الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
أن الشرك الأكبر محبط لجميع الأعمال، وأما الأصغر فلا يحبط إلا العمل الذي قارنه.
3 -
أن الشرك الأكبر مخرج لصاحبه من ملة الإسلام، وأما الشرك الأصغر فلا يخرجه منها.
4 -
أن الشرك الأكبر صاحبه خالد في النار ومحرمة عليه الجنة، وأما الأصغر فكغيره من الذنوب.
[المطلب الثاني الكفر]
المطلب الثاني: الكفر. أ- تعريفه: الكفر لغة يطلق على الستر والتغطية.
وشرعا: ضد الإيمان، وهو: عدم الإيمان بالله ورسوله، سواء كان معه تكذيب أو لم يكن معه تكذيب، بل عن شك وريب، أو إعراض عن ذلك حسدا وكبرا أو اتباعا لبعض الأهواء الصارفة عن اتباع الرسالة.
ب- أنواع الكفر: الكفر نوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر.
فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار، والأصغر موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود.
أولا: الكفر الأكبر. وهو خمسة أنواع:
أ- كفر التكذيب، وهو اعتقاد كذب الرسل عليهم السلام، فمن كذبهم فيما جاؤوا به ظاهرا أو باطنا فقد كفر، والدليل قوله تعالى:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ} [العنكبوت: 68](العنكبوت: 68) .
2 -
كفر الإباء والاستكبار، وذلك بأن يكون عالما بصدق الرسول، وأنه جاء بالحق من عند الله، لكن لا ينقاد لحكمه ولا يذعن لأمره، استكبارا وعنادا، والدليل قوله تعالى:{وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 34](البقرة: 34) .
3 -
كفر الشك، وهو التردد، وعدم الجزم بصدق الرسل، ويقال له كفر الظن، وهو ضد الجزم واليقين.
والدليل قوله تعالى: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا - وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا - قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا - لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} [الكهف: 35 - 38](الكهف: 35- 38) .
4 -
كفر الإعراض، والمراد الإعراض الكلي عن الدين، بأن يعرض بسمعه وقلبه وعلمه عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، والدليل قوله تعالى:{وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ} [الأحقاف: 3](الأحقاف: 3) .
5 -
كفر النفاق، والمراد النفاق الاعتقادي بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر (1) والدليل قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ} [المنافقون: 3](المنافقون: 3) .
(1) مدارج السالكين (1 / 346) .
والنفاق على ضربين: 1 - نفاق اعتقاد وهو كفر أكبر ناقل من الملة وهو ستة أنواع: تكذيب الرسول، أو تكذيب بعض ما جاء به، أو بغض الرسول، أو بغض ما جاء به، أو المسرة بانخفاض دين الرسول، أو الكراهية لانتصار دين الرسول.
2 -
ونفاق عملي وهو كفر أصغر لا ينقل من الملة، إلا أنه جريمة كبيرة وإثم عظيم، ومنه ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث حيث قال:«أربع من كن فيه كان منافقا خالصا، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر» متفق عليه (1) .
وقال عليه الصلاة والسلام: «آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان» ، رواه البخاري (2) .
ثانيا: الكفر الأصغر وهو لا يخرج صاحبه من الملة ولا يوجب الخلود في النار وإنما عليه الوعيد الشديد، وهو كفر النعمة، وجميع ما ورد في النصوص من ذكر الكفر الذي لا يصل إلى حد الكفر الأكبر. ومن الأمثلة عليه:
ما ورد في قوله تعالى: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112](النحل: 112) .
(1) صحيح البخاري برقم (34) ، وصحيح مسلم برقم (58) .
(2)
صحيح البخاري برقم (33) .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب والنياحة على الميت» ، رواه مسلم (1) .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض» ، رواه البخاري ومسلم (2) .
فهذا وأمثاله كفر دون كفر وهو لا يخرج من الملة الإسلامية.
لقوله تعالى: {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ - إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 9 - 10](الحجرات: 9، 10) ، فسماهم الله عز وجل مؤمنين مع الاقتتال.
ولقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} [النساء: 48](النساء: 48) ، فدلت الآية الكريمة على أن كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة أي إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه وإن شاء عفا عنه من أول وهلة، إلا الشرك به فإن الله لا يغفره كما هو صريح في الآية وقوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72](المائدة: 72) .
(1) صحيح مسلم برقم (67) .
(2)
صحيح البخاري برقم (121) ، وصحيح مسلم برقم (65) .