الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[مَسْأَلَةٌ الصَّلَاة بَعْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ]
مَسْأَلَةٌ:
فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْأَذَانِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ هَلْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم؟ أَوْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَالْأَئِمَّةِ؟ أَمْ لَا؟ وَهَلْ هُوَ مَنْصُوصٌ فِي مَذْهَبٍ مِنْ مَذَاهِبِ الْأَئِمَّةِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِمْ؟ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» هَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِيَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ أَمْ هُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ؟
الْجَوَابُ: رضي الله عنه الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ أَمَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي قَبْلَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الْأَذَانِ شَيْئًا، وَلَا نَقَلَ هَذَا عَنْهُ أَحَدٌ، فَإِنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ لَا يُؤَذَّنُ عَلَى عَهْدِهِ إلَّا إذَا قَعَدَ عَلَى الْمِنْبَرِ، وَيُؤَذِّنُ بِلَالٌ، ثُمَّ يَخْطُبُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خُطْبَتَيْنِ، ثُمَّ يُقِيمُ بِلَالٌ فَيُصَلِّي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالنَّاسِ» فَمَا كَانَ يُمْكِنُ أَنْ يُصَلِّيَ بَعْدَ الْأَذَانِ، لَا هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُصَلُّونَ مَعَهُ صلى الله عليه وسلم وَلَا نُقِلَ عَنْ أَحَدٍ أَنَّهُ صَلَّى فِي بَيْتِهِ قَبْلَ الْخُرُوجِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَا وَقَّتَ بِقَوْلِهِ: صَلَاةٌ مُقَدَّرَةٌ قَبْلَ الْجُمُعَةِ، بَلْ أَلْفَاظُهُ صلى الله عليه وسلم فِيهَا التَّرْغِيبُ فِي الصَّلَاةِ إذَا قَدِمَ الرَّجُلُ الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مِنْ غَيْرِ تَوْقِيتٍ.
كَقَوْلِهِ: «مَنْ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ، وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ، وَصَلَّى مَا كُتِبَ لَهُ» .
وَهَذَا هُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ الصَّحَابَةِ، كَانُوا إذَا أَتَوْا الْمَسْجِدَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يُصَلُّونَ مِنْ حِينِ يَدْخُلُونَ مَا تَيَسَّرَ، فَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي عَشْرَ رَكَعَاتٍ وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي اثْنَتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي ثَمَانِ رَكَعَاتٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُصَلِّي أَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
وَلِهَذَا كَانَ جَمَاهِيرُ الْأَئِمَّةِ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ مُؤَقَّتَةٌ بِوَقْتٍ، مُقَدَّرَةٌ بِعَدَدٍ، لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَثْبُتُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَوْ فِعْلِهِ.
وَهُوَ لَمْ يَسُنَّ فِي ذَلِكَ شَيْئًا، لَا بِقَوْلِهِ وَلَا فِعْلِهِ، وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ.
وَذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ إلَى أَنَّ قَبْلَهَا سُنَّةٌ، فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا رَكْعَتَيْنِ، كَمَا قَالَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهَا أَرْبَعًا، كَمَا نُقِلَ عَنْ أَصْحَابِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَطَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ وَقَدْ نُقِلَ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ عَلَى ذَلِكَ.
