الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبحث الثاني وجوب إفراد الله بالعبادة وتحته مطالب]
[المطلب الأول معنى العبادة والأصول التي تُبنى عليها]
المبحث الثاني
وجوب إفراد الله بالعبادة، وتحته مطالب المطلب الأول: معنى العبادة والأصول التي تُبنى عليها. العبادة في اللغة: الذل والخضوع، يقال: بعير معبد، أي: مذلل، وطريق معبد: إذا كان مذللا قد وطئته الأقدام.
وشرعا: هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
وسيأتي ما يوضح ذلك عند ذكر بعض أنواع العبادة.
وهي تبنى على ثلاثة أركان:
الأول: كمال الحب للمعبود سبحانه، كما قال تعالى:{وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة: 165](البقرة: 165) .
الثاني: كمال الرجاء، كما قال تعالى:{وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ} [الإسراء: 57](الإسراء: 57) .
الثالث: كمال الخوف من الله سبحانه، كما قال تعالى:{وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء: 57](الإسراء: 57) .
وقد جمع الله سبحانه بين هذه الأركان الثلاثة العظيمة في فاتحة الكتاب في قوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 2 - 4] فالآية الأولى فيها المحبة؛ فإن الله منعم، والمنعم يُحبُّ على قدر إنعامه، والآية الثانية فيها الرجاء، فالمتصف بالرحمة ترجى رحمته، والآية الثالثة فيها الخوف، فمالك الجزاء والحساب يخاف عذابه.
ولهذا قال تعالى عقب ذلك: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} [الفاتحة: 5] أي: أعبدك يا رب هذه
الثلاث: بمحبتك التي دل عليها: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] ورجائك الذي دل عليه: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 3] وخوفك الذي دل عليه: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة: 4]
والعبادة لا تقبل إلا بشرطين: 1 - الإخلاص فيها للمعبود؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الخالص لوجهه سبحانه، قال تعالى:{وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5](البينة: 5)، وقَال تعالى:{أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3](الزمر: 3)، وقال تعالى:{قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَهُ دِينِي} [الزمر: 14](الزمر: 14) .
2 -
المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم؛ فإن الله لا يقبل من العمل إلا الموافق لهدي الرسول صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7](الحشر: 7)، وقَال تعالى:{فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 65](النساء: 65) .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» (1)(أي مردود عليه) .
فلا عبرة بالعمل ما لم يكن خالصا لله صوابا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الفضيل بن عياض رحمه الله في قوله تعالى:{لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [هود: 7](هود: 7، الملك: 2) : " أخلصه وأصوبه "، قيل: يا أبا علي، وما أخلصه وأصوبه؟ قال: " إن العمل إذا كان خالصا ولم يكن صوابا لم يقبل، وإذا
(1) صحيح البخاري برقم (2697) .