الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ) أَيْ التَّبْدِئَةِ أَيْ إذَا تَشَاحُّوا فِي التَّبْدِئَةِ بِأَنْ طَلَبَهَا كُلٌّ مِنْهُمَا فَالْقُرْعَةُ فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ بِالتَّقْدِيمِ قُدِّمَ.
(وَلَا يُمْنَعُ صَيْدُ سَمَكٍ) أَيْ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَ غَيْرَهُ مِنْ صَيْدِهِ (وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ مِلْكِ الذَّاتِ، أَوْ الْمَنْفَعَةِ لِأَنَّهُ مُبَاحٌ فَلِكُلِّ أَحَدٍ صَيْدُهُ (وَهَلْ) عَدَمُ الْمَنْعِ فِيمَا بَعْدَ الْمُبَالَغَةِ (فِي أَرْضِ الْعَنْوَةِ فَقَطْ) صَادَ الْمَالِكُ لِمَنْفَعَتِهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّ أَرْضَ الْعَنْوَةِ لَا تُمْلَكُ حَقِيقَةً؛ لِأَنَّهَا أَرْضُ خَرَاجٍ وَاسْتِمْتَاعٍ بِزَرْعِهَا لَا غَيْرُ وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ حَقِيقَةً فَلَهُ الْمَنْعُ (أَوْ) عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا أَرْضَ عَنْوَةٍ وَغَيْرَهَا (إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ) أَيْ يُرِيدَ الِاصْطِيَادَ لِنَفْسِهِ فَلَهُ الْمَنْعُ (تَأْوِيلَانِ) فَالتَّأْوِيلُ الثَّانِي مَطْوِيٌّ فِي كَلَامِهِ وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا إلَّا لِضَرَرٍ شَرْعِيٍّ كَالِاطِّلَاعِ عَلَى حَرِيمِهِ أَوْ إفْسَادِ زَرْعِهِ وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ.
(وَ) لَا يَمْنَعُ أَحَدٌ (كَلَأً) أَيْ رَعْيَهُ وَهُوَ بِالْقَصْرِ مَنُونٌ مَهْمُوزٌ مَا يَنْبُتُ فِي الْمَرْعَى مِنْ غَيْرِ زَرْعٍ (بِفَحْصٍ) وَهِيَ أَرْضٌ تَرَكَهَا رَبُّهَا اسْتِغْنَاءً عَنْهَا وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ فَنَبَتَ بِهَا الْكَلَأُ (وَعَفَاءٍ) بِالْمَدِّ وَهِيَ أَرْضٌ تُرِكَتْ عَنْ الزَّرْعِ لِعَدَمِ قَبُولِهَا الزَّرْعَ كَأَرْضِ الْخَرْسِ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا (لَمْ يَكْتَنِفْهُ زَرْعُهُ) فَإِنْ اكْتَنَفَهُ فَلَهُ الْمَنْعُ (بِخِلَافِ مَرْجِهِ) وَهُوَ مَحَلُّ رَعْيِ الدَّوَابِّ (وَحِمَاهُ) وَهُوَ مَا بَوَّرَهُ مِنْ أَرْضِهِ لِرَعْيِ مَا يَنْبُتُ فِيهِ فَلَهُ الْمَنْعُ وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ الْمَرْجِ؛ لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَرْجٌ وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي الْأَرْضِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ وَأَمَّا غَيْرُهَا كَالْفَيَافِيِ فَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ إلَّا السُّلْطَانَ فَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ
لِمَصْلَحَةٍ
عَلَى مَا تَقَدَّمَ
(بَابٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ
وَهُوَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ الْمَنْدُوبَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ مِنْ خَوَاصِّ الْإِسْلَامِ لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ لَمْ تُحَبِّسْ الْجَاهِلِيَّةُ (صَحَّ) وَلَزِمَ وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ (وَقْفُ مَمْلُوكٍ) وَلَوْ بِالتَّعْلِيقِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الَّذِي يُثْقَبُ وَيُمْلَأُ مَاءً وَالْمُرَادُ بِغَيْرِهِ كُلُّ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ لِإِعْطَاءِ كُلِّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ مِنْ الْمَاءِ غَيْرُ الْقِدْرِ كَالرَّمْلِيَّةِ وَالسَّاعَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لَهُ فِي بَاب الْقِسْمَةِ. (قَوْلُهُ: لِلتَّشَاحِّ فِي السَّبْقِ) أَيْ وَأَمَّا إنْ تَرَاضَوْا بِتَبْدِئَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَلَا قُرْعَةَ. (قَوْلُهُ: فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ بِالتَّقْدِيمِ قُدِّمَ) أَيْ وَيُجْرَى لَهُ الْمَاءُ كُلُّهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ حَظَّهُ بِالْقِلْدِ. .
(قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ مِلْكِهِ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءِ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي مِلْكِهِ بَلْ فِي مَوَاتٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءٍ كَائِنٍ فِي مِلْكِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ مِلْكِ الذَّاتِ) كَأَرْضِ الصُّلْحِ، أَوْ مَوَاتٍ مَلَكَهَا بِإِحْيَاءٍ، أَوْ إقْطَاعٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ الْمَنْفَعَةِ أَيْ كَأَرْضِ عَنْوَةٍ وُقِفَتْ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ هَذَا التَّعْمِيمِ لِأَجْلِ أَنْ يَتَأَتَّى لَهُ ذِكْرُ الْخِلَافِ الْآتِي (قَوْلُهُ: صَادَ الْمَالِكُ إلَخْ) أَرَادَ: مَالِكُ مَنْفَعَتِهَا صَيْدُهُ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ . (قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْمَمْلُوكَةُ حَقِيقَةً) أَيْ كَأَرْضِ الصُّلْحِ وَمَوَاتِ الْعَنْوَةِ إذَا مُلِكَتْ بِإِقْطَاعٍ أَوْ إحْيَاءٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) أَيْ كَانَتْ فِي أَرْضِ عَنْوَةٍ أَوْ غَيْرِهَا طُرِحَتْ فَتَوَالَدَتْ، أَوْ جَرَّهَا الْمَاءُ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَصِيدَ الْمَالِكُ أَيْ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَالِكُ الْمَنْفَعَةِ، أَوْ مَالِكُ الذَّاتِ الِاصْطِيَادَ لِنَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: تَأْوِيلَانِ) الْأَوَّلُ لِابْنِ الْكَاتِبِ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ. (قَوْلُهُ: عَدَمُ الْمَنْعِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءً كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءِ الْأَوْدِيَةِ وَالْأَنْهَارِ الَّتِي لَيْسَتْ فِي مِلْكٍ بَلْ فِي مَوَاتٍ، أَوْ كَانَ السَّمَكُ فِي مَاءٍ كَائِنٍ فِي أَرْضٍ يَمْلِكُ ذَاتَهَا كَمَوَاتٍ يَمْلِكُهَا بِإِحْيَاءٍ، أَوْ إقْطَاعٍ، أَوْ أَرْضٍ صُلْحٍ أَوْ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا كَأَرْضِ الْعَنْوَةِ سَوَاءٌ طُرِحَ السَّمَكُ فِي الْمَاءِ فَتَوَالَدَ، أَوْ جَرَّهُ الْمَاءُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَوْضُوعُ أَنَّ الْأَرْضَ مِلْكُهُ) أَيْ وَمَوْضُوعُ قَوْلِنَا إلَّا لِضَرَرٍ شَرْعِيٍّ وَإِلَّا جَازَ الْمَنْعُ مِنْ صَيْدِهِ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا السَّمَكُ يَمْلِكُ ذَاتَهَا بِإِحْيَاءٍ، أَوْ إقْطَاعٍ أَوْ كَانَتْ أَرْضَ صُلْحٍ، أَوْ كَانَ يَمْلِكُ مَنْفَعَتَهَا بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ عَنْوَةٍ يَزْرَعُهَا بِالْخَرَاجِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ السَّمَكُ فِي الْأَوْدِيَةِ، أَوْ الْأَنْهَارِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مِنْ صَيْدِهِ بِحَالٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِلرَّعْيِ إلَخْ) الْأَوْضَحُ وَلَمْ يُبَوِّرْهَا لِأَجْلِ أَنْ يَنْبُتَ بِهَا الْكَلَأُ فَيَرْعَاهُ. (قَوْلُهُ: كَأَرْضِ الْخَرْسِ) أَيْ الْكَائِنَةِ فِي أَرْضِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ. (قَوْلُهُ: وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) كَذَا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ بِخَطِّهِ الْأَوْلَى وَمَحَلُّ عَدَمِ الْمَنْعِ أَيْ مِنْ رَعْيِ الْكَلَأِ إذَا كَانَ بِفَحْصٍ، أَوْ عَفَاءٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ مَرْجٌ) أَيْ لِأَنَّ الْمَرْجَ مَحَلُّ رَعْيِ الدَّوَابِّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ فَحْصًا، أَوْ عَفَاءً، أَوْ حِمًى. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَنْعُ رَعْيِ الْكَلَأِ الْكَائِنِ فِي الْحِمَى وَعَدَمُ مَنْعِ رَعْيِهِ إذَا كَانَ فِي الْفَحْصِ، أَوْ الْعَفَاءِ.
[بَابٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ]
(بَابٌ صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ) . (قَوْلُهُ: لَمْ تُحَبِّسْ الْجَاهِلِيَّةُ) أَيْ لَمْ يُحَبِّسْ أَحَدٌ مِنْ الْجَاهِلِيَّةِ دَارًا وَلَا أَرْضًا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ وَأَمَّا بِنَاءُ الْكَعْبَةُ وَحَفْرُ زَمْزَمَ فَإِنَّمَا كَانَ عَلَى وَجْهِ التَّفَاخُرِ لَا عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّرِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى حُكْمِ حَاكِمٍ) أَيْ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَقَوْلُهُ: وَلَزِمَ أَيْ وَلَوْ لَمْ يُحَزْ فَإِذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ الرُّجُوعَ فِيهِ لَا يُمَكَّنُ، وَإِذَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَلْزَمُ وَلَوْ قَالَ الْوَاقِفُ: وَلِي الْخِيَارُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَبَحَثَ فِيهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ كَمَا قَالُوا إنَّهُ يُوَفَّى لَهُ بِشَرْطِهِ إذَا شَرَطَ أَنَّهُ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ رَجَعَ لَهُ وَأَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِمْ بَاعَ وَنَحْوَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَقْفُ مَمْلُوكٍ) أَيْ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَمْلُوكُ الَّذِي أُرِيدَ وَقْفُهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ كَجِلْدِ أُضْحِيَّةٍ وَكَلْبِ صَيْدٍ وَعَبْدٍ آبِقٍ
كَإِنْ مَلَكْتُ دَارَ فُلَانٍ فَهِيَ وَقْفٌ، أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا شَائِعًا فِيمَا يَقْبَلُ الْقِسْمَةَ وَيُجْبَرُ عَلَيْهَا الْوَاقِفُ إنْ أَرَادَهَا الشَّرِيكُ وَأَمَّا مَا لَا يَقْبَلُهَا فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ وَعَلَى الصِّحَّةِ يُجْبَرُ الْوَاقِفُ عَلَى الْبَيْعِ إنْ أَرَادَ شَرِيكُهُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ وَأَرَادَ بِالْمَمْلُوكِ مَا يَشْمَلُ مِلْكَ الذَّاتِ وَمِلْكَ الْمَنْفَعَةِ فَلِذَا قَالَ (وَإِنْ) كَانَ الْمِلْكُ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِمَمْلُوكٍ (بِأُجْرَةٍ) لِكَدَارٍ اسْتَأْجَرَهَا مُدَّةً مَعْلُومَةً فَلَهُ وَقْفُ مَنْفَعَتِهَا فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَيَنْقَضِي الْوَقْفُ بِانْقِضَائِهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّأْبِيدُ كَمَا سَيَأْتِي وَشَمِلَ قَوْلُهُ بِأُجْرَةٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُحَبَّسَةً مُدَّةً فَلَهُ تَحْبِيسُ مَنْفَعَتِهَا عَلَى مُسْتَحِقٍّ آخَرَ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ الْأَوَّلِ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ وَأَمَّا الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِ فَلَيْسَ لَهُ تَحْبِيسُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُحَبَّسُ (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْلُوكُ (حَيَوَانًا وَرَقِيقًا) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ أَيْ فَيَصِحُّ وَقْفُهُ وَيَلْزَمُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ وَقْفٌ مَصْدَرُ وَقَفَ مُجَرَّدًا بِالْهَمْزَةِ لُغَةٌ رَدِيئَةٌ إلَّا فِي أَوْقَفْت عَنْ كَذَا بِمَعْنَى أَقْلَعْت عَنْهُ وَأَوْقَفْته عَنْ كَذَا بِمَعْنَى مَنَعْته مِنْهُ.
(قَوْلُهُ: كَإِنْ مَلَكْتُ إلَخْ) مِنْ ذَلِكَ مَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا أَنَّ الشَّيْخَ زَيْنَ الْجِيزِيِّ أَفْتَى بِأَنَّ مَنْ الْتَزَمَ أَنَّ مَا يَبْنِيهِ فِي الْمَحَلِّ الْفُلَانِيِّ فَهُوَ وَقْفٌ، ثُمَّ بَنَى فِيهِ فَيَلْزَمُهُ مَا الْتَزَمَهُ وَلَا يَحْتَاجُ لِإِنْشَاءِ وَقْفٍ لِذَلِكَ وَكَتَبَ الشَّيْخُ الْأَمِيرُ فِي حَاشِيَتِهِ عَلَى عبق مَا نَصُّهُ رَأَيْت بِخَطِّ الشَّيْخِ أَحْمَدَ النَّفْرَاوِيِّ شَارِحِ الرِّسَالَةِ بِطُرَّةِ عج وَانْظُرْ هَلْ لَا بُدَّ فِي التَّعْلِيقِ مِنْ تَعْيِينِ الْمُعَلَّقِ فِيهِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ، أَوْ يَدْخُلُ فِيهِ مَا يَقَعُ لِبَعْضِ الْوَاقِفِينَ أَنَّهُ يَقُولُ فِي كِتَابِ وَقْفِهِ وَكُلُّ مَا تَجَدَّدَ لِي مِنْ عَقَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَدَخَلَ فِي مِلْكِي فَهُوَ مُلْحَقٌ بِوَقْفِي هَذَا مَا حَرَّرَهُ اهـ وَأَقُولُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ الرَّصَّاعِ فِي شَرْحِ الْحُدُودِ أَنَّهُ إذَا عَمَّ التَّعْلِيقُ فَإِنَّ الْوَقْفَ لَا يَلْزَمُ لِلتَّحْجِيرِ كَالطَّلَاقِ كَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ " مَمْلُوكٍ " أَيْ تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَمَا فِي التَّعْلِيقِ إلَّا أَنْ يَعُمَّ كَكُلُّ مَا أَمْلِكُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَقْفٌ.
(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُشْتَرَكًا) أَيْ أَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ جُزْءًا مُشْتَرَكًا شَائِعًا. (قَوْلُهُ: وَيُجْبَرُ عَلَيْهِ الْوَاقِفُ إلَخْ) لَا يُقَالُ: الْقِسْمَةُ بَيْعٌ وَهُوَ جَائِزٌ فِي الْوَقْفِ لِأَنَّا نَقُولُ الرَّاجِحُ أَنَّ الْقِسْمَةَ تَمْيِيزُ حَقٍّ لَا بَيْعٌ وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا بَيْعٌ فَيُقَالُ الْمَمْنُوعُ بَيْعُهُ مِنْ الْوَقْفِ مَا كَانَ مُعَيَّنًا لَا الْمَعْرُوضُ لِلْقَسْمِ؛ لِأَنَّهُ كَالْمَأْذُونِ فِي بَيْعِهِ لِمَنْ يُحَبِّسُهُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: فَفِيهِ قَوْلَانِ مُرَجَّحَانِ) أَيْ فَفِي صِحَّتِهِ وَعَدَمِهَا قَوْلَانِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ) أَيْ وَهُوَ يُجْبَرُ عَلَى جَعْلِ الثَّمَنِ فِي مِثْلِ وَقْفِهِ، أَوْ لَا يُجْبَرُ عَلَى ذَلِكَ، قَوْلَانِ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بِأُجْرَةٍ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْمِلْكُ بِثَمَنٍ، أَوْ هِبَةٍ أَوْ إرْثٍ بَلْ، وَإِنْ كَانَ الْمِلْكُ بِأُجْرَةٍ فَإِنْ قُلْت إنَّ وَقْفَ السَّلَاطِينِ عَلَى الْخَيْرَاتِ صَحِيحٌ مَعَ عَدَمِ مِلْكِهِمْ لِمَا حَبَسُوهُ قُلْت هَذَا لَا يَرُدُّ عَلَى الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ السُّلْطَانَ وَكِيلٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْوَاقِفِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ صِحَّةِ تَحْبِيسِهِمْ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ لَكِنْ تَأَوَّلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الْفُرُوقِ عَلَى مَا إذَا حَبَّسَ الْمَمْلُوكُ مُعْتَقِدِينَ فِيهِ أَنَّهُمْ وُكَلَاءُ الْمُلَّاكِ فَإِنْ حَبَسُوهُ مُعْتَقِدِينَ أَنَّهُ مِلْكُهُمْ بَطَلَ تَحْبِيسُهُمْ وَبِذَلِكَ أَفْتَى الْعَبْدُوسِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَاحْتَرَزَ بِمَمْلُوكٍ مِنْ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ فَإِنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ لِخُرُوجِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ بِخِلَافِ بَيْعِهِ فَصَحِيحٌ لِخُرُوجِهِ بِعِوَضٍ كَمَا مَرَّ وَمِثْلُ وَقْفِ الْفُضُولِيِّ هِبَتُهُ وَصَدَقَتُهُ وَعِتْقُهُ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ أَجَازَهُ الْمَالِكُ كَمَا فِي خش وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا وَفِي الْهِبَةِ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ وَقْفَ الْفُضُولِيِّ وَهِبَتَهُ وَصَدَقَتَهُ وَعِتْقَهُ كَبَيْعِهِ إنْ أَمْضَاهُ الْمَالِكُ مَضَى، وَإِلَّا رُدَّ وَاخْتَارَ ذَلِكَ الْقَوْلَ شَيْخُنَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا أَجَازَ فِعْلَهُ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي الْحَقِيقَةِ صَادِرًا مِنْهُ قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى ذَلِكَ الْقَوْلِ بِأَنْ يُقَالَ قَوْلُهُ: صَحَّ وَقْفُ مَمْلُوكٍ أَيْ صَحَّ صِحَّةً تَامَّةً فَلَا تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ أَيْ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمَمْلُوكِ فَإِنَّ صِحَّتَهُ تَتَوَقَّفُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ إجَازَةُ الْمَالِكِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فِي الْهِبَةِ وَصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَشَمِلَ قَوْلُهُ: بِأُجْرَةٍ مَنْ اسْتَأْجَرَ دَارًا مُحَبَّسَةً مُدَّةً فَلَهُ تَحْبِيسُ مَنْفَعَتِهَا) أَيْ فَمَنْفَعَتُهَا فِي جُمْلَةِ الْمَمْلُوكِ بِأُجْرَةٍ وَمِنْ جُمْلَةِ الْمَمْلُوكِ بِأُجْرَةٍ مَنْفَعَةُ الْخُلُوِّ فَيَجُوزُ وَقْفُهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ جَمْعٌ مِنْهُمْ الشَّيْخُ أَحْمَدُ السَّنْهُورِيُّ شَيْخُ عج وَعَلَيْهِ عَمَلُ مِصْرَ وَهُوَ مُقْتَضَى فَتْوَى النَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ بِجِوَازِ بَيْعِ الْخُلُوِّ الدَّيْنَ، وَإِرْثَهُ وَرُجُوعَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ لَا وَارِثَ إذْ لَا فَرْقَ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ تَحْبِيسُ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّهَا) لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ إنَّمَا يَمْلِكُ الِانْتِفَاعَ لَا الْمَنْفَعَةَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لَا يُحَبَّسُ أَيْ لَا يَصِحُّ تَحْبِيسُهُ مِمَّنْ كَانَ مُحَبَّسًا عَلَيْهِ لِعَدَمِ مِلْكِهِ لِذَاتِهِ وَلَا لِمَنْفَعَتِهِ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ تَحْبِيسِهِ لِمَنْ مَلَكَ مَنْفَعَتَهُ بِإِجَارَةٍ كَمَا ذَكَرَ الشَّارِحُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ الْمَمْلُوكُ حَيَوَانًا) رَدَّ بِلَوْ عَلَى مَا حَكَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ مِنْ مَنْعِ وَقْفِ الْحَيَوَانِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي الْمُعَقَّبِ، أَوْ عَلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ، وَأَمَّا تَحْبِيسُ ذَلِكَ لِيُوضَعَ بِعَيْنِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ لِتُصْرَفَ غَلَّتُهُ فِي إصْلَاحِ الطَّرِيقِ أَوْ فِي مَنَافِعِ الْمَسَاجِدِ، أَوْ لِتُفَرَّقَ غَلَّتُهُ
وَكَذَا الثِّيَابُ عَلَى الْمَذْهَبِ (كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى) لِخِدْمَتِهِمْ حَيْثُ (لَمْ يَقْصِدْ) السَّيِّدُ (ضَرَرَهُ) بِذَلِكَ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَمِثْلُ الْعَبْدِ الْأَمَةُ عَلَى إنَاثٍ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ وَطْؤُهَا؛ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا صَارَتْ بِوَقْفِهَا لِلْغَيْرِ كَالْمُسْتَعَارَةِ وَالْمَرْهُونَةِ.
(وَفِي) جَوَازِ (وَقْفِ كَطَعَامٍ) مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ إذَا غُيِّبَ عَلَيْهِ كَالنَّقْدِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي الزَّكَاةِ: وَزُكِّيَتْ عَيْنٌ وُقِفَتْ لِلسَّلَفِ وَعَدَمُ الْجَوَازِ الصَّادِقُ بِالْكَرَاهَةِ وَالْمَنْعِ (تَرَدُّدٌ) وَقِيلَ إنَّ التَّرَدُّدَ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مِنْ سَائِرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا تَرَدُّدَ فِيهَا بَلْ يَجُوزُ وَقْفُهَا قَطْعًا لِأَنَّهُ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَالْمُرَادُ وَقْفُهُ لِلسَّلَفِ وَيُنَزَّلُ رَدُّ بَدَلِهِ مَنْزِلَةَ بَقَاءِ عَيْنِهِ وَأَمَّا إنْ وُقِفَ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ فَلَا يَجُوزُ اتِّفَاقًا إذْ لَا مَنْفَعَةَ شَرْعِيَّةٌ تَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ.
وَلَمَّا قَدَّمَ مِنْ أَرْكَانِ الْوَقْفِ الْأَرْبَعَةِ رُكْنَيْنِ الْأَوَّلَ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ وَهُوَ الْوَاقِفُ وَشَرْطُهُ أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ لَا مُكْرَهًا أَوْ مُوَلًّى عَلَيْهِ، وَالثَّانِيَ تَصْرِيحًا وَهُوَ الْمَوْقُوفُ بِقَوْلِهِ " مَمْلُوكٍ " وَشَرْطُهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ الْغَيْرِ فَلَا يَصِحُّ وَقْفُ مَرْهُونٍ وَمُؤَجَّرٍ وَعَبْدٍ جَانٍ حَالَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ ذَكَرَ الثَّالِثَ وَهُوَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (عَلَى أَهْلِ التَّمَلُّكِ) حَقِيقَةً كَزَيْدٍ وَالْفُقَرَاءِ، أَوْ حُكْمًا كَمَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَسَبِيلٍ (كَمَنْ سَيُولَدُ) مِثَالٌ لِلْأَهْلِ أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْأَهْلِيَّةُ سَتُوجَدُ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ وَتُوقَفُ الْغَلَّةُ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيُعْطَاهَا مَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ مِنْ الْوُجُودِ كَمَوْتٍ وَيَأْسٍ مِنْهُ فَتَرْجِعُ الْغَلَّةُ لِلْمَالِكِ، أَوْ وَرَثَتِهِ إذَا مَاتَ (وَ) عَلَى (ذِمِّيٍّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ) كَعَلَى أَغْنِيَائِهِمْ وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْمُبَالَغَةَ رَاجِعَةٌ لِأَصْلِ الْبَابِ لَا لِخُصُوصِ الذِّمِّيِّ فَلَوْ قَالَ، وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ كَذِمِّيٍّ كَانَ أَحْسَنَ (أَوْ يَشْتَرِطْ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ وَلَوْ عَبَّرَ بِالْمَاضِي كَانَ أَحْسَنَ أَيْ يَصِحُّ الْوَقْفُ، وَإِنْ اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ (تَسْلِيمَ غَلَّتِهِ) لَهُ (مِنْ نَاظِرِهِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
عَلَى الْمَسَاكِينِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَجَائِزٌ اتِّفَاقًا اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَكَذَا الثِّيَابُ) أَيْ وَالْكُتُبُ يَصِحُّ وَقْفُهَا عَلَى الْمَذْهَبِ فَهِيَ مِمَّا فِيهِ الْخِلَافُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْخِلَافَ عِنْدَنَا جَارٍ فِي كُلِّ مَنْقُولٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَمَدُ صِحَّةَ وَقْفِهِ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّهُمْ يَمْنَعُونَ وَقْفَهُ كَالْمَرْجُوحِ عِنْدَنَا. (قَوْلُهُ: كَعَبْدٍ عَلَى مَرْضَى) لَكِنَّ وَقْفَهُ خِلَافُ الْأَوْلَى لِقَطْعِ رَجَاءِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يَقْصِدْ ضَرَرَهُ) أَيْ لَمْ يَقْصِدْ بِوَقْفِهِ عَلَى مَا ذُكِرَ ضَرَرَهُ بَلْ قَصَدَ الْإِحْسَانَ إلَيْهِ أَوْ لَمْ يُعْلَمْ قَصْدُهُ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ أَيْ وَإِلَّا بِأَنْ قَصَدَ ضَرَرَهُ لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ عَلَى الْمَرْضَى فَالْمُضِرُّ قَصْدُ الضَّرَرِ، هَذَا حَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَاَلَّذِي يُفِيدُهُ نَقْلُ حُلُولُو عَنْ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ لَهُ الضَّرَرُ رُدَّ وَقْفُهُ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْهُ كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا صَارَتْ إلَخْ) أَيْ وَلِئَلَّا تَحْمِلَ فَتَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ فَلَا يَتَعَلَّقَ بِهَا خِدْمَةٌ. (قَوْلُهُ: كَالْمُسْتَعَارَةِ إلَخْ) تَشْبِيهٌ فِي عَدَمِ الْوَطْءِ.
(قَوْلُهُ: كَطَعَامٍ) أَيْ طَعَامٍ وَمَا مَاثَلَهُ مِمَّا لَا يُعْرَفُ إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بَيَانٌ لِمَا مَاثَلَ الطَّعَامَ. (قَوْلُهُ: الصَّادِقُ بِالْكَرَاهَةِ) أَيْ كَمَا يَقُولُ ابْنُ رُشْدٍ وَقَوْلُهُ " وَالْمَنْعِ " أَيْ كَمَا يَقُولُ ابْنُ شَاسٍ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ إنَّ التَّرَدُّدَ إلَخْ) رَدَّهُ بْن بِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْعَيْنِ وَغَيْرِهَا فِي جَرَيَانِ الْخِلَافِ وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: وَجَازَ وَقْفُ الْعَيْنِ اقْتِصَارٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَفِي حَاشِيَةِ السَّيِّدِ الْبُلَيْدِيِّ أَنَّهُ كَانَ فِي قُرَى فَاسَ أَلْفُ أُوقِيَّةٍ مِنْ الذَّهَبِ مَوْقُوفَةٌ لِلسَّلَفِ فَكَانُوا يَرُدُّونَهَا نُحَاسًا فَاضْمَحَلَّتْ. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إلَخْ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ مَحَلَّ التَّرَدُّدِ حَيْثُ وُقِفَ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَرُدَّ مِثْلُهُ وَأَمَّا إذَا وُقِفَ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ كَمَا لَوْ وُقِفَ لِأَجْلِ تَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ اتِّفَاقًا وَيَكُونُ الْوَقْفُ بَاطِلًا.
(قَوْلُهُ: أَهْلِيَّةُ التَّبَرُّعِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ رَشِيدًا طَائِعًا. (قَوْلُهُ: حَالَ تَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ) أَيْ بِأَنْ أَرَادَ الْوَاقِفُ وَقْفَ مَا ذُكِرَ مِنْ الْآنَ مَعَ كَوْنِهِ مُرْتَهِنًا، أَوْ مُسْتَأْجِرًا وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ مَا ذُكِرَ قَاصِدًا بِوَقْفِهَا مِنْ الْآنَ أَنَّهَا بَعْدَ الْخَلَاصِ مِنْ الرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ تَكُونُ وَقْفًا صَحَّ ذَلِكَ إذْ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ التَّنْجِيزُ. (قَوْلُهُ: مِثَالٌ لِلْأَهْلِ) أَيْ مِثَالٌ لِمَنْ يَكُونُ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ بَعْدَ الْإِيقَافِ وَيُعْلَمُ مِنْهُ بِالْأَوْلَى صِحَّةُ الْوَقْفِ عَلَى مَنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ حِينَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: فَيَصِحُّ الْوَقْفُ) أَيْ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ بَلْ يُوقَفُ لُزُومُهُ كَغَلَّتِهِ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيُعْطَاهَا وَيَلْزَمُ وَعَلَى هَذَا فَلِلْمُحَبِّسِ بَيْعُ ذَلِكَ الْوَقْفِ قَبْلَ وِلَادَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ كَعَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي لُزُومِهِ بِعَقْدِهِ عَلَى مَنْ يُولَدُ قَبْلَ وِلَادَتِهِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَالِكٍ اُنْظُرْ ح.
