المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المبحث التاسع القول في حياة الأنبياء عليهم السلام] - أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌[مقدمة معالي الوزير الشيخ صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ]

- ‌[المقدمة]

- ‌[تمهيد]

- ‌[الباب الأول الإيمان بالله]

- ‌[الفصل الأول توحيد الربوبية]

- ‌[المبحث الأول معناه وأدلته من الكتاب والسنة]

- ‌[المبحث الثاني بيان أن الإقرار بهذا التوحيد وحده لا ينجي من العذاب]

- ‌[المبحث الثالث مظاهر الانحراف في توحيد الربوبية]

- ‌[الفصل الثاني توحيد الألوهية]

- ‌[المبحث الأول أدلته وبيان أهميته]

- ‌[المطلب الأول أدلّتُه]

- ‌[المطلب الثاني بيان أهميته وأنه أساس دعوة الرسل]

- ‌[المطلب الثالث بيان أنه محور الخصومة بين الرسل وأممهم]

- ‌[المبحث الثاني وجوب إفراد الله بالعبادة وتحته مطالب]

- ‌[المطلب الأول معنى العبادة والأصول التي تُبنى عليها]

- ‌[المطلب الثاني ذكر بعض أنواع العبادة]

- ‌[المبحث الثالث حماية المصطفى صلى الله عليه وسلم جناب التوحيد]

- ‌[المطلب الأول الرقى]

- ‌[المطلب الثاني التمائم]

- ‌[المطلب الثالث لبس الحلقة والخيط ونحوها]

- ‌[المطلب الرابع التبرك بالأشجار والأحجار ونحوها]

- ‌[المطلب الخامس النهي عن أعمال تتعلق بالقبور]

- ‌[المطلب السادس التوسل]

- ‌[المطلب السابع الغلو]

- ‌[المبحث الرابع الشرك والكفر وأنواعهما وفيه مطالب]

- ‌[المطلب الأول الشرك]

- ‌[المطلب الثاني الكفر]

- ‌[المبحث الخامس ادعاء علم الغيب وما يلحق به]

- ‌[الفصل الثالث توحيد الأسماء والصفات]

- ‌[تمهيد في الإيمان بالأسماء والصفات وأثر ذلك على المسلم]

- ‌[المبحث الأول تعريف توحيد الأسماء والصفات وأدلته]

- ‌[المبحث الثاني أمثلة تطبيقية لإثبات الأسماء والصفات]

- ‌[المبحث الثالث قواعد في باب الأسماء والصفات]

- ‌[القاعدة الأولى القول في الصفات كالقول في الذات]

- ‌[القاعدة الثانية القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر]

- ‌[القاعدة الثالثة الأسماء والصفات توقيفية]

- ‌[القاعدة الرابعة أسماء الله كلها حسنى]

- ‌[الباب الثاني بقية أركان الإيمان]

- ‌[الفصل الأول الإيمان بالملائكة]

- ‌[المبحث الأول تعريف الملائكة وأصل خلقتهم وصفاتهم وبعض خصائصهم]

- ‌[المبحث الثاني منزلة الإيمان بالملائكة وكيفيته وأدلة ذلك]

- ‌[المبحث الثالث وظائف الملائكة]

- ‌[الفصل الثاني الإيمان بالكتب المنزلة]

- ‌[تمهيد في تعريف الوحي لغة وشرعا وبيان أنواعه]

- ‌[المبحث الأول حكم الإيمان بالكتب وأدلته]

- ‌[المبحث الثاني كيفية الإيمان بالكتب]

- ‌[المبحث الثالث التوراة والإنجيل دخلها التحريف وسلامة القرآن من ذلك]

- ‌[المبحث الرابع الإيمان بالقرآن وخصائصه]

- ‌[الفصل الثالث الإيمان بالرسل]

- ‌[المبحث الأول حكم الإيمان بالرسل وأدلته]

- ‌[المبحث الثاني تعريف النبي والرسول والفرق بينهما]

- ‌[المبحث الثالث كيفية الإيمان بالرسل]

- ‌[المبحث الرابع ما يجب علينا نحو الرسل]

- ‌[المبحث الخامس أولو العزم من الرسل]

- ‌[المبحث السادس خصائص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وحقوقه على أمته]

- ‌[أولا خصائصه صلى الله عليه وسلم]

- ‌[ثانيا حقوق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته]

- ‌[ثالثًا بيان أن رؤية النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق]

- ‌[المبحث السابع ختم الرسالة وبيان أنه لا نبي بعده]

- ‌[المبحث الثامن الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم حقيقته وأدلته]

- ‌[المبحث التاسع القول في حياة الأنبياء عليهم السلام]

- ‌[المبحث العاشر معجزات الأنبياء والفرق بينها وبين كرامات الأولياء]

- ‌[المبحث الحادي عشر الولي والولاية في الإسلام]

- ‌[الفصل الرابع الإيمان باليوم الآخر]

- ‌[المبحث الأول أشراط الساعة وأنواعها]

- ‌[المبحث الثاني نعيم القبر وعذابه]

