الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُنَاصَحَةَ، وَعِنْدَ السَّمَاعِ لِأَنَّهُمْ يَسْمَعُونَ لِلَّهِ، أَوْ كَلَامًا يُشْبِهُ هَذَا، وَالْأَصْلُ الْجَامِعُ فِي هَذَا: أَنَّ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَهُوَ مَا كَانَ لِلَّهِ بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّهُ وَيَنْظُرُ إلَيْهِ فِيهِ نَظَرَ مَحَبَّةٍ، وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ هُوَ الْخَالِصُ الصَّوَابُ، فَالْخَالِصُ مَا كَانَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ مَا كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَاكَلَةِ وَالْمُخَاطَبَةِ وَالِاسْتِمَاعِ مِنْهَا مَا يُحِبُّهُ اللَّهُ، وَمِنْهَا مَا يَشْتَمِلُ عَلَى خَيْرٍ، وَشَرٍّ، وَحَقٍّ، وَبَاطِلٍ، وَمَصْلَحَةٍ، وَمَفْسَدَةٍ، وَحُكْمُ كُلِّ وَاحِدٍ بِحَسَبِهِ.
فَصْلٌ:
وَمَا يَفْعَلُهُ بَعْضُ النَّاسِ مِنْ تَحَرِّي الصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ عِنْدَ مَا يُقَالُ إنَّهُ قَبْرُ نَبِيٍّ، أَوْ قَبْرُ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالْقَرَابَةِ، أَوْ مَا يَقْرُبُ مِنْ ذَلِكَ، أَوْ إلْصَاقُ بَدَنِهِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ بِالْقَبْرِ، أَوْ بِمَا يُجَاوِرُ الْقَبْرَ مِنْ عُودٍ وَغَيْرِهِ، كَمَنْ يَتَحَرَّى الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ فِي قِبْلِيّ شَرْقِي جَامِعِ دِمَشْقَ عِنْدَ الْمَوْضِعِ الَّذِي يُقَالُ أَنَّهُ قَبْرُ هُودٍ وَاَلَّذِي عَلَيْهِ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُ قَبْرُ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَوْ عِنْدَ الْمِثَالِ الْخَشَبِ الَّذِي يُقَالُ تَحْتُهُ رَأْسُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهُوَ مُخْطِئٌ مُبْتَدِعٌ، مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ، فَإِنَّ الصَّلَاةَ وَالدُّعَاءَ بِهَذِهِ الْأَمْكِنَةِ لَيْسَ لَهُ مَزِيَّةٌ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَلَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، بَلْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ، كَمَا نَهَاهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَسْبَابِ ذَلِكَ وَدَوَاعِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَقْصِدُوا دُعَاءَ الْقَبْرِ، وَالدُّعَاءَ بِهِ، فَكَيْفَ إذَا قَصَدُوا ذَلِكَ.
[فَصْلٌ هَلْ لِلدُّعَاءِ خُصُوصِيَّةُ قَبُولٍ أَوْ سُرْعَةُ إجَابَةٍ]
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُهُ: هَلْ لِلدُّعَاءِ خُصُوصِيَّةُ قَبُولٍ أَوْ سُرْعَةُ إجَابَةٍ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ مَكَان مُعَيَّنٍ عِنْدَ قَبْرِ نَبِيٍّ أَوْ وَلِيٍّ.
فَلَا رَيْبَ أَنَّ الدُّعَاءَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ وَالْأَحْوَالِ أَجْوَبُ مِنْهُ فِي بَعْضٍ، فَالدُّعَاءُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ أَجْوَبُ الْأَوْقَاتِ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «يَنْزِلُ رَبُّنَا إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ - وَفِي رِوَايَةٍ: نِصْفُ اللَّيْلِ - فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ، مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ. حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» .
وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الرَّبُّ مِنْ عَبْدِهِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ الْأَخِيرِ» وَالدُّعَاءُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَ نُزُولِ الْمَطَرِ، وَعِنْدَ الْتِحَامِ الْحَرْبِ، وَعِنْدَ الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ، وَفِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ، وَفِي حَالِ السُّجُودِ، وَدَعْوَةُ الصَّائِمِ، وَدَعْوَةُ الْمُسَافِرِ، وَدَعْوَةُ الْمَظْلُومِ. وَأَمْثَالُ ذَلِكَ، فَهَذَا كُلُّهُ مِمَّا جَاءَتْ بِهِ الْأَحَادِيثُ الْمَعْرُوفَةُ فِي الصِّحَاحِ وَالسُّنَنِ.