(قَوْلُهُ: وَعَلَى ذِمِّيٍّ) أَيْ وَصَحَّ وَقْفٌ مِنْ مُسْلِمٍ عَلَى مَنْ تَحْتَ ذِمَّتِنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كِتَابِيًّا وَهُوَ عَطْفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ إذْ هُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْثِلَةِ وَلَيْسَ عَطْفًا عَلَى " أَهْلِ " كَمَا هُوَ ظَاهِرُ صَنِيعِ الشَّارِحِ لِئَلَّا يَقْتَضِيَ أَنَّ الذِّمِّيَّ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّمَلُّكِ لِأَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُجْعَلَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ) أَيْ هَذَا إذَا ظَهَرَتْ الْقُرْبَةُ فِي الْوَقْفِ عَلَيْهِ بِأَنْ كَانَ فَقِيرًا قَرِيبًا لِلْوَاقِفِ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ كَالْوَاقِفِ عَلَى الْأَغْنِيَاءِ الْأَجَانِبِ مِنْ الْوَقْفِ وَنَفَى الْمُصَنِّفُ ظُهُورَ الْقُرْبَةِ دُونَ أَصْلِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ فِعْلَ خَيْرٍ وَقُرْبَةٍ فَالْوَقْفُ عَلَى شَرَبَةِ الدُّخَّانِ بَاطِلٌ، وَإِنْ قُلْنَا بِجَوَازْ شُرْبِهِ. (قَوْلُهُ: لَا لِخُصُوصِ الذِّمِّيِّ) أَيْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ. (قَوْلُهُ: عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ) أَيْ فَالْمَعْنَى هَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ عَلَى النَّاظِرِ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ غَلَّةَ الْوَقْفِ بَلْ، وَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهَا لَهُ لِيَصْرِفَهَا عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَدْخُولِ لَمْ لِفَسَادِ الْمُبَالَغَةِ وَلِعَدَمِ ظُهُورِ فَائِدَةٍ
(لِيَصْرِفَهَا) الْوَاقِفُ عَلَى مُسْتَحِقِّهَا وَمَفْهُومُ لِيَصْرِفَهَا أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَخْذَهَا مِنْ النَّاظِرِ لِيَأْكُلَهَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الشَّرْطُ بَلْ يُلْغَى وَيَصِحُّ الْوَقْفُ كَذَا يَنْبَغِي وَإِنْ أَوْهَمَ الْمُصَنِّفُ خِلَافَهُ (أَوْ) كَانَ الْمَوْقُوفُ (كَكِتَابٍ) عَلَى طَلَبَةِ عِلْمٍ مِنْ كُلِّ مَا لَا غَلَّةَ لَهُ كَسِلَاحٍ وَفَرَسٍ لِغَزْوٍ وَدَابَّةٍ لِحَمْلٍ، أَوْ رُكُوبٍ (عَادَ) وَلَوْ قَبْلَ عَامٍ (إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْوَاقِفِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ كَغَيْرِهِ أَوْ لِيَحْفَظَهُ (بَعْدَ صَرْفِهِ) لَهُ (فِي مَصْرِفِهِ) فَإِنَّهُ يَصِحُّ وَلَا يَبْطُلُ فَإِنْ صَرَفَ الْبَعْضَ وَعَادَ لَهُ فَمَا صَرَفَهُ صَحَّ وَمَا لَا فَلَا لِعَدَمِ الْحَوْزِ الَّذِي هُوَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ وَيَكُونُ مِيرَاثًا وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ كَرَبْعٍ وَحَائِطٍ وَحَانُوتٍ يُحَبِّسُهُ فِي صِحَّتِهِ وَكَانَ يُكْرِيهِ وَيُفَرِّقُ غَلَّتَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ كُلَّ عَامٍ مَثَلًا وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ قَبْلَ الْمَانِعِ كَالْمَوْتِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ بَطَلَ وَقْفُهُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ وَأَمَّا مَا حَبَّسَهُ فِي الْمَرَضِ، أَوْ أَوْصَى بِهِ لِلْمَسَاكِينِ، أَوْ جَعَلَهُ صَدَقَةً وَلَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ.
(وَبَطَلَ) الْوَقْفُ (عَلَى مَعْصِيَةٍ) كَجَعْلِ غَلَّتِهِ فِي ثَمَنِ خَمْرٍ، أَوْ حَشِيشَةٍ، أَوْ سِلَاحٍ لِقِتَالٍ غَيْرِ جَائِزٍ وَيَدْخُلُ فِيهِ وَقْفُ الذِّمِّيِّ عَلَى الْكَنِيسَةِ سَوَاءٌ كَانَ لِعُبَّادِهَا، أَوْ لِمَرَمَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ خِطَابُهُمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ (وَ) بَطَلَ عَلَى (حَرْبِيٍّ وَ) بَطَلَ مِنْ (كَافِرٍ) وَلَوْ ذِمِّيًّا (لِكَمَسْجِدٍ) وَرِبَاطٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لِيَصْرِفَهَا الْوَاقِفُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهَا) أَيْ لِأَنَّ قَبْضَ الْوَاقِفِ الْغَلَّةَ لَا يُبْطِلُ حَوْزَ النَّاظِرِ لِلْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ وَقَوْلُهُ: كَكِتَابٍ أَيْ مَحْبُوكٍ، أَوْ لَا جُزْءٍ وَاحِدٍ، أَوْ أَجْزَاءٍ. (قَوْلُهُ: عَلَى طَلَبَةِ عِلْمٍ) أَفَادَ بِهَذَا أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي الْوَقْفِ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ إذْ هُوَ الَّذِي يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ إذَا صَرَفَهُ فِيمَا حَبَّسَهُ عَلَيْهِ وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنٍ فَلَا يَصِحُّ بَقَاءُ يَدِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَوْ بَعْدَ صَرْفِهِ لَهُ فَإِنْ مَاتَ وَهُوَ تَحْتَ يَدِهِ بَطَلَ الْوَقْفُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: لِحَمْلٍ أَوْ رُكُوبٍ) أَيْ لِمُحْتَاجٍ. (قَوْلُهُ: لِيَنْتَفِعَ بِهِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّ عَوْدَهُ لِلْوَاقِفِ لِأَجْلِ انْتِفَاعِهِ كَعَوْدِهِ لَهُ لِأَجْلِ حِفْظِهِ وَهُوَ الَّذِي حَقَّقَهُ بْن بِالنَّقْلِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ الْقَاسِمِ الْمُفِيدِ لِذَلِكَ رَادًّا عَلَى طفى حَيْثُ خَصَّ ذَلِكَ بِالْعَوْدِ لِلْوَقْفِ لِأَجْلِ الْحِفْظِ وَأَمَّا لَوْ عَادَ لَهُ لِيَنْتَفِعَ بِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ عِنْدَهُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ صَرْفِهِ لَهُ فِي مَصْرِفِهِ) أَيْ وَلَوْ كَانَ صَرْفُهُ لَهُ فِي مَصْرِفِهِ مُفَرَّقًا وَقَوْلُهُ: بَعْدَ صَرْفِهِ أَيْ بَعْدَ صَرْفِ جَمِيعِهِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ وَمَفْهُومُ عَادَ إلَيْهِ بَعْدَ صَرْفِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى مَاتَ فَإِنَّهُ يَكُونُ مِيرَاثًا لِعَدَمِ حَوْزِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَبْطُلُ) أَيْ وَلَوْ مَاتَ الْوَاقِفُ وَهُوَ فِي حَوْزِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَرَفَ الْبَعْضَ وَعَادَ لَهُ) أَيْ ثُمَّ مَاتَ، أَوْ فُلِّسَ وَهُوَ عِنْدَهُ. (قَوْلُهُ: فَمَا صَرَفَهُ صَحَّ) أَيْ صَحَّ وَقْفُهُ سَوَاءٌ كَانَ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا وَقَوْلُهُ وَمَا لَا فَلَا أَيْ وَمَا لَمْ يَصْرِفْهُ قَلِيلًا، أَوْ كَثِيرًا لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهُ هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا قَوْلُ عبق وَمَا لَمْ يَصْرِفْهُ لَا يَصِحُّ وَقْفُهُ إنْ كَانَ النِّصْفَ فَفَوْقُ لَا دُونَهُ فَيُتَّبَعُ الْأَكْثَرُ الَّذِي صَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ فَيَحْتَاجُ لِنَقْلٍ يَشْهَدُ لَهُ اُنْظُرْ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ وَكَانَ يُكْرِيهِ وَيُفَرِّقُ غَلَّتَهُ كُلَّ عَامٍ وَلَمْ يُخْرِجْهُ إلَخْ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ لَا يُفَرِّقُ ذُو الْغَلَّةِ مِنْ غَيْرِهِ بَلْ الْوَقْفُ بَاطِلٌ فِيهِمَا، وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا خَرَجَ مِنْ يَدِهِ، ثُمَّ عَادَ لَهُ وَاسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَفِيمَا لَا غَلَّةَ لَهُ الْوَقْفُ صَحِيحٌ وَلَوْ عَادَ لَهُ قَبْلَ عَامٍ وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ إنْ عَادَ قَبْلَ تَمَامِ الْعَامِ بَطَلَ الْوَقْفُ، وَإِلَّا فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْمُصَنِّفِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَأَمَّا مَا لَهُ غَلَّةٌ إذَا حِيزَ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ وَاسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّ وَقْفَهُ يَبْطُلُ إنْ عَادَ قَبْلَ الْعَامِ لِإِجْلِ أَنْ تَظْهَرَ الْمُقَابَلَةُ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا حَبَّسَهُ فِي الْمَرَضِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْوَقْفَ فِي الْمَرَضِ وَكَذَا سَائِرُ التَّبَرُّعَاتِ فِيهِ تَنْفُذُ مِنْ الثُّلُثِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ حَوْزٌ وَلَهُ إبْطَالُهُ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ الْحَوْزُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الصِّحَّةِ فَإِنْ حَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ التَّبَرُّعُ، وَإِلَّا فَلَا وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَأَمَّا لِلْوَارِثِ فَفِي الصِّحَّةِ صَحِيحٌ إذَا حِيزَ قَبْلَ الْمَانِعِ وَأَمَّا فِي الْمَرَضِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ حِيزَ.
(قَوْلُهُ: وَبَطَلَ عَلَى مَعْصِيَةٍ) أَيْ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ مَالًا مِنْ أَمْوَالِ الْوَاقِفِ يَمْلِكُهُ وَيُورَثُ عَنْهُ لَا أَنَّهُ يَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ، وَإِلَى امْرَأَةٍ لَوْ كَانَتْ رَجُلًا عَصَبَتْ، وَمَفْهُومُ مَعْصِيَةٍ صِحَّتُهُ عَلَى مَكْرُوهٍ وَصُرِفَتْ غَلَّتُهُ لِتِلْكَ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَلَوْ اُتُّفِقَ عَلَى كَرَاهَتِهِ كَمَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ كَمَا لَوْ وَقَفَ عَلَى مَنْ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الْعَصْرِ أَوْ لِمَنْ يَعْمَلُ ذِكْرًا يَلْزَمُ عَلَيْهِ رَفْعُ الصَّوْتِ فِي الْمَسْجِدِ وَكَالْوَقْفِ عَلَى فَرْشِ الْمَسْجِدِ بِالْبُسُطِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ فِي الْمُتَّفَقِ عَلَى كَرَاهَتِهِ تُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَاقِفِ فِي جِهَةٍ قَرِيبَةٍ مِنْ الْجِهَةِ الَّتِي وَقَفَ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ فِيهِ إلَخْ) مَا ذَكَرَهُ مِنْ بُطْلَانِ وَقْفِ الذِّمِّيِّ عَلَى الْكَنِيسَةِ مُطْلَقًا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلِابْنِ رُشْدٍ قَوْلٌ ثَانٍ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ وَقْفَ الْكَافِرِ عَلَى عِبَادَةِ الْكَنِيسَةِ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَأَمَّا عَلَى مَرَمَّتِهَا، أَوْ عَلَى الْجَرْحَى أَوْ الْمَرْضَى الَّتِي فِيهَا فَالْوَقْفُ صَحِيحٌ مَعْمُولٌ بِهِ، فَإِذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ، أَوْ الْأُسْقُفُ بَيْعَهُ وَنُوزِعَ فِي ذَلِكَ وَتَرَافَعُوا إلَيْنَا رَاضِينَ بِحُكْمِنَا فَإِنَّ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ مِنْ صِحَّةِ الْحَبْسِ وَعَدَمِ بَيْعِهِ وَلِعِيَاضٍ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْكَنِيسَةِ مُطْلَقًا صَحِيحٌ غَيْرُ لَازِمٍ سَوَاءٌ أَشْهَدُوا عَلَى ذَلِكَ الْوَقْفِ أَمْ لَا بَانَ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ أَمْ لَا وَلِلْوَاقِفِ الرُّجُوعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ. (قَوْلُهُ: وَبَطَلَ عَلَى حَرْبِيٍّ) أَيْ عَلَى كَافِرٍ مُقِيمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَإِنْ لَمْ يَتَصَدَّ لِلْحَرْبِ. (قَوْلُهُ: وَكَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ) هُوَ بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَعْمُولِ
مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دِينِيَّةٍ (أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ) لِصُلْبِهِ وَأَمَّا عَلَى بَنِي بَنِيهِ فَيَصِحُّ كَبَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ أَحَدُ أَقْوَالٍ، وَعُلِّلَ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ حِرْمَانِ الْبَنَاتِ مِنْ إرْثِ أَبِيهِنَّ وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ الْكَرَاهَةَ فَيَمْضِي وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ وَصَرَّحَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى التَّنْزِيهِ.
(أَوْ)(عَادَ) الْوَاقِفُ (لِسُكْنَى مَسْكَنِهِ) الَّذِي وَقَفَهُ (قَبْلَ عَامٍ) بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ سَاكِنًا حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَيَبْطُلُ وَلَا مَفْهُومَ لِمَسْكَنِهِ وَلَا لِسُكْنَى إذْ الِانْتِفَاعُ بِمَا حَبَّسَهُ بِغَيْرِ السُّكْنَى كَذَلِكَ وَمَفْهُومُ قَبْلَ عَامٍ أَنَّهُ لَوْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ لَمْ يَضُرَّ، وَإِنْ كَانَ وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ جَرَى فِيمَا إذَا سَكَنَ مَا وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ بَعْدَ عَامٍ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ إذَا عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْمَصْدَرِ الْمُقَدَّرِ الْوَاقِعِ مُضَافًا إلَيْهِ تَقْدِيرُهُ وَبَطَلَ وَقْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ، أَوْ كَافِرٍ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُضَافِ إلَيْهِ وَقْفٌ وَلَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مَعْصِيَةٍ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ هُنَا وَاقِفٌ لَا مَوْقُوفٌ عَلَيْهِ إذَا عَلِمْت هَذَا فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَبَطَلَ مِنْ كَافِرٍ لِكَمَسْجِدٍ هَذَا حَلُّ مَعْنًى لَا حَلُّ إعْرَابٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ كُلِّ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ دِينِيَّةٍ) مِنْ جُمْلَتِهَا بِنَاؤُهُ مَسْجِدًا وَلِبُطْلَانِ الْقُرْبَةِ الدِّينِيَّةِ مِنْ الْكَافِرِ رَدَّ مَالِكٌ دِينَارَ نَصْرَانِيَّةٍ عَلَيْهَا حِينَ بَعَثَتْ بِهِ إلَى الْكَعْبَةِ وَأَمَّا الْقُرَبُ الدُّنْيَوِيَّةُ كَبِنَاءِ قَنَاطِرَ وَتَسْبِيلِ مَاءٍ وَنَحْوِهِمَا فَيَصِحُّ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى بَنِيهِ دُونَ بَنَاتِهِ) أَيْ إذَا أَخْرَجَهُنَّ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ تَزَوُّجِهِنَّ بِأَنْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ وَبَنَاتِهِ جَمِيعًا وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ بَنَاتِهِ فَلَا حَقَّ لَهَا فِي الْوَقْفِ وَتُخْرَجُ مِنْهُ وَلَا تَعُودُ لَهُ وَلَوْ تَأَيَّمَتْ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْ الْبَنَاتِ فَلَا حَقَّ لَهَا إلَّا أَنْ تَتَأَيَّمَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ لَهَا الْحَقُّ فِيهِ كَانَ الْوَقْفُ صَحِيحًا كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: كَبَنَاتِهِ دُونَ بَنِيهِ) أَيْ وَكَذَا عَلَى بَعْضِ بَنِيهِ دُونَ بَعْضِ بَنَاتِهِ وَعَلَى إخْوَتِهِ دُونَ أَخَوَاتِهِ، أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ دُونَ بَنَاتِهِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى بَنِيهِ الذُّكُورِ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ عَلَى بَنَاتِهِ فَتَرَدَّدَ فِيهِ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِالْمَنْعِ كَذَا كَتَبَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ) أَيْ مِنْ بُطْلَانِ الْوَقْفِ وَحُرْمَةِ الْقُدُومِ عَلَيْهِ أَحَدُ أَقْوَالٍ وَهَذَا الْقَوْلُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ بَعْضُهُمْ) أَيْ وَهُوَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ رَأْيُ ابْنِ الْقَاسِمِ) أَيْ وَرِوَايَةُ ابْنِ زِيَادٍ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاعْتُرِضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ تَرْكُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي شَهَّرَهُ عِيَاضٌ وَالْمَشْيُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يُقَالُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ تَقَرَّرَ أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا خَاصٌّ بِرِوَايَتِهِ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَهِيَ تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَةِ غَيْرِهِ فِيهَا وَتُقَدَّمُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي ذَكَرَهُ مِنْ عِنْدِهِ سَوَاءٌ كَانَ فِيهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا لَكِنْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ هُنَا عَنْ مَالِكٍ فِي غَيْرِهَا لَا فِيهَا وَرِوَايَةُ غَيْرِهِ فِيهَا تُقَدَّمُ عَلَى رِوَايَتِهِ فِي غَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إلَخْ) نَصُّهَا: وَيُكْرَهُ لِمَنْ حَبَّسَ أَنْ يُخْرِجَ الْبَنَاتِ مِنْ تَحْبِيسِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ نَاجِيٍّ وَابْنُ غَازِيٍّ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ مَضَى وَقِيلَ إنَّهَا لِلتَّحْرِيمِ وَعَلَيْهِ إذَا وَقَعَ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ، وَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَهِيَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ أَقْوَالًا أَوَّلُهَا الْبُطْلَانُ مَعَ حُرْمَةِ الْقُدُومِ عَلَى ذَلِكَ، ثَانِيهَا الْكَرَاهَةُ مَعَ الصِّحَّةِ وَالْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا، ثَالِثُهَا جَوَازُهُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ، رَابِعُهَا الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ فَيَمْضِيَ عَلَيَّ مَا حَبَّسَهُ عَلَيْهِ، أَوْ لَا يُحَازَ فَيَرُدَّهُ لِلْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ مَعًا، خَامِسُهَا مَا رَوَاهُ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ حُرْمَةُ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا فَسَخَهُ وَجَعَلَهُ لِلذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَإِنْ مَاتَ مَضَى، سَادِسُهَا فَسْخُ الْحَبْسِ وَجَعْلُهُ مَسْجِدًا إنْ لَمْ يَأْبَ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَجُزْ فَسْخُهُ وَيُقَرُّ عَلَى حَالِهِ حَبْسًا وَإِنْ كَانَ الْوَاقِفُ حَيًّا، وَالْمُعْتَمَدُ مِنْ هَذِهِ الْأَقْوَالِ ثَانِيهَا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا حَصَلَ الْوَقْفُ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ، أَمَّا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ فِي حَالَةِ الْمَرَضِ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ حِيزَ؛ لِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لِوَارِثٍ، أَوْ كَانَ فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَبَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَمَحَلُّهُ أَيْضًا مَا لَمْ يَحْكُمْ بِصِحَّتِهِ حَاكِمٌ وَلَوْ مَالِكِيًّا، وَإِلَّا صَحَّ اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْحَاكِمِ يَرْفَعُ الْخِلَافَ.
. (قَوْلُهُ: وَلَا مَفْهُومَ لِمَسْكَنِهِ) أَيْ بَلْ كُلُّ مَا لَهُ غَلَّةٌ كَذَلِكَ كَحَانُوتٍ وَحَمَّامٍ وَفُنْدُقٍ وَبُسْتَانٍ. (قَوْلُهُ: إذْ الِانْتِفَاعُ إلَخْ) فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ مَا لَهُ غَلَّةٌ وَحِيزَ عَنْهُ، ثُمَّ عَادَ قَبْلَ عَامٍ لِلِانْتِفَاعِ بِهِ بَعْدَ الْحَوْزِ عَنْهُ وَاسْتَمَرَّ يَنْتَفِعُ بِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: لَوْ عَادَ بَعْدَ عَامٍ) أَيْ سَوَاءٌ عَادَ بِكِرَاءٍ، أَوْ إرْفَاقٍ أَيْ عَارِيَّةٍ. (قَوْلُهُ: فِيمَا إذَا سَكَنَ مَا وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ إلَخْ) أَيْ وَأَمَّا إذَا سَكَنَ مَا وَقَفَهُ عَلَيَّ غَيْرِهِ وَلَوْ وَلَدَهُ الْكَبِيرَ بَعْدَ عَامٍ فَلَا خِلَافَ فِي عَدَمِ بُطْلَانِهِ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ) أَحَدُهُمَا لَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ وَهَذَا قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ رُشْدٍ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْمُتَيْطِيُّ قَائِلًا هُوَ الْمَشْهُورُ وَبِهِ
فَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ الْعَامِ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: أَوْ انْتَفَعَ بِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ لَا بَعْدَهُ إلَّا عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ خِلَافٌ وَإِلَّا بَطَلَ اتِّفَاقًا؛ لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ وَكَلَامُهُ هَذَا فِي غَيْرِ الْكِتَابِ وَنَحْوِهِ مِمَّا لَا غَلَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِعَوْدِهِ لَهُ قَبْلَ عَامٍ إذَا صَرَفَهُ فِي مَصْرِفِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَقَوْلُهُ " أَوْ عَادَ " مَعْطُوفٌ عَلَى شَرْطٍ مُقَدَّرٍ أَيْ إنْ وَقَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، أَوْ عَادَ أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ ثَانِيًا، وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ وَيُحَازُ.
(أَوْ جُهِلَ سَبْقُهُ) أَيْ الْوَقْفِ (لِدَيْنٍ) يَبْطُلُ (إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مَحْجُورِهِ) شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ " أَوْ جُهِلَ " أَيْ مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الْإِشْهَادِ وَصَرْفِ الْغَلَّةِ وَكَوْنِهَا غَيْرَ دَارِ سُكْنَاهُ، وَإِلَّا لَبَطَلَ وَلَوْ عُلِمَ تَقَدُّمُهُ عَلَى الدَّيْنِ يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَحْجُورِهِ وَعَلَى الْوَاقِفِ دَيْنٌ وَلَمْ يُعْلَمْ هَلْ الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَقْفِ، أَوْ بَعْدَهُ فَإِنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ بَاطِلًا وَيُبَاعُ لِلدَّيْنِ تَقْدِيمًا لِلْوَاجِبِ عَلَى التَّبَرُّعِ لِضَعْفِ الْحَوْزِ؛ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ قَدْ حُزْنَاهُ بِحَوْزِ أَبِينَا لَهُ وَلِذَا لَوْ حَازَهُ لِلْمَحْجُورِ أَجْنَبِيٌّ بِإِذْنِ الْأَبِ فِي صِحَّتِهِ لَصَحَّ الْوَقْفُ كَالْوَلَدِ الْكَبِيرِ، أَوْ الْأَجْنَبِيِّ يَحُوزُ لِنَفْسِهِ فِي صِحَّةِ الْوَاقِفِ فَلَا يَبْطُلُ بِجَهْلِ السَّبْقِ بَلْ بِتَحَقُّقِهِ وَأَمَّا لَوْ حَازَ الْمَحْجُورُ مِنْ صَغِيرٍ أَوْ سَفِيهٍ لِنَفْسِهِ فَهَلْ يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِجَهْلِ السَّبْقِ وَسَيَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ أَنَّ حَوْزَ السَّفِيهِ يُعْتَبَرُ وَكَذَا الصَّبِيُّ عَلَى أَنَّ الْمُعْتَمَدَ.
