الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لَا بَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ الْقَبُولِ وَحَيَاةِ الْمُوصِي بِأَنْ قَبِلَ ثُمَّ مَاتَ الْمُوصِي أَوْ عَكْسِهِ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّهُ أَوْصَاهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَهُ الِامْتِنَاعُ مِنْ الْقَبُولِ فَإِذَا لَمْ يَقْبَلْ فَلَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ قَبُولٌ كَمَا قَالَ (وَإِنْ أَبَى الْقَبُولَ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَا قَبُولَ لَهُ بَعْدُ) ؛ لِأَنَّ إبَاءَتَهُ صَيَّرَتْهُ أَجْنَبِيًّا فَقَبُولُهُ بَعْدَهَا يَحْتَاجُ لِإِيصَاءٍ جَدِيدٍ وَهُوَ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَصَيَّرَ النَّظَرَ لِلْحَاكِمِ (وَالْقَوْلُ لَهُ) أَيْ لَلْوَصِيّ، وَكَذَا وَصِيُّهُ وَمُقَدَّمٌ الْقَاضِي وَالْكَافِلُ (فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ) إذَا تَنَازَعَ فِيهَا مَعَ الْمَحْجُورِ وَهُوَ فِي حَضَانَتِهِ وَأَشْبَهَ بِيَمِينِهِ أَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ أَمِينٌ لَا إنْ لَمْ يَكُنْ فِي حَضَانَتِهِ بِأَنْ كَانَ فِي حَضَانَةِ غَيْرُهُ وَتَنَازَعَ مَعَهُ فِي ذَلِكَ فَلَيْسَ الْقَوْلُ لَهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ كَمَا أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ إذًا لَمْ يُشَبِّهْ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ (لَا فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ) لِلْمُوصِي فَقَالَ الْوَصِيُّ مَاتَ مُنْذُ سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَقَالَ الصَّغِيرُ بَلْ سَنَةٍ فَالْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ إلَّا لِبَيِّنَةٍ (و) لَا فِي (دَفْعِ مَالِهِ) إلَيْهِ (بِعَدَدِ بُلُوغِهِ) رَشِيدًا فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ وَمَنْ فِي حُكْمِهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَ عَلَى الْمَشْهُورِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ} [النساء: 6] . إذْ الْمُرَادُ لِئَلَّا تَغْرَمُوا وَمُقَابِلُ الْمَشْهُورِ يَقُولُ مَعْنَاهُ لِئَلَّا تَحْلِفُوا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقِيلَ مَا لَمْ يَطُلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ وَقِيلَ عِشْرُونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.
[دَرْسٌ]
(بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ)
وَيُسَمَّى عِلْمَ الْفَرَائِضِ وَعِلْمَ الْمَوَارِيثِ وَهُوَ عِلْمٌ يُعْرَفُ بِهِ مَنْ يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ وَمِقْدَارُ مَا لِكُلِّ وَارِثٍ، وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ وَغَايَتُهُ إيصَالُ كُلِّ ذِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِالْعَزْلِ الرَّدُّ أَيْ وَلَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَقْبَلْ بَلْ وَإِنْ قَبِلَ.
(قَوْلُهُ لَا بَعْدَهُمَا) هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَأَطَالَ ح الْخِلَافَ فِي ذَلِكَ فَانْظُرْهُ.
(قَوْلُهُ فَلَيْسَ لَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) أَيْ إلَّا أَنْ يَطْرَأَ لَهُ عَجْزٌ اهـ خش (قَوْلُهُ فَيَصِيرُ النَّظَرُ لِلْحَاكِمِ) أَيْ فَإِنْ شَاءَ جَعَلَهُ مُقَدَّمًا مِنْ طَرَفِهِ وَإِنْ شَاءَ قَدَّمَ غَيْرَهُ.
(قَوْلُهُ إذَا تَنَازَعَ فِيهَا مَعَ الْمَحْجُورِ) الْأَوْلَى فِيهِ أَيْ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّثَ الضَّمِيرَ لِاكْتِسَابِ الْمُضَافِ التَّأْنِيثَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ أَوْ تَنَازَعَا فِي أَصْلِ الْإِنْفَاقِ أَوْ فِيهِمَا) أَيْ فَكَذَلِكَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ بِالشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ كَوْنُ الْمَحْجُورِ فِي حَضَانَتِهِ وَأَنْ يُشَبِّهَ فِيمَا يَدَّعِيهِ وَيَحْلِفُ (قَوْلُهُ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيِّنَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْحَاضِنُ مَلِيئًا أَوْ مُعْدَمًا كَمَا فِي ابْنِ عُمَرَ وَهَذَا هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ وَظَاهِرُ مَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَبُولُ قَوْلِ الْوَصِيِّ فِي أَصْلِ النَّفَقَةِ وَفِي قَدْرِهَا سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ فِي حَضَانَتِهِ أَوْ لَا وَلِلْجُزُولِيِّ تَفْصِيلٌ آخَرُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ إذَا كَانَتْ الْحَاضِنَةُ فَقِيرَةً وَسَكَتَ لِآخِرِ الْمُدَّةِ، وَالْحَالُ أَنَّ الْوَلَدَ يَظْهَرُ عَلَيْهِ النِّعْمَةُ وَالْخَيْرُ؛ لِأَنَّ هَذَا قَرِينَةٌ مُصَدِّقَةٌ لَهُ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ الْحَاضِنَةُ غَنِيَّةً فَلَا يُصَدَّقُ الْوَصِيُّ وَهَذَا التَّفْصِيلُ اسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ.
(قَوْلُهُ إذَا لَمْ يُشَبِّهْ أَوْ لَمْ يَحْلِفْ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ فِي حَضَانَتِهِ (قَوْلُهُ فَالْقَوْلُ لِلصَّغِيرِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي تَارِيخِ الْمَوْتِ وَإِنْ كَانَ يُرْجَعُ لِقِلَّةِ النَّفَقَةِ وَكَثْرَتِهَا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَةَ الَّتِي أَوْجَبَتْ صِدْقَهُ لَمْ تَتَنَاوَلْ الزَّمَانَ الْمُتَنَازَعَ فِيهِ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِبَيِّنَةٍ) أَيْ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ بُلُوغِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِ دَفَعَ وَكَذَا لَوْ دَفَعَ لَهُ قَبْلَ الْبُلُوغِ فَلَا يُصَدَّقُ وَلَوْ وَافَقَهُ الْوَلَدُ وَيَضْمَنُهُ وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِذَلِكَ لِتَفْرِيطِهِ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِعَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ وَهْبٍ الْقَائِلِينَ أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُ الْوَصِيِّ فِي ذَلِكَ بِيَمِينٍ (قَوْلُهُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ) أَنَّ عَدَمَ تَصْدِيقِ الْوَصِيِّ فِي الدَّفْعِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُ لَا حِيَازَةَ فِيمَا فِي الذِّمَّةِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَوْ تَطَاوَلَ الزَّمَانُ وَكَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ حَاضِرًا سَاكِتًا عَنْ الطَّلَبِ بِلَا مَانِعٍ.
(قَوْلُهُ وَقِيلَ مَا لَمْ يَطُلْ كَثَمَانِيَةِ أَعْوَامٍ) هَذَا قَوْلُ ابْنِ زَرْبٍ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ عِشْرُونَ هَذَا قَوْل ابْنِ الْمَوَّازِ.
1 -
(خَاتِمَةٌ) لِلْوَصِيِّ أَنْ يُرْشِدَ مَحْجُورَهُ وَلَوْ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى رُشْدِهِ لَكِنْ لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِاتِّصَالِ سَفَهِهِ رُدَّ فِعْلُهُ إلَى الْحَجْرِ لَكِنْ إلَى وَصِيٍّ آخَرَ وَيُعْزَلُ الْأَوَّلُ لَكِنْ لَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ اجْتِهَادًا قَالَهُ فِي الْمِعْيَارِ وَفِي الْبَدْرِ آخِرَ بَابِ الْقَضَاءِ أَنَّ الْوَارِثَ إذَا كَانَ بِغَيْرِ بَلَدِ الْمَيِّتِ فَإِنَّ الْوَصِيَّ أَوْ الْقَاضِيَ يُرْسِلُ مَنْ يُعْلِمُهُ بِالْمَالِ وَلَا يُرْسِلُهُ إلَيْهِ فَإِنْ جَهِلَ الْقَاضِي وَأَرْسَلَهُ إلَيْهِ قَبْلَ اسْتِئْذَانِهِ فَتَلِفَ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَيَضْمَنُ غَيْرُ الْقَاضِي إذَا أَرْسَلَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ وَتَلَفٍ.
[بَابٌ فِي الْفَرَائِضِ]
ِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ عِلْمٌ) أَيْ قَوَاعِدُ يُعْرَفُ بِهَا وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالْعِلْمِ الْمَلَكَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ مُزَاوَلَةِ الْقَوَاعِدِ (قَوْلُهُ: وَمَوْضُوعُهُ التَّرِكَاتُ) أَيْ لِأَنَّهَا الَّتِي يُبْحَثُ فِيهِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ أَيْ الَّتِي تَلْحَقُهَا لِذَاتِهَا لَا بِوَاسِطَةِ أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْهَا كَكَوْنِ نِصْفِهَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ عَدَمِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَكَوْنِ ثَمَنِهَا لِلزَّوْجَةِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ، وَهَكَذَا وَالْمُرَادُ بِالْبَحْثِ عَنْ عَوَارِضِهَا الذَّاتِيَّةِ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ حَمْلُ تِلْكَ الْعَوَارِضِ عَلَيْهَا فَتَحْصُلُ مَسَائِلُ الْعِلْمِ بِحَيْثُ يُقَالُ التَّرِكَةُ رُبْعُهَا لِلزَّوْجِ عِنْدَ وُجُودِ الْفَرْعِ الْوَارِثِ وَهَكَذَا وَوَصْفُ الْعَوَارِضِ بِالذَّاتِيَّةِ لِلتَّخْصِيصِ مَثَلًا كَوْنُ رُبْعِ التَّرِكَةِ لِلزَّوْجِ أَمْرٌ عَارِضٌ ذَاتِيٌّ لَهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا لَحِقَ التَّرِكَةَ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَرِكَةً لَا بِوَاسِطَةِ شَيْءٍ بِخِلَافِ مَا يَعْرِضُ لَهَا مِنْ حَرْقٍ مَثَلًا فَإِنَّهُ عَارِضٌ غَرِيبٌ عَنْهَا بِوَاسِطَةِ النَّارِ
حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ تَرِكَةِ الْمَيِّتِ وَالتَّرِكَةُ حَقٌّ يَقْبَلُ التَّجَزِّيَ يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ بَعْدَ مَوْتِ مَنْ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا بِبَيَانِ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالتَّرِكَةِ وَغَايَتُهَا خَمْسَةٌ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْوَارِثِ، وَالْحَصْرُ فِي هَذِهِ وَتَرْتِيبُهَا اسْتِقْرَائِيٌّ فَإِنَّ الْفُقَهَاءَ تَتَبَّعُوا ذَلِكَ فَلَمْ يَجِدُوا مَا يَزِيدُ عَلَى هَذِهِ الْأُمُورِ الْخَمْسَةِ لَا عَقْلِيٌّ كَمَا قِيلَ؛ لِأَنَّ الْعَقْلَ يُجَوِّزُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ وَطَرِيقُ الْحَصْرِ أَنْ تَقُولَ الْحَقُّ الْمُتَعَلِّقُ بِالتَّرِكَةِ إمَّا ثَابِتٌ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بِالْمَوْتِ وَالثَّابِتُ قَبْلَهُ إمَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْعَيْنِ أَوْ لَا الْأَوَّلُ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ وَهَذَا الَّذِي صَدَّرَ بِهِ الْمُصَنِّفُ وَالثَّانِي الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ وَالثَّابِتُ بِالْمَوْتِ إمَّا لِلْمَيِّتِ وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَثَلَّثَ بِهَا الْمُصَنِّفُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ مِنْهُ وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَبِهَا رَبَّعَ الْمُصَنِّفُ وَإِمَّا لِغَيْرِهِ لِسَبَبٍ وَهُوَ الْمِيرَاثُ وَذَكَرَهُ خَامِسًا فَذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فَقَالَ (يَخْرُجُ مِنْ) رَأْسِ (تَرِكَةِ الْمَيِّتِ) مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ وُجُوبًا وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا (حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) أَيْ ذَاتٍ (كَالْمَرْهُونِ) فِي دَيْنٍ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَاتِهِ فَيُقَدَّمُ عَلَى كَفَنِ الْمَيِّتِ وَنَحْوِهِ (وَعَبْدٍ) غَيْرِ مَرْهُونٍ (جَنَى) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ بِجِنَايَتِهِ كَالْمَرْهُونِ فَإِذَا كَانَ مَرْهُونًا فِي دَيْنٍ وَجَنَى تَعَلَّقَ بِهِ حَقَّانِ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَتُقَدَّمُ الْجِنَايَةُ عَلَى الرَّهْنِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الرَّهْنِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ ثَبَتَتْ أَيْ جِنَايَةُ الْعَبْدِ الرَّهْنِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ وَإِنْ فِدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يُرْهَنْ بِمَالِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَلَا يُبْحَثُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ الْعِلْمِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ) هَذَا جِنْسٌ يَتَنَاوَلُ الْمَالَ وَغَيْرَهُ كَالْخِيَارِ وَالشُّفْعَةِ وَالْقِصَاصِ وَالْوَلَاءِ وَالْوِلَايَةِ فَإِذَا اشْتَرَى زَيْدٌ سِلْعَةً بِالْخِيَارِ وَمَاتَ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِهِ انْتَقَلَ الْخِيَارُ لِوَارِثِهِ، وَإِذَا كَانَتْ دَارٌ شَرِكَةً بَيْنَ زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَبَاعَ زَيْدٌ حِصَّتَهُ وَثَبَتَتْ الشُّفْعَةُ لِعَمْرٍو وَمَاتَ عَمْرٌو قَبْلَ أَخْذِهِ بِهَا انْتَقَلَ الْحَقُّ فِي الشُّفْعَةِ لِوَارِثِهِ، وَإِذَا قَتَلَ زَيْدٌ عَمْرًا وَكَانَ بَكْرٌ أَخًا لِعَمْرٍو وَمَاتَ بَكْرٌ انْتَقَلَ الْحَقُّ فِي الْقِصَاصِ لِوَارِثِهِ.
وَإِذَا أَعْتَقَ شَخْصٌ عَبْدًا كَانَ لَهُ الْوَلَاءُ عَلَيْهِ فَإِذَا مَاتَ ذَلِكَ الشَّخْصُ الْمُعْتِقُ انْتَقَلَ الْوَلَاءُ لِوَلَدِهِ وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ امْرَأَةٌ لَهَا أَخٌ كَانَ لَهُ الْوِلَايَةُ عَلَيْهَا فَيُزَوِّجُهَا فَإِنْ مَاتَ الْأَخُ انْتَقَلَتْ الْوِلَايَةُ لِابْنِهِ.
(قَوْلُهُ: يَقْبَلُ التَّجَزِّيَ) خَرَجَ الْوَلَاءُ وَوِلَايَةُ النِّكَاحِ لِعَدَمِ قَبُولِهِمَا لِلتَّجَزِّي. إنْ قُلْتَ الْقِصَاصُ وَالشُّفْعَةُ وَالْخِيَارُ مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ فَيَجِبُ صِدْقُ تَعْرِيفِهَا عَلَيْهَا مَعَ أَنَّهَا خَارِجَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَا تَقْبَلُ لِلتَّجَزِّي قُلْتُ هَذَا إنَّمَا يَرِدُ إذَا أُرِيدَ بِالتَّجَزِّي الْإِفْرَازُ أَيْ التَّمْيِيزُ بِأَنْ يُقَالَ لِزَيْدٍ هَذَا الْجُزْءُ وَلِعَمْرٍو هَذَا الْجُزْءُ، وَلَيْسَ هَذَا مُرَادًا بَلْ الْمُرَادُ بِالتَّجَزِّي أَنْ يُقَالَ لِزَيْدٍ نِصْفُهُ، وَلِهَذَا نِصْفُهُ، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ كَذَلِكَ إذْ يُقَالُ لِزَيْدٍ نِصْفُ الْقِصَاصِ، وَلِعَمْرٍو نِصْفُهُ الْآخَرُ، وَكَذَا يُقَالُ فِي الشُّفْعَةِ وَالْخِيَارِ كَذَا قَالُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَلَاءَ يُقَالُ فِيهِ ذَلِكَ فَمَا وَجْهُ إخْرَاجِهِ فَتَأَمَّلْ،.
