الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة
المحقق
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فإن كتاب" الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية" للشيخ سليمان بن سحمان من أجل الكتب التي نافحت عن العقيدة السلفية، ودرأت الشبهات الشيطانية التي أثيرت حولها.
ومؤلف هذا الكتاب علم من أعلام أهل السنة النبوية، وصارم مسلول على أعداء الدعوة السلفية النجدية، له صولات وجولات في مضمار الردود نظما ونثرا، مما جعل لردوده قيمة علمية، ومكانة مرموقة عند العلماء وطلبة العلم.
ونظرا لأفول شمس هذا الكتاب القيم عن المكتبات منذ أكثر من ثلاثين سنة تقريبا، ومطالبة كثير من العلماء الأجلاء وطلبة العلم النبغاء بإخراجه، وجعله في متناول الأيدي سارعت بإخراجه في هذه الصورة التي أرجو من الله أن تكون خالصة له، مرضية للجميع.
هذا وقد أخرجت هذه الطبعة بعد مقابلتها على نسختين:
الأولى: النسخة الحجرية التي طبعت ببمبي في الهند سنة1335هـ
على عهد المؤلف رحمه الله تعالى. والإشارة إلى هذه النسخة بـ"الأصل".
الثانية: النسخة المطبوعة في الرياض بأمر الملك سعود بن عبد العزيز ـ رحمه الله تعالى ـ سنة1376هـ.
ولم أثبت كثيرا من الفروق لعدم الفائدة في ذلك ـ عندي ـ هذا وقد اجتهدت في توثيق أغلب النصوص المنقولة، وتخريج بعض الأحاديث الواردة في ثنايا الكتاب، ووضع فهارس تكشف أسرار الكتاب، وتبين للقارئ محتواه.
والله تعالى أسأل أن يصلح نياتنا، وأن يستر عن الأعين خلاتنا، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
كتبه الفقير إلى ربه القدير
عبد السلام بن برجس بن ناصر آل عبد الكريم
الرياض5/12/1408هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي وفقنا لسلوك صراطه المستقيم، وجنبنا بفضله ورحمته طريق أصحاب الجحيم، ومنّ علينا بمتابعة نبيه الكريم، فضلا من الله ونعمة والله ذو الفضل العظيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيز الحكيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وعلى آله وأصحابه الذين هم نجوم الهداية والدراية والتعليم.
أما بعد: فإني وقفت على أوراق كتبها رجل من أهل الشام يقال له: " محمد عطا الكسم"1، وكان ممن تجانف للعدوان والإثم، جمع فيها من الترهات والأكاذيب الموضوعات ما يمج سماعه أولو العقول السليمة، والألباب الزاكية المستقيمة، وسماها
"الأقوال المرضية في الرد على الوهابية"، ورتبها على مقدمة وثلاثة أبواب وخاتمة، وقد اشتملت مقدمته الكاذبة الخاطئة على ألفاظ مبتدعة، ومعان وإشارات مخترعة، وأقوال مختلفة مفترعة، ليست من أقوال أهل الإسلام، ولم يقل بها أحد من الأئمة
1 هو: محمد عطاء الله بن إبراهيم بن ياسين الكسم، فقيه حنفي، ولد بمدينة دمشق وتوفي بها في 10/جمادى الثانية/سنة 1357هـ وهو في عشر التسعين، كان مفتيا عاما للجمهورية السورية" ينظر معجم المؤلفين، لعمر رضا كحالة10/293".
الأعلام، وإنما هي أوضاع الفلاسفة ومن وافقهم من أهل الكلام، وأهل الاتحاد الطغاة اللئام، ومن وافقهم على أصولهم ممن يزعم أن معاني هذه الألفاظ حصلت له بطريق المشاهدة والمكاشفة التي هي عند التحقيق مكاشفة، وأن ذلك من الفتوحات الربانية والمواهب اللدنية، وفي الحقيقة إنما هي خيالات شيطانية، واصطلاحات وأوضاع فلسفية، وخلف من بعدهم خلف على طريقتهم عبّروا عن هذه المعاني الفلسفية بعبارات إسلامية، يخاطبون بها من لا يعرف معاني هذه الأوضاع، ويجعلون مراد الله ورسوله من الآيات والأحاديث على ما أرادوا من معاني هذه الأوضاع التي تخالف كتاب الله وسنة رسوله وأقوال سلف الأمة وأئمتها، كما يذكر أبو حامد الغزالي في مواضع من الفرق بين عالم الملك والملكوت والجبروت، وفي مواضع أخر قال فيها: إن أشرف أفعال الله وأعجبها وأدلها على جلالة صانعها ما لا يظهر للحس بل هو من عالم الملكوت، وهي الملائكة الروحانية والروح والقلب، أعني العارف بالله تعالى من جملة أجزاء الآدمي فإنها أيضا من جملة عالم الغيب والملكوت وخارج عن عالم الملك والشهادة.