وَهَؤُلَاءِ مِنْهُمْ مَنْ يَحْتَجُّ بِحَدِيثٍ ضَعِيفٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: هِيَ ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، وَتَكُونُ سُنَّةُ الظُّهْرِ سُنَّتَهَا، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْجُمُعَةَ مَخْصُوصَةٌ بِأَحْكَامٍ تُفَارِقُ بِهَا ظُهْرَ كُلِّ يَوْمٍ، بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ سُمِّيَتْ ظُهْرًا مَقْصُورَةً، فَإِنَّ الْجُمُعَةَ يُشْتَرَطُ لَهَا الْوَقْتُ، فَلَا تُقْضَى، وَالظُّهْرُ تُقْضَى، وَالْجُمُعَةُ يُشْتَرَطُ لَهَا الْعَدَدُ وَالِاسْتِيطَانُ، وَإِذْنُ الْإِمَامِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ، وَالظُّهْرُ لَا يُشْتَرَطُ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُتَلَقَّى أَحْكَامُ الْجُمُعَةِ مِنْ أَحْكَامِ الظُّهْرِ مَعَ اخْتِصَاصِ الْجُمُعَةِ بِأَحْكَامٍ تُفَارِقُ بِهَا الظُّهْرَ، فَإِنَّهُ إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تُشَارِكُ الظُّهْرَ فِي حُكْمٍ، وَتُفَارِقُهَا فِي حُكْمٍ، لَمْ يُمْكِنْ إلْحَاقُ مَوْرِدِ النِّزَاعِ بِأَحَدِهِمَا إلَّا بِدَلِيلٍ، فَلَيْسَ جَعْلُ السُّنَّةِ مِنْ مَوَارِدِ الِاشْتِرَاكِ بِأَوْلَى مِنْ جَعْلِهَا مِنْ مَوَارِدِ الِافْتِرَاقِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يُقَالَ: هَبْ أَنَّهَا ظُهْرٌ مَقْصُورَةٌ، فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يُصَلِّي فِي سَفَرِهِ سُنَّةَ الظُّهْرِ مَقْصُورَةً، لَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا كَانَ يُصَلِّيهَا إذَا أَتَمَّ الظُّهْرَ فَصَلَّى أَرْبَعًا، فَإِذَا كَانَتْ سُنَّتُهُ الَّتِي فَعَلَهَا فِي الظُّهْرِ مَقْصُورَةً خِلَافَ التَّامَّةِ كَانَ مَا ذَكَرُوهُ حُجَّةً عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ، وَكَانَ السَّبَبُ الْمُقْتَضِي لِحَذْفِ بَعْضِ الْفَرِيضَةِ أَوْلَى بِحَذْفِ السُّنَّةِ الرَّاتِبَةِ كَمَا قَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: لَوْ كُنْت مُتَطَوِّعًا لَأَتْمَمْت الْفَرِيضَةَ.
فَإِنَّهُ لَوْ اُسْتُحِبَّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا لَكَانَتْ صَلَاتُهُ لِلظُّهْرِ أَرْبَعًا أَوْلَى مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَرْضًا، وَرَكْعَتَيْنِ سُنَّةً.
وَهَذَا لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُتَوَاتِرَةِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي فِي السَّفَرِ إلَّا رَكْعَتَيْنِ: الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْعِشَاءَ.
وَكَذَلِكَ لَمَّا حَجَّ بِالنَّاسِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَمْ يُصَلِّ بِهِمْ بِمِنًى وَغَيْرِهَا إلَّا رَكْعَتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ.
وَكَذَلِكَ عُمَرُ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلِّ إلَّا رَكْعَتَيْنِ.
وَمَنْ نَقَلَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «صَلَّى الظُّهْرَ أَوْ الْعَصْرَ أَوْ الْعِشَاءَ فِي السَّفَرِ أَرْبَعًا» فَقَدْ أَخْطَأَ.
وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ فِي ذَلِكَ عَنْ عَائِشَةَ هُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ فِي الْأَصْلِ، مَعَ مَا وَقَعَ فِيهِ مِنْ التَّحْرِيفِ.
فَإِنَّ لَفْظَ الْحَدِيثِ: أَنَّهَا قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: «أَفَطَرْت وَصُمْت؟ وَقَصَرْت وَأَتْمَمْت؟ فَقَالَ: أَصَبْت يَا عَائِشَةُ» فَهَذَا مَعَ ضَعْفِهِ وَقِيَامِ الْأَدِلَّةِ عَلَى أَنَّهُ
بَاطِلٌ، رُوِيَ أَنَّ عَائِشَةَ رَوَتْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُفْطِرُ وَيَصُومُ، وَيَقْصُرُ وَيُتِمُّ» .
فَظَنَّ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْحَدِيثَ فِيهِ أَنَّهَا رَوَتْ الْأَمْرَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهَذَا مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا: أَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا هُوَ الْأَفْضَلُ، إلَّا قَوْلًا مَرْجُوحًا لِلشَّافِعِيِّ.
وَأَكْثَرِ الْأَئِمَّةِ يَكْرَهُونَ التَّرْبِيعَ لِلْمُسَافِرِ.
كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ فِي أَنَصِّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ.
ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ التَّرْبِيعُ، كَقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: يَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ كَقَوْلِ مَالِكٍ، وَأَحْمَدَ.
