الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الخامس الإيمان بالقضاء والقدر ويشتمل على مبحثين]
[المبحث الأول تعريف القضاء والقدر وأدلة ثبوتهما مع بيان الفرق بينهما]
الفصل الخامس
الإيمان بالقضاء والقدر، ويشتمل على مبحثين: المبحث الأول: تعريف القضاء والقدر، وأدلة ثبوتهما مع بيان الفرق بينهما.
المبحث الثاني: مراتب القدر.
المبحث الأول
تعريف القضاء والقدر، وأدلة ثبوتهما
مع بيان الفرق بينهما تعريف القضاء والقدر: القضاء لغة: الحكم والفصل.
وشرعا: هو ما قضى به الله سبحانه وتعالى في خلقه من إيجاد أو إعدام أو تغيير.
والقدر: مصدر قدرت الشيء أقدره إذا أحطت بمقداره.
والقدر في الشرع: هو ما قدره الله تعالى في الأزل، أن يكون في خلقه بناء على علمه السابق بذلك.
الفرق بين القضاء والقدر: ذكر العلماء في التفريق بين القضاء والقدر. أن القدر: هو تقدير لشيء قبل قضائه. والقضاء هو الفراغ من الشيء. ومن الشواهد التي ذكرها أبو حاتم للتفريق بين القضاء والقدر أن القدر منزلة تقدير الخياط للثوب فهو قبل أن يفصله يقدره فيزيد وينقص فإذا فصله فقد قضاه وفرغ منه وفاته التقدير. وعلى هذا يكون القدر سابقا للقضاء. قال ابن الأثير: (فالقضاء
والقدر أمران متلازمان لا ينفك أحدهما عن الآخر لأن أحدهما بمنزلة الأساس وهو القدر، والآخر بمنزلة البناء وهو القضاء فمن رام الفصل بينهما فقد رام هدم البناء ونقضه) .
والقضاء والقدر إذا اجتمعا في الذكر افترقا في المعنى فأصبح لكل منهما معنى يخصه، وإذا افترقا في الذكر دخل أحدهما في معنى الآخر. ذكر ذلك بعض أهل العلم.
الأدلة على إثبات القدر: الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان وقد دلت الأدلة من الكتاب والسنة على إثباته وتقريره.
فمن الكتاب قول الله تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} [القمر: 49](القمر: 49)، وقوله تعالى {وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا} [الأحزاب: 38] (الأحزاب: 38)، وقوله تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: 2](الفرقان: 2) .
وأما السنة فقد دلت كذلك على إثبات القدر في أحاديث كثيرة منها حديث جبريل وسؤاله للنبي صلى الله عليه وسلم عن أركان الإيمان فذكر منها: «الإيمان بالقدر خيره وشره» وقدم تقدم الحديث بنصه في مبحث الملائكة. وروى مسلم في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وقال: وكان عرشه على الماء» (1) .
والإيمان بالقدر محل إجماع الأمة من الصحابة ومن بعدهم. أخرج مسلم في صحيحه عن طاوس أنه قال: (أدركت ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
(1) صحيح مسلم برقم (2653) .
يقولون كل شيء بقدر) . قال: وسمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل شيء بقدر حتى العجز والكيس أو الكيس والعجز» (1) والكيس: ضد العجز وهو النشاط والحذق بالأمور. قال الإمام النووي: (تظاهرت الأدلة القطعية من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وأهل الحل والعقد من السلف والخلف على إثبات قدر الله سبحانه وتعالى .
(1) صحيح مسلم برقم (2655) .