الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَتَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي وُجُوبِهِ، فَأَوْجَبَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ، وَالْجُمْهُورُ لَا يُوجِبُونَهُ: كَمَالِكٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُوتِرُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، وَالْوَاجِبُ لَا يُفْعَلُ عَلَى الرَّاحِلَةِ؛ لَكِنْ هُوَ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ تَرْكُهُ.
وَالْوِتْرُ أَوْكَدُ مِنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، وَالْوِتْرُ أَفْضَلُ مِنْ جَمِيعِ تَطَوُّعَاتِ النَّهَارِ، كَصَلَاةِ الضُّحَى؛ بَلْ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ قِيَامُ اللَّيْلِ. وَأَوْكَدُ ذَلِكَ الْوِتْرُ، وَرَكْعَتَا الْفَجْرِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِي جَمَاعَةٍ]
202 -
118 مَسْأَلَةٌ:
فِي رَجُلٍ جَمَعَ جَمَاعَةً عَلَى نَافِلَةٍ وَأَمَّهُمْ مِنْ أَوَّلِ رَجَبٍ إلَى آخِرِ رَمَضَانَ يُصَلِّي بِهِمْ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ عِشْرِينَ رَكْعَةً بِعَشْرِ تَسْلِيمَاتٍ، يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَيَتَّخِذُ ذَلِكَ شِعَارًا، وَيَحْتَجُّ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَّ ابْنَ عَبَّاسٍ وَالْأَنْصَارِيَّ الَّذِي قَالَ لَهُ: السُّيُولُ تَحُولُ بَيْنِي وَبَيْنَك فَهَلْ هَذَا مُوَافِقٌ لِلشَّرِيعَةِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُؤْجَرُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا وَالْحَالَةُ هَذِهِ؟
فَأَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. صَلَاةُ التَّطَوُّعِ فِي جَمَاعَةٍ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ الرَّاتِبَةُ كَالْكُسُوفِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَقِيَامِ رَمَضَانَ، فَهَذَا يُفْعَلُ فِي الْجَمَاعَةِ دَائِمًا كَمَا مَضَتْ بِهِ السُّنَّةُ.
الثَّانِي: مَا لَا تُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ الرَّاتِبَةُ: كَقِيَامِ اللَّيْلِ، وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ، وَصَلَاةِ الضُّحَى، وَتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
فَهَذَا إذَا فُعِلَ جَمَاعَةً أَحْيَانًا جَازَ.
وَأَمَّا الْجَمَاعَةُ الرَّاتِبَةُ فِي ذَلِكَ فَغَيْرُ مَشْرُوعَةٍ بَلْ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ لَمْ يَكُونُوا يَعْتَادُونَ الِاجْتِمَاعَ لِلرَّوَاتِبِ عَلَى مَا دُونَ هَذَا. وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا تَطَوَّعَ فِي ذَلِكَ فِي جَمَاعَةٍ قَلِيلَةٍ أَحْيَانًا فَإِنَّهُ كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ وَحْدَهُ؛ لَكِنْ لَمَّا بَاتَ ابْنُ عَبَّاسٍ عِنْدَهُ صَلَّى مَعَهُ، وَلَيْلَةً أُخْرَى صَلَّى مَعَهُ حُذَيْفَةُ، وَلَيْلَةً أُخْرَى صَلَّى