المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[عقد الإجارة على دابة بنصف ما يحتطب عليها] - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٤

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ

- ‌[أَرْكَان الْإِجَارَة]

- ‌[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا]

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ

- ‌(بَابٌ) (الْهِبَةُ)

- ‌[بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

- ‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]

- ‌(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]

- ‌(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)

- ‌[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

- ‌[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]

- ‌[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ)

- ‌(بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)

- ‌ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ

- ‌(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمُنَاسَخَةِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

الفصل: ‌[عقد الإجارة على دابة بنصف ما يحتطب عليها]

لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ وَتَارَةً يَكُونُ ثَمَنًا إنْ بَاعَ فِي آخِرِ الْأَجَلِ أَوْ مَضَى الْأَجَلُ، وَلَمْ يَبِعْ فَتَرَدَّدَ الْعَقْدُ بَيْنَ الْمَمْنُوعِ وَهُوَ إجَارَةٌ وَسَلَفٌ، وَالْجَائِزِ وَهُوَ الثَّمَنُ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ إنْ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ لَا يَرُدُّ لَهُ بَاقِيَ الثَّمَنِ بَلْ يَتْرُكُهُ لَهُ أَوْ يَأْتِيهِ بِطَعَامٍ آخَرَ يَبِيعُهُ لَهُ أَنَّهُ يَجُوزُ، وَهُوَ كَذَلِكَ.

ثُمَّ شَرَعَ يَتَكَلَّمُ عَلَى أَشْيَاءَ تَجُوزُ فِي الْإِجَارَةِ بِقَوْلِهِ [دَرْسٌ](وَجَازَ) أَيْ عَقْدُ الْإِجَارَةِ عَلَى دَابَّةٍ (بِنِصْفِ) بِجَرِّ نِصْفِ بِالْبَاءِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ، وَفِي نُسْخَةٍ بِحَذْفِهَا فَنِصْفُ مَرْفُوعٌ بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ جَازَ الْعَائِدِ عَلَى الْكِرَاءِ أَوْ الْإِجَارَةِ أَيْ وَجَازَ كِرَاءٌ هُوَ نِصْفُ (مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا) أَيْ الدَّابَّةِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهَا بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِزَمَنٍ كَيَوْمٍ لِي وَيَوْمٍ لَك أَمْ لَا كَنَقْلَةٍ لِي وَنَقْلَةٍ لَك فَالْأُجْرَةُ هُنَا مَعْلُومَةٌ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا عَنْ نِصْفِ ثَمَنِ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا فَلَا يَجُوزُ لِقُوَّةِ الْغَرَرِ، وَمِثْلُ السَّفِينَةِ الدَّابَّةُ وَالشَّبَكَةُ وَنَحْوُهُمَا فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مُعَيَّنًا مِنْ مَكَان مُعَيَّنٍ فَلَا مَفْهُومَ لِدَابَّةٍ، وَلَا لِنِصْفٍ.

(وَ) جَازَ (صَاعُ دَقِيقٍ) يَدْفَعُهُ رَبُّ الْقَمْحِ وَنَحْوُهُ لِمَنْ يَطْحَنُهُ لَهُ (مِنْهُ) أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فِي نَظِيرِ طَحْنِهِ (أَوْ) صَاعٌ (مِنْ زَيْتٍ) يَدْفَعُهُ رَبُّ الزَّيْتُونِ لِمَنْ يَعْصِرُهُ لَهُ أُجْرَةً لِعَصْرِهِ (لَمْ يَخْتَلِفْ) أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ كُلٌّ مِنْ الْحَبِّ أَوْ الزَّيْتُونِ فِي الْخُرُوجِ فَإِنْ اخْتَلَفَ بِأَنْ كَانَ تَارَةً يَخْرُجُ مِنْهُ الدَّقِيقُ أَوْ الزَّيْتُ وَتَارَةً لَا مُنِعَ لِلْجَهَالَةِ فَإِنْ شَكَّ فِي الْخُرُوجِ حُمِلَ فِي الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ كَبَذْرِ السِّمْسِمِ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ فَيُمْنَعُ، وَفِي الْحِنْطَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى الْخُرُوجِ فَيَجُوزُ.

(وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ) الْمُؤَجِّرِ لِدَارِهِ أَوْ دَابَّتِهِ مَثَلًا (مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ إلَّا لِتُهْمَةِ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً

ــ

[حاشية الدسوقي]

تَوْضِيحُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَعْطَاهُ إرْدَبَّيْنِ أَحَدَهُمَا فِي مُقَابَلَةِ دِينَارٍ وَالسَّمْسَرَةِ عَلَى الْإِرْدَبِّ الثَّانِي عَشَرَةَ أَيَّامٍ فَقَدْ قَبَضَ الْإِجَارَةَ عَلَى الْإِرْدَبِّ الثَّانِي وَهُوَ نِصْفُ الْإِرْدَبِّ الْأَوَّلِ فَإِذَا بَاعَ الْإِرْدَبَّ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ رَدَّ نِصْفَ نِصْفَ الْإِرْدَبِّ الَّذِي أَخَذَهُ فِي مُقَابَلَةِ السَّمْسَرَةِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ، وَإِنْ بَاعَ الْإِرْدَبَّ فِي الْيَوْمِ الْعَاشِرِ أَوْ مَضَى الْعَاشِرُ، وَلَمْ يَبِعْ فَلَا يَرُدُّ شَيْئًا فَقَدْ تَرَدَّدَتْ تِلْكَ الْأُجْرَةُ وَهِيَ نِصْفُ الْإِرْدَبِّ بَيْنَ كَوْنِ بَعْضِهِ إجَارَةً وَبَعْضِهِ سَلَفًا وَبَيْنَ كَوْنِ كُلِّهِ ثَمَنًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرُدُّ حِصَّةَ ذَلِكَ) أَيْ الْبَاقِي مِنْ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ، وَلَمْ يَكُنْ الثَّمَنُ مِثْلِيًّا أَيْ فَإِنْ كَانَ مِثْلِيًّا مُنِعَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْأَجِيرُ أَنَّهُ إنْ بَاعَ فِي أَثْنَاءِ الْأَجَلِ لَمْ يَرُدَّ شَيْئًا، وَإِلَّا جَازَ.

[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

(قَوْلُهُ: بَدَلٌ مِنْ ضَمِيرِ جَازَ) فِيهِ أَنَّهُ لَا تَتَعَيَّنُ الْبَدَلِيَّةُ بَلْ الْمُتَبَادَرُ أَنَّ نَفْسَ نِصْفِ فَاعِلُ جَازَ أَيْ جَازَ جَعْلُهُ أَجْرًا (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَعْلَمَ مَا يَحْتَطِبُهُ عَلَيْهَا) أَيْ وَبِشَرْطِ أَلَا يَزِيدَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَا تَأْخُذَ نِصْفَك إلَّا بَعْدَ نَقْلِهِ مُجْتَمَعًا لِمَوْضِعِ كَذَا فَإِنْ زَادَ ذَلِكَ مُنِعَ لِلْحَجْرِ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (قَوْلُهُ: بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ بِأَنْ تَجْرِيَ الْعَادَةُ أَنَّ الِاحْتِطَابَ كُلُّ يَوْمٍ نَقْلَتَيْنِ كُلُّ نَقْلَةٍ قَدْرُ قِنْطَارٍ مَثَلًا أَوْ يُشْتَرَطُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ قَيَّدَ) أَيْ الِاحْتِطَابَ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ: كَنَقْلَةٍ لِي) أَيْ قَدْرِهَا كَذَا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا جَازَ يَوْمٌ لِي وَيَوْمٌ لَك أَوْ نَقْلَةٌ لِي قَدْرُهَا كَذَا وَنَقْلَةٌ لَك جَازَ بِالْأَوْلَى كُلُّ نَقْلَةٍ نِصْفُهَا لِي وَنِصْفُهَا لَك (قَوْلُهُ: لِقُوَّةِ الْغَرَرِ) أَيْ بِعَدَمِ انْضِبَاطِهِ، وَهَذِهِ مِنْ جُزْئِيَّاتِ الْمَارَّةِ فِي قَوْلِهِ وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ فَمَا حَصَلَ مِنْ أُجْرَةِ الْحَمْلِ أَوْ مِنْ ثَمَنِ الْمَحْمُولِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَالشَّبَكَةُ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ ابْنُ الْقَاسِمِ يُجَوِّزُ دَفْعَ الشَّبَكَةِ لِمَنْ يَصِيدُ بِهَا يَوْمًا لِنَفْسِهِ وَيَوْمًا لِصَاحِبِهَا، وَفِي الشَّهْرَيْنِ كَثِيرٌ لِظُهُورِ الْجَهَالَةِ. اهـ.

شب لَكِنْ يُعَكِّرُ عَلَيْهِ شَرْطُ الْجَوَازِ، وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ مَا يَحْتَطِبُ عَلَيْهَا بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا يُصَادُ بِالشَّبَكَةِ لَا يُعْلَمُ قَدْرُهُ بِعُرْفٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُتَصَوَّرُ هَذَا الشَّرْطُ فِي شَبَكَةِ الصَّيْدِ، وَإِنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي شَبَكَةِ الْحَمْلِ، وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فَيَجُوزُ بِنِصْفِ مَا يَحْمِلُ عَلَيْهَا أَيْ عَلَى السَّفِينَةِ أَوْ يَحْمِلُ فِي الشَّبَكَةِ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ مُعَيَّنًا) أَيْ إذَا كَانَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُعَيَّنًا كَحَطَبٍ أَوْ تِبْنٍ أَوْ حَشِيشٍ مِنْ بَلَدٍ مُعَيَّنَةٍ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ قَدْرَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا أَوْ فِيهَا كُلُّ يَوْمٍ مَثَلًا لَا إنْ كَانَ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ أَوْ كَانَ مِنْ بَلَدٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ كَنِصْفِ مَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا فِي السَّنَةِ.

(تَنْبِيهٌ) ، وَلَوْ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ بَعْدَ أَخْذِ الْعَامِلِ مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ رَبِّهَا فَلِرَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ لَهُ عَلَيْهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لِرَبِّهَا كِرَاؤُهَا، وَهُوَ أَبْيَنُ، وَأَمَّا لَوْ تَلِفَتْ بَعْدَ أَخْذِ رَبِّهَا مَا يَخُصُّهُ وَقَبْلَ أَخْذِ الْعَامِلِ فَعَلَى رَبِّهَا أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُكَلِّفَ رَبَّهَا دَابَّةً أُخْرَى.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَاعٌ مِنْ زَيْتٍ) قَدَّرَ الشَّارِحُ صَاعٌ إشَارَةً إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ مِنْ زَيْتٍ عَطْفٌ عَلَى دَقِيقٍ لَا عَلَى قَوْلِهِ مِنْهُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَسَلُّطُ الدَّقِيقِ عَلَى الزَّيْتِ، وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَجَعَلَهُ الْبَدْرُ عَطْفًا عَلَى " مِنْهُ " (قَوْلُهُ: أَيْ إذَا لَمْ يَخْتَلِفْ كُلٌّ مِنْ الْحَبِّ وَالزَّيْتُونِ فِي الْخُرُوجِ) كَأَنْ كَانَ الْحَبُّ دَائِمًا يَخْرُجُ مِنْهُ دَقِيقٌ وَذَلِكَ الدَّقِيقُ دَائِمًا جَيِّدٌ أَوْ مُتَوَسِّطٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي الزَّيْتِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ اخْتَلَفَ) أَيْ فَإِنْ تَحَقَّقَ اخْتِلَافُ الْخُرُوجِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ شَكَّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ: حُمِلَ فِي الزَّيْتُونِ وَنَحْوِهِ عَلَى عَدَمِ الْخُرُوجِ) أَيْ لِكَوْنِهِ الشَّأْنَ فِيهِ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحِنْطَةِ فَإِنَّ الشَّأْنَ فِيهَا خُرُوجُ الدَّقِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ أَيْ بِمِثْلِ الْأُجْرَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِجِنْسِ الْأَجْرِ

ص: 9

كَإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَاسْتِئْجَارِهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا.

(وَ) جَازَ لِمَنْ لَهُ رَقِيقٌ أَوْ وَلَدٌ (تَعْلِيمُهُ) أَيْ دَفْعُهُ لِمَنْ يُعَلِّمُهُ صَنْعَةً مُعَيَّنَةً (بِعَمَلِهِ سَنَةً) مَثَلًا لِلْمُعَلِّمِ فَسَنَةٌ ظَرْفٌ لِعَمَلِهِ، وَأَمَّا التَّعْلِيمُ فَمُطْلَقٌ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ (مِنْ) يَوْمِ (أَخْذِهِ) لَا مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ عَيَّنَا زَمَنًا عُمِلَ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ.

(وَ) جَازَ (اُحْصُدْ) زَرْعِي (هَذَا، وَلَك نِصْفُهُ) وَجُذَّ نَخْلِي هَذَا، وَلَك نِصْفُهُ، وَأَشَارَ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهِ، وَهِيَ إجَارَةٌ لَازِمَةٌ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ وَبَقِيَّةُ الْعَمَلِ مِنْ الدَّرْسِ وَالتَّذْرِيَةِ عَلَيْهِمَا وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا؛ لِأَنَّهُ خَطَرٌ وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ وَحَصَدَ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَضَرَبَ فَتُضَمُّ الصَّادُ فِي الْأَمْرِ وَالْمُضَارِعِ وَتُكْسَرُ (وَ) جَازَ اُحْصُدْ زَرْعِي وَ (مَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ) مَثَلًا، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَا يُحْصَدُ فَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ الْإِجَارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَ) جَازَ (كِرَاءُ دَابَّةٍ) أَوْ دَارٍ أَوْ سَفِينَةٍ (لِكَذَا) أَيْ إلَى مُدَّةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأُجْرَةٍ مَعْلُومَةٍ (عَلَى) أَنَّهُ (إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا) أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ الْمُعَيَّنَةِ (حَاسَبَ) رَبَّهَا أَيْ كَانَ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ أَوْ سَكَنَ بِحَسَبِ الصُّعُوبَةِ وَالسُّهُولَةِ وَيُصَدَّقُ فِي اسْتِغْنَائِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا أَكْرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ.

(وَ) جَازَ (اسْتِئْجَارُ) شَيْءٍ (مُؤَجَّرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ غَيْرِهِ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْأَوَّلِ أَوْ لَا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمَالِكِ النَّاظِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَا أَكْرَاهُ لِغَيْرِهِ لِلتُّهْمَةِ كَمَا فِي فَتَاوَى عج (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِهِ بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ وَاسْتِئْجَارِهَا بِثَمَانِيَةٍ نَقْدًا) أَيْ أَوْ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ لِلْمُعَلِّمِ) أَيْ فِي الصَّنْعَةِ الَّتِي يَتَعَلَّمُهَا لَا بِعَمَلِهِ لَهُ فِي غَيْرِهَا، وَفِي ح عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ بَحْثًا مَنَعَ الْإِجَارَةَ بِعَمَلِهِ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ فِي الصِّبْيَانِ بِاعْتِبَارِ الْبَلَادَةِ وَالْحَذَاقَةِ فَهُوَ الْآنَ مَجْهُولٌ فَكَأَنَّ الْمُجِيزَ رَآهُ مِنْ الْغَرَرِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: فَمُطْلَقٌ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ يَتَعَلَّمُ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ أَوْ بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: مِنْ أَخْذِهِ) مُسْتَأْنَفٌ أَسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا فَكَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ وَابْتِدَاءُ السَّنَةِ مِمَّا ذَا فَقَالَ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ وَابْتِدَاؤُهَا مَحْسُوبٌ مِنْ أَخْذِهِ أَيْ مِنْ أَخْذِ الْمُعَلِّمِ لَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَيَّنَا زَمَنًا) أَيْ لِابْتِدَاءِ السَّنَةِ عَمِلَ بِهِ فَإِنْ مَاتَ الْمُتَعَلِّمُ نِصْفَ السَّنَةِ وَزَّعَ قِيمَةَ عَمَلِهِ عَلَى قِيمَةِ التَّعْلِيمِ مِنْ صُعُوبَةٍ وَسُهُولَةٍ وَيَنْظُرُ مَا يَنُوبُ قِيمَةَ تَعْلِيمِهِ إلَى مَوْتِهِ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ فَإِنْ حَصَلَ لَلْمُعَلِّمِ مِنْ قِيمَةِ الْعَمَلِ قَدْرُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ وَإِنْ زَادَ لَهُ شَيْءٌ بِأَنْ كَانَ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ عَمَلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ رَجَعَ بِهِ فَإِذَا كَانَ قِيمَةُ عَمَلِهِ فِي السَّنَةِ يُسَاوِي اثْنَيْ عَشَرَ، وَمَاتَ فِي نِصْفِهَا، وَالْحَالُ أَنَّ تَعْلِيمَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ يُسَاوِي ثَمَانِيَةً لِصُعُوبَةِ تَعْلِيمِهِ فِي الِابْتِدَاءِ وَعَمَلَهُ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ قَبْلَ مَوْتِهِ يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَتَعَلَّمْ بِخِلَافِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي فَإِنَّهُ يُسَاوِي عَشَرَةً لِمُقَارَبَتِهِ لِلتَّعْلِيمِ فَلِلْمُعَلِّمِ جِهَةَ الْعَبْدِ ثَمَانِيَةٌ أُجْرَةُ تَعْلِيمِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَلِلْعَبْدِ عِنْدَ الْمُعَلِّمِ دِرْهَمَانِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ فَيَتَحَاصَّانِ فِي دِرْهَمَيْنِ وَيَرْجِعُ الْمُعَلِّمُ بِسِتَّةٍ فَيَكُونُ الْمُعَلِّمُ قَدْ اسْتَوْفَى ثَمَانِيَةً هِيَ ثُلُثَا أُجْرَةِ التَّعْلِيمِ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا التَّرْكُ) أَيْ فَيَمْلِكُ الْأَجِيرُ حِصَّتَهُ بِالْعَقْدِ لَا بِالْحَصَادِ خِلَافًا لعبق وَحِينَئِذٍ فَهُوَ يَحْصُدُ النِّصْفَ لَهُ وَالنِّصْفَ الْآخَرَ لِرَبِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ وَعِيَاضٌ فَمَا هَلَكَ قَبْلَ الْحَصَادِ ضَمَانُهُ مِنْهُمَا اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَيُمْنَعُ قَسْمُهُ قَتًّا) أَيْ وَإِنَّمَا يُقْسَمُ حَبًّا فَإِنْ شَرَطَ قَسْمَهُ حَبًّا جَازَ لِأَنَّهُ اشْتَرَطَ مَا يُوجِبُهُ الْعَقْدُ، وَتَعَيُّنُ قَسْمِهِ حَبًّا، وَمَنْعُ قَسْمِهِ قَتًّا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ قَسْمِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ، وَأَمَّا عَلَى جَوَازِهِ فَيُمْنَعُ شَرْطُ قَسْمِهِ حَبًّا؛ لِأَنَّهُ تَحْجِيرٌ عَلَى الْأَجِيرِ كَمَا فِي دَبْغِ الْجُلُودِ مُجْتَمِعَةً (قَوْلُهُ: وَجَازَ اُحْصُدْ زَرْعِي) أَيْ وَجَازَ الْعَقْدُ بِقَوْلِهِ اُحْصُدْ زَرْعِي، وَمَا حَصَدْت إلَخْ مِثْلُهُ اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَجُذَّ نَخْلِي، وَمَا لَقَطْت أَوْ جَذَذْت فَلَكَ نِصْفُهُ (قَوْلُهُ:، وَهَذَا مِنْ بَابِ الْجَعَالَةِ) أَيْ وَلِذَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ إنَّ الْجَوَازَ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ تَعْيِينِ الزَّمَنِ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ ابْنُ يُونُسَ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْ الْيَوْمَ أَوْ اُلْقُطْ الْيَوْمَ، وَمَا اجْتَمَعَ فَلَكَ نِصْفُهُ فَلَا خَيْرَ فِيهِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ تَعْيِينِ مَا يُحْصَدُ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ اُحْصُدْ زَرْعِي، وَمَا حَصَدْتَهُ فَلَكَ نِصْفُهُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَحْصُدَهُ كُلَّهُ أَوْ نِصْفَهُ أَوْ ثُلُثَهُ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ بِخِلَافِ اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا وَلَك نِصْفُهُ فَإِنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ جَمِيعَهُ، وَجَمِيعُهُ مُعَيَّنٌ مَعْلُومٌ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ كِرَاءُ دَابَّةٍ لِكَذَا) قَالَ ابْنُ عَاشِرٍ تَأَمَّلْ مَا وَجْهُ جَوَازِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ أَنَّ الْمُؤَجِّرَ لَا يَدْرِي مَا بَاعَ مِنْ الْمَنْفَعَةِ وَاسْتَشْكَلَهُ خش فِي كَبِيرِهِ بِهَذَا أَيْضًا، وَأَجَابَ بِأَنَّ الْغَرَرَ هُنَا يَسِيرٌ يُغْتَفَرُ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ أَنَّ مَنْ اكْتَرَى إلَى مَوْضِعٍ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا لِذَلِكَ الْمَوْضِعِ اهـ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْجَوَازُ فِي هَذِهِ مُقَيَّدٌ بِعَدَمِ الِانْتِقَادِ فَإِنْ انْتَقَدَ مُنِعَ؛ لِأَنَّهُ صَارَ تَارَةً بَيْعًا وَتَارَةً سَلَفًا، وَهُوَ لِمَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ اهـ. بْن (قَوْلُهُ: أَيْ فِي الْمُدَّةِ أَوْ الْمَسَافَةِ) أَيْ الْمَدْلُولِ عَلَيْهَا بِقَوْلِهِ لِكَذَا إذْ هُوَ غَايَةٌ حُذِفَ مَبْدَؤُهَا لِلدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِالْغَايَةِ الْمُسْتَلْزِمَةِ لِلْمَبْدَأِ، وَهُوَ وَقْتُ الْعَقْدِ أَوْ مَوْضِعُهُ فَلَيْسَ فِيهِ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَى غَيْرِ مَذْكُورٍ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ كَانَ عَلَى أَنَّهُ إنْ زَادَ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا أَكْرَى لَمْ يَجُزْ إلَّا إنْ عَيَّنَ إلَخْ) ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ لِمَا يَزِيدُهُ كَذَا مِنْ الْأَجْرِ أَزْيَدَ أَوْ أَنْقَصَ مِنْ الْأَجْرِ الْأَوَّلِ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ مُطْلَقًا، وَلَوْ عَيَّنَ غَايَةَ الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ كَذَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ وَالظَّاهِرُ الْجَوَازُ إذَا عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ إذْ لَا فَرْقَ فِي الْمُعَيَّنِ بَيْنَ هَذِهِ وَاَلَّتِي قَالَ فِيهَا قَبْلَهَا فَإِنْ عَيَّنَ غَايَةَ مَا يَزِيدُ جَازَ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ اُنْظُرْ ح اهـ بْن.

ص: 10

لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ) اسْتِئْجَارُ شَيْءٍ (مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهُ) نَائِبُ فَاعِلِ مُسْتَثْنًى أَيْ اسْتَثْنَاهَا الْبَائِعُ عِنْدَ الْبَيْعِ فَيَجُوزُ اسْتِئْجَارُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الِانْتِفَاعِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً وَاسْتَثْنَى بَائِعُهَا مَنْفَعَتَهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً جَازَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِإِنْسَانٍ مُدَّةً بَعْدَ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ عَلَى أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُسْتَأْجِرُ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يُجَوِّزُ اسْتِثْنَاءَ الْعَامِ فِي الدَّارِ وَسِنِينَ فِي الْأَرْضِ وَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الدَّابَّةِ لَا جُمُعَةً وَكَرِهَ الْمُتَوَسِّطَ.

(وَ) جَازَ (النَّقْدُ فِيهِ) أَيْ فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ وَالْمَبِيعِ الْمُسْتَثْنَى مَنْفَعَتُهُ (إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا) أَيْ إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ، وَمُدَّةَ الِاسْتِثْنَاءِ بِأَنْ ظُنَّ بَقَاؤُهُ بِحَالِهِ أَوْ احْتَمَلَ بِأَنْ شُكَّ فِي الْبَقَاءِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُسَلَّمٌ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى دُونَ الثَّانِيَةِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْجَوَازِ لَا جَوَازِ النَّقْدِ أَيْ مَحَلِّ جَوَازِ اسْتِئْجَارِ مَا ذُكِرَ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ لَكِنْ إنْ ظَنَّ الْبَقَاءَ فَالْجَوَازُ قَطْعًا، وَإِنْ احْتَمَلَ فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَإِنْ ظَنَّ التَّغَيُّرَ فَالْمَنْعُ قَطْعًا، وَإِذَا مُنِعَ الْعَقْدُ مُنِعَ النَّقْدُ ضَرُورَةً.

(وَ) جَازَ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا سِنِينَ أَوْ شُهُورًا أَوْ أَيَّامًا بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ (عَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ) أَوْ شَهْرٍ أَوْ يَوْمٍ فَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الشُّهُورَ تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ كَدُورِ مَكَّةَ وَدُورِ النِّيلِ بِمِصْرَ وَحَصَلَ مَانِعٌ رَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ فَإِنْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ الرُّجُوعَ لِلتَّسْمِيَةِ فَسَدَ.

(وَ) جَازَ (كِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِدًا مُدَّةً) مُعَيَّنَةً (وَالنَّقْضُ) يَكُونُ (لِرَبِّهِ) الْبَانِي (إذَا انْقَضَتْ) الْمُدَّةُ يَصْنَعُ بِهِ مَا شَاءَ لِتَقْيِيدِهِ الْوَقْفَ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ، وَهُوَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْيِيدُ كَمَا يَأْتِي

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: لِلْمُسْتَأْجِرِ الْأَوَّلِ أَوْ لِغَيْرِهِ) أَيْ مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِعَدَمِ إيجَارِهَا إلَّا لِلْأَوَّلِ كَالْأَحْكَارِ بِمِصْرَ، وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ وَصُورَةُ ذَلِكَ مَا إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ دَارًا مَوْقُوفَةً مُدَّةً مُعَيَّنَةً وَأَذِنَ لَهُ النَّاظِرُ بِالْبِنَاءِ فِيهَا لِيَكُونَ لَهُ خُلُوًّا وَجَعَلَ عَلَيْهَا حَكْرًا كُلَّ سَنَةٍ لِجِهَةِ الْوَقْفِ فَلَيْسَ لِلنَّاظِرِ أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِغَيْرِ مُسْتَأْجِرِهَا مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ إيجَارِ الْأَوَّلِ لِجَرَيَانِ الْعُرْفِ بِأَنَّهُ لَا يَسْتَأْجِرُهَا إلَّا الْأَوَّلُ وَالْعُرْفُ كَالشَّرْطِ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ ذَلِكَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ، وَمَحَلُّهُ إذَا دَفَعَ الْأَوَّلَ مِنْ الْأُجْرَةِ مَا يَدْفَعُهُ غَيْرُهُ، وَإِلَّا جَازَ إيجَارُهَا لِلْغَيْرِ (قَوْلُهُ: وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فِي الدَّابَّةِ) أَيْ وَعَشَرَةُ أَيَّامٍ فِي الرَّقِيقِ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ النَّقْدُ فِيهِ) لَمْ يُثْنِ الضَّمِيرَ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ فَتَجُورُ الْمُطَابَقَةُ وَعَدَمُهَا أَوْ أَنَّهُ أَفْرَدَ الضَّمِيرَ بِاعْتِبَارِ مَا ذَكَرَ أَيْ وَجَازَ النَّقْدُ فِيمَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ: فِي الشَّيْءِ الْمُؤَجَّرِ) أَيْ الَّذِي أُوجِرَ مُدَّةً تَلِي مُدَّةَ الْإِجَارَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: أَيْ إنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ تَغَيُّرُهُ مُدَّةَ الْإِجَارَةِ) أَيْ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهَا هِيَ الَّتِي تُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنَافِعُ لَا الْأُولَى كَمَا فِي عبق اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فِي الصُّورَةِ الْأُولَى) أَيْ إذَا ظُنَّ بَقَاؤُهُ وَقَوْلُهُ: دُونَ الثَّانِيَةِ أَيْ مَا إذَا شُكَّ فِي بَقَائِهِ وَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا اتِّفَاقًا. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ الْعَقْدُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا يَجُوزُ؟ . وَإِذَا كَانَ لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي حَالَةِ الشَّكِّ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ الْغَالِبُ تَغَيُّرَهُ (قَوْلُهُ: فَعَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ) أَيْ فَجَوَازُ الْعَقْدِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ شَاسٍ جَوَازُ الْعَقْدِ وَمُقْتَضَى بَهْرَامَ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَالتَّوْضِيحِ الْمَنْعُ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مُنِعَ الْعَقْدُ) أَيْ لِظَنِّ التَّغَيُّرِ أَوْ لِلشَّكِّ فِيهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ مُنِعَ النَّقْدُ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ مَنْعِ الْعَقْدِ مَنْعُ النَّقْدِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ الْعَقْدِ لُزُومُ النَّقْدِ فَفِي حَالَةِ الشَّكِّ فِي التَّغَيُّرِ يَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَلَا يَجُوزُ النَّقْدُ اتِّفَاقًا.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الشُّهُورَ تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ سَنَةً تُخَالِفُ سَنَةً فِي الْأُجْرَةِ أَوْ كَانَ شَهْرٌ يُخَالِفُ شَهْرًا أَوْ أَيَّامٌ تُخَالِفُ أَيَّامًا فِي الْأُجْرَةِ (قَوْلُهُ: وَحَصَلَ مَانِعٌ) أَيْ مِنْ سُكْنَى بَعْضِ الْمُدَّةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ) أَيْ عِنْدَ السُّكُوتِ أَوْ عِنْدَ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ لَهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ سَنَةٍ مَا يَخُصُّهَا، وَلَا لِكُلِّ شَهْرٍ مَا يَخُصُّهُ وَسَكَنَ بَعْضَ الْمُدَّةِ وَحَصَلَ مَانِعٌ مَنَعَهُ مِنْ سُكْنَى بَاقِيهَا فَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الْأَشْهُرَ لَا تَخْتَلِفُ فِي الْقِيمَةِ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِلتَّسْمِيَةِ فَإِنْ سَكَنَ نِصْفَ الْمُدَّةِ لَزِمَهُ نِصْفُ الْمُسَمَّى، وَإِنْ سَكَنَ ثُلُثَهَا لَزِمَهُ ثُلُثُهُ، وَإِنْ كَانَتْ السِّنِينَ أَوْ الْأَشْهُرَ تَخْتَلِفُ بِالْقِيمَةِ فَإِنَّهُمَا يَرْجِعَانِ لِلْقِيمَةِ لَا لِلتَّسْمِيَةِ عِنْدَ السُّكُوتِ أَوْ اشْتِرَاطِ الرُّجُوعِ إلَيْهَا فَإِنْ اشْتَرَطَا عِنْدَ الْعَقْدِ الرُّجُوعَ لِلتَّسْمِيَةِ وَالْحَالُ أَنَّ السِّنِينَ تَخْتَلِفُ بِالْقِيمَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ بَيْتًا عَلَى الْخَلِيجِ سَنَةً بِمِائَةٍ وَسَكَنَ فِيهِ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ أَيَّامَ النِّيلِ وَحَصَلَ مَانِعٌ مِنْ سُكْنَاهُ فَإِنَّهُ يُقَوَّمُ كِرَاءُ الْبَيْتِ فِي ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ كَانَ سَبْعِينَ حَطَّ الْمَالِكُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ ثَلَاثِينَ، وَإِنْ كَانَ أُجْرَةُ الْبَيْتِ فِي الْأَشْهُرِ الثَّلَاثَةِ تُسَاوِي مِائَةً فَلَا يُحَطُّ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: مُدَّةً) تَنَازَعَهُ كِرَاءُ وَتُتَّخَذُ مَسْجِدًا (قَوْلُهُ: لِتَقْيِيدِهِ الْوَقْفَ بِتِلْكَ الْمُدَّةِ) أَيْ بِخِلَافِ مَنْ غَصَبَ أَرْضًا وَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا أَوْ كَانَتْ تَحْتَ يَدِهِ أَرْضٌ بِوَجْهِ شُبْهَةٍ وَبَنَى فِيهَا مَسْجِدًا وَاسْتُحِقَّتْ الْأَرْضُ فِيهِمَا فَإِنَّهُ يُجْعَلُ النَّقْضُ فِي حَبْسٍ مُمَاثِلٍ لِلْمَسْجِدِ فِي الْمَنْفَعَةِ الْعَامَّةِ سَوَاءٌ كَانَ مَسْجِدًا آخَرَ أَوْ قَنْطَرَةً أَوْ رِبَاطًا أَوْ سَبِيلًا؛ لِأَنَّ الْبَانِيَ فِي هَاتَيْنِ الصُّورَتَيْنِ دَاخِلٌ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ النَّقْضَ لَلَبَّانِي إذَا انْقَضَتْ الْمُدَّةُ مَحَلُّهُ إذَا لَمْ يُرِدْ رَبُّ الْأَرْضِ دَفْعَ قِيمَةِ النَّقْضِ، وَأَبْقَاهُ مَسْجِدًا دَائِمًا فَإِنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُجَابُ لَهُ، وَلَيْسَ لَلَبَانِي امْتِنَاعٌ حِينَئِذٍ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ

ص: 11

وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارٌ (عَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ) وَنَحْوِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ، وَإِنْ اسْتَلْزَمَ ذَلِكَ مُبَاشَرَةَ النَّجَاسَةِ لِلضَّرُورَةِ (وَ) اسْتِئْجَارٌ عَلَى (الْقِصَاصِ) مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ حَكَمَ بِهِ الْحَاكِمُ وَسَلَّمَهُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوْ لِأَوْلِيَائِهِ (وَ) عَلَى (الْأَدَبِ) لِوَلَدِهِ أَوْ عَبْدِهِ إذَا ثَبَتَ مُوجِبُهُ فَلِلْأَبِ أَوْ السَّيِّدِ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ (عَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَامًا) بِالنَّقْدِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا سَنَةٌ إلَّا لِسَفَرٍ فَالشُّهُورُ، وَأَجَازَ إجَارَةَ دَارٍ جَدِيدَةٍ، وَأَرْضٍ مَأْمُونَةِ الرَّيِّ ثَلَاثِينَ سَنَةً بِالنَّقْدِ وَبِالْمُؤَجَّلِ، وَأَمَّا الدَّارُ الْقَدِيمَةُ فَدُونَ ذَلِكَ بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ سَلَامَتَهَا إلَيْهِ، وَأَمَّا الْأَرْضُ الْغَيْرُ الْمَأْمُونَةِ الرَّيِّ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ بِلَا نَقْدٍ، وَمَحَلُّ إيجَارِ الْعَبْدِ الْمُدَّةَ الْمَذْكُورَةَ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِبًا فِيهَا، وَإِلَّا مُنِعَ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ سَلَامَتَهُ وَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ، وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ كَالسَّنَتَيْنِ وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ.

