عَلَى مُسْتَحِقِّهِ، أَوْ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ التَّسْلِيمُ بِمَعْنَى الْقَطْعِ كَمَا تُسَلَّمُ الْحُقُوقُ الْمَالِيَّةُ وَحِينَئِذٍ فَأُجْرَةُ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ يُسَلِّمَهُ لَهُ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَلَا يُشَدَّدْ عَلَيْهِ) أَيْ بِحَبْسٍ، أَوْ تَخْشِيبٍ، أَوْ تَكْتِيفٍ قَبْلَ الْجِنَايَةِ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لَا يَرُدُّهَا الْحَاكِمُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إلَخْ) إنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْجَرْحِ، وَالْقَتْلِ قُلْت الْأَصْلُ عَدَمُ تَمْكِينِ الْإِنْسَانِ مِنْ اسْتِيفَاءِ حَقِّهِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ مِنْ وَظِيفَةِ الْحُكَّامِ تَخْلِيصَ النَّاسِ مِنْ بَعْضِهِمْ خَرَجَ الْقَتْلُ عَنْ الْأَصْلِ بِدَلِيلٍ خَاصٍّ، وَهُوَ تَسْلِيمُهُ صلى الله عليه وسلم الْقَاتِلَ لِلْمُسْتَحِقِّ وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْلِهِ (قَوْلُهُ: إنَّ اللَّامَ فِي لِلْحُكْمِ لِلتَّخْيِيرِ) أَيْ، فَالْحَاكِمُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَ الْجَانِي وَأَنْ يُسَلِّمَهُ لِوَلِيِّ الْمَقْتُولِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ، لَكِنَّ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ يَدُلُّ عَلَى طَلَبِ ذَلِكَ مِنْ الْحَاكِمِ أَيْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ الْقَاتِلِ لِلْوَلِيِّ، فَالْأَوْلَى جَعْلُ اللَّامِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِلِاخْتِصَاصِ لِيُوَافِقَ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ وَأَخَّرَ الْقِصَاصَ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْله فِيمَا دُونَ النَّفْسِ) أَيْ وَأَمَّا الْجَانِي عَلَى النَّفْسِ فَلَا يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ مِنْهُ لِمَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: أَيْ لِزَوَالِهِمَا) هَذَا
فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِبُرْءِ الْمَجْرُوحِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَأْتِي جُرْحُهُ عَلَى النَّفْسِ فَيَكُونُ الْوَاجِبُ الْقَتْلَ بِقَسَامَةٍ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ لِبُرْءِ الْجَانِي إنْ كَانَ مَرِيضًا، وَالْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ (كَدِيَتِهِ) أَيْ الْجُرْحِ (خَطَأً) فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ حَتَّى يَبْرَأَ خَوْفَ أَنْ يَسْرِيَ لِلنَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً (وَلَوْ) كَانَ (كَجَائِفَةٍ) وَآمَّةٍ وَمُوضِحَةٍ مِمَّا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّ الْعَقْلَ يُؤَخَّرُ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِصَاصِ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ (و) تُؤَخَّرُ (الْحَامِلُ) الْجَانِيَةُ عَلَى طَرَفٍ، أَوْ نَفْسٍ عَمْدًا لِلْوَضْعِ وَوُجُودُ مُرْضِعٍ بَعْدَهُ حَذَرَ أَنْ يُؤْخَذَ نَفْسَانِ فِي نَفْسٍ (وَإِنْ) كَانَ الْقِصَاصُ (بِجُرْحٍ مُخِيفٍ) عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى وَلَدِهَا فَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُخِيفٍ فَلَا تُؤْخَذُ، وَهَذَا إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا بِقَرِينَةٍ لِلنِّسَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ حَرَكَتُهُ (لَا بِدَعْوَاهَا) الْحَمْلَ (و) إذَا أُخِّرَتْ (حُبِسَتْ) وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ (كَالْحَدِّ) الْوَاجِبِ عَلَيْهَا قَذْفًا، أَوْ غَيْرَهُ تُؤَخَّرُ وَتُحْبَسُ.
(و) تُؤَخَّرُ (الْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) تُرْضِعُ وَلَدَهَا
(و) تُؤَخَّرُ (الْمُوَالَاةُ فِي) قَطْعِ (الْأَطْرَافِ) إذَا خِيفَ التَّلَفُ مِنْ جَمْعِهَا فِي آنٍ وَاحِدٍ فَيُفَرَّقُ فِي أَوْقَاتٍ (كَحَدَّيْنِ) وَجَبَا (لِلَّهِ) تَعَالَى كَشُرْبٍ وَزِنَا بِكْرٍ (لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا فِي فَوْرٍ (وَبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ) الْمَوْتَ مِنْهُ فَيَبْدَأُ بِحَدِّ الزِّنَا عَلَى حَدِّ الشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالْأَخَفِّ، وَهُوَ حَدُّ الشُّرْبِ فَإِنْ خِيفَ عَلَيْهِ أَيْضًا بُدِئَ بِالْأَشَدِّ مُفَرِّقًا إنْ أَمْكَنَ تَفْرِيقُهُ، وَإِلَّا بُدِئَ بِالْأَخَفِّ مُفَرِّقًا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ لِلَّهِ أَنَّهُمَا إنْ كَانَا لِآدَمِيِّينَ كَقَطْعٍ لِزَيْدٍ وَقَذْفٍ لِعَمْرٍو، فَالتَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَفْوَ فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يَقْتَضِي أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ لِحُرٍّ بِمَعْنَى إلَى الَّتِي لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَصِحُّ جَعْلُ اللَّامِ لِلتَّعْلِيلِ وَلَا حَذْفَ وَلَا شَيْءَ.
(قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْقِصَاصُ) أَيْ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ لِبُرْءِ الْجَانِي وَلَوْ تَأَخَّرَ الْبُرْءُ سَنَةً (قَوْلُهُ: كَدِيَتِهِ) أَرَادَ بِهَا مَا يَشْمَلُ الْحُكُومَةَ فِيمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ جُرْحَ الْخَطَإِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَرَّرٌ يُؤَخَّرُ أَخْذُ عَقْلِهِ لِلْبُرْءِ فَإِنْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أُخِذَ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَإِنْ بَرِئَ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فَلَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ كَدِيَتِهِ خَطَأً) وَلَوْ كَجَائِفَةٍ أَيْ كَمَا تُؤَخَّرُ دِيَةُ الْخَطَإِ لِلْبُرْءِ هَذَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الدِّيَةُ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ لِكَوْنِهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ كَدِيَةِ الْمُوضِحَةِ بَلْ وَلَوْ كَانَتْ تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ كَدِيَةِ الْجَائِفَةِ، وَهَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ مَتَى مَا بَلَغَ عَقْلُ الْجُرْحِ الْخَطَإِ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَلَا تَأْخِيرَ لِوُجُوبِ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِلَةِ سَاعَةَ الْجُرْحِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَمُوضِحَةٍ) الْأَوْلَى إبْدَالُهَا بِالدَّامِغَةِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمُوضِحَةِ لَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهَا أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ لِمَا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ فِي الْمُوضِحَةِ نِصْفَ عُشْرِ الدِّيَةِ إذَا كَانَتْ خَطَأً وَأَمَّا عَمْدًا فَفِيهَا الْقِصَاصُ بِخِلَافِ الْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ فَإِنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ فَيَنْتَقِلُ إلَى الْقِصَاصِ إلَخْ) أَيْ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ وَفِيهِ أَنَّ مَوْضُوعَ الْكَلَامِ الْجُرْحُ الْخَطَأُ وَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَيْ فِي الْخَطَإِ وَفِيهِ أَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ سَرَيَانٌ تَكُونُ دِيَةُ الْجَائِفَةِ وَمَا مَعَهَا عَلَى الْجَانِي مَعَ أَنَّهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَالْأَوْلَى فِي التَّعْلِيلِ أَنْ يَقُولَ خَوْفَ السَّرَيَانِ إلَى النَّفْسِ فَتُؤْخَذُ الدِّيَةُ كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ: الْجَانِيَةُ عَلَى طَرَفٍ، أَوْ نَفْسٍ) الْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ عَلَى طَرَفٍ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُهُ، وَإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ فَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ خُصُوصُ الْجِنَايَةِ عَلَى النَّفْسِ؛ إذْ الْمَعْنَى وَتُؤَخَّرُ الْحَامِلُ الْجَانِيَةُ هَذَا إذَا كَانَ الْقِصَاصُ مِنْهَا بِسَبَبِ نَفْسٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ بِسَبَبِ جُرْحٍ يُخَافُ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى الْوَلَدِ إذَا فَعَلَ بِهَا مِثْلُهُ (قَوْلُهُ، وَهَذَا) أَيْ وَمَحَلُّ هَذَا، وَهُوَ تَأْخِيرُهَا (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ حَمْلُهَا بِقَرِينَةٍ لِلنِّسَاءِ) أَيْ كَتَغَيُّرِ ذَاتِهَا وَطَلَبِهَا لِمَا تَشْتَهِيهِ الْحَامِلُ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ حَرَكَتُهُ أَيْ هَذَا إذَا ظَهَرَ لَهُمْ حَرَكَةُ الْحَمْلِ بَلْ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ لَهُمْ حَرَكَتُهُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا أُخِّرَتْ) أَيْ لِأَجْلِ حَمْلِهَا حُبِسَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَالْحَدِّ الْوَاجِبِ عَلَيْهَا) أَيْ فَإِنَّهَا تُؤَخَّرُ فِيهِ لِأَجْلِ حَمْلِهَا وَتُحْبَسُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا كَفِيلٌ (قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ) أَيْ الْجَانِيَةُ عَلَى نَفْسٍ عَمْدًا أَيْ، أَوْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ (قَوْلُهُ: لِوُجُودِ مُرْضِعٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ يَقْبَلُ غَيْرَهَا، وَإِلَّا وَجَبَ تَأْخِيرُهَا لِمُدَّةِ الرَّضَاعِ وَتَأْخِيرُ الْمُرْضِعِ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ وَاجِبٌ كَمَا هُوَ حَقِيقَةُ الْفِعْلِ فَقَوْلُ عبق وَتُؤَخَّرُ الْمُرْضِعُ جَوَازًا فِيهِ نَظَرٌ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ
(قَوْلُهُ: وَتُؤَخَّرُ الْمُوَالَاةُ إلَخْ) أَيْ أَنَّ الْجَانِي إذَا قَطَعَ طَرَفَيْنِ وَخِيفَ عَلَيْهِ إذَا قُطِعَا مِنْهُ مَعًا الْمَوْتُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ أَحَدُهُمَا وَيُؤَخَّرُ قَطْعُ الثَّانِي لِبُرْءِ الْأَوَّلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُؤَخَّرُ قَطْعُهُمَا مَعًا، ثُمَّ يُقْطَعَانِ مَعًا؛ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي التَّأْخِيرِ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِمَا) أَيْ لَمْ يَقْدِرْ مَنْ وَجَبَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ خِيفَ عَلَيْهِ مِنْ إقَامَتِهِمَا فِي فَوْرٍ) أَيْ فَلَا يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ يُقَامُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا، ثُمَّ يُؤَخَّرُ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى الثَّانِي فَيُقَامُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ الِاسْتِطَاعَةُ) أَيْ قُدْرَتُهُ، أَوْ يَمُوتُ (قَوْلُهُ: فَالتَّبْدِئَةُ بِالْقُرْعَةِ) أَيْ وَلَا يُنْظَرُ لِشِدَّةٍ وَلَا لِخِفَّةٍ (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا لِلَّهِ، وَالْآخَرُ لِآدَمِيٍّ) أَيْ كَمَا إذَا زَنَى وَكَانَ بِكْرًا وَقَذَفَ آخَرَ، أَوْ قَطَعَ يَدَهُ وَقَوْلُهُ بُدِئَ بِمَا لِلَّهِ أَيْ وَيُجْمَعُ عَلَيْهِ، أَوْ يُفَرَّقُ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا بُدِئَ بِمَا لِلْآدَمِيِّ مُجْمَلًا، أَوْ مُفَرَّقًا إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا اُنْتُظِرَتْ قُدْرَتُهُ، أَوْ مَوْتُهُ وَسَكَتَ عَمَّا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِشَخْصٍ وَاحِدٍ كَمَا لَوْ قَذَفَهُ وَقَطَعَ يَدَهُ، وَالْحُكْمُ فِيهِ مِثْلُ مَا إذَا كَانَ الْحَقَّانِ لِلَّهِ فَيُقَدَّمُ الْأَشَدُّ
(لَا) يُؤَخَّرُ جَانٍ (بِدُخُولِ الْحَرَمِ) فِرَارًا مِنْ الْقِصَاصِ وَلَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ خَارِجَهُ وَلَوْ مُحْرِمًا وَلَا يُنْتَظَرُ لِإِتْمَامِهِ وَلَمَّا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ إمَّا رِجَالٌ فَقَطْ، أَوْ نِسَاءٌ فَقَطْ، أَوْ هُمَا تَكَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (وَسَقَطَ) الْقِصَاصُ (إنْ عَفَا رَجُلٌ) مِنْ الْمُسْتَحِقِّينَ (كَالْبَاقِي) نَعْتٌ لِرَجُلٍ أَيْ مُمَاثِلٍ لِلْبَاقِي فِي الدَّرَجَةِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ كَابْنَيْنِ، أَوْ أَخَوَيْنِ، أَوْ عَمَّيْنِ فَأَكْثَرَ وَأَوْلَى إنْ كَانَ الْعَافِي أَعْلَى كَعَفْوِ ابْنٍ مَعَ أَخٍ، أَوْ أَخٍ مَعَ عَمٍّ فَإِنْ كَانَ أَنْزَلَ دَرَجَةً لَمْ يُعْتَبَرْ عَفْوُهُ؛ إذْ لَا كَلَامَ لَهُ كَعَفْوِ أَخٍ مَعَ وُجُودِ ابْنٍ، وَكَذَا إذَا كَانَ الْعَافِي لَمْ يُسَاوِ الْبَاقِي فِي الِاسْتِحْقَاقِ كَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ مَعَ وُجُودِ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ؛ إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَأَشَارَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ بِقَوْلِهِ (وَالْبِنْتُ) ، أَوْ بِنْتُ الِابْنِ (أَوْلَى) أَيْ أَحَقُّ (مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ) ؛ إذْ لَا كَلَامَ لِلْأُخْتِ مَعَهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لَهَا فِي الْإِرْثِ مُسَاوَاتُهَا فِي الْعَفْوِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا إذَا ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ وَأَمَّا لَوْ احْتَاجَ الْقِصَاصُ لِقَسَامَةٍ فَلَيْسَ لَهُمَا أَنْ يَقْسِمَا؛ لِأَنَّ النِّسَاءَ لَا يَقْسِمْنَ فِي الْعَمْدِ، وَإِنَّمَا يَقْسِمُ الْعَصَبَةُ فَإِنْ أَقْسَمُوا وَأَرَادُوا الْقَتْلَ وَعَفَتْ الْبِنْتُ فَلَا عَفْوَ لَهَا، وَإِنْ عَفَوْا وَأَرَادَتْ الْقَتْلَ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ إلَّا بِاجْتِمَاعِ الْجَمِيعِ، أَوْ بَعْضٍ مِنْ الْبَنَاتِ وَبَعْضٍ مِنْهُمْ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَسَيَأْتِي أَيْضًا (وَإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ) ، أَوْ بِنْتُ ابْنٍ مِنْ بَنَاتِ ابْنٍ، أَوْ أُخْتٌ مِنْ أَخَوَاتٍ وَلَمْ يَكُنْ عَاصِبٌ، أَوْ عَاصِبٌ لَا كَلَامَ لَهُ (نَظَرَ الْحَاكِمُ) فِي الْعَفْوِ وَضِدِّهِ إنْ كَانَ عَدْلًا، وَإِلَّا فَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ.
وَأَشَارَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّالِثَةِ بِقَوْلِهِ (وَفِي) اجْتِمَاعِ (رِجَالٍ وَنِسَاءٍ) أَعْلَى دَرَجَةً مِنْهُمْ وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ بِأَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ (لَمْ يَسْقُطْ) الْقِصَاصُ (إلَّا بِهِمَا) أَيْ بِعَفْوِ الْفَرِيقَيْنِ وَمَنْ أَرَادَ الْقَتْلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ، فَالْقَوْلُ لَهُ (أَوْ بِبَعْضِهِمَا) أَيْ بَعْضِ كُلٍّ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَقَوْلُنَا وَنِسَاءٍ أَعْلَى دَرَجَةً مِنْ الرِّجَالِ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَ الرِّجَالُ مُسَاوِينَ لِلنِّسَاءِ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ، وَالِاسْتِيفَاءُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَيْهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ.
(قَوْلُهُ: لَا يُؤَخَّرُ جَانٍ) أَيْ لَا يُؤَخَّرُ قِصَاصٌ عَلَى جَانٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ عُضْوٍ، وَكَذَا مُتْلِفٌ لِمَالٍ بِدُخُولِ الْحَرَمِ بَلْ يُقْتَصُّ مِنْهُ فِيهِ فَإِنْ لَجَأَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، أَوْ لِلْبَيْتِ أُخْرِجَ مِنْهُ وَاقْتُصَّ مِنْهُ خَارِجَهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْحَرَمُ الَّذِي دَخَلَهُ الْجَانِي غَيْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ بِأَنْ دَخَلَ الْحَرَمَ الْمَحْدُودَ، وَهُوَ الَّذِي لَا يَجُوزُ حِلًّا بِدُونِ إحْرَامٍ وَلَا يُصَادُ مِنْهُ بَلْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْحَرَمُ الَّذِي دَخَلَهُ الْجَانِي الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، أَوْ الْبَيْتَ (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْجِدِ) أَيْ وَيُخْرَجُ ذَلِكَ الْجَانِي مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ خَارِجَ الْمَسْجِدِ وَلَوْ فِي الْحَرَمِ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ فِي الْمَسْجِدِ لِئَلَّا يُؤَدِّي إلَى تَنْجِيسِهِ، وَإِخْرَاجُهُ مِنْ الْمَسْجِدِ لِإِقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فَعَلَ مُوجِبَ ذَلِكَ الْحَدِّ فِي الْحَرَمِ، أَوْ فَعَلَهُ خَارِجَهُ وَلَجَأَ إلَيْهِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] فَقِيلَ إنَّهُ إخْبَارٌ عَمَّا كَانَ فِي زَمَنِ الْجَاهِلِيَّةِ بِدَلِيلِ {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} [العنكبوت: 67] وَقِيلَ إنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ بِآيَةِ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} [التوبة: 5] .
وَقِيلَ الْمُرَادُ {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] مِنْ الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ وَقِيلَ أَنَّ الْجُمْلَةَ إنْشَائِيَّةٌ مَعْنَى أَيْ أَمَّنُوهُ مِنْ الْقَتْلِ، وَالظُّلْمِ إلَّا لِمُوجِبٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْرِمًا) مُبَالَغَةٌ فِي قَوْلِهِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ الْقِصَاصُ) أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ (قَوْلُهُ: إنْ عَفَا رَجُلٌ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ رِجَالًا فَقَطْ مُسْتَوِينَ فِي الدَّرَجَةِ، وَالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنْ اجْتَمَعُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْقِصَاصِ اقْتَصُّوا، وَإِنْ طَلَبَ بَعْضُهُمْ الْقِصَاصَ وَبَعْضُهُمْ الْعَفْوَ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْعَفْوَ وَمَتَى حَصَلَ الْعَفْوُ مِنْ أَحَدِهِمْ سَقَطَ الْقِصَاصُ وَلِمَنْ لَمْ يَعْفُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (قَوْلُهُ: وَالِاسْتِحْقَاقِ) أَيْ اسْتِحْقَاقِ الدَّمِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا اسْتِحْقَاقَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ) أَيْ فِي الدَّمِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الِاسْتِيفَاءَ لِلْعَاصِبِ، وَهُمْ غَيْرُ عَصَبَةٍ (قَوْلُهُ: وَأَشَارَ لِلْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ، وَهِيَ مَا إذَا كَانَ الْقَائِمُ بِالدَّمِ نِسَاءً فَقَطْ وَذَلِكَ لِعَدَمِ مُسَاوَاةِ عَاصِبٍ لَهُنَّ فِي الدَّرَجَةِ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ أَصْلًا، أَوْ وُجِدَ وَكَانَ أَنْزَلَ مِنْهُنَّ دَرَجَةً وَقَدْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لَهَا فِي الْإِرْثِ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثٌ إلَّا هُمَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْبِنْتُ، أَوْلَى مِنْ الْأُخْتِ فِي عَفْوٍ وَضِدِّهِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ لَهَا) أَيْ، وَالْقَوْلُ لِلْعَصَبَةِ فِي الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: فَلَا عَفْوَ لَهُمْ) أَيْ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي طَلَبِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْبَنَاتِ إذَا حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَالْقَوْلُ لِمَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ مِنْ الرِّجَالِ، أَوْ النِّسَاءِ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ بِغَيْرِهَا فَلَا حَقَّ لِلْعَصَبَةِ مَعَهُنَّ لَا فِي عَفْوٍ وَلَا فِي قَوَدٍ، وَالْحَقُّ لِلنِّسَاءِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَاصِبٌ لَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِكَوْنِ الْقَتْلِ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ.
(قَوْلُهُ: نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي الْعَفْوِ وَضِدِّهِ) أَيْ أَيُّهُمَا
أَصْلَحُ
فِعْلُهُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَصَبَةِ عِنْدَ فَقْدِهَا لِإِرْثِهِ لِبَيْتِ الْمَالِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِ الْمَقْتُولِ، وَإِذَا أَمْضَى الْإِمَامُ بِنَظَرِهِ عَفْوَ بَعْضِ الْبَنَاتِ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْهُنَّ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ وَمَفْهُومُ بِنْتٍ مِنْ بَنَاتٍ أَنَّهُنَّ لَوْ عَفَوْنَ كُلُّهُنَّ، أَوْ أَرَدْنَ الْقَتْلَ لَمْ يَكُنْ لِلْإِمَامِ نَظَرٌ (قَوْلُهُ: وَفِي اجْتِمَاعِ رِجَالٍ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانُوا وَارِثِينَ كَبَنَاتٍ وَعَصَبَاتٍ تَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَيْهِمْ أَمْ لَا، أَوْ غَيْرَ وَارِثِينَ وَتَوَقَّفَ الثُّبُوتُ عَلَيْهِمْ لِأَجْلِ الْقَسَامَةِ كَبِنْتٍ وَأُخْتٍ وَعَصَبَةٍ اُنْظُرْ بْن وَشَارِحُنَا قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ بِأَنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ وَكَانَ لِلرِّجَالِ كَلَامٌ لِكَوْنِهِمْ
لِلْعَاصِبِ وَحْدَهُ كَمَا مَرَّ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ وَلَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ إلَخْ كَرَّرَهَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ، أَوْ بِبَعْضِهَا الْمُقَيِّدِ لِمَا مَرَّ كَمَا تَقَدَّمَ وَلِأَجْلِ جَمْعِ الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثَةِ (وَمَهْمَا أَسْقَطَ) أَيْ عَفَا (الْبَعْضُ) أَيْ بَعْضُ مُسْتَحِقِّي الدَّمِ مَعَ تَسَاوِي دَرَجَتِهِمْ بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَسَامَةٍ سَقَطَ الْقَوَدُ، وَإِذَا سَقَطَ (فَلِمَنْ بَقِيَ) مِمَّنْ لَمْ يَعْفُ وَلَهُ التَّكَلُّمُ، أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ (نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ عَمْدٍ، وَكَذَا إذَا عَفَا جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ مُتَرَتِّبًا فَلِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ، أَوْ زَوْجَةٍ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ ثَبَتَ بِعَفْوِ الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَوْا فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَلَا شَيْءَ لِمَنْ لَا تَكَلُّمَ لَهُ كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا وَعَفَا وَشَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ قَوْلَهُ (كَإِرْثِهِ) أَيْ الدَّمِ (وَلَوْ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ) فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ؛ لِأَنَّ إرْثَهُ لَهُ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا كَالْعَفْوِ مِثَالُ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ مَا لَوْ قَتَلَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ أَبَاهُ فَمَاتَ غَيْرُ الْقَاتِلِ وَلَا إرْثَ لَهُ سِوَاهُ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ جَمِيعَ دَمِ نَفْسِهِ وَمِثَالُ مَا بَعْدَهَا مَا لَوْ كَانَ غَيْرُ الْقَاتِلِ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ مَاتَ أَحَدُهُمْ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ بَعْضَ دَمِ نَفْسِهِ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَارِثُهُ) أَيْ الْقِصَاصِ (كَالْمَالِ) أَيْ كَإِرْثِ الْمَالِ لَا كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ فَيُنَزَّلُ وَرَثَتُهُ مَنْزِلَتَهُ مِنْ غَيْرِ خُصُوصِيَّةٍ لِلْعَصَبَةِ مِنْهُمْ عَلَى ذَوِي الْفُرُوضِ فَيَرِثُهُ الْبَنَاتُ، وَالْأُمَّهَاتُ وَيَكُونُ لَهُمْ الْعَفْوُ، وَالْقِصَاصُ كَمَا لَوْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً؛ لِأَنَّهُمْ وَرِثُوهُ عَمَّنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ نَعَمْ لَا دَخْلَ فِي ذَلِكَ لِزَوْجَةِ وَلِيِّ الدَّمِ وَلَا لِزَوْجِ مَنْ لَهَا كَلَامٌ فَقَوْلُهُ كَالْمَالِ أَيْ فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَالِ الْمَأْخُوذِ عَنْ دِيَةِ عَمْدٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَارِثِينَ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، أَوْ قَسَامَةٍ، أَوْ كَانُوا غَيْرَ وَارِثِينَ وَلَكِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ لَكَانَ ذَلِكَ، أَوْلَى وَعَلَيْهِ يَظْهَرُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّكْرَارِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: مُكَرَّرَةٌ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَعَ قَوْلِهِ وَلِكُلٍّ الْقَتْلُ وَلَا عَفْوَ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وَثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ؛ إذْ قَوْلُهُ وَلِلنِّسَاءِ إنْ وَرِثْنَ لَا تَكْرَارَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَمَهْمَا أَسْقَطَ إلَخْ) هَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي إلَى هُنَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ ظَاهِرُ الشَّارِحِ مِنْ قَصْرِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي، ثُمَّ جَوَابُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ قَدَّرَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَى الْإِسْقَاطِ يَعْنِي الْعَفْوَ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَلِمَنْ بَقِيَ إلَخْ فَلَا يَتَرَتَّبُ إلَّا عَلَى السُّقُوطِ وَحِينَئِذٍ، فَهُوَ جَوَابٌ لِشَرْطٍ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
(قَوْلُهُ: وَلَهُ التَّكَلُّمُ، أَوْ هُوَ مَعَ غَيْرِهِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ عَفَا سَقَطَ حَقَّهُ مِنْ الدَّمِ وَمِنْ الدِّيَةِ وَمَا بَقِيَ مِنْهَا يَكُونُ لِمَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ، وَالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ عَفَا أَحَدُ ابْنَيْنِ سَقَطَ حَظُّهُ مِنْ الدِّيَةِ وَبَقِيَّتُهَا لِمَنْ بَقِيَ تَدْخُلُ فِيهِ الزَّوْجَةُ وَغَيْرُهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا إذَا عَفَا إلَخْ) كَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَزَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ فَعَفَا بَعْضُ الْبَنِينَ، ثُمَّ بَلَغَ مَنْ بَقِيَ مِمَّنْ لَهُ التَّكَلُّمُ فَعَفَا فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُمْ مِنْ أَخَوَاتِهِمْ، وَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ.
(قَوْلُهُ: كَوَلَدَيْنِ وَزَوْجٍ) أَيْ فَعَفَا أَحَدُ الْوَالِدَيْنِ، ثُمَّ عَفَا أَخُوهُ فَلَا يَضُرُّ ذَلِكَ مَنْ مَعَهُمَا مِنْ الزَّوْجَةِ، أَوْ الزَّوْجِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ عَفَوَا) أَيْ جَمِيعُ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا كَانَ مَنْ لَهُ التَّكَلُّمُ وَاحِدًا إلَخْ) وَكَمَا لَوْ كَانَ لِلْمَقْتُولِ بَنُونَ وَبَنَاتٌ وَزَوْجٌ، أَوْ زَوْجَةٌ فَعَفَا الْبَنُونَ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ فَيَسْقُطُ حَقُّ الْبَنَاتِ، وَالزَّوْجِ، أَوْ الزَّوْجَةِ مِنْ الدِّيَةِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّفْصِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مَجَّانًا أَمَّا إذَا وَقَعَ عَلَى مَالٍ فَلِمَنْ بَقِيَ مِنْ الْوَرَثَةِ نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكَلُّمٌ سَوَاءٌ وَقَعَ الْإِسْقَاطُ مِنْ بَعْضِهِمْ، أَوْ مِنْ كُلِّهِمْ مُتَرَتِّبًا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ قِسْطًا) أَيْ هَذَا إذَا وَرِثَ دَمَ نَفْسِهِ كُلَّهُ بَلْ وَلَوْ وَرِثَ قِسْطًا أَيْ جُزْءًا مِنْهُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ وَرِثَ الْقَاتِلَ أَحَدُ وَرَثَةِ الْقَتِيلِ بَطَلَ قَوَدُهُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَ مِنْ دَمِهِ حِصَّةً وَقَالَ أَشْهَبُ لَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي إذَا وَرِثَ جُزْءًا مِنْ دَمِ نَفْسِهِ إلَّا إذَا كَانَ مَنْ بَقِيَ يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّارِحُ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْبَاقِي لَا يَسْتَقِلُّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِالْعَفْوِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَفْوِ مِنْ اجْتِمَاعِهِمْ عَلَيْهِ وَكُلُّ مَنْ طَلَبَ الْقَتْلَ فَإِنَّهُ يُجَابُ فَلَا يَسْقُطُ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي الْوَارِثِ لِجُزْءٍ مِنْ دَمِهِ كَمَنْ قَتَلَ أَخَاهُ شَقِيقَهُ وَتَرَكَ الْمَقْتُولُ بِنْتَيْنِ وَثَلَاثَةَ إخْوَةٍ أَشِقَّاءَ غَيْرَ الْقَاتِلِ فَمَاتَ أَحَدُهُمْ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا إخْوَتَهُ الثَّلَاثَةَ الْقَاتِلَ، وَالْأَخَوَيْنِ فَقَدْ وَرِثَ الْقَاتِلُ قِسْطًا مِنْ نَفْسِهِ وَلَا يَسْقُطُ الْقِصَاصُ عَنْهُ حَتَّى يَعْفُوَ الْبَنَاتُ، وَالْإِخْوَةُ الْبَاقُونَ، أَوْ الْبَعْضُ مِنْ كُلٍّ وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى أَشْهَبَ بِلَوْ وَمُقْتَضَى رَدِّهِ عَلَيْهِ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ خِلَافٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ كَلَامَهُ بَاقٍ عَلَى إطْلَاقِهِ لَا أَنَّهُ وِفَاقٌ لَهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ (قَوْلُهُ مَاتَ أَحَدُهُمْ) أَيْ وَلَا وَارِثَ لَهُ إلَّا إخْوَتَهُ (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ) أَيْ كَابْنِ الْمَقْتُولِ، أَوْ أَخِيهَا وَعَمِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَيَكُونُ لَهُنَّ الْعَفْوُ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ كَانَ مَعَهُمْ ذُكُورٌ فِي دَرَجَتِهِنَّ فَلَيْسَ بَنَاتُ وَلِيِّ الدَّمِ كَبَنَاتِ الْقَتِيلِ (قَوْلُهُ: هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ لِإِرْثِ الْقِصَاصِ كَإِرْثِ الْمَالِ وَقَالَ أَشْهَبُ إرْثُ الْقِصَاصِ كَالِاسْتِيفَاءِ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ فَاَلَّذِي يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ إنَّمَا هُوَ عَصَبَتُهُ فَيَكُونُ لَهُمْ الْعَفْوُ وَالْقِصَاصُ، وَأَمَّا بَنَاتُهُ وَأُمَّهَاتُهُ فَلَا كَلَامَ لَهُنَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: لِزَوْجَةِ وَلِيِّ الدَّمِ) أَيْ فَإِذَا مَاتَ وَلِيُّ الدَّمِ قَامَ وَرَثَتُهُ مَقَامَهُ إلَّا زَوْجَتَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا لِزَوْجِ إلَخْ)
فَيَدْخُلَانِ فِيهِ كَمَا مَرَّ.
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ مُسَمًّى، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقَوَدُ عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ نَبَّهَ هُنَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ فِيهِ بِمَا شَاءَ الْوَلِيُّ بِقَوْلِهِ (وَجَازَ صُلْحُهُ) أَيْ الْجَانِي (فِي) جِنَايَةِ (عَمْدٍ) قَتْلًا كَانَ مَعَ وَلِيِّ الدَّمِ، أَوْ جُرْحًا مَعَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (بِأَقَلَّ) مِنْ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (أَوْ أَكْثَرَ) مِنْهَا حَالًّا وَلِأَجَلٍ قَرِيبٍ، أَوْ بَعِيدٍ وَبِعَيْنٍ وَعَرْضٍ وَغَيْرِهِمَا وَقَدْ قَدَّمَ هَذَا فِي الصُّلْحِ بِقَوْلِهِ، وَعَنْ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (وَالْخَطَأُ كَبَيْعِ الدَّيْنِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ أَيْ أَنَّ الصُّلْحَ فِي الْخَطَإِ فِي النَّفْسِ، أَوْ الْجُرْحِ حُكْمُهُ حُكْمُ بَيْعِ الدِّيَةِ؛ إذْ دِيَةُ الْخَطَإِ مَالٌ فِي الذِّمَّةِ وَمَا صُولِحَ بِهِ عَنْهَا مَالٌ مَأْخُوذٌ عَنْهَا فَيَجِبُ مُرَاعَاةُ بَيْعِ الدَّيْنِ فِيهِ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ مُسْتَأْخِرٌ وَلَا أَحَدُهُمَا عَنْ إبِلٍ وَعَكْسُهُ؛ لِأَنَّهُ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَبِأَكْثَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهَا سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَجَازَ بِمَا حَلَّ مُعَجَّلًا فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ (وَلَا يَمْضِي) الصُّلْحُ مِنْ الْجَانِي خَطَأً (عَلَى عَاقِلَتِهِ) بِغَيْرِ رِضَاهَا (كَعَكْسِهِ) أَيْ لَا يَمْضِي صُلْحُ الْعَاقِلَةِ عَلَى الْجَانِي بِغَيْرِ رِضَاهُ وَيَلْزَمُ كُلًّا الصُّلْحُ فِيمَا يَنُوبُهُ (فَإِنْ)(عَفَا) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ خَطَأً قَبْلَ مَوْتِهِ (فَوَصِيَّةٌ) أَيْ، فَالْعَفْوُ كَالْوَصِيَّةِ بِالدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ وَالْجَانِي، فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضُمَّتْ لِمَالِهِ وَدَخَلَتْ فِي ثُلُثِ الْجَمِيعِ (وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا) الَّتِي، أَوْصَى بِهَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (فِيهِ) أَيْ فِيمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ (وَإِنْ) ، أَوْصَى (بَعْدَ سَبَبِهَا) أَيْ الدِّيَةِ وَسَبَبُهَا الْجُرْحُ، أَوْ إنْفَاذُ الْمَقَاتِلِ يَعْنِي أَنَّ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ إذَا أَوْصَى بِوَصَايَا غَيْرِ الْعَفْوِ الْمَذْكُورِ أَوْ مَعَهُ، فَإِنَّ الْوَصَايَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِهِ وَمِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ، وَلَا فَرْقَ فِي الْوَصَايَا بَيْنَ أَنْ يُوصِيَ بِهَا قَبْلَ سَبَبِ الدِّيَةِ، أَوْ بَعْدَهُ إلَّا أَنَّ الْمُتَوَهَّمَ إنَّمَا هِيَ الْوَصَايَا قَبْلَ السَّبَبِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَإِذَا مَاتَتْ بِنْتُ الْقَتِيلِ قَامَ وَرَثَتُهَا مَقَامَهَا إلَّا لِزَوْجِهَا (قَوْلُهُ فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الزَّوْجُ، وَالزَّوْجَةُ فِيهِ
(قَوْلُهُ: وَلَمَّا قَدَّمَ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا الدُّخُولِ إلَى عَدَمِ مُعَارَضَةِ قَوْلِهِ وَجَازَ صُلْحُهُ إلَخْ لِقَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ، فَالْقَوَدُ عَيْنًا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَعَ تَرَاضِيهِمَا أَيْ الْجَانِي وَوَلِيِّ الدَّمِ وَتَعَيَّنَ الْقَوَدُ فِيمَا مَرَّ عِنْدَ عَدَمِ التَّرَاضِي (قَوْلُهُ: أَنَّ الْعَمْدَ لَا عَقْلَ فِيهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ قَتْلًا، أَوْ جُرْحًا، وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْقَوَدُ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ الْجُرْحُ مِنْ الْمَتَالِفِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ فِيهِ بَلْ فِي الدِّيَةِ كَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ وَمُنَقِّلَةِ الرَّأْسِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ صُلْحُهُ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ جَازَ أَنْ يُصَالِحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ، أَوْ الْمَجْرُوحَ فِي جِنَايَةِ الْعَمْدِ بِأَقَلَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَدَّمَ هَذَا إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَابِ الصُّلْحِ. .