(قَوْلُهُ: يَثْبُتُ لِمُسْتَحِقٍّ) أَيْ بِقَرَابَةٍ أَوْ نِكَاحٍ أَوْ وَلَاءٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا الْقَيْدِ لِإِخْرَاجِ الْوَصِيَّةِ وَقَوْلُهُ بَعْدَ مَوْتِ إلَخْ خَرَّجَ بِهِ الْحُقُوقَ الثَّابِتَةَ بِالشِّرَاءِ وَالْإِيهَابِ وَنَحْوِهِمَا فَلَا تُسَمَّى تَرِكَةً (قَوْلُهُ: حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) أَيْ كَالْمَرْهُونِ وَالْعَبْدِ الْجَانِي وَقَوْلُهُ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ أَيْ، وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَقَوْلُهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالذِّمَّةِ أَيْ بِذِمَّةِ الْمَيِّتِ، وَهِيَ الدُّيُونُ الْمُرْسَلَةُ أَيْ الْمُطْلَقَةُ عَنْ الرَّهْنِ الْخَالِيَةُ عَنْهُ وَقَوْلُهُ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْغَيْرِ أَيْ مِنْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ الْوَصِيَّةُ وَقَوْلُهُ وَحَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْوَارِثِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ (قَوْلُهُ: أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَيْنِ بَلْ بِالذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: الْأَوَّلُ الْحُقُوقُ الْعَيْنِيَّةُ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةُ بِعَيْنِ شَيْءٍ كَالدَّيْنِ الْمُرْتَهَنِ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَالْجِنَايَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الْعَبْدِ. (قَوْلُهُ: الدَّيْنُ الْمُطْلَقُ) أَيْ الَّذِي لَيْسَ مُقَيَّدًا بِرَهْنٍ يَكُونُ فِي مُقَابَلَتِهِ بَلْ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ) أَيْ ثَالِثًا بِقَوْلِهِ ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ (قَوْلُهُ: وَثَلَّثَ بِهَا الْمُصَنِّفُ) صَوَابُهُ وَثَنَّى بِهَا الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ: وَإِمَّا لِغَيْرِهِ لِسَبَبٍ) هَذَا التَّعْبِيرُ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ عبق وَإِمَّا لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ، وَهُوَ الْمِيرَاثُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ صَوَابٍ؛ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ حَقٌّ لِغَيْرِ الْمَيِّتِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ وَالْحَقُّ الَّذِي لِغَيْرِهِ بِسَبَبِهِ إنَّمَا هُوَ الْوَصِيَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَتَى عَلَى جَمِيعِهَا) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَتْ التَّرِكَةُ كُلُّهَا مَرْهُونَةً فِي دَيْنٍ فَتُبَاعُ فِيهِ وَيُدْفَعُ ثَمَنُهَا بِتَمَامِهِ لِرَبِّ الدَّيْنِ إنْ لَمْ يَزِدْ عَلَى دَيْنِهِ (قَوْلُهُ: حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ) فِي الْعِبَارَةِ قَلْبٌ وَالْأَصْلُ عَيْنٌ تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ كَالشَّيْءِ الْمَرْهُونِ وَعَبْدٍ جَنَى فَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ التَّرِكَةِ وَيُبْدَأُ بِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّ الشَّيْءَ الْمَرْهُونَ يُسَلَّمُ لِلْمُرْتَهِنِ أَوْ يُدْفَعُ الْعَبْدُ الْجَانِي لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ إذَا لَمْ يَفْدِهِ السَّيِّدُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ بِدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: كَالْمَرْهُونِ) أَيْ الْمَحُوزِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مِثَالٌ لِلْعَيْنِ الَّتِي تَعَلَّقَ بِهَا الْحَقُّ (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَاتِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ أَيْ وَإِنَّمَا بُدِئَ بِالْحَقِّ الْمُتَعَلِّقِ بِالْمَرْهُونِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ بِذَاتِهِ فَصَارَ أَحَقَّ بِهِ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَرْهُونُ كَفَنَ الْمَيِّتِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ مَا يُكَفَّنُ بِهِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ صَارَ بِجِنَايَتِهِ كَالْمَرْهُونِ) أَيْ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْجِنَايَةِ بِذَاتِهِ (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ) أَيْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَرَضِيَ بِبَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ وَقَوْلُهُ فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَيْ فَهُوَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مَعَ مَالِهِ وَيَصِيرُ الدَّيْنُ بِلَا رَهْنٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ فِدَاهُ) أَيْ مُرْتَهِنُهُ بِدَفْعِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَيْ بِغَيْرِ إذْنِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ) أَيْ لَا فِيهَا وَفِي مَالِهِ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ فَإِنْ رَهَنَ مَعَهُ مَالُهُ كَانَ الْفِدَاءُ فِيهِمَا كَالدَّيْنِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَرْهَنْ
وَبِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ. اهـ. وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ زَكَاةَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ إذَا مَاتَ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ الْحَوْلِ وَدَخَلَ أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ وَهَدْيٌ قُلِّدَ وَضَحِيَّةٌ تَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا (ثُمَّ) بَعْدَ إخْرَاجِ مَا ذَكَرَ يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ (مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ) مِنْ كَفَنٍ وَغُسْلٍ وَحَمْلٍ وَحَفْرٍ وَغَيْرِهَا (بِالْمَعْرُوفِ) بِمَا يُنَاسِبُ مِنْ فَقْرٍ وَغِنًى وَضَمِنَ مَنْ أَسْرَفَ وَكَذَا مُؤَنُ تَجْهِيزِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِرِقٍّ كَمَوْتِ سَيِّدٍ وَعَبْدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ سِوَى كَفَنٍ وَاحِدٍ كُفِّنَ بِهِ عَبْدُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَكُفِّنَ سَيِّدُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ (ثُمَّ تُقْضَى) مِنْ رَأْسِ مَالِهِ (دُيُونُهُ) الَّتِي لِآدَمِيٍّ كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا ثُمَّ هَدْيُ تَمَتُّعٍ إنْ مَاتَ بَعْدَ أَنْ رَمَى الْعَقَبَةَ أَوْصَى بِهِ أَمْ لَا ثُمَّ زَكَاةُ فِطْرٍ فَرَّطَ فِيهَا وَكَفَّارَاتٌ أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَإِنْ أَوْصَى بِهَا وَلَمْ يُشْهِدْ فَمِنْ الثُّلُثِ وَمِثْلُ كَفَّارَاتٍ أَشْهَدَ بِهَا زَكَاةُ عَيْنٍ حَلَّتْ وَأَوْصَى بِهَا وَزَكَاةُ مَاشِيَةٍ حَلَّتْ وَلَا سَاعِيَ وَلَمْ يُوجَدْ السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا فَإِنْ وُجِدَ فَهُوَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ إخْرَاجِهِ قَبْلَ مُؤَنِ التَّجْهِيزِ فَإِنْ كَانَ سَاعٍ وَمَاتَ قَبْلَ مَجِيئِهِ اسْتَقْبَلَ الْوَارِثُ كَمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الزَّكَاةِ (ثُمَّ) تَخْرُجُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي) أَيْ الْفَاضِلِ عَمَّا تَقَدَّمَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِمَالِهِ كَانَتْ رَقَبَتُهُ رَهْنًا فِي شَيْئَيْنِ الدَّيْنِ وَالْفِدَاءِ، وَلَا يَكُونُ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ، وَإِنْ رَهَنَ مَعَهُ مَالَهُ كَانَ الْفِدَاءُ فِي رَقَبَتِهِ وَمَالِهِ كَالدَّيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِإِذْنِهِ) أَيْ، وَإِنْ فِدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ فَلَيْسَ رَهْنًا فِي الْفِدَاءِ بَلْ فِي الدَّيْنِ فَقَطْ وَالْفِدَاءُ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ (قَوْلُهُ: زَكَاةَ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ) أَيْ فَالزَّكَاةُ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِعَيْنِ الْحَرْثِ وَالْمَاشِيَةِ فَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ بَعْدَ الطِّيبِ أَوْ الْحَوْلِ أُخْرِجَتْ زَكَاتُهُمَا أَوَّلًا قَبْلَ الْكَفَنِ وَقَبْلَ وَفَاءِ الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَرْثُ غَيْرَ مَرْهُونٍ فَإِنْ كَانَ مَرْهُونًا وَالدَّيْنُ يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَهُ فَاسْتَظْهَرَ عج أَنَّ رَبَّ الدَّيْنِ يُقَدَّمُ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ حَقَّ الْآدَمِيِّ يُقَدَّمُ عَلَى حَقِّ اللَّهِ فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ تَقْدِيمُ رَبِّ الدَّيْنِ بِدَيْنِهِ عَلَى الزَّكَاةِ قَالَ بْن وَفِي هَذَا الِاسْتِنَادِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ، وَأَمَّا الْحَبُّ فَالْفُقَرَاءُ شُرَكَاءُ فِي عَيْنِهِ فَلَا مِلْكَ لِلْمَيِّتِ فِي حَظِّهِمْ حَتَّى يُؤْخَذَ مِنْهُ دَيْنُهُ.
(قَوْلُهُ: وَدَخَلَ أَيْضًا أُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ) أَيْ فَيَبْدَأُ بِعِتْقِهِمَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ عَلَى الْكَفَنِ وَعَلَى الدَّيْنِ إنْ كَانَ هُنَاكَ دَيْنٌ وَعَلَى الْمِيرَاثِ إنْ لَمْ يَكُنْ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: وَسِلْعَةُ الْمُفْلِسِ) اُعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْفَلَسِ مِنْ قَوْلِهِ، وَلِلْغَرِيمِ أَخْذُ عَيْنِ مَالِهِ الْمَحُوزِ عَنْهُ فِي الْفَلَسِ لَا الْمَوْتِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِحَمْلِ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا قَامَ بَائِعُهَا بِثَمَنِهَا عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ مَوْتِهِ فَوَجَدَهُ مُفْلِسًا وَحَكَمَ لَهُ بِأَخْذِهَا ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ أَخْذِ صَاحِبِهَا لَهَا بِالْفِعْلِ فَيَأْخُذُهَا وَيُقَدَّمُ بِهَا عَلَى مُؤَنِ التَّجْهِيزِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِعَيْنٍ أَوْ يُجَابُ بِجَعْلِ الْمُفْلِسِ صِفَةً لِصَاحِبِهَا، وَهُوَ الْبَائِعُ وَيَكُونُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ تَصَرَّفَ فِيهَا بَعْدَ فَلَسِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ فَوَجَدُوا الْمُشْتَرِي قَدْ مَاتَ فَإِنَّهُمْ يَأْخُذُونَهَا مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقِ فِي الْفَلَسِ؛ لِأَنَّ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ الْمُفْلِسُ وَالْمَيِّتُ هُوَ الْمُشْتَرِي.
(قَوْلُهُ: وَهَدْيٌ قُلِّدَ) هَذَا ظَاهِرٌ فِيمَا يُقَلَّدُ، وَأَمَّا مَا لَا يُقَلَّدُ كَالْغَنَمِ فَيُنَزَّلُ سَوْقُهَا فِي الْإِحْرَامِ لِلذَّبْحِ مَنْزِلَةَ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَتْ بِذَبْحِهَا) ، وَأَمَّا لَوْ مَاتَ صَاحِبُهَا قَبْلَ الذَّبْحِ فَإِنَّهَا تُبَاعُ فِي الْكَفَنِ وَالدَّيْنِ، وَلَوْ كَانَتْ مَنْذُورَةً (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَ إخْرَاجِ مَا ذُكِرَ) أَيْ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِعَيْنٍ (قَوْلُهُ: يَخْرُجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ مُؤَنُ إلَخْ) أَيْ حَقٌّ تَعَلَّقَ بِالْمَيِّتِ، وَهُوَ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ (قَوْلُهُ: مِنْ كَفَنٍ) أَيْ مِنْ ثَمَنِ كَفَنٍ (قَوْلُهُ: وَغُسْلٍ) أَيْ أُجْرَةُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا مُؤَنُ تَجْهِيزِ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِرِقٍّ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ ثُمَّ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِرِقٍّ عَمَّنْ كَانَتْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ بِقَرَابَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ بَعْدَ مَوْتِهِ مُؤَنُ تَجْهِيزِهِ فِي مَالِهِ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الْجَنَائِزِ، وَهُوَ عَلَى الْمُنْفِقِ بِقَرَابَةٍ أَوْ رِقٍّ فِي الْمُنْفِقِ الْحَيِّ وَالْمُنْفَقُ عَلَيْهِ مَيِّتٌ، وَكَلَامُنَا هُنَا فِيمَا إذَا مَاتَا مَعًا (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَنْ مَاتَ هُوَ وَعَبْدُهُ (قَوْلُهُ: كَانَتْ بِضَامِنٍ أَمْ لَا) كَانَتْ حَالَّةً أَوْ مُؤَجَّلَةً؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ بِمَوْتِهِ (قَوْلُهُ: أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِزَكَاةِ الْفِطْرِ وَالْكَفَّارَاتِ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْكَفَّارَاتُ مِثْلُ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَالصَّوْمِ وَالظِّهَارِ وَالْقَتْلِ إذَا أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُخْرَجُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، سَوَاءٌ أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا أَوْ لَمْ يُوصِ لِمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ أَنَّ حُقُوقَ اللَّهِ مَتَى أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِهَا خَرَجَتْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ أَوْصَى بِهَا، وَلَمْ يُشْهِدْ) أَيْ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّهَا بِذِمَّتِهِ فَفِي الثُّلُثِ، فَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ الَّتِي فَرَّطَ فِيهَا تَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إذَا أَوْصَى بِإِخْرَاجِهَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُشْهِدْ فِي صِحَّتِهِ بِبَقَائِهَا بِذِمَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُ كَفَّارَاتٍ أَشْهَدَ بِهَا) أَيْ فِي صِحَّتِهِ سَوَاءٌ أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا (قَوْلُهُ: زَكَاةُ عَيْنٍ حَلَّتْ) أَيْ مَاتَ عِنْدَ حُلُولِهَا (قَوْلُهُ: وَأَوْصَى بِهَا) أَيْ سَوَاءٌ اعْتَرَفَ بِبَقَائِهَا فِي ذِمَّتِهِ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُوجَدْ السِّنُّ الَّذِي يَجِبُ فِيهَا) كَأَنْ كَانَ الْوَاجِبُ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَلَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَاشِيَةِ.
(فَائِدَةٌ) يَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مُعَيَّنٌ، وَلَا بَيْتُ مَالٍ مُنْتَظِمٌ أَنْ يَتَحَيَّلَ عَلَى إخْرَاجِ مَالِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي طَاعَةٍ لِلَّهِ وَذَلِكَ بِأَنْ يُشْهِدَ فِي صِحَّتِهِ بِشَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى كَزَكَاةٍ أَوْ كَفَّارَاتٍ؛ لِأَنَّهُ مَتَى أَشْهَدَ فِي صِحَّتِهِ بِحَقٍّ وَجَبَ إخْرَاجُهُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَلَوْ أَتَى عَلَى
إنْ وَسِعَ الْجَمِيعَ، وَإِلَّا قُدِّمَ مِنْهَا الْآكَدُ فَالْآكَدُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا (ثُمَّ) يَكُونُ (الْبَاقِي لِوَارِثِهِ) فَرْضًا أَوْ تَعْصِيبًا.
وَالْوَارِثُونَ مِنْ الرِّجَالِ عَشَرَةٌ فَقَطْ الِابْنُ وَابْنُهُ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَبُ وَأَبُوهُ، وَإِنْ عَلَا وَالْأَخُ مُطْلَقًا وَابْنُهُ وَإِنْ نَزَلَ إذَا كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ وَالْعَمُّ الشَّقِيقُ أَوْ لِأَبٍ وَابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ وَالزَّوْجُ وَالْمُعْتِقُ وَكُلُّهُمْ عَصَبَةٌ إلَّا الْأَخَ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَ فَإِنْ اجْتَمَعُوا فَلَا إرْثَ إلَّا لِثَلَاثَةٍ مِنْهُمْ الزَّوْجُ وَالِابْنُ وَالْأَبُ. وَالْوَارِثَاتُ مِنْ النِّسَاءِ سَبْعٌ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ، وَإِنْ نَزَلَ ابْنُ الِابْنِ وَالْأُمُّ وَالْجَدَّةُ مُطْلَقًا وَالْأُخْتُ مُطْلَقًا وَالزَّوْجَةُ وَالْمُعْتِقَةُ وَكُلُّهُنَّ ذَوَاتُ فَرْضٍ إلَّا الْمُعْتِقَةَ فَإِذَا اجْتَمَعْنَ فَلَا إرْثَ إلَّا لِلزَّوْجَةِ وَالْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُمِّ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ.
وَالْفُرُوضُ سِتَّةٌ النِّصْفُ وَالرُّبْعُ وَالثُّمُنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ فَالنِّصْفُ لِخَمْسَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (مِنْ ذِي النِّصْفِ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَالزَّوْجُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ وَحَذْفُهَا أَبْيَنُ (الزَّوْجُ) إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ الْمَيِّتَةِ فَرْعٌ وَارِثٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى (وَبِنْتٌ) انْفَرَدَتْ (وَبِنْتُ ابْنٍ) كَذَلِكَ (إنْ لَمْ يَكُنْ) لِلْمَيِّتِ (بِنْتٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ إنْ لَمْ تَكُنْ) أَيْ تُوجَدْ (شَقِيقَةٌ) مَعَهَا (وَعَصَّبَ كُلًّا) مِنْ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ (أَخٌ) لَهَا بِقَرِينَةِ الْمَقَامِ، وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ عِنْدَهُمْ لِلْمَيِّتِ (يُسَاوِيهَا) فِي الدَّرَجَةِ احْتِرَازًا عَنْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقَةٍ فَإِنَّهُ لَا يُعَصِّبُ بَلْ يَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهَا وَابْنُ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ آخَرَ أَخٌ حُكْمًا لِتَسَاوِيهِمَا دَرَجَةً فَمُرَادُهُ بِالْأَخِ وَلَوْ حُكْمًا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ شُمُولِهِ وَمَعْنَى تَعْصِيبِهَا أَنَّهَا تَكُونُ بِهِ عَصَبَةً أَيْ تَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لَا بِالْفَرْضِ (وَ) عَصَّبَ (الْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ) أَيْ الْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ (الْأُخْرَيَيْنِ) أَيْ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ فَالْأُخْتُ تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ تَعْصِيبًا لَا فَرْضًا وَكَذَا مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ فَتَأْخُذُ مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهِمَا أَيْ لَا يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ بَلْ تَأْخُذُ الْبَاقِي تَعْصِيبًا إلَّا أَنَّ اصْطِلَاحَهُمْ أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْجَدِّ عَصَبَةٌ بِالْغَيْرِ كَالْأُخْتِ مَعَ أَخِيهَا، وَأَمَّا الْأُخْتُ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ بِنْتِ الِابْنِ فَعَصَبَةٌ مَعَ الْغَيْرِ.
وَأَمَّا الثُّلُثَانِ فَفَرْضُ أَرْبَعَةٍ وَهُنَّ النِّسْوَةُ ذَوَاتُ النِّصْفِ إذَا تَعَدَّدْنَ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلِتَعَدُّدِهِنَّ) أَيْ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ وَالْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ أَوْ لِأَبٍ أَيْ لِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ
ــ
[حاشية الدسوقي]
جَمِيعِهِ بَعْدَ الْحُقُوقِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ نَقَلَهُ ح عَنْ الْبُرْزُلِيِّ (قَوْلُهُ: إنْ وَسِعَ الْجَمِيعَ) أَيْ إنْ وَسِعَ ثُلُثُ الْبَاقِي جَمِيعَ الْوَصَايَا (قَوْلُهُ: عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِهَا) أَيْ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ لِضِيقِ الثُّلُثِ فَكُّ أَسِيرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَرْضًا أَوْ تَعْصِيبًا) أَيْ بِالْفَرْضِ أَوْ التَّعْصِيبِ أَوْ بِهِمَا فَأَوْ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ
(قَوْلُهُ: وَالْأَخُ مُطْلَقًا) أَيْ شَقِيقًا أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ إلَّا لِثَلَاثَةٍ إلَخْ) أَيْ وَمَسْأَلَتُهُمْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِتُوَافِقَ مُخْرَجَ رُبْعِ الزَّوْجِ وَسُدُسِ الْأَبِ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِ الْمُخْرَجَيْنِ فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ لِلزَّوْجِ رُبْعُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَبِ سُدُسُهَا اثْنَانِ وَالْبَاقِي، وَهُوَ سَبْعَةٌ لِلِابْنِ تَعْصِيبًا (قَوْلُهُ: فَلَا إرْثَ إلَّا لِلزَّوْجَةِ إلَخْ) أَيْ وَمَسْأَلَتُهُنَّ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِتُوَافِقَ مَخْرَجِ ثُمُنِ الزَّوْجَةِ وَسُدُسِ الْأُمِّ بِالنِّصْفِ فَتَضْرِبُ نِصْفَ أَحَدِ الْمُخْرَجَيْنِ فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْبِنْتِ نِصْفُهَا اثْنَا عَشَرَ، وَلِبِنْتِ الِابْنِ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ، وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ، وَلِلْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ وَاحِدٌ تَعْصِيبًا فَإِنْ اجْتَمَعَ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَرِثَ مِنْهُمْ خَمْسَةٌ الْأَبَوَانِ وَالِابْنُ وَالْبِنْتُ، وَأَحَدُ الزَّوْجَيْنِ فَإِنْ مَاتَتْ الزَّوْجَةُ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنْ مَاتَ الزَّوْجُ فَمِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ
(قَوْلُهُ: وَمِنْ بَيَانِيَّةٌ) مُقْتَضَى مَا ذُكِرَ مِنْ الْإِعْرَابِ أَنَّ الْمُبَيِّنَ الزَّوْجُ وَمَا عَتَقَ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُبَيِّنَ قَوْلُهُ: لِوَارِثِهِ أَيْ وَالْبَاقِي لِوَارِثِهِ الَّذِي هُوَ صَاحِبُ النِّصْفِ وَالرُّبْعِ إلَخْ، وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ الزَّوْجُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ الزَّوْجُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ أَوْ أَنَّ مِنْ بَيَانِيَّةٌ وَالزَّوْجُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَيُجْعَلُ هَذَا إعْرَابًا ثَانِيًا كَانَ أَوْلَى تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: فَرْعٌ وَارِثٌ ذَكَرٌ) أَيْ، وَهُوَ ابْنُهَا وَابْنُ ابْنِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ أُنْثَى أَيْ وَهِيَ بِنْتُهَا وَبِنْتُ ابْنِهَا (قَوْلُهُ: وَبِنْتُ ابْنٍ كَذَلِكَ) أَيْ مُنْفَرِدَةٌ وَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ بِنْتٌ أَيْ وَإِلَّا كَانَ لِبِنْتِ الِابْنِ السُّدُسُ (قَوْلُهُ: مَعَهَا) أَيْ مَعَ الْأُخْتِ الَّتِي لِلْأَبِ فَإِنْ كَانَ مَعَهَا شَقِيقَةٌ كَانَ لِلْأُخْتِ لِلْأَبِ السُّدُسُ فَقَطْ تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ الْقَاعِدَةُ عِنْدَهُمْ) أَيْ عِنْدَ الْفَرْضِيِّينَ لِلْمَيِّتِ أَيْ تَقْتَضِي أَنَّ الْمُرَادَ أَخٌ لِلْمَيِّتِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ عِنْدَهُمْ أَنَّ نِسْبَةَ الْوَارِثِ مَهْمَا أَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَكُونُ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: يُسَاوِيهَا فِي الدَّرَجَةِ) الْأَوْلَى يُسَاوِيهَا فِي الْقُوَّةِ بِأَنْ يَكُونَا شَقِيقَيْنِ أَوْ لِأَبٍ لَا فِي الدَّرَجَةِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ تَبَعًا لتت إذْ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ لِوَاحِدَةٍ أَخٌ، وَهُوَ دُونَهَا فِي الدَّرَجَةِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ احْتِرَازًا عَنْ أَخٍ لِأَبٍ مَعَ شَقِيقَةٍ فَفِيهِ نَظَرٌ إذْ هُوَ مُسَاوٍ لَهَا فِي الدَّرَجَةِ، وَعَدَمُ مُسَاوَاتِهِ لَهَا إنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ. (قَوْلُهُ: فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ بِعَدَمِ شُمُولِهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَدَّعِ الْحَصْرَ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَنَّ كُلًّا مِنْ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ لَا يُعَصِّبُهَا إلَّا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا بَلْ ذَكَرَ أَنَّ أَخَاهَا الْمُسَاوِيَ لَهَا يُعَصِّبُهَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ بِنْتَ الِابْنِ كَمَا يُعَصِّبُهَا أَخُوهَا يُعَصِّبُهَا ابْنُ عَمِّهَا.
