الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حَالٌ؟ وَإِذَا كَانَتْ حَالًا فَحَالٌ مِمَّاذَا؟ وَفِي الْجُمْلَةِ: فَهَلْ تُبَاحُ مِثْلُ هَذِهِ الْمَقَالَةِ الْمُوهِمَةِ إذَا أَمْكَنَ وَجْهُ إعْرَابِهَا؟ وَمَا وَجْهُ إعْرَابِهَا الْمُتَوَجَّهُ إنْ كَانَ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. هَذَا الْحَمْدُ لَا يُعْرَفُ مَأْثُورًا عَمَّنْ يَحْتَجُّ بِقَوْلِهِ حَتَّى يَطْلُبَ تَوْجِيهَهُ. لَكِنْ يُمْكِنُ أَنْ يَعْنِيَ بِهِ الْمُتَكَلِّمُ مَعْنًى صَحِيحًا؛ بِأَنْ يَكُونَ نَصْبُهَا عَلَى الْحَالِ مِنْ اسْمِ اللَّهِ، وَالْعَامِلُ فِي الْحَالِ الْعَامِلُ فِي صَاحِبِهَا. وَهُوَ مَا فِي الظَّرْفِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ، وَالتَّقْدِيرُ: الْحَمْدُ مُسْتَقِرٌّ أَوْ اسْتَقَرَّ لِلَّهِ فِي حَالِ كَوْنِهِ مُجَازِيًا مُكَافِئًا ".
وَالْمَعْنَى: أُثْبِتُ الْحَمْدَ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ، وَأَحْمَدُهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقْصِدَ بِذَلِكَ تَخْصِيصَ الْحَمْدِ لِلَّهِ بِهَذِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى هَذِهِ النِّعْمَةِ. فَإِنَّهُ حَمِدَهُ عَلَى نِعْمَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَمْ يَقْصِدْ تَخْصِيصَ الْحَمْدِ بِتِلْكَ النِّعْمَةِ.
وَكَذَلِكَ لَوْ قِيلَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ هَادِيًا وَنَصِيرًا، وَنَحْوَ ذَلِكَ، فَإِنَّ التَّخْصِيصَ قَدْ يَكُونُ سَبَبُهُ اسْتِحْضَارَ الْحَالِ الَّتِي يُحْمَدُ عَلَيْهَا وَاسْتِعْظَامُهَا، وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الْحَمْدَ عَلَيْهَا، لَا نَفْيَ الْحَمْدِ عَلَى غَيْرِهَا، مَعَ أَنَّهُ بَعْدَ وُجُودِ الْخَلْقِ وَأَمْرِهِمْ وَنَهْيِهِمْ يَكُونُ مُجَازِيًا مُكَافِئًا، فَهُوَ حَالٌ لَازِمَةٌ لَا مُنْتَقِلَةٌ.
فَالْحَمْدُ لِلَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالِ حَمْدٌ لَهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ، لَا سِيَّمَا عَلَى قَوْلِ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَالصُّوفِيَّةِ وَأَهْلِ الْحَدِيثِ وَكَثِيرٍ مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّهُ يُوصَفُ بِالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ أَزَلًا وَأَبَدًا، وَيَقُولُونَ أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ خَالِقًا وَرَازِقًا، وَإِنْ كَانَ مَا وُجِدَ مُنْفَصِلًا عَنْهُ فَهُوَ مُحْدَثٌ لَيْسَ بِقَدِيمٍ، فَعَلَى قَوْلِهِمْ لَا يَزَالُ مَحْمُودًا بِذَلِكَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ]
315 -
3 - مَسْأَلَةٌ:
قَالَ رَجُلٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» .
وَقَالَ آخَرُ: إذَا سَلَكَ الطَّرِيقَ الْحَمِيدَةَ وَاتَّبَعَ الشَّرْعَ دَخَلَ ضِمْنَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِذَا فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَالِ مَا نَقَصَ مِنْ دِينِهِ وَزَادَ فِي دُنْيَاهُ، لَمْ يَدْخُلْ فِي ضِمْنِ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ لَهُ نَاقِلُ الْحَدِيثِ: أَمَّا لَوْ فَعَلْتُ كُلَّ مَا لَا يَلِيقُ وَقُلْتُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ وَلَمْ أَدْخُلْ النَّارَ.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَلَفُّظِ الْإِنْسَانِ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ بِحَالٍ: فَهُوَ ضَالٌّ، مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ قَدْ تَلَفَّظَ بِهَا الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ، وَهُمْ كَثِيرُونَ، بَلْ الْمُنَافِقُونَ قَدْ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ، وَلَكِنْ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلا} [النساء: 142] .
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} [التوبة: 53]{وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54] .
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140] . وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ} [التحريم: 8] وَقَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ لا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحديد: 15] .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ» .