المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) في الحرابة وما يتعلق بها من الأحكام - الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي - جـ ٤

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌(بَابٌ فِي الْإِجَارَةِ وَكِرَاءِ الدَّوَابِّ وَالدُّورِ وَالْحَمَّامِ

- ‌[أَرْكَان الْإِجَارَة]

- ‌[عَقْدِ الْإِجَارَة عَلَى دَابَّة بِنِصْفِ مَا يَحْتَطِب عَلَيْهَا]

- ‌[فَصْلٌ فِيهِ كِرَاءَ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصْل كِرَاءَ الْحَمَّامِ وَالدَّارِ وَالْعَبْدِ وَالْأَرْض]

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَاب مَوَاتَ الْأَرْضِ وَإِحْيَاءَهَا]

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ

- ‌(بَابٌ) (الْهِبَةُ)

- ‌[بَابٌ فِي اللُّقَطَةِ]

- ‌[أَحْكَام الِالْتِقَاط]

- ‌(بَابٌ) فِي الْقَضَاءِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌بَابٌ فِي الشَّهَادَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌[مَرَاتِب الشَّهَادَة]

- ‌ شُرُوطِ صِحَّةِ الشَّهَادَةِ بِالْمِلْكِ

- ‌[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الدِّمَاءِ وَالْقِصَاصِ وَأَرْكَانه]

- ‌(بَابٌ ذَكَرَ فِيهِ الْبَغْيَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ)

- ‌(بَابٌ فِي الرِّدَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌[بَابٌ حَدّ الزِّنَا وَأَحْكَامه]

- ‌(بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْقَذْفِ)

- ‌[بَابٌ أَحْكَام السَّرِقَةِ]

- ‌(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

- ‌[بَابٌ حَدّ الشَّارِبِ]

- ‌[بَابٌ أَحْكَامَ الْعِتْقِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌(بَابٌ فِي التَّدْبِيرِ وَأَحْكَامِهِ

- ‌{بَابٌ} فِي أَحْكَامِ الْكِتَابَةِ

- ‌(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ أُمِّ الْوَلَدِ

- ‌(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَلَاءِ)

- ‌(بَابٌ ذُكَرِ فِيهِ أَحْكَامُ الْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا)

- ‌ مُبْطِلَاتِ الْوَصِيَّةِ

- ‌(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)

- ‌ الْعَوْلِ

- ‌ الْمُنَاسَخَةِ

- ‌ مَوَانِعِ الْمِيرَاثِ

الفصل: ‌(باب) في الحرابة وما يتعلق بها من الأحكام

[دَرْسٌ]

(بَابٌ) فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ

وَعَقِبُهَا لِلسَّرِقَةِ لِاشْتِرَاكِهَا مَعَهَا فِي بَعْضِ حُدُودِهَا وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَطْعِ وَلِيَكُونَ الْمُشَبَّهُ بِهِ فِي قَوْلِهِ الْآتِي وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ مَعْلُومًا وَعَرَّفَ الْمُحَارِبَ الْمُشْتَقَّ مِنْ الْحِرَابَةِ فَيُعْلَمُ مِنْهُ تَعْرِيفُهَا بِقَوْلِهِ (الْمُحَارِبُ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ) عِلَّةٌ لِلْقَطْعِ أَيْ مِنْ قَطْعِهَا لِأَجْلِ عَدَمِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ مَالِ السَّالِكِينَ وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْإِخَافَةُ لَا الْمَنْعُ وَإِلَّا لَزِمَ تَعْلِيلُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ الطَّرِيقُ خَارِجَةً عَنْ الْعُمْرَانِ أَوْ دَاخِلَةً كَالْأَزِقَّةِ (أَوْ آخِذٌ) بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ مَعْطُوفٌ عَلَى قَاطِعُ (مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) ذِمِّيٍّ وَمُعَاهِدٍ وَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابًا (عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ شَأْنُهُ تَعَذُّرُ الْغَوْثِ، فَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ عَدَمَ تَعَذُّرِهِ فَغَيْرُ مُحَارِبٍ بَلْ غَاصِبٌ وَلَوْ سُلْطَانًا وَقِرَاءَةُ آخِذٍ بِالْمَدِّ اسْمُ فَاعِلٍ أَوْلَى مِنْ قِرَاءَتِهِ مَصْدَرًا لِإِفَادَةِ أَنَّهُ مُحَارِبٌ وَلَوْ لَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ قَطْعُ طَرِيقٍ فَيَشْمَلُ مَسْأَلَةَ سَقْيِ السُّيْكَرَانِ وَمُخَادَعَةِ الصَّبِيِّ أَوْ غَيْرِهِ لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ، وَجَبَابِرَةُ أُمَرَاءِ مِصْرَ وَنَحْوُهُمْ يَسْلُبُونَ أَمْوَالَ الْمُسْلِمِينَ وَيَمْنَعُونَهُمْ أَرْزَاقَهُمْ وَيُغِيرُونَ عَلَى بِلَادِهِمْ وَلَا تَتَيَسَّرُ اسْتِغَاثَةٌ مِنْهُمْ بِعُلَمَاءَ وَلَا بِغَيْرِهِمْ، وَلَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُ الْمُحَارِبِ وَلَا قَصْدُهُ عُمُومَ النَّاسِ بَلْ يُعَدُّ مُحَارِبًا (وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ) قَصَدَ جَمِيعَ أَهْلِهَا أَمْ لَا (كَمُسْقِي السُّيْكَرَانِ) بِضَمِّ الْكَافِ نَبْتٌ مَعْلُومٌ (لِذَلِكَ) أَيْ لِأَجْلِ أَخْذِ الْمَالِ وَأَشَدُّ مِنْهُ فِي تَغْيِيبِ الْعَقْلِ الْبَنْجُ وَأَشَدُّ مِنْهُ نَبْتٌ يُسَمَّى الدَّاتُورَةَ وَالْبَنْجُ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ النُّونِ نَبْتٌ مَعْرُوفٌ وَالْكَافُ لِلتَّمْثِيلِ إنْ قُرِئَ آخِذُ اسْمَ الْفَاعِلِ وَلِلتَّشْبِيهِ إنْ قُرِئَ مَصْدَرًا (وَمُخَادِعِ الصَّبِيِّ) أَيْ الْمُمَيِّزِ إذْ هُوَ الَّذِي يُخْدَعُ (أَوْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الصَّبِيِّ وَهُوَ الْكَبِيرُ أَيْ خَدَعَهُ حَتَّى أَدْخَلَهُ مَكَانًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

