الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبحث الثاني أمثلة تطبيقية لإثبات الأسماء والصفات]
المبحث الثاني
أمثلة تطبيقية لإثبات الأسماء والصفات في ضوء الكتاب والسنة دل الكتاب والسنة على إثبات الأسماء والصفات للرب عز وجل في مواطن كثيرة من أوجه متعددة وفي سياقات متنوعة.
والأسماء والصفات الثابتة بالكتاب والسنة كثيرة جدًّا دونت فيها الكتب والمصنفات وعد أهل العلم الكثير منها. ونذكر هنا طائفة منها على سبيل التمثيل لا الحصر.
فمن أسماء الله تعالى:
الحي والقيوم: وقد دل على هذين الاسمين الكتاب والسنة. فمن الكتاب قول الله تعالى: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} [البقرة: 255](البقرة: 255) . ومن السنة حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حلقة ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد وتشهد ودعا فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به
أعطى» (1) .
الحميد: وقد دل عليه قول الله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} [البقرة: 267](البقرة: 267) . ومن السنة حديث كعب بن عُجْرَة في التشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم أن يقولوا: «اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد» . . .) (2) .
الرحمن والرحيم: وقد دل عليهما قول الله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ - الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 2 - 3](الفاتحة: 2، 3) .
ومن السنة أمر النبي صلى الله عليه وسلم كاتبه يوم الحديبية عند كتابة الصلح بينه وبين المشركين أن يكتب (بسم الله الرحمن الرحيم)(3) .
الحليم: ودليله من القرآن قوله تعالى: {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا} [فاطر: 41](فاطر: 41) . ومن السنة حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: «لا إله إلا الله العظيم الحليم» . .) الحديث (4) .
(1) رواه الحاكم برقم (1856) وقال: صحيح على شرط مسلم ووفقه الذهبي.
(2)
صحيح البخاري برقم (3370) ، ومسلم برقم (406) .
(3)
صحيح البخاري برقم (2731) .
(4)
رواه البخاري برقم (6345) ، ومسلم برقم (2730) .
ومن صفات الله:
القدرة: وهي صفة ذاتية لله تعالى ثابتة بالكتاب والسنة. ومعنى ذاتية: أي ملازمة لذات الله لا تنفك عنه سبحانه. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة: 20](البقرة: 20) . ومن السنة حديث عثمان بن أبي العاص أنه شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجعًا يجده في جسده منذ أسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ضع يدك على الذي تألم من جسدك، وقل: بسم الله ثلاثًا وقل، سبع مرات: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر» (1) .
الحياة: وهي من صفات الله الذاتية. وهي مشتقة من اسمه الحي وقد تقدم ذكر الأدلة عليها.
العلم: صفة ذاتية لله تعالى وثبوتها بالكتاب والسنة. قال تعالى: {وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة: 255](البقرة: 255) . ومن السنة حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم أن يقولوا في الاستخارة: «اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك» . . .) (2) .
الإرادة: وهي صفة فعلية ثابتة بالكتاب والسنة. والصفات الفعلية هي المتعلقَة
(1) رواه مسلم برقم (2202) .
(2)
رواه البخاري برقم (6382) .
بمشيئة الله وقدرته إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها. قال تعالى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} [الأنعام: 125](الأنعام: 125) . ومن السنة حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا أراد الله بقوم عذابًا، أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم» (1) .
العلو: وهو صفة ذاتية ثابتة بالكتاب والسنة. قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1](الأعلى: 1) . وقال تعالى: {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل: 50](النحل: 50) . ومن السنة حديث أبي هريرة المتقدم في المبحث الأول في الذكر عند النوم وفيه: (. . . «اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء» . . .)(2) .
الاستواء: وهو صفة فعلية لله تعالى ثابتة بالكتاب والسنة. قال تعالى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5](طه: 5) . وعن قتادة بن النعمان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لما فرغ الله من خلقه استوى على عرشه» (3) . ومعنى الاستواء في
(1) رواه مسلم برقم (9287) .