(أَوْ) وَقَفَ (عَلَى نَفْسِهِ) خَاصَّةً فَيَبْطُلُ قَطْعًا لِتَحْجِيرِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ يَبْطُلُ (وَلَوْ) كَانَ الْوَقْفُ عَلَى نَفْسِهِ (بِشَرِيكٍ) أَيْ مَعَهُ كَوَقْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى فُلَانٍ أَوْ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَبْطُلُ رَأْسًا مَا عَلَى نَفْسِهِ وَمَا عَلَى الشَّرِيكِ وَلَوْ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ مِنْ الشَّرِيكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ تَجْرِي عَلَى مَسَائِلِ الْبَابِ فَإِنْ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ فِيهَا قَبْلَ الْمَانِعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْعَمَلُ وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَبْطُلُ الْوَقْفُ إنْ عَادَ لِمَا حَبَّسَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَوْ بَعْدَ أَعْوَامٍ وَهُوَ لِابْنِ رُشْدٍ وَلَيْسَ الْعَمَلُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عَادَ عَلَيْهِ بَعْدَ الْعَامِ بِإِرْفَاقٍ) أَيْ لِأَجْلِ الِانْتِفَاعِ بِهِ مَجَّانًا. (قَوْلُهُ: لَوَفَّى بِالْمَسْأَلَةِ) وَحَاصِلُهَا أَنَّهُ إنْ عَادَ لِانْتِفَاعِهِ بِمَا وَقَفَهُ قَبْلَ عَامٍ وَحَصَلَ الْمَانِعُ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ عَنْهُ ثَانِيًا بَطَلَ الْوَقْفُ مُطْلَقًا كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ، أَوْ غَيْرِهِ سَوَاءٌ عَادَ بِكِرَاءٍ أَوْ إرْفَاقٍ، وَإِنْ عَادَ لَهُ بَعْدَ عَامٍ بِكِرَاءٍ، أَوْ إرْفَاقٍ فَلَا يَبْطُلُ إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِ مَحْجُورِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى مَحْجُورِهِ فَفِيهِ خِلَافٌ إنْ عَادَ لَهُ بِكِرَاءٍ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ عَادَ لَهُ بِإِرْفَاقٍ بَطَلَ اتِّفَاقًا. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِعَوْدِهِ لَهُ قَبْلَ عَامٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ عَوْدُهُ لَهُ لِأَجْلِ صِيَانَتِهِ لَهُ، أَوْ لِأَجْلِ انْتِفَاعِهِ بِهِ كَمَا لَبَن خِلَافًا لطفى كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَمْ يَبْطُلْ) أَيْ وَإِلَّا يَحْصُلْ مَانِعٌ قَبْلَ أَنْ يُحَازَ ثَانِيًا لَمْ يَبْطُلْ وَقَوْلُهُ وَيُحَازُ أَيْ يَلْزَمُ بِالتَّحْوِيزِ أَيْ الرَّدِّ وَالْإِشْهَادِ عَلَى الْحِيَازَةِ ثَانِيًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ جُهِلَ سَبْقُهُ لِدَيْنٍ) أَيْ وَأَوْلَى إذَا عُلِمَ تَقَدُّمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَقْفِ فَإِنْ تَحَقَّقَ تَقَدُّمُ الْوَقْفِ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا بُطْلَانَ وَتُتَّبَعُ ذِمَّةُ الْوَاقِفِ بِالدَّيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ الدَّيْنِ عَلَى الْوَقْفِ بَطَلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ عُلِمَ تَقَدُّمُ الْوَقْفِ عَلَى الدَّيْنِ فَلَا بُطْلَانَ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ، أَوْ عَلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ جُهِلَ سَبْقُهُ لَهُ فَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ بَطَلَ إنْ حَازَهُ لَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِ فَلَا بُطْلَانَ إنْ حَازَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَانِعِ. (قَوْلُهُ: شَرْطٌ فِي قَوْلِهِ، أَوْ جُهِلَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ شَرْطٌ فِي بُطْلَانِ الْوَقْفِ إذَا جُهِلَ سَبْقُهُ لِدَيْنٍ. (قَوْلُهُ: مَعَ وُجُودِ الشُّرُوطِ الثَّلَاثَةِ) أَيْ الْآتِيَةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ قَرِيبًا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِشْهَادِ) أَيْ عَلَى الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَصَرْفِ الْغَلَّةِ) أَيْ فِي مَصَالِحِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَبَطَلَ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا تُوجَدْ هَذِهِ الشُّرُوطُ الثَّلَاثَةُ بِأَنْ تَخَلَّفَ وَلَوْ وَاحِدًا مِنْهَا لَبَطَلَ إلَخْ فَلِذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفَ عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَحْجُورِهِ) أَيْ وَحَازَ لَهُ وَالْحَالُ أَنَّهُ أَشْهَدَ عَلَى الْوَقْفِ وَصَرْفِ الْغَلَّةِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ الْمَوْقُوفُ دَارَ سُكْنَى الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: لِضَعْفِ الْحَوْزِ) أَيْ لِضَعْفِ هَذَا الْحَوْزِ الْحَاصِلِ مِنْ الْوَاقِفِ، وَإِنَّمَا كَانَ حَوْزُ الْوَاقِفِ ضَعِيفًا لِكَوْنِ الْوَقْفِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ تَحْتِ يَدِهِ بِخِلَافِ حَوْزِ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ قَوِيٌّ لِخُرُوجِ الْوَقْفِ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ الْأَبِ) الْأَوْلَى بِإِذْنِ الْوَلِيِّ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: كَالْوَلَدِ الْكَبِيرِ) أَيْ كَمَا لَوْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى وَلَدِهِ الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ، أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَحَازَا لِأَنْفُسِهِمَا فِي حَالِ صِحَّةِ الْوَاقِفِ. (قَوْلُهُ: فَهَلْ يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ) أَيْ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ حَوْزُهُ فَيَبْطُلَ الْوَقْفُ بِجَهْلِ السَّبْقِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ بِجَهْلِ السَّبْقِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِبُطْلَانِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهِ خَاصَّةً) أَيْ ابْتِدَاءً، أَوْ بَعْدَ أَنْ حَبَّسَهُ عَلَى غَيْرِهِ كَحَبْسٍ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو، ثُمَّ بَعْدَ مَوْتِهِمَا عَلَى نَفْسِي، ثُمَّ مِنْ بَعْدِي عَلَى كَذَا أَوْ سَكَتَ عَمَّا بَعْدَ نَفْسِهِ وَالْأُولَى مِنْهُمَا الْوَقْفُ فِيهَا مُنْقَطِعُ الْوَسَطِ وَالثَّانِيَةُ مُنْقَطِعُ الْآخِرِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ الْوَقْفُ فِيهَا مُنْقَطِعُ الْأَوَّلِ وَمَذْهَبُنَا أَنَّ الْوَقْفَ إذَا كَانَ فِيهِ انْقِطَاعٌ فِي أَوَّلِهِ، أَوْ آخِرِهِ، أَوْ وَسَطِهِ يَبْطُلُ فِيمَا لَا يَجُوزُ الْوَقْفُ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ فِيمَا لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِ إنْ حَصَلَ مِنْهُ حَوْزٌ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ لِلْوَاقِفِ وَلَا يَضُرُّ الِانْقِطَاعُ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ نَوْعٌ مِنْ التَّمْلِيكِ فِي الْمَنَافِعِ فَجَازَ أَنْ يُعَمَّمَ فِيهِ أَوْ يُخَصَّ كَالْعَوَارِيِّ وَالْهِبَاتِ وَالْوَصَايَا. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ حِصَّةُ إلَخْ) لَا يُقَالُ هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَهُمْ الصَّفْقَةُ تَفْسُدُ إذَا
صَحَّتْ، وَإِلَّا فَلَا وَلَوْ وَقَفَهُ عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ عَلَى عَقِبِهِ لَرَجَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ حَبْسًا عَلَى عَقِبِهِ إنْ حَازُوا قَبْلَ الْمَانِعِ (أَوْ أَنَّ النَّظَرَ لَهُ) أَيْ لِلْوَاقِفِ فَيَبْطُلُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَحْجِيرًا أَيْ وَحَصَلَ مَانِعُ الْوَاقِفِ وَإِلَّا صَحَّ وَيُجْبَرُ عَلَى جَعْلِ النَّظَرِ لِغَيْرِهِ (أَوْ لَمْ يَحُزْهُ) حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ (كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ) فَيَبْطُلُ فَإِنْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ (وَلَوْ) كَانَ (سَفِيهًا أَوْ) لَمْ يَحُزْهُ (وَلِيُّ صَغِيرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يَكْفِي وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ كَافٍ وَلَوْ فِيمَا وَقَفَهُ وَلِيُّهُ عَلَيْهِ (أَوْ لَمْ يُخْلِ) الْوَاقِفُ (بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ) وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ وَبِئْرٍ فَالْإِخْلَاءُ فِيمَا ذُكِرَ حَوْزٌ حُكْمِيٌّ وَيُخْلِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَسُكُونِ الْخَاءِ مِنْ أَخْلَى بِمَعْنَى تَرَكَ وَأَشَارَ إلَى بَيَانِ الْمَانِعِ وَأَنَّهُ أَحَدُ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ بِقَوْلِهِ (قَبْلَ فَلَسِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَحُزْ وَيُخْلِ الْمَنْفِيَّيْنِ وَالْمُرَادُ بِالْفَلَسِ مَا يَشْمَلُ الْإِحَاطَةَ بِمَالِ الْوَاقِفِ لِقَوْلِهِ فِي الْهِبَةِ وَبَطَلَتْ إنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ وَالْوَقْفُ كَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ (وَمَوْتِهِ وَمَرَضِهِ) الْمُتَّصِلِ بِالْمَوْتِ فَإِنْ صَحَّ بَعْدَ الْحَوْزِ فِي الْمَرَضِ صَحَّ الْوَقْفُ وَجَازَ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ فِي مَرَضِهِ عَلَى الْمَوْتِ فَلَا يُحْتَاجُ لِتَقْيِيدِهِ بِالْمُتَّصِلِ.
وَحَاصِلُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ وَلَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ مَانِعٌ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بَطَلَ وَقْفُهُ أَيْ لَمْ يَتِمَّ فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ فِي الْأَوَّلِ وَلَهُ، أَوْ لِلْوَرَثَةِ فِي الْأَخِيرَيْنِ إبْطَالُهُ وَلَهُمْ الْإِجَازَةُ فَالْمُرَادُ بِالْبُطْلَانِ عَدَمُ التَّمَامِ وَأَمَّا مَنْ حَبَّسَ فِي مَرَضِهِ فَكَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ وَلَهُ إبْطَالُهُ بِخِلَافِ مَنْ حَبَّسَ فِي صِحَّتِهِ وَعُثِرَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَانِعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
جَمَعَتْ حَرَامًا وَحَلَالًا؛ لِأَنَّ هَذَا مَخْصُوصٌ بِالْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ؛ لِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى التَّشْدِيدِ وَلِعَدَمِ الضَّرَرِ فِي فَسْخِهَا لِأَخْذِ كُلِّ وَاحِدٍ عِوَضَهُ بِخِلَافِ التَّبَرُّعَاتِ فَإِنَّ بِفَسْخِهَا يَحْصُلُ الضَّرَرُ لِلْمُتَبَرَّعِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: صَحَّتْ) أَيْ صَحَّ الْوَقْفُ فِيهَا دُونَ حِصَّةِ الْوَاقِفِ وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا أَيْ وَأَلَّا يَحْصُلْ حِيَازَةٌ فِي حِصَّةِ الشَّرِيكِ فَلَا يَصِحُّ الْوَقْفُ فِيهَا كَمَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ فِي حِصَّةِ الْوَاقِفِ اهـ وَاعْلَمْ أَنَّ حِصَّةَ الشَّرِيكِ إنْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً فَيَكْفِي فِي صِحَّةِ وَقْفِهَا حَوْزُهَا وَحْدَهَا كَأَنْ يَقِفَ دَارَيْنِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى شَخْصٍ عَلَى أَنَّ لَهُ إحْدَاهُمَا مُعَيَّنَةً وَلِلْآخَرِ الْأُخْرَى فَإِنْ كَانَتْ حِصَّةُ الشَّرِيكِ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ فَالْمُعْتَبَرُ حَوْزُ الْجَمِيعِ. (قَوْلُهُ: إنْ حَازُوا إلَخْ) أَيْ فَإِنْ اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ مِنْ مَوْتٍ، أَوْ فَلَسٍ، أَوْ جُنُونٍ بَطَلَ الْوَقْفُ مِنْ أَصْلِهِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى أَنَّ النَّظَرَ لَهُ) مَحَلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ، وَإِلَّا فَلَهُ النَّظَرُ وَيَكُونُ الشَّرْطُ مُؤَكِّدًا كَذَا ذَكَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ الْبُلَيْدِيُّ فِي حَاشِيَةِ عبق. (قَوْلُهُ: أَيْ وَحَصَلَ مَانِعٌ لِلْوَقْفِ) أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ شَرْطَ النَّظَرِ لَهُ لَا يُبْطِلُ الْوَقْفَ خِلَافًا لِمَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنَّمَا يَبْطُلُ الْوَقْفُ عِنْدَ شَرْطِهِ النَّظَرَ لَهُ بَعْدَ الْحَوْزِ كَمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فَإِذَا لَمْ يَحْصُلْ مَانِعٌ أُخْرِجَ مِنْ يَدِ الْوَاقِفِ إلَى يَدِ ثِقَةٍ، وَإِنْ حَصَلَ مَانِعٌ قَبْلَ ذَلِكَ بَطَلَ الْوَقْفُ اُنْظُرْ ابْنَ غَازِيٍّ وَبِهَذَا تَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ يُسْتَغْنَى عَنْهَا بِمَا بَعْدَهَا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ) أَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ سَفِيهًا مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ قَالَ ح ظَاهِرُ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ حِيَازَةَ السَّفِيهِ مَطْلُوبَةٌ ابْتِدَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَطْلُوبُ ابْتِدَاءً حِيَازَةُ الْوَلِيِّ لَهُ، وَإِنَّمَا الْخِلَافُ لَوْ وَقَعَ وَحَازَ لِنَفْسِهِ وَالْقَوْلُ الرَّاجِحُ أَنَّ حِيَازَتَهُ كَافِيَةٌ خِلَافًا لِلْبَاجِيِّ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّ الصَّغِيرَ كَالسَّفِيهِ فِيمَا ذُكِرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ كَبِيرٌ وُقِفَ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَا يَكْفِي الْجَدُّ فِي الْحَوْزِ هُنَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ لِأَنَّهَا خَرَجَتْ عَنْ مِلْكِ الْوَاهِبِ بِالْمَرَّةِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ كَمَا يَأْتِي وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَحْصُلْ الْمَانِعُ لَا يَبْطُلُ وَيُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهِ لَهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَحُزْهُ أَنَّهُ لَوْ حَازَهُ مَنْ ذُكِرَ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ الْوَقْفُ وَيُشْتَرَطُ فِي الْحَوْزِ مُعَايَنَةُ الْبَيِّنَةِ لِقَبْضِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَلَوْ بِدَفْعِ الْمَفَاتِيحِ لَهُ، أَوْ عَقْدِ الْكِرَاءِ أَوْ الْمُزَارَعَةِ فَلَوْ أَقَرَّ الْوَاقِفُ فِي حَالِ صِحَّتِهِ أَنَّ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ قَدْ قَبَضَ وَشَهِدَ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ بَيِّنَةٌ ثُمَّ مَاتَ لَمْ يُقْضَ بِذَلِكَ إنْ أَنْكَرَتْ وَرَثَتُهُ حَتَّى تُعَايِنَ الْبَيِّنَةُ الْحَوْزَ.
(قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ) أَيْ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ أَنَّ حَوْزَ الصَّغِيرِ لَا يَكْفِي) أَيْ لِأَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ لَمْ يَحُزْهُ وَلِيُّ صَغِيرٍ وُقِفَ عَلَيْهِ " صَادِقٌ بِمَا إذَا وُقِفَ عَلَى الصَّغِيرِ وَلَمْ يَحْصُلْ حَوْزٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ الْحَوْزُ مِنْ الصَّغِيرِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يُخْلِ بَيْنَ النَّاسِ وَبَيْنَ كَمَسْجِدٍ وَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطٍ) أَيْ حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ الْوَقْفُ. (قَوْلُهُ: إنْ تَأَخَّرَ) أَيْ الْحَوْزُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَى الْفُقَرَاءِ) أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ سَوَاءٌ كَانَ قَرِيبًا لَهُ، أَوْ أَجْنَبِيًّا مِنْهُ بَلْ وَلَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ. (قَوْلُهُ: فَلِلْغَرِيمِ إبْطَالُهُ وَأَخْذُهُ فِي دَيْنِهِ) أَيْ وَلَهُ إمْضَاؤُهُ فَهُوَ مُخَيَّرٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ الْفَلَسِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَيْنِ أَيْ الْمَرَضِ، أَوْ الْمَوْتِ.
(قَوْلُهُ: فَكَالْوَصِيَّةِ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ) أَيْ سَوَاءٌ حَصَلَتْ حِيَازَةٌ أَوْ لَا فَالْحَوْزُ لَا يُشْتَرَطُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الْمَرَضِ، وَإِنَّمَا يُشْتَرَطُ فِي التَّبَرُّعَاتِ الْحَاصِلَةِ فِي الصِّحَّةِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّبَرُّعَاتِ إمَّا أَنْ تَحْصُلَ فِي الصِّحَّةِ، أَوْ فِي الْمَرَضِ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْمُتَبَرَّعُ لَهُ وَارِثًا، أَوْ أَجْنَبِيًّا فَإِنْ حَصَلَ التَّبَرُّعُ فِي الصِّحَّةِ وَحَصَلَ الْحَوْزُ قَبْلَ الْمَانِعِ صَحَّ، وَإِلَّا فَلَا، لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُتَبَرَّعِ لَهُ وَارِثًا أَوْ أَجْنَبِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ خَرَجَ مَخْرَجَ الْوَصِيَّةِ مِنْ الثُّلُثِ حَصَلَ حَوْزٌ أَمْ لَا
فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَيُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ إلَّا إذَا شَرَطَ لِنَفْسِهِ الرُّجُوعَ، أَوْ الْبَيْعَ إنْ احْتَاجَ فَلَهُ ذَلِكَ، ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ الْحَوْزِ الْمُفِيدِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْإِخْرَاجِ مِنْ يَدِ الْمُحَبِّسِ.
قَوْلُهُ (إلَّا) أَنْ يُوقِفَ أَبٌ، أَوْ وَصِيٌّ وَقْفًا (لِمَحْجُورِهِ) الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ بَلْ يَكْفِي الْحُكْمِيُّ مِنْ الْأَبِ، أَوْ الْوَصِيِّ، أَوْ الْمُقَامِ مِنْ الْحَاكِمِ فَيَصِحُّ الْوَقْفُ إذَا اسْتَمَرَّ تَحْتَ يَدِهِ حَتَّى حَصَلَ مَانِعٌ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ أَشَارَ لَهَا بِقَوْلِهِ (إذَا أَشْهَدَ) عَلَى التَّحْبِيسِ عَلَى مَحْجُورِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْحَوْزِ لَهُ (وَصَرَفَ الْغَلَّةَ) كُلَّهَا، أَوْ جُلَّهَا (لَهُ) أَيْ فِي مَصَالِحِهِ فَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ الصَّرْفِ لَهُ بَطَلَ الْوَقْفُ بِالْمَانِعِ (وَلَمْ تَكُنْ) الدَّارُ الْمَوْقُوفَةُ عَلَى الْمَحْجُورِ (دَارَ سُكْنَاهُ) أَيْ الْوَاقِفِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ وَقْفُهَا إلَّا إذَا تَخَلَّى عَنْهَا وَعَايَنَتْ الْبَيِّنَةُ فَرَاغَهَا مِنْ شَوَاغِلِ الْمُحَبِّسِ فَإِنْ سَكَنَ الْبَعْضَ جَرَى عَلَى الْهِبَةِ كَصَرْفِ الْغَلَّةِ وَقَدْ قَالَ فِي بَابِهَا: وَدَارُ سُكْنَاهُ إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا وَيُكْرِيَ لَهُ الْأَكْثَرَ، وَإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ، وَالْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ وَفُهِمَ مِنْهُ أَنَّ حِيَازَةَ الْأُمِّ مَا حَبَّسَتْهُ عَلَى الْوَلَدِ الصَّغِيرِ لَا تُعْتَبَرُ إلَّا إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً وَهُوَ كَذَلِكَ.
(أَوْ) وَقَفَ (عَلَى وَارِثِهِ بِمَرَضِ مَوْتِهِ) فَيَبْطُلُ وَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ كَالْوَصِيَّةِ «وَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ بُطْلَانِ وَقْفِ الْمَرِيضِ عَلَى وَارِثِهِ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَسْأَلَةً تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ وَهِيَ مِنْ حِسَانِ الْمَسَائِلِ قَلَّ مَنْ يَتَنَبَّهُ لَهَا فَقَالَ (إلَّا) وَقْفًا (مُعَقَّبًا) لَهُ غَلَّةٌ أَمْ لَا عَلَى الْمَذْهَبِ (خَرَجَ) ذَلِكَ الْمُعَقَّبُ (مِنْ ثُلُثِهِ) أَيْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ فَيَصِحُّ فَإِنْ حَمَلَ بَعْضَهُ جَرَى مَا يَأْتِي فِيمَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ (فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
إنْ كَانَ لِغَيْرِ وَارِثٍ، وَإِنْ كَانَ لِوَارِثٍ بَطَلَ وَلَوْ حِيزَ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ لِوَارِثٍ وَقَدْ نَهَى الشَّارِحُ عَنْهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ بَعْضُهُمْ مِنْ أَنَّ لَهُ إبْطَالَهُ عِنْدَ كِبَرِ سِنِّهِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ إبْطَالُهُ عَمَلًا بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: لِمَحْجُورِهِ) اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ) أَيْ فِي حَوْزِ ذَلِكَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: الْحَوْزُ الْحِسِّيُّ) أَيْ وَهُوَ الْإِخْرَاجُ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي الْحُكْمِيُّ) أَيْ الْحَوْزُ الْحُكْمِيُّ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ بِشُرُوطٍ ثَلَاثَةٍ) بَقِيَ شَرْطٌ رَابِعٌ لِلصِّحَّةِ وَهُوَ أَنْ لَا يَكُونَ مَا حَبَّسَهُ الْوَقْفُ عَلَى مَحْجُورِهِ مُشَاعًا فَإِنْ كَانَ مُشَاعًا وَلَمْ يُعَيِّنْ لَهُ حِصَّةً حَتَّى حَصَلَ الْمَانِعُ بَطَلَ الْوَقْفُ وَصَارَ إرْثًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ إخْوَتِهِ الرُّشَدَاءِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَوْزَ الْوَاقِفِ لِمَا وَقَفَهُ عَلَى مَحْجُورِهِ إنَّمَا يَكُونُ فِيمَا قَدْ أَبْرَزَهُ وَعَيَّنَهُ وَأَبَانَهُ وَلَمْ يَخْلِطْهُ بِمَالِهِ فَإِنْ كَانَ مُشَاعًا فَلَا يَكْفِي حَوْزُهُ وَيَبْطُلُ الْوَقْفُ إنْ حَصَلَ الْمَانِعُ وَحِينَئِذٍ إذَا حَبَّسَ عَلَى أَوْلَادِهِ الصِّغَارِ وَالْكِبَارِ فَاَلَّذِي يَحُوزُ لِلصِّغَارِ إخْوَتُهُمْ الْكِبَارُ بِتَقْدِيمِ الْأَبِ لَا أَبُوهُمْ فَلَوْ حَازَ الْأَبُ ذَلِكَ لِحَقِّ الصِّغَارِ، ثُمَّ حَصَلَ مَانِعٌ بَطَلَ الْوَقْفُ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْحَوْزِ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ لِلْبَيِّنَةِ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي رَفَعْت يَدَ الْمِلْكِ وَوَضَعْت يَدَ الْحَوْزِ، وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا غَيْرَ مُرَادِهِ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَصَرَفَ الْغَلَّةَ) أَيْ وَثَبَتَ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ كُلَّهَا، أَوْ جُلَّهَا أَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِمَحْجُورِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ عُلِمَ عَدَمُ الصَّرْفِ لَهُ بَطَلَ الْوَقْفُ بِالْمَانِعِ) أَيْ وَإِنْ صَرَفَ نِصْفَهَا لَهُ وَنِصْفَهَا لِمَحْجُورِهِ صَحَّ الْوَقْفُ فِي النِّصْفِ فَقَطْ، وَإِنْ صَرَفَ جُلَّ الْغَلَّةِ لِنَفْسِهِ وَصَرَفَ أَقَلَّهَا لِلْمَحْجُورِ عَلَيْهِ بَطَلَ الْوَقْفُ فِي الْجَمِيعِ.
(قَوْلُهُ: جَرَى عَلَى الْهِبَةِ كَصَرْفِ الْغَلَّةِ) أَيْ كَمَا أَنَّ صَرْفَ الْغَلَّةِ الْمُتَقَدِّمَ يَجْرِي عَلَى الْهِبَةِ وَحَاصِلُ مَا فِي الْهِبَةِ أَنَّهُ إذَا أَشْغَلَ النِّصْفَ إلَى أَنْ حَصَلَ لَهُ الْمَانِعُ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي ذَلِكَ النِّصْفِ، وَإِنْ أَشْغَلَ الْأَكْثَرَ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ بَطَلَتْ الْهِبَةُ فِي جَمِيعِهَا كَمَا لَوْ كَانَ شَاغِلًا لِكُلِّهَا وَإِنْ أَشْغَلَ الْأَقَلَّ إلَى حُصُولِ الْمَانِعِ كَانَتْ الْهِبَةُ صَحِيحَةً فِي جَمِيعِهَا بِمَنْزِلَةِ فَرَاغِهَا مِنْ شَوَاغِلِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: وَدَارُ سُكْنَاهُ) أَيْ وَبَطَلَ هِبَةُ دَارِ سُكْنَاهُ لِمَحْجُورِهِ وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا إلَخْ وَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَا إذَا أَكْرَاهَا كُلَّهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: وَالْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ) أَيْ وَإِذَا سَكَنَ الْأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ سُكْنَاهَا كُلِّهَا.
(قَوْلُهُ: إلَّا إذَا كَانَتْ وَصِيَّةً) أَيْ عَلَيْهِ فَيَجُوزُ أَنْ تَحُوزَ لَهُ مَا حَبَّسْته عَلَيْهِ وَأَمَّا مَا حَبَّسَهُ الْأَبُ أَوْ غَيْرُهُ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ حَوْزُهَا لَهُ سَوَاءٌ كَانَتْ وَصِيَّةً أَمْ لَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى وَارِثِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى مَعْصِيَةٍ. (قَوْلُهُ: بِمَرَضِ مَوْتِهِ) أَيْ وَأَمَّا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَارِثِهِ بِمَرَضِهِ، ثُمَّ صَحَّ الْوَاقِفُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ الَّذِي وَقَفَ فِيهِ صَحَّ وَقْفُهُ حَيْثُ حِيزَ عَنْهُ قَبْلَ الْمَانِعِ كَمَا لَوْ وَقَفَ فِي حَالِ صِحَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَمَلَهُ الثُّلُثُ) أَيْ وَلَوْ حَازَهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُجِيزَهُ لَهُ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ) أَيْ فَإِنْ أَجَازُوهُ لَمْ يَبْطُلْ؛ لِأَنَّهُ ابْتِدَاءُ وَقْفٍ مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: تُعْرَفُ بِمَسْأَلَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ) فِي هَذِهِ التَّسْمِيَةِ قُصُورٌ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا يَخْتَصُّ بِالْوَقْفِ عَلَى وَلَدِ الْأَعْيَانِ بَلْ الْوَقْفُ عَلَى غَيْرِهِمْ مِنْ الْوَرَثَةِ كَذَلِكَ فَلَوْ وَقَفَ فِي مَرَضِهِ عَلَى إخْوَتِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَعَقِبِهِمْ، أَوْ عَلَى إخْوَتِهِ وَأَوْلَادِ عَمِّهِ وَعَقِبِهِمْ أَوْ إخْوَتِهِ وَعَقِبِهِمْ وَأَوْلَادِ عَمِّهِ فَالْحُكْمُ لَا يَخْتَلِفُ وَضَابِطُ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقِفَ الْمَرِيضُ عَلَى وَارِثٍ وَغَيْرِ وَارِثٍ وَعَلَى عَقِبِهِمْ. (قَوْلُهُ: إلَّا وَقْفًا مُعَقَّبًا) أَيْ أَدْخَلَ فِيهِ الْوَاقِفُ عَقِبًا حَاصِلًا ذَلِكَ الْوَقْفُ فِي مَرَضِ الْوَاقِفِ.
(قَوْلُهُ: جَرَى مَا يَأْتِي) أَيْ جَرَى الْكَلَامُ الَّذِي يَأْتِي مِنْ الْقَسْمِ عَلَى الْوَرَثَةِ فِيمَا يَحْمِلُهُ الثُّلُثُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَكَمِيرَاثٍ لِلْوَارِثِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْوَارِثِ أَيْ أَنَّ الَّذِي يَخُصُّ الْوَارِثَ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْفِ يُجْعَلُ كَالْمِيرَاثِ فِي الْقَسْمِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَلَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ تَسَاوِيَهُمَا، وَفِي غَيْرِهِ مِثْلُ دُخُولِ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَ ذَلِكَ الْوَارِثِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا يَخُصُّهُ
فِي الْقَسْمِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] لَا مِيرَاثٍ حَقِيقِيٍّ فَلَا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ تَصَرُّفَ الْمِلْكِ مِنْ بَيْعٍ وَهِبَةٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بِأَيْدِيهِمْ وَقْفٌ لَا مِلْكٌ فَتَأْخُذُ الزَّوْجَةُ فِي الْمِثَالِ الْآتِي مِنْ مَنَابِ الْأَوْلَادِ الثُّمُنَ وَالْأُمُّ السُّدُسَ وَيَدْخُلُ فِي الْوَقْفِ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ وَإِنْ لَمْ يُوقَفْ عَلَيْهِمْ وَبَيَّنَ ذَلِكَ بِالْمِثَالِ فَقَالَ (كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ) لِصُلْبِهِ هُمْ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ (وَأَرْبَعَةِ أَوْلَادِ أَوْلَادٍ وَعَقَّبَهُ) فِعْلٌ مَاضٍ مُشَدَّدُ الْقَافِ أَيْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي وَعَقِبِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ وَعَلَى عَقِبِهِمْ بَلْ قَالَ عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَالتَّعْقِيبُ شَرْطٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَالْخُرُوجِ مِنْ الثُّلُثِ (وَتَرَكَ) مَعَ السَّبْعَةِ (أُمًّا وَزَوْجَةً فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ وَكَذَا غَيْرُهُمَا مِمَّنْ يَرِثُ كَالْأَبِ (فِيمَا لِلْأَوْلَادِ) وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةِ أَسْهُمٍ لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْ مَنَابِ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَسَوَاءٌ كَانُوا ذُكُورًا أَوْ إنَاثًا، أَوْ بَعْضُهُمْ، وَسَوَاءٌ أَطْلَقَ أَوْ سَوَّى بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى أَوْ شَرَطَ لِلذَّكَرِ مِثْلَ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ بَلْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] عَلَى كُلِّ حَالٍ (وَأَرْبَعَةُ أَسْبَاعِهِ) الْبَاقِيَةُ (لِوَلَدِ الْوَلَدِ) الْأَرْبَعَةِ (وَقْفٌ) يُعْمَلُ فِيهَا بِشَرْطِ الْوَاقِفِ مِنْ تَفَاضُلٍ وَتَسْوِيَةٍ فَإِنْ أَطْلَقَ سُوِّيَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ حَاجَتُهُمْ، فَعُلِمَ أَنَّ الْوَقْفَ فِي الْفَرْضِ الْمَذْكُورِ يُقْسَمُ سَبْعَةَ أَسْهُمٍ لِأَوْلَادِ الصُّلْبِ: ثَلَاثَةٌ تَكُونُ بِأَيْدِيهِمْ كَالْمِيرَاثِ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] وَلَوْ شَرَطَ خِلَافَهُ وَيَدْخُلُ مَعَهُمْ فِيهَا مَنْ لَهُ سَهْمٌ مِنْ الْوَرَثَةِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلِكَوْنِهِ وَقْفًا مُعَقَّبًا لَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ الْأَوْلَادَ لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ بِهِ وَلِكَوْنِهِمْ لَا يَصِحُّ الْوَقْفُ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ شَارَكَهُمْ غَيْرُهُمْ مِنْ الْوَرَثَةِ وَالْأَرْبَعَةُ الْأَسْهُمُ الْبَاقِيَةُ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَقْفًا وَحَاصِلُ قِسْمَةِ الْمَسْأَلَةِ عَلَى طَرِيقَةِ الْفَرْضِيِّينَ عَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فِيهَا ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ مِنْ سَبْعَةٍ عَدَدِ رُءُوسِهِمْ لِلْأُمِّ مِنْهَا السُّدُسُ مَخْرَجُهُ مِنْ سِتَّةٍ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ وَبَيْنَ الْمَخْرَجَيْنِ مُوَافَقَةٌ بِالْأَنْصَافِ فَيُضْرَبُ نِصْفُ أَحَدِهِمَا فِي كَامِلِ الْآخَرِ بِأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا أَرْبَعَةٌ وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا ثَلَاثَةٌ يَبْقَى سَبْعَةَ عَشَرَ لَا تَنْقَسِمُ عَلَى ثَلَاثَةِ وَلَدِ الْأَعْيَانِ فَتُضْرَبُ الرُّءُوسُ الثَّلَاثَةُ فِي الْأَرْبَعَةِ وَالْعِشْرِينَ بِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ، ثُمَّ يُقَالُ مَنْ لَهُ شَيْءٌ فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَخَذَهُ مَضْرُوبًا فِي ثَلَاثَةٍ فَلِلْأُمِّ أَرْبَعَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَلِلزَّوْجَةِ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ بِتِسْعَةٍ وَلِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ سَبْعَةَ عَشَرَ فِي ثَلَاثَةٍ بِوَاحِدٍ وَخَمْسِينَ لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ (وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ) الْمَذْكُورُ (بِحُدُوثِ وَلَدٍ) ، أَوْ أَكْثَرَ (لَهُمَا) أَيْ لِلْفَرِيقَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا فَإِذَا حَدَثَ وَاحِدٌ صَارَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ ثَمَانِيَةٍ، وَاثْنَانِ فَمِنْ تِسْعَةٍ وَهَكَذَا وَهَذَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ وَشَبَّهَ بِهِ مُخْتَلَفًا فِيهِ فَقَالَ (كَمَوْتِهِ) أَيْ وَاحِدٍ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ فَتَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ عَلَى سَبْعَةٍ (عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَإِذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ
ــ
[حاشية الدسوقي]
مِنْ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: فِي الْقَسْمِ) أَيْ غَلَّتِهِ وَأَمَّا ذَاتُهُ فَهِيَ حَبْسٌ. (قَوْلُهُ: لَا مِلْكٌ) أَيْ فَيَرْجِعُ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ. (قَوْلُهُ: وَالْأُمُّ السُّدُسَ) أَيْ وَالْبَاقِي لِلْأَوْلَادِ. (قَوْلُهُ: كَثَلَاثَةِ أَوْلَادٍ إلَخْ) هَذَا مِثَالُ الْمُدَوَّنَةِ فَلِذَا اقْتَصَرَ الْمُصَنِّفُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَحَقِيقَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقِفَ الْوَارِثُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ عَلَى وَارِثٍ وَعَلَى غَيْرِ وَارِثٍ وَعَلَى عَقِبِهِمْ فَلَا مَفْهُومَ لِمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ) أَيْ وَهُمْ الَّذِينَ سُمِّيَتْ الْمَسْأَلَةُ بِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَعَقَّبَهُ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ عَقَّبَ وَقْفَهُ أَيْ أَدْخَلَ فِيهِ عَقِبَهُ.