(وَ) جَازَ التَّقْيِيدُ بِالزَّمَنِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى عَمَلٍ مِنْ حِرْفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَاسْتِئْجَارِهِ عَلَى عَمَلِ (يَوْمٍ) أَوْ سَاعَةٍ أَوْ جُمُعَةٍ أَوْ شَهْرٍ يَخِيطُ لَهُ فِيهِ أَوْ يَبْنِي أَوْ يَدْرُسُ أَوْ يَحْصُدُ لَهُ فِيهِ بِكَذَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْعَمَلِ دُونَ الزَّمَنِ كَكِتَابَةِ كِتَابِ عِلْمٍ أَوْ بِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ قَنْطَرَةٍ أَوْ حَفْرِ بِئْرٍ وُصِفَ (أَوْ خِيَاطَةِ ثَوْبٍ) أَوْ سَرَاوِيلَ بِكَذَا فَقَوْلُهُ:(مَثَلًا) رَاجِعٌ لِلْيَوْمِ وَلِلْخِيَاطَةِ وَلِلثَّوْبِ (وَهَلْ تَفْسُدُ) الْإِجَارَةُ (إنْ جَمَعَهُمَا) أَيْ الزَّمَنَ وَالْعَمَلَ (وَتَسَاوَيَا) كَخِطْ لِي هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ بِكَذَا وَكَانَ الشَّأْنُ أَنَّهُ يُخَاطُ فِي الْيَوْمِ بِتَمَامِهِ لَا فِي أَقَلَّ، وَلَا أَكْثَرَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورَيْنِ وَالْمَشْهُورُ الثَّانِي عَدَمُ الْفَسَادِ (أَوْ) تَفْسُدُ (مُطْلَقًا)، وَلَوْ زَادَ الزَّمَنُ عَلَى الْعَمَلِ عَادَةً بِأَنْ كَانَ يُمْكِنُ خِيَاطَتُهُ فِي نِصْفِ يَوْمٍ مَثَلًا وَشَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي زَائِدِ الزَّمَنِ وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيهِ الْجَوَازَ اتِّفَاقًا فَقَوْلُهُ:(خِلَافُ) الْأَوْلَى بَدَلُهُ تَرَدُّدٌ لِلتَّرَدُّدِ فِي النَّقْلِ إلَّا أَنَّ طَرِيقَةَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَظْهَرُ فِي النَّظَرِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْفَسَادِ فَاللَّازِمُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَرَادَ إبْقَاءَهُ مَسْجِدًا لَا عَلَى التَّأْيِيدِ فَلِلْبَانِي الِامْتِنَاعُ (قَوْلُهُ: وَتَرْجِعُ الْأَرْضُ لِمَالِكِهَا) أَيْ وَلَا يُعْتَبَرُ رِضَا بَانِيهِ إذَا أَرَادَ بَقَاءَهُ مَسْجِدًا عَلَى الدَّوَامِ حَيْثُ امْتَنَعَ مَالِكُ الْأَرْضِ مِنْ بَقَائِهِ وَطَلَبَ هَدْمَهُ مِنْ أَرْضِهِ.

(قَوْلُهُ: وَنَحْوِهَا مِنْ النَّجَاسَاتِ) أَيْ كَنَجَاسَةِ مِرْحَاضٍ وَعَبَّرَ بِطَرْحٍ دُونَ حَمْلٍ لِشُمُولِهِ لِحَمْلِهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْمُحَرَّمِ وَالْوَجْهِ الْجَائِزِ مَعَ أَنَّ حَمْلَهَا فِي الْأَوَّلِ مَمْنُوعٌ، وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ مَمْنُوعَةٌ، وَذَلِكَ كَحَمْلِهَا لِبَيْعِهَا أَوْ لِأَكْلِ آدَمِيٍّ غَيْرِ مُضْطَرٍّ وَأَمَّا حَمْلُهَا لِلِانْتِفَاعِ بِهَا عَلَى الْوَجْهِ الْجَائِزِ كَحَمْلِهَا لِأَكْلِ كِلَابٍ أَوْ تَزْبِيلِ أَرْضٍ أَوْ لِأَكْلِ مُضْطَرٍّ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ أَيْ الْحَامِلُ أَوْ غَيْرُهُ وَكَحَمْلِ جِلْدِ مَيْتَةٍ مَدْبُوغٍ لِأَجْلِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْيَابِسَاتِ وَالْمَاءِ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْإِجَارَةُ عَلَيْهِ جَائِزَةٌ (قَوْلُهُ: وَاسْتِئْجَارٌ عَلَى الْقِصَاصِ) ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى الْقَتْلِ ظُلْمًا فَلَا تَجُوزُ فَإِنْ نَزَلَ اُقْتُصَّ مِنْ الْأَجِيرِ، وَلَا أَجْرَ لَهُ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْ الْمُؤَجِّرِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشِرَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمُتَسَبِّبِ (قَوْلُهُ: إذَا ثَبَتَ مُوجِبُهُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ الْمُوجِبِ كَانَ الطَّالِبُ لِلتَّأْدِيبِ الْأَبَ أَوْ السَّيِّدَ كَانَ الْوَلَدُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ يُصَدَّقُ الْأَبُ فِي ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَالسَّيِّدُ وَالزَّوْجُ فِي دَعْوَى مَا يُوجِبُ الْأَدَبَ كَمَا فِي ح، وَأَمَّا الْوَلَدُ الْكَبِيرُ فَلَا يُؤَدِّبُهُ الْأَبُ إلَّا بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَادِلَةٍ عَلَى فِعْلٍ مُوجِبٍ لِلْأَدَبِ، وَإِلَّا أُدِّبَ الْأَبُ وَالْمُتَوَلِّي لِلْأَدَبِ كَذَا قَرَّرَ ابْن عبق.

(قَوْلُهُ: بِالنَّقْدِ، وَلَوْ بِشَرْطٍ) أَيْ، وَأَوْلَى بِالْمُؤَجَّلِ فَالشَّارِحُ اقْتَصَرَ عَلَى الْمُتَوَهَّمِ مَنْعُهُ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَحَدُّ إجَارَتِهَا) أَيْ الَّتِي يَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ فَلَا يُنَافِي جَوَازَ إجَارَتِهَا لِأَكْثَرَ مِنْ السَّنَةِ حَيْثُ كَانَ مِنْ غَيْرِ تَعْجِيلِ نَقْدٍ اُنْظُرْ بْن وَالْفَرْقُ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا حَصَلَ لَهُ مَشَقَّةٌ يُخْبِرُ عَنْ حَالِ نَفْسِهِ بِخِلَافِ الدَّابَّةِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا ذَلِكَ فَيُؤَدِّي إجَارَتُهَا الْمُدَّةَ الطَّوِيلَةَ لِإِتْلَافِهَا (قَوْلُهُ: فَالشُّهُورُ) صَوَابُهُ فَالشَّهْرُ بِالْإِفْرَادِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ كَذَا فِي بْن (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ الْعَقْدُ بِلَا نَقْدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ الْعَقْدُ عَلَى الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَأَوْلَى أَقَلُّ مِنْهَا بِلَا نَقْدٍ وَيُمْنَعُ بِهِ (قَوْلُهُ: وَسَيَأْتِي فِي الْوَقْفِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي الدَّارِ وَالْأَرْضِ إذَا كَانَ كُلٌّ مِنْهُمَا مِلْكًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا فَسَيَنُصُّ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْوَقْفِ بِقَوْلِهِ وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: وَيَوْمٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى الْمَالِكِ أَيْ وَجَازَ اسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ وَاسْتِئْجَارُ يَوْمٍ وَالْإِضَافَةُ تَأْتِي لِأَدْنَى مُلَابَسَةٍ (قَوْلُهُ: مِنْ حِرْفَةٍ أَوْ غَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْعَمَلُ حِرْفَةً كَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ أَوْ كَانَ غَيْرَ حِرْفَةٍ كَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ.

(قَوْلُهُ: وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا وَتَسَاوَيَا) أَيْ، وَهُوَ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَقَوْلُهُ: أَوْ مُطْلَقًا أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ لَكِنْ إنْ تَسَاوَيَا فَالْمَنْعُ عِنْدَهُ اتِّفَاقًا، وَإِنْ زَادَ الزَّمَنُ فَالْمَنْعُ عَلَى أَحَدِ مَشْهُورَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتَسَاوَيَا) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ الزَّمَنَ مُسَاوٍ لِلْعَمَلِ أَيْ يَسَعُهُ.

وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إنْ جَمَعَ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ فَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ مُسَاوِيًا لِلْعَمَلِ فَحَكَى ابْنُ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ أَحَدُ مَشْهُورَيْنِ وَالْآخَرُ عَدَمُ الْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ الزَّمَنُ أَوْسَعَ مِنْ الْعَمَلِ جَازَ اتِّفَاقًا عِنْدَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ، وَمُنِعَ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى الْمَشْهُورِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ تَفْسُدُ إنْ جَمَعَهُمَا وَالْحَالُ أَنَّهُمَا تَسَاوَيَا أَيْ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَتَسَاوَيَا بَلْ زَادَ الزَّمَانُ عَلَى الْعَمَلِ فَلَا تَفْسُدُ إشَارَةً لِطَرِيقَةِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِيهَا، وَلَمَّا وَافَقَ تَشْهِيرُهُ الْقَوْلَ بِالْفَسَادِ حِكَايَةَ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَيْهِ اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَتَرَكَ الْقَوْلَ الثَّانِيَ بِالصِّحَّةِ لِقُوَّةِ الْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَفْسُدُ مُطْلَقًا أَيْ تَسَاوَيَا أَوْ زَادَ الزَّمَنُ لَكِنْ فِي الْأَوَّلِ اتِّفَاقًا، وَفِي الثَّانِي عَلَى الْمَشْهُورِ

ص: 12

أُجْرَةُ الْمِثْلِ زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ قَلَّتْ.

(وَ) جَازَ (بَيْعُ دَارٍ) اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا عَامًا (لِتُقْبَضَ) لِلْمُشْتَرِي (بَعْدَ عَامٍ)(وَ) بَيْعُ (أَرْضٍ) اسْتَثْنَى الْبَائِعُ مَنْفَعَتَهَا (لِعَشْرٍ) مِنْ الْأَعْوَامِ لِقُوَّةِ الْأَمْنِ فِيهَا فَاغْتُفِرَ فِيهَا بَيْعٌ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ فَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَشُهِرَ الْقَوْلُ بِجَوَازِ اسْتِثْنَاءِ الشَّهْرِ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُ بِشَرْطِ النَّقْدِ فَقَطْ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارٌ عَلَى (اسْتِرْضَاعٍ) لِرَضِيعٍ آدَمِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ (وَالْعُرْفُ) مُعْتَبَرٌ (فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى أَبِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ فَلَوْ قَالَ وَغَسْلٌ كَخِرْقَةٍ عَلَى أَبِيهِ إلَّا لِعُرْفٍ لَشَمِلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ (وَلِزَوْجِهَا) أَيْ الْمُرْضِعِ دُونَ غَيْرِهِ (فَسْخُهُ إنْ لَمْ يَأْذَنْ) لَهَا فِيهِ فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ (كَأَهْلِ الطِّفْلِ) ، وَلَوْ أُمًّا وَحَاضِنَةً لَهُمْ الْفَسْخُ (إذَا حَمَلَتْ) الظِّئْرُ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ وَالْخَوْفِ (وَ) لَهَا الْفَسْخُ فِي (مَوْتِ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ) إذَا اُسْتُؤْجِرَا بِعَقْدٍ أَوْ بِعَقْدَيْنِ وَعَلِمَتْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى حِينَ الْعَقْدِ، وَمَاتَتْ الْأُولَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

إشَارَةً لِطَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: زَادَتْ عَلَى الْمُسَمَّى أَوْ قَلَّتْ) أَيْ سَوَاءٌ عَمِلَهُ فِي يَوْمٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالصِّحَّةِ فَلَهُ الْمُسَمَّى إنْ عَمِلَهُ فِيمَا عَيَّنَهُ فَإِنْ عَمِلَهُ فِي أَكْثَرَ قِيلَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى عَمَلِهِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ لَهُ فَإِذَا قِيلَ خَمْسَةٌ مَثَلًا فَيُقَالُ، وَمَا أُجْرَتُهُ عَلَى الْعَمَلِ فِي الزَّمَنِ الَّذِي عَمِلَهُ فِيهِ فَإِذَا قِيلَ أَرْبَعَةٌ حُطَّ عَنْهُ مِنْ الْمُسَمَّى خَمْسَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِدَفْعِ الْأُجْرَةِ الَّتِي سَمَّاهَا لَهُ إلَّا عَلَى عَمَلِهِ فِيمَا عَيَّنَهُ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ بَيْعُ دَارٍ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ فَحَقُّهَا أَنْ تُذْكَرَ فِي الْبُيُوعِ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ إذَا بَاعَ الدَّارَ مَثَلًا بِمِائَةٍ عَلَى أَنْ تُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ فَقَدْ بَاعَهَا بِالْمِائَةِ وَالِانْتِفَاعَ بِتِلْكَ الدَّارِ تِلْكَ الْمُدَّةِ فَكَانَ الْمَبِيعُ بِمِائَةٍ وَعَشَرَةٍ مَثَلًا دَفَعَ الْمُشْتَرِي بَدَلَ الْعَشَرَةِ الِانْتِفَاعَ وَبَيْعُ الِانْتِفَاعِ إجَارَةٌ فَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ارْتِبَاطٌ بِالْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَذَلِكَ لِمَا يُخْشَى مِنْ تَغَيُّرِهَا وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْبَائِعِ لِمَنْفَعَتِهَا سَنَتَيْنِ وَقِيلَ يَجُوزُ سَنَةً وَنِصْفًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْخِلَافُ خِلَافٌ فِي حَالٍ لَا فِي فِقْهٍ فَإِنْ كَانَتْ الْمُدَّةُ لَا تَتَغَيَّرُ فِيهَا غَالِبًا جَازَ، وَإِلَّا فَلَا اهـ بْن (قَوْلُهُ: لَعَشْرٍ) اللَّامُ بِمَعْنَى إلَى عَلَى مُقْتَضَى حَلِّ الشَّارِحِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا بِمَعْنَى بَعْدَ أَيْ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَشْرٍ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِهِ الرَّقِيقُ) أَيْ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ فَيَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَتِهَا إذَا بِيعَتْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَيُمْنَعُ اسْتِثْنَاءُ الْجُمُعَةِ وَكُرِهَ الْمُتَوَسِّطُ كَمَا تَقَدَّمَ لِلشَّارِحِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ دَابَّةِ الرُّكُوبِ وَالْعَمَلِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ جَوَازَ اسْتِثْنَاءِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ، وَمَنْعَ الْجُمُعَةِ فِي دَابَّةِ الرُّكُوبِ، وَأَمَّا دَابَّةُ الْعَمَلِ فَكَالرَّقِيقِ يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ مَنْفَعَةِ كُلِّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ اهـ عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَشُهِرَ الْقَوْلُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ الْجَائِزِ مِنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ بِالْعَقْدِ، وَفِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمَمْنُوعِ مِنْ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ لَمْ يُقْبَضْ، وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ، وَإِذَا انْهَدَمَتْ الدَّارُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا اشْتَرَطَ مِنْ السُّكْنَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَبْنِيَهَا الْمُشْتَرِي فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ فَيَسْكُنُ الْبَائِعُ إلَى تَمَامِهَا، وَمِثْلُ هَذِهِ الدَّابَّةُ تُبَاعُ وَيَشْتَرِطُ الْبَائِعُ رُكُوبَهَا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ فَإِذَا تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَمُصِيبَتُهَا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَلَا يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِمَا يَنُوبُ الرُّكُوبَ. .

(قَوْلُهُ: وَجَازَ اسْتِئْجَارٌ عَلَى اسْتِرْضَاعٍ لِرَضِيعٍ) أَيْ لِلضَّرُورَةِ، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ عَيْنًا فَلَا يَدْخُلُ هَذَا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا، وَإِنْ تَنَاوَلَهُ مِنْ حَيْثُ اللَّفْظُ، وَسَوَاءٌ اُسْتُؤْجِرَتْ الظِّئْرُ بِنَقْدٍ أَوْ طَعَامٍ، وَلَوْ شَرَطَتْ عَلَيْهِمْ طَعَامَهَا، وَلَا يَكُونُ هَذَا مِنْ بَابِ بَيْعِ طَعَامٍ بِطَعَامٍ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ النَّهْيَ إنَّمَا وَرَدَ فِي الْأَطْعِمَةِ الَّتِي جَرَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنْ يَقْتَاتُوهَا (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الرَّضِيعُ مُحَرَّمَ الْأَكْلِ كَجَحْشٍ جَازَ أَنْ تُكْرَى لَهُ حِمَارَةٌ لِتُرْضِعَهُ لِلضَّرُورَةِ (قَوْلُهُ: كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ حَمِيمَهُ أَيْ غَسْلَهُ بِالْحَمِيمِ، وَهُوَ الْمَاءُ الْحَارُّ وَدَقُّ رَيْحَانِهِ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَدُهْنِهِ وَتَكْحِيلِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ) أَيْ إلَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِأَنَّهُ عَلَى الْمُرْضِعَةِ وَقَوْلُهُ: لَشَمَلَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ مَا إذَا كَانَ عُرْفٌ، وَمَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ (قَوْلُهُ: دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ مِنْ أَبِيهَا أَوْ أَخِيهَا، وَلَوْ كَانَتْ شَرِيفَةً، وَلَوْ لَحِقَهُمَا مَعَرَّةٌ بِاسْتِرْضَاعِهَا وَقِيلَ لَهُمَا فَسْخُهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ: فَسْخُهُ) أَيْ فَسْخُ عَقْدِ الْإِجَارَةِ عَلَى الِاسْتِرْضَاعِ أَيْ، وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَاللَّامُ لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِيهِ) أَيْ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ بِتَشَاغُلِهَا عَنْهُ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ عِلْمِهِ إلَخْ) أَيْ، وَأَمَّا لَوْ آجَرَتْ نَفْسَهَا بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، وَهِيَ فِي عِصْمَتِهِ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ فَأُجْرَةُ مَا مَضَى تَكُونُ لَهَا وَلَا شَيْءَ لِلزَّوْجِ مِنْهُ، وَلَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَوْلُهُ: كَأَهْلِ الطِّفْلِ إذَا حَمَلَتْ) أَيْ كَمَا يُخَيَّرُ أَهْلُ الطِّفْلِ فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا إذَا حَمَلَتْ لَا يُقَالُ كَيْفَ يَتَأَتَّى حَمْلُهَا مَعَ أَنَّ الزَّوْجَ يُمْنَعُ مِنْ وَطْئِهَا إذَا آجَرَتْ نَفْسَهَا لِلرَّضَاعِ بِإِذْنِهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ يُفْرَضُ هَذَا فِيمَا إذَا تَعَدَّى وَوَطِئَهَا وَيُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا وَطِئَهَا قَبْلَ الْإِجَارَةِ، وَلَمْ يُعْلَمْ الْحَمْلُ إلَّا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ أُمًّا وَحَاضِنَةً) أَيْ وَلِأَجْلِ ذَلِكَ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِالْأَهْلِ دُونَ الْوَلِيِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الضَّرَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّ حَمْلَهَا مَظِنَّةٌ لِضَرَرِ الْوَلَدِ بِلَبَنِهَا وَالْخَوْفِ

ص: 13

فَلِلثَّانِيَةِ الْفَسْخُ، وَأَمَّا إذَا مَاتَتْ الثَّانِيَةُ أَوْ لَمْ تَعْلَمْ بِالْأَوْلَى فَلَا فَسْخَ (وَ) لَهَا الْفَسْخُ فِي (مَوْتِ أَبِيهِ وَ) الْحَالُ أَنَّهَا (لَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً) قَبْلَ مَوْتِهِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا، وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا (إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ) مِنْ وَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا فَسْخَ كَمَا لَوْ قَبَضَتْهَا مِنْ أَبِيهِ قَبْلَ مَوْتِهِ أَوْ تَرَكَ مَالًا لِلْوَلَدِ (وَكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ (أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولًا) مَعْمُولٌ لِظُهُورٍ أَيْ ظَهَرَ حَالَ كَوْنِهِ أَكُولًا خَارِجًا عَنْ الْمُعْتَادِ فَلِمُسْتَأْجِرِهِ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّهُ كَعَيْبٍ ظَهَرَ بِهِ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَلَا كَلَامَ لِمُؤَجِّرِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الزَّوْجَةِ تَظْهَرُ أَكُولَةً فَلَا خِيَارَ لِزَوْجِهَا، وَهِيَ مُصِيبَةٌ نَزَلَتْ بِهِ فَعَلَيْهِ إشْبَاعُهَا؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ فَإِنَّهَا مِنْ الْبَيْعِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ أَكُولًا فَلَهُ رَدُّهُ (وَمُنِعَ)(زَوْجٌ رَضِيَ) بِإِجَارَةِ زَوْجَتِهِ ظِئْرًا (مِنْ وَطْءٍ) لَهَا؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ ضَرَرِ الطِّفْلِ (وَلَوْ لَمْ يُضَرَّ) الطِّفْلُ بِالْفِعْلِ، وَمِثْلُ الزَّوْجِ السَّيِّدُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَ) مُنِعَ الزَّوْجُ مِنْ (سَفَرٍ) بِهَا فِيمَا إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ بِرِضَاهُ (كَأَنْ تُرْضِعَ) غَيْرَهُ (مَعَهُ) فَتُمْنَعُ، وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الطِّفْلِ اشْتَرَوْا جَمِيعَ لَبَنِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا وَلَدٌ حَالَ الْعَقْدِ فَلَا تُمْنَعُ مِنْ إرْضَاعِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ الشَّرْطِ، وَهِيَ إذَا اشْتَرَطَتْ غَيْرَهُ لَا تُمْنَعُ (وَ) الِاسْتِرْضَاعُ (لَا يَسْتَتْبِعُ) أَيْ لَا يَسْتَلْزِمُ (حَضَانَةً) لِزِيَادَتِهَا عَلَى الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ (كَعَكْسِهِ) أَيْ أَنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَ امْرَأَةً لِحَضَانَةِ طِفْلٍ لَا يَسْتَلْزِمُ رَضَاعَهُ فَلَا يَلْزَمُهَا إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ عُرْفٍ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

وَعَطَفَ عَلَى الْجَائِزِ مَسْأَلَةً مُشْتَمِلَةً عَلَى بَيْعٍ، وَإِجَارَةٍ بِقَوْلِهِ (وَ) جَازَ (بَيْعُهُ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ مِنْهُ، وَأَمَّا مَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَحَمْلُ ظِئْرٍ عَطْفًا عَلَى مَا تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ فَهُوَ فِيمَا إذَا تَحَقَّقَ الضَّرَرُ أَوْ حَصَلَ الضَّرَرُ بِالْفِعْلِ بِحَيْثُ خَشِيَ عَلَيْهِ الْمَوْتَ أَوْ يُحْمَلُ مَا يَأْتِي عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّخْيِيرَ (قَوْلُهُ: فَلِلثَّانِيَةِ الْفَسْخُ) أَيْ، وَلَيْسَ لِرَبِّ الطِّفْلِ إذَا طَلَبَتْ الْفَسْخَ إلْزَامُهَا بِرَضَاعِهِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ كَمَا كَانَتْ زَمَنَ الْأُولَى الَّتِي مَاتَتْ لِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ مِنْ الطِّفْلِ حَالَ عَدَمِ رَضَاعَةِ كُلَّ يَوْمٍ وَعَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إذَا طَلَبَتْ الْبَقَاءَ وَعَدَمَ الْفَسْخِ أَنْ يَأْتِيَ بِأُخْرَى تُرْضِعُ مَعَهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ حَيْثُ عَلِمَتْ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَنَّهَا ثَانِيَةٌ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَعْلَمْ) أَيْ أَوْ مَاتَتْ الْأُولَى، وَلَمْ تَعْلَمْ الثَّانِيَةُ بِالْأُولَى حِينَ الْعَقْدِ.

(قَوْلُهُ: وَلَهَا الْفَسْخُ فِي مَوْتِ أَبِيهِ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ هَلَكَ الْأَبُ فَحِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ فِي مَالِ الْوَلَدِ قَدَّمَ الْأَبُ الْأَجْرَ أَوْ لَمْ يُقَدِّمْهُ وَتَرْجِعُ حِصَّةُ بَاقِي الْمُدَّةِ إنْ قَدَّمَهُ الْأَبُ مِيرَاثًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَطِيَّةً وَجَبَتْ، وَفِي خش عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إنْ أَكَلَتْ الظِّئْرُ الْأُجْرَةَ، وَمَاتَ الْأَبُ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهَا الْأُجْرَةُ؛ لِأَنَّهُ تَطَوَّعَ بِدَفْعِهَا لَهَا وَهُوَ مُقَابِلٌ لِمَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْ مَالًا) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَرَكَ مَالًا لَمْ يَكُنْ لَهَا الْفَسْخُ، وَلَكِنْ تَكُونُ أُجْرَتُهَا فِي نَصِيبِ الْوَلَدِ مِنْ إرْثِهِ كَمَا أَنَّ مَفْهُومَ قَوْلِهِ، وَلَمْ تَقْبِضْ أَنَّهَا إذَا قَبَضَتْ لَا تَفْسَخُ، وَلَوْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا وَيَتْبَعُ الْوَرَثَةُ الْوَلَدَ بِمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ مَوْتِ الْأَبِ مِنْ الْأُجْرَةِ الَّتِي عَجَّلَهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الزَّائِدَ يَكُونُ مِيرَاثًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْوَلَدِ فَيَرْجِعُونَ بِهِ عَلَى مَالِ الرَّضِيعِ لَا عَلَى الظِّئْرِ فَلَيْسَ إعْطَاءُ الْأَبِ أُجْرَةَ رَضَاعِهِ هِبَةً مِنْهُ لَهُ، وَإِنَّمَا إرْضَاعُهُ عَلَيْهِ فَرْضٌ انْقَطَعَ بِمَوْتِ الْأَبِ، وَلَوْ كَانَ هِبَةً لِلرَّضِيعِ لَرَجَعَ مِيرَاثًا بَيْنَ الْأَبِ وَالْأُمِّ إذَا مَاتَ الْوَلَدُ مَعَ أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ الْأَبُ فَيَرْجِعُ بِبَقِيَّتِهِ عَلَى الظِّئْرِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمَحَلُّ رُجُوعِ الْوَرَثَةِ عَلَى الْوَلَدِ بِمَا زَادَ عَلَى يَوْمِ الْمَوْتِ مَا لَمْ يُعَجِّلْ الْأَبُ الْأُجْرَةَ خَوْفًا مِنْ مَوْتِهِ الْآنَ، وَإِلَّا كَانَتْ حِينَئِذٍ هِبَةً لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ مِنْهَا شَيْءٌ كَمَا نَقَلَهُ عج عَنْ ح (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْضَى بِطَعَامٍ وَسَطٍ فَلَا كَلَامَ لِمُؤَجِّرِهِ) أَيْ، وَلَيْسَ لِمُؤَجِّرِهِ جَبْرُهُ عَلَى الطَّعَامِ الْوَسَطِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُضْعِفُهُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا.

(قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْفَرْقِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: فَلَهُ رَدُّهُ) أَيْ، وَأَمَّا فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ بِعَدَمِ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَعُدُّوا كَثْرَةَ الْأَكْلِ مِنْ عُيُوبِ الْمَبِيعِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ ضَعِيفَةٌ كَمَا ذَكَرَهُ ابْن عبق وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ الْأَكْلِ الزَّائِدَةِ عَلَى الْعَادَةِ مِنْ جُمْلَةِ مَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ وَقَدْ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا وَرُدَّ بِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ وَالْأَطِبَّاءُ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ دَاءَ احْتِرَاقٍ فِي الْمَعِدَةِ فَهُوَ مِنْ الْأَمْرَاضِ (قَوْلُهُ: وَمُنِعَ زَوْجٌ إلَخْ) فَلَوْ تَزَوَّجَهَا فَوَجَدَهَا مُرْضِعًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ عَيْبٌ يُوجِبُ لَهُ الْخِيَارَ، وَبَحَثَ فِيهِ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يُذْكَرْ فِي عُيُوبِ الْفَرْجِ قَالَ بَعْضُ الْأَفَاضِلِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ لَكِنْ الزَّوْجُ يَتَضَرَّرُ بِعَدَمِ الْوَطْءِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الرَّضَاعِ يَسِيرٌ فَلَا خِيَارَ لِلزَّوْجِ حِينَئِذٍ نَظِيرُ مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَهَا مُكْتَرَاةً فَيُخَيَّرُ مَا لَمْ يَكُنْ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْكِرَاءِ يَسِيرًا.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ هَذَا إنْ كَانَ وَطْؤُهُ يَضُرُّ بِالْوَلَدِ بَلْ، وَلَوْ لَمْ يَضُرَّ بِهِ وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى أَصْبَغَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ وَطِئَهَا إلَّا إذَا أَضَرَّ بِالْوَلَدِ وَسَوَاءٌ شَرَطَ عَلَى الزَّوْجِ ذَلِكَ أَمْ لَا خِلَافًا لِأَصْبَغَ الْقَائِلِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ عِنْدَ عَدَمِ الضَّرَرِ إلَّا إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الزَّوْجِ السَّيِّدُ) أَيْ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ شَيْخُنَا فِي حَاشِيَةِ خش فَلَوْ تَعَدَّى الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ وَوَطِئَهَا، وَلَمْ تَحْمِلْ فَقِيلَ لِأَهْلِ الطِّفْلِ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَقِيلَ لَيْسَ لَهُمْ فَسْخُهَا (قَوْلُهُ: إذَا اُسْتُؤْجِرَتْ بِرِضَاهُ) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ فَسْخُ الْإِجَارَةِ وَالسَّفَرُ بِهَا فَإِذَا أَرَادَ أَهْلُ الطِّفْلِ السَّفَرَ بِهِ فَلَا يُمَكَّنُونَ مِنْ أَخْذِ الْوَلَدِ إلَّا إذَا دَفَعُوا لِلظِّئْرِ جَمِيعَ أُجْرَتِهَا (قَوْلُهُ: كَأَنْ تُرْضِعَ غَيْرَهُ) أَيْ كَمَا تُمْنَعُ أَنْ تَرْضِعَ مَعَ الطِّفْلِ غَيْرَهُ قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِيهَا كِفَايَةٌ أَيْ لِرَضَاعِهِمَا (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا، وَلَدٌ إلَخْ) اُنْظُرْ، وَلَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ حَالَ الْعَقْدِ ثُمَّ مَاتَ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ لَهَا أَنْ تُرْضِعَ غَيْرَهُ مَعَ مَنْ اُسْتُؤْجِرَتْ عَلَى إرْضَاعِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً) هَذَا يُغْنِي عَنْهُ

ص: 14

لِآخَرَ (سِلْعَةً) بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ كَمِائَةٍ أَيْ، وَهِيَ تُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْهُ (عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ) الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ (بِثَمَنِهَا) الْمَذْكُورِ (سَنَةً) مَثَلًا فَالْمُرَادُ مُدَّةٌ مَعْلُومَةٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ إحْضَارِ الثَّمَنِ وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ لِيَنْتَقِلَ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ، وَإِلَّا لَأَدَّى إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى تَأْخِيرِهِ فِي ذِمَّتِهِ لِيَزِيدَهُ، وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ النَّوْعِ الَّذِي يَتَّجِرُ فِيهِ، وَأَنْ يُوجَدَ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ، وَأَنْ يَكُونَ مُدِيرًا لَا مُحْتَكِرًا؛ لِأَنَّ الْمُحْتَكِرَ يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ فَيُؤَدِّي إلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ فَيَدْخُلُ الْجَهْلُ فِي الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ مَجْمُوعُ النَّقْدِ وَالْعَمَلِ، وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ؛ لِأَنَّ الرِّبْحَ مَجْهُولٌ فَهَذِهِ سَبْعَةُ شُرُوطٍ عِلْمُ الثَّمَنِ، وَإِحْضَارُهُ، وَعِلْمُ الْأَجَلِ، وَتَعْيِينُ النَّوْعِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ، وَوُجُودُهُ فِي الْأَجَلِ وَالْإِدَارَةِ، وَعَدَمُ التَّجْرِ فِي الرِّبْحِ تُؤْخَذُ مِنْ الْمُصَنِّفِ بِالْقُوَّةِ.