عَلَيْهِ الْقَتْلُ لِرِدَّةٍ أَوْ لِقِصَاصٍ أَوْ لِحِرَابَةٍ قُتِلَ وَلَا يُقَامُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَتْلِ حَدُّ الزِّنَا أَوْ الشُّرْبِ أَوْ السَّرِقَةِ لِانْدِرَاجِ حَدِّهِ فِي الْقَتْلِ وَهَذَا كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ فَالْقَتْلُ يَأْتِي عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا حَدَّ الْقَذْفِ اهـ وَقَوْلُهُ: وَكُلُّ حَقٍّ لِلَّهِ يَشْمَلُ حَدَّ السَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالزِّنَا وَقَوْلُهُ: اجْتَمَعَ مَعَ الْقَتْلِ أَيْ لِرِدَّةٍ أَوْ حِرَابَةٍ أَوْ قِصَاصٍ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ هَذَا وَارِدٌ عَلَى الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْحُدُودَ تَدَاخَلَتْ مَعَ اخْتِلَافِ الْمُوجِبِ وَالْمُخَلِّصِ مِنْ ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ كَلَامُهُ فِي الْحُدُودِ غَيْرُ الْمُجْتَمَعَةِ مَعَ الْقَتْلِ قَالَهُ طفى اهـ بْن.

[بَابٌ فِي الْحِرَابَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ]

(بَابٌ فِي الْحِرَابَةِ)(قَوْلُهُ وَهُوَ مُطْلَقُ الْقَطْعِ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي يُقْطَعُ فِي الْحِرَابَةِ عُضْوَانِ وَفِي السَّرِقَةِ عُضْوٌ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ فَيُعْلَمُ مِنْهُ تَعْرِيفُهَا) أَيْ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ جُزْءٌ مِنْ مَفْهُومِ الْمُحَارِبِ وَيَلْزَمُ مِنْ مَعْرِفَةِ الْكُلِّ مَعْرِفَةُ كُلِّ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَائِهِ (قَوْلُهُ: لِمَنْعِ سُلُوكٍ) خَرَجَ قَطْعُهَا لِطَلَبِ إمْرَةٍ أَوْ لِثَائِرَةٍ أَيْ عَدَاوَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَمَاعَةٍ كَمَا يُقْطَعُ فِي بَعْضِ عَسْكَرِ مِصْرَ مَعَ بَعْضِهِمْ فَلَيْسَ بِمُحَارِبٍ (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْقَطْعِ الْإِخَافَةُ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحَارِبَ وَهُوَ مَنْ أَخَافَ الطَّرِيقَ لِأَجْلِ أَنْ يَمْنَعَ النَّاسَ مِنْ سُلُوكِهَا أَيْ مَنْ أَخَافَ النَّاسَ فِي الطَّرِيقِ لِأَجْلِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنْ السُّلُوكِ فِيهَا وَالِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ أَخْذَ مَالٍ مِنْ السَّالِكِينَ بَلْ قَصَدَ مُجَرَّدَ مَنْعِ الِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا سَوَاءٌ كَانَ الْمَمْنُوعُ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِالْمُرُورِ فِيهَا خَاصًّا كَفُلَانٍ أَوْ كَانَ كُلُّ مِصْرِيٍّ أَوْ عَامًّا كَمَا إذَا مَنَعَ كُلَّ أَحَدٍ يَمُرُّ فِيهَا إلَى الشَّامِ مَثَلًا قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَخَذَ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ غَيْرِهِ) وَالْبُضْعُ أَحْرَى مِنْ الْمَالِ كَمَا لِلْقُرْطُبِيِّ وَابْنِ الْعَرَبِيِّ فَمَنْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ قَصْدًا لِلْغَلَبَةِ عَلَى الْفُرُوجِ فَهُوَ مُحَارِبٌ أَقْبَحُ مِمَّنْ خَرَجَ لِإِخَافَةِ السَّبِيلِ لِأَخْذِ الْمَالِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ) أَيْ لِعَدَمِ النَّاسِ الْمُغِيثِينَ مِنْهُ وَظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ قَتْلَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا خَرَجَ بِدُونِ سِلَاحٍ بَلْ خَرَجَ مُتَلَصِّصًا لَكِنَّهُ أَخَذَ مُكَابَرَةً يَكُونُ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ: أَيْ شَأْنُهُ تَعَذُّرُ الْغَوْثِ) أَيْ وَإِنْ أَمْكَنَ تَخْلِيصُهُ مِنْهُ بِقِتَالٍ لِأَنَّ شَأْنَهُ تَعَذُّرُ الْغَوْثِ، وَفِي الْبَدْرِ الْقَرَافِيِّ أَنَّ مَنْ أَخَذَ وَظِيفَةَ أَحَدٍ لَا جُنْحَةَ فِيهِ بِتَقْرِيرِ سُلْطَانٍ فَهُوَ مُحَارِبٌ لِأَنَّهُ يَتَعَذَّرُ الْغَوْثُ مِنْهُ مَا دَامَ مَعَهُ تَقْرِيرُ السُّلْطَانِ قَالَ الْبَدْرُ: سَمِعْتُهُ مِنْ شَيْخِنَا الصَّالِحِ سَيِّدِي مُحَمَّدٍ البنوفري ثُمَّ ذَكَر تَرَدُّدًا بَعْدُ فِي كَوْنِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْمُكُوسَ مُحَارِبِينَ بِمَنْزِلَةِ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ أَوْ غَاصِبِينَ فَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ سُلْطَانًا) أَيْ لِأَنَّ الْعُلَمَاءَ وَهُمْ أَهْلُ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ يُنْكِرُونَ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَيَأْخُذُونَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: مِنْ قِرَاءَتِهِ مَصْدَرًا) أَيْ عَطْفًا عَلَى مَنْعٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُحَارِبَ هُوَ قَاطِعُ الطَّرِيقِ لِمَنْعِ سُلُوكٍ أَوْ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالٍ (قَوْلُهُ: لِإِفَادَةِ أَنَّهُ) أَيْ آخِذَ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبٌ (قَوْلُهُ: وَجَبَابِرَةُ أُمَرَاءِ مِصْرَ) أَيْ وَيَشْمَلُ جَبَابِرَةَ أُمَرَاءِ مِصْرَ فَهُمْ مُحَارِبُونَ لَا غُصَّابٌ لِأَنَّهُمْ يَسْلُبُونَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ انْفَرَدَ بِمَدِينَةٍ) هَذَا مُبَالَغَةٌ عَلَى كَوْنِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ وَآخِذِ الْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ مُحَارِبًا أَيْ وَإِنْ كَانَتْ حِرَابَتُهُ خَاصَّةً بِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَيْ بِأَنْ يَقْصِدَ بِمَنْعِ السُّلُوكِ فِي الطَّرِيقِ أَوْ أَخْذِ الْمَالِ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ يَقْصِدَ بَعْضَهُمْ فَقَطْ، وَاَلَّذِي يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا يُشْتَرَطُ إلَخْ أَنَّ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مُبَالَغَتَيْنِ أَيْ هَذَا إذَا لَمْ يَنْفَرِدْ بِأَنْ كَانُوا جَمَاعَةً بَلْ وَإِنْ انْفَرَدَ هَذَا إذَا كَانَتْ حِرَابَتُهُ أَيْ قَطْعُهُ لِلطَّرِيقِ وَأَخْذُهُ لِلْمَالِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ لِعُمُومِ النَّاسِ بَلْ وَإِنْ كَانَتْ خَاصَّةً بِأَهْلِ مَدِينَةٍ كُلِّهِمْ أَوْ بَعْضِهِمْ.