(قَوْلُهُ: بَطَلَ عَلَى الْأَوْلَادِ وَصَحَّ عَلَى أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) يَعْنِي أَنَّهُ تُقْسَمُ ذَاتُ الْوَقْفِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ فَمَا نَابَ الْأَوْلَادَ تَكُونُ ذَاتُهُ إرْثًا وَمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ يَكُونُ وَقْفًا كَمَا فِي بْن عَنْ التَّوْضِيحِ. (قَوْلُهُ: فَيَدْخُلَانِ) أَيْ إنْ مَنَعَتَا مَا فَعَلَهُ مُوَرِّثُهُمَا مِنْ وَقْفِهِ فِي الْمَرَضِ وَأَمَّا إنْ أَجَازَتَا فِعْلَهُ فَلَا يَدْخُلَانِ أَصْلًا، هَذَا هُوَ الصَّوَابُ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ إلَخْ) هَذَا تَعْمِيمٌ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ شَرْطَهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيمَا لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ) أَيْ لِأَنَّهُمْ لَا يَأْخُذُونَ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ بَلْ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ وَأَخْذُ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ تَبَعًا فَلَا تُقْسَمُ السِّهَامُ عَلَى رُءُوسِهِمْ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ فِيمَا خَصَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ؛ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ عَلَى حُكْمِ الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ تَفَاضُلٍ) أَيْ لِلذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: وَلِكَوْنِهِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَمْ يَبْطُلْ، مُقَدِّمَةٌ عَلَى الْمَعْلُومِ أَيْ وَلَمْ يَبْطُلْ مَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِمْ فِي الْمَرَضِ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُعَقَّبًا وَقَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ عِلَّةٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ أَيْ وَانْتَفَى الْبُطْلَانُ لِكَوْنِ الْوَقْفِ مُعَقَّبًا لِتَعَلُّقِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لِتَعَلُّقِ حَقِّ غَيْرِهِمْ) وَهُمْ أَوْلَادُ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ بِهِ أَيْ بِمَا نَابَ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ؛ لِأَنَّ أَوْلَادَ الْأَعْيَانِ إذَا مَاتُوا رَجَعَ الْوَقْفُ لِأَوْلَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: عَلَى طَرِيقَةِ الْفَرْضِيِّينَ) أَيْ الَّذِينَ لَا يُعْطُونَ كَسْرًا. (قَوْلُهُ: لِكُلِّ وَاحِدٍ سَبْعَةَ عَشَرَ) وَاعْلَمْ أَنَّ الْقِسْمَةَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ إنَّمَا هِيَ لِغَلَّةِ الْوَقْفِ لَا لِذَاتِهِ إذْ لَا يَجُوزُ قَسْمُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ قِسْمَةَ مَنَافِعَ تَأَمَّلْ.
(تَنْبِيهٌ) تَكَلَّمَ الْمُصَنِّفُ وَالشَّارِحُ عَلَى حُكْمِ مَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَوْلَادِهِمْ وَعَقِبِهِمْ دُونَ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا عَلَى مَا إذَا حَبَّسَ عَلَيْهِمَا مَنْ ذُكِرَ وَالصَّوَابُ كَمَا ذَكَرَهُ بْن قَسْمُ الْوَقْفِ عَلَى رُءُوسِ الْجَمِيعِ ابْتِدَاءً ثُمَّ يُقْسَمُ مَا نَابَ الْوَرَثَةَ عَلَى حُكْمِ الْفَرَائِضِ وَلَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ فِيهِمْ. (قَوْلُهُ: وَانْتَقَضَ الْقَسْمُ الْمَذْكُورُ) أَيْ وَهُوَ الْقَسْمُ عَلَى سَبْعَةٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَحَدِهِمَا) فَإِذَا حَدَثَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَاحِدٌ مَثَلًا، أَوْ حَدَثَ وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَيُتَصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا كَانَ لِلْوَاقِفِ وَلَدٌ غَائِبٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ حِينَ الْقَسْمِ، ثُمَّ
لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْهَا لِلْأُمِّ السُّدُسُ وَلِلزَّوْجَةِ الثُّمُنُ مِنْهُمَا وَالْبَاقِي يُقْسَمُ عَلَى ثَلَاثَةٍ الِاثْنَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَأَخِيهِمَا الْمَيِّتِ فَإِنَّهُ يُقَدَّرُ حَيَاتُهُ وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَارِثِهِ مَفْضُوضًا عَلَى الْفَرَائِضِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ اثْنَانِ فَلَوْ مَاتَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ كُلُّهُمْ رَجَعَ الْوَقْفُ جَمِيعُهُ لِوَلَدِ الْوَلَدِ مَعَ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ لِأَنَّ أَخْذَهُمَا إنَّمَا كَانَ تَبَعًا لِلْأَوْلَادِ فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ وَاحِدًا مِنْ الْأَوْلَادِ صَارَ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ النِّصْفُ كَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَوْ مَاتَ اثْنَانِ فَالْقِسْمَةُ مِنْ خَمْسَةٍ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ ثَلَاثَةٌ وَلَوْ مَاتُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْوَقْفُ كُلُّهُ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ وَالْقِسْمَةُ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِلْأُمِّ سُدُسُهَا وَلِلزَّوْجَةِ ثُمُنُهَا فَإِنْ مَاتَ السَّبْعَةُ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ (لَا) مَوْتِ (الْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ) فَلَا يَنْتَقِضُ وَلَكِنْ يَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ وَقْفًا مَا بَقِيَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلَادِ الْأَعْيَانِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ فَلَيْسَتْ الْمَالَ فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ رَجَعَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، وَإِذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ (فَيَدْخُلَانِ) أَيْ الْأُمُّ وَالزَّوْجَةُ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِ مَنْ ذُكِرَ (وَدَخَلَا فِيمَا زِيدَ لِلْوَلَدِ) أَيْ لِوَلَدِ الْأَعْيَانِ بِمَوْتِ وَاحِدٍ مَثَلًا مِنْ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، أَوْ مِنْ الْفَرِيقَيْنِ وَلَوْ حَذَفَ قَوْلَهُ وَدَخَلَا إلَخْ مَا ضَرَّ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَيَدْخُلَانِ شَامِلٌ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ.
وَأَشَارَ لِلرُّكْنِ الرَّابِعِ وَهُوَ الصِّيغَةُ مُعَلِّقًا لَهُ ب صَحَّ بِقَوْلِهِ (بِحَبَسْتُ وَوَقَفْتُ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ (وَتَصَدَّقْتُ) الْأَوْلَى وَكَتَصَدَّقْتُ لِيَرْجِعَ الشَّرْطُ وَهُوَ قَوْلُهُ (إنْ قَارَنَهُ قَيْدٌ) فَلَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ فَقَطْ وَأَمَّا الصِّيغَتَانِ قَبْلَهُ فَلَا يَفْتَقِرَانِ لِقَيْدٍ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ (أَوْ جِهَةٍ) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ أَيْ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ جِهَةٍ (لَا تَنْقَطِعُ) كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ، أَوْ الْمَسَاجِدِ فَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ حَبَسْت، أَوْ وَقَفْت فَظَاهِرٌ، وَإِنْ كَانَ بِلَفْظِ تَصَدَّقْت فَلَا بُدَّ مِنْ قَيْدٍ نَحْوُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ، وَإِلَّا كَانَ مِلْكًا لَهُمْ يُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهُ بِالِاجْتِهَادِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ أَوْ لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ (أَوْ لِمَجْهُولٍ، وَإِنْ حُصِرَ) لَا وَجْهَ لِلْمُبَالَغَةِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمَحْصُورِ هُوَ الْجِهَةُ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ أُجِيبَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
حَضَرَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّهُ ابْنُ الْوَاقِفِ فَتَنْتَقِضُ الْقِسْمَةُ. (قَوْلُهُ: لَهُمْ سَهْمَانِ مِنْهَا) أَيْ مِنْ السِّتَّةِ. (قَوْلُهُ: وَلَكِنَّ نَصِيبَهُ لِوَارِثِهِ) أَيْ وَيَأْخُذُ مَعَ ذَلِكَ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الْوَقْفِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: مَعَ مَا بِيَدِ) أَيْ مَعَ رُجُوعِ مَا بِيَدِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ. (قَوْلُهُ: كَأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ) أَيْ وَأُعِيدَتْ الْقِسْمَةُ مِنْ سِتَّةٍ. (قَوْلُهُ: لِلْأُمِّ سُدُسُهَا إلَخْ) أَيْ وَلَيْسَ لِوَاحِدٍ تَصَرُّفٌ فِيمَا يَخُصُّهُ بِبَيْعٍ وَنَحْوِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ) أَيْ الْقَسْمُ بِمَوْتِ إحْدَاهُمَا. (قَوْلُهُ: وَلَكِنْ يَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهِ وَقْفًا إلَخْ) فِيهِ أَنَّ وَرَثَتَهُمَا لَيْسُوا مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ وَقْفًا أَيْ فَيَرْجِعُ مَنَابُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمَا لِوَرَثَتِهَا عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ وَقْفًا عَدَمَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ عَلَى حُكْمِ الْمِيرَاثِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا وَارِثٌ إلَخْ) هَذَا ظَاهِرٌ فِي الزَّوْجَةِ فَإِنَّ زَوْجَةَ الْأَبِ قَدْ تَكُونُ أَجْنَبِيَّةً مِنْ الْأَوْلَادِ، وَأَمَّا الْأُمُّ فَيُفْرَضُ عَدَمُ الْوَارِثِ لَهَا فِي الْقِيَامِ مَانِعُ الْإِرْثِ بِالْأَوْلَادِ كَقَتْلِهِمْ لَهَا تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الزَّوْجَةِ وَالْأُمِّ وَبَعْدَ رُجُوعِ نَصِيبِهِمَا لِوَارِثِهِمَا، وَقَوْلُهُ: رَجَعَ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ أَيْ رَجَعَ مَا كَانَ لِلْأُمِّ وَالزَّوْجَةِ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَكَذَا لَوْ انْقَرَضَ أَوْلَادُ الْأَعْيَانِ قَبْلَ مَوْتِهِمَا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مَا كَانَ لَهُمَا لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَلَا يُنْتَظَرُ مَوْتُهُمَا؛ لِأَنَّ أَخْذَهُمَا كَانَ بِالتَّبَعِ لِأَوْلَادِ الْأَعْيَانِ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا انْتَقَضَ إلَخْ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْفَاءَ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَيَدْخُلَانِ وَاقِعَةٌ فِي جَوَابِ شَرْطٍ مُقَدَّرٍ. (قَوْلُهُ: شَامِلٌ لِلنَّقْصِ وَالزِّيَادَةِ) أَيْ لِأَنَّ الْمَعْنَى، وَإِذَا انْتَقَضَ الْقَسْمُ بِحُدُوثِ وَلَدٍ أَوْ مَوْتِهِ فَيَدْخُلَانِ أَيْ فِي النَّقْصِ الْحَاصِلِ بِحُدُوثِهِ وَالزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ بِمَوْتِهِ.
(قَوْلُهُ: بِحَبَسْتُ وَوَقَفْتُ) أَيْ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُمَا كَالتَّخْلِيَةِ بَيْنَ كَمَسْجِدٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ وَلَا فَرْضًا دُونَ نَفْلٍ فَإِذَا بَنَى مَسْجِدًا وَأَذَّنَ فِيهِ لِلنَّاسِ فَذَلِكَ كَالتَّصْرِيحِ بِأَنَّهُ وَقْفٌ، وَإِنْ لَمْ يَخُصَّ زَمَانًا وَلَا قَوْمًا وَلَا قَيَّدَ الصَّلَاةَ بِكَوْنِهَا فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا فَلَا يَحْتَاجُ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَيُحْكَمُ بِوَقْفِيَّتِهِ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ) أَيْ وَهُوَ ح حَيْثُ جَعَلَ الْقَيْدَ رَاجِعًا لِلصِّيَغِ الثَّلَاثَةِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ " حَبَسْتُ "" وَوَقَفْتُ " يُفِيدَانِ التَّأْبِيدَ سَوَاءٌ قَيَّدَ بِجِهَةٍ لَا تَنْحَصِرُ، أَوْ بِمُعَيَّنٍ أَوْ بِمَجْهُولٍ، أَوْ مَحْصُورٍ كَوَقَفْتُ وَحَبَّسْتُ دَارِي عَلَى الْفُقَرَاءِ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى بَنِي فُلَانٍ إلَّا فِي الصُّورَةِ الْآتِيَةِ وَهِيَ مَا إذَا ضَرَبَ لِلْوَقْفِ أَجَلًا، أَوْ قَيَّدَهُ بِحَيَاةِ شَخْصٍ وَأَمَّا لَفْظُ الصَّدَقَةِ فَلَا يُفِيدُ التَّأْبِيدَ إلَّا إذَا قَارَنَهُ قَيْدٌ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ح أَوَّلَ تَقْرِيرِهِ مِنْ أَنَّ الْقَيْدَ رَاجِعٌ لِلثَّلَاثَةِ وَخِلَافُ مَا لِابْنِ شَعْبَانَ وَابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ رُجُوعِهِ لِحَبَسْتُ وَتَصَدَّقْتُ فَقَطْ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: أَوْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ) أَيْ أَوْ أَهْلِ مَدْرَسَةِ كَذَا أَوْ أَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْوَقْفُ عَلَى الْمُعَيَّنِ أَوْ عَلَى الْجِهَةِ الَّتِي لَا تَنْقَطِعُ وَقَوْلُهُ فَظَاهِرٌ أَيْ فَظَاهِرٌ صِحَّتُهُ مِنْ غَيْرِ افْتِقَارٍ لِقَيْدٍ. (قَوْلُهُ: نَحْوُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ) أَيْ وَكَذِكْرِ الْعَقِبِ كَصَدَقَةٍ عَلَيْهِ وَعَلَى عَقِبِهِ فَهُوَ قَرِينَةٌ عَلَى الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: لَا وَجْهَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ " أَوْ لِمَجْهُولٍ إلَخْ " عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَوْ جِهَةٍ " لَا تَنْقَطِعُ فَإِذَا جَعَلْت الْوَاوَ لِلْمُبَالَغَةِ كَانَ مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ عَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ يَقْتَضِي الْمُغَايَرَةَ
بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ، وَإِنْ زَائِدَةٌ أَيْ يَصِحُّ الْوَقْفُ وَيَتَأَبَّدُ إذَا وَقَعَ لِمَجْهُولٍ مَحْصُورٍ كَعَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ وَلَوْ بِلَفْظِ تَصَدَّقْتُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ " وَعَقِبِهِ " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ وَقْفٌ وَالْمُرَادُ بِالْمَحْصُورِ مَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ وَبِغَيْرِهِ مَا لَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ.
وَيَثْبُتُ الْوَقْفُ بِالْبَيِّنَةِ وَبِالْإِشَاعَةِ بَيْنَ النَّاسِ وَبِالْكِتَابَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ وَالْحَيَوَانِ وَعَلَى كُتُبِ الْعِلْمِ مِنْ مَدْرَسَةٍ بِهَا كُتُبٌ مَشْهُورَةٌ لَا كِتَابٍ لَمْ يَشْتَهِرْ كَوْنُهُ مِنْ مَحَلٍّ مَشْهُورٍ.
(وَرَجَعَ) الْوَقْفُ (إنْ انْقَطَعَ) بِانْقِطَاعِ الْجِهَةِ الَّتِي حُبِّسَ عَلَيْهَا حَبْسًا (لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ) نَسَبًا وَلَا يَدْخُلُ فِيهِمْ الْوَاقِفُ وَلَوْ فَقِيرًا وَلَا مَوَالِيهِ فَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاءَ، أَوْ لَمْ يُوجَدُوا فَلِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِهِمْ وَهَكَذَا فَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا فَلِلْفُقَرَاءِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَيَسْتَوِي فِي الْمَرْجِعِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَلَوْ كَانَ الْوَاقِفُ شَرَطَ فِي أَصْلِ وَقْفِهِ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 11] ؛ لِأَنَّ مَرْجِعَهُ لَيْسَ إنْشَاءَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ، وَيُعْتَبَرُ فِي التَّقْدِيمِ قَوْلُهُ فِي النِّكَاحِ وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ وَلَوْ أَخَذَ الْفَقِيرُ كِفَايَتَهُ وَاسْتَغْنَى هَلْ يُرَدُّ عَلَيْهِ الْبَاقِي، أَوْ يُعْطَى لِمَنْ بَعْدَهُ؟ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الثَّانِي، وَإِنْ رُجِّحَ الْأَوَّلَ (وَ) رَجَعَ إلَى (امْرَأَةٍ لَوْ رُجِّلَتْ) أَيْ قُدِّرَتْ رَجُلًا (عَصَبَ) أَيْ كَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُقَدَّرُ عَاصِبًا كَالْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ فَخَرَجَتْ الْخَالَةُ وَالْأُخْتُ لِلْأُمِّ وَالْجَدَّةُ مِنْ جِهَةِ الْأُمِّ وَبِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْ ذُكِرَ لَا يَكُونُ عَصَبَةً فَقَوْلُهُ عَصَبَ أَيْ مَعَ بَقَاءِ مَنْ أَدْلَى بِهِ عَلَى حَالِهِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ، وَإِلَّا لَمْ تَخْرُجْ بِنْتُ الْبِنْتِ وَبِنْتُ الْعَمَّةِ ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْأَةُ تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْوَاوَ لِلْحَالِ) أَيْ وَالْمُسَوِّغُ لِمَجِيءِ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ عَطْفُهَا عَلَى نَكِرَةٍ مَوْصُوفَةٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ اقْتِرَانَ الْجُمْلَةِ الْحَالِيَّةِ بِالْوَاوِ مُسَوِّغٌ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ قَوْلَهُ وَعَقِبِهِ دَلِيلٌ إلَخْ) هَذَا جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ قَامَتْ الصَّدَقَةُ عَلَى الْمَجْهُولِ الْمَحْصُورِ مَقَامَ لَفْظِ الْحَبْسِ، وَإِنْ لَمْ يُقَارِنْهَا قَيْدٌ بِخِلَافِ الْمَجْهُولِ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَصَدَقَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ فِي الْأَوَّلِ شَبَهًا بِالْوَقْفِ لِتَعَلُّقِ الصَّدَقَةِ بِغَيْرِ الْمَوْجُودِ كَالْعَقِبِ إذْ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُوجَدْ فَلِذَا جُعِلَ حَبْسًا لِلُزُومِ تَعْمِيمِهِمْ وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّ الصَّدَقَةَ إنَّمَا تَعَلَّقَتْ بِمَوْجُودٍ وَهُمْ الْفُقَرَاءُ وَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ. (قَوْلُهُ: مَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ) كَبَنِي فُلَانٍ وَذُرِّيَّةِ فُلَانٍ وَقَوْلُهُ: مَا لَا يُحَاطُ بِأَفْرَادِهِ أَيْ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمِنْ غَيْرِ الْمَحْصُورِ كَأَهْلِ مَسْجِدِ كَذَا وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ تَعْمِيمُهُمْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ أَهْلَ مَسْجِدِ كَذَا يَفْعَلُونَ كَذَا مِنْ الْمَعَاصِي لَا يُعَدُّ غِيبَةً.
. (قَوْلُهُ: وَبِالْكِتَابَةِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَدَارِسِ) أَيْ كَأَنْ يُوجَدَ مَكْتُوبٌ عَلَى بَابِ مَدْرَسَةٍ: وَقْفُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، أَوْ السُّلْطَانِ فُلَانٍ. (قَوْلُهُ: بِهَا كُتُبٌ) مُتَعَلِّقٌ بِمَشْهُورَةٍ أَيْ مَشْهُورَةٌ بِأَنَّ بِهَا كُتُبًا وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَكْتُوبًا عَلَى كِتَابٍ وَقْفٌ لِلَّهِ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ فَإِنَّهُ لَا يُثْبِتُ بِذَلِكَ وَقْفِيَّةً حَيْثُ كَانَتْ وَقْفِيَّتُهُ مُطْلَقَةً فَإِنْ وُجِدَ مَكْتُوبًا عَلَيْهِ وَقْفٌ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِالْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ أَوْ وَقْفٌ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَمَقَرُّهُ بِالْمَدْرَسَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِنْ كَانَتْ مَشْهُورَةً بِالْكُتُبِ ثَبَتَتْ وَقْفِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَشْهُورَةً بِذَلِكَ لَمْ تَثْبُتْ وَقْفِيَّتُهُ. (قَوْلُهُ: لَا كِتَابٍ) أَيْ لَا بِالْكِتَابَةِ عَلَى كِتَابٍ. (قَوْلُهُ: مِنْ مَحَلٍّ مَشْهُورٍ) أَيْ بِوَقْفِ الْكُتُبِ فِيهِ.
(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ الْوَقْفُ) أَيْ الْمُؤَبَّدُ وَأَمَّا الْوَقْفُ الْمُؤَقَّتُ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا عَلَى كَعَشَرَةٍ حَيَاتَهُمْ وَقَوْلُهُ: وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ أَيْ وَلَوْ فِي حَيَاةِ الْمُحَبِّسِ؛ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ لَهُمْ حَبْسًا كَمَا قَالَ الشَّارِحُ يَنْتَفِعُونَ بِهِ انْتِفَاعَ الْوَقْفِ وَلَا يَدْخُلُ الْوَاقِفُ فِي الْمَرْجِعِ وَلَوْ فَقِيرًا وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا، وَإِلَّا لَاخْتَصَّ الْوَاقِفُ بِهِ وَكَانَتْ تَدْخُلُ الْمَرْأَةُ الْوَارِثَةُ وَلَوْ لَمْ تُقَدَّرْ رَجُلًا. (قَوْلُهُ: وَلَا مَوَالِيهِ) أَيْ الَّذِينَ لَهُمْ عَلَيْهِ وَلَاءٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانُوا) أَيْ أَقْرَبُ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: فَلِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِهِمْ) أَيْ عَصَبَةِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ إنْشَاءَهُ) أَيْ حَتَّى يُعْمَلَ فِيهِ بِشَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَهُ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ بِحُكْمِ الشَّرْعِ) أَيْ وَإِنَّمَا حَكَمَ بِهِ الشَّرْعُ عِنْدَ انْقِطَاعِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ فَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ قَالَ إنْ انْقَطَعَ وَرَجَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَتِي {فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنْثَيَيْنِ} [النساء: 176] فَانْظُرْ هَلْ يُعْمَلُ بِهِ أَمْ لَا، قَالَ بْن وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِشَرْطِهِ حَيْثُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمَرْجِعِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ صَارَ بِذَلِكَ فِي مَعْنَى الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ فِي التَّقْدِيمِ) أَيْ تَقْدِيمِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبَّسِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ. (قَوْلُهُ: وَقُدِّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ) أَيْ فَأَبٌ فَأَخٌ فَجَدٌّ فَعَمٌّ فَابْنُهُ فَالْأَخُ وَابْنُهُ يُقَدَّمَانِ عَلَى الْجَدِّ. (قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَى امْرَأَةٍ إلَخْ) أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ " وَامْرَأَةٍ " عَطْفٌ عَلَى " أَقْرَبِ "؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهَا بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ تَدْخُلُ فِي الْمَرْجِعِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ أَوْ مُسَاوِيَةً لَهُ وَيَصِحُّ الْعَطْفُ عَلَى " فُقَرَاءِ " أَيْضًا وَالْمَعْنَى وَرَجَعَ لِأَقْرَبِ امْرَأَةٍ إلَخْ وَهَذَا لَا يُفِيدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ، وَإِنَّمَا يُفِيدُ اعْتِبَارَ الْقُرْبِ فِي أَفْرَادِ النِّسَاءِ بَعْضِهِنَّ مَعَ بَعْضٍ وَهَذَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَمَا اُعْتُبِرَ ذَلِكَ فِي أَفْرَادِ الْعَصَبَةِ، نَعَمْ لَا يَصِحُّ الْعَطْفُ عَلَى " عَصَبَةِ " لِفَسَادِهِ إذْ الْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَرَجَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ امْرَأَةٍ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الرُّجُوعِ لِلْمَرْأَةِ نَفْسِهَا لَا لِأَقْرَبِ فُقَرَائِهَا. (قَوْلُهُ: وَالْعَمَّةِ وَبِنْتِ الْعَمِّ) أَيْ وَكَالْأُخْتِ فَإِذَا كَانَ يَوْمَ الْمَرْجِعِ لَيْسَ لَهُ إلَّا بِنْتٌ، أَوْ أُخْتٌ وَاحِدَةٌ وَكَانَتْ فَقِيرَةً كَانَ لَهَا جَمِيعُ الْوَقْفِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لِمَنْ أَدْلَتْ بِهِ رَجُلًا. (قَوْلُهُ: ثُمَّ هَذِهِ الْمَرْأَةُ) أَيْ الَّتِي لَوْ قُدِّرَتْ
وَإِنْ سَاوَتْ عَاصِبًا مَوْجُودًا كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَغَيْرِهِ فَمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، وَإِنَّمَا تُعْطَى إذَا كَانَتْ فَقِيرَةً خِلَافًا لِمَنْ قَالَ تُعْطَى وَلَوْ غَنِيَّةً؛ لِأَنَّهَا فَقِيرَةٌ بِالطَّبْعِ (فَإِنْ ضَاقَ) الْحَبْسُ الرَّاجِعُ عَنْ الْكِفَايَةِ فِي الْغَلَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْهُ (قُدِّمَ الْبَنَاتُ) أَيْ عَلَى الْإِخْوَةِ لَا عَلَى الِابْنِ وَمَعْنَى " قُدِّمَ " اخْتَصَصْنَ بِمَا يُغْنِيهِنَّ لَا إيثَارُهُنَّ بِالْجَمِيعِ وَلَوْ زَادَ عَلَى مَا يُغْنِيهِنَّ قَالَ ابْنُ هَارُونَ الْمَشْهُورُ أَنَّ الْبِنْتَ إنْ كَانَتْ مُسَاوِيَةً لِلْعَاصِبِ شَارَكَتْهُ فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ وَإِنْ كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْهُ قُدِّمَتْ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ، وَإِنْ كَانَتْ أَبْعَدَ مِنْهُ قُدِّمَ الْعَاصِبُ عَلَيْهَا فِي السَّعَةِ وَالضِّيقِ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ قُدِّمَ الْأَقْرَبُ مِنْ الْإِنَاثِ لَكَانَ أَشْمَلَ وَأَقْرَبَ لِلصَّوَابِ لِتَنَاوُلِهِ نَحْوَ الْأُخْتِ مَعَ ابْنِ الْأَخِ، وَإِفَادَتِهِ الِاشْتِرَاكَ مَعَ التَّسَاوِي.