(تَنْبِيهٌ)
لَوْ صَالَحَ الْجَانِي وَلِيَّ الدَّمِ عَلَى شَيْءٍ بِشَرْطِ أَنْ يَرْحَلَ مِنْ الْبَلَدِ وَلَا يَعُودُ إلَيْهَا أَصْلًا، أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ فَأَقْوَالٌ ابْنِ كِنَانَةَ الشَّرْطُ بَاطِلٌ، وَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ الصُّلْحُ وَيُنْقَضُ وَيُرْجِعُ الدِّيَةَ كَامِلَةً وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْقُضُ الصُّلْحَ وَيَقْتَصُّ وَقَالَ الْمُغِيرَةُ الشَّرْطُ جَائِزٌ، وَالصُّلْحُ لَازِمٌ وَكَانَ سَحْنُونٌ يُعْجِبُهُ قَوْلَ الْمُغِيرَةِ وَيَرَاهُ حَسَنًا فَإِنْ الْتَزَمَ الْقَاتِلُ أَنَّهُ إنْ عَادَ لِلْبَلَدِ فَلَهُمْ الْقَوَدُ، أَوْ الدِّيَةُ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ (قَوْلُهُ: مَالٌ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ، فَهُوَ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ) أَيْ مُؤَجَّلٍ عَنْ وَرِقٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَكْسِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَحَدِهِمَا) أَيْ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ أَحَدِهِمَا أَيْ الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ حَالَ كَوْنِهِ مُؤَجَّلًا عَنْ إبِلٍ وَمِثْلُ أَخْذِ أَحَدِهِمَا مُؤَجَّلًا أَخْذُ عَرْضٍ مُؤَجَّلٍ عَنْ إبِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِي الصُّلْحِ بِأَقَلَّ مِنْ الدِّيَةِ ضَعْ وَتَعَجَّلْ) أَيْ إذَا عَجَّلَ الْأَقَلَّ (قَوْلُهُ: وَجَازَ بِمَا حَلَّ مُعَجَّلًا إلَخْ) أَيْ وَجَازَ الصُّلْحُ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ بِحَالٍّ مُعَجَّلٍ فِي جَمِيعِ الْأَقْسَامِ الْمَذْكُورَةِ فَيَجُوزُ أَخْذُ ذَهَبٍ مُعَجَّلٍ عَنْ وَرِقٍ وَعَكْسُهُ، وَكَذَا أَخْذُ أَحَدِهِمَا مُعَجَّلًا عَنْ إبِلٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّعْجِيلِ الدَّفْعُ بِالْفِعْلِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْحُلُولَ مِنْ غَيْرِ تَعْجِيلٍ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ دَيْنًا فَيَلْزَمُ الْمَحْذُورَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَمْضِي عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ مِنْ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ فُضُولِيٌّ وَقَوْلُهُ كَعَكْسِهِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ صُلْحَهُ عَنْهُمْ فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ دِيَةِ الْخَطَإِ لَا يَمْضِي وَصُلْحُهُمْ عَنْ الْجَانِي فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْهَا لَا يَمْضِي وَيَمْضِي صُلْحُهُمْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُهُمْ، وَكَذَا صُلْحُهُ يَمْضِي بِالنِّسْبَةِ لِمَا يَنُوبُهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَفَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ خَطَأً) أَيْ عَنْ دِيَةِ الْخَطَإِ وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا تَعْفُوا عَنْ قَاتِلِي عَمْدًا فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ فَلِأَوْلِيَائِهِ الْعَفْوُ وَلَهُمْ الْقِصَاصُ، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ فَلَا عَفْوَ لَهُمْ قَالَهُ أَصْبَغُ وَلَوْ وَكَّلَ الْمَقْتُولُ وَكِيلًا عَلَى أَنْ يَعْفُوَ فَإِنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِقَسَامَةٍ، فَالْأَمْرُ لِلْأَوْلِيَاءِ، وَإِنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ، فَالْأَمْرُ لِلْوَكِيلِ فِي الْعَفْوِ كَذَا فِي الْبَدْرِ نَقْلًا عَنْ الْغِرْيَانِيِّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ فِي ثُلُثِهِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا حُطَّ عَنْ الْجَانِي، وَعَنْ عَاقِلَتِهِ ثُلُثُهَا وَدَفَعُوا لِوَرَثَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ ثُلُثَيْهَا (قَوْلُهُ: ضُمَّتْ لِمَالِهِ) فَإِذَا كَانَ مَالُهُ أَلْفَيْ دِينَارٍ ضُمَّتْ لَهُمَا وَحُطَّتْ عَنْ الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْجَمِيعِ يَحْتَمِلُهَا، وَإِنْ كَانَ وَمَالُهُ أَلْفًا حُطَّ عَنْهُمْ مِنْهَا ثُلُثُ الْأَلْفَيْنِ، وَهُوَ سِتُّمِائَةٍ وَسِتَّةٌ وَسِتُّونَ وَثُلُثَانِ وَلَزِمَهُمْ ثَلَثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ (قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ) أَيْ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِي دِيَةِ الْخَطَإِ أَيْ فِي ثُلُثِهَا مُضَافًا لِثُلُثِ مَالِهِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ فَضَمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى دِيَةِ الْخَطَإِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ كَمَا عَلِمْت، وَإِنَّمَا ذَكَرَ الضَّمِيرَ نَظَرًا لِكَوْنِهَا أَمْرًا وَاجِبًا كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ، أَوْ نَظَرًا لِكَوْنِهَا مَالًا (قَوْلُهُ: فِيمَا وَجَبَ مِنْ ثُلُثِ الدِّيَةِ) أَيْ دِيَةِ الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ ثُلُثُ الدِّيَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ تُضَمُّ لِمَالِهِ وَتَصِيرُ مَالًا وَيُنْظَرُ لِثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ حَمَلَ الدِّيَةَ الْمُوصَى بِهَا فَقَطْ نَفَذَتْ الْوَصِيَّةُ بِهَا، وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ وَصَايَا أُخَرُ اشْتَرَكَ الْجَمِيعُ فِي الثُّلُثِ فَإِنْ حَمَلَ الْجَمِيعَ فَلَا
فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يُبَالِغَ عَلَيْهِ بِأَنْ يَقُولَ، وَإِنْ قَبْلَ سَبَبِهَا (أَوْ) ، أَوْصَى لِرَجُلٍ مَثَلًا (بِثُلُثِهِ) قَبْلَ السَّبَبِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ مَوْرُوثٌ عَنْهُ (أَوْ) ، أَوْصَى (بِشَيْءٍ) كَدَارٍ، أَوْ عَشَرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ عَشَرَةِ أَثْوَابٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ ثُلُثًا وَلَا غَيْرَهُ، ثُمَّ جُنِيَ عَلَيْهِ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي الدِّيَةِ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ مِنْ حَيْثُ هِيَ فِي الدِّيَةِ حَيْثُ، أَوْصَى قَبْلَ السَّبَبِ (إذَا عَاشَ) الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ الْجِنَايَةِ (مَا) أَيْ زَمَنًا (يُمْكِنُهُ) فِيهِ (التَّغْيِيرُ) بِأَنْ كَانَ صَحِيحَ الذِّهْنِ (فَلَمْ يُغَيِّرْ) فِي وَصِيَّتِهِ فَإِنْ رَفَعَ مَغْمُورًا بَعْدَ الْجُرْحِ، أَوْ مَاتَ مَكَانَهُ لَمْ تَدْخُلْ الْوَصِيَّةُ فِي الدِّيَةِ (بِخِلَافِ) دِيَةِ (الْعَمْدِ) لَا تَدْخُلُ فِيهَا الْوَصَايَا، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الْجُرْحِ مَا يُمْكِنُهُ فِي التَّغْيِيرِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِالصُّلْحِ عَلَيْهَا فَلَا دَخْلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيهَا (إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلَهُ وَيَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَةَ وَعَلِمَ) بِقَبُولِ وَارِثِهِ لَهَا وَلَمْ يُغَيِّرْ فَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهَا؛ لِأَنَّ عِلْمَهُ بِقَبُولِ وَارِثِهِ الدِّيَةَ مَعَ عَدَمِ تَغَيُّرِهَا كَإِحْدَاثِهَا بَعْدَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ إنْ قَبِلَ وَارِثِي الدِّيَةَ فَوَصَّيْتُ فِيهَا، أَوْ فَقَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِهَا فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا فِي ثُلُثِهِ شَيْءٌ، وَكَذَا لَوْ قَالَ تَدْخُلُ وَصِيَّتِي فِيمَا عَلِمْت وَمَا لَمْ أَعْلَمْ فَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ كَمَا فِي النَّقْلِ (وَإِنْ)(عَفَا) مَجْرُوحٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (عَنْ جُرْحِهِ) مَجَّانًا (أَوْ صَالَحَ) عَنْهُ بِمَالٍ (فَمَاتَ) مِنْ جُرْحِهِ (فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ، وَالْقَتْلُ) فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، أَوْ لَهُمْ إمْضَاءُ الْعَفْوِ، أَوْ الصُّلْحِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
إشْكَالَ، وَإِنْ ضَاقَ عَنْ الْجَمِيعِ وَجَبَ الْمَصِيرُ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَخْ) أَصْلُ هَذَا الِاعْتِرَاضِ لِابْنِ غَازِيٍّ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَعْدَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يُضْبَطُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ ظَرْفًا وَأَمَّا إنْ ضُبِطَ بِضَمِّ الْعَيْنِ بِصِيغَةِ الْمَاضِي فَلَا يَتَوَجَّهُ هَذَا الِاعْتِرَاضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ قَبْلَ السَّبَبِ) أَيْ، أَوْ بَعْدَهُ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ) أَيْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَصْلًا دُفِعَ لَهُ ثُلُثُهَا، وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ ضُمَّ لِلدِّيَةِ وَدُفِعَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ لِلْمُوصَى لَهُ (قَوْلُهُ: أَوْ، أَوْصَى بِشَيْءٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ كَدَارٍ، أَوْ دَابَّةٍ مُعَيَّنَةٍ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ، فَهُوَ قَوْلُهُ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَدَارٍ إلَخْ يَنْبَغِي حَمْلُ ذَلِكَ عَلَى الْمُعَيَّنِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ دُخُولِ الْوَصِيَّةِ) أَيْ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هِيَ أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ بِعَشَرَةٍ وَلِعَمْرٍو بِمِائَةٍ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إذَا عَاشَ إلَخْ شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ بِالنَّظَرِ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: حَيْثُ، أَوْصَى بِهَا قَبْلَ السَّبَبِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا، أَوْصَى بَعْدَهُ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِ الدِّيَةِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ (قَوْلُهُ: يُمْكِنُهُ فِيهِ التَّغْيِيرُ) أَيْ لِوَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: فَلَمْ يُغَيِّرْ) أَيْ الْوَصِيَّةَ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ تَغْيِيرِهَا فَلَمَّا عَاشَ بَعْدَ السَّبَبِ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّغْيِيرُ وَلَمْ يُغَيِّرْ نُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ إحْدَاثِهَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْعَمْدِ) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَدْخُلُ وَصَايَاهُ فِيهِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ قُتِلَ عَمْدًا وَلَمْ يَعْفُ عَنْ قَاتِلِهِ وَلَهُ وَصَايَا، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِ قَبِلَ وَرَثَتُهُ الدِّيَةَ فَإِنَّ وَصَايَاهُ لَا تَدْخُلُ فِي الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ، وَالْوَصَايَا لَا تَدْخُلُ إلَّا فِيمَا عُلِمَ لِلْمَيِّتِ حِينَ مَوْتِهِ قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَلَوْ أَنَّ الْمُوصِي قَالَ إنْ قَبِلَ، أَوْلَادِي الدِّيَةَ فَوَصِيَّتِي فِيهَا، أَوْ أُوصِي بِثُلُثِهَا لَمْ يَجُزْ وَلَا يَدْخُلُ شَيْءٌ مِنْ وَصَايَاهُ فِي ثُلُثِهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا حِينَ مَوْتِهِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَوْ قَالَ يَخْرُجُ ثُلُثِي مِمَّا عَلِمْتُ وَمِمَّا لَمْ أَعْلَمْ لَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَمْ يَكُنْ بَلْ طَرَأَ لِلْوَارِثِ بَعْدَ الْمَوْتِ اهـ فَظَهَرَ لَك مِنْ هَذَا أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ قِيلَ إنَّهَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِ الْمَيِّتِ وَعَدَمُ دُخُولِ الْوَصَايَا فِيهَا لِعَدَمِ عِلْمِهِ بِهَا حِينَ الْمَوْتِ وَقِيلَ أَنَّهَا لَيْسَتْ مَالًا لَهُ، وَإِنَّمَا هِيَ إذَا قُبِلَتْ مَالٌ طَرَأَ لِلْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ بْن وَفِي الثَّانِي نَظَرٌ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ لَا يُقْضَى بِهَا دَيْنُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُقْضَى بِهَا دَيْنُهُ كَمَا فِي ح وَالْمَوَّاقِ، فَالصَّوَابُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ وَشَارِحُنَا قَدْ جَنَحَ لِمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ حَيْثُ قَالَ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ إلَخْ (قَوْلُهُ، وَإِنْ عَاشَ بَعْدَ الْجُرْحِ مَا يُمْكِنُهُ) أَيْ مُدَّةً يُمْكِنُهُ فِيهَا التَّعْبِيرُ لِوَصِيَّتِهِ وَلَمْ يُغَيِّرْهَا (قَوْلُهُ فَلَا دَخْلَ لِلْوَصِيَّةِ فِيهَا) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ مَقْتَلَهُ) أَيْ بِقَطْعِ نُخَاعٍ، أَوْ ثَقْبِ مُصْرَانٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْجَانِي عَمْدًا إذَا أَنْفَذَ مَقْتَلًا مِنْ مَقَاتِلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمُوصِي بِوَصَايَا قَبْلَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ إنَّ، أَوْلِيَاءَهُ قَبِلُوا الدِّيَةَ مِنْ الْجَانِي وَعَلِمَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْقَبُولِ وَلَمْ يُغَيِّرْ وَصَايَاهُ الْحَاصِلَةَ مِنْهُ مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ ذَلِكَ فَإِنَّهَا تَدْخُلُ فِي ثُلُثِ تِلْكَ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهَا مَالٌ لَهُ عِلْمٌ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَسُكُوتُهُ عَنْ تَغْيِيرِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ بِمَنْزِلَةِ إحْدَاثِهَا بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ كَإِحْدَاثِهَا) أَيْ الْوَصَايَا بَعْدَهُ أَيْ بَعْدَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: فَلَا يُعْمَلُ بِقَوْلِهِ) أَيْ لَا عِنْدَ مُحَمَّدٍ وَلَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ أَمَّا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ فَلِأَنَّهَا مَالٌ طَرَأَ لِلْوَارِثِ إذَا قَبِلَهَا وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَلِأَنَّ الْمُوصِي لَمْ يَعْلَمْ بِكَوْنِهَا مَالًا لَهُ حِينَ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَدْخُلُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الدِّيَةِ شَيْءٌ فِي ثُلُثِهِ وَلَوْ قَالَ وَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: فَلَا تَدْخُلُ وَصِيَّتُهُ فِي دِيَةِ الْعَمْدِ) أَيْ بِغَيْرِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَيْسَتْ مِنْ مَالِهِ، وَهُوَ إنَّمَا أَرَادَ مَا لَمْ أَعْلَمْ مِنْ مَالِي، ثُمَّ إنَّ عَدَمَ الدُّخُولِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا لِابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا عَلَى كَلَامِ مُحَمَّدٍ فَتَدْخُلُ الْوَصِيَّةُ فِيهَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ كَمَا فِي النَّقْلِ أَيْ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ، أَوْ صَالَحَ عَنْهُ بِمَالٍ) أَيْ وَأَخَذَهُ مِنْهُ (قَوْلُهُ: فَلِأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ إلَخْ) أَفَادَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الْخِيَارَ لِلْأَوْلِيَاءِ لَا لِلْجَانِي فَإِذَا أَرَادَ الْجَانِي الرُّجُوعَ فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ صُلْحًا وَطَلَبَ الْقَسَامَةَ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَالْقَوَدَ فِيهِ وَأَبَى
(وَرَجَعَ الْجَانِي) إنْ أَقْسَمُوا (فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ) ، وَهَذَا إنْ صَالَحَ عَنْهُ فَقَطْ وَأَمَّا لَوْ صَالَحَ عَنْهُ وَعَمَّا يَئُولُ إلَيْهِ فَخِلَافُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الصُّلْحِ بِأَتَمَّ مِمَّا هُنَا (وَلِلْقَاتِلِ) إنْ ادَّعَى الْعَفْوَ عَنْهُ وَأَنْكَرَ الْوَلِيُّ (الِاسْتِحْلَافُ عَلَى) عَدَمِ (الْعَفْوِ)(فَإِنْ) حَلَفَ الْوَلِيُّ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ فَلَهُ الْقَوَدُ، وَإِنْ (نَكَلَ حَلَفَ) الْقَاتِلُ يَمِينًا (وَاحِدَةً) لَا خَمْسِينَ (وَبَرِئَ) فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ بِلَا قَسَامَةٍ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً عَلَى الْعَفْوِ غَائِبَةً حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ (وَتَلَوَّمَ لَهُ) بِالِاجْتِهَادِ (فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ) قَرُبَتْ غَيْبَتُهَا، أَوْ بَعُدَتْ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَحَمَلَهَا عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ (وَقُتِلَ) الْقَاتِلُ (بِمَا قَتَلَ) بِهِ (وَلَوْ نَارًا) ، وَهَذَا إنْ ثَبَتَ الْقَتْلُ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ اعْتِرَافٍ فَإِنْ ثَبَتَ بِقَسَامَةٍ قُتِلَ بِالسَّيْفِ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (إلَّا) أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ (بِخَمْرٍ، أَوْ لِوَاطٍ) أَقَرَّ بِهِ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ فَحَدُّهُ الرَّجْمُ (وَسِحْرٍ) ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ (وَمَا يَطُولُ) كَمَنْعِهِ طَعَامًا، أَوْ مَاءً حَتَّى مَاتَ، أَوْ نَخَسَهُ بِإِبْرَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَيَتَعَيَّنُ السَّيْفُ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ (وَهَلْ، وَالسُّمُّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ فِي الْأَكْثَرِ، وَالْكَسْرُ لُغَةُ تَمِيمٍ، وَالضَّمَّةُ لُغَةُ أَهْلِ الْعَالِيَةِ أَيْ لَا يُقْتَلُ بِهِ (أَوْ) يُقْتَلُ بِهِ و (يَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ) أَيْ فِي الْقَدْرِ الَّذِي يَمُوتُ بِهِ مِنْ السُّمِّ (تَأْوِيلَانِ) ، وَإِذَا قُتِلَ بِمَا قَتَلَ (فَيُغَرَّقُ وَيُخَنَّقُ وَيُحَجَّرُ) إنْ فَعَلَ بِالْمَقْتُولِ ذَلِكَ أَيْ إنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ، وَكَذَا مَا قَبْلَهُ (و) مَنْ قَتَلَ بِعَصًا (ضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ كَذِي عُضْوَيْنِ) أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ فَمَاتَ فَإِنَّهُ يُضْرَبُ بِالْعَصَا حَتَّى يَمُوتَ فَلَا يُشْتَرَطُ تَسَاوِي الْعَدَدِ (وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ) لِلْقِصَاصِ (مِنْ السَّيْفِ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ قَتَلَ الْجَانِي بِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْأَوْلِيَاءُ مِنْ ذَلِكَ وَطَلَبُوا إمْضَاءَ الصُّلْحِ فَلَا كَلَامَ لِلْجَانِي، وَالْكَلَامُ إنَّمَا هُوَ لِلْأَوْلِيَاءِ (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْجَانِي) أَيْ، وَإِذَا نَقَضَ الْأَوْلِيَاءُ الصُّلْحَ الْحَاصِلَ مِنْ وَلِيِّهِمْ وَأَقْسَمُوا رَجَعَ الْجَانِي بِمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ صُلْحًا أَيْ رَجَعَ بِذَلِكَ عَلَى تَرِكَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إنْ صَالَحَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْجُرْحِ (قَوْلُهُ: الِاسْتِحْلَافُ) أَيْ تَحْلِيفُ الْوَلِيِّ أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ لَيْسَ لَهُ تَحْلِيفُ الْوَلِيِّ بَلْ إمَّا أَنْ يُثْبِتَ الْجَانِي مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْعَفْوِ، وَإِلَّا قُتِلَ وَفِي بْن عَنْ ابْنِ عَاشِرٍ اسْتِشْكَالُ تَحْلِيفِ الْجَانِي لِوَلِيِّ الدَّمِ مَعَ قَوْلِهِمْ كُلُّ دَعْوَى لَا تَثْبُتُ إلَّا بِعَدْلَيْنِ فَلَا يَمِينَ بِمُجَرَّدِهَا وَعَدُّوا مِنْ ذَلِكَ الْعَفْوَ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ حَذْفَ مُضَافٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ لِجَوَازِ جَعْلِ عَلَى لِلتَّعْلِيلِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185] (قَوْلُهُ: حَلَفَ الْقَاتِلُ يَمِينًا وَاحِدَةً) أَيْ إنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ (قَوْلُهُ لَا خَمْسِينَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إنَّمَا يَحْلِفُ يَمِينًا وَاحِدَةً أَنَّهُ لَمْ يَعْفُ وَقَدْرُهَا عَلَى الْجَانِي (قَوْلُهُ: فَإِنْ نَكَلَ قُتِلَ بِلَا قَسَامَةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْقَاتِلِ أَنَّ وَلِيَّ الدَّمِ عَفَا عَنْهُ تَتَضَمَّنُ اعْتِرَافَهُ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى أَنَّ لَهُ بَيِّنَةً غَائِبَةً تَشْهَدُ لَهُ بِعَفْوِ الْوَلِيِّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَتَلَوَّمَ لَهُ بِالِاجْتِهَادِ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا مَضَتْ مُدَّةُ التَّلَوُّمِ وَلَمْ تَأْتِ تِلْكَ الْبَيِّنَةُ اُقْتُصَّ مِنْهُ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْهُ بَعْدَ التَّلَوُّمِ فَقَدِمَتْ وَشَهِدَتْ بِالْعَفْوِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْوَلِيِّ وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ وَلَا يَكُونُ مِنْ خَطَإِ الْإِمَامِ فَإِنْ اقْتَصَّ الْحَاكِمُ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ قَطْعًا وَانْظُرْ إذَا قَتَلَهُ الْوَلِيُّ مِنْ غَيْرِ تَلَوُّمٍ، فَهَلْ كَذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوْ يُقْتَصُّ مِنْهُ اهـ عبق (قَوْلُهُ: وَقُتِلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ إلَخْ) فُهِمَ مِنْهُ أَنَّ الْجِرَاحَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ؛ إذْ يُطْلَبُ فِيهَا الْقِصَاصُ مِنْ الْجَانِي بِأَرْفَقَ مِمَّا جَنَى بِهِ فَإِذَا، أَوْضَحَهُ بِحَجَرٍ، أَوْ عَصًا اُقْتُصَّ مِنْهُ بِالْمُوسَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ نَارًا) ، لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ الْمُمَاثَلَةُ فِي الصِّفَةِ وَرُدَّ بِلَوْ عَلَى مَنْ قَالَ لَا يُقْتَصُّ بِالنَّارِ مِمَّنْ قَتَلَ بِهَا وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَكُونُ الْقِصَاصُ بِالنَّارِ مُسْتَثْنًى مِنْ النَّهْيِ عَنْ التَّعْذِيبِ بِهَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَثْبُتَ الْقَتْلُ بِخَمْرٍ) أَيْ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ عَلَى أَنَّهُ أَكْرَهَهُ عَلَى الْإِكْثَارِ مِنْ شُرْبِهِ حَتَّى مَاتَ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ يُقْتَلُ قِصَاصًا بِالسَّيْفِ (قَوْلُهُ: أَوْ لِوَاطٍ أَقَرَّ بِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِأَنَّهُ لَاطَ بِهِ فَمَاتَ وَثَبَتَ ذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيِّنَةِ فَلَا يُقْتَلُ بِمَا قَتَلَ بِهِ بَلْ بِالسَّيْفِ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَمْ يَسْتَمِرَّ عَلَى إقْرَارِهِ بَلْ رَجَعَ عَنْهُ وَلَا يُقَالُ أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِالزِّنَا وَرَجَعَ عَنْ إقْرَارِهِ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ؛ لِأَنَّ قَبُولَ رُجُوعِهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمِ رَجْمِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ لِإِقْرَارِهِ بِالْقَتْلِ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِالْقَتْلِ لَا يَنْفَعُ فِيهِ رُجُوعُهُ قَالَ الْبِسَاطِيُّ مَعْنَى قَوْلِهِمْ لَا يُقْتَلُ بِلِوَاطٍ أَنَّهُ لَا يُجْعَلُ لَهُ خَشَبَةٌ تُحَرَّكُ فِي دُبُرِهِ حَتَّى يَمُوتَ لِفُحْشِ ذَلِكَ، وَإِلَّا، فَاللِّوَاطُ لَا يَقْتُلُ عَادَةً وَمَوْتُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَرْضُ اتِّفَاقٍ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لَوْ ثَبَتَ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ إلَخْ) أَيْ، أَوْ بِإِقْرَارٍ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ إقْرَارٍ) أَيْ فَيُقْتَصُّ مِنْهُ بِالسَّيْفِ وَلَا يُؤْمَرُ ذَلِكَ السَّاحِرُ أَنْ يَفْعَلَ السِّحْرَ لِنَفْسِهِ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ خِلَافًا لِلْبِسَاطِيِّ الْقَائِلِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ بِهِ يُؤْمَرُ بِفِعْلِهِ لِنَفْسِهِ فَإِنْ مَاتَ، وَإِلَّا، فَالسَّيْفُ (قَوْلُهُ:، وَهَلْ، وَالسُّمُّ) أَيْ إذَا قَتَلَ الْجَانِي بِهِ شَخْصًا فَإِنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِهِ، وَإِنَّمَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ كَالْمُسْتَثْنَيَاتِ الْأَرْبَعِ، وَالسُّمُّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى خَمْرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ يُجْتَهَدُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِأَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ، وَالثَّانِي لِابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ قَتَلَ بِحَجَرٍ قُتِلَ بِهِ) أَيْ فَيُضْرَبُ بِهِ فِي مَحَلِّ خَطَرٍ بِحَيْثُ يَمُوتُ بِسُرْعَةٍ لَا أَنَّهُ يُرْمَى بِالْحِجَارَةِ حَتَّى يَمُوتَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا مَا قَبْلَهُ) أَيْ فَمَنْ قَتَلَ شَخْصًا بِالتَّغْرِيقِ، أَوْ بِالْخَنْقِ فَإِنَّهُ يُفْعَلُ بِهِ مِثْلُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: كَذِي عَصَوَيْنِ) أَيْ كَذِي ضَرْبَةِ عَصَوَيْنِ وَقَوْلُهُ أَيْ ضَرَبَهُ بِالْعَصَا مَرَّتَيْنِ أَيْ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَمُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ لِلْقِصَاصِ مِنْ السَّيْفِ) يَعْنِي أَنَّ مُسْتَحِقَّ
أَوْ بِغَيْرِهِ (وَانْدَرَجَ طَرَفٌ) كَيَدٍ وَرِجْلٍ وَعَيْنٍ فِي قَتْلِ النَّفْسِ (إنْ تَعَمَّدَهُ) الْجَانِي، ثُمَّ قَتَلَهُ، وَإِنْ كَانَ الطَّرَفُ (لِغَيْرِهِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَقْتُولِ كَقَطْعِ يَدِ شَخْصٍ وَفَقْءِ عَيْنِ آخَرَ وَقَتْلِ آخَرَ عَمْدًا فَيَنْدَرِجَانِ فِي النَّفْسِ؛ لِأَنَّهَا تَأْتِي عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا تُقْطَعُ يَدُهُ، ثُمَّ تُفْقَأُ عَيْنُهُ، ثُمَّ يُقْتَلُ (لَمْ يَقْصِدْ) الْقَاتِلُ (مُثْلَةً) بِالْمَقْتُولِ فَإِنْ قَصَدَهَا فُعِلَ بِهِ مَا فَعَلَ، ثُمَّ يُقْتَلُ فَقَوْلُهُ لَمْ يَقْصِدْ إلَخْ أَيْ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْمَقْتُولِ وَأَمَّا طَرَفُ غَيْرِهِ فَيَنْدَرِجُ وَلَوْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ عَلَى الرَّاجِحِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ إنْ تَعَمَّدَهُ عَنْ الْخَطَإِ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ (كَالْأَصَابِعِ) تُقْطَعُ عَمْدًا تَنْدَرِجُ (فِي) قَطْعِ (الْيَدِ) عَمْدًا بَعْدَ الْأَصَابِعِ مَا لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْقِصَاصِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيَةِ وَذَكَرَ أَنَّهَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ بِحَسَبِ أَمْوَالِهِمْ مِنْ إبِلٍ وَذَهَبٍ وَوَرِقٍ فَقَالَ.
(دَرْسٌ)
(وَدِيَةُ الْخَطَإِ) فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (عَلَى الْبَادِي) هُوَ خِلَافُ الْحَاضِرِ مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ (مُخَمَّسَةٌ) رِفْقًا بِمُؤَدِّيهَا (بِنْتُ مَخَاضٍ وَوَلَدَا لَبُونٍ) أَيْ بِنْتُ لَبُونٍ وَابْنُ لَبُونٍ (وَحِقَّةٌ وَجَذَعَةٌ) مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْخَمْسَةِ عِشْرُونَ (وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ) لَا قِصَاصَ فِيهِ كَأَنْ يَحْصُلَ عَفْوٌ عَلَيْهَا مُبْهَمَةً، أَوْ يَعْفُوَ بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ مَجَّانًا فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ (بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ) مِنْ الْأَصْنَافِ الْخَمْسَةِ فَتَكُونُ الْمِائَةُ مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ كُلٍّ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ (وَثُلِّثَتْ) أَيْ غَلُظَتْ مُثَلَّثَةً (فِي الْأَبِ) أَيْ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَلَا، وَالْأُمُّ كَذَلِكَ فَلَوْ قَالَ فِي الْوَالِدِ لَكَانَ أَشْمَلَ (وَلَوْ) كَانَ الْوَالِدُ (مَجُوسِيًّا) وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا، وَالتَّثْلِيثُ فِي حَقِّهِ بِحَسَبِ دِيَتِهِ، وَهُوَ ثُلُثُ خُمُسٍ وَاتَّكَلَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ عَلَى وُضُوحِهِ وَمَعْرِفَتِهِ مِمَّا يَأْتِي لَهُ، فَالتَّثْلِيثُ فِيهِ جَذَعَتَانِ وَحِقَّتَانِ وَخَلِفَتَانِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الدَّمِ إذَا طَلَبَ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي بِالسَّيْفِ فَإِنَّهُ يُجَابُ لِذَلِكَ سَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي قَتَلَ بِالسَّيْفِ، أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْوُجُوهِ السَّابِقَةِ وَسَوَاءٌ قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ أَمْ لَا هَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْقَائِلِ أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ الْجَانِي قَتَلَ بِأَخَفَّ مِنْ السَّيْفِ كَلَحْسِ فَصٍّ، وَإِلَّا فُعِلَ بِهِ ذَلِكَ وَلَا يُقْتَلُ بِالسَّيْفِ وَأَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَنَّ الْقَتْلَ بِمَا قَتَلَ بِهِ حَقٌّ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ لَا لِلَّهِ فَلِذَا كَانَ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يَخْتَارَ السَّيْفَ دُونَ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ إنْ تَعَمَّدَ الطَّرَفَ أَيْ إنْ تَعَمَّدَ تَلَفَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِطَرَفِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَقْصِدْ مِثْلَهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ وَقَدْ تَبِعَ الشَّارِحُ فِي ذَلِكَ ابْنَ مَرْزُوقٍ وَالْمَوَّاقَ وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ يَقْتَضِي أَنَّهُ قَيْدٌ فِيهِمَا وَاسْتَظْهَرَهُ بْن (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَصَدَ الْمُثْلَةَ) أَيْ بِصَاحِبِ الْأَطْرَافِ الَّتِي قَطَعَهَا (قَوْلُهُ كَالْأَصَابِعِ تُقْطَعُ عَمْدًا) أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُطِعَتْ خَطَأً فَلَا انْدِرَاجَ فَإِذَا قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ خَطَأً، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ عَمْدًا أَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَفِي الْكَفِّ حُكُومَةٌ وَأَمَّا قَوْلُ عبق تَبَعًا لتت أَخَذَ دِيَةَ الْأَصَابِعِ وَاقْتُصَّ لِلْكَفِّ فَقَدْ اعْتَرَضَهُ طفى بِأَنَّ يَدَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا كَانَتْ نَاقِصَةً أَكْثَرَ مِنْ الْأُصْبُعِ لَا قِصَاصَ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَسَوَاءٌ كَانَ الْجَانِي ثَانِيًا هُوَ الْجَانِي أَوَّلًا، أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: تَنْدَرِجُ فِي قَطْعِ الْيَدِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ يَدَ مَنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، أَوْ يَدَ غَيْرِهِ فَإِذَا قَطَعَ أَصَابِعَ شَخْصٍ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ كَفَّهُ عَمْدًا بَعْدَ ذَلِكَ قُطِعَ الْجَانِي مِنْ الْكُوعِ، أَوْ قَطَعَ أَصَابِعَ رَجُلٍ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْكُوعِ وَيَدَ آخَرَ مِنْ الْمِرْفَقِ قُطِعَ لَهُمْ مِنْ الْمِرْفَقِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً،، وَإِلَّا لَمْ تَنْدَرِجْ الصُّورَتَانِ بَلْ تُقْطَعُ أَصَابِعُهُ أَوَّلًا، ثُمَّ كَفُّهُ فِي الْأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ تُقْطَعُ أَصَابِعُهُ، ثُمَّ يَدُهُ مِنْ الْكُوعِ، ثُمَّ مِنْ الْمِرْفَقِ
(قَوْلُهُ: شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الدِّيَةِ) مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَدَى بِوَزْنِ الْفَتَى، وَهُوَ الْهَلَاكُ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا مُسَبَّبَةٌ عَنْهُ فَسُمِّيَتْ بِاسْمِ سَبَبِهَا وَدِيَةٌ كَعِدَةٍ مَحْذُوفَةُ الْفَاءِ، وَهِيَ الْوَاوُ وَعُوِّضَ عَنْهَا هَاءُ التَّأْنِيثِ (قَوْلُهُ: فِي قَتْلِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لُزُومُ الْقِيمَةِ لِقَاتِلِ الرَّقِيقِ، وَإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ وَدِيَةِ غَيْرِ الْمُسْلِمِ وَأَنَّ الْأُنْثَى عَلَى النِّصْفِ مِنْ الذَّكَرِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْبَادِي) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ الْبَادِي مِنْ أَيِّ إقْلِيمٍ كَانَ (قَوْلُهُ: مِائَةٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ إبِلٌ بَلْ خَيْلٌ مَثَلًا كُلِّفُوا بِمَا فِي حَاضِرَتِهِمْ كَمَا قَالَهُ بْن وَقِيلَ يُكَلَّفُونَ قِيمَةَ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: مُخَمَّسَةٌ) أَيْ تُؤْخَذُ مِنْ خَمْسَةِ أَنْوَاعٍ (قَوْلُهُ: وَرُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ) أَيْ عَلَى أَهْلِ الْبَادِيَةِ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيهِمْ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ حَالَّةٌ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ الْأَجَلُ وَقِيلَ إنَّهَا تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَدِيَةِ الْخَطَإِ وَأَمَّا إذَا صَالَحَ الْجَانِي عَلَى دَنَانِيرَ، أَوْ دَرَاهِمَ، أَوْ عُرُوضٍ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّهَا تَكُونُ حَالَّةً كَمَا فِي بْن.
(قَوْلُهُ: مُبْهَمَةً) أَيْ بِأَنْ قَالَ الْأَوْلِيَاءُ عَفَوْنَا، أَوْ نُصَالِحُكُمْ عَلَى الدِّيَةِ وَأَمَّا إذَا قَيَّدُوا بِشَيْءٍ بِأَنْ قَالُوا عَفَوْنَا، أَوْ وَنُصَالِحُكُمْ عَلَى الدِّيَةِ مِنْ كَذَا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ وَقَوْلُهُ كَأَنْ يَحْصُلَ إلَخْ، وَكَذَلِكَ الْعَمْدُ الَّذِي سَقَطَ فِيهِ الْقِصَاصُ لِعَدَمِ وُجُودِ مِثْلِهِ فِي الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَصْنَافِ الْأَرْبَعَةِ) بِنْتُ الْمَخَاضِ وَبِنْتُ اللَّبُونِ، وَالْحِقَّةُ، وَالْجَذَعَةُ (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ كَذَلِكَ) أَيْ، وَإِنْ عَلَتْ مِنْ مَالِ كُلٍّ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَجُوسِيًّا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْوَالِدُ الْقَاتِلُ لِوَلَدِهِ مَجُوسِيًّا وَاعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ فِي تَغْلِيظِهَا عَلَى الْأَبِ الْمَجُوسِيِّ إنَّمَا هُوَ فِيمَا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ الْمَجُوسِيَّ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ لَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ تُشْبِهُ الْقِيمَةَ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ وَقَالَ أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ أَنَّهَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ إذَا حَكَمَ بَيْنَهُمْ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ التَّغْلِيظِ سُقُوطُ الْقَوَدِ وَأَمَّا إذَا قَتَلَ وَلَدَهُ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهَا تَغْلُظُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَتَحَاكَمُوا إلَيْنَا) لَا يَحْتَاجُ لِلتَّحَاكُمِ إذَا كَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا بَلْ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ تَحَاكَمُوا إلَيْنَا، أَوْ لَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ غَيْرَ مُسْلِمٍ فَلَا نَحْكُمُ بَيْنَهُمْ بِذَلِكَ إلَّا إذَا
وَثُلُثَا خَلِفَةٍ (فِي) قَتْلِ (عَمْدٍ) لِوَلَدِهِ (لَمْ يُقْتَلْ) الْأَبُ (بِهِ) وَضَابِطُهُ أَنْ لَا يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَإِنْ قَصَدَهُ كَأَنْ يَرْمِيَ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ يُضْجِعَهُ فَيَذْبَحَهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَالْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَى عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً ثُلِّثَتْ وَشَبَّهَ فِي التَّغْلِيظِ قَوْلَهُ (كَجُرْحِهِ) أَيْ فَكَمَا أَنَّ التَّغْلِيظَ يَكُونُ فِي النَّفْسِ كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْجُرْحِ مِنْ تَرْبِيعٍ، أَوْ تَثْلِيثٍ وَلَا فَرْقَ فِي الْجُرْحِ بَيْنَ مَا يُقْتَصُّ مِنْهُ كَالْمُوضِحَةِ وَمَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ كَالْجَائِفَةِ أَمْ لَا، فَالْعَمْدُ فِي الْجِرَاحِ كَالْعَمْدِ فِي النَّفْسِ فِي التَّغْلِيظِ بِنِسْبَةِ مَا لِكُلِّ جُرْحٍ مِنْ الدِّيَةِ فِي النَّفْسِ، ثُمَّ بَيَّنَ التَّغْلِيظَ بِالتَّثْلِيثِ فِي النَّفْسِ بِقَوْلِهِ (بِثَلَاثِينَ حِقَّةً وَثَلَاثِينَ جَذَعَةً وَأَرْبَعِينَ خَلِفَةً) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ اللَّامِ الْحَامِلُ مِنْ الْإِبِلِ (بِلَا حَدٍّ سِنٍّ) ، فَالْمَدَارُ عَلَى أَنْ تَكُونَ حَامِلًا سَوَاءٌ كَانَتْ حِقَّةً، أَوْ جَذَعَةً، أَوْ غَيْرَهُمَا (وَعَلَى الشَّامِيِّ، وَالْمِصْرِيِّ، وَالْمَغْرِبِيِّ أَلْفُ دِينَارٍ) شَرْعِيَّةٌ، وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ الدَّنَانِيرِ الْمِصْرِيَّةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ وَأَهْلُ الرُّومِ كَأَهْلِ مِصْرَ، وَكَذَا مَكَّةُ، وَالْمَدِينَةُ (وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ) ، وَالْفَارِسِيِّ، وَالْخُرَاسَانِيِّ (اثْنَا عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ) شَرْعِيَّةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ صَرْفَ الدِّينَارِ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ (إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ) ، وَهِيَ مَا عَلَى الْأَبِ فِي قَتْلِ وَلَدِهِ عَمْدًا (فَيُزَادُ) فِي الذَّهَبِ، أَوْ الْوَرِقِ (بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ) أَيْ يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ بِقَدْرِ نِسْبَةِ زِيَادَةِ قِيمَةِ الْمُثَلَّثَةِ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ، فَالْمُرَادُ بِالدِّيَتَيْنِ الْمُخَمَّسَةُ، وَالْمُثَلَّثَةُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَحَذْفُ مُضَافٍ مِنْ الْأَوَّلِ، وَالثَّانِي وَحَذْفُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ، وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ.
وَحَاصِلُهُ أَنْ تُقَوَّمَ الْمُثَلَّثَةُ حَالَّةً وَتُقَوَّمَ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى تَأْجِيلِهَا وَيُؤْخَذُ مَا زَادَتْهُ الْمُثَلَّثَةُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ وَيُنْسَبُ إلَى الْمُخَمَّسَةِ فَمَا بَلَغَ بِالنِّسْبَةِ يُزَادُ عَلَى دِيَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِثَالُهُ لَوْ كَانَتْ الْمُخَمَّسَةُ عَلَى آجَالِهَا تُسَاوِي مِائَةً، وَالْمُثَلَّثَةُ عَلَى حُلُولِهَا تُسَاوِي مِائَةً وَعِشْرِينَ وَنِسْبَةُ الْعِشْرِينَ إلَى الْمِائَةِ قِيمَةُ الْمُخَمَّسَةِ الْخُمُسُ فَيُزَادُ عَلَى الدِّيَةِ مِثْلُ خُمُسِهَا فَتَكُونُ مِنْ الذَّهَبِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفِ دِرْهَمٍ وَأَرْبَعَمِائَةٍ وَعُلِمَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّ الدِّيَةَ الْمُرَبَّعَةَ لَا تَغْلُظُ فِي الذَّهَبِ، وَالْوَرِقِ (وَالْكِتَابِيُّ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَرَافَعُوا إلَيْنَا (قَوْلُهُ: وَثُلُثَا خَلِفَةٍ) أَيْ فَيَكُونُ شَرِيكًا لِوَرَثَةِ وَلَدِهِ فِي خَلِفَةٍ بِالثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: لِوَلَدِهِ) أَيْ الْمُسْلِمِ، أَوْ الْمَجُوسِيِّ (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَقْصِدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ) أَيْ كَرَمْيِهِ بِحَدِيدَةٍ، أَوْ سَيْفٍ أَرَادَ بِذَلِكَ أَدَبَهُ، أَوْ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا (قَوْلُهُ فَإِنْ قَصَدَهُ) أَيْ حَقِيقَةً، أَوْ حُكْمًا، فَالْحَقِيقِيُّ كَأَنْ يَرْمِيَ عُنُقَهُ بِالسَّيْفِ، أَوْ يَضْرِبَهُ بِعَصًا، أَوْ سَيْفٍ قَاصِدًا بِمَا ذُكِرَ إزْهَاقَ رُوحِهِ وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا مِنْهُ، وَالْحُكْمِيُّ كَمَا إذَا أَضْجَعَهُ وَشَقَّ جَوْفَهُ وَقَالَ فَعَلْت ذَلِكَ حَمَاقَةً وَلَمْ أَقْصِدْ إزْهَاقَ رُوحِهِ فَلَا يُقْبَلُ ذَلِكَ مِنْهُ وَيُقْتَلُ الْأَبُ بْن (قَوْلُهُ: فَالْقِصَاصُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الْمُسْتَحِقُّ لِلدَّمِ ابْنًا آخَرَ، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ قَتْلُهُ بِالْأَوْلَى مِنْ تَحْلِيفِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَجُرْحِهِ) أَيْ كَجُرْحِ الْعَمْدِ أَيْ كَمَا تَغْلُظُ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ سَوَاءٌ كَانَ الْجَارِحُ الْأَبَ، أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ كَانَ الْأَبَ، فَالدِّيَةُ مُثَلَّثَةً، وَإِنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَمُرَبَّعَةً.
(قَوْلُهُ: كَذَلِكَ يَكُونُ فِي الْجُرْحِ) أَيْ عَمْدًا إذَا كَانَ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِكَوْنِهِ صَادِرًا مِنْ الْأَبِ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَحَصَلَ مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ عَفْوٌ عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً، أَوْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِنَا لِكَوْنِهِ صَادِرًا مِنْ الْأَبِ أَنَّ الْأَبَ لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ فِي الْجُرْحِ مُطْلَقًا وَلَوْ قَصَدَ جَرْحَ وَلَدِهِ بِخِلَافِ الْقَتْلِ فَإِنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْهُ إذَا قَصَدَ إزْهَاقَ رُوحِهِ، وَهَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ (قَوْلُهُ: مِنْ تَرْبِيعٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ وَعَفَا عَنْهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً (قَوْلُهُ: أَوْ تَثْلِيثٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْجُرْحُ مِنْ الْأَبِ.
(قَوْلُهُ: كَالْجَائِفَةِ) أَيْ فَإِنَّ فِيهَا ثُلُثَ الدِّيَةِ وَقَوْلُهُ أَمْ لَا أَيْ كَالْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: بِنِسْبَةِ مَا لِكُلِّ جُرْحٍ إلَخْ) ، فَالْجَائِفَةُ مَثَلًا فِيهَا ثُلُثُ الدِّيَةِ فَيُؤْخَذُ مُغَلَّظًا وَكَيْفِيَّةُ تَغْلِيظِهِ أَنْ تَنْسُبَ الْأَرْبَعِينَ خَلِفَةٍ لِلْمِائَةِ تَجِدُهَا خَمْسِينَ فَيَأْخُذُ خُمُسَ الثُّلُثِ مِنْ الْخَلِفَاتِ وَذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ وَثُلُثٌ وَتَنْسُبَ الثَّلَاثِينَ حِقَّةٍ لِلْمِائَةِ تَجِدُهَا خُمُسًا وَعُشْرًا فَيُؤْخَذُ خُمُسُ وَعُشْرُ الثُّلُثِ مِنْ الْحِقَاقِ وَذَلِكَ عَشَرَةٌ، وَكَذَلِكَ الْجَذَعَةُ (قَوْلُهُ: بِلَا حَدِّ سِنٍّ) أَيْ فِي الْخَلِفَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْعِرَاقِيِّ إلَخْ) اُسْتُفِيدَ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ فَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ عِنْدَنَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرْضٌ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ خِلَافُ ذَلِكَ فَاَلَّذِي اسْتَظْهَرَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُمْ يُكَلَّفُونَ مَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ الْمَوْجُودُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ وَلَا يُؤْخَذُ مِمَّا وُجِدَ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق حَيْثُ قَالَ وَلَا يُؤْخَذُ فِي الدِّيَةِ عِنْدَنَا بَقَرٌ وَلَا غَنَمٌ وَلَا عَرْضٌ وَحَيْثُ لَمْ يُوجَدْ فِي الْبَلَدِ خِلَافُ ذَلِكَ فَيَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ أَيْ يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَى مَا وُجِدَ عِنْدَهُمْ، وَالْأَخْذُ مِنْهُ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي الْمُثَلَّثَةِ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مُقَدَّرٍ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: أَيْ يُزَادُ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ) فِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى دِيَةِ الذَّهَبِ، أَوْ الْفِضَّةِ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ يُزَادُ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْ ذَهَبٍ، أَوْ فِضَّةٍ بِقَدْرِ نِسْبَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: حَذْفُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ وَقَوْلُهُ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ، وَهُوَ قَدْرٌ وَقَوْلُهُ مِنْ الْأَوَّلِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ بِنِسْبَةٍ وَقَوْلُهُ، وَالثَّانِي أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ الدِّيَتَيْنِ، وَالْمُضَافُ الْمَحْذُوفُ مِنْ الثَّانِي هُوَ قِيمَةُ وَفِيهِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْضًا، وَهُوَ زِيَادَةٌ.
(قَوْلُهُ: وَحَذْفُ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ عَلَى قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ عَلَى مَا فِيهِ كَمَا عَلِمْت وَقَوْلُهُ، وَالْمَنْسُوبِ إلَيْهِ أَيْ الَّذِي هُوَ الْمُخَمَّسَةُ (قَوْلُهُ: مَا زَادَتْهُ الْمُثَلَّثَةُ) أَيْ مَا زَادَتْهُ قِيمَةُ الْمُثَلَّثَةِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمُخَمَّسَةِ أَيْ عَلَى
الذِّمِّيُّ (و) الْكِتَابِيُّ (الْمُعَاهَدُ) أَيْ الْحَرْبِيُّ الْمُؤَمَّنُ (نِصْفُ دِيَتِهِ) أَيْ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (وَالْمَجُوسِيُّ) الْمُعَاهَدُ (وَالْمُرْتَدُّ) دِيَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا (ثُلُثُ خُمُسٍ) فَتَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ سِتَّةَ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثَيْ بَعِيرٍ وَمِنْ الذَّهَبِ سِتَّةً وَسِتِّينَ دِينَارًا، أَوْ ثُلُثَيْ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ ثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَقِيلَ لَا دِيَةَ لِلْمُرْتَدِّ، وَإِنَّمَا عَلَى قَاتِلِهِ الْأَدَبُ، وَهُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَوَّلَ الْبَابِ بِقَوْلِهِ كَمُرْتَدٍّ (و) دِيَةُ (أُنْثَى كُلٍّ) مِمَّنْ ذُكِرَ (كَنِصْفِهِ) فَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ نِصْفُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، وَهَكَذَا (وَفِي) قَتْلِ (الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ) قِنًّا وَلَوْ مُدَبَّرًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ مُبَعَّضًا كَمُعْتَقٍ لِأَجْلِ لِذَلِكَ الْأَجَلِ (وَإِنْ زَادَتْ) قِيمَتُهُ عَلَى دِيَةِ الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ مَالٌ أَتْلَفَهُ شَخْصٌ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ (وَفِي) إلْقَاءِ (الْجَنِينِ، وَإِنْ عَلَقَةً) بِضَرْبٍ، أَوْ تَخْوِيفٍ، أَوْ شَمِّ رِيحٍ (عُشْرُ) وَاجِبِ (أُمِّهِ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ زِنًا وَأَمَّا مِنْ سَيِّدِهَا فَسَيَأْتِي (وَلَوْ) كَانَتْ أُمُّهُ (أَمَةً) وَوَاجِبُ أُمِّهِ إنْ كَانَتْ حُرَّةً الدِّيَةُ، وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً الْقِيمَةُ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً مِنْ أَجْنَبِيٍّ، أَوْ أَبٍ، أَوْ أُمٍّ كَمَا لَوْ شَرِبَتْ مَا يَسْقُطُ بِهِ الْحَمْلُ فَأَسْقَطَتْهُ وَأَشَارَ بِلَوْ لِرَدِّ قَوْلِ ابْنِ وَهْبٍ فِي جَنِينِهَا مَا نَقَصَهَا؛ لِأَنَّهَا مَالٌ كَسَائِرِ الْحَيَوَانِ (نَقْدًا) أَيْ مُعَجَّلًا مِنْ الْعَيْنِ فَاسْتَعْمَلَ النَّقْدَ فِي الْحُلُولِ، وَالْعَيْنِ وَيَكُونُ فِي مَالِ الْجَانِي إلَّا أَنْ تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ فَعَلَى الْعَاقِلَةِ كَمَا لَوْ ضَرَبَ مَجُوسِيٌّ حُرَّةً مُسْلِمَةً فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا (أَوْ غُرَّةٌ) بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى عُشْرُ، وَالتَّخْيِيرُ لِلْجَانِي لَا لِمُسْتَحِقِّهَا، وَهُوَ فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ وَقَوْلُهُ (عَبْدٌ، أَوْ وَلِيدَةٌ) بَدَلٌ مِنْ غُرَّةٍ، وَالْوَلِيدَةُ الْأَمَةُ الصَّغِيرَةُ أَقَلُّ سِنِّهَا سَبْعُ سِنِينَ وَلِذَا عَبَّرَ بِوَلِيدَةٍ دُونَ أَمَةٍ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ اشْتِرَاطُ كِبَرِهَا وَقَوْلُهُ (تُسَاوِيهِ) نَعْتٌ لِغُرَّةٍ وَضَمِيرُهُ يَعُودُ عَلَى الْعُشْرِ أَيْ تُسَاوِي عُشْرَ دِيَةِ أُمِّهِ الْحُرَّةِ وَتَقَدَّمَ أَنَّ جَنِينَ الْأَمَةِ يَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ (وَالْأَمَةُ) الْحَامِلَةُ (مِنْ سَيِّدِهَا) الْحُرِّ الْمُسْلِمِ جَنِينُهَا كَالْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فِيهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قِيمَةِ الْمُخَمَّسَةِ (قَوْلُهُ: الذِّمِّيُّ) أَيْ وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعِصْمَةِ (قَوْلُهُ: وَالْمَجُوسِيُّ الْمُعَاهَدُ) أَيْ، وَالذِّمِّيُّ.
(قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَدُّ) أَيْ سَوَاءٌ قُتِلَ زَمَنَ الِاسْتِتَابَةِ، أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: ثُلُثُ خُمُسٍ) أَيْ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ هُنَا مِنْ أَنَّ عَلَى عَاقِلَتِهِ ثُلُثَ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِ دِيَةُ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي ارْتَدَّ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَمُرْتَدٍّ) أَيْ يَلْزَمُ قَاتِلَهُ الْأَدَبُ وَلَا دِيَةَ عَلَيْهِ مُرَاعَاةً لِمَنْ لَا يَرَى اسْتِتَابَتَهُ بَلْ يُقْتَلُ فَوْرًا.
(قَوْلُهُ: مِمَّنْ ذُكِرَ) أَيْ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ، وَالْكِتَابِيُّ الذِّمِّيُّ، وَالْمُعَاهَدُ، وَالْمَجُوسِيُّ، وَالْمُرْتَدُّ
1 -
(قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فِدْيَةُ الْحُرَّةِ الْكِتَابِيَّةِ سَوَاءٌ كَانَتْ ذِمِّيَّةً، أَوْ مُعَاهَدَةً رُبُعُ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ وَدِيَةُ الْحُرَّةِ الْمَجُوسِيَّةِ، أَوْ الْمُرْتَدَّةِ سُدُسُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْإِبِلِ ثَلَاثَةُ أَبْعِرَةٍ وَثُلُثُ بَعِيرٍ وَمِنْ الذَّهَبِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ وَمِنْ الْوَرِقِ أَرْبَعُمِائَةِ دِرْهَمٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ) أَيْ إذَا قَتَلَهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً لَا إنْ قَتَلَهُ مُكَافِئٌ، أَوْ حُرٌّ كَافِرٌ عَمْدًا فَيُقْتَلُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَفِي إلْقَاءِ الْجَنِينِ، وَإِنْ عَلَقَةً) أَيْ هَذَا إذَا أَلْقَتْهُ مُضْغَةً، أَوْ كَامِلًا بَلْ، وَإِنْ أَلْقَتْهُ عَلَقَةً أَيْ دَمًا مُجْتَمِعًا بِحَيْثُ إذَا صُبَّ عَلَيْهَا الْمَاءُ الْحَارُّ لَا يَذُوبُ، لَا الدَّمُ الْمُجْتَمِعُ الَّذِي إذَا صُبَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ الْحَارُّ يَذُوبُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ خِلَافًا لِمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ تت (قَوْلُهُ: أَوْ شَمِّ رِيحٍ) أَيْ كَشَمِّ رَائِحَةِ مِسْكٍ، أَوْ سَمَكٍ، أَوْ جُبْنٍ مَقْلِيٍّ فَإِذَا شَمَّتْ رَائِحَةَ ذَلِكَ مِنْ الْجِيرَانِ مَثَلًا فَعَلَيْهَا الطَّلَبُ فَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ وَلَمْ يَعْلَمُوا بِحَمْلِهَا حَتَّى أَلْقَتْهُ فَعَلَيْهَا الْغُرَّةُ لِتَقْصِيرِهَا وَتَسَبُّبِهَا فَإِذَا طَلَبَتْ وَلَمْ يُعْطُوهَا ضَمِنُوا عَلِمُوا بِحَمْلِهَا أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ عَلِمُوا بِهِ وَبِأَنَّ رِيحَ الطَّعَامِ، أَوْ الْمِسْكِ يُسْقِطُهَا وَلَمْ يُعْطُوهَا وَأَسْقَطَتْ فَإِنَّهُمْ يَضْمَنُونَ، وَإِنْ لَمْ تَطْلُبْ وَيَضْمَنُ مَنْ الْعَادَةُ تَنْبِيهُهُ عَلَى كَالْحُقْنَةِ، وَالشَّرَابُ إذَا لَمْ يُنَبِّهْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ زَوْجٍ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ ذَلِكَ الْجَنِينِ نَاشِئًا مِنْ زَوْجٍ حُرٍّ، أَوْ رَقِيقٍ، أَوْ مِنْ زِنًا وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا الْبَيَانَ عَنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ أَمَةً (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ سَيِّدِهَا) أَيْ وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ مِنْ سَيِّدِهَا فَسَيَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالْأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا أَيْ أَنَّ فِيهِ عُشْرَ دِيَةِ الْحُرِّ لَا عُشْرَ وَاجِبِ أُمِّهِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي أُمِّهِ الْقِيمَةُ، وَهِيَ قَدْ تَكُونُ قَدْرَ دِيَةِ الْحُرَّةِ، أَوْ أَقَلَّ، أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ أَمَةً الْقِيمَةُ) اُنْظُرْ هَلْ تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْإِلْقَاءِ، أَوْ يَوْمَ سَبَبِهِ الَّذِي هُوَ الضَّرْبُ وَشَمُّ الرَّائِحَةِ، وَالتَّخْوِيفُ (قَوْلُهُ: مُعَجَّلًا مِنْ الْعَيْنِ) أَيْ لَا مِنْ الْعُرُوضِ.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ عُشْرَ وَاجِبِ الْأُمِّ الْمَأْخُوذَ فِي الْجَنِينِ يَكُونُ حَالًّا وَلَا يَكُونُ مُنَجَّمًا كَالدِّيَةِ وَيَكُونُ ذَهَبًا، أَوْ وَرِقًا فَلَا يَكُونُ مِنْ الْإِبِلِ وَلَوْ كَانُوا أَهْلَ إبِلٍ كَمَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ تُؤْخَذُ الْإِبِلُ مِنْ أَهْلِهَا خُمُسَ فَرَائِضَ حَالَّةً (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ) أَيْ عُشْرُ وَاجِبِ الْأُمِّ فِي مَالِ الْجَانِي أَيْ فِي الْعَمْدِ مُطْلَقًا، وَكَذَا فِي الْخَطَإِ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَتِهِ فَأَكْثَرَ فَعَلَى عَاقِلَتِهِ (قَوْلُهُ: فَأَلْقَتْ جَنِينًا مَيِّتًا) أَيْ فِدْيَتُهُ عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهَا أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَتِهِ؛ لِأَنَّ دِيَةَ الْجَانِي الْمَجُوسِيِّ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ ثُلُثُهَا اثْنَانِ وَعِشْرُونَ دِينَارًا وَسُدُسٌ وَثُلُثُ سُدُسٍ، وَالْأُمُّ دِيَتُهَا خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ عُشْرُهَا خَمْسُونَ دِينَارًا، وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَأَمَّا جَنِينُ الْأَمَةِ) أَيْ مِنْ زِنًا، أَوْ مِنْ زَوْجٍ وَلَوْ كَانَ حُرًّا مُسْلِمًا، وَكَذَا جَنِينُهَا مِنْ سَيِّدِهَا (قَوْلُهُ: فَيَتَعَيَّنُ فِيهِ النَّقْدُ) أَيْ الْعَيْنُ وَلَا غُرَّةَ فِيهِ، لَكِنْ إنْ كَانَ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مِنْ زِنًا فَفِيهِ عُشْرُ قِيمَةِ الْأُمِّ نَقْدًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ سَيِّدِهَا فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ نَقْدًا.