(قَوْلُهُ: وَعَصَبَ الْجَدُّ وَالْأُولَيَانِ الْأُخْرَيَيْنِ) يَعْنِي أَنَّ الْجَدَّ وَالْبِنْتَ وَبِنْتَ الِابْنِ يُصَيِّرُ كُلٌّ مِنْهُمْ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَاَلَّتِي لِلْأَبِ عَصَبَةً بَعْدَ أَنْ كَانَتَا تَرِثَانِ بِالْفَرْضِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ وَالْأُخْتَ لِلْأَبِ كَمَا يُعَصِّبُ كُلًّا مِنْهُمَا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا يُعَصِّبُهَا الْجَدُّ وَالْبِنْتُ وَبِنْتُ الِابْنِ (قَوْلُهُ: فَالْأُخْتُ) سَوَاءٌ كَانَتْ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ تَعْصِيبًا وَقَوْلُهُ
الْأَنْوَاعِ الْأَرْبَعَةِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ (الثُّلُثَانِ) فَرْضًا فَأَطْلَقَ الْمُصَنِّفُ الْمَصْدَرَ، وَأَرَادَ اسْمَ الْفَاعِلِ أَيْ الْمُتَعَدِّدُ مِنْهُنَّ، وَأَتَى بِضَمِيرِ جَمْعِ النِّسْوَةِ لِيُخْرِجَ الزَّوْجَ (وَلِلثَّانِيَةِ) أَيْ جِنْسِ الثَّانِيَةِ وَهِيَ بِنْتُ الِابْنِ أَوْ الْأُخْتُ لِلْأَبِ (مَعَ الْأُولَى) أَيْ الْبِنْتِ أَوْ الْأُخْتِ الشَّقِيقَةِ (السُّدُسُ) تَكْمِلَةَ الثُّلُثَيْنِ (وَإِنْ كَثُرْنَ) أَيْ بَنَاتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ (وَحَجَبَهَا) أَيْ الثَّانِيَةَ حَجْبَ حِرْمَانٍ وَالْمُرَادُ بِهَا خُصُوصُ بِنْتِ الِابْنِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ كَلَامِهِ (ابْنٌ فَوْقَهَا) كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ فَإِنَّ ابْنَ الِابْنِ يَسْتَقِلُّ بِالسُّدُسِ وَلَا يُعَصِّبُهَا؛ لِأَنَّهُ أَعْلَى مِنْهَا (وَ) حَجَبَهَا عَنْ السُّدُسِ أَيْضًا (بِنْتَانِ فَوْقَهَا) أَيْ أَعْلَى مِنْهَا كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَكَبِنْتَيْ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ لِاسْتِقْلَالِهِمَا بِالثُّلُثَيْنِ (إلَّا الِابْنَ) مَعَهَا (فِي دَرَجَتِهَا مُطْلَقًا) سَوَاءٌ كَانَ أَخًا لَهَا أَوْ ابْنَ عَمٍّ لَهَا، وَسَوَاءٌ فَضَلَ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنٍ أَوْ لَمْ يَفْضُلْ كَبِنْتَيْنِ وَمَنْ ذُكِرَ فَمُعَصِّبٌ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (أَوْ) كَانَ ابْنُ الِابْنِ (أَسْفَلَ) مِنْهَا بِدَرَجَةٍ (فَمُعَصِّبٌ لَهَا) أَيْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَإِنَّهُ إذَا اسْتَقَلَّتْ الْبِنْتَانِ بِالثُّلُثَيْنِ وَفَضَلَ الثُّلُثُ وَرِثَهُ ابْنُ ابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ تَعْصِيبًا فَإِنْ كَانَ لَهَا فِي الثُّلُثَيْنِ السُّدُسُ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ فَإِنَّ الْأَسْفَلَ مِنْهَا يَأْخُذُ الْبَاقِيَ وَحْدَهُ تَعْصِيبًا.
فَعُلِمَ أَنَّ لِابْنِ الِابْنِ مَعَ بِنْتِ الِابْنِ - وَالْمُرَادُ الْجِنْسُ - ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ. أَوَّلُهُمَا أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْهَا فَيَحْجُبُ مَنْ تَحْتَهُ. ثَانِيهَا أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لَهَا فَيُعَصِّبَهَا مُطْلَقًا. ثَالِثُهَا أَنْ يَكُونَ أَسْفَلَ فَيُعَصِّبَ مَنْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ (وَأُخْتُ الْأَبِ فَأَكْثَرُ مَعَ الشَّقِيقَةِ فَأَكْثَرَ كَذَلِكَ) أَيْ كَاَلَّذِي تَقَدَّمَ فِي بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ فَتَأْخُذُ الَّتِي لِلْأَبِ وَاحِدَةً فَأَكْثَرَ السُّدُسَ مَعَ الشَّقِيقَةِ الْوَاحِدَةِ فَإِنْ تَعَدَّدَتْ الشَّقِيقَةُ فَلَا شَيْءَ لِلَّتِي لِلْأَبِ اتَّحَدَتْ أَوْ تَعَدَّدَتْ مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخٌ لِأَبٍ وَيَحْجُبُهَا أَيْضًا أَخٌ فَوْقَهَا أَيْ شَقِيقٌ.
وَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّ حُكْمَ الْأُخْتِ أَوْ الْأَخَوَاتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ أَوْ الشَّقَائِقِ مُسَاوٍ لِحُكْمِ بَنَاتِ الِابْنِ مَعَ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَكَانَ ابْنَ الْأَخِ هُنَا مُخَالِفًا لِابْنِ الِابْنِ هُنَاكَ اسْتَثْنَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ (إلَّا أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَالضَّمِيرُ لِلشَّأْنِ (إنَّمَا يُعَصِّبُ الْأَخُ) لِلْأَبِ أُخْتَهُ دُونَ ابْنِ الْأَخِ فَلَا يُعَصِّبُ أُخْتَهُ الَّتِي هِيَ بِنْتُ الْأَخِ الَّتِي فِي دَرَجَتِهِ إذْ لَيْسَتْ مِنْ الْوَارِثَاتِ بِحَالٍ، وَكَذَا لَا يُعَصِّبُ مَنْ هِيَ فَوْقَهُ الَّتِي هِيَ عَمَّتُهُ وَأُخْتُ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ بَلْ يَأْخُذُ مَا بَقِيَ دُونَ أُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ شَقِيقَتَيْنِ وَأُخْتٍ لِأَبٍ وَابْنِ أَخٍ كَانَ لِلشَّقِيقَتَيْنِ الثُّلُثَانِ وَالْبَاقِي لِابْنِ الْأَخِ وَحْدَهُ تَعْصِيبًا دُونَ الَّتِي لِلْأَبِ وَلَيْسَ ابْنُ الْأَخِ بِالْمُعَصِّبِ. مَنْ مَعَهُ أَوْ فَوْقَهُ فِي النَّسَبِ بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ مَعَهُ فَكَانَ يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى.
وَأَمَّا الرُّبْعُ وَهُوَ نِصْفُ النِّصْفِ فَفَرْضُ اثْنَيْنِ أَشَارَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَتَأْخُذُ أَيْ الْأُخْتُ مُطْلَقًا مَا فَضَلَ عَنْ فَرْضِهِمَا أَيْ فَرْضِ الْبِنْتِ وَبِنْتِ الِابْنِ
(قَوْلُهُ: أَيْ الْمُتَعَدِّدُ مِنْهُنَّ) فِيهِ أَنَّ هَذِهِ الْعِبَارَةَ تَصْدُقُ بِغَيْرِ الْمُرَادِ إذْ تَصْدُقُ عَلَى نَحْوِ بِنْتٍ وَأُخْتٍ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ فِي الْكَلَامِ حَذْفًا وَالْأَصْلُ: وَلِلْمُتَعَدِّدِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْهُنَّ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ الزَّوْجُ) إذْ لَوْ كَانَ دَاخِلًا لَأَتَى بِضَمِيرِ الْمُذَكَّرِ عَلَى أَنَّ خُرُوجَ الزَّوْجِ مَعْلُومٌ مِنْ اسْتِحَالَةِ تَعَدُّدِ الزَّوْجِ هُنَا (قَوْلُهُ: جِنْسُ الثَّانِيَةِ) أَيْ الصَّادِقُ بِثَانِيَةِ الْأُولَيَيْنِ وَثَانِيَةِ الْأُخْرَيَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْأُولَى) أَيْ مَعَ جِنْسِ الْأُولَى الصَّادِقِ بِأُولَى الْأُولَيَيْنِ وَبِأُولَى الْأُخْرَيَيْنِ وَالدَّاعِي لِإِرَادَةِ الْجِنْسِ شُمُولُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِصُورَةِ بِنْتِ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَصُورَةِ الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ، وَبَعْضُ الشُّرَّاحِ قَصَرَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى الصُّورَةِ الْأُولَى فَجَعَلَ الْمُرَادَ بِالثَّانِيَةِ بِنْتَ الِابْنِ وَبِالْأُولَى الْبِنْتَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ بَعْدُ وَحَجَبَهَا إلَخْ إذْ الْأَصْلُ مُوَافَقَةُ أَوَّلِ الْكَلَامِ لِآخِرِهِ، وَأَيْضًا صُورَةُ الْأُخْتِ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ سَيَنُصُّ عَلَيْهَا فِي قَوْلِهِ وَأُخْتٌ لِأَبٍ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: ابْنٌ فَوْقَهَا) سَوَاءٌ كَانَ وَلَدَ الصُّلْبِ أَوْ لَا كَمَا مَثَّلَ الشَّارِحِ وَالْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ كَمَا أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ وَحَجَبَهَا أَيْ بِنْتَ الِابْنِ بِمَعْنَى جِنْسِهَا (قَوْلُهُ: يَسْتَقِلُّ بِالسُّدُسِ) الْأَنْسَبُ يَسْتَقِلُّ بِمَا بَقِيَ عَنْ الْبِنْتِ (قَوْلُهُ: أَيْ أَعْلَى مِنْهَا) بِمَعْنَى أَقْرَبُ مِنْهَا لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ فَضَلَ إلَخْ) الصَّوَابُ عَدَمُ تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ بِهَذَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ قَوْلُهُ: وَحَجَبَهَا بِنْتَانِ فَوْقَهَا وَمَتَى كَانَ بِنْتَانِ فَوْقَهَا لَمْ يَفْضُلْ مِنْ الثُّلُثَيْنِ شَيْءٌ فَالْأَوْلَى الِاقْتِصَارُ فِي تَفْسِيرِ الْإِطْلَاقِ عَلَى قَوْلِهِ، سَوَاءٌ كَانَ أَخًا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا (قَوْلُهُ: أَنْ يَكُونَ أَعْلَى مِنْهَا) أَيْ كَبِنْتٍ وَابْنِ ابْنٍ وَبِنْتِ ابْنِ ابْنٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ أَخَاهَا أَوْ ابْنَ عَمِّهَا وَسَوَاءٌ كَانَ لَهَا شَيْءٌ فِي الثُّلُثَيْنِ كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا فِيهِمَا شَيْءٌ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ (قَوْلُهُ: فَيُعَصِّبُ مَنْ لَيْسَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ) أَيْ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهَا شَيْءٌ مِنْ الثُّلُثَيْنِ فَلَا يُعَصِّبُهَا كَبِنْتٍ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ أَنْزَلَ (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخٌ لِأَبٍ) أَيْ، وَإِلَّا أَخَذَ الثُّلُثَ مَعَهَا (قَوْلُهُ: وَيَحْجُبُهَا أَيْضًا) أَيْ كَمَا يَحْجُبُهَا الْأُخْتَانِ الشَّقِيقَتَانِ (قَوْلُهُ: بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ مَعْمُولٌ لِمَا قَبْلَهُ، وَهُوَ إلَّا وَالْمَعْمُولَةُ لِعَامِلٍ غَيْرِ قَوْلٍ يَجِبُ فَتْحُ هَمْزَتِهَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى:{إِلا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} [الفرقان: 20] بِكَسْرِ إنَّ فَلِوُجُودِ لَامِ الِابْتِدَاءِ الْمُبْطِلَةِ لِعَمَلِ إلَّا أَوْ أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْقَوْلِ أَيْ إلَّا مَقُولًا فِيهِمْ إنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَالِاسْتِثْنَاءُ هُنَا مِنْ مُقَدَّرٍ أَيْ، وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ إلَّا أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ابْنِ الِابْنِ، وَإِنْ سَفَلَ فَإِنَّهُ يُعَصِّبُ مَنْ مَعَهُ فَكَانَ يُعَصِّبُ مَنْ فَوْقَهُ بِالْأَوْلَى) أَيْ؛ لِأَنَّ جِهَةَ الْبُنُوَّةِ أَقْوَى مِنْ جِهَةِ الْأُخُوَّةِ وَابْنُ الِابْنِ لِلْمَيِّتِ ابْنُ لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أَبِيهِ فَلَمْ تَنْقَطِعْ النِّسْبَةُ وَابْنٌ الْأَخِ لَا يَرِثُ بِأُخُوَّتِهِ لِلْمَيِّتِ بَلْ بِبُنُوَّةِ إخْوَةِ الْمَيِّتِ فَانْقَطَعَتْ النِّسْبَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخَوَاتِ الْأَبِ فِي الْأُبُوَّةِ فَلَا
(وَالرُّبْعِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ أَوْ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ، وَ (الزَّوْجُ) عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَيْ فَرْضُ الزَّوْجِ (بِفَرْعٍ) أَيْ مَعَ فَرْعٍ لِلْمَيِّتَةِ وَارِثٍ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ مِنْ زِنًا لِلُحُوقِهِ بِالْأُمِّ (وَزَوْجَةٌ فَأَكْثَرُ) مَعَ عَدَمِ الْفَرْعِ اللَّاحِقِ بِالزَّوْجِ أَخْذًا مِمَّا بَعْدَهُ (وَالثُّمُنُ لَهَا أَوْ لَهُنَّ بِفَرْعٍ لَاحِقٍ) بِالزَّوْجِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ ابْنٍ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى مِنْهَا أَوْ مِنْ غَيْرِهَا وَخَرَجَ بِاللَّاحِقِ وَلَدُ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَا يَلْحَقُ بِالزَّوْجِ وَمَنْ نَفَاهُ بِلِعَانٍ فَلَا يُحْجَبُ مِنْ الرُّبْعِ إلَى الثُّمُنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَرِثُ وَمَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا (وَالثُّلُثَيْنِ لِذِي النِّصْفِ إنْ تَعَدَّدَ) هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَلِتَعَدُّدِهِنَّ الثُّلُثَانِ. وَالْأَقْعَدُ حَذْفُ مَا تَقَدَّمَ مَعَ ذِكْرِ مَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالثُّلُثَيْنِ هُنَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ أَنْ يُذْكَرَ النِّصْفُ فَنِصْفُهُ فَنِصْفُ نِصْفِهِ ثُمَّ يُذْكَرُ الثُّلُثَانِ فَنِصْفُهُمَا فَنِصْفُ نِصْفِهِمَا وَهُوَ السُّدُسُ، وَلَعَلَّهُ لَمَّا لَاحَظَ ذَلِكَ أَعَادَهُ ثَانِيًا لِيَضُمَّ إلَيْهِ بَيَانَ الثُّلُثِ.
بِقَوْلِهِ (وَالثُّلُثُ) فَرْضُ اثْنَيْنِ الْأَوَّلُ (الْأُمُّ) عِنْدَ فَقْدِ الْوَلَدِ وَوَلَدِ الِابْنِ وَعَدَمِ اثْنَيْنِ مِنْ الْإِخْوَةِ أَوْ الْأَخَوَاتِ (وَ) الثَّانِي (وَلَدَاهَا فَأَكْثَرُ) أَيْ الْإِخْوَةُ مِنْ الْأُمِّ عِنْدَ تَعَدُّدِهِمْ (وَحَجَبَهَا) أَيْ الْأُمَّ (مِنْ الثُّلُثِ لِلسُّدُسِ وَلَدٌ) وَلَوْ أُنْثَى (وَإِنْ سَفَلَ) كَوَلَدِ الِابْنِ أَوْ وَلَدِ ابْنِ الِابْنِ (وَ) حَجَبَهَا لِلسُّدُسِ أَيْضًا (أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ مُطْلَقًا) أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ بَعْضٌ وَبَعْضٌ ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ مُخْتَلِفَيْنِ وَشَمَلَ إطْلَاقُهُ مَا إذَا كَانَا مَحْجُوبَيْنِ بِالشَّخْصِ كَمَنْ مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَأَخَوَيْنِ لِأُمٍّ وَجَدٍّ لِأَبٍ فَإِنَّهُمَا يَسْقُطَانِ بِالْجَدِّ وَمَعَ ذَلِكَ يَحْجُبَانِ الْأُمَّ مِنْ الثُّلُثِ لِلسُّدُسِ فَهُمَا مُسْتَثْنَيَانِ مِنْ قَاعِدَةِ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا وَلِذَا قَالَ فِي التِّلْمِسَانِيَّةِ: وَفِيهِمْ فِي الْحَجْبِ أَمْرٌ عَجَبٌ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ حُجِبُوا وَحَجَبُوا، وَأَمَّا الْمَحْجُوبَانِ بِالْوَصْفِ مِنْ رِقٍّ أَوْ كُفْرٍ أَوْ قَتْلٍ فَلَا يَحْجُبَانِ.
وَلَمَّا كَانَ الثُّلُثُ فَرْضَ الْأُمِّ حَيْثُ لَا وَلَدَ وَلَا وَلَدَ ابْنٍ وَلَا مِنْ الْإِخْوَةِ ذُو عَدَدٍ وَكَانَ كُلٌّ مِنْ الْغَرَّاوَيْنِ كَذَلِكَ وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ تَأْخُذْ الثُّلُثَ جَعَلُوا لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي عَنْ الْفَرْضِ لِيَصْدُقَ عَلَيْهَا أَنَّهَا أَخَذَتْ الثُّلُثَ فِي الْجُمْلَةِ فَأَشَارَ لِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي فِي) زَوْجَةٍ مَاتَتْ عَنْ (زَوْجٍ، وَأَبَوَيْنِ) أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْنِ مُخْرَجٌ نَصِيبُ الزَّوْجِ يَبْقَى وَاحِدَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ إذْ هِيَ حَظُّ ذَكَرٍ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَهُوَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ تَكُونُ سِتَّةً لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ مِنْ سِتَّةٍ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ الْأَبِ جَدٌّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يُعَصِّبُهُنَّ
(قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ ثُمَّ الْبَاقِي لِوَارِثِهِ مِنْ ذِي النِّصْفِ وَذِي الرُّبْعِ وَقَوْلُهُ الزَّوْجُ وَزَوْجَةٌ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ أَيْ صَاحِبُ الرُّبْعِ الزَّوْجُ وَزَوْجَةٌ (قَوْلُهُ: لَهَا أَوْ لَهُنَّ) لَمَّا قَابَلَ قَوْلَهُ لَهَا بِقَوْلِهِ لَهُنَّ عُلِمَ أَنَّهُ أَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَقَلَّ الْجَمْعِ اثْنَانِ فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى أَنْ يَقُولَ لَهَا أَوْ لَهُمَا أَوْ لَهُنَّ (قَوْلُهُ: بِفَرْعٍ لَاحِقٍ) أَيْ مَعَ فَرْعٍ لَاحِقٍ وَفِيهِ أَنَّ الْفَرْعَ اللَّاحِقَ بِالزَّوْجِ يَصْدُقُ بِمَنْ قَامَ بِهِ مَانِعُ الْإِرْثِ مِنْ كُفْرٍ أَوْ رِقٍّ أَوْ قَتْلٍ، وَهُوَ لَا يَحْجُبُ الزَّوْجَةَ مِنْ الرُّبْعِ لِلثُّمُنِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا فَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِوَارِثٍ بَدَلَ لَاحِقٍ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي الْحَجْبِ الْإِرْثُ الَّذِي هُوَ أَخَصُّ مِنْ اللُّحُوقِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ اللُّحُوقِ الْإِرْثُ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: وَالثُّلُثَيْنِ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مِنْ ذِي النِّصْفِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَهُوَ أَيْ الْفَرْضُ الْمَذْكُورُ، وَهُوَ الثُّلُثَانِ لِذِي النِّصْفِ
(قَوْلُهُ: وَالثُّلُثِ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى النِّصْفِ مِنْ قَوْلِهِ سَابِقًا مِنْ ذِي النِّصْفِ وَقَوْلُهُ الْأُمُّ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٌ بَيَانٌ لِصَاحِبِ الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ الثُّلُثُ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَهُوَ حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ (قَوْلُهُ: وَوَلَدَاهَا) أَيْ مُطْلَقًا كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا أَوْ خَنَاثَى أَوْ مُخْتَلِفِينَ (قَوْلُهُ: أَخَوَانِ أَوْ أُخْتَانِ) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ، وَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما بِظَاهِرِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَعْنِي قَوْلَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: 11] . فَلَمْ يَحْجُبْهَا بِالِاثْنَيْنِ وَقَدْ احْتَجَّ عَلَى عُثْمَانَ بِأَنَّ الْأَخَوَيْنِ لَيْسَا إخْوَةً فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه حَجَبَهَا قَوْمُكَ يَا غُلَامُ أَوْ أَجْمَعَ قَوْمُك عَلَى حَجْبِهَا بِالْأَخَوَيْنِ يَا غُلَامُ.