(وَ) إنْ وَقَفَ (عَلَى اثْنَيْنِ) مُعَيَّنَيْنِ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو (وَبَعْدَهُمَا) أَيْ بَعْدَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ (عَلَى الْفُقَرَاءِ) فَيَكُونُ (نَصِيبُ مَنْ مَاتَ) مِنْهُمَا (لَهُمْ) أَيْ لِلْفُقَرَاءِ لَا لِلْحَيِّ مِنْهُمَا وَسَوَاءٌ قَالَ حَيَاتَهُمَا أَمْ لَا وَأُخِذَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا مِنْهُمْ أَبَدًا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى مَعْنَاهَا أَنَّ كُلَّ أَصْلٍ يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ دُونَ فَرْعِ غَيْرِهِ وَكَذَا فِي تَرْتِيبِ الْوَاقِفِ الطَّبَقَاتِ كَعَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ فَيُعْمَلَ بِهِ؛ لِأَنَّ أَلْفَاظَ الْوَاقِفِ مَبْنَاهَا عَلَى الْعُرْفِ ذَكَرَهُ الْأُجْهُورِيُّ، ثُمَّ اُسْتُثْنِيَ مِنْ قَوْلِ " نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ " قَوْلُهُ (إلَّا كَعَلَى عَشَرَةٍ) عَيَّنَهُمْ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ فِي الْمَعْنَى عَلَى عَشَرَةٍ فَالْمُرَادُ عَدَدٌ مَحْصُورٌ قَلَّ أَوْ كَثُرَ (حَيَاتَهُمْ) لَا مَفْهُومَ لَهُ أَيْ أَوْ حَيَاةَ زَيْدٍ وَكَذَا إنْ قَيَّدَ بِأَجَلٍ كَعَشْرِ سِنِينَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِأَصْحَابِهِ فَإِنْ بَقِيَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَالْجَمِيعُ لَهُ فَإِنْ انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ الْحَبْسُ مِلْكًا لِمَالِكِهِ أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (فَيُمْلَكُ بَعْدَهُمْ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَا قَبْلَهَا أَنَّ مَا قَبْلَهَا لَمَّا كَانَ الْوَقْفُ مُسْتَمِرًّا فِيهَا اُحْتِيطَ لِجَانِبِ الْفُقَرَاءِ فَكَانَ لَهُمْ بَعْدَ كُلٍّ وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ مِلْكًا اُحْتِيطَ لِجَانِبِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ لِيَسْتَمِرَّ الْوَقْفُ طُولَ حَيَاتِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقُلْ حَيَاتَهُمْ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
رَجُلًا عَصَبَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَاوَتْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ بَلْ، وَإِنْ سَاوَتْهُ لَا إنْ كَانَ الْعَاصِبُ أَقْرَبَ مِنْهَا فَلَا تُعْطَى بِالْأَوْلَى مِنْ الْعَاصِبِ الْحَقِيقِيِّ فَإِنَّهُ لَا يُعْطَى إذَا كَانَ هُنَاكَ عَاصِبٌ أَقْرَبُ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: فَمَا فَهِمَهُ الْقَرَافِيُّ) أَيْ مِنْ إعْطَائِهَا، وَإِنْ سَاوَتْ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ) أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطَ كَوْنَهَا أَقْرَبَ مِنْ الْعَاصِبِ الْحَقِيقِيِّ.
(قَوْلُهُ: الرَّاجِعُ) أَيْ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ. (قَوْلُهُ: لَا عَلَى الِابْنِ) أَيْ لِأَنَّ الْبَنَاتِ يُشَارِكْنَ الِابْنَ. (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ هَارُونَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْأَقْسَامَ ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ مُشَارَكَةُ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ وَذَلِكَ إذَا تَسَاوَى الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ كَأَخٍ وَأَخَوَاتٍ وَابْنٍ وَبَنَاتٍ، الثَّانِي عَدَمُ الْمُشَارَكَةِ فِي الضِّيقِ وَالسَّعَةِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ النِّسَاءُ أَبْعَدَ مِنْ الْعَاصِبِ أَيْ كَأَخَوَاتٍ مَعَ الِابْنِ وَكَأَخٍ وَعَمَّةٍ، وَالثَّالِثُ الْمُشَارَكَةُ فِي السَّعَةِ دُونَ الضِّيقِ وَذَلِكَ إذَا كَانَ النِّسَاءُ أَقْرَبَ كَبِنْتٍ وَعَمٍّ، أَوْ أَخٍ؛ لِأَنَّ الْأُنْثَى تَأْخُذُ أَوَّلًا مَا يَكْفِيهَا عِنْدَ سَعَةِ الْغَلَّةِ وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ يَكُونُ لِلرَّجُلِ الْأَبْعَدِ مِنْهَا فَإِنْ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَا تَزِيدُ عَنْ كِفَايَتِهَا اخْتَصَّتْ بِهَا.
(قَوْلُهُ: يَحْجُبُ فَرْعَهُ فَقَطْ) بِهَذَا أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ وَخَالَفَهُ عَصْرِيُّهُ ابْنُ الْحَاجِّ غَيْرَ صَاحِبِ الْمَدْخَلِ كَمَا فِي الْبَدْرِ.
وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا مَاتَ وَاحِدٌ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ يَكُونُ حَظُّهُ لِوَلَدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ فِي الْوَقْفِ بِاعْتِبَارِ كُلِّ وَاحِدٍ وَحْدَهُ أَيْ عَلَى فُلَانٍ، ثُمَّ وَلَدِهِ وَعَلَى فُلَانٍ ثُمَّ وَلَدِهِ وَهَكَذَا فَكُلُّ مَنْ مَاتَ انْتَقَلَ حَظُّهُ لِوَلَدِهِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا إنَّمَا يَحْجُبُ فَرْعَهُ دُونَ فَرْعِ غَيْرِهِ وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِّ بَلْ يَكُونُ حَظُّ مَنْ مَاتَ مِنْ الْعُلْيَا لِبَقِيَّةِ إخْوَتِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّرْتِيبَ بِاعْتِبَارِ الْمَجْمُوعِ أَيْ لَا يَنْتَقِلُ لِلطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ حَتَّى لَا يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ الْعُلْيَا، ثُمَّ إنَّهُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ إذَا انْقَرَضَتْ الْعُلْيَا وَانْتَقَلَ الْوَقْفُ لِلطَّبَقَةِ السُّفْلَى هَلْ يُسَوَّى بَيْنَ أَفْرَادِ السُّفْلَى وَهُوَ مَا للح أَوْ يُعْطَى لِكُلِّ سِلْسِلَةٍ مَا لِأَصْلِهَا وَهُوَ مَا لِلنَّاصِرِ اللَّقَانِيِّ اُنْظُرْ بْن وَفِي ح عَنْ فَتْوَى بَعْضِ مَشَايِخِهِ لَوْ قَالَ الْوَاقِفُ وَمَنْ مَاتَ فَنَصِيبُهُ لِأَهْلِ طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ فَمَاتَ الْوَلَدُ الَّذِي مَاتَ أَبُوهُ، أَوْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَيْهِ فَإِنَّ نَصِيبَهُ لِمَنْ فِي دَرَجَتِهِ وَلَوْ مَعَ حَيَاةِ أُصُولِهِمْ وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ قَوْلُهُ: مِنْ أَهْلِ هَذَا الْوَقْفِ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلٌ مَآلًا. (قَوْلُهُ: حَيَاتَهُمْ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ وَبَعْدَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ، وَإِلَّا كَانَ الْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: أَوْ حَيَاةَ زَيْدٍ إلَخْ) فَلَوْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ حَبْسٌ عَلَى هَؤُلَاءِ الْعَشَرَةِ حَيَاةَ زَيْدٍ وَمَاتَ زَيْدٌ قَبْلَهُمْ فَلَا يَبْقَى مَعَهُمْ بَلْ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَ حَيًّا وَلِوَارِثِهِ إنْ مَاتَ وَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ وَارِثٌ؛ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ حَتَّى يَنْتَقِلَ لِوَارِثِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ يَرْجِعُ مِلْكًا) الْأَنْسَبُ: وَلَمَّا كَانَ فِي هَذِهِ الْوَقْفُ غَيْرُ مُسْتَمِرٍّ اُحْتِيطَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُقَيِّدْ بِأَجَلٍ) أَيْ وَلَمْ يَقُلْ وَبَعْدَهُمْ لِلْفُقَرَاءِ بِأَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى الْقَوْمِ الْفُلَانِيِّينَ فَقَطْ فَكُلُّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ نَصِيبُهُ لِمَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِهِ فَإِذَا انْقَرَضُوا كُلُّهُمْ رَجَعَ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ بَعْدَ انْقِرَاضِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَّا إذَا قَيَّدَ بِالْحَيَاةِ أَوْ بِأَجَلٍ وَلَمْ يَقُلْ، ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ فَإِنْ لَمْ يُقَيِّدْ وَلَمْ يَقُلْ ثُمَّ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ رَجَعَ بَعْدَ انْقِرَاضِهِمْ مَرَاجِعَ الْأَحْبَاسِ، وَإِنْ قَيَّدَ
عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَ) إنْ حَبَّسَ (فِي) شَأْنِ مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ (كَقَنْطَرَةٍ) وَمَدْرَسَةٍ وَمَسْجِدٍ فَخَرِبَتْ (وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) صُرِفَ (فِي مِثْلِهَا) حَقِيقَةً إنْ أَمْكَنَ فَيُنْقَلُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ بَدَلَ الْأَوَّلِ وَكَذَا يُنْقَلُ الْقُرْآنُ أَوْ الْعِلْمُ الَّذِي رُتِّبَ فِيهِ لِآخَرَ أَوْ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ صُرِفَ فِي مِثْلِهَا نَوْعًا أَيْ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى (وَإِلَّا) بِأَنْ رُجِيَ عَوْدُهَا (وُقِفَ لَهَا) لِيُصْرَفَ فِي التَّرْمِيمِ أَوْ الْإِحْدَاثِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْإِصْلَاحِ.
(وَ) إنْ قَالَ هَذَا الشَّيْءُ (صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ)(فَلَهُ) أَيْ فَيَكُونُ لَهُ مِلْكًا (أَوْ) صَدَقَةٌ (لِلْمَسَاكِينِ فُرِّقَ ثَمَنُهَا) عَلَيْهِمْ (بِالِاجْتِهَادِ) بَعْدَ بَيْعِهَا مِنْ حَاكِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةٌ عَلَى ذَلِكَ.
(وَلَا يُشْتَرَطُ) فِي الْوَقْفِ (التَّنْجِيزُ) كَالْعِتْقِ نَحْوُ إذَا جَاءَ الْعَامُ الْفُلَانِيُّ أَوْ حَضَرَ فُلَانٌ فَدَارِي وَقْفٌ عَلَى كَذَا أَوْ فَعَبْدِي حُرٌّ فَيَلْزَمُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ (وَحُمِلَ) الْوَقْفُ (فِي الْإِطْلَاقِ) عَنْ التَّقْيِيدِ بِأَجَلٍ أَوْ تَنْجِيزٍ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى التَّنْجِيزِ (كَتَسْوِيَةِ أُنْثَى بِذَكَرٍ) أَيْ كَمَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْوَاقِفِ دَارِي مَثَلًا وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ - وَلَمْ يُبَيِّنْ تَفْضِيلَ أَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ - عَلَى تَسْوِيَةِ الْأُنْثَى بِالذَّكَرِ فِي الْمَصْرِفِ فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا عُمِلَ بِهِ إلَّا فِي الْمَرْجِعِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا) يُشْتَرَطُ (التَّأْبِيدُ) فَيَصِحُّ مُدَّةً ثُمَّ يَرْجِعُ مِلْكًا.
(وَلَا) يُشْتَرَطُ (تَعْيِينُ مَصْرِفِهِ) فَيَلْزَمُ بِقَوْلِهِ دَارِي وَقْفٌ (وَصُرِفَ) رِيعُهُ إنْ تَعَذَّرَ سُؤَالُ الْمُحَبِّسِ (فِي غَالِبٍ) أَيْ فِيمَا يُقْصَدُ بِالتَّحْبِيسِ عَلَيْهِ غَالِبًا فِي عُرْفِهِمْ كَأَهْلِ الْعِلْمِ، أَوْ الْقِرَاءَةِ (وَإِلَّا) يَكُنْ غَالِبٌ لَهُمْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَوْقَافٌ، أَوْ كَانَ وَلَا غَالِبَ فِيهَا
ــ
[حاشية الدسوقي]
بِمَا ذُكِرَ وَقَالَ مِنْ بَعْدِهِمْ لِلْفُقَرَاءِ رَجَعَتْ حِصَّةُ مَنْ مَاتَ لِلْفُقَرَاءِ مَعَ بَقَاءِ أَصْحَابِهِ. (قَوْلُهُ: عَلَى الْأَصَحِّ) وَهُوَ رِوَايَةُ الْمِصْرِيِّينَ عَنْ مَالِكٍ وَمِنْهُمْ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ وَمُقَابِلُهُ رُجُوعُهُ مِلْكًا وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَدَنِيِّينَ.
(قَوْلُهُ: فِي شَأْنِ مَنْفَعَةٍ) أَيْ فِي شَأْنِ ذِي مَنْفَعَةٍ عَامَّةٍ فَإِذَا قَالَ وَقَفْت هَذِهِ الدَّارَ عَلَى شَأْنِ الْقَنْطَرَةِ الْفُلَانِيَّةِ فَإِنَّ غَلَّتَهَا تُصْرَفُ فِي بِنَاءِ تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ وَفِي تَرْمِيمِهَا؛ لِأَنَّ الشَّأْنَ يَشْمَلُهُمَا فَإِنْ خَرَجَتْ وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا صُرِفَتْ الْغَلَّةُ فِي مِثْلِ تِلْكَ الْقَنْطَرَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَصَالِحِ الْمَسْجِدِ صُرِفَ فِي حُصُرِهِ وَزَيْتِهِ وَلَا يُصْرَفُ لِمُؤَذِّنِهِ، وَإِمَامِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ مَصَالِحِهِ فَإِنْ صَرَفَ لَهُمْ النَّاظِرُ فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِمَا اُنْظُرْ شب. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا) أَيْ لِخُلُوِّ الْبَلَدِ، أَوْ فَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ. (قَوْلُهُ: فِي مِثْلِهَا حَقِيقَةً) أَيْ فِي مِثْلِهَا بِالشَّخْصِ إنْ أَمْكَنَ. (قَوْلُهُ: فَيُنْقَلُ لِمَسْجِدٍ آخَرَ) أَيْ فَيُنْقَلُ مَا حُبِّسَ عَلَى مَسْجِدٍ لِمَسْجِدٍ آخَرَ وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ حَبَّسَ عَلَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ بِمَحَلٍّ عَيَّنَهُ، ثُمَّ تَعَذَّرَ الطَّلَبُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْحَبْسُ وَتُصْرَفُ غَلَّةُ الْوَقْفِ عَلَى الطَّلَبَةِ بِمَحَلٍّ آخَرَ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى) أَيْ وَيُنْقَلُ مَا وُقِفَ عَلَى مَدْرَسَةٍ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى.
. (قَوْلُهُ: فَيَكُونُ لَهُ مِلْكًا) أَيْ فَلَهُ أَنْ يَصْنَعَ بِهِ مَا شَاءَ بِخِلَافِ: صَدَقَةٌ عَلَى فُلَانٍ وَعَقِبِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَقْفًا وَلَا يُشْتَرَطُ الْقَيْدُ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا عَبَّرَ بِالصَّدَقَةِ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ فَإِنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا كَانَ الْمُتَصَدَّقُ بِهِ مِلْكًا إلَّا لِقَيْدٍ وَكَذَا إذَا كَانَ مَجْهُولًا غَيْرَ مَحْصُورٍ كَالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَجْهُولًا مَحْصُورًا كَفُلَانٍ وَعَقِبِهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الْوَقْفُ عَلَى قَيْدٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ) أَيْ قَالَ: دَارِي صَدَقَةٌ لِلْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَقُلْ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوهَبُ وَنَحْوَهُمَا فَإِنَّهَا تَكُونُ لَهُمْ فَتُبَاعُ وَيُفَرَّقُ ثَمَنُهَا. (قَوْلُهُ: فُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ بَلْ لِمُتَوَلِّي التَّفْرِقَةِ أَنْ يُعْطِيَ مَنْ شَاءَ وَيَمْنَعُ مَنْ شَاءَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ تُبَاعُ وَلَمْ تَبْقَ وَتُصْرَفُ غَلَّتُهَا كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الْفُقَرَاءِ؛ لِأَنَّ بَقَاءَهَا يُؤَدِّي لِلنِّزَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ الْحَاضِرُ مِنْ الْمَسَاكِينِ فِي الْبَلَدِ حَالَ الْوَقْفِ عَشَرَةً، ثُمَّ يَزِيدُونَ فَيُؤَدِّي إلَى النِّزَاعِ بِخِلَافِ مَا إذَا بِيعَتْ وَفُرِّقَ ثَمَنُهَا بِالِاجْتِهَادِ فَيَنْقَطِعُ النِّزَاعُ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ التَّعْمِيمُ كَمَا فِي الْوَصِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْوَقْفِ التَّنْجِيزُ) أَيْ بَلْ يَصِحُّ فِيهِ التَّأْجِيلُ كَالْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ) أَيْ فَيَلْزَمُ كُلٌّ مِنْ الْوَقْفِ وَالْعِتْقِ إذَا جَاءَ الْأَجَلُ الَّذِي عَيَّنَهُ فَإِنْ حَدَثَ دَيْنٌ عَلَى الْوَاقِفِ، أَوْ عَلَى الْمُعْتِقِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَضُرَّ فِي عَقْدِ الْعِتْقِ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ وَيَضُرُّ فِي الْحَبْسِ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَكَانَتْ مَنْفَعَتُهُ لِغَيْرِ الْوَاقِفِ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ لَمْ يَضُرَّ حُدُوثُ الدَّيْنِ كَمَا لَوْ آجَرَ الدَّارَ فِي ذَلِكَ الْأَجَلِ وَحَازَهَا الْمُسْتَأْجِرُ، أَوْ جَعَلَ مَنْفَعَتَهَا لِغَيْرِهِ فَخَزَنَ ذَلِكَ الْغَيْرُ فِيهَا وَالْمِفْتَاحُ بِيَدِهِ. (قَوْلُهُ: وَحُمِلَ فِي الْإِطْلَاقِ إلَخْ) أَيْ كَمَا إذَا قَالَ دَارِي وَقْفٌ عَلَى زَيْدٍ وَلَمْ يَقُلْ حَالًا وَلَا بَعْدَ شَهْرٍ مَثَلًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ فَضَّلَ الْأُنْثَى عَلَى الذَّكَرِ، أَوْ الذَّكَرَ عَلَى الْأُنْثَى. (قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَرْجِعِ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُعْمَلُ فِيهِ بِتَفْضِيلِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ) أَيْ فِي صِحَّةِ الْوَقْفِ التَّأْبِيدُ أَيْ وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ اشْتِرَاطَ التَّغْيِيرِ وَالتَّبْدِيلِ وَالْإِدْخَالِ وَالْإِخْرَاجِ مَعْمُولٌ بِهِ وَفِي الْمُتَيْطِيِّ مَا يُفِيدُ مَنْعَ ذَلِكَ ابْتِدَاءً وَيَمْضِي إنْ وَقَعَ فَفِي ح عَنْ النَّوَادِرِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إنْ شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ فِيهِ رَغْبَةٌ بِيعَ وَاشْتُرِيَ غَيْرُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ مَضَى وَعُمِلَ بِشَرْطِهِ اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: فِي عُرْفِهِمْ) أَيْ عُرْفِ أَهْلِ بَلَدِ الْمُحَبِّسِ
(فَالْفُقَرَاءُ) يُصْرَفُ عَلَيْهِمْ بِالِاجْتِهَادِ (وَلَا) يُشْتَرَطُ (قَبُولُ مُسْتَحِقِّهِ) لِأَنَّهُ قَدْ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا وَقَدْ لَا يُتَصَوَّرُ مِنْهُ الْقَبُولُ كَالْمَسْجِدِ وَلِذَا صَحَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ (إلَّا الْمُعَيَّنَ الْأَهْلَ) لِلْقَبُولِ وَهُوَ الْبَالِغُ الرَّشِيدُ فَيُشْتَرَطُ قَبُولُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلًا كَالْمَجْنُونِ وَالصَّغِيرِ قَبِلَ لَهُ وَلِيُّهُ (فَإِنْ رَدَّ) الْمُعَيَّنُ الْأَهْلُ وَلَمْ يَقْبَلْ (فَكَمُنْقَطِعٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِلْفُقَرَاءِ حَبْسًا يُفَرَّقُ عَلَيْهِمْ رِيعُهُ بِالِاجْتِهَادِ فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فَلِلْفُقَرَاءِ.
(وَاتُّبِعَ) وُجُوبًا (شَرْطُهُ) أَيْ الْوَاقِفِ (إنْ جَازَ) شَرْعًا وَمُرَادُهُ بِالْجَوَازِ مَا قَابَلَ الْمَنْعَ فَيَشْمَلُ الْمَكْرُوهَ وَلَوْ مُتَّفَقًا عَلَى كَرَاهَتِهِ فَإِنْ لَمْ يَجُزْ لَمْ يُتَّبَعْ وَمَثَّلَ لِلْجَائِزِ بِقَوْلِهِ (كَتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ) مِنْ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ بِصَرْفِ غَلَّتِهِ عَلَيْهِ، أَوْ بِالتَّدْرِيسِ فِي مَدْرَسَتِهِ (أَوْ نَاظِرٍ) مُعَيَّنٍ وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ فَيُوَلِّي صَاحِبُهُ مَنْ شَاءَ إنْ كَانَ حَيًّا، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ نَاظِرًا فَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ مُعَيَّنًا رَشِيدًا فَهُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى أَمْرَ الْوَقْفِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ رَشِيدٍ فَوَلِيُّهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْتَحِقُّ غَيْرَ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَالْحَاكِمُ يُوَلِّي عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ وَأُجْرَتُهُ مِنْ رِيعِهِ وَكَذَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَمَسْجِدٍ (أَوْ)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: فَالْفُقَرَاءُ) أَيْ سَوَاءٌ كَانُوا بِمَحَلِّ الْوَقْفِ أَوْ كَانُوا بِغَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: فَكَمُنْقَطِعٍ) أَيْ فَهُوَ كَالْوَقْفِ الْمُنْقَطِعِ بِانْقِطَاعِ الْجِهَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهَا. (قَوْلُهُ: ظَاهِرُهُ إلَخْ) قَدْ حَمَلَهُ تت عَلَى ذَلِكَ الظَّاهِرِ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ وَرَدَّهُ طفى بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ بِمَوْجُودٍ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَشْهُورًا فَفِي عَزْوِهِ لِمَالِكٍ وَتَشْهِيرِهِ لِذَلِكَ نَظَرٌ، وَإِنَّمَا الْمَنْقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا فِي ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنِ عَرَفَةَ وَغَيْرِ وَاحِدٍ قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لِمَالِكٍ أَنَّهُ يَكُونَ وَقْفًا عَلَى غَيْرِ مَنْ رَدَّهُ وَالْآخَرُ لِمُطَرِّفٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ، أَوْ لِوَرَثَتِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ مُرَادَ الْمُؤَلِّفِ قَوْلُ مَالِكٍ وَلِذَا قَالَ فَكَمُنْقَطِعٍ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ يَكُونُ لِغَيْرِهِ أَنَّ ذَلِكَ بِاجْتِهَادِ الْحَاكِمِ كَمَا قَالَ عبق وَهُوَ الظَّاهِرُ خِلَافًا لِمَا قَالَ خش وَتَبِعَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّهُ يَرْجِعُ حَبْسًا عَلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَلَمْ يَأْتِ بِهِ مَعْزُوًّا قَالَهُ الْمِسْنَاوِيُّ اهـ ثُمَّ إنَّ الرَّاجِحَ مِنْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُ مَالِكٍ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ قَبِلَهُ الْمُعَيَّنُ الْأَهْلُ اخْتَصَّ بِهِ فَإِنْ رَدَّهُ كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِهِ وَهَذَا إذَا جَعَلَهُ الْوَاقِفُ حَبْسًا سَوَاءٌ قَبِلَهُ مَنْ عُيِّنَ لَهُ أَمْ لَا وَأَمَّا إنْ قَصَدَهُ بِخُصُوصِهِ فَإِنْ رَدَّهُ الْمُعَيَّنُ عَادَ مِلْكًا لِلْمُحَبِّسِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ وَنَقَلَهُ الْمَوَّاقُ قَالَ الْمِسْنَاوِيُّ وَبِهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَ مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ مِنْ الرِّوَايَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ قَوْلَهُ فَكَمُنْقَطِعٍ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ وَهُوَ هُنَا الرُّجُوعُ لِلْفُقَرَاءِ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُ يَرْجِعُ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحَبِّسِ لَقَالَ فَمُنْقَطِعٌ فَدَلَّ بِالْكَافِ عَلَى أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الرُّجُوعِ ضَرُورَةَ تَغَايُرِ الْمُشَبَّهِ لِلْمُشَبَّهِ بِهِ.
(قَوْلُهُ: وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ) أَيْ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ بِلَفْظِهِ وَلَوْ فِي كِتَابٍ وَقَفَهُ إنْ كَانَ جَائِزًا كَشَرْطِهِ أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى كُرَّاسَيْنِ فِي تَغْيِيرِهِ الْكِتَابَ فَإِنْ اُحْتِيجَ لِلزِّيَادَةِ جَازَتْ مُخَالَفَةُ شَرْطِهِ بِالْمَصْلَحَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ الِانْتِفَاعُ كَمَا فِي ح فَإِنْ شَرَطَ أَنْ لَا يُغَيَّرَ إلَّا بِرَهْنٍ فَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَالرَّهْنُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعِيرَ - حَيْثُ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ - أَمِينٌ فَلَا يَضْمَنُ وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَلَيْسَتْ عَارِيَّةً حَقِيقَةً كَمَا فِي السَّيِّدِ عَنْ ح فَإِنْ أُرِيدَ بِشَرْطِ الرَّهْنِ التَّذْكِرَةُ لِلرَّدِّ عُمِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُتَّفَقًا عَلَى كَرَاهَتِهِ) أَيْ كَفَرْشِ الْمَسْجِدِ بِالْبُسُطِ فَإِذَا شَرَطَ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ ذَلِكَ اُتُّبِعَ شَرْطُهُ وَكَأُضْحِيَّتِهِ عَنْهُ كُلَّ عَامٍ بَعْدَ مَوْتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجُزْ) أَيْ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي حُرْمَتِهِ كَشَرْطِهِ إنْ وُجِدَ ثَمَنٌ رَغْبَةً بِيعَ وَاشْتُرِيَ غَيْرُهُ كَاشْتِرَاطِ إخْرَاجِ الْبَنَاتِ مِنْ وَقْفِهِ إذَا تَزَوَّجْنَ فَهَذَا لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ مَضَى هَذَا مَا تَحَصَّلَ مِنْ نَقْلِ ح اهـ بْن. (قَوْلُهُ: كَتَخْصِيصِ مَذْهَبِ) أَيْ كَتَخْصِيصِ أَهْلِ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ لِصَرْفِ غَلَّةِ وَقْفِهِ عَلَيْهِمْ، أَوْ بِالتَّدْرِيسِ فِي مَدْرَسَتِهِ فَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُمْ لِغَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَوْ نَاظِرٍ مُعَيَّنٍ) أَيْ بِأَنْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنْ يَكُونَ فُلَانٌ نَاظِرَ وَقْفِهِ فَيَجِبُ اتِّبَاعُ شَرْطِهِ وَلَا يَجُوزُ الْعُدُولُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ لَهُ الْإِيصَاءُ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ ذَلِكَ وَحَيْثُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إيصَاءٌ بِهِ فَإِنْ مَاتَ النَّاظِرُ - وَالْوَاقِفُ حَيٌّ - جَعَلَ النَّظَرَ لِمَنْ شَاءَ فَإِنْ مَاتَ فَوَصِيُّهُ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ اُنْظُرْ ح وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْوَصِيَّةِ فَرَاغُهُ صُورَةً لِشَخْصٍ وَيُرِيدُ أَنْ لَا يَتَصَرَّفَ فِيهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ وَصِيَّةً وَثَمَرَةُ ذَلِكَ تَظْهَرُ فِي مَوْضُوعِ مَا إذَا جَعَلَ لَهُ الْوَاقِفُ الْإِيصَاءَ بِالنَّظَرِ اُنْظُرْ الْبَدْرَ الْقَرَافِيَّ. (قَوْلُهُ: وَلَهُ عَزْلُ نَفْسِهِ) أَيْ لِلنَّاظِرِ عَزْلُ نَفْسِهِ وَلَوْ وَلَّاهُ الْوَاقِفُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ) الْأَوْلَى وَإِلَّا فَوَصِيُّهُ إنْ كَانَ، وَإِلَّا فَالْحَاكِمُ.