(قَوْلُهُ: أَقَلُّ سِنِّهَا سَبْعُ سِنِينَ) أَيْ، وَهِيَ سِنُّ الْأَثْغَارِ، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ فِيهَا مَا ذُكِرَ لِأَجْلِ أَنْ يَصِحَّ التَّفْرِيقُ
عُشْرُ دِيَتِهَا (و) الْحُرَّةُ (النَّصْرَانِيَّةُ) ، أَوْ الْيَهُودِيَّةُ فَلَوْ قَالَ الذِّمِّيَّةُ كَانَ أَشْمَلَ (مِنْ) زَوْجِهَا (الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ) أَيْ الْمُسْلِمَةِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ مُسْلِمٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ زَوْجُهَا كَافِرًا، أَوْ كَانَ الْجَنِينُ مِنْ الزِّنَا فَكَالْحُرَّةِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَمَحَلُّ وُجُوبِ الْعُشْرِ، أَوْ الْغُرَّةِ (إنْ زَايَلَهَا) أَيْ انْفَصَلَ عَنْهَا (كُلُّهُ) مَيِّتًا حَالَةَ كَوْنِهَا (حَيَّةً) فَإِنْ انْفَصَلَ كُلُّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا، أَوْ بَعْضُهُ، وَهِيَ حَيَّةٌ وَبَاقِيَةٌ بَعْدَ مَوْتِهَا فَلَا شَيْءَ فِيهِ وَيَتَعَلَّقُ الْكَلَامُ بِأُمِّهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْغُرَّةِ قَوْلُهُ (إلَّا أَنْ يَحْيَا) أَيْ يَنْفَصِلَ عَنْهَا حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِلَّةً بِأَنْ اسْتَهَلَّ صَارِخًا، أَوْ رَضَعَ كَثِيرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ سَوَاءٌ زَايَلَهَا حَيَّةً، أَوْ مَيِّتَةً، فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ، ثُمَّ مَاتَ (فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا) أَيْ، أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ فِعْلِ الْجَانِي (وَلَوْ مَاتَ) الْجَنِينُ بَعْدَ تَحَقُّقِ حَيَاتِهِ (عَاجِلًا) فَإِنْ لَمْ يُقْسِمُوا فَلَا غُرَّةَ كَمَا لَا دِيَةَ (وَإِنْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ تَعَمَّدَ الْجَانِي الْجَنِينَ (بِضَرْبِ بَطْنٍ، أَوْ ظَهْرٍ، أَوْ رَأْسٍ) لِأُمِّهِ فَنَزَلَ مُسْتَهِلًّا، ثُمَّ مَاتَ (فَفِي الْقِصَاصِ) بِقَسَامَةٍ، أَوْ الدِّيَةِ بِقَسَامَةٍ فِي مَالِهِ لِلتَّعَمُّدِ (خِلَافٌ) الرَّاجِحُ فِي تَعَمُّدِ الْبَطْنِ، أَوْ الظَّهْرِ الْقِصَاصُ وَفِي تَعَمُّدِ الرَّأْسِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ كَتَعَمُّدِ ضَرْبِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ) مِنْ عُشْرٍ، أَوْ غُرَّةٍ إنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ وَدِيَةٌ إنْ اسْتَهَلَّ (بِتَعَدُّدِهِ) أَيْ الْجَنِينِ (وَوَرِثَ) الْوَاجِبَ الْمَذْكُورَ (عَلَى الْفَرَائِضِ) الْمَعْلُومَةِ الشَّامِلَةِ لِلْفَرْضِ، وَالتَّعْصِيبِ (وَفِي الْجِرَاحِ) أَيْ جِرَاحِ الْخَطَإِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا دِيَةٌ مُقَرَّرَةٌ، أَوْ الْعَمْدِ الَّتِي لَا قِصَاصَ فِيهَا وَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَعَظْمِ الصَّدْرِ وَكَسْرِ الْفَخْذِ (حُكُومَةٌ) أَيْ شَيْءٌ مَحْكُومٌ بِهِ أَيْ يَحْكُمُ بِهِ الْحَاكِمُ الْعَارِفُ وَبَيَّنَهَا بِقَوْلِهِ (بِنِسْبَةٍ) أَيْ مُصَوَّرَةٍ بِمِثْلِ نِسْبَةِ (نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ) وَقَوْلُهُ (إذَا بَرِئَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ (مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا) ، وَالْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْمَعْمُولُ أَنْ يَتَأَخَّرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عُشْرُ دِيَتِهَا) أَيْ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا عُشْرُ وَاجِبِ الْأَمَةِ الَّتِي هِيَ أُمُّهُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ سَيِّدِهَا بَلْ حَيْثُ كَانَ وَلَدُهَا حُرًّا كَالْغَارَّةِ لِلْحُرِّ وَكَأَمَةِ الْجَدِّ إذَا تَزَوَّجَهَا ابْنُ ابْنِهِ، أَوْ ابْنُ بِنْتِهِ وَحَمَلَتْ مِنْهُ فَحُكْمُهَا كَذَلِكَ أَيْ فِي جَنِينِهَا عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ لَا عُشْرُ قِيمَةِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ: وَالْحُرَّةُ النَّصْرَانِيَّةُ) أَيْ وَجَنِينُ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَأَوْلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ كَجَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ فَفِيهِ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ نَقْدًا، أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْمُسْلِمَةِ) دَفَعَ بِهَذَا مَا يُقَالُ أَنَّ فِي كَلَامِهِ تَشْبِيهَ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ إذْ النَّصْرَانِيَّةُ حُرَّةٌ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ جَنِينَ الْحُرَّةِ النَّصْرَانِيَّةِ مِنْ زَوْجِهَا الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ حُرٌّ مِنْ جِهَةِ أُمِّهِ مُسْلِمٌ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ فِيهِ مَا فِي جَنِينِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، وَهُوَ عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ، أَوْ وَلِيدَةٍ تُسَاوِي ذَلِكَ لَا عُشْرُ وَاجِبِ أُمِّهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مِنْ زَوْجِهَا إلَخْ أَيْ عَنْ جَنِينِهَا مِنْ زِنًا وَلَوْ كَانَ الزَّانِي بِهَا مُسْلِمًا فَإِنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ عُشْرُ وَاجِبِ أُمِّهِ لَا عُشْرُ دِيَةِ الْحُرَّةِ؛ لِأَنَّ ابْنَ الزِّنَا مَقْطُوعُ النَّسَبِ عَنْ أَبِيهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يُنْظَرُ لِحَالِهِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ لِحَالِ أُمِّهِ فَقَطْ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا خِلَافًا لعبق.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ الْغُرَّةِ) الْأَوْلَى، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ وُجُوبِ أَحَدِ أَمْرَيْنِ فَقَطْ، وَهُوَ عُشْرُ وَاجِبِ الْأُمِّ أَوْ الْغُرَّةُ (قَوْلُهُ: فَالِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلُ إلَّا انْفَصَلَ الْجَنِينُ عَنْ أُمِّهِ مَيِّتًا، وَهِيَ حَيَّةٌ وَمَا بَعْدُ إلَّا انْفَصَلَ عَنْهَا حَيًّا، وَهِيَ حَيَّةٌ، أَوْ مَيِّتَةٌ.
(قَوْلُهُ وَلَوْ مَاتَ عَاجِلًا) رُدَّ بِلَوْ قَوْلُ أَشْهَبَ بِنَفْيِ الْقَسَامَةِ مَعَ لُزُومِ الدِّيَةِ إذَا مَاتَ عَاجِلًا وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ قَائِلًا أَنَّ مَوْتَهُ بِالْفَوْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ ضَرْبِ الْجَانِي مَاتَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَوَجْهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ هَذَا الْمَوْلُودَ لِضَعْفِهِ يُخْشَى عَلَيْهِ الْمَوْتُ بِأَدْنَى الْأَسْبَابِ فَيُمْكِنُ أَنَّ مَوْتَهُ بِغَيْرِ ضَرْبِ الْجَانِي اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا غُرَّةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْجَنِينَ إذَا اسْتَهَلَّ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غُرَّةٌ وَعَدَمُ الدِّيَةِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى الْقَسَامَةِ وَقَدْ امْتَنَعَ الْأَوْلِيَاءُ مِنْهَا وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْحَقِّ، وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَقَالَ بَعْضُ أَشْيَاخِهِ إنْ لَمْ يَقْسِمُوا لَهُمْ الْغُرَّةَ كَمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ وَأَبَوْا أَنْ يَقْسِمُوا فَلَهُمْ دِيَةُ الْيَدِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ؛ لِأَنَّ مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ، ثُمَّ نَزَا فَمَاتَ دِيَةُ الْيَدِ قَدْ تَقَرَّرَتْ بِالْقَطْعِ، وَالْجَنِينُ إذَا اسْتَهَلَّ صَارَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْيَاءِ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ غُرَّةٌ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ مُوجِبَ الْغُرَّةِ مَفْقُودٌ بِاسْتِهْلَالِهِ وَمُوجِبَ الدِّيَةِ فِي قَطْعِ الْيَدِ مَوْجُودٌ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ تَعَمَّدَهُ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ حَيًّا وَمَاتَ، فَالدِّيَةُ إنْ أَقْسَمُوا مَحَلَّهُ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً وَأَمَّا إنْ تَعَمَّدَهَا وَكَانَتْ بِضَرْبِ ظَهْرٍ، أَوْ بَطْنٍ فَنَزَلَ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا قَوَدَ فِيهِ بَلْ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي بِقَسَامَةٍ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَسَامَةٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْمَجْمُوعَةِ قَالَ وَأَلْحَقَ ابْنُ شَاسٍ ضَرْبَ الرَّأْسِ بِالظَّهْرِ، وَالْبَطْنِ فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ بِخِلَافِ الرِّجْلِ وَشِبْهِهَا وَنَصَّ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ عَلَى أَنَّ ضَرْبَهَا فِي الرَّأْسِ كَضَرْبِهَا فِي الرِّجْلِ فِي نَفْيِ الْقِصَاصِ وَوُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْجَانِي وَلَا يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي فِي ضَرْبِ الْبَطْنِ، وَالظَّهْرِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ: فَنَزَلَ مُسْتَهِلًّا، ثُمَّ مَاتَ) احْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا نَزَلَ مَيِّتًا، فَالْغُرَّةُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: كَتَعَمُّدِ ضَرْبِ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ) أَيْ فَإِنَّ فِيهِ الدِّيَةَ بِقَسَامَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا (قَوْلُهُ: مِنْ عُشْرٍ، أَوْ غُرَّةٍ إلَخْ) أَيْ فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرَى (قَوْلُهُ وَوَرِثَ عَلَى الْفَرَائِضِ) أَيْ فَلِلْأَبِ الثُّلُثَانِ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إخْوَةٌ، وَإِلَّا
عَنْ عَامِلِهِ أَيْ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ قِيمَةٌ وَجَازَ أَيْضًا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِنُقْصَانٍ أَيْ نُقْصَانِهِ وَقْتَ بُرْئِهِ فَيَكُونُ وَاقِعًا فِي مَرْكَزِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ قِيمَتِهِ مُتَعَلِّقٌ بِنُقْصَانٍ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ أَيْ حَالَ كَوْنِ النُّقْصَانِ مُعْتَبَرًا مِنْ قِيمَتِهِ عَبْدًا وَعَبْدًا حَالٌ مِنْ الضَّمِيرِ الْبَارِزِ فِي قِيمَتِهِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ (فَرْضًا) تَقْدِيرًا أَيْ حَالَ كَوْنِهِ مُقَدَّرًا عَبْدًا، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّقْوِيمُ بَعْدَ بُرْئِهِ أَيْ صِحَّتِهِ خَوْفَ أَنْ يَتَرَامَى إلَى النَّفْسِ، أَوْ إلَى مَا تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ وَقَوْلُهُ (مِنْ الدِّيَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةٍ مُلَاحَظًا فِيهِ الْمُقَدَّرُ قَبْلَهُ أَيْ مِثْلَ نِسْبَةِ النُّقْصَانِ مِنْ الدِّيَةِ فَيُقَوَّمُ بَعْدَ الْبُرْءِ عَبْدًا سَالِمًا بِعَشَرَةٍ مَثَلًا، ثُمَّ يُقَوَّمُ مَعِيبًا بِتِسْعَةٍ مَثَلًا، فَالتَّفَاوُتُ بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ هُوَ الْعُشْرُ فَيَجِبُ عَلَى الْجَانِي بِنِسْبَةِ ذَلِكَ، وَهُوَ عُشْرُهَا، ثُمَّ بُرْؤُهُ لَا يَسْتَلْزِمُ عَوْدَهُ كَمَا كَانَ، لَكِنْ إنْ عَادَ كَمَا كَانَ فَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْخَطَإِ، فَالْحُكُومَةُ إنَّمَا هِيَ فِيمَا إذَا بَرِئَ عَلَى شَيْءٍ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَأَمَّا مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا فَفِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِحُ كَمَا سَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَإِنْ بِشَيْنٍ (كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ) تُضْرَبُ عَلَى بَطْنِهَا مَثَلًا فَتُلْقِي جَنِينًا حَيًّا، أَوْ مَيِّتًا فَتَنْقُصُ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ أَيْ أَرْشُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا سَلِيمَةً وَأَمَّا الْجَنِينُ فَإِنْ نَزَلَ مَيِّتًا فَلَا شَيْءَ فِيهِ، وَإِنْ نَزَلَ حَيًّا وَمَاتَ فَقِيمَتُهُ مَعَ مَا نَقَصَ أُمَّهُ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ اسْتِثْنَاءً مُنْقَطِعًا قَوْلَهُ (إلَّا الْجَائِفَةَ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْبَطْنِ، وَالظَّهْرِ (وَالْآمَّةَ فَثُلُثٌ) مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَمِثْلُهُمَا الدَّامِغَةُ (و) إلَّا (الْمُوضِحَةَ) خَطَأً (فَنِصْفُ عُشْرٍ) وَتَقَدَّمَ أَنَّ فِي عَمْدِهَا الْقِصَاصَ (و) إلَّا (الْمُنَقِّلَةَ، وَالْهَاشِمَةَ) عَطْفٌ مُرَادِفٌ (فَعُشْرٌ وَنِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ الْعُشْرِ خَمْسَةَ عَشَرَ بَعِيرًا، أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِينَارًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَانَ لِلْأُمِّ السُّدُسُ خِلَافًا لِرَبِيعَةَ حَيْثُ قَالَ تَخْتَصُّ بِهَا الْأُمُّ؛ لِأَنَّهَا كَالْعِوَضِ عَنْ جُزْءٍ مِنْهَا وَخِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ هُرْمُزَ لِلْأُمِّ، وَالْأَبِ عَلَى الثُّلُثِ، وَالثُّلُثَيْنِ وَلَوْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ وَكَانَ مَالِكٌ أَوَّلًا يَقُولُ بِذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ لِلْأَوَّلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُنْزِلُ لِلْجَنِينِ مِنْ الْأَبَوَيْنِ، أَوْ الْإِخْوَةِ كَانَ كَالْقَاتِلِ فَلَا يَرِثُ مِنْ الْوَاجِبِ الْمَذْكُورِ شَيْئًا وَاعْلَمْ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَوَرِثَ عَلَى الْفَرَائِضِ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ أَنَّ الْجَنِينَ إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ صَارِخًا لَا يَرِثُ وَلَا يُورَثُ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُمْ لَا يُورَثُ عَنْهُ مَالٌ يَمْلِكُهُ، وَالْمَوْرُوثُ هُنَا عِوَضُ ذَاتِهِ (قَوْلُهُ أَيْ أَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ قِيمَةٌ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ أَيْ، وَإِنَّمَا يُقَوَّمُ وَقْتَ بُرْئِهِ أَيْ صِحَّتِهِ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِنِسْبَةِ إلَخْ) أَرَادَ بِالتَّعَلُّقِ الِارْتِبَاطَ الْمَعْنَوِيَّ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ حَالٍ مِنْهُ أَيْ بِمِثْلِ نِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ مَأْخُوذُ ذَلِكَ الْمِثْلِ مِنْ الدِّيَةِ وَيَصِحُّ تَعَلُّقُ قَوْلِهِ مِنْ الدِّيَةِ بِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ أَيْ يُؤْخَذُ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ مِنْ الدِّيَةِ.
وَحَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ فِي الْجِرَاحِ شَيْئًا مَحْكُومًا بِهِ مُصَوَّرًا بِمِثْلِ نِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ مِنْ قِيمَتِهِ حَالَ كَوْنِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ نَاقِصًا إلَى قِيمَتِهِ مَفْرُوضًا عُبُودِيَّتُهُ كَامِلًا مَأْخُوذُ ذَلِكَ الْمُمَاثِلِ لِلنِّسْبَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ) أَيْ سَوَاءٌ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ، أَوْ لَا، ثُمَّ إنَّ الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرُ الْقَوْلَ بِأَنَّ عَلَى الْجَانِي أُجْرَةَ الطَّبِيبِ وَثَمَنَ الدَّوَاءِ سَوَاءٌ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ أَمْ لَا مَعَ الْحُكُومَةِ فِي الْأَوَّلِ وَأَمَّا مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَلَيْسَ فِيهِ سِوَاهُ وَلَوْ بَرِئَ عَلَى شَيْنٍ سِوَى مُوضِحَةِ الْوَجْهِ، وَالرَّأْسِ فَيَلْزَمُ مَعَ الْقَدْرِ فِيهَا أُجْرَةُ الطَّبِيبِ وَثَمَنُ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ فِيهِ) أَيْ، وَاللَّازِمُ لِلْجَانِي الْحُكُومَةُ فِي الْأُمِّ فَقَطْ (قَوْلُهُ مَعَ مَا نَقَصَ أُمَّهُ) أَيْ مَعَ الْحُكُومَةِ الَّتِي فِي نَقْصِ أُمِّهِ (قَوْلُهُ مُنْقَطِعًا) ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَ إلَّا فِي الْجُرْحِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَمَا بَعْدَهَا فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ قَالَ بْن وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ مُتَّصِلٌ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الْجُرْحِ يَشْمَلُ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَمَا لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَكُلُّ جُرْحٍ فِيهِ حُكُومَةٌ إلَّا الْجَائِفَةَ فَمَا قَبْلَ إلَّا عُمُومُهُ مُرَادٌ تَنَاوُلًا لَا حُكْمًا مِثْلَ قَامَ الْقَوْمُ إلَّا زَيْدًا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَمَا يَأْتِي مَا أَفَضْت لِلْجَوْفِ أَيْ دَخَلَتْ فِيهِ وَلَوْ قَدْرَ إبْرَةٍ فَمَا خَرَقَ جِلْدَةَ الْبَطْنِ وَلَمْ يَصِلْ لِلْجَوْفِ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا حُكُومَةٌ وَمُرَادُهُ بِالظَّهْرِ، وَالْبَطْنِ مَا يَشْمَلُ الْجَنْبَ (قَوْلُهُ، وَالْآمَّةَ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً؛ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الدَّامِغَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْآمَّةَ هِيَ الَّتِي تُفْضِي لِخَرِيطَةِ الدِّمَاغِ وَلَمْ تَخْرِقْهُ، وَإِلَّا كَانَتْ دَامِغَةً (قَوْلُهُ فَثُلُثٌ) أَيْ، وَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً، وَإِلَّا فَفِي مَالِ الْجَانِي (قَوْلُهُ: مِنْ الدِّيَةِ الْمُخَمَّسَةِ) اعْلَمْ أَنَّ الدِّيَةَ مُخَمَّسَةٌ فِي جِرَاحَاتِ الْخَطَإِ جَزْمًا كَدِيَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ وَأَمَّا جِرَاحُ الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ لِخَطَرِهِ كَالْآمَّةِ، وَالْجَائِفَةِ، أَوْ لِعَدَمِ الْمُمَاثِلِ، أَوْ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ مُبْهَمَةً، أَوْ لِكَوْنِ الْجَانِي الْأَبَ فَإِنَّهَا تَغْلُظُ بِالتَّرْبِيعِ إنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الْأَبِ بِالتَّثْلِيثِ إنْ كَانَ الْجَانِي أَبًا كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمَا الدَّامِغَة) أَيْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَقِيلَ فِيهَا حُكُومَةٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ حَيْثُ سَكَتَ عَنْهَا عِنْدَ ذِكْرِ مَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُوضِحَةَ) تَقَدَّمَ أَنَّهَا الَّتِي تُوضِحُ عَظْمَ الرَّأْسِ، أَوْ الْجَبْهَةِ، أَوْ الْخَدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْمُنَقِّلَةَ) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً؛ إذْ لَا قِصَاصَ فِيهَا حَيْثُ كَانَتْ فِي الرَّأْسِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهَا الَّتِي يَطِيرُ فِرَاشُ الْعَظْمِ مِنْهَا لِأَجْلِ الدَّوَاءِ (قَوْلُهُ: عَطْفٌ مُرَادِفٌ) أَيْ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أَرَاهَا إلَّا الْمُنَقِّلَةَ
وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجِرَاحِ شَيْءٌ (وَإِنْ) بَرِئَتْ (بِشَيْنٍ) أَيْ عَلَى قُبْحٍ (فِيهِنَّ) أَيْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ وَدَفَعَ بِالْمُبَالَغَةِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ أَنَّهَا إذَا بَرِئَتْ بِشَيْنٍ أَنَّهُ يُزَادُ عَلَى مَا قَدَّرَهُ الشَّارِعُ وَلَوْ أَنَّهُ بَالَغَ عَلَى نَفْيِ الشَّيْنِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ النَّقْصِ لَصَحَّ أَيْضًا وَشُرِطَ أَخْذُ الْقَدْرِ الْمَذْكُورِ فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ (إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى) ، وَهُوَ مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا عَدَا الْجَائِفَةَ فَإِنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالظَّهْرِ، أَوْ الْبَطْنِ كَمَا تَقَدَّمَ، فَالضَّمِيرُ فِي كُنَّ رَاجِعٌ لِلْمَجْمُوعِ لَا لِلْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّأْسِ، فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ (وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ) لِلْحُرِّ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ كَالْمُوضِحَةِ فِي الْحُرِّ فَيُؤْخَذُ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَدْرِ مَا يُؤْخَذُ مِنْ دِيَةِ الْحُرِّ فَفِي مُوضِحَتِهِ نِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ وَفِي جَائِفَتِهِ، أَوْ آمَّتِهِ ثُلُثُ قِيمَتِهِ، وَهَكَذَا (وَإِلَّا) يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ بِرَأْسٍ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى بَلْ فِي غَيْرِهِمَا كَيَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (فَلَا تَقْدِيرَ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ مِنْ الشَّارِعِ، وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا وَيُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ النِّسْبَةُ (وَتَعَدُّدُ الْوَاجِبِ) ، وَهُوَ الثُّلُثُ (بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ) مِنْ جَانِبٍ لِلْآخَرِ، أَوْ مِنْ الظَّهْرِ لِلْبَطْنِ فَيَكُونُ فِيهَا دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ (كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ، وَالْمُنَقِّلَةِ، وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) بِبَعْضِهَا بَلْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ فَيَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِ كُلٍّ (وَإِلَّا) بِأَنْ اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ، أَوْ الْمُنَقِّلَتَيْنِ، أَوْ الْآمَّتَيْنِ (فَلَا) يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ؛ لِأَنَّهَا وَاحِدَةٌ مُتَّسَعَةٌ إنْ حَصَلَتْ بِضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بَلْ (وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ) الْأَوْلَى، وَإِنْ بِضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ؛ إذْ الضَّرْبُ لَيْسَ ظَرْفًا لِلْفَوْرِ بَلْ بِالْعَكْسِ فَلَوْ تَعَدَّدَتْ بِضَرَبَاتٍ فِي زَمَنٍ مُتَرَاخٍ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ وَلَوْ اتَّصَلَتْ (وَالدِّيَةُ) الْكَامِلَةُ كَمَا تَكُونُ فِي النَّفْسِ تَكُونُ فِي ذَهَابِ كُلِّ وَاحِدٍ مِمَّا يَأْتِي فَتَجِبُ (فِي) ذَهَابِ (الْعَقْلِ، أَوْ السَّمْعِ، أَوْ الْبَصَرِ، أَوْ النُّطْقِ) ، وَهُوَ صَوْتٌ بِحُرُوفٍ (أَوْ الصَّوْتِ) الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ (أَوْ الذَّوْقِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَلَا يُزَادُ عَلَى مَا ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْجِرَاحِ، وَإِنْ بَرِئَتْ بِشَيْنٍ) يُسْتَثْنَى مِنْ هَذِهِ الْمُوضِحَةُ فَإِنَّهَا إذَا بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ وَكَانَتْ فِي الْوَجْهِ، أَوْ الرَّأْسِ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ مَعَ دِيَتِهَا حُكُومَةً لِمَا حَصَلَ بِالشَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: لَصَحَّ أَيْضًا) أَيْ، لَكِنَّهُ اعْتَنَى بِالشَّيْنِ فَبَالَغَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْمُخَالَفَةَ لِمَا وَرَدَ وَمَا وَرَدَ لَا يُتَوَهَّمُ النَّقْصُ عَنْهُ بِخِلَافِ الزِّيَادَةِ، فَالتَّوَهُّمُ فِيهَا أَكْثَرُ بِدَلِيلِ وُجُودِهِ فِي الْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْجِرَاحَاتِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ، وَهِيَ الْجَائِفَةُ، وَالْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ الْمُوضِحَةُ، وَالْمُنَقِّلَةُ.
(قَوْلُهُ: مَا يَنْبُتُ عَلَيْهِ الْأَسْنَانُ الْعُلْيَا) أَيْ، وَهُوَ كُرْسِيُّ الْخَدِّ (قَوْلُهُ: لَا يَتَأَتَّى فِي الْآمَّةِ) بَلْ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا مُخْتَصَّةٌ بِالرَّأْسِ أَيْ وَحِينَئِذٍ فَاشْتِرَاطُهُ فِيهَا لِبَيَانِ الْوَاقِعِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ مِنْ بَابِ صَرْفِ الْكَلَامِ لِمَا يَصْلُحُ لَهُ) أَيْ فَقَوْلُهُ إنْ كُنَّ بِرَأْسٍ رَاجِعٌ لِلْآمَّةِ، وَالْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى رَاجِعٌ لِلْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ لَا لِلْآمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهَكَذَا) أَيْ فَفِي مُنَقِّلَتِهِ عُشْرُ قِيمَتِهِ وَنِصْفُ عُشْرِ قِيمَتِهِ (قَوْلُهُ: بَلْ فِي غَيْرِهِمَا كَيَدٍ إلَخْ) الَّذِي يَتَأَتَّى مِنْ الْجِرَاحِ الْمَذْكُورَةِ فِي غَيْرِهِمَا كَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ إنَّمَا هِيَ الْمُوضِحَةُ وَالْمُنَقِّلَةِ (قَوْلُهُ: بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ) فِيهِ نَظَرٌ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَوِّمُ عَبْدًا فَرْضًا نَاقِصًا وَكَامِلًا وَيَنْظُرُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ أَيْ قِيمَتِهِ سَالِمًا وَمَجْرُوحًا وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ بِقَوْلِ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ لَا بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ يَعْنِي مَعَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فِي التَّقْوِيمِ، وَالنِّسْبَةِ فَلَا تَخَالُفَ.
(قَوْلُهُ: مِنْ جَانِبٍ لِلْآخَرِ) أَيْ كَأَنْ يَضْرِبَهُ فِي جَنْبِهِ فَتَنْفُذُ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ الظَّهْرِ لِلْبَطْنِ) أَيْ كَأَنْ يَضْرِبَهُ فِي بَطْنِهِ فَتَنْفُذُ لِظَهْرِهِ وَبِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ دِيَةُ جَائِفَتَيْنِ) أَيْ وَذَلِكَ ثُلُثَا دِيَةِ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ) أَيْ كَمَا يَتَعَدَّدُ الْوَاجِبُ إذَا تَعَدَّدَتْ الْمُوضِحَةُ إلَخْ فَفِي الْمُوضِحَتَيْنِ عُشْرُ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَفِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ خُمُسُهَا وَعُشْرُهَا وَفِي الْآمَّتَيْنِ ثُلُثَاهَا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَتَّصِلْ) أَيْ تِلْكَ الْمَذْكُورَاتُ بِبَعْضِهَا، وَهَذَا رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ وَلَا يُتَصَوَّرُ رُجُوعُهُ لِمَا قَبْلَهَا، وَهُوَ نُفُوذُ الْجَائِفَةِ لِجِهَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى الِاتِّصَالُ.
(قَوْلُهُ: مُنْفَصِلًا عَنْ الْآخَرِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ مَثَلًا سَالِمًا لَمْ يَبْلُغْ الْعَظْمَ سَوَاءٌ انْسَلَخَ الْجِلْدُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِأَنْ اتَّصَلَ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ إلَخْ) اتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْمُوضِحَتَيْنِ هُوَ أَنْ يَصِلَ مَا بَيْنَهُمَا لِلْعَظْمِ حَتَّى تَصِيرَ الْمُوضِحَتَانِ شَيْئًا وَاحِدًا وَاتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْمُنَقِّلَتَيْنِ أَنْ يَطِيرَ فِرَاشُ الْعَظْمِ الَّذِي بَيْنَهُمَا لِلدَّوَاءِ حَتَّى يَصِيرَ شَيْئًا وَاحِدًا وَاتِّصَالُ مَا بَيْنَ الْآمَّتَيْنِ أَنْ يَصِلَ مَا بَيْنَ الْآمَّتَيْنِ لِأُمِّ الدِّمَاغِ حَتَّى تَصِيرَ آمَّةً وَاحِدَةً (قَوْلُهُ: فَلَا يَتَعَدَّدُ إلَخْ) ذَكَرَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ مَفْهُومُ شَرْطٍ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ، وَإِنْ بِفَوْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ بِفَوْرٍ) أَيْ، وَإِنْ كَانَ تَعَدُّدُهَا عَلَى وَجْهِ الِاتِّصَالِ بِفَوْرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ بِالْعَكْسِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَوْرَ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى التَّتَابُعِ، لَكِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الزَّمَنُ الْمُتَتَابِعُ فِيهِ فَلِذَا صَحَّ جَعْلُهُ ظَرْفًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ الْبَاءَ لِلظَّرْفِيَّةِ وَفِي لِلسَّبَبِيَّةِ وَلِإِمْكَانِ الْجَوَابِ عَنْ الْمُصَنِّفِ بِمَا ذُكِرَ قَالَ الشَّارِحُ الْأَوْلَى وَلَمْ يَقُلْ الصَّوَابُ (قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) أَيْ فَلِكُلِّ جُرْحٍ دِيَتُهُ.
وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْوَاجِبَ يَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْجُرْحِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ الْجِرَاحَاتُ، أَوْ اتَّصَلَتْ وَكَانَتْ عَلَى التَّرَاخِي لَا إنْ اتَّصَلَتْ وَكَانَتْ فِي فَوْرٍ سَوَاءٌ كَانَتْ بِضَرْبَةٍ، أَوْ ضَرَبَاتٍ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الصَّوْتِ الْخَالِي عَنْ الْحُرُوفِ) أَيْ فِيمَنْ لَيْسَ لَهُ إلَّا صَوْتٌ
وَهُوَ مَعْنًى فِي اللِّسَانِ وَمِثْلُ ذَلِكَ الشَّمُّ وَيُقَاسُ عَلَى ذَلِكَ اللَّمْسُ، وَهُوَ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ عَلَى سَطْحِ الْبَدَنِ يُدْرَكُ بِهِ الْحَرَارَةُ، وَالْبُرُودَةُ، وَالنُّعُومَةُ، وَالْخُشُونَةُ وَنَحْوُهَا عِنْدَ الْمُمَاسَّةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ أَنْ يَكُونَ فِيهِ الْحُكُومَةُ وَقِيَاسُهُ عَلَى الذَّوْقِ مَثَلًا ظَاهِرٌ، وَالْمُرَادُ أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِإِنْسَانٍ فِعْلًا مِنْ ضَرْبٍ، أَوْ غَيْرِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَالْمُرَادُ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ بِتَمَامِهَا فَلَوْ ذَهَبَ الْبَعْضُ فَعَلَيْهِ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ وَلَوْ، أَوْضَحَهُ فَذَهَبَ عَقْلُهُ فَعَلَيْهِ وَاجِبُ كُلٍّ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ عَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ فَقَطْ (أَوْ) ذَهَابُ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ) بِأَنْ أَفْسَدَ إنْعَاظَهُ وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ دِيَةُ الصُّلْبِ، وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ فَلَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَأَبْطَلَهُ وَأَبْطَلَ جِمَاعَهُ فَعَلَيْهِ دِيَتَانِ (أَوْ) ذَهَابُ نَسْلِهِ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا أَفْسَدَ مَنِيَّهُ، فَالدِّيَةُ (أَوْ) فِي حُصُولِ (تَجْذِيمِهِ) ، أَوْ تَبْرِيصِهِ (أَوْ تَسْوِيدِهِ) ، وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ الْبَرَصِ فَإِنْ جَذَّمَهُ وَسَوَّدَهُ فَدِيَتَانِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (أَوْ قِيَامُهُ وَجُلُوسُهُ) مَعًا بِدَلِيلِ الْعَطْفِ بِالْوَاوِ، وَكَذَا فِي ذَهَابِ قِيَامِهِ فَقَطْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَأَمَّا ذَهَابُ جُلُوسِهِ فَقَطْ فَفِيهِ حُكُومَةٌ فَفِي مَفْهُومِهِ تَفْصِيلٌ.
وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْكَلَامِ عَلَى تَعْطِيلِ الْمَنَافِعِ ذَكَرَ الذَّوَاتِ فَقَالَ (أَوْ)(الْأُذُنَيْنِ) فَفِي قَطْعِهِمَا الدِّيَةُ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ (أَوْ الشَّوَى) بِفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ جِلْدُ الرَّأْسِ جَمْعُ شَوَاةٍ، وَهِيَ جِلْدَةُ الرَّأْسِ فَإِنْ أَذْهَبَ بَعْضَهَا فَبِحِسَابِهِ (أَوْ)(الْعَيْنَيْنِ) الْبَاصِرَتَيْنِ أَيْ فِي قَلْعِهِمَا، أَوْ طَمْسِهِمَا بِأَنْ أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ الدِّيَةُ وَلَيْسَ هَذَا مُكَرَّرًا مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ الْبَصَرُ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ فِيمَا تَقَدَّمَ مُجَرَّدُ الْبَصَرِ، وَالْعَيْنُ قَائِمَةٌ، وَهُنَا طُمِسَتْ الْحَدَقَةُ مَعَ ذَهَابِ الْبَصَرِ، أَوْ قُلِعَتْ وَأُتِيَ بِهِ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ، وَإِنْ كَانَ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (أَوْ)(عَيْنِ الْأَعْوَرِ) الْبَاصِرَةِ إذَا تَلِفَتْ فِيهَا الدِّيَةُ كَامِلَةً
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَقَطْ كَالْأَخْرَسِ (قَوْلُهُ، وَهُوَ مَعْنًى فِي اللِّسَانِ) أَيْ قُوَّةٌ مُنْبَثَّةٌ فِي الْعَصَبِ الْمَفْرُوشِ عَلَى جِرْمِ اللِّسَانِ يُدْرَكُ بِهَا الطُّعُومُ بِمُخَالَطَةِ الرُّطُوبَةِ اللُّعَابِيَّةِ الَّتِي فِي الْفَمِ وَوُصُولِهَا لِلْعَصَبِ (قَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إلَخْ) هَذَا رَدٌّ عَلَى عبق الْقَائِلِ إنَّ فِيهِ حُكُومَةً وَاسْتَدَلَّ لِذَلِكَ بِكَوْنِ الْمُصَنِّفِ لَمْ يَذْكُرْهُ فِيمَا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ كَإِطْعَامٍ، أَوْ سَقْيٍ، أَوْ جُرْحٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ (قَوْلُهُ: عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) اعْلَمْ أَنَّ لُزُومَ الدِّيَةِ فِي ذَهَابِ مَا ذُكِرَ بِالْفِعْلِ الْخَطَإِ ظَاهِرٌ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْفِعْلُ عَمْدًا فَيُقَيَّدُ بِمَا إذَا كَانَ الْفِعْلُ لَا قِصَاصَ فِيهِ كَاللَّطْمَةِ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ عَلَى ذَهَابِ الْمَنْفَعَةِ، وَإِلَّا تُحُيِّلَ عَلَى ذَهَابِهَا كَمَا مَرَّ فَإِنْ كَانَ ذَهَابُ الْمَنْفَعَةِ بِفِعْلٍ فِيهِ الْقِصَاصُ كَجُرْحٍ اقْتَصَّ مِثْلُهُ مِنْ الْجَانِي فَإِنْ زَالَ الْمَعْنَى مِنْهُ فَوَاضِحٌ، وَإِلَّا أَخَذَ مِنْهُ دِيَةَ مَا ذَهَبَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: فَذَهَبَ بِسَبَبِهِ شَيْءٌ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْعَقْلِ وَمَا بَعْدَهُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَالشَّارِحِ (قَوْلُهُ: بِحِسَابِ مَا ذَهَبَ) أَيْ فَإِذَا ضَرَبَهُ فَصَارَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا مَعَ لَيْلَتِهِ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ ثَلَاثِينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ صَارَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي كُلِّ شَهْرٍ يَوْمًا فَقَطْ، أَوْ لَيْلَةً فَقَطْ كَانَ لَهُ جُزْءٌ مِنْ سِتِّينَ جُزْءًا مِنْ الدِّيَةِ وَلَا يُرَاعِي طُولَ النَّهَارِ وَلَا قِصَرَهُ وَلَا طُولَ اللَّيْلِ وَلَا قِصَرَهُ حَيْثُ كَانَ يَعْتَرِيهِ الْجُنُونُ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ، أَوْ فِي النَّهَارِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ اللَّيْلَ الطَّوِيلَ، وَالنَّهَارَ الْقَصِيرَ لَمَّا عَادَ لَهُمَا مَا يَأْتِي فِي لَيْلٍ قَصِيرٍ وَنَهَارٍ طَوِيلٍ صَارَ أَمْرُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مُتَسَاوِيًا (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ وَاجِبُ كُلٍّ) أَيْ فَيَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ وَنِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ لِلْمُوضِحَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ بِنَاءً عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْلِ الْقَلْبُ لَا الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَابِلِ الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ مَحَلَّ الْعَقْلِ الرَّأْسُ وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ لِلْعَقْلِ فَقَطْ أَيْ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَفْسَدَ إلَخْ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا فَأَفْسَدَ إنْعَاظَهُ أَيْ انْتِصَابَ ذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا تَنْدَرِجُ فِيهِ) أَيْ فِي إبْطَالِ قُوَّةِ الْجِمَاعِ أَيْ لَا تَنْدَرِجُ فِي دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فِيهِ) أَيْ، وَإِنْ كَانَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ الَّتِي فَسَدَتْ مُنْدَرِجَةً فِيهِ أَيْ فِي الصُّلْبِ الَّذِي أَفْسَدَهُ (قَوْلُهُ أَفْسَدَ مَنِيَّهُ) أَيْ بِحَيْثُ صَارَ لَا يَحْصُلُ مِنْهُ نَسْلٌ (قَوْلُهُ: أَوْ فِي حُصُولِ تَجْذِيمِهِ) أَيْ بِأَنْ فَعَلَ بِهِ فِعْلًا فَحَصَلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ تَجْذِيمُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ تَسْوِيدِهِ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ السَّوَادُ، أَوْ الْبَرَصُ جِسْمَهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الظَّاهِرِ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: فَفِيهِ حُكُومَةٌ) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَذْهَبَ بَعْضَ كُلٍّ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِي ذَلِكَ حُكُومَةً
(قَوْلُهُ: فَفِي قَطْعِهِمَا الدِّيَةُ) أَيْ فَفِي مُجَرَّدِ قَطْعِهِمَا بِدُونِ ذَهَابِ سَمْعٍ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ فِيهِمَا حُكُومَةً) أَيْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ وُجُوبِ الدِّيَةِ فِي مُجَرَّدِ قَطْعِهِمَا فَقَدْ تَبِعَ فِيهِ تَصْحِيحَ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَذْهَبْ سَمْعُهُ) أَيْ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ الشَّوَى) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَعَلَ بِشَخْصٍ فِعْلًا أَذْهَبَ بِهِ جِلْدَ رَأْسِهِ بِتَمَامِهِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَأَمَّا إنْ أَذْهَبَ بَعْضَهَا فَعَلَيْهِ بِحِسَابِهِ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ وَقِيلَ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ جِلْدُ الرَّأْسِ) بِتَمَامِهِ وَقَوْلُهُ جِلْدَةُ الرَّأْسِ أَيْ الْقِطْعَةُ مِنْ جِلْدِهَا (قَوْلُهُ: أَيْ فِي قَلْعِهِمَا) أَيْ إخْرَاجِهِمَا مِنْ مَحَلِّهِمَا وَتَصْيِيرِهِمَا بَارِزَتَيْنِ كَالزِّرِّ وَقَوْلُهُ، أَوْ طَمْسِهِمَا أَيْ فَقْئِهِمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ أُغْلِقَتْ الْحَدَقَةُ) أَيْ بِفَقْئِهَا، وَهَذَا تَفْسِيرٌ لِلطَّمْسِ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِيهِمَا) أَيْ فِي طَمْسِ الْحَدَقَةِ وَذَهَابِ الْبَصَرِ دِيَةٌ وَحُكُومَةٌ أَيْ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهِمَا دِيَةٌ فَقَطْ
(لِلسُّنَّةِ) فَقَدْ قَضَى بِذَلِكَ عُمَرَ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ عَبَّاسٍ (بِخِلَافِ)(كُلِّ زَوْجٍ) كَالْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ، وَالْأُذُنَيْنِ، وَالشَّفَتَيْنِ (فَإِنْ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ) أَيْ نِصْفَ الْوَاجِبِ فِي الزَّوْجِ وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا ذَلِكَ الْأَحَدُ لِذَهَابِ الْآخَرِ قَبْلَهُ.
(و) الدِّيَةُ (فِي) قَطْعِ (الْيَدَيْنِ) مِنْ الْكُوعَيْنِ، أَوْ مِنْ السَّاعِدَيْنِ (و) فِي (الرِّجْلَيْنِ) وَلَوْ مِنْ آخِرِ الْفَخْذِ وَفِي الشَّفَتَيْنِ (و) فِي (مَارِنُ الْأَنْفِ) ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ دُونَ الْعَظْمِ (و) فِي قَطْعِ (الْحَشَفَةِ وَفِي) قَطْعِ (بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا) أَيْ الدِّيَةِ (مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ فَيُقَاسُ مِمَّا فِيهِ الدِّيَةُ مِنْهُمَا (لَا) يُقَاسُ (مِنْ أَصْلِهِ) أَيْ مِنْ أَصْلِ الْمَارِنِ، أَوْ الْحَشَفَةِ وَأَصْلُ الْأَوَّلِ الْأَنْفُ، وَالثَّانِي الذَّكَرُ؛ لِأَنَّ بَعْضَ مَا فِيهِ الدِّيَةُ إنَّمَا يُنْسَبُ إلَيْهِ لَا إلَى أَصْلِهِ (وَفِي الْأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقًا) أَيْ سَلِّهِمَا، أَوْ قَطْعِهِمَا، أَوْ رَضِّهِمَا فَلَوْ قَطَعَهُمَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ (وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ قَوْلَانِ) بِالدِّيَةِ، وَالْحُكُومَةِ، وَالرَّاجِحُ الدِّيَةُ.
(و) الدِّيَةُ الْكَامِلَةُ (فِي شُفْرَيْ الْمَرْأَةِ إنْ بَدَا الْعَظْمُ) مِنْ فَرْجِهَا، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ وَفِي أَحَدِهِمَا إنْ بَدَا الْعَظْمُ نِصْفُهَا، وَالشُّفْرَانِ بِضَمِّ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ اللَّحْمَانِ الْمُحِيطَانِ بِالْفَرْجِ الْمُغَطِّيَانِ لَهُ (وَفِي ثَدْيَيْهَا) بَطَلَ اللَّبَنُ أَمْ لَا (أَوْ حَلَمَتَيْهِمَا) أَيْ الثَّدْيَيْنِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ حَلَمَتِهَا بِالْإِفْرَادِ أَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ (إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ) ، أَوْ فَسَدَ، وَكَذَا إنْ بَطَلَ، أَوْ فَسَدَ بِغَيْرِ قَطْعٍ فَإِنْ عَادَ رَدَّتْ مَا أَخَذَتْ (وَاِسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ) الَّتِي لَمْ تَبْلُغْ إذَا قُطِعَ ثَدْيَاهَا، أَوْ حَلَمَتُهُمَا لِتُخْتَبَرَ هَلْ بَطَلَ لَبَنُهَا أَمْ لَا.
(و) اُسْتُؤْنِيَ فِي قَلْعِ (سِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ) بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَسُكُونِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ لَمْ تَسْقُطْ رَوَاضِعُهُ (لِلْإِيَاسِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لِلسُّنَّةِ) بَحَثَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ظَاهِرَ السُّنَّةِ مَعَ الْمُخَالِفِ الْقَائِلِ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ عَيْنَ صَحِيحٍ، أَوْ أَعْوَرَ لِعُمُومِ مَا فِي كِتَابِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الَّذِي أَرْسَلَهُ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ ذَكَرَ لَهُ فِيهِ أَنَّ فِي الْعَيْنِ الْوَاحِدَةِ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَهَذَا عَامٌّ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَالصَّحِيحِ وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِعْلَ الصَّحَابَةِ خَصَّصَ عُمُومَ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ كُلِّ زَوْجٍ) فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ دَخَلَ فِي هَذَا الْأُنْثَيَانِ أَيْضًا كَمَا دَخَلَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَفِي إحْدَاهُمَا نِصْفُ الدِّيَةِ سَوَاءٌ قَطَعَهَا، أَوْ سَلَّهَا، أَوْ رَضَّهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ عَيْنِ الْأَعْوَرِ، وَالْوَاحِدِ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الْعَيْنَ تَقُومُ مَقَامَ الْعَيْنَيْنِ فِي مُعْظَمِ الْغَرَضِ بِخِلَافِ إحْدَى الْيَدَيْنِ، وَالرِّجْلَيْنِ مَثَلًا فَلِذَا أَلْزَمَ فِي عَيْنِ الْأَعْوَرِ دِيَةً كَامِلَةً وَفِي الْوَاحِدِ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ نِصْفُهَا وَأَيْضًا عَيْنُ الْأَعْوَرِ وَرَدَّتْ السُّنَّةُ بِالدِّيَةِ كَامِلَةً فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مِنْ آخِرِ الْفَخْذِ) أَيْ هَذَا إذَا قَطَعَهُمَا مِنْ الْكَعْبَيْنِ، أَوْ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ بَلْ وَلَوْ قَطَعَهُمَا مِنْ آخِرِ الْفَخْذَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفِي مَارِنِ الْأَنْفِ) أَيْ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةً فِي مَارِنُ الْأَنْفِ وَفِي الْحَشَفَةِ أَيْ، وَهِيَ رَأْسُ الذَّكَرِ وَفِي قَطْعِ مَا بَقِيَ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ حُكُومَةٌ فَلَوْ قَطَعَ الْأَنْفَ، أَوْ الذَّكَرَ مِنْ أَصْلِهِ ابْتِدَاءً فَدِيَةٌ فَقَطْ (قَوْلُهُ: فَيُقَاسُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ الَّذِي قُطِعَ مِنْهُمَا أَيْ مِنْ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ مِمَّا فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: لَا يُقَاسُ) أَيْ ذَلِكَ الْبَعْضُ الْمَقْطُوعُ أَيْ لَا يُنْسَبُ ذَلِكَ الْبَعْضُ لِأَصْلِ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ، وَإِنَّمَا يُنْسَبُ لِنَفْسِ الْمَارِنِ، وَالْحَشَفَةِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ قَطَعَهُمَا مَعَ الذَّكَرِ فَدِيَتَانِ) أَيْ سَوَاءٌ قَطَعَهُمَا فِي مَرَّتَيْنِ، أَوْ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْمَوَّاقِ، وَهَذَا إنْ فَعَلَ ذَلِكَ بِحُرٍّ فَإِنْ فَعَلَهُ بِعَبْدٍ أُدِّبَ فِي الْعَمْدِ وَلَا غُرْمَ إنْ لَمْ يُنْقِصْهُ فَإِنْ نَقَصَهُ غَرِمَ أَرْشَ نَقْصِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي ذَكَرِ الْعِنِّينِ) ، وَهُوَ مَنْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ بِهِ جِمَاعٌ لِصِغَرِهِ، أَوْ لِعَدَمِ إنْعَاظِهِ لِكِبَرٍ، أَوْ عِلَّةٍ عَنْ جَمِيعِ النِّسَاءِ وَقَوْلُهُ قَوْلَانِ أَيْ لِمَالِكٍ قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِلذَّكَرِ سِتَّةُ أَحْوَالٍ تَجِبُ الدِّيَةُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي حَالَةٍ وَتَخْتَلِفُ فِي اثْنَتَيْنِ، فَالثَّلَاثَةُ الَّتِي تَجِبُ فِيهَا الدِّيَةُ قَطْعُهُ جُمْلَةً، أَوْ قَطْعُ الْحَشَفَةِ وَحْدَهَا، أَوْ أَبْطَلَ النَّسْلَ مِنْهُ بِطَعَامٍ، أَوْ شَرَابٍ، وَإِنْ لَمْ يُبْطِلْ الْإِنْعَاظَ وَتَسْقُطُ الدِّيَةُ إذَا قُطِعَ بَعْدَ قَطْعِ الْحَشَفَةِ وَفِيهِ حُكُومَةٌ وَيَخْتَلِفُ إذَا قُطِعَ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ مِنْهُ النَّسْلُ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الِاسْتِمْتَاعِ، أَوْ عَاجِزٌ عَنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ لِصِغَرِ ذَكَرِهِ، أَوْ لِعِلَّةٍ كَالشَّيْخِ الْفَانِي فَقِيلَ دِيَةٌ وَقِيلَ حُكُومَةٌ، وَالْقَوْلَانِ لِمَالِكٍ (قَوْلُهُ، وَالرَّاجِحُ الدِّيَةُ) أَيْ وَأَمَّا ذَكَرُ الْمُعْتَرِضِ عَنْ بَعْضِ النِّسَاءِ فَفِيهِ الدِّيَةُ اتِّفَاقًا وَفِي ذَكَرِ الْخُنَثِي الْمُشْكِلِ نِصْفُ دِيَةٍ وَنِصْفُ حُكُومَةٍ؛ لِأَنَّهُ عَلَى احْتِمَالِ ذُكُورِيَّتِهِ فِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ وَعَلَى احْتِمَالِ أُنُوثَتِهِ فِيهِ حُكُومَةٌ، وَالْمُرَادُ بِالْحُكُومَةِ هُنَا مَا يَجْتَهِدُ فِيهِ الْإِمَامُ لِهَذَا الْعَدَاءِ لَا مَا سَبَقَ فِي تَقْوِيمِهِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ ذَكَرِ الْمَرْأَةِ لَا يُنْقِصُهَا (قَوْلُهُ: وَفِي ثَدْيَيْهَا) أَيْ وَفِي قَطْعِ ثَدْيَيْهَا أَيْ الْمَرْأَةِ الدِّيَةُ وَأَمَّا قَطْعُ ثَدْي الرَّجُلِ فَفِيهِ حُكُومَةٌ لَا دِيَةٌ (قَوْلُهُ: إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ) أَيْ بِأَنْ انْقَطَعَ وَقَوْلُهُ، أَوْ فَسَدَ أَيْ بِأَنْ صَارَ دَمًا، وَهَذَا شَرْطٌ فِي قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ فَإِنْ قَطَعَهُمَا وَلَمْ يَبْطُلْ اللَّبَنُ وَلَمْ يَفْسُدْ فَحُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ بَطَلَ) أَيْ، وَكَذَا تَلْزَمُ الدِّيَةُ كَامِلَةً إنْ بَطَلَ اللَّبَنُ، أَوْ فَسَدَ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لِلْحَلَمَتَيْنِ وَلَا لِغَيْرِهِمَا وَحِينَئِذٍ، فَالدِّيَةُ لِلَّبَنِ لَا لِقَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ فَمِنْ ثَمَّ اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ فِي قَطْعِ حَلَمَتَيْ الْعَجُوزِ حُكُومَةً كَالْيَدِ الشَّلَّاءِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ) أَيْ اللَّبَنُ لِحَالِهِ بَعْدَ فَسَادِهِ، أَوْ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ فِي مَسْأَلَةِ قَطْعِ اللَّبَنِ، أَوْ إفْسَادِهِ مِنْ غَيْرِ قَطْعٍ لِلْحَلَمَتَيْنِ (قَوْلُهُ: إذَا قُطِعَ ثَدْيَاهَا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الدِّيَةَ فِي قَطْعِ الثَّدْيَيْنِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ بَطَلَ اللَّبَنُ، أَوْ فَسَدَ أَوَّلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِينَاءٍ، فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ عَلَى قَطْعِ
فِي الْخَطَإِ (كَالْقَوَدِ) فِي الْعَمْدِ فَإِنْ نَبَتَتْ فَلَا كَلَامَ (وَإِلَّا) تَنْبُتُ (اُنْتُظِرَ) بِالْعَقْلِ، أَوْ الْقَوَدِ (سَنَةً) كَامِلَةً فَقَوْلُهُ، وَإِلَّا شُرِطَ فِي مُقَدَّرٍ تَقْدِيرَهُ فَإِنْ نَبَتَتْ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُصَرِّحَ بِهِ، وَالْمَعْنَى إنْ حَصَلَ يَأْسٌ قَبْلَ السَّنَةِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا، وَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ قَبْلَ الْإِيَاسِ اُنْتُظِرَ الْإِيَاسُ فَيُنْتَظَرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ مَا يُفِيدُهُ ظَاهِرُهُ مِنْ أَنَّ مَعْنَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ إيَاسٌ اُنْتُظِرَ سَنَةً لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ إذَا مَضَتْ سَنَةٌ وَلَمْ يَحْصُلْ إيَاسٌ اُنْتُظِرَ الْإِيَاسُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْإِيَاسِ وَتَمَامِ السَّنَةِ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي؛ إذْ لَا قِصَاصَ بِالشَّكِّ.