وَلَمَّا كَانَ هُنَاكَ شَرْطٌ ثَامِنٌ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ بِأَدَاةِ الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ (إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) لِمَا يُتْلَفُ مِنْ الثَّمَنِ لِيَتِمَّ الْعَمَلُ الَّذِي هُوَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا أَدَّى إلَى الْغَرَرِ، وَشُبِّهَ فِي الْجَوَازِ مَعَ شَرْطِ الْخَلَفِ قَوْلُهُ:(كَغَنَمٍ) أَيْ كَجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ (عُيِّنَتْ) إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ لِمَا يَتْلَفُ مِنْهَا لَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فَلَا تَصِحُّ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (وَإِلَّا) تَكُنْ مُعَيَّنَةً فَلَا يُشْتَرَطُ لِلْجَوَازِ شَرْطُ الْخَلَفِ بَلْ يَصِحُّ الْعَقْدُ بِدُونِهِ وَحِينَئِذٍ (فَلَهُ) أَيْ لِلرَّاعِي (الْخَلَفُ عَلَى آجِرِهِ) أَيْ يُقْضَى لَهُ بِالْخَلَفِ عَلَى رَبِّ الْغَنَمِ أَوْ دَفْعِ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ (كَرَاكِبٍ) تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ فَلَهُ الْخَلَفُ أَيْ أَنَّ الرَّاكِبَ إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ وَيَلْزَمُهُ أَوْ وَارِثَهُ الْإِتْيَانُ بِالْخَلَفِ أَوْ دَفْعُ جَمِيعِ الْأُجْرَةِ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: سَابِقًا وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ فَإِنَّ الْحَضَانَةَ دَاخِلَةٌ تَحْتَ الْكَافِ؛ لِأَنَّهَا مُدْخِلَةٌ لِجَمِيعِ الْأُمُورِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالرَّضِيعِ وَلَعَلَّهُ أَعَادَهُ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ كَعَكْسِهِ أَوْ يَخُصَّ مَا تَقَدَّمَ بِنَحْوِ الْأَدْهَانِ وَالْكُحْلِ لَا الْحَمْلِ. اهـ. تَقْرِيرُ عَدَوِيٍّ (قَوْلُهُ: وَالْإِشْهَادِ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا بِيَدِ الْعَامِلِ مِنْ وَزْنِهِ أَوْ عَدَدِهِ (قَوْلُهُ: لِيَنْتَقِلَ) أَيْ الثَّمَنُ مِنْ ذِمَّةٍ إلَى أَمَانَةٍ أَيْ مِنْ ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي لِأَمَانَتِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَأَدَّى إلَخْ) فَلَوْ اتَّجَرَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ، وَلَمْ يُحْضِرْهُ فَالرِّبْحُ لَهُ وَالْخَسَارَةُ عَلَيْهِ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ بِمِقْدَارِ قِيمَةِ تِجَارَتِهِ بِالثَّمَنِ سَنَةً مَعَ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الِاتِّجَارَ سَنَةً مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَيْضًا مِنْ تَعْيِينِ النَّوْعِ) أَيْ؛ لِأَنَّ التِّجَارَةَ يَكُونُ فِيهَا خِفَّةٌ، وَمَشَقَّةٌ بِاعْتِبَارِ الْأَنْوَاعِ الْمُتَّجَرِ فِيهَا (قَوْلُهُ: يَرْصُدُ الْأَسْوَاقَ) أَيْ فَلَا يَبِيعَ إلَّا إذَا غَلَتْ السِّلَعُ (قَوْلُهُ: إلَى أَجْلٍ مَجْهُولٍ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِانْتِهَاءِ الْأَمْرِ إذْ لَا يَدْرِي هَلْ يَمْكُثُ عِنْدَهُ سَنَةً أَوْ أَكْثَرَ، أَمَّا بِالنَّظَرِ لِابْتِدَاءِ الْأَمْرِ فَالْأَجَلُ مُعَيَّنٌ، وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِلْغَرَرِ وَالْجَهْلِ إذْ قَدْ لَا يَحْصُلُ الْغُلُوُّ فِي السَّنَةِ كَانَ أَوْضَحَ.

(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَتَّجِرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ) أَيْ، وَأَنْ لَا يَشْتَرِطَ التَّجْرَ لَهُ فِي الرِّبْحِ بِأَنْ كَانَ كُلَّمَا نَضَّ رِبْحٌ دَفَعَهُ لِلْبَائِعِ وَاتَّجَرَ بِأَصْلِ الثَّمَنِ أَوْ اتَّجَرَ بِأَصْلِ الثَّمَنِ مَعَ الرِّبْحِ بِدُونِ شَرْطٍ فَالْمُضِرُّ إنَّمَا هُوَ الشَّرْطُ.

(قَوْلُهُ: عِلْمُ الثَّمَنِ) فِيهِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ فِي كُلِّ مَبِيعٍ، وَلَا يُعَدُّ مِنْ شُرُوطِ الشَّيْءِ إلَّا مَا كَانَ خَاصًّا بِهِ (قَوْلُهُ: بِالْقُوَّةِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ يَقْتَضِي ثَمَنًا مَعْلُومًا وَالْعَمَلُ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ إذْ الثَّمَنُ مَجْمُوعُ الْمِائَةِ وَالْعَمَلِ وَشَرْطُ عِلْمِ الثَّمَنِ يَسْتَلْزِمُ عِلْمَ جُزْئِهِ، وَهُوَ الْعَمَلُ، وَهُوَ يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَ الْأَجَلِ لِلْعَمَلِ وَتَعْيِينُ الْعَمَلِ يَسْتَدْعِي وُجُودَ النَّوْعِ الْمُتَّجَرِ فِيهِ فِي جَمِيعِ الْأَجَلِ، وَهَذَا يَسْتَلْزِمُ تَعْيِينَهُ فَهَذِهِ شُرُوطٌ أَرْبَعَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ جَوْهَرِ لَفْظِ الْمُصَنِّفِ وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ وَالسَّادِسُ وَهُمَا إحْضَارُ الثَّمَنِ، وَكَوْنُ الْعَامِلِ مُدِيرًا مَأْخُوذَانِ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ مِنْ اعْتِبَارِ الْمَعْنَى أَيْ الْعِلَّةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ وَالشَّرْطُ السَّابِعُ، وَهُوَ عَدَمُ الِاتِّجَارِ بِالرِّبْحِ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِثَمَنِهَا.

(قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) أَيْ إنْ اشْتَرَطَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ خَلَفَ مَا يُتْلِفُ مِنْ الثَّمَنِ وَقَوْلُهُ: لِيُتِمَّ الْعَمَلَ أَيْ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إنْ جَرَى بِهِ عُرْفٌ لَا يَكْفِي عَنْ شَرْطِهِ، وَإِذَا شَرَطَ الْخَلَفَ وَحَصَلَ تَلَفُ الْبَعْضِ فَإِنْ شَاءَ الْبَائِعُ زَادَهُ تَمَامَ الْمِائَةِ لِيَتَّجِرَ فِيهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَزِدْهُ وَرَضِيَ بِالتِّجَارَةِ، بِمَا بَقِيَ فَشَرْطُ الْخَلَفِ وَإِنْ كَانَ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ ابْتِدَاءً لَا يَلْزَمُ الْعَمَلُ بِهِ انْتِهَاءً.

(قَوْلُهُ: أَدَّى إلَى الْغَرَرِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ اشْتِرَاطُ الْخَلَفِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَتْلَفَ مِنْ الْعَامِلِ بَعْضُ الثَّمَنِ فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَرَدَّ الْعَامِلُ لِلْبَائِعِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ يَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ أَنْتَ لَمْ تَتَّجِرْ بِكُلِّ الثَّمَنِ بَلْ ادَّعَيْت الْخَسْرَ فَقَطْ، وَأَتَيْت لِي بِبَعْضِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: أَيْ كَجَوَازِ الِاسْتِئْجَارِ عَلَى رِعَايَةِ غَنَمٍ) أَيْ وَجِيبَةٍ (قَوْلُهُ: إنْ شَرَطَ الْخَلَفَ) أَيْ إنْ شَرَطَ الرَّاعِي عَلَى رَبِّهَا خَلَفَ مَا يَتْلَفُ مِنْهَا أَوْ جَرَى الْعُرْفُ بِالْخَلَفِ وَيَلْزَمُ رَبَّهَا الْخَلَفُ لِمَا مَاتَ حِينَئِذٍ فَإِنْ امْتَنَعَ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ لِلرَّاعِي.

(قَوْلُهُ: فَلَا تَصِحُّ) أَيْ الْإِجَارَةُ بِمَعْنَى أَنَّهَا تَقَعُ فَاسِدَةً وَيَلْزَمُ رَبَّ الْغَنَمِ أَنْ يَدْفَعَ لِلرَّاعِي أُجْرَةَ مِثْلِهِ إذَا عَمِلَ، وَهَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ تَجُوزُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْخَلَفَ وَالْحُكْمُ يُوجِبُهُ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا مَاتَ مِنْهَا شَيْءٌ لَزِمَ رَبَّهَا خَلَفُهُ فَإِنْ امْتَنَعَ دَفَعَ لِلرَّاعِي جَمِيعَ الْأُجْرَةِ وَقَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ ابْنُ حَبِيبٍ وَبِهِ أَقُولُ ابْنُ يُونُسَ، وَهُوَ عِنْدِي أَصْوَبُ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكُنْ مُعَيَّنَةً) أَيْ كَمَا إذَا وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى رِعَايَةِ مِائَةِ شَاةٍ غَيْرِ مُعَيَّنَةٍ حِينَ الْعَقْدِ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْأَغْنَامَ إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَلَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ الْعَقْدِ عَلَى اشْتِرَاطِ الْخَلَفِ لَكِنْ إنْ مَاتَ أَوْ ضَاعَ شَيْءٌ مِنْهَا قُضِيَ عَلَى رَبِّهَا بِالْخَلَفِ إلَى تَمَامِ عَمَلِ الرَّاعِي فَإِنْ امْتَنَعَ مِنْ الْخَلَفِ لَزِمَهُ الْأُجْرَةُ بِتَمَامِهَا فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمُعَيَّنَةِ مِثْلُ الْمُعَيَّنَةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ، وَمُخَالِفَةٌ لَهَا عَلَى طَرِيقَةِ الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: إذَا تَعَذَّرَ رُكُوبُهُ لِمَوْتٍ أَوْ مَرَضٍ أَوْ حَبْسٍ لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ) أَيْ لِأَنَّ الرَّاكِبَ مِمَّا تُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةُ، وَالْإِجَارَةُ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ

ص: 15

(حَافَّتَيْ نَهَرِك لِيَبْنِيَ) عَلَيْهِمَا الْمُسْتَأْجِرُ (بَيْتًا) وَيَصِيرَ النَّهْرُ تَحْتَ سَقْفِ ذَلِكَ الْبِنَاءِ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ (طَرِيقٍ فِي دَارٍ) لِلْمُرُورِ فِيهَا لِحَاجَةٍ.

(وَ) جَازَ اسْتِئْجَارُ (مَسِيلِ) أَيْ مَوْضِعِ سَيْلَانِ (مَصَبِّ مِرْحَاضٍ) أَيْ مَصْبُوبٍ أَيْ مَا يَنْصَبُّ مِنْ الْفَضَلَاتِ فَالْمَسِيلُ اسْمُ مَكَان، وَهُوَ الْمُجْرَاةُ وَالْمَصَبُّ بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ وَالْمِرْحَاضُ مَحَلُّ الرَّحْضِ أَيْ الطَّرْحِ كَالْكَنِيفِ أَيْ مَحَلِّ جَرَيَانِ مَا يَسِيلُ مِنْ الْأَكْنِفَةِ أَوْ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ ذَلِكَ الْجَارِي مِنْ الْأَكْنِفَةِ وَنَحْوِهَا (لَا مِيزَابٍ) يَعْنِي لَا يَجُوزُ شِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ؛ لِأَنَّهُ يَقِلُّ وَيَكْثُرُ وَيَكُونُ، وَلَا يَكُونُ (إلَّا) أَنْ يَكُونَ الْمِيزَابُ (لِمَنْزِلِك) بِأَنْ يَكُونَ مَمْلُوكًا لَك فَتَسْتَأْجِرُ مَسِيلَهُ مِنْ أَرْضِ جَارِك لِيَجْرِيَ فِيهِ مَا نَزَلَ مِنْهُ (فِي أَرْضِهِ) لِيَخْرُجَ إلَى خَارِجٍ فَيَجُوزُ وَيَكُونُ كَمَسِيلِ مَصَبِّ الْمِرْحَاضِ فَيَا لَيْتَهُ قَالَ، وَمَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ أَوْ مِيزَابٍ لَا شِرَاءَ مَائِهِ.

(وَ) جَازَ (كِرَاءُ رَحَى مَاءٍ) أَيْ تَدُورُ بِالْمَاءِ (بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) لِلطَّحْنِ عَلَيْهَا.

(وَ) جَازَتْ الْإِجَارَةُ (عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً) مَثَلًا كَكُلِّ شَهْرٍ بِدِرْهَمٍ أَوْ كُلَّ سَنَةٍ بِدِينَارٍ (أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْحِفْظِ لِجَمِيعِهِ أَوْ جُزْءٍ مُعَيَّنٍ بِأَجْرٍ مَعْلُومٍ، وَأَشَارَ بِأَوْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ إذْ قَدْ يَمْضِي الشَّهْرُ، وَلَا يَحْفَظُ مَا عَيَّنَهُ أَوْ يَحْفَظُهُ فِي أَثْنَائِهِ (وَأَخَذَهَا) الْمُعَلِّمُ أَيْ يَأْخُذُ الْحَذْقَةَ بِمَعْنَى الْإِصْرَافَةِ فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ كَذَا قِيلَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ ذَلِكَ الرَّاكِبِ مُعَيَّنًا أَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَوْتِ الدَّابَّةِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُعَيَّنَةِ وَغَيْرِهَا فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ مَا تُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهِ لَا إنْ كَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ.

(قَوْلُهُ: حَافَّتَيْ نَهْرِك) قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَفْهُومَ لِهَذِهِ الْإِضَافَةِ بَلْ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ النَّهْرُ لِغَيْرِك وَلَكِنَّهُ جَارٍ بِأَرْضِك فَلَكَ أَنْ تُكْرِيَ حَافَّتَيْ النَّهْرِ لِأَنَّهُمَا لَك، هَذَا وَلَا يُشْتَرَطُ هُنَا وَصْفُ الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ مَثَلًا مِمَّا يَثْقُلُ أَوْ يَخِفُّ، وَأَمَّا وَصْفُ الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ عَرْضُهُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ إذْ قَدْ يَعْرُضُ الْجِدَارُ فَيَضِيقُ مَجْرَى الْمَاءِ بِخِلَافِ بِنَاءٍ فَوْقَ بِنَاءٍ فَلَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الْبِنَاءِ مِنْ حَيْثُ مَا يُبْنَى بِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ آجُرٍّ.

(قَوْلُهُ: فِي دَارٍ) أَيْ أَوْ أَرْضٍ فَلَا مَفْهُومَ لِلدَّارِ (قَوْلُهُ: لِحَاجَةٍ) أَيْ لِأَجْلِ أَنْ يَتَوَصَّلَ لِحَاجَةٍ، وَإِلَّا يَتَوَصَّلُ بِهَا لِمَنْفَعَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ أَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الدَّارِ أَوْ الْأَرْضِ أَكَلَ مِنْهُ الْأُجْرَةَ بَاطِلًا لِعَدَمِ انْتِفَاعِهِ بِالطَّرِيقِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ مِنْ الصَّدَقَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَقَعَ فِي الْعَقْدِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ مِنْهَا فَإِنْ اسْتَحَقَّ الْمَحَلَّ الْمُتَوَصِّلَ بِالطَّرِيقِ لَهُ بِحَيْثُ صَارَ لَا نَفْعَ بِالطَّرِيقِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ.

(قَوْلُهُ: أَيْ مَحَلُّ جَرَيَانِ مَا يَسِيلُ) أَيْ جَازَ اسْتِئْجَارُ مَحَلِّ جَرَيَانِ الْمَاءِ الْمَصْبُوبِ فِي الْأَكْنِفَةِ كَمَا يَقَعُ عِنْدَنَا بِمِصْرَ مِنْ اسْتِئْجَارِ مُجْرَاةٍ يَسِيلُ فِيهَا مَاءٌ يُصَبُّ مِنْ الْمَرَاحِيضِ وَتُوَصِّلُ إلَى الْخَلِيجِ (قَوْلُهُ: أَوْ مَا يَجْتَمِعُ) عَطْفٌ عَلَى مَحَلِّ جَرَيَانِ أَيْ أَوْ الْمَحَلِّ الَّذِي يَجْتَمِعُ فِيهِ ذَلِكَ الْجَارِي كَأَنَّهُ يَسْتَأْجِرُ أَرْضًا لِأَجْلِ وَضْعِ فَضَلَاتِ الْكَنِيفِ فِيهَا (قَوْلُهُ: لَا مِيزَابٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ عُطِفَ عَلَى مِرْحَاضٍ أَيْ لَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ مَسِيلِ مَصَبِّ مِيزَابٍ مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ إذْ هُوَ قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْزِلِك، وَأَشَارَ الشَّارِحُ لِلْجَوَابِ، وَهُوَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى مَسِيلٍ، وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ أَيْ لَا يَجُوزُ كِرَاءُ مَاءِ مِيزَابٍ أَيْ نَازِلٍ مِنْهُ لِمَنْ يَسْقِي بِهِ زَرْعَهُ مَثَلًا، وَلَا مَعْنَى لِكِرَاءِ ذَلِكَ إلَّا شِرَاؤُهُ وَظَاهِرُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ سَوَاءٌ طَالَ الزَّمَنُ الَّذِي اشْتَرَى الْمَاءَ النَّازِلَ فِيهِ كَ أَشْتَرِي مِنْك الْمَاءَ النَّازِلَ مِنْ مِيزَابِك مُدَّةَ عَشْرِ سِنِينَ بِكَذَا أَوْ كَانَ الزَّمَنُ قَصِيرًا، وَهُوَ كَذَلِكَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ كَانَ الْأَمَدُ الطَّوِيلُ لَا يَخْلُو عَنْ مَطَرٍ إلَّا أَنَّهُ يَحْتَمِلُ الْقِلَّةَ وَالْكَثْرَةَ، وَالطَّرِيقَةُ الْمُفَصِّلَةُ بَيْنَ طُولِ الْأَمَدِ فَيَجُوزُ وَقِلَّتِهِ فَيُمْنَعُ ضَعِيفَةٌ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا الْفَرْعَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ لَا الْإِجَارَةِ لَكِنْ ذَكَرَهُ لِيَتَرَتَّبَ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْزِلِك) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ؛ لِأَنَّ هَذَا اسْتِئْجَارٌ وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بَيْعٌ.

(قَوْلُهُ: بِطَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ) نَصَّ عَلَى جَوَازِ كِرَائِهَا بِالطَّعَامِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ مُتَعَلِّقَةً بِالْأَرْضِ وَيَعْمَلُ فِيهَا الطَّعَامُ فَقَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ كِرَاءَهَا بِالطَّعَامِ مِنْ قَبِيلِ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ أَوْ غَيْرِهِ مَا ضَرَّهُ لِاسْتِفَادَتِهِ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى.

(تَنْبِيهٌ) مَنْ اسْتَأْجَرَ رَحَى مَاءٍ شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ إنْ انْقَطَعَ الْمَاءُ قَبْلَ الشَّهْرِ لَزِمَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ لَمْ يَجُزْ، وَمِثْلُهُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَرْضَ زِرَاعَةٍ مَقِيلًا، وَمَرَاحًا أَوْ شَارِقًا غَارِقًا أَوْ رَيًّا وَشَرَاقِيَا تَحَيُّلًا عَلَى لُزُومِ الْأُجْرَةِ إذَا شَرِقَتْ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَتَكُونُ فَاسِدَةً.

(قَوْلُهُ: عَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً) أَيْ أَوْ وَجِيبَةً وَقَوْلُهُ: أَوْ عَلَى الْحُذَّاقِ عُطِفَ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ نَظَرًا فِي الْمُصْحَفِ أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ الْمُشَاهَرَةِ وَالْحِذَاقِ كَ أَسْتَأْجِرُك عَلَى تَحْفِيظِهِ رُبُعَ الْقُرْآنِ الْفَوْقَانِيَّ أَوْ التَّحْتَانِيَّ فِي شَهْرٍ بِكَذَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَشْهُورَ عَدَمَ جَوَازِ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا مُطْلَقًا تَسَاوَى الْحِذَاقُ وَالزَّمَنُ أَوْ زَادَ الزَّمَنُ أَوْ الْعَكْسُ وَاَلَّذِي فِي بْن أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْحِذَاقِ وَالزَّمَنِ فَإِنَّهُ يَجْرِي فِيهِ مَا سَبَقَ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الزَّمَنِ وَالْعَمَلِ مِنْ طَرِيقَةِ ابْنِ رُشْدٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ (قَوْلُهُ: فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ) أَيْ لِأَنَّهُ ذَكَرَ الْحِذَاقَ أَوَّلًا بِمَعْنَى الْحِفْظِ، وَأَعَادَ الضَّمِيرَ إلَيْهِ ثَانِيًا فِي قَوْلِهِ أَخَذَهَا لِلْحِذَاقَةِ بِمَعْنَى الصِّرَافَةِ

ص: 16

أَيْ يُقْضَى بِهَا لِلْمُعَلِّمِ عَلَى وَلِيِّ الطِّفْلِ أَوْ عَلَى الْقَارِئِ الرَّشِيدِ (وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ) ، وَمَحَلُّهَا مَا تَقَرَّرَتْ فِيهِ عُرْفًا مِنْ السُّوَرِ كَسَبِّحْ وَعَمَّ وَتَبَارَكَ وَغَيْرِهَا، وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ وَقَدْ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ فَقْرًا وَغِنًى

(وَ) جَازَ (إجَارَةٌ مَاعُونٍ) أَيْ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ (كَصَحْفَةٍ وَقِدْرٍ) ، وَفَأْسٍ وَدَلْوٍ كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا.

(وَ) جَازَ الْعَقْدُ (عَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إجَارَةً وَجَعَالَةً) فَالْإِجَارَةُ فِيمَا يَمْلِكُ مِنْ الْأَرْضِ، وَفِيمَا لَا يَمْلِكُ كَالْمَوَاتِ إذَا عَيَّنَ لَهُ مِقْدَارَ الْحَفْرِ مِنْ طُولٍ وَعَرْضٍ كَخَمْسَةِ أَذْرُعٍ فِي خَمْسَةٍ، وَالْعُمْقُ عَشَرَةٌ فَإِنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ، وَالْجَعَالَةُ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَقَطْ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَصْفِ كَالْإِجَارَةِ، وَإِنَّمَا تَتَمَيَّزُ عَنْ الْإِجَارَةِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْجَعَالَةِ بِأَنْ يُصَرِّحَ بِهَا أَوْ يَقُولَ، وَلَك بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَذَا وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْجَعَالَةَ لَا تَكُونُ إلَّا فِيمَا لَا يَحْصُلُ لِلْجَاعِلِ فِيهِ نَفْعٌ حِينَ التَّرْكِ لَوْ تَرَكَ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ وَلِذَا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَفْرِ فِيمَا يَمْلِكُ كَانَ إجَارَةً، وَلَا تَصِحُّ الْجَعَالَةُ فِيهِ فَإِنْ صَرَّحَ فِيهِ بِالْجَعَالَةِ فَسَدَ الْعَقْدُ

وَلَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْمَمْنُوعِ وَالْجَائِزِ ذَكَرَ الْمَكْرُوهَ بِقَوْلِهِ (وَيُكْرَهُ حُلِيٌّ) أَيْ إجَارَتُهُ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِلَّا مُنِعَ (كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ) لِرُكُوبٍ أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ أَنْ يُؤَجِّرَهَا لِمِثْلِهِ خِفَّةً، وَأَمَانَةً

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: أَيْ يَقْضِي بِهَا، وَإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ) أَيْ إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِهَا.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُقْضَى بِهَا إذَا اُشْتُرِطَتْ أَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا قَوْلُ سَحْنُونٍ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَعْرَجُ إنَّمَا يُقْضَى بِهَا بِالشَّرْطِ، وَلَا يُقْضَى بِهَا عِنْدَ عَدَمِهِ، وَلَوْ جَرَى بِهَا عُرْفٌ وَاعْلَمْ أَنَّهَا تَكُونُ لِلْمُعَلِّمِ الْأَوَّلِ إنْ أَقْرَأَ الْمُتَعَلِّمَ مُعَلِّمٌ آخَرُ قَبْلَ مَحَلِّهَا بِيَسِيرٍ كَالسُّدُسِ لَا إنْ تَرَكَ الْمُتَعَلِّمُ الْقِرَاءَةَ أَوْ أَقْرَأَهُ الثَّانِي قَبْلَ مَحَلِّهَا بِكَثِيرٍ فَلِلثَّانِي (قَوْلُهُ: وَهِيَ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الزَّمَانِ) أَيْ فَفِي بَعْضِ الْأَزْمِنَةِ وَالْبِلَادِ تُؤْخَذُ عَلَى سَبِّحْ، وَلَا تُؤْخَذُ عَلَى لَمْ يَكُنْ، وَفِي بَعْضِهَا بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ: فَقْرًا وَغِنًى) أَيْ وَجَوْدَةَ حِفْظٍ وَقِلَّتَهُ فَحَذْقَةُ الْحَافِظِ أَكْثَرُ مِنْ حَذْقَةِ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ وَحَذْقَةُ الْمُوسِرِ أَكْثَرُ مِنْ حَذْقَةِ غَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: كَانَ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ لَا) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْعَطَّارِ فِي الثَّانِي حَيْثُ قَالَ فِيهِ بِالْمَنْعِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يُسْتَعَانُ بِهِ كَصَحْفَةٍ إلَخْ) أَيْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْمَاعُونِ فِي الْآيَةِ هَذَا الْمَعْنَى، وَإِلَّا لَكَانَتْ إعَارَةُ مَا ذَكَرَ مِنْ الصَّحْفَةِ، وَمَا مَعَهَا وَاجِبَةً فَلَا تَجُوزُ إجَارَتُهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَضَمَّنُ عَدَمَ الْإِعَارَةِ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ فِي الْآيَةِ الزَّكَاةُ بِدَلِيلِ قَرْنِهِ بِقَوْلِهِ يُرَاءُونَ فَالْمَعْنَى الَّذِينَ يُرَاءُونَ فِي الصَّلَاةِ وَيَمْنَعُونَ الزَّكَاةَ.

(قَوْلُهُ: وَجَازَ الْعَقْدُ) قَدَّرَ الْفَاعِلَ عَقْدٌ دُونَ إجَارَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِتَقْسِيمِ الشَّيْءِ إلَى نَفْسِهِ وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَمْنُوعٌ (قَوْلُهُ: إجَارَةً) أَيْ وَيَكُونُ إجَارَةً إنْ صَرَّحَ بِهَا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا كَقَوْلِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْأَجِيرِ: وَإِنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ التَّمَامِ فَلَكَ بِحِسَابِ مَا عَمِلْتَ (قَوْلُهُ: وَجَعَالَةً) أَيْ إنْ صَرَّحَ بِهَا أَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ لِلْعَامِلِ إنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا تَسْتَحِقُّ بِتَمَامِ الْعَمَلِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ انْهَدَمَتْ إلَخْ) أَيْ وَعَيَّنَ لَهُ أَنَّهَا إنْ انْهَدَمَتْ إلَخْ فَهَذَا قَرِينَةٌ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ بِالْعَقْدِ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِيمَا سَبَقَ مَعَ أَنَّهُ قَدَّمَ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا بِالصِّيغَةِ وَيَكُونُ لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ فِي الْإِجَارَةِ لَا فِي الْجَعَالَةِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا أَيْضًا بِأَنَّ الْجَعَالَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: حِينَ التَّرْكِ) إنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ لِدَفْعِ مَا يُقَالُ قَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ الْمُجَاعَلَةِ عَلَى حَمْلِ خَشَبَةٍ لِمَحَلٍّ وَبِجَوَازِ تَرْكِ الْعَامِلِ فِي أَثْنَاءِ طَرِيقِهِ مَعَ أَنَّهُ إذَا تَرَكَهَا فِي أَثْنَاءِ الطَّرِيقِ وَحَمَلَهَا رَبُّهَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ حَصَلَ لَهُ نَفْعٌ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا تَجُوزَ الْمُجَاعَلَةُ؟ . وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ حِينَ التَّرْكِ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمُجَاعِلِ نَفْعٌ بَلْ كَانَ ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا أَثْنَاءَ الطَّرِيقِ تَعْرِيضٌ لِضَيَاعِهَا.

(قَوْلُهُ: وَلِذَا لَوْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَفْرِ فِيمَا يَمْلِكُ كَانَ إجَارَةً) أَيْ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا أَوْ لَمْ يَذْكُرْ مَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا فَإِنْ ذَكَرَ مَا يَدُلُّ عَلَى الْجَعَالَةِ كَانَ جَعَالَةً فَاسِدَةً لِانْتِفَاعِ الْمُجَاعِلِ بِمَا قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ بَاطِلًا بِلَا عِوَضٍ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ الْعَقْدُ عَلَى الْحَفْرِ فِيمَا لَا يَمْلِكُ فَإِنْ صَرَّحَ بِالْإِجَارَةِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ، وَإِنْ انْهَدَمَتْ قَبْلَ تَمَامِ الْعَمَلِ فَلَكَ بِحِسَابِ مَا عَمِلْت كَانَ إجَارَةً، وَإِنْ صَرَّحَ بِالْجَعَالَةِ أَوْ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ، وَلَك بِتَمَامِ الْعَمَلِ كَذَا كَانَ جَعَالَةً، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَيْهَا فَانْظُرْ هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْإِجَارَةِ أَوْ الْجَعَالَةِ أَوْ يَكُونُ فَاسِدًا.

(قَوْلُهُ: حُلِيٌّ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ مُفْرَدًا وَبِضَمِّ الْحَاءِ وَكَسْرِ اللَّامِ جَمْعًا (قَوْلُهُ: أَيْ إجَارَتُهُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْحُلِيُّ ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً أُوجِرَ بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ فِيهِمَا أَوْ أُوجِرَ بِغَيْرِهِمَا كَعَرَضٍ وَطَعَامٍ (قَوْلُهُ: إذَا كَانَ غَيْرَ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ، وَإِلَّا مُنِعَ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْمَنْعِ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ فِي كَرَاهَةِ إجَارَةِ الْحُلِيِّ أَنَّ السَّلَفَ الصَّالِحَ كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ عَارِيَّتَهُ زَكَاتُهُ وَاَلَّذِي أَسْقَطَ اللَّهُ زَكَاتَهُ وَجَعَلَ زَكَاتَهُ عَارِيَّتَهُ غَيْرُ مُحَرَّمِ الِاسْتِعْمَالِ، وَأَمَّا الْمُحَرَّمُ فَزَكَاتُهُ وَاجِبَةٌ لَا عَلَى مَا عَلَّلَ بِهِ ابْنُ الْعَطَّارِ الْكَرَاهَةَ بِأَنَّ إجَارَتَهُ تُؤَدِّي إلَى نَقْصِهِ بِاسْتِعْمَالِ الْمُسْتَأْجِرِ وَقَدْ أَخَذَ رَبُّهُ فِي مُقَابَلَتِهِ نَقْدًا فَكَأَنَّهُ نَقْدٌ فِي مُقَابَلَةِ نَقْدٍ وَإِنَّمَا لَمْ يَحْرُمْ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُحَقَّقًا فَإِنَّ هَذَا يَقْتَضِي كَرَاهَةَ إجَارَتِهِ مُطْلَقًا كَانَ مُحَرَّمَ الِاسْتِعْمَالِ أَمْ لَا وَيَقْتَضِي عَدَمَ كَرَاهَةِ إجَارَتِهِ بِغَيْرِ النَّقْدِ (قَوْلُهُ: كَإِيجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ) أَيْ كَمَا يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً أَنْ يُؤَاجِرَهَا لِمِثْلِهِ فَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِلْفَاعِلِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ إنْ لَمْ يُؤَجِّرْهَا بِحَضْرَةِ رَبِّهَا أَوْ يَبْدُو لَهُ إذَا كَانَ مُسَافِرًا الْإِقَامَةُ

ص: 17

وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ مَاتَتْ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْحَمْلِ عَلَيْهَا فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ كَمَا يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ، وَفَعَلَ الْمَأْذُونَ فِيهِ لَا أَضَرَّ (أَوْ ثَوْبٍ) أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ أَنْ يُكْرِيَهُ (لِمِثْلِهِ) وَلِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ يَضْمَنُهُ الْأَوَّلُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ عَلَى تَلَفِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ مِنْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ ضَمَانَ التُّهْمَةِ يَزُولُ بِالْبَيِّنَةِ، وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الدَّابَّةِ وَالثَّوْبِ إذَا جُهِلَ حَالُ الْمُكْرِي، وَأَمَّا إنْ عُلِمَ رِضَاهُ فَجَائِزٌ، وَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ رِضَاهُ لَمْ يَجُزْ.

(وَ) كُرِهَ (تَعْلِيمُ فِقْهٍ، وَفَرَائِضَ) بِأُجْرَةٍ مَخَافَةَ أَنْ يَقِلَّ طَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ وَآلَتُهُ مِنْ نَحْوٍ وَبَيَانٍ كَذَلِكَ، وَأَمَّا تَعْلِيمُ عَمَلِ الْفَرَائِضِ بِالرَّسْمِ فَلَا يُكْرَهُ (كَبَيْعِ كُتُبِهِ) أَيْ مَا ذَكَرَ، وَكَذَا كُتُبُ الْحَدِيثِ وَالْمَصَاحِفُ وَالتَّفْسِيرُ.