(قَوْلُهُ: نَبْتٌ مَعْلُومٌ) أَيْ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالْحَشِيشَةِ يُؤْكَلُ حَبُّهُ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِالشَّرَانِقِ

ص: 348

(لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ) وَلَوْ لَمْ يَقْتُلْهُ وَقَتْلُهُ مَنْ قَتْلِ الْغِيلَةِ (وَالدَّاخِلِ) عَطْفٌ عَلَى مُسْقِي أَيْ وَكَالدَّاخِلِ (فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ فِي زُقَاقٍ أَوْ دَارٍ) حَالَ كَوْنِهِ (قَاتَلَ) حِينَ الْأَخْذِ (لِيَأْخُذَ الْمَالَ) وَأَخَذَهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِ قَاتَلَ لِيَأْخُذَ عَمَّا لَوْ أَخَذَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ فَلَا يَكُونُ مُحَارِبًا بَلْ هُوَ سَارِقٌ إنْ عَلِمَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ لَا قَبْلَهُ فَمُخْتَلِسٌ إنْ نَجَا بِهِ ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ حَدِّ الْمُحَارِبِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أَنْوَاعٍ أَرْبَعَةٍ كَمَا فِي الْآيَةِ بِقَوْلِهِ (فَيُقَاتَلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ) وَالْمُنَاشَدَةُ مَنْدُوبَةٌ كَمَا فِي الْحَطَّابِ، وَيُنْدَبُ أَنْ تَكُونَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يُقَالُ لَهُ نَاشَدْنَاك اللَّهَ إلَّا مَا خَلَّيْت سَبِيلَنَا وَنَحْوَ ذَلِكَ (إنْ أَمْكَنَ) .

فَإِنْ عَاجَلَ بِالْقِتَالِ قُوتِلَ بِلَا مُنَاشَدَةٍ بِالسِّلَاحِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا فِيهِ هَلَاكُهُ فَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ يُقَاتَلُ أَنَّهُ يُقْتَلُ وَهُوَ أَحَدُ حُدُودِهِ الْأَرْبَعِ، وَالْقَاتِلُ لَهُ إمَّا رَبُّ الْمَالِ حَالَ حِرَابَتِهِ لَهُ وَإِمَّا الْحَاكِمُ وَلَوْ بَعْدَ حِرَابَتِهِ إذَا ظَفِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ كَمَا يَأْتِي (ثُمَّ يُصْلَبُ فَيُقْتَلُ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ فَيُقْتَلُ ثُمَّ إلَخْ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ وَلَوْ قَالَ أَوْ يُصْلَبُ إلَخْ كَانَ أَحْسَنَ وَأَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِلَا صَلْبٍ أَوْ يَصْلُبَهُ عَلَى خَشَبَةٍ وَنَحْوِهَا حَيًّا غَيْرَ مَنْكُوسِ الرَّأْسِ ثُمَّ يَقْتُلَهُ مَصْلُوبًا قَبْلَ نُزُولِهِ عَلَى الْأَرْجَحِ وَهَذَا هُوَ النَّوْعُ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ حَدِّهِ وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (أَوْ)(يُنْفَى) الذَّكَرُ (الْحُرُّ) الْبَالِغُ الْعَاقِلُ (كَالزِّنَا) فِي مَسَافَةِ الْبُعْدِ كَفَدَكَ وَخَيْبَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَلَكِنَّهُ يُسْجَنُ هُنَا حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ أَوْ يَمُوتَ.

