الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إيمانهم على ما جاء في الحديث السابق.
[المطلب الثامن الجنة والنار صفتهما وكيفية الإيمان بهما وأدلة ذلك]
المطلب الثامن: الجنة والنار، صفتهما وكيفية الإيمان بهما وأدلة ذلك: مما يجب اعتقاده والإيمان به الجنة والنار.
والجنة هي دار الثواب لمن أطاع الله وموضعها في السماء السابعة عند سدرة المنتهى. قال تعالى: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى - عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى - عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى} [النجم: 13 - 15](النجم: 13-15)، والجنة مائة درجة بين كل درجة والأخرى كما بين السماء والأرض كما جاء في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض» (1) . وأعلى الجنة الفردوس الأعلى وفوقه العرش ومنه تتفجر أنهار الجنة كما جاء في حديث أبي هريرة السابق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة» . وللجنة ثمانية أبواب كما جاء في حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون» (2) وقد أعد الله لأهل الجنة فيها من النعيم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وأما النار فهي دار العقاب الأبدي للكافرين والمشركين والمنافقين النفاق الاعتقادي، ولمن شاء الله من عصاة الموحدين بقدر ذنوبهم ثم مآلهم إلى
(1) صحيح البخاري برقم (2790) .
(2)
صحيح البخاري برقم (3257) .
الجنة. كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48](النساء: 48) وموضعها في الأرض السابعة كذا نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما. وللنار دركات بعضها أسفل من بعض، قال عبد الرحمن بن أسلم:(درجات الجنة تذهب علوا ودرجات النار تذهب سفولا، وأسفل الدركات هي دار المنافقين كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] الآية (النساء: 145) ، وللنار سبعة أبواب، قال تعالى:{لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: 44](الحجرِ: 44)، ونار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار جهنم على ما جاء في حديث أبي هريرة الذيَ أخرجه الشيخان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ناركم جزء من سبعين جزءا من نار جهنم» (1) .
والإيمان بالجنة والنار يتحقق بثلاثة أمور: الأول: الاعتقاد الجازم بأنهما حق وأن الجنة دار المتقين والنار دار الكافرين والمنافقين. قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا - وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 56 - 57](النساء: 56، 57) .
الثاني: اعتقاد وجودهما الآن. قال تعالى في الجنة. {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133](آل عمران: 133)، وقال تعالى في النار:{أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 24](البقرة: 24)، وجاء في الصحيحين من حديث عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء، واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء» (2) .
(1) صحيح البخاري برقم (3265) ، وصحيح مسلم برقم (871) .
(2)
صحيح البخاري برقم (3241) ، وصحيح مسلم برقم (2738) مختصرا بمعناه، واللفظ للبخاري.
الثالث: اعتقاد دوامهما وبقائهما وأنهما لا تفنيان ولا يفنى من فيهما. قال تعالى في الجنة: {خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [التوبة: 89](النساء: 13)، وقال تعالى عن النار:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [الجن: 23](الجن: 23) . والمقصود من المعصية هنا الكفر، لتأكيد الخلود في النار بالتأبيد، قال القرطبي قوله (أبدا) دليل على أن العصيان هنا هو الشرك (1) . وروى الشيخان من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«يدخل الله أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، ثم يقوم مؤذن بينهم فيقول: يا أهل الجنة لا موت ويا أهل النار لا موت كل خالد فيما هو فيه» (2) .
ثمرات الإيمان باليوم الآخر: وللإيمان باليوم الآخر ثمرات عظيمة في حياة المؤمن من أهمها:
1 -
الحرص على طاعة الله رغبة في ثواب ذلك اليوم والبعد عن معصيته خوفا من عقاب ذلك اليوم.
2 -
تسلية المؤمن عما يفوته من نعيم الدنيا ومتاعها بما يرجوه من نعيم الآخرة وثوابها.
3 -
استشعار كمال عدل الله تعالى حيث يجازي كلا بعمله مع رحمته بعباده.
(1) القرطبي 19 / 27، وفتح القدير 5 / 307.
(2)
صحيح البخاري برقم (6544) ، وصحيح مسلم برقم (2850) ، واللفظ لمسلم.