(تَنْبِيهٌ) ذَكَرَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ أَنَّ الْقَاضِيَ لَا يَعْزِلُ نَاظِرًا إلَّا بِجُنْحَةٍ وَلِلْوَاقِفِ عَزْلُهُ وَلَوْ لِغَيْرِ جُنْحَةٍ وَفِيهِ أَيْضًا أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَجْعَلَ لِلنَّاظِرِ شَيْئًا مِنْ الْوَقْفِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ، وَإِفْتَاءُ ابْنِ عَتَّابٍ - بِأَنَّ النَّاظِرَ لَا يَحِلُّ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ بَلْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إلَّا إذَا عَيَّنَ الْوَاقِفُ لَهُ شَيْئًا - ضَعِيفٌ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ نَاظِرًا) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ الْوَاقِفُ لِوَقْفِهِ نَاظِرًا. (قَوْلُهُ: وَأُجْرَتُهُ) أَيْ وَيُجْعَلُ لَهُ أُجْرَةٌ مِنْ رِيعِهِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ كَانَ الْوَقْفُ عَلَى كَمَسْجِدٍ) أَيْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يُوَلِّي عَلَيْهِ مَنْ شَاءَ أَيْ مِمَّنْ يَرْتَضِيهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْوَاقِفُ حَيًّا، وَلَا وَصِيَّ لَهُ وَاعْلَمْ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْوَاقِفُ وَعُدِمَ كِتَابُ
كَشَرْطِ (تَبْدِئَةِ فُلَانٍ بِكَذَا) مِنْ غَلَّتِهِ أَوْ إعْطَائِهِ كَذَا كُلَّ شَهْرٍ مَثَلًا فَيُعْطَى ذَلِكَ مُبْدَأً عَلَى غَيْرِهِ (وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ) حَيْثُ لَمْ يَفِ مَا حَصَلَ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ بِحَقِّهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ (إنْ لَمْ يَقُلْ) أَعْطُوهُ كَذَا (مِنْ غَلَّةِ كُلِّ عَامٍ) فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطَى مِنْ رِيعِ الْمُسْتَقْبَلِ عَنْ الْمَاضِي إذَا لَمْ يَفِ بِحَقِّهِ؛ لِأَنَّهُ أَضَافَ الْغَلَّةَ إلَى كُلِّ عَامٍ (أَوْ) شَرَطَ (أَنَّ مَنْ احْتَاجَ مِنْ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ) إلَى الْبَيْعِ مِنْ الْوَقْفِ (بَاعَ) فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ وَكَذَا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْحَاجَةِ وَالْحَلِفِ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يُصَدَّقُ بِلَا يَمِينٍ (أَوْ) شَرَطَ فِي وَقْفِهِ أَنَّهُ (إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ أَوْ غَيْرُهُ) مِنْ الظَّلَمَةِ (رَجَعَ لَهُ) مِلْكًا إنْ كَانَ حَيًّا (أَوْ لِوَارِثِهِ) يَوْمَ التَّسَوُّرِ مِلْكًا عُمِلَ بِشَرْطِهِ (كَعَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ) حِينَ التَّحْبِيسِ فَيَرْجِعُ لَهُ، أَوْ لِوَارِثِهِ مِلْكًا لَهُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ عِنْدَ مَالِكٍ وَعَلَيْهِ فَإِنْ غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى حَصَلَ لَهُ وَلَدٌ تَمَّ الْوَقْفُ وَمِثْلُهُ عَلَى وَلَدِ فُلَانٍ وَلَا وَلَدَ لَهُ (لَا) يُتَّبَعُ (شَرْطُ إصْلَاحِهِ) أَيْ الْوَقْفِ (عَلَى مُسْتَحِقِّهِ) لِعَدَمِ جَوَازِهِ وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ (كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) أَيْ عَلَيْهَا مَغْرَمٌ لِلْحَاكِمِ الظَّالِمِ وَشَرَطَ وَاقِفُهَا أَنَّ التَّوْظِيفَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ فَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَالتَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا فَقَوْلُهُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
الْوَقْفِ قَبْلَ قَوْلِ النَّاظِرِ إنْ كَانَ أَمِينًا، وَإِذَا ادَّعَى النَّاظِرُ أَنَّهُ صَرَفَ الْغَلَّةَ صُدِّقَ إنْ كَانَ أَمِينًا أَيْضًا مَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شُهُودٌ فِي أَصْلِ الْوَقْفِ لَا يُصْرَفُ إلَّا بِمَعْرِفَتِهِمْ، وَإِذَا ادَّعَى أَنَّهُ صَرَفَ عَلَى الْوَقْفِ مَالًا مِنْ مَالِهِ صُدِّقَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا فَيُحَلَّفَ وَلَوْ الْتَزَمَ حِينَ أَخَذَ النَّظَرَ أَنْ يَصْرِفَ عَلَى الْوَقْفِ مِنْ مَالِهِ إنْ احْتَاجَ لَمْ يَلْزَمْهُ ذَلِكَ وَلَهُ الرُّجُوعُ بِمَا صَرَفَهُ وَلَهُ أَنْ يَقْتَرِضَ لِمَصْلَحَةِ الْوَقْفِ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْحَاكِمِ وَيُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ اهـ شب. (قَوْلُهُ: كَشَرْطِ تَبْدِئَةِ فُلَانٍ إلَخْ) كَأَنْ يَقُولَ: يُبْدَأُ فُلَانٌ مِنْ غَلَّةِ وَقْفِي كُلَّ سَنَةٍ، أَوْ كُلَّ شَهْرٍ بِكَذَا. (قَوْلُهُ: أَوْ إعْطَائِهِ كَذَا كُلَّ شَهْرٍ) أَيْ مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِهَذَا إلَى أَنْ أَعْطُوا فُلَانًا مِثْلُ ابْدَءُوا فُلَانًا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ غَلَّةِ ثَانِي عَامٍ) أَيْ بِأَنْ يُعْطَى لَهُ عَنْ الْعَامِ الْأَوَّلِ مِنْ غَلَّةِ الثَّانِي وَكَذَا عَكْسُهُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ فِي ثَانِي عَامٍ غَلَّةٌ فَيُعْطَى مِنْ فَاضِلِ غَلَّةِ الْعَامِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي بْن عَنْ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَمْ يَفِ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي الْعَامِ الْأَوَّلِ غَلَّةٌ أَصْلًا، أَوْ حَصَلَ مَا لَا يَفِي بِحَقِّهِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ) أَيْ وَجَاءَتْ سَنَةٌ لَمْ يَحْصُلْ فِيهَا شَيْءٌ فَلَا يُعْطَى إلَخْ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَنَّ مَنْ احْتَاجَ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ شَرْطٌ لِجَوَازِ اشْتِرَاطِ الْبَيْعِ لَا لِصِحَّةِ اشْتِرَاطِهِ إذْ يَصِحُّ شَرْطُ الْبَيْعِ بِدُونِ قَيْدِ الِاحْتِيَاجِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ أَنَّ لِلْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْوَقْفِ وَلَوْ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ يُعْمَلُ بِالشَّرْطِ بَعْدَ الْوُقُوعِ فَالِاحْتِيَاجُ لَيْسَ شَرْطًا فِي صِحَّةِ شَرْطِ الْبَيْعِ بَلْ فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِهِ وَجَوَازِ الْبَيْعِ. (قَوْلُهُ: وَكَذَا إنْ شَرَطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ) أَيْ أَنَّهُ إنْ احْتَاجَ بَاعَ فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ مِنْ إثْبَاتِ الْحَاجَةِ) أَيْ حَاجَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَحَاجَةِ الْمُحَبِّسِ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ تَسَوَّرَ عَلَيْهِ قَاضٍ) أَيْ تَسَلَّطَ عَلَيْهِ بِمَا لَا يَحِلُّ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: كَعَلَى وَلَدِي إلَخْ) هَذَا تَشْبِيهٌ فِي رُجُوعِ الْوَقْفِ مِلْكًا لَهُ وَلِوَارِثِهِ وَقَوْلُهُ: كَعَلَى وَلَدِي أَيْ وَمِثْلُهُ مَا إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي. (قَوْلُهُ: لَهُ بَيْعُهُ) أَيْ مِنْ الْآنَ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ مَالِكٍ) أَيْ خِلَافًا لِابْنِ الْقَاسِمِ الْقَائِلِ إنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا إلَّا إذَا حَصَلَ لَهُ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلْإِيَاسِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي وَلَا وَلَدَ لَهُ، أَوْ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لِي فَالْمَسْأَلَتَانِ فِيهِمَا خِلَافٌ فَمَالِكٌ يَقُولُ الْوَقْفُ، وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ كَغَلَّتِهِ إلَى أَنْ يُوجَدَ فَيَلْزَمَ فَيُعْطَاهَا وَعَلَيْهِ فَلِلْوَاقِفِ بَيْعُ ذَلِكَ الْوَقْفِ الْآنَ قَبْلَ وِلَادَةِ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ الْوَقْفُ لَازِمٌ بِمُجَرَّدِ عَقْدِهِ وَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مِلْكًا إلَّا إذَا حَصَلَ يَأْسٌ مِنْ الْوَلَدِ فَيُوقَفُ أَمْرُ ذَلِكَ الْحَبْسِ لِلْإِيَاسِ قَالَ شب وَيَبْقَى النَّظَرُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي غَلَّتِهِ هَلْ تُوقَفُ فَإِنْ وُلِدَ لَهُ كَانَتْ الْغَلَّةُ لَهُ كَالْحَبْسِ وَإِلَّا فَلِلْمُحَبِّسِ أَوَّلًا تُوقَفُ فَيَأْخُذُهَا الْمُحَبِّسُ حَتَّى يُولَدَ لَهُ فَتُعْطَى لَهُ مِنْ وَقْتِ الْوِلَادَةِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا تُوقَفُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّقَانِيُّ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْمَشْيُ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ حَيْثُ لَمْ يُقَيِّدْ بِالْيَأْسِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَدْ وُلِدَ لَهُ سَابِقًا أَمَّا إنْ كَانَ قَدْ وُلِدَ لَهُ فَإِنَّهُ يُنْتَظَرُ بِلَا نِزَاعٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ الزَّرْقَانِيُّ. (قَوْلُهُ: لِعَدَمِ جَوَازِهِ) أَيْ لِأَنَّهُ كِرَاءٌ مَجْهُولٌ إذْ لَا يُدْرَى بِكَمْ يَكُونُ الْإِصْلَاحُ. (قَوْلُهُ: وَيُلْغَى الشَّرْطُ وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ) أَيْ لِأَنَّ الْبُطْلَانَ مُنْصَبٌّ عَلَى الشَّرْطِ لَا عَلَى الْوَقْفِ.
وَذَكَرَ شَيْخُنَا هُنَا مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) يَجُوزُ لِلنَّاظِرِ تَغْيِيرُ بَعْضِ الْأَمَاكِنِ لِمَصْلَحَةٍ كَتَغْيِيرِ الْمِيضَأَةِ وَنَقْلِهَا لِمَحَلٍّ آخَرَ وَأَوْلَى تَحْوِيلُ بَابٍ مَثَلًا مِنْ مَكَان لِمَكَانٍ آخَرَ مَعَ بَقَاءِ الْمَكَانِ ذِي الْبِنَاءِ عَلَى حَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَيُصْلَحُ مِنْ غَلَّتِهِ) فَإِنْ أَصْلَحَ مَنْ شُرِطَ عَلَيْهِ الْإِصْلَاحُ رَجَعَ بِمَا أَنْفَقَ لَا بِقِيمَتِهِ مَنْقُوضًا. (قَوْلُهُ: كَأَرْضٍ مُوَظَّفَةٍ) التَّوْظِيفُ شَيْءٌ مِنْ الظُّلْمِ كَالْمَكْسِ يُؤْخَذُ كُلَّ سَنَةٍ عَلَى الدَّارِ كَمَا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ أَنَّ كُلَّ عَتَبَةٍ عَلَيْهَا دِينَارٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَفَ دَارًا عَلَيْهَا تَوْظِيفٌ وَاشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ التَّوْظِيفَ يَدْفَعُهُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لَا مِنْ غَلَّتِهَا فَإِنَّ الشَّرْطَ يَكُونُ بَاطِلًا وَالْوَقْفُ صَحِيحٌ وَيُدْفَعُ التَّوْظِيفُ مِنْ غَلَّتِهَا
(إلَّا مِنْ غَلَّتِهَا) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ فَيَجُوزُ (عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ (أَوْ) شَرْطُ (عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ) فَلَا يُتَّبَعُ شَرْطُهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى إبْطَالِ الْوَقْفِ مِنْ أَصْلِهِ بَلْ يُبْدَأُ بِمَرَمَّتِهِ لِتَبْقَى عَيْنُهُ (أَوْ) شَرَطَ عَدَمَ بَدْءٍ (بِنَفَقَتِهِ) فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ كَالْحَيَوَانِ فَيَبْطُلُ شَرْطُهُ وَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ.
(وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) دَارٌ مَثَلًا (لِلسُّكْنَى) وَخِيفَ عَلَيْهَا الْخَلَلُ (إنْ لَمْ يُصْلِحْ) بِأَنْ أُمِرَ بِالْإِصْلَاحِ فَأَبَى (لِتُكْرَى لَهُ) عِلَّةٌ لِلْإِخْرَاجِ أَيْ أُخْرِجَ لِأَجْلِ أَنْ تُكْرَى لِلْإِصْلَاحِ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ فَإِذَا أُصْلِحَتْ رَجَعَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إلَيْهَا فَإِنْ أَصْلَحَ ابْتِدَاءً لَمْ يُخْرَجْ.
(وَأُنْفِقَ فِي فَرَسٍ) أَيْ عَلَيْهَا وَقْفٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ (لِكَغَزْوٍ) وَرِبَاطٍ وَعَلَى نَحْوَ مَسْجِدٍ (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَلَا يَلْزَمُ الْمُحَبِّسَ وَلَا الْمُحَبَّسَ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ وَلَا تُؤَجَّرُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِكَغَزْوٍ عَمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ فَإِنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ (فَإِنْ عُدِمَ) بَيْتُ الْمَالِ، أَوْ لَمْ يُوصَلْ إلَيْهِ (بِيعَ) الْفَرَسُ (وَعُوِّضَ بِهِ) أَيْ بَدَلِهِ (سِلَاحٌ) وَنَحْوُهُ مِمَّا لَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ (كَمَا) يُبَاعُ الْفَرَسُ الْحَبْسُ (لَوْ كَلِبَ) بِكَسْرِ اللَّامِ أَيْ أَصَابَهُ الْكَلْبُ وَهُوَ دَاءٌ يَعْتَرِي الْخَيْلَ كَالْجُنُونِ بِحَيْثُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ فِيمَا حُبِّسَ فِيهِ وَهُوَ الْغَزْوُ وَيُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِي غَيْرِهِ كَالطَّاحُونِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُجْعَلُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ شِقْصِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُعَوَّضُ بِهِ سِلَاحٌ فَالتَّشْبِيهُ لَيْسَ بِتَامٍّ وَلَوْ حَذَفَهُ وَاسْتَغْنَى عَنْهُ بِمَا بَعْدَهُ لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ تَمَامِ التَّشْبِيهِ.
(وَبِيعَ مَا) أَيْ كُلُّ حَبْسٍ (لَا يُنْتَفَعُ بِهِ) فِيمَا حُبِّسَ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ يُنْتَفَعُ بِهِ فِي غَيْرِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَصِحَّ بَيْعُهُ؛ إذْ شَرْطُ الْمَبِيعِ أَنْ يَكُونَ مُنْتَفَعًا بِهِ (مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ) بَيَانٌ لِمَا كَفَرَسٍ يَكْلَبُ وَثَوْبٍ يَخْلَقُ وَعَبْدٍ يَهْرَمُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: إلَّا مِنْ غَلَّتِهَا) أَيْ إلَّا إذَا شَرَطَ الْمُحَبِّسُ أَنَّ إصْلَاحَهَا مِنْ غَلَّتِهَا، أَوْ أَنَّ مَا عَلَيْهَا مِنْ التَّوْظِيفِ يُدْفَعُ مِنْ غَلَّتِهَا فَإِنَّهُ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ فَإِنْ قِيلَ الْإِصْلَاحُ مِنْ غَلَّتِهَا، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ ذَلِكَ فَاشْتِرَاطُهُ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا فَلِمَ قِيلَ بِعَدَمِ الْجَوَازِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إذَا اشْتَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْإِصْلَاحَ، أَوْ التَّوْظِيفَ عَلَى الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَيُحَاسَبُ بِهِ مِنْ أَصْلِ الْغَلَّةِ وَأَمَّا لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّ الْإِصْلَاحَ وَالتَّوْظِيفَ مِنْ الْغَلَّةِ ابْتِدَاءً فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ اهـ خش.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَدَمِ بَدْءٍ بِإِصْلَاحِهِ) عَطْفٌ عَلَى " إصْلَاحِهِ " وَأَمَّا قَوْلُهُ: أَوْ نَفَقَتِهِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى " إصْلَاحِهِ " الَّذِي بِلَصْقَةٍ لَهُ كَمَا أَشَارَ الشَّارِحُ وَأَشَارَ الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَوْ نَفَقَتِهِ مِنْ عَطْفِ الْمُغَايِرِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِصْلَاحِ غَيْرُ النَّفَقَةِ عَلَى الْحَيَوَانِ كَالتَّرْمِيمِ فَلَا يُقَالُ: إنَّ النَّفَقَةَ عَلَى الْحَيَوَانِ مِنْ جُمْلَةِ إصْلَاحِهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ بِأَوْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
وَحَاصِلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ أَنَّهُ يَبْدَأُ مِنْ غَلَّتِهِ بِمَنَافِعِ أَهْلِهِ وَيَتْرُكُ إصْلَاحَ مَا تَهَدَّمَ مِنْهُ، أَوْ يَتْرُكُ الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ حَيَوَانًا بَطَلَ شَرْطُهُ وَتَجِبُ الْبُدَاءَةُ بِمَرَمَّتِهِ وَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ لِبَقَاءِ عَيْنِهِ.
(قَوْلُهُ: وَأُخْرِجَ السَّاكِنُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ لِلسُّكْنَى إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا لَمْ يُوجَدْ لِلْوَقْفِ رِيعٌ كَمَا لَوْ وَقَفَ دَارًا عَلَى فُلَانٍ يَسْكُنُ فِيهَا وَأَمَّا لَوْ جَعَلَ وَاقِفُ الْمَسْجِدِ بَيْتًا مِنْ بُيُوتِهِ الْمَوْقُوفَةِ لِإِمَامٍ وَنَحْوَهُ يَسْكُنُ فِيهِ فَإِنَّ مَرَمَّتَهُ مِنْ رِيعِ الْوَقْفِ لَا عَلَى الْإِمَامِ وَنَحْوِهِ وَلَا يُكْرَى الْبَيْتُ لِذَلِكَ كَمَا فِي عبق. (قَوْلُهُ: لِتُكْرَى لَهُ) أَيْ لِلْإِصْلَاحِ مُدَّةَ عَامٍ مَثَلًا لِيُصْلَحَ بِذَلِكَ الْكِرَاءِ مَا تَهَدَّمَ مِنْهَا، إنْ قُلْت إكْرَاؤُهَا مِنْ غَيْرِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ تَغْيِيرٌ لِلْحَبْسِ لِأَنَّهَا لَمْ تُحَبَّسْ إلَّا لِلسُّكْنَى لَا لِلْكِرَاءِ، قُلْت لَا نُسَلِّمُ أَنَّهَا لَمْ تُحَبَّسْ إلَّا لِلسُّكْنَى؛ لِأَنَّ الْمُحَبِّسَ يَعْلَمُ أَنَّهَا تَحْتَاجُ لِلْإِصْلَاحِ وَلَمْ يُوقِفْ لَهَا مَا تُصْلَحُ بِهِ فَبِالضَّرُورَةِ يَكُونُ أَذِنَ فِي كِرَائِهَا مِنْ غَيْرِ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ اهـ عَدَوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِذَا أُصْلِحَتْ) أَيْ وَانْقَضَتْ مُدَّةُ الْكِرَاءِ رَجَعَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ أَصْلَحَ ابْتِدَاءً لَمْ يُخْرَجْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ الدُّورَ الْمُحَبَّسَةَ لِلسُّكْنَى يُخَيَّرُ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ إصْلَاحِهَا، وَإِكْرَائِهَا بِمَا تُصْلَحُ مِنْهُ فَفِي بْن عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ نَفَقَةَ الْوَقْفِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ فَدُورُ الْغَلَّةِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْفَنَادِقِ مِنْ غَلَّتِهَا وَدُورُ السُّكْنَى يُخَيَّرُ مَنْ حُبِّسَتْ عَلَيْهِ بَيْنَ إصْلَاحِهَا، وَإِكْرَائِهَا بِمَا تُصْلَحُ مِنْهُ وَالْبَسَاتِينُ إنْ حُبِّسَتْ عَلَى مَنْ لَا تُسَلَّمُ إلَيْهِ بَلْ تُقْسَمُ غَلَّتُهَا سَاقَى وَيَسْتَأْجِرُ عَلَيْهَا مِنْ غَلَّتِهَا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَهُمْ يَسْتَغِلُّونَهَا كَانَتْ النَّفَقَةُ عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: لِكَغَزْوٍ) أَيْ سَوَاءٌ وُقِفَتْ عَلَى مُعَيَّنٍ يَغْزُو عَلَيْهَا أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: وَرِبَاطٍ وَعَلَى نَحْوِ مَسْجِدٍ) أَيْ أَنَّ الْفَرَسَ مَوْقُوفٌ عَلَى الرِّبَاطِ، أَوْ الْمَسْجِدِ لِنَقْلِ أَتْرِبَتِهِ، أَوْ حَمْلِ أَخْشَابٍ مَثَلًا إلَيْهِ. (قَوْلُهُ: عَمَّا إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ) يَعْنِي فِي غَيْرِ الْجِهَادِ بِأَنْ وُقِفَ عَلَى مُعَيَّنٍ يَنْتَفِعُ بِهِ فِي أُمُورِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِهِ) أَيْ إنْ قَبِلَهَا عَلَى ذَلِكَ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهُ. (قَوْلُهُ: كَمَا فِي اللَّخْمِيِّ) أَيْ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمُعْتَمَدَةُ وَفِي التَّوْضِيحِ طَرِيقَةٌ أُخْرَى وَحَاصِلُهَا أَنَّ الْفَرَسَ إذَا كَانَ وَقْفًا عَلَى مُعَيَّنٍ - يَعْنِي عَلَى غَيْرِ الْجِهَادِ وَالرِّبَاطِ - فَإِنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ غَلَّتِهِ. (قَوْلُهُ: وَعُوِّضَ بِهِ سِلَاحٌ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِغَرَضِ الْوَاقِفِ وَلَا يُعَوَّضُ بِهِ مِثْلُ مَا بِيعَ وَلَا شِقْصُهُ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنَفَقَةٍ وَلَمْ يُوجَدْ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ هَذَا فِي غَيْرِ مَا بِيعَ لِعَدَمِ النَّفَقَةِ. (قَوْلُهُ: الْفَرَسُ الْحَبْسُ) أَيْ الَّذِي حُبِّسَ عَلَى الْغَزْوِ عَلَيْهِ. (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُعَوَّضُ بِهِ سِلَاحٌ) أَيْ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ بَهْرَامُ وَتَبِعَهُ تت. (قَوْلُهُ: وَلَوْ حَذَفَهُ) أَيْ قَوْلَهُ كَمَا لَوْ كَلِبَ. (قَوْلُهُ: بِمَا بَعْدَهُ) أَيْ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَخْ. (قَوْلُهُ: لَسَلِمَ مِنْ إيهَامِ تَمَامِ التَّشْبِيهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَإِنْ كَانَ تَمَامُهُ غَيْرَ مُرَادٍ هُنَا.
وَكُتُبِ عِلْمٍ تَبْلَى، وَإِذَا بِيعَ جُعِلَ ثَمَنُهُ (فِي مِثْلِهِ) إنْ أَمْكَنَ (أَوْ شِقْصِهِ) إذَا لَمْ يَبْلُغْ الثَّمَنُ شَيْئًا تَامًّا بِأَنْ يُشَارَكَ بِهِ فِي جُزْءٍ إنْ أَمْكَنَ، وَإِلَّا تُصُدِّقَ بِهِ فَالْمُرَادُ بِالشِّقْصِ الْجُزْءُ (كَأَنْ أُتْلِفَ) الْحَبْسُ غَيْرُ الْعَقَارِ فَتُجْعَلُ قِيمَتُهُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ شِقْصِهِ وَسَيَأْتِي مَنْ أَتْلَفَ عَقَارًا فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ.
(وَ) بِيعَ (فَضْلُ الذُّكُورِ) عَنْ النَّزْوِ (وَمَا كَبِرَ) بِكَسْرِ الْبَاءِ (مِنْ الْإِنَاثِ) وَجُعِلَ ثَمَنُهَا (فِي إنَاثٍ) لِتَحْصِيلِ اللَّبَنِ وَالنِّتَاجِ مِنْهَا يَعْنِي أَنَّ مَنْ وَقَفَ شَيْئًا مِنْ الْأَنْعَامِ عَلَى فُقَرَاءَ، أَوْ مُعَيَّنِينَ لِيُنْتَفَعَ بِأَلْبَانِهَا وَأَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا فَنَسْلُهَا كَأَصْلِهَا فِي التَّحْبِيسِ فَمَا فَضَلَ مِنْ ذُكُورِ نَسْلِهَا عَنْ النَّزْوِ وَمَا كَبِرَ مِنْهَا، أَوْ مِنْ نَسْلِهَا مِنْ الْإِنَاثِ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُعَوَّضُ بَدَلَهُ إنَاثٌ صِغَارٌ تَحْصِيلًا لِغَرَضِ الْوَاقِفِ (لَا عَقَارٍ) حُبِّسَ مِنْ دُورٍ وَحَوَانِيتَ وَحَوَائِطَ وَرَبْعٍ فَلَا يُبَاعُ لِيُسْتَبْدَلَ بِهِ غَيْرُهُ (وَإِنْ خَرِبَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَنُقِضَ أَيْ مَنْقُوضُ الْحَبْسِ مِنْ الْأَحْجَارِ وَالْآجُرِّ وَالْأَخْشَابِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ عَوْدُهَا فِيمَا حُبِّسَتْ فِيهِ جَازَ نَقْلُهَا فِي مِثْلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ وَهَذَا فِي الْوَقْفِ الصَّحِيحِ وَأَمَّا الْبَاطِلُ كَالْمَسَاجِدِ وَالتَّكَايَا الَّتِي بَنَاهَا الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِقَرَافَةِ مِصْرَ وَنَبَشُوا مَقَابِرَ الْمُسْلِمِينَ وَضَيَّقُوا عَلَيْهِمْ فَهَذِهِ يَجِبُ هَدْمُهَا قَطْعًا وَنَقْضُهَا مَحَلُّهُ بَيْتُ مَالِ الْمُسْلِمِينَ تُبَاعُ لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ يُبْنَى بِهَا مَسَاجِدُ فِي مَحَلٍّ جَائِزٍ، أَوْ قَنْطَرَةٌ لِنَفْعِ الْعَامَّةِ وَلَا تَكُونُ لِوَارِثِهِ إنَّ عُلِمَ إذْ هُمْ لَا يَمْلِكُونَ مِنْهَا شَيْئًا وَأَيْنَ لَهُمْ مِلْكُهُمْ وَهُمْ السَّمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ الْأَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ يَكُونُ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ فَإِذَا اسْتَوْلَى بِظُلْمِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَلَبَهُمْ أَمْوَالَهُمْ وَصَرَفَهَا فِيمَا يُغْضِبُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ وَأَمَّا مَا رَتَّبُوهُ عَلَيْهَا مِنْ الْوَظَائِفِ فَيَجُوزُ تَنَاوُلُهُ بِوَصْفِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَوْ لَمْ يُعْمَلْ بِمَا رُتِّبَ فِيهِ مِنْ أَذَانٍ، أَوْ قِرَاءَةٍ، أَوْ تَدْرِيسٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَأَمَّا أَوْقَافُهُمْ الَّتِي بِوَسَطِ الْبَلَدِ فَهِيَ نَافِذَةٌ؛
لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
وَقَوْلُهُ (وَلَوْ) بِيعَ (بِغَيْرِ خَرِبٍ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ خَرِبَ أَيْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ الْمُحَبَّسِ، وَإِنْ خَرِبَ وَلَوْ بِعَقَارٍ غَيْرِ خَرِبٍ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْخَرِبِ بِغَيْرِهِ (إلَّا) أَنْ يُبَاعَ الْعَقَارُ الْحَبْسُ وَلَوْ غَيْرَ خَرِبٍ (لِتَوْسِيعِ كَمَسْجِدٍ) أَدْخَلَتْ الْكَافُ الطَّرِيقَ وَالْمَقْبَرَةَ وَالْمُرَادُ بِالْمَسْجِدِ الْجَامِعُ فَيَجُوزُ بَيْعُ حَبْسِ غَيْرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لِتَوْسِيعِ الثَّلَاثَةِ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ الْحَبْسُ عَلَى أَحَدِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، أَوْ تَأَخَّرَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: وَكُتُبِ عِلْمٍ تَبْلَى) أَيْ وَأَمَّا كُتُبُ الْعِلْمِ إذَا وُقِفَتْ عَلَى مَنْ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا كَأُمِّيٍّ، أَوْ امْرَأَةٍ فَإِنَّهَا لَا تُبَاعُ، وَإِنَّمَا تُنْقَلُ لِمَحَلٍّ يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ كَالْكُتُبِ الْمَوْقُوفَةِ بِمَدْرَسَةٍ مُعَيَّنَةٍ فَتَخْرَبُ تِلْكَ الْمَدْرَسَةُ وَتَصِيرُ الْكُتُبُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا فِيهَا فَإِنَّهَا تُنْقَلُ لِمَدْرَسَةٍ أُخْرَى وَلَا تُبَاعُ. (قَوْلُهُ: غَيْرُ الْعَقَارِ) أَيْ كَفَرَسٍ وَعَبْدٍ وَثَوْبٍ وَسِلَاحٍ. (قَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّ عَلَيْهِ الْقِيمَةَ كَمَا سَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَبِيعَ فَضْلُ الذُّكُورِ) أَيْ بِيعَ مَا فَضَلَ مِنْ الذُّكُورِ أَيْ مَا زَادَ مِنْهَا عَلَى الْحَاجَةِ وَبِيعَ مَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ وَجُعِلَ ثَمَنُ ذَلِكَ الْمَبِيعِ فِي إنَاثٍ، إنْ قِيلَ: قَوْلُهُ " وَفَضْلُ الذُّكُورِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ " دَاخِلٌ فِي قَوْلِهِ " وَبِيعَ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ " قُلْت ذَكَرَهُ لِأَجْلِ قَوْلِهِ فِي إنَاثٍ وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ لَتُوُهِّمَ أَنَّ ثَمَنَ فَضْلِ الذُّكُورِ إنَّمَا يُجْعَلُ فِي ذُكُورٍ مِثْلِهَا، أَوْ شِقْصِهَا. (قَوْلُهُ: كَأَصْلِهَا فِي التَّحْبِيسِ) أَيْ فَإِذَا وَلَدَتْ الْبَقَرَاتُ الْمُحَبَّسَةُ لِأَكْلِ لَبَنِهَا، أَوْ الْإِبِلُ، أَوْ الْغَنَمُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَمَا زَادَ مِنْ الذُّكُورِ عَمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلنَّزْوِ وَمَا كَبِرَ مِنْ الْإِنَاثِ وَانْقَطَعَ لَبَنُهُ فَإِنَّهُ يُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِثَمَنِهِ إنَاثٌ تُحَبَّسُ كَأَصْلِهَا. (قَوْلُهُ: إنَاثٌ صِغَارٌ) أَيْ تُجْعَلُ حَبْسًا عِوَضًا عَمَّا بِيعَ. (قَوْلُهُ: لَا عَقَارٍ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى " غَيْرِ عَقَارٍ "، أَوْ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ ". (قَوْلُهُ: فَلَا يُبَاعُ) أَيْ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهُ وَذَكَرَهُ هُنَا مَعَ اسْتِفَادَتِهِ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ غَيْرِ عَقَارٍ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُ غَيْرِ شَرْطٍ وَلِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ الْمُبَالَغَةَ وَالْعَطْفَ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ خَرِبَ) أَشَارَ بِذَلِكَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يُبَاعُ الْعَقَارُ الْحَبْسُ وَلَوْ خَرِبَ وَبَقَاءُ أَحْبَاسِ السَّلَفِ دَائِرَةً دَلِيلٌ عَلَى مَنْعِ ذَلِكَ وَرَدَّ الْمُصَنِّفُ بِالْمُبَالَغَةِ عَلَى رِوَايَةِ أَبِي الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ إنْ رَأَى الْإِمَامُ بَيْعَ ذَلِكَ لِمَصْلَحَةٍ جَازَ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا فَعِنْدَهُمْ يَجُوزُ بَيْعُ الْعَقَارِ الْوَقْفِ إذَا خَرِبَ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ. (قَوْلُهُ: فِي مِثْلِهِ) وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ يَجُوزُ نَقْلُهَا لِوَقْفٍ عَامِّ الْمَنْفَعَةِ وَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُمَاثِلٍ لِلْأَوَّلِ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا مَا رَتَّبُوهُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَسَاجِدِ وَالْمَدَارِسِ الْمَبْنِيَّةِ فِي الْقَرَافَةِ. (قَوْلُهُ: تَنَاوَلَهُ) أَيْ تَنَاوَلَ مَا جُعِلَ لَهُ مِنْ الْمَعْلُومِ. (قَوْلُهُ:
لِأَنَّهَا مِنْ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ
) أَيْ وَالسُّلْطَانُ الْوَاقِفُ لَهَا وَكِيلٌ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فَهُوَ كَوَكِيلِ الْوَاقِفِ فَلَا يُقَالُ إنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْوَقْفِ أَنْ يَكُونَ الْمَوْقُوفُ مَمْلُوكًا وَالسُّلْطَانُ لَا يَمْلِكُ مَا وَقَفَهُ. (قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَنْ قَالَ بِجَوَازِ بَيْعِ الْخَرِبِ) أَيْ بَيْعِ الْعَقَارِ الْحَبْسِ الْخَرِبِ بِعَقَارٍ غَيْرِ خَرِبٍ. (قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُبَاعَ الْعَقَارُ الْحَبْسُ إلَخْ) هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ مَنْعِ بَيْعِ الْعَقَارِ الْحَبْسِ خَرِبَ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: لِتَوْسِيعِ كَمَسْجِدٍ) أَيْ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ وَظَاهِرُهُ كَانَ الْحَبْسُ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ. (قَوْلُهُ: الْجَامِعُ) أَيْ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ قَالَ فِي الْمَوَّاقِ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ أَيْضًا وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ وَالْأَخَوَيْنِ وَأَصْبَغَ
فَالصُّوَرُ سِتٌّ وَالْمُرَادُ بِالْجَوَازِ الْإِذْنُ فَلِذَا قَالَ (وَلَوْ جَبْرًا) إنْ أَبَى الْمُسْتَحِقُّ، أَوْ النَّاظِرُ وَإِذَا جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ فِي الْوَقْفِ فَالْمِلْكُ أَحْرَى فَلَا يُقَالُ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْغَصْبِ كَمَا وَقَعَ لِبَعْضِ الطَّلَبَةِ حِينَ وُسِّعَ الْجَامِعُ الْأَزْهَرُ بِالْقَاهِرَةِ وَاحْتَرَزَ بِالْمَسْجِدِ مِنْ الْمِيضَأَةِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَبْسِ لِتَوْسِعَتِهَا إذْ يَتَأَتَّى الْوُضُوءُ فِي كُلِّ مَكَان.