قال شيخ الإسلام: ومعلوم أن ما جاء في الكتاب والسنة من لفظ الملكوت، كقوله:{بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ} [المؤمنون: 88]، وقوله صلى الله عليه وسلم في ركوعه:" سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة" 1، لم يرد به هذا باتفاق المسلمين، ولا دل كلام أحد من
1 أخرجه أبو داود في سننه ـ كتاب الصلاة ـ[3/125ـ العون]، والنسائي في سننه ـ كتاب الصلاة ـ[2/191] كلاهما من طريق معاوية بن صالح عن أبي قيس الكندي عمرو بن قيس قال: سمعت عاصم بن حميد قال: سمعت عوف بن مالك يقول: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فلما ركع مكث قدر سورة البقرة يقول في ركوعه: " سبحان ذي الجبروت والملكوت=
السلف والأئمة على التقسيم الذي يذكرونه بهذه الألفاظ، وهم يعبرون بهذه العبارات المعروفة عند المسلمين عن تلك المعاني التي تلقوها عن الفلاسفة وضعا وضعوه، ثم يريدون أن ينزلوا كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم على ما وضعوه من اللغة والاصطلاح. انتهى.
وهذه المعاني التي ذكرها الفلاسفة يفسرون عالم الملك بعالم الأجسام، وعالم الملكوت بعالم النفوس، لأنها باطن الأجسام، وعالم الجبروت بالعقول، لأنها غير متصلة بالأجسام ولا متعلقة بها، ومنهم من يعكس، وقد يجعلون الإسلام والإيمان والإحسان مطابقا لهذه الأمور.
والمقصود بهذا أن ما ذكره هذا الملحد فيما يأتي من كلام القسطلاني وما بعده هو من هذا النمط المأخوذ عن الفلاسفة ومن وافقهم، فلما لم يكن هذا من كلام أهل الإسلام ولم يذكره أحد من أئمة الأعلام، وشبّه به هؤلاء الغلاة على الطغام من العوام، ومن لا معرفة له بمدارك الأحكام ومعاني الكلام استعنت الله تعالى على التنبيه على بعض ما في هذه
= والكبرياء والعظمة".
هذا لفظ النسائي. وزاد أبو داود [
…
لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ. قال: ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه......ثم سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة] .
تنبيه: عزا الشوكاني في نيل الأوطار2/276 ـ ط المنيرية ـ الحديث للترمذي، فأوهم أنه في السنن.
وقد نسبه المزي في التحفة إلى الشمائل فقط انظر التحفة" 8/213ـ214".
انظر: الشمائل للترمذي ص 226/ط الهند.
الأوراق من المخرفة والشقاق، وعلى كشف ما موه به من جواز الاستغاثة بالأنبياء والأولياء والصالحين، والتوسل بهم على اصطلاح هؤلاء الغلاة، وما ذكر من الأحاديث في ذلك وأقوال أهل العلم، مما هو موضوع مكذوب، أو ضعيف لا يحتج به ولا تثبت به الحجة الشرعية، وتركت كثيرا من كلامه مما هو متضمن للغلو والإطراء في حق نبينا صلى الله عليه وسلم مما يزعم أنه من تعظيمه وتوقيره، وكذلك ما ذكره عن السبكي في كتابه:" تعظيم المنة"، وما ذكره من المفاضلة بين الأنبياء وبين نبينا صلى الله عليه وسلم مما قد نهى عنه صلى الله عليه وسلم1، وأعقبت ذلك بذكر خاتمة في الفرق بين توحيد الربوبية وتوحيد الألوهية وأقوال بعض العلماء في معنى لا إله إلا الله، وسميت هذا الجواب:" الصواعق المرسلة الوهابية على الشبهات الداحضة الشامية"2 وأسأل الله تعالى أن يلهمنا الصواب، وأن يجزل لنا الأجر والثواب، بمنه وكرمه.
1 وذلك فيما رواه البخاري في صحيحه ـ كتاب أحاديث الأنبياء [6/450]، ومسلم ـ كتاب الفضائل ـ[4/1844] عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تفضلوا بين أنبياء الله
…
" هذا لفظ مسلم.
ورواه البخاري في صحيحه [6/428ـ450 ـ 451، 8/294] .
ومسلم في صحيحه [4/1846] . عن أبي هريرة، وابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى" وفي بعض ألفاظ البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه قال فذكره. وفي لفظ مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: قال ـ يعني الله تبارك وتعالى
…
الحديث ورواه البخاري عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
فذكره.
2 كذا ذكر الشيخ اسم مؤلفه هذا. وقد طبع في الهند باسم" الصواعق المرسلة الشهابية على الشبه الداحضة الشامية" وكذا في طبعة الرياض.