وَأَمَّا فِي الزِّنَا فَيُسْجَنُ سَنَةً فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ وَيَكُونُ النَّفْيُ بَعْدَ الضَّرْبِ بِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْمُصَنِّفُ (وَالْقَتْلُ) مَعَ الصَّلْبِ وَالضَّرْبُ مَعَ النَّفْيِ، ظَاهِرُ الْقُرْآنِ خِلَافُهُ فَلَعَلَّهُ أُخِذَ مِنْهُ مِنْ الْمَعْنَى وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحِرَابَةَ أَشَدُّ مِنْ الزِّنَا بِدَلِيلِ أَنَّ الْحَدَّ فِيهَا أَشَدُّ وَالزِّنَا قَرَنَ النَّفْيَ فِيهِ بِالْجَلْدِ وَمُجَرَّدُ صَلْبٍ بِلَا قَتْلٍ لَيْسَ فِيهِ كَبِيرُ رَدْعٍ لِلْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ فَعُلِمَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بَعْدَهُ وَأَشَارَ لِلرَّابِعِ بِقَوْلِهِ (أَوْ)(تُقْطَعُ يَمِينُهُ) أَيْ يَدُهُ الْيُمْنَى مِنْ الْكُوعِ (وَرِجْلُهُ الْيُسْرَى) مِنْ مَفْصِلِ الْكَعْبَيْنِ (وَلَاءً) بِلَا تَأْخِيرٍ وَلَوْ خِيفَ عَلَيْهِ الْمَوْتُ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَحَدُ حُدُودِهِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

قَوْلُهُ: لِيَأْخُذَ مَا مَعَهُ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ سَوَاءُ قَتَلَهُ أَمْ لَا وَبِتَقْيِيدِ الصَّبِيِّ هُنَا بِالْمُمَيِّزِ تَنْدَفِعُ الْمُعَارَضَةُ بَيْنَ مَا هُنَا وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِي السَّرِقَةِ وَلَا فِيمَا عَلَى صَبِيٍّ وَمَعَهُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ الْمُمَيِّزِ أَوْ فِيهِ وَأُخِذَ مَا مَعَهُ سَرِقَةً وَمَا هُنَا فِي الْمُمَيِّزِ وَأُخِذَ مِنْهُ عَلَى وَجْهٍ يَتَعَذَّرُ مَعَهُ الْغَوْثُ، وَكَذَا لَا يُعَارِضُهُ قَوْلُهُ أَوْ حَمَلَ عَبْدًا لَمْ يُمَيِّزْ أَوْ خَدَعَهُ أَيْ الْمُمَيِّزُ؛ لِأَنَّهُ فِيهِمَا لَا يَتَعَذَّرُ مَعَهُ غَوْثٌ وَمَا هُنَا فِيمَنْ يَتَعَذَّرُ (قَوْلُهُ: وَقَتَلَهُ) أَيْ قَتَلَ ذَلِكَ الْمُخَادِعَ لِأَخْذِ مَا مَعَهُ مِنْ قَتْلِ الْغِيلَةِ أَيْ وَقَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَنَصُّ الْجَوَاهِرِ قَتْلُ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ وَهِيَ أَنْ يَغْتَالَ رَجُلًا أَوْ صَبِيًّا فَيَخْدَعَهُ حَتَّى يُدْخِلَهُ مَوْضِعَهُ فَيَأْخُذَ مَا مَعَهُ فَهُوَ كَالْحِرَابَةِ اهـ.

قَالَ طفى تَفْسِيرُهَا الْغِيلَةَ بِمَا ذَكَرَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ لَيْسَ شَرْطًا فِيهَا وَأَنَّ قَتْلَ الْغِيلَةِ مِنْ الْحِرَابَةِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: وَأَخَذَهُ إلَخْ) تَصْوِيرٌ لِكَوْنِهِ مُحَارِبًا، فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ لَمْ يَكُنْ مُحَارِبًا (قَوْلُهُ: فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ) أَيْ وَمِنْ ذَلِكَ مَنْ قَتَلَ شَخْصًا بَعْدَ أَنْ أَخَذَ مَالَهُ خَوْفًا مِنْ شِكَايَتِهِ فَلَيْسَ مُحَارِبًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ عج (قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ بِهِ خَارِجَ الْحِرْزِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَالُ: إنَّهُ قَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ لَا لِأَخْذِهِ.

(قَوْلُهُ: لَا قَبْلَهُ فَمُخْتَلِسٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا طَلَعَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ بِهِ مِنْ الْحِرْزِ فَقَاتَلَ لِيَنْجُوَ بِهِ يُقَالُ لَهُ مُحَارِبٌ؛ لِأَنَّهُ قَاتَلَ لِأَخْذِهِ فَتَأَمَّلْ كَذَا بَحَثَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ نَعَمْ إنْ عَلِمَ بِهِ وَهُوَ فِي الْحِرْزِ وَقَدَرَ عَلَيْهِ فَخَرَجَ فَارًّا بِالْمَالِ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ كَانَ مُخْتَلِسًا (قَوْلُهُ: وَالْمُنَاشَدَةُ مَنْدُوبَةٌ) أَيْ وَأَمَّا الْمُقَاتَلَةُ فَهِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ إذَا خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ الْقَتْلَ أَوْ الْجُرْحَ وَالْفَاحِشَةَ بِأَهْلِهِ وَإِلَّا كَانَ جَائِزًا

(قَوْلُهُ: إلَّا مَا خَلَّيْت إلَخْ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ مَحْذُوفٍ أَيْ نَاشَدْتُك بِاَللَّهِ أَنْ لَا تَفْعَلَ شَيْئًا إلَّا تَخْلِيَةَ سَبِيلِنَا (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَاجَلَ) أَيْ الْمُحَارِبُ بِالْقِتَالِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يُقْتَلُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِقِتَالِهِ إلَّا قَتْلُهُ (قَوْلُهُ: وَالْقَاتِلُ لَهُ إمَّا رَبُّ الْمَالِ) الْأَوْلَى وَالْقَاتِلُ لِلْمُحَارِبِ إمَّا مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ لِأَخْذِ مَالِهِ أَوْ لِمَنْعِهِ مِنْ سُلُوكِ الطَّرِيقِ وَفِي غَايَةِ الْأَمَانِي لَوْ قَتَلَ الْمُحَارِبُ أَحَدَ وَرَثَتِهِ فَقِيلَ يَرِثُهُ وَقِيلَ لَا يَرِثُهُ اهـ قَالَ عبق قُلْت يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الرَّاجِحُ الْأَوَّلَ؛ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ فِي الْبَاغِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَكُرِهَ لِلرَّجُلِ قَتْلُ أَبِيهِ لِوِرْثِهِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ فَيُقَاتِلُ بَعْدَ الْمُنَاشَدَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ يَصْلُبُهُ عَلَى خَشَبَةٍ) أَيْ بِأَنْ يَرْبِطَ جَمِيعَهُ بِهَا لَا مِنْ أَعْلَى فَقَطْ كَإِبِطَيْهِ وَوَجْهِهِ أَوْ ظَهْرِهِ لَهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ يَقْتُلُهُ مَصْلُوبًا) أَيْ ثُمَّ يَنْزِلُ إذَا خِيفَ تَغَيُّرُهُ وَيُصَلِّي عَلَيْهِ غَيْرَ فَاضِلٍ (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَرْجَحِ) أَيْ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إنَّهُ يُصْلَبُ مُدَّةً بِالِاجْتِهَادِ ثُمَّ يُنْزَلُ فَيُقْتَلُ بَعْدَ نُزُولِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ يُنْفَى إلَخْ) أَيْ وَأُجْرَةُ حَمْلِهِ لِلْمَحَلِّ الَّذِي يُنْفَى فِيهِ وَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى جَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ.