(قَوْلُهُ: أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ) أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْإِخْوَةُ أَدْلَوْا لِلْمَيِّتِ بِهَا أَوْ لَا، وَلَا تَحْجُبُ مَنْ أَدْلَى بِهَا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ، وَلِذَلِكَ يَقُولُونَ كُلُّ مَنْ أَدْلَى بِوَاسِطَةٍ حَجَبَتْهُ تِلْكَ الْوَاسِطَةُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ مِنْهُمْ يَحْجُبُهَا حَجْبَ نُقْصَانٍ، وَهِيَ لَا تَحْجُبُ أَحَدًا مِنْهُمْ، وَإِنْ أَدْلَوْا بِهَا عَكْسُ الْقَاعِدَةِ.
(قَوْلُهُ: كَمَنْ مَاتَ عَنْ أُمٍّ إلَخْ) أَيْ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ، وَأَخَوَيْنِ مُطْلَقًا فَلِلْأُمِّ السُّدُسُ لِوُجُودِ الْأَخَوَيْنِ مَعَ حَجْبِهِمَا بِالْأَبِ (قَوْلُهُ: فَهُمَا) أَيْ الْأَخَوَانِ لِلْأُمِّ هَذَا ظَاهِرُهُ، وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُمْ كُلُّ مَنْ لَا يَرِثُ لَا يَحْجُبُ وَارِثًا إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُمْ قَدْ يَحْجُبُونَ الْأُمَّ لِلسُّدُسِ وَلَا يَرِثُونَ يُقَالُ عَلَيْهِ لَا خُصُوصِيَّةَ لِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ بَلْ كَذَلِكَ الْإِخْوَةُ الْأَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ قَدْ يَحْجُبُونَهَا، وَلَا يَرِثُونَ وَذَلِكَ مَعَ وُجُودِ الْأَبِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَفِيهِمْ) أَيْ الْإِخْوَةِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِمْ لِأُمٍّ بَلْ الْإِخْوَةُ مُطْلَقًا أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ أَوْ لِأُمٍّ أَوْ مُجْتَمَعِينَ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُ الشَّارِحِ حَيْثُ سَاقَ الْبَيْتَ عَقِبَ تَمْثِيلِهِ بِالْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الْمِثَالُ لَا يُخَصِّصُ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ لَيْسَ فِيهَا مَعَ الْأُمِّ وَلَدٌ لِلْمَيِّتِ، وَلَا وَلَدُ ابْنٍ، وَلَا عَدَدٌ مِنْ إخْوَتِهِ (قَوْلُهُ: تَكُونُ سِتَّةً) أَيْ فَالسِّتَّةُ تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ فَقَوْلُ تت أَصْلُهَا سِتَّةٌ الْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِتَصْحِيحِهَا إذْ لَيْسَ فِيهَا سُدُسٌ أَصْلِيٌّ لَا لِلْأَبِ، وَلَا لِلْأُمِّ، وَإِنْ كَانَتْ ثُلُثَ الْبَاقِي الَّذِي تَأْخُذُهُ الْأُمُّ سُدُسًا
لَكَانَ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
وَأَشَارَ لِثَانِيَةِ الْغَرَّاوَيْنِ بِقَوْلِهِ (وَ) لَهَا ثُلُثُ الْبَاقِي أَيْضًا فِي زَوْجٍ مَاتَ عَنْ (زَوْجَةٍ، وَأَبَوَيْنِ) فَهِيَ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلزَّوْجَةِ الرُّبْعُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلِلْأَبِ الْبَاقِي هَذَا مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ وَذَهَبَ ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى أَنَّ لَهَا ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ نَظَرًا لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: 11] . وَنَظَرَ الْجُمْهُورُ إلَى أَنَّ أَخْذَهَا الثُّلُثَ فِيهِمَا يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ مَتَى اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَخَصُّوا عُمُومَ الْآيَةِ بِالْقَوَاعِدِ وَجَعَلُوا لَهَا ثُلُثَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّ الْقَوَاعِدَ مِنْ الْقَوَاطِعِ.
(وَالسُّدُسُ) فَرْضُ سَبْعَةٍ فَالسُّدُسُ مُبْتَدَأٌ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَجْرُورًا بِالْعَطْفِ عَلَى النِّصْفِ، وَتُقَدَّمُ مِنْ السَّبْعَةِ بِنْتُ الِابْنِ مَعَ الْبِنْتِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ مَعَ الشَّقِيقَةِ وَالْأُمُّ عِنْدَ وُجُودِ الْوَلَدِ أَوْ جَمْعٌ مِنْ الْإِخْوَةِ وَذَكَرَ الْبَاقِيَ بِقَوْلِهِ (لِلْوَاحِدِ مِنْ وَلَدِ الْأُمِّ مُطْلَقًا) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَسَقَطَ) بِسِتَّةٍ (بِابْنِ وَابْنِهِ) ، وَإِنْ سَفَلَ (وَبِنْتٍ) لِابْنٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) وَبِنْتٍ لِصُلْبٍ بِالْأَوْلَى (وَأَبٍ وَجَدٍّ، وَ) السُّدُسُ (الْأَبُ وَالْأُمُّ) أَيْ فَرْضُهُمَا (مَعَ وَلَدٍ) ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَإِنْ سَفَلَ كَوَلَدِ ابْنٍ لَكِنْ إنْ كَانَ الْوَلَدُ ذَكَرًا أَوْ ابْنَ الِابْنِ كَانَ لِكُلٍّ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ وَالْبَاقِي لِلذَّكَرِ، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا السُّدُسُ وَلِلْبِنْتِ النِّصْفُ وَالْبَاقِي لِلْأَبِ تَعْصِيبًا وَذِكْرُ الْأُمِّ هُنَا تَكْرَارٌ مَعَ مَا تَقَدَّمَ (وَالْجَدَّةُ فَأَكْثَرُ) فَرْضُهَا السُّدُسُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُ عِنْدَنَا أَكْثَرُ مِنْ جَدَّتَيْنِ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا وَهَكَذَا فَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرِ الْأَبِ لَمْ تَرِثْ (وَأَسْقَطْتَهَا الْأُمُّ مُطْلَقًا) وَلَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ (وَ) أَسْقَطَ (الْأَبُ الْجَدَّةَ مِنْ قِبَلِهِ) فَقَطْ (وَ) أَسْقَطَتْ الْجَدَّةُ (الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) الْجَدَّةَ (الْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ، وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَتْ الْقُرْبَى مِنْ جِهَةِ الْأَبِ وَالْبُعْدَى مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ (اشْتَرَكَتَا) فِي السُّدُسِ كَمَا لَوْ تَسَاوَتَا فِي الرُّتْبَةِ كَأُمِّ الْأُمِّ وَأُمِّ الْأَبِ (وَ) السُّدُسُ (أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ) لِلْأَبِ (غَيْرِ الْمُدْلِي بِأُنْثَى) احْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَعَنْ جَدٍّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَدْلَى بِأُنْثَى فَلَا يَرِثُ ثُمَّ إنَّ الْجَدَّ الْوَارِثَ لَهُ فَرْضَانِ السُّدُسُ مَعَ ابْنٍ أَوْ ابْنِ ابْنٍ أَوْ مَعَ ذِي فَرْضٍ مُسْتَغْرِقٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ فَيَرِثُهُ بِالْفَرْضِ الْمَحْضِ، وَالثُّلُثُ إذَا كَانَ مَعَ إخْوَةٍ وَكَانَ الثُّلُثُ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ أَوْ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ وَلَوْ قَالَ وَالْجَدُّ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ كَانَ أَبْيَنَ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْجَدَّ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ أَشِقَّاءُ أَوْ لِأَبٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِي الْوَاقِعِ قَالَهُ عبق (قَوْلُهُ: لَكَانَ لَهَا الثُّلُثُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّهَا تَرِثُ مَعَ الْجَدِّ بِالْفَرْضِ وَمَعَ الْأَبِ بِالْقِسْمَةِ أَيْ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ أَصْلُ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ، وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ رُبْعٌ (قَوْلُهُ: إلَى مُخَالَفَةِ الْقَوَاعِدِ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا أَخَذَتْ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجِ الثُّلُثَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ لَأَخَذَتْ اثْنَيْنِ، وَأَخَذَ الْأَبُ وَاحِدًا؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ سِتَّةٍ فَتَكُونُ قَدْ أَخَذَتْ مِثْلَيْ الْأَبِ، وَلَوْ أَخَذَتْهُ فِي مَسْأَلَةِ الزَّوْجَةِ لَأَخَذَتْ أَرْبَعَةً، وَأَخَذَ الْأَبُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ حِينَئِذٍ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِلْقَوَاعِدِ إذْ الْقَاعِدَةُ أَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ ذَكَرٌ وَأُنْثَى يُدْلِيَانِ لِلْمَيِّتِ بِجِهَةٍ وَاحِدَةٍ فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
(قَوْلُهُ: فَالسُّدُسُ مُبْتَدَأٌ) أَيْ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: الْوَاحِدُ إلَخْ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ فَرْضُ الْوَاحِدِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بِالْعَطْفِ عَلَى النِّصْفِ) أَيْ وَقَوْلُهُ الْوَاحِدُ بِالرَّفْعِ خَبَرٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ، وَهُوَ الْوَاحِدُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَتْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا (قَوْلُهُ: أَوْ ابْنُ الِابْنِ) عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ لِلْمَيِّتِ أَوْ كَانَ الْوَلَدُ ابْنَ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ أُنْثَى) أَيْ، وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ لِلْمَيِّتِ أَوْ لِابْنِهِ أُنْثَى.
(قَوْلُهُ: فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا) أَيْ مِنْ الْأَبَوَيْنِ السُّدُسُ فَرْضًا (قَوْلُهُ: وَلِلْبِنْتِ) أَيْ بِنْتِ الْمَيِّتِ أَوْ بِنْتِ ابْنِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَحَجَبَهَا لِلسُّدُسِ وَلَدٌ، وَإِنْ سَفَلَ (قَوْلُهُ: مِنْ جَدَّتَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَهُمَا الْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ عَلَتْ) أَيْ إنْ أَدْلَتْ بِإِنَاثٍ خُلَّصٍ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّهَا، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: فَمَنْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) أَيْ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا وَقَوْلُهُ أَوْ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَيْ أَوْ أَدْلَتْ بِذَكَرٍ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ غَيْرِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجَدَّاتِ أَرْبَعٌ أُمُّ الْأُمِّ وَأُمُّهَا، وَإِنْ عَلَتْ وَأُمُّ الْأَبِ وَأُمُّ أُمِّهِ، وَإِنْ عَلَتْ، وَهَذَانِ يَرِثَانِ إجْمَاعًا وَأُمُّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ كَأُمِّ أَبِي الْأَبِ وَأُمَّهَاتِهَا، وَهَذِهِ لَا تَرِثُ عِنْدَ مَالِكٍ؛ لِأَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَيِّتِ ذَكَرَيْنِ وَتَرِثُ عِنْدَ زَيْدٍ، وَأُمُّ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ كَأُمِّ أَبِي الْأُمِّ وَأُمَّهَاتِهَا، وَهَذِهِ لَا تَرِثُ إجْمَاعًا لِإِدْلَائِهَا بِغَيْرِ وَارِثٍ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) الْإِطْلَاقُ رَاجِعٌ لِلْإِسْقَاطِ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى الْأُمِّ.
(قَوْلُهُ: عَنْ الْجَدِّ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ) أَيْ كَأَبِي الْأُمِّ، وَأَبِي أَبِيهَا (قَوْلُهُ: وَعَنْ جَدٍّ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ) أَيْ كَأَبِي أُمِّ الْأَبِ (قَوْلُهُ: كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ إلَخْ)، وَكَزَوْجٍ وَأُخْتَيْنِ وَجَدَّةٍ وَجَدٍّ (قَوْلُهُ: أَوْ مَعَ الْإِخْوَةِ إلَخْ) .
اعْلَمْ أَنَّ إرْثَ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ مَذْهَبُ زَيْدٍ وَعَلِيٍّ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ، وَمَذْهَبُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا مِيرَاثَ لِلْإِخْوَةِ مَعَ الْجَدِّ فَأَقَامُوهُ مُقَامَ الْأَبِ وَحَجَبُوا بِهِ الْإِخْوَةَ (قَوْلُهُ: فَأَطْلَقَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ الْجَمْعَ فِي قَوْلِهِ أَحَدُ فُرُوضِ الْجَدِّ (قَوْلُهُ: أَوْ أَرَادَ بِالْفُرُوضِ الْأَحْوَالَ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَأَحْوَالُ الْجَدِّ خَمْسَةٌ. أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ مَعَ الِابْنِ وَحْدَهُ أَوْ مَعَهُ وَمَعَ غَيْرِهِ مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. الثَّانِيَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتَيْنِ وَحْدَهُمَا أَوْ مَعَهُمَا وَمَعَ غَيْرِهِمَا مِنْ ذَوِي الْفُرُوضِ. الثَّالِثَةُ: أَنْ
فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ ذُكِرَ فَأَمَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ أَمْ لَا فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ فَلَهُ الْأَفْضَلُ مِنْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ أَوْ الْمُقَاسَمَةُ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ) وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ صَاحِبُ فَرْضٍ (الْخَيْرُ) أَيْ الْأَفْضَلُ (مِنْ) أَحَدِ أَمْرَيْنِ (الثُّلُثِ) أَيْ ثُلُثِ جَمِيعِ الْمَالِ (أَوْ الْمُقَاسَمَةِ) كَأَنَّهُ أَخٌ مَعَهُمْ فَيُقَاسِمُ إذَا كَانَ الْإِخْوَةُ أَوْ الْأَخَوَاتُ أَقَلَّ مِنْ مِثْلَيْهِ كَأَخٍ أَوْ أُخْتٍ أَوْ أُخْتَيْنِ أَوْ أَخٍ وَأُخْتٍ أَوْ ثَلَاثِ أَخَوَاتٍ، وَأَمَّا مَعَ أَخَوَيْنِ أَوْ أَرْبَعِ أَخَوَاتٍ أَوْ أَخٍ وَأُخْتَيْنِ فَتَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ فَإِنْ زَادَتْ الْإِخْوَةُ عَنْ اثْنَيْنِ أَوْ الْأَخَوَاتُ عَلَى أَرْبَعٍ فَثُلُثُ جَمِيعِ الْمَالِ خَيْرٌ لَهُ وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْإِخْوَةِ بِقَدْرِ مِيرَاثِهِمْ وَهَذَا مِمَّا يَفْتَرِقُ فِيهِ الْأَبُ مِنْ الْجَدِّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ مُطْلَقًا وَالْجَدُّ لَا يَحْجُبُ إلَّا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ وَقَدْ أَشَارَ إلَى حُكْمِهِمْ مَعَهُ بِقَوْلِهِ (وَعَادَّ) بِتَشْدِيدِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ (الشَّقِيقُ) الْجَدَّ عِنْدَ الْمُقَاسَمَةِ (بِغَيْرِهِ) مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ لِيَمْنَعَهُ كَثْرَةَ الْمِيرَاثِ وَكَذَا يَعُدُّ الشَّقِيقُ عَلَى الْجَدِّ الْأُخْتَ لِلْأَبِ سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ أَمْ لَا كَمَنْ مَاتَ عَنْ أَخٍ شَقِيقٍ، وَأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَجَدٍّ فَلِلْجَدِّ الثُّلُثُ لِزِيَادَةِ الْإِخْوَةِ عَنْ مِثْلَيْهِ.
وَلِلشَّقِيقِ الثُّلُثَانِ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (ثُمَّ) إذَا أَخَذَ الشَّقِيقُ نَصِيبَهُ (رَجَعَ) عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ فَيَأْخُذُ مَا صَارَ لَهُ بِالْمُعَادَّةِ؛ لِأَنَّهُ يَحْجُبُ الَّذِي لِلْأَبِ وَشَبَّهَ فِي الرُّجُوعِ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ لِلْجَدِّ قَوْلَهُ (كَالشَّقِيقَةِ) تَعُدُّ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَيْهِمْ (بِمَالِهَا) وَهُوَ النِّصْفُ لِلْوَاحِدَةِ وَالثُّلُثَانِ لِلْأَكْثَرِ (لَوْ لَمْ يَكُنْ جَدٌّ) وَمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ لِلْأَخِ وَالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ فَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنْ يَعُدَّ الشَّقِيقُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى عَلَى الْجَدِّ جِنْسَ الْإِخْوَةِ لِلْأَبِ ثُمَّ بَعْدَ عَدِّهِمْ يَسْقُطُ الَّذِي لِلْأَبِ بِالشَّقِيقِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ كَأُمٍّ أَوْ زَوْجَةٍ أَمْ لَا.
وَإِذَا كَانَ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ فَلَهُ الْأَفْضَلُ بَعْدَ أَخْذِ صَاحِبِ الْفَرْضِ فَرْضَهُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ السُّدُسِ وَالْمُقَاسَمَةِ وَثُلُثِ الْبَاقِي، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَهُ) أَيْ لِلْجَدِّ (مَعَ ذِي فَرْضٍ مَعَهُمَا) أَيْ مَعَ الْإِخْوَةِ وَالْأَخَوَاتِ الْأَشِقَّاءِ أَوْ لِأَبٍ بَعْدَ أَخْذِ صَاحِبِ الْفَرْضِ فَرْضَهُ الْأَفْضَلَ مِنْ أَحَدِ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ (السُّدُسُ) مِنْ أَصْلِ الْفَرِيضَةِ كَبِنْتَيْنِ وَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ، وَأَخٍ فَأَكْثَرُ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِضَرْبِ مُخْرَجِ الثُّلُثِ فِي مُخْرَجِ الثُّمُنِ لِلْبِنْتَيْنِ سِتَّةَ عَشَرَ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ فَلَوْ قَاسَمَ فِيهَا الْأَخَ أَخَذَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا وَلَوْ أَخَذَ ثُلُثَهَا أَخَذَ وَاحِدًا وَثُلُثَيْ وَاحِدٍ فَسُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ خَيْرٌ لَهُ مِنْهُمَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ يَفْضُلُ وَاحِدٌ لِلْأَخِ أَوْ الْأَكْثَرُ (أَوْ ثُلُثُ الْبَاقِي) كَأُمٍّ وَجَدٍّ وَعَشَرَةِ إخْوَةٍ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى خَمْسَةَ عَشَرَ ثُلُثُهَا خَمْسَةٌ وَهِيَ خَيْرٌ
ــ
[حاشية الدسوقي]
يَكُونَ مَعَ الْإِخْوَةِ لِغَيْرِ أُمٍّ. الرَّابِعَةُ: أَنْ يَكُونَ مَعَ الْإِخْوَةِ وَذَوِي الْفُرُوضِ، وَهَاتَانِ الْحَالَتَانِ تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِمَا هُنَا. الْخَامِسَةُ: أَنْ لَا يَكُونَ مَعَهُ وَلَدٌ، وَلَا إخْوَةٌ فَلَهُ الْمَالُ كُلُّهُ أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهُ بِالتَّعْصِيبِ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ. اهـ.