وَالدُّعَاءُ بِالْمَشَاعِرِ: كَعَرَفَةَ، وَمُزْدَلِفَةَ، وَمِنًى، وَالْمُلْتَزَمِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ مَشَاعِرِ مَكَّةَ، وَالدُّعَاءُ بِالْمَسَاجِدِ مُطْلَقًا، وَكُلَّمَا فُضِّلَ الْمَسْجِدُ كَالْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ كَانَتْ الصَّلَاةُ وَالدُّعَاءُ أَفْضَلَ.
وَأَمَّا الدُّعَاءُ لِأَجْلِ كَوْنِ الْمَكَانِ فِيهِ قَبْرُ نَبِيٍّ، أَوْ وَلِيٍّ، فَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا إنَّ الدُّعَاءَ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَكِنْ هَذَا مِمَّا ابْتَدَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُضَاهَاةً لِلنَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ، فَأَصْلُهُ مِنْ دِينِ الْمُشْرِكِينَ، لَا مِنْ دِينِ عِبَادِ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ، كَاِتِّخَاذِ الْقُبُورِ مَسَاجِدَ، فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَسْتَحِبَّهُ أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا، وَلَكِنْ ابْتَدَعَهُ بَعْضُ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مُضَاهَاةً لِمَنْ لَعَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى.
فَصْلٌ:
وَأَمَّا قَوْلُ السَّائِلِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَغِيثَ إلَى اللَّهِ فِي الدُّعَاءِ بِنَبِيٍّ مُرْسَلٍ، أَوْ مَلَكٍ مُقَرَّبٍ، أَوْ بِكَلَامِهِ تَعَالَى، أَوْ بِالْكَعْبَةِ، أَوْ بِالدُّعَاءِ الْمَشْهُورِ بِاحْتِيَاطِ قَافْ، أَوْ بِدُعَاءِ أُمِّ دَاوُد، أَوْ الْخَضِرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْسِمَ عَلَى اللَّهِ فِي السُّؤَالِ بِحَقِّ فُلَانٍ بِحُرْمَةِ فُلَانٍ بِجَاهِ الْمُقَرَّبِينَ بِأَقْرَبِ الْخَلْقِ، أَوْ يُقْسِمُ بِأَعْمَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ، فَيُقَالُ هَذَا السُّؤَالُ فِيهِ فُصُولٌ مُتَعَدِّدَةٌ. فَأَمَّا الْأَدْعِيَةُ الَّتِي جَاءَتْ بِهَا السُّنَّةُ فَفِيهَا سُؤَالُ اللَّهِ بِأَسْمَائِهِ، وَصِفَاتِهِ، وَالِاسْتِعَاذَةِ بِكَلَامِهِ كَمَا فِي الْأَدْعِيَةِ الَّتِي فِي السُّنَنِ.
مِثْلُ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ أَنْتَ اللَّهُ، بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ» .
وَمِثْلُ قَوْلِهِ: «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ الْأَحَدُ الصَّمَدُ، الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ» . وَمِثْلُ الدُّعَاءِ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ «اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَك، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ أَوْ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ» .
وَأَمَّا الْأَدْعِيَةُ الَّتِي يَدْعُو بِهَا بَعْضُ الْعَامَّةِ وَيَكْتُبُهَا بَاعَةُ الْحُرُوزِ مِنْ الطُّرُقِيَّةِ الَّتِي فِيهَا: أَسْأَلُكَ بِاحْتِيَاطِ قَافٍ، وَهُوَ يُوفِ الْمُخَافِ، وَالطُّورِ، وَالْعَرْشِ، وَالْكُرْسِيِّ، وَزَمْزَمَ، وَالْمَقَامِ، وَالْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَأَمْثَالِ هَذِهِ الْأَدْعِيَةِ فَلَا يُؤْثَرُ مِنْهَا شَيْءٌ لَا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ، وَلَا عَنْ أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْسِمَ بِهَذِهِ بِحَالٍ، بَلْ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاَللَّهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» .
وَقَالَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ» فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يُقْسِمَ بِالْمَخْلُوقَاتِ أَلْبَتَّةَ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«إنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ مَنْ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ» . كَمَا قَالَ أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ: أَتُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ لَا وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ لَا تُكْسَرُ ثَنِيَّةُ الرُّبَيِّعِ.