(وَسَقَطَا) أَيْ الْقِصَاصُ، وَالدِّيَةُ (إنْ عَادَتْ) سِنُّ الصَّغِيرِ لِهَيْئَتِهَا قَبْلَ قَلْعِهَا (وَوَرِثَا إنْ مَاتَ) أَيْ إنْ مَاتَ الصَّغِيرُ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ وَالْيَأْسِ أَيْ فَوَرَثَتُهُ يَسْتَحِقُّونَ مَالَهُ مِنْ قَوَدٍ، أَوْ دِيَةٍ (وَفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ) مِمَّا كَانَتْ عَلَيْهِ (بِحِسَابِهَا) فَإِنْ نَقَصَ نِصْفُهَا فَنِصْفُ دِيَتِهَا كَمَا فِي نَقْصِ السَّمْعِ وَلَا يُقَوَّمُ عَبْدًا سَلِيمًا وَمَعِيبًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحُكُومَةِ
وَلَمَّا كَانَ لِزَوَالِ مَا فِيهِ الدِّيَةُ عَلَامَةٌ يُعْرَفُ بِهَا زَوَالُ الْكُلِّ، أَوْ الْبَعْضِ شَرَعَ فِي بَيَانِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَجُرِّبَ الْعَقْلُ) الْمَشْكُوكُ فِي زَوَالِهِ (بِالْخَلَوَاتِ) وَلَا بُدَّ مِنْ تَكَرُّرِ الْخَلَوَاتِ وَيُتَجَسَّسُ عَلَيْهِ فِيهَا هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ، أَوْ غَيْرِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّا نَجْلِسُ مَعَهُ فِيهَا وَنُحَادِثُهُ وَنُسَايِرُهُ فِي الْكَلَامِ حَتَّى نَعْلَمَ خِطَابَهُ وَجَوَابَهُ فَإِنْ عَلِمَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْهُ بِالْجِنَايَةِ عُمِلَ بِذَلِكَ، وَإِنْ شَكُّوا أَنَقَصَ الرُّبُعُ، أَوْ الثُّلُثُ حُمِلَ فِي الْعَمْدِ عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الظَّالِمَ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَفِي الْخَطَإِ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ فَلَا نُكَلَّفُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ وَظَاهِرٌ أَنَّ الْمُدَّعِي هُنَا هُوَ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ.
(و) جُرِّبَ (السَّمْعُ) أَيْ اُخْتُبِرَ نُقْصَانُهُ حَيْثُ ادَّعَى الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ النَّقْصَ مِنْ إحْدَى أُذُنَيْهِ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (بِأَنْ يُصَاحَ) مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ (مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ) يَعْنِي مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ وَوَجْهُ الصَّائِحِ لِوَجْهِهِ فِي كُلِّ جِهَةٍ (مَعَ سَدِّ) الْأُذُنِ (الصَّحِيحَةِ) سَدًّا مُحْكَمًا وَيَكُونُ النِّدَاءُ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ، ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ أَيْ يُصَاحُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ وَيَجُوزُ الْعَكْسُ أَيْ يُصَاحُ عَلَيْهِ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى لَا يَسْمَعَ، ثُمَّ تُفْتَحُ الصَّحِيحَةُ وَتُسَدُّ الْأُخْرَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْحَلَمَتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ إذَا قَطَعَ حَلَمَةَ ثَدْيَيْهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَسْتَأْنِي فِي قَطْعِ حَلَمَتَيْ الصَّغِيرَةِ بِأَخْذِ الدِّيَةِ إلَى الْيَأْسِ مِنْ حُصُولِ اللَّبَنِ فَإِنْ حَصَلَ اللَّبَنُ فِي مُدَّةِ الِاسْتِينَاءِ، فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ عَدَمُ الدِّيَةِ لُزُومُ الْحُكُومَةِ، وَإِلَّا أُخِذَتْ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ: فِي الْخَطَإِ كَالْقَوَدِ) الْأَوْضَحُ أَنْ يَقُولَ بِأَخْذِ الدِّيَةِ وَفِي الْخَطَإِ كَالْقَوَدِ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَاِسْتُؤْنِيَ فِي قَلْعِ سِنِّ الصَّغِيرِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ سِنَّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يَثْغَرْ إذَا قُلِعَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى بِأَخْذِ دِيَتِهَا فِي الْخَطَإِ وَبِالْقِصَاصِ لَهَا فِي الْعَمْدِ لِأَقْصَى الْأَجَلَيْنِ، وَهُمَا الْيَأْسُ مِنْ عَوْدِهَا، وَالسَّنَةُ مِنْ يَوْمِ قَلْعِهَا فَكُلُّ مَا كَانَ أَبْعَدَ مِنْهُمَا فَإِنَّهُ يُسْتَأْنَى لَهُ فَإِذَا حَصَلَ الْيَأْسُ مِنْ عَوْدِهَا قَبْلَ السَّنَةِ اُنْتُظِرَ تَمَامُهَا، وَإِنْ مَضَتْ سَنَةٌ بَعْدَ قَلْعِهَا قَبْلَ الْيَأْسِ مِنْ عَوْدِهَا اُنْتُظِرَ الْيَأْسُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَاِسْتُؤْنِيَ بِسِنِّ الصَّغِيرِ لِلْيَأْسِ أَيْ إلَى أَنْ يَحْصُلَ يَأْسٌ مِنْ عَوْدِهَا فَائِتٌ نَبَتَتْ فِي مُدَّةِ الِاسْتِينَاءِ قَبْلَ الْيَأْسِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ حَصَلَ الْيَأْسُ وَلَمْ تَنْبُتْ اُنْتُظِرَ تَمَامُ سَنَةٍ مِنْ حِينِ قَلْعِهَا إذَا حَصَلَ الْيَأْسُ قَبْلَ السَّنَةِ هَذَا مُحَصَّلُ كَلَامِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ: شَرْط فِي مُقَدَّرٍ إلَخْ) الْأَوْلَى مُقَابِلُ لِمُقَدَّرٍ هَذَا، وَالْأَحْسَنُ أَنْ يُقَالَ فِي حَلِّ الْمَتْنِ أَنَّ الْمَعْنَى وَاِسْتُؤْنِيَ فِي قَلْعِ سِنِّ صَغِيرٍ لَمْ يَثْغَرْ لِلْإِيَاسِ أَيْ لِلسِّنِّ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ، وَإِلَّا بِأَنْ جَاوَزَ السِّنَّ الَّذِي تَنْبُتُ فِيهِ وَلَمْ تَنْقَضِ سَنَةٌ اُنْتُظِرَتْ بَقِيَّةُ السَّنَةِ وَوَجَبَتْ الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، وَالْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ.
(قَوْلُهُ: فَيُنْتَظَرُ أَقْصَى الْأَجَلَيْنِ) أَيْ وَتُجْعَلُ الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ حَالَ الِانْتِظَارِ تَحْتَ يَدِ أَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَانِي مَأْمُونًا كَمَا فِي بْن عَنْ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ) أَيْ الصَّغِيرُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ بِقَلْعِ سِنَّةٍ (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي) أَيْ إذَا كَانَ مُتَعَمِّدًا وَأَمَّا إنْ كَانَ مُخْطِئًا فَتُؤْخَذُ مِنْهُ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ وَوَرِثَا) أَيْ الْقَوَدَ، وَالدِّيَةَ إنْ مَاتَ أَيْ الصَّغِيرُ قَبْلَ نَبَاتِ سِنَّةٍ وَبَعْدَ تَمَامِ السِّنَّةِ، وَالْيَأْسِ.
(قَوْلُهُ وَفِي عَوْدِ السِّنِّ) أَيْ سِنِّ الصَّغِيرِ الَّتِي قُلِعَتْ قَبْلَ إثْغَارِهِ (قَوْلُهُ أَصْغَرَ) أَيْ وَأَمَّا إذَا عَادَتْ أَكْبَرَ مِمَّا كَانَتْ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ فِيهَا حُكُومَةً قَالَهُ عبق
(قَوْلُهُ: وَجُرِّبَ الْعَقْلُ) أَيْ الْمُدَّعَى زَوَالُهُ بِجِنَايَةٍ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ أَيْ جَرَّبَهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاسْتِغْفَالِهِ فِي خَلَوَاتِهِ بِأَنْ يَتَجَسَّسَ عَلَيْهِ فِيهَا وَيَنْظُرَ هَلْ يَفْعَلُ أَفْعَالَ الْعُقَلَاءِ، أَوْ أَفْعَالَ غَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: الْمَشْكُوكُ فِي زَوَالِهِ) أَيْ بِجِنَايَةٍ (قَوْلُهُ: مَا نَقَصَ مِنْهُ إلَخْ) أَيْ مِنْ عَقْلِهِ مِنْ كَوْنِهِ نِصْفَهُ، أَوْ رُبْعَهُ، أَوْ زَالَ كُلُّهُ.
(قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي) أَيْ عَلَى الْأَكْثَرِ وَقَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ أَيْ، وَهُوَ الْأَقَلُّ (قَوْلُهُ: أَنَّ الْمُدَّعِي هُنَا) أَيْ بِزَوَالِ عَقْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَلِيُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ أَبُوهُ، أَوْ وَصِيُّهُ، أَوْ مَنْ قَدَّمَهُ الْقَاضِي لِلنَّظَرِ فِي شَأْنِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ أَيْ كَوَلِيِّ أَبِيهِ إذَا كَانَ أَبُوهُ سَفِيهًا (قَوْلُهُ) :(وَجَرَّبَ السَّمْعَ) أَيْ الْمُدَّعَى زَوَالُ بَعْضِهِ مِنْ إحْدَى الْأُذُنَيْنِ مَعَ الشَّكّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ.
(قَوْلُهُ مَعَ سُكُونِ الرِّيحِ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الرِّيحُ غَيْرَ سَاكِنٍ صِيحَ عَلَيْهِ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي فِيهَا الرِّيحُ سَاكِنٌ وَأُخِّرَتْ الْأُخْرَى إلَى أَنْ يَسْكُنَ (قَوْلُهُ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ) أَيْ، وَهِيَ الْمَشْرِقُ، وَالْمَغْرِبُ، وَالْجَنُوبُ، وَالشِّمَالُ (قَوْلُهُ: فِي كُلِّ جِهَةٍ) أَيْ مِنْ تِلْكَ
وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ، ثُمَّ يَنْظُرُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهَا (وَنُسِبَ لِسَمْعِهِ الْآخَرِ) الْكَائِنِ فِي الصَّحِيحَةِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ النِّسْبَةُ (وَإِلَّا) تَكُنْ الْجِنَايَةُ فِي إحْدَى الْأُذُنَيْنِ بَلْ فِيهِمَا مَعًا وَلَكِنْ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ، أَوْ فِي إحْدَاهُمَا، أَوْ كَانَتْ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى إحْدَاهُمَا، وَالثَّانِيَةُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَبْلَ ذَلِكَ (فَسَمْعٌ وَسَطٌ) يُعْتَبَرُ وَيُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ أَيْ يُعْتَبَرُ سَمْعٌ وَسَطٌ لَا فِي غَايَةِ الْحِدَّةِ وَلَا الثِّقَلِ مِنْ رَجُلٍ مِثْلِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي السِّنِّ، وَالْمِزَاجِ فَيُوقَفُ فِي مَكَان وَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ حَتَّى يُعْلَمَ انْتِهَاءُ سَمَاعِهِ، ثُمَّ يُوقَفُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ فِي مَكَانِهِ فَيُصَاحُ عَلَيْهِ كَذَلِكَ وَيُنْظَرُ مَا نَقَصَ مِنْ سَمْعِهِ عَنْ سَمْعِ الرَّجُلِ الْمَذْكُورِ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يُعْلَمْ سَمْعُهُ قَبْلَ الْجِنَايَةِ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا عُلِمَ مِنْ قُوَّةٍ، أَوْ ضَعْفٍ بِلَا اعْتِبَارِ سَمْعٍ وَسَطٍ فَقَوْلُهُ.
(وَلَهُ نِسْبَتُهُ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ إنْ كَانَتْ أُذُنُهُ الْأُخْرَى صَحِيحَةً، أَوْ بِنِسْبَةِ سَمْعٍ وَسَطٍ إنْ لَمْ تَكُنْ الْأُخْرَى صَحِيحَةً، لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ الْأَوَّلُ (إنْ حَلَفَ) عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ أَنَّ هَذَا غَايَةُ مَا انْتَهَى سَمْعُهُ إلَيْهِ، وَالثَّانِي أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ) فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا (وَإِلَّا) يَحْلِفْ، أَوْ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ اخْتِلَافًا بَيِّنًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ جِهَةٍ قَدْرَ مِيلٍ وَمِنْ الْأُخْرَى نِصْفِ مِيلٍ (فَهَدَرٌ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ لِظُهُورِ كَذِبِهِ (و) جُرِّبَ (الْبَصَرُ بِإِغْلَاقِ) الْعَيْنِ (الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ) أَيْ كَمَا مَرَّ فِي تَجْرِبَةِ السَّمْعِ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ، ثُمَّ تُغْلَقُ الْمُصَابَةُ وَيُنْظَرُ انْتِهَاءُ مَا أَبْصَرَتْ الصَّحِيحَةُ وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ فَإِنْ جَنَى عَلَيْهِمَا وَفِيهِمَا بَقِيَّةٌ اُعْتُبِرَ بَصَرٌ وَسَطٌ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ ذَلِكَ (و) جُرِّبَ (الشَّمُّ) الْمُدَّعِي زَوَالَهُ (بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ) أَيْ مُنَفِّرَةٍ لِلطَّبْعِ كَرَائِحَةِ جِيفَةٍ وَأُمِرَ بِالْمُكْثِ عِنْدَهَا مِقْدَارَ كَذَا مِنْ الزَّمَنِ لِيُعْلَمَ حَالُهُ؛ إذْ الْمُتَّصِفُ بِالشَّمِّ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ عِنْدَهَا فَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ.
(و) جُرِّبَ (النُّطْقُ بِالْكَلَامِ) مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (اجْتِهَادًا) أَيْ بِالِاجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ أَيْ يَرْجِعُ إلَى مَا يَقُولُهُ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِاجْتِهَادِهِمْ فِيمَا نَقَصَ مِنْهُ مِنْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ شَكُّوا، أَوْ اخْتَلَفُوا فِيمَا نَقَصَ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ (وَيَقُولُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ) أَيْ مِنْ مَكَان بَعِيدٍ، ثُمَّ يَقْرُبُ مِنْهُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَسْمَعَ، أَوْ مِنْ مَكَان قَرِيبٍ، ثُمَّ يَتَبَاعَدُ الصَّائِحُ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى لَا يَسْمَعَ وَقَوْلُهُ وَيُصَاحُ بِهِ كَذَلِكَ أَيْ وَلَوْ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ عبق.
(قَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ مِنْ الدِّيَةِ النِّسْبَةُ) أَيْ بِتِلْكَ النِّسْبَةِ فَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ نِصْفَ سَمْعِ الصَّحِيحَةِ أَعْطَى رُبْعَ دِيَةٍ كَامِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ ثُلُثَ سَمْعِ الصَّحِيحَةِ أَعْطَى سُدُسَ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ فِيهِمَا) أَيْ، لَكِنْ بَقِيَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ مِنْ السَّمْعِ، أَوْ بَقِيَ فِي إحْدَاهُمَا بَقِيَّةٌ مِنْهُ وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهِمَا وَأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ فِيهِمَا بَقِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُجَرِّبُ بِالْأَصْوَاتِ الْقَوِيَّةِ كَالْبُوقِ، وَالطَّبْلِ بِالْقُرْبِ مِنْهُ بِغَفْلَةٍ فَإِنْ انْزَعَجَ فَلَا يُصَدَّقُ، وَإِلَّا صُدِّقَ.
(قَوْلُهُ لَيْسَتْ صَحِيحَةً قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ بَلْ كَانَتْ مَعْدُومَةً، أَوْ ضَعِيفَةً (قَوْلُهُ: وَيُصَاحُ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ الْجِهَاتِ الْأَرْبَعِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِالدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِسَمْعٍ وَسَطٍ (قَوْلُهُ، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَى مَا عَلِمَ) أَيْ فَيُعْطِي مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ لِمَا عَلِمَ، هَذَا هُوَ الْمُرَادُ (قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشَرْطَيْنِ) أَيْ، لَكِنَّ إعْطَاءَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِنِسْبَةِ سَمْعِهِ الصَّحِيحِ، أَوْ بِنِسْبَةِ سَمْعٍ وَسَطٍ مَشْرُوطٌ بِشَرْطَيْنِ (قَوْلُهُ: إنْ حَلَفَ عَلَى مَا ادَّعَى إلَخْ) هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينُ تُهْمَةٍ فَلَا تُرَدُّ عَلَى الْجَانِي إذَا نَكَلَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا كَانَتْ يَمِينَ تُهْمَةٍ؛ لِأَنَّ الْجَانِي لَمْ يُحَقِّقْ كَذِبَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَتَّهِمُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ اخْتِلَافًا بَيِّنًا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ أَصْلًا، أَوْ اخْتَلَفَ اخْتِلَافًا مُتَقَارِبًا.
(قَوْلُهُ: وَجَرَّبَ الْبَصَرَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ بَعْضِهِ مِنْ إحْدَى الْعَيْنَيْنِ فَإِنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِهِ مِنْ إحْدَاهُمَا، أَوْ مِنْهُمَا مَعًا اُخْتُبِرَ بِالْأَشِعَّةِ الَّتِي لَا ثَبَاتَ لِلْبَصَرِ مَعَهَا، أَوْ يُشَارُ إلَى عَيْنِهِ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ اهـ بْن (قَوْلُهُ بِإِغْلَاقِ الصَّحِيحَةِ) أَيْ وَيَنْظُرُ إلَى انْتِهَاءِ مَا أَبْصَرَتْ بِهِ الْمُصَابَةُ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ (قَوْلُهُ وَتُعْرَفُ النِّسْبَةُ) أَيْ بَيْنَ مَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُ الْمُصَابَةِ وَمَا انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُ الصَّحِيحَةِ وَبِتِلْكَ النِّسْبَةِ يُعْطِي مِنْ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: الْمُدَّعِي زَوَالَهُ) أَيْ بِتَمَامِهِ (قَوْلُهُ لَا يَكَادُ يَصْبِرُ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ صَبَرَ كَانَ صَادِقًا فِي دَعْوَاهُ، وَإِلَّا كَانَ كَاذِبًا.
(قَوْلُهُ: وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ) فَإِذَا قَالَ أَشُمُّ لِعَشَرَةِ أَذْرُعٍ فَقَدْ صُدِّقَ بِيَمِينٍ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارٍ بِمَشْمُومٍ حَادِّ الرَّائِحَةِ وَنُسِبَ لِشَمٍّ وَسَطٍ فَإِذَا كَانَ مِنْ مَسَافَةِ عِشْرِينَ ذِرَاعًا أُعْطِيَ نِصْفَ الدِّيَةِ، وَهَكَذَا، وَإِنَّمَا لَمْ يُمْتَحَنْ هُنَا بِمِثْلِ مَا مَرَّ فِي الْبَصَرِ، وَالسَّمْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْقَلُ سَدُّ الْجُزْءِ الْبَاقِي مِنْ الشَّمِّ حَتَّى يُخْتَبَرَ مَا ذَهَبَ مِنْ الشَّمِّ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ وَلِشِدَّةِ تَفْرِيقِ الرِّيحِ لِلرَّائِحَةِ فَلَيْسَتْ كَالصَّوْتِ، وَالْأَجْرَامِ الْمُبْصِرَةِ.
(قَوْلُهُ: وَجَرَّبَ النُّطْقَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ بَعْضِهِ بِالْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثُلُثٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا كَانَ قَبْلَ الْجِنَايَةِ يَقْرَأُ رُبُعَ الْقُرْآنِ مُرَتَّلًا فِي سَاعَةٍ وَبَعْدَهَا صَارَ لَا يَقْدِرُ إلَّا عَلَى قِرَاءَةِ ثُمُنِهِ مُرَتَّلًا فِي السَّاعَةِ فَإِنَّهُ يُقْضَى لَهُ بِنِصْفِ الدِّيَةِ، وَهَكَذَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكُّوا) أَيْ فِي أَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ رُبُعُ نُطْقِهِ، أَوْ ثُلُثُهُ وَقَوْلُهُ، أَوْ اخْتَلَفُوا أَيْ بِأَنْ جَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الذَّاهِبَ بِالْجِنَايَةِ ثُلُثُ نُطْقِهِ وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الذَّاهِبَ رُبُعُهُ وَقَوْلُهُ عُمِلَ بِالْأَحْوَطِ أَيْ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْكَثِيرِ
وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ (و) جُرِّبَ (الذَّوْقُ بِالْمَقِرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِ الْقَافِ أَيْ بِالشَّيْءِ الْمُرِّ الَّذِي لَا صَبْرَ عَلَيْهِ عَادَةً.
(وَصُدِّقَ) بَالِغٌ (مُدَّعٍ ذَهَابَ الْجَمِيعِ) مِمَّا مَرَّ (بِيَمِينٍ) فَمَنْ ادَّعَى ذَهَابَ جَمِيعِ سَمْعِهِ، أَوْ جَمِيعِ بَصَرِهِ، أَوْ جَمِيعِ شَمِّهِ وَلَمْ يُمْكِنْ اخْتِبَارُهُ بِمَا مَرَّ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ (وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ وَرِجْلٍ وَنَحْوِهِمَا) كَيَدٍ (خِلْقَةً) ، أَوْ لِكِبَرٍ، أَوْ بِسَمَاوِيٍّ (كَغَيْرِهِ) مِنْ الْقَوِيِّ فِي الْقِصَاصِ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَفِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً إلَخْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى الْخَطَإِ وَذَلِكَ عَلَى الْعَمْدِ كَمَا حُمِلَ قَوْلُهُ وَذَكَرٍ وَصَحِيحٍ وَضِدَّيْهِمَا عَلَى الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ لِدَفْعِ التَّكْرَارِ.
(وَكَذَا) الْعَيْنُ، أَوْ الرِّجْلُ (الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا) خَطَأً قَبْلَ ذَلِكَ، فَهِيَ كَالصَّحِيحَةِ فِي الْقَوَدِ، وَالْعَقْلِ كَامِلًا (إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا) فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى (عَقْلًا) فَإِنْ كَانَ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا، ثُمَّ حَصَلَ لَهَا جِنَايَةٌ ثَانِيَةٌ فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دِيَتِهَا إلَّا بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْهَا وَأَمَّا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا عَمْدًا فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً وَمِنْ كِبَرٍ، أَوْ لِجُدَرِيٍّ، أَوْ لِكَرَمْيَةٍ، فَالْقَوَدُ إنْ تَعَمَّدَهُ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُقَيَّدُ قَوْلُهُ فَبِحِسَابِهِ بِمَا هُنَا أَيْ حَيْثُ أَخَذَ عَقْلًا.
وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا أَيْ لَمْ يَجِبْ لَهَا عَقْلٌ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا لَا عَقْلَ لَهُ فَإِنْ وَجَبَ فَبِحِسَابِهِ وَلَوْ لَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِلْجَانِي (و) الدِّيَةُ كَامِلَةٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَيُعْطِي ثُلُثَ الدِّيَةِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ، وَالظَّالِمُ أَحَقُّ إلَخْ) عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ مِنْ الْعَمَلِ بِالْأَحْوَطِ، وَهُوَ الْحَمْلُ عَلَى الْكَثِيرِ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ ظَاهِرٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا وَأَمَّا إذَا كَانَتْ خَطَأً فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْأَقَلِّ كَالرُّبُعِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ.
(قَوْلُهُ وَجَرَّبَ الذَّوْقَ) أَيْ الْمُدَّعِي ذَهَابَ كُلِّهِ بِالْجِنَايَةِ مَعَ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى زَوَالَ بَعْضِهِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَنُسِبَ لِذَوْقٍ وَسَطٍ مِثْلَ مَا مَرَّ فِي الشَّمِّ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالشَّيْءِ الْمُرِّ الَّذِي لَا صَبْرَ عَلَيْهِ عَادَةً) أَيْ كَالْحَنْظَلِ، وَالصَّبْرِ فَإِذَا أَكَلَ الْحَنْظَلَ وَنَحْوَهُ وَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ ذَلِكَ تَأَثُّرٌ صُدِّقَ فِي دَعْوَاهُ، وَإِلَّا حُمِلَ عَلَى الْكَذِبِ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ مِنْ السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ، وَالشَّمِّ وَلَا يَشْمَلُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْعَقْلَ؛ لِأَنَّ مَنْ ذَهَبَ عَقْلُهُ لَا دَعْوَى لَهُ.
فَإِنْ قُلْت يُرَادُ بِالْمُدَّعِي مَا يَشْمَلُ الْمَجْنِيَّ عَلَيْهِ وَوَلِيَّهُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَقْلِ.
قُلْت وَلِيُّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ؛ إذْ لَا يُحَلَّفُ الشَّخْصُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَكُنْ اخْتِبَارُهُ بِمَا تَقَدَّمَ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ ذَهَابَ السَّمْعِ كُلِّهِ يُخْتَبَرُ بِالْأَصْوَاتِ الْمُزْعِجَةِ عَلَى غَفْلَةٍ كَالْبُوقِ، وَالطَّبْلِ وَذَهَابُ الْبَصَرِ كُلِّهِ يُخْتَبَرُ بِالْأَشِعَّةِ الَّتِي لَا ثَبَاتَ لِلْبَصَرِ مَعَهَا وَذَهَابُ جَمِيعِ الشَّمِّ يُخْتَبَرُ بِالرَّائِحَةِ الْحَادَّةِ، وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ دُونَ الْأَوَّلَيْنِ فَلَمْ يَتَقَدَّمَا لَا لَلْمُصَنِّفِ وَلَا لِلشَّارِحِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَالضَّعِيفُ) أَيْ، وَالْعُضْوُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ نَفْعِهِ حَالَةَ كَوْنِ ضَعْفِهِ لَيْسَ بِجِنَايَةٍ بَلْ خِلْقَةً (قَوْلُهُ: فِي الْقَاصِّ) أَيْ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَمْدًا وَقَوْلُهُ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ أَيْ إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ خَطَأً، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْعُضْوَ الضَّعِيفَ بِكَوْنِهِ لَمْ يَذْهَبْ جُلُّ نَفْعِهِ؛ لِأَنَّ الذَّاهِبَ جُلُّ نَفْعِهِ لَيْسَ فِيهِ الدِّيَةُ إلَّا بِحِسَابِ مَا بَقِيَ فِيهِ مِنْ الْمَنْفَعَةِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْجِنَايَةِ فِي النَّفْسِ) أَيْ وَمَا هُنَا عَلَى الْأَطْرَافِ (قَوْلُهُ: الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا خَطَأً) أَيْ جِنَايَةً لَمْ تُذْهِبْ جُلَّ مَنْفَعَتِهَا وَقَوْلُهُ قَبْلَ ذَلِكَ أَيْ قَبْلَ الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: فِي الْقَوَدِ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّالِثَةُ عَمْدًا وَقَوْلُهُ، وَالْعَقْلُ كَامِلًا أَيْ إنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ خَطَأً وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَالْعَقْلُ كَامِلًا (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ مِنْ دِيَتِهَا إلَّا بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْهَا) أَيْ كَمَا أَنَّهُ لَوْ أَذْهَبَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى جُلَّ مَنْفَعَتِهَا لَيْسَ لَهُ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بِحَسَبِ مَا بَقِيَ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا) أَيْ أَوَّلًا عَمْدًا (قَوْلُهُ: أَوْ لِكَرَمْيَةٍ) صَادِقٌ بِكَوْنِ الرَّمْيَةِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا فَبِحِسَابِهِ أَيْ، وَإِلَّا يَتَعَمَّدُهُ فَبِحِسَابِهِ (قَوْلُهُ: أَيْ حَيْثُ أَخَذَ) أَيْ أَوَّلًا عَقْلًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ، فَالدِّيَةُ كَامِلَةً.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَمْ يَجِبْ لَهَا عَقْلٌ بِأَنْ كَانَ عَمْدًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْجِنَايَةَ الْأُولَى عَمْدٌ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ الْحَلِّ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْ لَهَا عَقْلًا أَيْ إنْ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَخْذِ عَقْلِهَا فَإِنْ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا بِالْفِعْلِ، أَوْ عَفَا عَنْهُ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِيمَا مَرَّ مَعَ زِيَادَةِ أَرْبَعِ صُوَرٍ الْأُولَى مَا إذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ عَمْدًا وَحَاصِلُ الْقَوْلِ فِيهَا أَنَّهُ يُقْتَصُّ مِنْ الْجَانِي مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُولَى عَمْدًا، أَوْ خَطَأً أَخَذَ لَهَا عَقْلًا، أَوْ لَا مَا لَمْ تَكُنْ الْأُولَى أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ، وَإِلَّا فَلَا قَوَدَ كَمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ الثَّانِيَةُ أَنْ تَكُونَ الثَّانِيَةُ خَطَأً، وَالْأُولَى كَذَلِكَ وَأَخَذَ لَهَا عَقْلًا فَلَهُ فِي الْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَهَذِهِ مَفْهُومُ الشَّرْطِ هُنَا الثَّالِثَةُ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ خَطَأً وَلَمْ يَأْخُذْ عَقْلًا لِلْأُولَى فَإِنْ كَانَ لِتَعَذُّرِ الْأَخْذِ مِنْ الْجَانِي اسْتَحَقَّ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ كُلَّ الدِّيَةِ، وَهَذِهِ دَاخِلَةٌ فِي مَنْطُوقِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ تُذْهِبَ الْأُولَى جُلَّ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَ عَدَمُ أَخْذِهِ عَقْلًا لِلْأُولَى لِعَفْوِهِ عَنْ الْجَانِي فَلَهُ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّعَ بِهِ لِلْجَانِي فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ الرَّابِعَةُ أَنْ تَكُونَ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ خَطَأً، وَالْأُولَى عَمْدًا فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى أَذْهَبَتْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ فَلَهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الْأُولَى لَمْ تُذْهِبْ جُلَّ الْمَنْفَعَةِ فَإِنْ لَمْ يُصَالِحْ عَنْهَا بِشَيْءٍ فَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ الْعَقْلُ كَامِلًا، وَإِنْ صُولِحَ عَنْهَا بِشَيْءٍ فَلَهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ بِحِسَابِ مَا بَقِيَ.
(قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِي لِسَانٍ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ سَابِقًا فِي الْعَقْلِ أَيْ
(فِي) قَطْعِ (لِسَانُ النَّاطِقِ) حَيْثُ مَنَعَهُ النُّطْقَ (وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ قَطْعُهُ) مِنْ اللِّسَانِ (فَحُكُومَةٌ كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ) فَفِي قَطْعِهِ الْحُكُومَةُ بِالِاجْتِهَادِ (وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ) ، أَوْ الرِّجْلِ أَيْ الَّتِي لَا نَفْعَ فِيهَا أَصْلًا فِي قَطْعِهَا الْحُكُومَةُ فَإِنْ كَانَ بِهَا نَفْعٌ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَالضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ رِجْلٍ.
(و) كَقَطْعِ (السَّاعِدِ) ، وَهُوَ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ مِنْ الْيَدِ الَّتِي مُنْتَهَاهَا الْمَنْكِبُ فِي حُكُومَةٍ بِالِاجْتِهَادِ وَسَوَاءٌ ذَهَبَ الْكَفُّ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ جِنَايَةٍ أَخَذَ لَهَا عَقْلًا أَمْ لَا (و) قَطْعِ (أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ خَطَأً فِيهِ حُكُومَةٌ قِيَاسًا عَلَى أَلْيَتَيْ الرَّجُلِ وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِمَا الدِّيَةُ وَفِي الْعَمْدِ الْقِصَاصُ (وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا) بِحَيْثُ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهَا فَإِنْ كَانَتْ مُضْطَرِبَةً لَا جِدًّا فَفِيهَا الْعَقْلُ (و) قَطْعِ (عَسِيبِ ذَكَرٍ) أَيْ قَصَبَتِهِ فِيهَا الْحُكُومَةُ (بَعْدَ) ذَهَابِ (الْحَشَفَةِ) ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْحَشَفَةِ
(و) قَلْعُ شَعْرِ (حَاجِبٍ، أَوْ هُدْبٍ) بِضَمِّ الْهَاءِ الْوَاحِدِ، أَوْ الْمُتَعَدِّدِ فِيهِ الْحُكُومَةُ إنْ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ نَبَتَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ، وَكَذَا شَعْرُ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ (و) قَلْعُ (ظُفُرٍ) خَطَأً فِيهِ الْحُكُومَةُ (وَفِيهِ) أَيْ قَلْعِ الظُّفُرِ (الْقِصَاصُ) إنْ كَانَ عَمْدًا بِخِلَافِ عَمْدِ غَيْرِهِ فَفِيهِ الْأَدَبُ كَمَا مَرَّ (وَإِفْضَاءٍ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمُرَاد بِهِ رَفْعُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ وَمَحَلِّ الْجِمَاعِ حَتَّى يَكُونَ الْمَخْرَجَانِ مَخْرَجًا وَاحِدًا وَقَالَهُ الشَّارِحُ أَيْضًا، وَكَذَا اخْتِلَاطُ مَسْلَكِ الْبَوْلِ، وَالْغَائِطِ فِيهِ حُكُومَةٌ وَمَعْنَى الْحُكُومَةِ هُنَا أَنْ يَغْرَمَ أَرْشَ مَا شَأْنُهَا عِنْدَ الْأَزْوَاجِ بِأَنْ يُقَالَ مَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا مُفْضَاةٌ وَمَا صَدَاقُهَا عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مُفْضَاةٍ فَيَغْرَمُ النَّقْصَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ، وَالسَّمْعِ إلَخْ وَفِي لِسَانِ النَّاطِقِ (قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ لِسَانِ النَّاطِقِ) أَيْ كُلِّهِ، أَوْ بَعْضِهِ (قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ) أَيْ وَأَمَّا إنْ مَنَعَ مَا قَطَعَهُ بَعْضَ النُّطْقِ فَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِحِسَابِهِ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِيمَا إذَا كَانَ الْقَطْعُ خَطَأً وَأَمَّا إنْ كَانَ عَمْدًا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ اللِّسَانَ إذَا كَانَ يُخْشَى فِيهِ التَّلَفُ فَلَا قِصَاصَ فِيهِ، وَإِلَّا كَانَ فِيهِ الْقِصَاصُ اهـ. وَظَاهِرُهَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَمْنَعَ النُّطْقَ، أَوْ لَا اُنْظُرْ بْن وَقَوْلُهَا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ أَيْ، وَإِنَّمَا فِيهِ حُكُومَةٌ (قَوْلُهُ: كَلِسَانِ الْأَخْرَسِ فَفِي قَطْعِهِ الْحُكُومَةُ) أَيْ إذَا لَمْ يَذْهَبْ بِذَلِكَ صَوْتُ الْأَخْرَسِ، وَإِلَّا، فَالدِّيَةُ أَيْ وَأَمَّا لِسَانُ الصَّغِيرِ قَبْلَ نُطْقِهِ، فَهَلْ كَذَلِكَ فِيهِ حُكُومَةٌ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَا تَلْزَمُ بِمَشْكُوكٍ فِيهِ، أَوْ فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ وَيَكُونُ مِنْ مَشْمُولَاتِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَالدِّيَةُ فِي لِسَانِ النَّاطِقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ النَّاطِقُ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ نُطْقُهُ بَعْدُ.
وَالْخَرَسُ أَمْرٌ نَادِرٌ وَلِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْحُكُومَةَ إلَّا فِي لِسَانِ الْأَخْرَسِ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَالْيَدِ الشَّلَّاءِ، أَوْ الرِّجْلِ إلَخْ) كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَظَاهِرُهُ كَغَيْرِهِ أَنَّ فِي كُلٍّ مِنْ لِسَانِ الْأَخْرَسِ، وَالْيَدِ، وَالرِّجْلِ الشَّلَّاءِ حُكُومَةً وَلَوْ كَانَ الْجَانِي مُتَعَمِّدًا مُمَاثِلًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي الْخَرَسِ، أَوْ الشَّلَلِ خِلَافًا لِمَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ تت عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ إلَخْ مِنْ لُزُومِ الْقِصَاصِ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ: دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ، وَالضَّعِيفِ إلَخْ) أَيْ فَإِنْ كَانَ النَّفْعُ الَّذِي بِهَا جُلَّ نَفْعِهَا كَانَتْ كَالسَّلِيمَةِ فَفِيهَا الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ كَامِلَةٌ فِي الْخَطَإِ، وَإِنْ كَانَ النَّفْعُ الَّذِي بِهَا أَقَلَّ مِنْ جُلِّ نَفْعِهَا فَلَهُ مِنْ الدِّيَةِ الْكَامِلَةِ بِحِسَابِ مَا كَانَ فِيهَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَا عَدَا الْأَصَابِعَ إلَخْ) يُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ السَّاعِدَ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْأَصَابِعِ بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ ذَهَبَ الْكَفُّ إلَخْ) أَيْ وَقُطِعَ مَا عَدَاهُ مِنْ الذِّرَاعِ، أَوْ قَطَعَهُ مَعَ الذِّرَاعِ، فَاللَّازِمُ حُكُومَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
(قَوْلُهُ: وَقَالَ أَشْهَبُ فِيهِمَا) أَيْ أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ خَطَأً الدِّيَةُ أَيْ؛ لِأَنَّهُمَا أَعْظَمُ عَلَيْهَا مِنْ ثَدْيَيْهَا، وَالْخِلَافُ إنَّمَا هُوَ فِي أَلْيَتَيْ الْمَرْأَةِ خَطَأً وَأَمَّا أَلْيَتَا الرَّجُلِ خَطَأً فَفِيهِمَا حُكُومَةٌ اتِّفَاقًا.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْعَمْدِ) أَيْ وَفِي قَطْعِ الْأَلْيَتَيْنِ عَمْدًا مِنْ رَجُلٍ، أَوْ امْرَأَةٍ (قَوْلُهُ: وَسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُرْجَى ثُبُوتُهَا) أَيْ إذَا تُرِكَتْ فَإِذَا جَنَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ فَقَلَعَهَا فَفِيهَا حُكُومَةٌ وَلَوْ كَانَ أَخَذَ أَوْ لَا، لِاضْطِرَابِهَا عَقْلًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَلْعَهَا يُنْقِصُ الْجَمَالَ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ فَفِيهَا الْعَقْلُ) أَيْ إذَا جَنَى عَلَيْهَا إنْسَانٌ وَقَلَعَهَا (قَوْلُهُ: وَعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ ذَهَابِ الْحَشَفَةِ) إطْلَاقُ الْعَسِيبِ عَلَى الْبَاقِي بَعْدَ الْحَشَفَةِ مَجَازٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ؛ إذْ قَصَبَةُ الذَّكَرِ إنَّمَا يُقَالُ لَهَا عَسِيبٌ مَعَ وُجُودِ الْحَشَفَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ فِي عَسِيبِ الذَّكَرِ حُكُومَةً نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَقَدْ يُقَالُ الظَّاهِرُ لُزُومُ الدِّيَةِ؛ لِأَنَّهُ يُجَامِعُ بِهِ وَتَحْصُلُ بِهِ اللَّذَّةُ اُنْظُرْ بْن
(قَوْلُهُ: فِيهِ حُكُومَةٌ) أَيْ قَلْعُهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ، وَكَذَا شَعْرُ الرَّأْسِ، وَاللِّحْيَةِ) أَيْ فِي قَلْعِ كُلٍّ الْحُكُومَةُ سَوَاءٌ كَانَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ قَلْعُهُ بِحَلْقٍ أَوْ نَتْفٍ، إنْ لَمْ يَنْبُتْ فَإِنْ نَبَتَ وَعَادَ لِهَيْئَتِهِ فَلَا شَيْءَ فِيهِ إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ، وَكَذَا شَعْرُ الرَّأْسِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِرِجَالٍ غَيْرِ مُعْتَادِينَ لِحَلْقِهَا، أَوْ لِنِسَاءٍ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِرِجَالٍ مُعْتَادِينَ لِحَلْقِهَا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ فِيهِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ عَمْدِ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الظُّفُرِ، وَهُوَ الْحَاجِبُ وَمَا بَعْدَهُ وَقَوْلُهُ فَفِيهِ الْأَدَبُ أَيْ مَعَ الْحُكُومَةِ إنْ لَمْ يَنْبُتْ وَأَمَّا إنْ نَبَتَ، فَالْأَدَبُ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَإِفْضَاءٍ) أَيْ فِيهِ حُكُومَةٌ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي الْإِفْضَاءِ قَوْلَانِ حُكُومَةٌ وَدِيَةٌ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَالْقَوْلُ بِالْحُكُومَةِ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، وَالْقَوْلُ بِالدِّيَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ
(وَلَا يَنْدَرِجُ) الْإِفْضَاءُ (تَحْتَ مَهْرٍ) سَوَاءٌ كَانَ مِنْ زَوْجٍ، أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا (بِخِلَافِ) إزَالَةِ (الْبَكَارَةِ) مِنْ زَوْجٍ، أَوْ غَاصِبٍ فَتَنْدَرِجُ تَحْتَ الْمَهْرِ؛ لِأَنَّهَا مِنْ لَوَاحِقِ الْوَطْءِ؛ إذْ لَا يُمْكِنُ وَطْءٌ بِدُونِهَا بِخِلَافِ الْإِفْضَاءِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (إلَّا) إنْ أَزَالَهَا (بِأُصْبُعِهِ) فَلَا تَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ، وَالزَّوْجُ وَالْأَجْنَبِيُّ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ يَلْزَمُهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ الَّتِي أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ مَعَ نِصْفِ الصَّدَاقِ إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنْ بَنَى بِهَا وَطَلَّقَهَا انْدَرَجَتْ (وَفِي) قَطْعِ (كُلِّ أُصْبُعٍ) مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ (عُشْرٌ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَيْ عُشْرُ دِيَةِ مَنْ قُطِعَتْ أُصْبُعُهُ فَيَشْمَلُ مَنْ ذُكِرَ وَدِيَةُ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، وَالْمُرَبَّعَةُ، وَالْمُخَمَّسَةُ بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ (و) فِي قَطْعِ (الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ) أَيْ الْعُشْرِ (إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) مِنْ يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (فَنِصْفُهُ) ، وَهُوَ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ، أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَهْلِ الذَّهَبِ، وَهَذِهِ إحْدَى الْمُسْتَحْسَنَاتِ الْأَرْبَعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الشُّفْعَةِ وَتَقَدَّمَ فِيهَا اثْنَتَانِ الشُّفْعَةُ فِي الشَّجَرِ، أَوْ الْبِنَاءُ بِأَرْضٍ مُحْبَسَةٍ، أَوْ مُعَارَةٍ، وَالشُّفْعَةُ فِي الثِّمَارِ، وَالرَّابِعَةُ سَتَأْتِي آخِرَ هَذَا الْبَابِ، وَهِيَ الْقِصَاصُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ فِي جُرْحِ الْعَمْدِ (وَفِي) قَطْعِ (الْأُصْبُعِ بِالزَّائِدَةٍ) عَلَى الْخَمْسِ فِي يَدٍ، أَوْ رِجْلٍ (الْقَوِيَّةِ) كَقُوَّةِ الْأَصْلِيَّةِ (عُشْرُ) قِيَاسًا عَلَى الْأَصْلِيَّةِ قُطِعَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَلَمْ يُقْتَصَّ فِي الْعَمْدِ لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ وَسَوَاءٌ قُطِعَتْ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ تَقْوَ كَالْأَصْلِيَّةِ فَحُكُومَةٌ (إنْ انْفَرَدَتْ) بِالْقَطْعِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا فَقَوْلُهُ إنْ انْفَرَدَتْ شَرْطٌ فِي مُقَدَّرٍ هُوَ الْمَفْهُومُ فَلَوْ قَالَ وَفِي الْأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ عُشْرٌ مُطْلَقًا فَإِنْ قَوِيَتْ، وَإِلَّا فَحُكُومَةٌ إنْ انْفَرَدَتْ لَطَابَقَ النَّقْلَ (وَفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ) مِنْ الْإِبِلِ، فَهُوَ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَلَوْ قَالَ نِصْفُ عُشْرٍ لِيَشْمَلَ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ، أَوْ غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ لَكَانَ الْأَوْلَى وَلَا يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِالضَّمِّ لِفَسَادِهِ وَأَرَادَ بِالسِّنِّ مَا يَشْمَلُ النَّابَ، وَالضَّرْسَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَعَلَّلَهُ ابْنُ شَعْبَانَ بِأَنَّهُ يَمْنَعُهَا مِنْ اللَّذَّةِ وَلَا تَمْسِكُ الْوَلَدَ وَلَا الْبَوْلَ إلَى الْخَلَاءِ وَلِأَنَّ مُصِيبَتَهَا أَعْظَمُ مِنْ الشَّفْرَيْنِ وَقَدْ نَصُّوا عَلَى وُجُوبِ الدِّيَةِ فِيهِمَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَنْدَرِجُ الْإِفْضَاءُ تَحْتَ مَهْرٍ) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ، أَوْ الْغَاصِبَ إذَا أَفْضَاهَا بِالْجِمَاعِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ حُكُومَةٌ لِلْإِفْضَاءِ زِيَادَةً عَلَى الْمَهْرِ وَلَا تَنْدَرِجُ حُكُومَةُ الْإِفْضَاءِ فِي الْمَهْرِ اللَّازِمِ بِالْوَطْءِ (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ أَجْنَبِيٍّ اغْتَصَبَهَا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَهُ أَيْ الْوَطْءَ بِهَا الْأَجْنَبِيُّ طَائِعَةً لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ فِي الْإِفْضَاءِ، وَهُوَ الَّذِي نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ عَرَفَةَ، ثُمَّ قَالَ الصَّقَلِّيُّ الْفَرْقُ بَيْنَ الزَّوْجَةِ، وَالْأَجْنَبِيَّةِ أَنَّ طَوْعَ الزَّوْجَةِ وَاجِبٌ لَا تَقْدِرُ عَلَى مَنْعِهِ، وَالْأَجْنَبِيَّةُ يَجِبُ عَلَيْهَا مَنْعُهُ فَطَوْعُهَا كَمَا لَوْ أَذِنَتْ لَهُ أَنْ يُوضِحَهَا اهـ بْن (قَوْلُهُ إلَّا بِأُصْبُعِهِ) كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ أَنَّهُ حَرَامٌ وَيُؤَدَّبُ (قَوْلُهُ: إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الْبِنَاءِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ لُزُومَ الْأَرْشِ فِي الزَّوْجِ مُقَيَّدًا بِمَا إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِلَّا انْدَرَجَ لِابْنِ رُشْدٍ وَقَيَّدَ بِهِ ح وعج اهـ بْن وَيُتَصَوَّرُ إزَالَتُهَا بِأُصْبُعِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ بِأَنْ يَفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ بِحَضْرَةِ نِسَاءٍ لَا فِي خَلْوَةٍ اهْتِدَاءً (قَوْلُهُ: انْدَرَجَتْ) أَيْ سَوَاءٌ أَزَالَهَا بِأُصْبُعِهِ كَمَا هُوَ فِي الْمَوْضُوعِ، أَوْ بِذَكَرِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي قَطْعِ كُلِّ أُصْبُعٍ) أَيْ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا وَكَانَ لَا قِصَاصَ فِيهِ إمَّا لِعَدَمِ الْمُمَاثَلَةِ، أَوْ لِلْعَفْوِ عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى) لَا يُقَالُ الشُّمُولُ لِلْأُنْثَى يُنَافِي مَا سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا؛ لِأَنَّ مَا سَيَأْتِي كَالِاسْتِثْنَاءِ مِمَّا هُنَا (قَوْلُهُ، وَالْمُرَبَّعَةُ) أَيْ فِي الْعَمْدِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَوْلُهُ، وَالْمُخَمَّسَةُ أَيْ فِي الْقَطْعِ خَطَأً، لَكِنَّ الَّذِي فِي ح نَقْلًا عَنْ النَّوَادِرِ أَنَّ دِيَةَ الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ، وَالْجِرَاحِ تُؤْخَذُ مُخَمَّسَةً وَلَا تُرَبَّعُ دِيَةُ الْعَمْدِ إلَّا فِي النَّفْسِ وَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قِرَاءَتِهِ بِالْفَتْحِ) أَيْ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِدِيَةِ الذَّكَرِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْإِبْهَامِ) أَيْ خِلَافًا لِبَقِيَّةِ الْأَئِمَّةِ حَيْثُ قَالُوا فِي الْأُنْمُلَةِ ثُلُثُ الْعُشْرِ وَلَوْ فِي الْإِبْهَامِ (قَوْلُهُ فَنِصْفُهُ) أَيْ الْعُشْرِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا لِأَهْلِ الذَّهَبِ) أَيْ وَسِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ لِأَهْلِ الْفِضَّةِ (قَوْلُهُ: عُشْرٌ) أَيْ عُشْرُ دِيَةِ مَنْ قُطِعَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمُسَاوَاةِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ لِلْجَانِي زَائِدَةٌ مُمَاثِلَةٌ لِمَا جَنَى عَلَيْهَا لَاقْتُصَّ مِنْهَا فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ غَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ فِيهَا) أَيْ، وَإِلَّا تَفَرَّدَ بِالْقَطْعِ بَلْ قُطِعَتْ مَعَ الْكَفِّ، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَصَابِعِ الْأَصْلِيَّةِ فَلَا شَيْءَ فِيهَا (قَوْلُهُ: هُوَ الْمَفْهُومُ) أَيْ وَلَيْسَ شَرْطًا فِي الْمَنْطُوقِ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الزَّائِدَةَ الْقَوِيَّةَ فِيهَا عُشْرُ الدِّيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ أُفْرِدَتْ بِالْقَطْعِ، أَوْ قُطِعَتْ مَعَ غَيْرِهَا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ إنْ رَجَعَ لِلْمَنْطُوقِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فَلَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنْ رَجَعَ لِلْمَفْهُومِ كَانَ مَفْهُومُهُ مُعْتَبَرًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ قُطِعَتْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً قُطِعَتْ وَحْدَهَا، أَوْ مَعَ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ: خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ، أَوْ خَمْسُونَ دِينَارًا عَلَى أَهْلِ الذَّهَبِ، أَوْ سِتُّمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَهْلِ الْوَرِقِ، وَإِذَا أُخِذَتْ دِيَةُ السِّنِّ، وَالْأَصَابِعِ، وَالْجِرَاحِ فَتُؤْخَذُ مُخَمَّسَةً قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ اُنْظُرْ ح قَالَهُ بْن (قَوْلُهُ: نِصْفُ عُشْرٍ) أَيْ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا وَيُخَصَّصُ عُمُومُ مَا هُنَا بِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ كَمَا مَرَّ فِي الْأَصَابِعِ (قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ قَوْلِهِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَإِنَّهُ قَاصِرٌ عَلَى الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ لِفَسَادِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ عَلَى صَاحِبِ الذَّهَبِ إذَا جَنَى عَلَى حُرٍّ مُسْلِمٍ
(، وَإِنْ) كَانَتْ السِّنُّ (سَوْدَاءَ) خِلْقَةً، أَوْ بِجِنَايَةٍ، أَوْ لِكِبَرٍ فَفِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ حُرًّا مُسْلِمًا، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَيْهَا تَكُونُ بِأَحَدِ أُمُورٍ بِقَوْلِهِ (بِقَلْعٍ، أَوْ اسْوِدَادٍ) فَقَطْ بَعْدَ بَيَاضِهَا (أَوْ بِهِمَا) مَعًا بِأَنْ جَنَى عَلَيْهَا فَاسْوَدَّتْ، ثُمَّ انْقَلَعَتْ (أَوْ بِحُمْرَةٍ، أَوْ بِصُفْرَةٍ) بَعْدَ بَيَاضِهَا (إنْ كَانَا) أَيْ الْحُمْرَةُ، وَالصُّفْرَةُ (عُرْفًا) أَيْ فِي الْعُرْفِ (كَالسَّوَادِ) أَيْ يَذْهَبُ بِذَلِكَ جَمَالُهَا، وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا نَقَصَ (أَوْ بِاضْطِرَابِهَا جِدًّا) لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهَا مَا لَمْ تَثْبُتْ فَإِنْ ثَبَتَتْ فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ فِي الْعَمْدِ فَإِنْ اضْطَرَبَتْ لَا جِدًّا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا (وَإِنْ ثَبَتَتْ) سِنٌّ بَعْدَ قَلْعِهَا (لِكَبِيرٍ) أَيْ لِمَنْ تَبَدَّلَتْ أَسْنَانُهُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ (قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا) مِنْ الْجَانِي (أَخَذَهُ) مِنْهُ بِخِلَافِ ثُبُوتِهَا بَعْدَ اضْطِرَابِهَا جِدًّا كَمَا مَرَّ، وَهَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ، وَإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَثَبَتَتْ إلَخْ وَمَفْهُومٌ قَبْلَ أحروي (كَالْجِرَاحَاتِ الْأَرْبَعِ) الْمُنَقِّلَةُ، وَالْآمَّةُ، وَالدَّامِغَةُ، وَالْجَائِفَةُ فِيهَا الْعَقْلُ، وَإِنْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ شَيْنٍ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَأَمَّا الْمُوضِحَةُ فَفِي عَمْدِهَا الْقِصَاصُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَرُدَّ) الْعَقْلُ لِلْجَانِي مِنْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ (فِي عَوْدِ الْبَصَرِ) بَعْدَ ذَهَابِهِ بِالْجِنَايَةِ (و) فِي عَوْدِ (قُوَّةِ الْجِمَاعِ و) عَوْدِ (مَنْفَعَةِ اللَّبَنِ) كَمَا كَانَتْ قَبْلَ قَطْعِ الْحَلَمَتَيْنِ، وَكَذَا فِي عَوْدِ السَّمْعِ، وَالْكَلَامِ، وَالْعَقْلِ، وَكَذَا الذَّوْقُ، وَالشَّمُّ، وَاللَّمْسُ (وَفِي) رَدِّ عَقْلِ (الْأُذُنِ إنْ ثَبَتَتْ) بَعْدَ قَلْعِهَا بِالْجِنَايَةِ وَعَدَمِهِ (تَأْوِيلَانِ وَتَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا) أَيْ الْجِنَايَةِ فَلَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَزَالَ عَقْلُهُ فَدِيَتَانِ وَلَوْ زَالَ مَعَ ذَلِكَ بَصَرُهُ فَثَلَاثٌ، وَهَكَذَا (إلَّا الْمَنْفَعَةَ) الْكَائِنَةَ (بِمَحَلِّهَا) أَيْ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ فَلَا تَتَعَدَّدُ الدِّيَةُ فِي ذَهَابِهَا مَعَ ذَهَابِ مَحَلِّهَا كَقَطْعِ أُذُنَيْهِ فَزَالَ سَمْعُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَقَلَعَ سِنَّهُ مِائَتَيْ دِينَارٍ، وَإِذَا كَانَ الْجَانِي عَلَى مَنْ ذُكِرَ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ فَعَلَيْهِ عِشْرُونَ بَعِيرًا، وَهَذَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى الْجَانِي عَلَى مَنْ ذُكِرَ إلَّا خَمْسُونَ دِينَارًا إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الذَّهَبِ وَخَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِهَا فَتَعَيَّنَ قِرَاءَةُ الْمَتْنِ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَاصِرًا عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ مِنْ الْإِبِلِ، وَالْقُصُورُ أَخَفُّ مِنْ الْفَسَادِ.
