الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المبحث الأول حكم الإيمان بالكتب وأدلته]
المبحث الأول: حكم الإيمان بالكتب وأدلته تعريف الكتب: الكتب جمع كتاب. والكتاب مصدر كتب يكتب كتابا، ثم سمي به المكتوب والكتاب في الأصل اسم للصحيفة مع المكتوب فيها كما في قوله تعالى:{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} [النساء: 153](النساء: 153) يعني صحيفة مكتوباَ فيها.
والمراد بالكتب هنا: الكتب والصحف التي حوت كلام الله تعالى الذيَ أوحاه إلى رسله عليهم السلام. سواء ما ألقاه مكتوبا كالتوراة، أو أنزله عن طريق الملك مشافهة فكتب بعد ذلك كسائر الكتب.
حكم الإيمان بالكتب: الإيمان بكتب الله التي أنزل على رسله كلها ركن عظيم من أركان الإيمان وأصل كبير من أصول الدين، لا يتحقق الإيمان إلا به. وقد دل على ذلك الكتاب والسنة.
فمن الكتاب قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 136](النساء: 136) . فأمر الله عباده المؤمنين في الآية بالدخول في جميع شرائع الإيمان وشعبه وأركانه. فأمرهم بالإيمان بالله ورسوله وهو محمد صلى الله عليه وسلم
والكتاب الذي أنزل على رسوله وهو القرآن، والكتاب الذي أنزل من قبل وهو جميع الكتب المتقدمة: كالتوراة، والإنجيل، والزبور، ثم بين في ختام الآية أن من كفر بشيء من أركان الإيمان فقد ضل ضلالا بعيدا وخرج عن قصد السبيل ومن أركان الإيمان المذكورة الإيمان بكتب الله.
وقال تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} [البقرة: 177](البقرة: 177) . فأخبر عز وجل أن حقيقة البر: هو الإيمان بما ذكر من أركان الإيمان، والعمل بخصال البر الواردة في الآية بعد هذا. وذكر من أركان الإيمان:" الإيمان بالكتاب " قال ابن كثير: هو اسم جنس يشمل الكتب المنزلة من السماء على الأنبياء. حتى ختمت بأشرفها، وهو القرآن المهيمن على ما قبله من الكتب (1) .
ولتقرير الإيمان بالكتب كلها أمر الله عباده المؤمنين أن يخاطبوا أهل الكتاب بقوله تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 136](البقرة: 136) . فتضمنت الآية إيمان المؤمنين بما أنزل الله عليهم بواسطة رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أنزل على أعيان الرسل المذكورين في الآية، وما أنزل على بقية الأنبياء في الجملة وأنهم لا يفرقون بين الرسل في الإيمان ببعضهم دون بعض فانتظم ذلك الإيمان بجميع الرسل وكل ما أنزل الله عليهم من الكتب.
(1) تفسير ابن كثير 1 / 297.
والآيات في تقرير هذا من كتاب الله كثيرة.
وأما السنة فقد دلت كذلك على وجوب الإيمان بالكتب. وأن الإيمان بها ركن من أركان الإيمان، دل على ذلك حديث جبريل، وسؤاله النبي صلى الله عليه وسلم أركان الإيمان، فذكر النبي صلى الله عليه وسلم في إجابته: الإيمان بالكتب مع بقية أركان الإيمان. وقد تقدم الحديث بنصه في الفصل السابق فأغنى عن إعادته هنا (1) .
فتقرر بهذا وجوب الإيمان بالكتب والتصديق بها جميعها، واعتقاد أنها كلها من الله تعالى أنزلها على رسله بالحق والهدى والنور والضياء، وأن من كذب بها أو جحد شيئا منها فهو كافر بالله خارج من الدين.
ثمرات الإيمان بالكتب: وللإيمان بالكتب آثاره العظيمة على المؤمن فمن ذلك:
1 -
شكر الله تعالى على لطفه بخلقه وعنايته بهم حيث أنزل إليهم الكتب المتضمنة إرشادهم لما فيه خيرهم وصلاحهم في الدنيا والآخرة.
2 -
ظهور حكمة الله تعالى حيث شرع في هذه الكتب لكل أمة ما يناسبها، وكان خاتم الكتب القرآن العظيم مناسبا لجميع الخلق في كل عصر ومصر إلى قيام الساعة.
3 -
إثبات صفة الكلام لله تعالى وأن كلامه لا يشبه كلام المخلوقين، وعجز المخلوقين عن الإتيان بمثل كلامه.
(1) انظر ص106.