فَيُقَالُ: لَوْ كَانَ اللَّهُ يُحِبُّ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ رَكْعَتَيْنِ، لَكَانَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ الْفَرْضَ أَرْبَعًا، فَإِنَّ التَّقَرُّبَ إلَيْهِ بِبَعْضِ الظُّهْرِ أَفْضَلُ مِنْ التَّقَرُّبِ إلَيْهِ بِالتَّطَوُّعِ مَعَ الظُّهْرِ.
وَلِهَذَا أَوْجَبَ عَلَى الْمُقِيمِ أَرْبَعًا، فَلَوْ أَرَادَ الْمُقِيمُ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فَرْضًا، وَرَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا، لَمْ يَجُزْ لَهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ تَعَالَى لَا يُوجِبُ عَلَيْهِ وَيَنْهَاهُ عَنْ شَيْءٍ إلَّا وَاَلَّذِي أَمَرَهُ بِهِ خَيْرٌ مِنْ الَّذِي نَهَاهُ عَنْهُ، فَعُلِمَ أَنَّ صَلَاةَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَهَا رَكْعَتَيْنِ مَعَ رَكْعَتَيْنِ تَطَوُّعًا.
فَلَمَّا كَانَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَسْتَحِبَّ لِلْمُسَافِرِ التَّرْبِيعَ بِخَيْرِ الْأَمْرَيْنِ عِنْدَهُ، فَلَأَنْ لَا يَسْتَحِبَّ التَّرْبِيعَ بِالْأَمْرِ الْمَرْجُوحِ عِنْدَهُ أَوْلَى.
فَثَبَتَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ الصَّحِيحِ أَنَّ فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ أَكْمَلُ الْأُمُورِ، وَأَنَّ هَدْيَهُ خَيْرُ الْهَدْيِ، وَأَنَّ الْمُسَافِرَ إذَا اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْ الْفَرْضِ كَانَ أَفْضَلَ لَهُ مِنْ أَنْ يَقْرُنَ بِهِمَا رَكْعَتِي السُّنَّةِ.
وَبِهَذَا يَظْهَرُ أَنَّ الْجُمُعَةَ إذَا كَانَتْ ظُهْرًا مَقْصُورَةً لَمْ يَكُنْ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَقْرُنَ بِهَا سُنَّةَ ظُهْرِ الْمُقِيمِ، بَلْ تُجْعَلُ كَظُهْرِ الْمُسَافِرِ الْمَقْصُورَةِ.
وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «يُصَلِّي فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ وَالْوِتْرِ، وَيُصَلِّي عَلَى رَاحِلَتِهِ قِبَلَ أَيِّ وَجْهٍ تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَيُوتِرُ عَلَيْهَا» ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَيْهَا الْمَكْتُوبَةَ.
وَهَذَا لِأَنَّ الْفَجْرَ لَمْ تُقْصَرْ فِي السَّفَرِ، فَبَقِيَتْ سُنَّتُهَا عَلَى حَالِهَا، بِخِلَافِ الْمَقْصُورَاتِ فِي السَّفَرِ، وَالْوِتْرُ مُسْتَقِلٌّ بِنَفْسِهِ كَسَائِرِ قِيَامِ اللَّيْلِ وَهُوَ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ، وَسُنَّةُ الْفَجْرِ تَدْخُلُ فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ مِنْ بَعْضِ الْوُجُوهِ فَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّيهِ فِي السَّفَرِ، لِاسْتِقْلَالِهِ وَقِيَامِ الْمُقْتَضِي لَهُ.
وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: لَيْسَ قَبْلَ الْجُمُعَةِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ مُقَدَّرَةٌ، وَلَوْ كَانَ الْأَذَانَانِ عَلَى عَهْدِهِ فَإِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْهُ فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ
صَلَاةٌ، بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ. ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: لِمَنْ شَاءَ» كَرَاهِيَةَ أَنْ يَتَّخِذَهَا النَّاسُ سُنَّةً.
فَهَذَا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّلَاةَ مَشْرُوعَةٌ قَبْلَ الْعَصْرِ، وَقَبْلَ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، وَقَبْلَ الْمَغْرِبِ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ.
وَكَذَلِكَ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ أَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ بَيْنَ أَذَانَيْ الْمَغْرِبِ، وَهُوَ يَرَاهُمْ فَلَا يَنْهَاهُمْ، وَلَا يَأْمُرُهُمْ، وَلَا يَفْعَلُ هُوَ ذَلِكَ.
فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ فِعْلٌ جَائِزٌ.