(قَوْلُهُ: حَتَّى تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ قَبْلَ سَنَةٍ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُنْتَظَرُ لِأَقْصَى مِنْ سَنَةِ وَظُهُورِ التَّوْبَةِ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي المج (قَوْلُهُ: فَلَعَلَّهُ أَخَذَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْقُرْآنِ وَقَوْلُهُ مِنْ الْمَعْنَى أَيْ بِالنَّظَرِ لِلْمَعْنَى أَيْ الْعِلَّةِ فِي جَزَائِهِ ذَلِكَ الْجَزَاءِ وَهِيَ التَّشْدِيدُ عَلَيْهِ مِنْ أَجْلِ إفْسَادِهِ فِي الْأَرْضِ (قَوْلُهُ: وَمُجَرَّدُ صَلْبٍ بِلَا قَتْلٍ) أَيْ وَنَفْيٌ بِلَا ضَرْبٍ لَيْسَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَتْلِهِ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الصَّلْبِ

ص: 349

فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْيُمْنَى أَوْ أَشَلَّهَا قُطِعَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى لِيَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَكَذَا إنْ كَانَ أَقْطَعَ الرِّجْلِ الْيُسْرَى فَتُقْطَعُ يَدُهُ الْيُسْرَى وَرِجْلُهُ الْيُمْنَى، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدٌ أَوْ رِجْلٌ قُطِعَتْ، فَإِنْ كَانَ لَهُ يَدَانِ أَوْ رِجْلَانِ فَقَطْ قُطِعَتْ الْيَدُ الْيُمْنَى فَقَطْ أَوْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَقَطْ وَهَذِهِ الْحُدُودُ الْأَرْبَعَةُ يُخَيَّرُ الْإِمَامُ فِيهَا بِاعْتِبَارِ

الْمَصْلَحَةِ

فِي حَقِّ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ.

وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُصْلَبُ وَلَا تُنْفَى وَإِنَّمَا حَدُّهَا الْقَتْلُ أَوْ الْقَطْعُ مِنْ خِلَافٍ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَحَدُّهُ ثَلَاثَةٌ وَهِيَ مَا عَدَا النَّفْيَ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - بِقَوْلِهِ أَوْ يُنْفَى الْحُرُّ (وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ) مُجَرَّدًا أَوْ مَعَ صَلْبٍ وَلَا يَجُوزُ قَطْعُهُ أَوْ نَفْيُهُ بِقَتْلِ حُرٍّ مُسْلِمٍ بَلْ (وَلَوْ بِكَافِرٍ) أَوْ عَبْدٍ (أَوْ بِإِعَانَةٍ) عَلَى الْقَتْلِ بِمَسْكٍ أَوْ شَارَةٍ بَلْ وَلَوْ بِتَقَوٍّ بِجَاهِهِ إذْ لَوْلَا جَاهُهُ مَا تَجَرَّأَ الْقَاتِلُ عَلَى الْقَتْلِ فَجَاهُهُ أَعَانَهُ عَلَيْهِ حُكْمًا

(وَلَوْ جَاءَ) الْمُحَارِبُ الْقَاتِلُ (تَائِبًا) قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ إذْ تَوْبَتُهُ لَا تُسْقِطُ حُقُوقَ الْآدَمِيِّينَ (وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ) أَيْ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ (الْعَفْوُ) عَنْ الْقَاتِلِ قَبْلَ مَجِيئِهِ تَائِبًا لِأَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ.

وَأَمَّا بَعْدَ مَجِيئِهِ تَائِبًا فَلَهُ الْعَفْوُ لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ قِصَاصٌ لَا حِرَابَةٌ (وَنُدِبَ) لِلْإِمَامِ النَّظَرُ

بِالْمَصْلَحَةِ

وَلَا يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِخُصُوصِهِ لِأَنَّ أَوْ فِي الْآيَةِ لِلتَّخْيِيرِ فَالْأَوْلَى (لِذِي التَّدْبِيرِ) مِنْ الْمُحَارِبِينَ (الْقَتْلُ) لِأَنَّ الْقَطْعَ مَثَلًا لَا يَدْفَعُ ضَرُورَةً (وَ) لِذِي (الْبَطْشِ) إذَا لَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا (الْقَطْعُ) مِنْ خِلَافٍ (وَلِغَيْرِهِمَا وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ) الْحِرَابَةُ (فَلْتَةً) بِلَا قَتْلِ أَحَدٍ (النَّفْيُ وَالضَّرْبُ) بِالِاجْتِهَادِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ النَّدْبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ (وَالتَّعْيِينُ) فِيمَا يُنْدَبُ فِعْلُهُ (لِلْإِمَامِ لَا لِمَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا) مِنْ جُرْحٍ وَأَخْذِ مَالٍ فَلَا كَلَامَ لَهُ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ، وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا وَقَعَ مِنْهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لَا لِخُصُوصِ مَا وَقَعَ لِهَذَا الشَّخْصِ (وَغَرِمَ كُلٌّ) أَيْ كُلُّ وَاحِدٍ بِانْفِرَادِهِ مِنْ الْمُحَارِبِينَ إذَا أَخَذُوا شَيْئًا