(وَ) كُرِهَ (قِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ) أَيْ تَطْرِيبٍ بِأَنْغَامٍ حَيْثُ لَا يُخْرِجُهُ عَمَّا عَلَيْهِ الْقُرَّاءُ، وَإِلَّا حُرِّمَتْ كَقِرَاءَتِهِ بِالشَّاذِّ وَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْمَسْأَلَةُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ وَالْمُنَاسِبُ هُنَا كَرَاهَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ

(وَ) كُرِهَ (كِرَاءُ دُفٍّ) بِضَمِّ الدَّالِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَهُوَ الْمُدَوَّرُ الْمَغْشِيُّ مِنْ جِهَةٍ كَالْغِرْبَالِ (، وَمِعْزَفٍ) وَاحِدُ الْمَعَازِفِ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ الْمَعَازِفُ الْمَلَاهِي فَيَشْمَلُ الْمِزْمَارَ وَالْأَعْوَادَ وَالسِّنْطِيرَ بِنَاءً عَلَى كَرَاهَتِهَا (لِعُرْسٍ) أَيْ نِكَاحٍ وَقِيلَ هِيَ جَائِزَةٌ فِي النِّكَاحِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُ كِرَائِهَا وَالرَّاجِحُ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ جَائِزَانِ لِعُرْسٍ مَعَ كَرَاهَةِ الْكِرَاءِ، وَأَنَّ الْمَعَازِفَ حَرَامٌ كَالْجَمِيعِ فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَيَحْرُمُ كِرَاؤُهَا.

(وَ) كُرِهَ (كِرَاءُ كَعَبْدٍ كَافِرٍ) الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّ " كَافِرٍ " نَعْتٌ لِعَبْدٍ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَكَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ لِكَافِرٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَعَدَمُ الرُّكُوبِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي أَكْرَاهَا إلَيْهِ، وَإِلَّا فَلَا كَرَاهَةَ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُضْطَرٍّ لِلْإِقَامَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ضَاعَتْ إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ قَامَتْ عَلَى الضَّيَاعِ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: فَيَجُوزُ كِرَاؤُهَا لِحَمْلِ مِثْلِهِ إلَخْ) قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ جَوَازَ كِرَائِهَا إذَا كَانَتْ مُكْتَرَاةً لِلْحَمْلِ بِمَا إذَا صَحِبَهَا رَبُّهَا فِي السَّفَرِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْمُكْتَرِي هُوَ الَّذِي سَافَرَ بِهَا فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الَّتِي لِلرُّكُوبِ وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَقَبِلَهُ. اهـ بْن.

(قَوْلُهُ: أَيْ يُكْرَهُ لِمَنْ اسْتَأْجَرَ ثَوْبًا لِلُبْسِهِ إلَخْ) قَالَ عبق الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِي الثَّوْبِ نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ فَإِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِيَحْمِلَ فِيهِ شَيْئًا فَلَا يُكْرَهُ أَيْ يُؤَاجِرُهُ فِي حَمْلِ مِثْلِهِ (قَوْلُهُ: أَنْ يُكْرِيَهُ لِمِثْلِهِ إلَخْ) مِثْلُ الثِّيَابِ الْكُتُبُ عَلَى الظَّاهِرِ لِاخْتِلَافِ اسْتِعْمَالِ النَّاسِ فِيهَا (قَوْلُهُ: يَضْمَنُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ فَفَرَّقَ بَيْنَ الثَّوْبِ وَالدَّابَّةِ وَنَحْوِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ فِي الثَّوْبِ إذَا أَكْرَاهُ مِنْ مِثْلِهِ كَالدَّابَّةِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ إذَا هَلَكَ بِيَدِ الْغَيْرِ لِاخْتِلَافِ حَالِ النَّاسِ فِي اللُّبْسِ، وَلَا يَضْمَنُهُ إنْ هَلَكَ بِيَدِهِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ رِضَاهُ لَمْ يَجُزْ) أَيْ مَعَ صِحَّةِ الْعَقْدِ عَلَى الظَّاهِرِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ بِفَسَادِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ شَرْطِهِ أَنْ يُكْرِيَ لِمِثْلِهِ، وَهُوَ مُفْسِدٌ لِلْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَاهُ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ.

(قَوْلُهُ: وَكُرِهَ تَعْلِيمُ فِقْهٍ، وَفَرَائِضَ) كَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ جَوَازُ الْإِجَارَةِ عَلَى تَعْلِيمِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَقِلَّ طَلَبُ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ) أَيْ وَالْمَطْلُوبُ كَثْرَةُ طَلَبِهِ؛ وَلِأَنَّ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ بِخِلَافِ الْقُرْآنِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى تَعْلِيمِهِ كَمَا مَرَّ لِرَغْبَةِ النَّاسِ فِي تَعَلُّمِهِ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَلِأَخْذِ السَّلَفِ الْأُجْرَةَ عَلَى تَعْلِيمِهِ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «إنَّ أَحَقَّ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى» (قَوْلُهُ: بِالرَّسْمِ) أَيْ بِالْغُبَارِ وَالشِّبَاكِ وَقَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ أَيْ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ صَنْعَةٌ (قَوْلُهُ: كَبَيْعِ كُتُبِهِ) أَيْ وَكَذَا إجَارَتُهَا اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى كُتُبِ الْعِلْمِ، وَفِي بَيْعِ كُتُبِهِ، وَلَا أَرَى أَنْ يُخْتَلَفَ الْيَوْمَ فِي جَوَازِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ حِفْظَ النَّاسِ، وَأَفْهَامَهُمْ الْآنَ نَقَصَتْ فَلَوْ بَقِيَ الْعَالِمُ بِلَا كُتُبٍ لَذَهَبَتْ رُسُومُ الْعِلْمِ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَقِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ أَيْ تَطْرِيبٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْقِرَاءَةِ التَّدَبُّرُ وَالتَّفَهُّمُ وَالتَّطْرِيبُ يُنَافِي ذَلِكَ. وَقَوْلُهُ: أَيْ تَطْرِيبٍ الْمُرَادِ بِهِ تَقْطِيعُ الصَّوْتِ بِالْأَنْغَامِ (قَوْلُهُ: كَقِرَاءَتِهِ بِالشَّاذِّ) اُخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى السَّبْعَةِ، وَهُوَ مُخْتَارُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَقِيلَ مَا زَادَ عَلَى الْعَشَرَةِ، وَهُوَ الرَّاجِحُ (قَوْلُهُ: كَرَاهَةُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْقِرَاءَةِ) أَيْ بِالتَّلْحِينِ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَرِّرَ الْمَتْنُ بِذَلِكَ بِأَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ وَكُرِهَ إجَارَةٌ عَلَى قِرَاءَةٍ بِلَحْنٍ.

(قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى كَرَاهَتِهَا) أَيْ كَرَاهَةِ الدُّفِّ وَالْمَعَازِفِ أَيْ كَرَاهَةِ اسْتِعْمَالِهَا وَسَمَاعِهَا فِي الْعُرْسِ فَإِذَا كَانَ اسْتِعْمَالُهَا وَسَمَاعُهَا مَكْرُوهًا كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَيْهَا فِي الْعُرْسِ مَكْرُوهَةً، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُهَا فِي الْعَقِيقَةِ أَوْ الْخِتَانِ وَنَحْوِهِمَا فَحَرَامٌ فَيَكُونُ كِرَاؤُهُمَا فِيهِمَا حَرَامًا (قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِهَا جَوَازُ كِرَائِهَا) بَلْ كِرَاؤُهَا فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَإِنْ جَازَتْ فِيهِ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ إذْ لَوْ جَازَ كِرَاؤُهَا أَيْضًا فِي الْعُرْسِ لَتَوَصَّلَ بِهِ لِكِرَائِهَا فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: جَائِزَانِ لِعُرْسٍ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهِمَا فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى الْأَوَّلِ، وَهُوَ الْجَوَازُ اخْتَصَرَهَا أَكْثَرُ الْمُخْتَصِرِينَ وَقَوْلُهُ: مَعَ كَرَاهَةِ الْكِرَاءِ أَيْ مَعَ كَرَاهَةِ كِرَائِهِمَا فِيهِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْمَعَازِفَ حَرَامٌ) أَيْ فِي الْعُرْسِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِكَرَاهَتِهَا فِيهِ وَلِمَنْ قَالَ بِجَوَازِهَا فِيهِ (قَوْلُهُ: كَالْجَمِيعِ) أَيْ الدُّفِّ وَالْكَبَرِ وَالْمَعَازِفِ أَيْ كَمَا يَحْرُمُ الْجَمِيعُ فَتَحَصَّلَ أَنَّ الدُّفَّ وَالْكَبَرَ فِي النِّكَاحِ فِيهِمَا قَوْلَانِ الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ، وَفِي الْمَعَازِفِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ بِزِيَادَةِ الْحُرْمَةِ، وَهُوَ أَرْجَحُهَا فَتَكُونُ إجَارَتُهَا فِي النِّكَاحِ حَرَامًا، وَأَمَّا فِي غَيْرِ النِّكَاحِ فَالْحُرْمَةُ فِي الْجَمِيعِ قَوْلًا وَاحِدًا وَقَوْلُهُ: فِي غَيْرِ النِّكَاحِ يَشْمَلُ

ص: 18

أَوْ تَقْدِيمُ كَافِرٍ عَلَى كَعَبْدٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ الْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ كَعَبْدٍ، وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى قِلَّةٍ، وَالْأَصْلُ كِرَاءُ كَافِرٍ عَبْدًا وَنَحْوَهُ، وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ أَيْ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُكْرِيَ عَبْدَهُ أَوْ نَفْسَهُ أَوْ وَلَدَهُ لِكَافِرٍ حَيْثُ كَانَ الْكَافِرُ يَسْتَبِدُّ بِعَمَلِ الْمُسْلِمِ، وَلَمْ يَكُنْ تَحْتَ يَدِهِ، وَلَمْ يَكْتَرِهِ فِي فِعْلِ مُحَرَّمٍ فَإِنْ لَمْ يَسْتَبِدَّ الْكَافِرُ بِعَمَلِ الْمُسْلِمِ كَخَيَّاطٍ يَرِدُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ فَيَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَ يَدِهِ كَأَجِيرِ خِدْمَةِ بَيْتِهِ وَظِئْرٍ حَرُمَ وَفُسِخَتْ، وَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَ وَكَذَا إنْ اسْتَأْجَرَهُ فِي مُحَرَّمٍ كَعَصْرِ خَمْرٍ وَرَعْيِ خِنْزِيرٍ، وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ بِالْأُجْرَةِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَدَبًا لَهُ.

(وَ) كُرِهَ (بِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ) أَيْ لِأَخْذِهِ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَوَازِ. (وَ) كُرِهَ (سُكْنَى) بِأَهْلِهِ (فَوْقَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ إنْ بَنَى الْمَسْكَنَ قَبْلَ وَقْفِهِ لَا بَعْدَهُ فَيَحْرُمُ كَمَا يَأْتِي لَهُ فِي الْمَوَاتِ فِي قَوْلِهِ، وَمُنِعَ عَكْسُهُ فَلَا مُعَارَضَةَ

، وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (بِمَنْفَعَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِأَجْرٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي، أَيْ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ بِعَاقِدٍ، وَأَجْرٌ فِي مُقَابِلِ مَنْفَعَةٍ لَهَا شُرُوطٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (تَتَقَوَّمُ) أَيْ لَهَا قِيمَةٌ شَرْعًا لَوْ تَلِفَتْ احْتِرَازًا عَنْ رَائِحَةِ الرَّيَاحِينِ وَنَحْوِهَا فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا لِلشَّمِّ، وَكَذَا الْبَسَاتِينُ وَنَحْوُهَا لِلْفُرْجَةِ وَالدَّنَانِيرُ وَنَحْوُهَا لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ، وَالْجُدْرَانُ لِلِاسْتِظْلَالِ، وَالسِّرَاجُ لِلِاسْتِصْبَاحِ، وَكَذَا آلَاتُ اللَّهْوِ وَتَعْلِيمِ الْأَنْغَامِ إذْ لَا قِيمَةَ لَهَا شَرْعًا فَلَا تَصِحُّ إجَارَةُ مَا ذَكَرَ وَتُفْسَخُ إنْ وَقَعَتْ، وَلَا أُجْرَةَ (قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا) فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ أَوْ شَيْءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِلْمُؤَجِّرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الْعَقِيقَةَ وَالْخِتَانَ وَالْقُدُومَ مِنْ سَفَرٍ وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ تَقْدِيمَ كَافِرٍ عَلَى كَعَبْدٍ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكِرَاءُ كَافِرٍ كَعَبْدٍ وَيَكُونُ إضَافَةُ كِرَاءٍ لِكَافِرٍ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ جَائِزٌ عَلَى قِلَّةٍ) أَيْ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ فِي الْخُلَاصَةِ بِقَوْلِهِ

فَصْلُ مُضَافٍ شِبْهُ فِعْلٍ مَا نَصَبْ

مَفْعُولًا أَوْ ظَرْفًا أَجِزْ وَلَمْ يُعَبْ

أَيْ أَجِزْ أَنْ يَفْصِلَ الْمُضَافُ الشَّبِيهُ بِالْفِعْلِ مَا نَصَبَهُ الْمُضَافُ حَالَةَ كَوْنِهِ مَفْعُولًا أَوْ ظَرْفًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ) أَيْ الثَّانِي؛ لِأَنَّ كِرَاءَ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى إكْرَاءٍ وَمَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ الْكَافُ مِنْ كَعَبْدٍ؛ لِأَنَّهَا اسْمٌ بِمَعْنَى مِثْلَ (قَوْلُهُ: وَلَهُ أُجْرَةُ مَا عَمِلَ) أَيْ فَلَا يَتَصَدَّقُ بِهَا عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَتَصَدَّقُ إلَخْ) أَيْ إلَّا أَنْ يُعْذَرَ بِجَهْلٍ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْكِرَاءُ.

(قَوْلُهُ: لِأَخْذِهِ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ أَيْ، وَأَمَّا لَوْ بَنَاهُ لِلَّهِ ثُمَّ قَصَدَ أَخْذَ الْكِرَاءِ مِمَّنْ يُصَلِّي فِيهِ فَمُقْتَضَى النَّظَرِ مَنْعُ الْأَخْذِ حَيْثُ خَرَجَ عَنْهُ لِلَّهِ تَعَالَى قَالَهُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَالْمَشْهُورُ عَدَمُ الْجَوَازِ إلَخْ) عِبَارَةُ بْن لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ، وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَبْنِيَ مَسْجِدًا لِيُكْرِيَهُ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ أَوْ يُكْرِي بَيْتَهُ لِمَنْ يُصَلِّي فِيهِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ غَيْرُهُ فِي الْبَيْتِ أَبُو الْحَسَنِ اُنْظُرْ قَوْلَهُ لَا يَصْلُحُ هَلْ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ أَوْ الْمَنْعِ فَعَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ هُوَ عَلَى الْمَنْعِ وَعَلَى مَا نَقَلَ عِيَاضٌ هُوَ عَلَى الْكَرَاهَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ لَيْسَ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ اهـ لَكِنْ عِبَارَاتُ أَهْلِ الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْجَوَازِ كَمَا فِي ح فَعَلَى الْمُصَنِّفِ الدَّرَكُ فِي مُخَالَفَتِهَا. اهـ كَلَامُهُ (قَوْلُهُ: بِأَهْلِهِ) الْمُرَادُ بِالْأَهْلِ الزَّوْجَةُ وَالْأَمَةُ وَعِلَّةُ الْكَرَاهَةِ إذْلَالُ الْمَسْجِدِ بِوَطْءِ أَهْلِهِ فَوْقَهُ (قَوْلُهُ: فَوْقَهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ يَعْنِي الْمُعَدَّ لِلْكِرَاءِ؛ لِأَنَّهُ الْمُحْدَثُ عَنْهُ وَأَوْلَى مَا بُنِيَ لِلصَّلَاةِ فَقَطْ، وَمَفْهُومٌ بِالْأَهْلِ أَنَّ السُّكْنَى فَوْقَهُ بِغَيْرِ الْأَهْلِ جَائِزَةٌ بِالْأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ جَوَازِ سُكْنَى الرَّجُلِ الْمُتَجَرِّدِ لِلْعِبَادَةِ فِيهِ، وَمَفْهُومُ فَوْقِهِ إنَّ السُّكْنَى تَحْتَهُ جَائِزَةٌ مُطْلَقًا بِالْأَهْلِ وَغَيْرِهِ بَنَى الْمَسْجِدَ لِلْكِرَاءِ أَوْ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: إنْ بَنَى إلَخْ) وَذَلِكَ بِأَنْ نَوَى حَالَةَ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ أَوْ قَبْلَهُ بِنَاءَ مَحَلٍّ فَوْقَهُ لِلسُّكْنَى بِالْأَهْلِ أَوْ بَنَى عُلُوًّا وَسُفْلًا لِنَفْسِهِ ثُمَّ جَعَلَ السُّفْلَ مَسْجِدًا لِلَّهِ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَأَبْقَى الْأَعْلَى سَكَنًا بِالْأَهْلِ (قَوْلُهُ: فَلَا مُعَارَضَةَ) قَالَ بْن أَصْلُ الْجَمْعِ الْمَذْكُورِ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَارْتَضَاهُ ح، وَأَيَّدَهُ بِنُقُولٍ. اهـ.

وَقَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيُّ الْكَرَاهَةُ هُنَا مَحْمُولَةٌ عَلَى الْمَنْعِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَسْجِدُ بُنِيَ لِلصَّلَاةِ أَوْ لِلْكِرَاءِ كَانَ التَّحْبِيسُ سَابِقًا عَلَى السُّكْنَى أَوْ كَانَ مُتَأَخِّرًا عَنْهَا وَبِهَذَا الْحَمْلِ يَحْصُلُ التَّوَافُقُ بَيْنَ مَا هُنَا، وَمَا يَأْتِي فِي الْمَوَاتِ وَذَكَرَ خش جَوَابًا عَنْ الْمُعَارَضَةِ بِحَمْلِ مَا هُنَا مِنْ الْكَرَاهَةِ عَلَى مَا إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ مُتَّخَذًا لِلْكِرَاءِ، وَمَا يَأْتِي مِنْ الْمَنْعِ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ غَيْرَ مُتَّخَذٍ لِلْكِرَاءِ؛ لِأَنَّ لَهُ حُرْمَةً عَلَى الْمُتَّخَذِ لِلْكِرَاءِ، وَلَا فَرْقَ فِيهِمَا بَيْنَ كَوْنِ السُّكْنَى بَعْدَ التَّحْبِيسِ أَوْ قَبْلَهُ فَهَذِهِ أَجْوِبَةٌ ثَلَاثَةٌ عَنْ الْمُعَارَضَةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمُوَافِقَ لِلنَّقْلِ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا.

(قَوْلُهُ: تَتَقَوَّمُ) بِفَتْحِ التَّاءَيْنِ مَعًا؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ لَازِمٌ لَا يُبْنَى لِلْمَجْهُولِ (قَوْلُهُ: أَيْ لَهَا قِيمَةٌ شَرْعًا لَوْ تَلِفَتْ) أَيْ لِكَوْنِهَا مُؤَثِّرَةً (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهَا) أَيْ كَالتُّفَّاحِ وَالْمِسْكِ وَالزُّبَّادِ. وَقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُهَا لِلشَّمِّ أَيْ؛ لِأَنَّ شَمَّ رَائِحَةِ مَا ذَكَرَ لَا قِيمَةَ لَهُ شَرْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ الْمَشْمُومِ وَالتَّأْثِيرُ فِيهِ إنْ وُجِدَ إنَّمَا هُوَ مِنْ مُرُورِ الزَّمَنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَالسِّرَاجُ لِلِاسْتِصْبَاحِ) أَيْ وَكَذَا لَا يَجُوزُ كِرَاءُ شَمْعٍ لِلْمَشْيِ بِهِ فِي الزِّفَافِ مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ كَالْمُسَمَّى فِي مِصْرَ بِشَمْعِ الْقَاعَةِ (قَوْلُهُ: قَدَرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا) أَيْ حِسًّا أَوْ شَرْعًا فَقَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ آبِقٍ أَوْ بَعِيرٍ شَارِدٍ وَبَعِيدِ غَيْبَةٍ مُحْتَرَزُ الْأَوَّلِ، وَمِثْلُهُ اسْتِئْجَارُ الْأَخْرَسِ لِلتَّكَلُّمِ وَالْأَعْمَى لِلْكِتَابَةِ، وَأَشَارَ الْمُحْتَرَزُ الثَّانِي بِقَوْلِهِ أَوْ شَيْءٍ غَيْرِ مَمْلُوكٍ لِلْمُؤَجِّرِ وَقَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِقَوْلِنَا وَشَرْعًا لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي، وَلَا حَظْرَ فَالْأَوْلَى لِلشَّارِحِ حَذْفُ مُحْتَرَزِهِ مِنْ هُنَا

ص: 19

أَوْ بَعِيدِ غَيْبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ (بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ (قَصْدًا) احْتِرَازًا عَنْ نَحْوِ اسْتِئْجَارِ شَجَرٍ لِأَكْلِ ثَمَرِهِ وَاسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ مَسْأَلَةَ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ (وَلَا حَظْرَ) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ اسْتِئْجَارِ شَخْصٍ لِعَصْرِ خَمْرٍ أَوْ رَقْصٍ وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ (وَ) بِلَا (تَعَيُّنٍ) يَأْتِي بَيَانُهُ، وَمُحْتَرَزُهُ (وَلَوْ مُصْحَفًا) لِلْقِرَاءَةِ فِيهِ فَيَصِحُّ إجَارَتُهُ لَهَا وَيَجُوزُ ابْتِدَاءً خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (وَ) لَوْ (أَرْضًا غَمَرَ) أَيْ كَثُرَ (مَاؤُهَا وَنَدَرَ انْكِشَافُهُ) هُوَ مَحَلُّ الْمُبَالَغَةِ إذْ لَوْ كَانَ شَأْنُهَا الِانْكِشَافُ فَلَا نِزَاعَ فِي الْجَوَازِ كَمَا أَنَّهُ لَا نِزَاعَ فِي الْمَنْعِ إذَا كَانَتْ لَا تَنْكَشِفُ (وَ) لَوْ (شَجَرًا لِتَجْفِيفٍ) لِنَحْوِ ثِيَابٍ (عَلَيْهَا) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ مِمَّا تَتَأَثَّرُ بِهِ وَيُنْقِصُ قُوَّتَهَا فَهِيَ مَنْفَعَةٌ تَتَقَوَّمُ. وَقَوْلُهُ:(عَلَى الْأَحْسَنِ) يُغْنِي عَنْهُ الْمُبَالَغَةُ.

ثُمَّ أَشَارَ إلَى مُحْتَرَزِ بَعْضِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْقُيُودِ فَذَكَرَ مُحْتَرَزَ قَوْلِهِ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا بِقَوْلِهِ (لَا) اسْتِئْجَارُ شَجَرٍ (لِأَخْذِ ثَمَرَتِهِ أَوْ) اسْتِئْجَارُ (شَاةٍ لِلَبَنِهَا) أَيْ لِأَخْذِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ جُزَافًا مِنْ شِيَاهٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَ الْبَائِعِ كَعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ مُتَسَاوِيَةٍ فِي اللَّبَنِ عَادَةً

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا) أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا، وَهَذَا صَادِقٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ أَصْلًا أَوْ كَانَ هُنَاكَ اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ فَالْأُولَى كَإِجَارَةِ دَابَّةٍ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ وَالثَّانِي كَإِجَارَةِ الشَّجَرِ لِلتَّجْفِيفِ عَلَيْهَا وَكَإِجَارَةِ الشَّاةِ لِلَّبَنِ فَإِنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ، وَهُوَ ذَهَابُ شَيْءٍ مِنْهَا بِالِاسْتِعْمَالِ لَكِنْ ذَلِكَ غَيْرُ مَقْصُودٍ. (قَوْلُهُ: اسْتِئْجَارِ شَجَرٍ لِأَكْلِ ثَمَرِهِ) أَيْ أَوْ شَاةٍ لِأَخْذِ نِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا (قَوْلُهُ: مَسْأَلَةَ الظِّئْرِ لِلرَّضَاعِ) وَكَذَا مَسْأَلَةُ اسْتِئْجَارِ أَرْضٍ فِيهَا بِئْرٌ أَوْ عَيْنٌ، وَمَسْأَلَةُ اسْتِئْجَارِ شَاةٍ لِلَبَنِهَا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ كَمَا يَأْتِي فَإِنَّ فِيهَا اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَهُوَ اللَّبَنُ وَالْمَاءُ (قَوْلُهُ: وَلَا حَظْرَ) بِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مَنْعَ أَيْ وَحَالَةَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ الْحَظْرِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ) أَيْ كَاسْتِئْجَارِ حَائِضٍ أَوْ جُنُبٍ أَوْ كَافِرٍ لِكَنْسِ مَسْجِدٍ كَمَا يَأْتِي وَكَالِاسْتِئْجَارِ عَلَى اسْتِصْنَاعِ آنِيَةٍ مِنْ نَقْدٍ (قَوْلُهُ: وَبِلَا تَعَيُّنٍ) أَيْ وَحَالَ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ مُلْتَبِسَةً بِعَدَمِ التَّعَيُّنِ عَلَى الْمُؤَجِّرِ فَلَا تَصِحُّ الْإِجَارَةُ عَلَى صَلَاةِ الصُّبْحِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُصْحَفًا) مُبَالَغَةً فِي الصِّحَّةِ إذَا تَوَافَرَتْ الشُّرُوطُ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَيْ تَصِحُّ الْإِجَارَةُ إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهَا هَذَا إذَا كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ غَيْرَ مُصْحَفٍ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) حَيْثُ قَالَ بِمَنْعِ إجَارَتِهِ لَا بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ إجَارَتَهُ كَالثَّمَنِ لِلْقُرْآنِ وَبَيْعَهُ ثَمَنٌ لِلْوَرَقِ وَالْخَطِّ، وَقَدْ رَدَّ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ بِلَوْ لَكِنْ مُقْتَضَى الرَّدِّ عَلَيْهِ أَنْ تَكُونَ الْمُبَالَغَةُ فِي الْجَوَازِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ مُبَالَغَةٌ فِي مَحْذُوفٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ إذَا تَوَافَرَتْ الشُّرُوطُ هَذَا إذَا كَانَ الْمُؤَجَّرُ غَيْرَ مُصْحَفٍ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا، وَمَحَلُّ جَوَازِ إجَارَتِهِ إذَا لَمْ يَقْصِدْ الْمُؤَجِّرُ بِإِجَارَتِهِ التَّجْرَ، وَإِلَّا كُرِهَتْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَرْضًا غَمَرَ مَاؤُهَا) أَيْ كَثُرَ مَاؤُهَا حَتَّى عَلَاهَا، وَمَحَلُّ الْجَوَازِ إذَا لَمْ يَحْصُلْ نَقْدُ الْأُجْرَةِ بِشَرْطٍ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ نَقْدٌ أَصْلًا أَوْ حَصَلَ تَطَوُّعًا، وَأَمَّا لَوْ حَصَلَ النَّقْدُ بِشَرْطٍ فَسَدَ الْعَقْدُ هَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي بْن خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ أَنَّهُ مَتَى حَصَلَ النَّقْدُ، وَلَوْ تَطَوُّعًا مُنِعَ

(قَوْلُهُ: أَوْ اسْتِئْجَارُ شَاةٍ لِلَبَنِهَا) كَأَنْ يَقُولَ الْإِنْسَانُ أَسْتَأْجِرُ بَقَرَتَك مُدَّةَ الشِّتَاءِ بِكَذَا لِأَخْذِ لَبَنِهَا وَكَذَا إذَا قُلْت لَهُ أَشْتَرِي لَبَنَهَا مُدَّةَ الشِّتَاءِ بِكَذَا وَكُلْفَتُهَا مِنْ عِنْدِي فَإِذَا انْقَضَى الشِّتَاءُ رَدَدْتُهَا إلَيْك كَمَا يَقَعُ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمِصْرَ.

(قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ) أَيْ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَإِطْلَاقُ الْإِجَارَةِ عَلَى الْعَقْدِ عَلَى الشَّجَرِ لِأَخْذِ ثَمَرِهِ وَعَلَى الْعَقْدِ عَلَى الشَّاةِ لِأَخْذِ لَبَنِهَا مَجَازٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِمَا بَيْعُ مَنْفَعَةٍ، وَإِنَّمَا فِيهِمَا بَيْعُ ذَاتٍ فَلَا حَاجَةَ لِذِكْرِهِمَا فِي مُحْتَرَزٍ بِلَا اسْتِيفَاءِ عَيْنٍ قَصْدًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُمَا هُنَا نَظَرًا لِمَا دَخَلَ عَلَيْهِ الْمُتَعَاقِدَانِ وَعَبَّرَا بِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا اشْتَرَى لَبَنَ شَاةٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ شِرَاءَ لَبَنِ الشَّاةِ فِي ضَرْعِهَا لَا يَكُونُ مَمْنُوعًا مُطْلَقًا بَلْ تَارَةً يَكُونُ مَمْنُوعًا كَمَا مَرَّ وَتَارَةً يَكُونُ جَائِزًا بِشُرُوطٍ عَشَرَةٍ إنْ اشْتَرَاهُ جُزَافًا كَأَنْ يَقُولَ لِذِي أَغْنَامٍ كَثِيرَةٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ شَاةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ مِنْ هَذِهِ الشِّيَاهِ آخُذُهُ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّةَ شَهْرٍ وَبِشُرُوطٍ خَمْسَةٍ إنْ اشْتَرَاهُ عَلَى الْكَيْلِ، وَإِنْ كَانَ الشِّرَاءُ جُزَافًا فَلَا بُدَّ فِي الْجَوَازِ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ الْمُشْتَرَى لَبَنُهَا قَلِيلَةً، وَأَنْ تَكُونَ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ شِيَاهٍ كَثِيرَةٍ، وَأَنْ تَكُونَ كُلُّهَا مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ، وَأَنْ تَكُونَ مُتَسَاوِيَةَ اللَّبَنِ عَادَةً، وَأَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ، وَأَنْ يَعْرِفَ قَدْرَ حِلَابِ الْجَمِيعِ، وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَخْذِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ وَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ: مِنْ شِيَاهٍ كَثِيرَةٍ إلَخْ) إنَّمَا اشْتَرَطَ التَّعَدُّدَ بِكَثْرَةٍ لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ الْكَثِيرَ لَا يَمُوتُ كُلُّهُ فِي وَقْتٍ فَإِذَا مَاتَ الْبَعْضُ بَقِيَ الْبَعْضُ الْمُوَفَّى قَالَ طفى وَتَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ بِشِرَاءِ شَاةٍ أَوْ شَاتَيْنِ غَيْرِ مُعَيَّنَتَيْنِ مِنْ الْكَثِيرِ هُوَ مَا ذَكَرَهُ عج تَبَعًا لِجَدِّهِ خَطَأٌ بَلْ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْجَوَازَ الْمَشْرُوطَ بِالشُّرُوطِ جَوَازُ شِرَاءِ لَبَنِ الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ كَالْعَشَرَةِ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ أَشْتَرِي مِنْك لَبَنَ هَذِهِ الْعَشَرَةِ شِيَاهٍ كُلَّ يَوْمٍ مُدَّةَ شَهْرٍ بِكَذَا فَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ مَمْلُوكَةً لِلْبَائِعِ وَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي اللَّبَنِ وَكَانَ الشِّرَاءُ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ، وَأَنْ يَعْرِفَ الْمُشْتَرِي قَدْرَ حِلَابِهَا، وَأَنْ يَكُونَ الشِّرَاءُ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ فِي أَخْذِ اللَّبَنِ

ص: 20

فِي إبَّانِ الْحِلَابِ مَعَ مَعْرِفَةِ وَجْهِ حِلَابِهَا لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ وَالشُّرُوعُ فِي الْأَخْذِ يَوْمَ الْعَقْدِ أَوْ قُرْبَهُ فَيَجُوزُ وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ كَكُلِّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنْ لَبَنِ شِيَاهِك بِكَذَا (وَاغْتُفِرَ) اشْتِرَاطُ إدْخَالِ (مَا فِي الْأَرْضِ) الْمُكْتَرَاةِ وَجِيبَةً مِنْ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ (مَا لَمْ يَزِدْ) مَا فِيهَا أَيْ قِيمَتُهُ (عَلَى الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ الْجَمِيعِ فَإِنْ زَادَ لَمْ يُغْتَفَرْ وَتُفْسَخُ الْإِجَارَةُ وَيُعْتَبَرُ الثُّلُثُ (بِالتَّقْوِيمِ) ، وَلَا يُعْتَبَرُ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ فَيُقَالُ مَا قِيمَةُ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ إذَا أُكْرِيَتْ بِلَا شَجَرٍ مُثْمِرٍ فَيُقَالُ عَشَرَةٌ فَيُقَالُ، وَمَا قِيمَةُ الثَّمَرَةِ فِي ذَاتِهَا بَعْدَ إسْقَاطِ كُلْفَتِهَا فَيُقَالُ خَمْسَةٌ أَوْ أَقَلُّ فَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ الثُّلُثُ أَوْ أَقَلُّ، وَلَوْ قِيلَ قِيمَتُهَا سِتَّةٌ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَجُزْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ طِيبُ الثَّمَرَةِ فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ، وَأَنْ يَكُونَ شَرْطُ إدْخَالِهَا لِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَأَمَّا الزَّرْعُ فَلَا يَجُوزُ إدْخَالُهُ إلَّا إذَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ فَإِنْ أُكْرِيَتْ مُشَاهَرَةً لَمْ يَجُزْ إدْخَالُ شَيْءٍ، وَذَكَرَ مَفْهُومَ لَا حَظْرَ بِقَوْلِهِ (وَ) لَا (تَعْلِيمِ غِنَاءٍ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (أَوْ)(دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ) أَيْ لِخِدْمَتِهِ (أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً) أَوْ مَجْمَعًا لِفُسَّاقِ أَوْ خَمَّارَةً (كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ) وَيُفْسَخُ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ (وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ) جَمِيعِهِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ لِلدَّارِ وَبِمَا يَنُوبُ الزَّمَنَ الَّذِي فُسِخَتْ إلَيْهِ إنْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي الْأَثْنَاءِ (وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ) فِي بَيْعِهَا لِذَلِكَ (عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ بِزَائِدِهِ عَلَى الثَّمَنِ لَوْ بِيعَتْ لِمُبَاحٍ وَكَذَا بِزَائِدِ الْكِرَاءِ لِلْأَرْضِ إذَا أُكْرِيَتْ لِذَلِكَ عَلَى الْكِرَاءِ لَوْ أُكْرِيَتْ لِجَائِزٍ.