وَقَدْ احْتَجَّ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الصَّلَاةِ قَبْلَ الْجُمُعَةِ بِقَوْلِهِ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ» .
وَعَارَضَهُ غَيْرُهُ فَقَالَ: الْأَذَانُ الَّذِي عَلَى الْمَنَائِرِ لَمْ يَكُنْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنْ عُثْمَانُ أَمَرَ بِهِ لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِهِ، وَلَمْ يَكُنْ يَبْلُغُهُمْ الْأَذَانُ حِينَ خُرُوجِهِ وَقُعُودِهِ عَلَى الْمِنْبَرِ.
وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ هَذَا الْأَذَانُ لَمَّا سَنَّهُ عُثْمَانُ، وَاتَّفَقَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، صَارَ آذَانًا شَرْعِيًّا، وَحِينَئِذٍ فَتَكُونُ الصَّلَاةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَذَانِ الثَّانِي جَائِزَةً حَسَنَةً، وَلَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً، كَالصَّلَاةِ قَبْلَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ.
وَحِينَئِذٍ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَرَكَ ذَلِكَ لَمْ يُنْكَرْ عَلَيْهِ.
وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ، وَكَلَامُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يَدُلُّ عَلَيْهِ.
وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يَكُونُ تَرْكُهَا أَفْضَلَ إذَا كَانَ الْجُهَّالُ يَظُنُّونَ أَنَّ هَذِهِ سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ، أَوْ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ، فَتُتْرَكُ حَتَّى يَعْرِفَ النَّاسُ أَنَّهَا لَيْسَتْ سُنَّةً رَاتِبَةً. وَلَا وَاجِبَةً.
لَا سِيَّمَا إذَا دَاوَمَ النَّاسُ عَلَيْهَا فَيَنْبَغِي تَرْكُهَا أَحْيَانًا حَتَّى لَا تُشْبِهَ الْفَرْضَ، كَمَا اسْتَحَبَّ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ أَنْ لَا يُدَاوَمَ عَلَى قِرَاءَةِ السَّجْدَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهَا، فَإِذَا كَانَ يُكْرَهُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى ذَلِكَ فَتَرْكُ الْمُدَاوَمَةِ عَلَى مَا لَمْ يَسُنَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى.
وَإِنْ صَلَّاهَا الرَّجُلُ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ أَحْيَانًا؛ لِأَنَّهَا تَطَوُّعٌ مُطْلَقٌ، أَوْ صَلَاةٌ بَيْنَ الْأَذَانَيْنِ، كَمَا يُصَلِّي قَبْلَ الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ، لَا لِأَنَّهَا سُنَّةٌ رَاتِبَةٌ فَهَذَا جَائِزٌ.
وَإِنْ كَانَ الرَّجُلُ مَعَ قَوْمٍ يُصَلُّونَهَا، فَإِنْ كَانَ مُطَاعًا إذَا تَرَكَهَا - وَبَيَّنَ لَهُمْ السُّنَّةَ - لَمْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِ، بَلْ عَرَفُوا السُّنَّةَ فَتَرْكُهَا حَسَنٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَاعًا وَرَأَى أَنَّ فِي صَلَاتِهَا تَأْلِيفًا لِقُلُوبِهِمْ إلَى مَا هُوَ أَنْفَعُ، أَوْ دَفْعًا لِلْخِصَامِ وَالشَّرِّ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْ بَيَانِ الْحَقِّ لَهُمْ، وَقَبُولِهِمْ لَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، فَهَذَا أَيْضًا حَسَنٌ.
فَالْعَمَلُ الْوَاحِدُ يَكُونُ فِعْلُهُ مُسْتَحَبًّا تَارَةً، وَتَرْكُهُ تَارَةً، بِاعْتِبَارِ مَا يَتَرَجَّحُ مِنْ مَصْلَحَةِ فِعْلِهِ وَتَرْكِهِ، بِحَسَبِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ.
