الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ: «صَلَاةُ السَّفَرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْأَضْحَى رَكْعَتَانِ، تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ» .
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ قَدْ نَقَلُوا بِالتَّوَاتُرِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ وَلَمْ يَنْقُلْ عَنْهُ أَحَدٌ أَنَّهُ صَلَّى أَرْبَعًا قَطُّ، وَلَكِنَّ الثَّابِتَ عَنْهُ أَنَّهُ صَامَ فِي السَّفَرِ وَأَفْطَرَ، وَكَانَ أَصْحَابُهُ مِنْهُمْ الصَّائِمُ وَمِنْهُمْ الْمُفْطِرُ.
وَأَمَّا الْقَصْرُ فَكُلُّ الصَّحَابَةِ كَانُوا يَقْصُرُونَ، مِنْهُمْ أَهْلُ مَكَّةَ، وَغَيْرُ أَهْلِ مَكَّةَ بِمِنًى وَعَرَفَةَ وَغَيْرِهِمَا، وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي التَّرْبِيعِ: هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ؟ أَمْ مَكْرُوهٌ؟ أَوْ تَرْكٌ لِلْأَوْلَى؟ أَوْ مُسْتَحَبٌّ؟ أَوْ هُمَا سَوَاءٌ عَلَى خَمْسَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْإِتْمَامَ أَفْضَلُ. كَقَوْلٍ لِلشَّافِعِيِّ.
وَالثَّانِي: قَوْلُ مَنْ يُسَوِّي بَيْنَهُمَا. كَبَعْضِ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
وَالثَّالِثُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: الْقَصْرُ أَفْضَلُ: كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ الصَّحِيحِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ.
وَالرَّابِعُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ الْإِتْمَامُ مَكْرُوهٌ، كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ وَأَحْمَدَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى.
وَالْخَامِسُ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْقَصْرَ وَاجِبٌ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ.
وَأَظْهَرُ الْأَقْوَالِ: قَوْلُ مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ سُنَّةٌ، وَإِنَّ الْإِتْمَامَ مَكْرُوهٌ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ نِيَّةُ الْقَصْرِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، كَأَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ عَنْهُ فِي مَذْهَبِهِ.
[مَسَافَة الْقَصْرِ]
285 -
201 - سُئِلَ: هَلْ لِمَسَافَةِ الْقَصْرِ قَدْرٌ مَحْدُودٌ عَنْ الشَّارِعِ صلى الله عليه وسلم؟
الْجَوَابُ: السُّنَّةُ أَنْ يَقْصُرَ الْمُسَافِرُ الصَّلَاةَ فَيُصَلِّي الرُّبَاعِيَّةَ رَكْعَتَيْنِ، هَكَذَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي جَمِيعِ أَسْفَارِهِ، هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَلَمْ يُصَلِّ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا قَطُّ.
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ «أَنَّهُ صَلَّى فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا فِي حَيَاتِهِ» فَهُوَ حَدِيثٌ بَاطِلٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُسَافِرِ إذَا صَلَّى أَرْبَعًا.
فَقِيلَ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ كَمَا لَا يَجُوزُ
أَنْ يُصَلِّيَ الْفَجْرَ وَالْجُمُعَةَ وَالْعِيدَ أَرْبَعًا، وَقِيلَ: يَجُوزُ، وَلَكِنَّ الْقَصْرَ أَفْضَلُ عِنْدَ عَامَّتِهِمْ - لَيْسَ فِيهِ إلَّا خِلَافٌ شَاذٌّ، وَلَا يَفْتَقِرُ الْقَصْرُ إلَى نِيَّةٍ؛ بَلْ لَوْ دَخَلَ فِي الصَّلَاةِ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا - اتِّبَاعًا لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ كَانَ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا حَجَّ بِالْمُسْلِمِينَ حَجَّةَ الْوَدَاعِ يُصَلِّي بِهِمْ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ، إلَى أَنْ رَجَعَ، وَجَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَالْمُسْلِمُونَ خَلْفَهُ» ، وَيُصَلِّي بِصَلَاتِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ جَمْعًا وَقَصْرًا، وَلَمْ يَأْمُرْ أَحَدًا أَنْ يَنْوِيَ لَا جَمْعًا وَلَا قَصْرًا.