وَكَمَا قَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ: أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ أَيْ رَبِّ إلَّا فَعَلْتَ كَذَا وَكَذَا. وَكِلَاهُمَا كَانَ مِمَّنْ يُبِرُّ اللَّهُ قَسَمَهُ، وَالْعَبْدُ يَسْأَلُ رَبَّهُ بِالْأَسْبَابِ الَّتِي تَقْتَضِي مَطْلُوبَهُ وَهِيَ الْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ الَّتِي وَعَدَ الثَّوَابَ عَلَيْهَا، وَدَعَا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ وَعَدَ إجَابَتَهُمْ كَمَا كَانَ الصَّحَابَةُ يَتَوَسَّلُونَ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِنَبِيِّهِ ثُمَّ بِعَمِّهِ وَغَيْرِ عَمِّهِ مِنْ صَالِحِيهِمْ
يَتَوَسَّلُونَ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ، كَمَا فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه اسْتَسْقَى بِالْعَبَّاسِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إلَيْك بِعَمِّ نَبِيّنَا فَاسْقِنَا، فَيُسْقَوْنَ فَتَوَسَّلُوا بَعْدَ مَوْتِهِ بِالْعَبَّاسِ كَمَا كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِهِ، وَهُوَ تَوَسُّلُهُمْ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ: أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: اُدْعُ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيَّ بَصَرِي. فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ وَيُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ وَيَقُولَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك وَأَتَوَجَّهُ إلَيْك بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، يَا مُحَمَّدُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِيَقْضِيَهَا، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِي.
فَهَذَا طَلَبٌ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَقْبَلَ شَفَاعَةَ النَّبِيِّ لَهُ فِي تَوْجِيهِهِ بِنَبِيِّهِ إلَى اللَّهِ هُوَ كَتَوَسُّلِ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ بِهِ إلَى اللَّهِ، فَإِنَّ هَذَا التَّوَجُّهَ وَالتَّوَسُّلَ هُوَ تَوَجُّهٌ وَتَوَسُّلٌ بِدُعَائِهِ وَشَفَاعَتِهِ.
وَأَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: أَسْأَلُكَ أَوْ أُقْسِمُ عَلَيْكَ بِحَقِّ مَلَائِكَتِكَ، أَوْ بِحَقِّ أَنْبِيَائِكَ، أَوْ بِنَبِيِّكَ فُلَانٍ، أَوْ بِرَسُولِكَ فُلَانٍ، أَوْ بِالْبَيْتِ الْحَرَامِ، أَوْ بِزَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، أَوْ بِالطُّورِ وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَهَذَا النَّوْعُ مِنْ الدُّعَاءِ لَمْ يُنْقَلْ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَصْحَابِهِ وَلَا التَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، بَلْ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ: كَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ كَأَبِي يُوسُفَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهُ، لَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا الدُّعَاءِ فَإِنَّهُ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ بِمَخْلُوقٍ وَلَا يَصِحُّ الْقَسَمُ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَإِنْ سَأَلَهُ بِهِ عَلَى أَنَّهُ سَبَبٌ وَوَسِيلَةٌ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ، أَمَّا إذَا سَأَلَ اللَّهَ بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ وَبِدُعَاءِ نَبِيِّهِ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِهِ، فَالْأَعْمَالُ الصَّالِحَةُ سَبَبٌ لِلْإِثَابَةِ وَالدُّعَاءُ سَبَبٌ لِلْإِجَابَةِ، فَسُؤَالُهُ بِذَلِكَ سُؤَالٌ بِمَا هُوَ سَبَبٌ لِنَيْلِ الْمَطْلُوبِ، وَهَذَا مَعْنَى مَا يُرْوَى فِي دُعَاءِ الْخُرُوجِ إلَى الصَّلَاةِ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُكَ بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ وَبِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا.
وَكَذَلِكَ أَهْلُ الْغَارِ الَّذِينَ دَعَوْا اللَّهَ بِأَعْمَالِهِمْ الصَّالِحَةِ، فَالتَّوَسُّلُ إلَى اللَّهِ بِالنَّبِيِّينَ هُوَ التَّوَسُّلُ بِالْإِيمَانِ بِهِمْ وَبِطَاعَتِهِمْ كَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ وَمَحَبَّتِهِمْ وَمُوَالَاتِهِمْ أَوْ