الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للخاصّ الشريف لأحد من الأمراء كائنا من كان، وليبذل في / 99 ب / التحذير من ذلك غاية الجهد والإمكان. وإذا صلح منهم شيء من الجنس الجيّد فليتقدّم بالمعاقدة عليه وإنضاض ثمن من غير مطل فإنّ ذلك أجلب للتجّار، وأدعى ببلوغ الأوطار. وليكتب للتاجر توقيع بالمسامحة ممّا يتبضّع به من ثمن بيعه لسفرة واحدة، ويشرف من الخزانة بما جرت به عادة أمثاله ليكون ذلك أدعى لرجوعه، وإذا ورد عليه تاجر بمرسومنا بثمن ما اشتريناه منه هنالك، فليسلك معه في الوفا أحسن المسالك. ولا يؤخّر عنه حقّه ساعة واحدة، بل يوصل إليه مهيّنا ميسّرا فما خابت ذمّة ناقده.
وثمّ أمور غير ما ذكرناه، وفصول غير ما أردناه، يتفرّع عنها، ويتولّد منها. وكم أنتج القليل من كثير، واليسير من جمّ غفير.
وإذا أنعم الولد النظر فيما نصصناه، وتدبّرنا ما أصّلناه، نشأ له عن ذلك أحوال فأحوال، وتفصيل وإجمال. ونحن واثقون منه بأنه سيكون عنده ما توسّمناه، وأنه غنيّ عن ما رسّمناه حين رسمناه. / 100 أ / وإنّما الله سبحانه وتعالى، يقول، وهو أصدق القائلين:{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}
(1)
.
ذكر ما آل إليه أمر الملك خضر بن الملك الظاهر
وصورة نزوله من الكرك
كان مولانا السلطان - خلّد الله ملكه - قد استقرّ بالملك خضر ابن الملك الظاهر، وأخيه سلامش بالكرك، بعد موت أخيهما الملك السعيد، وأمكنهما من ذخائرها وخزائنها، حفظا لعهد أبيهما وأخيهما، فلم يقف الملك خضر عند حدّه، ولا أحسن المجاورة يتعدّى من لم يغن عنه غنا
(2)
من جنده. ووالوا أسباب التعدّي حتى يقطع الطريق، ومدّ اليد إلى أموال الفريق فالفريق
(3)
فالفريق. ومولانا السلطان يكتب إليه، ويهوّل ولا يهوّن عليه، ويشير عليه إشارة
(4)
الوالد للولد، ويأمره بكفّ كلّ يد، والحال لا ينتهي، والتصميم كلّما أنهي عاد إلى ما عنه نهي.
/ 100 ب / فجرّد مولانا السلطان من أخذ عليه الأنفاس، وأذاقه بقطع المادّة
(1)
سورة الذاريات، الآية 55.
(2)
الصواب: «غنّى» .
(3)
كتبت فوقها إشارة «ح» .
(4)
في الأصل: «قا» .
عنه وإن كثر حاصله من الذّهب مرارة الإفلاس. فاقتضت له هذه الشدّة قصر المدّة، بتطاول منع هذه المادّة، أن (سيّر)
(1)
مستجيرا (بحنوّ)
(2)
مولانا السلطان، باذلا في التنصّل غاية الإمكان.
وتكرّرت رسله سائلا الصّلح وإن لم يبق له موضعا، مستعطفا خاطر مولانا السلطان متضرّعا.
فرجع مولانا السلطان إلى طبعه الشريف، وخلقه اللطيف، ووافق على الصّفح والإغضاء، وما أحقّ أوامره بالإمضاء. وحلف على ما اقترحوه، وأعرض جانبا عمّا اجترحوه. ووادعه وأنامه بالرضى منه في الأمن والدّعه، وتحرّرت هذه الموادعة، بخطّي ومولانا السلطان خلّد الله ملكه بدمشق المحروسة، ومضمونها:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ «أقرّ مولانا السلطان، الملك، المنصور، السيّد، الأجلّ، العالم، العادل، المؤيّد، المظفّر، سيف الدنيا والدين، أبو الفتح قلاون / 101 أ / الصّالحي - خلّد الله ملكه - المقرّ العالي المسعوديّ خضر ولد السلطان السعيد الشهيد الملك الظاهر ركن الدين بيبرس الصّالحي، رحمه الله تعالى (على ما كان بيد أخيه الملك السعيد ناصر الدين بركة، رحمه الله تعالى)
(3)
من الكرك، وما هو متعلّق بها ومضاف إليها، إقرارا منه به في سربها، وأعذب له موارد شربها، وأمكنه من صهوتها، ووطنه عالي ذروتها وصرّفه فيها، وخصّه من الدّعة بوافيها، حفظا لعهد أبيه، ومراعاة لنسابة أخيه. على أنه يلزم أدبه وما أولاه بلزومه، ويقف عند حدّ بنوّته التي بلغته من حنوّ الأبوّة غاية مرومه. وعلى أنه لا يتعدّى (حدّه)
(4)
، ولا يسمح ولا يسامح من فيه ممّن حوله حدّه. وعلى أنّه متى عنّ للإسلام ما يقتضي إنفاذ من عنده من الجند، بادر إلى إنفاذه، وأمره بالملازمة إلى حين فراغ الشغل من العدوّ باستنقاذه. وعلى أنه متى حضر أحد إليه مقفّزا
(5)
من مماليكنا أو عسكرنا أو مماليك أمراء دولتنا أعاده بشفاعة منه إن كان ذنبه ممّا يشفع (في)
(6)
(1)
كتبت فوق السطر.
(2)
كتبت فوق السطر.
(3)
ما بين القوسين عن الهامش، وكتب بجانبها «صح» .
(4)
كتبت فوق السطر.
(5)
مقفّزا: تعبير يراد به الهارب أو الآبق.
(6)
كتبت فوق السطر.