وَالْمُسْلِمُ قَدْ يَتْرُكُ الْمُسْتَحَبَّ إذَا كَانَ فِي فِعْلِهِ فَسَادٌ رَاجِحٌ عَلَى مَصْلَحَتِهِ، كَمَا تَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِنَاءَ الْبَيْتِ عَلَى قَوَاعِدِ إبْرَاهِيمَ، وَقَالَ لِعَائِشَةَ:«لَوْلَا أَنَّ قَوْمَك حَدِيثُو عَهْدٍ بِالْجَاهِلِيَّةِ لَنَقَضْت الْكَعْبَةَ، وَلَأَلْصَقْتهَا بِالْأَرْضِ وَلَجَعَلْت لَهَا بَابَيْنِ، بَابًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْهُ، وَبَابًا يَخْرُجُونَ مِنْهُ» وَالْحَدِيثُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، فَتَرَكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ الْأَمْرَيْنِ لِلْمُعَارِضِ الرَّاجِحِ، وَهُوَ حَدَثَانُ عَهْدِ قُرَيْشٍ بِالْإِسْلَامِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ التَّنْفِيرِ لَهُمْ، فَكَانَتْ الْمَفْسَدَةُ رَاجِحَةً عَلَى الْمَصْلَحَةِ.
وَلِذَلِكَ اسْتَحَبَّ الْأَئِمَّةُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَدَعَ الْإِمَامُ مَا هُوَ عِنْدَهُ أَفْضَلُ، إذَا كَانَ فِيهِ تَأْلِيفُ الْمَأْمُومِينَ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُ فَصْلُ الْوِتْرِ أَفْضَلَ، بِأَنْ يُسَلِّمَ فِي الشَّفْعِ، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَةَ الْوِتْرِ، وَهُوَ يَؤُمُّ قَوْمًا لَا يَرَوْنَ إلَّا وَصْلَ الْوِتْرِ، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى الْأَفْضَلِ كَانَتْ الْمَصْلَحَةُ الْحَاصِلَةُ بِمُوَافَقَتِهِ لَهُمْ بِوَصْلِ الْوِتْرِ أَرْجَحَ مِنْ مَصْلَحَةِ فَصْلِهِ مَعَ كَرَاهَتِهِمْ لِلصَّلَاةِ خَلْفَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ مِمَّنْ يَرَى الْمُخَافَتَةَ بِالْبَسْمَلَةِ أَفْضَلُ، أَوْ الْجَهْرُ بِهَا، وَكَانَ الْمَأْمُومُونَ عَلَى خِلَافِ رَأْيِهِ، فَفِعْلُ الْمَفْضُولِ عِنْدَهُ لِمَصْلَحَةِ الْمُوَافَقَةِ وَالتَّأْلِيفِ الَّتِي هِيَ رَاجِحَةٌ عَلَى مَصْلَحَةِ تِلْكَ الْفَضِيلَةِ كَانَ جَائِزًا حَسَنًا.
وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ خِلَافَ الْأَفْضَلِ لِأَجْلِ بَيَانِ السُّنَّةِ وَتَعْلِيمِهَا لِمَنْ لَمْ يَعْلَمْهَا كَانَ حَسَنًا، مِثْلَ أَنْ يَجْهَرَ بِالِاسْتِفْتَاحِ أَوْ التَّعَوُّذِ أَوْ الْبَسْمَلَةِ لِيَعْرِفَ النَّاسُ أَنَّ فِعْلَ ذَلِكَ حَسَنٌ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ جَهَرَ بِالِاسْتِفْتَاحِ، فَكَانَ يُكَبِّرُ وَيَقُولُ:" سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك ". قَالَ الْأَسْوَدُ بْنُ يَزِيدَ: صَلَّيْت خَلْفَ عُمَرَ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ صَلَاةً، فَكَانَ يُكَبِّرُ؛ ثُمَّ يَقُولُ ذَلِكَ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. وَلِهَذَا شَاعَ هَذَا الِاسْتِفْتَاحُ حَتَّى عَمِلَ بِهِ أَكْثَرُ النَّاسِ.
وَكَذَلِكَ كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَجْهَرَانِ بِالِاسْتِعَاذَةِ، وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ يَجْهَرُ بِالْبَسْمَلَةِ. وَهَذَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْجُمْهُورِ الَّذِينَ لَا يَرَوْنَ الْجَهْرَ بِهَا سُنَّةً رَاتِبَةً كَانَ يُعَلِّمُ النَّاسَ أَنَّ قِرَاءَتَهَا فِي الصَّلَاةِ سُنَّةٌ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ صَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ فَقَرَأَ بِأُمِّ الْقُرْآنِ جَهْرًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ أَنَّهَا سُنَّةٌ. وَذَلِكَ أَنَّ النَّاسَ فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ عَلَى قَوْلَيْنِ:
مِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى فِيهَا قِرَاءَةً بِحَالٍ، كَمَا قَالَهُ كَثِيرٌ مِنْ السَّلَفِ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى الْقِرَاءَةَ فِيهَا سُنَّةً، كَقَوْلِ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَغَيْرِهِ.