(2)
رواه مسلم برقم (2713) .
(3)
رواه الذهبي في العلو برقم (119) وقال: رواته ثقات، رواه الخلال في كتاب السنة.
لغة العرب: العلو والارتفاع، والاستقرار والصعود واستواء الله تعالى على عرشه استواء يليق بجلاله.
الكلام: وهو صفة ذاتية باعتبار النوع وصفة فعلية باعتبار أفراد الكلام فهو سبحانه يتكلم متى شاء وكيف شاء بكلام مسموع، وقد دل على صفة الكلام الأدلة من الكتاب والسنة. قال تعالى:{وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} [النساء: 164](النساء: 164)، {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} [الأعراف: 143] (الأعراف: 143) .
ومن السنة حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «احتج آدم وموسى فقال له موسى: يا آدم أنت أبونا خيَّبتنا وأخرجتنا من الجنة. قال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك التوراة بيده» . . .) الحديث (1) .
الوجه: وهو صفة ذاتية خبرية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة. قال تعالى: {وَمَا تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ} [البقرة: 272](البقرة: 272) . وقوله: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27](الرحمن: 27)، ومن السنة حديث جابر بن عبد الله قال:(لما نزلت: هذه الآية {قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ} [الأنعام: 65] قال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بوجهك» . فقال: {أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أعوذ بوجهك» . قال {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] (الأنعام: 65) . فقال
(1) رواه البخاري برقم (6614) ، ومسلم برقم (2652) .
النبي صلى الله عليه وسلم: «هذا أيسر» (1) .
اليدان: وهي صفة ذاتية خبرية لله عز وجل وثبوتها بالكتاب والسنة. قال تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64](المائدة: 64) . وقوله تعالى: {قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75](ص: 75) . ومن السنة حديث أبي موسى الأشعري الذي رواه مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها» (2) .
العينان: وهي صفة ذاتية خبرية ثابتة لله عز وجل بالكتاب والسنة. فمن الكتاب قول الله تعالى: {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي} [طه: 39](طه: 39) . وقوله تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا} [هود: 37](هود: 37) . ومن السنة حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله لا يَخْفى عليكم إن اللهّ ليس بأعور وأشار بيده إلى عينيه، وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأنّ عينه عنبة طافية» (3) .
القدم: وهي صفة ذاتية ثابتة للرب عز وجل بالأحاديث الصحيحة. ومن ذلك
(1) رواه البخاري برقم (7406) .
(2)
رواه مسلم برقم (2759) .
(3)
رواه البخاري برقم (7407) ، ومسلم برقم (2933) .
حديث أبي هريرة في تحاجج الجنة والنار وفيه: (. . . «فأما النار فلا تمتلئ حتى يضع الله تبارك وتعالى رجله، تقول قط قط قط فهنالك تمتلئ ويزوي بعضها إلى بعض» . . .)(1) . وفي بعض الروايات في الصحيحين «فيضع قدمه عليها» . . .) (2) .
وأسماء الله وصفاته الواردة في الكتاب والسنة كثيرة لا تحصى وإنما هذه أمثلة ويجب على المسلم إثباتها لله تبارك وتعالى على ما يليق بجلاله وكماله، كما أثبتها الله لنفسه في كتابه، وهو أعلم بنفسه من خلقه، وأثبتها له رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته وهو أعلم الخلق بربه وأكملهم نصحًا وأفصحهم وأبلغهم بيانًا وأتقاهم وأخشاهم له، وليحذر من تعطيل الله من صفاته أو تشبيهها بصفات المخلوقين لأن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: 11] (الشورى: 11) .
(1) رواه البخاري برقم (4850) ومسلم برقم (2846) .
(2)
رواه البخاري برقم (4848، 4849) ومسلم برقم (2848) .