- ‌[المطلب الأول الإيمان بنعيم القبر وعذابه وأدلة ذلك]

- ‌[المطلب الثاني وقوع نعيم القبر وعذابه على الروح والجسد معا]

- ‌[المطلب الثالث الإيمان بالملكين منكر ونكير]

- ‌[المبحث الثالث الإيمان بالبعث]

- ‌[المطلب الأول معنى البعث وحقيقته]

- ‌[المطلب الثاني أدلة البعث من الكتاب والسنة والنظر]

- ‌[المطلب الثالث الحشر]

- ‌[المطلب الرابع الحوض صفته وأدلته]

- ‌[المطلب الخامس الميزان صفته وأدلته]

- ‌[المطلب السادس الشفاعة تعريفها وأنواعها وأدلتها]

- ‌[المطلب السابع الصراط صفته وأدلته]

- ‌[المطلب الثامن الجنة والنار صفتهما وكيفية الإيمان بهما وأدلة ذلك]

- ‌[الفصل الخامس الإيمان بالقضاء والقدر ويشتمل على مبحثين]

- ‌[المبحث الأول تعريف القضاء والقدر وأدلة ثبوتهما مع بيان الفرق بينهما]

- ‌[المبحث الثاني مراتب القدر]

- ‌[الباب الثالث مسائل متفرقة في العقيدة]

- ‌[الفصل الأول الإسلام والإيمان والإحسان]

- ‌[المبحث الأول الإسلام]

- ‌[المبحث الثاني الإيمان وأركانه]

- ‌[المبحث الثالث الإحسان]

- ‌[المبحث الرابع العلاقة بين الإسلام والإيمان والإحسان]

- ‌[الفصل الثاني الولاء والبراء معناه وضوابطه]

- ‌[الفصل الثالث حقوق الصحابة وما يجب نحوهم]

- ‌[المبحث الأول من هم الصحابة ووجوب محبتهم وموالاتهم]

- ‌[المبحث الثاني وجوب اعتقاد فضل الصحابة والكف عما شجر بينهم]

- ‌[المبحث الثالث أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المبحث الرابع الخلفاء الراشدون التعريف بالخلفاء الراشدين]

- ‌[المبحث الخامس العشرة المبشرون بالجنة]

- ‌[الفصل الرابع الواجب نحو أئمة المسلمين وعامتهم ولزوم جماعتهم]

- ‌[الفصل الخامس وجوب الاعتصام بالكتاب والسنة وأدلة وجوبه وفيه مباحث]

- ‌[المبحث الأول معنى الاعتصام بالكتاب والسنة وأدلة وجوبه]

- ‌[المبحث الثاني التحذير من البدع]

- ‌[المبحث الثالث ذم التفرق والاختلاف]

الفصل: ‌[المبحث التاسع القول في حياة الأنبياء عليهم السلام]

[المبحث التاسع القول في حياة الأنبياء عليهم السلام]

المبحث التاسع

القول في حياة الأنبياء عليهم السلام دلت الأدلة على موت الأنبياء إلا ما وردت النصوص باستثنائه كعيسى عليه السلام فإنه لم يمت بعد وإنما رفع إلى الله تعالى حيا على ما سيأتي بيانه.

فمن الأدلة على موت الأنبياء قوله تعالى: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ} [البقرة: 133](البقرة: 133) . وقال تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا} [غافر: 34](غافر: 34) . وقال تعالى عن سليمان عليه السلام: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ} [سبأ: 14](سبأ: 14) . وقال تعالى مخاطبا نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30](الزمر: 30) . قال بعض المفسرين نعيت للنبي صلى الله عليه وسلم نفسه ونعيت إليهم أنفسهم ففي الآية الإعلام للصحابة بأنه يموت. وقال تعالى مخبرا عن موت كل نفس مخلوقة: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185](آل عمران: 185) .

فدلت هذه الآيات على موت الأنبياء وأنهم يموتون كما يموت بقية البشر إلا ما أخبر به الله عز وجل عن عيسى عليه السلام من رفعه إليه كما قال تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: 55](آل عمران: 55) . فدلت الآية على رفع الله تعالى لعيسى بجسده وروحه إلى السماء وأنه لم يمت، وأما الوفاة المذكورة في الآية في

ص: 193

قوله تعالى {مُتَوَفِّيكَ} [آل عمران: 55] فقد جاء في تفسير الآية أن: " توفيه هو رفعه إليه "، وإلى ذلك ذهب ابن جرير الطبري. وأكثر المفسرين على أن الوفاة المذكورة هي النوم، كما قال تعالى:{اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42](الزمر: 42) .

فتقرر بهذا أن عيسى حي الآن في السماء لم يمت، وقد أخبر الله عن موته قبل قيام الساعة. قال تعالى:{وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} [النساء: 159](النساء: 159) . والموت المذكور هنا هو موت عيسى عليه السلام في آخر الزمان بعد أن ينزل من السماء فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية كما دلت على ذلك الأحاديث الصحيحة في نزول عيسى في آخر الزمان وقد جاءت تلك الأحاديث في الصحيحين وغيرهما.