ــ

[حاشية الدسوقي]

أَيْ وَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِهِ قَبْلَ النَّفْيِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَقْطُوعَ الْيُمْنَى) أَيْ فِي جِنَايَةٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ خُلِقَ نَاقِصَهَا أَوْ سَقَطَتْ بِسَمَاوِيٍّ (قَوْلُهُ: قُطِعَتْ الْيَدُ الْيُمْنَى فَقَطْ) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا يَدَانِ وَقَوْلُهُ أَوْ الرِّجْلُ الْيُسْرَى فَقَطْ أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا رِجْلَانِ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ (قَوْلُهُ: وَبِالْقَتْلِ يَجِبُ قَتْلُهُ) أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ الْمَصْلَحَةُ فِي إبْقَائِهِ بِأَنْ يُخْشَى بِقَتْلِهِ فَسَادٌ أَعْظَمُ مِنْ قَبِيلَتِهِ الْمُتَفَرِّقِينَ فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بَلْ يُطْلَقُ ارْتِكَابًا لِأَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الشَّبِيبِيُّ وَأَبُو مَهْدِيٍّ وَتِلْمِيذُهُمَا ابْنُ نَاجِيٍّ اهـ عبق (قَوْلُهُ بَلْ وَلَوْ بِكَافِرٍ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَوْ بِغَيْرِ مُكَافِئٍ لَكَانَ أَحْسَنَ لِشُمُولِهِ لِلْعَبْدِ وَالْكَافِرِ مَعًا (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِعَانَةٍ) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْمُحَارِبَيْنِ إذَا أَعَانَ غَيْرَهُ عَلَى قَتْلِ شَخْصٍ بِمَسْكِهِ لَهُ أَوْ إشَارَةٍ لَهُ، فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ قَتْلُهُمَا وَلَوْ كَانَ الْمَقْتُولُ غَيْرَ مُكَافِئٍ لَهُمَا (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَوْ بِتَقَوٍّ بِجَاهِهِ) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِهِ وَلَا تَسَبَّبَ فِيهِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ انْحَازَ شَخْصٌ لِقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَقَتَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُنْحَازُ أَحَدًا فَيُقْتَلَانِ مَعًا

(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا) هَذَا مُبَالَغَةٌ فِي وُجُوبِ قَتْلِ الْمُحَارِبِ إذَا قَتَلَ أَيْ هَذَا إذَا ظَفِرْنَا بِهِ قَهْرًا عَنْهُ بَلْ وَلَوْ جَاءَ تَائِبًا (قَوْلُهُ: وَلِيِّ الْمَقْتُولِ) أَيْ الَّذِي قَتَلَهُ ذَلِكَ الْمُحَارِبُ (قَوْلُهُ: قَبْلَ مَجِيئِهِ تَائِبًا) أَشَارَ الشَّارِحُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَيْسَ لِلْوَلِيِّ الْعَفْوُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ قِصَاصٌ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ قِصَاصًا يَكُونُ مَا أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَعَيُّنِ قَتْلِهِ إذَا جَاءَ تَائِبًا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ مَحْمُولًا عَلَى مَا إذَا طَلَبَ الْوَلِيُّ قَتْلَهُ وَإِلَّا فَلَهُ الْعَفْوُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ حَيْثُ كَانَ الْقَتْلُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ قِصَاصًا، فَإِنْ قَتَلَ مَنْ لَا يُقْتَلُ بِهِ كَذِمِّيٍّ أَوْ عَبْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ عِنْدَ مَجِيئِهِ تَائِبًا بَلْ عَلَيْهِ دِيَةُ الْأَوَّلِ وَقِيمَةُ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَنُدِبَ لِلْإِمَامِ النَّظَرُ) أَيْ فِي حَالِ الْمُحَارِبِ الَّذِي لَمْ يَصْدُرْ مِنْهُ قَتْلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحُدُودَ الْأَرْبَعَةَ وَاجِبَةٌ لَا يَخْرُجُ الْإِمَامُ عَنْهَا مُخَيَّرَةً لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ مِنْهَا إلَّا أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْظُرَ مَا هُوَ

الْأَصْلَحُ

وَاللَّائِقُ بِحَالِ ذَلِكَ الْمُحَارِبِ، فَإِذَا ظَهَرَ لَهُ مَا هُوَ اللَّائِقُ نُدِبَ لَهُ فِعْلُهُ، فَإِنْ خَالَفَ وَفَعَلَ غَيْرَ مَا ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ الْأَصْلَحُ أَجْزَأَ مَعَ الْكَرَاهَةِ (قَوْلُهُ: لِذِي التَّدْبِيرِ) أَيْ فِي الْحُرُوبِ وَفِي الْخَلَاصِ مِنْهَا (قَوْلُهُ: وَلِذِي الْبَطْشِ) أَيْ الْقُوَّةِ وَالشَّجَاعَةِ (قَوْلُهُ: وَلِغَيْرِهِمَا) أَيْ مَنْ لَا تَدْبِيرَ لَهُ وَلَا بَطْشَ (قَوْلُهُ: وَلِمَنْ وَقَعَتْ مِنْهُ فَلْتَةٌ) وَذَلِكَ بِأَنْ أَخَذَ بِفَوْرِ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَقْتُلْ وَلَا أَخَذَ مَالًا وَإِنَّمَا حَصَلَ مِنْهُ إخَافَةُ الطَّرِيقِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّ مَا حَصَلَتْ مِنْهُ الْحِرَابَةُ فَلْتَةً يُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُحَارِبِينَ هُوَ الَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اخْتِصَارِ ابْنِ يُونُسَ خِلَافًا لِقَوْلِ اللَّخْمِيِّ: إنَّهُ يُؤَدَّبُ فَقَطْ وَلَا يُجْرَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْحِرَابَةِ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ النَّدْبِ) أَيْ مِنْ نَدْبِ فِعْلٍ مَا هُوَ الْأَصْلَحُ وَالْأَلْيَقُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَقَوْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَيْ وَمُقَابِلُهُ قَوْلُ الْقَرَافِيِّ إذَا تَبَيَّنَ لِلْإِمَامِ الْأَصْلَحُ بِالْمُحَارِبِ مِنْ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ فِعْلُهُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْعُدُولُ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْإِمَامَ هُوَ الَّذِي يُعَيِّنُ مَا يَفْعَلُهُ بِالْمُحَارِبِ غَيْرِ الْقَاتِلِ مِنْ الْعُقُوبَاتِ الْأَرْبَعِ وَأَمَّا مَنْ قُطِعَتْ يَدُهُ وَنَحْوُهَا بِجِنَايَةِ الْمُحَارِبِ فَلَا تَعْيِينَ لَهُ فِي ذَلِكَ إذْ لَا حَقَّ لَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْإِمَامُ بِالْمُحَارِبِ لَيْسَ عَنْ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ وَإِنَّمَا هُوَ عَنْ جَمِيعِ مَا فَعَلَهُ فِي حِرَابَتِهِ مِنْ إخَافَةٍ وَأَخْذِ مَالٍ وَجُرْحٍ (قَوْلُهُ: وَغَرِمَ كُلٌّ عَنْ الْجَمِيعِ) اعْلَمْ أَنَّ مَحَلَّ غُرْمِهِ عَمَّنْ عَدَاهُ حَيْثُ لَزِمَ