ثُمَّ مِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يَقُولُ: الْقِرَاءَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ كَالصَّلَاةِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: بَلْ هِيَ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ، لَيْسَتْ وَاجِبَةً. وَهَذَا أَعْدَلُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ؛ فَإِنَّ السَّلَفَ فَعَلُوا هَذَا وَهَذَا، وَكَانَ كِلَا الْفِعْلَيْنِ مَشْهُورًا بَيْنَهُمْ، كَانُوا يُصَلُّونَ عَلَى الْجِنَازَةِ بِقِرَاءَةٍ وَغَيْرِ قِرَاءَةٍ، كَمَا كَانُوا يُصَلُّونَ تَارَةً بِالْجَهْرِ بِالْبَسْمَلَةِ، وَتَارَةً بِغَيْرِ جَهْرٍ بِهَا، وَتَارَةً بِاسْتِفْتَاحٍ وَتَارَةً بِغَيْرِ اسْتِفْتَاحٍ، وَتَارَةً بِرَفْعِ الْيَدَيْنِ فِي الْمَوَاطِنِ الثَّلَاثَةِ، وَتَارَةً بِغَيْرِ رَفْعِ الْيَدَيْنِ، وَتَارَةً يُسَلِّمُونَ تَسْلِيمَتَيْنِ، وَتَارَةً تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً، وَتَارَةً يَقْرَءُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ بِالسِّرِّ، وَتَارَةً لَا يَقْرَءُونَ، وَتَارَةً يُكَبِّرُونَ عَلَى الْجِنَازَةِ أَرْبَعًا، وَتَارَةً خَمْسًا، وَتَارَةً سَبْعًا كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا، وَفِيهِمْ مَنْ يَفْعَلُ هَذَا. كُلُّ هَذَا ثَابِتٌ عَنْ الصَّحَابَةِ.
كَمَا ثَبَتَ عَنْهُمْ أَنَّ مِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُرَجِّعُ فِي الْأَذَانِ؛ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُرَجِّعْ فِيهِ.
وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يُوتِرُ الْإِقَامَةَ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ يَشْفَعُهَا، وَكِلَاهُمَا ثَابِتٌ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَهَذِهِ الْأُمُورُ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهَا أَرْجَحَ مِنْ الْآخَرِ، فَمَنْ فَعَلَ الْمَرْجُوحَ فَقَدْ فَعَلَ جَائِزًا. وَقَدْ يَكُونُ فِعْلُ الْمَرْجُوحِ أَرْجَحَ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ، كَمَا يَكُونُ تَرْكُ الرَّاجِحِ أَرْجَحَ أَحْيَانًا لِمَصْلَحَةٍ رَاجِحَةٍ. وَهَذَا وَاقِعٌ فِي عَامَّةِ الْأَعْمَالِ، فَإِنَّ الْعَمَلَ الَّذِي هُوَ فِي جِنْسِهِ أَفْضَلُ، قَدْ يَكُونُ فِي مَوَاطِنَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ، كَمَا أَنَّ جِنْسَ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الْقِرَاءَةِ، وَجِنْسُ الْقِرَاءَةِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الذِّكْرِ، وَجِنْسُ الذِّكْرِ أَفْضَلُ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ. ثُمَّ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْفَجْرِ وَالْعَصْرِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَالْقِرَاءَةُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ أَفْضَلُ مِنْهَا فِي تِلْكَ الْأَوْقَاتِ وَكَذَلِكَ الْقِرَاءَةُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ مَنْهِيٌّ عَنْهَا، وَالذِّكْرُ هُنَاكَ أَفْضَلُ مِنْهَا، وَالدُّعَاءُ فِي آخِرِ الصَّلَاةِ بَعْدَ التَّشَهُّدِ أَفْضَلُ مِنْ الذِّكْرِ، وَقَدْ يَكُونُ الْعَمَلُ الْمَفْضُولُ أَفْضَلَ بِحَسَبِ حَالِ الشَّخْصِ الْمُعَيَّنِ؛ لِكَوْنِهِ عَاجِزًا عَنْ الْأَفْضَلِ، أَوْ لِكَوْنِ