وَذَكَرَ مُحْتَرَزَ تَعَيُّنٍ بِقَوْلِهِ (وَلَا) تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَى (مُتَعَيِّنٍ)

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ (قَوْلُهُ: فِي إبَّانِ الْحِلَابِ) أَيْ فِي زَمَنِ الْحِلَابِ لِاخْتِلَافِ الْحِلَابِ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَعْرِفَةِ وَجْهِ حِلَابِهَا) أَيْ قَدْرِهِ لِأَجْلِ أَنْ يَعْلَمَ الْبَائِعُ قَدْرَ مَا بَاعَ وَالْمُشْتَرِي قَدْرَ مَا اشْتَرَى (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ وَقَعَ عَلَى الْكَيْلِ) أَيْ فَيَجُوزُ كَأَنْ يَقُولَ لِشَخْصٍ أَشْتَرِي مِنْك كُلَّ يَوْمٍ رَطْلَيْنِ مِنْ لَبَنِ شِيَاهِك مُدَّةَ شَهْرٍ بِكَذَا أَوْ أَشْتَرِي مِنْك مِائَةَ رَطْلٍ مِنْ اللَّبَنِ كُلَّ يَوْمٍ آخُذُ مِنْهَا خَمْسَةَ أَرْطَالٍ بِكَذَا لَكِنْ بِالشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ مَا عَدَا الشَّرْطَ الْأَوَّلَ وَهُوَ تَعَدُّدُ الشِّيَاهِ الَّتِي عِنْدَ الْبَائِعِ وَكَثْرَتُهَا وَكَذَا لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ وَجْهِ الْحِلَابِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ تَعَلَّقَ بِالْكَيْلِ فَلَا غَرَرَ وَحِينَئِذٍ فَالْمُشْتَرَطُ كَوْنُ الشِّرَاءِ فِي الْإِبَّانِ، وَأَنْ يَكُونَ لِأَجَلٍ لَا يَنْقُصُ اللَّبَنُ قَبْلَهُ، وَأَنْ يَشْرَعَ الْمُشْتَرِي فِي الْأَخْذِ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَهُ بِأَيَّامٍ يَسِيرَةٍ، وَأَنْ يُسَلِّمَ لِرَبِّ الشِّيَاهِ لَا إلَى غَيْرِهِ، وَأَنْ يُعَجِّلَ الثَّمَنَ لِأَنَّهُ سَلَمٌ (قَوْلُهُ: وَاغْتُفِرَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اكْتَرَى أَرْضًا أَوْ دَارًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ فَيَجُوزُ لِذَلِكَ الْمُكْتَرِي اشْتِرَاطُ دُخُولِ الشَّجَرِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ إنْ كَانَ الْكِرَاءُ وَجِيبَةً وَكَانَ طِيبُ الثَّمَرِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَانَتْ قِيمَةُ الثَّمَرِ الثُّلُثَ فَأَقَلَّ بِالتَّقْوِيمِ، وَأَنْ يَكُونَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهَا لِأَجْلِ دَفْعِ الضَّرَرِ فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ فَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ دُخُولِهِ فِي عَقْدِ الْكِرَاءِ فَإِنْ اشْتَرَطَ دُخُولَهُ فَسَدَ الْعَقْدُ.

(قَوْلُهُ: مِنْ الشَّجَرِ الْمُثْمِرِ) أَيْ وَالْحَالَ أَنَّ ثَمَرَهُ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ أَمَّا لَوْ كَانَ قَدْ بَدَا صَلَاحُهُ وَقْتَ الْعَقْدِ جَازَ اشْتِرَاطُ دُخُولِهِ مُطْلَقًا، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ؛ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَإِجَارَةٌ لِكَوْنِهِ مُسْتَقِلًّا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَزِدْ إلَخْ) أَيْ مُدَّةَ عَدَمِ زِيَادَةِ قِيمَةِ مَا فِيهَا عَنْ الثُّلُثِ بِأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ الثُّلُثَ أَوْ أَقَلَّ فَالثُّلُثُ مِنْ حَيِّزِ الْيَسِيرِ (قَوْلُهُ: بِالتَّقْوِيمِ) أَيْ تَقْوِيمِ كُلٍّ مِنْ الْأَرْضِ أَوْ الدَّارِ وَتَقْوِيمِ الثَّمَرَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ مَا أُكْرِيَتْ بِهِ قَدْ يَزِيدُ أَيْ عَلَى الْقِيمَةِ وَقَدْ يَنْقُصُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: فِي مُدَّةِ الْكِرَاءِ) فَإِنْ كَانَ طِيبُهَا بَعْدَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ فَالْمَنْعُ مُطْلَقًا وَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ (قَوْلُهُ: إلَّا إذَا نَقَصَ عَنْ الثُّلُثِ) أَيْ إلَّا إذَا نَقَصَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ مَعَ بَقِيَّةِ الشُّرُوطِ لَا إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثًا فَقَدْ شَدَّدُوا فِي اشْتِرَاطِ دُخُولِهِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ كَمَا شَدَّدُوا مُسَاقَاتِهِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا فِيهَا شُرُوطًا لَمْ تُعْتَبَرْ فِي مُسَاقَاةِ الْأُصُولِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ إدْخَالُ شَيْءٍ) أَيْ لَا مِنْ الثَّمَرِ، وَلَا مِنْ الزَّرْعِ (قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِ غِنَاءٍ) أَيْ، وَمِثْلُهُ آلَاتُ الطَّرَبِ كَالْمِزْمَارِ وَالْعُودِ (قَوْلُهُ: بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ) أَيْ، وَأَمَّا بِفَتْحِهَا مَعَ الْمَدِّ فَهُوَ النَّفْعُ (قَوْلُهُ: أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجَارَةُ الْحَائِضِ أَوْ الْجُنُبِ أَوْ الْكَافِرِ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا الْحَظْرُ وَكَمَا يُمْنَعُ إجَارَةُ مَنْ ذَكَرَ لِخِدْمَةِ الْمَسْجِدِ يُمْنَعُ تَقْرِيرُ النِّسَاءِ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي لَا تَتَأَتَّى شَرْعًا إلَّا مِنْ الرِّجَالِ كَالْإِمَامَةِ وَالْخَطَابَةِ وَالْأَذَانِ فَتَقْرِيرُهُنَّ فِيهَا بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ التَّقْرِيرِ أَنْ يَكُونَ الْمُقَرَّرُ أَهْلًا لِمَا قُرِّرَ فِيهِ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَيَفْسَخُ) أَيْ عَقْدَ الْإِجَارَةِ مَتَى اطَّلَعَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا عَقْدُ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُفْسَخُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَتُصُدِّقَ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ: وَتَصَدَّقَ بِالْكِرَاءِ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ كِرَائِهَا لِذَلِكَ وَالْمُرَادُ بِالْكِرَاءِ الْأُجْرَةُ الَّتِي اُكْتُرِيَتْ بِهَا الدَّارُ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ مَا يُسَاوِي ثَمَنَ هَذِهِ الدَّارِ أَوْ هَذِهِ الْأَرْضِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً أَوْ خَمَّارَةً فَيُقَالُ خَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ يُقَالُ وَمَا تُسَاوِي لَوْ بِيعَتْ لِمَنْ لَا يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً، وَلَا خَمَّارَةً فَيُقَالُ عَشَرَةً فَيَتَصَدَّقُ بِالْخَمْسَةِ الزَّائِدَةِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْكِرَاءِ وَالْبَيْعِ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ يَعُودُ لِلْمُكْرِي مَا أَكْرَاهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَرَرٌ كَثِيرٌ فَلِذَلِكَ لَزِمَهُ التَّصَدُّقُ بِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ بِخِلَافِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهِ مَا بَاعَهُ فَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ لَاشْتَدَّ ضَرَرُهُ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ مِنْ أَقْوَالٍ ثَلَاثَةٍ قِيلَ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالثَّمَنِ وَالْكِرَاءِ وَقِيلَ بِفَضْلَتِهِمَا وَقِيلَ إنَّهُ يَتَصَدَّقُ فِي الْكِرَاءِ بِجَمِيعِهِ، وَفِي الْبَيْعِ بِفَضْلَةِ الثَّمَنِ، وَهَذَا مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِزَائِدِ الْكِرَاءِ لِلْأَرْضِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَرْضَ يَتَصَدَّقُ فِيهَا بِالْفَضْلَةِ فِي كُلٍّ مِنْ

ص: 21

أَيْ مَطْلُوبٍ مِنْ كُلِّ شَخْصٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا تَصِحُّ فِيهِ النِّيَابَةُ، وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ (كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ بِخِلَافِ الْكِفَايَةِ) كَغُسْلِ الْمَيِّتِ أَوْ حَمْلِهِ فَيَصِحُّ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَتَعَيَّنُ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا مُطْلَقًا (وَعُيِّنَ) فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وُجُوبًا (مُتَعَلِّمٌ) لِقِرَاءَةٍ أَوْ صَنْعَةٍ لِاخْتِلَافِ حَالِهِ ذَكَاءً وَبَلَادَةً (وَرَضِيعٌ) لِاخْتِلَافِ حَالِهِ بِكَثْرَةِ الرَّضَاعِ وَقِلَّتِهِ (وَ) عُيِّنَ (دَارٌ وَحَانُوتٌ) وَحَمَّامٌ وَخَانٌ وَنَحْوُهَا إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ فِي الذِّمَّةِ

[دَرْسٌ](وَ) عُيِّنَ (بِنَاءٌ عَلَى)(جِدَارٍ) اُسْتُؤْجِرَ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهِ فَيَذْكُرُ قَدْرَهُ طُولًا وَعَرْضًا وَكَوْنَهُ بِطُوبٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ غَيْرِهِمَا بِخِلَافِ كِرَاءِ الْأَرْضِ لِلْبِنَاءِ عَلَيْهَا فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ مَا يُبْنَى فِيهَا مِنْ كَوْنِهِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ طُوبٍ (وَ) عُيِّنَ (مَحْمِلٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ ثَالِثِهِ مَا يُرْكَبُ فِيهِ مِنْ شُقَّةٍ وَشُقْدُفٍ وَمِحَفَّةٍ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَالطُّولِ وَالْقِصَرِ، وَأَمَّا بِكَسْرِ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ فَعَلَّاقَةُ السَّيْفِ (إنْ لَمْ تُوصَفْ) الْمَذْكُورَاتُ فَإِنْ وُصِفَتْ وَصْفًا شَافِيًا كَفَى لَكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى الْجِدَارِ لَا يُمْكِنُ فِيهِ إلَّا الْوَصْفُ لِعَدَمِ وُجُودِهِ حَالَ الْعَقْدِ

(وَ) عُيِّنَتْ (دَابَّةٌ) أُكْرِيَتْ (لِرُكُوبٍ) عَلَيْهَا بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ، وَلَا يَكْفِي الْوَصْفُ إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ قَصَدَ عَيْنَهَا (وَإِنْ ضُمِنَتْ) فِي الذِّمَّةِ بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ دَابَّةٍ (فَجِنْسٌ) أَيْ فَاللَّازِمُ تَعْيِينُ جِنْسِهَا كَإِبِلٍ أَوْ بِغَالٍ (وَنَوْعٌ) أَيْ صِنْفٌ كَعِرَابٍ وَبُخْتٍ (وَذُكُورَةٌ) أَوْ أُنُوثَةٌ فَالْوَصْفُ فِي هَذَا الْبَابِ يَقُومُ مَقَامَ التَّعْيِينِ مِنْ حَيْثُ صِحَّةُ الْعَقْدِ فَقَطْ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الدَّابَّةَ وَغَيْرَهَا لِرُكُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ لَا بُدَّ فِي صِحَّةِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهَا مِنْ التَّعْيِينِ بِالذَّاتِ أَوْ الْوَصْفِ إلَّا أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا، وَإِلَّا فَلَا وَعَلَى رَبِّهَا بَدَلُهَا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ بَيْعِهَا وَكِرَائِهَا بِخِلَافِ الدَّارِ فَإِنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِالْفَضْلَةِ فِي بَيْعِهَا وَبِالْكِرَاءِ جَمِيعِهِ فِي إجَارَتِهَا، وَهَذَا مَا نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَاَلَّذِي نَقَلَهُ الْمَوَّاقُ عَنْ ابْنِ يُونُسَ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْأَرْضَ كَالدَّارِ فِي أَنَّهُ يَتَصَدَّقُ بِكُلِّ الْأُجْرَةِ فِي إجَارَتِهَا وَبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ فِي بَيْعِهَا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ فَرْضٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ فَرْضًا بَلْ، وَلَوْ كَانَ غَيْرَ فَرْضٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ مَنْدُوبًا كَرَكْعَتَيْ الْفَجْرِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ جَمِيعَ الْمَنْدُوبَاتِ مِنْ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبَاتُ مِنْ غَيْرِهِمَا كَالذِّكْرِ وَالْقِرَاءَةِ فَإِنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَارَةُ عَلَيْهِمَا وَذَكَرَ ابْنُ فَرْحُونٍ أَنَّ جَوَازَ الْإِجَارَةِ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مَبْنِيٌّ عَلَى وُصُولِ ثَوَابِ الْقُرْآنِ لِمَنْ قُرِئَ لِأَجْلِهِ كَالْمَيِّتِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ عَلَى أَنَّ الرَّاجِحَ وُصُولُ ذَلِكَ لَهُ بِكَلَامِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَغَيْرِهِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهَا) أَيْ لِتَمَحُّضِهَا لِلْعِبَادَةِ، وَأَمَّا الْغُسْلُ وَالْحَمْلُ لِلْمَيِّتِ فَإِنَّهَا لَمَّا شَارَكَتْ فِي الصُّورَةِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةً غَيْرَهَا لَمْ تَتَمَحَّضْ بِصُورَتِهَا لِلْعِبَادَةِ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ) أَيْ بِالْإِشَارَةِ أَوْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ فِي عَقْدِ الْإِجَارَةِ وُجُوبًا أَيْ فَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ فَسَدَتْ (قَوْلُهُ: إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْعَقَارُ) أَيْ لِلْمُسْتَأْجِرِ فِي الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إجَارَتِهِ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ مِنْ ذِكْرِ مَوْضِعِهِ وَحُدُودِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأُجْرَةُ، وَهَذَا يَقْتَضِي تَعْيِينَهُ.

(قَوْلُهُ: اُسْتُؤْجِرَ) أَيْ الْجِدَارُ (قَوْلُهُ: وَعُيِّنَ مَحْمِلٌ) فَإِذَا قَالَ أَسْتَأْجِرُ مِنْك جَمَلًا أَرْكَبُهُ لِمَكَّةَ فِي مَحْمِلٍ وَجَبَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمَحْمِلَ مِنْ كَوْنِهِ شُقْدُفًا أَوْ شُقَّةً أَوْ مِحَفَّةً (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تُوصَفْ الْمَذْكُورَاتُ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الشَّرْطَ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَعَلَى هَذَا فَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَصَفَ سِنَّ الرَّضِيعِ مِنْ غَيْرِ اخْتِبَارِ رَضَاعِهِ كَفَى فِي جَوَازِ الْإِجَارَةِ مُوَافِقٌ لِلْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ الْبِنَاءُ عَلَى الْجِدَارِ إلَخْ) وَحِينَئِذٍ فَالشَّرْطُ رَاجِعٌ لِمَجْمُوعِ مَا تَقَدَّمَ أَيْ مَا عَدَا الْجِدَارَ لَا أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ وُجُودِهِ) أَيْ الْبِنَاءِ عَلَى الْجِدَارِ حِينَ الْعَقْدِ حَتَّى إنَّهُ يُعَيِّنُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: وَدَابَّةٌ أُكْرِيَتْ لِرُكُوبٍ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ أُكْرِيَتْ لِحَمْلٍ أَوْ اسْتِقَاءٍ أَوْ حَرْثٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْيِينُهَا، وَإِنَّمَا يَجِبُ بَيَانُ مَا تَخْتَلِفُ بِهِ الْأَغْرَاضُ (قَوْلُهُ: إذَا لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً) أَتَى الشَّارِحُ بِذَلِكَ لِلْإِشَارَةِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ ضُمِنَتْ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ وَعُيِّنَتْ دَابَّةٌ لِرُكُوبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ مَضْمُونَةً أَوْ إنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ ضَمِنَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ ضُمِنَتْ) هُوَ بِالتَّخْفِيفِ لِقَوْلِهِمْ مَضْمُونَةً أَيْ، وَإِنْ أُرِيدَ الْعَقْدُ عَلَى مَضْمُونَةٍ أَيْ مُتَعَلِّقَةٍ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَمْ يَقْصِدْ عَيْنَ دَابَّةٍ) أَيْ كَأَنْ قَالَ قَدْ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً وَقَوْلُهُ: فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ أَيْ فَالْوَاجِبُ ذِكْرُ مَا ذَكَرَ مِنْ الْجِنْسِ، وَمَا مَعَهُ مَا لَمْ تُوصَفْ كَدَابَّتِك الْحَمْرَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ، وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهَا سَوَاءٌ كَانَتْ مُعَيَّنَةً أَوْ مَضْمُونَةً لَكِنْ تَعْيِينُ الْمُعَيَّنَةِ بِالشَّخْصِ يَكُونُ بِالْإِشَارَةِ إلَيْهَا أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ وَتَعْيِينُ الْمَضْمُونَةِ يَكُونُ بِذِكْرِ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَدَابَّتِك الْبَيْضَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ (قَوْلُهُ: كَإِبِلٍ أَوْ بِغَالٍ) كَ أَكَتْرِي مِنْك دَابَّةً مِنْ الْإِبِلِ أَوْ مِنْ الْبِغَالِ أَرْكَبُهَا لِمَحَلِّ كَذَا بِكَذَا (قَوْلُهُ: أَيْ صِنْفٌ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَطْلَقَ النَّوْعَ، وَأَرَادَ بِهِ الصِّنْفَ كَبُخْتٍ وَعِرَابٍ وَبِرْذَوْنٍ وَعَرَبِيٍّ كَمَا أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجِنْسَ، وَأَرَادَ بِهِ النَّوْعَ مِنْ إبِلٍ وَبِغَالٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنَّهَا إذَا عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ) أَيْ أَوْ بِأَلْ الْعَهْدِيَّةِ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَإِنْ كَانَ تَعْيِينُهَا بِالذَّاتِ بِأَنْ عُيِّنَتْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ أَوْ أَلْ الْعَهْدِيَّةِ انْفَسَخَتْ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ، وَإِلَّا تُعَيَّنْ بِالْإِشَارَةِ الْحِسِّيَّةِ بَلْ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ وَالذُّكُورَةِ أَوْ الْأُنُوثَةِ أَوْ بِالْوَصْفِ كَدَابَّتِك الْبَيْضَاءِ أَوْ السَّوْدَاءِ فَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِتَلَفِهَا

ص: 22

وَلَوْ قَالَ دَابَّتُك الْبَيْضَاءُ أَوْ الْحَمْرَاءُ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا لِاحْتِمَالِ إبْدَالِهَا مَا لَمْ يَقُلْ هَذِهِ أَوْ الَّتِي رَأَيْتهَا مَعَك بِالْأَمْسِ بِعَيْنِهَا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ لَا يُفِيدُ ذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَمَحْمِلٍ وَدَابَّةٍ وَسَفِينَةٍ وَنَحْوِهَا إنْ لَمْ تُوصَفْ وَتَعَيَّنَتْ بِالْإِشَارَةِ، وَإِلَّا فَمَضْمُونَةٌ

(وَلَيْسَ لِرَاعٍ) اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِ غَنَمٍ (رَعْيُ) غَنَمٍ (أُخْرَى) مَعَهَا (إنْ لَمْ يَقْوَ) عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى مَعَهَا لِغَيْرِ رَبِّهَا لِكَثْرَتِهَا (إلَّا بِمُشَارِكٍ) يُعَاوِنُهُ فَلَهُ رَعْيُ أُخْرَى مَعَ الْأُولَى (أَوْ تَقِلُّ) الْأُولَى بِحَيْثُ يَقْوَى عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى مَعَهَا (وَلَمْ يَشْتَرِطْ) عَلَيْهِ رَبُّ الْأُولَى (خِلَافَهُ) أَيْ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا فَلَهُ رَعْيُ أُخْرَى، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ قَلَّتْ وَاشْتَرَطَ رَبُّهَا عَلَيْهِ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَعْيُ الْأُخْرَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ شَرَطَ خِلَافَهُ أَيْ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا فَتَجَرَّأَ وَرَعَى غَيْرَهَا مَعَهَا (فَأَجْرُهُ) لِمَا رَعَى مِنْ غَيْرِهَا (لِمُسْتَأْجِرِهِ) أَيْ رَبِّ الْغَنَمِ الْأُولَى (كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ) حَتَّى فَوَّتَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ أَوْ بَعْضَهُ فَأُجْرَتُهُ تَكُونُ لِمُسْتَأْجِرِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ شَاءَ أَسْقَطَ عَنْ نَفْسِهِ أُجْرَةَ مَا فَوَّتَهُ فَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا بِأَنْ وَفَّى لَهُ بِجَمِيعِ مَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ فَلَا كَلَامَ لَهُ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ وَقَوْلُهُ: آجَرَ نَفْسَهُ أَنَّهُ لَوْ عَمِلَ مَجَّانًا فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ كِرَائِهِ بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا عَمِلَ (وَلَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الرَّاعِيَ (رَعْيُ الْوَلَدِ) الَّذِي تَلِدُهُ الْغَنَمُ فَعَلَى رَبِّهَا أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِرَاعٍ آخَرَ لِرَعْيِهَا أَوْ يَجْعَلَ لِلْأَوَّلِ أُجْرَةً فِي نَظِيرِ رَعْيِ الْأَوْلَادِ (إلَّا لِعُرْفٍ) فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ.

(وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ بِالْعُرْفِ أَيْضًا (فِي الْخَيْطِ) فِي كَوْنِهِ عَلَى الْخَيَّاطِ أَوْ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ (وَ) فِي (نَقْشِ الرَّحَى) الْمُسْتَأْجَرَةِ لِلطَّحْنِ فِي كَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ أَوْ الْمُسْتَأْجِرِ (وَ) فِي (آلَةِ بِنَاءٍ) فَيُقْضَى بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إذْ الْعُرْفُ قَاعِدَةٌ مِنْ قَوَاعِدِ الْفِقْهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ عُرْفٌ فِيمَا ذَكَرَ (فَعَلَى رَبِّهِ) أَيْ رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ مِنْ ثَوْبٍ وَدَقِيقٍ وَجِدَارٍ وَذَلِكَ (عَكْسُ إكَافٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ كَكِتَابٍ وَتُضَمُّ كَغُرَابٍ وَالْمُرَادُ بِهِ مَا يُرْكَبُ عَلَيْهِ مِنْ بَرْذَعَةٍ أَوْ شَيْءٍ

ــ

[حاشية الدسوقي]

وَعَلَى رَبِّهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) مُبَالَغَةً فِي عَدَمِ الْفَسْخِ وَلُزُومِ رَبِّهَا الْخَلَفُ (قَوْلُهُ: لَا يُفِيدُ ذَلِكَ) أَيْ لَا يُفِيدُ أَنَّهُ إذَا قَالَ دَابَّتَك الْبَيْضَاءَ أَوْ الْحَمْرَاءَ، وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا مِنْ قَبِيلِ الْمَضْمُونَةِ الَّتِي لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَلَفِهَا لِعَدَمِ ذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ حَذَفَ قَوْلَهُ إنْ لَمْ تُوصَفْ مِنْ هُنَا لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ قَالَ، وَإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ وَنَوْعٌ وَذُكُورَةٌ إنْ لَمْ تُوصَفْ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَضْمُونَةَ لَا بُدَّ مِنْ تَعْيِينِهَا إمَّا بِذِكْرِ الْجِنْسِ، وَمَا مَعَهُ، وَإِمَّا بِالْوَصْفِ (قَوْلُهُ: وَمَحْمِلٌ وَدَابَّةٌ وَسَفِينَةٌ) أَيْ وُعِّينَ مَحْمِلٌ وَدَابَّةٌ وَسَفِينَةٌ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمَضْمُونَةٌ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ بِالْإِشَارَةِ بَلْ بِذِكْرِ الْجِنْسِ وَالنَّوْعِ أَوْ بِالْوَصْفِ فَمَضْمُونَةٌ.

(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَقْوَ) أَيْ وَجَازَ إنْ قَوِيَ كَأَنْ تَقِلَّ أَوْ يَكُونَ مَعَهُ مُشَارِكٌ يُعَاوِنُهُ كَمَا قَالَ بَعْدُ، وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِي رَاعٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى رَعْيِ عَدَدٍ مِنْ الْغَنَمِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، وَأَمَّا رَاعٍ مَلَكَ جَمِيعَ عَمَلِهِ فَأَجِيرُ خِدْمَةٍ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ مُطْلَقًا قَوِيَ عَلَى الْأُخْرَى أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بِمُشَارِكٍ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى مَعَ شَرْطِهِ وَالْمَعْنَى لَيْسَ لِرَاعٍ انْتَفَتْ قُوَّتُهُ رَعْيُ أُخْرَى إلَّا بِمُشَارِكٍ يُعَاوِنُهُ عَلَى الرَّعْيِ فَيَجُوزُ لَهُ رَعْيُ الْأُخْرَى مَعَ الْأُولَى، وَلَا يَصِحُّ اسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ الشَّرْطِ وَحْدَهُ لِفَسَادِ الْمَعْنَى إذْ يَصِيرُ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَكُونَ عَدَمُ قُوَّتِهِ بِمُشَارِكٍ مَعَ أَنَّ الْمُشَارِكَ لَيْسَ سَبَبًا فِي عَدَمِ الْقُوَّةِ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلَّ تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ الشَّرْطِ، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِهِ مَعَ اعْتِبَارِهِ لَهُ لِأَجْلِ تَقْيِيدِهِ بِالْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ خِلَافَهُ.

(قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَقْوَى عَلَى رَعْيِ الْأُخْرَى) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأُخْرَى كَثِيرَةً (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَشْتَرِطْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ خِلَافًا لِظَاهِرِ الشَّارِحِ مِنْ رُجُوعِهِ لِقَوْلِهِ أَوْ تَقِلُّ فَقَطْ أَيْ إلَّا بِمُشَارِكٍ أَوْ تَقِلُّ الْأُولَى وَالْحَالُ أَنَّ رَبَّ الْغَنَمِ لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الرَّاعِي خِلَافَهُ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ مُعَاوِنٌ يُعَاوِنُهُ أَوْ قَلَّتْ وَاشْتَرَطَ عَلَيْهِ عَدَمَ رَعْيِ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ لَهُ رَعْيُ أُخْرَى (قَوْلُهُ: فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجَرِهِ) أَيْ تَخْيِيرًا وَإِنْ شَاءَ نَقَصَهُ مُسْتَأْجِرُهُ الْأَوَّلُ مِنْ مُسَمَّاهُ مَا نَقَصَ وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ مَا أُجْرَتُهُ عَلَى رَعْيِهَا وَحْدَهَا فَإِذَا قِيلَ عَشَرَةً مَثَلًا قِيلَ، وَمَا أُجْرَتُهُ إذَا كَانَ يَرْعَاهَا مَعَ غَيْرِهَا فَإِذَا قِيلَ ثَمَانِيَةً فَقَدْ نَقَصَ الْخُمُسُ فَيُخَيَّرُ مُسْتَأْجِرُهُ بَيْنَ أَنْ يَنْقُصَهُ خُمُسَ الْمُسَمَّى وَبَيْنَ أَخْذِ مَا آجَرَ بِهِ نَفْسَهُ وَيَدْفَعُ لَهُ الْمُسَمَّى بِتَمَامِهِ وَيَجْرِي مِثْلُ هَذَا فِي قَوْلِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَيْهِ شَيْئًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يُفَوِّتْ عَلَى الْأَوَّلِ شَيْئًا مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِنْ كِرَائِهِ) أَيْ لِلْأَوَّلِ وَقَوْلُهُ: بِقَدْرِ قِيمَةِ مَا عَمِلَ أَيْ لِلثَّانِي (قَوْلُهُ: بِرَاعٍ آخَرَ لِرَعْيِهَا) أَيْ لِيَرْعَاهَا مَعَ رَاعِي الْأُمَّهَاتِ لَا مُنْفَرِدًا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يُقَيِّدُ مَا أَطْلَقَاهُ وَيُفَسِّرُ مَا أَجْمَلَاهُ وَيَكُونُ شَاهِدًا لِمَنْ ادَّعَاهُ.

(قَوْلُهُ: وَعُمِلَ بِهِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَالشَّرْطُ مُقَدَّمٌ عَلَيْهِ عِنْدَ وُجُودِهِ (قَوْلُهُ: فِي كَوْنِهِ عَلَى الْمَالِكِ) أَيْ مَالِكِ الرَّحَى (قَوْلُهُ: فَيُقْضَى بِمَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ) أَيْ فَإِنْ جَرَى بِأَنَّ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجَرِ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْخَيَّاطُ وَالطَّحَّانُ وَالْبَنَّاءُ قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ عِنْدَ التَّنَازُعِ وَإِنْ جَرَى بِأَنَّهُ عَلَى رَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ قُضِيَ بِهِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَدَقِيقٍ) جَعْلُ النَّقْشِ عَلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ إنَّمَا يَظْهَرُ إذَا كَانَ صَاحِبَ الطَّاحُونِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانًا يَطْحَنُ لَهُ فِيهَا دَقِيقَهُ، وَأَمَّا لَوْ اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ الطَّاحُونَ لِيَطْحَنَ فِيهَا لِلنَّاسِ أَوْ لِنَفْسِهِ كَانَ النَّقْشُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ عَلَى صَاحِبِهَا لَا عَلَى صَاحِبِ الدَّقِيقِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ الْعُرْفِ النَّقْشُ

ص: 23

أَصْغَرَ مِنْهَا (وَشِبْهِهِ) كَسَرْجٍ وَحَوِيَّةٍ وَلِجَامٍ، وَمِقْوَدٍ فَيُعْمَلُ فِيهَا بِالْعُرْفِ، وَإِلَّا فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَحِينَئِذٍ فَحُكْمُ الْإِكَافِ وَشِبْهُهُ حُكْمُ الْخَيْطِ، وَمَا مَعَهُ إذْ هُوَ عَلَى رَبِّهِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ لَا عَكْسَهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ الْعَكْسُ فِي التَّصْوِيرِ لَا الْحُكْمُ، وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْأَوَّلِ مُكْتَرٍ، وَهُنَا مُكْرٍ.

(وَ) عُمِلَ بِالْعُرْفِ (فِي) أَحْوَالِ (السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ) وَقَدْرِ الْإِقَامَةِ بِهَا (وَالْمَعَالِيقِ) جَمْعُ مُعْلُوقٍ بِضَمِّ الْمِيمِ كَعُصْفُورٍ وَعَصَافِيرَ أَيْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمُسَافِرُ مِنْ نَحْوِ سَمْنٍ وَزَيْتٍ وَعَسَلٍ (وَالزَّامِلَةِ) مَا يَحْمِلُ فِيهِ الْمُسَافِرُ حَاجَتَهُ مِنْ خُرْجٍ وَنَحْوِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ وَجَبَ التَّعْيِينُ فِي السَّيْرِ وَالْمَنَازِلِ، وَإِلَّا فُسِخَ الْكِرَاءُ، وَأَمَّا فِي الْمَعَالِيقِ وَالزَّامِلَةِ فَلَا يُفْسَخُ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُكْرِيَ حَمْلُهَا (وَ) فِي (وَطَائِهِ) أَيْ فَرْشِهِ، وَأَوْلَى غِطَائِهِ (بِمَحْمِلٍ) حَمْلًا أَوْ إتْيَانًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ لَمْ يَلْزَمْ الْمُكْرِيَ (وَبَدَلِ) نَقْصِ (الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَيْهِ وَزْنُ الْحِمْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَكْسُهُ كَمَا إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى قِنْطَارٍ إلَى بَلَدِ كَذَا فَأَصَابَهُ مَطَرٌ حَتَّى زَادَ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ (وَتَوْفِيرِهِ) أَيْ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ إذَا أَرَادَ رَبُّهُ أَنْ يُوَفِّرَهُ مِنْ أَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ، وَأَرَادَ الْمُكْرِي تَخْفِيفَهُ عُمِلَ بِالْعُرْفِ (كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَقَدْ تُكْسَرُ وَتُضَمُّ (قَائِلَةً) أَوْ لَيْلًا أَيْ إنَّ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ أَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا لِيَلْبَسَهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْزِعَهُ فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً فَإِنْ اخْتَلَفَ الْعُرْفُ فِي لُبْسِهِ وَنَزْعِهِ لَزِمَهُ بَيَانُ وَقْتِ نَزْعِهِ أَوْ دَوَامُ لُبْسِهِ (، وَهُوَ) أَيْ مَنْ تَوَلَّى الْمَعْقُودَ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ تَوَلَّى الْعَيْنَ الْمُؤَجَّرَةَ مِنْ مُؤَجَّرٍ بِالْفَتْحِ كَرَاعٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ كَمُكْتَرِي الدَّابَّةِ وَنَحْوِهَا (أَمْنٌ فَلَا ضَمَانَ) عَلَيْهِ إنْ ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا لَقَدْ ضَاعَ، وَمَا فَرَّطْتُ، وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطْتُ وَبَالَغَ عَلَى عَدَمِ الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ شُرِطَ) عَلَيْهِ (إثْبَاتُهُ) أَيْ الضَّمَانِ (إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ) فَلَا ضَمَانَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِهَا لَكِنْ كَلَامُهُ يُوهِمُ صِحَّةَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ مَعَ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ؛ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، سَوَاءٌ زَادَتْ عَلَى

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَازِمٌ لِرَبِّ الرَّحَى سَوَاءٌ كَانَ هُوَ صَاحِبَ الدَّقِيقِ بِأَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَطْحَنُ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ الدَّقِيقُ لِغَيْرِهِ بِأَنْ آجَرَهَا لِرَبِّ الدَّقِيقِ.