وَأَقَامَ بِمِنًى يَوْمَ الْعِيدِ، وَإِمَامُ مِنًى يُصَلِّي بِالْمُسْلِمِينَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ وَالْمُسْلِمُونَ خَلْفَهُ يُصَلِّي بِصَلَاتِهِ أَهْلُ مَكَّةَ وَغَيْرُهُمْ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بَعْدَهُ وَلَمْ يَأْمُرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَلَا أَبُو بَكْرٍ وَلَا عُمَرُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا، لَا بِمِنًى وَلَا بِغَيْرِهَا، فَلِهَذَا كَانَ أَصَحَّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَجْمَعُونَ بِعَرَفَةَ وَمُزْدَلِفَةَ، وَيَقْصُرُونَ بِهَا وَبِمِنًى وَهَذَا قَوْلُ عَامَّةِ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، كَمَالِكٍ، وَابْنِ عُيَيْنَةَ، وَهُوَ قَوْلُ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَاخْتِيَارُ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، كَأَبِي الْخَطَّابِ فِي عِبَادَاتِهِ.
وَقَدْ قِيلَ: يَجْمَعُونَ وَلَا يَقْصُرُونَ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ، وَقِيلَ: لَا يَقْصُرُونَ، وَلَا يَجْمَعُونَ.
كَمَا يَقُولُهُ مَنْ يَقُولُ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ، وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ.
وَالصَّوَابُ الْمَقْطُوعُ بِهِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ يَقْصُرُونَ، وَيَجْمَعُونَ هُنَاكَ، كَمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ هُنَاكَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَخُلَفَائِهِ، وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ هُنَاكَ أَتَمُّوا صَلَاتَهُمْ، فَإِنَّا قَوْمٌ سَفْرٌ؛ وَلَكِنْ نُقِلَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ لَمَّا صَلَّى بِهِمْ دَاخِلَ مَكَّةَ، وَكَذَلِكَ كَانَ عُمَرُ يَأْمُرُ أَهْلَ مَكَّةَ بِالْإِتْمَامِ إذَا صَلَّى بِهِمْ فِي الْبَلَدِ، وَأَمَّا بِمِنًى فَلَمْ يَكُنْ يَأْمُرُهُمْ بِذَلِكَ.
وَقَدْ تَنَازَعَ الْعُلَمَاءُ فِي قَصْرِ أَهْلِ مَكَّةَ خَلْفَهُ فَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ النُّسُكِ، فَلَا يَقْصُرُ الْمُسَافِرُ سَفَرًا قَصِيرًا هُنَاكَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ لِأَجْلِ السَّفَرِ، وَكِلَا الْقَوْلَيْنِ قَالَهُ بَعْضُ أَصْحَابِ أَحْمَدَ.
وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ الصَّوَابُ، وَهُوَ أَنَّهُمْ قَصَرُوا لِأَجْلِ سَفَرِهِمْ، وَلِهَذَا لَمْ يَكُونُوا يَقْصُرُونَ بِمَكَّةَ، وَكَانُوا مُحْرِمِينَ، وَالْقَصْرُ مُعَلَّقٌ بِالسَّفَرِ وُجُودًا وَعَدَمًا، فَلَا يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ إلَّا مُسَافِرٌ، وَكُلُّ مُسَافِرٍ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ، كَمَا قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: «صَلَاةُ الْمُسَافِرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ الْفِطْرِ رَكْعَتَانِ، وَصَلَاةُ النَّحْرِ رَكْعَتَانِ،