(قَوْلُهُ، وَإِنْ كَانَتْ السِّنُّ سَوْدَاءَ) هَذَا فِي الْجِنَايَةِ عَلَيْهَا خَطَأً وَأَمَّا لَوْ تَعَمَّدَ قَلْعَ سِنٍّ سَوْدَاءَ، أَوْ حَمْرَاءَ، أَوْ صَفْرَاءَ خِلْقَةً وَكَانَ عُرْفًا كَالسَّوَادِ، فَهَلْ كَذَلِكَ فِيهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِكَوْنِهَا غَيْرَ مُسَاوِيَةٍ لِسِنِّ الْجَانِي، أَوْ فِيهَا الْقِصَاصُ لِلتَّعَمُّدِ قَالَ بْن وَظَاهِرُ الثَّانِي بِدَلِيلِ وُجُوبِ الْعَقْلِ فِيهَا فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: بِقَلْعٍ) أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا بِقَلْعٍ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْوِدَادٍ فَقَطْ) أَيْ مَعَ بَقَائِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُذْهِبُ جَمَالَهَا (قَوْلُهُ: بِأَنْ جَنَى عَلَيْهَا فَاسْوَدَّتْ) كَذَا صَوَّرَ فِي التَّوْضِيحِ الْجِنَايَةَ بِهِمَا وَصَوَّرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِمَا إذَا كَسَرَ الْبَعْضَ وَسَوَّدَ الْبَاقِيَ قَالَ بْن، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِقْهًا (قَوْلُهُ: ثُمَّ انْقَلَعَتْ) أَيْ بِنَفْسِهَا مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ أُخْرَى عَلَيْهَا فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا دِيَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ لَا دِيَتَانِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَبِحِسَابِ مَا نَقَصَ) أَيْ، وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ لَا يَذْهَبُ بِذَلِكَ جَمَالُهَا بَلْ يُنْقِصُهُ فَقَطْ فَيَلْزَمُ الْجَانِي بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْ جَمَالِهَا (قَوْلُهُ، أَوْ بِاضْطِرَابِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَلْعٍ أَيْ، أَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهَا بِاضْطِرَابِهَا أَيْ بِصَيْرُورَتِهَا مُضْطَرِبَةً جِدًّا فَيَلْزَمُ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِذَهَابِ مَنْفَعَتِهَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ ثَبَتَتْ إلَخْ) بِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ بَعْدَ اضْطِرَابِهَا، وَهَذَا بِخِلَافِ مَنْ قَلَعَ سِنًّا لِشَخْصٍ كَبِيرٍ أَيْ بَدَّلَ أَسْنَانَهُ، ثُمَّ رَدَّهَا صَاحِبُهَا فَثَبَتَتْ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ عَقْلَهَا فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ فِيهَا إلَّا الْأَدَبُ إلَخْ) أَيْ فَلَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَإِ إلَّا الْأَدَبَ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ بِحِسَابِ مَا نَقَصَ مِنْهَا) أَيْ فَإِنْ طَرَحَهَا الْجَانِي، أَوْ غَيْرُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَفِيهَا حُكُومَةٌ بِقَدْرِ مَا نَقَصَ مِنْ جَمَالِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ثُبُوتِهَا بَعْدَ اضْطِرَابِهَا) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ عَقْلَهَا (قَوْلُهُ: فَثَبَتَتْ إلَخْ) أَيْ، فَالْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ وَدِيَتُهَا خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فِي الْخَطَإِ.
(قَوْلُهُ أَحْرَوِيٌّ) أَيْ فَلَا يَرُدُّ صَاحِبُهَا مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي إذَا ثَبَتَتْ بَعْدَ أَخْذِ عَقْلِهَا هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ السِّنَّ إذَا ثَبَتَتْ بَعْدَ قَلْعِهَا يُؤْخَذُ عَقْلُهَا وَلَا يَسْقُطُ بِثُبُوتِهَا هُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ إنَّ السِّنَّ إذَا ثَبَتَ بَعْدَ قَلْعِهَا فَلَا شَيْءَ فِيهَا وَأَمَّا الْجِرَاحَاتُ الْأَرْبَعُ فَيُؤْخَذُ عَقْلُهَا وَلَوْ بَرِئَتْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنِ اتِّفَاقًا كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ رحمه الله (قَوْلُهُ: فِيهَا الْعَقْلُ، وَإِنْ بَرِئَتْ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ مِنْ دِيَتِهَا إذَا بَرِئَتْ بَعْدَ أَخْذِهَا، وَإِذَا بَرِئَتْ قَبْلَ أَخْذِهَا فَلَهُ أَخْذُهَا (قَوْلُهُ: وَرُدَّ الْعَقْلُ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ أَخَذَهُ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمْ لَا وَقَوْلُهُ وَرُدَّ الْعَقْلُ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ إلَخْ هَذَا فِي الْجِنَايَةِ خَطَأً، أَوْ عَمْدًا وَلَمْ يُمْكِنْ التَّحَيُّلُ عَلَى زَوَالِ الْمَعْنَى مِنْ الْجَانِي وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ عَمْدًا، أَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي، ثُمَّ عَادَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَا ذُكِرَ بَعْدَ ذَهَابِهِ مِنْهُ وَلَمْ يَعُدْ ذَلِكَ لِلْجَانِي فَمَا حَصَلَ لِلْجَانِي يَكُونُ هَدَرًا لِأَمْنِ خَطَإِ الْإِمَامِ بِحَيْثُ تَكُونُ دِيَةُ ذَلِكَ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَأَمَّا إنْ عَادَ ذَلِكَ لِلْجَانِي دُونَ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ ثَانِيًا فِيمَا يَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: وَفِي رَدِّ عَقْلِ الْأُذُنِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا قَطَعَ أَشْرَافَ الْأُذُنَيْنِ فَرَدَّهُمَا صَاحِبُهُمَا فَثَبَتَا، فَهَلْ يَرُدُّ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْجَانِي، أَوْ لَا يَرُدُّهُ تَأْوِيلَانِ قَالَ بْن فَعَلَى أَنَّ فِي أَشْرَافِ الْأُذُنَيْنِ حُكُومَةً كَمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَعَلَى أَنَّ فِيهِمَا الدِّيَةَ، وَهُوَ مَا تَقَدَّمَ لَلْمُصَنِّفِ تَبَعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ لَا يَرُدُّ مَا أَخَذَهُ وَيَكُونُ لَهُ الدِّيَةُ كَالسِّنِّ (قَوْلُهُ: بِمَحَلِّهَا) مُرَادُهُ بِمَحَلِّهَا الَّتِي
أَوْ قَلَعَ عَيْنَيْهِ فَزَالَ بَصَرُهُ فَوَاحِدَةٌ وَلَا حُكُومَةَ فِي مَحَلِّ كُلٍّ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ قَطَعَ لِسَانَهُ فَذَهَبَ ذَوْقُهُ وَنُطْقُهُ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ (وَسَاوَتْ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ) مِنْ أَهْلِ دِينِهَا فِي قَطْعِ أَصَابِعِهَا مَثَلًا (لِثُلُثِ دِيَتِهِ) بِإِخْرَاجِ الْغَايَةِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ فِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَ أَصَابِعَ (فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا) فَلَهَا عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ؛ لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا، وَهِيَ كَالرَّجُلِ فِي مُنَقِّلَتِهَا، وَهَاشِمَتِهَا وَمُوضِحَتِهَا لَا فِي جَائِفَتِهَا وَآمَّتِهَا؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ ثُلُثَ الدِّيَةِ فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِدِيَتِهَا فَيَكُونُ فِيهِمَا ثُلُثُ دِيَتِهَا سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَا بَعِيرٍ (وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ) أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَلَوْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ (أَوْ) مَا (فِي حُكْمِهِ) أَيْ حُكْمِ الْمُتَّحِدِ كَضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ فَإِنْ ضَرَبَهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا فَقَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ مِنْ يَدَيْنِ، أَوْ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ فَلَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَذَا فِي الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ وَفَائِدَةُ الضَّمِّ رُجُوعُهَا لِدِيَتِهَا إذَا بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ فَقَوْلُهُ وَضُمَّ إلَخْ أَيْ فِي كُلِّ شَيْءٍ أَصَابِعُ، أَوْ غَيْرُهَا وَقَوْلُهُ مُتَّحِدٍ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَثَرٍ مُتَّحِدٍ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ (أَوْ) مُتَّحِد (الْمَحَلِّ) وَلَوْ تَرَاخَى الْفِعْلُ، فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الْفِعْلِ (فِي الْأَصَابِعِ) فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثًا مِنْ يَدٍ فَفِيهَا ثَلَاثُونَ، ثُمَّ إذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثًا مِنْ الْأُخْرَى فَفِيهَا ثَلَاثُونَ أَيْضًا لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ مَعَ التَّرَاخِي فِي الْفِعْلَيْنِ، ثُمَّ إذَا قَطَعَ لَهَا أُصْبُعًا، أَوْ أُصْبُعَيْنِ مِنْ أَيِّ يَدٍ كَانَتْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
لَا تُوجَدُ إلَّا بِهِ فَإِنْ وُجِدَتْ الْمَنْفَعَةُ بِهِ وَبِغَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ الْمَوْجُودُ فِيهِ أَكْثَرَهَا تَعَدَّدَتْ الدِّيَةُ كَمَا لَوْ كَسَرَ صُلْبَهُ فَأَقْعَدَهُ وَذَهَبَتْ قُوَّةُ الْجِمَاعِ فَعَلَيْهِ دِيَةٌ لِمَنْعِ قِيَامِهِ وَدِيَةٌ لِعَدَمِ قُوَّةِ الْجِمَاعِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرُهَا فِي الصُّلْبِ (قَوْلُهُ: أَوْ قَلَعَ عَيْنَيْهِ إلَخْ) أَيْ، أَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَزَالَ شَمُّهُ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ دِيَةٍ وَاحِدَةٍ فِيمَا إذَا قَطَعَ أُذُنَهُ فَزَالَ سَمْعُهُ، أَوْ قَطَعَ أَنْفَهُ فَزَالَ شَمُّهُ، أَوْ قَلَعَ عَيْنَهُ فَزَالَ بَصَرُهُ هُوَ الصَّوَابُ كَمَا هُوَ الْمَنْقُولُ فِي ابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَالتَّوْضِيحِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ وَابْنِ غَازِيٍّ وح وَأَمَّا مَا فِي عبق فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ الْمُقْتَضِي لِلُزُومِ دِيَتَيْنِ فَغَيْرُ صَوَابٍ.
(قَوْلُهُ: فِي قَطْعِ أَصَابِعِهَا مَثَلًا) أَيْ، أَوْ مُنَقِّلَاتِهَا، أَوْ بَقِيَّةِ جِرَاحَاتِهَا (قَوْلُهُ: فَفِيهَا ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ إلَخْ) أَيْ، وَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ وَنِصْفَ أُنْمُلَةٍ كَانَ لَهَا أَحَدٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثَانِ، وَإِنْ قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ وَثُلُثَ أُصْبُعٍ أَيْ أُنْمُلَةً، أَوْ قَطَعَ لَهَا أَرْبَعَةَ أَصَابِعَ رَجَعَتْ لِدِيَتِهَا فَلَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ أَصَابِعَ عِشْرُونَ مِنْ الْإِبِلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَلَهَا فِي الثَّلَاثَةِ أَصَابِعَ وَثُلُثٍ سِتَّةَ عَشَرَ بَعِيرًا وَثُلُثَانِ؛ لِأَنَّهَا لِبُلُوغِهَا ثُلُثَهُ رَجَعَتْ لِدِيَتِهَا، وَهِيَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ دِيَةِ الرَّجُلِ مِنْ أَهْلِ دِينِهَا وَقَدْ رَوَى مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّهُ قَالَ قُلْت لِابْنِ الْمُسَيِّبِ كَمْ فِي ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ الْمَرْأَةِ قَالَ ثَلَاثُونَ قُلْت وَأَرْبَعَةٍ قَالَ عِشْرُونَ فَقُلْت سُبْحَانَ اللَّهِ لَمَّا عَظُمَ جُرْحُهَا قَلَّ عَقْلُهَا فَقَالَ أَعِرَاقِيٌّ أَنْتَ قُلْت لَا بَلْ جَاهِلٌ مُتَعَلِّمٌ، أَوْ عَالِمٌ مُتَثَبِّتٌ فَقَالَ تِلْكَ السُّنَّةُ يَا ابْنَ أَخِي.
(قَوْلُهُ، وَهِيَ كَالرَّجُلِ فِي مُنَقِّلَتِهَا، وَهَاشِمَتِهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا عُشْرًا وَنِصْفَ عُشْرٍ وَذَلِكَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ الْإِبِلِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ وَمُوضِحَتِهَا أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفَ الْعُشْرِ وَذَلِكَ خَمْسَةٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ فَإِذَا تَعَدَّدَتْ الْمُوضِحَاتُ، أَوْ الْمَنَاقِلُ، أَوْ الْهَوَاشِمُ فَإِنَّهَا تُسَاوِي الرَّجُلَ إلَى ثُلُثِ دِيَتِهِ، ثُمَّ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا.
(قَوْلُهُ: فَتَرْجِعُ فِيهِمَا لِدِيَتِهَا) أَيْ فَيُعْتَبَرُ فِيهِمَا دِيَتُهَا مِنْ أَوَّلِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ مُتَّحِدِ الْفِعْلِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ وَأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفَ مُضَافٍ أَيْ ضَمُّ أَثَرِ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ أَيْ مَا يَنْشَأُ عَنْهُ، وَهُوَ الْجِرَاحَاتُ؛ إذْ الْفِعْلُ نَفْسُهُ لَا يُضَمُّ وَقَوْلُهُ وَضَمَّ أَثَرَ الْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ أَيْ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ فَيَضُمُّ الْأَصَابِعَ بَعْضَهَا لِبَعْضٍ، وَكَذَا تُضَمُّ مَعَ الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ، وَالْأَسْنَانُ تُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ وَتُضَمُّ مَعَ غَيْرِهَا، وَكَذَا الْمَنَاقِلُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا) أَيْ كَضَرَبَاتِ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ، فَالْأَوَّلُ مِثَالٌ لِلْفِعْلِ الْمُتَّحِدِ، وَالثَّانِي لِمَا فِي حُكْمِهِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ يَدَيْنِ) مِثَالٌ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَقَوْلُهُ، أَوْ مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ مِثَالٌ لِمَا إذَا تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ وَقَوْلُهُ مِنْ يَدَيْنِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ يَدٍ أُصْبُعَانِ وَبِمَا إذَا كَانَ مِنْ يَدٍ ثَلَاثَةُ أَصَابِعَ وَمِنْ الْأُخْرَى أُصْبُعَانِ (قَوْلُهُ: فَلَهَا فِي الْأَرْبَعَةِ عِشْرُونَ) أَيْ وَلَهَا فِي الثَّلَاثَةِ ثَلَاثُونَ (قَوْلُهُ، وَكَذَا الْأَسْنَانُ) أَيْ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْأَسْنَانِ فَلَهَا فِي السِّتَّةِ ثَلَاثُونَ وَلَهَا فِي السَّبْعَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ وَنِصْفٌ مِنْ الْإِبِلِ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَوَاضِحِ وَلَهَا فِي الْمُنَقِّلَتَيْنِ ثَلَاثُونَ مِنْ الْإِبِلِ وَفِي الثَّلَاثَةِ اثْنَانِ وَعِشْرُونَ وَنِصْفٌ (قَوْلُهُ: وَفَائِدَةُ الضَّمِّ رُجُوعُهَا) أَيْ الْمَرْأَةِ لِدِيَتِهَا إذَا بَلَغَتْ الْجِرَاحَاتُ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ أَيْ وَمُسَاوَاتُهَا لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ تَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَتِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ تَرَاخَى الْفِعْلُ) الْجُمْلَةُ حَالِيَّةٌ أَيْ وَضُمَّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ، وَالْحَالُ أَنَّهُ تَرَاخَى الْفِعْلُ (قَوْلُهُ: فِي الْأَصَابِعِ) رَاجِعٌ لِلْمَحَلِّ وَاعْتَرَضَ طفى عَلَى الْمُصَنِّفِ فِي تَخْصِيصِهِ الْمَحَلَّ بِالْأَصَابِعِ بِأَنَّ السَّمْعَ، وَالْبَصَرَ وَمَا قُطِعَ مِنْ الْأَنْفِ وَنَحْوِهِ كَالْأَصَابِعِ كَمَا يُفِيدُهُ اللَّخْمِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا مِنْ أَنْفِهَا مَا يَجِبُ فِيهِ سُدُسُ الدِّيَةِ فَأَخَذَتْهُ، ثُمَّ قَطَعَ لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَجِبُ فِيهِ سُدُسُ الدِّيَةِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِعَقْلِهَا؛ لِأَنَّهَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي السَّمْعِ، وَالْبَصَرِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَفِيهَا ثَلَاثُونَ أَيْضًا) أَيْ وَلَا تُضَمُّ الثَّلَاثَةُ
كَانَ لَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَلَوْ قَطَعَ لَهَا أُصْبُعَيْنِ مِنْ يَدٍ، ثُمَّ بَعْدَ تَرَاخٍ قَطَعَ أُصْبُعَيْنِ مِنْ تِلْكَ الْيَدِ كَانَ لَهَا فِي الْأَوَّلَيْنِ عِشْرُونَ وَفِي الْأَخِيرَيْنِ عَشَرَةٌ لِاتِّحَادِ الْمَحَلِّ وَلَوْ كَانَا مِنْ الْيَدِ الْأُخْرَى لَكَانَ فِيهِمَا عِشْرُونَ لِعَدَمِ الضَّمِّ لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ (لَا) يُضَمُّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ فِي (الْأَسْنَانِ) أَيْ لَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ إذَا كَانَ بَيْنَ الضَّرَبَاتِ تَرَاخٍ فَلَهَا فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ ضَرْبَةً، أَوْ ضَرَبَاتٍ فِي فَوْرٍ فَيُضَمُّ كَمَا مَرَّ وَمَحَلُّ الْأَسْنَانِ مُتَّحِدٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ فَكَّيْنِ وَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ كَالْمَحَلِّ لِيَكُونَ قَوْلُهُ فِي الْأَصَابِعِ قَاصِرًا عَلَى مَا بَعْدَ الْكَافِ جَرْيًا عَلَى قَاعِدَتِهِ كَانَ أَحْسَنَ (و) لَا فِي (الْمَوَاضِحِ، وَالْمَنَاقِلِ) أَيْ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ كَمَا لَوْ، أَوْضَحَهَا مُوضِحَتَيْنِ فَأَخَذَتْ عَقْلَهُمَا، ثُمَّ، أَوْضَحَهَا مَوَاضِحَ مُتَعَدِّدَةً فَلَهَا عَقْلُهَا كَالرَّجُلِ مَا لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فِي الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا الثُّلُثَ، وَإِلَّا رَجَعَتْ لِعَقْلِهَا كَمَا مَرَّ، وَكَذَا الْمَنَاقِلُ فَلَوْ ضَرَبَهَا فَنَقَّلَهَا، ثُمَّ أُخْرَى فَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا لِلرَّجُلِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَبَلَغَ الثُّلُثَ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ وَغَيْرِهِمَا وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ فَيُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ دُونَ غَيْرِهَا (و) لَا يُضَمُّ (عَمْدٌ لِخَطَإٍ، وَإِنْ عَفَتْ) كَمَا إذَا لَمْ تَعْفُ فَإِذَا قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةَ أَصَابِعَ عَمْدًا، ثُمَّ قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى خَطَأً فَلَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ عَشْرٌ مِنْ الْإِبِلِ اقْتَصَّتْ فِي الْعَمْدِ، أَوْ عَفَتْ، أَوْ أَخَذَتْ دِيَةً وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ تَعَدَّدَ.
، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَنْ يَحْمِلُ الدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ، وَالْعَمْدِ فِي النَّفْسِ، أَوْ الْأَطْرَافِ وَبَيَانِ شُرُوطِهَا فَقَالَ. .
(دَرْسٌ) . .
(وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ) وَأَمَّا الرَّقِيقُ فَلَا دِيَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا عَلَى الْجَانِي قِيمَتُهُ حَالَّةً وَسَوَاءٌ كَانَ الْحُرُّ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا، أَوْ لَا (الْخَطَأ) احْتِرَازًا مِنْ الْعَمْدِ فَلَا تَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَى الْجَانِي إنْ عَفَى عَنْهُ عَلَيْهَا وَفِي حُكْمِ الْخَطَإِ الَّذِي لَا قِصَاصَ فِيهِ كَالْمَأْمُومَةِ، وَالْجَائِفَةِ كَمَا يَأْتِي إنْ ثَبَتَتْ (بِلَا اعْتِرَافٍ) مِنْ الْجَانِي بَلْ بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَوْثٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثَّانِيَةُ لِلْأُولَى لِاخْتِلَافِ الْمَحَلِّ؛ لِأَنَّ كُلَّ يَدٍ مَحَلٌّ مُسْتَقِلٌّ (قَوْلُهُ: كَانَ لَهَا فِي كُلِّ أُصْبُعٍ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِمَا يُسْتَقْبَلُ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَاضِي فَلَا تَرُدُّ مَا أَخَذَتْ (قَوْلُهُ: خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ) أَيْ فَيُضَمُّ الْمَقْطُوعُ ثَانِيًا لِلْأَوَّلِ لِاتِّحَادِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا يُضَمُّ مُتَّحِدُ الْمَحَلِّ فِي الْأَسْنَانِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَسْنَانِ فَجَعَلَهَا مَرَّةً كَالْأَصَابِعِ تُحَاسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ إلَى ثُلُثِ دِيَةِ الرَّجُلِ، ثُمَّ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا وَقَوْلُهُ الْأَوَّلُ فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ وَلَا تَحَاسُبَ لِمَا تَقَدَّمَ، وَإِنْ أَتَى عَلَى جَمِيعِ الْأَسْنَانِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ضَرْبَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ الْأَصَابِعِ، وَإِلَى هَذَا الْقَوْلِ الْأَوَّلِ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَصْبَغُ، وَهُوَ أَحَبُّ إلَيَّ وَعَلَى هَذَا الْقَوْلِ اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْأَصَابِعِ، وَالْأَسْنَانِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْأَصَابِعَ لَمَّا كَانَتْ أَجْزَاءً مِنْ الْيَدِ صَارَتْ بِمَثَابَةِ الْعُضْوِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ وَأَيْضًا اشْتِبَاكُ الْأَسْنَانِ بِبَعْضِهَا لَيْسَ كَاشْتِبَاكِ الْأَصَابِعِ؛ لِأَنَّ قَطْعَ بَعْضِ الْأَصَابِعِ قَدْ يُبْطِلُ مَنْفَعَةَ بَقِيَّتِهَا بِخِلَافِ الْأَسْنَانِ فَلِذَا صَارَتْ بِمَثَابَةِ أَعْضَاءٍ.
(قَوْلُهُ: فَلَهَا فِي كُلِّ سِنٍّ) أَيْ قُلِعَتْ مِنْ تِلْكَ الضَّرَبَاتِ الْمُتَرَاخِيَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ فَإِذَا ضَرَبَهَا ضَرَبَاتٍ مُتَرَاخِيَةً وَبَعْضُهَا أَذْهَبَتْ لَهَا سِنًّا وَبَعْضُهَا سِنَّيْنِ وَبَعْضُهَا ثَلَاثًا وَبَعْضُهَا أَرْبَعًا وَبَعْضُهَا خَمْسًا فَلَهَا فِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ (قَوْلُهُ: فِي فَوْرٍ) أَيْ أَذْهَبَتْ لَهَا أَسْنَانًا وَقَوْلُهُ فَيُضَمُّ أَيْ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ حَتَّى تَبْلُغَ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ، ثُمَّ تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْأَسْنَانِ مُتَّحِدٌ وَلَوْ كَانَتْ مِنْ فَكَّيْنِ) أَيْ خِلَافًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ الْقَائِلِ إنَّ الْفَكَّيْنِ مَحَلَّانِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ لَا ثَمَرَةَ لَهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الضَّمِّ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ بِالضَّمِّ الَّذِي رَجَعَ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ (قَوْلُهُ: أَيْ فَلَا يُضَمُّ بَعْضُهَا لِبَعْضٍ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الضَّرْبُ مُتَرَاخِيًا (قَوْلُهُ: كَالرَّجُلِ) أَيْ وَلَوْ بَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَتِهِ، أَوْ زَادَتْ عَنْهُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ وَبَلَغَتْ ثُلُثَ دِيَةِ الرَّجُلِ فَإِنَّهَا تَرْجِعُ لِدِيَتِهَا.
(قَوْلُهُ إنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ فِي الْأَصَابِعِ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَأَمَّا إذَا اتَّحَدَ الْمَحَلُّ) أَيْ دُونَ الْفِعْلِ لِكَوْنِهِ لَيْسَ فَوْرًا.
، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَّحِدَ وَمَا فِي حُكْمِهِ يُضَمُّ أَثَرُهُ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ، أَوْ تَعَدَّدَ وَغَيْرُ الْمُتَّحِدِ وَمَا فِي حُكْمِهِ، وَهُوَ الْمُتَرَاخِي لَا يُضَمُّ أَثَرُهُ إنْ تَعَدَّدَ الْمَحَلُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ اتَّحَدَ ضُمَّ فِي الْأَصَابِعِ دُونَ غَيْرِهَا مِنْ الْأَسْنَانِ وَالْمَوَاضِحِ وَبَقِيَّةِ الْجِرَاحَاتِ.
(قَوْلُهُ: وَعَمْدٌ لِخَطَإٍ) عَطْفٌ عَلَى الْأَسْنَانِ (قَوْلُهُ: كَمَا إذَا لَمْ تَعْفُ) أَيْ بِأَنْ اقْتَصَّتْ، أَوْ أَخَذَتْ دِيَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ قَطَعَ لَهَا ثَلَاثَةً أُخْرَى) أَيْ خَطَأً (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ تَعَدَّدَ) أَيْ وَسَوَاءٌ كَانَ الْفِعْلُ الثَّانِي مُتَرَاخِيًا عَنْ الْأَوَّلِ، أَوْ كَانَ الْفِعْلَانِ فِي حُكْمِ الْمُتَّحِدِ فَلَيْسَ هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ فِي الضَّمِّ حِينَئِذٍ لِاخْتِلَافِ الْفِعْلَيْنِ هُنَا بِالْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ
(قَوْلُهُ: وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ) قَدْ تَسَمَّحَ الْمُصَنِّفُ فَأَرَادَ بِالدِّيَةِ مُطْلَقَ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْعَبْدِ قِيمَةٌ لَا دِيَةٌ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى الْحُرِّ إذَا كَانَتْ خَطَأً ثَابِتَةً بِبَيِّنَةٍ، أَوْ لَوْثٍ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا تُنَجَّمُ دِيَتُهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي، وَالْجَانِي كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ الدِّيَةِ فِي التَّنْجِيمِ الْحُكُومَةُ، وَالْغُرَّةُ حَيْثُ بَلَغَ كُلٌّ مِنْهُمَا الثُّلُثَ، أَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ وَلَكِنْ وَجَبَ مَعَ دِيَةٍ، وَكَذَا مُوضِحَةٌ وَمُنَقِّلَةٌ مَعَ دِيَةٍ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجِرَاحِ لِإِتْلَافِهِ فَعَلَيْهَا
فَلَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جُرْحٍ بَلْ هِيَ حَالَّةٌ عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ عَدْلًا مَأْمُونًا يُتَّهَمُ بِقَبُولِ الرِّشْوَةِ مِنْ، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ ضَعِيفٌ (عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي) الذَّكَرِ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْمَلِيءِ كَمَا يَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ، فَهُوَ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ وَشُرِطَ تَنْجِيمُهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي (إنْ بَلَغَ) مَا يُنَجَّمُ (ثُلُثَ) دِيَةِ (الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ) ثُلُثَ دِيَةِ (الْجَانِي) .
فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ خَطَأً مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا كَأَنْ أَجَافَهَا، أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ بِأَنْ تَعَدَّدَتْ الْجِنَايَةُ حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ، وَإِذَا جَنَى مَجُوسِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيَّةٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي حَمَلَتْهُ عَاقِلَتُهُ (وَمَا لَمْ يَبْلُغْ) ثُلُثَ أَحَدِهِمَا (فَحَالٌّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ (كَعَمْدٍ) أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ عَلَى نَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ عُفِيَ عَنْهُ عَلَيْهَا فَإِنَّهَا حَالَّةٌ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ (وَدِيَةٌ غَلُظَتْ) عَطْفُ خَاصٍّ عَلَى عَامٍّ؛ إذْ الْمُغَلَّظَةُ إنَّمَا تَكُونُ فِي الْعَمْدِ وَأُتِيَ بِهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْقِصَاصَ لَمَّا كَانَ سَاقِطًا صَارَ كَالْخَطَإِ وَشَمِلَ جُرْحَ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ وَقَتْلٍ كَذَلِكَ لِكَوْنِ الْجَانِي زَائِدَ إسْلَامٍ مَثَلًا (و) دِيَةُ عُضْوٍ (سَاقِطٍ) فِيهِ الْقِصَاصُ (لِعَدَمِهِ) أَيْ لِأَجْلِ عَدَمِ مُمَاثِلِهِ كَمَا لَوْ فَقَأَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى عَيْنَ شَخْصٍ يُمْنَى عَمْدًا فَدِيَتُهَا عَلَيْهِ حَالَّةً فِي مَالِهِ (إلَّا مَا لَا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنْ الْجُرْحِ) كَالْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ (لِإِتْلَافِهِ) أَيْ لِخَوْفِ إتْلَافِهِ النَّفْسَ لَوْ اقْتَصَّ مِنْهُ (فَعَلَيْهَا) أَيْ، فَالدِّيَةُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فِي الْعَمْدِ كَالْخَطَإِ إنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، أَوْ الْجَانِي، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ.
، ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْعَاقِلَةِ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّيَةَ بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْعَاقِلَةُ عِدَّةُ أُمُورٍ (الْعَصَبَةُ) وَأَهْلُ الدِّيوَانِ، وَالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، وَالْأَسْفَلُونَ فَبَيْتُ الْمَالِ بِدَلِيلِ مَا سَيَأْتِي لَهُ (وَبُدِئَ الدِّيوَانُ) أَيْ بِأَهْلِهِ عَلَى عَصَبَةِ الْجَانِي؛ إذْ الدِّيوَانُ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُضْبَطُ فِيهِ أَسْمَاءُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فَلَا تَحْمِلُ إلَخْ) أَيْ وَلِذَا تَرَاهُمْ يَقُولُونَ لَا تَحْمِلُ الْعَاقِلَةُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْمِلُ مَا اعْتَرَفَ بِهِ) أَيْ دِيَةَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ، أَوْ جُرْحٍ أَيْ خَطَأً (قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الطِّخِّيخِيِّ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ إنْ كَانَ الْمُقِرُّ بِالْقَتْلِ خَطَأً مَأْمُونًا ثِقَةً وَلَيْسَ بِذِي قَرَابَةٍ لِلْمَقْتُولِ وَلَا صَدِيقًا مُلَاطِفًا لَهُ وَلَمْ يُتَّهَمْ فِي إغْنَاءِ وَرَثَةِ مَقْتُولِهِ وَلَا رِشْوَةٍ مِنْهُمْ عَلَى إقْرَارِهِ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لَوْثٌ يَحْلِفُ بِسَبَبِهِ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ خَمْسِينَ يَمِينًا، وَتَحْمِلُهَا الْعَاقِلَةُ فَحَمْلُهَا لِلْقَسَامَةِ مَعَ اللَّوَثِ لَا لِمُجَرَّدِ إقْرَارِهِ.
(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) أَيْ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ الدِّيَةُ فِي مَالِهِ وَلَا قَسَامَةَ عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ، وَالْجَانِي الذَّكَرُ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ) أَيْ وَأَمَّا الْمَرْأَةُ، وَالصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ فَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَلَا يَعْقِلُونَ عَنْ غَيْرِهِمْ وَمِثْلُ الْمَرْأَةِ وَمَنْ مَعَهَا الْمُعْدَمُ فَلَا يَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَشَرْطُ تَنْجِيمِهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ؛ إذْ هَذَا شَرْطٌ فِي حَمْلِ الْعَاقِلَةِ لَا فِي التَّنْجِيمِ كَمَا قَرَّرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ جَنَى مُسْلِمٌ عَلَى مَجُوسِيَّةٍ إلَخْ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ دِيَةَ الْمَجُوسِيِّ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ، فَهِيَ سِتَّةٌ وَسِتُّونَ دِينَارًا وَثُلُثَا دِينَارٍ، وَالْمَجُوسِيَّةُ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ فَدِيَتُهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ دِينَارًا وَثُلُثُ دِينَارٍ فَقَوْلُهُ مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهَا أَيْ بِأَنْ أَجَافَهَا، أَوْ أُمَّهَا فَيَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا وَتُسْعُ دِينَارٍ وَقَوْلُهُ، أَوْ ثُلُثَ دِيَتِهِ أَيْ بِأَنْ جَنَى عَلَيْهَا جِنَايَاتٍ تَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَتِهِ بِأَنْ أَذْهَبَ حَوَاسَّهَا الْخَمْسَةَ وَصُلْبَهَا وَقُوَّةَ جِمَاعِهَا وَيَدَيْهَا وَرِجْلَيْهَا وَشُفْرَيْهَا فَإِنَّ فِي هَذِهِ ثَلَثَمِائَةٍ وَثَلَاثَةٍ وَثَلَاثِينَ وَثُلُثًا (قَوْلُهُ: مَا يَبْلُغُ ثُلُثَ دِيَةِ الْجَانِي) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ وَقَوْلُهُ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ إلَخْ هَذَا مَفْهُومُ الشَّرْطِ الَّذِي قَبْلَهُ وَصَرَّحَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْلَمُ عِنْدَ عَدَمِ التَّصْرِيحِ بِهِ هَلْ هُوَ أَيْ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ الثُّلُثَ حَالٌّ عَلَيْهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُنَجَّمُ عَلَيْهِ فَقَطْ فَدَفَعَ احْتِمَالَ ذَلِكَ بِالتَّصْرِيحِ بِالْمَفْهُومِ وَحُكْمِهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ كَدِيَةِ عَمْدٍ) هَذَا شَامِلٌ لِلْمُثَلَّثَةِ، وَالْمُرَبَّعَةِ؛ لِأَنَّ التَّغْلِيظَ سَوَاءٌ كَانَ بِالتَّرْبِيعِ، أَوْ التَّثْلِيثِ خَاصٌّ بِالْعَمْدِ دُونَ الْخَطَإِ؛ لِأَنَّ دِيَتَهُ دَائِمًا مُخَمَّسَةٌ وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَدِيَةٍ غَلُظَتْ أَرَادَ بِهَا الْمُغَلَّظَةَ بِالتَّثْلِيثِ، فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ، وَالتَّغْلِيظُ بِالتَّثْلِيثِ إنَّمَا يَكُونُ فِي قَتْلِ الْأَبِ لِوَلَدِهِ، أَوْ جُرْحِهِ لَهُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِإِزْهَاقِ رُوحِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: صَارَ كَالْخَطَإِ) أَيْ فِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ) أَيْ قَوْلُهُ كَدِيَةِ الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ جُرْحِ عَمْدٍ أَيْ دِيَةُ جُرْحِ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ وَقَوْلُهُ وَقَتْلٍ أَيْ وَشَمِلَ أَيْضًا دِيَةَ قَتْلٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَالْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ) أَيْ، وَالدَّامِغَةُ، وَكَذَا كَسْرُ الْفَخْذِ وَعَظْمِ الصَّدْرِ إذَا بَلَغَتْ الْحُكُومَةُ فِيهِمَا الثُّلُثَ (قَوْلُهُ، فَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ قَوْلِهِ كَعَمْدٍ) أَيْ لِمَا عَلِمْت مِنْ شُمُولِهِ لِمَا ذُكِرَ
قَوْلُهُ: (أَيْ الْعَاقِلَةُ) أَيْ الَّتِي تَحْمِلُ الدِّيَةَ وَتُنَجِّمُ عَلَيْهَا وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ عِدَّةَ أُمُورٍ إلَى أَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَإِ مَحْذُوفٌ وَأَنَّ قَوْلَهُ الْعَصَبَةُ بَدَلٌ مِنْ ذَلِكَ الْخَبَرِ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ الْوَاوِ مَعَ مَا عَطَفَتْ أَيْ الْعَصَبَةُ وَأَهْلُ الدِّيوَانِ إلَخْ، وَالْمُحْوِجُ لِذَلِكَ صِحَّةُ الْإِخْبَارِ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَيْسَتْ هِيَ الْعَصَبَةُ فَقَطْ بَلْ الْعَصَبَةُ وَمَنْ عُطِفَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ وَبُدِئَ بِالدِّيوَانِ إلَخْ) نَحْوُهُ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ شَاسٍ، وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ، وَالْعُتْبِيَّةِ وَقَالَ اللَّخْمِيُّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ عَلَى أَهْلِ الدِّيوَانِ ضَعِيفٌ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا يُرَاعَى عَصَبَةُ الْقَاتِلِ كَانُوا أَهْلَ دِيوَانٍ، أَوْ لَا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إذْ الدِّيوَانُ اسْمٌ إلَخْ) أَيْ، وَإِنَّمَا قَدَّرْنَا أَهْلَ؛ لِأَنَّ الدِّيوَانَ اسْمٌ إلَخْ أَيْ وَلَا مَعْنَى لِلْبُدَاءَةِ بِهِ فِي حَمْلِ الدِّيَةِ (قَوْلُهُ اسْمٌ لِلدَّفْتَرِ الَّذِي يُضْبَطُ فِيهِ أَسْمَاءُ)
الْجُنْدِ وَعَدَدُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ (إنْ أُعْطُوا) هَذَا شَرْطٌ فِي التَّبْدِئَةِ لَا فِي كَوْنِهِمْ عَاقِلَةً؛ لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا يَعْنِي أَنَّهُ يَبْدَأُ بِالدِّيَةِ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ حَيْثُ كَانَ الْجَانِي مِنْ الْجُنْدِ وَلَوْ كَانُوا مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى وَمَحَلُّ التَّبْدِئَةِ بِهِمْ إذَا كَانُوا يُعْطَوْنَ أَرْزَاقُهُمْ الْمُعَيَّنَةُ لَهُمْ فِي الدَّفْتَرِ مِنْ الْمَعْلُوفَاتِ والجَامِكِيَّاتِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ دِيوَانٌ، أَوْ كَانَ وَلَيْسَ الْجَانِي مِنْهُمْ، أَوْ مِنْهُمْ وَلَمْ يُعْطَوْا بُدِئَ (بِهَا) أَيْ بِالْعَصَبَةِ (الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ) مِنْ الْعَصَبَةِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْجَانِي عَصَبَةٌ وَلَا أَهْلُ دِيوَانٍ قُدِّمَ (الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ) عَلَى التَّرْتِيبِ الْآتِي فِي الْوَلَاءِ (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَكُونُوا قُدِّمَ الْمَوَالِي (الْأَسْفَلُونَ) عَلَى بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِمًا) ؛ لِأَنَّ بَيْتَ الْمَالِ لَا يَعْقِلُ عَنْ كَافِرٍ، وَهَلْ عَلَى الْجَانِي بِقَدْرِ قُوتِهِ مَعَهُ، أَوْ لَا مَحَلُّ نَظَرٍ، وَإِلَّا ظَهَرَ الْأَوَّلُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ، أَوْ تَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ فَعَلَى الْجَانِي فِي مَالِهِ، وَالْحَقُّ أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا قَبْلَهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ الْجَانِي مُسْلِمًا بَلْ كَافِرًا (فَالذِّمِّيُّ) يَعْقِلُ عَنْهُ (ذَوُو دِينِهِ) الَّذِينَ مَعَهُ فِي بَلَدِهِ النَّصَارَى عَنْ النَّصْرَانِيِّ وَالْيَهُودِ عَنْ الْيَهُودِيِّ وَلَا يَعْقِلُ نَصْرَانِيٌّ عَنْ يَهُودِيٍّ وَلَا عَكْسُهُ، وَالْمُرَادُ بِذِي دِينِهِ مَنْ يَحْمِلُ مَعَهُ الْجِزْيَةَ أَنْ لَوْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَقَارِبِهِ فَيَشْمَلُ الْمَرْأَةَ إذَا جَنَتْ وَأَمَّا الْعَبْدُ الْكَافِرُ إذَا أَعْتَقَهُ مُسْلِمٌ فَاَلَّذِي يَعْقِلُ عَنْهُ إذَا جَنَى بَيْتُ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي يَرِثُهُ لَا مَنْ أَعْتَقَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُهُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْجُنْدِ وَعَدَدُهُمْ وَعَطَاؤُهُمْ) أَيْ فَيُنَزَّلُ ضَبْطُ عَدَدِهِمْ وَعَطَائِهِمْ بِدَفْتَرٍ مَنْزِلَةَ النَّسَبِ لِمَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ التَّعَاوُنِ، وَالتَّنَاصُرِ وَاعْلَمْ أَنَّ الْبَلَدَ إذَا كَانَ جُنْدُهَا طَوَائِفَ كُلُّ طَائِفَةٍ مَكْتُوبٌ عَدَدُهَا وَعَطَاؤُهَا بِدَفْتَرٍ هَلْ يَكُونُ جُنْدُ تِلْكَ الْبَلَدِ كُلُّهُمْ أَهْلَ دِيوَانٍ، أَوْ كُلُّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ أَهْلُ دِيوَانٍ فَذَهَبَ بَعْضُهُمْ لِلْأَوَّلِ قَائِلًا الْمُرَادُ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ أَهْلُ دِيوَانِ إقْلِيمٍ وَاسْتَظْهَرَ غَيْرُهُ الثَّانِي فَجُنْدُ مِصْرَ أَهْلُ دِيوَانٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانُوا طَوَائِفَ سَبْعَةً عَرَبٌ وإنكشارية إلَخْ فَعَلَى الْأَوَّلِ تَعْقِلُ الطَّوَائِفَ السَّبْعَةَ عَمَّنْ جَنَى مِنْ أَيِّ طَائِفَةٍ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَعْقِلُ عَنْ الْجَانِي إلَّا طَائِفَتُهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ عَاقِلَةٌ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ أَعْطَوْا، أَوْ لَمْ يُعْطُوا فَعَلَى فَرْضِ أَنَّهُمْ لَمْ يُعْطُوا يَعْقِلُونَ وَلَكِنْ تُعَيِّنُهُمْ عَصَبَةُ الْجَانِي وَلَا يَبْدَءُونَ عَلَيْهِمْ هَذَا كَلَامُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْحَقُّ أَنَّ الْإِعْطَاءَ شَرْطٌ فِي كَوْنِ أَهْلِ الدِّيوَانِ عَاقِلَةً يُؤَدِّي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ كَمَا قَرَّرَ بِهِ ابْنُ مَرْزُوقٍ وَالشَّارِحُ بَهْرَامُ، وَهُوَ صَرِيحُ التَّوْضِيحِ وَنَصُّ ابْنُ شَاسٍ فِي الْجَوَاهِرِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَطَاءً فَإِنَّمَا يَحْمِلُ عَنْهُ قَوْمُهُ اُنْظُرْ بْن.