بْن (قَوْلُهُ: فَأَمْرُهُ ظَاهِرٌ) أَيْ فَإِنْ كَانَ مَعَهُ ابْنٌ فَقَطْ أَوْ ابْنٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ فَلَهُ السُّدُسُ فَرْضًا فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بِنْتٌ أَوْ بِنْتَانِ فَقَطْ أَوْ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ كَانَ لَهُ السُّدُسُ فَرْضًا، وَإِنْ تَبَقَّى لَهُ شَيْءٌ بَعْدَ فَرْضِ مَنْ مَعَهُ أَخَذَهُ تَعْصِيبًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَوْلَادِ، وَلَا مِنْ الْإِخْوَةِ أَخَذَ الْمَالَ كُلَّهُ تَعْصِيبًا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَإِلَّا أَخَذَ مَا فَضَلَ عَنْهُ تَعْصِيبًا فَهُوَ كَالْأَبِ فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ الثَّلَاثَةِ (قَوْلُهُ: فَإِذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ) أَيْ مَعَ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ صَاحِبُ فَرْضٍ أَيْ بِأَنْ كَانَ الْإِرْثُ مُنْحَصِرًا فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فَقَطْ (قَوْلُهُ: وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَ الْإِخْوَةِ إلَخْ) فَإِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ عَنْ جَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْجَدِّ ثُلُثَ جَمِيعِ الْمَالِ وَمُخْرَجُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ فَإِذَا أَخَذَ وَاحِدًا مِنْ ثَلَاثَةٍ فَإِنَّ الْبَاقِيَ مِنْهَا وَهُوَ اثْنَانِ لَا يَنْقَسِمُ عَلَى الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ، وَيُبَايِنُ عَدَدَهُمْ فَتُضْرَبُ عَدَدُ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِتِسْعَةٍ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثُلُثَهَا ثَلَاثَةً، وَالْبَاقِي سِتَّةٌ عَلَى الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ كُلُّ وَاحِدٍ اثْنَانِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ إرْثُ الْجَدِّ مَعَ الْإِخْوَةِ الْخَيْرُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ (قَوْلُهُ: إلَى حُكْمِهِمْ) أَيْ إلَى حُكْمِ اجْتِمَاعِ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأَبِ مَعَهُ (قَوْلُهُ: وَعَادَّ) أَيْ حُسِبَ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُفَاعَلَةِ؛ لِأَنَّ الْأَشِقَّاءَ يَعُدُّونَ عَلَى الْجَدِّ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ، وَهُوَ يَعُدُّ عَلَيْهِمْ الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ كَمَا يَأْتِي فِي الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ الْمُلَقَّبَةِ بِالْمَالِكِيَّةِ فَقَدْ حَصَلَ مِنْ الْجَدِّ عَدٌّ أَيْضًا فِي الْجُمْلَةِ كَذَا قِيلَ وَقِيلَ إنَّمَا عَبَّرَ بِالْمُفَاعَلَةِ؛ لِأَنَّ الْأَشِقَّاءَ يَعُدُّونَ الْإِخْوَةَ لِلْأَبِ عَلَى الْجَدِّ، وَهُوَ يُسْقِطُ عَدَدَهُمْ وَيَعُدُّ الشَّقَائِقَ خَاصَّةً فَحَصَلَ مِنْهُ عَدٌّ لَكِنْ لِلشَّقِيقِ دُونَ مَنْ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: سَوَاءٌ كَانَ مَعَهُمْ ذُو سَهْمٍ أَمْ لَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَوْلَى لَلْمُصَنِّفِ أَنْ يُؤَخِّرَ مَسْأَلَةَ الْمُعَادَّةَ عَنْ قَوْلِهِ، وَلَهُ مَعَ ذِي فَرْضٍ إلَخْ؛ لِأَنَّ الْمُعَادَّةَ تَجْرِي فِي الْوَجْهَيْنِ أَيْ أَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُمْ ذُو فَرْضٍ أَمْ لَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ تَفَرَّدَ زَيْدٌ مِنْ بَيْنِ الصَّحَابَةِ بِمُعَادَّتِهِ الْجَدَّ بِالْإِخْوَةِ لِلْأَبِ مَعَ الْإِخْوَةِ الْأَشِقَّاءِ، وَخَالَفَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ الْقَائِلِينَ بِقَوْلِهِ فِي الْفَرَائِضِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْإِخْوَةَ مِنْ الْأَبِ لَا يَرِثُونَ مَعَ الْأَشِقَّاءِ فَلَا مَعْنَى لِإِدْخَالِهِمْ مَعَهُمْ؛ لِأَنَّهُ حَيْفٌ عَلَى الْجَدِّ فِي الْمُقَاسَمَةِ قَالَ وَقَدْ سَأَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ زَيْدًا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إنَّمَا أَقُولُ فِي ذَلِكَ بِرَأْيِي كَمَا تَقُولُ أَنْتَ بِرَأْيِك.
(قَوْلُهُ: مَا صَارَ لَهُ) أَيْ مَا صَارَ لِلَّذِي لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: السُّدُسُ) أَيْ سُدُسُ جَمِيعِ الْمَالِ (قَوْلُهُ: مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) أَيْ عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْفُرَّاضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ عِنْدَهُمْ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ، وَمَا بَقِيَ فَهِيَ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَأَمَّا الْمُتَقَدِّمُونَ فَيَقُولُونَ إنَّ
لَهُ مِنْ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ وَهُوَ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ الْمُقَاسَمَةِ لِعَشَرَةِ إخْوَةٍ إذْ يَصِيرُ لَهُ بِهَا سَهْمٌ، وَأَرْبَعَةُ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا مِنْ سَهْمٍ.
(أَوْ الْمُقَاسَمَةُ) كَجَدَّةٍ وَجَدٍّ، وَأَخٍ مِنْ سِتَّةٍ سُدُسُهَا وَاحِدٌ، وَثُلُثُ الْبَاقِي وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ فَمُقَاسَمَةُ الْأَخِ بِأَنْ يَأْخُذَ اثْنَيْنِ وَنِصْفًا خَيْرٌ لَهُ مِنْهُمَا فَيَتَعَيَّنُ لَهُ فَيُضْرَبُ مُخْرَجُ النِّصْفِ فِي السِّتَّةِ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَمِنْهَا تَصِحُّ وَفِي بِنْتَيْنِ وَجَدٍّ، وَأَخٍ فَتَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَالسُّدُسُ، وَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ وَتَصِحُّ مِنْ سِتَّةٍ وَفِي أُمٍّ وَجَدٍّ، وَأَخَوَيْنِ تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْبَاقِي وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَفِي زَوْجٍ وَجَدٍّ وَثَلَاثَةِ إخْوَةٍ يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالسُّدُسُ وَفِي زَوْجٍ وَجَدٍّ، وَأَخَوَيْنِ تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ فَأَوْ فِي كَلَامِهِ مَانِعَةُ خُلُوٍّ تُجَوِّزُ الْجَمْعَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ أَوْ الِاثْنَيْنِ مِنْهَا (وَلَا يُفْرَضُ لِأُخْتٍ) شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ الْجَدِّ فِي فَرِيضَةٍ مِنْ الْفَرَائِضِ بَلْ إنْ انْفَرَدَتْ مَعَهُ عَصَّبَهَا، وَإِنْ اجْتَمَعَتْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ أَوْ الْإِخْوَةِ فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا تَقَدَّمَ (إلَّا فِي) الْمَسْأَلَةِ (الْأَكْدَرِيَّةِ وَالْغَرَّاءِ) الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ (زَوْجٌ وَجَدٌّ وَأُمٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ فَأَصْلُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عِنْدَهُمْ سِتَّةٌ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا وَاحِدٌ، وَإِنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْإِخْوَةَ أَخَذَ خَمْسَةَ أَجْزَاءٍ مِنْ أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ أَخَذَ سَهْمًا وَاحِدًا، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ وَاحِدًا وَثُلُثَيْنِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ لَكِنْ الْخَمْسَةُ لَا ثُلُثَ لَهَا صَحِيحٌ فَتَضْرِبُ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي سِتَّةٍ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ.
(قَوْلُهُ: كَجَدَّةٍ إلَخْ) أَيْ، وَكَزَوْجَةٍ وَجَدٍّ وَأَخٍ أَصْلُهَا أَرْبَعَةٌ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ يَبْقَى ثَلَاثَةٌ إنْ أَخَذَ الْجَدُّ سُدُسَهَا كَانَ لَهُ ثُلُثَانِ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي كَانَ لَهُ وَاحِدٌ، وَإِنْ قَاسَمَ الْأَخَ كَانَ لَهُ نِصْفُ الثَّلَاثَةِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَلَا نِصْفَ لَهَا صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ النِّصْفِ اثْنَيْنِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةٍ لِلزَّوْجَةِ وَاحِدٌ فِي اثْنَيْنِ بِاثْنَيْنِ، وَلِلْجَدِّ ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأَخِ ثَلَاثَةٌ وَمِنْ صُوَرِ الْمُقَاسَمَةِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ مَا لَوْ تَرَكَ أُمًّا وَأُخْتًا وَجَدًّا أَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ فَتَأْخُذُ الْأُمُّ ثُلُثَهَا، وَمُقَاسَمَةُ الْجَدِّ الْأُخْتَ خَيْرٌ لَهُ فَيَكُونُ لَهُ ثُلُثَا مَا بَقِيَ، وَلِلْأُخْتِ ثُلُثُهُ فَتَصِحُّ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تِسْعَةٍ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُسَمَّى بِالْخَرْقَاءِ؛ لِأَنَّهُ اخْتَلَفَ فِيهَا خَمْسَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَلِذَلِكَ تُلَقَّبُ أَيْضًا بِالْخَمْسِيَّةِ، وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَبَيَانُ مَذَاهِبِهِمْ فِي الْمُطَوَّلَاتِ مِنْ كُتُبِ الْفَرَائِضِ، وَإِنَّمَا ذَكَرْنَاهَا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْمَعْمُولِ بِهِ مِنْ الْخِلَافِ. اهـ كَلَامُ التَّوْضِيحِ.
(قَوْلُهُ: وَأَصْلُهَا مِنْ ثَلَاثَةٍ) أَيْ مُخْرَجُ فَرْضِ ثُلُثَيْ الْبِنْتَيْنِ: لِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَا الثَّلَاثَةِ يَبْقَى مِنْهَا وَاحِدٌ إنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَ أَخَذَ نِصْفَهُ، وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ جَمِيعِ الْمَالِ أَخَذَ نِصْفَهُ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ ثُلُثَهُ فَالْمُقَاسَمَةُ أَوْ سُدُسُ الْمَالِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي، وَالْوَاحِدُ لَا نِصْفَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ النِّصْفِ اثْنَانِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةٍ فَالْحَاصِلُ سِتَّةٌ وَمِنْهَا تَصِحُّ لِلْبِنْتَيْنِ ثُلُثَاهَا أَرْبَعَةٌ يَبْقَى اثْنَانِ لِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ وَالْأَخِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: تَسْتَوِي الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ؛ لِأَنَّ أَصْلَهَا سِتَّةٌ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَبْقَى خَمْسَةٌ إنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَوَيْنِ أَخَذَ وَاحِدًا وَثُلُثَيْنِ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي كَانَ لَهُ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، وَذَلِكَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ سُدُسِ الْمَالِ، وَهُوَ وَاحِدٌ وَالْبَاقِي لَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: وَتَصِحُّ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ) جَعْلُهُ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ تَصْحِيحًا مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُتَقَدِّمِينَ كَمَا عَلِمْتَ (قَوْلُهُ: يَسْتَوِي ثُلُثُ الْبَاقِي وَالسُّدُسُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ اثْنَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ إنْ أَخَذَ الْجَدُّ ثُلُثَ الْبَاقِي أَوْ سُدُسَ الْمَالِ كَانَ لَهُ ثُلُثٌ، وَهُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَاسَمَ أَخَذَ رُبْعًا وَالْوَاحِدُ لَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا، وَلِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي أَوْ السُّدُسُ وَاحِدٌ يَبْقَى اثْنَانِ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ وَتُبَايِنُهَا اضْرِبْ عَدَدَ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ الثَّلَاثَةِ فِي سِتَّةٍ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ مِنْ السِّتَّةِ فِي ثَلَاثَةٍ عَدَدِ رُءُوسِ الْإِخْوَةِ بِتِسْعَةٍ، وَلِلْجَدِّ وَاحِدٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِثَلَاثَةٍ، وَلِلْإِخْوَةِ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ اثْنَيْنِ.
(قَوْلُهُ: تَسْتَوِي الثَّلَاثَةُ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ اثْنَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا وَاحِدٌ يَبْقَى وَاحِدٌ إنْ قَاسَمَ الْجَدُّ الْأَخَوَيْنِ أَخَذَ ثُلُثَهُ، وَإِنْ أَخَذَ ثُلُثَ الْبَاقِي أَخَذَ ثُلُثَهُ، وَإِنْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ أَخَذَ ثُلُثَهُ، وَالْوَاحِدُ لَا ثُلُثَ لَهُ صَحِيحٌ اضْرِبْ مُخْرَجَ الثُّلُثِ فِي اثْنَيْنِ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِكُلٍّ مِنْ الْجَدِّ وَالْأَخَوَيْنِ وَاحِدٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ الْإِخْوَةِ) أَيْ أَوْ مَعَ غَيْرِهَا مِنْ الْإِخْوَةِ (قَوْلُهُ: فَحُكْمُ الْجَدِّ مَا تَقَدَّمَ) أَيْ مِنْ أَنَّ لَهُ الْأَفْضَلَ مِنْ ثَلَاثَةِ أُمُورٍ سُدُسِ جَمِيعِ الْمَالِ وَثُلُثِ الْبَاقِي وَالْمُقَاسَمَةِ فِي الْحَالَةِ الْأُولَى وَالْأَفْضَلُ مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمُقَاسَمَةُ وَثُلُثُ الْمَالِ فِي الْحَالَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْأَكْدَرِيَّةِ وَالْغَرَّاءِ) لُقِّبَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالْأَكْدَرِيَّةِ؛ لِأَنَّ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ طَرَحَهَا عَلَى رَجُلٍ يُقَالُ لَهُ أَكْدَرَ كَانَ يُحْسِنُ الْفَرَائِضَ فَأَخْطَأَ فِيهَا وَسَمَّيْت بِالْغَرَّاءِ لِشُهْرَتِهَا فِي الْفَرَائِضِ كَغُرَّةِ الْفَرَسِ (قَوْلُهُ: الْعَطْفُ لِلتَّفْسِيرِ) ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْقِطْ الْمُصَنِّفُ الْوَاوَ لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَكْدَرِيَّةَ غَرَّاءُ وَغَيْرُ غَرَّاءَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي الْوَصْفِ التَّخْصِيصُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَكُونُ كَاشِفًا
الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ نِصْفُهَا وَلِلْأُمِّ ثُلُثُهَا اثْنَانِ يَبْقَى وَاحِدٌ لِلْجَدِّ، وَهُوَ لَا يَنْقُصُ عَنْهُ بِحَالٍ، وَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُ الْأُخْتِ بِحَالٍ (فَيُفْرَضُ) النِّصْفُ (لَهَا، وَ) السُّدُسُ (لَهُ) فَقَدْ عَالَتْ بِفَرْضِ النِّصْفِ إلَى تِسْعَةٍ (ثُمَّ) يُجْمَعُ نَصِيبُهَا وَنَصِيبُ الْجَدِّ وَهُمَا أَرْبَعَةٌ، وَ (يُقَاسِمُهَا) لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْجَدَّ يُعَصِّبُ الْأُخْتَ كَالْأَخِ وَالْأَرْبَعَةُ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ وَلَا تُوَافِقُ فَتُضْرَبُ ثَلَاثَةُ عَدَدُ الرُّءُوسِ الْمُنْكَسِرِ عَلَيْهَا سِهَامُهَا فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِعَوْلِهَا تَبْلُغُ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ تِسْعَةٍ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَلِلزَّوْجِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِلْأُمِّ اثْنَانِ فِي ثَلَاثَةٍ بِسِتَّةٍ وَلِلْجَدِّ وَالْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ يَأْخُذُ الْجَدُّ ثَمَانِيَةً وَالْأُخْتُ أَرْبَعَةً وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ أُخْتٌ عَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ أُخْتَانِ فَأَكْثَرُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ السُّدُسَ؛ لِأَنَّهُ الْأَفْضَلُ لَهُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ الْبَاقِي لِحَجْبِ الْأُمِّ لِلسُّدُسِ بِعَدَدِ الْإِخْوَةِ (وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا) أَيْ الْأُخْتِ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ (أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ) اثْنَانِ فَأَكْثَرَ (سَقَطَ) الْأَخُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّ يَقُولُ لَهُ لَوْ كُنْتَ دُونِي لَمْ تَرِثْ شَيْئًا؛ لِأَنَّ الثُّلُثَ الْبَاقِيَ بَعْدَ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ يَأْخُذُهُ أَوْلَادُ الْأُمِّ، وَأَنَا أَحْجُبُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ فَيَأْخُذُ الْجَدُّ حِينَئِذٍ الثُّلُثَ وَحْدَهُ كَامِلًا وَتُسَمَّى هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ بِالْمَالِكِيَّةِ، وَقَالَ زَيْدٌ لِلْأَخِ لِلْأَبِ السُّدُسُ قِيلَ وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا إلَّا فِي هَذِهِ لَا يُقَالُ الْأَخُ لِلْأَبِ هُنَا سَاقِطٌ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ فَلَا مَعْنَى حِينَئِذٍ لِذِكْرِهِمْ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَكَرَهُمْ لِتَكُونَ هِيَ الْمَالِكِيَّةَ وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى مُخَالَفَةِ زَيْدٍ فِيهَا، وَأَمَّا شِبْهُ الْمَالِكِيَّةِ فَالْأَخُ فِيهَا شَقِيقٌ، وَهُوَ سَاقِطٌ أَيْضًا فَلَوْ حَذَفَ الْمُصَنِّفُ لِأَبٍ لَشَمَلَهَا، وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ شِبْهَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لِمَالِكٍ فِيهَا، وَإِنَّمَا أَلْحَقَهَا الْأَصْحَابُ بِالْمَالِكِيَّةِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ مِنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ أَعْقَبَهُ بِمَنْ يَرِثُ بِالتَّعْصِيبِ وَبِمَنْ يَرِثُ بِهِ تَارَةً وَبِالْفَرْضِ أُخْرَى وَبِمَنْ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا وَشَرَعَ فِي بَيَانِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَادِئًا بِتَعْرِيفِ الْعَاصِبِ فَقَالَ [دَرْسٌ](وَلِعَاصِبٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِوَارِثِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ لِتَفْسِيرِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» وَالْعَاصِبُ مِنْ الْعُصُوبَةِ وَهِيَ الْقُوَّةُ وَالشِّدَّةُ وَعَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ (وَرِثَ الْمَالَ) كُلَّهُ إذَا انْفَرَدَ (أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ الْفَرْضِ) وَقَدْ يَسْقُطُ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ كَمَا فِي بِنْتٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ وَأَخٍ لِأَبٍ فَقَوْلُهُ أَوْ الْبَاقِي أَيْ إنْ بَقِيَ شَيْءٌ، وَإِلَّا سَقَطَ وَشَمَلَ تَعْرِيفُهُ الْمُعْتِقَ وَبَيْتَ الْمَالِ بِخِلَافِ مَنْ ضَبَطَهُ بِأَنَّهُ كُلُّ ذَكَرٍ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ لَا بِوَاسِطَةِ أُنْثَى فَإِنَّهُ لَا يَشْمَلُ ابْنَ الْمُعْتِقَةِ وَنَحْوَهُ وَلَا بَيْتَ الْمَالِ إلَّا بِتَسَمُّحٍ وَكَلَامُهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْعَاصِبِ بِنَفْسِهِ لَا الْعَاصِبِ بِغَيْرِهِ وَلَا مَعَ غَيْرِهِ إذْ الْعُصُوبَةُ فِيهِمَا طَارِئَةٌ لَا أَصْلِيَّةٌ وَالْعَاصِبُ بِغَيْرِهِ هُوَ النِّسْوَةُ الْأَرْبَعَةُ ذَوَاتُ النِّصْفِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: الْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ) أَيْ؛ لِأَنَّ فِيهَا نِصْفًا وَثُلُثًا وَمُخْرَجُهُمَا مُتَبَايِنَانِ (قَوْلُهُ: يَأْخُذُ الْجَدُّ ثَمَانِيَةً وَالْأُخْتُ أَرْبَعَةً) وَبِهَا يُلْغَزُ وَيُقَالُ أَرْبَعَةٌ وَرِثُوا مَيِّتَةً، وَأَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَ الْمَالِ وَانْصَرَفَ، وَأَخَذَ الثَّانِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَانْصَرَفَ، وَأَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَانْصَرَفَ، وَأَخَذَ الرَّابِعُ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ: وَلِلْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ السُّدُسُ) الْحَاصِلُ أَنَّ أَصْلَ الْمَسْأَلَةِ سِتَّةٌ؛ لِأَنَّ فِيهَا سُدُسًا لِلْأُمِّ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ، وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ، وَلِلْأُخْتَيْنِ مَا بَقِيَ، وَهُوَ السُّدُسُ، وَلَا يُعَالُ لَهُمَا بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَقِيَ لَهُمَا مِنْ الْمَالِ بَقِيَّةٌ وَتَنْقَسِمُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ قَالَ الْفَاكِهَانِيُّ: وَهُنَا إشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الْأُخْتَيْنِ فَأَكْثَرَ إذَا أَخَذْنَ السُّدُسَ فَعَلَى أَيِّ وَجْهٍ يَأْخُذْنَهُ لَا جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا؛ لِأَنَّ فَرْضَهُمَا الثُّلُثَانِ، وَلَا تَعْصِيبًا؛ لِأَنَّ الْجَدَّ لَا يُعَصِّبُهُمَا هُنَا إذْ هُوَ صَاحِبُ فَرْضٍ، وَصَاحِبُ الْفَرْضِ لَا يُعَصِّبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِنْتًا مَعَ أُخْتٍ أَوْ أَخَوَاتٍ عَلَى أَنْ أَخْذَهُمَا لَهُ لَوْ كَانَ تَعْصِيبًا فَيُشْكِلُ فِيمَا إذَا زَادَ عَدَدُ الْأَخَوَاتِ عَلَى اثْنَتَيْنِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ مَحَلُّهَا) أَيْ بَدَلُهَا أَخٌ لِأَبٍ وَمَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ أَيْ بِأَنْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجٍ وَأُمٍّ وَجَدٍّ وَأَخٍ لِأَبٍ، وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ فَالْمَسْأَلَةُ مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ نِصْفُهَا ثَلَاثَةٌ، وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَالثُّلُثُ الْبَاقِي لِلْجَدِّ، وَلَا شَيْءَ لِلْأَخِ لِلْأَبِ.