(دَرْسٌ)(وَأُمِرُوا) أَيْ الْمُحَبَّسُ عَلَيْهِمْ وُجُوبًا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ عَلَى الْمَشْهُورِ (بِجَعْلِ ثَمَنِهِ) أَيْ الْحَبْسِ الَّذِي بِيعَ لِتَوْسِعَةِ أَحَدِ الثَّلَاثَةِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ فِي حَبْسٍ غَيْرِهِ.
(وَمَنْ)(هَدَمَ وَقْفًا) تَعَدِّيًا (فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ) عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، وَلَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ وَالرَّاجِحُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ وَالنَّقْضُ بَاقٍ عَلَى الْوَقْفِيَّةِ فَيُقَوَّمُ قَائِمًا وَمَهْدُومًا وَيُؤْخَذُ مَا زَادَ عَلَى الْمَنْقُوضِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ أَخْذِ الْقِيمَةِ جَوَازُ بَيْعِهِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ جَرَّ إلَيْهِ الْحُكْمُ كَإِتْلَافِ جِلْدِ الْأُضْحِيَّةَ.
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَتَنَاوَلَ الذُّرِّيَّةُ) فَاعِلُ تَنَاوَلَ أَيْ لَفْظُ الذُّرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ عَلَى ذُرِّيَّتِي، أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ الْحَافِدَ (وَ) تَنَاوَلَ قَوْلُهُ (وَلَدِي فُلَانٌ وَفُلَانَةُ) وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ (أَوْ) قَوْلُهُ وَلَدِي (الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَأَوْلَادُهُمْ الْحَافِدَ) مَفْعُولُ تَنَاوَلَ، وَالْحَافِدُ وَلَدُ الْبِنْتِ أَيْ تَنَاوَلَ كُلُّ لَفْظٍ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ وَلَدَ الْبِنْتِ، وَإِنْ سَفَلَ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَجُوزُ فِي مَسَاجِدِ الْجَوَامِعِ إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ لَا فِي مَسَاجِدِ الْجَمَاعَاتِ إذْ لَيْسَتْ الضَّرُورَةُ فِيهَا كَالْجَوَامِعِ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: فَالصُّوَرُ سِتٌّ) سَكَتَ الْمُصَنِّفُ عَنْ تَوْسِيعِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ بِبَعْضٍ مِنْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ وَهِيَ سِتُّ صُوَرٍ وَالْمَأْخُوذُ مِنْ كَلَامِ بَهْرَامَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَاتُّبِعَ شَرْطُهُ إنْ جَازَ أَنَّ مَا كَانَ لِلَّهِ لَا بَأْسَ بِهِ أَنْ يُسْتَعَانَ بِبَعْضِهِ فِي بَعْضٍ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمَسْجِدَ لَا يُهْدَمُ لِضِيقِ مَقْبَرَةٍ، أَوْ طَرِيقٍ وَيُدْفَنُ فِيهِ إنْ اُحْتِيجَ لِذَلِكَ مَعَ بَقَائِهِ عَلَى حَالِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَالْجَوَازُ وَاسْتَظْهَرَ هَذَا الثَّانِيَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَإِذَا جُبِرَ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْبَيْعِ فِي الْوَقْفِ لِأَجْلِ تَوْسِعَةِ مَا ذُكِرَ مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ فَالْجَبْرُ عَلَى بَيْعِ الْمِلْكِ لِأَجْلِ تَوْسِعَتِهَا أَحْرَى.
(قَوْلُهُ: وَأُمِرُوا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْوَقْفَ سَوَاءٌ كَانَ عَلَى مُعَيَّنٍ، أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ لَا يَدْخُلُ فِي الْمَسْجِدِ إلَّا بِثَمَنٍ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ وَغَيْرِهِمَا وَذَكَرَ الْمِسْنَاوِيُّ أَنَّ فِي فَتْوَى أَبِي سَعِيدِ بْنِ لُبٍّ أَنَّ مَا وُسِّعَ بِهِ الْمَسْجِدُ مِنْ الرِّبَاعِ لَا يَجِبُ أَنْ يُعَوَّضَ فِيهِ ثَمَنٌ إلَّا مَا كَانَ مِلْكًا أَوْ حَبْسًا عَلَى مُعَيَّنٍ وَأَمَّا مَا كَانَ حَبْسًا عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ كَالْفُقَرَاءِ فَلَا يَلْزَمُ تَعْوِيضُهُ أَيْ دَفْعُ ثَمَنِ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى غَيْرِ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِمُعَيَّنٍ وَمَا يَحْصُلُ مِنْ الْأَجْرِ لِوَاقِفِهِ إذَا أُدْخِلَ فِي الْمَسْجِدِ أَعْظَمُ مِمَّا قَصَدَ تَحْبِيسَهُ لِأَجْلِهِ أَوَّلًا اهـ بْن.
(قَوْلُهُ: وَمَنْ هَدَمَ وَقْفًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْهَادِمُ وَاقِفَهُ، أَوْ كَانَ أَجْنَبِيًّا أَوْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنَ وَقَوْلُهُ: فَعَلَيْهِ إعَادَتُهُ وَلَا تُؤْخَذُ قِيمَتُهُ أَيْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَبَيْعِهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ تَبِعَ فِيهِ ابْنَ الْحَاجِبِ وَابْنَ شَاسٍ وَأَصْلُهُ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي النَّوَادِرِ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْهَادِمَ إعَادَتُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ الْمَهْدُومُ بَالِيًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِأَنَّ الْهَادِمَ ظَالِمٌ بِتَعَدِّيهِ وَالظَّالِمُ أَحَقُّ بِالْحَمْلِ عَلَيْهِ وَمَفْهُومُ " وَقْفًا " أَنَّهُ لَوْ هَدَمَ مِلْكًا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ لَا إعَادَتُهُ وَمُقَابِلُهُ مَا لِمَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُقْضَى فِي الْمُتْلَفَاتِ كُلِّهَا بِمِثْلِهَا وَحِينَئِذٍ فَيَلْزَمُ ذَلِكَ الْهَادِمَ لِلْمَالِكِ إعَادَتُهُ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ تَعَدِّيًا أَنَّهُ لَوْ هَدَمَهُ خَطَأً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ كَمَا إذَا هَدَمَهُ يَظُنُّهُ غَيْرَ وَقْفٍ فَعَلَى غَيْرِ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ لَا فَرْقَ بَيْنَ هَدْمِهِ تَعَدِّيًا، أَوْ خَطَأً مِنْ لُزُومِ الْقِيمَةِ وَأَمَّا عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فَيَلْزَمُهُ فِي الْخَطَأِ الْقِيمَةُ وَفِي الْعَمْدِ إعَادَتُهُ كَمَا كَانَ. (قَوْلُهُ: عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْحَالَةِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا قَبْلَ الْهَدْمِ وَحِينَئِذٍ فَالْعَقَارُ الْمَوْقُوفُ يُقْضَى عَلَى مُتْلِفِهِ بِالْمِثْلِ كَالْمَكِيلَاتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ فَلَوْ أَعَادَهُ عَلَى غَيْرِ صِفَتِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ حُمِلَ عَلَى التَّبَرُّعِ إنْ زَادَهُ، وَإِنْ نَقَصَ فِيهِ فَهَلْ يُؤْمَرُ بِإِعَادَتِهِ كَمَا كَانَ أَوْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَةُ النَّقْصِ؟ تَرَدَّدَ فِيهِ الْبِسَاطِيُّ. (قَوْلُهُ: وَالرَّاجِحُ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَشَهَّرَهُ عِيَاضٌ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ. (قَوْلُهُ: أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهُ) أَيْ وَتُجْعَلُ تِلْكَ الْقِيمَةُ فِي عَقَارٍ مِثْلِهِ يُجْعَلُ وَقْفًا عِوَضًا عَنْ الْمَجْهُولِ. (قَوْلُهُ: كَسَائِرِ الْمُتْلَفَاتِ) أَيْ الْمُقَوَّمَةِ، أَوْ الْمُرَادُ غَيْرُ الْمِثْلِيَّةِ. (قَوْلُهُ: وَالنَّقْضُ بَاقٍ إلَخْ) هَذَا إذَا كَانَتْ الْأَنْقَاضُ بَاقِيَةً لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهَا الْهَادِمُ وَإِلَّا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُ قَائِمًا وَقَوْلُهُ فَيُقَوَّمُ قَائِمًا إلَخْ أَيْ فَإِذَا قُوِّمَ قَائِمًا بِعَشَرَةٍ وَمَهْدُومًا بِأَرْبَعَةٍ أَخَذَ نَاظِرُ الْوَقْفِ مَا بَيْنَهُمَا وَهُوَ سِتَّةٌ وَأَخَذَ الْأَنْقَاضَ لِيُعِيدَهَا.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ مَا تَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ مِنْ عُمُومٍ، أَوْ خُصُوصٍ. (قَوْلُهُ: وَوَلَدِي) يَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِيَاءٍ وَاحِدَةٍ لِلْإِضَافَةِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بِيَاءَيْنِ مُثَنًّى مُضَافٌ لِيَاءِ الْمُتَكَلِّمِ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَفَلَ) يَعْنِي إلَى الْحَدِّ الَّذِي أَرَادَهُ الْوَاقِفُ فَإِذَا كَرَّرَ التَّعْقِيبَ لَدَخَلَ أَوْلَادُ الْبَنَاتِ إلَى الدَّرَجَةِ الَّتِي انْتَهَى إلَيْهَا الْمُحَبِّسُ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
وَفِي حَاشِيَةِ شَيْخِنَا السَّيِّدِ مَا نَصُّهُ: (فَرْعٌ) إذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ كَانَ ذَلِكَ خَاصًّا بِهِمَا بِخِلَافِ فُلَانٌ وَصِيٌّ عَلَى وَلَدِي فُلَانٍ وَفُلَانَةَ فَإِنَّ غَيْرَ مَنْ سَمَّى مِنْ أَوْلَادِهِ يَدْخُلُ فِي الْوَصِيَّةِ عَلَيْهِ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَلَا وَجْهَ لِلتَّخْصِيصِ بِخِلَافِ الْوَقْفِ فَلَهُ غَرَضٌ فِي نَفْعِ الْبَعْضِ لِفَقْرِهِ اهـ وَفِي عبق. (فَرْعٌ) إنْ قَالَ حَبْسٌ عَلَى وَلَدِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ.
ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ حَذَفَ " وَأَوْلَادُهُمْ " مِنْ الصِّيغَتَيْنِ الْأَخِيرَتَيْنِ لَمْ يَدْخُلْ الْحَافِدُ وَلَا ابْنُ الِابْنِ وَأَمَّا فِي الذُّرِّيَّةِ فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ (لَا) يَتَنَاوَلُ قَوْلُهُ (نَسْلِي وَعَقِبِي) وَلَا نَسْلُ نَسْلِي، أَوْ عَقِبُ عَقِبِي الْحَافِدَ إذْ نَسْلُ الرَّجُلِ وَعَقِبُهُ ذُرِّيَّتُهُ الذُّكُورُ وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَبْنَى أَلْفَاظِ الْوَاقِفِ عَلَى الْعُرْفِ وَالْعُرْفُ الْآنَ دُخُولُهُ.
(وَ) كَذَا (وَلَدِي وَوَلَدُ وَلَدِي) بِالْجَمْعِ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لَا يَتَنَاوَلُ الْحَافِدَ بَلْ وَلَدَهُ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَوَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ (وَ) كَذَا (أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي) بِالْجَمْعِ أَيْضًا لَا يَدْخُلُ الْحَافِدُ وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَفْرَدَ بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّنَاوُلِ وَيَدْخُلُ فِيهِ بَنَاتُهُ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ عُرْفُ بَلَدٍ بِإِطْلَاقِ الْوَلَدِ عَلَى الذَّكَرِ خَاصَّةً (وَبَنِي وَبَنِي بَنِيَّ) لَا يَدْخُلُ فِيهِ الْحَافِدُ وَدَخَلَ بَنَاتُ أَبْنَائِهِ دُونَ بَنَاتِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَقِيلَ بِدُخُولِ الْبَنَاتِ فِي هَذَا كَاَلَّذِي قَبْلَهُ (وَفِي) دُخُولِ الْحَافِدِ فِي قَوْلِهِ وَقْفٌ (عَلَى وَلَدِي وَوَلَدِهِمْ) نَظَرًا لِقَوْلِهِ وَلَدِهِمْ حَيْثُ أَضَافَهُ لِضَمِيرِهِمْ فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى بِخِلَافِ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي حَيْثُ أَضَافَهُ لِضَمِيرِ نَفْسِهِ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ وَلَدُ بِنْتِهِ إذْ لَا يُقَالُ لَهُ فِي الْعُرْفِ وَلَدُ الْوَلَدِ وَعَدَمُ دُخُولِهِ نَظَرًا إلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَوْلَادِ أَوْلَادِي وَبَيْنَ أَوْلَادِهِمْ (قَوْلَانِ وَ) تَنَاوَلَ (الْإِخْوَةُ الْأَخَوَاتِ) وَلَوْ لِأُمٍّ، وَفِي نُسْخَةٍ وَالْإِخْوَةُ الْأُنْثَى أَيْ تَنَاوَلَ لَفْظُ الْإِخْوَةِ الْأُنْثَى مِنْهُمْ (وَ) تَنَاوَلَ (رِجَالُ إخْوَتِي وَنِسَاؤُهُمْ الصَّغِيرَ) مِنْهُمْ وَالصَّغِيرَةَ وَسَوَاءٌ أَفْرَدَ، أَوْ جَمَعَ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الْأَوَّلِ الذُّكُورُ وَمِنْ الثَّانِي الْإِنَاثُ (وَ) تَنَاوَلَ (بَنُو أَبِي إخْوَتَهُ) أَشِقَّاءَ، أَوْ لِأَبٍ (الذُّكُورَ وَأَوْلَادَهُمْ) الذُّكُورَ خَاصَّةً وَيَدْخُلُ أَيْضًا ابْنُ الْوَاقِفِ دُونَ بِنْتِهِ لِتَعْبِيرِهِ بِبَنِيَّ.
(وَ) تَنَاوَلَ (آلِي) أَصْلُهُ أَوْلٌ وَقِيلَ أَهْلٌ وَقَدْ سُمِعَ تَصْغِيرُهُ عَلَى أُوَيْلٍ وَأُهَيْلٍ (وَأَهْلِي
ــ
[حاشية الدسوقي]
فَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَوَلَدُهُ بِمَنْزِلَتِهِ دَخَلَ وَلَدُ الْبِنْتِ إنْ ذَكَرَ " فَمَنْ مَاتَ إلَخْ " مِنْ تَمَامِ صِيغَةِ الْوَقْفِ فَإِنْ ذَكَرَهُ بَعْدَ مُدَّةٍ لَمْ يَدْخُلْ عِنْدَ مَالِكٍ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ لِتَأَخُّرِهِ عَنْ تَمَامِ الْوَقْفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ الْإِدْخَالَ وَالْإِخْرَاجَ وَالتَّغْيِيرَ وَالتَّبْدِيلَ وَذَكَرَ أَنَّهُ أَدْخَلَهُمْ فَإِنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى ابْنَتِي وَوَلَدِهَا دَخَلَ أَوْلَادُهَا الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ فَإِنْ مَاتُوا كَانَ لِأَوْلَادِ الذُّكُورِ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ وَلَا شَيْءَ لِابْنِ بِنْتٍ ذَكَرٍ وَلَا لِابْنِ بِنْتٍ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) أَيْ كَانَ وَلَدُ الْبِنْتِ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: فَإِنْ حَذَفَ " وَأَوْلَادِهِمْ " مِنْ الصِّيغَتَيْنِ إلَخْ) عُلِمَ مِنْهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَأَوْلَادِهِمْ " رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الصِّيغَتَيْنِ، أَوْ أَنَّهُ حَذَفَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ لِدَلَالَةِ الثَّالِثَةِ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ إفْرَادَ ضَمِيرِ أَوْلَادِهِمْ فِي الصِّيغَتَيْنِ كَجَمْعِهِ بِتَأْوِيلِ أَوْلَادِهِ مِنْ ذَكَرٍ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ) أَيْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِي دُخُولِ ابْنِ الِابْنِ وَالْحَافِدِ ذِكْرُهُ أَيْ ذِكْرُ أَوْلَادِهِمْ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَنَاوَلُ قَوْلُهُ: نَسْلِي وَعَقِبِي) أَيْ وَلَا أَحَدُهُمَا. (قَوْلُهُ: ذُرِّيَّتُهُ الذُّكُورُ) الْأَوْلَى ذُرِّيَّتُهُ وَذُرِّيَّةُ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ، وَإِلَّا فَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ بِنْتَهُ وَبِنْتَ ابْنِهِ لَا يُقَالُ لَهَا نَسْلٌ وَعَقِبٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ بِدُخُولِهِ فِي ذَلِكَ) أَيْ وَإِلَّا عُمِلَ بِهِ. (قَوْلُهُ: بَلْ وَلَدَهُ) أَيْ بَلْ يَتَنَاوَلُ وَلَدَهُ أَيْ الْوَاقِفِ وَقَوْلُهُ: مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى بَيَانٌ لِوَلَدِهِ وَقَوْلُهُ: وَوَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ أَيْ وَيَتَنَاوَلُ وَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرِ أَيْ وَلَا يَتَنَاوَلُ أَوْلَادَ وَلَدِهِ الْأُنْثَى وَاعْلَمْ أَنَّ عَدَمَ دُخُولِ الْحَافِدِ فِي قَوْلِهِ وَلَدِي وَوَلَدِ وَلَدِي وَمَا بَعْدَهُ وَهُوَ أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي هُوَ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدُوسٍ عَنْ مَالِكٍ وَرَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَفِي أَبِي الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ وَنَقَلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي تَكْمِيلِهِ وَقَالَ عَقِيبَهُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ اهـ بْن. (قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ مَا لَوْ أَفْرَدَ) أَيْ فِي هَذِهِ الصِّيغَةِ وَمَا قَبْلَهَا بِالْأَوْلَى فِي عَدَمِ التَّنَاوُلِ وَكَذَا فِي الصِّيغَةِ الْآتِيَةِ فَالصُّوَرُ الْمُخَرَّجَةُ ثَمَانِيَةٌ غَيْرُ صُورَةِ الْخِلَافِ. (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ) فِيهِ أَنَّ لَفْظَ بَنِيَّ لَا يَصْدُقُ إلَّا عَلَى الذُّكُورِ دُونَ الْإِنَاثِ وَحِينَئِذٍ فَلَا تَدْخُلُ بَنَاتُهُ وَلَا بَنَاتُ أَبْنَائِهِ. (قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِدُخُولِ الْبَنَاتِ) أَيْ بَنَاتِ الصُّلْبِ وَبِدُخُولِ أَوْلَادِ الذُّكُورِ أَيْضًا ذُكُورًا، وَإِنَاثًا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَنِيَّ وَبَنِي بَنِيَّ أَوْلَادِي وَأَوْلَادُ أَوْلَادِي. (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ الذَّكَرَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ وَلَدِي مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ جَمِيعَ أَوْلَادِهِ الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ فَكَأَنَّهُ قَالَ أَوْلَادِي وَأَوْلَادُهُمْ فَيَشْمَلُ وَلَدَ الذُّكُورِ وَوَلَدَ الْأُنْثَى وَهُوَ الْحَافِدُ. (قَوْلُهُ: وَتَنَاوَلَ الْإِخْوَةُ) أَيْ تَنَاوَلَ قَوْلُ الْوَاقِفِ: وَقْفٌ عَلَى إخْوَتِي الْأَخَوَاتِ وَالْإِنَاثِ. (قَوْلُهُ: وَسَوَاءٌ أَفْرَدَ، أَوْ جَمَعَ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ خِلَافًا لِمَنْ حَمَلَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ فَإِنْ أَفْرَدَ بِأَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى رِجَالِ إخْوَتِي فَقَطْ لَمْ يَشْمَلْ الصَّغِيرَ، أَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى نِسَاءٍ إخْوَتِي فَقَطْ لَمْ يَشْمَلْ الصَّغِيرَةَ. (قَوْلُهُ: وَيَدْخُلُ أَيْضًا ابْنُ الْوَاقِفِ دُونَ بِنْتِهِ) وَفِي دُخُولِ الْوَاقِفِ نَفْسِهِ إنْ كَانَ ذَكَرًا وَعَدَمِ دُخُولِهِ قَوْلَانِ وَلَعَلَّهُمَا مَبْنِيَّانِ عَلَى الْخِلَافِ فِي دُخُولِ الْمُتَكَلِّمِ فِي عُمُومِ كَلَامِهِ وَعَدَمِ دُخُولِهِ وَلَا يَرِدُ عَلَى الْقَوْلِ بِدُخُولِهِ مَا مَرَّ مِنْ بُطْلَانِ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْقَصْدِيِّ وَلَوْ بِشَرِيكٍ وَمَا هُنَا تَبَعِيٌّ لِعُمُومِ كَلَامِهِ هُنَا كَذَا أَجَابَ بَعْضُهُمْ لَكِنْ رَدَّهُ الْعَلَّامَةُ عج بِأَنَّ ظَاهِرَ النُّصُوصِ بُطْلَانُ الْوَقْفِ عَلَى النَّفْسِ مُطْلَقًا لَا فَرْقَ بَيْنَ الْقَصْدِيِّ
الْعَصَبَةَ وَمَنْ) أَيْ وَتَنَاوَلَ امْرَأَةً (لَوْ رُجِّلَتْ) أَيْ لَوْ فُرِضَ أَنَّهَا رَجُلٌ (عَصَبَتْ) كَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ وَبِنْتِ عَمٍّ وَلَوْ بَعُدَتْ وَجَدَّةٍ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ (وَ) تَنَاوَلَ (أَقْرَبُ أَقَارِبَ جِهَتَيْهِ) أَيْ مِنْ جِهَةِ أَبِيهِ وَجِهَةِ أُمِّهِ (مُطْلَقًا) أَيْ ذُكُورًا، وَإِنَاثًا كَانَ مَنْ يَقْرُبُ لِأُمِّهِ مِنْ جِهَةِ أَبِيهَا، أَوْ جِهَةِ أُمِّهَا ذُكُورًا، وَإِنَاثًا كَوَلَدِ الْخَالِ أَوْ الْخَالَةِ (وَإِنْ) كَانُوا (نَصْرَى) لُغَةٌ فِي نَصَارَى وَلَوْ قَالَ وَلَوْ كُفَّارًا كَانَ أَشْمَلَ (وَ) تَنَاوَلَ (مَوَالِيهِ) كَأَنْ يَقُولَ وَقْفٌ عَلَى مَوَالِيَّ (الْمُعْتَقَ) بِالْفَتْحِ أَيْ عَتِيقَ الْوَاقِفِ (وَوَلَدَهُ) لِصُلْبِهِ وَوَلَدَ وَلَدِهِ الذَّكَرَ (وَ) تَنَاوَلَ (مُعْتَقَ أَبِيهِ وَ) مُعْتَقَ (ابْنِهِ) أَيْ الْوَاقِفِ وَالْمُرَادُ أَنَّ الْوَقْفَ عَلَى الْمَوَالِي يَتَنَاوَلُ مُعْتَقَ أَصْلِ الْوَاقِفِ وَمُعْتَقَ فَرْعِهِ وَلَوْ سَفَلَ وَلَوْ بِالْجَرِّ فِيهِمَا فَيَشْمَلُ مَنْ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ بِالْكَسْرِ بِالِانْجِرَارِ بِوِلَادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ وَمَنْ وَلَاؤُهُ لِأَصْلِهِ، أَوْ لِفَرْعِهِ كَذَلِكَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ دُخُولِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى وَهُوَ مَنْ أَعْتَقَ الْوَاقِفَ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَتِهِ.