ص: 350

مِنْ الْأَمْوَالِ (عَنْ الْجَمِيعِ) لِأَنَّهُمْ كَالْحُمَلَاءِ فَكُلُّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ أُخِذَ بِجَمِيعِ مَا أَخَذَهُ هُوَ وَأَصْحَابُهُ (مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مَا أَخَذَهُ أَصْحَابُهُ بَاقِيًا أَمْ لَا جَاءَ الْمُحَارِبُ تَائِبًا أَمْ لَا نَابَهُ شَيْءٌ مِمَّا نَهَبُوهُ أَمْ لَا لِتَقَوِّي بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ فَكَانُوا كَالْحُمَلَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثْلُهُمْ الْبُغَاةُ وَالْغُصَّابُ وَاللُّصُوصُ (وَاتُّبِعَ) الْمُحَارِبُ (كَالسَّارِقِ) ، فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ بِمَجِيئِهِ تَائِبًا أُغْرِمَ مُطْلَقًا أَيْسَرَ أَوْ أَعْسَرَ، وَإِنْ قَتَلَ أَوْ قَطَعَ أُغْرِمَ إنْ أَيْسَرَ مِنْ الْأَخْذِ إلَى الْقَطْعِ أَوْ الْقَتْلِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ؛ لِأَنَّ الْيَسَارَ الْمُتَّصِلَ كَقِيَامِ الْمَالِ وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ، وَالنَّفْيُ كَالْقَطْعِ عَلَى الرَّاجِحِ وَقِيلَ كَسُقُوطِ الْحَدِّ فَيَغْرَمُ فِيهِ مُطْلَقًا (وَدُفِعَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لِمَنْ طَلَبَهُ) أَيْ ادَّعَاهُ إنْ وَصَفَهُ كَمَا تُوصَفُ اللُّقَطَةُ (بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَ) بَعْدَ (الْيَمِينِ) مِنْ الطَّالِبِ خَوْفَ أَنْ يَأْتِيَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِمَّا أَتَى بِهِ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُهُ لَهُ الْإِمَامُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ غَيْرُهُ بِأَثْبَتَ مِنْهُ نَزَعَهُ مِنْهُ وَدَفَعَهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ (أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) عَدْلَيْنِ (مِنْ الرُّفْقَةِ) وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ بِلَا اسْتِينَاءٍ وَلِذَا أَخَّرَ الْبَيِّنَةَ عَنْ الِاسْتِينَاءِ فَتَجُوزُ شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ مَا لَمْ يَشْهَدْ الْعَدْلُ لِأَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ أَوْ نَحْوِهِمَا وَأَوْلَى لِنَفْسِهِ عَلَى أَنَّ مَا يَصْدُرُ مِنْ الشَّخْصِ لِنَفْسِهِ لَا يُسَمَّى شَهَادَةً، وَإِنَّمَا هُوَ دَعْوَى فَلَا حَاجَةَ لِقَوْلِهِ (لَا لِأَنْفُسِهِمَا) وَبَقِيَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَتَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا مَعَ يَمِينِ الطَّالِبِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَالْعَدْلَيْنِ لِثُبُوتِ الْأَمْوَالِ بِذَلِكَ فَكَأَنَّهُ احْتَرَسَ بِالرَّجُلَيْنِ عَنْ الرَّجُلِ بِلَا يَمِينٍ مَعَهُ مِنْ الطَّالِبِ.

(وَلَوْ)(شَهِدَ اثْنَانِ) عَدْلَانِ عِنْدَ الْحَاكِمِ عَلَى رَجُلٍ اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ (أَنَّهُ) أَيْ هَذَا الشَّخْصُ هُوَ (الْمُشْتَهَرُ بِهَا) أَيْ بِالْحِرَابَةِ عِنْدَ النَّاسِ (ثَبَتَتْ) الْحِرَابَةُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَإِنْ لَمْ يُعَايِنَاهَا) مِنْهُ فَلِلْإِمَامِ قَتْلُهُ بِشَهَادَتِهِمَا (وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ الْحِرَابَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالزِّنَا وَالْقَذْفِ وَالشُّرْبِ وَالْقَتْلِ

ــ

[حاشية الدسوقي]