(تَنْبِيهٌ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ سُقُوطِ الْأَخِ لِلْأَبِ بِالْجَدِّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ وَقَالَ ح هُوَ الْمَشْهُورُ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ الصَّوَابُ أَنْ يَرِثُوا مَعَ الْجَدِّ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مِنْ حُجَّتِهِمْ أَنْ يَقُولُوا لَهُ أَنْتَ لَا تَسْتَحِقُّ شَيْئًا مِنْ الْمِيرَاثِ إلَّا إذَا شَارَكْنَاك فِيهِ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُخَالِفْ مَالِكٌ زَيْدًا) أَيْ وَحْدَهُ وَمَا سَبَقَ فِي الْجَدَّةِ أُمِّ الْجَدِّ فَالْمُخَالَفَةُ لِزَيْدٍ وَغَيْرِهِ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ قَوْلُ زَيْدٍ بِتَوْرِيثِهَا كَذَا ذَكَرَ بَعْضُهُمْ لَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ حِكَايَةَ هَذَا الْقَوْلِ بِقِيلَ يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ إخْوَةٌ لِأُمٍّ تَأْخُذُ الْأُمُّ الثُّلُثَ وَالزَّوْجُ النِّصْفَ وَالْبَاقِي سُدُسٌ يَأْخُذُهُ الْجَدُّ فَرْضًا، وَلَا يُعَالُ لِلْأَخِ؛ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ فَيَسْقُطُ لِاسْتِغْرَاقِ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ التَّرِكَةَ
قَوْلُهُ: فَمَا «أَبْقَتْ الْوَرَثَةُ» أَيْ فَمَا أَبْقَتْهُ الْوَرَثَةُ زَائِدًا عَلَى فُرُوضِهِمْ قَوْلُهُ: «فَلِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ» أَيْ فَلِأَقْرَبِ رَجُلٍ ذَكَرٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْعَاصِبُ وَفَائِدَةُ وَصْفِ الرَّجُلِ بِالذَّكَرِ التَّنْبِيهُ عَلَى سَبَبِ اسْتِحْقَاقِهِ، وَهُوَ الذُّكُورَةُ الَّتِي هِيَ سَبَبُ الْعُصُوبَةِ وَالتَّرْجِيحُ عَلَى الْأُنْثَى، وَلِذَا جَعَلَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (قَوْلُهُ: لَا يَشْمَلُ ابْنَ الْمُعْتَقَةِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ بِوَاسِطَةِ أُنْثَى
إذَا اجْتَمَعَ كُلٌّ مَعَ أَخِيهِ وَالْعَاصِبُ مَعَ غَيْرِهِ هُوَ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ أَوْ لِأَبٍ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَإِذَا قِيلَ عَاصِبٌ بِغَيْرِهِ فَالْغَيْرُ عَاصِبٌ، وَإِذَا قِيلَ عَاصِبٌ مَعَ غَيْرِهِ فَالْغَيْرُ لَيْسَ بِعَاصِبٍ.
وَلَمَّا بَيَّنَ الْعَاصِبَ بِالْحَدِّ بَيَّنَهُ بِالْعَدِّ فَقَالَ (وَهُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ) ، وَإِنْ سَفَلَ وَالْأَقْرَبُ مِنْ ابْنِ الِابْنِ يَحْجُبُ الْأَبْعَدَ، وَأَشَارَ بِثُمَّ فِي هَذَا وَمَا بَعْدَهُ إلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا مُؤَخَّرٌ فِي الرُّتْبَةِ عَمَّا قَبْلَهَا وَلَا يَرِثُ مَعَ الِابْنِ أَوْ ابْنِ الِابْنِ مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ إلَّا الْأَبُ فَلَهُ مَعَهُ السُّدُسُ، وَإِلَّا الْأُمَّ أَوْ الْجَدَّةَ، وَإِلَّا الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ (وَعَصَّبَ كُلٌّ) مِنْ الِابْنِ أَوْ ابْنِهِ (أُخْتَهُ) وَلَوْ حُكْمًا كَابْنِ ابْنٍ مَعَ بِنْتِ عَمِّهِ الْمُسَاوِيَةِ لَهُ فِي الرُّتْبَةِ فَإِنَّهُ أَخُوهَا حُكْمًا وَكَذَا يُعَصِّبُ ابْنُ الِابْنِ النَّازِلُ بِنْتَ الِابْنِ الْأَعْلَى مِنْهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا شَيْءٌ فِي الثُّلُثَيْنِ كَبِنْتَيْنِ وَبِنْتِ ابْنٍ وَابْنِ ابْنِ ابْنٍ فَلَوْلَا هُوَ لَمْ تَرِثْ بِنْتُ الِابْنِ شَيْئًا كَمَا تَقَدَّمَ وَتُسَمَّى الْبِنْتُ أَوْ بِنْتُ الِابْنِ حِينَئِذٍ عَصَبَةً بِالْغَيْرِ كَمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ الْأَبُ) عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ أَوْ ابْنِهِ، وَأَمَّا مَعَهُ فَيَرِثُ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ.
(ثُمَّ الْجَدُّ) ، وَإِنْ عَلَا فِي حَالِ عَدَمِ الْأَبِ وَيَحْجُبُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ (وَالْإِخْوَةُ) وَعَطَفَهُمْ بِالْوَاوِ عَلَى الْجَدِّ؛ لِأَنَّهُمْ فِي رُتْبَتِهِ وَلَمَّا كَانَ يُوهِمُ التَّسَاوِيَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ قَالَ (كَمَا تَقَدَّمَ) أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ. وَلَمَّا كَانَ لِلْإِخْوَةِ رُتْبَتَانِ أَبْدَلَ مِنْهُمْ لِبَيَانِ التَّفْصِيلِ قَوْلَهُ (الشَّقِيقُ ثُمَّ الْأَبُ) عِنْدَ عَدَمِ الشَّقِيقِ فَقَوْلُهُ (وَهُوَ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ) مُسْتَغْنًى عَنْهُ لَكِنَّهُ ذَكَرَهُ لَيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ (إلَّا) فِي (الْحِمَارِيَّةِ) نِسْبَةٌ لِلْحِمَارِ (وَالْمُشْتَرَكَةِ) عَطْفُ مُرَادِفٍ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْحَجَرِيَّةَ وَالْيَمِّيَّةَ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا لِعُمَرَ رضي الله عنه هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَيْ الْبَحْرِ وَسُمِّيَتْ مُشْتَرَكَةً لِمُشَارَكَةِ الشَّقِيقِ فِيهَا الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ أَيْ فَلَيْسَ الْأَخُ لِلْأَبِ فِي الْحِمَارِيَّةِ كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ بَلْ يَسْقُطُ؛ لِأَنَّهُ عَاصِبٌ، وَالشَّقِيقُ فِيهَا وَرِثَ بِالْفَرْضِ تَبَعًا لِلْإِخْوَةِ لِأُمِّهِ، وَأَرْكَانُهَا أَرْبَعَةٌ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (زَوْجٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ) بَدَلُهَا (وَأَخَوَانِ) فَصَاعِدًا (لِأُمٍّ) لِيَكُونَ لَهُمَا الثُّلُثُ فَلَوْ انْفَرَدَ الْأَخُ لِلْأُمِّ لَأَخَذَ السُّدُسَ وَالْبَاقِي لِلْعَاصِبِ (وَشَقِيقٌ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَشِقَّاءِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى أَوْ هُمَا أَصْلُهَا مِنْ سِتَّةٍ لِلزَّوْجِ النِّصْفُ ثَلَاثَةٌ وَلِلْأُمِّ أَوْ الْجَدَّةِ السُّدُسُ وَاحِدٌ وَلِلْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ الثُّلُثُ اثْنَانِ (فَيُشَارِكُونَ) أَيْ الْأَشِقَّاءُ (الْإِخْوَةَ لِلْأُمِّ) فِي الثُّلُثِ (الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى) بِلَا مُفَاضَلَةٍ لِاشْتِرَاكِهِمْ فِي وِلَادَةِ الْأُمِّ وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ بِقِلَّتِهِمْ وَكَثْرَتِهِمْ وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ، وَإِلَى هَذَا رَجَعَ عُمَرُ فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ بَعْدَ أَنْ قَضَى فِيهَا أَوَّلَ عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ بِأَنْ لَا شَيْءَ لِلْأَشِقَّاءِ عَمَلًا بِمُقْتَضَى الْقَاعِدَةِ مِنْ سُقُوطِ الْعَاصِبِ إذَا اسْتَغْرَقَتْ الْفُرُوضُ التَّرِكَةَ فَقَالَ لَهُ الشَّقِيقُ مَا تَقَدَّمَ وَقِيلَ قَائِلُهُ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ فَقَضَى عُمَرُ بِالشَّرِكَةِ بَيْنَهُمْ فَلَوْ كَانَ مَكَانَ الشَّقِيقِ شَقِيقَةٌ فَقَطْ لَمْ تَكُنْ مُشْتَرَكَةً وَعِيلَ لَهَا بِالنِّصْفِ فَتَبْلُغُ تِسْعَةً بِالْعَوْلِ وَلَوْ كَانَ شَقِيقَتَانِ لَعِيلَ لَهُمَا بِالثُّلُثَيْنِ فَتَبْلُغُ عَشَرَةً، وَهِيَ غَايَةُ عَوْلِ السِّتَّةِ فَلَوْ كَانَ فِيهَا جَدٌّ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: إذْ اجْتَمَعَ كُلٌّ مَعَ أَخِيهِ) أَيْ، وَلَوْ حُكْمًا فَدَخَلَتْ الْأُخْتُ شَقِيقَةً أَوْ لِأَبٍ مَعَ الْجَدِّ فِي غَيْرِ الْأَكْدَرِيَّةِ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: إلَى أَنَّ مَا بَعْدَهَا) أَيْ مَا بَعْدَ ثُمَّ (قَوْلُهُ: مُؤَخَّرٌ فِي الرُّتْبَةِ عَمَّا قَبْلَهَا) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَمَا قَبْلَهَا يَحْجُبُ مَا بَعْدَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا الْأَبَ) أَيْ، وَكَذَلِكَ الْجَدُّ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا الْأُمَّ أَوْ الْجَدَّةَ) أَيْ فَإِنَّ لَهَا مَعَهُ السُّدُسَ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا الزَّوْجَ أَوْ الزَّوْجَةَ أَيْ فَإِنَّ لِلزَّوْجِ مَعَهُ الرُّبْعَ، وَلِلزَّوْجَةِ مَعَهُ الثُّمُنَ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَعَصَّبَ كُلٌّ أُخْتَهُ) لَا يُقَالُ هَذَا مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا: وَعَصَّبَ كُلًّا أَخٌ يُسَاوِيهَا؛ لِأَنَّهُ فِي تَعْصِيبِ الْأَخِ الشَّقِيقِ أَوْ لِأَبٍ لِأُخْتِهِ فَقَطْ أَوْ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ فِيمَا سَبَقَ بَيَانُ تَخْصِيصِ أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ النِّصْفَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مَنْ يُسَاوِيهَا، وَلَا مَنْ يُعَصِّبُهَا وَالْغَرَضُ هُنَا بَيَانُ أَنَّهَا عَصَبَةٌ بِالْغَيْرِ فَلَا تَكْرَارَ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَانِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ الِابْنِ وَابْنِهِ، وَإِلَّا وَرِثَ بِالْفَرْضِ لَا بِالتَّعْصِيبِ وَعِنْدَ عَدَمِ الْأَبِ، وَإِلَّا حُجِبَ حَجْبَ حِرْمَانٍ (قَوْلُهُ: وَيَحْجُبُ الْأَقْرَبُ الْأَبْعَدَ) أَيْ يَحْجُبُ الْأَقْرَبُ مِنْ الْأَجْدَادِ الْأَبْعَدَ مِنْهُمْ (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ) أَيْ عَطْفُ الْإِخْوَةِ عَلَى الْجَدِّ بِالْوَاوِ يُوهِمُ مُسَاوَاتَهُمْ لَهُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: لِبَيَانِ التَّفْصِيلِ) أَيْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ الشَّقِيقُ ثُمَّ لِلْأَبِ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ الْإِخْوَةُ بَدَلُ مُفَصَّلٍ مِنْ مُجْمَلٍ (قَوْلُهُ: إلَّا الْحِمَارِيَّةَ) أَيْ فَلَيْسَ الْأَخُ لِلْأَبِ فِيهَا كَالشَّقِيقِ عِنْدَ عَدَمِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخَ لِلْأَبِ يَسْقُطُ فِيهَا دُونَ الشَّقِيقِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ) أَيْ الْإِخْوَةَ الْأَشِقَّاءَ.
(قَوْلُهُ: لِاشْتِرَاكِهِمْ إلَخْ) أَيْ فَيَرِثُونَ هُنَا بِالْفَرْضِ لَا بِالْعُصُوبَةِ (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ التَّصْحِيحُ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَ الْإِخْوَةُ لِلْأُمِّ اثْنَيْنِ، وَالشَّقِيقُ وَاحِدًا صَحَّتْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَلَوْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ وَالْأَشِقَّاءِ اثْنَيْنِ صَحَّتْ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ، وَلَوْ كَانَ الْأَشِقَّاءُ ثَلَاثَةً وَاَلَّذِينَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ أَوْ بِالْعَكْسِ صَحَّتْ مِنْ ثَلَاثِينَ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ الْإِخْوَةُ لِلْأَبِ) أَيْ لَوْ كَانُوا بَدَلَ الْأَشِقَّاءِ (قَوْلُهُ: وَإِلَى هَذَا) أَيْ لِمُشَارَكَةِ الْأَشِقَّاءِ لِلْأُخُوَّةِ لِلْأُمِّ رَجَعَ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ لَهُ الشَّقِيقُ) أَيْ فَقَالَ الشَّقِيقُ لِعُمَرَ فِي ثَانِي عَامٍ مِنْ خِلَافَتِهِ هَؤُلَاءِ إنَّمَا وَرِثُوا بِأُمِّهِمْ، وَهِيَ أُمُّنَا هَبْ أَنَّ أَبَانَا كَانَ حِمَارًا أَوْ حَجَرًا مُلْقًى فِي الْيَمِّ أَلَيْسَتْ الْأُمُّ تَجْمَعُنَا فَأَشْرَكَ بَيْنَهُمْ فَقِيلَ لَهُ إنَّك قَضَيْت فِي عَامٍ أَوَّلَ بِخِلَافِ هَذَا فَقَالَ تِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا، وَهَذِهِ عَلَى مَا نَقْضِي، وَلَمْ يُنْقَضْ أَحَدُ الِاجْتِهَادَيْنِ بِالْآخَرِ (قَوْلُهُ: وَقِيلَ قَائِلُهُ) أَيْ الْقَوْلِ الْمُتَقَدِّمِ لِعُمَرَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ أَيْ، وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ
لَسَقَطَ جَمِيعُ الْإِخْوَةِ وَكَانَ مَا بَقِيَ بَعْدَ فَرْضِ الزَّوْجِ وَالْأُمِّ لِلْجَدِّ وَحْدَهُ وَهُوَ الثُّلُثُ لِسُقُوطِ الْإِخْوَةِ لِلْأُمِّ بِهِ وَالْأَشِقَّاءُ إنَّمَا يَرِثُونَ فِيهَا بِالْأُمِّ وَالْجَدُّ يُسْقِطُ كُلَّ مَنْ يَرِثُ بِالْأُمِّ وَتُلَقَّبُ حِينَئِذٍ بِشَبَهِ الْمَالِكِيَّةِ وَتَقَدَّمَتْ.
(وَأَسْقَطَهُ) أَيْ الْأَخَ لِلْأَبِ (أَيْضًا) أَيْ كَمَا سَقَطَ فِي الْحِمَارِيَّةِ الْأُخْتُ (الشَّقِيقَةُ الَّتِي) هِيَ (كَالْعَاصِبِ لِبِنْتٍ) أَيْ مَعَ بِنْتٍ فَأَكْثَرَ فَاللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ (أَوْ بِنْتِ ابْنِ فَأَكْثَرَ) فَإِذَا مَاتَ عَنْ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ فَأَكْثَرَ وَعَنْ أُخْتٍ شَقِيقَةٍ، وَأَخٍ لِأَبٍ سَقَطَ الْأَخُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَةَ مَعَ الْبَنَاتِ عَصَبَاتٌ فَلَوْ كَانَ الْأَخُ شَقِيقًا أَوْ كَانَتْ الْأُخْتُ لِأَبٍ لَعَصَّبَهَا أَخُوهَا الْمُسَاوِي لَهَا (ثُمَّ) يَلِي الْأَخَ الشَّقِيقَ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ (بَنُوهُمَا) وَيُنَزَّلُونَ مَنْزِلَةَ آبَائِهِمْ فَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ (ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ ثُمَّ) الْعَمُّ (لِلْأَبِ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ وَهَكَذَا وَالْأَخُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ وَعَصَبَةُ الِابْنِ عَلَى عَصَبَةِ الْأَبِ وَعَصَبَةُ الْأَبِ عَلَى عَصَبَةِ الْجَدِّ (وَإِنْ) كَانَ الْأَقْرَبُ (غَيْرَ شَقِيقٍ) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِلْأَبِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ وَابْنُ الْأَخِ لِلْأَبِ عَلَى الْعَمِّ، وَالْعَمُّ الشَّقِيقُ عَلَى الْعَمِّ لِلْأَبِ، وَهُوَ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ الشَّقِيقِ، وَهُوَ عَلَى ابْنِ الْعَمِّ لِأَبٍ وَهُوَ عَلَى عَمِّ الْأَبِ الشَّقِيقِ وَهُوَ عَلَى عَمِّ الْأَبِ لِأَبٍ، وَهَكَذَا كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي) فِي الْمَنْزِلَةِ كَالْإِخْوَةِ وَبَنِيهِمْ وَالْأَعْمَامِ وَبَنِيهِمْ، وَأَعْمَامِ الْأَبِ وَبَنِيهِمْ (الشَّقِيقُ) عَلَى غَيْرِهِ (مُطْلَقًا) أَيْ فِي جَمِيعِ الْمَرَاتِبِ فَالْأَخُ الشَّقِيقُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ وَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ.
وَهَكَذَا وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْجَعْبَرِيِّ: وَبِالْجِهَةِ التَّقْدِيمُ ثُمَّ بِقُرْبِهِ وَبَعْدَهُمَا التَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ اجْعَلَا فَجِهَةُ الْبُنُوَّةِ تُقَدَّمُ عَلَى جِهَةِ الْأُبُوَّةِ، وَجِهَةُ الْأُبُوَّةِ تُقَدَّمُ عَلَى جِهَةِ الْجُدُودَةِ وَالْأُخُوَّةِ ثُمَّ بَنُو الْإِخْوَةِ ثُمَّ الْعُمُومَةُ ثُمَّ بَنُو الْعُمُومَةِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ فَالتَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ يُقَدَّمَ الشَّقِيقُ مِنْ هَذِهِ الْجِهَاتِ عَلَى غَيْرِ الشَّقِيقِ (ثُمَّ) يَلِي عَصَبَةَ النَّسَبِ (الْمُعْتِقُ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (كَمَا تَقَدَّمَ) فِي بَابِ الْوَلَاءِ أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ هُنَاكَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
كَمَا فِي طَرْحِ التَّثْرِيبِ.