(وَ) تَنَاوَلَ (قَوْمُهُ عَصَبَتَهُ فَقَطْ) دُونَ النِّسَاءِ وَمَنْ لَوْ رُجِّلَتْ عَصَبَتْ (وَ) تَنَاوَلَ (طِفْلٌ وَصَغِيرٌ وَصَبِيٌّ) فِي قَوْلِهِ وَقْفٌ عَلَى أَطْفَالِي، أَوْ أَطْفَالِ فُلَانٍ، أَوْ صِغَارِي أَوْ صِبْيَانِي (مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) فَإِنْ بَلَغَ فَلَا شَيْءَ لَهُ (وَ) تَنَاوَلَ (شَابٌّ وَحَدَثٌ) بَالِغًا (لِلْأَرْبَعِينَ) أَيْ لِتَمَامِهَا (وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ (فَكَهْلٌ لِلسِّتِّينَ وَإِلَّا) بِأَنْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ (فَشَيْخٌ) فَمَنْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى كُهُولِ قَوْمِي اخْتَصَّ بِهِ مَنْ زَادَ عَلَى الْأَرْبَعِينَ لِلسِّتِّينَ وَمَنْ قَالَ عَلَى مَشَايِخِهِمْ اخْتَصَّ بِهِ مَنْ زَادَ عَلَى السِّتِّينَ لِمُنْتَهَى الْعُمُرِ (وَشَمِلَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَفَتْحِهَا أَيْ قَوْلُهُ طِفْلٌ وَمَا بَعْدَهُ (الْأُنْثَى) فَلَا يَخْتَصُّ بِالذَّكَرِ (كَالْأَرْمَلِ) يَشْمَلُ الْأُنْثَى؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الشَّخْصُ الْأَرْمَلُ
ــ
[حاشية الدسوقي]
وَالتَّبَعِيِّ اهـ وَعُرْفُ مِصْرَ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ الْوَاقِفُ وَلَا وَلَدُهُ. (قَوْلُهُ: الْعَصَبَةَ) أَيْ كُلَّهُمْ مِنْ ابْنٍ وَأَبٍ وَجَدٍّ، وَإِخْوَةٍ وَأَعْمَامٍ وَبَنِيهِمْ الذُّكُورِ. (قَوْلُهُ: عَصَبَتْ) أَيْ كَانَتْ عَاصِبًا وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ التَّقْدِيرِ عَصَبَةً بِالْغَيْرِ، أَوْ مَعَ الْغَيْرِ كَأُخْتٍ مَعَ أَخٍ، أَوْ بِنْتٍ مَعَ بِنْتٍ، أَوْ كَانَتْ غَيْرَ عَاصِبَةٍ أَصْلًا كَأُمٍّ وَجَدَّةٍ. (قَوْلُهُ: كَأُخْتٍ وَعَمَّةٍ) أَيْ وَكَذَا بِنْتٌ وَبِنْتُ ابْنٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ جِهَةِ أُمِّهَا) أَيْ فَتَدْخُلُ الْعَمَّاتُ وَالْخَالَاتُ وَأَوْلَادُهُنَّ وَيَدْخُلُ أَيْضًا بَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَيَدْخُلُ الْخَالُ وَابْنُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ دُخُولِ أَقَارِبِ جِهَتَيْهِ مُطْلَقًا هُوَ الَّذِي رَوَاهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ إنَّهُ قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لَا تَدْخُلُ قَرَابَتُهُ مِنْ النِّسَاءِ مِنْ الْجِهَتَيْنِ وَرَوَى عِيسَى أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ إنْ كَانَ لَهُمْ قَرَابَةٌ مِنْ الرِّجَالِ، وَإِلَّا فَلَا يَدْخُلُونَ وَالرَّاجِحُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ اُنْظُرْ بْن. (قَوْلُهُ: كَوَلَدِ الْخَالِ) مِثَالٌ لِمَنْ يَقْرُبُهُ لِأُمِّهِ مِنْ أَبِيهَا وَأَمَّا وَلَدُ الْخَالَةِ فَهُوَ مِثَالٌ لِمَنْ يَقْرُبُ لِأُمِّهِ مِنْ جِهَةِ أُمِّهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا) أَيْ أَقَارِبُ جِهَتَيْهِ نَصَارَى أَيْ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ لِصِدْقِ اسْمِ الْقَرَابَةِ عَلَيْهِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْمُسْلِمِ مِنْهُمْ عَزَاهُ فِي الذَّخِيرَةِ لِمُنْتَقَى الْبَاجِيَّ عَنْ أَشْهَبَ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوَّلَ الْبَابِ " وَذِمِّيٍّ وَإِنْ لَمْ تَظْهَرْ قُرْبَةٌ " فَسَقَطَ قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ لَمْ أَرَ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فَصَوَابُ قَوْلِهِ وَإِنْ نَصَارَى، وَإِنْ قَصَوْا أَيْ بَعُدُوا إذْ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ رُؤْيَتِهِ عَدَمُ وُجُودِهِ. (قَوْلُهُ: وَتَنَاوَلَ مَوَالِيهِ الْمُعْتَقَ وَوَلَدَهُ وَمُعْتَقَ أَبِيهِ وَابْنِهِ) أَيْ بِخِلَافِ وَقْفٌ عَلَى عُتَقَائِي وَذُرِّيَّتِهِمْ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِعُتَقَائِهِ هُوَ وَذُرِّيَّتُهُمْ كَمَا فِي عُرْفِ مِصْرَ وَلَا يَشْمَلُ عُتَقَاءَ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ فَلَيْسَ هَذَا كَلَفْظِ مَوَالِيَّ مِنْ جُمْلَةِ عُتَقَائِهِ مَنْ أَوْصَى بِشِرَائِهِ وَعِتْقِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى أَوْلَادِي وَمِنْ بَعْدِهِمْ مَثَلًا عَلَى عُتَقَائِي، ثُمَّ إنَّهُ حِينَ مَرِضَ أَوْصَى بِشِرَاءِ رَقَبَةٍ وَعِتْقِهَا فَإِنَّ تِلْكَ الرَّقَبَةَ تَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ عُتَقَائِهِ وَتَسْتَحِقُّ مِنْ الْوَقْفِ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمِعْيَارِ. (قَوْلُهُ: الذَّكَرِ) صِفَةٌ لِوَلَدِ وَأَمَّا وَلَدُ الْوَلَدِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى (قَوْلُهُ: فَيَشْمَلُ مَنْ وَلَاؤُهُ لِلْمُعْتِقِ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْوَاقِفُ وَقَوْلُهُ: بِالِانْجِرَارِ بِوِلَادَةٍ أَوْ عِتْقٍ بِأَنْ يَلِدَ الْعَتِيقُ الَّذِي أَعْتَقَهُ الْوَاقِفُ وَلَدًا، أَوْ يُعْتِقَ الْعَتِيقُ عَتِيقًا. (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ وَلَوْ بِالْجَرِّ بِوِلَادَةٍ، أَوْ عِتْقٍ بِأَنْ كَانَ أَصْلُ الْوَاقِفِ، أَوْ فَرْعُهُ أَعْتَقَ عَتِيقًا وَذَلِكَ الْعَتِيقُ وُلِدَ لَهُ أَوْ أَعْتَقَ عَتِيقًا أَيْضًا. (قَوْلُهُ: عَصَبَتَهُ فَقَطْ) أَيْ عَصَبَتَهُ الْمُتَعَصِّبِينَ بِأَنْفُسِهِمْ وَهُمْ الرِّجَالُ وَقَوْلُهُ: دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ مَنْ رُجِّلَتْ إلَخْ وَلَوْ كَانَتْ عَاصِبَةً بِالْغَيْرِ، أَوْ مَعَ الْغَيْرِ. (قَوْلُهُ: وَقْفٌ عَلَى أَطْفَالِي) أَيْ أَوْ عَلَى أَطْفَالِ أَوْلَادِي وَقَوْلُهُ: أَوْ صِغَارِي أَيْ صِغَارِ أَوْلَادِي وَقَوْلُهُ: أَوْ صِبْيَانِي أَيْ أَوْ صِبْيَانِ أَوْلَادِي. (قَوْلُهُ: مَنْ لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ ذَكَرًا، أَوْ أُنْثَى كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ بَعْدُ. (قَوْلُهُ: وَتَنَاوَلَ شَابٌّ وَحَدَثٌ بَالِغًا لِلْأَرْبَعِينَ) أَيْ فَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى شَبَابِ قَوْمِي، أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ أَوْ عَلَى أَحْدَاثِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُجَاوِزْ الْأَرْبَعِينَ فَإِذَا بَلَغَ الْأَرْبَعِينَ أُخْرِجَ مِنْهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَكَهْلٌ) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ فِي الْأَرْبَعِينَ بِأَنْ زَادَ عَلَيْهَا فَكَهْلٌ فَإِذَا قَالَ وَقْفٌ عَلَى كُهُولِ قَوْمِي أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ فَلَا يَدْخُلُ فِيهِ إلَّا مَنْ جَاوَزَ الْأَرْبَعِينَ عَامًا وَلَمْ يُجَاوِزْ السِّتِّينَ. (قَوْلُهُ: وَشَمِلَ إلَخْ) فِعْلٌ مَاضٍ فَاعِلُهُ ضَمِيرٌ عَائِدٌ عَلَى مَا ذُكِرَ أَوْ عَلَى جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: كَالْأَرْمَلِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْوَاقِفِ وَقْفٌ عَلَى
وَهُوَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ (وَالْمِلْكُ) لِرَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ (لِلْوَاقِفِ لَا الْغَلَّةُ) مِنْ ثَمَرٍ وَلَبَنٍ وَصُوفٍ فَإِنَّهَا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، وَإِذَا كَانَتْ الرَّقَبَةُ لِلْوَاقِفِ (فَلَهُ) إنْ كَانَ حَيًّا (وَلِوَارِثِهِ) إنْ مَاتَ (مَنْعُ مَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ) إذَا خَرِبَ، أَوْ احْتَاجَ لِلْإِصْلَاحِ وَهَذَا إذَا أَصْلَحُوا، وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ الْمَنْعُ وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا هِيَ فَقَدْ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا.
(وَلَا يُفْسَخُ كِرَاؤُهُ لِزِيَادَةٍ) إذَا وَقَعَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ وَجِيبَةً فَإِنْ وَقَعَتْ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَزَادَ غَيْرُهُ مَا يَبْلُغُ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فُسِخَتْ لَهُ وَلَوْ الْتَزَمَ الْأَوَّلُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ الَّتِي زِيدَتْ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى مَنْ زَادَ حَيْثُ لَمْ تَبْلُغْ زِيَادَةُ مَنْ زَادَ أُجْرَةَ الْمِثْلِ فَإِنْ بَلَغَهَا فَلَا يُلْتَفَتُ لِزِيَادَةِ مَنْ زَادَ.
(وَلَا يُقْسَمُ) مِنْ كِرَاءِ الْوَقْفِ (إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ) إذْ لَوْ قُسِمَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إحْرَامِ مَنْ يُولَدُ، أَوْ إعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ إذَا مَاتَ وَهَذَا إذَا كَانَ الْوَقْفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَأَمَّا لَوْ كَانَ عَلَى غَيْرِهِمْ كَالْفُقَرَاءِ جَازَ لِلنَّاظِرِ كِرَاؤُهُ بِالنَّقْدِ أَيْ التَّعْجِيلِ وَالصَّرْفِ لِلْفُقَرَاءِ لِلْأَمْنِ مِنْ إحْرَامِ مَنْ يَسْتَحِقُّ، وَإِعْطَاءِ مَنْ لَا يَسْتَحِقُّ لِعَدَمِ لُزُومِ تَعْمِيمِهِمْ وَمِثْلُ الْمُعَيَّنِينَ الْمُدَرِّسُونَ وَخَدَمَةُ الْمَسْجِدِ وَنَحْوُهُمْ وَالْوَاحِدُ مِنْهُمْ كَالْأَجِيرِ
ــ
[حاشية الدسوقي]
أَرَامِلِ قَوْمِي، أَوْ قَوْمِ فُلَانٍ.
(فَرْعٌ) لَوْ قَالَ وَقْفٌ عَلَى بَنَاتِي أَوْ زَوْجَاتِي مَثَلًا وَكُلُّ مَنْ تَزَوَّجَتْ سَقَطَ حَقُّهَا فَمَنْ تَزَوَّجَتْ مِنْهُنَّ سَقَطَ حَقُّهَا عَمَلًا بِشَرْطِهِ فَإِنْ تَأَيَّمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ رَجَعَ لَهَا اسْتِحْقَاقُهَا وَكَذَلِكَ إذَا وَقَفَ عَلَى مُعَيَّنِينَ وَشَرَطَ أَنَّ مَنْ سَافَرَ مِنْهُمْ لِمَحَلِّ كَذَا سَقَطَ حَقُّهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ حَقُّ مَنْ سَافَرَ لِذَلِكَ الْمَحَلِّ فَإِنْ عَادَ رَجَعَ لَهُ اسْتِحْقَاقُهُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ مَنْ لَا زَوْجَ لَهُ) أَيْ ذَكَرًا كَانَ، أَوْ أُنْثَى. (قَوْلُهُ: فَلَهُ وَلِوَارِثِهِ مَنْعُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ إلَّا بِإِذْنِهِ وَلِأَنَّ إصْلَاحَ الْغَيْرِ مَظِنَّةٌ لِتَغْيِيرِ مَعَالِمِهِ بِخِلَافِ إصْلَاحِ الْوَاقِفِ فَإِنَّ الشَّأْنَ أَنَّهُ لَا يُغَيِّرُهُ عَنْ حَالَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ الْوَارِثُ فَلِلْإِمَامِ الْمَنْعُ كَذَا قَالَ عبق وَرَدَّهُ بْن قَائِلًا اُنْظُرْ مَنْ قَالَ هَذَا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ أَرَادَ التَّبَرُّعَ بِإِصْلَاحِ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ مَنْعُ الْوَاقِفِ وَوَارِثِهِ لِمَنْ يُرِيدُ إصْلَاحَهُ إذَا أَصْلَحُوا أَيْ إذَا أَرَادَ الْوَاقِفُ، أَوْ وَارِثُهُ إصْلَاحَ الْوَقْفِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُمْ الْمَنْعُ) أَيْ بَلْ الْأَوْلَى لَهُمْ تَمْكِينُ مَنْ أَرَادَ بِنَاءَهُ إذَا خَرِبَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ التَّعَاوُنِ عَلَى الْخَيْرِ. (قَوْلُهُ: فَقَدْ ارْتَفَعَ مِلْكُهُ عَنْهَا قَطْعًا) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ لِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ كَالْعِتْقِ وَقِيلَ إنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَنَحْوُهُ فِي النَّوَادِرِ، وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ الْوَقْفَ لَيْسَ مِنْ بَابِ إسْقَاطِ الْمِلْكِ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ إسْقَاطِهِ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَحْنَثُ الْحَالِفُ أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مِلْكَ فُلَانٍ بِالدُّخُولِ فِي وَقْفِهِ عَلَى الثَّانِي وَيَحْنَثُ بِالدُّخُولِ عَلَى الْأَوَّلِ وَهَذَا الْخِلَافُ قِيلَ فِي غَيْرِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا فِيهَا فَهُوَ إسْقَاطٌ قَطْعًا كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ وَقِيلَ الْخِلَافُ جَارٍ فِيهَا أَيْضًا كَمَا فِي النَّوَادِرِ.
فَإِنْ قُلْتَ: الْقَوْلُ بِأَنَّ الْمِلْكَ لِلْوَاقِفِ حَتَّى فِي الْمَسَاجِدِ مُشْكِلٌ بِإِقَامَةِ الْجُمُعَةِ فِيهَا وَالْجُمُعَةُ لَا تُقَامُ فِي الْمَمْلُوكِ. قُلْتُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِمِلْكِ الْوَقْفِ لِلْوَاقِفِ الْمِلْكَ الْحَقِيقِيَّ حَتَّى تُمْنَعَ إقَامَةُ الْجُمُعَةِ فِيهِ بَلْ الْمُرَادُ بِمِلْكِهِ لَهُ مَنْعُ الْغَيْرِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ وَهُوَ الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَهُ إلَخْ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَجِيبَةً) أَيْ مُدَّةً مُعَيَّنَةً نَقَدَ الْكِرَاءَ أَمْ لَا، وَمِثْلُ الْوَجِيبَةِ الْمُشَاهَرَةُ الَّتِي نُقِدَ فِيهَا الْكِرَاءُ وَلَوْ قَالَ الشَّارِحُ إذَا وَقَعَ الْكِرَاءُ لَازِمًا لَكَانَ شَامِلًا لَهُمَا. (قَوْلُهُ: فُسِخَتْ لَهُ) أَيْ فُسِخَتْ إجَارَةُ الْأَوَّلِ لِلثَّانِي الَّذِي زَادَ سَوَاءٌ كَانَ حَاضِرًا وَقْتَ إجَارَةِ الْأَوَّلِ، أَوْ كَانَ غَائِبًا. (قَوْلُهُ: فَإِنْ وَقَعَتْ إلَخْ) مِنْ هَذَا تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ الْعَامَّةِ الزِّيَادَةُ فِي الْوَقْفِ حَلَالٌ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ مُكْتَرًى بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا فَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ الْتَزَمَ الْأَوَّلُ تِلْكَ الزِّيَادَةَ إلَخْ) هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْمُعْتَدَّةِ فَإِنَّهَا إذَا كَانَتْ بِمَحَلِّ وَقْفٍ وَقَعَتْ إجَارَتُهُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ ثُمَّ زَادَ عَلَيْهَا شَخْصٌ أُجْرَةَ الْمِثْلِ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِالزِّيَادَةِ فَإِنَّهَا تُجَابُ لِذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا تَزِيدُ عَلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَطَلَبَتْ الْبَقَاءَ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ فَقَطْ فَإِنَّهَا تُجَابُ لِذَلِكَ اهـ عبق وَمَحْمُولٌ أَيْضًا عَلَى مَا إذَا الْتَزَمَ الْأَوَّلُ الزِّيَادَةَ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ مَعَ الثَّانِي بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ، وَإِلَّا كَانَ لَهُ ذَلِكَ اُنْظُرْ بْن.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقْسَمُ إلَّا مَاضٍ زَمَنُهُ) مَاضٍ: صِفَةٌ لِمَوْصُوفٍ مَحْذُوفٍ هُوَ نَائِبُ الْفَاعِلِ، وَزَمَنُهُ: مَرْفُوعٌ بِمَاضٍ أَيْ وَلَا يُقْسَمُ إلَّا خَرَاجٌ، أَوْ كِرَاءٌ مَاضٍ زَمَنُهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْحَبْسَ إذَا كَانَ عَلَى قَوْمٍ مُعَيَّنِينَ وَأَوْلَادِهِمْ فَإِنَّ النَّاظِرَ عَلَيْهِ لَا يَقْسِمُ مِنْ غَلَّتِهِ إلَّا الْغَلَّةَ الَّتِي مَضَى زَمَنُهَا فَإِذَا آجَرَ الدَّارَ أَوْ الْأَرْضَ مُدَّةً فَلَا يُفَرِّقُ الْأُجْرَةَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ الْمُدَّةِ سَوَاءٌ قَبَضَ الْأُجْرَةَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ، أَوْ عَجَّلَهَا الْمُسْتَأْجِرُ لَهُ قَبْلَ تَمَامِهَا. (قَوْلُهُ: إذْ لَوْ قُسِمَ ذَلِكَ قَبْلَ وُجُوبِهِ) أَيْ بِأَنْ عَجَّلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأُجْرَةَ قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَأُرِيدَ قَسْمُهَا. (قَوْلُهُ: لَأَدَّى ذَلِكَ إلَى إحْرَامِ مَنْ يُولَدُ) أَيْ قَبْلَ انْقِضَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ إذَا مَاتَ. (قَوْلُهُ: وَالصَّرْفُ لِلْفُقَرَاءِ) أَيْ حَالًا قَبْلَ فَرَاغِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ. (قَوْلُهُ: وَنَحْوُهُمْ) أَيْ فَلَا يُقْسَمُ عَلَيْهِمْ إلَّا غَلَّةُ مَا مَضَى مِنْ الزَّمَانِ
لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ سَوَاءٌ كَانَ الْوَقْفُ خَرَاجِيًّا، أَوْ هِلَالِيًّا (وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إنْ كَانَ) الْوَقْفُ (عَلَى مُعَيَّنٍ) كَفُلَانٍ وَأَوْلَادِهِ (كَالسَّنَتَيْنِ) وَالثَّلَاثِ لَا أَكْثَرَ وَقِيلَ الْكَافُ اسْتِقْصَائِيَّةٌ فَلَا يَجُوزُ أَكْثَرُ مِنْهُمَا فَإِنْ كَانَ عَلَى فُقَرَاءَ وَنَحْوِهِمْ جَازَ كِرَاءُ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ أَرْضًا وَالْعَامِ لَا أَكْثَرَ إنْ كَانَ دَارًا وَنَحْوَهَا فَإِنْ أَكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مَضَى إنْ كَانَ نَظَرًا ولَا يُفْسَخُ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ ضَرُورَةٌ تَقْتَضِي الْكِرَاءَ لِأَكْثَرَ مِمَّا تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ انْهَدَمَ الْوَقْفُ فَيَجُوزُ كِرَاؤُهُ بِمَا يُبْنَى بِهِ وَلَوْ طَالَ الزَّمَانُ كَأَرْبَعِينَ عَامًا، أَوْ أَزْيَدَ بِقَدْرِ مَا تَقْتَضِي الضَّرُورَةُ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ ضَيَاعِهِ وَانْدِرَاسِهِ (وَ) أَكْرَى مُسْتَحِقٌّ (لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ كَالْعَشْرِ) وَنَحْوِهَا مِنْ السِّنِينَ لِخِفَّةِ الْغَرَرِ؛ لِأَنَّ الْمَرْجِعَ لَهُ وَصُورَتُهَا حَبَّسَ عَلَى زَيْدٍ دَارًا مَثَلًا، ثُمَّ عَلَى عَمْرٍو فَأَكْرَاهَا زَيْدٌ لِعَمْرٍو الَّذِي لَهُ الْمَرْجِعُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَهَذَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْوَاقِفُ مُدَّةً، وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهَا.
(وَإِنْ)(بَنَى، أَوْ غَرَسَ مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) وَلَوْ بِالْوَصْفِ كَإِمَامٍ وَمُدَرِّسٍ (فَإِنْ مَاتَ وَلَمْ يُبَيِّنْ) شَيْئًا (فَهُوَ وَقْفٌ) كَمَا لَوْ بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ فَلَا يُورَثُ عَنْهُ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ فَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ اسْتَحَقَّهُ وَارِثُهُ بِالْفَرِيضَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَمَفْهُومُ " مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ " أَنَّهُ لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ كَانَ لَهُ مِلْكًا فَلَهُ نَقْضُهُ، أَوْ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا وَهَذَا إذَا كَانَ الْحَبْسُ لَا يَحْتَاجُ لَهُ، وَإِلَّا فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ، أَوْ أَصْلَحَ.
(وَ) إذَا وَقَفَ (عَلَى مَنْ لَا يُحَاطُ بِهِمْ) كَالْفُقَرَاءِ وَأَبْنَاءِ السَّبِيلِ (أَوْ عَلَى قَوْمٍ وَأَعْقَابِهِمْ، أَوْ عَلَى كَوَلَدِهِ) ، أَوْ وَلَدِ وَلَدِهِ، أَوْ عَلَى إخْوَتِهِ، أَوْ بَنِي عَمِّهِ (وَلَمْ يُعَيِّنْهُمْ) بِقَوْلِهِ فُلَانٌ وَفُلَانٌ (فَضَّلَ الْمُوَلَّى) بِفَتْحِ اللَّامِ مُشَدَّدَةً أَيْ النَّاظِرُ أَيْ قَدَّمَ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ (أَهْلَ الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ) الْفُقَرَاءَ بِالِاجْتِهَادِ لِأَنَّ قَصْدَ الْوَاقِفِ الْإِحْسَانُ وَالْإِرْفَاقُ (فِي غَلَّةٍ وَسُكْنَى)
ــ
[حاشية الدسوقي]
قَوْلُهُ: لَهُ بِحِسَابِ مَا عَمِلَ) أَيْ إذَا عُزِلَ قَبْلَ تَمَامِ مُدَّةِ الْكِرَاءِ وَلِوَارِثِهِ إذَا مَاتَ قَبْلَ تَمَامِهَا. (قَوْلُهُ: خَرَاجِيًّا) أَيْ يُقْبَضُ كُلَّ سَنَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ هِلَالِيًّا أَيْ يُقْبَضُ فِي آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ. (قَوْلُهُ: وَأَكْرَى نَاظِرُهُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالنَّاظِرِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ كَانَ مِنْ جُمْلَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُكْرِيَ أَزْيَدَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّ بِمَوْتِهِ لَا تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِخِلَافِ الْمُسْتَحِقِّ فَإِنَّهُ تَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ بِمَوْتِهِ كَذَا فِي عبق وَكَبِيرِ خش قَالَ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ: وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ الْإِطْلَاقُ تَأَمَّلْ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي " وَأَكْرَى لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ " مُخَصِّصٌ لِعُمُومِ مَا هُنَا أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ النَّاظِرِ الْمُسْتَحِقَّ أَيْ أَوْ غَيْرِهِ لَا تُكْرَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ إذَا أَكْرَى لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَأَمَّا إذَا أَكْرَى لِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ فَيَجُوزُ أَنْ يُكْرِيَ لَهُ كَالْعَشْرِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ أَرْضًا إلَخْ) أَيْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُعَيَّنِينَ وَغَيْرِهِمْ إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ أَرْضًا لِلزِّرَاعَةِ فَإِنْ كَانَ دَارًا فَلَا تُؤَاجَرُ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ كَانَتْ مَوْقُوفَةً عَلَى مُعَيَّنِينَ أَوْ عَلَى غَيْرِهِمْ. (قَوْلُهُ: أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِمَّا ذُكِرَ وَهُوَ السَّنَةُ فِي الدَّارِ وَالثَّلَاثُ سِنِينَ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ. (قَوْلُهُ: كَالْعَشْرِ) أَيْ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَرْضِ فِي ذَلِكَ وَالدَّارِ قَالَهُ شَيْخُنَا الْعَدَوِيُّ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّفْصِيلُ بَيْنَ كِرَائِهَا لِغَيْرِ مَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ وَلِمَنْ مَرْجِعُهَا لَهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا عُمِلَ عَلَيْهَا) أَيْ كَمَا قَالَ الْوَاقِفُ لَا يُكْرِي إلَّا سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ بَنَى مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ) أَيْ فِي الْأَرْضِ الْمُحَبَّسَةِ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَقْفٌ) اُسْتُشْكِلَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ لَمْ يُحَزْ عَنْ وَاقِفِهِ قَبْلَ حُصُولِ الْمَانِعِ وَيُجَابُ بِتَبَعِيَّتِهِ لِمَا بُنِيَ فِيهِ فَأُعْطِيَ حُكْمَهُ فَهُوَ مَحُوزٌ بِحَوْزِ الْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ بَيَّنَ) أَيْ وَلَوْ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: اسْتَحَقَّهُ وَارِثُهُ) أَيْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْبِنَاءَ وَارِثُهُ إذَا مَاتَ فَيَكُونُ لَهُ قِيمَتُهُ مَنْقُوضًا، أَوْ نَقْضُهُ بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ هَدْمُهُ وَأَخْذُ الْأَنْقَاضِ كَبِنَاءِ الْأَجْنَبِيِّ الْآتِي كَمَا فِي بْن. (قَوْلُهُ: لَوْ بَنَى أَجْنَبِيٌّ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وَقْفٌ، أَوْ مِلْكٌ وَأَوْلَى إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَانِيَ فِي الْوَقْفِ إمَّا مُحَبَّسٌ عَلَيْهِ أَوْ أَجْنَبِيٌّ وَفِي كُلٍّ إمَّا أَنْ يُبَيِّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّ مَا بَنَاهُ مِلْكٌ أَوْ وَقْفٌ، أَوْ لَا يُبَيِّنَ شَيْئًا فَإِنْ بَيَّنَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنَّهُ وَقْفٌ كَانَ وَقْفًا وَإِنْ بَيَّنَ أَنَّهُ مِلْكٌ كَانَ لَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ، وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ كَانَ وَقْفًا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْبَانِي مُحَبَّسًا عَلَيْهِ أَوْ لَهُ، أَوْ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ أَجْنَبِيًّا فَالْخِلَافُ بَيْنَ الْمُحَبَّسِ عَلَيْهِ وَالْأَجْنَبِيِّ عِنْدَ عَدَمِ الْبَيَانِ فَقَطْ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ نَقْضُهُ) بِفَتْحِ النُّونِ أَيْ هَدْمُهُ وَأَخْذُ أَنْقَاضِهِ، أَوْ بِضَمِّهَا بِمَعْنَى الْمَنْقُوضِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا) أَيْ التَّخْيِيرُ بَيْنَ أَخْذِ قِيمَةِ النَّقْضِ أَوْ النَّقْضِ. (قَوْلُهُ: لَا يَحْتَاجُ لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الْبِنَاءِ الَّذِي بَنَى فِيهِ. (قَوْلُهُ: فَيُوَفَّى لَهُ مِنْ غَلَّتِهِ) أَيْ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْبِنَاءُ وَقْفًا. (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ بَنَى النَّاظِرُ، أَوْ أَصْلَحَ) أَيْ فَإِنَّهُ يُوَفَّى لَهُ جَمِيعُ مَا صَرَفَهُ فِي الْبِنَاءِ وَيُجْعَلُ الْبِنَاءُ وَقْفًا.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى قَوْمٍ إلَخْ) أَيْ كَبَنِي فُلَانٍ وَأَعْقَابِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَالْعِيَالِ) أَيْ وَأَهْلِ الْعِيَالِ الْفُقَرَاءِ وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَا حَاجَةٍ لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ. (قَوْلُهُ: وَالْإِرْفَاقُ) أَيْ بِالْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ. (قَوْلُهُ: فِي غَلَّةٍ) أَيْ إنْ كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ تَفْرِيقَ الْغَلَّةِ عَلَيْهِمْ وَقَوْلُهُ: وَسُكْنَى أَيْ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْوَقْفِ سُكْنَاهُمْ ثُمَّ إنَّ التَّفْصِيلَ بِالسُّكْنَى بِالتَّخْصِيصِ وَأَمَّا بِالْغَلَّةِ فَهُوَ إمَّا بِالزِّيَادَةِ إنْ قَبِلَتْ الِاشْتِرَاكَ أَوْ بِالتَّخْصِيصِ إنْ لَمْ تَسَعْ الِاشْتِرَاكَ قَالَهُ الشَّيْخُ الْعَدَوِيُّ.
هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَفْضِيلِ ذِي الْحَاجَةِ وَالْعِيَالِ بِالْغَلَّةِ وَالسُّكْنَى هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِمَشْهُورِيَّتِهِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