(قَوْلُهُ: أَصْغَرَ مِنْهَا) أَيْ، وَهُوَ الْمُسَمَّى عِنْدَ التَّرَّاسِينَ نَمَّارِيَّةٌ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ وَالْيَاءِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) أَيْ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ عَلَى الْمُكْتَرِي الَّذِي اكْتَرَى الدَّابَّةَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ أَنَّهُ) أَيْ الرَّبَّ فِي الْأَوَّلِ مُكْتَرٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الثَّوْبِ اكْتَرَى الْخَيَّاطَ وَصَاحِبَ الْجِدَارِ اكْتَرَى الْبَنَّاءَ وَرَبَّ الرَّحَى مُكْتَرٍ، وَمُسْتَأْجِرٌ لِمَنْ يَطْحَنُ لَهُ قَمْحَهُ عَلَى رَحَاهُ.

(قَوْلُهُ: فِي أَحْوَالِ السَّيْرِ) أَيْ مِنْ كَوْنِهِ بِالْهُوَيْنَا أَوْ حَدْرًا أَوْ مُتَوَسِّطًا ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ، وَفِي السَّيْرِ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي الْخَيْطِ، وَأَعَادَ الْجَارَّ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّهُ عَطْفٌ عَلَى الْإِكَافِ فَيَتَسَلَّطُ عَلَيْهِ الْعَكْسُ (قَوْلُهُ: وَالْمَنَازِلِ) أَيْ مَوَاضِعِ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: أَيْ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمُسَافِرُ مِنْ نَحْوِ سَمْنٍ) أَيْ مِنْ وِعَاءِ نَحْوِ سَمْنٍ فَإِذَا اكْتَرَيْت جَمَلًا لِتَرْكَبَهُ فِي السَّفَرِ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّهُ حَمْلُ وِعَاءِ نَحْوِ السَّمْنِ إلَّا بِالْعُرْفِ (قَوْلُهُ: مِنْ خُرْجٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ فَإِذَا اكْتَرَيْت دَابَّةً لِتَرْكَبَهَا فَيَرْجِعُ فِي حَمْلِ الْخُرْجِ وَالصُّنْدُوقِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الدَّابَّةِ حَمْلُهُ.

(قَوْلُهُ: وَوَطَائِهِ بِمَحْمِلٍ) أَيْ أَنَّ مَا يُوضَعُ تَحْتَ الْمُكْتَرِي فِي الْمَحْمِلِ مِنْ فِرَاشٍ يَرْجِعُ فِي الْإِتْيَانِ بِهِ، وَفِي حَمْلِهِ لِلْعُرْفِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَلَا يَلْزَمُ الْجَمَّالَ الْإِتْيَانُ بِهِ، وَلَا حَمْلُهُ (قَوْلُهُ: وَأَوْلَى غِطَائِهِ) أَيْ لِعَدَمِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ غَالِبًا (قَوْلُهُ: وَبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ) أَيْ وَبَدَلِ نَقْصِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ فَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ مُضَافٌ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا نَقَصَ الطَّعَامُ الْمَحْمُولُ بِأَكْلٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ نَحْوِهِ، وَأَرَادَ صَاحِبُهُ عِوَضَ بَدَلِهِ وَامْتَنَعَ الْمُكْرِي فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لِلْعُرْفِ فَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِعَدَمِ بَدَلِهِ عُمِلَ بِهِ كَمَا فِي طَرِيقِ الْحَجِّ فَإِنَّ الْمُكْرِيَ يَدْخُلُ مَعَ الْمُكْتَرِي عَلَى وَزْنٍ مُعَيَّنٍ مَعَ عِلْمِهِمَا نَقْصَهُ بِأَكْلٍ وَعَلَفٍ كُلَّ يَوْمٍ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ فَعَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ حَمْلُ الْوَزْنِ الْأَوَّلِ الْمُشْتَرَطِ لِتَمَامِ الْمَسَافَةِ الْمُكْتَرَاةِ (قَوْلُهُ: الطَّيْلَسَانِ) هُوَ الشَّالُ الَّذِي تُغَطَّى بِهِ الرَّأْسُ (قَوْلُهُ: أَوْ اسْتَأْجَرَ قَمِيصًا إلَخْ) أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ الطَّيْلَسَانَ لَا مَفْهُومَ لَهُ بَلْ الثَّوْبُ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي أَوْقَاتِ نَزْعِهِ عَادَةً) أَيْ كَوَقْتِ الْقَيْلُولَةِ وَاللَّيْلِ.

(تَنْبِيهٌ) مِمَّا يُرْجَعُ فِيهِ لِلْعُرْفِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ مَا إذَا اكْتَرَى عَلَى حَمْلِ مَتَاعِ دَوَابَّ إلَى مَوْضِعٍ فَاعْتَرَضَ نَهْرٌ فِي الطَّرِيقِ كَالنِّيلِ لَا يُجَازُ إلَّا بِالْمَرْكَبِ فَتَعْدِيَةُ كُلٍّ مِنْ الدَّابَّةِ وَالْحَمْلِ عَلَى رَبِّهِ إلَّا أَنْ لَا يَعْلَمُوا بِهِ، وَإِلَّا فَتَعْدِيَةُ الْجَمِيعِ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُؤَجِّرٍ، وَمُسْتَأْجِرٍ) أَيْ، وَهَذَا الصَّنِيعُ أَوْلَى مِنْ قَصْرِ تت لَهُ عَلَى الثَّانِي حَيْثُ قَالَ، وَهُوَ أَيْ الْمُسْتَأْجِرُ أَمِينٌ فَعَلَى هَذَا يَضْمَنُ الرَّاعِي إذَا ادَّعَى الضَّيَاعَ أَوْ التَّلَفَ، وَهَذَا وَإِنْ قِيلَ بِهِ فِي الرَّاعِي الْمُشْتَرَكِ بَيْنَ قَوْمٍ كَالصَّانِعِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ تُصَدِّقُهُ لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ أَلَّفَ صَاحِبُ الْمِعْيَارِ رِسَالَةً فِي الرَّدِّ عَلَى صَاحِبِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَكَذَلِكَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ رَحَّالٍ أَلَّفَ رِسَالَةً فِي الْأُجَرَاءِ وَالصُّنَّاعِ وَتَعَرَّضَ فِيهَا لِلرَّدِّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَانَ) أَيْ الْمَعْقُودُ عَلَيْهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالثَّوْبِ أَوْ لَا كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ غَيْرُهُ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ يَحْلِفُ مَا فَرَّطْت) أَيْ أَنَّهُ يَحْلِفُ عَلَى التَّفْرِيطِ، وَأَمَّا الضَّيَاعُ فَيُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ حَلِفٍ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الضَّيَاعَ نَاشِئٌ عَنْ تَفْرِيطِهِ غَالِبًا فَيَكْفِي حَلِفُهُ مَا فَرَّطْت، وَفِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهُ يَحْلِفُ مُطْلَقًا أَيْ عَلَى الضَّيَاعِ وَالتَّفْرِيطِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شُرِطَ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ الضَّمَانَ سَاقِطٌ عَنْهُ، وَلَوْ شُرِطَ

ص: 24

التَّسْمِيَةِ أَوْ نَقَصَتْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَّا أَنْ يَسْقُطَ الشَّرْطُ قَبْلَ الْفَوَاتِ، وَإِلَّا صَحَّتْ الْإِجَارَةُ، وَالْفَوَاتُ هُنَا بِانْقِضَاءِ الْعَمَلِ فَإِسْقَاطُهُ فِي أَثْنَائِهِ كَإِسْقَاطِهِ قَبْلَهُ فِي إفَادَةِ الصِّحَّةِ (أَوْ عَثَرَ) أَجِيرُ حَمْلٍ أَوْ عَثَرَتْ دَابَّتُهُ (بِدُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا (أَوْ) عَثَرَ (بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ، وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (لَمْ يَتَعَدَّ) فِي فِعْلِهِ، وَلَا سَوْقِ دَابَّتِهِ فَلَا ضَمَانَ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِأَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهُ، وَلَمْ يُصَاحِبْهُ، وَلَمْ تَقُمْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَيَضْمَنُ (أَوْ انْقَطَعَ الْحَبْلُ) فَتَلِفَ الْمَتَاعُ الْمَشْدُودُ بِهِ (وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ) بِأَنْ لَمْ يَغُرَّ أَصْلًا أَوْ غَرَّ بِقَوْلٍ فَلَا ضَمَانَ إذْ لَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ كَأَنْ يَأْتِيَ بِشُقَّةٍ لِخَيَّاطٍ يَقُولُ لَهُ هَلْ تَكْفِي ثَوْبًا فَيَقُولُ نَعَمْ فَيُفَصِّلُهَا فَلَمْ تَكْفِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْخَيَّاطِ، وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ كِفَايَتِهَا، نَعَمْ إنْ شَرَطَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ عَلِمْتَ أَنَّهَا تَكْفِي فَفَصِّلْهَا، وَإِلَّا فَلَا فَقَالَ تَكْفِي، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَكْفِي فَيَضْمَنُ، وَمِثَالُ الْقَوْلِيِّ أَيْضًا أَنْ يَقُولَ الصَّيْرَفِيُّ فِي دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ إنَّهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَدِيءٌ فَلَا ضَمَانَ، وَلَوْ بِأُجْرَةٍ وَقِيلَ بِضَمَانِهِ مُطْلَقًا وَقِيلَ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ وَاسْتُظْهِرَ، فَإِنْ غَرَّ بِفِعْلٍ ضَمِنَ كَرَبْطِهِ بِحَبْلٍ رَثٍّ أَوْ مَشْيِهِ فِي مَوْضِعِ زَلْقٍ أَوْ تَعَثَّرَتْ الدَّابَّةُ فِيهِ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ بِحِسَابِ مَا سَارَ كَكُلِّ مُتَعَدٍّ فِي الْمَحْمُولَاتِ فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ فَلَا كِرَاءَ لَهُ (كَحَارِسٍ) لِدَارٍ أَوْ بُسْتَانٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ غَيْرِهَا لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ مَا مَاتَ مِنْهَا كَانَ ضَامِنًا وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَهَذَا الشَّرْطُ لَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِهِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِالضَّمَانِ (قَوْلُهُ: أَوْ عَثَرَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى شُرِطَ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَمْلِ دُهْنٍ أَوْ طَعَامٍ كَسَمْنٍ أَوْ عَسَلٍ أَوْ عَلَى حَمْلِ آنِيَةٍ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى أَكْتَافِهِ أَوْ عَلَى دَابَّتِهِ فَعَثَرَ أَوْ عَثَرَتْ الدَّابَّةُ فَانْكَسَرَ ذَلِكَ الْمَحْمُولُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَتَعَدَّ فِي فِعْلِهِ، وَلَا بِسَوْقِ الدَّابَّةِ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى ذَلِكَ الْمُسْتَأْجَرِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِ الْمُسْتَأْجَرِ بِالْفَتْحِ عَلَى الْحَمْلِ إذَا عَثَرَ أَوْ عَثَرَتْ دَابَّتُهُ فَتَلِفَ الْمَحْمُولُ لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ الْعَمْدُ وَالْخَطَأُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُخْطِئُ أَمِينًا، وَهُوَ هُنَا أَمِينٌ، أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أُذِنَ لَهُ فِي تَقْلِيبِ شَيْءٍ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ سَقَطَ عَلَى غَيْرِهِ فَانْكَسَرَ ضَمِنَ مَا سَقَطَ عَلَيْهِ لَا مَا سَقَطَ، وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ عَلَى عبق يَضْمَنُ السَّقَّاءُ كَسْرَ الزِّيرِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا سَقَطَ مِنْ يَدِهِ كَغِطَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِي رَفْعِهِ وَقَوْلُهُ: أَجِيرُ حَمْلٍ أَيْ أَجِيرٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الْحَمْلِ عَلَى رَأْسِهِ أَوْ عَلَى أَكْتَافِهِ (قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) أَيْ إنْ صَدَّقَهُ رَبُّهُ فِي دَعْوَاهُ انْكِسَارِهَا مِنْ غَيْرِ تَعَدٍّ أَوْ كَانَ كَسْرُهَا بِحَضْرَتِهِ أَوْ حَضْرَةِ وَكِيلِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَصْدِيقِهِ، وَالْمُرَادُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُصَاحَبَتُهُ لَهُ، وَلَوْ فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَإِذَا صَاحَبَهُ فِي بَعْضِهَا ثُمَّ فَارَقَهُ فَادَّعَى تَلَفَهُ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُصَاحَبَتَهُ بِبَعْضِ الطَّرِيقِ وَمُفَارَقَتَهُ فِي بَعْضِهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا فَارَقَهُ لِمَا عَلِمَ مِنْ حِفْظِهِ وَتَحَرُّزِهِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَّهِمَ بِأَنْ لَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهُ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْفَتْحِ لَيْسَ بِأَمِينٍ فِي الطَّعَامِ وَلِذَا قَالَ بْن حَقُّ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِصِيغَةِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ، وَهُوَ أَمِينٌ فَيَقُولُ إلَّا فِي حَمْلِ نَحْوِ طَعَامٍ مِمَّا تَتَسَارَعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي، وَأَمَّا الْبَزُّ وَالْعُرُوضُ فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ، وَالسَّفِينَةُ كَالدَّابَّةِ.

وَحَاصِلُ فِقْهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ بِالْكَسْرِ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ أَوْ الضَّيَاعَ سَوَاءٌ اسْتَأْجَرَ لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ أَوْ لُبْسٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجَرُ بِالْفَتْحِ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ غَيْرَ الطَّعَامِ كَالْعُرُوضِ وَكَالْحَيَوَانِ بِالنِّسْبَةِ لِلرَّاعِي أَوْ كَانَ طَعَامًا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالْقَمْحِ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ التَّلَفَ أَوْ الضَّيَاعَ مَا لَمْ يَأْتِ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ، وَإِنْ كَانَ طَعَامًا مَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي كَالسَّمْنِ وَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ فَلَا يُصَدَّقُ وَيُحْمَلُ عَلَى الْخِيَانَةِ حَتَّى يُثْبِتَ صِدْقَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ يُصَدِّقَهُ رَبُّهُ أَوْ يَكُونَ التَّلَفُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ حَضْرَةِ وَكِيلِهِ فَإِنْ ثَبَتَ صِدْقُهُ بِوَاحِدٍ مِمَّا ذُكِرَ فَلَا ضَمَانَ.

(قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) أَيْ مِثْلَهُ بِمَوْضِعِ غَايَةِ الْمَسَافَةِ، وَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ عَلَى أَظْهَرِ الْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ، وَفِي التَّوْضِيحِ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الشَّارِحِ الْآتِي فِي آخِرِ الْعِبَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ مِنْ ضَعْفِ حَبْلٍ، وَمَشْيِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعْثُرُ أَوْ تُزْلَقُ فِيهِ الدَّابَّةُ أَوْ ازْدِحَامٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا أَثَرَ لِلْغَرَرِ الْقَوْلِيِّ) أَيْ الْغَيْرِ الْمُنْضَمِّ لِعَقْدٍ أَوْ لِشَرْطٍ كَاَلَّذِي مَثَّلَ الشَّارِحُ بِهِ أَوَّلًا وَأَمَّا الْغَرَرُ الْقَوْلِيُّ الْمُنْضَمُّ لِعَقْدٍ مِنْ الْغَارِّ أَوْ لِشَرْطٍ فَإِنَّهُ يُوجِبُ الضَّمَانَ فَالْأَوَّلُ كَأَنْ يَقُولَ لِزَيْدٍ اشْتَرِ سِلْعَةَ فُلَانٍ فَإِنَّهَا سَلِيمَةٌ وَالْحَالُ أَنَّهُ يَعْلَمُ أَنَّهَا مَعِيبَةٌ وَتَوَلَّى الْعَقْدَ عَلَيْهَا وَكَالصَّيْرَفِيِّ إذَا أَخَذَ أُجْرَةً، وَقَالَ إنَّهُ جَيِّدٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ رَدِيءٌ فَيَضْمَنُ بِهَذَا الْغُرُورِ كَالْفِعْلِيِّ وَالْقَوْلِيِّ الْمُنْضَمِّ لِشَرْطٍ كَمَا مَثَّلَ بِهِ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ نَعَمْ إنْ شُرِطَ عَلَيْهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ إنْ عَلِمْت إلَخْ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الْغُرُورِ الْقَوْلِيِّ الْغَيْرِ الْمُنْضَمِّ لِعَقْدٍ أَوْ شَرْطٍ مَنْ دَلَّ لِصًّا أَوْ ظَالِمًا عَلَى مَالٍ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عَلَى الْمَذْهَبِ.

(قَوْلُهُ: فَيُفَصِّلُهَا) أَيْ فَيَذْهَبُ رَبُّهَا يُفَصِّلُهَا فَلَا تَكْفِيهِ (قَوْلُهُ: فَيَضْمَنُ) أَيْ مَا نَقَصَهَا بِسَبَبِ التَّفْصِيلِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ) أَيْ وَقِيلَ يَضْمَنُ إنْ كَانَ بِأُجْرَةٍ، وَإِلَّا فَلَا (قَوْلُهُ: وَاسْتُظْهِرَ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ انْضَمَّ لِلْغَرَرِ عَقْدُ إجَارَةٍ عَلَى نَقْدِهِ، وَلَوْ بِالْمُعَاطَاةِ (قَوْلُهُ: أَوْ تَعْثُرُ الدَّابَّةُ فِيهِ) أَيْ أَوْ مَشْيِهِ فِي مَوْضِعٍ تَعْثُرُ الدَّابَّةُ فِيهِ (قَوْلُهُ: كَكُلِّ مُتَعَدٍّ فِي الْمَحْمُولَاتِ) أَيْ كَكُلِّ أَجِيرٍ تَعَدَّى فِي الْمَحْمُولَاتِ وَضَمِنَ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ وَذَلِكَ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ

ص: 25

إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى أَوْ يُفَرِّطَ، وَلَا عِبْرَةَ بِمَا شُرِطَ أَوْ كُتِبَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ مِنْ الضَّمَانِ (وَلَوْ حَمَّامِيًّا) فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيمَا ضَاعَ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَمْ يُفَرِّطْ، وَمِنْ التَّفْرِيطِ مَا لَوْ قَالَ رَأَيْت رَجُلًا يَلْبَسُهَا فَظَنَنْت أَنَّهُ صَاحِبُهَا.

(وَأَجِيرٍ) لِصَانِعٍ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَأَنْ يَعْمَلَ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا (كَسِمْسَارٍ) يَطُوفُ بِالسِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ) أَيْ أَمَانَتُهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

طَعَامًا تُسْرِعُ لَهُ الْأَيْدِي وَادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ وَلَمْ يُصَدِّقْهُ رَبُّهُ، وَلَمْ يَكُنْ التَّلَفُ بِحَضْرَتِهِ أَوْ حَضْرَةِ وَكِيلِهِ، وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ بِصِدْقِهِ وَقَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَحْمُولُ غَيْرَ طَعَامٍ أَوْ كَانَ طَعَامًا لَا تُسْرِعُ إلَيْهِ الْأَيْدِي أَوْ تُسْرِعُ لَهُ الْأَيْدِي وَصَدَّقَهُ رَبُّهُ فِي دَعْوَى تَلَفِهِ أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى تَلَفِهِ أَوْ كَانَ التَّلَفُ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ أَوْ وَكِيلِهِ.

وَحَاصِلُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمُسْتَأْجَرَ بِالْفَتْحِ عَلَى حَمْلٍ إذَا تَعَدَّى عَلَى الْمَحْمُولِ وَضَمِنَ فَإِنَّ لَهُ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا سَارَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجَرُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ قَالَ بْن: وَهَذَا الْكَلَامُ أَصْلُهُ لِلشَّيْخِ يُوسُفَ الْفِيشِيِّ، وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ إذْ لَمْ يُوَافِقْ قَوْلًا مِنْ الْأَقْوَالِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي مَسْأَلَةِ تَلَفِ الْمَحْمُولِ، وَهِيَ لَهُ الْكِرَاءُ مُطْلَقًا وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ أَوْ بِسَمَاوِيٍّ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ الثَّانِي لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ مُطْلَقًا، وَالثَّالِثُ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ فَلَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ، وَإِنْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَحَلِّ الْهَلَاكِ. وَالرَّابِعُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ هَلَكَ بِسَبَبِ حَامِلِهِ فَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَإِنْ هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ فَلَهُ الْكِرَاءُ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ، وَظَاهِرُهُ فِي جَمِيعِ الْأَقْوَالِ ضَمِنَ أَوْ لَا كَانَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ وَالْمُصَنِّفُ فِيمَا يَأْتِي قَدْ جَرَى عَلَى الْأَوَّلِ لِتَشْهِيرِ ابْنِ رُشْدٍ لَهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ، وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا بِهِ فَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ تَلِفَ بِسَمَاوِيٍّ أَوْ غَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا فَلِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِمِثْلِ مَا هَلَكَ بِحَمْلِهِ وَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى) أَيْ بِأَنْ يَقَعَ مِنْهُ خِيَانَةٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ يُفَرِّطَ أَيْ بِأَنْ نَامَ اخْتِيَارًا فِي وَقْتٍ لَا يَنَامُ فِيهِ الْحَارِسُ أَوْ تَرَكَ الْعَسَّ فِي وَقْتٍ يَعُسُّ فِيهِ الْحَارِسُ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى إلَخْ أَيْ أَوْ يَجْعَلَ حَارِسًا لَا يُعَاشِرُهُ، وَإِلَّا ضَمِنَ (قَوْلُهُ: وَلَا عِبْرَةَ بِمَا شُرِطَ أَوْ كُتِبَ عَلَى الْخُفَرَاءِ فِي الْحَارَاتِ وَالْأَسْوَاقِ مِنْ الضَّمَانِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْتِزَامِ مَا لَا يَلْزَمُ وَلَا يَرِدُ عَلَى هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ مَنْ الْتَزَمَ مَعْرُوفًا لَزِمَهُ فَإِنَّ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ الضَّمَانَ وَرَضَوْا بِهِ يَضْمَنُونَ لِالْتِزَامِهِمْ الضَّمَانَ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ؛ لِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الْإِجَارَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: مَعْرُوفًا، إذْ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الشَّرْطَ مَتَى كَانَ فِي مَقَامِ عَقْدٍ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا وَلِأَنَّ ضَمَانَهُمْ حِينَ إجَارَتِهِمْ ضَمَانٌ بِجُعَلٍ فَيَكُونُ فَاسِدًا؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ. اهـ.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْخُفَرَاءَ جَمْعُ خَفِيرٍ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، يُقَالُ خَفَرَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ حَرَسَهُ وَأَخْفَرَهُ نَقَضَ عَهْدَهُ فَالْهَمْزَةُ لِلسَّلْبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَّامِيًّا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْحَارِسُ غَيْرَ حَمَّامِيٍّ بَلْ، وَلَوْ كَانَ حَمَّامِيًّا وَرَدَّ بِلَوْ عَلَى ابْنِ حَبِيبٍ الْقَائِلِ بِضَمَانِهِ، وَأَمَّا صَاحِبُ الْحَمَّامِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُفَرِّطْ) أَيْ أَوْ يَدْفَعْ لَهُ الشَّخْصُ الثِّيَابَ رَهْنًا عَلَى الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا ضَمِنَهَا الْحَارِسُ ضَمَانَ الرِّهَانِ.

وَاعْلَمْ أَنَّ أَصْلَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ تَضْمِينِ الْخُفَرَاءِ وَالْحُرَّاسِ وَالرُّعَاةِ وَاسْتَحْسَنَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ تَضْمِينَهُمْ نَظَرًا لِكَوْنِهِ مِنْ

الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَجِيرٍ لِصَانِعٍ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ عِنْدَ صَانِعٍ أَيْ، وَأَمَّا الصَّانِعُ نَفْسُهُ فَسَيَأْتِي ضَمَانُهُ ثُمَّ إنَّ أَجِيرَ الصَّانِعِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ لَا لِلصَّانِعِ، وَلَا لِرَبِّ الشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ الَّذِي تَلِفَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ لِلصَّانِعِ مَا لَمْ يُفَرِّطْ، وَقَوْلُهُ: كَأَنْ يَعْمَلَ بِحَضْرَةِ صَانِعِهِ أَمْ لَا أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ غَابَ عَلَى مَصْنُوعِهِ أَمْ لَا، وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْغَسَّالِ تَكْثُرُ عِنْدَهُ الثِّيَابُ فَيُؤَاجِرُ آخَرَ يَبْعَثُهُ لِلْبَحْرِ بِشَيْءٍ مِنْهَا يَغْسِلُهُ فَيَدَّعِي تَلَفَهُ أَنَّهُ ضَامِنٌ. اهـ. وَكَلَامُ التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ لِلْمَشْهُورِ لَا مُقَابِلٌ لَهُ، وَحِينَئِذٍ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِمَا إذَا لَمْ يَغِبْ الْأَجِيرُ عَنْ الصَّانِعِ بِالشَّيْءِ الْمَصْنُوعِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ إنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ، وَهُوَ عَدَمُ ضَمَانِ أَجِيرِ الصَّانِعِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: يَطُوفُ بِالسِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ) أَيْ لِلْمُزَايَدَةِ، احْتَرَزَ بِذَلِكَ مِنْ السِّمْسَارِ الْجَالِسِ فِي حَانُوتِهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ مُطْلَقًا ظَهَرَ خَيْرُهُ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ يَأْخُذُ السِّلَعَ عِنْدَهُ فَصَارَ كَالصَّانِعِ (قَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَشْهُورًا بِالْخَيْرِ وَالصَّلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ وَقَوْلُهُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ أَيْ لَا فِي الثَّوْبِ مَثَلًا، وَلَا فِي ثَمَنِهَا إذَا ضَاعَا، وَلَا فِيمَا يَحْصُلُ فِيهَا مِنْ تَمْزِيقٍ أَوْ خَرْقٍ بِسَبَبِ نَشْرٍ أَوْ طَيٍّ إذَا

ص: 26

(عَلَى الْأَظْهَرِ) ، وَإِلَّا ضَمِنَ (وَنُوتِيٍّ) ، وَهُوَ عَامِلُ السَّفِينَةِ (غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ) فِي سَيْرِهَا أَوْ حَمْلِهَا، وَإِلَّا ضَمِنَ الْمَالَ أَوْ الدِّيَةَ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ الْقَتْلَ، وَإِلَّا قُتِلَ (لَا)(إنْ خَالَفَ) رَاعٍ (مَرْعًى شُرِطَ) عَلَيْهِ (فَهَلَكَتْ أَوْ ضَاعَتْ) فَيَضْمَنُ (أَوْ أَنْزَى) الرَّاعِي أَيْ أَطْلَقَ الْفَحْلَ عَلَى الْإِنَاثِ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ رَبِّهَا فَيَضْمَنُ إنْ عَطِبَتْ تَحْتَ الْفَحْلِ أَوْ مِنْ الْوِلَادَةِ إلَّا لِعُرْفٍ بِأَنَّ الرُّعَاةَ تُنْزِي (أَوْ غَرَّ) الْمُكْتَرِيَ (بِفِعْلٍ) كَقَوْلٍ انْضَمَّ لَهُ شَرْطٌ كَمَا تَقَدَّمَ (فَقِيمَتُهُ) أَيْ يَضْمَنُ قِيمَتَهُ (يَوْمَ التَّلَفِ) فِي مَوْضِعِ التَّلَفِ، وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ طَعَامًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِتَلَفِهِ بِالْعِثَارِ وَنَحْوِهِ أَمْ لَا.

(أَوْ صَانِعٍ) يَضْمَنُ (فِي مَصْنُوعِهِ) فَقَطْ أَيْ فِيمَا لَهُ فِيهِ صَنْعَةٌ كَحُلِيٍّ يَصُوغُهُ وَكِتَابٍ يَنْسَخُهُ وَثَوْبٍ يَخِيطُهُ وَخَشَبَةٍ يَصْنَعُهَا كَذَا ثُمَّ يَدَّعِي تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ (لَا) فِي (غَيْرِهِ) أَيْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ (وَلَوْ مُحْتَاجًا لَهُ عَمَلٌ) أَيْ، وَلَوْ كَانَ الْغَيْرُ يَحْتَاجُ عَمَلَ الْمَصْنُوعِ لَهُ فَيَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي ذَلِكَ الْغَيْرِ لَا صَانِعٌ فَمَنْ دَفَعَ لِطَحَّانٍ قَمْحًا فِي قُفَّةٍ لِيَطْحَنَهُ لَهُ أَوْ دَفَعَ لِنَاسِخٍ كِتَابًا لِيَنْسَخَ لَهُ مِنْهُ آخَرَ فَادَّعَى ضَيَاعَ الْكُلِّ ضَمِنَ الْقَمْحَ دُونَ الْقُفَّةِ وَالْكِتَابَ الْمَنْسُوخَ دُونَ الْمَنْسُوخِ مِنْهُ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ مَا لَا يَحْتَاجُ لَهُ الْعَمَلُ وَبَالَغَ عَلَى ضَمَانِ الصَّانِعِ مَصْنُوعَهُ بِقَوْلِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

لَمْ يَخْرُجْ عَمَّا أُذِنَ لَهُ فِيهِ اُنْظُرْ شب وَقَيَّدَ بَعْضُهُمْ عَدَمَ ضَمَانِ مَنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ بِمَا إذَا لَمْ يُنَصِّبُ نَفْسَهُ لِلسَّمْسَرَةِ،، وَإِلَّا ضَمِنَ كَالصَّانِعِ وَقَدْ اعْتَبَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا الْقَيْدَ كَمَا فِي بْن (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَظْهَرِ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ.

اعْلَمْ أَنَّ السِّمْسَارَ الطَّوَّافَ فِي الْمُزَايَدَةِ قِيلَ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَقِيلَ يَضْمَنُ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ مِنْ عِنْدِهِ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ، إذَا عَلِمْت هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ تَعْبِيرَ الْمُصَنِّفِ بِصِيَغِهِ الِاسْمِ لَا يَنْبَغِي وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُعَبِّرَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَمَّا كَانَ لَا يَخْرُجُ عَنْ إطْلَاقِ الْقَوْلَيْنِ فِي الضَّمَانِ وَعَدَمِهِ كَانَ اخْتِيَارًا مِنْ الْخِلَافِ عَلَى أَنَّ عِيَاضًا وَغَيْرَهُ رَجَّحَ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ مُطْلَقًا حَتَّى قَالَ طفى مَا كَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ الْعُدُولُ عَنْهُ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَنُوتِيٍّ) أَيْ، وَلَا ضَمَانَ عَلَى نُوتِيٍّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ أَيْ فَعَلَهُ فِيهَا فِي سَيْرِهَا كَتَحْوِيلِ الرَّاجِعِ وَنَشْرِ الْقِلْعِ، وَمَشْيٍ فِي رِيحٍ أَوْ مَوْجٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ مُعْتَادًا وَقَوْلُهُ: أَوْ حَمْلِهَا أَيْ كَوَسْقِهَا الْوَسْقَ الْمُعْتَادَ لِأَمْثَالِهَا بِحَيْثُ لَا يَقْرَبُ الْمَاءُ مِنْ حَافَّتِهَا، وَإِذَا كَانَ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ إذَا غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ فَأَوْلَى مَا إذَا غَرِقَتْ بِغَيْرِ فِعْلٍ كَهَيَجَانِ الْبَحْرِ وَاخْتِلَافِ الرِّيحِ مَعَ عَجْزِهِ عَنْ صَرْفِهَا لِشَيْءٍ تُرْجَى سَلَامَتُهَا مَعَهُ.