وممن قيل إنه لم يمت من الأنبياء إدريس عليه السلام، فقد ذكر بعض أهل العلم أنه لم يمت وإنما رفعه الله كما رفع عيسى عليه السلام واستدلوا لذلك بقوله تعالى:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا - وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} [مريم: 56 - 57](مريم: 56، 57) . فعن مجاهد قال: إدريس رفع فلم يمت كما رفع عيسى. وعن ابن عباس قال: رفع إلى السماء فمات بها. وقال آخرون: رفع إلى السماء الرابعة والعلم في ذلك عند الله تعالى. وإنما القصد حصول الخلاف بين أهل العلم في موت إدريس من عدمه، هذا مع القطع بأنه إن لم يمت فلا بد أن يموت لعموم قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران: 185]

وأما ما عدا عيسى وإدريس عليهما السلام من الرسل فلم يقل أحد من أهل العلم المعتد بقولهم في الأمة بحياة أحد منهم لما تقدم من النصوص وللواقع المشاهد من موتهم. لكن جاء في بعض النصوص ما أشكَل فهمه

ص: 194

على البعض في هذا الباب مثل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث المعراج من رؤيته لبعض الرسل في السماء وتكليمه لهم على ما جاء في حديث أنس الذي أخرجه الشيخان وفيه: «ثم عرج بنا إلى السماء فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه. . قال: قد بعث إليه، ففتح لنا. فإذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية فاستفتح جبريل عليه السلام فقيل: من أنت؟ قال جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بعث إليه. قال: قد بعث إليه، ففتح لنا. فإذا أنا بابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا صلوات الله عليهما. فرحبا بي ودعوا لي بخير» (1) إلى آخر الحديث وقد ذكر فيه رؤيا يوسف في السماء الثالثة وإذا هو أعطي شطر الحسن ورؤياه إدريس في السماء الرابعة وهارون في السماء الخامسة وموسى في السماء السادسة ورؤيته إبراهيم في السماء السابعة مسندا ظهره إلى البيت المعمور وأنهم كلهم رحبوا به ودعوا له بخير.

ومثل ما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «رأيت ليلة أسري بي موسى رجلا آدم طوالا كأنه من رجال شنوءة، ورأيت عيسى رجلا مربوعا مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس» . . .) (2) الحديث.

ففهم بعض الناس من هذه النصوص ومن غيرها مما يماثلها عدم موت الأنبياء فاستدلوا بها على ما اعتقدوه من حياة الأنبياء. والحق أن الأنبياء

(1) صحيح البخاري برقم (3570) ، ومسلم برقم (162) .

(2)

صحيح البخاري برقم (3239) ، ومسلم برقم (165) .

ص: 195

ماتوا إلا ما وردت به النصوص في حق عيسى عليه السلام وما اختلف فيه من أمر إدريس عليه السلام. وأما من عداهما فقد دلت النصوص على موتهم قطعا ولا شك في ذلك. وقد سبق نقل الأدلة عليه. وأما ما جاء في الأحاديث من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن رؤية الرسل ليلة المعراج وما جاء في معناه من النصوص الأخرى فحق ولا تعارض بين النصوص في ذلك. وذلك أن الذي رآه الرسول صلى الله عليه وسلم هي أرواح الرسل مصورة في صور أبدانهم، وأما أجسادهم فهي في الأرض إلا من جاءت النصوص برفعهم، وهذا هو الذي عليه الأئمة المحققون من أهل السنة.

قال أحد الأئمة الراسخين في تحقيق هذه المسألة: (وأما رؤيته غيره من الأنبياء ليلة المعراج في السماء لما رأى آدم في السماء الدنيا، ورأى يحيى وعيسى في السماء الثانية، ويوسف في الثالثة وإدريس في الرابعة، وهارون في الخامسة، وموسى في السادسة، وإبراهيم في السابعة، أو بالعكس، فهذا رأي أرواحهم مصورة في صور أبدانهم. قد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور، وهذا ليس بشيء. لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك قيل في إدريس. وأما إبراهيم وموسى، وغيرهما فهم مدفونون في الأرض) .

وعلى أنه ينبغي أن يقرر هنا أن الله تعالى كما أكرم رسله برفع أرواحهم إلى السماء فهي تنعم على ما شاء الله فإنه حفظ أجسادهم في الأرض، وحرم على الأرض أن تأكل أجسادهم على ما ثبت ذلك من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي» . فقالوا: يا

ص: 196

رسول الله. وكيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: يقول: بليت. قال: «إن الله عز وجل حرم على الأرض أجساد الأنبياء» (1) .

وبهذا يتبين الحق في هذه المسألة المهمة وما يجب على المسلم اعتقاده فيها والله تعالى أعلم.

(1) رواه أحمد في المسند: 4 / 8 وأبو داود في السنن 1 / 443 برقم (1047) والدارمي في السنن 1 / 307 برقم (1580) ، وقال الإمام النووي إسناده صحيح.

ص: 197