(قَوْلُهُ: لَسَقَطَ جَمِيعُ الْإِخْوَةِ) أَيْ الْأَشِقَّاءِ وَاَلَّذِينَ لِلْأُمِّ (قَوْلُهُ: فَاللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ) أَيْ أَوْ إنَّهَا لِلتَّعْلِيلِ مُتَعَلِّقَةٌ بِلَفْظِ الْعَاصِبِ (قَوْلُهُ: فَأَكْثَرَ) رَاجِعٌ لِلْبِنْتَيْنِ قَبْلَهُ أَيْ أَسْقَطَ الْأَخُ لِلْأَبِ الْأُخْتَ الشَّقِيقَةَ إذَا كَانَتْ مَعَ بِنْتٍ أَوْ مَعَ بَنَاتٍ لِلْمَيِّتِ أَوْ كَانَتْ مَعَ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ مَعَ بَنَاتِ ابْنٍ لِلْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: فَابْنُ الْأَخِ الشَّقِيقِ يُقَدَّمُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ لِلْأَبِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ تَنْزِيلَ أَبْنَاءِ الْإِخْوَةِ مَنْزِلَةَ آبَائِهِمْ إنَّمَا هُوَ فِي أَصْلِ التَّعْصِيبِ لَا فِيمَا يَأْخُذُونَهُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا مَاتَ شَقِيقَانِ أَوْ لِأَبٍ أَحَدُهُمَا عَنْ وَلَدٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ عَنْ خَمْسَةٍ ثُمَّ مَاتَ جَدُّهُمْ عَنْ مَالٍ فَإِنَّهُمْ يَقْتَسِمُونَهُ عَلَى سِتَّةِ أَسْهُمٍ بِالسَّوَاءِ لِاسْتِوَاءِ رُتْبَتِهِمْ، وَلَا يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا مَا كَانَ يَرِثُهُ أَبُوهُ؛ لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يَرِثَانِ بِأَنْفُسِهِمَا لَا بِآبَائِهِمَا قَالَ تت وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي عَصْرِنَا فَأَفْتَى فِيهَا قَاضِي قُضَاةِ الْحَنَفِيَّةِ نَاصِرُ الدِّينِ الْإِخْمِيمِيُّ بِأَنَّهُ يَرِثُ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا مَا كَانَ لِأَبِيهِ فَيُقْسَمُ الْمَالُ نِصْفَيْنِ وَغَلَّطَهُ فِي ذَلِكَ الْعَلَّامَةُ بَدْرُ الدِّينِ سَبْطٌ الْمَارْدِينِيُّ وَشَنَّعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: ثُمَّ الْعَمُّ الشَّقِيقُ) أَيْ ثُمَّ عَمُّ الْمَيِّت الشَّقِيقُ، وَهُوَ أَخُو أَبِيهِ شَقِيقُهُ وَقَوْلُهُ ثُمَّ الْعَمُّ لِلْأَبِ أَيْ ثُمَّ عَمُّ الْمَيِّتِ لِلْأَبِ، وَهُوَ أَخُو أَبِيهِ لِأَبِيهِ (قَوْلُهُ: ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ) ظَاهِرُهُ ثُمَّ عَمُّ جَدِّ الْمَيِّتِ فَيَقْتَضِي أَنَّ رُتْبَتَهُ بَعْدَ رُتْبَةِ عَمِّ الْمَيِّتِ لِأَبِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُولَ ثُمَّ بَنُوهُمَا ثُمَّ عَمُّ الْأَبِ ثُمَّ عَمُّ الْجَدِّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) أَيْ وَيُقَدَّمُ الْأَقْرَبُ مِمَّنْ ذُكِرَ مِنْ بَنِي الِابْنِ وَمِنْ بَنِي الْإِخْوَةِ وَمِنْ بَنِي الْأَعْمَامِ فَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى ابْنِ الِابْنِ) الْأَوْلَى فَيُقَدَّمُ ابْنُ الِابْنِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: وَالْأَخُ عَلَى ابْنِ الْأَخِ) الْأَوْلَى وَابْنُ الْأَخِ عَلَى ابْنِ ابْنِ الْأَخِ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مُسْتَفَادٌ مِنْ تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِثُمَّ لَا مِنْ قَوْلِهِ وَقُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (قَوْلُهُ: وَعَصَبَةُ الِابْنِ) كَبَنِيهِ وَبَنِي بَنِيهِ، وَإِنْ سَفَلُوا وَقَوْلُهُ عَلَى عَصَبَةِ الْأَبِ، وَهُمْ إخْوَتُهُ، وَأَبُوهُ وَقَوْلُهُ عَلَى عَصَبَةِ الْجَدِّ أَيْ، وَهُمْ الْأَعْمَامُ، وَأَبُو الْجَدِّ، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ قَوْلِهِ وَتُقَدَّمُ عَصَبَةُ الِابْنِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْجَدُّ وَالْإِخْوَةُ إلَخْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) دَخَلَ فِي الْإِطْلَاقِ الْإِرْثُ بِالْفَرْضِ وَالْإِرْثُ بِالتَّعْصِيبِ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْأَخِ الشَّقِيقِ عَلَى الْأُخْتِ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: فَالْأَخُ الشَّقِيقُ يُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ) أَيْ، وَهُوَ الْأَخُ لِلْأَبِ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ؛ لِأَنَّ الشَّقِيقَ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ بِقَرَابَتَيْنِ وَاَلَّذِي لِلْأَبِ يُدْلِي لِلْمَيِّتِ بِقَرَابَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ) أَيْ فَإِذَا اجْتَمَعَ شَخْصَانِ مِنْ جِهَةٍ كَابْنٍ وَابْنِ ابْنٍ أَوْ ابْنِ أَخٍ وَابْنِ ابْنِ أَخٍ أَوْ ابْنِ عَمٍّ وَابْنِ ابْنِ عَمٍّ فَيُقَدَّمُ بِالْقُرْبِ كَمَا أَشَارَ لَهُ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ) أَيْ بِأَنْ اجْتَمَعَ شَخْصَانِ مِنْ جِهَةٍ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ كَأَخَوَيْنِ شَقِيقٍ وَلِأَبٍ، وَكَابْنِ أَخٍ شَقِيقٍ وَابْنِ أَخٍ لِأَبٍ، وَكَعَمٍّ شَقِيقٍ وَعَمٍّ لِأَبٍ، وَكَابْنَيْ عَمٍّ كَذَلِكَ فَالتَّقْدِيمُ بِالْقُوَّةِ وَقَدْ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ لِلتَّقْدِيمِ بِالْجِهَةِ بِقَوْلِهِ، وَهُوَ ابْنٌ ثُمَّ ابْنُهُ إلَخْ، وَلِلتَّقْدِيمِ بِالْقُرْبِ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ، وَلِلتَّقْدِيمِ بِالْقُوَّةِ بِقَوْلِهِ وَقُدِّمَ مَعَ التَّسَاوِي الشَّقِيقُ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: أَيْ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ هُنَاكَ) أَيْ مِنْ تَأْخِيرِ
(ثُمَّ) يَلِيهِ (بَيْتُ الْمَالِ) ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُنْتَظِمًا وَحَسَبَهُ رَبُّهُ فَيَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَالِ إنْ انْفَرَدَ أَوْ الْبَاقِي بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ (وَلَا يُرَدُّ) عَلَى ذَوِي السِّهَامِ عِنْدَ عَدَمِ الْعَاصِبِ بَلْ يُدْفَعُ الْبَاقِي لِبَيْتِ الْمَالِ وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ عَلَى كُلِّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا وَرِثَ سِوَى الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمَا إجْمَاعًا (وَلَا يُدْفَعُ) مَا فَضَلَ عَنْ ذَوِي السِّهَامِ إذَا لَمْ يُوجَدْ عَاصِبٌ مِنْ النَّسَبِ أَوْ الْوَلَاءِ (لِذَوِي الْأَرْحَامِ) بَلْ مَا فَضَلَ لِبَيْتِ الْمَالِ كَمَا إذَا لَمْ يُوجَدْ ذُو فَرْضٍ وَلَا عَاصِبٌ وَقَيَّدَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا ذَلِكَ بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا، وَإِلَّا فَيُرَدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ، وَهَذَا الْقَيْدُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمُرَادُ بِذَوِي الْأَرْحَامِ مَنْ لَا يَرِثُ مِنْ الْأَقَارِبِ كَالْعَمَّةِ وَبَنَاتِ الْأَخِ وَكُلُّ جَدَّةٍ أَدْلَتْ بِأُنْثَى وَالْخَالَاتُ، وَأَوْلَادُ الْجَمِيعِ وَتَفْصِيلُ ذَلِكَ يُطْلَبُ مِنْ الْمُطَوَّلَاتِ.
وَلَمَّا ذَكَرَ مَنْ يَرِثُ بِالْفَرْضِ فَقَطْ وَبِالتَّعْصِيبِ فَقَطْ ذَكَرَ مَنْ يَرِثُ بِهِمَا فَقَالَ (وَيَرِثُ بِفَرْضٍ وَعُصُوبَةٍ) مَعًا أَشْخَاصٌ صَرَّحَ مِنْهَا بِثَلَاثَةٍ. الْأَوَّلُ (الْأَبُ) مَعَ بِنْتٍ أَوْ بِنْتِ ابْنٍ أَوْ بِنْتَيْنِ فَصَاعِدًا فَيُفْرَضُ لَهُ السُّدُسُ مَعَ مَنْ ذُكِرَ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا، وَأَشَارَ لِلثَّانِي بِقَوْلِهِ (ثُمَّ الْجَدُّ مَعَ بِنْتٍ) أَوْ بِنْتِ ابْنٍ (وَإِنْ سَفَلَتْ) أَيْ أَوْ ابْنَتَيْنِ أَوْ بَنِي ابْنٍ كَذَلِكَ فَهُوَ كَالْأَبِ، وَأَشَارَ لِلثَّالِثِ بِقَوْلِهِ (كَابْنِ عَمٍّ أَخٍ لِأُمٍّ) فَيَرِثُ بَعْدَ السُّدُسِ بِبُنُوَّةِ الْأُمِّ مَا بَقِيَ بِالتَّعْصِيبِ، وَأَدْخَلَ بِالْكَافِ ابْنَ عَمٍّ هُوَ زَوْجٌ وَمُعْتَقًا هُوَ زَوْجٌ فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَأْخُذُ فَرْضَهُ وَالْبَاقِيَ تَعْصِيبًا ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَجْتَمِعُ فِيهِ فَرْضَانِ وَبَيَانُ مَا يَرِثُ بِهِ مِنْهُمَا فَقَالَ (وَوَرِثَ ذُو فَرْضَيْنِ بِالْأَقْوَى) مِنْهُمَا (، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ) إذْ هُوَ يَقَعُ فِي الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ وَيَقَعُ فِي الْمَجُوسِيَّةِ كَثِيرًا عَمْدًا (كَأُمٍّ) هِيَ أُخْتٌ (أَوْ بِنْتٍ) هِيَ (أُخْتٌ) وَالْقُوَّةُ تَقَعُ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ الْأَوَّلُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا لَا تُحْجَبُ بِخِلَافِ الْأُخْرَى وَذَلِكَ كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّ الْأُمَّ لَا تُحْجَبْ وَالْأُخْتَ قَدْ تُحْجَبُ وَكَذَا الْبِنْتُ لَا تُحْجَبُ وَالْأُخْتُ قَدْ تُحْجَبُ مِثَالُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمُعْتِقِ عَنْ عَصَبَةِ الْقَرَابَةِ، وَأَنَّهُ إنْ عُدِمَ الْمُعْتِقُ فَعَصَبَتُهُ فَإِنْ عُدِمَتْ عَصَبَتُهُ فَمُعْتِقُهُ فَإِنْ عُدِمَ مُعْتِقُهُ فَعَصَبَةُ مُعْتِقِ الْمُعْتِقِ إلَى حَيْثُ تَنْتَهِي (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَلِيهِ بَيْتُ الْمَالِ) أَيْ ثُمَّ يَلِيهِ فِي الْإِرْثِ بِالْعُصُوبَةِ بَيْتُ الْمَالِ الَّذِي لِوَطَنِهِ مَاتَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ مِنْ الْبِلَادِ كَانَ مَالُهُ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَمَا فِي ح وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَطَنٌ هَلْ الْمُعْتَبَرُ مَحَلُّ الْمَالِ أَوْ الْمَيِّتِ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ بَيْتَ الْمَالِ عَاصِبٌ فَهُوَ كَوَارِثٍ ثَابِتِ النَّسَبِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ كَانَ مُنْتَظِمًا أَوْ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ، وَقِيلَ إنَّهُ حَائِزٌ لِلْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ لَا وَارِثٌ، وَهُوَ شَاذٌّ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يُوصِيَ بِجَمِيعِ مَالِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ مِنْ النَّسَبِ لَا عَلَى الْأَوَّلِ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا يَجُوزُ الْإِقْرَارُ بِوَارِثٍ، وَلَيْسَ ثَمَّ وَارِثٌ ثَابِتٌ لَا عَلَى الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بَلْ يُدْفَعُ الْبَاقِي) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ ذَوِي الْفُرُوضِ لِبَيْتِ الْمَالِ أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْعَصَبَةِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ عَلِيٌّ يُرَدُّ إلَخْ) أَيْ وَتُجْعَلُ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ عَدَدِ مَا فِيهَا مِنْ السِّهَامِ فَإِذَا مَاتَ عَنْ أُمٍّ وَبِنْتٍ كَانَتْ مَسْأَلَةُ الرَّدِّ مِنْ أَرْبَعَةٍ لِلْأُمِّ الرُّبْعُ، وَلِلْبِنْتِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعٍ وَمَسَائِلُ الرَّدِّ لِلَّتِي لَا زَوْجَ فِيهَا كُلُّهَا مُقْتَطَعَةٌ مِنْ سِتَّةٍ كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي كُتُبِ عِلْمِ الْفَرَائِضِ (قَوْلُهُ: وَقَيَّدَ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا ذَلِكَ) أَيْ عَدَمَ الرَّدِّ وَعَدَمَ الدَّفْعِ لِذَوِي الْأَرْحَامِ (قَوْلُهُ: بِمَا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا) أَيْ يَصْرِفُ بَيْتَ الْمَالِ فِي مَصَارِفِهِ الشَّرْعِيَّةِ (قَوْلُهُ: وَيُدْفَعُ لِذَوِي الْأَرْحَامِ) أَيْ إنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ ذُو سِهَامٍ يُرَدُّ عَلَيْهِمْ فَالرَّدُّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ مُقَدَّمٌ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا الْقَيْدُ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ) وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنْ الطُّرْطُوشِيِّ وَعَنْ الْبَاجِيَّ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ رُشْدٍ وَابْنِ عَسَاكِرَ فِي الْعُمْدَةِ وَالْإِرْشَادِ وَقَالَهُ ابْنُ نَاجِيٍّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ سُلَيْمَانَ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ عَنْ عُيُونِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ حُكِيَ اتِّفَاقُ شُيُوخِ الْمَذْهَبِ بَعْدَ الْمِائَتَيْنِ عَلَى تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ وَالرَّدِّ عَلَى ذَوِي السِّهَامِ لِعَدَمِ انْتِظَامِ بَيْتِ الْمَالِ وَقِيلَ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُنْتَظِمٍ يُتَصَدَّقُ بِالْمَالِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ لَا عَنْ الْمَيِّتِ، وَهُوَ كَمَا فِي بْن لِابْنِ الْقَاسِمِ وَالْقِيَاسُ صَرْفُهُ فِي مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ إنْ أَمْكَنَ، وَإِنْ كَانَ ذَوُو رَحِمِ الْمَيِّتِ مِنْ جُمْلَةِ مَصَارِيفِ بَيْتِ الْمَالِ فَهُوَ أَوْلَى.
وَاعْلَمْ أَنَّ فِي كَيْفِيَّةِ تَوْرِيثِ ذَوِي الْأَرْحَامِ مَذَاهِبَ أَصَحُّهَا مَذْهَبُ أَهْلِ التَّنْزِيلِ وَحَاصِلُهُ أَنْ نُنْزِلَهُمْ مَنْزِلَةَ مَنْ أَدْلَوْا بِهِ لِلْمَيِّتِ دَرَجَةً دَرَجَةً فَيُقَدَّمُ السَّابِقُ لِلْمَيِّتِ فَإِنْ اسْتَوَوْا فَاجْعَلْ الْمَسْأَلَةَ لِمَنْ أَدْلَوْا بِهِ كَمَا سَبَقَ ثُمَّ لِكُلٍّ نَصِيبُ مَنْ أَدْلَى بِهِ كَأَنْ مَاتَ عَنْهُ إلَّا أَوْلَادَ وَلَدِ الْأُمِّ يَسْتَوُونَ، وَإِلَّا أَخْوَالَ إخْوَةِ الْأُمِّ مِنْ أُمِّهَا فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ
(قَوْلُهُ: ثُمَّ الْجَدُّ) ثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ الْإِخْبَارِيِّ، وَإِلَّا فَلَا مَحَلَّ لَثُمَّ؛ لِأَنَّ الْأَحْكَامَ لَا تَرْتِيبَ فِيهَا (قَوْلُهُ: كَابْنِ عَمٍّ إلَخْ) أَشْعَرَ إفْرَادُهُ ابْنَ الْعَمِّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ابْنَا عَمٍّ أَحَدُهُمَا أَخٌ لِأُمٍّ فَالسُّدُسُ لِلْأَخِ لِلْأُمِّ ثُمَّ يُقْسَمُ مَا بَقِيَ نِصْفَيْنِ بَيْنَهُمَا عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ أَشْهَبُ يَأْخُذُ الْأَخُ لِلْأُمِّ جَمِيعَ الْمَالِ كَالشَّقِيقِ مَعَ الْأَخِ لِلْأَبِ (قَوْلُهُ: أَخٍ لِأُمٍّ) بِجَرِّ أَخٍ بَدَلًا مِنْ ابْنِ عَمٍّ وَيَصِحُّ رَفْعُهُ خَبَرَ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ أَخٌ لِأُمٍّ (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي) أَيْ وَيَأْخُذُ الْبَاقِيَ تَعْصِيبًا حَيْثُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي التَّعْصِيبِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ اتَّفَقَ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا اتَّفَقَ ذَلِكَ فِي الْمَجُوسِ بَلْ، وَإِنْ اتَّفَقَ فِي الْمُسْلِمِينَ وَحَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ اجْتَمَعَ
أَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ ابْنَتَهُ عَمْدًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا ثُمَّ أَسْلَمَ مَعَهُمَا وَمَاتَ فَالْبِنْتُ الصُّغْرَى بِنْتُ الْكُبْرَى وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا فَإِذَا مَاتَتْ الْكُبْرَى بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهَا وَرِثَتْهَا الصُّغْرَى بِأَقْوَى السَّبَبَيْنِ وَهُوَ الْبُنُوَّةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ بِخِلَافِ الْأُخُوَّةِ فَلَهَا النِّصْفُ بِالْبُنُوَّةِ وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْأُخُوَّةِ، وَمَنْ وَرَّثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ جَعَلَ لَهَا النِّصْفَ بِالْبُنُوَّةِ وَالْبَاقِيَ بِالتَّعْصِيبِ وَلَوْ مَاتَتْ الصُّغْرَى أَوَّلًا وَرِثَتْهَا الْكُبْرَى بِالْأُمُومَةِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَسْقُطُ بِحَالٍ وَالْأُخْتُ لِلْأَبِ قَدْ تَسْقُطُ فَلَهَا الثُّلُثُ بِكَوْنِهَا أُمًّا وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْأُخُوَّةِ. الثَّانِي أَنْ تَحْجُبَ إحْدَاهُمَا الْأُخْرَى فَالْحَاجِبَةُ أَقْوَى كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ فَتَلِدُ مِنْهُ وَلَدًا فَهِيَ أُمُّهُ وَجَدَّتُهُ أُمُّ أَبِيهِ فَتَرِثُهُ بِالْأُمُومَةِ اتِّفَاقًا.
