الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأنشأه بيمارستانا حسن البناء، طيّب الثّواء، بهج المنظر، جميل المخبر، ذا أواوين متّسعة، وأفانين زخرفات متنوّعة، ومياه متدفّقة، وعماير متأنّقة.
ورتّب له من الأوقاف الجلّ بمصر والشام، ما لا يسامى ولا يسام. تقدير ألف ألف درهم في السنة
(1)
.
ولمّا فرغ نزل مولانا السلطان بنفسه إليه، وجلس بصدر إيوانه القبليّ في أمراء دولته، وحماة مملكته، وأحضر إليه من شرابه / 123 أ / قدح فأمسكه بيده، وقال - والقضاة الأربع
(2)
حاضرون عند شربه -: اشهدوا عليّ أنّني وقفت هذا البيمارستان على من هو مثلي إلى من دوني
(3)
. وأفاض ملابس الخلع على مباشريه، ونهض إلى المدرسة التي تليه.
ذكر أمر هذه المدرسة وما أنفق في بنائها
هذه المدرسة من زيادات الأمير علم الدين الشّجاعي لم يكن مولانا السلطان أمر بها، ولا أراد غير بيمارستان، واكتساب مثوبته والتعلّق بسببها.
ولمّا خرج مولانا السلطان من البيمارستان كاد أن لا يدخلها إعراضا عنها وفراغا منها، ثم دخلها بعد أن وأن، وما كلّ سرّ يحسن به العلن. وجلس بمحرابها، وجلس مدرّسها قاضي القضاة شهاب الدين ابن الخويّ
(4)
، (وشرعوا في البحث)
(5)
.
= الحنفا 1/ 229، ومآثر الإنافة 1/ 315، والمواعظ والاعتبار 1/ 351 - 354 و 2/ 222، والنجوم الزاهرة 4/ 69 - 79، وشذرات الذهب 3/ 52، وبدائع الزهور ج 1 ق 1/ 45 - 48، وتاريخ الخلفاء 407، وتاريخ الأزمنة 70، 71، وأخبار الدول (طبعة حجر) 190، والإعلام بوفيات الأعلام 155، والإشارة إلى وفيات الأعيان 181، والجوهر الثمين 1/ 247 - 249، والمجالس والمسايرات (في مواضع مختلفة)، وأخبار مصر لاين ميسّر 159 - 168، والمؤنس 63 - 66.
(1)
أنظر عن بناء البيمارستان في: تشريف الأيام والعصور 55 - 57، والتحفة الملوكية 111، ونهاية الأرب 31/ 105 - 110، وتاريخ ابن الفرات 7/ 278، والمواعظ والاعتبار 2/ 406، والنجوم الزاهرة 2/ 326، 327، والسلوك ج 1 ق 3/ 716، 717، 725.
(2)
الصواب: «الأربعة» .
(3)
نهاية الأرب 31/ 106، 107.
(4)
هو محمد بن أحمد بن الخليل بن سعادة المعروف بابن الخويّي، نسبة إلى خويّ، بضمّ الخاء المعجمة وفتح الواو وبعدها ياء تحتية، وهي مدينة من أذربيجان أي إقليم تبريز. توفي سنة 693 هـ. (السلوك ج 1 ق 3/ 804، شذرات الذهب 5/ 423 وفيه «أحمد»، والبداية والنهاية 13/ 337، وغيره).
(5)
عن الهامش.
واتّفقت قضيّة غريبة، وهي أنّ الآية التي / 123 ب / اتّفق بحثهم في تفسيرها قوله تعالى:{وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَاّ اللهُ وَالرّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ}
(1)
. فقال قاضي القضاة: اختلف العلماء في الوقف في هذه الآية. فقال قوم: الوقف على «الله» . وقال قوم: لا يجوز الوقف على «الله»
(2)
. فقام مولانا السلطان وقال: ليش
(3)
ما يجوز الوقف على «الله» ؟ كيف تخرجونا بلا أجر؟
واعتقد بتركيّته وغتميّته أنّ البحث في معنى ما وقفه بهذه البقعة. فخرج إلى القبّة التي أعدّها لمواراته. وشحنها بمحكم آياته
(4)
.
ولسان الحال ينشد:
فهنّيتها دارا
…
وبطن ضريحها خال
وفي إيوانها لك مجلس، وهي قبّة قد علا رواقها، وتلألأ إشراقها. وحسن رخامها، وكثر من القرّاء والذّاكرين الله زحامها. وتوفّر رزقها، وتعيّن حقّها. وتألّق بالمثوبات أفقها.
والذي نفق في هذه / 124 أ / العمارة ألوف من الدنانير ما لا تحصره الأقلام، ولا تكاد تتخطّى إليه الأوهام. والي أنفق في عمارتها من السّعادة السلطانية أنّ الدار التي عمّرت مدرسة هي من جملة أدر القصر المذكور. وكان يسكنها أمير يقال له قراسنقر المعزّي، وحمله الطّمع على أن تزوّج جارية من جوار
(5)
شجر الدّرّ
(6)
سريّة الملك الصالح نجم الدين أيّوب
(7)
، ولد السلطان الملك الكامل، تغمّدهما الله برحمته. وشكر عن سالفنا وأنفنا صدقة كلّ منهما وعوّضهما خير جنّته.
وكانت هذه الجارية خزان دارة شجر الدّرّ. ولمّا قتلت ورميت من سور
(1)
سورة آل عمران: الآية 7.
(2)
كرّر المؤلّف في الأصل سهوا: «وقال قوم لا يجوز الوقف على الله» وتنبّه بعد ذلك فشطب عليه.
(3)
هكذا وهو لفظ عامّي، بمعنى: لأيّ شيء. وبالعامّية المصرية: «ليه» .
(4)
نهاية الأرب 31/ 112، تاريخ ابن الفرات.8/ 1.
(5)
الصواب: «جواري» .
(6)
قتلت شجر الدرّ في سنة 655 هـ. أنظر عنها في: النور اللائح لابن القيسراني - بتحقيقنا - ص 56، وتاريخ ابن سباط 1/ 372 وفيه مصادر كثيرة لترجمتها.
(7)
توفي الصالح أيوب ابن الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب في سنة 647 هـ. أنظر عنه في: تاريخ ابن سباط 1/ 345، 346 وفيه حشدت مصادر ترجمته.