(قَوْلُهُ: وَهُوَ عَامِلُ السَّفِينَةِ) أَيْ مَنْ يُنْسَبُ سَيْرُهَا لَهُ وَاحِدًا كَانَ أَوْ مُتَعَدِّدًا كَانَ رَبَّهَا أَوْ غَيْرَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا أُجْرَةَ إذَا غَرِقَتْ فِي أَثْنَاءِ الْمَسَافَةِ وَكَذَا بَعْدَ تَمَامِهَا وَقَبْلَ التَّمَكُّنِ مِنْ إخْرَاجِ الْحِمْلِ أَمَّا لَوْ غَرِقَتْ بَعْدَ تَمَامِ الْمَسَافَةِ وَبَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ يُمْكِنُ إخْرَاجُ الْأَحْمَالِ مِنْهَا فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى النُّوتِيِّ، وَلَهُ الْأُجْرَةُ كَامِلَةً اُنْظُرْ شب وَيَجُوزُ الطَّرْحُ مِنْ السَّفِينَةِ عِنْدَ خَوْفِ غَرَقِهَا وَيُوَزَّعُ مَا طُرِحَ عَلَى مَالِ التِّجَارَةِ فَقَطْ، وَلَا سَبِيلَ لِطَرْحِ الْآدَمِيِّ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى حُرًّا أَوْ عَبْدًا مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا خِلَافًا لِلَّخْمِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِ طَرْحِ الْآدَمِيِّينَ بِالْقُرْعَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا كَالْخَرْقِ لِلْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إمَاتَةُ أَحَدٍ مِنْ الْآدَمِيِّينَ لِنَجَاةِ غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ) كَأَنْ يُقَالَ لَهُ لَا تَرْعَ إلَّا فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَخَالَفَ وَرَعَى فِي غَيْرِهِ أَوْ لَا تَرْعَى فِي مَحَلِّ رَعْيِ الْجَامُوسِ فَخَالَفَ وَرَعَى فِيهِ فَتَلِفَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ الْقِيمَةَ يَوْمَ التَّعَدِّي وَكَأَنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَرْعَى فِي الْأَرْبَعِينِيَّةِ قَبْلَ ارْتِفَاعِ النَّدَى فَخَالَفَ وَرَعَى فِيهَا قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَالْأرْبَعِينيّةُ عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ كِيَهْكَ وَطُوبَةَ كُلِّهَا، وَمَحَلُّ ضَمَانِهِ إذَا خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ إذَا كَانَ بَالِغًا، وَإِلَّا فَلَا ضَمَانَ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إنْ لَمْ يُؤْمَنْ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِعُرْفٍ بِأَنَّ الرُّعَاةَ تُنْزِي) أَيْ فَإِذَا جَرَى الْعُرْفُ بِذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ اتِّفَاقًا كَمَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْعُرْفُ عَدَمَ الْإِنْزَاءِ فَلَا خِلَافَ فِي الضَّمَانِ فَإِنْ لَمْ يَجْرِ الْعُرْفُ بِشَيْءٍ فَقَوْلَانِ بِالضَّمَانِ وَعَدَمِهِ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ، وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْفَحْلُ لِرَبِّ الْأُنْثَى، وَإِلَّا ضَمِنَ اتِّفَاقًا (قَوْلُهُ: أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ) أَيْ وَتَلِفَ مَا غَرَّ فِيهِ بِسَبَبِ غُرُورِهِ (قَوْلُهُ: فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ، وَأَمَّا إنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ أَوْ أَنْزَى بِلَا إذْنٍ فَيَضْمَنُ فِيهِمَا يَوْمَ التَّعَدِّي وَقَدْ يَكُونُ قَبْلَ يَوْمِ التَّلَفِ وَقَدْ يَكُونُ يَوْمَهُ قَالَهُ عج (قَوْلُهُ: وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِهِ) هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى قَوْلِ أَصْبَغَ وَرِوَايَتِهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ مُطْلَقًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَخِلَافُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِذَا كَانَتْ تَنْفَسِخُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ فَلَا يَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ بَقِيَّةَ الْمَسَافَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ لَهُ الْكِرَاءَ بِتَمَامِهِ وَيَلْزَمُهُ حَمْلُ مِثْلِهِ مِنْ مَوْضِعِ الْهَلَاكِ إنْ أَتَى لَهُ رَبُّهُ بِمِثْلِهِ اُنْظُرْ بْن.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُحْتَاجًا إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ ذَلِكَ الْغَيْرُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي عَمَلِ الْمَصْنُوعِ بَلْ، وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لَهُ فِي عَمَلِ الْمَصْنُوعِ (قَوْلُهُ: فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ) أَيْ، وَإِذَا كَانَ لَا يَضْمَنُ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ إذَا كَانَ الْمَصْنُوعُ يَحْتَاجُ لَهُ فَأَحْرَى فِي عَدَمِ الضَّمَانِ مَا لَا يَحْتَاجُ لَهُ الْعَمَلُ كَزَوْجِ نَعْلٍ أَتَى بِهِ لِقَوَّافٍ لِيُصْلِحَ لَهُ التَّالِفَ مِنْهُ فَضَاعَ الصَّحِيحُ، وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِلَوْ الْقَوْلَ الْمُفَصِّلَ، وَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لِسَحْنُونٍ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ، وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَضْمَنُهُ

ص: 27

(وَإِنْ) عَمِلَهُ الصَّانِعُ (بِبَيْتِهِ أَوْ) عَمِلَهُ (بِلَا أَجْرٍ) وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِصَنْعَتِهِ أَوْ بِغَيْرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ وَنَقْشِ الْفُصُوصِ وَتَقْوِيمِ السُّيُوفِ، وَكَذَا الْخِتَانُ وَالطِّبُّ فَلَا ضَمَانَ إلَّا بِالتَّفْرِيطِ.

وَأَشَارَ لِشُرُوطِ ضَمَانِ الصَّانِعِ بِقَوْلِهِ (إنْ نَصَّبَ نَفْسَهُ) لِعُمُومِ النَّاسِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى أَجِيرٍ خَاصٍّ بِشَخْصٍ أَوْ بِجَمَاعَةٍ مَخْصُوصَةٍ (وَغَابَ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى السِّلْعَةِ الْمَصْنُوعَةِ بِأَنْ صَنَعَهَا بِغَيْرِ حُضُورِ رَبِّهَا وَبِغَيْرِ بَيْتِهِ فَإِنْ صَنَعَهَا بِبَيْتِهِ، وَلَوْ بِغَيْرِ حُضُورِهِ أَوْ صَنَعَهَا بِحُضُورِهِ لَمْ يَضْمَنْ مَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ كَسَرِقَةٍ أَوْ تَلَفٍ بِنَارٍ مَثَلًا بِلَا تَفْرِيطٍ أَوْ نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ مِمَّا فِيهِ تَغْرِيرٌ كَمَا مَرَّ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا نَحْوَ عَبْدٍ يُرْسِلُهُ سَيِّدُهُ لِلْمُعَلِّمِ فَيَدَّعِي هُرُوبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَابَ عَلَيْهَا، وَإِذَا ضَمِنَ الصَّانِعُ (فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ) إلَّا أَنْ يُرَى عِنْدَهُ بَعْدَهُ فَلِآخِرِ رُؤْيَةٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ أَوْ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ وَكَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ إذْ ذَاكَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الدَّفْعِ أَوْ الرُّؤْيَةِ فَيَغْرَمُهَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى نَفْسِهِ، وَبَالَغَ عَلَى الضَّمَانِ بِقَوْلِهِ (وَلَوْ شَرَطَ) الصَّانِعُ (نَفْيَهُ) أَيْ نَفْيَ الضَّمَانِ وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ (أَوْ)(دَعَا) الصَّانِعُ رَبَّهُ (لِأَخْذِهِ) بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَنْعَتِهِ فَتَرَاخَى رَبُّهُ فَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَيَضْمَنُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الصَّانِعُ أُجْرَتَهُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

سَوَاءٌ كَانَ عَمَلُ الْمَصْنُوعِ يَحْتَاجُ لَهُ أَمْ لَا وَالثَّانِي لِابْنِ حَبِيبٍ كَمَا يَضْمَنُ مَصْنُوعَهُ يَضْمَنُ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ حُضُورِهِ عِنْدَهُ، سَوَاءٌ احْتَاجَ لَهُ الصَّانِعُ أَوْ الْمَصْنُوعُ وَالثَّالِثُ لِابْنِ الْمَوَّازِ كَمَا يَضْمَنُ الْمَصْنُوعَ يَضْمَنُ مَا يَحْتَاجُ لَهُ فِي عَمَلِهِ مِثْلَ الْكِتَابِ الْمُنْتَسَخِ مِنْهُ دُونَ مَا يَحْتَاجُ لَهُ الْمَعْمُولُ كَظَرْفِ الْقَمْحِ هَكَذَا فِي التَّوْضِيحِ الْأَقْوَالُ الثَّلَاثَةُ عَنْ الْبَيَانِ وَاَلَّذِي عَزَاهُ الْمَوَّاقُ لِابْنِ الْمَوَّازِ الثَّانِي وَذَكَرَ أَنَّ اللَّخْمِيَّ اخْتَارَهُ ثُمَّ قَالَ فَانْظُرْ مَنْ رَجَّحَ الْقَوْلَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ. اهـ. بْن.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِبَيْتِهِ) أَيْ هَذَا إذَا عَمِلَهُ الصَّانِعُ فِي حَانُوتِهِ بَلْ، وَإِنْ عَمِلَهُ فِي بَيْتِهِ أَيْ بَيْتِ نَفْسِهِ وَبَالَغَ عَلَيْهِ دَفْعًا لِمَا يَتَوَهَّمُ مِنْ عَدَمِ ضَمَانِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا عَمِلَهُ فِي بَيْتِهِ صَارَ كَأَنَّهُ لَمْ يُنَصِّبْ نَفْسَهُ لِلْعَمَلِ لِلنَّاسِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي صَنْعَتِهِ تَغْرِيرٌ) أَيْ تَعْرِيضٌ لِلْإِتْلَافِ، وَهَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ قَوْلِهِ وَضَمِنَ صَانِعٌ فِي مَصْنُوعِهِ وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يُؤَخِّرَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ، وَإِلَّا أَنْ يَحْضُرَهُ بِشَرْطِهِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ الْحَالَاتُ الَّتِي لَا يَضْمَنُ فِيهَا مُجْتَمِعَةً بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ أَوْ يَأْتِيَ بِهَذَا شَرْطًا رَابِعًا لِلضَّمَانِ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيُشْتَرَطُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَقُولُ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي الصَّنْعَةِ تَغْرِيرٌ (قَوْلُهُ: كَثَقْبِ اللُّؤْلُؤِ) وَكَذَا خَبْزُ الْعَيْشِ فِي الْفُرْنِ (قَوْلُهُ: وَكَذَا الْخِتَانُ وَالطِّبُّ) فَإِذَا خَتَنَ الْخَاتِنُ صَبِيًّا أَوْ سَقَى الطَّبِيبُ مَرِيضًا دَوَاءً أَوْ قَطَعَ لَهُ شَيْئًا أَوْ كَوَاهُ فَمَاتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا فِي مَالِهِ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا فِيهِ تَغْرِيرٌ فَكَأَنَّ صَاحِبَهُ هُوَ الَّذِي عَرَّضَهُ لِمَا أَصَابَهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْخَاتِنُ أَوْ الطَّبِيبُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ، وَلَمْ يُخْطِئْ فِي فِعْلِهِ فَإِذَا كَانَ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ، وَالْحَالُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ عُوقِبَ، وَفِي كَوْنِ الدِّيَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّانِي لِمَالِكٍ، وَهُوَ الرَّاجِحُ؛ لِأَنَّ فِعْلَهُ عَمْدٌ وَالْعَاقِلَةُ لَا تَحْمِلُ عَمْدًا.

(قَوْلُهُ: فَلَا ضَمَانَ) مَحَلُّ عَدَمِ الضَّمَانِ إذَا ادَّعَى التَّلَفَ بِالْفِعْلِ الْمُسْتَأْجَرِ عَلَيْهِ، وَأَتَى بِهَا تَالِفَةً أَمَّا لَوْ ادَّعَى ضَيَاعَهَا أَوْ تَلَفَهَا، وَلَمْ يَأْتِ بِهَا فَالضَّمَانُ كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ وَقَوْلُهُ: إلَّا بِالتَّفْرِيطِ أَيْ بِأَنْ عَلِمَ أَنَّهُ عَالَجَهَا عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَعْهُودِ فِي عِلَاجِهَا.

(قَوْلُهُ: أَوْ صَنَعَهَا بِحُضُورِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ بِغَيْرِ بَيْتِهِ وَقَوْلُهُ: كَسَرِقَةٍ أَيْ أَوْ غَصْبٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ تَلِفَ بِنَارٍ مَثَلًا أَوْ مَطَرٍ (قَوْلُهُ: أَوْ نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ مِمَّا فِيهِ تَغْرِيرٌ) أَيْ، وَأَمَّا مَا نَشَأَ عَنْ فِعْلِهِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ تَغْرِيرٌ كَقَطْعِ ثَوْبٍ أَوْ إحْرَاقِهِ مِنْ الْمَكْوِيِّ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِابْنِ دَحُونٍ الْقَائِلِ بِعَدَمِ ضَمَانِ مَا صَنَعَ بِحَضْرَةِ رَبِّهِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ تَلَفُهُ بِمَا نَشَأَ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ أَوْ بِمَا نَشَأَ مِنْ فِعْلِهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَغَابَ عَلَيْهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَيْبَةِ عَلَى الْمَصْنُوعِ أَنْ لَا يَعْمَلَهُ فِي بَيْتِ رَبِّهِ، وَلَا بِحَضْرَتِهِ وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّا يُمْكِنُ إخْفَاؤُهُ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُوجَدُ الشَّرْطَانِ مَعًا وَقَدْ يُوجَدُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ قَدْ يَرْتَفِعَانِ (قَوْلُهُ: فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ) أَيْ فَيَضْمَنُهُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفَعَهُ رَبُّهُ إلَيْهِ وَبِالْمَوْضِعِ الَّذِي دَفَعَهُ لَهُ فِيهِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ الَّذِي تَلِفَ بِالْغَرَرِ الْفِعْلِيِّ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمَوْضِعِ التَّلَفِ كَمَا مَرَّ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ لُزُومِ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا ضَمِنَ قِيمَتَهُ غَيْرَ مَصْنُوعٍ، وَحِينَئِذٍ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ فَلَوْ أَرَادَ رَبُّهُ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ وَيَأْخُذَ مِنْهُ قِيمَتَهُ مَعْمُولًا لَمْ يَجِبْ لِذَلِكَ كَمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْوَاضِحَةِ ابْنُ رُشْدٍ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الصَّانِعُ أَنَّهُ تَلِفَ بَعْدَ الْعَمَلِ (قَوْلُهُ: وَيَفْسُدُ الْعَقْدُ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ) أَيْ لِأَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ أَيْ إذَا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى الْفَسَادِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ، ثُمَّ مَحَلُّ الْفَسَادِ بِالشَّرْطِ مَا لَمْ يُسْقِطْهُ قَبْلَ فَرَاغِ الْعَمَلِ، وَإِلَّا صَحَّ الْعَقْدُ (قَوْلُهُ: أَوْ دَعَا الصَّانِعُ رَبَّهُ لِأَخْذِهِ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِنْ صَنْعَتِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ إحْضَارٍ لَهُ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ لَمْ يَقْبِضْ إلَخْ) أَيْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَحَلُّ ضَمَانِهِ إذَا دَعَاهُ لِأَخْذِهِ فَتَرَاخَى فَادَّعَى ضَيَاعَهُ إنْ لَمْ يَقْبِضْ الصَّانِعُ أُجْرَتَهُ إلَخْ

ص: 28

فَإِنْ قَبَضَهَا صَارَ بَعْدَ الْفَرَاغِ وَطَلَبَهُ لِأَخْذِهِ وَدِيعَةً عِنْدَهُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا بِتَفْرِيطٍ (إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ) بِتَلَفِهِ أَوْ ضَيَاعِهِ بِلَا تَفْرِيطٍ فَلَا ضَمَانَ سَوَاءٌ دَعَاهُ لِأَخْذِهِ أَمْ لَا، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ (فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ) عَنْ رَبِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ (وَإِلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ) الصَّانِعُ لِرَبِّهِ (بِشَرْطِهِ) أَيْ عَلَى الصِّفَةِ الَّتِي شَرَطَهَا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ عِنْدَهُ وَادَّعَى ضَيَاعَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ عَنْ حُكْمِ الْإِجَارَةِ إلَى الْإِيدَاعِ، وَهَذَا إذَا كَانَ قَدْ دَفَعَ الْأُجْرَةَ، وَإِلَّا كَانَ رَهْنًا فِيهَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الرَّهْنِ (وَصُدِّقَ) رَاعٍ نَحَرَ بَعِيرًا أَوْ ذَبَحَ شَاةً (إنْ)(ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ) لِمَا نَحَرَهُ أَوْ ذَبَحَهُ (فَنَحَرَ) أَوْ ذَبَحَ وَنَازَعَهُ الْمَالِكُ وَقَالَ بَلْ تَعَدَّيْت وَحَلَفَ الْمُتَّهَمُ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ ابْنُ عَرَفَةَ (أَوْ) ادَّعَى (سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ) أَيْ الرَّاعِي بِأَنْ قَالَ ذَبَحْتُهَا خَوْفَ مَوْتِهَا ثُمَّ سُرِقَتْ، وَمِثْلُ الرَّاعِي الْمُلْتَقِطُ (أَوْ) ادَّعَى الْحَجَّامُ (قَلْعَ ضِرْسٍ) أُذِنَ لَهُ فِيهِ وَنَازَعَهُ رَبُّهُ وَقَالَ بَلْ قَلَعْت غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ (أَوْ) ادَّعَى الصَّبَّاغُ (صَبْغًا) بِأَنْ قَالَ أَمَرْتنِي بِهِ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ بِغَيْرِهِ أَوْ قَالَ أَمَرْتنِي أَنْ أَصْبُغَهُ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الزَّعْفَرَانِ مَثَلًا وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ بِخَمْسَةٍ (فَنُوزِعَ) أَيْ نَازَعَهُ رَبُّهُ فَيُصَدَّقُ الْأَجِيرُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعَةِ.

ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ مَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ فَقَالَ (وَفُسِخَتْ) الْإِجَارَةُ (بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ)(لَا) بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى (بِهِ) الْمَنْفَعَةُ أَشَارَ بِهَذَا إلَى قَوْلِهِمْ أَنَّ كُلَّ عَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ وَكُلَّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: فَإِنْ قَبَضَهَا إلَخْ) مُقْتَضَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ سُقُوطُ الضَّمَانِ حَيْثُ قَبَضَ الْأُجْرَةَ، وَلَوْ لَمْ يُحْضِرْهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ، وَهُوَ خِلَافُ ظَاهِرِ اللَّخْمِيِّ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ بِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ فَتَأَمَّلْ. اهـ. بْن (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ ضَمَانَ الصُّنَّاعِ ضَمَانُ تُهْمَةٍ يَنْتَفِي بِإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ لَا ضَمَانُ أَصَالَةٍ (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ) أَيْ بِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ فَتَسْقُطُ الْأُجْرَةُ أَشَارَ الشَّارِحُ بِتَقْدِيرِ، وَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ إلَى أَنَّ الْفَاءَ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ.

إنْ قُلْت إنَّ سُقُوطَ الْأُجْرَةِ مُتَسَبِّبٌ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ لَا عَنْ عَدَمِ الضَّمَانِ قُلْت يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الضَّمَانِ عَدَمُ التَّسْلِيمِ فَاكْتَفَى بِعَدَمِ الضَّمَانِ عَنْ عَدَمِ التَّسْلِيمِ (قَوْلُهُ: لَا يَسْتَحِقُّهَا إلَّا بِتَسْلِيمِهِ لِرَبِّهِ) أَيْ وَتَسْلِيمُهُ لِرَبِّهِ مُنْتَفٍ (قَوْلُهُ: فَنَحَرَ أَوْ ذَبَحَ) أَيْ وَجَاءَ بِهَا مُذَكَّاةً بِدَلِيلِ قَوْلِهِ أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ فَإِنْ خَافَ مَوْتَهَا وَتَرَكَ ذَكَاتَهَا حَتَّى مَاتَتْ ضَمِنَ بِالْأَوْلَى مِمَّا قَدَّمَهُ فِي قَوْلِهِ وَضَمِنَ مَارٌّ أَمْكَنَتْهُ ذَكَاتُهُ وَتَرَكَ فَإِنْ ذَكَّاهَا الرَّاعِي خَوْفَ مَوْتِهَا وَقَالَ أَكَلْتهَا لَمْ يُصَدَّقْ إذَا كَانَ مَحَلُّ الرَّعْيِ قَرِيبًا، وَإِلَّا صُدِّقَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ عَدَمِ تَصْدِيقِهِ مَا لَمْ يَجْعَلْ لَهُ رَبُّهَا أَكْلَهَا فَإِنْ جَعَلَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنْ قَالَ لَهُ إذَا رَأَيْت عَلَيْهَا عَلَامَةَ الْمَوْتِ فَاذْبَحْ وَكُلْ صُدِّقَ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ الرَّاعِي الْمُلْتَقِطُ) أَيْ فَيُصَدَّقُ إنْ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ، وَأَمَّا الْمُسْتَأْجِرُ وَالْمُسْتَعِيرُ وَالْمُرْتَهِنُ وَالْمُودِعُ وَالشَّرِيكُ فَلَا يُصَدَّقُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فِي دَعْوَاهُ التَّذْكِيَةَ لِخَوْفِ الْمَوْتِ إلَّا بِلَطْخٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ، وَإِنْ كَانُوا يُصَدَّقُونَ فِي دَعْوَى التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ، وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَالرَّاعِي مَعَ كَوْنِ الْجَمِيعِ مُؤْمِنِينَ تَعَذُّرُ الْإِشْهَادِ مِنْ الرَّاعِي غَالِبًا بِخِلَافِ هَؤُلَاءِ فَإِنَّهُ لَا مَشَقَّةَ عَلَيْهِمْ فِي الْإِشْهَادِ غَالِبًا، وَأَحْرَى مِنْ هَؤُلَاءِ فِي الضَّمَانِ مَنْ مَرَّ عَلَى دَابَّةِ شَخْصٍ فَذَكَّاهَا وَادَّعَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ خَوْفَ مَوْتِهَا أَوْ سَلَخَ دَابَّةَ غَيْرِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ وَجَدَهَا مَيِّتَةً فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ لَطْخٍ وَكُلٌّ تَرَكَ الذَّبْحَ مِنْ هَؤُلَاءِ حَتَّى مَاتَتْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إلَّا إذَا كَانَ عِنْدَهُ مَنْ يُشْهِدُهُ عَلَى ذَبْحِهَا خَوْفَ الْمَوْتِ بِخِلَافِ الرَّاعِي فَإِنَّهُ يَضْمَنُ بِتَرْكِ ذَكَاتِهَا إذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى الْحَجَّامُ قَلْعَ ضِرْسٍ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَنَازَعَهُ رَبُّهُ وَقَالَ بَلْ قَلَعْت غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ) أَيْ فَيُصَدَّقُ الْحَجَّامُ وَيَحْلِفُ الْمُتَّهِمُ دُونَ غَيْرِهِ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ، وَلَهُ الْمُسَمَّى كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا أُجْرَةُ الْمِثْلِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ حَيْثُ قَالَ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُدَّعٍ، وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فَيَتَحَالَفَانِ وَيَكُونُ لِلْحَجَّامِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ لَا التَّسْمِيَةُ فَإِنْ صَدَّقَ الْحَجَّامُ مَنْ نَازَعَهُ فِي أَنَّ الْمَقْلُوعَ غَيْرَ الْمَأْذُونِ فِيهِ فَلَا أَجْرَ لَهُ وَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِي الْعَمْدِ وَالدِّيَةُ فِي الْخَطَأِ وَالنَّابُ وَالسِّنُّ كَالضِّرْسِ، وَخَصَّهُ الْمُصَنِّفُ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ الْغَالِبَ وُقُوعُ الْأَلَمِ فِيهِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ادَّعَى الصَّبَّاغُ صَبْغًا) أَيْ نَوْعًا مِنْ الصَّبْغِ كَزُرْقَةٍ صَافِيَةٍ وَنَازَعَهُ رَبُّ الثَّوْبِ وَقَالَ لَهُ أَمَرْتُك بِصَبْغِهِ أَخْضَرَ مَثَلًا فَالْقَوْلُ لِلصَّبَّاغِ، وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا أَشْبَهَ بِأَنْ كَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ شَأْنَهُ أَنْ يَصْبُغَ الثَّوْبَ بِاللَّوْنِ الَّذِي ادَّعَاهُ الصَّبَّاغُ لَا شَاشٍ أَزْرَقَ لِشَرِيكٍ، وَلَا أَخْضَرَ لِذِمِّيٍّ، وَإِلَّا فَالْقَوْلُ لِرَبِّهِ مَعَ يَمِينِهِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يُخَيَّرُ إمَّا أَنْ يَأْخُذَهُ مَصْبُوغًا وَيَدْفَعَ أُجْرَةَ مِثْلِهِ أَوْ يُسْلِمَهُ وَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ أَبْيَضَ (قَوْلُهُ: بَلْ بِغَيْرِهِ) أَيْ بَلْ أَمَرْتُك بِغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ) مَا مَوْصُولَةٌ أَيْ بِتَلَفِ الَّذِي يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَالْمَوْصُولُ عِنْدَهُمْ مِنْ صِيَغِ الْعُمُومِ فَكَأَنَّهُ قَالَ بِتَلَفِ كُلِّ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لَا نَكِرَةٌ بِمَعْنَى شَيْءٍ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ لَا عُمُومَ لَهَا وَقَوْلُهُ: بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ أَيْ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ فَلَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِهِ (قَوْلُهُ: كَمَوْتِ الدَّابَّةِ الْمُعَيَّنَةِ) أَيْ، وَأَمَّا الدَّابَّةُ الْغَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهَا (قَوْلُهُ: وَانْهِدَامِ الدَّارِ الْمُعَيَّنَةِ) لَمْ يُقَيِّدْ ابْنُ الْحَاجِبِ الدَّارَ بِكَوْنِهَا مُعَيَّنَةً قَالَ فِي التَّوْضِيحِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ التَّعْيِينَ؛ لِأَنَّ الدَّارَ لَا تُكْرَى إلَّا مُعَيَّنَةً كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: وَكُلُّ عَيْنٍ تُسْتَوْفَى بِهَا الْمَنْفَعَةُ فَبِهَلَاكِهَا لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ تِلْكَ الْعَيْنُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا سَوَاءٌ كَانَ التَّلَفُ

ص: 29

عَلَى الْأَصَحِّ كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ لِلْعَيْنِ الْمُعَيَّنَةِ وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، وَأَرَادَ بِالتَّلَفِ التَّعَذُّرَ أَيْ تَعَذُّرَ اسْتِيفَاءِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ وَسُكُونِ وَجَعِ ضِرْسٍ وَعَفْوِ قِصَاصٍ وَاسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ لَا بِهِ صَبِيَّيْنِ، وَفَرَسَيْنِ بِقَوْلِهِ (إلَّا صَبِيِّ تَعَلُّمٍ) بِالْإِضَافَةِ وَجَرِّ صَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنَى مِنْ ضَمِيرِ بِهِ الْوَاقِعِ بَعْدَ نَفْيٍ فَهُوَ بَدَلٌ مِنْهُ، وَلَوْ قَالَ إلَّا مُتَعَلِّمٍ كَانَ أَوْلَى لِيَشْمَلَ الْبَالِغَ مِنْ الِاخْتِصَارِ (وَرَضِيعٍ) مَاتَ كُلٌّ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ الشُّرُوعِ فِيهَا (وَفَرَسِ نَزْوٍ) مَاتَتْ مَثَلًا قَبْلَ النَّزْوِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَوْتُ الذَّكَرِ الْمُعَيَّنِ فَدَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ، وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ.

(وَ) فَرَسِ (رَوْضٍ) أَيْ رِيَاضَةٍ أَيْ تَعْلِيمِهَا حَسَنِ الْجَرْيِ فَمَاتَتْ أَوْ عَطِبَتْ فَتَنْفَسِخُ، وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ وَأُلْحِقَ بِهَذِهِ الْأَرْبَعَةِ حَصْدُ زَرْعٍ مُعَيَّنٍ وَحَرْثُ أَرْضٍ بِعَيْنِهَا لَيْسَ لِرَبِّهِمَا غَيْرُهُمَا وَبِنَاءُ حَائِطٍ بِدَارٍ فَيَحْصُلُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُهُ فَتَنْفَسِخُ لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ وَقِيلَ لَا بَلْ يُقَالُ لِرَبِّهَا ادْفَعْ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ أَوْ ائْتِ بِغَيْرِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى الْأَرْبَعَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا

(وَ) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى (سِنٍّ لِقَلْعٍ) أَيْ لِأَجْلِ قَلْعِهَا فَالْمُسْتَأْجَرُ عَلَيْهِ الْقَلْعُ، وَلَوْ قَالَ وَقَلْعِ سِنٍّ (فَسَكَنَتْ) أَيْ أَلَمُهَا كَانَ أَوْضَحَ (كَعَفْوِ) ذِي (الْقِصَاصِ) عَنْ الْمُقْتَصِّ مِنْهُ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ عَلَى الْقِصَاصِ لِتَعَذُّرِ الْخَلَفِ، وَهَذَا إنْ عَفَا غَيْرُ الْمُسْتَأْجِرِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بِسَمَاوِيٍّ أَوْ بِغَيْرِهِ بِأَنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ، وَهُوَ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَمُقَابِلُهُ رِوَايَةُ أَصْبَغَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَسْخُهَا بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ كَمَا تَنْفَسِخُ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَقِيلَ إنْ كَانَ التَّلَفُ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ فُسِخَتْ، وَلَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا سَارَ، وَإِنْ كَانَ التَّلَفُ بِسَمَاوِيٍّ لَمْ تَنْفَسِخْ وَيَأْتِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَقِيلَ إنْ كَانَ مِنْ قِبَلِ الْحَامِلِ فُسِخَتْ، وَلَا كِرَاءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ بِسَمَاوِيٍّ لَمْ تَنْفَسِخْ وَيَأْتِيهِ الْمُسْتَأْجِرُ بِمِثْلِهِ كَذَا فِي الْبَيَانِ (قَوْلُهُ: كَمَوْتِ الشَّخْصِ الْمُسْتَأْجِرِ) أَيْ وَكَتَلَفِ الْمَحْمُولِ (قَوْلُهُ: وَيَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) أَيْ فِي اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ مَوْتِ مُوَرِّثِهِ (قَوْلُهُ: وَأَرَادَ بِالتَّلَفِ) أَيْ الْمُثْبَتِ وَالْمَنْفِيِّ لَا الْمُثْبَتِ فَقَطْ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِسُكُونِ وَجَعِ الضِّرْسِ؛ لِأَنَّ قَلْعَ الضِّرْسِ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ لَا مِنْهُ، وَمَا قَبْلَهُ مِنْ السَّبْيِ وَالْأَسْرِ يَصْلُحُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَكُونَ مِثَالًا لِتَعَذُّرِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَمَا يُسْتَوْفَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى كَأَسْرٍ وَسَبْيٍ لِأَجِيرٍ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى كَخِيَاطَةٍ مَثَلًا أَوْ لِمُسْتَأْجِرٍ اسْتَأْجَرَ الدَّابَّةَ أَوْ الدَّارَ مَثَلًا.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَعَفْوِ قِصَاصٍ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُهُ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ، وَلَا مِنْهُ، وَإِنَّمَا هُوَ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ مَنَعَ مِمَّا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِيَشْمَلَ الْبَالِغَ) أَيْ؛ لِأَنَّ الصَّبِيَّ لَا مَفْهُومَ لَهُ، وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي شَأْنُهُ التَّعَلُّمَ (قَوْلُهُ: وَفَرَسِ نَزْوٍ) أَيْ اسْتَأْجَرَ صَاحِبُهَا ذَكَرًا يَنْزُو عَلَيْهَا جُمُعَةً مَثَلًا أَوْ عَشَرَ مَرَّاتٍ بِدِينَارٍ فَمَاتَتْ بَعْدَ مَرَّةٍ أَوْ حَمَلَتْ مِنْ مَرَّةٍ فَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَلِرَبِّ الذَّكَرِ مِنْ الْأُجْرَةِ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ، وَمِثْلُ الْفَرَسِ غَيْرُهَا مِنْ الدَّوَابِّ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَدَابَّةِ نَزْوٍ لَكَانَ أَشْمَلَ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَوْتُ الذَّكَرِ الْمُعَيَّنِ فَدَاخِلٌ إلَخْ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِشُمُولِ الْفَرَسِ لِلذَّكَرِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِمَوْتِ كُلٍّ مِنْ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَمَّا الذَّكَرُ فَلِاسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ مِنْهُ، وَأَمَّا الْأُنْثَى فَلِأَنَّهَا مِنْ الْمُسْتَثْنَى.

(قَوْلُهُ: وَفَرَسِ رَوْضٍ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرَ رَبُّ الْفَرَسِ شَخْصًا يُعَلِّمُهَا حُسْنَ السَّيْرِ فَمَاتَتْ قَبْلَ تَعْلِيمِهَا فَإِنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ (قَوْلُهُ: فَتَنْفَسِخُ، وَلَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ الْمُسْتَثْنَاةِ عِنْدَ سَحْنُونٍ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ لَا تَنْفَسِخُ فِي الْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ، وَلَهُ جَمِيعُ الْأُجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَانِعَ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهِ (قَوْلُهُ: لَيْسَ لِرَبِّهِمَا غَيْرُهُمَا) أَيْ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ الْخَلَفُ أَوْ يَدْفَعُ الْأُجْرَةَ بِتَمَامِهَا، وَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ (قَوْلُهُ: فَيَحْصُلُ مَانِعٌ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ جِهَةِ رَبِّ الزَّرْعِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ الْحَائِطِ كَأَنْ تَلِفَ الزَّرْعُ أَوْ يَبِسَتْ الْأَرْضُ، وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا الْمَانِعَ بِكَوْنِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِأَجْلِ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ قَبِيلِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى بِهِ إذْ لَوْ كَانَ الْمَانِعُ مِنْ جِهَةِ الْمُؤَجِّرِ عَلَى الْحَصْدِ أَوْ الْحَرْثِ أَوْ الْبِنَاءِ لَكَانَ ذَلِكَ مِنْ قَبِيلِ تَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِاقْتِصَارِهِ إلَخْ) كَلَامُ التَّوْضِيحِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ كَمَا ذَكَرَهُ بْن ثُمَّ سَاقَ كَلَامَهُ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: وَفُسِخَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى سِنٍّ لِقَلْعٍ) هَذَا حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ وَسِنٍّ عَطْفٌ عَلَى صَبِيٍّ الْمَجْرُورِ عَلَى الْبَدَلِيَّةِ مِنْ ضَمِيرِ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَاَلَّذِي اسْتَثْنَاهُ الْمُصَنِّفُ أُمُورٌ خَمْسَةٌ لَا أَرْبَعَةٌ خِلَافًا لِظَاهِرِ كَلَامِ الشَّارِحِ سَابِقًا (قَوْلُهُ: فَسَكَنَتْ) أَيْ فَسَكَنَ أَلَمُهَا قَبْلَ الْقَلْعِ أَيْ وَوَافَقَهُ الْآخَرُ عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ إلَّا لِقَرِينَةٍ، وَفَائِدَةُ عَدَمِ التَّصْدِيقِ لُزُومُ الْأُجْرَةِ لَا أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الْقَلْعِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ عَدَمِ تَصْدِيقِ رَبِّهَا إذَا نَازَعَهُ الْحَجَّامُ، وَقَالَ لَهُ إنَّهُ سَكَنَ أَلَمُهَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ وَاسْتَظْهَرَ بَعْضُ أَشْيَاخِ عج خِلَافَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ إنَّهُ يُصَدَّقُ فِي سُكُونِ الْأَلَمِ إلَّا لِقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْرَفُ إلَّا مِنْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ يَمِينَهُ تَجْرِي عَلَى أَيْمَانِ التُّهْمَةِ فِي تَوَجُّهِهَا وَعَدَمِ تَوَجُّهِهَا (قَوْلُهُ: كَعَفْوِ الْقِصَاصِ) إنَّمَا عَدَلَ عَنْ الْعَطْفِ؛ لِأَنَّ السِّنَّ مِمَّا يُسْتَوْفَى بِهِ الْمَنْفَعَةَ، وَالْعَفْوُ عَنْ الْقِصَاصِ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ

ص: 30

وَأَمَّا إنْ عَفَا الْمُسْتَأْجِرُ فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْأُجْرَةُ.