مَنْ عَدَاهُ الْغُرْمُ إمَّا لِعَدَمِ إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِأَنْ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ لِمَجِيئِهِ تَائِبًا أَوْ هَرَبَ وَلَمْ يَظْفَرْ بِهِ أَوْ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَكَانَ يَسَارُهُ مُتَّصِلًا مِنْ حِينِ أَخْذِ الْمَالِ لِوَقْتِ الْحَدِّ، فَإِنْ كَانَ مَنْ عَدَاهُ أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ أَوْ كَانَ مُعْسِرًا بَعْدَ الْحِرَابَةِ وَقَبْلَ الْحَدِّ فَلَا يَغْرَمُ عَنْهُ هَذَا الْمَأْخُوذُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ إنَّمَا يَغْرَمُ عَنْ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الضَّمَانِ وَالضَّمَانُ يَقْتَضِي لُزُومَ الْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَمْوَالِ) أَيْ الْمُحْتَرَمَةِ سَوَاءٌ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ أَوْ لِذِمِّيٍّ أَوْ لِمُعَاهِدٍ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُمْ الْبُغَاةُ) أَيْ مِثْلُ الْمُحَارِبِينَ فِي أَنَّهُ إذَا ظَفِرَ بِوَاحِدٍ يَغْرَمُ عَنْ الْجَمِيعِ الْبُغَاةِ وَالْغُصَّابِ وَاللُّصُوصِ كَمَا فِي الرِّسَالَةِ وَمَشَى عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَنَقَلَهُ ح وَمِثْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حُكْمُ الْمُحَارِبِ مُخَالِفٌ لِحُكْمِ السَّارِقِ وَأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ السُّرَّاقِ لَا يَضْمَنُ مَا سَرَقَهُ مَنْ مَعَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ مَا حَكَاهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ اُنْظُرْ بْن (قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ كَالسَّارِقِ) أَيْ اُتُّبِعَ بِغُرْمِ مِثْلِ الْمَالِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا، وَأَمَّا إذَا كَانَ مَوْجُودًا تَعَيَّنَ أَخْذُهُ مُطْلَقًا سَوَاءٌ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: أُغْرِمَ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ تَلِفَ الْمَالُ بِاخْتِيَارِهِ أَمْ لَا كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا غُرْمَ) أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ أَعْسَرَ فِيمَا بَيْنَ الْأَخْذِ وَإِقَامَةِ الْحَدِّ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ وَلَوْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: عَلَى الرَّاجِحِ) أَيْ لِأَنَّ النَّفْيَ حَدٌّ مِنْ جُمْلَةِ الْحُدُودِ كَالْقَطْعِ (قَوْلُهُ: فَيَغْرَمُ فِيهِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ مُوسِرًا أَوْ مُعْسِرًا (قَوْلُهُ إنْ وَصَفَهُ. . . إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّ مُدَّعِيَ الْمَالِ الَّذِي بِأَيْدِي الْمُحَارِبِينَ إذَا أُخِذَ مِنْهُمْ لَا يُدْفَعُ لَهُ إذَا لَمْ يُثْبِتْهُ بِالْبَيِّنَةِ إلَّا بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ بَعْدَ الِاسْتِينَاءِ وَبَعْدَ الْيَمِينِ وَبَعْدَ وَصْفِهِ كَاللُّقَطَةِ، وَالشَّرْطُ الْأَخِيرُ أَهْمَلَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا وَذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ تَبَعًا لِأَبِي الْحَسَنِ وَاللَّخْمِيِّ وَمَحَلُّ أَخْذِ الْمُدَّعِي لَهُ بِتِلْكَ الشُّرُوطِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ شَاسٍ نَقْلًا عَنْ أَشْهَبَ إذَا أَقَرَّ اللُّصُوصُ أَنَّ ذَلِكَ الْمَتَاعَ مِمَّا قَطَعُوا فِيهِ الطَّرِيقَ، فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مِنْ أَمْوَالِنَا كَانَ لَهُمْ وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَا يَمْلِكُونَ مِثْلَهُ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: خَوْفَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلِاسْتِينَاءِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ حَمِيلٌ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ سَحْنُونٌ بَلْ بِحَمِيلٍ وَقَالَ فِي مُخْتَصَرِ الْوَقَارِ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ فَبِحَمِيلٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ فَبِلَا حَمِيلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ حَمِيلًا اهـ بْن (قَوْلُهُ وَيُشْهِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عِنْدَ دَفْعِهِ لَهُ بِأَنَّهُ بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِ الْحَوْزِ لَا الْمِلْكِ (قَوْلُهُ نَزَعَهُ مِنْهُ) أَيْ إنْ كَانَ مَوْجُودًا وَضَمَّنَهُ قِيمَتَهُ إنْ تَلِفَ

(قَوْلُهُ: أَوْ بِشَهَادَةِ رَجُلَيْنِ) اشْتَرَطَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَدَالَتَهُمَا كَمَا فِي الْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِ، وَقَوْلُ التُّحْفَةِ وَمَنْ عَلَيْهِ وَسْمُ خَيْرٍ قَدْ ظَهَرَ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِتَوَسُّمِ الْخَيْرِ اهـ بْن (قَوْلُهُ: مِنْ الرُّفْقَةِ) أَيْ الْمُقَاتِلِينَ لِلْمُحَارِبِينَ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوِهِمَا) أَيْ كَعَبْدِهِ مُكَاتَبًا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: لَا لِأَنْفُسِهِمَا) فِي ح إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لِأَنْفُسِهِمَا يَسِيرًا فَتَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ لِأَنْفُسِهِمْ بِذَلِكَ الْقَلِيلِ وَلِغَيْرِهِمْ بِكَثِيرٍ أَوْ قَلِيلٍ وَلَعَلَّهُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ وَهَذَا هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ خِلَافًا لِمَا فِي عبق مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا اُنْظُرْ بْن

(قَوْلُهُ: عَلَى رَجُلٍ اُشْتُهِرَ بِالْحِرَابَةِ) أَيْ ثُمَّ رَفَعَ لِلْحَاكِمِ (قَوْلُهُ عِنْدَ النَّاسِ) أَيْ لِمَعْرِفَتِهِمَا لَهُ بِعَيْنِهِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَتْ) أَيْ كَمَا تَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ بِهَا وَبِشَهَادَةِ الْعَدْلَيْنِ عَلَى مُعَايَنَةِ صُدُورِهَا مِنْهُ (قَوْلُهُ: وَسَقَطَ حَدُّهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ قَتَلَ أَحَدًا؛ لِأَنَّ قَتْلَهُ حِينَئِذٍ إذَا جَاءَ تَائِبًا إنَّمَا هُوَ لِلْقِصَاصِ لَا أَنَّهُ

ص: 351