الثَّالِثُ أَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا أَقَلَّ حَجْبًا مِنْ الْأُخْرَى كَأُمِّ أُمٍّ هِيَ أُخْتٌ لِأَبٍ كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ فَتَلِدُ بِنْتًا ثُمَّ يَطَأَ الثَّانِيَةَ فَتَلِدُ بِنْتًا ثُمَّ تَمُوتُ الصُّغْرَى عَنْ الْعُلْيَا بَعْدَ مَوْتِ الْوُسْطَى وَالْأَبِ فَالْكُبْرَى جَدَّتُهَا وَأُخْتُهَا لِأَبِيهَا فَتَرِثُهَا بِالْجُدُودَةِ فَلَهَا السُّدُسُ دُونَ الْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ الْجَدَّةَ أُمُّ الْأُمِّ تَحْجُبُهَا الْأُمُّ فَقَطْ وَالْأُخْتُ تُحْجَبُ بِجَمَاعَةٍ كَالْأَبِ وَالِابْنِ وَابْنِ الِابْنِ وَقِيلَ تَرِثُ بِالْأُخْتِيَّةِ؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْأُخْتِ أَكْثَرُ فَلَوْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِالْقَوِيَّةِ لَوَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ كَأَنْ تَمُوتَ الصُّغْرَى فِي هَذَا الْمِثَالِ عَنْ الْعُلْيَا وَالْوُسْطَى فَتَرِثُهَا الْوُسْطَى بِالْأُمُومَةِ الثُّلُثَ وَتَرِثُهَا الْعُلْيَا بِالْأُخُوَّةِ النِّصْفَ؛ لِأَنَّهَا مَحْجُوبَةٌ مِنْ جِهَةِ الْجُدُودَةِ بِالْأُمِّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ الْأَلْغَازِ يُقَالُ مَاتَتْ امْرَأَةٌ عَنْ أُمِّهَا وَجَدَّتِهَا فَأَخَذَتْ الْأُمُّ الثُّلُثَ وَالْجَدَّةُ النِّصْفَ وَمَفْهُومُ (ذُو فَرْضَيْنِ) مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ؛ لِأَنَّ الْعَاصِبَ بِجِهَتَيْنِ يَرِثُ بِأَقْوَاهُمَا أَيْضًا كَأَخٍ أَوْ عَمٍّ هُوَ مُعْتِقٌ فَيَرِثُ بِعُصُوبَةِ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى مِنْ عُصُوبَةِ الْوَلَاءِ (وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ) يَعْنِي الصُّلْحِيَّ (الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ) أَيْ إجْمَالًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ لَا يَحِلُّ لَنَا تَمَلُّكُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بَلْ يَكُونُ (لِأَهْلِ دِينِهِ) النَّصَارَى إنْ كَانَ نَصْرَانِيًّا أَوْ الْيَهُودِ إنْ كَانَ يَهُودِيًّا لَا مُطْلَقًا بَلْ (مِنْ كُورَتِهِ) بِضَمِّ الْكَافِ أَيْ جَمَاعَتِهِ الْمُؤَدِّي مَعَهُمْ الْجِزْيَةَ أَوْ قَرْيَتِهِ الْمُؤَدِّيهَا مَعَهُمْ أَوْ أَهْلِ إقْلِيمِهِ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَاحْتَرَزَ بِالْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ عَنْ الْحَرْبِيِّ فَلِلْمُسْلِمِينَ كَالْعَنْوِيِّ وَالصُّلْحِيِّ إذَا وَقَعَتْ عَلَيْهِمْ الْجِزْيَةُ مُفَرَّقَةً عَلَى الْجَمَاجِمِ وَاحْتَرَزَ بِالْحُرِّ عَنْ الْعَبْدِ فَمَالُهُ لِسَيِّدِهِ مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا
(وَالْأُصُولُ) أَيْ أُصُولُ مَسَائِلِ الْفَرَائِضِ وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْعَدَدُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ صَحِيحًا سَبْعَةٌ الِاثْنَانِ وَضِعْفُهُمَا وَضِعْفُ ضِعْفِهِمَا، وَالثَّلَاثَةُ وَضِعْفُهَا وَضِعْفُ ضِعْفِهَا وَهُوَ الِاثْنَا عَشَرَ وَضِعْفُ ضِعْفِ ضِعْفِهَا وَهُوَ أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ وَقَدْ أَشَارَ لِبَيَانِهَا مُفَصَّلَةً بِقَوْلِهِ (اثْنَانِ، وَأَرْبَعَةٌ) ضِعْفُهُمَا (وَثَمَانِيَةٌ) ضِعْفُ الْأَرْبَعَةِ (وَثَلَاثَةٌ وَسِتَّةٌ) ضِعْفُ الثَّلَاثَةِ وَهَذِهِ الْأُصُولُ الْخَمْسَةُ هِيَ مَخَارِجُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
فِيهِ جِهَتَانِ يَرِثُ بِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرْضًا، وَإِحْدَاهُمَا أَقْوَى فَإِنَّهُ يَرِثُ بِالْأَقْوَى مِنْهُمَا، وَهَذَا يَتَّفِقُ فِي الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَجْهِ الْغَلَطِ تَزَوُّجًا أَوْ وَطْئًا وَفِي الْمَجُوسِ عَلَى وَجْهِ الْعَمْدِ.
(قَوْلُهُ: أَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ ابْنَتَهُ عَمْدًا) أَيْ أَوْ يَطَأَ مُسْلِمٌ ابْنَتَهُ غَلَطًا فَوَلَدَتْ مِنْهُ بِنْتًا إلَخْ (قَوْلُهُ: وَالْبَاقِي بِالتَّعْصِيبِ) أَيْ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْأُخْتَ مَعَ الْبِنْتِ عَصَبَةٌ (قَوْلُهُ: وَلَا شَيْءَ لَهَا بِالْإِخْوَةِ) أَيْ وَمَنْ وَرَّثَهَا بِالْجِهَتَيْنِ قَالَ لَهَا النِّصْفُ بِالْأُخُوَّةِ، وَالثُّلُثُ بِالْأُمُومَةِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ أُمَّهُ) أَيْ عَمْدًا أَوْ يَطَأَ مُسْلِمٌ أُمَّهُ غَلَطًا (قَوْلُهُ: فَتَرِثُهُ بِالْأُمُومَةِ) أَيْ، وَلَا تَرِثُهُ بِالْجُدُودَةِ اتِّفَاقًا لِمَا مَرَّ أَنَّ الْإِرْثَ بِالْجُدُودَةِ لَا يَكُونُ مَعَ الْأُمُومَةِ.
(قَوْلُهُ: كَأَنْ يَطَأَ مَجُوسِيٌّ بِنْتَهُ) أَيْ أَوْ يَطَأَ مُسْلِمٌ بِنْتَهُ غَلَطًا (قَوْلُهُ: فَالْكُبْرَى جَدَّتُهَا) أَيْ أُمُّ أُمِّهَا (قَوْلُهُ: دُونَ الْأُخْتِيَّةِ) أَيْ فَلَا تَرِثُ بِهَا (قَوْلُهُ: فَلَوْ كَانَتْ مَحْجُوبَةً بِالْقَوِيَّةِ) الْأَوْلَى فَلَوْ كَانَتْ الْقَوِيَّةُ مَحْجُوبَةً وَرِثَتْ بِالضَّعِيفَةِ (قَوْلُهُ: وَمَالُ الْكِتَابِيِّ إلَخْ) لَا مَفْهُومَ لِلْكِتَابِيِّ بَلْ الْمَجُوسِيُّ كَذَلِكَ كَمَا فِي بْن عَنْ ابْنِ مَرْزُوقٍ (قَوْلُهُ: يَعْنِي الصُّلْحِيَّ إلَخْ) حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا عَلَى الصُّلْحِيِّ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَكْرَارٌ مَعَ مَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ الْجِزْيَةِ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْعَنْوِيِّ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَمْشِيَةً عَلَى ضَعِيفٍ إذْ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ مَالَ الْعَنْوِيِّ إذَا مَاتَ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ مَعَهُ وَارِثٌ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْجِزْيَةُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَيْهِمْ مُجْمَلَةً أَوْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ أَوْ الرِّقَابِ لَا أَنَّهُ لِأَهْلِ دِينِهِ كَمَا قِيلَ.
(قَوْلُهُ: الْحُرِّ) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ: الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ مِنْ الْكُفَّارِ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ) أَيْ الصُّلْحِيَّةِ حَالَةَ كَوْنِهَا مُجْمَلَةً عَلَى الْأَرْضِ وَالرِّقَابِ وَالْمَيِّتُ عِنْدَنَا بِلَا وَارِثٍ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مَعَهُ وَارِثٌ كَانَ لَهُ مَالُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَهْلِ إقْلِيمِهِ إلَخْ) فَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ ثَلَاثَةٌ فِي الْمُرَادِ بِأَهْلِ كُورَتِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْحَرْبِيِّ) أَيْ إذَا دَخَلَ بِلَادَنَا مُحَارِبًا وَمَاتَ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الْحَرْبِيُّ الْمُسْتَأْمَنُ أَيْ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَنَا بِأَمَانٍ فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ مَعَهُ أَوْ دَخَلَ عَلَى التَّجْهِيزِ، وَلَمْ تَطُلْ إقَامَتُهُ فَيُرْسَلُ مَالُهُ مَعَ دِيَتِهِ لِوَارِثِهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَصَرِيحُ نُصُوصِهِمْ أَنَّهُ لَا حَقَّ فِيهِ لِلْمُسْلِمِينَ بَلْ يُبْعَثُ مَالُهُ وَدِيَتُهُ لِأَهْلِ بِلَادِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَدَخَلَ عَلَى الْإِقَامَةِ أَوْ عَلَى التَّجْهِيزِ وَطَالَتْ إقَامَتُهُ وَمَاتَ عِنْدَنَا فَمَالُهُ فَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: كَالْعَنْوِيِّ) أَيْ فَإِنَّ مَالَهُ إنْ مَاتَ عِنْدَنَا لِلْمُسْلِمِينَ كَانَتْ الْجِزْيَةُ الْمَضْرُوبَةُ عَلَيْهِمْ مُجْمَلَةً أَوْ مُفَرَّقَةً، وَهَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا فَلِوَارِثِهِ (قَوْلُهُ: وَالصُّلْحِيِّ) أَيْ، وَكَالصُّلْحِيِّ إذَا وَقَعَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِمْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْجَمَاجِمِ أَيْ أَوْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا وَمَحَلُّ كَوْنِ مَالِهِ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ مَاتَ عِنْدَنَا، وَلَيْسَ مَعَهُ وَارِثٌ، وَإِلَّا كَانَ مَالُهُ لِوَارِثِهِ
(قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ بِالْأَصْلِ الْعَدَدُ الَّذِي يَخْرُجُ مِنْهُ سِهَامُ الْفَرِيضَةِ صَحِيحًا) أَيْ وَذَلِكَ الْعَدَدُ هُوَ مَقَامُ الْفَرْضِ أَيْ مُخْرَجُهُ
الْفُرُوضِ السِّتَّةِ الْمُقَدَّرَةِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى النِّصْفُ وَالرُّبْعُ وَالثَّمَنُ وَالثُّلُثَانِ وَالثُّلُثُ وَالسُّدُسُ، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ سِتَّةً كَأَصْلِهَا لِاتِّحَادِ مُخْرَجِ الثُّلُثِ وَالثُّلُثَيْنِ وَكُلُّهَا مُشْتَقَّةٌ مِنْ مَادَّةِ عَدَدِهَا إلَّا الْأَوَّلَ (وَاثْنَا عَشَرَ) ضِعْفُ السِّتَّةِ إذْ قَدْ يَكُونُ فِي مَسْأَلَةٍ رُبْعٌ وَثُلُثٌ كَزَوْجَةٍ وَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ فَمُخْرَجُ الرُّبْعِ أَرْبَعَةٌ وَلَا ثُلُثَ لَهَا صَحِيحٌ وَمُخْرَجُ الثُّلُثِ ثَلَاثَةٌ، وَلَا رُبْعَ لَهَا صَحِيحٌ وَبَيْنَ الْمُخْرَجَيْنِ تَبَايُنٌ فَيُضْرَبُ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ بِاثْنَيْ عَشَرَ (وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ) ضِعْفُ الِاثْنَيْ عَشَرَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُوجَدُ فِي الْمَسْأَلَةِ ثُمُنٌ وَسُدُسٌ كَزَوْجَةٍ وَأُمٍّ وَوَلَدٍ وَبَيْنَ مُخْرَجِ السُّدُسِ وَمُخْرَجِ الثُّمُنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ، وَأَمَّا الْوَلَدُ فَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَعَاصِبٌ لَهُ الْبَاقِي، وَإِنْ كَانَ أُنْثَى فَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَمُخْرَجُهُ دَاخِلٌ فِي الثَّمَانِيَةِ مَخْرَجِ الثُّمُنِ، وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَدِّدَةً فَلَهَا الثُّلُثَانِ وَمُخْرَجُهُمَا دَاخِلٌ فِي السِّتَّةِ مَخْرَجِ السُّدُسِ وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي خُصُوصِ بَابِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ أَصْلَيْنِ آخَرَيْنِ زِيَادَةً عَلَى السَّبْعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَهِيَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضِعْفُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ، مِثَالُ الْأَوَّلِ أُمٌّ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِغَيْرِ أُمٍّ لِلْأُمِّ السُّدُسُ مَقَامُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَالْبَاقِي خَمْسَةٌ لِلْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ مُخْرَجُ الثُّلُثِ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ مَنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْ السِّتَّةِ يَأْخُذُهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ.
وَمِثَالُ الثَّانِي أُمٌّ وَزَوْجَةٌ وَجَدٌّ وَأَرْبَعَةُ إخْوَةٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الرُّبُعُ أَصْلُهَا مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ لِلْأُمِّ اثْنَانِ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةٌ الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي وَلَا ثُلُثَ لَهُ فَتُضْرَبُ الثَّلَاثَةُ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ بِسِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ وَقَالَ الْجُمْهُورُ هُمَا نَشَآ مِنْ أَصْلَيْ السَّنَةِ وَضِعْفِهَا فَهُمَا تَصْحِيحٌ لَا تَأْصِيلٌ. وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخْرَجَ وَالْمَقَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَإِذَا أَرَدْت أَنْ تَعْرِفَ هَذِهِ الْأُصُولَ وَتَفْصِيلَهَا (فَالنِّصْفُ) مُخْرَجُهُ وَمَقَامُهُ (مِنْ اثْنَيْنِ) فَالِاثْنَانِ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى نِصْفٍ وَنِصْفٍ كَزَوْجٍ وَأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ عَدَدٍ لَهُ نِصْفٌ وَنِصْفٌ اثْنَانِ لِتَمَاثُلِ مَخْرَجِهِمَا وَتُسَمَّى هَاتَانِ بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ أَوْ نِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَأَخٍ (وَالرُّبْعُ مِنْ أَرْبَعَةٍ) فَالْأَرْبَعَةُ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ اشْتَمَلَتْ عَلَى رُبْعٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَابْنٍ أَوْ رُبْعٍ وَنِصْفٍ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ أَوْ رُبْعٍ وَثُلُثِ مَا بَقِيَ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ، وَأَبَوَيْنِ (وَالثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ) فَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُمُنٌ وَنِصْفٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَبِنْتٍ وَأَخٍ أَوْ ثُمُنٌ وَمَا بَقِيَ كَزَوْجَةٍ وَابْنٍ.
(وَالثُّلُثُ مِنْ ثَلَاثَةٍ) فَهِيَ أَصْلٌ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ فِيهَا ثُلُثٌ وَثُلُثَانِ كَإِخْوَةٍ لِأُمٍّ، وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ أَوْ ثُلُثٌ وَمَا بَقِيَ كَأُمٍّ، وَأَخٍ أَوْ ثُلُثَانِ وَمَا بَقِيَ كَبِنْتَيْنِ وَعَمٍّ (وَالسُّدُسُ) مُخْرَجُهُ (مِنْ سِتَّةٍ) فَالسِّتَّةُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَوْ مَقَامُ الْفُرُوضِ الَّتِي فِي الْمَسْأَلَةِ، وَعَبَّرَ عَنْ ذَلِكَ بِالْأَصْلِ؛ لِأَنَّ الِانْكِسَارَ وَالْعَوْلَ فَرْعَانِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ:، وَإِنَّمَا لَمْ تَكُنْ) أَيْ مَخَارِجُ هَذِهِ الْفُرُوضِ السِّتَّةِ سِتَّةً كَأَصْلِهَا أَيْ، وَهِيَ الْفُرُوضُ (قَوْلُهُ: وَكُلُّهَا) أَيْ الْفُرُوضِ الْمُقَدَّرَةِ وَقَوْلُهُ إلَّا الْأَوَّلَ أَيْ إلَّا الْفَرْضَ الْأَوَّلَ، وَهُوَ النِّصْفُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مَأْخُوذًا مِنْ لَفْظِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ مُخْرَجُهُ إذْ لَوْ أُخِذَ مِنْهُ لَقِيلَ فِيهِ ثُنَيٌّ بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَانِيهِ مُكَبَّرًا لَا مُصَغَّرًا (قَوْلُهُ: مِنْ مَادَّةِ عَدَدِهَا) أَيْ مِنْ مَادَّةِ الْعَدَدِ الَّذِي هُوَ أَسْمَاءُ مَخَارِجِهَا فَالثُّلُثُ مَأْخُوذٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ وَالرُّبُعُ مَأْخُوذٌ مِنْ أَرْبَعَةٍ وَالسُّدُسُ مَأْخُوذٌ مِنْ سِتَّةٍ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الثَّلَاثَةَ وَالْأَرْبَعَةَ وَالسِّتَّةَ أَسْمَاءٌ لِمَخَارِجِ تِلْكَ الْفُرُوضِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ بَعْضُهُمْ) مِنْهُمْ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالنَّوَوِيُّ وَمِنْهُمْ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ أَبِي زَيْدٍ كَمَا فِي العصنوني (قَوْلُهُ: وَهُمَا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَضِعْفُهَا سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ) فَالثَّمَانِيَةَ عَشَرَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيهَا سُدُسٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَالسِّتَّةُ وَالثَّلَاثُونَ أَصْلٌ لِكُلِّ مَسْأَلَةٍ مِنْ مَسَائِلِ الْجَدِّ وَالْإِخْوَةِ فِيهَا سُدُسٌ وَرُبْعٌ وَثُلُثُ مَا بَقِيَ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ إلْغَاءِ هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ جُعِلَ مَنَاطُ عَدَدِ أُصُولِ الْفَرَائِضِ مَقَامَ الْجُزْءِ الْمَطْلُوبِ وَجَوَّدَهُ فِي الْفَرِيضَةِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مُضَافٌ لِكُلِّ التَّرِكَةِ وَقَدْ وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِ هَذَا الْخِلَافِ لَفْظِيًّا أَوْ مَعْنَوِيًّا فَلَهُ ثَمَرَةٌ، وَهِيَ دُخُولُ الْجَدِّ فِي الشُّفْعَةِ وَعَدَمُ دُخُولِهِ لِكَوْنِ سَهْمِهِ خَاصًّا، وَكَذَلِكَ مَنْ أَوْصَى بِسَهْمٍ مِنْ أَصْلِ مَسْأَلَتِهِ هَلْ يُعْطَى سَهْمًا مِنْ سِتَّةٍ أَوْ مِنْ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ (قَوْلُهُ: لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّهُ وَاحِدٌ وَثُلُثَانِ، وَأَمَّا إذَا قَاسَمَ أَوْ أَخَذَ سُدُسَ الْمَالِ لَكَانَ لَهُ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ: الْأَفْضَلُ لِلْجَدِّ ثُلُثُ الْبَاقِي) أَيْ؛ لِأَنَّ ثُلُثَ الْبَاقِي اثْنَانِ وَثُلُثٌ، وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ سُدُسِ الْمَالِ، وَهُوَ اثْنَانِ وَمِنْ الْمُقَاسَمَةِ؛ لِأَنَّهُ يَخُصُّهُ بِالْمُقَاسَمَةِ وَاحِدٌ وَخُمُسَانِ (قَوْلُهُ: وَاعْلَمْ أَنَّ الْمُخْرَجَ وَالْمَقَامَ إلَخْ) أَيْ أَنَّ مُخْرَجَ الْفَرْضِ وَمَقَامَهُ، وَكَذَا أَصْلُهُ وَقَوْلُهُ شَيْءٌ وَاحِدٌ أَيْ، وَهُوَ أَقَلُّ عَدَدٍ يَخْرُجُ مِنْهُ ذَلِكَ الْفَرْضُ صَحِيحًا (قَوْلُهُ: لِتَمَاثُلِ مُخْرَجِهِمَا) عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ وَالْأَصْلُ، وَلَيْسَ أَصْلُهَا أَرْبَعَةً لِتَمَاثُلِ مُخْرَجِهِمَا أَيْ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّهُ يَكْتَفِي بِمُخْرَجِ أَحَدِ الْمُتَمَاثِلَيْنِ (قَوْلُهُ: وَتُسَمَّى هَاتَانِ) أَيْ الْمَسْأَلَتَانِ، وَهُمَا زَوْجٌ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ أُخْتٌ لِأَبٍ (قَوْلُهُ: بِالنِّصْفِيَّتَيْنِ) أَيْ لِاشْتِمَالِ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى نِصْفَيْنِ (قَوْلُهُ: وَبِالْيَتِيمَتَيْنِ) أَيْ لِشَبَهِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالدُّرَّةِ الْيَتِيمَةِ لِقِلَّةِ وُجُودِهَا (قَوْلُهُ: وَأَخَوَاتٍ لِأَبٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا أَشِقَّاءَ أَوْ لَا