(تَنْبِيهٌ) :
إذَا لَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ مَنْ يَحْمِلُ لِقِلَّتِهِمْ وَنَقْصِهِمْ عَنْ السَّبْعِمِائَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْعَاقِلَةِ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ عَلَى الْأَلْفِ بِنَاءً عَلَى مُقَابِلِهِ ضُمَّ إلَيْهِمْ عَصَبَةُ الْجَانِي الَّذِينَ لَيْسُوا مَعَهُ فِي الدِّيوَانِ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَنْقُولُ فِي الْمَذْهَبِ لَا عَصَبَةُ أَهْلِ الدِّيوَانِ كَمَا، فَهِمَهُ عج مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِهَا الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ) يَعْنِي أَنَّ الْجَانِي إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ فَعَصَبَتُهُ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَيَبْدَأُ بِالْعَشِيرَةِ، وَهُمْ الْإِخْوَةُ، ثُمَّ بِالْفَصِيلَةِ، ثُمَّ بِالْفَخِذِ، ثُمَّ بِالْبَطْنِ، ثُمَّ بِالْعِمَارَةِ، ثُمَّ بِالْقَبِيلَةِ، ثُمَّ بِالشَّعْبِ، ثُمَّ أَقْرَبِ الْقَبَائِلِ قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَهُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ طَبَقَاتِ قَبَائِلِ الْعَرَبِ سِتَّةٌ الشَّعْبُ بِالْفَتْحِ، ثُمَّ الْقَبِيلَةُ، ثُمَّ الْعِمَارَةُ بِالْفَتْحِ، وَالْكَسْرِ، ثُمَّ الْبَطْنُ، ثُمَّ الْفَخِذُ، ثُمَّ الْفَصِيلَةُ وَزَادَ بَعْضُهُمْ بِالْعَشِيرَةِ وَيَتَّضِحُ ذَلِكَ بِذِكْرِ نَسَبِهِ صلى الله عليه وسلم، فَهُوَ سَيِّدُنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ بْنِ فِهْرِ بْنِ مَالِكِ بْنِ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعْدِ بْنِ عَدْنَانَ فَأَوْلَادُ الْجَدِّ الرَّابِعَ عَشَرَ كَخُزَيْمَةَ شِعْب وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الثَّالِثَ عَشَرَ مِثْلُ كِنَانَةَ قَبِيلَةٌ وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الثَّانِي عَشَرَ مِثْل النَّضْرِ الْمُلَقَّبِ بِقُرَيْشٍ عِمَارَة وَأَوْلَادُ الْجَدِّ الرَّابِعِ مِثْلُ قُصَيٍّ بَطْنٌ وَأَوْلَادُ أَبِي الْجَدِّ كَهَاشِمٍ يُقَالُ لَهُمْ فَخِذٌ وَأَوْلَادُ الْعَمِّ كَأَوْلَادِ الْعَبَّاسِ فَصِيلَةٌ، وَالْإِخْوَة يُقَال لَهُمْ عَشِيرَة (قَوْله الْأَعْلَوْنَ) أَيْ، وَهُمْ الْمُعْتِقُونَ بِكَسْرِ التَّاء وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْمَرْأَة الْمُبَاشَرَة لِلْعِتْقِ (قَوْله الْأَسْفَلُونَ) أَيْ وَلَا يُدْخَلُ فِيهِمْ الْمَرْأَة الْعَتِيقَة أَخَذَا مِنْ كَلَام الْمُصَنِّفِ الْآتِي (قَوْله بِقَدْرِ قُوَّته) الْأُولَى بِقَدْرِ مَا يَنُوبهُ أَنْ لَوْ كَانَ هُنَاكَ عَاقِلَةٌ سَبْعمِائَةٍ اهـ بْن وَقَوْله أَيْ أَوْ لَا شَيْء عَلَى الْجَانِي، وَالدِّيَة كُلّهَا تُؤْخَذ مِنْ بَيْت الْمَال (قَوْله فَعَلَى الْجَانِي فِي مَاله) أَيْ وَتُنَجَّمُ عَلَيْهِ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْكَلَام فِي الْقَتْل الْخَطَأ، فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَة قَائِم مَقَام الْعَاقِلَة اهـ شَيْخُنَا (قَوْله رَاجَعَ لِجَمِيعِ مَا قَبْله) أَيْ كَمَا قَالَ الْمَوَّاقُ لَا أَنَّهُ شَرْط فِي بَيْت الْمَال فَقَطْ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ حَيْثُ قَالَ، وَإِلَّا بِأَنَّ كَانَ الْجَانِي كَافِرًا، وَالْفَرْض أَنَّهُ لَا عُصْبَة لَهُ وَلَا دِيوَان وَلَا مَوَالِي فَأَهْلُ دِينِهِ يَعْقِلُونَ عَنْهُ وَعَلَيْهِ، فَالذِّمِّيّ كَالْمُسْلِمِ فِي أَنْ عَاقِلَته أَهْل دِيوَانه وَعَصَبَتُهُ إنْ وُجِدَ لَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، ثُمَّ الْأَسْفَلُونَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذَكَر فَأَهْل دِينه كَمَا أَنَّ الْمُسْلِم إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ مِمَّنْ ذُكِرَ يَعْقِل عَنْهُ بَيْت الْمَال (قَوْله بَلْ كَافِرًا) أَيْ كَانَ الْمَجْنِيّ عَلَيْهِ مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا (قَوْله ذَوُو دِينه) أَيْ سَوَاء كَانُوا عُصْبَة أَمْ لَا أَهْل دِيوَان أَمْ لَا فَلَا يُفَصَّلُ فِي الذِّمِّيّ تَفْصِيل الْمُسْلِم، وَهَذَا مَا قَرَّرَ بِهِ الْمَوَّاقُ.
(قَوْله الَّذِي مَعَهُ فِي بَلَده) أَيْ لِعِلَّةِ التَّنَاصُر (قَوْله وَلَا يَعْقِل نَصْرَانِيّ عَنْ يَهُودِيّ. . . إلَخْ) أَيْ لِعَدَمِ التَّنَاصُر، وَإِنْ كَانَ الْكُفْر كُلّه مِلَّة وَاحِدَة مِنْ حَيْثُ الْقِصَاص (قَوْله فَيَشْمَل الْمَرْأَة إذَا جَنَتْ) أَيْ فَيَشْمَل الْجَانِي الْمَذْكُورُ الْمَرْأَة الْكَافِرَةَ إذَا جَنَتْ فَإِنَّهَا يَعْقِل عَنْهَا أَهْل دِينهَا
وَلَا أَهْلُ دِينِهِ فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِأَهْلِ بَلَدِهِ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى إلَيْهِمْ، وَهَكَذَا حَتَّى مَا يَحْصُلُ فِيهِ الْكِفَايَةُ مِنْ تَمَامِ الْعَدَدِ الْآتِي بَيَانُهُ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (و) إذَا قَصُرَ مَا فِي بَلَدِ الْجَانِي عَنْ الْكِفَايَةِ (ضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ) الْكُوَرُ بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الْوَاوِ جَمْعُ كُورَةٍ بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ، وَهِيَ الْمَدِينَةُ أَيْ الْبَلَدُ الَّتِي يَسْكُنُهَا النَّاسُ، وَالْأَوْلَى أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَى مَا يَعُمُّ الذِّمِّيَّ وَغَيْرَهُ وَلَا يُقْصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَقَدْ عَلِمْت الْمُرَادَ مِنْهُ وَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ يُبْدَأُ بِأَهْلِ الدِّيوَانِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ إنْ كَانَ الْجَانِي مِنْ الْجُنْدِ فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ الْكِفَايَةُ فَظَاهِرٌ، وَإِلَّا كَمَّلَ الْعَدَدَ مِنْ أَقْرَبِ بَلَدٍ فِيهَا أَهْلُ الدِّيوَانِ، وَهَكَذَا فَإِذَا كَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ الْقَاهِرَةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي أَهْلِ دِيوَانِهِ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ أَهْلِ بُولَاقَ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا مِمَّا فِيهَا دِيوَانٌ لَا مُطْلَقَ بَلَدٍ وَلَوْ كَانَ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ مَنْفَلُوطَ بُدِئَ بِأَهْلِ دِيوَانِهِمْ وَكَمَّلَ مِنْ أَهْلِ أَسْيُوطَ، وَهَكَذَا، وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَصَبَةِ، وَالْمَوَالِي وَقَوْلُهُ كَكُوَرِ مِصْرَ أَيْ كُوَرِ مِصْرَ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأَقَالِيمِ فَمِصْرُ إقْلِيمٌ وَفِيهَا كُوَرٌ الشَّامِ إقْلِيمٌ آخَرُ وَفِيهِ كُوَرٌ، وَالْحِجَازُ إقْلِيمٌ وَفِيهِ كُوَرٌ وَلَا يُضَمُّ أَهْلُ إقْلِيمٍ لِأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَلَا دُخُولَ لِبَدَوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ وَلَا شَامِيٍّ مَعَ مِصْرِيٍّ (وَالصُّلْحِيُّ) يُؤَدِّي عَنْهُ (أَهْلُ صُلْحِهِ) مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ دِيوَانٌ وَلَا عَصَبَةٌ وَلَا مَوَالِي وَلَا بَيْتُ مَالٍ إنْ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ عَلَى الرَّاجِحِ مَا دَامُوا كُفَّارًا كَالذِّمِّيِّ (وَضَرَبَ عَلَى كُلٍّ) مِمَّنْ لَزِمَتْهُ الدِّيَةُ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَعَصَبَةٍ وَمَوَالِي وَذِمِّيٍّ وَصُلْحِيٍّ (مَا لَا يَضُرُّ) بِهِ بَلْ عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ؛ لِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ وَطَرِيقُهَا عَدَمُ التَّكَلُّفِ، فَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (وَعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَامْرَأَةٍ وَفَقِيرٍ وَغَارِمٍ) إذَا جَنَوْا، وَالْغَارِمُ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ (وَلَا يَعْقِلُونَ) عَنْ غَيْرِهِمْ وَلَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ، لَكِنَّ قَوْلَهُ وَلَا يَعْقِلُونَ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَرْأَةِ مُسْتَغْنًى عَنْهُ بِقَوْلِهِ، وَهِيَ الْعَصَبَةُ؛ إذْ تَخْرُجُ مِنْهُ الْمَرْأَةُ وَجَوَابُهُ أَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَوَالِي فَإِنَّهَا تَشْمَلُ الْإِنَاثَ (وَالْمُعْتَبَرُ) فِي الصِّبَا، وَالْجُنُونِ وَضِدِّهِمَا، وَالْعُسْرِ، وَالْيُسْرِ، وَالْغَيْبَةِ، وَالْحُضُورِ (وَقْتُ الضَّرْبِ) أَيْ التَّوْزِيعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الَّذِينَ يَحْمِلُونَ مَعَهَا الْجِزْيَةَ عَلَى فَرْضِ لَوْ ضُرِبَتْ عَلَيْهَا، وَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ لَا تُؤَدِّي الْجِزْيَةَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا أَهْلُ دِينِهِ) خِلَافًا لعبق (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكْتَفِ بِأَهْلِ بَلَدِهِ) أَيْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَذَلِكَ لِقِلَّتِهِمْ وَنَقْصِهِمْ عَنْ السَّبْعِمِائَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْعَاقِلَةِ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ عَمَّا زَادَ عَنْ الْأَلْفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّهَا مَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: ضُمَّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقُرَى إلَيْهِمْ) أَيْ ضُمَّ إلَيْهِمْ أَهْلُ دِينِهِ مِنْ أَقْرَبِ الْقُرَى إلَيْهِمْ (قَوْلُهُ: مِنْ تَمَامِ الْعَدَدِ الْآتِي بَيَانُهُ) أَيْ، وَهُوَ السَّبْعُمِائَةِ، أَوْ الزِّيَادَةُ عَلَى الْأَلْفِ (قَوْلُهُ: بِضَمِّ الْكَافِ وَسُكُونِ الْوَاوِ) أَيْ لِقَوْلِهِ الْخُلَاصَةَ
وَفَعَلَ جَمْعًا لِفَعَلَةِ عَرَفَ
وَأَمَّا قَوْلُ عج أَنَّهُ جَمْعُ كَوْرَة بِفَتْحِ الْكَافِ فَتَحْرِيفٌ (قَوْلُهُ: الْبَلَدُ الَّتِي يَسْكُنُهَا النَّاسُ) أَيْ وَعَلَى هَذَا، فَالْمُرَادُ بِكُوَرِ مِصْرَ هُنَا الْبِلَادُ الَّتِي تَحْتَ عَمَلِهَا، وَكَذَا الْمُرَادُ بِكُوَرِ الشَّامِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُ) أَيْ قَوْلُهُ وَضُمَّ كَكُوَرِ مِصْرَ (قَوْلُهُ: فَقَدْ عَلِمْت الْمُرَادَ مِنْهُ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّ مَنْ فِي بَلَدِ الذِّمِّيِّ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ؛ إذَا لَمْ يُوفُوا بِعَدَدِ الْعَاقِلَةِ فَإِنَّهُ يُضَمُّ إلَيْهِمْ مَا فِي أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، وَهَكَذَا حَتَّى يَحْصُلَ تَمَامُ عَدَدِهَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ فِيهِمْ الْكِفَايَةُ) أَيْ بِعَدَدِ الْعَاقِلَةِ (قَوْلُهُ مِنْ أَهْلِ بُولَاقَ) أَيْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِ بُولَاقَ، وَكَذَا قَوْلُهُ كَمَّلَ مِنْ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا أَيْ مِنْ أَهْلِ دِيوَانِ أَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهَا (قَوْلُهُ: وَكَذَا يُقَالُ فِي الْعَصَبَةِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجَانِي لَيْسَ مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ فَإِنَّهُ يَعْقِلُ عَنْهُ عَصَبَتُهُ وَيَبْدَأُ بِعَصَبَتِهِ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ الْعَدَدَ مِنْ الْعَصَبَةِ الَّتِي بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْعَدَدُ وَقَوْلُهُ، وَالْمَوَالِي أَيْ فَإِذَا كَانَ الْجَانِي لَا دِيوَانَ لَهُ وَلَا عَصَبَةَ فَاَلَّذِي يَعْقِلُ عَنْهُ مَوَالِيهِ وَيَبْدَأُ بِالْمَوَالِي الَّذِينَ فِي بَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ الْعَدَدَ مِنْ مَوَالِيهِ الَّذِينَ بِأَقْرَبِ الْبِلَادِ إلَيْهِ، وَهَكَذَا حَتَّى يَتِمَّ الْعَدَدُ (قَوْلُهُ: أَهْلُ صُلْحِهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا عَصَبَةً لَهُ، أَوْ لَا كَانُوا أَهْلَ دِيوَانِهِ أَمْ لَا كَانُوا مَوَالِيهِ أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: وَلَا بَيْتَ مَالٍ) يَعْنِي لِنَفْسِ الصُّلْحِيِّ كَمَا هُوَ سِيَاقُهُ؛ لِأَنَّ بَيْتَ مَالِ الْمُسْلِمِينَ لَا يَعْقِلُ عَنْ كَافِرٍ وَقَوْلُهُ إنْ كَانَ لَهُمْ أَيْ لِأَهْلِ صُلْحِهِ ذَلِكَ أَيْ بَيْتُ مَالٍ (قَوْلُهُ: كَالذِّمِّيِّ) أَيْ كَمَا أَنَّ الذِّمِّيَّ يَعْقِلُ عَنْهُ أَهْلُ دِينِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهِمْ كَوْنُهُمْ عَصَبَةً وَلَا أَهْلَ دِيوَانٍ وَلَا مَوَالِي وَلَا يَعْقِلُ عَنْهُمْ بَيْتُ مَالِهِمْ إنْ كَانَ لَهُمْ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَذِمِّيٌّ وَصُلْحِيٌّ) أَيْ تَحَاكَمَ كُلٌّ إلَيْنَا (قَوْلُهُ وَامْرَأَةٌ) أَيْ، وَكَذَلِكَ خُنْثَى مُشْكِلٌ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْرُوهُ عَلَى إرْثِهِ فَيَغْرَمُ نِصْفَ مَا يُطِيقُ؛ لِأَنَّ شَأْنَهُ أَنَّهُ لَا يُنْصَرُ كَالْمَرْأَةِ.
(قَوْلُهُ أَخَصُّ مِنْ الْفَقِيرِ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَقِيرِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَيْرِ قُوتِهِ، وَالْغَارِمُ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ بِقَدْرِ مَا فِي يَدَيْهِ، أَوْ يَفْضُلُ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا يَكُونُ بِهِ مِنْ عِدَادِ الْفُقَرَاءِ فَإِنْ بَقِيَ بَعْدَ الْقَضَاءِ مَا لَا يُعَدُّ بِهِ فَقِيرًا، فَهَذَا يَعْقِلُ عَنْ غَيْرِهِ اهـ بْن وَعَلَى هَذَا، فَالْغَارِمُ أَعَمُّ مِنْ الْفَقِيرِ لَا أَخَصُّ مِنْهُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَا عَنْ أَنْفُسِهِمْ) أَيْ خِلَافًا لِمَا فِي عبق تَبَعًا لِلشَّيْخِ أَحْمَدَ الزَّرْقَانِيِّ مِنْ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَعْقِلُ عَنْ نَفْسِهِ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فِي الْغُرْمِ لِمُبَاشَرَتِهِ لِلْإِتْلَافِ وَلَا مُسْتَنَدَ لَهُ فِي ذَلِكَ قَالَ طفى (قَوْلُهُ: وَالْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ) الْمُعْتَبَرُ مُبْتَدَأٌ وَنَائِبُ الْفَاعِلِ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى أَلْ وَوَقْتُ الضَّرْبِ بِالرَّفْعِ خَبَرُهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفُ مُضَافٍ أَيْ، وَالْوَصْفُ الْمُعْتَبَرُ وَصْفُ وَقْتِ الضَّرْبِ أَيْ الْوَصْفُ الْمَوْجُودُ وَقْتَ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ وَضِدِّهِمَا) أَيْ الْبُلُوغِ، وَالْعَقْلِ (قَوْلُهُ: أَيْ التَّوْزِيعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ) أَيْ فَمَتَى كَانَ وَقْتَ تَوْزِيعِهَا صَبِيًّا
(لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ) غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَقْتَ الضَّرْبِ وَلَا إنْ بَلَغَ صَبِيٌّ، أَوْ عَقَلَ مَجْنُونٌ، أَوْ تَحَرَّرَ عَبْدٌ، أَوْ اتَّضَحَتْ ذُكُورَةُ خُنْثَى مُشْكِلٍ بَعْدَ الضَّرْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ (وَلَا يَسْقُطُ) مَا ضَرَبَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ حَالِهِ (لِعُسْرِهِ، أَوْ مَوْتِهِ) بَعْدَ ضَرْبِهَا عَلَيْهِ وَلَا لِجُنُونِهِ وَلَا لِغَيْبَتِهِ رَافِضًا سُكْنَى بَلَدِهِ بَعْدَ الضَّرْبِ (وَلَا دُخُولَ لِبَدَوِيٍّ) مِنْ عَصَبَةِ الْجَانِي (مَعَ حَضَرِيٍّ) مِنْ عَصَبَتِهِ وَلَا عَكْسُهُ لِعَدَمِ التَّنَاصُرِ بَيْنَهُمَا (وَلَا شَامِيٍّ) مَثَلًا (مَعَ مِصْرِيٍّ) مَثَلًا مِنْ الْعَصَبَةِ، أَوْ أَهْلِ الدِّيوَانِ (مُطْلَقًا) اتَّحَدَ جِنْسُ الْمَأْخُوذِ عِنْدَ كُلٍّ أَمْ لَا اشْتَدَّتْ الْقَرَابَةُ كَابْنٍ وَأَبٍ أَمْ لَا بَلْ الدِّيَةُ عَلَى أَهْلِ قُطْرِهِ الدِّيَةُ (الْكَامِلَةُ) لِذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ تُنَجَّمُ (فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا) أَيْ يَحِلُّ كُلُّ نَجْمٍ مِنْهَا، وَهُوَ الثُّلُثُ بِآخِرِ سَنَتِهِ، أَوَّلُهَا (مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) لَا مِنْ يَوْمِ الْقَتْلِ عَلَى الْمَشْهُورِ (وَالثُّلُثُ) كَدِيَةِ الْجَائِفَةِ، وَالْمَأْمُومَةِ (وَالثُّلُثَانِ) كَجَائِفَتَيْنِ، أَوْ جَائِفَةٍ مَعَ مَأْمُومَةٍ (بِالنِّسْبَةِ) لِلدِّيَةِ الْكَامِلَةِ، فَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ، وَالثُّلُثَانِ فِي سَنَتَيْنِ (وَنَجَّمَ فِي النِّصْفِ) كَيَدٍ، أَوْ عَيْنٍ (و) فِي (الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ، ثُمَّ) يَجْعَلُ (لِلزَّائِدِ سَنَةً) فَفِي النِّصْفِ يَجْعَلُ لِلثُّلُثِ سَنَةً وَلِلسُّدُسِ الْبَاقِي سَنَةً أُخْرَى وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ لِكُلِّ ثُلُثٍ سَنَةً وَنِصْفُ السُّدُسِ الْبَاقِي فِي سَنَةٍ ثَالِثَةٍ فَتَصِيرُ هَذِهِ كَالْكَامِلَةِ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْعَيْنِ ضَعِيفٌ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ النِّصْفَ يُنَجَّمُ فِي سَنَتَيْنِ لِكُلِّ سَنَةٍ رُبُعٌ، وَالثَّلَاثَةَ الْأَرْبَاعَ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ لِكُلِّ سَنَةٍ رُبُعٌ (وَحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ) مُتَعَدِّدَةٍ (بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ) كَعَشَرَةِ رِجَالٍ مِنْ قَبَائِلَ شَتَّى قَتَلُوا رَجُلًا خَطَأً كَحَمْلِهِمْ صَخْرَةً فَسَقَطَتْ عَلَيْهِ (كَحُكْمِ) الْعَاقِلَةِ (الْوَاحِدَةِ) فَيُنَجَّمُ مَا يَنُوبُ كُلَّ عَاقِلَةٍ، وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ مَجْنُونًا، أَوْ غَارِمًا، أَوْ غَائِبًا غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَوْ بَلَغَ الصَّبِيُّ بَعْدَ ضَرْبِهَا، أَوْ عَقَلَ الْمَجْنُونُ، أَوْ اسْتَغْنَى الْفَقِيرُ بَعْدَ ضَرْبِهَا، أَوْ قَدِمَ الْغَائِبُ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ بَعْدَ ضَرْبِهَا وَقَبْلَ قَبْضِهَا فَلَا يُجْعَلُ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ وَقْتَ ضَرْبِهَا بَالِغًا عَاقِلًا مُوسِرًا حَاضِرًا ضَرَبَ عَلَيْهِ وَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا ضَرَبَ عَلَيْهِ بِطُرُوِّ عُسْرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ مَوْتٍ، أَوْ سَفَرٍ (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَدِمَ غَائِبٌ غَيْبَةَ انْقِطَاعٍ وَقْتَ الضَّرْبِ) أَيْ فَلَا تَضْرِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِالْغَيْبَةِ الْمَذْكُورَةِ كَأَهْلِ إقْلِيمٍ آخَرَ وَاحْتَرَزَ بِغَيْبَةِ الِانْقِطَاعِ مِنْ غَائِبٍ لِحَجٍّ، أَوْ غَزْوٍ، أَوْ فِرَارًا مِنْهَا وَقْتَ الضَّرْبِ فَإِنَّهُ إذَا قَدِمَ يَجْعَلُ عَلَيْهِ مَا يَخُصُّهُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي الْعَاقِلَةِ وَأَمَّا الْجَانِي فَانْتِقَالُهُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فَتَضْرِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَانِي تَضْرِبُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ انْتَقَلَ مِنْ الْبَلَدِ قَبْلَ ضَرْبِهَا، أَوْ بَعْدَهُ سَوَاءٌ كَانَ انْتِقَالُهُ بِقَصْدِ الْفِرَارِ مِنْهَا، أَوْ لِرَفْضِ سُكْنَى بَلَدِهِ الَّتِي انْتَقَلَ مِنْهَا وَأَمَّا انْتِقَالُ أَحَدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ فَإِنْ كَانَ بَعْدَ ضَرْبِهَا فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ مَا ضُرِبَ عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ فَارًّا، أَوْ رَافِضًا سُكْنَى بَلَدِهِ، وَإِنْ كَانَ قَبْلَ ضَرْبِهَا ضُرِبَتْ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فَارًّا، أَوْ كَانَ انْتِقَالُهُ لِحَاجَةٍ كَحَجٍّ، أَوْ غَزْوٍ لَا إنْ كَانَ رَافِضًا سُكْنَى الْبَلَدِ الْمُنْتَقِلِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: لِعُسْرِهِ) أَيْ لِطَارِئٍ بَعْدَ الضَّرْبِ وَحِينَئِذٍ فَيُنْتَظَرُ وَيُحْبَسُ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ لِأَجْلِ الْإِنْظَارِ وَقَوْلُهُ، أَوْ مَوْتِهِ أَيْ الطَّارِئِ بَعْدَ الضَّرْبِ وَتَحِلُّ عَلَيْهِ بِمَوْتِهِ، أَوْ فَلَسِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا شَامِيٌّ مَعَ مِصْرِيٍّ) أَيْ وَلَا دُخُولَ لِشَامِيٍّ مِنْ عَصَبَةِ الْجَانِي مَعَ مِصْرِيٍّ مِنْ عَصَبَتِهِ أَيْضًا وَلَا عَكْسُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي تَوْزِيعِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ التَّنَاصُرُ، وَالشَّامِيُّ لَا يَنْصُرُ مَنْ فِي مِصْرَ وَعَكْسُهُ فَلَوْ كَانَتْ إقَامَةُ الْجَانِي فِي أَحَدِ الْقُطْرَيْنِ أَكْثَرَ، أَوْ مُسَاوِيَةً فَيُنْظَرُ لِمَحَلِّ جِنَايَتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَا دُخُولَ لِبَدْوِيٍّ إلَخْ كَالتَّقْيِيدِ لِقَوْلِهِ ثَمَّ بِهَا الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ أَيْ مِمَّنْ هُوَ مُقِيمٌ مَعَهُمْ فِي الْحَاضِرَةِ، أَوْ الْبَادِيَةِ، أَوْ فِي قُطْرٍ (قَوْلُهُ: الْكَامِلَةُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) هَذِهِ الْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابًا لِسُؤَالٍ مُقَدَّرٍ نَشَأَ مِنْ قَوْلِهِ وَنُجِّمَتْ دِيَةُ الْخَطَإِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالْجَانِي فَكَأَنَّهُ قِيلَ فِي كَمْ مِنْ الزَّمَنِ تُنَجَّمُ وَجُمْلَةُ تَحِلُّ بِأَوَاخِرِهَا صِفَةٌ أُولَى لِثَلَاثِ سِنِينَ وَقَوْلُهُ مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: لِذَكَرٍ، أَوْ أُنْثَى مُسْلِمٍ، أَوْ كَافِرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ لِنَفْسٍ، أَوْ طَرَفٍ كَقَطْعِ يَدَيْنِ، أَوْ قَلْعِ عَيْنَيْنِ، أَوْ ذَهَابِ عَقْلٍ خَطَأً (قَوْلُهُ: أَوَّلُهَا) أَيْ السِّنِينَ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: مِنْ يَوْمِ الْحُكْمِ) أَيْ بِتَنْجِيمِهَا (قَوْلُهُ: وَالثُّلُثُ) أَيْ وَيُنَجَّمُ الثُّلُثُ (قَوْلُهُ، فَالثُّلُثُ فِي سَنَةٍ) أَيْ، فَالثُّلُثُ يُنَجَّمُ فِي سَنَةٍ (قَوْلُهُ: وَفِي الثَّلَاثَةِ الْأَرْبَاعِ) أَيْ كَيَدٍ وَخَمْسَةِ أَسْنَانٍ (قَوْلُهُ: بِالتَّثْلِيثِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ التَّثْلِيثِ فِي الْكَامِلَةِ بِأَنْ يَجْعَلَ لِلثُّلُثِ سَنَةً كَامِلَةً (قَوْلُهُ وَلِلسُّدُسِ الْبَاقِي سَنَةً أُخْرَى) أَيْ فَيَكُونُ حُكْمُ النِّصْفِ حُكْمَ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ إذَا زَادَ النِّصْفُ نِصْفَ عُشْرٍ كَدِيَةِ عَيْنٍ وَسِنٍّ، أَوْ زَادَتْ الثَّلَاثَةُ الْأَرْبَاعُ عُشْرًا كَدِيَةِ يَدٍ وَخَمْسَةِ أَسْنَانٍ وَأُصْبُعٍ هَلْ يَكُونُ لِذَلِكَ الزَّائِدِ سَنَةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، أَوْ بِالِاجْتِهَادِ، وَهُوَ الظَّاهِرُ كَمَا فِي عج (قَوْلُهُ: كَحُكْمِ الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ) أَيْ كَحُكْمِ مَا وَجَبَ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ مِنْ حَيْثُ التَّنْجِيمِ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (قَوْلُهُ: مَا يَنُوبُ كُلَّ عَاقِلَةٍ) أَيْ مِنْ دِيَةِ ذَلِكَ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ دُونَ الثُّلُثِ) أَيْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ دِيَاتُهُمْ الَّتِي يُؤَدُّونَهَا بِأَنْ كَانَتْ إحْدَى الْعَوَاقِلِ مِنْ أَهْلِ الْإِبِلِ، وَالْأُخْرَى مِنْ أَهْلِ الْوَرِقِ، وَهَذَا كَالْمُخَصِّصِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ مَا دُونَ الثُّلُثِ وَمِنْ أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَكُونُ مِنْ صِنْفَيْنِ كَذَهَبٍ، وَإِبِلٍ، أَوْ وَرِقٍ فَإِنَّ هُنَا تَدْفَعُ كُلُّ عَاقِلَةٍ الْقَدْرَ الَّذِي لَزِمَهَا وَلَوْ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ مِنْ نَوْعِ مَا عِنْدَهَا
(كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْعَاقِلَةِ الْوَاحِدَةِ كَمَا لَوْ قَتَلَ رَجُلٌ ثَلَاثَةَ رِجَالٍ فَعَلَيْهِ وَعَلَى عَاقِلَتِهِ ثَلَاثُ دِيَاتٍ تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (وَهَلْ حَدُّهَا) أَيْ حَدُّ الْعَاقِلَةِ أَيْ أَقَلُّ حَدِّهَا الَّذِي لَا يَنْقُصُ عَنْهُ (سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ) أَقَلُّ حَدِّهَا (الزَّائِدُ عَلَى الْأَلْفِ) زِيَادَةً بَيِّنَةً كَعِشْرِينَ رَجُلًا (قَوْلَانِ) فَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ وُجِدَ أَقَلُّ مِنْ السَّبْعِمِائَةِ وَلَوْ كَانَ فِيهِمْ كِفَايَةٌ كَمَّلَ مِنْ غَيْرِهِمْ بِمَعْنَى أَنَّهُمْ يَغْرَمُونَ مَا يَنُوبُهُمْ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْعَدَدِ الْمُعْتَبَرِ، ثُمَّ يُكَمِّلُ الْعَدَدَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَإِذَا كَانَ الْعَصَبَةُ سِتَّمِائَةٍ يُكَمِّلُ مِنْ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ مَا يَفِي بِالسَّبْعِمِائَةِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ الْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ، أَوْ وَجَدَ مَا لَا يُكَمِّلُ السَّبْعَمِائَةِ كَمَّلَ مِنْ الْمَوَالِي الْأَسْفَلِينَ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ مَا يَفِي بِذَلِكَ كَمَّلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ فِيهِمْ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَنْتَقِلْ لِلْأَعْمَامِ وَأَوْلَادِهِمْ، وَإِلَّا انْتَقَلَ لِلتَّكْمِيلِ مِنْهُمْ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَعْلُومِ أَيْ الْأَقْرَبُ، فَالْأَقْرَبُ فَإِذَا كَمَّلَ لَمْ يَنْتَقِلْ لِغَيْرِهِمْ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِحَدِّهَا أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى ذَلِكَ لِظُهُورِ أَنَّ الْعَصَبَةَ الْمُتَسَاوِيَةَ، أَوْ أَهْلَ الدِّيوَانِ إذَا كَانُوا أُلُوفًا يَلْزَمُ كُلَّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ، وَكَذَا يُقَالُ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي، فَالْحَاصِلُ أَنَّ حَدَّ الْعَاقِلَةِ الَّذِي لَا يُضَمُّ مِنْ بَعْدِهِ لَهُ إنْ وُجِدَ هَلْ هُوَ سَبْعُمِائَةٍ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى الْأَلْفِ زِيَادَةً بَيِّنَةً بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ الْأَقَلَّ فِي الْبَلَدِ انْتَقَلَ لِلتَّكْمِيلِ مِنْ غَيْرِهِمْ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا يَنْتَقِلُ لِلْأَبْعَدِ بَعْدَ التَّكْمِيلِ مِمَّنْ هُوَ دُونَهُ قَوْلَانِ فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ غَيْرُ الْجَانِي لَزِمَهُ مَا يَنُوبُهُ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِ الْعَدَدِ وَلَزِمَ بَيْتَ الْمَالِ الْبَاقِي فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ لَزِمَ الْجَانِي الْجَمِيعُ فِي مَالِهِ كَمَا تَقَدَّمَ
، ثُمَّ انْتَقَلَ يَتَكَلَّمُ عَلَى حُكْمِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ خَطَأً، وَإِنَّهَا وَاجِبَةٌ وَمُرَتَّبَةٌ كَمَا فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فَقَالَ (وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ) لَا الْعَبْدِ لِعَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِهِ (الْمُسْلِمِ) لَا الْكَافِرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْقُرَبِ (وَإِنْ) كَانَ (صَبِيًّا، أَوْ مَجْنُونًا) ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ كَعِوَضِ الْمُتْلَفَاتِ (أَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (شَرِيكًا) لِصَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا فَعَلَى كُلٍّ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ وَلَوْ كَثُرَ الشُّرَكَاءُ (إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ) خَرَجَ الْمُرْتَدُّ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِهِ (مَعْصُومًا) خَرَجَ الزِّنْدِيقُ، وَالزَّانِي الْمُحْصَنُ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى قَاتِلِهِمَا (خَطَأً) لَا عَمْدًا عُفِيَ عَنْهُ فَلَا تَجِبُ بَلْ تُنْدَبُ كَمَا يَأْتِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ) هَذَا مُشَبَّهٌ بِقَوْلِهِ وَحُكْمُ مَا وَجَبَ إلَخْ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ شَبَّهَ الْجِنَايَاتِ الْمُتَعَدِّدَةَ الْوَاجِبَ عَقْلُهَا عَلَى عَاقِلَةٍ بِالْجِنَايَةِ الْوَاحِدَةِ الْوَاجِبِ عَقْلُهَا عَلَى عَوَاقِلَ فِي أَنَّ كُلًّا يُنَجَّمُ عَقْلُهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ بِجَامِعٍ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُتَّحِدِ فِي كُلٍّ.
(قَوْلُهُ: كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا) أَيْ الْوَاجِبِ عَقْلُهَا عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: تُنَجَّمُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ) أَيْ تُنَجَّمُ تِلْكَ الدِّيَاتُ الثَّلَاثُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ (قَوْلُهُ أَيْ أَقَلُّ حَدِّهَا) أَيْ الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ ضَمِّ مَنْ بَعْدَهُمْ إلَيْهِمْ بَعْدَ بُلُوغِهِمْ لَهُ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ فِي أَهْلِ الدِّيوَانِ فَلَا يَضُمُّ إلَيْهِمْ عَصَبَةُ الْجَانِي، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ أَهْلُ الدِّيوَانِ ذَلِكَ الْعَدَدِ ضُمَّ إلَيْهِمْ الْعَصَبَةُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْجَانِي مِنْ أَهْلِ دِيوَانٍ وَقُلْنَا أَنَّ الْعَصَبَةَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ فَإِذَا وُجِدَ هَذَا الْعَدَدُ فِي الْعَشِيرَةِ فَلَا يُضَمُّ إلَيْهِمْ الْفَصِيلَةُ، وَإِلَّا ضُمَّتْ إلَيْهِمْ فَإِنْ لَمْ يَكْمُلْ الْعَدَدُ بِذَلِكَ ضُمَّ إلَيْهِمْ الْفَخِذُ، وَهَكَذَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الْعَدَدَ حَدٌّ لِمَنْ يُضْرَبُ عَلَيْهِمْ بِحَيْثُ إذَا قَصَرُوا عَنْهُ لَمْ يُضْرَبْ عَلَيْهِمْ، وَإِذَا زَادُوا عَلَيْهِ فَلَا يُضْرَبُ عَلَى الزَّائِدِ (قَوْلُهُ: أَوْ الزَّائِدَ عَلَى أَلْفٍ) أَيْ مَعَ زِيَادَةِ عِشْرِينَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ، أَوْ مَعَ زِيَادَةِ أَرْبَعَةٍ كَمَا قَالَ عج.
(قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ الْقَوْلِ بِأَنْ لَا حَدَّ لَهَا وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ؛ لِأَنَّهُ صَدَّرَ بِهِ. وَنَصُّهُ رَوَى الْبَاجِيَّ لَا حَدَّ لِمَنْ تُقْسَمُ عَلَيْهِ الدِّيَةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ وَقَالَ سَحْنُونٌ سَبْعُمِائَةِ رَجُلٍ ابْنُ عَاتٍ الْمَشْهُورُ عَنْ سَحْنُونٍ إذَا كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَلْفًا، فَهُمْ قَلِيلٌ فَيُضَمُّ إلَيْهِمْ أَقْرَبُ الْقَبَائِلِ إلَيْهِمْ اهـ بْن
(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ صِحَّةِ عِتْقِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا وَلَاءَ لَهُ، وَهَذَا التَّعْلِيلُ قَاصِرٌ عَلَى عَدَمِ تَكْفِيرِهِ بِالْعِتْقِ وَلَا مَانِعَ مِنْ تَكْفِيرِهِ بِالصَّوْمِ كَالظِّهَارِ وَفِي كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مَا يُفِيدُ أَنَّهُ يُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ كَالظِّهَارِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْخِطَابَ بِالْكَفَّارَةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ) أَيْ جَعْلُ الشَّيْءِ سَبَبًا، فَالشَّارِعُ جَعَلَ الْقَتْلَ خَطَأً سَبَبَهَا وَلَوْ مِنْ صَبِيٍّ، أَوْ مَجْنُونٍ، وَالْوُجُوبُ عَلَى الْوَلِيِّ وَاعْتَرَضَهُ فِي التَّوْضِيحِ بِأَنْ جَعَلَ الصَّوْمَ أَحَدَ قِسْمَيْهَا يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ بَابِ خِطَابِ التَّكَالِيفِ لِاشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الصَّوْمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا مِنْ خِطَابِ الْوَضْعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْقِسْمِ الْمَالِيِّ فَيَعْتِقُ عَنْهُ وَلِيُّهُ فَإِنْ عَجَزَ أَخَّرَ الصَّوْمَ لِبُلُوغِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: كَعِوَضِ الْمُتْلَفَاتِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا كَعِوَضِ الْمُتْلَفَاتِ لِكَوْنِهَا عِوَضًا عَنْ النَّفْسِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْقَاتِلُ شَرِيكًا لِصَبِيٍّ إلَخْ) بَلْ لَوْ كَانَ الْقَاتِلُ صَبِيَّيْنِ، أَوْ مَجْنُونَيْنِ لَوَجَبَ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَعَلَى كُلٍّ كَفَّارَةٌ كَامِلَةٌ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ (قَوْلُهُ إذَا قَتَلَ مِثْلَهُ) لَا حَاجَةَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ قَاتَلَ وَقَتَلَ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَعَلَى الْحُرِّ إذَا قَتَلَ، أَوْ وَعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ لِمِثْلِهِ وَيَكُونُ لِمِثْلِهِ مَعْمُولًا لِلْقَاتِلِ (قَوْلُهُ: خَرَجَ الْمُرْتَدُّ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ مِثْلِهِ أَيْ فِي الْحُرِّيَّةِ، وَالْإِسْلَامِ فَقَوْلُهُ خَرَجَ الْمُرْتَدُّ أَيْ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: خَطَأً) مِنْ ذَلِكَ كَمَا فِي ح لَوْ انْتَبَهَتْ الْمَرْأَةُ فَوَجَدَتْ وَلَدَهَا مَيِّتًا فَيَلْزَمُهَا الْكَفَّارَةُ وَدِيَتُهُ عَلَى عَاقِلَتِهَا؛ لِأَنَّهَا انْقَلَبَتْ عَلَيْهِ، وَهِيَ نَائِمَةٌ، ثُمَّ ذَكَرَ مَا يُفِيدُ أَنَّهُمَا إذَا انْتَبَهَا فَوَجَدَاهُ مَيِّتًا بَيْنَهُمَا كَانَ هَدَرًا (قَوْلُهُ لَا عَمْدًا عُفِيَ عَنْهُ) إنَّمَا لَمْ تَجِبْ الْكَفَّارَةُ فِي الْعَمْدِ وَوَجَبَتْ فِي الْخَطَإِ مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ الْعَكْسُ؛ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا أَنَّ الْعَامِدَ لَا تَكْفِيهِ الْكَفَّارَةُ لِجِنَايَتِهِ؛ لِأَنَّهَا أَعْظَمُ مِنْ أَنْ تُكَفَّرَ كَمَا قَالُوا فِي الْيَمِينِ الْغَمُوسِ أَيْضًا فَقَدْ، أَوْجَبُوا عَلَيْهِ ضَرْبَ مِائَةٍ وَحَبْسَ سَنَةٍ اهـ بْن
(عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُؤْمِنَةٍ مُسْلِمَةٍ (وَلِعَجْزِهَا) أَيْ وَعِنْدَ الْعَجْزِ عَنْهَا (شَهْرَانِ) أَيْ صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ (كَالظِّهَارِ) أَيْ يُشْتَرَطُ فِي الرَّقَبَةِ وَصَوْمِ الشَّهْرَيْنِ هُنَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ (لَا صَائِلًا) أَيْ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ صَائِلًا عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ إلَّا بِالْقَتْلِ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ، وَإِنْ خَرَجَ بِقَوْلِهِ مَعْصُومًا خَطَأً لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ فِيهِ الْكَفَّارَةُ لِعَدَمِ الْقِصَاصِ فِيهِ كَالْخَطَإِ (و) لَا (قَاتِلِ نَفْسِهِ) خَطَأً وَأَوْلَى عَمْدًا لِعَدَمِ الْخِطَابِ بِمَوْتِهِ (كَدِيَتِهِ) أَيْ مِنْ ذَكَر مِنْ الصَّائِل وَقَاتِلِ نَفْسه فَتَسْقُط، وَالْأَظْهَر رُجُوع الضَّمِير لِقَاتِلِ نَفْسِهِ خَطَأ أَيْ فَلَا دِيَة عَلَى عَاقِلَته لِوَرَثَتِهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ (وَنُدِبَتْ) الْكَفَّارَة لِلْحُرِّ الْمُسْلِم (فِي) قَتْلِ (جَنِين وَرَقِيق) لِغَيْرِهِ (وَعَمْد) لَمْ يُقْتَلْ بِهِ لِعَفْوِ، أَوْ لِعَدَمِ مُكَافَأَة (وَعَبْد) لِنَفْسِهِ فَلَا تَكْرَار وَفِي بَعْض النُّسَخ بَدَلَ عَبْد ذِمِّيّ أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأ وَعَلَيْهَا فَيَعْمُمْ فِي قَوْله وَرَقِيق، وَهَذِهِ النُّسْخَة أَحْسَن (وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِل عَمْدًا الْبَالِغ إذَا لَمْ يُقْتَلُ لِعَفْوٍ، أَوْ لِزِيَادَةِ حُرِّيَّة، أَوْ إسْلَامٍ (مُطْلَقًا) كَانَ الْقَاتِل حُرًّا، أَوْ رَقِيقًا مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى (جُلِدَ مِائَةً وَحُبِسَ سَنَةً) ، (وَإِنْ) كَانَ قَتَلَهُ الْعَمْدَ مُلْتَبِسًا (بِقَتْلِ مَجُوسِيّ، أَوْ) قَتَلَ (عَبْده) وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْجَارِح عَمْدًا يُؤَدِّب وَلَوْ اُقْتُصَّ مِنْهُ (أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي) بِالْجَرِّ عِطْف عَلَى قَتْلِ أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ الْعَمْدُ الْمُدَّعَى بِهِ مُلْتَبِسًا بِنُكُولِ الْمُدَّعِي عَنْ أَيْمَان الْقَسَامَة الَّتِي تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ (عَلَى ذِي اللُّوث) مُتَعَلِّق بِالْمُدَّعَى (وَحَلَّفَهُ) الْوَاو بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ حَلِفِ ذِي اللُّوث، وَهُوَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَأَوْلَى مَعَ نُكُوله، وَإِنَّمَا خَصَّ حَلَفَهُ بِالذَّكَرِ لِكَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْت الْمُبَالَغَة وَأَمَّا إنْ نَكِل فَلَا يُتَوَهَّم عَدَم هَذَا الْحُكْم الَّذِي هُوَ الْجَلْدُ، وَالْحَبْس يَعْنِي إنْ قَامَ لَهُ لَوْثٌ مِنْ أَوْلِيَاء الْمَقْتُول عَلَى شَخْص فَادَّعَى بِهِ عَلَيْهِ فَطَلَب مِنْ الْمُدَّعِي أَيْمَان الْقَسَامَة فَنَكِل وَرَدَّهَا عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَحَلَفَهَا وَأُولَى إنْ لَمْ يَحْلِفهَا فَإِنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُجْلَدُ مِائَةً وَيُحْبَسُ سَنَة نَظَّرَا لَلَوَّثَ (وَالْقَسَامَة) الَّتِي تُوجِب الْقِصَاص فِي الْعَمْد، وَالدِّيَة فِي الْخَطَأ (سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرّ الْمُسْلِم) وَإِنْ غَيْر بَالِغٍ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ، أَوْ سُمٍّ، أَوْ نَحْو ذَلِكَ لَا الرَّقِيق، وَالْكَافِر (فِي مَحَلّ اللَّوْثِ) بِفَتْحِ اللَّام وَسُكُون الْوَاو، وَهُوَ الْأَمْر الَّذِي يَنْشَأ عَنْهُ غَلَبَة الظَّنّ بِوُقُوعِ الْمُدَّعَى بِهِ وَيُسَمَّى اللَّطْخ وَفِي الْحَقِيقَة سَبَبُهَا نَفْسُ اللُّوث أَيْ الْأَمْر الَّذِي يَنْشَأ عَنْهُ غَلَبَة الظَّنّ بِأَنَّهُ قَتَلَ، وَإِضَافَةُ مَحَلِّ اللَّوْثِ لِلْبَيَانِ وَفِي بِمَعْنَى لَامَ الْعِلَّة أَيْ لِقِيَامِ اللَّوْثِ وَذَكَر لِلَّوْثِ الَّذِي تَسَبَّبَ عَنْهُ الْقَسَامَة خَمْسَة أَمْثِلَة، أَوَّلُهَا قَوْله (كَأَنْ يَقُول) شَخْص (بَالِغٌ) عَاقِلٌ، وَإِنْ أُنْثَى لَا صَبِيّ، وَإِنْ مُرَاهِقًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: عِتْقُ رَقَبَةٍ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ عَلَى الْقَاتِلِ.
(قَوْلُهُ: كَالظِّهَارِ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الرَّقَبَةِ، وَالشَّهْرَيْنِ كَالظِّهَارِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ حَالِهِمَا هُنَا كَحَالِهِمَا فِي الظِّهَارِ (قَوْلُهُ مَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ) أَيْ مِنْ إسْلَامِ الرَّقَبَةِ وَسَلَامَتِهَا مِنْ الْعُيُوبِ وَخُلُوِّهَا عَنْ شَوَائِبِ الْحُرِّيَّةِ وَتَتَابُعِ الصَّوْمِ إلَى آخِرِ مَا ذُكِرَ فِي الظِّهَارِ (قَوْلُهُ: لَا صَائِلًا) عَطْفٌ عَلَى مَعْصُومًا أَيْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى مَنْ قَتَلَ صَائِلًا عَلَيْهِ أَيْ قَاصِدًا الْوُثُوبَ عَلَيْهِ وَلَوْ لِأَخْذِ مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا قَاتِلِ نَفْسِهِ) أَيْ لَا تَجِبُ الْكَفَّارَةُ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ بِحَيْثُ تَخْرُجُ الْكَفَّارَةُ مِنْ تَرِكَتِهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْخِطَابِ) أَيْ بِهَا بِسَبَبِ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: كَدِيَتِهِ) أَيْ كَمَا تَجِبُ دِيَتُهُ (قَوْلُهُ فَلَا دِيَةَ عَلَى عَاقِلَتِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي عَقْلَ نَفْسِهِ فَكَذَا غَيْرُهُ لَا يَعْقِلُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْمُتَوَهَّمُ) أَيْ بِخِلَافِ الصَّائِلِ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَقْتُولٌ عَمْدًا وَلَا دِيَةَ فِي الْعَمْدِ (قَوْلُهُ: وَرَقِيقٍ) أَيْ وَنُدِبَتْ الْكَفَّارَةُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ رَقِيقًا مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ وَفِي قَتْلِهِ لِشَخْصٍ عَمْدًا (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْتَلْ بِهِ) أَيْ وَأَمَّا إذَا قُتِلَ بِهِ فَلَا كَفَّارَةَ.
(قَوْلُهُ: ذِمِّيٌّ) أَيْ وَنُدِبَتْ الْكَفَّارَةُ لِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ ذِمِّيًّا (قَوْلُهُ: فَيَعُمُّ فِي قَوْلِهِ وَرَقِيق) أَيْ بِحَيْثُ يُقَالُ تَنْدُبُ الْكَفَّارَةُ لِلْحُرِّ فِي الْمُسْلِمِ فِي قَتْلِهِ رَقِيقًا سَوَاءٌ كَانَ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكًا لَهُ.
(قَوْلُهُ: أَحْسَن) أَيْ لِإِفَادَتِهَا حُكْمًا زَائِدًا عَلَى النُّسْخَةِ الْأُولَى، وَهُوَ نَدْبُ الْكَفَّارَةِ فِي قَتْلِ الذِّمِّيِّ (قَوْلُهُ: جَلْدُ مِائَةٍ وَحَبْسُ سَنَةٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَغْرِيبٍ كَمَا فِي الزِّنَا وَاخْتُلِفَ فِي الْمُقَدَّمِ مِنْهُمَا فَقِيلَ الْجَلْدُ وَقِيلَ الْحَبْسُ وَلَمْ يَشْطُرُوهَا بِالرِّقِّ؛ لِأَنَّهَا عُقُوبَةٌ، وَالرِّقُّ، وَالْحُرُّ فِيهَا سَوَاءٌ اهـ بْن (قَوْلُهُ: أَنَّ الْجَارِحَ عَمْدًا يُؤَدَّبُ) أَيْ، وَإِنْ اُقْتُصَّ مِنْهُ، أَوْ أُخِذَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فِي الْمَتَالِفِ (قَوْلُهُ: عَلَى ذِي اللَّوَثِ) أَيْ عَلَى الْقَاتِلِ الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ اللَّوَثُ بِأَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ وَاحِدٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ: لِكَوْنِهِ دَاخِلًا تَحْتَ الْمُبَالَغَةِ) أَيْ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمُبَالَغِ عَلَيْهِ، وَالْمُبَالَغُ عَلَيْهِ إنَّمَا يَكُونُ مُتَوَهِّمًا، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ إذَا حَلَفَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ عَدَمُ ضَرْبِهِ وَعَدَمُ حَبْسِهِ وَأَمَّا إذَا نَكَلَ فَلَا يُتَوَهَّمُ فِيهِ عَدَمُ ذَلِكَ بَلْ يُجْزَمُ فِيهِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ.