(وَ) فُسِخَتْ (بِغَصْبِ الدَّارِ) الْمُسْتَأْجَرَةِ (وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا) إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ.

(وَ) فُسِخَتْ بِ (أَمْرِ السُّلْطَانِ) أَيْ مَنْ لَهُ سَلْطَنَةٌ وَقَهْرٌ (بِإِغْلَاقِ الْحَوَانِيتِ) بِحَيْثُ لَا يَتَمَكَّنُ مُسْتَأْجِرُهَا مِنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا وَيَلْزَمُ السُّلْطَانَ أُجْرَتُهَا لِرَبِّهَا إذَا كَانَ قَصْدُهُ غَصْبَ الْمَنْفَعَةِ فَقَطْ دُونَ الذَّاتِ (وَ) بِظُهُورِ (حَمْلِ ظِئْرٍ) أَيْ مُرْضِعٍ (أَوْ) حُصُولِ (مَرَضٍ) لَهَا (لَا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رَضَاعٍ) إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ الرَّضِيعِ، وَإِلَّا كَانَ أَهْلُهُ بِالْخِيَارِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَ) بِسَبَبِ (مَرَضِ عَبْدٍ) لَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى فِعْلِ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ (وَهَرَبِهِ لِ كَعَدُوٍّ) بِأَرْضِ حَرْبٍ أَوْ مَا نَزَلَ مَنْزِلَتُهَا فِي الْبُعْدِ فَإِنْ هَرَبَ لِقَرِيبٍ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ لَمْ تَنْفَسِخْ لَكِنْ تَسْقُطُ أُجْرَتُهُ مُدَّةَ هَرَبِهِ (إلَّا أَنْ يَرْجِعَ) الْعَبْدُ أَيْ يَعُودَ مِنْ مَرَضِهِ أَوْ هَرَبِهِ (فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ الْعَقْدِ أَيْ زَمَنِهِ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَلْزَمُهُ بَقِيَّةُ الْعَمَلِ، وَكَذَا الظِّئْرُ تَصِحُّ فَيَلْزَمُهَا بَقِيَّةُ الْعَمَلِ وَيُسْقَطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عُطِّلَ زَمَنَ الْمَرَضِ أَوْ الْهَرَبِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءَ لِقَوْلِهِ وَبِغَصْبِ الدَّارِ، وَمَا بَعْدَهُ كَأَنَّهُ قَالَ إلَّا أَنْ يَرْجِعَ الشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْمَانِعِ فَلَا فَسْخَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْفَسْخِ أَنَّ لَهُ جَمِيعَ الْمُسَمَّى بَلْ يَسْقُطُ مِنْهُ بِقَدْرِ مَا عُطِّلَ زَمَنَ الْمَانِعِ كَمَا تَقَدَّمَ (بِخِلَافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ) فَلَا تَرْجِعُ الْإِجَارَةُ بَعْدَ الْفَسْخِ لِمَا يَلْحَقُهُ مِنْ الضَّرَرِ فِي السَّفَرِ بِالصَّبْرِ، وَمِثْلُ الدَّابَّةِ مَرَضُ الْعَبْدِ فِي السَّفَرِ كَمَا أَنَّ الدَّابَّةَ فِي الْحَضَرِ مِثْلُ الْعَبْدِ فِيهِ فَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ جَوَابُ الْإِمَامِ فِيهِمَا لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ عَنْ الْعَبْدِ فِي الْحَضَرِ وَالدَّابَّةِ فِي السَّفَرِ، وَلَوْ عُكِسَ السُّؤَالُ لَكَانَ الْجَوَابُ مَا ذَكَرَ (وَخُيِّرَ) الْمُسْتَأْجِرُ فِي الْفَسْخِ وَعَدَمِهِ (إنْ تَبَيَّنَ أَنَّهُ) أَيْ الْعَبْدَ مَثَلًا الْمُسْتَأْجَرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَلْ مَانِعٌ شَرْعِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ عَفَا الْمُسْتَأْجِرُ) أَيْ وَحْدَهُ أَوْ عَفَا الْمُسْتَأْجِرُ وَغَيْرُهُ عَلَى الظَّاهِرِ (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْأُجْرَةُ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ وَتَلْزَمُهُ الْأُجْرَةُ فَفَائِدَةُ عَدَمِ الْفَسْخِ لُزُومُ الْأُجْرَةِ، وَإِلَّا فَالْقِصَاصُ قَدْ سَقَطَ بِالْعَفْوِ عَنْهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ لُزُومِ الْأُجْرَةِ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ صَحِيحَةً كَمَا إذَا عُيِّنَتْ لَهُ الْأُجْرَةُ بِأَنْ قِيلَ لَهُ اقْتَصَّ مِنْ هَذَا وَلَك كَذَا، وَأَمَّا لَوْ قَالَ اقْتَصَّ مِنْ هَذَا، وَأَنَا أُعْطِيك أُجْرَتَك ثُمَّ عَفَا عَنْهُ فَهَلْ تَلْزَمُهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَكَلَامُ بَعْضِهِمْ يُفِيدُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ: وَبِغَصْبِ الدَّارِ) الدَّارُ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ إذْ مِثْلُهَا غَصْبُ الدَّابَّةِ وَغَصْبُ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ أَوْ غَصْبُ مَنْفَعَتِهَا، وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ مَا لَوْ كَانَ حَكِرَ عَلَى بَيْتٍ ثُمَّ غَصَبَهُ فَلَا يَلْزَمُ رَبَّ الْبَيْتِ دَفْعُهُ. اهـ. عَدَوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا) إنَّمَا صَرَّحَ بِلَفْظِ غَصْبِ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِعَطْفِ الْمَنْفَعَةِ عَلَى الدَّارِ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ كَوْنِ مَنْفَعَتِهَا مَنْصُوبًا عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ مَعَهُ فَلَا يَثْبُتُ الْفَسْخُ إلَّا بِغَصْبِ شَيْئَيْنِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ فَسْخِ الْإِجَارَةِ بِغَصْبِ الْعَيْنِ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ غَصْبِ مَنْفَعَتِهَا إذَا شَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ، وَإِنْ شَاءَ بَقِيَ عَلَى إجَارَتِهِ فَإِنْ فَسَخَهَا كَانَ لِمَالِكِ الذَّاتِ الْمَغْصُوبَةِ الْأُجْرَةُ عَلَى الْغَاصِبِ، وَإِنْ أَبْقَاهَا مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ صَارَ ذَلِكَ الْمُسْتَأْجِرُ مَعَ الْغَاصِبِ إذَا زَرَعَ أَوْ سَكَنَ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِكِ فَتَكُونُ الْأُجْرَةُ لَهُ، فَمَعْنَى الْفَسْخِ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهَا مُعَرَّضَةٌ لِلْفَسْخِ لَا أَنَّهَا تُفْسَخُ بِالْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ: إذَا كَانَ الْغَاصِبُ لَا تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ) أَيْ، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ فَلَا تَنْفَسِخُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا كَانَ يَقْدِرُ عَلَى تَخْلِيصِ مَا غُصِبَ مِنْهُ بِمَالٍ، وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ بِمَنْزِلَةِ مَا إذَا كَانَ الْغَاصِبُ تَنَالُهُ الْأَحْكَامُ وَيَرْجِعُ عَلَى رَبِّهِ بِمَا خَلَّصَهُ بِهِ.

(قَوْلُهُ: دُونَ الذَّاتِ) أَيْ لَا إنْ كَانَ قَصْدُهُ غَصْبَ الذَّاتِ لِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ غَاصِبَ الذَّاتِ لَا يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ الْمَغْصُوبِ إلَّا إذَا اسْتَعْمَلَهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَنْفَعَةَ مَا عَطَّلَ وَغَاصِبُ الْمَنْفَعَةِ يَضْمَنُ الْمَنْفَعَةَ سَوَاءٌ اسْتَعْمَلَ أَوْ عَطَّلَ (قَوْلُهُ: وَحَمْلِ ظِئْرٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَمْلُ قَبْلَ عَقْدِ الْإِجَارَةِ وَظَهَرَ بَعْدَهُ أَوْ طَرَأَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِيٍّ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: لَا تَقْدِرُ إلَخْ) مَفْهُومُهُ أَنَّهَا لَوْ قَدَرَتْ مَعَهُ عَلَى الرَّضَاعِ لَمْ تَنْفَسِخْ إلَّا أَنْ يَضُرَّ بِهِ فَفِي الْمَفْهُومِ تَفْصِيلٌ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: إنْ تَحَقَّقَ ضَرَرُ الرَّضِيعِ) أَيْ بِلَبَنِ الْحَامِلِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِلَّا يَتَحَقَّقُ الضَّرَرُ بَلْ شَكَّ فِيهِ (قَوْلُهُ: وَبِمَرَضِ عَبْدٍ) أَيْ أُوجِرَ لِلْخِدْمَةِ فِي الْحَضَرِ (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ) أَيْ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَرْجِعُ لِلْإِجَارَةِ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِفَسْخِ الْإِجَارَةِ بِمَرَضِهِ وَهَرَبِهِ وَبِعَدَمِ الْفَسْخِ مَعَ الرُّجُوعِ فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ إذَا عَادَ تَنَافٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ إذَا أُرِيدَ بِفَسْخِهَا بِمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَرَضِ وَمَا مَعَهُ مِنْ الْفَسْخِ بِالْفِعْلِ مِنْ الْآنَ أَمَّا إنْ أُرِيدَ بِهِ التَّعَرُّضُ لِلْفَسْخِ كَمَا قُلْنَا فَلَا يَرِدُ أَصْلًا وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ الِاسْتِثْنَاءِ حَالَةَ السُّكُوتِ لَا إنْ صَرَّحَ بِالْبَقَاءِ أَوْ الْفَسْخِ.

(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ مَا عَطَّلَ) أَيْ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى قَضَاءِ مُدَّةِ الْهَرَبِ أَوْ الْمَرَضِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَيَدْفَعُ الْأَجْرَ بِتَمَامِهِ إنْ كَانَ الْمُسْتَأْجِرُ نَقَدَ الْأُجْرَةَ حِينَ الْعَقْدِ لِمَا فِيهِ مِنْ فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ أَمَّا إذَا كَانَ لَمْ يَنْقُدْهَا فَيَجُوزُ الِاتِّفَاقُ عَلَى ذَلِكَ لِانْتِفَاءِ عِلَّةِ الْفَسْخِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُهُمَا سَوَاءٌ) أَيْ، وَهُوَ أَنَّهُمَا إذَا مَرِضَا فِي الْحَضَرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ عَادَا فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ رَجَعَا لِلْإِجَارَةِ، وَإِنْ مَرِضَا فِي السَّفَرِ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَإِنْ عَادَا فِي بَقِيَّةِ الْمُدَّةِ لَمْ يَرْجِعَا لِلْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ جَوَابُ الْإِمَامِ) حَيْثُ قَالَ فِي الدَّابَّةِ لَا تَعُودُ لِلْإِجَارَةِ بَعْدَ صِحَّتِهَا وَقَالَ فِي الْعَبْدِ إنَّهُ يَعُودُ (قَوْلُهُ: لِاخْتِلَافِ السُّؤَالِ إلَخْ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ

ص: 31

لِيَخْدُمَهُ فِي دَارِهِ أَوْ حَانُوتِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا مِمَّا لَا يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فِيهِ (سَارِقٌ) أَيْ شَأْنُهُ السَّرِقَةُ؛ لِأَنَّهَا عَيْبٌ يُوجِبُ الْخِيَارَ فِي الْإِجَارَةِ كَالْبَيْعِ، وَأَمَّا لَوْ أَكْرَيْتَهُ عَلَى شَيْءٍ يُمْكِنُ التَّحَفُّظُ مِنْهُ فَلَا تَنْفَسِخُ وَيَتَحَفَّظُ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْمُسَاقَاةِ.

(وَ) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ (بِرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ) نَفْسِهِ (أَوْ عَلَى سِلَعِهِ) كَدَابَّتِهِ وَدَارِهِ (وَلِيٌّ) أَبٌ أَوْ وَصِيٌّ أَوْ مُقَامٌ فَبَلَغَ أَثْنَاءَ الْمُدَّةِ رَشِيدًا فَقَوْلُهُ: وَبِرُشْدٍ مَعْطُوفٌ عَلَى بِتَلَفٍ بِدَلِيلِ الْبَاءِ أَيْ، وَفُسِخَتْ بِتَلَفٍ مَا، وَفُسِخَتْ بِرُشْدٍ، وَمَعْنَى الْفَسْخِ إنْ شَاءَ الصَّغِيرُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَعَطْفُهُ عَلَى إنْ تَبَيَّنَ يُبْعِدُهُ إعَادَةُ الْبَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ كَرُشْدِ صَغِيرٍ بِالْكَافِ، وَهُوَ تَشْبِيهٌ فِي التَّخْيِيرِ، وَهِيَ ظَاهِرَةٌ وَالرُّشْدُ يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى سِلَعِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُهُ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ:(إلَّا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ) قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ (وَ) الْحَالُ أَنَّهُ قَدْ (بَقِيَ) مِنْهَا الْيَسِيرُ (كَالشَّهْرِ) فَيَلْزَمُهُ بَقَاءُ الْمُدَّةِ، وَلَا خِيَارَ لَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَشْهَبَ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَحَلَّ خِيَارِهِ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يَظُنَّ الْوَلِيُّ حَالَ الْعَقْدِ عَلَيْهِ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا مُطْلَقًا أَوْ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِيهَا فَبَلَغَ رَشِيدًا وَقَدْ بَقِيَ مِنْهَا كَثِيرٌ بِأَنْ زَادَ عَلَى كَالشَّهْرِ فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فِيهَا فَبَلَغَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ الْيَسِيرُ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَيَلْزَمُهُ الْبَقَاءُ لِتَمَامِهَا، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ سِلَعِهِ فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ ظَنُّ رُشْدٍ، وَلَا عَدَمُهُ وَكَذَا إنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَقَدْ ظَنَّ الْوَلِيُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ مُطْلَقًا بَقِيَ الْيَسِيرُ أَوْ الْكَثِيرُ فَإِنْ ظَنَّ الْبُلُوغَ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَهُ الْخِيَارُ فَعُلِمَ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى هُوَ قَوْلُهُ: وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ وَشُبِّهَ فِي حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى، وَهُوَ اللُّزُومُ قَوْلُهُ:(كَسَفِيهٍ) عَقَدَ وَلِيُّهُ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ (ثَلَاثَ سِنِينَ) أَوْ أَكْثَرَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

الدَّابَّةِ إذَا مَرِضَتْ فِي السَّفَرِ ثُمَّ صَحَّتْ هَلْ تَرْجِعُ لِلْإِجَارَةِ أَوْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِعَدَمِ رُجُوعِهَا، وَسُئِلَ عَنْ الْعَبْدِ يَمْرَضُ فِي الْحَضَرِ ثُمَّ يَصِحُّ فِي بَقِيَّةِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ هَلْ يَرْجِعُ أَوْ لَا؟ . فَأَجَابَ بِرُجُوعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَبِرُشْدٍ إلَخْ) أَيْ فَإِذَا اسْتَأْجَرْت صَغِيرًا مِنْ وَلِيِّهِ لِلْخِدْمَةِ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ اسْتَأْجَرْت دَارِهِ كَذَلِكَ فَبَلَغَ رَشِيدًا فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ فَلَا يَلْزَمُهُ بَاقِي الْمُدَّةِ بَلْ يُخَيَّرُ فِي إتْمَامِهَا، وَفِي فَسْخِهَا فَإِنْ بَلَغَ سَفِيهًا فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَمَحَلُّ خِيَارِهِ إذَا بَلَغَ رَشِيدًا إنْ عَقَدَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يَظُنُّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ وَبَلَغَ فَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ بَعْدَ بُلُوغِهِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَلَا خِيَارَ لَهُ، وَلَزِمَهُ إتْمَامُهَا، وَإِنْ كَانَ الْبَاقِي كَثِيرًا خُيِّرَ (قَوْلُهُ: عُقِدَ عَلَيْهِ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْعَقْدُ عَلَيْهِ لِعَيْشِهِ أَوْ لِغَيْرِ عَيْشِهِ كَمَا هُوَ الصَّوَابُ، وَلَا وَجْهَ لِتَرَدُّدِ عبق، كَذَا قَرَّرَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: وَقَدْ صَرَّحَ إلَخْ) فَذَكَرَ فِيهِ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ، وَإِنْ اقْتَصَرَتْ عَلَى الْبُلُوغِ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَلَمْ تَذْكُرْ الرُّشْدَ لَكِنْ قَيَّدَ عِيسَى بْنُ عُمَرَ الْمَسْأَلَةَ بِأَنْ يَبْلُغَ رَشِيدًا قَالَ عِيَاضٌ، وَلَا يُخْتَلَفُ فِي ذَلِكَ. اهـ. وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ تَعْلَمْ أَنَّ مَا فِي عبق مِنْ اعْتِبَارِ الْبُلُوغِ فَقَطْ فِي الْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ، وَأَنَّهُ إذَا بَلَغَ، وَلَوْ سَفِيهًا خُيِّرَ فِي الْفَسْخِ عَنْ نَفْسِهِ وَعَدَمِهِ وَاعْتِبَارِ الرُّشْدِ فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلْعَةٍ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى ظَاهِرِهِ (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ) أَيْ قَوْلُهُ: وَقَدْ بَقِيَ كَالشَّهْرِ وَقَوْلُهُ: رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ إجَارَةِ الصَّغِيرِ، وَإِجَارَةِ سِلَعِهِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى) أَيْ؛ لِأَنَّ إجَارَةَ سِلَعِهِ تَلْزَمُهُ إنْ بَلَغَ رَشِيدًا إذَا كَانَ وَلِيُّهُ ظَنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَلَوْ بَقِيَ مِنْ الْإِجَارَةِ ثَلَاثُ سِنِينَ كَمَا فِي عبق أَوْ أَكْثَرُ كَمَا فِي شب وَقَوْلُهُ: وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْأُولَى أَيْ كَمَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ نَقَلَ الْمَوَّاقُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمُخْتَصَّ بِالْأُولَى عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ قَوْلُهُ: وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا دَرَكَ عَلَى الْمُصَنِّفِ إلَّا فِي قَوْلِهِ وَبَقِيَ كَالشَّهْرِ فَإِنَّ ظَاهِرَهُ يَرْجِعُ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَالْمُعْتَمَدُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ فِي الْأُولَى فَقَطْ اهـ بْن، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِيَارِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ الْوَلِيُّ، وَهُوَ يَظُنُّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا بَقِيَ كَثِيرٌ أَوْ قَلِيلٌ، وَأَمَّا إذَا عَقَدَ عَلَيْهِ، وَهُوَ يَظُنُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إنْ بَلَغَ وَالْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ شَهْرٌ وَنَحْوُهُ لَزِمَ الْإِتْمَامُ، وَإِلَّا خُيِّرَ، وَكَذَا الْحَالُ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ عِنْدَ أَشْهَبَ، وَأَمَّا ابْنُ الْقَاسِمِ فَيَقُولُ فِيهَا إنْ عَقَدَ عَلَيْهِ ظَانًّا عَدَمَ بُلُوغِهِ لَزِمَ الْإِتْمَامُ، وَلَوْ بَلَغَ وَالْبَاقِي مِنْ الْمُدَّةِ كَثِيرٌ.

(قَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الصُّوَرَ الْمُتَعَلِّقَةَ بِالْعَقْدِ عَلَى نَفْسِهِ سِتٌّ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَظُنَّ الْوَلِيُّ بُلُوغَهُ فِي الْمُدَّةِ أَوْ يَظُنَّ عَدَمَ بُلُوغِهِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا، وَفِي كُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ إمَّا أَنْ يَبْقَى مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ بَعْدَ بُلُوغِهِ رَشِيدًا كَثِيرٌ أَوْ يَسِيرٌ كَالشَّهْرِ وَيَسِيرِ الْأَيَّامِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي صُورَةٍ، وَهِيَ مَا إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْبُلُوغِ فِيهَا وَبَلَغَ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ يَسِيرٌ وَيُخَيَّرُ فِي الْبَاقِي، وَهِيَ مَا إذَا بَقِيَ كَثِيرٌ مُطْلَقًا ظَنَّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ ظَنَّ عَدَمَهُ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا وَكَذَا إذَا بَقِيَ يَسِيرٌ، وَالْحَالُ أَنَّهُ ظَنَّ بُلُوغَهُ فِيهَا أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا وَقَوْلُهُ: وَالْحَاصِلُ إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ زَادَ كَالشَّهْرِ حَلٌّ لِمَنْطُوقِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنْ ظَنَّ عَدَمَهُ فِيهَا حَلٌّ لِمَفْهُومِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُعْتَبَرُ فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ) أَيْ عَلَى سِلَعِ السَّفِيهِ ظَنُّ رُشْدٍ، وَلَا عَدَمُهُ أَيْ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا مِنْ هُنَا وَذِكْرَهُ بَعْدَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ الْكَلَامُ هُنَا فِي الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِ السَّفِيهِ بَلْ عَلَى سِلَعِ الصَّغِيرِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ بَلَغَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ سَفِيهًا (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ

ص: 32

فَرَشَدَ فِي أَثْنَائِهَا فَتَلْزَمُ الْإِجَارَةُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ حَيْثُ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الثَّلَاثُ سِنِينَ فَدُونَ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ فَعَلَ مَا يَجُوزُ لَهُ، فَإِنْ عَقَدَ عَلَيْهِ لَا لِعَيْشِهِ فَلَهُ الْفَسْخُ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ لَا تَسَلُّطَ لَهُ عَلَى نَفْسِهِ بَلْ عَلَى مَالِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَوْ آجَرَ السَّفِيهُ نَفْسَهُ فَلَا كَلَامَ لِوَلِيِّهِ مَا لَمْ يُحَابِ، وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ إنْ رَشَدَ؛ لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ كَالرَّشِيدِ.

(وَ) فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ (بِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ آجَرَ) ذَلِكَ الْوَقْفَ فِي حَيَاتِهِ مُدَّةً (وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا) وَانْتَقَلَ الِاسْتِحْقَاقُ لِمَنْ فِي طَبَقَتِهِ أَوْ لِمَنْ يَلِيهِ، وَلَوْ وَلَدَهُ، وَلَوْ بَقِيَ مِنْهَا يَسِيرٌ (عَلَى الْأَصَحِّ) ، وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُؤَجِّرُ نَاظِرًا بِخِلَافِ نَاظِرٍ غَيْرِ مُسْتَحِقٍّ فَلَا تَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ (لَا) تَنْفَسِخُ (بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ) لِلذَّاتِ الْمُؤَجَّرَةِ بِأَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ آجَرَهَا لِآخَرَ قَبْلَ الْإِجَارَةِ وَنَازَعَهُ الْمُكْتَرِي، وَلَا بَيِّنَةَ لِاتِّهَامِهِ عَلَى نَقْضِهَا وَيَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ فَيَأْخُذُهَا الْمُقَرُّ لَهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ، وَلَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْمُسَمَّى الَّذِي أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ عَلَى الْمُقِرِّ (أَوْ خُلْفِ) بِضَمِّ الْخَاءِ وَسُكُونِ اللَّامِ اسْمُ مَصْدَرٍ بِمَعْنَى تَخَلُّفٍ أَيْ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِتَخَلُّفِ (رَبِّ دَابَّةٍ) مُعَيَّنَةٍ أَمْ لَا (فِي) الْعَقْدِ عَلَى زَمَنٍ (غَيْرِ مُعَيَّنٍ) كَأَنْ يَكْتَرِيَهَا لِيُلَاقِيَ بِهَا رَجُلًا أَوْ وَفْدًا أَوْ لِيُشَيِّعَ بِهَا رَجُلًا يَوْمَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا فَتَخَلَّفَ رَبُّهَا عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ الشَّهْرِ بِخِلَافِ مَا إذَا عَيَّنَ الزَّمَنَ

ــ

[حاشية الدسوقي]

بَقِيَ بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ الْيَسِيرُ أَوْ الْكَثِيرُ فَالْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِلْحَالَتَيْنِ قَبْلَهُ.

وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ أَنَّ صُوَرَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَبْلُغَ سَفِيهًا أَوْ رَشِيدًا وَقَدْ ظَنَّ الْوَلِيُّ عَدَمَ بُلُوغِهِ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ فَلَا خِيَارَ لَهُ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ بَقِيَ بَعْدَ رُشْدِهِ مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ قَلِيلٌ أَوْ كَثِيرٌ فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ، وَإِنْ بَلَغَ رَشِيدًا وَقَدْ ظَنَّ بُلُوغَهُ فِي مُدَّةِ الْإِجَارَةِ أَوْ لَمْ يَظُنَّ شَيْئًا فَلَهُ الْخِيَارُ كَانَ الْبَاقِي مِنْ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: فَرَشَدَ فِي أَثْنَائِهَا) أَيْ، وَلَوْ فِي أَوَّلِ يَوْمٍ مِنْهَا (قَوْلُهُ: فَتَلْزَمُ الْإِجَارَةُ، وَلَا خِيَارَ لَهُ) أَيْ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِي السَّفِيهِ ظَنُّ عَدَمِ رُشْدِهِ، وَلَا ظَنُّ رُشْدِهِ حَالَ الْعَقْدِ عَلَى سِلَعِهِ أَوْ عَلَى نَفْسِهِ لِعَيْشِهِ بِخِلَافِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ ظَنُّ الْبُلُوغِ وَعَدَمُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: حَيْثُ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ الثَّلَاثُ سِنِينَ فَدُونَ) أَيْ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ خُيِّرَ (قَوْلُهُ: وَكَذَا لَا كَلَامَ لَهُ) أَيْ لِلسَّفِيهِ حَيْثُ آجَرَ نَفْسَهُ ثُمَّ رَشَدَ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ فِي نَفْسِهِ كَالرَّشِيدِ) أَيْ لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ فِي نَفْسِهِ لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيهِ كَتَصَرُّفِ الرَّشِيدِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) أَيْ عِنْدَ ابْنِ رَاشِدٍ الْقَفْصِيِّ، وَمُقَابِلُهُ عَدَمُ فَسْخِهَا بِمَوْتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ، وَلَا يُعْرَفُ لِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَلَدَهُ) إنْ قُلْت أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ وَارِثِ الْمَالِكِ إذَا مَاتَ مُوَرِّثُهُ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَوَارِثِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لَهُ ذَلِكَ قُلْت الْمَالِكُ لَهُ التَّصَرُّفُ فِي نَقْلِ الْمَنْفَعَةِ أَبَدًا، وَمُسْتَحِقُّ الْوَقْفِ إنَّمَا لَهُ التَّصَرُّفُ مُدَّةَ حَيَاتِهِ فَلِذَا كَانَ وَارِثُ الْأَوَّلِ لَيْسَ لَهُ الْفَسْخُ وَكَانَ لِوَارِثِ الثَّانِي الْفَسْخُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ الْمُؤَجِّرُ نَاظِرًا) اُنْظُرْ هَلْ مِثْلُ مَوْتِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقِّ عَزْلُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَوْ لَا؟ . اهـ. قَالَهُ بْن، وَمَثَّلَ الْمُصَنِّفُ مَنْ يَتَقَرَّرُ فِي رِزْقِهِ مَرْصَدَةٌ آجَرَهَا مُدَّةً، وَمَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا فَإِنَّ لِمَنْ يَتَقَرَّرُ بَعْدَهُ فَسْخُ إجَارَتِهِ ذَكَرَهُ الْقَرَافِيُّ، وَمِثْلُ مَوْتِهِ فَرَاغُهُ عَنْهَا لِإِنْسَانٍ فَلِلْمَفْرُوغِ لَهُ إذَا قَرَّرَ فِيهَا فَسْخَ إجَارَتِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِفْرَاغَ أَسْقَطَ حَقَّ الْأَصْلِ، وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ لِلثَّانِي إلَّا بِتَقْرِيرِهِ مِنْ وَلِيِّ الْأَمْرِ فَإِنْ مَاتَ الْمَفْرُوغُ لَهُ قَبْلَ الْفَارِغِ صَارَتْ مَحْلُولًا (قَوْلُهُ: لَا بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا آجَرَ دَابَّةً أَوْ دَارًا مَثَلًا ثُمَّ بَعْدَ إجَارَتِهَا أَقَرَّ أَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا أَوْ آجَرَهَا لِإِنْسَانٍ قَبْلَ هَذِهِ الْإِجَارَةِ وَكَذَّبَهُ الْمُسْتَأْجِرُ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَا بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي عَلَى مَا ادَّعَاهُ فَإِنَّ الْإِجَارَةَ لَا تَنْفَسِخُ لِاتِّهَامِ الْمَالِكِ عَلَى نَقْضِ الْإِجَارَةِ (قَوْلُهُ: وَلَا بَيِّنَةَ) أَيْ لِلْمَالِكِ وَقَوْلُهُ: لِاتِّهَامِهِ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا تَنْفَسِخُ بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ.

(قَوْلُهُ: فَيَأْخُذُهَا الْمُقَرُّ لَهُ) أَيْ الَّذِي أَقَرَّ الْمَالِكُ أَنَّهُ بَاعَهَا أَوْ وَهَبَهَا لَهُ وَقَوْلُهُ: وَلَهُ أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ إجَارَةٍ عَلَى الْمُقِرِّ الْأَكْثَرُ إلَخْ، وَهَذَا كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَتَفْصِيلُهُ أَنْ تَقُولَ إنْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ بِفَوْرِ الْكِرَاءِ خُيِّرَ الْمَقَرُّ لَهُ بَيْنَ فَسْخِ الْبَيْعِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ الْمُؤَجِّرُ وَحِينَئِذٍ فَيَأْخُذُ مِنْهُ الثَّمَنَ الَّذِي يَدَّعِي الْمَالِكُ أَنَّهُ بَاعَ بِهِ إنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ الْقِيمَةَ يَوْمَ الْبَيْعِ إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ لَهُ قَدْ حَالَ بَيْنَ الْمَبِيعِ وَبَيْنَ الْمُقَرِّ لَهُ لِمَا عَلِمْت مِنْ عَدَمِ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَعَدَمِ فَسْخِ الْبَيْعِ فَيَأْخُذُ الْأَكْثَرَ مِمَّا حَصَلَ الْكِرَاءُ بِهِ وَكِرَاءَ الْمِثْلِ وَيَأْخُذُ ذَلِكَ الْمُقَرَّ بِهِ أَيْضًا بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ لَمْ يَتْلَفْ، وَإِلَّا أَخَذَ قِيمَتَهُ فَإِنْ كَانَ الْإِقْرَارُ بِالْبَيْعِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ وَيَأْخُذُ الْمُقَرَّ بِهِ أَيْضًا إنْ كَانَ قَائِمًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ فَاتَ، وَأَمَّا إذَا أَقَرَّ بِهِبَةٍ فَلِلْمُقَرِّ لَهُ الْأَكْثَرُ مِمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ، وَأَخَذَ قِيمَةَ الْمَوْهُوبِ إنْ فَاتَ أَوْ أَخَذَهُ بِذَاتِهِ بَعْدَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَلِلْمُقَرِّ لَهُ بِالْإِجَارَةِ الْأَكْثَرُ مِمَّا أُكْرِيَتْ بِهِ وَكِرَاءُ الْمِثْلِ فَقَطْ.

(قَوْلُهُ: يَوْمَ كَذَا) أَيْ وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَأْتِيهِ بِهَا يَوْمَ كَذَا أَوْ شَهْرَ كَذَا (قَوْلُهُ: فَتَخَلَّفَ رَبُّهَا عَنْ الْإِتْيَانِ بِهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ) إنَّمَا لَمْ تَنْفَسِخْ الْإِجَارَةُ بِتَخَلُّفِ رَبِّهَا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ اعْتِبَارِ الْأَخَصِّ، وَهُوَ الزَّمَنُ لِأَجْلِ تَحْصِيلِ أَعَمِّهِ، وَفَوَاتُ الْأَخَصِّ الَّذِي اُعْتُبِرَ لِتَحْصِيلِ أَعَمِّهِ لَا يُبْطِلُ الْعَقْدَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَعَمُّ، وَهُوَ بَاقٍ لَمْ يَفُتْ وَحَيْثُ كَانَ الْعَقْدُ

ص: 33