(قَوْلُهُ وَأَوْلَى إنْ لَمْ يَحْلِفْهَا) سَيَأْتِي لَلْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أَيْمَانُ الْقَسَامَةِ وَلَمْ يَحْلِفْهَا لَا يُقْتَلُ بَلْ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَهَا (قَوْلُهُ: وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ إلَخْ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ سَبَبُهَا أَنْ يُقْتَلَ الْقَاتِلُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ فَلَا قَسَامَةَ فِي جُرْحٍ وَلَا فِي قَتْلِ عَبْدٍ وَلَا كَافِرٍ (قَوْلُهُ: بِجُرْحٍ) أَيْ لَا خُصُوصَ جَزِّ الرَّقَبَةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ لِصَدَقَةٍ بِالْبَيِّنَةِ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَرِينَةَ السِّيَاقِ تُخْرِجُهَا؛ إذْ لَا تَحْتَاجُ لِأَيْمَانٍ مَعَهَا، فَالْمُرَادُ غَيْرُ الْبَيِّنَةِ عَلَى أَنَّ مَذْهَبَ الْمُتَقَدِّمِينَ جَوَازُ التَّعْرِيفِ بِالْأَعَمِّ (قَوْلُهُ: وَفِي بِمَعْنَى لَامِ الْعِلَّةِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي يُقْتَلُ لِقِيَامِ اللَّوْثِ الْقَاتِلُ وَكَلَامُنَا فِي قَتْلِ الْمَقْتُولِ، فَالْأَوْلَى جَعْلُ فِي بِمَعْنَى مَعَ أَيْ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ الْمُصَاحِبِ لِلَّوَثِ أَيْ الْأَمْرُ الَّذِي يَنْشَأُ عَنْهُ غَلَبَةُ الظَّنِّ بِصِدْقِ الْمُدَّعِي بِالْقَتْلِ.
(قَوْلُهُ خَمْسَةُ أَمْثِلَةٍ) أَوَّلُهَا قَوْلُ الْمُدْمَى الْبَالِغِ الْعَاقِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ مَعَ وُجُودِ الْجُرْحِ، أَوْ أَثَرِ الضَّرْبِ وَمِثْلِهِ
وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ الْقَسَامَةُ بِغَيْرِ قَوْلِهِ وَلَا مَجْنُونٍ؛ إذْ لَا عِبْرَةَ بِقَوْلِهِ شَرْعًا (حُرٌّ مُسْلِمٌ قَتَلَنِي فُلَانٌ) ، أَوْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ (وَلَوْ) قَالَ قَتَلَنِي (خَطَأً، أَوْ) كَانَ الْقَاتِلُ (مَسْخُوطًا) أَيْ فَاسِقًا ادَّعَاهُ (عَلَى وَرِعٍ) بِكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَهُوَ وَرِعٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَوْثًا إنْ شَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ بِأَنْ قَالَ بَلْ فُلَانٌ آخَرُ، أَوْ قَالَ مَا قَتَلَنِي بَلْ غَيْرُهُ، أَوْ لَا أَدْرِي مَنْ الَّذِي قَتَلَنِي بَطَلَ اللَّوْثُ فَلَا قَسَامَةَ (أَوْ) ادَّعَى (وَلَدٌ عَلَى، وَالِدِهِ أَنَّهُ) أَضْجَعَهُ و (ذَبَحَهُ) فَيُقْسِمُونَ بِذَلِكَ وَيُقْتَلُ الْوَالِدُ (أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا) أَيْ قَالَتْ قَتَلَنِي زَوْجِي فَيُقْسِمُونَ وَيُقْتَلُ، وَإِنَّمَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْبَالِغِ الْمَذْكُورِ (إنْ كَانَ جُرِحَ) بِهِ وَيُسَمَّى التَّدْمِيَةَ الْحَمْرَاءَ وَأَثَرُ الضَّرْبِ، أَوْ السُّمِّ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ الْجُرْحِ وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ، فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا، فَالْحَاصِلُ أَنَّ شُرُوطَ كَوْنِ قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ لَوْثًا ثَلَاثَةً الْجُرْحُ وَنَحْوُهُ، وَالتَّمَادِي عَلَى إقْرَارِهِ وَشَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَيْهِ وَعَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ مَا هُوَ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ فَقَالَ (أَوْ أَطْلَقَ) فِي قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ أَيْ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ (وَبَيَّنُوا) أَيْ، أَوْلِيَاؤُهُ أَنَّهُ عَمْدٌ، أَوْ خَطَأٌ فَلَهُمْ الْقَسَامَةُ عَلَى مَا بَيَّنُوا وَلَهُمْ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ (لَا خَالَفُوا) مَعْطُوفٌ عَلَى أَطْلَقَ أَيْ لَا إنْ قُيِّدَ وَخَالَفُوا بِأَنْ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا وَقَالُوا بَلْ خَطَأً، أَوْ الْعَكْسُ فَيَبْطُلُ الدَّمُ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى بَيَّنُوا كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ التَّقْدِيرُ لَا أَطْلَقَ وَخَالَفُوا مَعَ أَنَّهُ لَا مُخَالَفَةَ مَعَ الْإِطْلَاقِ (وَلَا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ) بَعْدَ الْمُخَالَفَةِ لِقَوْلِ الْمَيِّتِ (وَلَا إنْ) أَطْلَقَ و (قَالَ بَعْضٌ) مِنْهُمْ قَتَلَهُ (عَمْدًا و) قَالَ آخَرُ (بَعْضٌ) آخَرُ (لَا نَعْلَمُ) هَلْ قَتَلَهُ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَلَا نَعْلَمُ مَنْ قَتَلَهُ (أَوْ) قَالُوا كُلُّهُمْ قَتَلَهُ عَمْدًا و (نَكَلُوا) عَنْ الْقَسَامَةِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ أَمَّا فِي الْأُولَى فَلِأَنَّهُمْ لَا يَتَّفِقُوا عَلَى أَنَّ وَلِيَّهُمْ قَتَلَ عَمْدًا حَتَّى يَسْتَحِقُّوا الْقَوَدَ وَلَا عَلَى مَنْ قَتَلَهُ فَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ وَأَمَّا فِي الثَّانِيَةِ فَلِلنُّكُولِ (بِخِلَافِ ذِي الْخَطَإِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ بَعْضٌ خَطَأً
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَقَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ الثَّانِي شَهَادَةُ عَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمُدْمَى بِأَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ، أَوْ جَرَحَهُ مَعَ وُجُودِ الْجُرْحِ، أَوْ أَثَرِ الضَّرْبِ الثَّالِثُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ الرَّابِعُ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ الْخَامِسُ أَنْ يُوجَدَ الْقَتِيلُ وَبِقُرْبِهِ شَخْصٌ عَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ وَجَبَتْ فِيهِ) أَيْ فِي الصَّبِيِّ أَيْ فِي قَتْلِهِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ قَوْلِهِ أَيْ كَمُعَايَنَةِ شَاهِدٍ لِلْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، أَوْ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ حُرٌّ مُسْلِمٌ) إنَّمَا أُتِيَ بِذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ مِنْ كَوْنِ الْمَقْتُولِ حُرًّا مُسْلِمًا حِينَ الْقَتْلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حِينَ الْقَوْلِ مَعَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ وَقَوْلُهُ حُرٌّ أَيْ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ كَالصَّبِيِّ، وَالْمَجْنُونِ، وَالْكَافِرِ وَأَمَّا الْمَسْخُوطُ، وَالْمَرْأَةُ، فَهُمَا مِنْ أَهْلِهَا فِي الْجُمْلَةِ فَلِذَا قُبِلَ قَوْلُهُمَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ فُلَانٍ) سَوَاءٌ كَانَ فُلَانٌ هَذَا حُرًّا، أَوْ عَبْدًا بَالِغًا، أَوْ صَبِيًّا ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى عَدْلًا، أَوْ مَسْخُوطًا مُسْلِمًا، أَوْ كَافِرًا.
(قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً) أَيْ هَذَا إذَا قَالَ قَتَلَنِي عَمْدًا بَلْ وَلَوْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ إنْ قَالَ قَتَلَنِي خَطَأً فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ عَنْ مَالِكٍ إحْدَاهُمَا أَنَّ قَوْلَهُ يُقْبَلُ وَيَكُونُ مَعَهُ الْقَسَامَةُ وَلَا يُتَّهَمُ، وَهَذِهِ أَشْهَرُ، وَالثَّانِيَةُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ أَرَادَ إغْنَاءَ وَرَثَتِهِ، فَهُوَ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ لِي عِنْدَ فُلَانٍ كَذَا، وَكَذَا، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ أَظْهَرُ فِي الْقِيَاسِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِرَدِّهَا بِلَوْ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ) أَيْ لِلْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أَنَّهُ أَضْجَعَهُ إلَخْ) أَيْ ادَّعَى الْوَلَدُ عَلَى أَبِيهِ أَنَّ دَمَهُ عِنْدَهُ أَضْجَعَهُ وَذَبَحَهُ، أَوْ دَمَهُ عِنْدَ أَبِيهِ رَمَاهُ بِحَجَرٍ، أَوْ بِحَدِيدَةٍ (قَوْلُهُ وَيُقْتَلُ الْوَالِدُ) أَيْ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَتَجِبُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً فِي الثَّانِيَةِ.
(قَوْلُهُ: إنْ كَانَ جُرِحَ بِهِ) قَدْ أَلْغَى كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْعَمَلَ بِالتَّدْمِيَةِ الْحَمْرَاءِ وَرَأَوْا أَنَّ قَوْلَ الْمَقْتُولِ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ دَعْوَى مِنْ الْمَقْتُولِ، وَالنَّاسُ لَا يُعْطُونَ بِدَعْوَاهُمْ، وَالْأَيْمَانُ لَا تُثْبِتُ الدَّعَاوَى، وَإِنَّمَا تَرُدُّهَا مِنْ الْمُنْكَرِ وَرَأَى عُلَمَاؤُنَا أَنَّ الشَّخْصَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا يَتَجَاسَرُ عَلَى الْكَذِبِ فِي سَفْكِ الدَّمِ كَيْفَ، وَهُوَ الْوَقْتُ الَّذِي يَنْدَمُ فِيهِ النَّادِمُ وَيُقْلِعُ فِيهِ الظَّالِمُ وَمَدَارُ الْأَحْكَامِ عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَأَيَّدُوا ذَلِكَ بِكَوْنِ الْقَسَامَةِ خَمْسِينَ يَمِينًا مُغَلَّظَةً احْتِيَاطًا فِي الدِّمَاءِ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَى الْقَاتِلِ إخْفَاءُ الْقَتْلِ عَلَى الْبَيِّنَاتِ فَاقْتَضَى الِاسْتِحْسَانَ ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا التَّدْمِيَةُ الْبَيْضَاءُ) أَيْ، وَهِيَ الَّتِي لَيْسَ مَعَهَا جُرْحٌ وَلَا أَثَرُ ضَرْبٍ، فَالْمَشْهُورُ عَدَمُ قَبُولِهَا فَإِذَا قَالَ الْمَيِّتُ فِي حَالِ مَرَضِهِ وَلَيْسَ بِهِ جُرْحٌ وَلَا أَثَرُ ضَرْبٍ قَتَلَنِي فُلَانٌ، أَوْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ عَلَى الْمَشْهُورِ خِلَافًا لِلسُّيُورِيِّ وَعَبْدِ الْحَمِيدِ الصَّائِغِ الْقَائِلَيْنِ بِقَبُولِ قَوْلِهِ وَيَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ ابْنُ عَرَفَةَ فِي التَّدْمِيَةِ الْبَيْضَاءِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا أَثَرُ ضَرْبٍ وَلَا جُرْحٍ اضْطِرَابٌ وَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَبِهِ الْحُكْمُ قَوْلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرُ جُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ قَتَلَنِي فُلَانٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: قَوْلِهِ الْمَذْكُورِ) أَيْ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، أَوْ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ: الْجُرْحُ) أَيْ وُجُودُ الْجُرْحِ وَوُجُودُ نَحْوِهِ، وَهُوَ أَثَرُ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَا إنْ قَيَّدَ وَخَالَفُوا) أَيْ كُلُّهُمْ، أَوْ بَعْضُهُمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُقْسِمُونَ وَيَصِيرُ الدَّمُ هَدَرًا (قَوْلُهُ: فَيَبْطُلُ الدَّمُ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ، وَهُمْ أَبْرَءُوا الْقَاتِلَ وَفِي الثَّانِيَةِ عَكْسُهُ الْقَتِيلُ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ، وَهُمْ أَبْرَءُوا عَاقِلَتَهُ (قَوْلُهُ لِقَوْلِ الْمَيِّتِ) أَيْ بِقَوْلِهِ قَتَلَنِي عَمْدًا، أَوْ خَطَأً (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذِي الْخَطَإِ) أَيْ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْمُدْمَى قَالَ
وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ (فَلَهُ) أَيْ لِمُدَّعِي الْخَطَإِ (الْحَلِفُ) لِجَمِيعِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (وَأَخْذُ نَصِيبِهِ) مِنْ الدِّيَةِ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَالَ لَا نَعْلَمُ وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلَ الْبَعْضُ فَلِمَنْ حَلَفَ نَصِيبُهُ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً وَبَعْضُهُمْ عَمْدًا فَحُكْمُهُ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ اخْتَلَفَا) أَيْ الْبَعْضَانِ وَقَدْ أَطْلَقَ الْمَيِّتُ (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ بِأَنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْدًا وَبَعْضٌ خَطَأً (وَاسْتَوَوْا) فِي الدَّرَجَةِ كَأَوْلَادٍ، أَوْ إخْوَةٍ، أَوْ أَعْمَامٍ (حَلَفَ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ مُدَّعِي الْعَمْدِ وَمُدَّعِي الْخَطَإِ عَلَى طِبْقِ دَعْوَاهُ عَلَى قَدْرِ إرْثِهِ (وَلِلْجَمِيعِ دِيَةُ خَطَإٍ) عَلَى عَاقِلَةِ الْجَانِي وَيَسْقُطُ الْقَتْلُ (وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ) أَيْ مُدَّعِيهِ (بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ) أَيْ ذِي الْخَطَإِ فَلَا قَسَامَةَ لِذِي الْعَمْدِ وَلَا دِيَةَ؛ لِأَنَّهُ لِدَعْوَاهُ الدَّمَ إنَّمَا يَحْلِفُ تَبَعًا لِذِي الْخَطَإِ وَيَصِيرُونَ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ ادَّعَى جَمِيعُهُمْ الْخَطَأَ وَنَكَلُوا فَتَحْلِفُ عَاقِلَةُ الْجَانِي وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ غَرِمَ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّانِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ بِقَوْلِهِ (وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ) لِحُرٍّ مُسْلِمٍ أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ (أَوْ) شَهِدَا (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ (عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) فَيَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ وَأَطْلَقَ فَلَمْ يُقَيِّدْ بِعَمْدٍ وَلَا خَطَإٍ (قَوْلُهُ: وَبَعْضٌ لَا نَعْلَمُ) أَيْ صِفَةَ قَتْلِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَمِثْلُهُ أَيْضًا مَا إذَا قَالَ بَعْضُهُمْ خَطَأً، وَالْبَعْضُ الْآخَرُ قَالَ لَا عِلْمَ لَنَا بِعَيْنِ قَاتِلِهِ كَمَا فِي بْن عَنْ أَبِي الْحَسَنِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِمَنْ قَالَ لَا نَعْلَمُ) أَيْ لَا نَعْلَمُ صِفَةَ قَتْلِهِ، أَوْ لَا نَعْلَمُ عَيْنَ قَاتِلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَنَكَلَ الْبَعْضُ إلَخْ) أَيْ وَحَلَفَ الْبَعْضُ الثَّانِي جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَ) أَيْ إذَا حَلَفَتْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ كُلَّهَا فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ دُفِعَتْ حِصَّتُهُ لِلنَّاكِلِ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ وَأَمَّا لَوْ قَالُوا كُلُّهُمْ خَطَأً وَنَكَلُوا كُلُّهُمْ عَنْ جَمِيعِ الْأَيْمَانِ رُدَّتْ عَلَى عَاقِلَةِ الْقَاتِلِ فَإِنْ حَلَفُوهَا كُلُّهُمْ سَقَطَتْ الدِّيَةُ، وَإِنْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ دُفِعَتْ حِصَّتُهُ لِأَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ النَّاكِلِينَ (قَوْلُهُ: أَيْ الْبَعْضَانِ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِمَ ثَنَّى الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ اخْتَلَفَا وَجَمَعَهُ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ وَاسْتَوَوْا مَعَ أَنَّ مُقْتَضَى الظَّاهِرِ مُطَابَقَةُ الثَّانِي لِلْأَوَّلِ بِأَنْ يُقَالَ وَاسْتَوَيَا.
وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ ثَنَّاهُ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِمَا طَائِفَتَيْنِ إحْدَاهُمَا تَدَّعِي الْعَمْدَ، وَالْأُخْرَى تَدَّعِي الْخَطَأَ وَجَمَعَ ثَانِيًا نَظَرًا لِتَعَدُّدِ أَفْرَادِ كُلٍّ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} [الحجرات: 9] (قَوْلُهُ: وَقَدْ أَطْلَقَ الْمَيِّتَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَيِّتَ أَطْلَقَ (قَوْلُهُ: وَاسْتَوَوْا) أَيْ الْمُتَخَالِفَانِ وَقَوْلُهُ فِي الدَّرَجَةِ أَيْ فِي دَرَجَةِ الْقَرَابَةِ لِلْمَيِّتِ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِ عَدَدُ ذِي الْعَمْدِ وَذِي الْخَطَإِ وَقَوْلُهُ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَيْ وَفِي كَوْنِ كُلِّ وَاحِدٍ لَهُ التَّكَلُّمُ كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ اسْتَوَوْا فِي الدَّرَجَةِ أَنَّهُمْ لَوْ اخْتَلَفُوا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَاخْتَلَفَتْ مَرْتَبَتُهُمْ قُرْبًا وَبُعْدًا وَكَانَ الْجَمِيعُ لَهُ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ وَأَعْمَامٍ فَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ عَمْدًا، وَالْبَنَاتُ خَطَأً كَانَ الدَّمُ هَدَرًا لَا قَسَامَةَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ وَلَا قَوَدَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْبَنَاتِ يَدَّعِينَ الْخَطَأَ وَلَهُنَّ الْحَلِفُ فِيهِ فَفِي إعْمَالِ قَوْلِ أَحَدِهِمَا تَحَكُّمٌ، وَإِنْ قَالَتْ الْعَصَبَةُ خَطَأً، وَالْبَنَاتُ عَمْدًا حَلَفَتْ الْعَصَبَةُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَكَانَ لَهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنْ الدِّيَةِ وَلَا عِبْرَةَ بِقَوْلِ الْبَنَاتِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً كَمَا يَأْتِي فَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَاسْتَوَتْ دَرَجَتُهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لِلْجَمِيعِ التَّكَلُّمُ كَبَنَاتٍ مَعَ بَنِينَ، فَالْعِبْرَةُ بِكَلَامِ الْبَنِينَ كَمَا أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِكَلَامِ الْأَعْمَامِ مَعَ الْبَنِينَ
1 -
(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ حَقُّ ذِي عَمْدٍ) أَيْ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّهُمْ مُسْتَوُونَ فِي الدَّرَجَةِ (قَوْلُهُ: بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ إلَخْ) اُنْظُرْ لَوْ حَلَفَ بَعْضُ مُدَّعِي الْخَطَإِ وَنَكَلَ الْبَاقِي، فَهَلْ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ الْحَلِفُ تَبَعًا لِحَلِفِ بَعْضِ مُدَّعِي الْخَطَإِ أَمْ لَا وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ الشَّيْخُ يُوسُفُ الْفِيشِيُّ وَتَبِعَهُ بَعْضُهُمْ وَرُبَّمَا يَشْمَلُهُ التَّعْلِيلُ بِالتَّبَعِيَّةِ لِحَلِفِ ذَوِي الْخَطَإِ فَإِذَا كَانَ مُدَّعُو الْخَطَإِ اثْنَيْنِ وَمُدَّعُو الْعَمْدِ اثْنَيْنِ وَحَلَفَ وَاحِدٌ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَإِ كَانَ لِمُدَّعِي الْعَمْدِ الْحَلِفُ مَعَهُ وَتَأْخُذُ الثَّلَاثَةُ نِصْفَ الدِّيَةِ يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ فَيَدْخُلُ مُدَّعِي الْعَمْدِ فِي حِصَّةِ مَنْ حَلَفَ مِنْ مُدَّعِي الْخَطَإِ وَيَبْطُلُ حَقُّهُمْ فِي حِصَّةِ مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لِدَعْوَاهُ الدَّمَ إنَّمَا يَحْلِفُ) أَيْ لِيَأْخُذَ مِنْ الدِّيَةِ تَبَعًا لِذِي الْخَطَإِ، وَالْأَوْضَحُ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا كَانُوا يَأْخُذُونَ مِنْ الدِّيَةِ بِطَرِيقِ التَّبَعِ لِمُدَّعِي الْخَطَإِ؛ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى الْعَمْدَ إنَّمَا يَدَّعِي الدَّمَ فَيَصِيرُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَتَحْلِفُ عَاقِلَةُ الْجَانِي) أَيْ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: مَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ غَرِمَ) أَيْ مَا يَنُوبُهُ وَيَقْسِمُ مَا غَرِمَ النَّاكِلُ مِنْ الْعَاقِلَةِ عَلَى مُدَّعِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ أَيْ فِي الْقَسَامَةِ، وَالدِّيَةِ الْمُرَتَّبَةِ عَلَى قَسَامَتِهِمْ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: لِحُرٍّ مُسْلِمٍ) أَيْ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَالْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ ذَلِكَ) أَيْ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَثَرٌ لَهُمَا
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) حَالٌ مِنْ جُرْحٍ وَضَرْبٍ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مُطْلَقًا عَنْ التَّقْيِيدِ بِالْعَمْدِ، أَوْ الْخَطَإِ.
(قَوْلُهُ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) عَطْفٌ عَلَى جُرْحٍ أَيْ كَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَيْ عَلَى إقْرَارِهِ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ أَثَرَهُ مَوْجُودٌ، وَإِلَّا لَمْ يُعْمَلْ بِشَهَادَتِهِمَا عَلَى إقْرَارِهِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُكَرَّرٍ مَعَ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ إلَخْ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَوْلِ الْمُدَّعِي قَتَلَنِي فُلَانٌ وَكَانَ هُنَاكَ جُرْحٌ، أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ مَوْجُودٌ وَمَا
فَقَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ وَكَشَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ هُوَ قَوْلُ الْبَالِغِ وَشَهَادَةُ الشَّاهِدَيْنِ لَا الشَّاهِدَانِ (ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ) رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِالْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ فَلَوْ لَمْ يَتَأَخَّرْ الْمَوْتُ اسْتَحَقُّوا الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ لَا لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهَا الْقَسَامَةَ مُطْلَقًا تَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَمْ لَا، وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ مُطْلَقًا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَبَيَّنَ كَيْفِيَّةَ الْقَسَامَةِ بِقَوْلِهِ (يُقْسِمُ) أَيْ كَيْفِيَّتُهَا أَنْ يُقْسِمَ الْوَلِيُّ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ هُوَ (لَمَنْ ضَرْبِهِ) ، أَوْ جَرْحِهِ (مَاتَ) أَيْ بِتَقْدِيمِ الْجَارِّ، وَالْمَجْرُورِ لِإِفَادَةِ الْحَصْرِ وَفِي مَعْنَاهُ إنَّمَا مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ مَا مَاتَ إلَّا مِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ جَرْحِهِ، وَهَذَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ بِمَا ذُكِرَ وَأَمَّا فِي الشَّاهِدِ الْآتِي فَسَكَتَ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ عَنْهُ وَسَيَأْتِي كَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ فِيهِ وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ، وَهُوَ مَا إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَدْلَانِ عَلَى قَوْلِهِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّالِثِ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى سِتِّ مَسَائِلَ بِقَوْلِهِ (أَوْ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا لَقَدْ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، أَوْ نَصُّهُ أَنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجُرْحِ، وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ مِنْ الْخَمْسِينَ أَيْ لَقَدْ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ وَلَقَدْ مَاتَ مِنْ جَرْحِهِ، أَوْ ضَرْبِهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ قَبْلَ الْخَمْسِينَ يَمِينًا وَاحِدَةً مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ وَقِيلَ يَحْلِفُونَ أَيْ يَحْلِفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَمِينًا مُكَمِّلَةً وَسَيَأْتِي مَا إذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ فِي قَوْلِهِ، أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْدًا وَبِهَا تَتِمُّ السِّتُّ مَسَائِلَ (إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) لَا قَبْلَهُ لِاحْتِمَالِ حَيَاتِهِ، وَهَذَا رَاجِعٌ لِجَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِمَسْأَلَةِ الشَّاهِدِ وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا فَذَكَرَ فِيهَا ثُبُوتَ الْمَوْتِ بِقَوْلِهِ، ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ؛ إذْ مَعْرِفَةُ تَأَخُّرِ الشَّيْءِ فَرْعُ ثُبُوتِهِ (أَوْ) بِشَاهِدٍ (بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ) الْبَالِغِ بِجُرْحٍ، أَوْ بِضَرْبٍ (عَمْدًا) أَيْ قَالَ جَرَحَنِي فُلَانٌ، أَوْ ضَرَبَنِي عَمْدًا فَيَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا
ــ
[حاشية الدسوقي]
هُنَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ فُلَانًا جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي، وَالْحَالُ أَنَّ أَثَرَ ذَلِكَ مَوْجُودٌ فَمَا تَقَدَّمَ شَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْقَتْلِ وَمَا هُنَا شَهَادَةٌ عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجُرْحِ، أَوْ بِالضَّرْبِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُهُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الثَّانِي إلَخْ (قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الشَّاهِدَيْنِ) أَيْ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَكَشَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ (قَوْلُهُ: لَا لِمَسْأَلَةِ الشَّهَادَةِ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِذَلِكَ) أَيْ بِالْجُرْحِ، أَوْ بِالضَّرْبِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ، أَوْ شَهِدَا بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِأَنَّ فُلَانًا جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي شَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ) أَيْ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ أَمَّا شَهَادَتُهُمَا عَلَى إقْرَارِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ ضَرَبَهُ وَلِمَنْ ضَرَبَهُ مَاتَ إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِالضَّرْبِ، أَوْ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلِمَنْ جَرَحَهُ مَاتَ إنْ شَهِدَا عَلَى إقْرَارِهِ بِالْجُرْحِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الشَّاهِدِ) أَيْ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ فِي مِثَالِ مَا إذَا كَانَ اللَّوَثُ شَاهِدًا وَاحِدًا شَهِدَ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَخَّرَ قَوْلَهُ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ قَوْلِهِ يُقْسَمُ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ، وَهَذَا عِلَّةٌ لِسُكُوتِهِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ) أَيْ وَأَمَّا كَيْفِيَّةُ الْقَسَامَةِ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُونَ لَقَدْ قَتَلَهُ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ الْوَلِيُّ أُقْسِمُ بِاَللَّهِ لَقَدْ قَتَلَهُ فُلَانٌ (قَوْلُهُ مُشْتَمِلٌ عَلَى سِتِّ مَسَائِلَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ إمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، أَوْ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْجُرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ، فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مَعَ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ بِالْقَتْلِ وَشَهَادَةِ الشَّاهِدَيْنِ عَلَى إقْرَارِهِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْهَدَ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً مَعَ إقْرَارِ الْقَاتِلِ بِالْقَتْلِ خَطَأً (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ وَكَشَاهِدَيْنِ، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَهُ (قَوْلُهُ: أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْمَجْرُوحُ، أَوْ الْمَضْرُوبُ بَالِغًا أَمْ لَا تَأَخَّرَ الْمَوْتُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: إنَّهُمْ يَحْلِفُونَ عَلَى الْجُرْحِ، وَالْمَوْتِ عَنْهُ فِي كُلِّ يَمِينٍ) هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ تُجْمَعُ مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا فِي المج (قَوْلُهُ: مُكَمِّلَةً لِلنِّصَابِ) أَيْ نِصَابِ الشَّهَادَةِ الَّتِي جُعِلَتْ لَوْثًا وَقَوْلُهُ أَنَّهُمْ لَا يَحْلِفُونَ قَبْلَ الْخَمْسِينَ يَمِينًا مُكَمِّلَةً أَيْ بَلْ تُجْمَعُ الْمُكَمِّلَةُ مَعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَلَا تُفْرَدُ فَيَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا فَقَطْ لَقَدْ ضَرَبَهُ وَلَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ، أَوْ لَقَدْ جَرَحَهُ وَلَمِنْ جَرْحِهِ مَاتَ فَقَوْلُهُ لَقَدْ ضَرَبَهُ، أَوْ لَقَدْ جَرَحَهُ نَاظِرٌ لِلْيَمِينِ الْمُكَمِّلَةِ لِلنِّصَابِ وَقَوْلُهُ وَلَمِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ جَرْحِهِ مَاتَ نَاظِرٌ لِيَمِينِ الْقَسَامَةِ فَقَوْلُهُ أَيْ يَحْلِفُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ يَمِينًا مُكَمِّلَةً أَيْ فَيَقُولُ فِيهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَقَدْ ضَرْبِهِ، أَوْ جَرَحَهُ وَأَيْمَانُ الْقَسَامَةِ بَعْدَهَا بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لَمِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ لَمِنْ جَرْحِهِ قَدْ مَاتَ اُنْظُرْ بْن وَانْظُرْ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَيْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا هُنَا حَيْثُ قِيلَ إنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ يَحْلِفُهَا وَاحِدٌ وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى وَرَثَةُ مَيِّتٍ عَلَى شَخْصٍ بِدَيْنٍ لِمُوَرِّثِهِمْ وَشَهِدَ بِهِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ فَلَا يَأْخُذُ وَاحِدٌ حَقَّهُ إلَّا إذَا حَلَفَ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) أَيْ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ إنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ اللَّوْثِ وَقَوْلُهُ لَا قَبْلَهُ أَيْ لَا تَكُونُ الْقَسَامَةُ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ ثُبُوتِ الْمَوْتِ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الَّتِي قَبْلَهَا) أَيْ، وَهِيَ قَوْلُهُ وَكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ بِشَاهِدٍ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ الْبَالِغِ) أَيْ أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَقْتُولِ أَنَّ فُلَانًا ضَرَبَهُ، أَوْ جَرَحَهُ عَمْدًا إنَّمَا تَكُونُ لَوْثًا إذَا كَانَ الْمُقِرُّ بِالضَّرْبِ، أَوْ بِالْجُرْحِ بَالِغًا بِخِلَافِ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ فَإِنَّهَا لَوْثٌ مُطْلَقًا كَانَ الْمَقْتُولُ بَالِغًا أَمْ لَا كَمَا مَرَّ
وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوَّلًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي خَطَأً فَلَا يَكْفِي الشَّاهِدُ الْوَاحِدُ وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُ جَرَحَنِي، أَوْ ضَرَبَنِي قَتَلَنِي فَيَكْفِي الْوَاحِدُ فِي الْعَمْدِ دُونَ الْخَطَإِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ لَوْثٌ فِي الْعَمْدِ فَقَطْ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّ هَذِهِ التَّفْرِقَةَ لَمْ يَقُلْ بِهَا أَحَدٌ، وَإِنَّمَا فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ التَّوَقُّفُ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ، أَوْ الِاكْتِفَاءُ بِالشَّاهِدِ مُطْلَقًا (كَإِقْرَارِهِ) أَيْ بِالْقَتْلِ وَثَبَتَ إقْرَارُهُ بِشَاهِدَيْنِ كَمَا هُوَ عَيْنُ الْمِثَالِ الْأَوَّلِ (مَعَ شَاهِدٍ) بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (مُطْلَقًا) أَيْ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً، فَهُوَ لَوْثٌ يَحْلِفُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَلَمْ يَسْتَغْنِ عَنْ هَذَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ فِي هَذَا يَثْبُتُ الدَّمُ، أَوْ الدِّيَةُ بِغَيْرِ قَسَامَةٍ (أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ) بِأَنْ قَالَ قَتَلَهُ خَطَأً (بِشَاهِدٍ) أَيْ مَعَ شَاهِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ خَطَأً فَلَوْثٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ إقْرَارِهِ بِالْخَطَإِ فَغَيْرُ لَوْثٍ وَيُؤْخَذُ بِإِقْرَارِهِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ دُونَ عَاقِلَتِهِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ الْقَتْلِ بِأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ عَمْدًا وَقَالَ الْآخَرُ خَطَأً، أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بِسَيْفٍ، وَالْآخَرُ بِعَصًا (بَطَلَ) الدَّمُ لِتَنَاقُضِ الشَّهَادَتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُهُمَا بَيَانُ صِفَةِ الْقَتْلِ، لَكِنْ إنْ بَيَّنَاهَا وَاخْتَلَفَا بِطَلَبِ شَهَادَتِهِمَا وَأَشَارَ لِلْمِثَالِ الرَّابِعِ مِنْ أَمْثِلَةِ اللَّوْثِ بِقَوْلِهِ (وَكَالْعَدْلِ) الْوَاحِدِ (فَقَطْ) يَشْهَدُ (فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ) أَيْ بِمُعَايَنَتِهِ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً فَيَقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ مَعَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ، وَالْمَرْأَتَانِ الْعَدْلَتَانِ كَالْعَدْلِ فِي هَذَا وَفِي سَائِرِ مَا قُلْنَا أَنَّ شَهَادَةَ الشَّاهِدِ فِيهِ لَوْثٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينٍ مُكَمِّلَةٍ لِلنِّصَابِ مَعَ الشَّاهِدِ أَوَّلًا) أَيْ قَبْلَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْيَمِينَ الْمُكَمِّلَةَ تُفْرَدُ عَنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ إنَّمَا يَحْلِفُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا يُجْمَعُ مَعَهَا الْيَمِينُ الْمُكَمِّلَةُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ الشَّاهِدَيْنِ) ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ حَيْثُ كَانَتْ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْجُرْحِ عَمْدًا لَوْثًا دُونَ شَهَادَتِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ خَطَأً أَنَّ قَوْلَ الْمَيِّتِ فِي الْخَطَإِ جَارٍ مَجْرَى الشَّهَادَةِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَالشَّاهِدُ لَا يَنْقُلُ عَنْهُ إلَّا اثْنَانِ بِخِلَافِ الْعَمْدِ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُقِرُّ إنَّمَا يَطْلُبُ ثُبُوتَ الْحُكْمِ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ الْقِصَاصُ فَلَمْ يَكُنْ شَاهِدًا عَلَى الْعَاقِلَةِ فَصَحَّ أَنْ يَنْقُلَ عَنْهُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ الشَّاهِدَيْنِ بِالْإِقْرَارِ) أَيْ عَلَى الْإِقْرَارِ أَنَّهُ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، أَوْ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْوَاحِدَ) أَيْ وَأَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَنَّهُ جَرَحَهُ، أَوْ ضَرَبَهُ، أَوْ قَتَلَهُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ) أَيْ وَشَهَادَةُ الْوَاحِدِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ لَا تَكْفِي لَا فِي الْعَمْدِ وَلَا فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: أَوْ الِاكْتِفَاءِ بِالشَّاهِدِ) أَيْ بِشَهَادَةِ الشَّاهِدِ عَلَى إقْرَارِ الْمَيِّتِ بِالضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِي الْعَمْدِ، وَالْخَطَإِ (قَوْلُهُ: كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا) يَعْنِي أَنَّ الْمَقْتُولَ إذَا قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَشَهِدَ عَلَى إقْرَارِهِ عَدْلَانِ وَشَهِدَ مَعَ هَذَا الْإِقْرَارِ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ لَوْثًا يَحْلِفُ الْوُلَاةُ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ، وَالدِّيَةَ فِي الْخَطَإِ (قَوْلُهُ: وَثَبَتَ إقْرَارُهُ بِشَاهِدَيْنِ) أَيْ، أَوْ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ عَلَى الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ شَهَادَةَ وَاحِدٍ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَوْثٌ كَمَا سَيَأْتِي وَانْضَمَّ لِذَلِكَ شَهَادَةُ وَاحِدٍ عَلَى الْإِقْرَارِ خِلَافًا لعبق.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَسْتَغْنِ هَذَا بِالْمِثَالِ الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ عَلَى قَوْلِهِ عَدْلَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ هَذَا بِمُجَرَّدِهِ لَوْثًا فَأَوْلَى إذَا انْضَمَّ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ (قَوْلُهُ، أَوْ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْخَطَإِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْقَاتِلُ أَنَّهُ قَتَلَ خَطَأً وَشَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ الْخَطَإِ كَانَ ذَلِكَ لَوْثًا يَحْلِفُ وُلَاةُ الدَّمِ مَعَهُ خَمْسِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذِكْرِ هَذَا الْفَرْعِ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ سَابِقًا، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ شَهَادَةُ الْوَاحِدِ بِمُعَايَنَةِ الْجُرْحَ، أَوْ الضَّرْبِ لَوْثًا فَأَوْلَى شَهَادَتُهُ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَدْ انْضَمَّ لِذَلِكَ إقْرَارُ الْقَاتِلِ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَصَّ عَلَيْهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ أَخْذَ الدِّيَةِ هُنَا لَا يَحْتَاجُ لِقَسَامَةٍ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ فِي الْخَطَإِ عَمَّا لَوْ أَقَرَّ الْقَاتِلُ بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَلَى إقْرَارِهِ، أَوْ رَجَعَ عَنْهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ الْإِقْرَارِ عَدْلَانِ فَإِنَّهُ يُقْتَلُ مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ، وَإِنْ رَجَعَ عَنْهُ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِهِ وَاحِدٌ، فَهُوَ لَوْثٌ كَمَا فِي ابْنِ غَازِيٍّ (قَوْلُهُ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ عَبْدًا وَلَا عَمْدًا وَلَا اعْتِرَافًا (قَوْلُهُ: وَإِنْ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ) أَيْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ بِمُعَايَنَتِهِ فِي صِفَتِهِ (قَوْلُهُ بَطَلَ الدَّمُ) أَيْ سَوَاءٌ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ الْمُخْتَلَفُ فِي صِفَتِهِ عَنْ ضَرْبِهِ، أَوْ مَاتَ بِفَوْرِهِ فَلَيْسَ لِلْأَوْلِيَاءِ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِتَعَارُضِ الشَّهَادَتَيْنِ فَلَمَّا تَعَارَضَتَا سَقَطَتَا.
(قَوْلُهُ: وَكَالْعَدْلِ الْوَاحِدِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إقْرَارِ الْمَقْتُولِ، وَإِلَّا كَانَ تَكْرَارًا مَعَ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ مَوْضُوعَهُ أَنَّهُ قَالَ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَشَهِدَ وَاحِدٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ وَإِنْ شَهِدَ عَدْلٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ إلَّا أَنَّ الْمَقْتُولَ لَمْ يَقُلْ قَتَلَنِي فُلَانٌ (قَوْلُهُ: فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ) أَيْ مَا لَمْ يَقُلْ الشَّاهِدُ أَنَّهُ قَتَلَهُ غِيلَةً، وَإِلَّا فَلَا يُقْسِمُونَ مَعَهُ؛ لِأَنَّهَا لَا يُقْبَلُ فِيهَا إلَّا عَدْلَانِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا يَكْفِي الْعَدْلُ، وَالْقَسَامَةُ بِخِلَافِ الْعَمْدِ الَّذِي لَيْسَ بِغِيلَةٍ فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدَّمَ) أَيْ فِي الْعَمْدِ وَقَوْلُهُ، أَوْ الدِّيَةَ أَيْ فِي الْخَطَإِ
وَهَذَا الْمِثَالُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى وَأَشَارَ لِلْخَامِسِ بِقَوْلِهِ (أَوْ رَآهُ) أَيْ رَأَى الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ (يَتَشَحَّطُ) بِالْحَاءِ، وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَتَيْنِ أَيْ يَتَحَرَّكُ وَيَضْطَرِبُ (فِي دَمِهِ، وَالْمُتَّهَمُ) بِالْقَتْلِ (قُرْبَهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ الْمُتَّهَمِ (آثَارُهُ) أَيْ الدَّمِ أَيْ أَمَارَةُ الْقَتْلِ وَشَهِدَ الْعَدْلُ بِذَلِكَ فَلَوْثٌ (وَوَجَبَتْ) الْقَسَامَةُ (وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ) كَشَهَادَةِ عَدْلٍ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مَعَ عَدْلَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْمَقْتُولِ قَتَلَنِي فُلَانٌ فَلَا يَكُونُ تَعَدُّدُهُ مُوجِبًا لِلْقِصَاصِ، أَوْ الدِّيَةِ بِلَا قَسَامَةٍ (وَلَيْسَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ اللَّوْثِ (وُجُودُهُ) أَيْ الْمَقْتُولِ (بَقَرِيَّةِ قَوْمٍ) وَلَوْ مُسْلِمًا بَقَرِيَّةِ كُفَّارٍ، وَهَذَا إذَا كَانَ يُخَالِطُهُمْ فِي غَيْرِهِمْ، وَإِلَّا كَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ كَمَا فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ حَيْثُ قُتِلَ بِخَيْبَرَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ حُوَيِّصَةَ وَمُحَيِّصَةَ؛ لِأَنَّ خَيْبَرَ مَا كَانَ يُخَالِطُ الْيَهُودُ فِيهَا غَيْرَهُمْ (أَوْ دَارَهُمْ) لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَتَلَهُ إنْسَانٌ وَرَمَاهُ فِيهَا لِيَلُوثَ أَهْلَهَا بِهِ (وَلَوْ)(شَهِدَ اثْنَانِ) عَلَى شَخْصٍ (أَنَّهُ قَتَلَ) آخَرَ (وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ) وَلَمْ يُعْرَفْ (اُسْتُحْلِفَ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) يَمِينًا لِتَتَنَاوَلَ التُّهْمَةُ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ (وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ) فِي أَمْوَالِهِمْ إنْ حَلَفُوا، أَوْ نَكَلُوا مِنْ غَيْرِ قَسَامَةٍ عَلَى، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ) دُونَ مَنْ حَلَفَ إنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ (بِلَا قَسَامَةٍ) عَلَى الْأَوْلِيَاءِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ شَهِدَتْ بِالْقَتْلِ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ، وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَنَّهُمَا شَهِدَا بِالْقَتْلِ عَمْدًا فَلَوْ شَهِدَا بِالْخَطَإِ لَكَانَتْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ وَمَفْهُومُ اثْنَانِ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ، وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ يُقْسِمُونَ خَمْسِينَ يَمِينًا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةِ قَتَلَهُ وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا يَأْتِي أَنَّ الْقَسَامَةَ إنَّمَا تَكُونُ عَلَى وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَتْلِ، وَهَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدِّيَةِ (وَإِنْ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ بَغَى بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ لِعَدَاوَةٍ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ (عَنْ قَتْلَى
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَهَذَا الْمِثَالُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ بِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقًا بِالْأَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَتْ شَهَادَةُ الْعَدْلِ عَلَى مُعَايَنَةِ الضَّرْبِ، أَوْ الْجُرْحِ لَوْثًا فَأَوْلَى شَهَادَتُهُ عَلَى مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ وَقَدْ يُقَالُ لِمَا كَانَ رُبَّمَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ شَهَادَةَ الْعَدْلِ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ لَيْسَتْ لَوْثًا وَأَنَّهُ إنَّمَا يَحْلِفُ الْوَلِيُّ مَعَ ذَلِكَ الشَّاهِدِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِتَكْمِلَةِ الشَّهَادَةِ وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ، أَوْ الدِّيَةَ بِخِلَافِ شَهَادَتِهِ بِمُعَايَنَةِ الْجَرْحِ، أَوْ الضَّرْبِ تَعَرَّضَ لِذِكْرِ الْحُكْمِ فِي هَذَا الْفَرْعِ دَفْعًا لِلتَّوَهُّمِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ رَأَى الْعَدْلُ الْمَقْتُولَ) أَيْ رَآهُ بِبَصَرِهِ فَرَأَى هُنَا بَصَرِيَّةٌ تَتَعَدَّى لِمَفْعُولٍ وَاحِدٍ وَحِينَئِذٍ فَجُمْلَةُ يَتَشَحَّطُ حَالٌ وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ فَاعِلَ رَأَى ضَمِيرُ الْعَدْلِ وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْعَدْلِ بِذَلِكَ بَلْ كَذَلِكَ إذَا رَآهُ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ عَدْلَانِ، أَوْ أَكْثَرُ؛ إذْ لَيْسَ الْمُوجِبُ لِلْقَسَامَةِ انْفِرَادَ الْعَدْلِ كَمَا تُوهِمُهُ عِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ بَلْ قُوَّةُ التُّهْمَةِ وَعَدَمُ التَّحَقُّقِ كَمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ اهـ بْن (قَوْلُهُ، وَالْمُتَّهَمُ قُرْبُهُ) أَيْ، أَوْ خَارِجًا مِنْ مَكَانِ الْمَقْتُولِ وَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ غَيْرُهُ، ثُمَّ إنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَتَشَحَّطُ وَلَا لِلْجَمْعِ فِي قَوْلِهِ آثَارُهُ بَلْ مَتَى رَآهُ الْعَدْلُ بِقُرْبِ الْمَقْتُولِ وَعَلَيْهِ أَثَرُ الْقَتْلِ كَانَ لَوْثًا (قَوْلُهُ: وَوَجَبَتْ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا أَرَادُوا الْقِصَاصَ، أَوْ الدِّيَةَ فَلَا يُمَكَّنُونَ إلَّا بِالْقَسَامَةِ أَمَّا إذَا أَرَادُوا التَّرْكَ فَلَا يُكَلَّفُونَ أَيْمَانَهَا وَأَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ لَا لِرَدِّ قَوْلٍ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْقَسَامَةِ عِنْدَ تَعَدُّدِ اللَّوْثِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَوَجَبَتْ، وَإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ يَسْتَغْنِي عَنْهُ بِمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَمَا مَرَّ إقْرَارُهُ بِالْقَتْلِ وَثَبَتَ الْإِقْرَارُ بِشَاهِدَيْنِ مَعَ مُعَايَنَةِ شَاهِدٍ عَلَى الْقَتْلِ وَلَا شَكَّ فِي تَعَدُّدِ اللَّوْثِ فِي ذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْقَصْدُ مِمَّا مَرَّ إفَادَةُ أَنَّ اجْتِمَاعَ الْأَمْرَيْنِ لَوْثٌ، وَالْقَصْدُ مِمَّا هُنَا إفَادَةُ أَنَّ تَعَدُّدَ اللَّوْثِ لَا يُغْنِي عَنْ الْقَسَامَةِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ كَوْنُ وُجُودِ الْقَتِيلِ بِقَرْبَةِ قَوْمٍ سَوَاءٌ كَانُوا مُسْلِمِينَ، أَوْ كُفَّارًا لَيْسَ لَوْثًا إذَا كَانُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ الْقَسَامَةَ لِابْنَيْ عَمِّهِ) أَيْ فَنَكَلَا عَنْ أَيْمَانِهَا فَوَدَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ وَقَوْلُهُ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةَ كُلٌّ مِنْهَا مُصَغَّرٌ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَصَادٍ كَذَلِكَ وَيَاءٍ مُشَدَّدَةٍ عَلَى الْأَشْهَرِ وَقَدْ تُخَفَّفُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُوَطَّإِ (قَوْلُهُ: لِجَوَازِ إلَخْ) أَيْ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ مَنْ قَتَلَهُ لَا يَدَعُهُ فِي مَكَان يُتَّهَمُ هُوَ بِهِ وَلَيْسَ الْمَوْتُ فِي الزَّحْمَةِ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ بَلْ هُوَ هَدَرٌ وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَجِبُ فِيهِ الْقَسَامَةُ، وَالدِّيَةُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بِذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: كُلٌّ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْجَمَاعَةِ الَّذِينَ دَخَلَ فِيهِمْ الْقَاتِلُ (قَوْلُهُ: لِتَنَاوُلِ التُّهْمَةِ كُلَّ فَرْدٍ مِنْهُمْ) أَيْ وَيَمِينُ الدَّمِ لَا تَكُونُ إلَّا خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: وَالدِّيَةُ عَلَيْهِمْ إلَخْ) إنَّمَا كَانَ الْغُرْمُ عَلَى جَمِيعِهِمْ لِلْقَطْعِ بِكَذِبِ أَحَدِهِمْ، وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ الْبَاقُونَ فَالدِّيَةُ بِتَمَامِهَا عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلَا قَسَامَةٍ مِنْ، أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: لَكَانَتْ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ) أَيْ إنْ حَلَفُوا كُلُّهُمْ، أَوْ نَكَلُوا كُلُّهُمْ فَإِنْ حَلَفَ بَعْضُ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَةِ مَنْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ) أَيْ عَلَى شَخْصٍ أَنَّهُ قَتَلَ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَدَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمُ أَنَّهُمْ) أَيْ، أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَحِقُّونَ الدِّيَةَ عَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِهِمْ كُلِّهِمْ، أَوْ نُكُولِهِمْ كُلِّهِمْ، وَإِلَّا فَعَلَى النَّاكِلِ كَمَا سَبَقَ فِي الشَّاهِدَيْنِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَةِ الْإِمَامِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانُوا خَارِجِينَ عَنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ بَلْ، وَإِنْ كَانُوا تَحْتَ طَاعَتِهِ (قَوْلُهُ عَنْ قَتْلَى) أَيْ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ، أَوْ مِنْ إحْدَاهُمَا
وَلَمْ يَعْلَمْ الْقَاتِلُ، فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ) فَيَكُونُ هَدَرًا (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ قَالَ الْمَقْتُولُ قَتَلَنِي فُلَانٌ أَمْ لَا قَامَ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ الْبُغَاةِ أَمْ لَا؛ إذْ لَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ لَكَانَ لَوْثًا بِلَا خِلَافٍ كَمَا فِي النَّقْلِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ (أَوْ) لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ (إنْ تَجَرَّدَ) الْقَتْلُ (عَنْ تَدْمِيَةٍ و) عَنْ (شَاهِدٍ) وَأَمَّا لَوْ قَالَ دَمِي عِنْدَ فُلَانٍ، أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ، فَالْقَسَامَةُ، وَالْقَوَدُ وَبِهِ فَسَّرَ ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَ الْإِمَامِ فِي الْعُتْبِيَّةِ (أَوْ) لَا قَسَامَةَ إنْ تَجَرَّدَ قَوْلُهُ (عَنْ الشَّاهِدِ فَقَطْ) بَلْ مُجَرَّدُ قَوْلِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ إلَّا مُجَرَّدُ قَوْلِ الْوُلَاةِ بِالْأَوْلَى وَعَلَيْهِ فَلَوْ قَامَ شَاهِدٌ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ لَكَانَ لَوْثًا يُوجِبُ الْقَسَامَةَ، وَالْقَوَدَ، وَهُوَ تَأْوِيلُ بَعْضِ الْأَشْيَاخِ لِلْمُدَوَّنَةِ (تَأْوِيلَاتٌ) ثَلَاثَةٌ الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَلَكِنْ رَجَّحَ بَعْضُهُمْ الثَّانِي وَمَفْهُومُ لَمْ يُعْلَمْ الْقَاتِلُ أَنَّهُ لَوْ عُلِمَ بِبَيِّنَةٍ لَاقْتُصَّ مِنْهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ (وَإِنْ تَأَوَّلُوا) أَيْ الْجَمَاعَةُ الطَّائِفَتَانِ بِأَنْ قَامَ لِكُلٍّ شُبْهَةٌ تَقْتَضِي جَوَازَ الْمُقَاتَلَةِ (فَهَدَرٌ) أَيْ، فَالْمَقْتُولُ مِنْ كُلِّ طَائِفَةٍ هَدَرٌ وَلَوْ تَأَوَّلَتْ إحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَدَمُ الْمُتَأَوِّلَةِ قِصَاصٌ، وَالْأُخْرَى هَدَرٌ وَأَوْلَى ظَالِمَةٌ زَحَفَتْ عَلَى غَيْرِهَا فَدَفَعُوا عَنْ أَنْفُسِهِمْ فَدَمُ الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ وَدَمُ الدَّامِغَةِ قِصَاصٌ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (كَزَاحِفَةٍ) ظُلْمًا (عَلَى دَافِعَةٍ) عَنْ نَفْسِهَا.
وَلَمَّا قَدَّمَ سَبَبَ الْقَسَامَةِ ذَكَرَ تَفْسِيرَهَا بِقَوْلِهِ (وَهِيَ) أَيْ الْقَسَامَةُ مِنْ الْبَالِغِ الْعَاقِلِ (خَمْسُونَ يَمِينًا مُتَوَالِيَةً) فَلَا تُفَرَّقُ عَلَى أَيَّامٍ، أَوْ أَوْقَاتٍ (بَتًّا) أَيْ قَطْعًا بِأَنْ يَقُولَ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ، أَوْ لَقَدْ قَتَلَهُ وَاعْتَمَدَ الْبَاتُّ عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَظُنُّ، أَوْ فِي ظَنِّي (وَإِنْ أَعْمَى، أَوْ غَائِبًا) حَالَ الْقَتْلِ لِاعْتِمَادِ كُلٍّ عَلَى اللَّوْثِ الْمُتَقَدِّمِ بَيَانُهُ (بِحَلِفِهَا فِي الْخَطَإِ مَنْ يَرِثُ الْمَقْتُولَ) مِنْ الْمُكَلَّفِينَ (وَإِنْ وَاحِدًا، أَوْ امْرَأَةً) وَلَوْ أُخْتًا لِأُمٍّ وَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي حُصُولِهِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا وَاحِدٌ، أَوْ امْرَأَةٌ فِي الْخَطَإِ حَلَفَ الْجَمِيعُ وَأَخَذَ حَظَّهُ مِنْ سُدُسٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَسَقَطَ مَا عَلَى الْجَانِي مِنْ الدِّيَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ مِنْ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَعْلَمْ) أَيْ بِشَهَادَةِ عَدْلَيْنِ الْقَاتِلُ لَهُمْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ هَدَرًا) نَحْوُهُ فِي عبق وخش وَنَقَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ وَنَقَلَهُ طفى عَنْ الْفَاكِهَانِيِّ وَاعْتَرَضَهُ طفى قَائِلًا لَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي حَمَلَ عَلَيْهِ عِيَاضٌ وَالْأَبِيُّ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ فِي قَتِيلِ الصَّفَّيْنِ أَنَّهُ فِيهِ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الْفِئَتَيْنِ فَدِيَتُهُ عَلَيْهِمَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، فَهَلْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ يَعْنِي وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى الْفِئَةِ الَّتِي نَازَعَتْهُ كَمَا حَمَلْت عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَلَى ذَلِكَ لَا أَنَّهُ هَدَرٌ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ؛ إذْ لَوْ كَانَ) أَيْ الشَّاهِدُ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا تَعْلِيلٌ لِتَقْيِيدِ الشَّاهِدِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْبُغَاةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ) أَيْ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ مُحْتَمَلٌ لِكَوْنِ الْمَقْتُولِ هَدَرًا، أَوْ فِيهِ الدِّيَةُ (قَوْلُهُ، أَوْ لَا قَسَامَةَ وَلَا قَوَدَ إنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وَشَاهِدٍ) هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ وَأَشْهَبَ وَتَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ فَكَانَ يَنْبَغِي لَلْمُصَنِّفِ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ، أَوْ شَهِدَ بِالْقَتْلِ شَاهِدٌ) قَيَّدَهُ فِي الْبَيَانِ بِكَوْنِهِ مِنْ الطَّائِفَتَيْنِ أَمَّا إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمَا، فَهُوَ لَوْثٌ بِلَا خِلَافٍ اُنْظُرْ بْن وَمَفْهُومُ شَاهِدٍ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِمُعَايَنَةِ الْقَتْلِ شَاهِدَانِ، فَالْقَوَدُ بِلَا خِلَافٍ (قَوْلُهُ: الْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمَذْهَبُ الثَّانِي لَا الْأَوَّلُ كَمَا قَالَ بْن وَقَالَ شَيْخُنَا أَنَّهُ هُوَ الْمُفْتَى بِهِ (قَوْلُهُ: تَقْتَضِي جَوَازَ الْمُقَاتَلَةِ) أَيْ تَقْتَضِي جَوَازَ مُقَاتَلَتِهَا لِلْأُخْرَى كَكَوْنِهَا أَخَذَتْ مَالَهَا وَأَوْلَادَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَالْأُخْرَى هَدَرٌ) أَيْ وَدَمُ الْأُخْرَى، وَهِيَ غَيْرُ الْمُتَأَوِّلَةِ هَدَرٌ.
(قَوْلُهُ: كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ) الْكَافُ لِلتَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِهِ تَأَوَّلُوا أَنَّ التَّأْوِيلَ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ كَمَا حَمَلَ الشَّارِحُ وَتَقْدِيرُ كَلَامِهِ كَإِهْدَارِ دِمَاءِ طَائِفَةٍ، أَوْ جَمَاعَةٍ زَاحِفَةٍ بَاغِيَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ فَقَوْلُهُ عَلَى دَافِعَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَهُوَ بَاغِيَةٍ كَمَا قَرَّرْنَا (قَوْلُهُ: فَدَمُ الزَّاحِفَةِ هَدَرٌ وَدَمُ الدَّافِعَةِ قِصَاصٌ) اُنْظُرْ لَوْ قُتِلَ أَحَدٌ مِنْ الْجَمَاعَةِ الدَّافِعَةِ هَلْ يُقْتَلُ بِهِ جَمِيعُ الْجَمَاعَةِ الْبَاغِيَةِ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَمَالِئُونَ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا اهـ بْن
(قَوْلُهُ مُتَوَالِيَةً) أَيْ فِي نَفْسِهَا؛ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ وَأَوْقَعُ فِي النَّفْسِ فَلَا تُفَرَّقُ عَلَى الْأَيَّامِ وَلَا فِي أَوْقَاتٍ وَلَكِنْ فِي الْعَمْدِ يَحْلِفُ هَذَا يَمِينًا، وَهَذَا يَمِينًا حَتَّى تَتِمَّ أَيْمَانُهَا وَلَا يَحْلِفُ وَاحِدٌ جَمِيعَ حَظِّهِ قَبْلَ حَظِّ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ إذَا نَكَلَ فِيهِ وَاحِدٌ بَطَلَ الدَّمُ، وَإِذَا بَطَلَ بِنُكُولِ وَاحِدٍ فَلَوْ حَلَفَ كُلٌّ حِصَّتَهُ وَنَكَلَ ذَاكَ ذَهَبَتْ أَيْمَانُهُمْ بِلَا فَائِدَةٍ فَلِذَا قُلْنَا هَذَا يَمِينًا، وَهَذَا يَمِينًا وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ مَا يَنُوبُهُ قَبْلَ حَلِفِ أَصْحَابِهِ؛ لِأَنَّ مَنْ نَكَلَ لَا يَبْطُلُ عَلَى أَصْحَابِهِ وَلَكِنْ فِي الْعَمْدِ إنْ وَقَعَ وَحَلَفَ كُلٌّ مَا يَنُوبُهُ قَبْلَ أَصْحَابِهِ صَحَّ، لَكِنْ فِي ابْنِ مَرْزُوقٍ لَمْ أَقِفْ عَلَى قَيْدِ التَّوَالِي لِأَحَدٍ غَيْرِ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَتَبِعَهُمَا الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: بَتًّا) أَيْ لَا عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَ الْبَاتَّ) أَيْ الْحَالِفُ بَتًّا فِي جَزْمِهِ فِي الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: عَلَى ظَنٍّ قَوِيٍّ) أَيْ نَاشِئٍ مِنْ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي قَوْلُهُ أَظُنُّ) أَيْ لَا يَكْفِي قَوْلُهُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَظُنُّ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ، أَوْ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ فِي ظَنِّي، أَوْ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا قَتَلَهُ غَيْرَ هَذَا (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَعْمَى، أَوْ غَائِبًا) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ الْحَالِفُ أَعْمَى، أَوْ كَانَ غَائِبًا (قَوْلُهُ: لِاعْتِمَادِ كُلٍّ عَلَى اللَّوْثِ إلَخْ) أَيْ، وَالْعِلْمُ كَمَا يَحْصُلُ بِالْمُعَايَنَةِ يَحْصُلُ بِسَمَاعِ الْخَبَرِ وَحِينَئِذٍ، فَالْغَيْبَةُ، وَالْعَمَى لَا يَمْنَعَانِ حُصُولَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: وَتُوَزَّعُ إلَخْ) أَيْ إذَا
لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.
(وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ) إذَا وُزِّعَتْ عَلَى عَدَدٍ وَحَصَلَ كَسْرَانِ، أَوْ أَكْثَرُ (عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا) وَلَوْ كَانَ صَاحِبُهُ أَقَلَّ نَصِيبًا كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ فَتَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا، وَهُوَ ثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ وَكَأُمٍّ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَاصِبٍ عَلَى الزَّوْجَةِ اثْنَا عَشَرَ يَمِينًا وَنِصْفٌ وَعَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَعَلَى الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَتَحْلِفُ بِسَبْعَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ كَسْرَهَا أَكْثَرُ وَيَسْقُطُ الْكَسْرُ الَّذِي عَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ وَيُكَمِّلُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْعَاصِبِ يَمِينَهُ لِلتَّسَاوِي (وَإِلَّا) بِأَنْ تَسَاوَتْ الْكُسُورُ كَثَلَاثِ بَنِينَ عَلَى كُلٍّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ (فَعَلَى الْجَمِيعِ) أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ تَكْمِيلُ مَا انْكَسَرَ عَلَيْهِ (وَلَا يَأْخُذُ أَحَدٌ) شَيْئًا مِنْ الدِّيَةِ (إلَّا بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِهَا (ثُمَّ) بَعْدَ حَلِفِ الْحَاضِرِ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَكَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا، أَوْ صَبِيًّا (حَلَفَ مَنْ حَضَرَ) مِنْ غَيْبَتِهِ أَيْ، أَوْ الصَّبِيُّ إذَا بَلَغَ (حِصَّتَهُ) مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَقَطْ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ (وَإِنْ)(نَكَلُوا) أَيْ الْوَرَثَةُ (أَوْ) نَكَلَ (بَعْضٌ) مِنْهُمْ حَلَفَ الْبَعْضُ الْآخَرُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ وَأَخَذَ حِصَّتَهُ فَقَطْ (حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ) أَيْ عَاقِلَةُ الْقَاتِلِ يَحْلِفُ كُلٌّ مِنْهُمْ يَمِينًا وَاحِدَةً وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا مَا لَمْ يَكُونُوا أَقَلَّ مِنْ خَمْسِينَ، وَإِلَّا حَلَفُوا الْخَمْسِينَ كُلُّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاقِلَةٌ حَلَفَ الْجَانِي الْخَمْسِينَ وَبَرِئَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ (فَمَنْ) حَلَفَ مِنْ عَاقِلَةِ الْجَانِي بَرِئَ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ.
وَمَنْ (نَكَلَ) مِنْهُمْ (فَحِصَّتُهُ) فَقَطْ مِنْ الدِّيَةِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
تَعَدَّدَ الْوَارِثُ (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ الْحَلِفِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) فِيهِ أَنَّ الْمُرَادَ بِبَيْتِ الْمَالِ الشَّخْصُ الْمُتَوَلِّي عَلَيْهِ، وَهَذَا لَا يَتَعَذَّرُ حَلِفُهُ، فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَا يُطَالَبُ مُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ بِالْحَلِفِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الشَّخْصَ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ وَمُتَوَلِّي بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا يَحُوزُ لِغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ وَجُبِرَتْ الْيَمِينُ إلَخْ) هَذَا أَعْنِي قَوْلَهُ وَجُبِرَتْ إلَى قَوْلِهِ فَعَلَى الْجَمِيعِ كَالتَّخْصِيصِ لِقَوْلِهِ، وَهِيَ خَمْسُونَ يَمِينًا أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ كَسْرٌ، وَإِلَّا فَتَزِيدُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَذَلِكَ إذَا تَسَاوَتْ الْكُسُورُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا) أَيْ عَلَى ذِي أَكْثَرَ (قَوْلُهُ: كَبِنْتٍ مَعَ ابْنٍ) أَيْ فَعَلَى الِابْنِ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ وَثُلُثٌ وَعَلَى الْبِنْتِ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ فَتَحْلِفُ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا، وَالْغَبْنُ ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَهَذَا مِثَالٌ لِمَا إذَا وُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدٍ وَحَصَلَ فِيهَا كَسْرَانِ (قَوْلُهُ: وَكَأُمٍّ) أَيْ لِلْمَقْتُولِ وَزَوْجَةٍ وَأَخٍ لِأُمٍّ وَعَاصِبٍ هَذَا مِثَالٌ لِمَا إذَا وُزِّعَتْ الْأَيْمَانُ عَلَى عَدَدٍ وَحَصَلَ فِيهَا كُسُورٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الزَّوْجَةِ اثْنَا عَشَرَ يَمِينًا وَنِصْفٌ) أَيْ، وَهِيَ رُبُعُ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَعَلَى الْأَخِ لِلْأُمِّ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ أَيْ، وَهِيَ سُدُسُهَا وَعَلَى الْأُمِّ سِتَّةَ عَشَرَ وَثُلُثَانِ أَيْ، وَهِيَ ثُلُثُهَا وَمَا بَقِيَ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ يَحْلِفُهُ الْعَاصِبُ (قَوْلُهُ: فَتَحْلِفُ) أَيْ الْأُمُّ سَبْعَةَ عَشَرَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَيَسْقُطُ الْكَسْرُ الَّذِي عَلَى الْأَخِ أَيْ؛ لِأَنَّهُ تَكْمِلَةٌ لِكَسْرِ الْأُمِّ وَقَدْ كَمَّلَتْهُ.
(قَوْلُهُ: وَيُكَمِّلُ كُلٌّ مِنْ الزَّوْجَةِ، وَالْعَاصِبِ يَمِينَهُ) أَيْ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْ نِصْفِ الزَّوْجَةِ وَنِصْفِ الْعَاصِبِ يُكَمِّلُهُ صَاحِبُهُ؛ لِأَنَّهُمَا كَسْرَانِ مُتَسَاوِيَانِ مِنْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ كَمَا أَنَّ كَسْرَيْ الْأُمِّ، وَالزَّوْجِ لِلْأُمِّ مِنْ يَمِينٍ وَاحِدَةٍ أُخْرَى، فَالِانْكِسَارُ وَقَعَ فِي يَمِينَيْنِ فِي هَذَا الْمِثَالِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِانْكِسَارَ إذَا وَقَعَ فِي يَمِينَيْنِ فَكُلُّ يَمِينٍ يُنْظَرُ لَهَا عَلَى حِدَتِهَا فَمَتَى كَانَ فِيهَا كُسُورٌ مُخْتَلِفَةٌ بِالْقِلَّةِ، وَالْكَثْرَةِ كَمَّلَ أَكْثَرَهَا وَتَرَكَ أَقَلَّهَا وَمَتَى كَانَتْ كُسُورُهَا مُتَسَاوِيَةً كَمَّلَ كُلٌّ مِنْ كُسُورِهَا، وَكَذَا إذَا وَقَعَ الِانْكِسَارُ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ يُكَمِّلُ كُلٌّ مِنْ كُسُورِهَا إذَا كَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فَإِنْ لَمْ تَسْتَوِ كَمَّلَ الْأَكْثَرُ وَيَسْقُطُ مَا عَدَاهُ وَلَوْ تَعَدَّدَ كَمِثَالِ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا إنْ لَزِمَ وَاحِدًا نِصْفُ الْيَمِينِ وَآخَرَ ثُلُثُهَا وَآخَرَ سُدُسُهَا حَلَفَهَا صَاحِبُ النِّصْفِ فَصُوِّرَتْ بِبِنْتٍ وَأُمٍّ وَزَوْجٍ وَعَاصِبٍ وَبَيَانُهُ أَنَّ عَلَى الْأُمِّ سُدُسَ الْأَيْمَانِ، وَهُوَ ثَمَانِيَةٌ وَثُلُثٌ وَعَلَى الزَّوْجِ الرُّبُعُ اثْنَا عَشَرَ وَنِصْفٌ وَعَلَى الْعَاصِبِ نِصْفُ السُّدُسِ أَرْبَعَةُ أَيْمَانٍ وَسُدُسٌ فَيَكْمُلُ النِّصْفُ عَلَى الزَّوْجِ وَيَسْقُطُ الْكَسْرَانِ، وَهُمَا الثُّلُثُ، وَالسُّدُسُ عَنْ الْأُمِّ، وَالْعَاصِبِ؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ إنَّمَا وَقَعَ فِي يَمِينٍ وَاحِدَةٍ.
(قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ تَكْمِيلُ مَا انْكَسَرَ عَلَيْهِ) أَيْ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا فِي مِثَالِهِ وَلَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ ثَلَاثُونَ ابْنًا كَانَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ يَمِينٌ وَثُلُثَا يَمِينٍ فَيَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِيَمِينَيْنِ، فَالْجُمْلَةُ سِتُّونَ يَمِينًا بِجَبْرِ الْكُسُورِ كُلِّهَا لِتَسَاوِيهَا.
(قَوْلُهُ: أَيْ بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِهَا) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ الْحَاضِرِينَ، أَوْ مِمَّنْ كَانَ حَاضِرًا مِنْهُمْ لَوْ غَابَ بَعْضُهُمْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا يَلْزَمُهَا شَيْءٌ مِنْ الدِّيَةِ إلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ إلَّا بَعْدَ حَلِفِ جَمِيعِهَا (قَوْلُهُ: حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ) أَيْ مَا يَنُوبُهُ مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَقَطْ وَأَخَذَ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ رَجَعَ الْأَوَّلُ عَنْ دَعْوَى الدَّمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا فِي نَقْلِ ابْنُ عَرَفَةَ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ قَبْلَ ذَلِكَ حُكْمٌ مَضَى فَإِنْ مَاتَ الْغَائِبُ، أَوْ الصَّبِيُّ قَبْلَ قُدُومِهِ وَبُلُوغِهِ وَكَانَ الْحَالِفُ الَّذِي حَلَفَ جَمِيعَ أَيْمَانِهَا قَبْلَ ذَلِكَ وَارِثُهُ، فَهَلْ لَا بُدَّ مِنْ حَلِفِهِ مَا كَانَ يَحْلِفُهُ مُوَرِّثُهُ، أَوْ يَكْتَفِي بِأَيْمَانِهِ السَّابِقَةِ قَوْلَانِ رَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ ثَانِيَهُمَا كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَكَلُوا) أَيْ وَرَثَةُ الْمَقْتُولِ خَطَأً (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَثُرُوا جِدًّا) أَيْ كَعَشَرَةِ آلَافٍ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ غَرِمَ) أَيْ حِصَّتَهُ إنْ وُجِدَ بَيْتُ الْمَالِ الَّذِي يَغْرَمُهَا مَعَهُ، وَإِلَّا غَرِمَ الدِّيَةَ بِتَمَامِهَا وَمَا غَرِمَهُ الْجَانِي يَكُونُ لِلنَّاكِلِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ حَلِفِ الْعَاقِلَةِ إذَا نَكَلَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَعْضُهُمْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْمَقْتُولِ
يَغْرَمُهَا لِلنَّاكِلِينَ مِنْ وَرَثَةِ الْمَقْتُولِ (عَلَى الْأَظْهَرِ) عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَقْوَالٍ خَمْسَةٍ، وَهُوَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ نَكَلُوا إلَخْ (وَلَا يَحْلِفُ) أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ (فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً) مِنْ النَّسَبِ سَوَاءٌ وَرِثُوا أَمْ لَا وَأَمَّا النِّسَاءُ فَلَا يَحْلِفْنَ فِي الْعَمْدِ لِعَدَمِ شَهَادَتِهِنَّ فِيهِ فَإِنْ انْفَرَدْنَ صَارَ الْمَقْتُولُ كَمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ لَهُ عَصَبَةُ نَسَبٍ (فَمَوَالِي) أَعْلَوْنَ ذُكُورٌ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ لَا أَسْفَلُونَ وَلَا أُنْثَى وَلَوْ مَوْلَاةُ النِّعْمَةِ؛ إذْ لَا دَخْلَ لَهَا فِي الْعَمْدِ (وَلِلْوَلِيِّ) وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ (الِاسْتِعَانَةُ) فِي الْقَسَامَةِ (بِعَاصِبِهِ) أَيْ عَاصِبِ الْوَلِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَاصِبُ الْمَقْتُولِ كَامْرَأَةٍ قُتِلَتْ لَيْسَ لَهَا عَاصِبٌ غَيْرُ ابْنِهَا وَلَهُ إخْوَةٌ مِنْ أَبِيهِ فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ، أَوْ بِبَعْضِهِمْ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَمِّهِ مَثَلًا فَقَوْلُهُ بِعَاصِبِهِ أَيْ جِنْسِ عَاصِبِهِ وَاحِدًا، أَوْ أَكْثَرَ، وَاللَّامُ فِي لِلْوَلِيِّ بِمَعْنَى عَلَى إنْ كَانَ وَاحِدًا وَلِلتَّخْيِيرِ إنْ تَعَدَّدَ.
(وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ) إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ (حَلَفَ الْأَكْثَرَ) مِنْ حِصَّتِهِ الَّتِي تَنُوبُهُ بِالتَّوْزِيعِ (إنْ لَمْ تَزِدْ) الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا (عَلَى نِصْفِهَا) أَيْ الْخَمْسِينَ فَإِنْ زَادَتْ عَلَى خَمْسٍ وَعِشْرِينَ فَلَيْسَ لَهُ حَلِفُ الْأَكْثَرِ فَلَوْ وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا حَلَفَ كُلٌّ خَمْسًا وَعِشْرِينَ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ أَكْثَرَ، وَإِنْ وَجَدَ عَاصِبَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وُزِّعَتْ عَلَيْهِمْ وَلَهُ فَقَطْ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يَنُوبُهُ إلَى خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ وَلَا يُمْكِنُ مِنْ الزَّائِدِ كَمَا لَا يُمْكِنُ غَيْرُهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَا يَنُوبُهُ بِالتَّوْزِيعِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ فَقَطْ يُرِيدُ مِنْ نَصِيبِ الْوَلِيِّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
دَيْنٌ وَلَا وَصِيَّةَ لَهُ أَمَّا إذَا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، أَوْ لَهُ وَصِيَّةٌ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ الْمُوصَى لَهُ عِنْدَ نُكُولِ الْأَوْلِيَاءِ حَلِفُ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَأَخْذُ دَيْنِهِ، أَوْ الْوَصِيَّةُ مِنْ الْعَاقِلَةِ كَمَا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي التَّبْصِرَةِ وَلَا يَلْزَمُهَا مَا زَادَ عَلَى الدَّيْنِ، أَوْ الْوَصِيَّةِ مِنْ بَاقِي الدِّيَةِ لِلْوَرَثَةِ النَّاكِلِينَ.
(قَوْلُهُ: يَغْرَمُهَا لِلنَّاكِلِينَ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا كُلَّ الْوَرَثَةِ، أَوْ بَعْضَهُمْ بِأَنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ وَنَكَلَ بَعْضُهُمْ وَأَمَّا مَنْ حَلَفَ جَمِيعَهَا وَأَخَذَ حِصَّتَهُ فَلَا يَدْخُلُ ثَانِيًا فِيمَا رُدَّ عَلَى النَّاكِلِينَ بِسَبَبِ نُكُولِ الْعَاقِلَةِ كُلًّا، أَوْ بَعْضًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَاجِعٌ إلَخْ) أَيْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الْأَظْهَرِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ، وَإِنْ نَكَلُوا، أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتْ الْعَاقِلَةُ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ، وَالِاسْتِظْهَارِ وَلَيْسَ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ وَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ فَإِنْ نَكَلَ الْأَوْلِيَاءُ عَنْ الْأَيْمَانِ، أَوْ نَكَلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَفِي ذَلِكَ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّهَا تُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَيَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ وَلَوْ كَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، وَالْقَاتِلُ كَوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَمَنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ وَمَنْ نَكَلَ لَزِمَهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهَذَا الْقَوْلُ أَبْيَنُ الْأَقَاوِيلِ وَأَصَحُّهَا فِي النَّظَرِ الثَّانِي يَحْلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رَجُلًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَحْلِفُ يَمِينًا فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ كُلِّهَا، وَإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ بَرِئَ وَلَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ الدِّيَةُ كُلُّهَا حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِينًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الثَّالِثُ أَنَّهُمْ إنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهَا، أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لِمَنْ نَكَلَ وَلَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ لَمْ تَجِبْ لَهُمْ إلَّا إذَا حَلَفُوا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ الرَّابِعُ أَنَّ الْيَمِينَ تُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ وَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ بِنُكُولِهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ، وَالنُّكُولُ كَالْإِقْرَارِ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ الْخَامِسُ أَنَّ الْأَيْمَانَ تُرَدُّ عَلَى الْعَاقِلَةِ فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ، وَإِنْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ قَالَهُ رَبِيعَةُ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: عَصَبَةٌ) أَيْ لِلْمَقْتُولِ، أَوْ عَصَبَةٌ لَهُ وَلِعَاصِبِ الْمَقْتُولِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ وَرِثُوا أَمْ لَا) الْأَوَّلُ كَأَخَوَيْنِ لِلْمَقْتُولِ وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُمَا، وَالثَّانِي كَمُعِينٍ لِلْمَقْتُولِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ يَرِثُهُ بِنْتٌ وَأُخْتٌ مَثَلًا (قَوْلُهُ فَإِنْ انْفَرَدْنَ) أَيْ، أَوْ كَانَ لَهُ عَاصِبٌ وَاحِدٌ وَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْتَعِينُ بِهِ، أَوْ وَجَدَ، لَكِنْ لَمْ يَحْلِفْ ذَلِكَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: فَتُرَدُّ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ) أَيْ فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وَإِلَّا حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ وَلَوْ طَالَ سِجْنُهُ (قَوْلُهُ: فَمَوَالِي أَعْلَوْنَ) الْمُرَادُ بِالْمَوَالِي الْأَعْلَوْنَ مُعْتِقُ الْقَتِيلِ وَعَصَبَتُهُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ إلَى أَنَّ مُرَادَ الْمُصَنِّفِ بِالْجَمْعِ مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَيَحْلِفُ الِاثْنَانِ، أَوْ الْأَكْثَرُ أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ بِتَمَامِهَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّرْتِيبِ بَيْنَ عَصَبَةِ النَّسَبِ، وَالْمَوَالِي لَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُوَطَّإِ قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَقْتُلُ عَمْدًا إذَا قَامَ عَصَبَةُ الْمَقْتُولِ، أَوْ مَوَالِيهِ فَقَالُوا نَحْلِفُ وَنَسْتَحِقُّ دَمَ صَاحِبِنَا فَذَلِكَ لَهُمْ اهـ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَوَالِي لَهُمْ التَّكَلُّمُ لَا يُنَافِي تَأْخِيرَهُمْ عَنْ عَصَبَةِ النَّسَبِ فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ أَيْ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِوَاءِ فِي الْحُكْمِ بَلْ الْمُرَادُ عَلَى طَرِيقِ الْبَدَلِيَّةِ الْمُقَيَّدَةِ بِالتَّرْتِيبِ.
(قَوْلُهُ وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ) هَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَيَحْلِفُهَا، وَإِنْ وَاحِدًا بِشَرْطِ كَوْنِهِ وَارِثًا، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَإِ إلَّا الْوَرَثَةُ ذُكُورًا كَانُوا، أَوْ إنَاثًا اتَّحَدَ الْوَارِثُ، أَوْ تَعَدَّدَ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَلَا يَحْلِفُهَا إلَّا الْعَدَدُ مِنْ الْعَصَبَةِ سَوَاءٌ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةَ الْمَقْتُولِ، أَوْ بَعْضُهُمْ عَصَبَةَ الْمَقْتُولِ، وَالْبَعْضُ عَصَبَةُ عَصَبَةِ الْمَقْتُولِ سَوَاءٌ كَانَ عَاصِبُ الْمَقْتُولِ وَارِثًا لَهُ، أَوْ غَيْرَ وَارِثٍ لَهُ.
(قَوْلُهُ: فَيَسْتَعِينُ بِهِمْ، أَوْ بِبَعْضِهِمْ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَمِّهِ) هَذَا لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الْإِنْسَانُ لَا يَحْلِفُ لِيَسْتَحِقَّ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ الْمَذْكُورَ فِي الْأَمْوَالِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ الِاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ وَلَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْ الْمَقْتُولِ فِي الدِّمَاءِ (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ وَاحِدًا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا كَانَ وَاحِدًا كَانَتْ اسْتِعَانَتُهُ بِعَاصِبِهِ وَاجِبَةً، وَإِنْ كَانَ الْوَلِيُّ مُتَعَدِّدًا جَازَ لِذَلِكَ الْمُتَعَدِّدِ أَنْ يَحْلِفَ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ وَلَا يَسْتَعِينُ بِأَحَدٍ وَجَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِعَاصِبِهِ فِي حَلِفِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلِلْوَلِيِّ فَقَطْ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا اسْتَعَانَ بِعَصَبَتِهِ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحْلِفَ
وَأَمَّا مِنْ حِصَّةِ مُسْتَعَانٍ بِهِ آخَرَ فَلَهُ ذَلِكَ (وَوُزِّعَتْ) الْأَيْمَانُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ فَإِنْ زَادُوا عَلَى خَمْسِينَ اجْتَزَأَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ (وَاجْتُزِئَ) فِي حَلِفِ جَمِيعِهَا (بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ) غَيْرِ نَاكِلَيْنِ (وَنُكُولُ الْمُعَيَّنِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) ؛ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي الدَّمِ (بِخِلَافِ) نُكُولِ (غَيْرِهِ) مِنْ، أَوْلِيَاءِ الدَّمِ فَيُعْتَبَرُ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَبَنِينَ، أَوْ إخْوَةٍ (وَلَوْ بَعُدُوا) فِي الدَّرَجَةِ عَنْ الْمَقْتُولِ كَبَنِي عَمٍّ إذَا اسْتَوَوْا دَرَجَةً وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ أَبْعَدَ مَعَ أَقْرَبَ فَإِنْ نَكَلَ بَعْضُ مَنْ يُعْتَبَرُ وَسَقَطَ الدَّمُ (فَتُرَدُّ) أَيْمَانٌ (عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ) بِالْقَتْلِ (فَيَحْلِفُ كُلٌّ) مِنْهُمْ (خَمْسِينَ) يَمِينًا إنْ تَعَدَّدُوا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ بِالْقَتْلِ.
وَإِنْ كَانَ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ إلَّا وَاحِدٌ فَإِذَا كَانَ الْمُتَّهَمُ وَاحِدًا حَلَفَهَا (وَمَنْ نَكَلَ حُبِسَ حَتَّى يَحْلِفَ) ، أَوْ يَمُوتَ فِي السِّجْنِ (وَلَا اسْتِعَانَةَ) لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الِاسْتِعَانَةَ هُنَا أَيْضًا كَالْوَلِيِّ (وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ) أَيْ بَعْضُ، أَوْلِيَاءِ الدَّمِ (نَفْسَهُ) بَعْدَ الْحَلِفِ، أَوْ قَبْلَهُ (بَطَلَ) الدَّمُ فَلَا قَوَدَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ إنْ لَمْ تَزِدْ الْأَيْمَانُ الَّتِي يَحْلِفُهَا عَلَى نِصْفِ الْقَسَامَةِ فَإِذَا وَجَدَ الْوَلِيُّ عَاصِبًا فَقَطْ مِنْ عَصَبَتِهِ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ يَمِينًا فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْ حِصَّتِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ وَجَدَ رَجُلَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ قُسِمَتْ الْأَيْمَانُ بَيْنَهُمْ عَلَى عَدَدِهِمْ فَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَحْمِلُوا عَنْهُ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُمْ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَرَادَ هُوَ أَنْ يَحْمِلَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَوْا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ؛ إذْ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِنْهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا اسْتَعَانَ بِعَاصِبِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ اسْتِعَانَةٌ بِأَنْ كَانُوا كُلُّهُمْ عَصَبَةً لِلْمَقْتُولِ فَلَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَحْلِفَ أَكْثَرَ مِمَّا يَخُصُّهُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْبَاقِي بِشَرْطِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى نِصْفِهَا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مِنْ حِصَّةِ مُسْتَعَانٍ بِهِ آخَرَ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَعَانُ بِهِمْ اثْنَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ فَلَهُ ذَلِكَ فَإِذَا اسْتَعَانَ الْوَلِيُّ بِاثْنَيْنِ فَلِلْوَلِيِّ سَبْعَةَ عَشَرَ يَمِينًا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا سَبْعَةَ عَشَرَ وَلَهُمَا أَنْ يَحْلِفَ أَحَدُهُمَا عِشْرِينَ، وَالثَّانِي أَرْبَعَةَ عَشَرَ وَظَاهِرُ قَوْلِ الشَّارِحِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يَرْضَ الْمُسْتَعَانُ بِهِ الْآخَرُ وَانْظُرْ هَلْ هُوَ كَذَلِكَ، أَوْ لَا بُدَّ مِنْ رِضَاهُ اهـ تَقْرِيرُ شَيْخِنَا عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ عَلَى مُسْتَحِقِّ الدَّمِ) أَيْ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ، وَهَذَا فِي الْعَمْدِ وَأَمَّا فِي الْخَطَإِ فَتُوَزَّعُ عَلَى قَدْرِ الْإِرْثِ (قَوْلُهُ: اُجْتُزِئَ مِنْهُمْ بِخَمْسِينَ) فَإِذَا طَلَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْحَلِفَ دَخَلَتْ الْقُرْعَةُ فِيمَنْ يَحْلِفُهَا مِنْهُمْ عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ (قَوْلُهُ: خِلَافُ سُنَّةِ الْقَسَامَةِ) أَيْ مِنْ تَحْدِيدِهَا بِالْخَمْسِينَ، وَالتَّحْدِيدُ بِذَلِكَ تَعَبُّدِيٌّ (قَوْلُهُ: غَيْرَ نَاكِلِينَ) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْأَكْثَرِ غَيْرَ نَاكِلِينَ.
وَحَاصِلُ الْفِقْهِ أَنَّ أَوْلِيَاءَ الْمَقْتُولِ إذَا كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ اثْنَيْنِ، وَالْحَالُ أَنَّهُمْ فِي دَرَجَةٍ كَإِخْوَةٍ، أَوْ أَعْمَامٍ فَطَاعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ يَحْلِفُ جَمِيعَ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ فَإِنَّهُ يَجْتَزِئُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ أَنْ يَكُونَ الَّذِي لَمْ يَحْلِفْ غَيْرَ نَاكِلٍ فَلَوْ كَانَ نَاكِلًا بَطَلَ الدَّمُ وَلَا يَجْتَزِي بِحَلِفِ مَنْ أَطَاعَ، وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْجَمِيعَ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ، وَإِلَّا فَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ مَنْ نَكَلَ إنْ كَانَ بَعِيدًا، وَإِنْ كَانَ النَّاكِلُ قَرِيبًا بَطَلَ الدَّمُ (قَوْلُهُ: وَنُكُولُ الْمُعِينِ) أَيْ، وَكَذَا تَكْذِيبُهُ (قَوْلُهُ: غَيْرُ مُعْتَبَرٍ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَهُ إنْ وَجَدَ غَيْرَهُ أَنْ يَسْتَعِينَ بِهِ، وَإِلَّا سَقَطَ الدَّمُ حَيْثُ كَانَ الْوَالِي وَاحِدًا فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِينِ بَعْدَ نُكُولِهِ لِيَحْلِفَ بِرِضَا الْوَلِيِّ، فَالظَّاهِرُ عَدَمُ تَمْكِينِهِ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الشَّهَادَاتِ وَلَا يُمَكَّنُ مِنْهَا إنْ نَكَلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعُدُوا) مُبَالَغَةً فِي قَوْلِهِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِنُكُولِ أَبْعَدَ) أَيْ كَابْنِ عَمٍّ وَقَوْلُهُ مَعَ أَقْرَبَ أَيْ كَأَخٍ، أَوْ عَمٍّ أَيْ مَعَ إطَاعَةِ الْأَقْرَبِ بِالْحَلِفِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَمُوتُ فِي السِّجْنِ) هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَظْهَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي الْجَلَّابِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ وَنَكَلَ مِنْهُمْ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ فَإِنْ طَالَ حَبْسُهُ بِالزِّيَادَةِ عَنْ سَنَةٍ ضُرِبَ مِائَةً وَأُطْلِقَ مَا لَمْ يَكُنْ مُتَمَرِّدًا، وَإِلَّا خُلِّدَ فِي السِّجْنِ (قَوْلُهُ: وَلَا اسْتِعَانَةَ لِمَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ بِغَيْرِهِ وَلَوْ وَاحِدًا) أَيْ بِخِلَافِ عَاصِبِ الْمَقْتُولِ فَإِنَّ لَهُ ذَلِكَ كَمَا مَرَّ وَعَدَمُ اسْتِعَانَةِ مَنْ رُدَّتْ عَلَيْهِ هُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَاسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَعَزَاهُ لِظَاهِرِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ نَقَلَهُ ح وَبِهِ سَقَطَ اعْتِرَاضُ الْمَوَّاقِ وَابْنِ مَرْزُوقٍ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ) الْمُرَادُ بِهِ الْمَوَّاقُ وَابْنُ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ بَعْدَ الْحَلِفِ) أَيْ بَعْدَ تَمَامِ حَلِفِ الْقَسَامَةِ وَقَوْلُهُ، أَوْ قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ تَمَامِ حَلِفِ أَيْمَانِ الْقَسَامَةِ بِأَنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا قَاتَلَ قَبْلَ الْحَلِفِ أَصْلًا، أَوْ كَانَ التَّكْذِيبُ بَعْدَ حَلِفِ بَعْضِ الْأَيْمَانِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ إلَخْ أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْقَسَامَةَ فِي عَمْدٍ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْقَسَامَةُ فِي خَطَإٍ وَأَكْذَبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ أَنْ حَلَفَ حَظَّهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَيَسْتَحِقُّ غَيْرُهُ نَصِيبَهُ مِنْ الدِّيَةِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مِقْدَارَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْأَيْمَانِ فَقَطْ كَمَا فِي ابْنِ عَرَفَةَ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إلْغَاءِ الْأَيْمَانِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ بَعْدَ تَتْمِيمِهِ الْخَمْسِينَ بِنَاءً عَلَى إلْغَاءِ أَيْمَانِ الْمُكَذِّبِ نَفْسَهُ وَانْظُرْ إذَا كَذَّبَ بَعْضَ نَفْسِهِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ، وَالِاسْتِيفَاءِ بِالْقَوَدِ، فَهَلْ يُقْتَصُّ مِمَّنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ، أَوْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ رَجَعَ
وَلَا دِيَةَ تُرَدُّ إنْ أُخِذَتْ (بِخِلَافِ عَفْوِهِ) أَيْ الْبَعْضِ بَعْدَ الْقَسَامَةِ (فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنْ الدِّيَةِ) وَأَمَّا قَبْلَ الْقَسَامَةِ فَكَالتَّكْذِيبِ فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي.
(وَلَا يُنْتَظَرُ) فِي الْقَسَامَةِ (صَغِيرٌ) مَعَهُ كَبِيرٌ مُسَاوٍ لَهُ فِي الدَّرَجَةِ فَيُقْسِمُ الْكَبِيرُ إذَا تَعَدَّدَ، أَوْ يَسْتَعِينُ بِعَاصِبِهِ وَيُقْتَلُ الْجَانِي إثْرَ الْقَسَامَةِ (بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ) فَيُنْتَظَرَانِ لِقُرْبِ إفَاقَتِهِمَا (إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الصَّغِيرِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا مُعِينٍ وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى الْكَبِيرِ، وَهُوَ أَقْعَدُ مَعْنًى أَيْ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُ الْكَبِيرِ مَعَ الصَّغِيرِ (فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ) خَمْسًا وَعِشْرِينَ مِنْ الْآنِ (وَالصَّغِيرُ) حَاضِرٌ (مَعَهُ) ؛ لِأَنَّهُ أَرْهَبُ فِي النَّفْسِ وَحُضُورُهُ مَعَ الْكَبِيرِ مَنْدُوبٌ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّ هَذَا مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ وَيُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِبُلُوغِ الصَّبِيِّ فَيَحْلِفُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ يَمِينًا وَيَسْتَحِقُّ الدَّمَ مَا لَمْ يَعْفُ فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْبُلُوغِ بَطَلَ الدَّمُ (وَوَجَبَ بِهَا) أَيْ بِالْقَسَامَةِ (الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ) عَلَى الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ (و) وَجَبَ بِهَا (الْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْقَوَدِ (تَعَيَّنَ لَهَا) أَيْ لِلْقَسَامَةِ بِتَعْيِينِ الْمُدَّعِي عَلَى جَمَاعَةٍ اسْتَوَوْا فِي الْعَمْدِ مَعَ وُجُودِ اللَّوْثِ يَقُولُونَ لِمَنْ ضَرْبِهِ مَاتَ وَلَا يَقُولُونَ لَمَنْ ضَرَبَهُمْ وَلَا يُقْتَلُ بِهَا أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ وَلَا غَيْرُ مُعَيَّنٍ لَهَا.
وَلَمَّا قَدَّمَ أَنَّ الْقَسَامَةَ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ ذَكَرَ حُكْمَ مَفَاهِيمِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (وَمَنْ)(أَقَامَ شَاهِدًا) وَاحِدًا (عَلَى جُرْحٍ) خَطَأً، أَوْ عَمْدًا فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا (أَوْ)(قَتْلِ كَافِرٍ، أَوْ عَبْدٍ) عَمْدًا، أَوْ خَطَأً كَانَ الْقَاتِلُ مُسْلِمًا، أَوْ عَبْدًا أَوْ لَا (أَوْ جَنِينٍ) أَلْقَتْهُ أُمُّهُ مَيِّتًا (حَلَفَ) مُقِيمُ الشَّاهِدِ يَمِينًا (وَاحِدَةً) فِي الْجَمِيعِ (وَأَخَذَ الدِّيَةَ) مِنْ الْجَانِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَنْ الشَّهَادَةِ فَيَغْرَمُ الدِّيَةَ وَلَوْ مُتَعَمِّدًا، وَهُوَ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِهِمْ قَالَهُ عبق (قَوْله وَلَا دِيَةَ) أَيْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا قَبْلَ الْقَسَامَةِ) أَيْ وَأَمَّا الْعَفْوُ قَبْلَ تَمَامِ الْقَسَامَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا شَيْءَ لِغَيْرِ الْعَافِي) أَيْ وَلَا لِلْعَافِي بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ) .
حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَوْلِيَاءَ إذَا كَانُوا فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ وَفِيهِمْ صَغِيرٌ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ الصَّغِيرَ لَا يُنْتَظَرُ لَا فِي الْقَسَامَةِ وَلَا فِي الْقَوَدِ بَلْ لِلْكِبَارِ أَنْ يَقْسِمُوا وَيَقْتُلُوا.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمُبَرْسَمِ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ فِي الْأَوْلِيَاءِ الْمُتَسَاوِينَ فِي الدَّرَجَةِ مُغْمًى عَلَيْهِ، أَوْ مُبَرْسَمٌ أَيْ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الثُّبُوتُ كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ وَلَوْ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَحَدِ الْعَصَبَةِ فَإِنَّهُمَا يُنْتَظَرَانِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُمَا يُنْتَظَرَانِ فِي حَلِفِ بَعْضِ الْقَسَامَةِ وَلَوْ وُجِدَ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا كَمَا هُوَ الْمَوْضُوعُ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لَمْ يَقُلْ بِهِ أَحَدٌ؛ إذْ لَا مَعْنَى لِانْتِظَارِهِمَا مَعَ وُجُودِ مَنْ يَحْلِفُ غَيْرُهُمَا وَحَمَلَهُ الْمَوَّاقُ وعج عَلَى الِانْتِظَارِ لِلْقَتْلِ إذَا أَرَادَهُ غَيْرُهُمَا، وَهُوَ صَوَابٌ إلَّا أَنَّهُ تَكْرَارٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ وَمُغْمًى وَمُبَرْسَمٌ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ أَيْ غَيْرُ الصَّغِيرِ) يَعْنِي مَعَ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: وَلَا مُعِينٌ) أَيْ فَيُنْتَظَرُ بُلُوغُهُ إذَا اُنْتُظِرَ فَيَحْلِفُ الْكَبِيرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: لَا شَرْطٌ) أَيْ فِي الِاعْتِدَادِ بِأَيْمَانِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا) أَيْ حُضُورَ الصَّغِيرِ حِينَ حَلِفِ الْكَبِيرِ مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ فَعَلَى فَرْضِ صِحَّتِهِ يُحْمَلُ عَلَى النَّدْبِ؛ إذْ لَا مُقْتَضَى لِلْوُجُوبِ وَيُحْتَمَلُ؛ لِأَنَّ هَذَا أَيْ الْقَوْلَ بِالشَّرْطِيَّةِ مُنْكَرٌ مِنْ أَصْلِهِ فِي الْمَذْهَبِ، وَالِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَفَادُ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلَا يُؤَخَّرُ حَلِفُ الْكَبِيرِ إلَى بُلُوغِ الصَّغِيرِ) أَيْ بِحَيْثُ يَحْلِفُ هُوَ وَأَخُوهُ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لِاحْتِمَالِ مَوْتِ الْكَبِيرِ، أَوْ غَيْبَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الصَّغِيرِ فَيَبْطُلُ الدَّمُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ مَاتَ) أَيْ الصَّبِيُّ قَبْلَ الْبُلُوغِ وَلَمْ يَجِدْ الْكَبِيرُ مَنْ يَحْلِفُ مَعَهُ وَقَوْلُهُ بَطَلَ الدَّمُ أَيْ وَرُدَّتْ الْأَيْمَانُ عَلَى الْجَانِي فَإِمَّا أَنْ يَحْلِفَ، أَوْ يُحْبَسَ (قَوْلُهُ أَيْ بِالْقَسَامَةِ) يَعْنِي عَلَى جَمِيعِ الْمُتَّهَمِينَ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَسَامَةَ فِي الْخَطَإِ تَقَعُ عَلَى جَمِيعِ الْمُتَّهَمِينَ وَتُوَزَّعُ الدِّيَةُ عَلَى عَوَاقِلِهِمْ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ كَمَا مَرَّ وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ فَيُعَيِّنُونَ وَاحِدًا مِنْ الْقَاتِلَيْنِ وَيُقْسِمُونَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى جَمَاعَةٍ اسْتَوَوْا فِي الْعَمْدِ) أَيْ سَوَاءٌ اتَّحَدَ نَوْعُ الْفِعْلِ، أَوْ تَعَدَّدَ وَاخْتَلَفَ الْحَاصِلُ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ لَا يُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ فِي الْعَمْدِ إلَّا وَاحِدٌ وَلَوْ تَعَدَّدَ نَوْعُ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمَوَّاقِ وَأَمَّا مَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ نَوْعُ الْفِعْلِ وَاخْتَلَفَ فَيُقْتَلُ بِالْقَسَامَةِ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدٍ، فَهُوَ ضَعِيفٌ اُنْظُرْ بْن وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْقَسَامَةَ بِلَوْثٍ كَقَوْلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ قَتَلَنِي فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَأَمَّا مَعَ ثُبُوتِ مَا ذُكِرَ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقْتَلَانِ مَعًا اتِّفَاقًا بِلَا قَسَامَةٍ (قَوْلُهُ: وَلَا غَيْر مُعَيَّنٍ) أَيْ وَلَا وَاحِدٌ غَيْرُ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: خَطَأً، أَوْ عَمْدًا) الْأَوْلَى قَصْرُهُ عَلَى الْخَطَإِ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ حَلَفَ وَأَخَذَ الدِّيَةَ؛ إذْ جُرْحُ الْعَمْدِ إذَا أَقَامَ بِهِ شَاهِدًا حَلَفَ مَعَهُ وَاقْتَصَّ (قَوْلُهُ فِيهِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ شَرْعًا) أَيْ كَالْجَائِفَةِ، وَالْآمَّةِ، وَالدَّامِغَةِ (قَوْلُهُ كَانَ الْقَاتِلُ) أَيْ لِكُلٍّ مِنْ الْكَافِرِ، وَالْعَبْدِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ بِأَنْ كَانَ كَافِرًا حُرًّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ (قَوْلُهُ: أَوْ جَنِينٍ) أَيْ أَقَامَ شَاهِدًا عَلَى ضَرْبِ جَنِينٍ حُرٍّ عَمْدًا، أَوْ خَطَأً وَقَدْ نَزَلَ مَيِّتًا وَأَمَّا لَوْ نَزَلَ الْجَنِينُ حَيًّا وَمَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ شَهِدَ الشَّاهِدُ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ خَطَأً، فَالدِّيَةُ بِقَسَامَةٍ، وَإِنْ شَهِدَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ ضَرْبِهِ عَمْدًا، فَالْقَوَدُ بِقَسَامَةٍ.
(قَوْلُهُ يَمِينًا وَاحِدَةً إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَ مُقِيمُ الشَّاهِدِ وَاحِدًا فَإِنْ تَعَدَّدَ وَلِيُّ الْكَافِرِ، أَوْ الْجَنِينُ حَلَفَ كُلُّ وَاحِدٍ يَمِينًا كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَالظَّاهِرُ